الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ
(14)
قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (15) }
يُخْبِرُ تَعَالَى عَمَّا زُيِّن لِلنَّاسِ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنْ أَنْوَاعِ الْمَلَاذِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينِ، فَبَدَأَ بِالنِّسَاءِ لِأَنَّ الْفِتْنَةَ بِهِنَّ أَشَدُّ، كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ، عليه السلام، قَالَ (1) مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرُّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّساء". فَأَمَّا إِذَا كَانَ الْقَصْدُ بِهِنَّ الْإِعْفَافَ وَكَثْرَةَ الْأَوْلَادِ، فَهَذَا مَطْلُوبٌ مَرْغُوبٌ فِيهِ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ، كَمَا وَرَدَتِ الْأَحَادِيثُ بِالتَّرْغِيبِ فِي التَّزْوِيجِ وَالِاسْتِكْثَارِ مِنْهُ، "وإنَّ خَيْرَ هَذه الأمَّةِ كَانَ أكْثرهَا نسَاءً" (2) وَقَوْلُهُ، عليه السلام (3) الدُّنْيَا مَتَاع، وخَيْرُ مَتَاعِهَا المرْأةُ الصَّالحةُ، إنْ نَظَرَ إلَيْها سَرَّتْهُ، وإنْ أَمَرَهَا أَطَاعَتْه، وإنْ غَابَ عَنْها حَفِظْتُه فِي نَفْسهَا وَمَالِهِ"(4) وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ: "حُبِّبَ إلَيَّ النِّسَاءُ والطِّيبُ (5) وجُعلَتْ قُرة عَيْني فِي الصَّلاةِ"(6) وَقَالَتْ عَائِشَةُ، رضي الله عنها: لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم من النِّسَاءِ إِلَّا الْخَيْلُ، وَفِي رِوَايَةٍ: مِنَ الْخَيْلِ إِلَّا النِّسَاءُ (7) .
وَحُبُّ الْبَنِينَ تَارَةً يَكُونُ لِلتَّفَاخُرِ وَالزِّينَةِ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي هَذَا، وَتَارَةً يَكُونُ لِتَكْثِيرِ النَّسْلِ، وَتَكْثِيرِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم مِمَّنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، فَهَذَا مَحْمُودٌ مَمْدُوحٌ، كَمَا ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ:"تَزَوَّجُوا الوَدُودَ الوَلُودَ، فَإنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الأمَمَ يَوْمَ القِيَامَةِ"(8)
وَحُبُّ الْمَالِ -كَذَلِكَ-تَارَةً يَكُونُ لِلْفَخْرِ وَالْخُيَلَاءِ وَالتَّكَبُّرِ عَلَى الضُّعَفَاءِ، وَالتَّجَبُّرِ عَلَى الْفُقَرَاءِ، فَهَذَا مَذْمُومٌ، وَتَارَةً يَكُونُ لِلنَّفَقَةِ فِي الْقُرُبَاتِ وَصِلَةِ الْأَرْحَامِ وَالْقَرَابَاتِ وَوُجُوهِ الْبِرِّ وَالطَّاعَاتِ، فَهَذَا مَمْدُوحٌ مَحْمُودٌ (9) عَلَيْهِ شَرْعًا.
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِي مِقْدَارِ الْقِنْطَارِ عَلَى أَقْوَالٍ، وَحَاصِلُهَا: أَنَّهُ الْمَالُ الْجَزِيلُ، كَمَا قَالَهُ
(1) في جـ، ر، أ، و:"أنه قال صلى الله عليه وسلم"، وفي ر:"أنه قال عليه السلام".
(2)
رواه البخاري في صحيحه برقم (5069) موقوفا على ابن عباس.
(3)
في جـ: "صلى الله عليه وسلم".
(4)
رواه مسلم في صحيحه برقم (1467) والنسائي في السنن (6/69) وابن ماجه في السنن برقم (1855) مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنه.
(5)
في جـ، ر:"الطيب والنساء".
(6)
رواه أحمد في المسند (3/128) والنسائي في السنن (7/61) مِنْ حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه.
(7)
رواه النسائي في الكبرى (4404) من طريق سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، به. وله شاهد من حديث معقل بن يسار، رواه أحمد في مسنده (5/27) .
(8)
رواه أبو داود في السنن برقم (2050) والنسائي في السنن (6/65) وابن حبان في صحيحه برقم (1229)"موارد" والحاكم في المستدرك (2/162) وصححه وأقره الذهبي من حديث معقل بن يسار.
ورواه أحمد في المسند (3/158) وابن حبان في صحيحه برقم (1228) والبيهقي في السنن الكبرى (7/81، 82) من حديث أنس بن مالك.
(9)
في ر: "محسود".
الضَّحَّاكُ وَغَيْرُهُ، وَقِيلَ: أَلْفُ دِينَارٍ. وَقِيلَ: أَلْفٌ وَمِائَتَا دِينَارٍ. وَقِيلَ: اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا. وَقِيلَ: أَرْبَعُونَ أَلْفًا. وَقِيلَ: سِتُّونَ أَلْفًا وَقِيلَ: سَبْعُونَ أَلْفًا. وَقِيلَ: ثَمَانُونَ أَلْفًا. وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ.
وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا (1) حَمَّادٌ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "القِنْطَارُ اثْنَا عَشَرَ ألْف أوقيَّةٍ، كُلُّ أوقِيَّةٍ خَيْر مِمَّا بَيْنَ السَّمَاءِ والأرْضِ".
وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ عَبْدِ الْوَارِثِ، عن حماد ابن سَلَمَةَ، بِهِ. وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ بُنْدار، عَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ عَاصِمٍ -هُوَ ابْنُ بَهْدَلة-عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (2) مَوْقُوفًا، وَهَذَا أَصَحُّ. وَهَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَابْنِ عُمَرَ. وَحَكَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، أَنَّهُمْ قَالُوا: الْقِنْطَارُ أَلْفٌ وَمِائَتَا أُوقِيَّةٍ.
ثُمَّ قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنِي زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى الضَّرِيرُ، حَدَّثَنَا شَبَابَةُ، حَدَّثَنَا مَخْلَد بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ، عَنْ زِرّ بْنِ حُبَيْش عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "القِنْطَارُ ألْفُ أوقِيَّةٍ ومائَتَا أوقِيَّةٍ"(3) .
وَهَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ أَيْضًا، والأقربُ أَنْ يَكُونَ مَوْقُوفًا عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، كَغَيْرِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ. وَقَدْ رَوَى ابْنُ مَرْدُويَه، مِنْ طَرِيقِ مُوسَى بْنِ عُبَيْدة الرَبَذِي (4) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ يحنَّش (5) أَبِي مُوسَى، عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قَرَأ مِائَةَ آيةٍ لَمْ يُكْتَبْ مِنَ الْغَافِلِينَ، ومَنْ قَرَأ مِائَةَ آيةٍ إِلَى ألْف أصْبَح لَهُ قِنْطار مِنْ أجْرٍ عندَ اللَّهِ، القِنْطارُ مِنْهُ مِثلُ الجبَلِ العَظِيمِ". وَرَوَاهُ وَكِيع، عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيدة، بِمَعْنَاهُ (6) وَقَالَ الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى بْنِ زَيْدٍ اللَّخْمِيُّ بتنِّيس (7) حَدَّثَنَا عَمْرو (8) بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا حُمَيد الطَّوِيلُ، وَرَجُلٌ آخَرُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ قَوْلِ اللَّهِ، عز وجل:{وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ} قَالَ: "القِنْطَارُ أَلْفَا أُوقِيَّةٍ". صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشيخين ولم يخرجاه، هكذا رواه الحاكم (9) .
(1) في جـ: "عن".
(2)
المسند (2/363) وابن ماجة في السنن برقم (3660) ورواه ابن حبان في صحيحه برقم (663)"موارد". قال البوصيري في مصباح الزجاجة: "إسناده صحيح ورجاله ثقات" والأرجح تحسينه للكلام في عاصم بن بهدلة. ورواه ابن جرير الطبري في تفسيره (6/244) موقوفا.
(3)
تفسير الطبري (6/245) وفي إسناده مخلد بن عبد الواحد، ضعفه أبو حاتم، وقال ابن حبان:"منكر الحديث جدا".
(4)
في جـ، ر:"الترمذي".
(5)
في جـ، ر:"يحنس".
(6)
ورواه عبد بن حميد في تفسيره، وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي تَفْسِيرِهِ (2/107) مِنْ طريق وكيع به، وهو مضطرب، فتارة يروى خمسين، وتارة يروى ألفا، وتارة يروى مائة، وقد اختلف فيه على موسى بن عبيدة الربذي وهو ضعيف.
(7)
في ر: "تبتيس".
(8)
في المخطوطة أ، و:"محمد بن عمرو بن أبي سلمة" وهو خطأ.
(9)
المستدرك (2/178) وصححه الحاكم وأقره الذهبي، وفي إسناده عمرو بن أبي سلمة الشامي ضعيف خاصة إذا روى عن زهير. قال الإمام أحمد:"روى عن زهير أحاديث بواطيل كأنه سمعها من صدقة بن عبد الله فغلط فقلبها زهير".
وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ بِلَفْظٍ آخَرَ فَقَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرَّقِّي، حدثنا عمرو ابن أَبِي سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ -يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ-حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ وَرَجُلٌ آخَرُ قَدْ سَمَّاهُ-يَعْنِي يَزِيدَ الرَّقَاشي-عَنْ أَنَسٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي قَوْلِهِ: قِنْطَارٌ، يَعْنِي:"أَلْفَ دِينَارٍ". وَهَكَذَا [رَوَاهُ](1) ابْنُ مَرْدُويه، وَرَوَاهُ (2) الطَّبَرَانِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ عَمْرو بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ سَوَاءً (3) .
وَرَوَى ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ مُرْسَلًا عَنْهُ وَمَوْقُوفًا عَلَيْهِ: الْقِنْطَارُ أَلْفٌ وَمِائَتَا دِينَارٍ. وَكَذَا (4) رَوَاهُ العَوْفي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وَقَالَ الضَّحَّاكُ: مِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ: الْقِنْطَارُ أَلْفُ دِينَارٍ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا عارِم، عَنْ حَمّاد، عَنْ سَعِيدٍ الجُرَيرِي (5) عَنْ أَبِي نضْرة، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، رضي الله عنه، قَالَ:[الْقِنْطَارُ](6) مِلْءُ مَسْك الثَّوْرِ ذَهَبًا.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْحَرَشِيُّ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، مَرْفُوعًا. وَالْمَوْقُوفُ أَصَحُّ (7) .
وَحُبُّ الْخَيْلِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ، تَارَةً يَكُونُ ربطَها أصحابُها معدَّة لِسَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى، مَتَى احْتَاجُوا إِلَيْهَا غزَوا عَلَيْهَا، فَهَؤُلَاءِ يُثَابُونَ. وَتَارَةً تُرْبَطُ فَخْرًا وَنِوَاءً لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ، فَهَذِهِ عَلَى صَاحِبِهَا وزْر. وَتَارَةً لِلتَّعَفُّفِ وَاقْتِنَاءِ نَسْلِهَا. وَلَمْ يَنْسَ حَقَّ اللَّهِ فِي رِقَابِهَا، فَهَذِهِ لِصَاحِبِهَا ستْر، كَمَا سَيَأْتِي الْحَدِيثُ بِذَلِكَ [إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى] (8) عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى:{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ [تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ] (9) } [الْأَنْفَالِ: 60] .
وَأَمَّا {الْمُسَوَّمَةِ} فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما: الْمُسَوَّمَةُ الرَّاعِيَةُ، والمُطَهَّمة الحسَان، وَكَذَا رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ، وَعِكْرِمَةَ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ (10) بْنِ أبْزَى، والسُّدِّي، وَالرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، وَأَبِي سِنَان وَغَيْرِهِمْ.
وَقَالَ مَكْحُولٌ: الْمُسَوَّمَةُ: الغُرَّة وَالتَّحْجِيلُ. وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ.
وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ (11) يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ سُوَيْد بْنِ قَيْسٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ حُدَيج، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "ليسَ مِنْ فَرَسٍ عَرَبِي إِلَّا يُؤذَنُ لَهُ مَعَ كُلِّ فَجْر يَدْعُو بِدَعْوَتَيْنِ، يَقُولُ: اللَّهُمَّ إنَّكَ خَوَّلْتَنِي مِنْ خَوَّلْتَني من]
(1) زيادة من جـ، ر، أ، و.
(2)
في و: "عن".
(3)
تفسير ابن أبي حاتم (1/111) وفي إسناده عمرو بن أبي سلمة وهو ضعيف كما سبق كلام الإمام أحمد عنه.
(4)
في و: "وهو".
(5)
في هـ، جـ، أ، و:"الجرشي" وهو خطأ.
(6)
زيادة من جـ، ر، أ، و.
(7)
تفسير ابن أبي حاتم (2/115) ورواه الطبري في تفسيره (6/248) من طريق سعيد الجريري عن أبي نضرة موقوفا.
(8)
زيادة من جـ، أ.
(9)
زيادة من جـ، ر، أ، و، وفي هـ:"الآية".
(10)
في جـ، ر، أ، و:"عبد الله بن عبد الرحمن".
(11)
في جـ، ر:"حدثني".
(1)
بَنِي آدَم، فاجْعَلنِي مِنْ أحَبِّ مَالِهِ وأهْلِهِ إِلَيْهِ، أوْ أحَب أهْلِه ومالِهِ إليهِ" (2) .
وَقَوْلُهُ: {وَالأنْعَامِ} يَعْنِي: الْإِبِلَ وَالْبَقَرَ وَالْغَنَمَ {وَالْحَرْث} يَعْنِي: الْأَرْضَ (3) الْمُتَّخَذَةَ للغِرَاس وَالزِّرَاعَةِ (4) .
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا رَوْح بْنُ عُبَادَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو نَعَامَةَ الْعَدَوِيُّ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ بُدَيل (5) عَنْ إياسِ بْنِ زُهَيْرٍ، عَنْ سُويد بْنِ هُبَيرة، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"خَيْرُ مَالِ امْرِئٍ لَهُ مُهْرة مَأمُورة، أَوْ سِكَّة مَأبُورة"(6) الْمَأْمُورَةُ الْكَثِيرَةُ النَّسْلِ، والسّكَّة: النَّخْلُ الْمُصْطَفُّ، وَالْمَأْبُورَةُ: الْمُلَقَّحَةُ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: {ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} أَيْ: إِنَّمَا هَذَا زَهْرَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا الْفَانِيَةُ الزَّائِلَةُ {وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ} أَيْ: حُسْنُ الْمَرْجِعِ وَالثَّوَابِ.
وَقَدْ قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَفْصِ بْنِ عُمَر بْنِ سَعْدٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، رضي الله عنه: لَمَّا أُنْزِلَتْ: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ} قُلْتُ: الْآنَ يَا رَبِّ حِينَ زَيَّنْتَهَا لَنَا فَنَزَلَتْ: {قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا [عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ] (7) (8) } .
وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ} أَيْ: قُلْ يَا مُحَمَّدُ لِلنَّاسِ: أَأُخْبِرُكُمْ بِخَيْرٍ مِمَّا زُيِّنَ لِلنَّاسِ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنْ زَهْرَتِهَا وَنَعِيمِهَا، الَّذِي هُوَ زَائِلٌ لَا مَحَالَةَ. ثُمَّ أَخْبَرَ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ:{لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ} أَيْ: تَنْخَرِقُ بَيْنَ جَوَانِبِهَا وَأَرْجَائِهَا الْأَنْهَارُ، مِنْ أَنْوَاعِ الْأَشْرِبَةِ؛ مِنَ الْعَسَلِ وَاللَّبَنِ وَالْخَمْرِ وَالْمَاءِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، مِمَّا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ.
{خَالِدِينَ فِيهَا} أَيْ: مَاكِثِينَ فِيهَا أَبَدَ الْآبَادِ (9) لَا يَبْغُونَ (10) عَنْهَا حِوَلا.
{وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ} أَيْ: مِنَ الدَّنَس، والخَبَث، وَالْأَذَى، وَالْحَيْضِ، وَالنِّفَاسِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَعْتَرِي نِسَاءَ الدُّنْيَا.
{وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ} أَيْ: يَحِلُّ عَلَيْهِمْ رِضْوَانُهُ، فَلَا يَسْخَط عَلَيْهِمْ بَعْدَهُ أَبَدًا؛ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى الَّتِي فِي بَرَاءَةٌ:{وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ} [التَّوْبَةِ: 72] أَيْ: أَعْظَمُ مِمَّا أَعْطَاهُمْ من النعيم المقيم،
(1) زيادة من جـ، ر، أ، و، والمسند.
(2)
المسند (5/170) ورواه الحاكم في المستدرك (2/144) من طريق يحيى بن سعيد به، وقال: صحيح الإسناد على شرطهما ووافقه الذهبي.
(3)
في جـ، ر:"الأراضي".
(4)
في جـ: "للزراعة والغراس".
(5)
في أ: "نديل".
(6)
المسند (3/468) ورواه البيهقي في السنن الكبرى (10/64) والطبراني في المعجم الكبير (7/107) من طريق مسلم بن بديل به، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (5/258) :"رجال أحمد ثقات".
(7)
زيادة من جـ، ر، أ، و، وفي هـ:"الآية".
(8)
تفسير الطبري (6/244) .
(9)
في جـ، ر:"فيها أبدا".
(10)
في جـ، ر:"يجدون".