المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

{وَمَا مُحَمَّدٌ إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ - تفسير ابن كثير - ت السلامة - جـ ٢

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌ آلِ عِمْرَانَ

- ‌(1)

- ‌(5)

- ‌(10)

- ‌(12)

- ‌(14)

- ‌(16)

- ‌(18)

- ‌(21)

- ‌(23)

- ‌(26)

- ‌(28) }

- ‌(29) }

- ‌(30) }

- ‌(31)

- ‌(33)

- ‌(37) }

- ‌(38)

- ‌(42)

- ‌(45) }

- ‌(46)

- ‌(48)

- ‌(52) }

- ‌(53)

- ‌(55)

- ‌(59)

- ‌(62)

- ‌(64) }

- ‌(65)

- ‌(69)

- ‌(71)

- ‌(75)

- ‌(77) }

- ‌(78) }

- ‌(81)

- ‌(83) }

- ‌(84)

- ‌(86)

- ‌(90)

- ‌(92) }

- ‌(93)

- ‌(96)

- ‌(98)

- ‌(100) }

- ‌(101) }

- ‌(104)

- ‌(109) }

- ‌(110)

- ‌(113)

- ‌(116)

- ‌(118)

- ‌(121) }

- ‌(122)

- ‌(124)

- ‌(130)

- ‌(133)

- ‌(137)

- ‌(141)

- ‌(144)

- ‌(149)

- ‌(154)

- ‌(156)

- ‌(158) }

- ‌(159)

- ‌(165) }

- ‌(166)

- ‌(170)

- ‌(174)

- ‌(176)

- ‌(181)

- ‌(185)

- ‌(187)

- ‌(190)

- ‌(195) }

- ‌(196)

- ‌(199)

- ‌(1) }

- ‌(2)

- ‌(5)

- ‌(7)

- ‌(11)

- ‌(12) }

- ‌(13)

- ‌(15)

- ‌(17)

- ‌(19) }

- ‌(20)

- ‌(23) }

- ‌(24) }

- ‌(25) }

- ‌(26) }

- ‌(27)

- ‌(29)

- ‌(32) }

- ‌(33) }

- ‌(34) }

- ‌(35) }

- ‌(36) }

- ‌(37) }

- ‌(38)

- ‌(40)

- ‌(43) }

- ‌(44)

- ‌(47)

- ‌(49)

- ‌(53)

- ‌(58) }

- ‌(59) }

- ‌(60)

- ‌(64)

- ‌(66)

- ‌(71)

- ‌(75)

- ‌(77)

- ‌(80)

- ‌(82)

- ‌(84)

- ‌(87) }

- ‌(88)

- ‌(92)

- ‌(94) }

- ‌(95)

- ‌(97)

- ‌(101) }

- ‌(102) }

- ‌(103)

- ‌(105) }

- ‌(106)

- ‌(110)

- ‌(114)

- ‌(116)

- ‌(122) }

- ‌(123)

- ‌(127) }

- ‌(128)

- ‌(131)

- ‌(135) }

- ‌(136) }

- ‌(141) }

- ‌(142)

- ‌(144)

- ‌(148)

- ‌(150)

- ‌(153)

- ‌(155)

- ‌(160)

- ‌(163)

- ‌(166)

- ‌(171) }

- ‌(172)

- ‌(174)

- ‌(1)

الفصل: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ

{وَمَا مُحَمَّدٌ إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ ‌

(144)

وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ (145) وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146) وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (147) فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (148) }

لَمَّا انْهَزَمَ مَنِ انْهَزَمَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ أُحُد، وقُتِل مَنْ قُتِلَ مِنْهُمْ، نَادَى الشَّيْطَانُ: أَلَا إِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ قُتل. وَرَجَعَ ابْنُ قَمِيئَةَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ لَهُمْ: قتلتُ مُحَمَّدًا. وَإِنَّمَا كَانَ قَدْ ضَرَبَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَشَجَّه فِي رَأْسِهِ، فَوَقَعَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِ كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ وَاعْتَقَدُوا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَدْ قُتل، وَجَوَّزُوا عَلَيْهِ ذَلِكَ، كَمَا قَدْ قَصَّ اللَّهُ عَنْ كَثِيرٍ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، عليهم السلام، فَحَصَلَ وهَن وَضَعْفٌ وتَأخر عَنِ الْقِتَالِ فَفِي ذَلِكَ أَنْزَلَ اللَّهُ [عز وجل] (1) عَلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم:{وَمَا مُحَمَّدٌ إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} أَيْ: لَهُ أسْوة بِهِمْ فِي الرِّسَالَةِ وَفِي جَوَازِ الْقَتْلِ عَلَيْهِ.

قَالَ ابْنُ أَبِي نَجيح، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ مَر عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ وَهُوَ يَتَشَحَّطُ فِي دَمِهِ، فَقَالَ لَهُ: يَا فُلَانُ أشعرتَ أَنَّ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم قَدْ قُتِل؟ فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ: إِنْ كَانَ مُحَمَّدٌ [صلى الله عليه وسلم](2) قَدْ قُتِل فَقَدْ بَلَّغَ، فَقَاتِلُوا عَنْ دِينِكُمْ، فَنَزَلَ:{وَمَا مُحَمَّدٌ إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} رَوَاهُ [الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ](3) الْبَيْهَقِيُّ فِي دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ (4) .

ثُمَّ قَالَ تَعَالَى مُنْكِرًا عَلَى مَنْ حَصَلَ لَهُ ضَعْفٌ: {أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ} أَيْ: رَجَعْتُمُ القَهْقرى {وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} أَيِ: الَّذِينَ قَامُوا بِطَاعَتِهِ وَقَاتَلُوا عَنْ دِينِهِ، وَاتَّبَعُوا رَسُولَهُ حَيًّا وَمَيِّتًا.

وَكَذَلِكَ ثَبَتَ فِي الصِّحَاحِ وَالْمَسَانِدِ وَالسُّنَنِ (5) وَغَيْرِهَا مِنْ كُتْبِ الْإِسْلَامِ مَنْ طُرق مُتَعَدِّدَةٍ تُفِيدُ القطْع، وَقَدْ ذَكَرْتُ ذَلِكَ فِي مُسْندي الشَّيْخَيْنِ أَبِي بَكْرٍ وعُمَرَ، رضي الله عنهما؛ أَنَّ الصِّدِّيقَ رضي الله عنه-تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ لَمَّا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (6) .

وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَير، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقيل عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمة؛ أَنَّ عَائِشَةَ، رضي الله عنها، أَخْبَرَتْهُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ، رضي الله عنه، أَقْبَلُ عَلَى فَرَس مِنْ مَسْكنه بالسَّنْح (7) حَتَّى نَزَلَ فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَلَمْ يُكلم النَّاسَ حَتَّى دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ فتيمَّم رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

(1) زيادة من و.

(2)

زيادة من ر.

(3)

زيادة من و.

(4)

(2/248) من طريق آدم بن أبي إياس عن ورقاء عن ابن أبي نجيح به.

(5)

في جـ، ر، أ، و:"السنن والمسانيد".

(6)

انظر: البداية والنهاية (5/213) ودلائل النبوة للبيهقي (7/215-217) .

(7)

في ر: "بالسيح" وهو خطأ، والمثبت من البخاري (4452، 4453) وهو الصواب.

ص: 128

وَهُوَ مُغَشى بِثَوْبٍ حِبَرَةٍ، فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ [صلى الله عليه وسلم](1) ثُمَّ أَكُبَّ عَلَيْهِ وقَبَّله وَبَكَى، ثُمَّ قَالَ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي. وَاللَّهِ لَا يَجْمَعُ اللَّهُ عَلَيْكَ موْتَتَين؛ أَمَّا الْمَوْتَةُ الَّتِي كُتبت عَلَيْكَ فَقَدْ مُتَّها.

وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: وَحَدَّثَنِي أَبُو سَلمة عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ خَرَجَ وَعُمَرُ يُحَدِّث (2) النَّاسَ فَقَالَ: اجْلِسْ يَا عُمَرُ فَأَبَى عمرُ أَنْ يَجْلِسَ، فَأَقْبَلَ النَّاسُ إِلَيْهِ وَتَرَكُوا عُمَرَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمَّا بَعْدُ، مَنْ كانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ، وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حَيّ لَا يَمُوتُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{وَمَا مُحَمَّدٌ إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} إِلَى قَوْلِهِ: {وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} قَالَ: فَوَاللَّهِ لكَأنّ النَّاسَ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ هَذِهِ الْآيَةَ حَتَّى تَلَاهَا أَبُو بَكْرٍ، فَتَلَقَّاهَا النَّاسُ مِنْهُ (3) كُلُّهُمْ، فَمَا سَمِعَهَا (4) بَشَرٌ مِنَ النَّاسِ إِلَّا تَلَاهَا (5) .

وَأَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ المُسَيَّب أَنَّ عُمر قَالَ: وَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ تَلَاهَا فَعقرتُ حَتَّى مَا تُقِلُّنِي رِجْلَايَ (6) وَحَتَّى هَوَيتُ إِلَى الْأَرْضِ (7) .

وَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ حَمَّادِ بْنِ طَلْحَةَ القنَّاد، حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ نَصْرٍ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْب، عَنْ عكْرمة، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ يَقُولُ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ:{أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ} وَاللَّهِ لَا نَنْقَلِبُ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ، وَاللَّهُ لَئِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ لَأُقَاتِلَنَّ عَلَى مَا قَاتَلَ عَلَيْهِ حَتَّى أَمُوتَ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأَخُوهُ، ووليُّه، وَابْنُ عَمِّهِ، وَوَارِثُهُ فَمَنْ أَحَقُّ بِهِ مِنِّي؟ (8) .

وَقَوْلُهُ: {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلا} أَيْ: لَا يَمُوتُ أَحَدٌ إِلَّا بِقَدَرِ اللَّهِ، وَحَتَّى يَسْتَوْفِيَ المدةَ الَّتِي ضَرَبَهَا اللَّهُ لَهُ؛ وَلِهَذَا قَالَ:{كِتَابًا مُؤَجَّلا} كَقَوْلِهِ (9){وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلا فِي كِتَابٍ} [فَاطِرِ:11] وَكَقَوْلِهِ {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ} [الْأَنْعَامِ:2] .

وَهَذِهِ الْآيَةُ فِيهَا تَشْجِيعٌ للجُبَناء وَتَرْغِيبٌ لَهُمْ فِي الْقِتَالِ، فَإِنَّ الْإِقْدَامَ وَالْإِحْجَامَ لَا يَنْقُص مِنَ الْعُمُرِ وَلَا يَزِيدُ فِيهِ كَمَا قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ:

حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ يَزِيدَ الْعَبْدِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ صُهبان، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (10) -وَهُوَ حُجْرُ بْنُ عَدِيّ-: مَا يَمْنَعُكُمْ أَنْ تعبُروا إِلَى هَؤُلَاءِ الْعَدُوِّ، هَذِهِ (11) النُّطْفَةُ؟ -يَعْنِي دِجْلَة- {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلا} ثُمَّ أَقْحَمَ فَرَسَهُ دِجْلَةَ فَلَمَّا أَقْحَمَ أَقْحَمَ النَّاسُ فَلَمَّا رَآهُمُ الْعَدُوُّ قَالُوا: ديوان، فهربوا (12)(13) .

(1) زيادة من جـ.

(2)

في جـ، ر، أ، و:"يكلم".

(3)

في جـ، أ، و:"فتلاها منه الناس" في ر: "فتلاها الناس منه".

(4)

في جـ، ر، أ، و:"أسمع".

(5)

في جـ، ر، أ، و:"يتلوها".

(6)

في و: "رجلان".

(7)

صحيح البخاري برقم (4452، 4453، 4454) .

(8)

ورواه أبي حاتم في تفسيره (2/581) والحاكم في المستدرك (3/126) من طريق عمرو بن حماد بن طلحة به. قال الهيثمي في المجمع (9/134) : "رجاله رجال الصحيح".

(9)

في جـ: "وكقوله".

(10)

في جـ: "للمسلمين".

(11)

في أ، و:"وهذه".

(12)

في جـ: "وهربوا".

(13)

تفسير ابن أبي حاتم (2/584) .

ص: 129

وَقَوْلُهُ: {وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا} أَيْ: مَنْ كَانَ عَمَلُهُ لِلدُّنْيَا فَقَدْ نَالَ مِنْهَا مَا قدّرَه اللَّهُ لَهُ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الْآخِرَةِ [مِنْ](1) نَصِيبٍ، وَمَنْ قَصَدَ بِعَمَلِهِ الدَّارَ الْآخِرَةَ أَعْطَاهُ اللَّهُ مِنْهَا مَعَ مَا قَسَّمَ لَهُ فِي الدُّنْيَا كَمَا قَالَ:{مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخِرَةِ نزدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ} [الشُّورَى:20] وَقَالَ تَعَالَى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا} [الْإِسْرَاءِ: 18، 19] وَهَكَذَا قَالَ هَاهُنَا: {وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ} أَيْ: سَنُعْطِيهِمْ مِنْ فَضْلِنَا وَرَحْمَتِنَا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ بِحَسْبِ شُكْرهم وَعَمَلِهِمْ.

ثُمَّ قَالَ تَعَالَى -مُسَلِّيًا لِلْمُسْلِمِينَ (2) عَمَّا كَانَ وَقَعَ فِي نُفُوسِهِمْ يَوْمَ أُحُد-: {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ} قِيلَ: مَعْنَاهُ: كَمْ مِنْ نَبِيٍّ قُتِل وَقُتِلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ مِنْ أَصْحَابِهِ كَثِيرٌ. وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ جَرِيرٍ، فَإِنَّهُ قَالَ: وَأَمَّا الَّذِينَ قرؤوا: {قُتِلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ} فَإِنَّهُمْ قَالُوا: إِنَّمَا عَنَى بِالْقَتْلِ النَّبِيَّ وَبَعْضَ مِنْ مَعَهُ مِنَ الرِّبِّيِّينَ دُونَ جَمِيعِهِمْ، وَإِنَّمَا نَفَى الْوَهَنَ وَالضَّعْفَ عَمَّنْ بَقِيَ مِنَ الرِّبِّيِّينَ مِمَّنْ لَمْ يُقْتَلْ.

قَالَ: وَمَنْ قَرَأَ {قَاتَلَ} فَإِنَّهُ اخْتَارَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ قَالَ: لَوْ قُتِلُوا (3) لَمْ يَكُنْ لِقَوْلِهِ: {فَمَا وَهَنُوا} وَجْهٌ مَعْرُوفٌ؛ لِأَنَّهُمْ يَسْتَحِيلُ أَنْ يُوصَفوا بِأَنَّهُمْ لَمْ يَهِنُوا وَلَمْ يَضْعُفُوا بَعْدَ مَا قُتِلُوا.

ثُمَّ اخْتَارَ قِرَاءَةَ مَنْ قَرَأَ {قُتِلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ} ؛ لِأَنَّ اللَّهَ [تَعَالَى](4) عَاتَبَ بِهَذِهِ الْآيَاتِ وَالَّتِي (5) قَبْلَهَا مَنِ انْهَزَمَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَتَرَكُوا الْقِتَالَ أَوْ سَمِعُوا الصَّائِحَ يَصِيحُ:"إِنَّ (6) مُحَمَّدًا قَدْ قُتِلَ". فَعَذَلَهُمُ اللَّهُ عَلَى فِرَارِهِمْ وترْكِهم الْقِتَالَ فَقَالَ لَهُمْ: {أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ} أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ ارْتَدَدْتُمْ عَنْ دِينِكُمْ وَانْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ؟.

وَقِيلَ: وَكَمْ مِنْ نَبِيٍّ قُتِلَ بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ أَصْحَابِهِ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ (7) .

وَكَلَامُ ابْنِ إِسْحَاقَ فِي السِّيرَةِ يَقْتَضِي قَوْلًا آخَرَ، [فَإِنَّهُ] (8) قَالَ: أَيْ وَكَأَيْنٍ مِنْ نَبِيٍّ أَصَابَهُ الْقَتْلُ، وَمَعَهُ رِبِّيُّونَ، أَيْ: جَمَاعَاتٌ فَمَا وَهَنُوا بَعْدَ نَبِيِّهِمْ، وَمَا ضَعُفُوا عَنْ عَدُوِّهِمْ، وَمَا اسْتَكَانُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي الْجِهَادِ عَنِ اللَّهِ وَعَنْ دِينِهِمْ، وَذَلِكَ الصَّبْرُ، {وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ} .

فَجَعَلَ قَوْلَهُ: {مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ} حَالًا وَقَدْ نَصَرَ هَذَا الْقَوْلَ السُّهَيْلِيُّ وَبَالَغَ فِيهِ، وَلَهُ اتِّجَاهٌ لِقَوْلِهِ:{فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ} الْآيَةَ، وَكَذَلِكَ حَكَاهُ الْأُمَوِيُّ فِي مَغَازِيهِ، عَنْ كِتَابِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، وَلَمْ يَقُلْ (9) غَيْرُهُ.

وَقَرَأَ بَعْضُهُمْ: {قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ} قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عن ابن

(1) زيادة من أ.

(2)

في جـ، ر، أ، و:"للمؤمنين".

(3)

في جـ: "لأنه لو قتلوا"، وفي ر:"فإنه قال لو قتلوا".

(4)

زيادة من و.

(5)

في و: "الذي".

(6)

في ر: "بأن".

(7)

في و: "وقيل: وكم من نبي قتل معه ربيون كثير".

(8)

زيادة من جـ.

(9)

في جـ، أ، و:"ولم يحك".

ص: 130