الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَشاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)
جملة يبسط الرزق خبر تاسع ويبسط فعل مضارع وفاعله مستتر تقديره هو والرزق مفعول به ولمن متعلقان بيبسط وجملة يشاء صلة ويقدر عطف على يشاء وإن واسمها وعليم خبرها وبكل شيء متعلقان بعليم.
الفوائد:
في قوله (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) اختلاف كثير بين كبار النحاة وسنورد هنا مجملا لأقوالهم جميعا على أن أسهل الأوجه هو ما ذكرناه نقلا عن جمهرتهم، وقال الشيخ بهاء الدين بن النحّاس في تعليقه على المقرب: قال أكثر الناس هي زائدة للتوكيد والمعنى والله أعلم ليس مثله شيء وقال جماعة من المحققين ليست بزائدة وإنما هي على بابها ومعنى الكلام والله أعلم نفي مثل المثل ويلزم من ذلك نفي المثل ضرورة وجوده سبحانه فإن قيل: لم توصل إلى نفي المثل بنفي مثل المثل وهلا نفى المثل من أول وهلة، فالجواب إن نفي المثل بنفي مثل المثل أبلغ وأفخم من قولنا أنت لا تفعل هذا لأنه نفي الشيء بذكر دليله فهو أبلغ من نفي الشيء بغير ذكر دليله.
قلت: وقد قال بعضهم أنها ليست بزائدة ولم يعوّل على هذا الدليل بل قال مثل ومثل ساكنا ومتحركا سواء في اللغة كشبه وشبه فمثل هاهنا بمعنى مثل، قال الله تعالى:«ولله المثل الأعلى» ويكون المعنى ليس مثل مثله شيء وهو صحيح.
وقال الشهاب الحلبي المعروف بابن السمين: «قوله ليس كمثله شيء في هذه الآية أوجه: أحدها وهو المشهور عند المعربين أن الكاف زائدة في خبر ليس وشيء اسمها والتقدير ليس شيء مثله قالوا: ولولا ادّعاء زيادتها للزم أن يكون له مثل وهو محال إذ يصير التقدير على أصالة الكاف ليس مثل مثله شيء فنفى المماثلة عن مثله فثبت أن له
مثلا ولا مثل لذلك المثل وهذا محال تعالى الله عن ذلك، وقال أبو البقاء: ولو لم تكن زائدة لأفضى ذلك إلى المحال إذ كان يكون المعنى أن له مثلا وليس لمثله مثل وفي ذلك تناقض لأنه إذا كان له مثل فلمثله مثل وهو هو مع أن إثبات المثل لله تعالى محال. قلت: وهي طريقة غريبة في تقرير الزيادة وهي طريقة حسنة الصناعة والثاني: أن مثل هي الزائدة كزيادتها في قوله تعالى بمثل ما آمنتم قال الطبري: كما زيدت الكاف في بعض المواضع وهذا ليس بجيد لأن زيادة الأسماء ليست بجائزة وأيضا يصير التقدير ليس كهو شيء، ودخول الكاف على الضمائر لا يجوز إلا في الشعر. الثالث: أن العرب تقول مثلك لا يفعل كذا يعنون المخاطب نفسه لأنهم يريدون المبالغة في نفي الوصف عن المخاطب فينفونها في اللفظ عن مثله فيثبت انتفاؤها عنه بدليلها، قال ابن قتيبة:
العرب تقيم المثل مقام النفس فتقول مثلي لا يقال له هذا أي أنا لا يقال لي هذا. الرابع: أن يراد بالمثل الصفة وذلك أن المثل بمعنى المثل والمثل الصفة كقوله مثل الجنة فيكون المعنى ليس مثل صفته تعالى شيء من الصفات التي لغيره وهو محمل سهل» .
وللراغب في مفرداته كلام لطيف يحسن إثباته هنا في المثل قال:
وقال ابن هشام الأنصاري في كتابه الممتع «المغني» : «قال الأكثرون التقدير ليس شيء مثله إذ لو لم تقدّر زائدة صار المعنى ليس شيء مثل مثله فيلزم المحال وهو إثبات المثل وإنما زيدت لتوكيد نفي المثل لأن زيادة الحرف بمنزلة إعادة الجملة ثانيا قاله ابن جنّي ولأنهم
إذا بالغوا في نفي الفعل عن أحد قالوا مثلك لا يفعل كذا ومرادهم إنما هو النفي عن ذاته ولكنهم إذ نفوه عمّن هو أخصّ أوصافه فقد نفوه عنه وقيل الكاف في الآية غير زائدة ثم اختلف فقيل الزائد مثل كما زيدت في «فإن آمنوا بمثل ما آمنتم» قالوا وإنما زيدت هنا لتفصل الكاف من الضمير انتهى والقول بزيادة الحرف أولى من القول بزيادة الاسم بل زيادة الأسماء لم تثبت» .
ونختم هذا البحث بقول الزمخشري في كشافه وقد قطعت جهيزة قول كل خطيب قال: «قالوا: مثلك لا يبخل فنفوا البخل عن مثله وهم يريدون نفيه عن ذاته قصدوا المبالغة في ذلك فسلكوا به طريق الكناية لأنهم إذا نفوه عمّن يسدّ مسدّه وعمّن هو على أخصّ أوصافه فقد نفوه عنه ونظيره قولك للعربي: العرب لا تخفر الذمم، كان أبلغ من قولك أنت لا تخفر ومنه قولهم قد أيفعت لداته وبلغت أترابه، يريدون إيفاعه وبلوغه، وفي حديث رقيقة بنت صيفي في سقيا عبد المطلب: ألا وفيهم الطيب الطاهر لداته، والقصد إلى طهارته وطيبه، فإذا علم أنه من باب الكناية لم يقع فرق بين قوله: ليس كالله شيء وبين قوله ليس كمثله شيء إلا ما تعطيه الكناية من فائدتها وكأنها عبارتان متعقبتان على معنى واحد وهو نفي المماثلة عن ذاته ونحو قوله عز وجل: «بل يداه مبسوطتان» فإن معناه بل هو جواد من غير تصوّر يد ولا بسط لها لأنها وقعت عبارة عن الجود لا يقصدون شيئا آخر حتى أنهم استعملوها فيمن لا يدله فكذلك استعمل هذا فيمن له مثل ومن لا مثل له، ولك أن تزعم أن كلمة التشبيه كررت للتأكيد كما كررها من قال: وصاليات ككما يؤثفين، ومن قال: فأصبحت مثل كعصف مأكول» .
وعقب ابن المنير القاضي على كلام الزمخشري فقال: «هذا الوجه الثاني مردود على ما فيه من الإخلال بالمعنى وذلك أن الذي يليق