الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفوائد:
1-
استثناء مشكل: قال الشهاب السمين «قوله إلا الموتة الأولى فيه أوجه: أحدها أنه استثناء منقطع أي لكن الموتة الأولى قد ذاقوها، والثاني أنه متصل وتأولوه بأن المؤمن عند موته في الدنيا بمنزلته في الجنة لمعاينته ما يعطاه منها أو لما يتيقنه من نعيمها، الثالث أن إلا بمعنى سوى، نقله الطبري وضعفه، قال ابن عطية وليس تضعيفه بصحيح بل كونها بمعنى سوى مستقيم متّسق، الرابع أن إلا بمعنى بعد واختاره الطبري وأباه الجمهور لأن مجيء إلا بمعنى بعد لم يثبت، وقال الزمخشري: فإن قلت كيف استثنيت الموتة الأولى المذوقة قبل دخول الجنة من الموت المنفي ذوقة فيها! قلت: أريد أن يقال لا يذوقون فيها الموت البتة فوضع قوله إلا الموتة الأولى موضع ذلك لأنه الموتة الماضية محال ذوقها في المستقبل فهو من باب التعليق بالمحال كأنه قيل: إن كانت الموتة الأولى يستقيم ذوقها في المستقبل فإنهم يذوقونها في الجنة» أقول هذا الذي ذكره الزمخشري ونقله السمين مبني على أن الموتة بدل على طريقة البدل المجوز فيها البدل من غير الجنس وأما على طريقة الحجازيين فانتصبت الموتة استثناء منقطعا، وسرّ اللغة التميمية بناء النفي المراد على وجه لا يبقي للسامع مطمعا في الإثبات، فيقولون ما فيها أحد إلا حمار على معنى إن كان الحمار من الأحدين ففيها أحد فيعلقون الثبوت على أمر محال حتما بالنفي.
2-
الحور العين: وعدناك بنقل وصف طريف للحور العين مقتبس من الحديث الشريف، وقبل أن نورد ما اخترناه من الأحاديث الواردة بهذا الصدد نقول الحور جمع حوراء وهي كما في القاموس وغيره من الحور بالتحريك وهو أن يشتد بياض العين ويسودّ سوادها وتستدير حدقتها وترقّ جفونها ويبيض ما حواليها، والعين جمع عيناء
كحمراء فعين أصله بضم الغين بوزن قفل لكنها كسرت لتصحّ الياء أي واسعات الأعين وفيما يلي نص الحديث الذي اخترناه لهذا الوصف:
«عن علي رضي الله عنه أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية «يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا
…
إلى آخرها قال قلت يا رسول الله ما الوفد إلا ركب قال النبي صلى الله عليه وسلم:
والذي نفسي بيده إنهم إذا خرجوا من قبورهم استقبلوا بنوق بيض لها أجنحة عليها رحال الذهب شرك نعالهم نور يتلألأ كل خطوة منها مثل مدّ البصر وينتهون إلى باب الجنة فإذا حلقة من ياقوتة حمراء على صفائح الذهب وإذا شجرة على باب الجنة ينبع من أصلها عينان فإذا شربوا من أحدهما جرت في وجوههم بنضرة النعيم وإذا توضئوا من الأخرى لم تشعث أشعارهم أبدا فيضربون الحلقة بالصحيفة فلو سمعت طنين الحلقة يا علي فيبلغ كل حوراء أن زوجها قد أقبل فتستخفها العجلة فتبعث قيّمها فيفتح له الباب فيقول لولا أن الله عز وجل عرفه نفسه لخرّ له ساجدا مما يرى من النور والبهاء فيقول: أنا قيّمك الذي وكلت بأمرك فيتبعه فيقفو أثره فيأتي زوجته فتستخفها العجلة فتخرج من الخيمة فتعانقه وتقول أنت حبّي وأنا حبّك وأنا الراضية فلا أسخط أبدا وأنا الناعمة فلا أبأس أبدا وأنا الخالدة فلا أظعن أبدا فيدخل بيتا من أساسه إلى سقفه مائة ألف ذراع مبني على جندل اللؤلؤ والياقوت طرائق حمر وطرائق خضر وطرائق صفر ما منها طريقة تشاكل صاحبها فيأتي الأريكة فإذا عليها سرير، على السرير سبعون فراشا على كل فراش سبعون زوجة على كل زوجة سبعون حلة يرى مخ ساقها من باطن الحلل يقضي جماعهن في مقدار ليلة تجري من تحتهم أنهار مطّردة، أنهار من ماء غير آسن صاف ليس فيه كدر وأنهار من عسل مصفى لم يخرج من بطون النحل وأنهار من خمر لذة للشاربين لم تعصره الرجال بأقدامها وأنهار من لبن لم يتغير طعمه لم يخرج من
بطون الماشية فإذا اشتهوا الطعام جاءتهم طير بيض فترفع أجنحتها فيأكلون من جنوبها من أيّ الألوان شاءوا ثم تطير فتذهب وفيها ثمار متدلية إذا اشتهوها انبعث الغصن إليهم فيأكلون من أيّ الثمار شاءوا إن شاء قائما وإن شاء متكئا وذلك قوله «وجنى الجنتين دان» وبين أيديهم خدم كاللؤلؤ» رواه ابن أبي الدنيا في كتاب صفة الجنة عن الحارث، ونكتفي بهذا الحديث مجتزئين بها عن أحاديث كثيرة في هذا المعنى وسترد في مواضعها إن شاء الله.