الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وتشخيصها فهذه الجموع الخارجة من الأجداث في مثل رجع الطرف تشبه الجراد الذي اشتهر بانتشاره واحتشاده دون أن يكون له هدف من هذا الانتشار والاحتشاد وكذلك هذه الجمع قد ألجمها الخوف وعقد الهول أفهامها وضرب عليها رواكد من الحيرة وغشيها بأمواج من الضلالة والرين فهي تسير تلبية لدعوة الداع دون أن تعرف لم يدعوها، ولكنها تعرف بصورة مبهمة أنه يدعوها إلى شيء نكر لا تكتنه حقيقته ولا تعرف فحواه.
[سورة القمر (54) : الآيات 9 الى 17]
كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنا وَقالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ (9) فَدَعا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ (10) فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ (11) وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْماءُ عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ (12) وَحَمَلْناهُ عَلى ذاتِ أَلْواحٍ وَدُسُرٍ (13)
تَجْرِي بِأَعْيُنِنا جَزاءً لِمَنْ كانَ كُفِرَ (14) وَلَقَدْ تَرَكْناها آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (15) فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ (16) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (17)
اللغة:
(مُنْهَمِرٍ) المنهمر: المنصب بشدة وغزارة وفي المختار: «همر الدمع والماء صبّه وبابه نصر وانهمر الماء: سال» قال امرؤ القيس:
راح تمريه الصبا ثم انتحى
…
فيه شؤبوب جنوب منهمر
(وَفَجَّرْنَا) التفجير: تشقيق الأرض عن الماء وللفاء مع الجيم فاء وعينا خاصة غريبة فهما تدلّان على الشق والتصديع، ففجأ وفجئ فجئا وفجأة وفجاءة وفاجأ مفاجأة الرجل: هجم عليه أو طرقه بغتة من غير أن يشعر به، والفجر ضوء الصباح وفيه تصديع لظلمة الليل، وشقّ لحنادسه، ومشى فلان مفاجّا بين رجليه أي مفرجا بينهما وفي أحاجيهم:
ما شيء يفاجّ ولا يبول: هو المنضدة شيء كالسرير له أربع قوائم يضعون عليه نضدهم وافتج الرجل: سلك الفجاج والفج يجمع على فجاج وفجاج وهو الطريق الواسع الواضح بين جبلين وركب فلان فجرة عظيمة وهو من أهل الفجر لا من أهل الفجور وهو الكرم وتبطح السيل في مفاجر الوادي ومرافضه وهي المواضع التي ترفض إليها السبل، وفجعه ما أصابه وفجّعه ويقولون: الدهر فاجئ بالشر فاجع واهب في هبته راجع، والفجوة المتّسع.
(عُيُوناً) جمع عين الماء وهي ما يفور من الأرض مستديرا كاستدارة عين الحيوان فالعين مشتركة بين عين الحيوان وعين الماء وعين الذهب وعين السحاب وعين الركية ويقال للعين ينبوع والجمع ينابيع والمنبع بفتح الميم والباء مخرج الماء والجمع منابع.
(وَدُسُرٍ) الدسر: المسامير التي تشدّ بها السفينة واحدها دسار ودسير ودسرت السفينة أدسرها دسرا إذا شددتها وقيل إن أصل الباب الدفع يقال دسره بالرمح إذا دفعه بشدة والدسر صدر السفينة لأنه يدسر به الماء أي يدفع ومنه الحديث في العنبر: «هو شيء دسره البحر» وفي المختار «الدسر: الدفع وبابه نصر» ويمكن التوفيق بين القولين لأن المسمار يدفع في منفذه، وسيأتي المزيد من هذا المعنى في باب البلاغة.