الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ) عَرَّفَهُمْ كَثْرَةَ نِعَمِهِ وَكَمَالَ قُدْرَتِهِ. (قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ) 10 أَيْ مَا تَشْكُرُونَ إِلَّا شُكْرًا قليلا. وقيل: أي لا تشكرون البتة.
[سورة المؤمنون (23): آية 79]
وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (79)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ) أي أنشأ كم وَبَثَّكُمْ وَخَلَقَكُمْ. (وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) أَيْ تُجْمَعُونَ لِلْجَزَاءِ.
[سورة المؤمنون (23): الآيات 80 الى 89]
وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلافُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (80) بَلْ قالُوا مِثْلَ مَا قالَ الْأَوَّلُونَ (81) قالُوا أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (82) لَقَدْ وُعِدْنا نَحْنُ وَآباؤُنا هَذَا مِنْ قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلَاّ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (83) قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيها إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (84)
سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ (85) قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (86) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ (87) قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (88) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ (89)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلافُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) 80 أَيْ جَعَلَهُمَا مُخْتَلِفَيْنِ، كَقَوْلِكَ: لَكَ الْأَجْرُ وَالصِّلَةُ، أَيْ إِنَّكَ تُؤْجَرُ وَتُوصَلُ، قَالَهُ الْفَرَّاءُ. وَقِيلَ: اخْتِلَافُهُمَا نُقْصَانُ أَحَدِهِمَا وَزِيَادَةُ الْآخَرِ. وَقِيلَ: اخْتِلَافُهُمَا فِي النُّورِ وَالظُّلْمَةِ. وَقِيلَ: تَكَرُّرُهُمَا يَوْمًا بَعْدَ لَيْلَةٍ وَلَيْلَةً بَعْدَ يَوْمٍ. وَيَحْتَمِلُ خَامِسًا: اخْتِلَافُ مَا مَضَى فِيهِمَا مِنْ سَعَادَةٍ وَشَقَاءٍ وَضَلَالٍ وَهُدًى. (أَفَلا تَعْقِلُونَ) كُنْهَ قُدْرَتِهِ وَرُبُوبِيَّتِهِ وَوَحْدَانِيَّتِهِ، وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لَهُ شَرِيكٌ مِنْ خَلْقِهِ، وَأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى الْبَعْثِ. ثُمَّ عَيَّرَهُمْ بِقَوْلِهِمْ وَأَخْبَرَ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ
(قالُوا مِثْلَ ما قالَ الْأَوَّلُونَ قالُوا أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ) هَذَا لَا يَكُونُ وَلَا يُتَصَوَّرُ. (لَقَدْ وُعِدْنا نَحْنُ وَآباؤُنا هَذَا مِنْ قَبْلُ) أَيْ مِنْ قَبْلِ مَجِيءِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، فَلَمْ نَرَ لَهُ حَقِيقَةً. (إِنْ هَذَا) أَيْ مَا هَذَا (إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) أَيْ أَبَاطِيلُهُمْ وَتُرَّهَاتُهُمْ، وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا كُلُّهُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:(قُلْ) يَا مُحَمَّدُ جَوَابًا لَهُمْ عَمَّا قَالُوهُ (لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيها) يُخْبِرُ بِرُبُوبِيَّتِهِ وَوَحْدَانِيَّتِهِ وَمُلْكِهِ الَّذِي لَا يَزُولُ، وَقُدْرَتِهِ الَّتِي لَا تُحَوَّلُ، فَ (سَيَقُولُونَ لِلَّهِ) وَلَا بُدَّ لَهُمْ مِنْ ذَلِكَ. فَ (قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ) أَيْ أَفَلَا تَتَّعِظُونَ وَتَعْلَمُونَ أَنَّ مَنْ قَدَرَ عَلَى خَلْقِ ذَلِكَ ابْتِدَاءً فَهُوَ عَلَى إِحْيَاءِ الْمَوْتَى بَعْدَ مَوْتِهِمْ قَادِرٌ. (قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ. سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ) يُرِيدُ أَفَلَا تَخَافُونَ حَيْثُ تَجْعَلُونَ لِي مَا تَكْرَهُونَ، زَعَمْتُمْ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ بَنَاتِي، وَكَرِهْتُمْ لِأَنْفُسِكُمُ الْبَنَاتَ. (قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ) يريد السموات وَمَا فَوْقَهَا وَمَا بَيْنَهُنَّ، وَالْأَرَضِينَ وَمَا تَحْتَهُنَّ وَمَا بَيْنَهُنَّ، وَمَا لَا يَعْلَمُهُ أَحَدٌ إِلَّا هُوَ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ:" مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ" خَزَائِنُ كل شي. الضحاك: ملك كل شي. وَالْمَلَكُوتُ مِنْ صِفَاتِ الْمُبَالَغَةِ كَالْجَبَرُوتِ وَالرَّهَبُوتِ، وَقَدْ مَضَى فِي" الْأَنْعَامِ «1» ". (وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجارُ عَلَيْهِ) أَيْ يَمْنَعُ وَلَا يُمْنَعُ مِنْهُ. وَقِيلَ:" يُجِيرُ" يُؤَمِّنُ مَنْ شَاءَ." وَلا يُجارُ عَلَيْهِ" أَيْ لَا يُؤَمَّنُ مَنْ أَخَافَهُ. ثُمَّ قِيلَ: هَذَا فِي الدُّنْيَا، أَيْ مَنْ أَرَادَ اللَّهُ إِهْلَاكَهُ وَخَوْفَهُ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْهُ مَانِعٌ، وَمَنْ أَرَادَ نَصْرَهُ وَأَمْنَهُ لَمْ يَدْفَعْهُ مِنْ نَصْرِهِ وَأَمْنِهِ دَافِعٌ. وَقِيلَ: هَذَا فِي الْآخِرَةِ، أَيْ لَا يَمْنَعُهُ مِنْ مُسْتَحِقِّ الثَّوَابِ مَانِعٌ وَلَا يَدْفَعُهُ عَنْ مُسْتَوْجِبِ الْعَذَابِ دَافِعٌ. (فَأَنَّى تُسْحَرُونَ) أَيْ فَكَيْفَ تُخْدَعُونَ وَتُصْرَفُونَ عَنْ طَاعَتِهِ وَتَوْحِيدِهِ. أَوْ كَيْفَ يُخَيَّلُ إِلَيْكُمْ أَنْ تُشْرِكُوا بِهِ مالا يَضُرُّ وَلَا يَنْفَعُ! وَالسِّحْرُ هُوَ التَّخْيِيلُ. وَكُلُّ هَذَا احْتِجَاجٌ عَلَى الْعَرَبِ الْمُقِرِّينَ بِالصَّانِعِ. وَقَرَأَ أبو عمرو:" سيقولون الله" فِي الْمَوْضِعَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ، وَهِيَ قِرَاءَةُ أَهْلِ الْعِرَاقِ. الْبَاقُونَ:" لِلَّهِ"، وَلَا خِلَافَ فِي الْأَوَّلِ أَنَّهُ" لِلَّهِ"، لِأَنَّهُ جَوَابٌ لِ" قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيها" فَلَمَّا تَقَدَّمَتِ اللَّامُ فِي" لِمَنِ" رجعت في الجواب. ولا خلاف أنه
(1). راجع ج 7 ص 23.