المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة الحج (22): الآيات 30 الى 31] - تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن - جـ ١٢

[القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌[تفسير سورة الحج]

- ‌[سورة الحج (22): آيَةً 1]

- ‌[سورة الحج (22): آية 2]

- ‌[سورة الحج (22): الآيات 3 الى 4]

- ‌[سورة الحج (22): آية 5]

- ‌[سورة الحج (22): الآيات 6 الى 7]

- ‌[سورة الحج (22): الآيات 8 الى 10]

- ‌[سورة الحج (22): آية 11]

- ‌[سورة الحج (22): آية 12]

- ‌[سورة الحج (22): آية 13]

- ‌[سورة الحج (22): آية 14]

- ‌[سورة الحج (22): آية 15]

- ‌[سورة الحج (22): آية 16]

- ‌[سورة الحج (22): آية 17]

- ‌[سورة الحج (22): آية 18]

- ‌[سورة الحج (22): الآيات 19 الى 21]

- ‌[سورة الحج (22): آية 22]

- ‌[سورة الحج (22): آية 23]

- ‌[سورة الحج (22): آية 24]

- ‌[سورة الحج (22): آية 25]

- ‌[سورة الحج (22): آية 26]

- ‌[سورة الحج (22): آية 27]

- ‌[سورة الحج (22): الآيات 28 الى 29]

- ‌[سورة الحج (22): الآيات 30 الى 31]

- ‌[سورة الحج (22): الآيات 32 الى 33]

- ‌[سورة الحج (22): آية 34]

- ‌[سورة الحج (22): آية 35]

- ‌[سورة الحج (22): آية 36]

- ‌[سورة الحج (22): آية 37]

- ‌[سورة الحج (22): آية 38]

- ‌[سورة الحج (22): آية 39]

- ‌[سورة الحج (22): آية 40]

- ‌[سورة الحج (22): آية 41]

- ‌[سورة الحج (22): الآيات 42 الى 44]

- ‌[سورة الحج (22): آية 45]

- ‌[سورة الحج (22): آية 46]

- ‌[سورة الحج (22): آية 47]

- ‌[سورة الحج (22): آية 48]

- ‌[سورة الحج (22): الآيات 49 الى 51]

- ‌[سورة الحج (22): آية 52]

- ‌[سورة الحج (22): آية 53]

- ‌[سورة الحج (22): آية 54]

- ‌[سورة الحج (22): آية 55]

- ‌[سورة الحج (22): الآيات 56 الى 57]

- ‌[سورة الحج (22): الآيات 58 الى 59]

- ‌[سورة الحج (22): آية 60]

- ‌[سورة الحج (22): آية 61]

- ‌[سورة الحج (22): آية 62]

- ‌[سورة الحج (22): آية 63]

- ‌[سورة الحج (22): آية 64]

- ‌[سورة الحج (22): آية 65]

- ‌[سورة الحج (22): آية 66]

- ‌[سورة الحج (22): آية 67]

- ‌[سورة الحج (22): الآيات 68 الى 69]

- ‌[سورة الحج (22): آية 70]

- ‌[سورة الحج (22): آية 71]

- ‌[سورة الحج (22): آية 72]

- ‌[سورة الحج (22): آية 73]

- ‌[سورة الحج (22): آية 74]

- ‌[سورة الحج (22): الآيات 75 الى 76]

- ‌[سورة الحج (22): آية 77]

- ‌[سورة الحج (22): آية 78]

- ‌[سورة المؤمنون

- ‌[سورة المؤمنون (23): الآيات 1 الى 11]

- ‌[سورة المؤمنون (23): الآيات 12 الى 14]

- ‌[سورة المؤمنون (23): الآيات 15 الى 16]

- ‌[سورة المؤمنون (23): آية 17]

- ‌[سورة المؤمنون (23): آية 18]

- ‌[سورة المؤمنون (23): آية 19]

- ‌[سورة المؤمنون (23): آية 20]

- ‌[سورة المؤمنون (23): الآيات 21 الى 27]

- ‌[سورة المؤمنون (23): آية 28]

- ‌[سورة المؤمنون (23): آية 29]

- ‌[سورة المؤمنون (23): آية 30]

- ‌[سورة المؤمنون (23): الآيات 31 الى 32]

- ‌[سورة المؤمنون (23): الآيات 33 الى 35]

- ‌[سورة المؤمنون (23): آية 36]

- ‌[سورة المؤمنون (23): آية 37]

- ‌[سورة المؤمنون (23): الآيات 38 الى 41]

- ‌[سورة المؤمنون (23): الآيات 42 الى 44]

- ‌[سورة المؤمنون (23): الآيات 45 الى 48]

- ‌[سورة المؤمنون (23): آية 49]

- ‌[سورة المؤمنون (23): آية 50]

- ‌[سورة المؤمنون (23): آية 51]

- ‌[سورة المؤمنون (23): الآيات 52 الى 54]

- ‌[سورة المؤمنون (23): الآيات 55 الى 56]

- ‌[سورة المؤمنون (23): الآيات 57 الى 60]

- ‌[سورة المؤمنون (23): آية 61]

- ‌[سورة المؤمنون (23): آية 62]

- ‌[سورة المؤمنون (23): الآيات 63 الى 65]

- ‌[سورة المؤمنون (23): الآيات 66 الى 67]

- ‌[سورة المؤمنون (23): آية 68]

- ‌[سورة المؤمنون (23): آية 69]

- ‌[سورة المؤمنون (23): آية 70]

- ‌[سورة المؤمنون (23): آية 71]

- ‌[سورة المؤمنون (23): آية 72]

- ‌[سورة المؤمنون (23): الآيات 73 الى 74]

- ‌[سورة المؤمنون (23): آية 75]

- ‌[سورة المؤمنون (23): آية 76]

- ‌[سورة المؤمنون (23): آية 77]

- ‌[سورة المؤمنون (23): آية 78]

- ‌[سورة المؤمنون (23): آية 79]

- ‌[سورة المؤمنون (23): الآيات 80 الى 89]

- ‌[سورة المؤمنون (23): الآيات 90 الى 92]

- ‌[سورة المؤمنون (23): الآيات 93 الى 94]

- ‌[سورة المؤمنون (23): آية 95]

- ‌[سورة المؤمنون (23): آية 96]

- ‌[سورة المؤمنون (23): الآيات 97 الى 98]

- ‌[سورة المؤمنون (23): الآيات 99 الى 100]

- ‌[سورة المؤمنون (23): آية 101]

- ‌[سورة المؤمنون (23): الآيات 102 الى 103]

- ‌[سورة المؤمنون (23): الآيات 104 الى 105]

- ‌[سورة المؤمنون (23): الآيات 106 الى 108]

- ‌[سورة المؤمنون (23): الآيات 109 الى 111]

- ‌[سورة المؤمنون (23): الآيات 112 الى 114]

- ‌[سورة المؤمنون (23): آية 115]

- ‌[سورة المؤمنون (23): آية 116]

- ‌[سورة المؤمنون (23): الآيات 117 الى 118]

- ‌[سورة النور]

- ‌[سورة النور (24): آية 1]

- ‌[سورة النور (24): آية 2]

- ‌[سورة النور (24): آية 3]

- ‌[سورة النور (24): الآيات 4 الى 5]

- ‌[سورة النور (24): الآيات 6 الى 10]

- ‌[سورة النور (24): الآيات 11 الى 22]

- ‌[سورة النور (24): آية 23]

- ‌[سورة النور (24): آية 24]

- ‌[سورة النور (24): آية 25]

- ‌[سورة النور (24): آية 26]

- ‌[سورة النور (24): آية 27]

- ‌[سورة النور (24): آية 28]

- ‌[سورة النور (24): آية 29]

- ‌[سورة النور (24): آية 30]

- ‌[سورة النور (24): آية 31]

- ‌[سورة النور (24): آية 32]

- ‌[سورة النور (24): الآيات 33 الى 34]

- ‌[سورة النور (24): آية 35]

- ‌[سورة النور (24): الآيات 36 الى 38]

- ‌[سورة النور (24): آية 39]

- ‌[سورة النور (24): آية 40]

- ‌[سورة النور (24): الآيات 41 الى 42]

- ‌[سورة النور (24): الآيات 43 الى 44]

- ‌[سورة النور (24): الآيات 45 الى 46]

- ‌[سورة النور (24): آية 47]

- ‌[سورة النور (24): الآيات 48 الى 50]

- ‌[سورة النور (24): آية 51]

- ‌[سورة النور (24): آية 52]

- ‌[سورة النور (24): آية 53]

- ‌[سورة النور (24): آية 54]

- ‌[سورة النور (24): آية 55]

- ‌[سورة النور (24): آية 56]

- ‌[سورة النور (24): آية 57]

- ‌[سورة النور (24): آية 58]

- ‌[سورة النور (24): آية 59]

- ‌[سورة النور (24): آية 60]

- ‌[سورة النور (24): آية 61]

- ‌[سورة النور (24): آية 62]

- ‌[سورة النور (24): آية 63]

- ‌[سورة النور (24): آية 64]

الفصل: ‌[سورة الحج (22): الآيات 30 الى 31]

وَجَعَلَ السَّاعَةَ مَوْعِدَهُمْ، وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: سُمِّيَ عَتِيقًا لِأَنَّهُ لَمْ يُمْلَكْ مَوْضِعُهُ قَطُّ. وَقَالَتْ فِرْقَةٌ: سُمِّيَ عَتِيقًا لِأَنَّ اللَّهَ عز وجل يُعْتِقُ فِيهِ رِقَابَ الْمُذْنِبِينَ مِنَ الْعَذَابِ. وَقِيلَ: سُمِّيَ عَتِيقًا لِأَنَّهُ أُعْتِقَ مِنْ غرق الطوفان، قاله ابْنُ جُبَيْرٍ. وَقِيلَ: الْعَتِيقُ الْكَرِيُمُ. وَالْعِتْقُ الْكَرَمُ. قَالَ طَرَفَةُ يَصِفُ أُذُنَ الْفَرَسِ:

مُؤَلَّلَتَانِ تَعْرِفُ الْعِتْقَ فِيهِمَا

كَسَامِعَتَيْ مَذْعُورَةٍ وَسْطَ رَبْرَبِ «1»

وَعِتْقُ الرَّقِيقِ: الْخُرُوجُ مِنْ ذُلِّ الرِّقِّ إِلَى كَرَمِ الْحُرِّيَّةِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْعَتِيقُ صِفَةَ مَدْحٍ تَقْتَضِي جَوْدَةَ الشَّيْءِ، كَمَا قَالَ عُمَرُ: حُمِلْتُ عَلَى فَرَسٍ عَتِيقٍ، الْحَدِيثَ. وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَصَحُّ لِلنَّظَرِ وَالْحَدِيثِ الصَّحِيحِ. قَالَ مُجَاهِدٌ: خَلَقَ اللَّهُ الْبَيْتَ قَبْلَ الْأَرْضِ بِأَلْفَيْ عَامٍ، وَسُمِّيَ عَتِيقًا لهذا، والله أعلم.

[سورة الحج (22): الآيات 30 الى 31]

ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُماتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعامُ إِلَاّ مَا يُتْلى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (30) حُنَفاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّما خَرَّ مِنَ السَّماءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكانٍ سَحِيقٍ (31)

فيه ثمان مَسَائِلَ: الْأُولَى- قَوْلُهُ تَعَالَى:" ذلِكَ" يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ بِتَقْدِيرِ: فَرْضُكُمْ ذَلِكَ، أَوِ الْوَاجِبُ ذَلِكَ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بِتَقْدِيرِ: امْتَثِلُوا ذَلِكَ، وَنَحْوُ هَذِهِ الْإِشَارَةِ الْبَلِيغَةِ قَوْلُ زُهَيْرٍ:

هَذَا وَلَيْسَ كَمَنْ يَعْيَا بِخُطَّتِهِ

وَسْطَ النَّدِيِّ إِذَا مَا قَائِلٌ نطقا

(1). المؤلل: المحدد. والربرب: القطيع من بقر الوحش، وقيل الظباء. وهذه الرواية في البيت مخالفة لما في ديوانه ومعلقته. والرواية فيهما:

مُؤَلَّلَتَانِ تَعْرِفُ الْعِتْقَ فِيهِمَا

كَسَامِعَتَيْ شَاةٍ بِحَوْمَلَ مفرد

ويريد بالشاة هنا الثور الوحشي.

ص: 53

وَالْحُرُمَاتُ الْمَقْصُودَةُ هُنَا هِيَ أَفْعَالُ الْحَجِّ الْمُشَارُ إِلَيْهَا فِي قَوْلِهِ:" ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ"، وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ تَعْظِيمُ الْمَوَاضِعِ، قَالَهُ ابْنُ زَيْدٍ وَغَيْرُهُ. وَيَجْمَعُ ذَلِكَ أَنْ تَقُولَ: الحرمات امتثال الامر من فرائضه وسننه. وقوله: (فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ) 30 أَيِ التَّعْظِيمُ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ مِنَ التَّهَاوُنِ بِشَيْءٍ مِنْهَا. وَقِيلَ: ذَلِكَ التَّعْظِيمُ خَيْرٌ مِنْ خَيْرَاتِهِ يَنْتَفِعُ بِهِ، وَلَيْسَتْ لِلتَّفْضِيلِ وَإِنَّمَا هِيَ عِدَةٌ بِخَيْرٍ. الثَّانِيَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى:(وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعامُ) 30 أَنْ تَأْكُلُوهَا: وَهِيَ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ. (إِلَّا مَا يُتْلى عَلَيْكُمْ) أَيْ فِي الْكِتَابِ مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ، وَهِيَ الْمَيْتَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَأَخَوَاتُهَا. وَلِهَذَا اتِّصَالٌ بِأَمْرِ الْحَجِّ، فَإِنَّ فِي الْحَجِّ الذَّبْحَ، فَبَيَّنَ مَا يَحِلُّ ذَبْحُهُ وَأَكْلُ لَحْمِهِ. وَقِيلَ:" إِلَّا مَا يُتْلى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ"«1» الثَّالِثَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ) 30 الرِّجْسُ: الشَّيْءُ الْقَذِرُ. الْوَثَنُ: التِّمْثَالُ مِنْ خَشَبٍ أَوْ حَدِيدٍ أَوْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ وَنَحْوِهَا، وَكَانَتِ الْعَرَبُ تَنْصِبُهَا وَتَعْبُدُهَا. وَالنَّصَارَى تَنْصِبُ الصَّلِيبَ وَتَعْبُدُهُ وَتُعَظِّمُهُ فَهُوَ كَالتِّمْثَالِ أَيْضًا. وَقَالَ عدى ابن حَاتِمٍ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَفِي عُنُقِي صَلِيبٌ مِنْ ذَهَبٍ فَقَالَ: (أَلْقِ هَذَا الْوَثَنَ عَنْكَ) أَيِ الصَّلِيبَ، وَأَصْلُهُ مِنْ وَثَنَ الشَّيْءَ أَيْ أَقَامَ فِي مَقَامِهِ. وَسُمِّيَ الصَّنَمُ وَثَنًا لِأَنَّهُ يُنْصَبُ وَيُرْكَزُ فِي مَكَانٍ فَلَا يُبْرَحُ عَنْهُ. يُرِيدُ اجْتَنِبُوا عِبَادَةَ الْأَوْثَانِ، رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ جُرَيْجٍ. وَسَمَّاهَا رِجْسًا لِأَنَّهَا سَبَبُ الرِّجْزِ وَهُوَ الْعَذَابُ. وَقِيلَ: وَصَفَهَا بِالرِّجْسِ، وَالرِّجْسُ النَّجَسُ فَهِيَ نَجِسَةٌ حُكْمًا. وَلَيْسَتِ النَّجَاسَةُ وَصْفًا ذَاتِيًّا لِلْأَعْيَانِ وَإِنَّمَا هِيَ وَصْفٌ شَرْعِيٌّ مِنْ أَحْكَامِ الْإِيمَانِ، فَلَا تُزَالُ إِلَّا بِالْإِيمَانِ كَمَا لَا تَجُوزُ الطَّهَارَةُ إِلَّا بِالْمَاءِ. الرَّابِعَةُ- (مَنْ) فِي قَوْلِهِ:" مِنَ الْأَوْثانِ 30" قِيلَ: إِنَّهَا لِبَيَانِ الْجِنْسِ، فَيَقَعُ نَهْيُهُ عَنْ رِجْسِ «2» الْأَوْثَانِ فَقَطْ، وَيَبْقَى سَائِرُ الْأَرْجَاسِ نَهْيُهَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ لابتداء الغاية، فكأنهم نَهَاهُمْ عَنِ الرِّجْسِ عَامًّا ثُمَّ عَيَّنَ لَهُمْ مَبْدَأَهُ الَّذِي مِنْهُ يَلْحَقُهُمْ، إِذْ عِبَادَةُ الْوَثَنِ جَامِعَةٌ لِكُلِّ فَسَادٍ وَرِجْسٍ. وَمَنْ قَالَ إِنَّ" مَنْ" للتبعيض، قلب معنى الآية وأفسده.

(1). راجع ج 6 ص 31.

(2)

. في ك: جنس الأوثان.

ص: 54

الْخَامِسَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ) 30 وَالزُّورُ: الْبَاطِلُ وَالْكَذِبُ. وَسُمِّيَ زُورًا لِأَنَّهُ أَمْيَلُ عَنِ الحق، ومنه" تَتَزاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ"«1» ، [الكهف: 17]، وَمَدِينَةٌ زَوْرَاءُ، أَيْ مَائِلَةٌ. وَكُلُّ مَا عَدَا الْحَقَّ فَهُوَ كَذِبٌ وَبَاطِلٌ وَزُورٌ. وَفِي الْخَبَرِ أَنَّهُ عليه السلام قَامَ خَطِيبًا فَقَالَ:(عَدَلَتْ شَهَادَةُ الزُّورِ الشِّرْكَ بِاللَّهِ) قَالَهَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا. يَعْنِي أَنَّهَا قَدْ جُمِعَتْ مَعَ عِبَادَةِ الْوَثَنِ فِي النَّهْيِ عَنْهَا. السَّادِسَةُ- هَذِهِ الْآيَةُ تَضَمَّنَتِ الْوَعِيدَ عَلَى الشَّهَادَةِ بِالزُّورِ، وَيَنْبَغِي لِلْحَاكِمِ إذا عثر على الشاهد بالزور أن يعززه وَيُنَادِيَ عَلَيْهِ لِيُعْرَفَ لِئَلَّا يَغْتَرَّ بِشَهَادَتِهِ أَحَدٌ. وَيَخْتَلِفُ الْحُكْمُ فِي شَهَادَتِهِ إِذَا تَابَ، فَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْعَدَالَةِ الْمَشْهُورِ بِهَا الْمُبَرَّزِ فِيهَا لَمْ تُقْبَلْ، لِأَنَّهُ لَا سَبِيلَ إِلَى عِلْمِ حَالِهِ فِي التَّوْبَةِ، إِذْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَفْعَلَ مِنَ الْقُرُبَاتِ أَكْثَرَ مِمَّا هُوَ عَلَيْهِ. وَإِنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَشَمَّرَ فِي العبادة وزادت حاله في التقى قبلت شَهَادَتُهُ. وَفِي الصَّحِيحِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قال:(إن أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ الْإِشْرَاكَ بِاللَّهِ وَعُقُوقَ الْوَالِدَيْنِ وَشَهَادَةَ الزُّورِ وَقَوْلَ الزُّورِ). وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُتَّكِئًا فَجَلَسَ فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا لَيْتَهُ سَكَتَ. السَّابِعَةُ- (حُنَفاءَ لِلَّهِ) مَعْنَاهُ مُسْتَقِيمِينَ أَوْ مُسْلِمِينَ مَائِلِينَ إِلَى الْحَقِّ. وَلَفْظَةُ" حُنَفاءَ" مِنَ الْأَضْدَادِ تَقَعُ عَلَى الِاسْتِقَامَةِ وَتَقَعُ عَلَى الْمَيْلِ. وَ" حُنَفاءَ" نُصِبَ عَلَى الْحَالِ. وَقِيلَ:" حُنَفاءَ" حُجَّاجًا، وَهَذَا تَخْصِيصٌ لَا حُجَّةَ مَعَهُ. الثَّامِنَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى:(وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّما خَرَّ مِنَ السَّماءِ) أَيْ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَا يَمْلِكُ لِنَفْسِهِ نَفْعًا وَلَا يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ ضَرًّا وَلَا عَذَابًا، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ، فَهُوَ لَا يَقْدِرُ أَنْ يَدْفَعَ عَنْ نفسه. ومعنى، (فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ) أَيْ تَقْطَعُهُ بِمَخَالِبِهَا. وَقِيلَ: هَذَا عِنْدَ خُرُوجِ رُوحِهِ وَصُعُودِ الْمَلَائِكَةِ بِهَا إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا، فَلَا يُفْتَحُ لَهَا فَيُرْمَى بِهَا إِلَى الْأَرْضِ، كَمَا فِي حَدِيثِ الْبَرَاءِ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي التَّذْكِرَةِ. وَالسَّحِيقُ: الْبَعِيدُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تعالى:" فَسُحْقاً لِأَصْحابِ السَّعِيرِ"«2» [الملك: 11]، وقوله عليه الصلاة والسلام:(فسحقا فسحقا).

(1). راجع ج 10 ص 368.

(2)

. راجع ج 18 ص 212.

ص: 55