الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِالْعِقَابِ عَلَيْهَا بِقَوْلِهِ: (أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) فَتَحْرُمُ مُخَالَفَتُهُ، فَيَجِبُ امْتِثَالُ أَمْرِهِ. وَالْفِتْنَةُ هُنَا الْقَتْلُ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ. عَطَاءٌ: الزَّلَازِلُ وَالْأَهْوَالُ. جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ: سُلْطَانٌ جَائِرٌ يُسَلَّطُ عَلَيْهِمْ. وَقِيلَ: الطَّبْعُ عَلَى الْقُلُوبِ بِشُؤْمِ مُخَالَفَةِ الرَّسُولِ. وَالضَّمِيرُ فِي" أَمْرِهِ" قِيلَ هُوَ عَائِدٌ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى، قَالَهُ يحيى بن سلام. وقيل: إلى أمر رسوله عليه السلام، قَالَهُ قَتَادَةُ. وَمَعْنَى:" يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ" أَيْ يُعْرِضُونَ عَنْ أَمْرِهِ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَالْأَخْفَشُ:" عَنْ" فِي هَذَا الْمَوْضِعِ زَائِدَةٌ. وَقَالَ الْخَلِيلُ وَسِيبَوَيْهِ: لَيْسَتْ بِزَائِدَةٍ، وَالْمَعْنَى: يُخَالِفُونَ بعد أمره، كما قال:
…
لَمْ تَنْتَطِقْ عَنْ تَفَضُّلِ «1»
وَمِنْهُ قَوْلُهُ:" فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ"«2» [الكهف: 50] أَيْ بَعْدَ أَمْرِ رَبِّهِ. وَ" أَنْ" فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بِ"- يَحْذَرِ". وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ أَكْثَرِ النَّحْوِيِّينَ حَذِرَ زَيْدًا، وَهُوَ فِي" أَنْ" جائز، لان حروف الخفض تحذف معها.
[سورة النور (24): آية 64]
أَلا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (64)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَلا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) خَلْقًا وَمِلْكًا. (قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ) فَهُوَ يُجَازِيكُمْ بِهِ. وَ" يَعْلَمُ" هُنَا بِمَعْنَى عَلِمَ. (وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ) بَعْدَ مَا كَانَ فِي خِطَابٍ رَجَعَ فِي خَبَرٍ، وَهَذَا يُقَالُ لَهُ: خِطَابُ التَّلْوِينِ. (فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا) أَيْ يُخْبِرُهُمْ بِأَعْمَالِهِمْ وَيُجَازِيهِمْ بِهَا. (وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) مِنْ أَعْمَالِهِمْ وَأَحْوَالِهِمْ. خُتِمَتِ السُّورَةُ بِمَا تَضَمَّنَتْ مِنَ التَّفْسِيرِ، وَالْحَمْدُ لله على التيسير.
(1). هذا من معلقة امرئ القيس. والبيت بتمامه:
وَتُضْحِي فَتِيتُ الْمِسْكِ فَوْقَ فِرَاشِهَا
…
نَئُومُ الضُّحَى لم تنتطق عن تفضل
(2)
. راجع ج 10 ص 419 فما بعد.
تم بعون الله تعالى الجزء الثاني عَشَرَ مِنْ تَفْسِيرِ الْقُرْطُبِيِّ يَتْلُوهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تعالى الجزء عشر، وأوله سورة" الفرقان"
محققه أبو إسحاق ابراهيم أطفيش