الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه: مَنْ تَفَرَّقَ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: يُقَالُ: تَفَوَّتَ الشَّيْءَ أَيْ فَاتَ. ثُمَّ أَمَرَ بِأَنْ يَنْظُرُوا فِي خَلْقِهِ لِيَعْتَبِرُوا بِهِ فَيَتَفَكَّرُوا فِي قُدْرَتِهِ: فَقَالَ: (فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ) أَيِ ارْدُدْ طَرْفَكَ إِلَى السَّمَاءِ. وَيُقَالُ: قَلِّبِ الْبَصَرُ فِي السَّمَاءِ. وَيُقَالُ: اجْهَدْ بِالنَّظَرِ إِلَى السَّمَاءِ. وَالْمَعْنَى مُتَقَارِبٌ. وَإِنَّمَا قَالَ: فَارْجِعِ بِالْفَاءِ وَلَيْسَ قَبْلَهُ فِعْلٌ مَذْكُورٌ، لِأَنَّهُ قَالَ:" مَا تَرَى". وَالْمَعْنَى انْظُرْ ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ، قَالَهُ قَتَادَةُ. وَالْفُطُورُ: الشُّقُوقُ، عَنْ مُجَاهِدٍ وَالضَّحَّاكِ. وَقَالَ قَتَادَةُ: مِنْ خَلَلٍ. السُّدِّيُّ: مِنْ خُرُوقٍ. ابْنُ عَبَّاسٍ: مِنْ وَهَنٍ. وَأَصْلُهُ مِنَ التَّفَطُّرِ وَالِانْفِطَارِ وَهُوَ الِانْشِقَاقُ. قَالَ الشَّاعِرُ:
بَنَى لَكُمْ بِلَا عَمَدٍ سَمَاءً
…
وَزَيَّنَهَا فَمَا فِيهَا فُطُورُ
وَقَالَ آخَرُ:
شَقَقْتِ الْقَلْبَ ثُمَّ ذَرَرْتِ فِيهِ
…
هَوَاكِ فَلِيمَ فَالْتَأَمَ الْفُطُورُ
تَغَلْغَلَ حَيْثُ لَمْ يَبْلُغْ شَرَابٌ
…
وَلَا سكر ولم يبلغ سرور
[سورة الملك (67): آية 4]
ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ (4)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ) كَرَّتَيْنِ فِي مَوْضِعِ الْمَصْدَرِ، لِأَنَّ مَعْنَاهُ رَجْعَتَيْنِ، أَيْ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى. وَإِنَّمَا أَمَرَ بِالنَّظَرِ مَرَّتَيْنِ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا نَظَرَ فِي الشَّيْءِ مَرَّةً لَا يَرَى عَيْبَهُ مَا لَمْ يَنْظُرْ إِلَيْهِ مَرَّةً أُخْرَى. فَأَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّهُ وَإِنْ نَظَرَ فِي السَّمَاءِ مَرَّتَيْنِ لَا يَرَى فِيهَا عَيْبًا بَلْ يَتَحَيَّرُ بِالنَّظَرِ إِلَيْهَا، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً أَيْ خَاشِعًا صَاغِرًا مُتَبَاعِدًا عَنْ أَنْ يَرَى شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ. يُقَالُ: خَسَأْتُ الْكَلْبَ أَيْ أَبْعَدْتُهُ وَطَرَدْتُهُ. وَخَسَأَ الْكَلْبُ بِنَفْسِهِ، يَتَعَدَّى وَلَا يَتَعَدَّى. وَانْخَسَأَ الْكَلْبُ أَيْضًا. وَخَسَأَ بَصَرُهُ خَسْأً وَخُسُوءًا أَيْ سَدِرَ، «1» وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً. وقال ابن عباس:
(1). لم يكد يبصر.