الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَفِي وَقْتِ التَّحْرِيمِ قَوْلَانِ: إِنَّهُ مِنْ بَعْدِ الزَّوَالِ إِلَى الْفَرَاغِ مِنْهَا، قَالَهُ الضَّحَّاكُ وَالْحَسَنُ وَعَطَاءٌ. الثَّانِي- مِنْ وَقْتِ أَذَانِ الْخُطْبَةِ إِلَى وَقْتِ الصَّلَاةِ، قَالَهُ الشَّافِعِيُّ. وَمَذْهَبُ مَالِكٍ أَنْ يُتْرَكَ الْبَيْعُ إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ، وَيُفْسَخُ عِنْدَهُ مَا وَقَعَ مِنْ ذَلِكَ مِنَ الْبَيْعِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ. وَلَا يُفْسَخُ الْعِتْقُ وَالنِّكَاحُ وَالطَّلَاقُ وَغَيْرُهُ، إِذْ لَيْسَ مِنْ عَادَةِ النَّاسِ الِاشْتِغَالُ بِهِ كَاشْتِغَالِهِمْ بِالْبَيْعِ. قَالُوا: وَكَذَلِكَ الشَّرِكَةُ وَالْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ نَادِرٌ لَا يُفْسَخُ. ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَالصَّحِيحُ فَسْخُ الْجَمِيعِ، لِأَنَّ الْبَيْعَ إِنَّمَا مُنِعَ مِنْهُ لِلِاشْتِغَالِ بِهِ. فَكُلُّ أَمْرٍ يَشْغَلُ عَنِ الْجُمُعَةِ مِنَ الْعُقُودِ كُلِّهَا فَهُوَ حَرَامٌ شَرْعًا مَفْسُوخٌ رَدْعًا. الْمَهْدَوِيُّ. وَرَأَى بَعْضُ الْعُلَمَاءِ الْبَيْعَ فِي الْوَقْتِ الْمَذْكُورِ جَائِزًا، وَتَأَوَّلَ النَّهْيُ عَنْهُ نَدْبًا، وَاسْتُدِلَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ. قُلْتُ:- وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، فَإِنَّ الْبَيْعَ يَنْعَقِدُ عِنْدَهُ وَلَا يُفْسَخُ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ: إِنَّ عَامَّةَ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَا يُؤَدِّي فَسَادَ الْبَيْعِ. قَالُوا: لِأَنَّ الْبَيْعَ لَمْ يَحْرُمْ لِعَيْنِهِ، وَلَكِنْ لِمَا فِيهِ مِنَ الذُّهُولِ عَنِ الْوَاجِبِ، فَهُوَ كَالصَّلَاةِ فِي الْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ وَالثَّوْبِ الْمَغْصُوبِ، وَالْوُضُوءِ بِمَاءٍ مَغْصُوبٍ. وَعَنْ بَعْضِ النَّاسِ أَنَّهُ فَاسِدٌ. قُلْتُ: وَالصَّحِيحُ فَسَادُهُ وَفَسْخُهُ، لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام:(كُلُّ عَمَلٍ لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ). أَيْ مَرْدُودٌ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
[سورة الجمعة (62): آية 10]
فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (10)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ) هَذَا أَمْرُ إِبَاحَةٍ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا «1» [المائدة: 2]. يَقُولُ: إِذَا فَرَغْتُمْ مِنَ الصَّلَاةِ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ لِلتِّجَارَةِ وَالتَّصَرُّفِ فِي حَوَائِجِكُمْ. (وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ) أَيْ مِنْ رِزْقِهِ. وَكَانَ عِرَاكُ بْنُ مَالِكٍ إِذَا صَلَّى الْجُمُعَةَ انْصَرَفَ فَوَقَفَ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَجَبْتُ دعوتك، وصليت
(1). راجع ج 6 ص 44