المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة القلم (68): الآيات 1 الى 3] - تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن - جـ ١٨

[القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌[تفسير سورة الحشر]

- ‌[سورة الحشر (59): آية 1]

- ‌[سورة الحشر (59): آية 2]

- ‌[سورة الحشر (59): الآيات 3 الى 4]

- ‌[سورة الحشر (59): آية 5]

- ‌[سورة الحشر (59): الآيات 6 الى 7]

- ‌[سورة الحشر (59): آية 8]

- ‌[سورة الحشر (59): آية 9]

- ‌[سورة الحشر (59): آية 10]

- ‌[سورة الحشر (59): آية 11]

- ‌[سورة الحشر (59): آية 12]

- ‌[سورة الحشر (59): آية 13]

- ‌[سورة الحشر (59): آية 14]

- ‌[سورة الحشر (59): آية 15]

- ‌[سورة الحشر (59): الآيات 16 الى 17]

- ‌[سورة الحشر (59): آية 18]

- ‌[سورة الحشر (59): آية 19]

- ‌[سورة الحشر (59): آية 20]

- ‌[سورة الحشر (59): آية 21]

- ‌[سورة الحشر (59): آية 22]

- ‌[سورة الحشر (59): آية 23]

- ‌[سورة الحشر (59): آية 24]

- ‌[تفسير سورة الممتحنة]

- ‌[سورة الممتحنة (60): آيَةً 1]

- ‌[سورة الممتحنة (60): آية 2]

- ‌[سورة الممتحنة (60): آية 3]

- ‌[سورة الممتحنة (60): الآيات 4 الى 5]

- ‌[سورة الممتحنة (60): الآيات 6 الى 7]

- ‌[سورة الممتحنة (60): آية 8]

- ‌[سورة الممتحنة (60): آية 9]

- ‌[سورة الممتحنة (60): آية 10]

- ‌[سورة الممتحنة (60): آية 11]

- ‌[سورة الممتحنة (60): آية 12]

- ‌[سورة الممتحنة (60): آية 13]

- ‌[تفسير سورة الصف]

- ‌[سورة الصف (61): آية 1]

- ‌[سورة الصف (61): الآيات 2 الى 3]

- ‌[سورة الصف (61): آية 4]

- ‌[سورة الصف (61): آية 5]

- ‌[سورة الصف (61): آية 6]

- ‌[سورة الصف (61): آية 7]

- ‌[سورة الصف (61): آية 8]

- ‌[سورة الصف (61): آية 9]

- ‌[سورة الصف (61): الآيات 10 الى 13]

- ‌[سورة الصف (61): آية 14]

- ‌[تفسير سورة الجمعة]

- ‌[سورة الجمعة (62): آية 1]

- ‌[سورة الجمعة (62): آية 2]

- ‌[سورة الجمعة (62): آية 3]

- ‌[سورة الجمعة (62): آية 4]

- ‌[سورة الجمعة (62): آية 5]

- ‌[سورة الجمعة (62): الآيات 6 الى 7]

- ‌[سورة الجمعة (62): آية 8]

- ‌[سورة الجمعة (62): آية 9]

- ‌[سورة الجمعة (62): آية 10]

- ‌[سورة الجمعة (62): آية 11]

- ‌[تفسير سورة المنافقين]

- ‌[سورة المنافقون (63): آيَةً 1]

- ‌[سورة المنافقون (63): آية 2]

- ‌[سورة المنافقون (63): آية 3]

- ‌[سورة المنافقون (63): آية 4]

- ‌[سورة المنافقون (63): آية 5]

- ‌[سورة المنافقون (63): آية 6]

- ‌[سورة المنافقون (63): آية 7]

- ‌[سورة المنافقون (63): آية 8]

- ‌[سورة المنافقون (63): آية 9]

- ‌[سورة المنافقون (63): الآيات 10 الى 11]

- ‌[تفسير سورة التغابن]

- ‌[سورة التغابن (64): آية 1]

- ‌[سورة التغابن (64): آية 2]

- ‌[سورة التغابن (64): آية 3]

- ‌[سورة التغابن (64): آية 4]

- ‌[سورة التغابن (64): آية 5]

- ‌[سورة التغابن (64): آية 6]

- ‌[سورة التغابن (64): آية 7]

- ‌[سورة التغابن (64): آية 8]

- ‌[سورة التغابن (64): آية 9]

- ‌[سورة التغابن (64): آية 10]

- ‌[سورة التغابن (64): آية 11]

- ‌[سورة التغابن (64): الآيات 12 الى 13]

- ‌[سورة التغابن (64): آية 14]

- ‌[سورة التغابن (64): آية 15]

- ‌[سورة التغابن (64): الآيات 16 الى 17]

- ‌[سورة التغابن (64): آية 18]

- ‌[تفسير سورة الطلاق]

- ‌[سورة الطلاق (65): آيَةً 1]

- ‌[سورة الطلاق (65): الآيات 2 الى 3]

- ‌[سورة الطلاق (65): الآيات 4 الى 5]

- ‌[سورة الطلاق (65): آية 6]

- ‌[سورة الطلاق (65): آية 7]

- ‌[سورة الطلاق (65): الآيات 8 الى 11]

- ‌[سورة الطلاق (65): آية 12]

- ‌[تفسير سورة التحريم]

- ‌[سورة التحريم (66): آيَةً 1]

- ‌[سورة التحريم (66): آية 2]

- ‌[سورة التحريم (66): آية 3]

- ‌[سورة التحريم (66): آية 4]

- ‌[سورة التحريم (66): آية 5]

- ‌[سورة التحريم (66): آية 6]

- ‌[سورة التحريم (66): آية 7]

- ‌[سورة التحريم (66): آية 8]

- ‌[سورة التحريم (66): آية 9]

- ‌[سورة التحريم (66): آية 10]

- ‌[سورة التحريم (66): آية 11]

- ‌[سورة التحريم (66): آية 12]

- ‌[تفسير سورة الملك]

- ‌[سورة الملك (67): آية 1]

- ‌[سورة الملك (67): آية 2]

- ‌[سورة الملك (67): آية 3]

- ‌[سورة الملك (67): آية 4]

- ‌[سورة الملك (67): الآيات 5 الى 6]

- ‌[سورة الملك (67): آية 7]

- ‌[سورة الملك (67): الآيات 8 الى 11]

- ‌[سورة الملك (67): آية 12]

- ‌[سورة الملك (67): الآيات 13 الى 14]

- ‌[سورة الملك (67): آية 15]

- ‌[سورة الملك (67): آية 16]

- ‌[سورة الملك (67): آية 17]

- ‌[سورة الملك (67): آية 18]

- ‌[سورة الملك (67): آية 19]

- ‌[سورة الملك (67): آية 20]

- ‌[سورة الملك (67): آية 21]

- ‌[سورة الملك (67): آية 22]

- ‌[سورة الملك (67): آية 23]

- ‌[سورة الملك (67): الآيات 24 الى 25]

- ‌[سورة الملك (67): آية 26]

- ‌[سورة الملك (67): آية 27]

- ‌[سورة الملك (67): آية 28]

- ‌[سورة الملك (67): آية 29]

- ‌[سورة الملك (67): آية 30]

- ‌[تفسير سورة ن والقلم]

- ‌[سورة القلم (68): الآيات 1 الى 3]

- ‌[سورة القلم (68): آية 4]

- ‌[سورة القلم (68): الآيات 5 الى 7]

- ‌[سورة القلم (68): آية 8]

- ‌[سورة القلم (68): آية 9]

- ‌[سورة القلم (68): الآيات 10 الى 13]

- ‌[سورة القلم (68): الآيات 14 الى 15]

- ‌[سورة القلم (68): آية 16]

- ‌[سورة القلم (68): الآيات 17 الى 19]

- ‌[سورة القلم (68): الآيات 20 الى 22]

- ‌[سورة القلم (68): الآيات 23 الى 25]

- ‌[سورة القلم (68): الآيات 26 الى 27]

- ‌[سورة القلم (68): الآيات 28 الى 32]

- ‌[سورة القلم (68): آية 33]

- ‌[سورة القلم (68): الآيات 34 الى 39]

- ‌[سورة القلم (68): الآيات 40 الى 41]

- ‌[سورة القلم (68): الآيات 42 الى 43]

- ‌[سورة القلم (68): الآيات 44 الى 45]

- ‌[سورة القلم (68): آية 46]

- ‌[سورة القلم (68): آية 47]

- ‌[سورة القلم (68): آية 48]

- ‌[سورة القلم (68): الآيات 49 الى 50]

- ‌[سورة القلم (68): آية 51]

- ‌[سورة القلم (68): آية 52]

- ‌[تفسير سورة الحاقة]

- ‌[سورة الحاقة (69): الآيات 1 الى 3]

- ‌[سورة الحاقة (69): آية 4]

- ‌[سورة الحاقة (69): آية 5]

- ‌[سورة الحاقة (69): الآيات 6 الى 7]

- ‌[سورة الحاقة (69): آية 8]

- ‌[سورة الحاقة (69): آية 9]

- ‌[سورة الحاقة (69): آية 10]

- ‌[سورة الحاقة (69): الآيات 11 الى 12]

- ‌[سورة الحاقة (69): آية 13]

- ‌[سورة الحاقة (69): آية 14]

- ‌[سورة الحاقة (69): الآيات 15 الى 17]

- ‌[سورة الحاقة (69): آية 18]

- ‌[سورة الحاقة (69): الآيات 19 الى 34]

- ‌[سورة الحاقة (69): الآيات 35 الى 37]

- ‌[سورة الحاقة (69): الآيات 38 الى 40]

- ‌[سورة الحاقة (69): الآيات 41 الى 42]

- ‌[سورة الحاقة (69): آية 43]

- ‌[سورة الحاقة (69): الآيات 44 الى 46]

- ‌[سورة الحاقة (69): الآيات 47 الى 48]

- ‌[سورة الحاقة (69): الآيات 49 الى 52]

- ‌[تفسير سورة المعارج]

- ‌[سورة المعارج (70): الآيات 1 الى 4]

- ‌[سورة المعارج (70): الآيات 5 الى 7]

- ‌[سورة المعارج (70): الآيات 8 الى 10]

- ‌[سورة المعارج (70): الآيات 11 الى 14]

- ‌[سورة المعارج (70): الآيات 15 الى 18]

- ‌[سورة المعارج (70): الآيات 19 الى 21]

- ‌[سورة المعارج (70): الآيات 22 الى 35]

- ‌[سورة المعارج (70): الآيات 36 الى 39]

- ‌[سورة المعارج (70): الآيات 40 الى 41]

- ‌[سورة المعارج (70): آية 42]

- ‌[سورة المعارج (70): آية 43]

- ‌[سورة المعارج (70): آية 44]

- ‌[تفسير سورة نوح]

- ‌[سورة نوح (71): آيَةً 1]

- ‌[سورة نوح (71): الآيات 2 الى 4]

- ‌[سورة نوح (71): الآيات 5 الى 6]

- ‌[سورة نوح (71): آية 7]

- ‌[سورة نوح (71): الآيات 8 الى 9]

- ‌[سورة نوح (71): الآيات 10 الى 12]

- ‌[سورة نوح (71): الآيات 13 الى 14]

- ‌[سورة نوح (71): الآيات 15 الى 16]

- ‌[سورة نوح (71): الآيات 17 الى 18]

- ‌[سورة نوح (71): الآيات 19 الى 20]

- ‌[سورة نوح (71): آية 21]

- ‌[سورة نوح (71): آية 22]

- ‌[سورة نوح (71): الآيات 23 الى 24]

- ‌[سورة نوح (71): آية 25]

- ‌[سورة نوح (71): الآيات 26 الى 27]

- ‌[سورة نوح (71): آية 28]

الفصل: ‌[سورة القلم (68): الآيات 1 الى 3]

بسم الله الرحمن الرحيم

[سورة القلم (68): الآيات 1 الى 3]

بسم الله الرحمن الرحيم

ن وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ (1) مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ (2) وَإِنَّ لَكَ لَأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ (3)

قَوْلُهُ تَعَالَى: ن وَالْقَلَمِ أَدْغَمَ النُّونَ الثَّانِيَةَ فِي هِجَائِهَا فِي الْوَاوِ أَبُو بَكْرٍ وَالْمُفَضَّلُ وَهُبَيْرَةُ وَوَرْشٌ وَابْنُ مُحَيْصِنٍ وَابْنُ عَامِرٍ وَالْكِسَائِيُّ ويعقوب. والباقون بالإظهار. وقرا عيسى ابن عُمَرَ بِفَتْحِهَا، كَأَنَّهُ أَضْمَرَ فِعْلًا. وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَنَصْرٌ وَابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ بِكَسْرِهَا عَلَى إِضْمَارِ حَرْفِ، الْقَسَمِ. وَقَرَأَ هَارُونُ وَمُحَمَّدُ بْنُ السَّمَيْقَعِ بِضَمِّهَا عَلَى الْبِنَاءِ. وَاخْتُلِفَ فِي تَأْوِيلِهِ، فَرَوَى مُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ عَنْ أَبِيهِ يَرْفَعْهُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: ن (لَوْحٌ مِنْ نُورٍ). وَرَوَى ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ أَنَّ ن الدَّوَاةُ. وَقَالَهُ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ. وَرَوَى الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمَ ثم خلق النون وهي الدواة وذلك قول تَعَالَى: ن وَالْقَلَمِ ثُمَّ قَالَ لَهُ اكْتُبْ قَالَ: وَمَا أَكْتُبُ قَالَ: مَا كَانَ وَمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مِنْ عَمَلٍ أَوْ أَجَلٍ أَوْ رِزْقٍ أَوْ أَثَرٍ فَجَرَى الْقَلَمُ بِمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ- قَالَ- ثُمَّ خَتَمَ فَمَ الْقَلَمِ فَلَمْ يَنْطِقْ وَلَا يَنْطِقْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. ثُمَّ خَلَقَ الْعَقْلَ فَقَالَ الْجَبَّارُ مَا خَلَقْتُ خَلْقًا أَعْجَبَ إِلَيَّ مِنْكَ وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَأُكْمِلَنَّكَ فِيمَنْ أَحْبَبْتُ وَلَأُنْقِصَنَّكَ فِيمَنْ أَبْغَضْتُ) قَالَ: ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (أَكْمَلُ النَّاسِ عَقْلًا أَطْوَعُهُمْ لِلَّهِ وَأَعْمَلُهُمْ بِطَاعَتِهِ). وَعَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: ن الْحُوتُ الَّذِي تَحْتَ الْأَرْضِ السَّابِعَةِ. قَالَ: وَالْقَلَمِ الَّذِي كُتِبَ بِهِ الذِّكْرُ. وَكَذَا قَالَ مُقَاتِلٌ وَمُرَّةُ الْهَمْدَانِيُّ وَعَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ وَالسُّدِّيُّ وَالْكَلْبِيُّ: إِنَّ النُّونَ هُوَ الْحُوتُ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَرَضُونَ. وَرَوَى أَبُو ظَبْيَانَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمَ فَجَرَى بِمَا هُوَ كَائِنٌ، ثُمَّ رَفَعَ بُخَارَ الْمَاءِ فَخَلَقَ مِنْهُ السَّمَاءَ، ثُمَّ خَلَقَ النُّونَ فَبَسَطَ الأرض

ص: 223

عَلَى ظَهْرِهِ، فَمَادَتِ الْأَرْضُ فَأُثْبِتَتْ بِالْجِبَالِ، وَإِنَّ الْجِبَالَ لَتَفْخَرُ عَلَى الْأَرْضِ. ثُمَّ قَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ ن وَالْقَلَمِ الْآيَةَ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ وَمُقَاتِلٌ: اسْمُهُ الْبَهْمُوتُ «1» . قَالَ الرَّاجِزُ:

مَالِي أَرَاكُمْ كُلَّكُمْ سُكُوتَا

وَاللَّهُ رَبِّي خَلَقَ الْبَهْمُوتَا

وَقَالَ أَبُو الْيَقْظَانِ وَالْوَاقِدِيُّ: لُيُوثًا. وَقَالَ كَعْبٌ: لُوثُوثَا. وَقَالَ: بَلَهَمُوثَا «2» . وَقَالَ كَعْبٌ: أَنَّ إِبْلِيسَ تَغَلْغَلَ إِلَى الْحُوتِ الَّذِي عَلَى ظَهْرِهِ الْأَرَضُونَ فَوَسْوَسَ فِي قَلْبِهِ، وَقَالَ: أَتَدْرِي مَا عَلَى ظَهْرِكَ يَا لُوثُوثَا مِنَ الدَّوَابِّ وَالشَّجَرِ وَالْأَرَضِينَ وَغَيْرِهَا، لَوْ لَفَظْتَهُمْ أَلْقَيْتَهُمْ عَنْ ظَهْرِكَ أَجْمَعَ، فَهَمَّ لُيُوثَا أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ، فَبَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِ دَابَّةً فَدَخَلَتْ مَنْخِرَهُ وَوَصَلَتْ إِلَى دِمَاغِهِ، فَضَجَّ الْحُوتُ إِلَى اللَّهِ عز وجل مِنْهَا فَأَذِنَ اللَّهُ لَهَا فَخَرَجَتْ. قَالَ كَعْبٌ: فَوَاللَّهِ إِنَّهُ لَيَنْظُرُ إِلَيْهَا وَتَنْظُرُ إِلَيْهِ إِنْ هَمَّ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عَادَتْ كَمَا كَانَتْ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ عَنِ ابن عباس: إن ن آخر حروف من حروف الرَّحْمنِ. قال: الر، ولَحْمَ، ون، الرَّحْمنِ تَعَالَى مُتَقَطِّعَةٌ. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ هُوَ قَسَمٌ أَقْسَمَ تَعَالَى بِهِ. وَقَالَ ابْنُ كَيْسَانَ: هُوَ فَاتِحَةُ السُّورَةِ. وَقِيلَ: اسْمُ السُّورَةِ. وَقَالَ عَطَاءٌ وَأَبُو الْعَالِيَةِ: هُوَ افْتِتَاحُ اسْمِهِ نَصِيرُ وَنُورٌ وَنَاصِرٌ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ: أَقْسَمَ اللَّهُ تَعَالَى بِنَصْرِهِ لِلْمُؤْمِنِينَ، وَهُوَ حَقٌّ. بَيَانُهُ قوله تعالى: كانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ

«3» [الروم: 47] وَقَالَ جَعْفَرُ الصَّادِقِ: هُوَ نَهْرٌ مِنْ أَنْهَارِ الْجَنَّةِ يُقَالُ لَهُ نُونٌ. وَقِيلَ: هُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ حُرُوفِ الْمُعْجَمِ، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ لَكَانَ مُعْرَبًا، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْقُشَيْرِيُّ أَبُو نَصْرٍ عَبْدُ الرَّحِيمِ فِي تَفْسِيرِهِ. قَالَ: لِأَنَّ ن حَرْفٌ لَمْ يُعْرَبْ، فَلَوْ كَانَ كَلِمَةً تَامَّةً أُعْرِبَ كَمَا أُعْرِبَ الْقَلَمُ، فَهُوَ إِذًا حَرْفُ هِجَاءٍ كَمَا فِي سَائِرِ مَفَاتِيحِ السُّوَرِ. وَعَلَى هَذَا قِيلَ: هُوَ اسْمُ السُّورَةِ، أَيْ هَذِهِ السُّورَةُ ن. ثُمَّ قَالَ: وَالْقَلَمِ أَقْسَمَ بالقلم لما فيه من البيان

(1). ضبطه الألوسي في تفسيره فقال:" اليهموت بفتح الياء المثناة التحتية وسكون الهاء".

(2)

. اضطربت الأصول والمراجع التي بين أيدينا في هذه الأسماء. وقد خرج المؤلف رحمه الله عما اشترطه في مقدما كتابه ص (3) حيث قال:"

وَأَضْرِبُ عَنْ كَثِيرٍ مِنْ قَصَصِ الْمُفَسِّرِينَ، وَأَخْبَارِ المؤرخين

" إلخ.

(3)

. راجع ج 14 ص 43

ص: 224

كَاللِّسَانِ، وَهُوَ وَاقِعٌ عَلَى كُلِّ قَلَمٍ مِمَّا يَكْتُبُ بِهِ مَنْ فِي السَّمَاءِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ، وَمِنْهُ قَوْلُ أَبِي الْفَتْحِ الْبُسْتِيِّ:

إِذَا أَقْسَمَ الْأَبْطَالُ يَوْمًا بِسَيْفِهِمْ

وَعَدُّوهُ مِمَّا يُكْسِبُ الْمَجْدَ وَالْكَرَمْ

كَفَى قَلَمَ الْكُتَّابِ عِزًّا وَرِفْعَةً

مَدَى الدَّهْرِ أَنَّ اللَّهَ أَقْسَمَ بِالْقَلَمْ

وَلِلشُّعَرَاءِ فِي تَفْضِيلِ الْقَلَمِ عَلَى السَّيْفِ أَبْيَاتٌ كَثِيرَةٌ، مَا ذَكَرْنَاهُ أَعْلَاهَا. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هَذَا قَسَمٌ بِالْقَلَمِ الَّذِي خَلَقَهُ اللَّهُ، فَأَمَرَهُ فَجَرَى بِكِتَابَةِ جَمِيعِ مَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. قَالَ: وَهُوَ قَلَمٌ مِنْ نُورٍ طُولُهُ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ. وَيُقَالُ. خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمَ ثُمَّ نَظَرَ إِلَيْهِ فَانْشَقَّ نِصْفَيْنِ، فَقَالَ: اجْرِ، فَقَالَ: يَا رَبِّ بِمَ أَجْرِي؟ قَالَ بِمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَجَرَى عَلَى اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ. وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ: أَوْصَانِي أَبِي عِنْدِ مَوْتِهِ فَقَالَ: يَا بُنَيَّ، اتَّقِ اللَّهَ، وَاعْلَمْ أَنَّكَ لَنْ تَتَّقِيَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْعِلْمَ حَتَّى تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَحْدَهُ، وَالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ، سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:(إِنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمُ فَقَالَ لَهُ اكْتُبْ فَقَالَ يَا رَبِّ وَمَا أَكْتُبُ فَقَالَ اكْتُبِ الْقَدَرَ فَجَرَى الْقَلَمُ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ بِمَا كَانَ وَمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى الْأَبَدِ) وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمَ فَأَمَرَهُ أَنْ يَكْتُبَ مَا هُوَ كَائِنٌ، فَكَتَبَ فِيمَا كتب تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ [المسد: 1]. وَقَالَ قَتَادَةُ: الْقَلَمُ نِعْمَةٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى عِبَادِهِ. قَالَ غَيْرُهُ: فَخَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمَ الْأَوَّلَ فَكَتَبَ مَا يَكُونُ فِي الذِّكْرِ وَوَضَعَهُ عِنْدَهُ فَوْقَ عَرْشِهِ، ثُمَّ خَلَقَ الْقَلَمَ الثَّانِيَ لِيَكْتُبَ بِهِ فِي الْأَرْضِ، عَلَى مَا يَأْتِي بيانه في سورة (اقرأ باسم ربك) «1» [العلق: 1]. قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَما يَسْطُرُونَ) أَيْ وَمَا يَكْتُبُونَ. يُرِيدُ الْمَلَائِكَةَ يَكْتُبُونَ أَعْمَالَ بَنِي آدَمَ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَقِيلَ: وَمَا يَكْتُبُونَ أَيِ النَّاسُ وَيَتَفَاهَمُونَ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَمَعْنَى وَما يَسْطُرُونَ وما يعلمون. وما مَوْصُولَةٌ أَوْ مَصْدَرِيَّةٌ، أَيْ وَمَسْطُورَاتِهِمْ أَوْ وَسَطْرِهِمْ، وَيُرَادُ بِهِ كُلَّ مَنْ يُسَطِّرُ أَوِ الْحَفَظَةَ، عَلَى الْخِلَافِ. (مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ) هَذَا جَوَابُ الْقَسَمِ وَهُوَ نَفْيٌ، وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يَقُولُونَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِنَّهُ مجنون، به شيطان.

(1). راجع ج 20 ص 117.

ص: 225

وَهُوَ قَوْلُهُمْ: يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ «1» [الحجر: 6] فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى رَدًّا عَلَيْهِمْ وَتَكْذِيبًا لِقَوْلِهِمْ مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ أَيْ بِرَحْمَةِ ربك. والنعمة ها هنا الرحمة. ويحتمل ثانيا- أن النعمة ها هنا قَسَمٌ، وَتَقْدِيرُهُ: مَا أَنْتَ وَنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ، لِأَنَّ الْوَاوَ وَالْبَاءَ مِنْ حُرُوفِ الْقَسَمِ. وَقِيلَ هُوَ كَمَا تَقُولُ: مَا أَنْتَ بِمَجْنُونٍ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ مَا أَنْتَ بِمَجْنُونٍ، وَالنِّعْمَةُ لِرَبِّكَ، كَقَوْلِهِمْ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، أَيْ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ. وَمِنْهُ قَوْلُ لَبِيَدٍ:

وَأُفْرِدْتُ فِي الدُّنْيَا بِفَقْدِ عَشِيرَتِي

وَفَارَقَنِي جَارٌ بِأَرْبَدَ نَافِعُ

أَيْ وَهُوَ أَرْبَدُ»

. وَقَالَ النَّابِغَةُ:

لَمْ يُحْرَمُوا حُسْنَ الْغِذَاءِ وَأُمُّهُمْ

طَفَحَتْ عَلَيْكَ بِنَاتِقٍ مِذْكَارِ

أَيْ هُوَ نَاتِقٌ. وَالْبَاءُ فِي بِنِعْمَةِ رَبِّكَ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَجْنُونٍ مَنْفِيًّا، كَمَا يَتَعَلَّقُ بِغَافِلٍ مُثْبَتًا. كَمَا فِي قَوْلِكَ: أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ غَافِلٌ. وَمَحَلُّهُ النَّصْبُ عَلَى الْحَالِ، كَأَنَّهُ قَالَ: مَا أَنْتَ بِمَجْنُونٍ مُنْعَمًا عَلَيْكَ بِذَلِكَ. (وَإِنَّ لَكَ لَأَجْراً) أَيْ ثَوَابًا عَلَى مَا تَحَمَّلْتَ مِنْ أَثْقَالِ النُّبُوَّةِ. (غَيْرَ مَمْنُونٍ) أَيْ غَيْرُ مَقْطُوعٍ وَلَا مَنْقُوصٍ، يُقَالُ: مَنَنْتُ الْحَبْلَ إِذَا قَطَعْتُهُ. وَحَبْلٌ مَنِينٌ إِذَا كَانَ غَيْرَ مَتِينٍ. قَالَ الشَّاعِرُ:

غُبْسًا كَوَاسِبَ لَا يُمَنُّ طَعَامُهَا «3»

أَيْ لَا يُقْطَعُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: غَيْرَ مَمْنُونٍ مَحْسُوبٍ. الْحَسَنُ: غَيْرَ مَمْنُونٍ غَيْرُ مُكَدَّرٍ بِالْمَنِّ. الضَّحَّاكُ: أَجْرًا بِغَيْرِ عَمَلٍ. وَقِيلَ: غَيْرُ مُقَدَّرٍ وَهُوَ التَّفَضُّلُ، لِأَنَّ الْجَزَاءَ مُقَدَّرٌ وَالتَّفَضُّلُ غَيْرُ مُقَدَّرٍ، ذَكَرَهُ الماوردي، وهو معنى قول مجاهد.

(1). راجع ج 10 ص 4

(2)

. الربدة (بضم فسكون): الغيرة. ورواية الديوان في هذا البيت:

وقد كنت في أكناف جار مضنة

ففارقني .....

إلخ. و" جار مضنة": جار يضن به.

(3)

. هذا عجز للبيد. واختلف في صدره. راجع مادة (متن) في اللسان. والغبسة: لون الرماد. [ ..... ]

ص: 226