المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة القلم (68): الآيات 10 الى 13] - تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن - جـ ١٨

[القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌[تفسير سورة الحشر]

- ‌[سورة الحشر (59): آية 1]

- ‌[سورة الحشر (59): آية 2]

- ‌[سورة الحشر (59): الآيات 3 الى 4]

- ‌[سورة الحشر (59): آية 5]

- ‌[سورة الحشر (59): الآيات 6 الى 7]

- ‌[سورة الحشر (59): آية 8]

- ‌[سورة الحشر (59): آية 9]

- ‌[سورة الحشر (59): آية 10]

- ‌[سورة الحشر (59): آية 11]

- ‌[سورة الحشر (59): آية 12]

- ‌[سورة الحشر (59): آية 13]

- ‌[سورة الحشر (59): آية 14]

- ‌[سورة الحشر (59): آية 15]

- ‌[سورة الحشر (59): الآيات 16 الى 17]

- ‌[سورة الحشر (59): آية 18]

- ‌[سورة الحشر (59): آية 19]

- ‌[سورة الحشر (59): آية 20]

- ‌[سورة الحشر (59): آية 21]

- ‌[سورة الحشر (59): آية 22]

- ‌[سورة الحشر (59): آية 23]

- ‌[سورة الحشر (59): آية 24]

- ‌[تفسير سورة الممتحنة]

- ‌[سورة الممتحنة (60): آيَةً 1]

- ‌[سورة الممتحنة (60): آية 2]

- ‌[سورة الممتحنة (60): آية 3]

- ‌[سورة الممتحنة (60): الآيات 4 الى 5]

- ‌[سورة الممتحنة (60): الآيات 6 الى 7]

- ‌[سورة الممتحنة (60): آية 8]

- ‌[سورة الممتحنة (60): آية 9]

- ‌[سورة الممتحنة (60): آية 10]

- ‌[سورة الممتحنة (60): آية 11]

- ‌[سورة الممتحنة (60): آية 12]

- ‌[سورة الممتحنة (60): آية 13]

- ‌[تفسير سورة الصف]

- ‌[سورة الصف (61): آية 1]

- ‌[سورة الصف (61): الآيات 2 الى 3]

- ‌[سورة الصف (61): آية 4]

- ‌[سورة الصف (61): آية 5]

- ‌[سورة الصف (61): آية 6]

- ‌[سورة الصف (61): آية 7]

- ‌[سورة الصف (61): آية 8]

- ‌[سورة الصف (61): آية 9]

- ‌[سورة الصف (61): الآيات 10 الى 13]

- ‌[سورة الصف (61): آية 14]

- ‌[تفسير سورة الجمعة]

- ‌[سورة الجمعة (62): آية 1]

- ‌[سورة الجمعة (62): آية 2]

- ‌[سورة الجمعة (62): آية 3]

- ‌[سورة الجمعة (62): آية 4]

- ‌[سورة الجمعة (62): آية 5]

- ‌[سورة الجمعة (62): الآيات 6 الى 7]

- ‌[سورة الجمعة (62): آية 8]

- ‌[سورة الجمعة (62): آية 9]

- ‌[سورة الجمعة (62): آية 10]

- ‌[سورة الجمعة (62): آية 11]

- ‌[تفسير سورة المنافقين]

- ‌[سورة المنافقون (63): آيَةً 1]

- ‌[سورة المنافقون (63): آية 2]

- ‌[سورة المنافقون (63): آية 3]

- ‌[سورة المنافقون (63): آية 4]

- ‌[سورة المنافقون (63): آية 5]

- ‌[سورة المنافقون (63): آية 6]

- ‌[سورة المنافقون (63): آية 7]

- ‌[سورة المنافقون (63): آية 8]

- ‌[سورة المنافقون (63): آية 9]

- ‌[سورة المنافقون (63): الآيات 10 الى 11]

- ‌[تفسير سورة التغابن]

- ‌[سورة التغابن (64): آية 1]

- ‌[سورة التغابن (64): آية 2]

- ‌[سورة التغابن (64): آية 3]

- ‌[سورة التغابن (64): آية 4]

- ‌[سورة التغابن (64): آية 5]

- ‌[سورة التغابن (64): آية 6]

- ‌[سورة التغابن (64): آية 7]

- ‌[سورة التغابن (64): آية 8]

- ‌[سورة التغابن (64): آية 9]

- ‌[سورة التغابن (64): آية 10]

- ‌[سورة التغابن (64): آية 11]

- ‌[سورة التغابن (64): الآيات 12 الى 13]

- ‌[سورة التغابن (64): آية 14]

- ‌[سورة التغابن (64): آية 15]

- ‌[سورة التغابن (64): الآيات 16 الى 17]

- ‌[سورة التغابن (64): آية 18]

- ‌[تفسير سورة الطلاق]

- ‌[سورة الطلاق (65): آيَةً 1]

- ‌[سورة الطلاق (65): الآيات 2 الى 3]

- ‌[سورة الطلاق (65): الآيات 4 الى 5]

- ‌[سورة الطلاق (65): آية 6]

- ‌[سورة الطلاق (65): آية 7]

- ‌[سورة الطلاق (65): الآيات 8 الى 11]

- ‌[سورة الطلاق (65): آية 12]

- ‌[تفسير سورة التحريم]

- ‌[سورة التحريم (66): آيَةً 1]

- ‌[سورة التحريم (66): آية 2]

- ‌[سورة التحريم (66): آية 3]

- ‌[سورة التحريم (66): آية 4]

- ‌[سورة التحريم (66): آية 5]

- ‌[سورة التحريم (66): آية 6]

- ‌[سورة التحريم (66): آية 7]

- ‌[سورة التحريم (66): آية 8]

- ‌[سورة التحريم (66): آية 9]

- ‌[سورة التحريم (66): آية 10]

- ‌[سورة التحريم (66): آية 11]

- ‌[سورة التحريم (66): آية 12]

- ‌[تفسير سورة الملك]

- ‌[سورة الملك (67): آية 1]

- ‌[سورة الملك (67): آية 2]

- ‌[سورة الملك (67): آية 3]

- ‌[سورة الملك (67): آية 4]

- ‌[سورة الملك (67): الآيات 5 الى 6]

- ‌[سورة الملك (67): آية 7]

- ‌[سورة الملك (67): الآيات 8 الى 11]

- ‌[سورة الملك (67): آية 12]

- ‌[سورة الملك (67): الآيات 13 الى 14]

- ‌[سورة الملك (67): آية 15]

- ‌[سورة الملك (67): آية 16]

- ‌[سورة الملك (67): آية 17]

- ‌[سورة الملك (67): آية 18]

- ‌[سورة الملك (67): آية 19]

- ‌[سورة الملك (67): آية 20]

- ‌[سورة الملك (67): آية 21]

- ‌[سورة الملك (67): آية 22]

- ‌[سورة الملك (67): آية 23]

- ‌[سورة الملك (67): الآيات 24 الى 25]

- ‌[سورة الملك (67): آية 26]

- ‌[سورة الملك (67): آية 27]

- ‌[سورة الملك (67): آية 28]

- ‌[سورة الملك (67): آية 29]

- ‌[سورة الملك (67): آية 30]

- ‌[تفسير سورة ن والقلم]

- ‌[سورة القلم (68): الآيات 1 الى 3]

- ‌[سورة القلم (68): آية 4]

- ‌[سورة القلم (68): الآيات 5 الى 7]

- ‌[سورة القلم (68): آية 8]

- ‌[سورة القلم (68): آية 9]

- ‌[سورة القلم (68): الآيات 10 الى 13]

- ‌[سورة القلم (68): الآيات 14 الى 15]

- ‌[سورة القلم (68): آية 16]

- ‌[سورة القلم (68): الآيات 17 الى 19]

- ‌[سورة القلم (68): الآيات 20 الى 22]

- ‌[سورة القلم (68): الآيات 23 الى 25]

- ‌[سورة القلم (68): الآيات 26 الى 27]

- ‌[سورة القلم (68): الآيات 28 الى 32]

- ‌[سورة القلم (68): آية 33]

- ‌[سورة القلم (68): الآيات 34 الى 39]

- ‌[سورة القلم (68): الآيات 40 الى 41]

- ‌[سورة القلم (68): الآيات 42 الى 43]

- ‌[سورة القلم (68): الآيات 44 الى 45]

- ‌[سورة القلم (68): آية 46]

- ‌[سورة القلم (68): آية 47]

- ‌[سورة القلم (68): آية 48]

- ‌[سورة القلم (68): الآيات 49 الى 50]

- ‌[سورة القلم (68): آية 51]

- ‌[سورة القلم (68): آية 52]

- ‌[تفسير سورة الحاقة]

- ‌[سورة الحاقة (69): الآيات 1 الى 3]

- ‌[سورة الحاقة (69): آية 4]

- ‌[سورة الحاقة (69): آية 5]

- ‌[سورة الحاقة (69): الآيات 6 الى 7]

- ‌[سورة الحاقة (69): آية 8]

- ‌[سورة الحاقة (69): آية 9]

- ‌[سورة الحاقة (69): آية 10]

- ‌[سورة الحاقة (69): الآيات 11 الى 12]

- ‌[سورة الحاقة (69): آية 13]

- ‌[سورة الحاقة (69): آية 14]

- ‌[سورة الحاقة (69): الآيات 15 الى 17]

- ‌[سورة الحاقة (69): آية 18]

- ‌[سورة الحاقة (69): الآيات 19 الى 34]

- ‌[سورة الحاقة (69): الآيات 35 الى 37]

- ‌[سورة الحاقة (69): الآيات 38 الى 40]

- ‌[سورة الحاقة (69): الآيات 41 الى 42]

- ‌[سورة الحاقة (69): آية 43]

- ‌[سورة الحاقة (69): الآيات 44 الى 46]

- ‌[سورة الحاقة (69): الآيات 47 الى 48]

- ‌[سورة الحاقة (69): الآيات 49 الى 52]

- ‌[تفسير سورة المعارج]

- ‌[سورة المعارج (70): الآيات 1 الى 4]

- ‌[سورة المعارج (70): الآيات 5 الى 7]

- ‌[سورة المعارج (70): الآيات 8 الى 10]

- ‌[سورة المعارج (70): الآيات 11 الى 14]

- ‌[سورة المعارج (70): الآيات 15 الى 18]

- ‌[سورة المعارج (70): الآيات 19 الى 21]

- ‌[سورة المعارج (70): الآيات 22 الى 35]

- ‌[سورة المعارج (70): الآيات 36 الى 39]

- ‌[سورة المعارج (70): الآيات 40 الى 41]

- ‌[سورة المعارج (70): آية 42]

- ‌[سورة المعارج (70): آية 43]

- ‌[سورة المعارج (70): آية 44]

- ‌[تفسير سورة نوح]

- ‌[سورة نوح (71): آيَةً 1]

- ‌[سورة نوح (71): الآيات 2 الى 4]

- ‌[سورة نوح (71): الآيات 5 الى 6]

- ‌[سورة نوح (71): آية 7]

- ‌[سورة نوح (71): الآيات 8 الى 9]

- ‌[سورة نوح (71): الآيات 10 الى 12]

- ‌[سورة نوح (71): الآيات 13 الى 14]

- ‌[سورة نوح (71): الآيات 15 الى 16]

- ‌[سورة نوح (71): الآيات 17 الى 18]

- ‌[سورة نوح (71): الآيات 19 الى 20]

- ‌[سورة نوح (71): آية 21]

- ‌[سورة نوح (71): آية 22]

- ‌[سورة نوح (71): الآيات 23 الى 24]

- ‌[سورة نوح (71): آية 25]

- ‌[سورة نوح (71): الآيات 26 الى 27]

- ‌[سورة نوح (71): آية 28]

الفصل: ‌[سورة القلم (68): الآيات 10 الى 13]

قُلْتُ: كُلُّهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى صَحِيحَةٌ عَلَى مُقْتَضَى اللُّغَةِ وَالْمَعْنَى، فَإِنَّ الِادِّهَانَ: اللِّينُ وَالْمُصَانَعَةُ. وَقِيلَ: مُجَامَلَةُ الْعَدُوِّ مُمَايَلَتُهُ. وَقِيلَ: الْمُقَارَبَةُ فِي الْكَلَامِ وَالتَّلْيِينُ فِي الْقَوْلِ. قَالَ الشَّاعِرُ:

لَبَعْضُ الْغَشْمِ أَحْزَمُ فِي أُمُورٍ

تَنُوبُكَ مِنْ مُدَاهَنَةِ الْعِدَهْ

وَقَالَ الْمُفَضَّلُ: النِّفَاقُ وَتَرْكُ الْمُنَاصَحَةِ. فَهِيَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مَذْمُومَةٌ، وَعَلَى الْوَجْهِ الأول غير مذمومة، وكل شي مِنْهَا لَمْ يَكُنْ. قَالَ الْمُبَرِّدُ: يُقَالُ ادَّهَنَ فِي دِينِهِ وَدَاهَنَ فِي أَمْرِهِ، أَيْ خَانَ فِيهِ وَأَظْهَرَ خِلَافَ مَا يُضْمِرُ. وَقَالَ قَوْمٌ: دَاهَنْتُ بِمَعْنَى وَارَيْتُ، وَأَدْهَنْتُ بِمَعْنَى غَشَشْتُ، قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ. وَقَالَ: فَيُدْهِنُونَ فَسَاقَهُ عَلَى الْعَطْفِ، وَلَوْ جَاءَ بِهِ جَوَابُ النَّهْيِ لَقَالَ فَيُدْهِنُوا. وَإِنَّمَا أَرَادَ: إِنْ تَمَنَّوْا لَوْ فَعَلْتَ فَيَفْعَلُونَ مِثْلَ فِعْلِكَ، عَطْفًا لَا جَزَاءَ عَلَيْهِ وَلَا مُكَافَأَةَ، وإنما هو تمثيل وتنظير.

[سورة القلم (68): الآيات 10 الى 13]

وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَاّفٍ مَهِينٍ (10) هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ (11) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (12) عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ (13)

يَعْنِي الْأَخْنَسَ بْنَ شَرِيقٍ، فِي قَوْلِ الشَّعْبِيِّ وَالسُّدِّيِّ وَابْنِ إِسْحَاقَ. وَقِيلَ: الْأَسْوَدُ ابن عَبْدِ يَغُوثَ، أَوْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْأَسْوَدِ، قَالَهُ مُجَاهِدٌ. وَقِيلَ: الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَرَضَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَالًا وَحَلَفَ أَنْ يُعْطِيَهُ إِنْ رَجَعَ عَنْ دِينِهِ، قَالَهُ مُقَاتِلٌ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ أَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ. وَالْحَلَّافُ: الْكَثِيرُ الْحَلِفِ. وَالْمَهِينُ: الضَّعِيفُ الْقَلْبِ، عَنْ مُجَاهِدٍ. ابْنُ عَبَّاسٍ: الْكَذَّابُ. وَالْكَذَّابُ مَهِينٌ. وَقِيلَ: الْمِكْثَارُ فِي الشَّرِّ، قَالَهُ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: الْمَهِينُ الْفَاجِرُ الْعَاجِزُ. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ الْحَقِيرُ عِنْدَ اللَّهِ. وَقَالَ ابْنُ شَجَرَةَ: إِنَّهُ الذَّلِيلُ. الرُّمَّانِيُّ: الْمَهِينُ الْوَضِيعُ لِإِكْثَارِهِ مِنَ الْقَبِيحِ. وَهُوَ فَعِيلٌ مِنَ الْمَهَانَةِ بِمَعْنَى الْقِلَّةِ. وَهِيَ هُنَا الْقِلَّةُ فِي الرَّأْيِ وَالتَّمْيِيزِ. أَوْ هُوَ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مُفْعَلٍ، وَالْمَعْنَى مُهَانٌ. (هَمَّازٍ) قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: الْهَمَّازُ الَّذِي يَهْمِزُ النَّاسَ بِيَدِهِ وَيَضْرِبُهُمْ. وَاللَّمَّازُ بِاللِّسَانِ. وَقَالَ

ص: 231

الْحَسَنُ: هُوَ الَّذِي يَهْمِزُ نَاحِيَةً فِي الْمَجْلِسِ، كقول تعالى: هُمَزَةٍ. [الهمزة: 1]. وَقِيلَ: الْهَمَّازُ الَّذِي يَذْكُرُ النَّاسَ فِي وُجُوهِهِمْ. وَاللَّمَّازُ الَّذِي يَذْكُرُهُمْ فِي مَغِيبِهِمْ، قَالَهُ أَبُو العالية وعطاء ابن أَبِي رَبَاحٍ وَالْحَسَنُ أَيْضًا. وَقَالَ مُقَاتِلٌ ضِدَّ هذا الكلام: إن الهمزة الذي يغتاب بالغيبة. وَاللُّمَزَةُ الَّذِي يَغْتَابُ فِي الْوَجْهِ. وَقَالَ مُرَّةُ: هُمَا سَوَاءٌ. وَهُوَ الْقَتَّاتُ الطَّعَّانُ لِلْمَرْءِ إِذَا غَابَ. وَنَحْوَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةُ. قَالَ الشَّاعِرُ:

تُدْلِي بِوُدٍّ إِذَا لَاقَيْتَنِي كَذِبًا

وَإِنْ أَغِبْ فَأَنْتَ الْهَامِزُ اللُّمَزَهْ

(مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ) أَيْ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ بَيْنَ النَّاسِ لِيُفْسِدَ بَيْنَهُمْ. يُقَالُ: نَمَّ يَنِمُّ نَمًّا وَنَمِيمًا وَنَمِيمَةً، أَيْ يَمْشِي وَيَسْعَى بِالْفَسَادِ. وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَجُلًا يَنِمُّ الْحَدِيثَ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ نَمَّامٌ). وَقَالَ الشَّاعِرُ:

وَمَوْلًى كَبَيْتِ النَّمْلِ لَا خَيْرَ عِنْدَهُ

لِمَوْلَاهُ إِلَّا سَعْيُهُ بِنَمِيمِ

قَالَ الْفَرَّاءُ: هُمَا لُغَتَانِ. وَقِيلَ: النَّمِيمُ جَمْعُ نَمِيمَةٍ. (مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ) أَيْ لِلْمَالِ أَنْ يُنْفَقَ فِي وُجُوهِهِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَمْنَعُ عَنِ الْإِسْلَامِ وَلَدَهُ وَعَشِيرَتَهُ. وَقَالَ الْحَسَنُ: يَقُولُ لَهُمْ مَنْ دَخَلَ مِنْكُمْ فِي دِينِ مُحَمَّدٍ لَا أَنْفَعُهُ بِشَيْءٍ أَبَدًا. (مُعْتَدٍ) أَيْ عَلَى النَّاسِ فِي الظُّلْمِ، مُتَجَاوِزٍ لِلْحَدِّ، صَاحِبِ بَاطِلٍ. (أَثِيمٍ) أَيْ ذِي إِثْمٍ، وَمَعْنَاهُ أَثُومٌ، «1» فَهُوَ فَعِيلٌ بِمَعْنَى فَعُولٍ. (عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ) الْعُتُلُّ الْجَافِي الشَّدِيدُ فِي كُفْرِهِ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ وَالْفَرَّاءُ: هُوَ الشَّدِيدُ الْخُصُومَةِ بِالْبَاطِلِ. وَقِيلَ: إِنَّهُ الَّذِي يَعْتَلُّ النَّاسُ فَيَجُرُّهُمْ إِلَى حَبْسٍ أَوْ عَذَابٍ. مَأْخُوذٌ مِنَ الْعَتْلِ وَهُوَ الْجَرُّ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ «2» [الدخان: 47]. وَفِي الصِّحَاحِ: وَعَتَلْتُ الرَّجُلَ أَعْتِلُهُ وَأَعْتُلُهُ إِذَا جَذَبْتُهُ جَذْبًا عَنِيفًا. وَرَجُلٌ مِعْتَلٌ (بِالْكَسْرِ). وَقَالَ يَصِفُ «3» فَرَسًا:

نَفْرَعُهُ فَرْعًا وَلَسْنَا نَعْتِلُهُ

قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: عَتَلَهُ وَعَتَنَهُ، بِاللَّامِ وَالنُّونِ جَمِيعًا. والعتل الغليظ الجافي. والعتل أيضا:

(1). في الأصول:" مأثوم".

(2)

. راجع ج 16 ص (15)

(3)

. هو أبو النجم الراجز. وفرع فرسه فرعا: كبحه وكفه.

ص: 232

الرُّمْحُ الْغَلِيظُ. وَرَجُلٌ عَتِلٌ (بِالْكَسْرِ) بَيِّنُ الْعَتَلِ، أَيْ سَرِيعٌ إِلَى الشَّرِّ. وَيُقَالُ: لَا أَنْعَتِلُ مَعَكَ، أَيْ لَا أَبْرَحُ مَكَانِي. وَقَالَ عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ: الْعُتُلُّ الْأَكُولُ الشَّرُوبُ الْقَوِيُّ الشَّدِيدُ يُوضَعُ فِي الْمِيزَانِ فَلَا يَزِنُ شَعِيرَةً، يَدْفَعُ الْمَلَكُ مِنْ أُولَئِكَ فِي جَهَنَّمَ بِالدَّفْعَةِ الْوَاحِدَةِ سَبْعِينَ أَلْفًا. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَالْحَسَنُ: الْعُتُلُّ الْفَاحِشُ السَّيِّئُ الْخُلُقِ. وَقَالَ مَعْمَرٌ: هُوَ الْفَاحِشُ اللَّئِيمُ. قَالَ الشَّاعِرُ:

بِعُتُلٍّ مِنَ الرِّجَالِ زَنِيمِ

غَيْرِ ذِي نَجْدَةٍ وَغَيْرِ كَرِيمِ

وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ حَارِثَةَ بْنِ وَهْبٍ سَمِعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ الْجَنَّةِ- قَالُوا بَلَى قَالَ- كُلُّ ضَعِيفٍ مُتَضَعِّفٍ «1» لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ. أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ النَّارِ- قَالُوا بَلَى قَالَ- كُلُّ عُتُلٍّ جَوَّاظٍ مُسْتَكْبِرٍ (. فِي رِوَايَةِ عَنْهُ (كُلُّ جَوَّاظٍ زَنِيمٍ مُتَكَبِّرٍ). الْجَوَّاظُ: قِيلَ هُوَ الْجَمُوعُ الْمَنُوعُ. وَقِيلَ الْكَثِيرُ اللَّحْمِ الْمُخْتَالُ فِي مِشْيَتِهِ. وَذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ، وَرَوَاهُ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:(لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ جَوَّاظٌ وَلَا جَعْظَرِيٌّ وَلَا الْعُتُلُّ الزَّنِيمُ). فَقَالَ رَجُلٌ: مَا الْجَوَّاظُ وَمَا الْجَعْظَرِيُّ وَمَا الْعُتُلُّ الزَّنِيمُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (الْجَوَّاظُ الَّذِي جَمَعَ وَمَنَعَ. وَالْجَعْظَرِيُّ الْغَلِيظُ. وَالْعُتُلُّ الزَّنِيمُ الشَّدِيدُ الْخَلْقِ الرَّحِيبُ الْجَوْفِ الْمُصَحَّحُ الْأَكُولُ الشَّرُوبُ الْوَاجِدُ لِلطَّعَامِ الظَّلُومُ لِلنَّاسِ (. وَذَكَرَهُ الثَّعْلَبِيُّ عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ:) لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ جَوَّاظٌ وَلَا جَعْظَرِيٌّ وَلَا عُتُلٌّ زَنِيمٌ) سَمِعْتُهُنَّ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قُلْتُ: وَمَا الْجَوَّاظُ؟ قَالَ: الْجَمَّاعُ الْمَنَّاعُ. قُلْتُ: وَمَا الْجَعْظَرِيُّ؟ قَالَ: الْفَظُّ الْغَلِيظُ. قُلْتُ: وَمَا الْعُتُلُّ الزَّنِيمُ؟ قَالَ: الرَّحِيبُ الْجَوْفِ الْوَثِيرُ الْخَلْقِ الْأَكُولُ الشَّرُوبُ الْغَشُومُ الظَّلُومُ. قُلْتُ: فَهَذَا التَّفْسِيرُ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْعُتُلِّ قَدْ أَرْبَى عَلَى أَقْوَالِ الْمُفَسِّرِينَ. وَوَقَعَ فِي كِتَابِ أَبِي دَاوُدَ فِي تَفْسِيرِ الْجَوَّاظِ أَنَّهُ الْفَظُّ الْغَلِيظُ. ذَكَرَهُ مِنْ حَدِيثِ حَارِثَةَ بْنِ وَهْبٍ

(1). روى بكسر العين وفتحها. والمشهور الفتح. ومعناه: يستضعفه الناس ويحقرونه ويتجبرون عليه لضعف حاله في الدنيا. ورواية الكسر معناها: متواضع متذلل خامل واضع من نفسه. قال القاضي: وقد يكون الضعف هنا رقة القلوب ولينها وإخباتها للايمان. [ ..... ]

ص: 233

الْخُزَاعِيُّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ الْجَوَّاظُ وَلَا الْجَعْظَرِيُّ) قَالَ: وَالْجَوَّاظُ الْفَظُّ الْغَلِيظُ. فَفِيهِ تَفْسِيرَانِ مَرْفُوعَانِ حَسْبَ مَا ذَكَرْنَاهُ أَوَّلًا. وَقَدْ قِيلَ: إنه ألجأ في القب وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (تَبْكِي السَّمَاءُ مِنْ رَجُلٍ أَصَحَّ اللَّهُ جِسْمَهُ وَرَحَّبَ جَوْفَهُ وَأَعْطَاهُ مِنَ الدُّنْيَا بَعْضًا فَكَانَ لِلنَّاسِ ظَلُومًا فَذَلِكَ الْعُتُلُّ الزَّنِيمُ. وَتَبْكِي السَّمَاءُ مِنَ الشَّيْخِ الزَّانِي مَا تَكَادُ الْأَرْضُ تُقِلُّهُ (. وَالزَّنِيمُ الْمُلْصَقُ بِالْقَوْمِ الدَّعِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ. قَالَ الشَّاعِرُ:

زَنِيمٌ تَدَاعَاهُ الرِّجَالُ زِيَادَةً

كَمَا زِيدَ فِي عَرْضِ الْأَدِيمِ الْأَكَارِعُ

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا: أَنَّهُ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ كَانَتْ لَهُ زَنَمَةٌ كَزَنَمَةِ الشَّاةِ. وَرَوَى عَنْهُ ابْنُ جُبَيْرٍ. أَنَّهُ الَّذِي يُعْرَفُ بِالشَّرِّ كَمَا تُعْرَفُ الشَّاةُ بِزَنَمَتِهَا. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: هُوَ اللَّئِيمُ الَّذِي يُعْرَفُ بِلُؤْمِهِ كَمَا تُعْرَفُ الشَّاةُ بِزَنَمَتِهَا. وَقِيلَ: إِنَّهُ الَّذِي يَعْرِفُ بِالْأُبْنَةِ. وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا. وَعَنْهُ أَنَّهُ الظَّلُومُ. فَهَذِهِ سِتَّةُ أَقْوَالٍ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: زَنِيمٌ كَانَتْ لَهُ سِتَّةُ أَصَابِعَ فِي يَدِهِ، فِي كُلِّ إِبْهَامِ لَهُ إِصْبَعٌ زَائِدَةٌ. وَعَنْهُ أَيْضًا وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَعِكْرِمَةُ: هو ولد الزنى الْمُلْحَقُ فِي النَّسَبِ بِالْقَوْمِ. وَكَانَ الْوَلِيدُ «1» دَعِيًّا فِي قُرَيْشٍ لَيْسَ مِنْ سِنْخِهِمْ، «2» ادَّعَاهُ أَبُوهُ بَعْدَ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً مِنْ مَوْلِدِهِ. قَالَ الشَّاعِرُ:

زَنِيمٌ لَيْسَ يُعْرَفُ مَنْ أَبَوْهُ

بَغِيِّ الْأُمِّ ذُو حَسَبٍ لَئِيمِ

وَقَالَ حَسَّانُ:

وَأَنْتَ زَنِيمٌ نِيطَ فِي آلِ هَاشِمٍ

كَمَا نِيطَ خَلْفَ الرَّاكِبِ الْقَدَحُ الْفَرْدُ

قُلْتُ: وَهَذَا هُوَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ بِعَيْنِهِ. وَعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّهُ الَّذِي لَا أَصْلَ لَهُ، وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ. وَرُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:(لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ وَلَدُ زنى وَلَا وَلَدُهُ وَلَا وَلَدُ وَلَدِهِ). وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إن أولاد الزنى يُحْشَرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي صُورَةِ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ). وقالت ميمونة: سمعت النبي

(1). هو الوليد بن المغيرة المخزومي.

(2)

. السنخ (بالكسر والخاء المعجمة): الأصل.

ص: 234