المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة الحشر (59): آية 23] - تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن - جـ ١٨

[القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌[تفسير سورة الحشر]

- ‌[سورة الحشر (59): آية 1]

- ‌[سورة الحشر (59): آية 2]

- ‌[سورة الحشر (59): الآيات 3 الى 4]

- ‌[سورة الحشر (59): آية 5]

- ‌[سورة الحشر (59): الآيات 6 الى 7]

- ‌[سورة الحشر (59): آية 8]

- ‌[سورة الحشر (59): آية 9]

- ‌[سورة الحشر (59): آية 10]

- ‌[سورة الحشر (59): آية 11]

- ‌[سورة الحشر (59): آية 12]

- ‌[سورة الحشر (59): آية 13]

- ‌[سورة الحشر (59): آية 14]

- ‌[سورة الحشر (59): آية 15]

- ‌[سورة الحشر (59): الآيات 16 الى 17]

- ‌[سورة الحشر (59): آية 18]

- ‌[سورة الحشر (59): آية 19]

- ‌[سورة الحشر (59): آية 20]

- ‌[سورة الحشر (59): آية 21]

- ‌[سورة الحشر (59): آية 22]

- ‌[سورة الحشر (59): آية 23]

- ‌[سورة الحشر (59): آية 24]

- ‌[تفسير سورة الممتحنة]

- ‌[سورة الممتحنة (60): آيَةً 1]

- ‌[سورة الممتحنة (60): آية 2]

- ‌[سورة الممتحنة (60): آية 3]

- ‌[سورة الممتحنة (60): الآيات 4 الى 5]

- ‌[سورة الممتحنة (60): الآيات 6 الى 7]

- ‌[سورة الممتحنة (60): آية 8]

- ‌[سورة الممتحنة (60): آية 9]

- ‌[سورة الممتحنة (60): آية 10]

- ‌[سورة الممتحنة (60): آية 11]

- ‌[سورة الممتحنة (60): آية 12]

- ‌[سورة الممتحنة (60): آية 13]

- ‌[تفسير سورة الصف]

- ‌[سورة الصف (61): آية 1]

- ‌[سورة الصف (61): الآيات 2 الى 3]

- ‌[سورة الصف (61): آية 4]

- ‌[سورة الصف (61): آية 5]

- ‌[سورة الصف (61): آية 6]

- ‌[سورة الصف (61): آية 7]

- ‌[سورة الصف (61): آية 8]

- ‌[سورة الصف (61): آية 9]

- ‌[سورة الصف (61): الآيات 10 الى 13]

- ‌[سورة الصف (61): آية 14]

- ‌[تفسير سورة الجمعة]

- ‌[سورة الجمعة (62): آية 1]

- ‌[سورة الجمعة (62): آية 2]

- ‌[سورة الجمعة (62): آية 3]

- ‌[سورة الجمعة (62): آية 4]

- ‌[سورة الجمعة (62): آية 5]

- ‌[سورة الجمعة (62): الآيات 6 الى 7]

- ‌[سورة الجمعة (62): آية 8]

- ‌[سورة الجمعة (62): آية 9]

- ‌[سورة الجمعة (62): آية 10]

- ‌[سورة الجمعة (62): آية 11]

- ‌[تفسير سورة المنافقين]

- ‌[سورة المنافقون (63): آيَةً 1]

- ‌[سورة المنافقون (63): آية 2]

- ‌[سورة المنافقون (63): آية 3]

- ‌[سورة المنافقون (63): آية 4]

- ‌[سورة المنافقون (63): آية 5]

- ‌[سورة المنافقون (63): آية 6]

- ‌[سورة المنافقون (63): آية 7]

- ‌[سورة المنافقون (63): آية 8]

- ‌[سورة المنافقون (63): آية 9]

- ‌[سورة المنافقون (63): الآيات 10 الى 11]

- ‌[تفسير سورة التغابن]

- ‌[سورة التغابن (64): آية 1]

- ‌[سورة التغابن (64): آية 2]

- ‌[سورة التغابن (64): آية 3]

- ‌[سورة التغابن (64): آية 4]

- ‌[سورة التغابن (64): آية 5]

- ‌[سورة التغابن (64): آية 6]

- ‌[سورة التغابن (64): آية 7]

- ‌[سورة التغابن (64): آية 8]

- ‌[سورة التغابن (64): آية 9]

- ‌[سورة التغابن (64): آية 10]

- ‌[سورة التغابن (64): آية 11]

- ‌[سورة التغابن (64): الآيات 12 الى 13]

- ‌[سورة التغابن (64): آية 14]

- ‌[سورة التغابن (64): آية 15]

- ‌[سورة التغابن (64): الآيات 16 الى 17]

- ‌[سورة التغابن (64): آية 18]

- ‌[تفسير سورة الطلاق]

- ‌[سورة الطلاق (65): آيَةً 1]

- ‌[سورة الطلاق (65): الآيات 2 الى 3]

- ‌[سورة الطلاق (65): الآيات 4 الى 5]

- ‌[سورة الطلاق (65): آية 6]

- ‌[سورة الطلاق (65): آية 7]

- ‌[سورة الطلاق (65): الآيات 8 الى 11]

- ‌[سورة الطلاق (65): آية 12]

- ‌[تفسير سورة التحريم]

- ‌[سورة التحريم (66): آيَةً 1]

- ‌[سورة التحريم (66): آية 2]

- ‌[سورة التحريم (66): آية 3]

- ‌[سورة التحريم (66): آية 4]

- ‌[سورة التحريم (66): آية 5]

- ‌[سورة التحريم (66): آية 6]

- ‌[سورة التحريم (66): آية 7]

- ‌[سورة التحريم (66): آية 8]

- ‌[سورة التحريم (66): آية 9]

- ‌[سورة التحريم (66): آية 10]

- ‌[سورة التحريم (66): آية 11]

- ‌[سورة التحريم (66): آية 12]

- ‌[تفسير سورة الملك]

- ‌[سورة الملك (67): آية 1]

- ‌[سورة الملك (67): آية 2]

- ‌[سورة الملك (67): آية 3]

- ‌[سورة الملك (67): آية 4]

- ‌[سورة الملك (67): الآيات 5 الى 6]

- ‌[سورة الملك (67): آية 7]

- ‌[سورة الملك (67): الآيات 8 الى 11]

- ‌[سورة الملك (67): آية 12]

- ‌[سورة الملك (67): الآيات 13 الى 14]

- ‌[سورة الملك (67): آية 15]

- ‌[سورة الملك (67): آية 16]

- ‌[سورة الملك (67): آية 17]

- ‌[سورة الملك (67): آية 18]

- ‌[سورة الملك (67): آية 19]

- ‌[سورة الملك (67): آية 20]

- ‌[سورة الملك (67): آية 21]

- ‌[سورة الملك (67): آية 22]

- ‌[سورة الملك (67): آية 23]

- ‌[سورة الملك (67): الآيات 24 الى 25]

- ‌[سورة الملك (67): آية 26]

- ‌[سورة الملك (67): آية 27]

- ‌[سورة الملك (67): آية 28]

- ‌[سورة الملك (67): آية 29]

- ‌[سورة الملك (67): آية 30]

- ‌[تفسير سورة ن والقلم]

- ‌[سورة القلم (68): الآيات 1 الى 3]

- ‌[سورة القلم (68): آية 4]

- ‌[سورة القلم (68): الآيات 5 الى 7]

- ‌[سورة القلم (68): آية 8]

- ‌[سورة القلم (68): آية 9]

- ‌[سورة القلم (68): الآيات 10 الى 13]

- ‌[سورة القلم (68): الآيات 14 الى 15]

- ‌[سورة القلم (68): آية 16]

- ‌[سورة القلم (68): الآيات 17 الى 19]

- ‌[سورة القلم (68): الآيات 20 الى 22]

- ‌[سورة القلم (68): الآيات 23 الى 25]

- ‌[سورة القلم (68): الآيات 26 الى 27]

- ‌[سورة القلم (68): الآيات 28 الى 32]

- ‌[سورة القلم (68): آية 33]

- ‌[سورة القلم (68): الآيات 34 الى 39]

- ‌[سورة القلم (68): الآيات 40 الى 41]

- ‌[سورة القلم (68): الآيات 42 الى 43]

- ‌[سورة القلم (68): الآيات 44 الى 45]

- ‌[سورة القلم (68): آية 46]

- ‌[سورة القلم (68): آية 47]

- ‌[سورة القلم (68): آية 48]

- ‌[سورة القلم (68): الآيات 49 الى 50]

- ‌[سورة القلم (68): آية 51]

- ‌[سورة القلم (68): آية 52]

- ‌[تفسير سورة الحاقة]

- ‌[سورة الحاقة (69): الآيات 1 الى 3]

- ‌[سورة الحاقة (69): آية 4]

- ‌[سورة الحاقة (69): آية 5]

- ‌[سورة الحاقة (69): الآيات 6 الى 7]

- ‌[سورة الحاقة (69): آية 8]

- ‌[سورة الحاقة (69): آية 9]

- ‌[سورة الحاقة (69): آية 10]

- ‌[سورة الحاقة (69): الآيات 11 الى 12]

- ‌[سورة الحاقة (69): آية 13]

- ‌[سورة الحاقة (69): آية 14]

- ‌[سورة الحاقة (69): الآيات 15 الى 17]

- ‌[سورة الحاقة (69): آية 18]

- ‌[سورة الحاقة (69): الآيات 19 الى 34]

- ‌[سورة الحاقة (69): الآيات 35 الى 37]

- ‌[سورة الحاقة (69): الآيات 38 الى 40]

- ‌[سورة الحاقة (69): الآيات 41 الى 42]

- ‌[سورة الحاقة (69): آية 43]

- ‌[سورة الحاقة (69): الآيات 44 الى 46]

- ‌[سورة الحاقة (69): الآيات 47 الى 48]

- ‌[سورة الحاقة (69): الآيات 49 الى 52]

- ‌[تفسير سورة المعارج]

- ‌[سورة المعارج (70): الآيات 1 الى 4]

- ‌[سورة المعارج (70): الآيات 5 الى 7]

- ‌[سورة المعارج (70): الآيات 8 الى 10]

- ‌[سورة المعارج (70): الآيات 11 الى 14]

- ‌[سورة المعارج (70): الآيات 15 الى 18]

- ‌[سورة المعارج (70): الآيات 19 الى 21]

- ‌[سورة المعارج (70): الآيات 22 الى 35]

- ‌[سورة المعارج (70): الآيات 36 الى 39]

- ‌[سورة المعارج (70): الآيات 40 الى 41]

- ‌[سورة المعارج (70): آية 42]

- ‌[سورة المعارج (70): آية 43]

- ‌[سورة المعارج (70): آية 44]

- ‌[تفسير سورة نوح]

- ‌[سورة نوح (71): آيَةً 1]

- ‌[سورة نوح (71): الآيات 2 الى 4]

- ‌[سورة نوح (71): الآيات 5 الى 6]

- ‌[سورة نوح (71): آية 7]

- ‌[سورة نوح (71): الآيات 8 الى 9]

- ‌[سورة نوح (71): الآيات 10 الى 12]

- ‌[سورة نوح (71): الآيات 13 الى 14]

- ‌[سورة نوح (71): الآيات 15 الى 16]

- ‌[سورة نوح (71): الآيات 17 الى 18]

- ‌[سورة نوح (71): الآيات 19 الى 20]

- ‌[سورة نوح (71): آية 21]

- ‌[سورة نوح (71): آية 22]

- ‌[سورة نوح (71): الآيات 23 الى 24]

- ‌[سورة نوح (71): آية 25]

- ‌[سورة نوح (71): الآيات 26 الى 27]

- ‌[سورة نوح (71): آية 28]

الفصل: ‌[سورة الحشر (59): آية 23]

وَعِيدِهِ وَقِيلَ: الْخِطَابُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَيْ لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ يَا مُحَمَّدُ عَلَى جَبَلٍ لَمَا ثَبَتَ، وَتَصَدَّعَ مِنْ نُزُولِهِ عَلَيْهِ، وَقَدْ أَنْزَلْنَاهُ عَلَيْكَ وَثَبَّتْنَاكَ لَهُ، فَيَكُونُ ذَلِكَ امْتِنَانًا عَلَيْهِ أَنْ ثَبَّتَهُ لِمَا لَا تَثْبُتُ لَهُ الْجِبَالُ. وَقِيلَ: إِنَّهُ خِطَابٌ لِلْأُمَّةِ، وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَوْ أَنْذَرَ بِهَذَا الْقُرْآنِ الْجِبَالَ لَتَصَدَّعَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ. وَالْإِنْسَانُ أَقَلُّ قُوَّةً وَأَكْثَرُ ثَبَاتًا، فَهُوَ يَقُومُ بِحَقِّهِ إِنْ أَطَاعَ، وَيَقْدِرُ عَلَى رَدِّهِ إِنْ عَصَى، لأنه موعود بالثواب، ومزجور بالعقاب.

[سورة الحشر (59): آية 22]

هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلهَ إِلَاّ هُوَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ (22)

قَوْلُهُ تَعَالَى: (هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: عَالِمُ السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ. وَقِيلَ: مَا كَانَ وَمَا يَكُونُ. وَقَالَ سَهْلٌ. عَالِمٌ بِالْآخِرَةِ وَالدُّنْيَا. وَقِيلَ: الْغَيْبِ مَا لَمْ يَعْلَمُ الْعِبَادُ وَلَا عَايَنُوهُ. وَالشَّهادَةِ مَا عَلِمُوا وَشَاهَدُوا. (هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ) تقدم».

[سورة الحشر (59): آية 23]

هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلهَ إِلَاّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (23)

قَوْلُهُ تَعَالَى: (هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ) أَيِ الْمُنَزَّهُ عَنْ كُلِّ نَقْصٍ، وَالطَّاهِرُ عَنْ كُلِّ عَيْبٍ. وَالْقَدَسُ (بِالتَّحْرِيكِ): السَّطْلُ بِلُغَةِ أَهْلِ الْحِجَازِ، لِأَنَّهُ يُتَطَهَّرُ بِهِ. وَمِنْهُ الْقَادُوسُ لِوَاحِدِ الْأَوَانِي الَّتِي يُسْتَخْرَجُ بِهَا الْمَاءُ مِنَ الْبِئْرِ بِالسَّانِيَةِ «2». وَكَانَ سِيبَوَيْهِ يَقُولُ: قَدُّوسٌ وَسَبُّوحٌ، بِفَتْحِ أَوَّلِهِمَا. وَحَكَى أَبُو حَاتِمٍ عَنْ يَعْقُوبَ أَنَّهُ سَمِعَ عِنْدَ الْكِسَائِيِّ أَعْرَابِيًّا فَصِيحًا يُكْنَى أَبَا الدِّينَارِ يَقْرَأُ الْقُدُّوسُ بِفَتْحِ الْقَافِ. قال ثعلب: كل اسم على

(1). راجع ج 1 ص 103.

(2)

. من معنى السانية: الدلو وأدواته. والمراد هنا الأدوات إلى يستخرج بها الماء.

ص: 45

فَعُّولٍ فَهُوَ مَفْتُوحُ الْأَوَّلِ، مِثْلَ سَفُّودٍ «1» وَكَلُّوبٍ وَتَنُّورٍ وَسَمُّورٍ وَشَبُّوطٍ، إِلَّا السُّبُّوحَ وَالْقُدُّوسَ فَإِنَّ الضَّمَّ فِيهِمَا أَكْثَرُ، وَقَدْ يُفْتَحَانِ. وَكَذَلِكَ الذُّرُّوحُ «2» بِالضَّمِّ وَقَدْ يُفْتَحُ. (السَّلامُ) أَيْ ذُو السَّلَامَةِ مِنَ النَّقَائِصِ. وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ عَلَى أَنَّ مَعْنَى قَوْلِنَا فِي اللَّهِ السَّلامُ: النِّسْبَةُ، تَقْدِيرُهُ ذُو السَّلَامَةِ. ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي تَرْجَمَةِ النِّسْبَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ: الْأَوَّلُ: مَعْنَاهُ الَّذِي سَلِمَ مِنْ كُلِّ عيب وبرئ من كل نقصى. الثَّانِي: مَعْنَاهُ ذُو السَّلَامِ، أَيِ الْمُسَلِّمُ عَلَى عِبَادِهِ فِي الْجَنَّةِ، كَمَا قَالَ: سَلامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ [يس: 58]. الثَّالِثُ: أَنَّ مَعْنَاهُ الَّذِي سَلِمَ الْخَلْقُ مِنْ ظُلْمِهِ. قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ الْخَطَّابِيِّ، وَعَلَيْهِ وَالَّذِي قبله يكون صفة فعل. وعلى أنه البرئ مِنَ الْعُيُوبِ وَالنَّقَائِصِ يَكُونُ صِفَةَ ذَاتٍ. وَقِيلَ: السَّلامُ مَعْنَاهُ الْمُسَلِّمُ لِعِبَادِهِ. الْمُؤْمِنُ) أَيِ الْمُصَدِّقُ لِرُسُلِهِ بِإِظْهَارِ مُعْجِزَاتِهِ عَلَيْهِمْ وَمُصَدِّقُ الْمُؤْمِنِينَ مَا وَعَدَهُمْ بِهِ مِنَ الثَّوَابِ وَمُصَدِّقُ الْكَافِرِينَ مَا أَوْعَدَهُمْ مِنَ الْعِقَابِ. وَقِيلَ: الْمُؤْمِنُ الَّذِي يُؤْمِنُ أَوْلِيَاءَهُ مِنْ عَذَابِهِ وَيُؤْمِنُ عِبَادَهُ مِنْ ظُلْمِهِ، يُقَالُ: آمَنَهُ مِنَ الْأَمَانِ الَّذِي هُوَ ضِدُّ الْخَوْفِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ «3» [قريش: 4] فَهُوَ مُؤْمِنٌ، قَالَ النَّابِغَةُ:

وَالْمُؤْمِنُ الْعَائِذَاتِ الطَّيْرَ يَمْسَحُهَا

رُكْبَانُ مَكَّةَ بَيْنَ الْغِيلِ وَالسَّنَدِ «4»

وَقَالَ مجاهد: المؤمن الذي وحد نفسه بقول: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ «5» [آل عمران: 18]. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ أُخْرِجَ أَهْلُ التَّوْحِيدِ مِنَ النَّارِ. وَأَوَّلُ مَنْ يَخْرُجُ مَنْ وَافَقَ اسْمُهُ اسْمَ نَبِيٍّ، حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ فِيهَا مَنْ يُوَافِقُ اسْمُهُ اسْمَ نَبِيٍّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِبَاقِيهِمْ: أَنْتُمُ

(1). السفود: حديدة يشوى عليها اللحم، والجمع سفافيد. والكلوب: حديدة معطوفة كالخطاف. والتنور: الكانون يخبز فيه. والسمور: حيوان برى يشبه السنور يتخذ من جلده فراء ثمينة للينها وخفتها وادفائها وحسنها. والشبوط: سمك رقيق الذنب عريض الوسط لين المس صغير الرأس. والجمع شبابيط.

(2)

. الذروح: دويبة حمراء منقطة بسواد تطير، وهى من السموم القاتلة. [ ..... ]

(3)

. راجع ج 20 ص 209.

(4)

. العائذات: ما عاذ بالبيت من الطير. والغيل: الشجر الكثير الملتف. والسند: ما قابلك من الجبل وعلا عن السفح.

(5)

. راجع ج 4 ص 40.

ص: 46

الْمُسْلِمُونَ وَأَنَا السَّلَامُ، وَأَنْتُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَنَا الْمُؤْمِنُ، فَيُخْرِجُهُمْ مِنَ النَّارِ بِبَرَكَةِ هَذَيْنَ الِاسْمَيْنِ. (الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ) تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي الْمُهَيْمِنِ فِي" الْمَائِدَةِ"«1» وَفِي الْعَزِيزُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ «2» ، (الْجَبَّارُ) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ الْعَظِيمُ. وَجَبَرُوتُ اللَّهِ عَظَمَتُهُ. وَهُوَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ صِفَةُ ذَاتٍ، مِنْ قَوْلِهِمْ: نَخْلَةٌ جَبَّارَةٌ. قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:

سَوَامِقُ جَبَّارٍ أَثِيثٌ فُرُوعُهُ

وَعَالِينَ قِنْوَانًا مِنَ الْبُسْرِ أَحْمَرَا «3»

يَعْنِي النَّخْلَةَ الَّتِي فَاتَتِ الْيَدَ. فَكَانَ هَذَا الِاسْمُ يَدُلُّ عَلَى عَظَمَةِ اللَّهِ وَتَقْدِيسِهِ عَنْ أَنْ تَنَالَهُ النَّقَائِصُ وَصِفَاتُ الْحَدَثِ. وَقِيلَ: هُوَ مِنَ الْجَبْرِ وَهُوَ الْإِصْلَاحُ، يُقَالُ: جَبَرْتُ الْعَظْمَ فَجَبَرَ، إِذَا أَصْلَحْتُهُ بَعْدَ الْكَسْرِ، فَهُوَ فَعَّالٌ مِنْ جَبَرَ إِذَا أَصْلَحَ الْكَسِيرَ وَأَغْنَى الْفَقِيرَ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: هُوَ مِنْ أَجْبَرَهُ عَلَى الْأَمْرِ أَيْ قَهَرَهُ. قَالَ: وَلَمْ أَسْمَعْ فَعَّالًا مِنْ أَفْعَلَ إِلَّا فِي جَبَّارٍ وَدَرَّاكٍ مِنْ أَدْرَكَ. وَقِيلَ: الْجَبَّارُ الَّذِي لَا تُطَاقُ سَطْوَتُهُ. (الْمُتَكَبِّرُ) الذي تكبر بربوبيته فلا شي مِثْلَهُ. وَقِيلَ: الْمُتَكَبِّرُ عَنْ كُلِّ سُوءٍ الْمُتَعَظِّمُ عَمَّا لَا يَلِيقُ بِهِ مِنْ صِفَاتِ الْحَدَثِ وَالذَّمِّ. وَأَصْلُ الْكِبْرِ وَالْكِبْرِيَاءِ الِامْتِنَاعُ وَقِلَّةُ الِانْقِيَادِ. وقال حميد بن ثور:

عفت مئل مَا يَعْفُو الْفَصِيلُ فَأَصْبَحَتْ

بِهَا كِبْرِيَاءُ الصَّعْبِ وَهِيَ ذَلُولُ

وَالْكِبْرِيَاءُ فِي صِفَاتِ اللَّهِ مَدْحٌ، وَفِي صِفَاتِ الْمَخْلُوقِينَ ذَمٌّ. وَفِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِيمَا يَرْوِيهِ عَنْ رَبِّهِ تبارك وتعالى أَنَّهُ قَالَ:(الْكِبْرِيَاءُ رِدَائِي وَالْعَظَمَةُ إِزَارِي فَمَنْ نَازَعَنِي فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَصَمْتُهُ ثُمَّ قَذَفْتُهُ فِي النَّارِ (. وَقِيلَ: الْمُتَكَبِّرُ مَعْنَاهُ الْعَالِي. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ الْكَبِيرُ لِأَنَّهُ أَجَلُّ مِنْ أَنْ يَتَكَلَّفَ كِبْرًا. وَقَدْ يُقَالُ: تَظَلَّمَ بِمَعْنَى ظَلَمَ، وَتَشَتَّمَ بِمَعْنَى شَتَمَ، وَاسْتَقَرَّ بِمَعْنَى قَرَّ. كَذَلِكَ الْمُتَكَبِّرُ بِمَعْنَى الْكَبِيرِ. وَلَيْسَ كَمَا يُوصَفُ بِهِ الْمَخْلُوقُ إِذَا وُصِفَ بِتَفَعَّلَ إِذَا نُسِبَ إِلَى مَا لَمْ يَكُنْ مِنْهُ. ثُمَّ نَزَّهَ نفسه فقال: (سُبْحانَ اللَّهِ) أي تنزيها لجلالته وعظمته عَمَّا يُشْرِكُونَ.

(1). راجع ج 6 ص 210.

(2)

. راجع ج 2 ص 131.

(3)

. سوامق: مرتفعات. والاثيث: الملتف. والقنوان: العذق.

ص: 47