الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والشارع صلى الله عليه وسلم لم يعذز قط في تأويل باطل. فقال - في أمر عبد الله بن حذاقة أمير السرية من تحته بدخول النار -: "لو دخلوها ما خرجوا منها إلى يوم القيامة، إنما الطاعة في المعروف". وقال - في المشجوج رأسه حيث أمروه بالغسل فمات - "قتلوه قاتلهم الله". وكيف غضب في تطويل معاذ رضي الله عنه صلاته بالقوم؟ وفي واقعة أخرى مثلها، لعلها لأبي بن كعب، وفي قتل خالد من قال:"صبأنا صبأنا" ولم يحسنوا أن يقولوا: "أسلمنا"، وفي قتل أسامة من قال:"لا إله إلا الله" فزعمها درأ لنفسه، وفي واقعة من أعتق عبيده عند الاحتضار ولم يكن له غيرهم. وغير ذلك من الوقائع. كالسؤال عن ضالة الإبل، مما كان التأويل فيها في غير محله، وعلى تعبير الفقهاء في فصل غير مجتهد فيه، بخلاف نحو ترك الصلاة عند الذهاب إلى بني قريظة، ومن صلى بالتيمم ثم وجد الماء في الوقت فتوضأ وأعاده ومن لم يعد فلم يعنف أحداً فيه، لأن التأويل فيه لم يكن قطعي البطلان، ولكم أسوة حسنة في رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله الهادي، ومن يضلل الله فما له من هاد.
تفسير الزندقة والإلحاد والباطنية وحكمها ثلاثتها واحد وهو الكفر
قال: التفتازاني في "مقاصد الطالبين في أصول الدين": الكافر إن أظهر الإيمان خص باسم "المنافق"، وإن كفر بعد الإسلام "فبالمرتد"، وإن قال بتعدد الآلهة "فبالمشرك"، وإن تدين ببعض الأديان "فبالكتابي" وإن أسند الحوادث إلى الزمان واعتقد قدمه
"فالبدهري"، وإن نفى الصانع فبالمعطل، وإن أبطن عقائد هي كفر بالإتفاق "فبالزنذيق".
وقال في شرحه: قد ظهر أن: "الكافر" اسم لمن لا إيمان له: فإن أظهر الإيمان خص باسم المنافق، وإن طرأ كفره بعد الإسلام خص باسم المرتد، لرجوعه عن الإسلام، وإن قال بإلهين أو أكثر. خص باسم المشرك، لإثباته الشريك في الألوهية، وإن كان متديناً ببعض الديان والكتب المنسوخة، خص باسم الكتابي، كاليهودي والنصراني، وإن كان يقول بقدم الدهر وإسناد الحوادث إليه، خص باسم الدهري، وإن كان لا يثبت الباري تعالى خص باسم المعطل، وإن كان مع اعترافه بنبوة النبي صلى الله عليه وسلم وإظهاره شعائر الإسلام يبطن عقائد هي كفر بالإتفاق، خص باسم الزنيدق، وهو في الأصل منسوب إلى: الزند، اسم كتاب أظهر مزدك أيام قباد: وزعم أنه تأويل كتاب المجوس الذي جاء به زرادشت. الذي يزعمون أنه نبيهم.
قوله: "المعروف" اهـ. فإن الزنديق يموه يكفره، ويروج عقيدته الفاسدة، ويخرجها في الصورة الصحيحة، وهذا معنى إبطان الكفر، فلا ينافي إظهاره الدعوى إلى الضلال، وكونه معروفاً بالإضلال اهـ. ابن كمال.
وقيل: لا يقبل إسلامه إن ارتد إلى كفر خفي، كزنادقة، وباطنية، فالمراد بابطان بعض عقائد الكفر ليس هو الكتمان من الناس، بل
المراد: أن يعتقد بعض ما يخالف عقائد الإسلام مع ادعائه إياه وحكم المجموع من حيث المجموع الكفر لا غير.
وفي المسند عن ابن عمر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "سيكون في هذه الأمة مسخ، ألا وذلك في المكذبين بالقدر والزنديقية". قال في "الخصائص" سنده صحيح.
وفي "منتخب كنز العمال" مرفوعاً ما يفسرها.