المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌عبارات من فتح الباري بشرح صحيح البخاريفيها فكوك لشكوك المستروحين ونجوم من الحافظشهاب الدين ابن حجر لرجوم الهالكين - إكفار الملحدين في ضروريات الدين

[الكشميري]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌تفسير الزندقة والإلحاد والباطنية وحكمها ثلاثتها واحد وهو الكفر

- ‌ما المراد بأهل القبلة الذين لا يكفرون

- ‌عبارات من فتح الباري بشرح صحيح البخاريفيها فكوك لشكوك المستروحين ونجوم من الحافظشهاب الدين ابن حجر لرجوم الهالكين

- ‌تنبيه من الراقم على ما استفيدمن كلام الحافظ رحمه الله تعالى

- ‌النقل عن الأئمة الأربعة وغيرهم من أئمة الدين

- ‌النقل فيه عن المحدثين والفقهاء والمتكلمينوكبار المحققين وجم غفير من المصنفين

- ‌تنبيه من الراقم

- ‌تنبيه آخر

- ‌التأويل في ضروريات الدين لا يقبل، ويكفر المتأول فيها

- ‌خاتمة

- ‌ومن إجماعيات الصحابة رضي الله عنهم

- ‌ومما قلت فيه

- ‌ومن نكير العلماء على التأويل الباطل

- ‌من قال أن النبوة مكتسبة فهو زنديق

- ‌مأخذ التكفير أي دليله الذي أخذ منه وبنى عليه

- ‌تنبيه

- ‌ولنجعل: ختام الكلام كلاماً لختام المحدثين شيخ مشائخنا الشاه عبج العزيز بن ولي الله بن عبد الرحيم الدهلوي قدس الله سره العزيز

- ‌استفتاء

- ‌ومن إخراج الملحدين من المساجد ومنعهم من دخولها

- ‌وهذا آخر الرسالة وختام المقالة

- ‌تنقيصه عيسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام

- ‌دعوى النبوة لنفسه والجحود عن ختم النبوة

- ‌ادِّعاء المعجزات لنفسه والتفضيل على الأنبياء والاستخفاف بشأنهم

- ‌ادِّعاء النبوة مع الشريعة الجديدة لنفسه

- ‌ادِّعاء المساواة بل الأفضلية على نبينا صلى الله عليه وسلم العياذ بالله

- ‌صورة ما كتبه أكابر العلماء وجهابذة الفضلاءممن تولى الدرس والإفتاء، وتصدر لنشر الشريعة الغراء في تصديق هذه الرسالة وتصويب تلك المقالة

الفصل: ‌عبارات من فتح الباري بشرح صحيح البخاريفيها فكوك لشكوك المستروحين ونجوم من الحافظشهاب الدين ابن حجر لرجوم الهالكين

والكلام في الذنب. "شرح فقه أكبر" - من بحث الإيمان - ونحوه كلام الطحاوي في "المعتصر" - من تفسير الفرقان - ومن آخر "الاقتصاد" للغزالي.

‌عبارات من فتح الباري بشرح صحيح البخاري

فيها فكوك لشكوك المستروحين ونجوم من الحافظ

شهاب الدين ابن حجر لرجوم الهالكين

وقد اختلف الصحابة فيهم بعد الغلبة عليهم: هل تغنم أموالهم، وتسبى ذراريهم كالكفار، أو لا كالبغاة؟ فرأى أبو بكر الأول وعمل به، وناظره عمر رضي الله عنه في ذلك، كما سيأتي بيانه في "كتاب الأحكام" إن شاء الله تعالى. وذهب إلى الثاني ووافقه غيره في خلافته على ذلك، واستقر الإجماع عليه في حق من جحد شيئاً من الفرائض بشبهة فيطالب بالرجوع، فإن نصب القتال قوتل وأقيمت عليه الحجة، فإن رجع وإلا عومل معاملة الكافر حينئذ، ويقال أن صبغ من المالكية استقر على القول الأول فعد من ندرة المخالف.

قلت: أراد بقوله: "وإلا عومل معاملة الكافر" القتل كفراً، لأنه قال الحافظ قبله:"والذين تمسكوا بأصل الإسلام، ومنعوا الزكاة بالشبهة التي ذكروها لم يحكم عليهم بالكفر قبل إقامة الحجة ا. هـ" وكذا نقله عن القرطبي فيما يأتي في من استسر منهم ببدعة. وأراد بالشبهة التأويل، ففيه أن المأول يستتاب، فإن تاب وإلا حكم عليه بالكفر. فهذا غايته.

ص: 24

واستدل به - أي بحديث أبي سعيد في مروق الخوارج من الدين كمروق السهم من الرمية - لمن قال بتكفير الخوارج، وهو مقتضى صنيع البخاري، حيث قرنهم بالملحدين وأفرد عنهم المتأولين بترجمة، وبذلك صرح القاضي أبو بكر ابن العربي في "شرح الترمذي" فقال. الصحيح أنهم كفار، لقوله صلى الله عليه وسلم:"يمرقون من الإسلام"، ولقوله:"لأقتلنهم قتل عاد"، وفي لفظ:"ثمود" وكل منهما إنما هلك بالكفر، ولقوله:"هم شر الخلق" ولا يوصف بذلك إلا الكفار، ولقوله "إنهم أبغض الخلق إلى الله تعالى"، ولحكمهم على كل من خالف معتقدهم بالكفر والتخليد في النار، فكانوا هم أحق بالاسم منهم.

وممن جنح إلى ذلك من أئمة المتأخرين الشيخ تقي الدين السبكي فقال في "فتاواه": احتج من كفر الخوارج وغلاة الروافض بتكفيرهم أعلام الصحابة، لتضمنه تكذيب النبي صلى الله عليه وسلم في شهادته لهم بالجنة. قال: وهو عندي احتجاج صحيح. قال: واحتج من لم يكفرهم بأن الحكم بتكفيرهم يستدعى تقدم علمهم بالشهادة المذكورة علماً قطعياً وفيه نظر، لأنا نعلم تزكية من كفروه علماً قطعياًَ إلى حين موته، وذلك كاف في اعتقادنا تكفير من كفرهم، ويؤيده حديث:"من قال لأخيه كافر فقد باء به أحدهما" وفي لفظ "مسلم": "من رمى مسلماً بالكفر - أو قال -: عدو الله إلا حار عليه".

قال: وهؤلاء قد تحقق منهم أنهم يرمون جماعة بالكفر ممن حصل عندنا القطع بإيمانهم، فيجب أن يحكم بكفرهم مقتضى خبر الشارع، وهو نحو ما قالوه في من سجد للصنم ونحوه ممن لا تصريح بالجحود فيه بعد أن فسروا الكفر بالجحود، فإن احتجوا بقيام الإجماع على تكفير فاعل ذلك، قلنا: وهذه الأخبار الواردة في حق هؤلاء تقتضي كفرهم ولو لم يعتقدوا تزكية من

ص: 25

كفروه علماً قطعياً، ولا ينجيهم اعتقاد الإسلام إجمالاً، والعمل بالواجبات عن الحكم بكفرهم كما لا ينجى الساجد للصنم ذلك.

قلت: وممن جنح إلى بعض هذا البحث الطبري في "تهذيبه"، فقال بعد أن سرد أحاديث الباب:

فيه الرد على قول من قال: لا يخرج أحد من الإسلام من أهل القبلة بعد استحاقه حكمه إلا بقصد الخروج منه عالماً. فإنه مبطل لقوله في الحديث: "يقولون الحق، ويقرؤون القرآن ويمرقون من الإسلام، ولا يتعلقون منه بشيء" ومن المعلوم أنهم لم يرتكبوا استحلال دماء المسلمين وأموالهم إلا بخطأ منهم فيما تأولوه من آي القرآن على غير المراد منه.

ثم أخرج بسند صحيح عن ابن عباس: "ذكر عنده الخوارج وما يلقون عند قراءة القرآن فقال: يؤمنون بمحكمة ويهلكون عند متشابهه" ويؤيد القول المذكور الأمر بقتلهم مع ما تقدم من حديث ابن مسعود: "لا يحل قتل امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث، وفيه التارك لدينه، المفارق للجماعة".

قال القرطبي في "المفهم": يؤيد القول بتكفيرهم التمثيل المذكور في حديث أبي سعيد.

فإن ظاهر مقصوده أنهم خرجوا من الإسلام ولم يتعلقوا منه بشيء كما خرج السهم من الرمية لسرعته وقوة رامية بحيث لم يتعلق من الرمية بشيء، وقد أشر إلى ذلك بقوله:"سبق الفرث والدم". قال صاحب "الشفاء" فيه: وكذا القطع بكفر كل من قال قولاً يتوصل به إلى تضليل الأمة أو تكفير الصحابة، وحكاه صاحب " الروضة " في كتاب الردة عنه وأقره.

ص: 26

وذهب أكثر أهل الأصول من أهل السنة إلى أن الخوارج فساق، وإن حكم الإسلام يجرى عليهم لتلفظهم بالشهادتين ومواظبتهم على أركان الإسلام، وإنما نسقوا بتكفيرهم المسلمين مستندين إلى تأويل فاسد، وجرهم ذلك إلى استباحة دماء مخالفيهم وأموالهم، والشهادة عليهم بالكفر والشرك. وقال الخطابي: أجمع علماء المسلمين على أن الخوارج مع ضلالتهم فرقه من فرق المسلمين، وأجازوا مناكحتهم، وأكل ذبائحهم، وأنهم لا يكفرون ماداموا متمسكين بأصل الإسلام. وقال عياض: كادت هذه المسألة تكون أشد اشكالاً عند المتكلمين من غيرها حتى سأل الفقيه عبد الحق الإمام أبا المعالي فاعتذر بأن إدخال كافر في الملة وإخراج مسلم عنها عظيم في الدين. قال: وقد توقف قبله القاضي أبو بكر الباقلاني، وقال: لم يصرح القوم بالكفر وإنما قالوا أقوالاًَ تؤدي إلى الكفر، وقال الغزالي في كتاب "التفرقة بين الإيمان والزندقة": الذي ينبغي الاحتراز عن التكفير ما وجد إليه سبيلاً، فإن استباحة دماء المصلين المقرين بالتوحيد خطأ، والخطأ في ترك ألف كافر في الحياة أهون من الخطأ في سفك دم لمسلم واحد.

ومما احتج به من لم يكفرهم قوله في ثالث أحاديث الباب بعد وصفهم بالمروق من الدين كمروق السهم فينظر الرامي إلى سهمه إلى أن قال: "فيتمارى في الفوقة هل علق بها شيء؟ قال ابن بطال: ذهب جمهور العلماء إلى أن الخوارج غير خارجين عن جملة المسلمين، لقوله: "يتمارى في الفوقة" لأن التماري من الشك، وإذا وقع الشك في ذلك لم يقطع عليهم بالخروج من الإسلام، لأن من ثبت له عقد الإسلام بيقين لم يخرج منه إلا بيقين. قال: وقد سئل علي رضي الله عنه عن أهل النهر-أي النهروان- هل كفروا؟ فقال: من الكفر فروا.

قلت: وهذا إن ثبت عن علي حمل على أنه لم يكن اطلع على

ص: 27

معتقدهم الذي أوجب تكفيرهم عند من كفرهم، وفي احتجابه بقوله:"بتمارى في الفوق" نظر، فإن في بعض طرق الحديث المذكور كما تقدمت الإشارة إليه، وكما سيأتي:"لم يعلق منه بشيء" وفي بعضها: "سبق الفرق والدم" وطريق الجمع بينهما أنه تردد: هل في الفوق شيء أولا؟ ثم تحقق أنه لم يعلق بالسهم ولا بشيء منه من الرمي شيء، ويمكن ان يحمل الاختلاف فيه على اختلاف أشخاص منهم، ويكون في قوله:"يتمارى" إشارة إلى أن بعضهم يبقى معه من الإسلام شيء. قال القرطبي في "المفهم": والقول بتكفيرهم أظهر في الحديث، قال فعلى القول بتكفيرهم يقاتلون ويقتلون، وتسبى أموالهم، وهو قول طائفة من أهل الحديث في أموال الخوارج، وعلى القول بعدم تكفيرهم يسلك بهم مسلك أهل البغي إذا شقوا العصا ونصبوا الحرب، فأما من استسرمنهم ببدعة، فإذا ظهر عليه هل يقتل بعد الاستتابة أولا يقتل بل يجتهد في رد بدعته؟ اختلف فيه بحسب الاختلاف في تكفيرهم، قال: وباب التكفير باب خطر، ولا نعدل بالسلامة شيئاً.

قال: وفي الحديث علم من أعلام النبوة حيث أخبر بما وقع قبل أن يقع، وذلك أن الخوارج لما حكموا بكفر من خالفهم استباحوا دمائهم وتركوا أهل الذمة فقالوا: نفى لهم بعهدهم، وتركوا قتال المشركين، واشتغلوا بقتال المسلمين، وهذا كله من آثار غباوة الجهال الذين لم تنشرح صدورهم بنور العلم، ولم يتمسكوا بحبل وثيق من العلم، وكفى أن رأسهم رد على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره، نسبه إلى الجور. - نسأل الله السلامة -.

قال ابن هبرة: وفي الحديث أن قتال الخوارج أولى من قتال المشركين، والحكمة نية أن في قتالهم مسقط رأس مال الإسلام، وفي قتال أهل الشرك

ص: 28

طلب الربح، وحفظ رأس المال أولى، وفيه الزجر عن الأخذ بظواهر جميع الآيات القابلة للتاويل التي يفضي القول بظاهرها إلى مخالفة إجماع السلف.

وفيه التخدير من الغلو في الديانة والتنطع في العبادة بالحمل على النفس فيما لم يأذن فيه الشرع، وقد وصف الشارع الشريعة بأنها سهلة سمحة، وإنما ندب إلى السدة على الكفار وإلى الرأفة بالمؤمنين، فعكس ذلك الخوارج كما تقدم بيانه.

وفيه جواز قتال من خرج عن طاعة الإمام العادل، ومن نصب الحرب فقاتل على اعتقاد فاسد، ومن خرج يقطع الطريق، ويخيف السبيل، ويسعى في الأرض بالفساد. وأما من خرج عن طاعة إمام جائر أراد الغلبة على ماله أو نفسه أو أهله فهو معذور، لا يحل قتاله، وله أن يدفع عن نفسه وماله وأهله بقدر طاقته، وسيأتي بيان ذلك في كتاب الفتن.

وقد أخرج الطبري بسند صحيح عن عبد الله بن الحارث عن رجل من بني نضر عن علي، وذكر الخوارج فقال: إن خالفوا إماماً عادلاً فقاتلوهم، وإن خالفوا إماماً جائراً فلا تقاتلوهم، فإن لهم مقالاً.

قلت: وعلى ذلك يحمل ما وقع للحسين بن على رضي الله عنه، ثم لأهل المدينة في الحرة، ثم لعبد الله بن الزبير، ثم للقراء الذين خرجوا على الحجاب في قصة عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث. والله أعلم.

وفيه: أن من المسلمين من يخرج من الدين من غير أن يقصد الخروج منه، ومن غير أن يختار ديناً على دين الإسلام. وإن الخوارج شر الفرق المبتدعة من الأمة المحمدية، ومن اليهود والنصارى.

قلت: والأخير مبني على القول بتكفيرهم مطلقاً، وفيه منقبة عظيمة

ص: 29

لعمر رضي الله عنه لشدته في الدين، وفيه أنه لا يكتفي في التعديل بظاهر الحال ولو بلغ المشهود بتعديله الغاية في العبادة والتقشف والورع حتى يختبر باطن حاله.

(أيضا) : وفيه: منع قتال من قال: لا إله إلا الله، ولو لم يزد عليها، وهو كذلك ولكن هل يصير بمجرد ذلك مسلماً؟ الراجح: لا، بل يجب الكف عن قتله حتى يختبر، فإن شهد بالرسالة والتزم أحكام الإسلام حكم بإسلامه؛ وإلى ذلك الإشارة بالاستثناء بقوله: إلا بحق الإسلام. قال البغوي: الكافر إذا كان وثنياً أو ثنوياً، لا يقر بالوحدانية فإذا قال: لا إله إلا الله حكم بإسلامه، ثم يجبر على قبول جميع أحكام الإسلام ويبرأ من كل دين خالف دين الإسلام، وأما من كان مقراً بالوحدانية منكراً للنبوة فإنه لا يحكم بإسلامه حتى يقول: محمد رسول الله، فإن كان يعتقد أن الرسالة المحمدية إلى العرب خاصة فلابد أن يقول إلى جميع الخلق، فإن كان كفر بجحود واجب أو استباحة محرم فيحتاج أن يرجع عما اعتقده، ومقتضى قوله يجبر أنه إذا لم يلتزم تجري عليه أحكام المرتد، وبه صرح القفال آهـ.

(أيضاً) : وقال الغزالي في "الوسيط" - تبعاً لغيره -: في حكم الخوارج وجهان، أحدهما: أنه كحكم أهل الردة، والثاني: أنه كحكم أهل البغي، ورجح الرافعي الأول، وليس الذي قاله مطرداً في كل خارجي، فإنه على قسمين: أحدهما من تقدم ذكره، والثاني: من خرج في طلب الملك لا للدعاء إلى معتقده، وهم على قسمين أيضاً: قسم خرجوا غضباً للدين من أجل جور الولاة، وترك عملهم بالسنة النبوية، فهؤلاء أهل حق، ومنهم: الحسين بن علي رضي الله عنه، وأهل المدينة في الحرة، والقراء الذين خرجوا على

ص: 30

الحجاج، وقسم خرجوا لطلب الملك فقط، سواء كانت فيهم شبهة أم لا، وهم البغاة، وسيأتي بيان حكمهم في كتاب الفتن، وبالله التوفيق.

(أيضاً) : وقال ابن دقيق العيد: قد يؤخذ من قوله: "المفارق للجماعة" أن المراد: المخالف لأهل الإجماع، فيكون متمسكاً لمن يقول: مخالف الإجماع كافر، وقد نسب ذلك إلى بعض الناس، وليس ذلك بالبين، فإن المسائل الإجماعية تارة يصحبها التواتر بالنقل عن صاحب الشرع، كوجوب الصلاة مثلاً، وتارة لا يصحبها التواتر، فالأول يكفر جاحده لمخالفة التواتر لا لمخالفة الإجماع، والثاني لا يكفر به. قال شيخنا في "شرح الترمذي": الصحيح في تكفير منكر الإجماع تقييده بإنكار ما يعلم وجوبه من الدين بالضرورة، كالصلاة الخمس، ومنهم من عبر بإنكار ما علم وجوبه بالتواتر، ومنه القول بحديث العالم. وقد حكى عياض رحمة الله وغيره الإجماع على تكفير من يقول بقدم العالم. وقال ابن دقيق العيد: وقع هنا من يدعي الحذق في المعقولات ويميل إلى الفلسفة فظن أن المخالف في حدوث العالم لا يكفر، لأنه من قبيل مخالفة الإجماع، وتمسك بقولنا أن منكر الإجماع لا يكفر على الإطلاق حتى يثبت النقل بذلك متواتراً عن صاحب الشرع. قال: وهو تمسك ساقط، إما عن عمي في البصيرة، أو تعام، لأن حدوث العالم من قبيل ما اجتمع فيه الإجماع والتواتر بالنقل.

وقد قال الحافظ رحمه الله في آخر بحثه: "ومخالف الإجماع داخل في مفارق الجماعة" أهـ.

ص: 31