المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب ذكر من ذم الإكثار من الحديث دون التفهم له والتفقه فيه - جامع بيان العلم وفضله - جـ ٢

[ابن عبد البر]

فهرس الكتاب

- ‌بَابُ الْعِبَارَةِ عَنْ حُدُودِ عِلْمِ الدِّيَانَاتِ وَسَائِرِ الْعُلُومِ الْمُتَصَرِّفَاتِ بِحَسَبِ تَصَرُّفِ الْحَاجَاتِ وَسَائِرِ الْعُلُومِ الْمُنْتَحِلَاتِ عِنْدَ جَمِيعِ أَهْلِ الْمَقَالَاتِ. قَالَ أَبُو عُمَرَ رضي الله عنه: " حَدُّ الْعِلْمِ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ وَالْمُتَكَلِّمِينَ فِي هَذَا الْمَعْنَى هُوَ مَا اسْتَيْقَنْتَهُ وَتَبَيَّنْتَهُ وَكُلُّ مَنِ اسْتَيْقَنَ شَيْئًا وَتَبَيَّنَهُ فَقَدْ عَلِمَهُ

- ‌بَابٌ مُخْتَصَرٌ فِي مُطَالَعَةِ كُتُبِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالرِّوَايَةِ عَنْهُمْ

- ‌بَابُ مَنْ يَسْتَحِقُّ أَنْ يُسَمَّى فَقِيهًا أَوْ عَالِمًا حَقِيقَةً لَا مَجَازًا، وَمَنْ يَجُوزُ لَهُ الْفُتْيَا عِنْدَ الْعُلَمَاءِ

- ‌بَابُ مَا يَلْزَمُ الْعَالِمَ إِذَا سُئِلَ عَمَّا لَا يَدْرِيهِ مِنْ وُجُوهِ الْعِلْمِ

- ‌بَابُ اجْتِهَادِ الرَّأْيِ عَلَى الْأُصُولِ عِنْدَ عَدَمِ النُّصُوصِ فِي حِينِ نُزُولِ النَّازِلَةِ

- ‌بَابٌ: نُكْتَةٌ يُسْتَدَلُّ بِهَا عَلَى اسْتِعْمَالِ عُمُومِ الْخِطَابِ فِي السُّنَنِ وَالْكِتَابِ وَعَلَى إِبَاحَةِ تَرْكِ ظَاهِرِ الْعُمُومِ لِلِاعْتِبَارِ بِالْأُصُولِ

- ‌بَابٌ فِي خَطَأِ الْمُجْتَهِدِينَ مِنَ الْحُكَّامِ وَالْمُفْتِينَ

- ‌بَابُ نَفْيِ الِالْتِبَاسِ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الدَّلِيلِ " وَالْقِيَاسِ وَذِكْرِ مَنْ ذَمَّ الْقِيَاسَ عَلَى غَيْرِ أَصْلٍ وَمَا يَرُدُّهُ مِنَ الْقِيَاسِ أَصْلٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ رحمه الله: " لَا خِلَافَ بَيْنَ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ وَسَائِرِ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَهُمْ أَهْلُ الْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ فِي نَفْيِ الْقِيَاسِ فِي التَّوْحِيدِ وَإِثْبَاتِهِ فِي الْأَحْكَامِ إِلَّا دَاوُدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ

- ‌بَابُ جِامِعِ بَيَانِ مَا يَلْزَمُ النَّاظِرَ فِي اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ قَالَ أَبُو عُمَرَ: " اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي هَذَا الْبَابِ عَلَى قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ اخْتِلَافَ الْعُلَمَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ الْأَئِمَّةِ، رحمهم الله، رَحْمَةٌ وَاسِعَةٌ وَجَائِزٌ لِمَنْ نَظَرَ فِي اخْتِلَافِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَأْخُذَ بِقَوْلِ

- ‌بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ مِنْ أَقَاوِيلِ السَّلَفِ عَلَى أَنَّ الِاخْتِلَافَ خَطَأٌ وَصَوَابٌ «يَلْزَمُ طَالِبُ الْحُجَّةِ عِنْدَهُ، وَذِكْرُ بَعْضِ مَا خَطَّأَ فِيهِ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَأَنْكَرَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ عِنْدَ اخْتِلَافِهِمْ، وَذِكْرُ مَعْنَى قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم» أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ

- ‌بَابُ ذِكْرِ مَنْ ذَمَّ الْإِكْثَارَ مِنَ الْحَدِيثِ دُونَ التَّفَهُّمِ لَهُ وَالتَّفَقُّهِ فِيهِ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي ذَمِّ الْقَوْلِ فِي دِينِ اللَّهِ تَعَالَى بِالرَّأْيِ وَالظَّنِّ وَالْقِيَاسِ عَلَى غَيْرِ أَصْلٍ وَعَيْبِ الْإِكْثَارِ مِنَ الْمَسَائِلِ دُونَ اعْتِبَارٍ

- ‌بَابُ حُكْمِ قَوْلِ الْعُلَمَاءِ بَعْضِهِمْ فِي بَعْضٍ

- ‌بَابُ تَدَافُعِ الْفَتْوَى وَذَمِّ مَنْ سَارَعَ إِلَيْهَا

- ‌بَابُ رُتَبِ الطَّلَبِ وَكَشْفِ الْمَذْهَبِ قَالَ أَبُو عُمَرَ رحمه الله: " طَلَبُ الْعِلْمِ دَرَجَاتٌ وَمَنَاقِلُ وَرُتَبٌ لَا يَنْبَغِي تَعَدِّيهَا وَمَنْ تَعَدَّاهَا جُمْلَةً فَقَدْ تَعَدَّى سَبِيلَ السَّلَفِ رحمهم الله وَمَنْ تَعَدَّى سَبِيلَهُمْ عَامِدًا ضَلَّ، وَمَنْ تَعَدَّاهُ مُجْتَهِدًا زَلَّ فَأَوَّلُ الْعِلْمِ حِفْظُ كِتَابِ اللَّهِ عز وجل وَتَفَهُّمُهُ وَكُلُّ مَا يُعِينُ عَلَى فَهْمِهِ

- ‌بَابٌ فِي الْعَرْضِ عَلَى الْعَالِمِ وَقَوْلِ: أَخْبَرَنَا وَحَدَّثَنَا وَاخْتِلَافِهِمْ فِي ذَلِكَ وَفِي الْإِجَازَةِ وَالْمُنَاوَلَةِ

- ‌بَابٌ فِيمَنْ تَأَوَّلَ الْقُرْآنَ وَتَدَبَّرَهُ وَهُوَ جَاهِلٌ بِالسُّنَّةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ: «أَهْلُ الْبِدَعِ أَجْمَعُ أَضْرَبُوا عَنِ السُّنَّةِ وَتَأَوَّلُوا الْكِتَابَ عَلَى غَيْرِ مَا بَيَّنَتِ السُّنَّةُ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْخُذْلَانِ وَنَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ وَالْعِصْمَةَ بِْرَحْمَتِهِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم التَّحْذِيرُ عَنْ ذَلِكَ فِي

- ‌بَابُ فَضْلِ السُّنَّةِ وَمُبَايَنَتِهَا لِسَائِرِ أَقْوَالِ عُلَمَاءِ الْأُمَّةِ

- ‌بَابُ ذِكْرِ بَعْضِ مَنْ كَانَ لَا يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَّا وَهُوَ عَلَى وُضُوءٍ

- ‌بَابٌ فِي إِنْكَارِ أَهْلِ الْعِلْمِ مَا يَجِدُونَهُ مِنَ الْأَهْوَاءِ وَالْبِدَعِ

الفصل: ‌باب ذكر من ذم الإكثار من الحديث دون التفهم له والتفقه فيه

‌بَابُ ذِكْرِ مَنْ ذَمَّ الْإِكْثَارَ مِنَ الْحَدِيثِ دُونَ التَّفَهُّمِ لَهُ وَالتَّفَقُّهِ فِيهِ

ص: 998

1904 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى، ثنا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ بَيَانٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ قَرَظَةَ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: خَرَجْنَا فَشَيَّعَنَا عُمَرُ، إِلَى صَرَارَ ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ قَالَ:«أَتَدْرُونَ لِمَ خَرَجْتُ مَعَكُمْ؟» قُلْنَا: أَرَدْتَ أَنْ تُشَيِّعَنَا تَكَرُّمًا بِذَلِكَ، قَالَ:«إِنَّ مَعَ ذَلِكَ لَحَاجَةً خَرَجْتُ لَهَا، إِنَّكُمْ تَأْتُونَ بَلْدَةً لِأَهْلِهَا دَوِيٌّ بِالْقُرْآنِ كَدَوِيِّ النَّحْلِ فَلَا تَصُدُّوهُمْ بِالْأَحَادِيثِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا شَرِيكُكُمْ» قَالَ قَرَظَةُ: فَمَا حَدَّثْتُ بَعْدَهُ حَدِيثًا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

ص: 998

1905 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى، ثنا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ بَيَانٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ قَرَظَةَ، أَنَّ عُمَرَ، رضي الله عنه قَالَ لَهُمْ:«أَقِلُّوا الرِّوَايَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا شَرِيكُكُمْ»

ص: 999

1906 -

وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى، ثنا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ، ثنا سُحْنُونُ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ، يُحَدِّثُ عَنْ بَيَانٍ، عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ، عَنْ قَرَظَةَ بْنِ كَعْبٍ، ح قَالَ وَنا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، نا أَحْمَدُ بْنُ مُطَرِّفٍ، ثنا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ، وَسَعِيدُ بْنُ خُمَيْرٍ، ثنا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: أنا سُفْيَانُ، عَنْ بَيَانٍ، عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ، عَنْ قَرَظَةَ بْنِ كَعْبٍ، وَلَفْظُهُمَا سَوَاءٌ قَالَ: خَرَجْنَا نُرِيدُ الْعِرَاقَ فَمَشَى عُمَرُ رضي الله عنه مَعَنَا، إِلَى صَرَارَ فَتَوَضَّأَ فَغَسَلَ اثْنَتَيْنِ ثُمَّ قَالَ:«أَتَدْرُونَ لِمَ مَشَيْتُ مَعَكُمْ؟» قَالُوا: نَعَمْ نَحْنُ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَشِيتَ مَعَنَا قَالَ: «إِنَّكُمْ تَأْتُونَ أَهْلَ قَرْيَةٍ لَهُمْ دَوِيٌّ بِالْقُرْآنِ كَدَوِيِّ النَّحْلِ فَلَا تَصُدُّوهُمْ بِالْأَحَادِيثِ فَتَشْغَلُوهُمْ، جَرِّدُوا الْقُرْآنَ وَأَقِلُّوا الرِّوَايَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ

⦗ص: 1000⦘

صلى الله عليه وسلم امْضُوا وَأَنَا شَرِيكُكُمْ» فَلَمَّا قَدِمَ قَرَظَةُ قَالُوا: حَدِّثْنَا، قَالَ: نَهَانَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ

ص: 999

1908 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، نا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، نا أَبُو دَاوُدَ، نا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ عُمَرَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ:«لَوْ أُحَدِّثُكُمْ بِكُلِّ مَا أَعْلَمُهُ لَرَمَيْتُمُونِي بِالْقِشْعِ»

ص: 1001

1909 -

قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَنا أَحْمَدُ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ هِشَامٍ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ حَدَّثْتُكُمْ بِكُلِّ مَا أَسْمَعُ لَرَمَيْتُمُونِي بِالْقِشْعِ، يَعْنِي الْمَزَابِلَ، وَمَا نَاظَرْتُمُونِي»

ص: 1001

1910 -

قَالَ: وَنا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، ثنا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ:«حَفِظْتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وِعَاءَيْنِ، فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَبَثَثْتُهُ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَلَوْ بَثَثْتُهُ لَقَطَعْتُمْ هَذَا الْبُلْعُومَ» قَالَ أَحْمَدُ: الْبُلْعُومُ: الْحُلْقُومُ

ص: 1002

1911 -

قَالَ: وَنا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ مَعْرُوفِ بْنِ خَرَّبُوذَ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ: أَتُحِبُّونَ أَنْ يُكَذَّبَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، لَا تُحَدِّثُونَ النَّاسَ إِلَّا بِمَا يَعْلَمُونَ "

1912 -

وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: «مَا أَنْتَ مُحَدِّثٌ قَوْمًا حَدِيثًا لَمْ تَبْلُغْهُ عُقُولُهُمْ إِلَّا كَانَ عَلَيْهِمْ فِتْنَةً»

1913 -

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ قَالَ:«لَقَدْ حَدَّثَتُكُمْ بِأَحَادِيثَ، لَوْ حَدَّثْتُ بِهَا زَمَنَ عُمَرَ لَضَرَبَنِي عُمَرُ بِالدِّرَّةِ» قَالَ أَبُو عُمَرَ: " احْتَجَّ بَعْضُ مَنْ لَا عِلْمَ لَهُ وَلَا مَعْرِفَةَ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ وَغَيْرِهِمُ الطَّاعِنِينَ فِي السُّنَنِ بِحَدِيثِ عُمَرَ هَذَا: أَقِلُّوا الرِّوَايَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَبِمَا ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْبَابِ مِنَ الْأَحَادِيثِ وَغَيْرِهَا وَجَعَلُوا ذَلِكَ ذَرِيعَةً إِلَى الزُّهْدِ فِي سُنَنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الَّتِي لَا تُوَصِّلُ إِلَى مُرَادِ كِتَابِ اللَّهِ عز وجل إِلَّا بِهَا وَالطَّعْنِ عَلَى أَهْلِهَا وَلَا حُجَّةَ فِي

⦗ص: 1004⦘

هَذَا الْحَدِيثِ وَلَا دَلِيلَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا ذَهَبُوا إِلَيْهِ مِنْ وُجُوهٍ، قَدْ ذَكَرَهَا أَهْلُ الْعِلْمِ مِنْهَا أَنَّ وَجْهَ قَوْلِ عُمَرَ هَذَا إِنَّمَا كَانَ لِقَوْمٍ لَمْ يَكُونُوا أَحْصَوَا الْقُرْآنَ فَخَشِيَ عَلَيْهِمُ الِاشْتِغَالَ بِغَيْرِهِ عَنْهُ إِذْ هُوَ الْأَصْلُ لِكُلِّ عِلْمٍ، هَذَا مَعْنَى قَوْلِ أَبِي عُبَيْدٍ فِي ذَلِكَ، وَاحْتَجَّ بِمَا

1914 -

رَوَاهُ عَنْ حَجَّاجٍ عَنِ الْمَسْعُودِيِّ عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ: مَلَّ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَلَّةً فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ حَدِّثْنَا، فَأَنْزَلُ اللَّهُ عز وجل {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ} [الزمر: 23] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ قَالَ: ثُمَّ مَلُّوا مَلَّةً أُخْرَى، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ حَدِّثْنَا شَيْئًا فَوْقَ الْحَدِيثِ وَدُونَ الْقُرْآنِ يَعْنُونَ الْقَصَصَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ {الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ} [يوسف: 1] إِلَى قَوْلِهِ {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ} [يوسف: 3] الْآيَةَ، قَالَ: فَإِنْ أَرَادُوا الْحَدِيثَ دَلَّهُمْ عَلَى أَحْسَنِ الْحَدِيثِ وَإِنْ أَرَادُوا الْقَصَصَ دَلَّهُمْ عَلَى أَحْسَنِ الْقَصَصِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: إِنَّ عُمَرَ رضي الله عنه إِنَّمَا نَهَى مِنَ الْحَدِيثِ عَمَّا لَا يُفِيدُ حُكْمًا وَلَا يَكُونُ سُنَّةً، وَطَعَنَ غَيْرُهُمْ فِي حَدِيثِ قَرَظَةَ هَذَا وَرَدُّوهُ؛ لِأَنَّ الْآثَارَ الثَّابِتَةَ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه خِلَافُهُ، مِنْهَا مَا

⦗ص: 1005⦘

1915 -

رَوَى مَالِكٌ وَمَعْمَرٌ وَغَيْرُهُمَا عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه فِي حَدِيثِ السَّقِيفَةِ أَنَّهُ خَطَبَ يَوْمَ جُمُعَةٍ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَقُولَ مَقَالَةً قَدْ قُدِّرَ لِي أَنْ أَقُولَهَا، مَنْ وَعَاهَا وَعَقَلَهَا وَحَفِظَهَا فَلْيُحَدِّثْ بِهَا حَيْثُ تَنْتَهِي بِهِ رَاحِلَتُهُ، وَمَنْ خَشِيَ أَنْ لَا يَعِيَهَا فَإِنِّي لَا أُحِلُّ لَهُ أَنْ يَكْذِبَ عَلَيَّ إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا بِالْحَقِّ وَأَنْزَلَ مَعَهُ الْكِتَابَ فَكَانَ مِمَّا أَنْزَلَ مَعَهُ آيَةُ الرَّجْمِ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ نَهْيَهُ عَنِ الْإِكْثَارِ وَأْمْرَهُ بِإِقْلَالِ الرِّوَايَةِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا كَانَ خَوْفَ الْكَذِبِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَخَوْفًا أَنْ يَكُونَ مَعَ الْإِكْثَارِ أَنْ يُحَدِّثُوا بِمَا لَمْ يُتْقِنُوا حِفْظَهُ وَلَمْ يَعُوهُ؛ لِأَنَّ ضَبْطَ مَنْ قَلَّتْ رِوَايَتُهُ أَكْثَرُ

⦗ص: 1006⦘

مِنْ ضَبْطِ الْمُسْتَكْثِرِ وَهُوَ أَبْعَدُ مِنَ السَّهْوِ وَالْغَلَطِ الَّذِي لَا يُؤْمَنُ مَعَ الْإِكْثَارِ؛ فَلِهَذَا أَمَرَهُمْ عُمَرُ بِالْإِقْلَالِ مِنَ الرِّوَايَةِ وَلَوْ كَرِهَ الرِّوَايَةَ وَذَمَّهَا لَنَهَى عَنِ الْإِقْلَالِ مِنْهَا وَالْإِكْثَارِ، أَلَا تَرَاهُ يَقُولُ: فَمَنْ حَفِظَهَا وَوَعَاهَا فَلْيُحَدِّثْ بِهَا فَكَيْفَ يَأْمُرُهُمْ بِالْحَدِيثِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَيَنْهَاهُمْ عَنْهُ؟ هَذَا لَا يَسْتَقِيمُ بَلْ كَيْفَ يَنْهَاهُمْ عَنِ الْحَدِيثِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَيَأْمُرُهُمْ بِالْإِقْلَالِ مِنْهُ وَهُوَ يَنْدُبُهُمْ إِلَى الْحَدِيثِ عَنْ نَفْسِهِ؟ بِقَوْلِهِ: «مَنْ حَفِظَ مَقَالَتِي وَوَعَاهَا فَلْيُحَدِّثْ بِهَا حَيْثُ تَنْتَهِي بِهِ رَاحِلَتُهُ» ثُمَّ قَالَ: «وَمَنْ خَشِيَ أَنْ لَا يَعِيَهَا فَلَا يَكْذِبْ عَلَيَّ» وَهَذَا يُوَضِّحُ لَكَ مَا ذَكَرْنَا، وَالْآثَارُ الصِّحَاحُ عَنْهُ مِنْ رِوَايَةِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ بِخِلَافِ حَدِيثِ قَرَظَةَ هَذَا، وَإِنَّمَا يَدُورُ عَلَى بَيَانٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ وَلَيْسَ مِثْلُهُ حُجَّةً فِي هَذَا الْبَابِ؛ لِأَنَّهُ يُعَارِضُ السُّنَنَ وَالْكِتَابَ، قَالَ اللَّهُ عز وجل:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولُ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21] وَقَالَ: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7] وَقَالَ فِي النَّبِيِّ: {النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [الأعراف: 158] وَقَالَ {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ صِرَاطِ اللَّهِ} [الشورى: 53] ، وَمِثْلُ هَذَا فِي الْقُرْآنِ كَثِيرٌ وَلَا سَبِيلَ إِلَى اتِّبَاعِهِ وَالتَّأَسِّي بِهِ وَالْوُقُوفِ عِنْدَ أَمْرِهِ إِلَّا بِالْخَبَرِ عَنْهُ، فَكَيْفَ يُتَوَهَّمُ أَحَدٌ عَلَى عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّهُ يَأْمُرُ بِخِلَافِ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ

⦗ص: 1007⦘

1916 -

وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مَقَالَتِيَ فَوَعَاهَا ثُمَّ أَدَّاهَا إِلَى مَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا» ، الْحَدِيثَ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ مِنْ طُرُقٍ فِي صَدْرِ هَذَا الْكِتَابِ، وَفِيهِ الْحَضُّ الْوَكِيدُ عَلَى التَّبْلِيغِ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم

1917 -

وَقَالَ: «خُذُوا عَنِّي» فِي غَيْرِ مَا حَدِيثٍ،

1918 -

وَ «بَلِّغُوا عَنِّي» وَالْكَلَامُ فِي هَذَا أَوْضَحُ مِنَ النَّهَارِ لِأُولِي النُّهَى والِاعْتِبَارِ وَلَا يَخْلُو الْحَدِيثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَنْ يَكُونَ خَيْرًا أَوْ شَرًّا، فَإِنْ كَانَ خَيْرًا وَلَا شَكَّ

⦗ص: 1008⦘

فِيهِ أَنَّهُ خَيْرٌ فَالْإِكْثَارُ مِنَ الْخَيْرِ أَفْضَلُ، وَإِنْ كَانَ شَرًّا فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُتَوَهَّمَ أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه يُوصِيهِمْ بِالْإِقْلَالِ مِنَ الشَّرِّ، وَهَذَا يَدُلُّكَ أَنَّهُ إِنَّمَا أَمَرَهُمْ بِذَلِكَ خَوْفَ مُوَاقَعَةِ الْكَذِبِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَخَوْفَ الِاشْتِغَالِ عَنْ تَدَبُّرِ السُّنَنِ وَالْقُرْآنِ؛ لِأَنَّ الْمُكْثِرَ لَا تَكَادُ تَرَاهُ إِلَّا غَيْرَ مُتَدَبِّرٍ وَلَا مُتَفَقِّهٍ "

ص: 1003

1919 -

ذَكَرَ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، فِي كِتَابِ التَّمْيِيزِ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: أنا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى، ثنا الْحُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ عَنِ الرُّدَيْنِيِّ بْنِ أَبِي مِجْلَزٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، يَقُولُ:«مَنْ سَمِعَ حَدِيثًا، فَأَدَّاهُ كَمَا سَمِعَ فَقَدَ، سَلِمَ»

1920 -

وَمِمَّا يَدُلَّ عَلَى هَذَا مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِيمَا يُرْوَى عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «تَعَلَّمُوا الْفَرَائِضَ وَالسُّنَّةَ كَمَا تَتَعَلَّمُونَ الْقُرْآنَ» ، فَسُوَّى بَيْنَهُمَا "

ص: 1008

1921 -

وَحَدَّثَنَا سَعِيدٌ، حَدَّثَنَا قَاسِمٌ، نا ابْنُ وَضَّاحٍ، ثنا مُوسَى، ثنا ابْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ مُوَرِّقٍ الْعِجْلِيِّ، قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ «تَعَلَّمُوا الْفَرَائِضَ وَالسُّنَّةَ وَاللَّحْنَ كَمَا تَعَلَّمُونَ الْقُرْآنَ» وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ، عَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ بِإِسْنَادِهِ مِثلَهُ

1922 -

وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنِي أَبِي، نا عَبْدُ اللَّهِ، نا بَقِيٌّ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ مُوَرِّقٍ، عَنْ عُمَرَ مِثْلَهُ " قَالُوا: اللَّحْنُ مَعْرِفَةُ وُجُوهِ الْكَلَامِ وَتَصَرُّفِهِ وَالْحُجَّةِ بِهِ،

1923 -

وَعُمَرُ رضي الله عنه هُوَ النَّاشِدُ لِلنَّاسِ فِي غَيْرِ مَوْقِفٍ بَلْ فِي مَوَاقِفَ شَتَّى مَنْ عِنْدَهُ عِلْمٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي كَذَا نَحْوَ مَا ذَكَرَهُ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ عَنْهُ فِي تَوْرِيثِ الْمَرْأَةِ مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا وَفِي الْجَنِينِ يَسْقُطُ مَيْتًا عِنْدَ ضَرْبِ بَطْنِ أُمِّهِ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا لَوْ ذَكَرْنَاهُ طَالَ بِهِ كِتَابُنَا وَخَرَجْنَا عَنْ حَدِّ مَا لَهُ قَصَدْنَا وَكَيْفَ يُتَوَهَّمُ عَلَى عُمَرَ مَا تَوَهَّمَهُ الَّذِينَ ذَكَرْنَا قَوْلَهُمْ؟ وَهُوَ الْقَائِلُ:

1924 -

إِيَّاكُمْ وَالرَّأْيَ، فَإِنَّ أَصْحَابَ الرَّأْيِ أَعْدَاءُ السُّنَنِ، أَعْيَتْهُمُ الْأَحَادِيثُ أَنْ يَحْفَظُوهَا، وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْخَبَرَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه فِي بَابِهِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا

⦗ص: 1010⦘

1925 -

وَعُمَرُ أَيْضًا هُوَ الْقَائِلُ: خَيْرُ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم

1926 -

وَهُوَ الْقَائِلُ: سَيَأْتِي قَوْمٌ يُجَادِلُونَكُمْ بِشُبُهَاتِ الْقُرْآنِ فَخُذُوهُمْ بِالسُّنَنِ؛ فَإِنَّ أَصْحَابَ السُّنَنِ أَعْلَمُ بِكِتَابِ اللَّهِ عز وجل "

ص: 1009

1927 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو خَلِيفَةَ ثنا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، ثنا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشجِّ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، قَالَ:«سَيَأْتِي قَوْمٌ يُجَادِلُونَكُمْ بِشُبُهَاتِ الْقُرْآنِ فَخُذُوهُمْ بِالسُّنَنِ؛ فَإِنَّ أَصْحَابَ السُّنَنِ أَعْلَمُ بِكِتَابِ اللَّهِ عز وجل» وَقَدْ يُحْتَمَلُ عِنْدِي أَنْ تَكُونَ الْآثَارُ كُلُّهَا عَنْ عُمَرَ صَحِيحَةً مُتَّفِقَةً، وَيَخْرُجُ مَعْنَاهَا عَلَى أَنَّ مَنْ شَكَّ فِي شَيْءٍ تَرَكَهُ، وَمَنْ حَفِظَ شَيْئًا وَأَتْقَنَهُ جَازَ لَهُ أَنْ يُحَدِّثَ بِهِ، وَأَنَّ الْإِكْثَارَ يَحْمِلُ الْإِنْسَانَ عَلَى التَّقَحُّمِ أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ مِنَ جَيِّدٍ وَرَدِيءٍ وَغَثٍّ وَسَمِينٍ

ص: 1010

1928 -

وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ» ، وَهُوَ حَدِيثٌ ثَابِتٌ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ، عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلَوْ كَانَ مَذْهَبُ عُمَرَ رضي الله عنه مَا ذَكَرْنَا لَكَانَتِ الْحُجَّةُ فِي قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دُونَ قَوْلِهِ

1929 -

فَهُوَ الْقَائِلُ: «نَضَّرَ اللَّهُ عَبْدًا سَمِعَ مَقَالَتِي فَوَعَاهَا ثُمَّ أَدَّاهَا وَبَلَّغَهَا» وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي هَذَا الْكِتَابِ:

1930 -

وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «تَسْمَعُونَ وَيُسْمَعُ مِنْكُمْ وَيُسْمَعُ مِمَّنْ سَمِعَ مِنْكُمْ»

ص: 1011

1931 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ، ثنا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عِمْرَانَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عِمْرَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَعْنِي مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عِيسَى يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «تَسْمَعُونَ وَيُسْمَعُ مِنْكُمْ وَيُسْمَعُ مِمَّنْ سَمِعَ مِنْكُمْ»

ص: 1012

1932 -

وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، ثنا قَاسِمٌ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ

⦗ص: 1013⦘

الرَّازِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «تَسْمَعُونَ وَيُسْمَعُ مِنْكُمْ وَيُسْمَعُ مِمَّنْ سَمِعَ مِنْكُمْ» قَالَ أَبُو عُمَرَ: «الَّذِي عَلَيْهِ جَمَاعَةُ فُقَهَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَعُلَمَائِهِمْ ذَمُّ الْإِكْثَارِ دُونَ تَفَقُّهٍ وَلَا تَدَبُّرٍ، وَالْمُكْثِرَ لَا يَأْمَنُ مُوَاقَعَةَ الْكَذِبِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِرِوَايَتِهِ عَمَّنْ يُؤْمَنُ وَعَمَّنْ لَا يُؤْمَنْ»

ص: 1012

1933 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: ثنا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: نا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، ثنا أَبُو شِهَابٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مَعْبَدِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا قَتَادَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِيَّاكُمْ وَكَثْرَةَ الْحَدِيثِ وَمَنْ قَالَ عَنِّي فَلَا يَقُولَنَّ إِلَّا حَقًّا»

ص: 1013

1934 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، نا مَسْلَمَةُ بْنُ قَاسِمٍ، نا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى، نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: سَمِعْتُ وَهْبَ بْنَ بَقِيَّةَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ خَالِدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ سَمِعْتُ ابْنَ شُبْرُمَةَ يَقُولُ: «أَقْلِلِ الرِّوَايَةَ تَفْقَهْ»

ص: 1014

1935 -

وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى، ثنا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ، ثنا سُحْنُونُ، قَالَ: أنا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أنا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ رَافِعٍ، قَالَ: سَمِعْتُ شُفَيًّا الْأَصْبَحِيَّ يَقُولُ: «لَتُفْتَحَنَّ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ خَزَائِنُ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى تُفْتَحَ عَلَيْهِمْ خَزَائِنُ الْحَدِيثِ»

ص: 1015

1936 -

وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى، ثنا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ نُعْمَانَ، ثنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مَرْوَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ جَمِيلٍ، قَالَ: ثنا عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: ثنا شُعَيْبُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: " كُنَّا عِنْدَ سُفْيَانَ يَوْمًا نَتَذَاكَرُ الْحَدِيثَ فَقَالَ: «لَوْ كَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ خَيْرٌ لَنَقَصَ كَمَا يَنْقُصُ الْخَيْرُ وَلَكِنَّهُ شَرٌّ فَأُرَاهُ يَزِيدُ كَمَا يَزِيدُ الشَّرُّ»

ص: 1015

1937 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، نا أَحْمَدُ، نا إِسْحَاقُ، نا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، نا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ، ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: قَالَ لِي سُفْيَانُ، «يَا أَبَا إِسْمَاعِيلَ، لَوْ كَانَ هَذَا الْحَدِيثُ خَيْرًا لَنَقَصَ كَمَا يَنْقُصُ الْخَيْرُ»

ص: 1016

1938 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ، ثنا يَحْيَى بْنُ مَالِكٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي شَرِيفٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: سَمِعْتُ زَكَرِيَّا الْقَطَّانَ، يَقُولُ:" رَأَيْتُ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ، وَقَدْ أَلْجَأَهُ أَصْحَابُ الْحَدِيثِ إِلَى الْمَيْلِ الْأَخْضَرِ فَالْتَفَتَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ: مَا أَرَى الَّذِي تَطْلُبُونَهُ مِنَ الْخَيْرِ وَلَوْ كَانَ مِنَ الْخَيْرِ لَنَقَصَ كَمَا يَنْقُصُ الْخَيْرُ" قَالَ أَبُو عُمَرَ: " هَذَا كَلَامٌ خَرَجَ عَلَى ضَجَرٍ وَفِيهِ لِأُولِي الْعِلْمِ نَظَرٌ

1939 -

وَقَدْ أَخَذَهُ بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ فَقَالَ:

[البحر الطويل]

لَقَدْ جَفَّتِ الْأَقلَامُ بِالْخَلْقِ كُلِّهِمُ

فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ خَائِبٌ وَسَعِيدُ

تَمُرَّ اللَّيَالِي بِالنُّفُوسِ سَرِيعَةً

وَيُبْدِئُ رَبِّي خَلْقَهُ وَيُعِيدُ

أَرَى الْخَيْرَ فِي الدُّنْيَا يَقِلُّ كَثِيرُهُ

وَيَنْقُصُ نَقْصًا وَالْحَدِيثُ يَزِيدُ

فَلَوْ كَانَ خَيْرًا قَلَّ كَالْخَيْرِ كُلِّهِ

وَأَحْسَبُ أَنَّ الْخَيْرَ مِنْهُ بَعِيدُ

وَلِابْنِ مَعِينٍ فِي الرِّجَالِ مَقَالَةٌ

سَيُسْأَلُ عَنْهَا وَالْمَلِيكُ شَهِيدُ

⦗ص: 1017⦘

فَإِنْ يَكُ حَقًّا قَوْلُهُ فَهُوَ غِيبَةٌ

وَإِنْ يَكُ زُورًا فَالْقِصَاصُ شَدِيدُ

وَكُلُّ شَيَاطِينِ الْعِبَادِ ضَعِيفَةٌ

وَشَيْطَانُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ مَرِيدُ"

وَقَالَ أَبُو عُمَرَ رحمه الله: " قَدْ رَدَّ هَذَا الْقَوْلَ عَلَى بَكْرِ بْنِ حَمَّادٍ جَمَاعَةٌ نَظْمًا فَمِنْ ذَلِكَ مَا

1940 -

أَخْبَرَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ مَسْلَمَةَ بْنِ الْقَاسِمِ قَالَ: ذَاكَرْتُ أَبَا الْأَصَبَغِ عَبْدَ السَّلَامِ بْنَ يَزِيدَ بْنِ غِيَاثٍ الْأَشْبِيلِيَّ رَفِيقِي أَبْيَاتَ بَكْرِ بْنِ حَمَّادٍ هَذِهِ وَنَحْنُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَسَأَلْتُهُ الرَّدَّ عَلَيْهِ فَعَارَضَهُ بِشَعْرٍ أَوَّلُهُ:

[البحر الطويل]

تَبَارَكَ مَنْ لَا يَعْلَمُ الْغَيْبَ غَيْرُهُ

وَمَنْ بَطْشُهُ بِالْمُعْتَدِينَ شَدِيدُ

وَفِيهِ:

تَعَرَّضْتَ يَا بَكْرَ بْنَ حَمَّادٍ خُطَّةً

بِأَمْثَالِهَا فِي النَّاسِ شَابَ وَلِيدُ

تَقُولُ بِأَنَّ الْخَيْرَ قَلَّ كَثِيرُهُ

وَأَخْبَرْتَنَا أَنَّ الْحَدِيثَ يَزِيدُ

وَصَيَّرْتَهُ إِذْ زَادَ شَرًّا وَقَامَ فِي

ضَمِيرِكَ أَنَّ الْخَيْرَ مِنْهُ بَعِيدُ

فَلَمْ تَأْتِ فِيهِ الْحَقَّ إِذْ قُلْتَ فِيهِ

مَا بِهِ عَنْ سَبِيلِ الصَّالِحِينَ تَحِيدُ

وَمَا زَالَ ذَا قِسْمَيْنِ حَقًّا وَبَاطِلًا

فَهَذَا خَلَاخِيلُ وَذَاكَ قُيُودُ

وَذَا ذَهَبٌ مَحْضٌ وَذَلِكَ آنُكٌ

وَذَا وَرِقٌ صَافٍ وَذَاكَ حَدِيدُ

⦗ص: 1018⦘

وَهَذَا أَثِيرٌ فِي الْأَنَامِ مُعَظَّمٌ

وَذَاكَ طَرِيدٌ فِي الْبِلَادِ شَرِيدُ

فَذَمُّكَ هَذَا فِي الْمَقَالِ مُذَمَّمٌ

وَذَمُّكَ هَذَا فِي الْفِعَالِ حُمَيْدُ

وَأَلْزَمْتَ هَذَا ذَنْبَ ذَا كَمُعَاقِبٍ

ظِبَاءً بِذَنْبٍ قَارَفَتْهُ أَسْوَدُ

وَهَلْ ضَرَّ أَحْرَارًا كِرَامًا أَعِزَّةً

إِذَا جَاوَرَتْهُمْ فِي الْبَدِيِّ عَبِيدُ

وَلَوْلَا الْحَدِيثُ الْمُحْتَوِي سُنَنَ الْهُدَى

لَقَامَتْ عَلَى رَأْسِ الضُّلَّالِ بُنُودِ

وَقَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ يُعْرَفُ حَدُّهُ

فَلَيْسَ لَهُ عِنْدَ الرُّوَاةِ مَزِيدُ

وَمَا كَانَ مِنْ إِفْكٍ وَزُورٍ

فَإِنَّهُ كَعِدَّةِ رَمْلٍ تَحْتَوِيهِ زُرُودُ

وَلَيْسَ لَهُ حَدٌّ وَفِي كُلِّ سَاعَةٍ

يَزِيدُ جَدِيدًا يَقْتَضِيهِ جَدِيدُ

وَلِابْنِ مَعِينٍ فِي الَّذِي قَالَ أُسْوَةٌ

وَرَأْيٌ مُصِيبٌ لِلصَّوَابِ سَدِيدُ

وَأَخْبِرْ بِهِ يُعْلِي الْإِلَهُ مَحِلَّهُ

وَيُنْزِلُهُ فِي الْخُلْدِ حَيْثُ يُرِيدُ

يُنَاضِلُ عَنْ قَوْلِ النَّبِيِّ وَيَطْرُدُ

الْأَبَاطِيلَ عَنْ أَحْوَاضِهِ وَيَزُودُ

وَجِلَّةُ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالُوا بِقَوْلِهِ

وَمَا هِيَ فِي شَيْءٍ أَتَاهُ فَرِيدُ

وَقُلْتَ وَلَيْسَ الصِّدْقُ مِنْكَ سَجِيَّةً

وَشَيْطَانُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ مَرِيدُ

وَمَا النَّاسُ إِلَّا اثْنَانِ بَرٌّ وَفَاجِرٌ

فَقَوْلُكَ عَنْ سُبُلِ الصَّوَابِ حَيُودُ

وَكُلُّ حَدِيثِيٍّ تَأَزَّرَ بِالتُّقَى

فَذَاكَ امْرُؤٌ عِنْدَ الْإِلَهِ سَعِيدُ

وَلَوْ لَمْ يَقُمْ أَهْلُ الْحَدِيثِ بِدِينِنَا

فَمَنْ كَانَ يَرْوِي عِلْمَهُ وَيُفِيدُ

هُمُ وَرِثُوا عِلْمَ النُّبُوَّةِ وَاحْتَوَوْا

مِنَ الْفَضْلِ مَا عَنْهُ الْأَنَامُ رُقُودُ

وَهُمْ كَمَصَابِيحِ الدُّجَى يُهْتَدَى بِهِمْ

وَمَا لَهُمُ بَعْدَ الْمَمَاتِ خُمُودُ

عَلَيْكَ ابْنَ غِيَاثٍ لُزُومُ سَبِيلِهِمْ

فَحَالُهُمْ عِنْدَ الْإِلَهِ حُمَيْدُ

1941 -

وَقَالَ أَبُو عَلِيِّ بْنُ مَلُولَةَ الْقَيْرَاوَانِيُّ يُعَارِضُ بَكْرَ بْنَ حَمَّادٍ:

[البحر الطويل]

وَلِابْنِ مَعِينٍ فِي الرِّجَالِ مَقَالَةٌ

تَقَدَّمَهُ فِيهَا شَرِيكٌ وَمَالِكُ

فَإِنْ يَكُ مَا قَالَاهُ سَهْلًا وَوَاسِعًا

فَقَدْ سَهُلَتْ لِابْنِ الْمَعِينِ الْمَسَالِكُ

وَإِنْ يَكُ زُورًا مِنْهُمْ أَوْ نَمِيمَةً

فَمَا مِنْهُمْ فِي الْقَوْلِ إِلَّا مُشَارِكُ،

1942 -

وَأَنْشَدَنِي أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ عُصْفُورٍ رحمه الله لِنَفْسِهِ يُعَارِضُ بَكْرَ بْنَ حَمَّادٍ:

⦗ص: 1019⦘

[البحر الطويل]

أَجَلْ إِنَّ حُكْمَ اللَّهِ فِي الْخَلْقِ سَابِقٌ

وَمَا لَامْرِئٍ عَمَّا يَحِمُّ مَحِيدُ

هُوَ الرَّبُّ لَا تَخْفَى عَلَيْهِ خَفِيَّةٌ

عَلِيمٌ بِمَا تُخْفِي الصُّدُورُ شَهِيدُ

جَرَتْ بِقَضَايَاهُ الْمَقَادِيرُ فِي الْوَرَى

فَمُقَرَّبٌ مِنْ خَيْرِهَا وَبَعِيدُ

أَيَا قَادِحًا فِي الْعِلْمِ زِيدَ عَمَائِهِ

رُوَيْدًا بِمَا تُبْدِي بِهِ وَتُعِيدُ

جَعَلْتَ شَيَاطِينَ الْحَدِيثِ مَرِيدَةً

ألَا إِنَّ شَيْطَانَ الضَّلَالِ مَرِيدُ

وَجَرَحَتْ بِالتَّكْذِيبِ مَنْ كَانَ صَادِقًا

فَقَوْلُكَ مَرْدُودٌ وَأَنْتَ عَنِيدُ

ذَوُو الْعِلْمِ فِي الدُّنْيَا نُجُومُ هِدَايَةٍ

إِذَا غَابَ نَجْمٌ لَاحَ بَعْدُ جَدِيدُ

بِهِمْ عَزَّ دِينُ اللَّهِ طُرًّا وَهُمْ لَهُ

مَعَاقِلُ مِنْ أَعْدَائِهِ وَجُنُودُ

ص: 1016

1943 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، ثنا قَاسِمٌ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ، ثنا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ، عَنِ ابْنِ شَوْذَبٍ، قَالَ: قَالَ مَطَرٌ الْوَرَّاقُ، «الْعُلَمَاءُ مِثْلُ النُّجُومِ فَإِذَا أَظْلَمَتْ تَكَسَّعَ النَّاسُ»

ص: 1019

1944 -

وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنِ ابْنِ شَوْذَبٍ، عَنْ مَطَرٍ " أَنَّهُ سَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ حَدِيثٍ فَحَدَّثَهُ، فَسَأَلَهُ عَنْ تَفْسِيرِهِ، فَقَالَ: لَا أَدْرِي، إِنَّمَا أَنَا زَامِلَةٌ، فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: جَزَاكَ اللَّهُ مِنْ زَامِلَةٍ خَيْرًا، فَإِنَّ عَلَيْكَ مِنْ كُلِّ حُلْوٍ وَحَامِضٍ "

ص: 1020

1945 -

وَبِهِ عَنْ مَطَرٍ الْوَرَّاقِ، أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِ اللَّهِ عز وجل: وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ قَالَ: «هَلْ مِنْ طَالِبِ عِلْمٍ فَيُعَانُ عَلَيْهِ» قَالَ أَبُو عُمَرَ: «أَمَّا طَلَبُ الْحَدِيثِ عَلَى مَا يَطْلُبُهُ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ عَصْرِنَا الْيَوْمَ دُونَ تَفَقُّهٍ فِيهِ وَلَا تَدَبُّرٍ لِمَعَانِيهِ فَمَكْرُوهٌ عِنْدَ جَمَاعَةِ أَهْلِ الْعِلْمِ»

ص: 1020

1946 -

أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ عُمَرَ، نا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْمُنَادِي، قَالَ: حُدِّثْتُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي الْحَوَارِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيَّ يَقُولُ: دَخَلْنَا عَلَى سُفْيَانَ بْنِ سَعِيدٍ الثَّوْرِيِّ وَهُوَ بِمَكَّةَ فِي بَيْتٍ جَالِسًا فِي زَاوِيَتِهِ عَلَى جِلْدٍ فَقَالَ لَنَا: " مَا جَاءَ بِكُمْ؟ فَوَ اللَّهِ لَأَنَا إِذَا لَمْ أَرَكُمْ خَيْرٌ مِنِّي إِذَا رَأَيْتُكُمْ، قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: فَسَكَتْنَا وَتَكَلَّمَ بَعْضُنَا بِكَلَامٍ فَقَطَعَهُ عَلَيْنَا، فَمَا بَرِحْنَا حَتَّى تَبَسَّمَ إِلَيْنَا وَحَدَّثَنَا"

ص: 1020

1947 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْبَاقِي بْنُ قَانِعٍ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى الْبَزَّارُ، قَالَ: سَمِعْتُ بِشْرَ بْنَ الْحَارِثِ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا خَالِدٍ الْأَحْمَرَ يَقُولُ: " يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ تُعَطَّلُ فِيهِ الْمَصَاحِفُ، لَا يُقْرَأُ فِيهَا، يَطْلُبُونَ الْحَدِيثَ وَالرَّأْيَ، ثُمَّ قَالَ: إِيَّاكُمْ وَذَلِكَ؛ فَإِنَّهُ يُصْفِقُ الْوَجْهَ وَيُكْثِرُ الْكَلَامَ وَيَشْغَلُ الْقَلْبَ "

ص: 1021

1948 -

حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ أَحْمَدَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالُوا: نا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ نُعْمَانَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مَرْوَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ الضَّرِيرَ يَقُولُ: سَمِعْتُ وَكِيعًا يَقُولُ: قِيلَ لِدَاوُدَ الطَّائِيِّ، " أَلَا تُحَدِّثُ؟ قَالَ: مَا رَاحَتِي فِي ذَلِكَ، أَكُونُ مُسْتَمْلِيًا عَلَى الصِّبْيَانِ يَأْخُذُونَ عَلَيَّ سَقْطِي فَإِذَا قَامُوا مِنْ عِنْدِي يَقُولُ قَائِلٌ مِنْهُمْ: أَخْطَأَ فِي كَذَا وَيَقُولُ آخَرُ: غَلَطَ فِي كَذَا، مَا رَاحَتِي فِي ذَلِكَ، تَرَى عِنْدِي شَيْئًا لَيْسَ عِنْدِ غَيْرِي؟ "

ص: 1021

1949 -

قَالَ: وَقِيلَ لِدَاوُدَ الطَّائِيِّ، كَمْ تَلْزَمُ بَيْتَكَ أَلَا تَخْرُجُ؟ قَالَ:«أَكْرَهُ أَنْ أُعْمِلَ رِجْلِي فِي غَيْرِ حَقٍّ»

ص: 1022

1950 -

وَبِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ بِشْرٍ الْكُوفِيُّ قَالَ:" دَخَلْتُ عَلَى دَاوُدَ الطَّائِيِّ أَنَا وَجَابِرٌ وَإِسْحَاقُ أَيُّنَا مَنْصُورٌ، فَسَأَلْنَاهُ أَنْ يُحَدِّثَنَا، فَقَالَ: أَتُرِيدُونَ أَنْ أَكُونَ مُؤَدِّبًا لَكُمْ؟ تَتَّبِعُونَ عَثَرَاتِي؟ لَا أُحَدِّثُكُمْ "

ص: 1022

1951 -

وَبِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْحَوَارِيِّ، يَقُولُ: قُلْتُ لِأَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ، حَدِّثْنَا فَقَالَ:«دَعُونَا مِنَ الْحَدِيثِ؛ فَإِنَّا قَدْ كَبِرْنَا وَنَسِينَا الْحَدِيثَ، جِيئُونَا بِذِكْرِ الْمَعَادِ وَالْمَقَابِرِ، إِنْ أَرَدْتُمُ الْحَدِيثَ فَاذْهَبُوا إِلَى هَذَا الَّذِي فِي رُوَاسٍ يَعْنِي وَكِيعًا» قُلْتُ: إِنِّي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ قَالَ: «ذَاكَ أَهْوَنُ لَكَ عِنْدِي»

ص: 1022

1952 -

وَبِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ، قَالَ: سَمِعْتُ الْفُضَيْلَ بْنَ عِيَاضٍ، رحمه الله، يَقُولُ:«إِنْ لَمْ نُؤْجَرْ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ لَقَدْ شَقِينَا»

ص: 1022

1953 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أنا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا أَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَصْرٍ أَبُو إِسْحَاقَ السَّرَقُسْطِيُّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مَنْدُوسٍ، ثنا ابْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ، قَالَ: أَتَيْنَا فُضَيْلَ بْنَ عِيَاضٍ، سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ وَنَحْنُ جَمَاعَةٌ، فَوَقَفْنَا عَلَى الْبَابِ فَلَمْ يَأْذَنْ لَنَا بِالدُّخُولِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنْ كَانَ خَارِجًا لِشَيْءٍ فَسَيَخْرُجُ لِتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ، قَالَ: فَأَمَرْنَا قَارِئًا فَقَرَأَ فَاطَّلَعَ عَلَيْنَا مِنْ كُوَّةٍ، فَقُلْنَا: السَّلَامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، فَقَالَ:«وَعَلَيْكُمُ السَّلَامُ» فَقُلْنَا: كَيْفَ أَنْتَ يَا أَبَا عَلِيٍّ؟ وَكَيْفَ حَالُكَ؟ فَقَالَ: " أَنَا مِنَ اللَّهِ فِي عَافِيَةٍ وَمِنْكُمْ فِي أَذًى، وَإِنَّ مَا أَنْتُمْ فِيهِ حَدَثٌ فِي الْإِسْلَامِ فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ مَا هَكَذَا يُطْلَبُ الْعِلْمُ، وَلَكِنَّا كُنَّا نَأْتِي الْمَسْجِدَ فَلَا نَرَى أَنْفُسَنَا أَهْلًا لِلْجُلُوسِ مَعَهُمْ فِي الْحِلَقِ، فَنَجْلِسُ دُونَهُمْ وَنَسْتَرِقُ السَّمْعَ، فَإِذَا مَرَّ الْحَدِيثُ سَأَلْنَاهُمْ إِعَادَتَهُ وَقَيَّدْنَاهُ، وَأَنْتُمْ تَطْلُبُونَ الْعِلْمَ بِالْجَهْلِ وَقَدْ ضَيَّعْتُمْ كِتَابَ اللَّهِ، وَلَوْ طَلَبْتُمْ كِتَابَ اللَّهِ لَوَجَدْتُمْ فِيهِ شِفَاءً لِمَا تُرِيدُونَ، قَالَ: قُلْنَا: قَدْ تَعَلَّمْنَا الْقُرْآنَ قَالَ: إِنَّ فِيَ تَعْلِيمِكُمُ الْقُرْآنَ شُغُلًا لِأَعْمَارِكِمْ وَأَعْمَارِ أَوْلَادِكُمْ " قُلْنَا: كَيْفَ يَا أَبَا عَلِيٍّ؟ قَالَ: " لَنْ تَعْلَمُوا الْقُرْآنَ حَتَّى تَعْرِفُوا إِعْرَابَهُ وَمُحْكَمَهُ ومُتَشَابِهَهُ وَنَاسِخَهُ وَمَنْسُوخَهُ، فَإِذَا عَرَفْتُمْ ذَلِكَ اسْتَغْنَيْتُمْ عَنْ كَلَامِ فُضَيْلٍ وَابْنِ عُيَيْنَةَ، ثُمَّ قَالَ: أَعُوذُ بِاللَّهِ السَّمِيعِ الْعَلِيمِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [يونس: 58] "

ص: 1023

1954 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ، ثنا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، نا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ،

⦗ص: 1024⦘

قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَيْفُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ عَفَّانَ أَوْ عَمَّارٍ، رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَرَاجِمِ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ بْنَ مُزَاحِمٍ يَقُولُ: «يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يُعَلِّقُونَ الْمُصْحَفَ حَتَّى يُعَشِّشَ فِيهِ الْعَنْكَبُوتُ، لَا يُنْتَفَعُ بِمَا فِيهِ، وَتَكُونُ أَعْمَالُ النَّاسِ بِالرِّوَايَاتِ وَالْحَدِيثِ»

ص: 1023

1955 -

حَدَّثَنِي خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، ثنا ابْنُ السَّكَنِ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بَدْرٍ الْمَوْصِلِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ زَيْدٍ الْفَرَائِضِيُّ، قَالَ: ثنا حَسَنُ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: سَمِعْتُ فُضَيْلَ بْنَ عِيَاضٍ، يَقُولُ لِأَصْحَابِ الْحَدِيثِ:«لِمَ تُكْرِهُونِي عَلَى أَمْرٍ تَعْلَمُونَ أَنِّي لَهُ كَارِهٌ؟ لَوْ كُنْتُ عَبْدًا لَكُمْ فَكَرِهْتُكُمْ لَكَانَ نَوْلُكُمْ أَنْ تَتَّبِعُونِي، وَلَوْ أَعْلَمُ أَنِّي لَوْ دَفَعْتُ إِلَيْكُمْ رِدَائِي هَذَا ذَهَبْتُمْ عَنِّي لَدَفَعْتُهُ إِلَيْكُمْ»

ص: 1024

1956 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، ثنا قَاسِمٌ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي النَّضْرِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا أُسَامَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ يَقُولُ:

⦗ص: 1025⦘

«لَيْسَ طَلَبُ الْحَدِيثِ مِنْ عَدَدِ الْمَوْتِ، وَلَكِنَّهُ عِلَّةٌ يَتَشَاغَلُ بِهِ الرَّجُلُ»

ص: 1024

1957 -

وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ ثنا قَاسِمٌ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ، ثنا قُطْبَةُ بْنُ الْعَلَاءِ بْنِ الْمِنْهَالِ الْغَنَوِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ، يَقُولُ:«أَنَا فِيهِ، يَعْنِي الْحَدِيثَ، مُنْذُ سِتِّينَ سَنَةً، وَدِدْتُ أَنِّي خَرَجْتُ مِنْهُ كَفَافًا لَا لِي وَلَا عَلَيَّ»

ص: 1025

1958 -

حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ، نا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ الْمُقْرِئُ، نا ابْنُ الْمُنَادِي، نا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْخَالِقِ، نا أَبُو هَمَّامٍ الْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعٍ السَّكُونِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، وَقَبِيصَةُ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، قَالَ:«لَيْتَنِي انْقَلِبُ مِنْهُ كَفَافًا لَا لِي وَلَا عَلَيَّ»

ص: 1025

1959 -

قَالَ: وَثنا الثَّوْرِيُّ، عَمَّنْ سَمِعَ الشَّعْبِيَّ، يَقُولُ:«لَيْتَنِي أَنْقَلِبُ مِنْ عَمَلِي كَفَافًا لَا لِي وَلَا عَلَيَّ»

ص: 1026

1960 -

وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ، نا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، نا ابْنُ الْمُنَادِي، نا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ عُيَيْنَةَ يَقُولُ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: «مَا تُرِيدُ إِلَى شَيْءٍ إِذَا بَلَغْتَ مِنْهُ الْغَايَةَ تَمَنَّيْتَ أَنْ تَنْقَلِبَ مِنْهُ كَفَافًا»

ص: 1026

1961 -

وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ، نا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَدَّادُ، قَالَ: سَمِعْتُ يَمُوتَ بْنَ الْمُزْرِعِ، يَقُولُ:«إِذَا رَأَيْتَ الشَّيْخَ يَعْدُو فَاعْلَمْ أَنَّ أَصْحَابَ الْحَدِيثِ خَلْفَهُ»

ص: 1026

1962 -

وَرُوِّينَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي الْحَوَارِيِّ قَالَ: قَالَ أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ: «الرِّيَاسَةُ فِي الْحَدِيثِ رِيَاسَةٌ مُذِلَّةٌ» إِذَا صَحَّ الشَّيْخُ الْحَدِيثَ، وَحَفِظَ وَصَدَقَ

⦗ص: 1027⦘

قَالُوا: شَيْخٌ كَيِّسٌ، وَإِذَا وَهِمَ فِي الْحَدِيثِ قَالُوا: كَذَبَ "

ص: 1026

1963 -

وَرَوَى الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَّامٍ قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ قَالَ: رُوَاةُ الشِّعْرِ أَعْقَلُ مِنْ رُوَاةِ الْحَدِيثِ، لِأَنَّ رُوَاةَ الْحَدِيثِ يَرْوُونَ مَصْنُوعًا كَثِيرًا، وَرُوَاةَ الشِّعْرِ سَاعَةَ يُنْشِدُونَ الْمَصْنُوعَ يَتَفَقَّدُونَهُ وَيَقُولُونَ: هَذَا مَصْنُوعٌ "

ص: 1027

1964 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ، ثنا قَاسِمٌ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَّامٍ، قَالَ: قَالَ عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، «مَا رَأَيْتُ عِلْمًا أَشْرَفَ وَلَا أَهْلًا أَسْخَفَ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ»

ص: 1027

1965 -

حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ، نا الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ، نا عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ، نا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَّادٍ الْبَاهِلِيُّ، نا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ مِسْعَرًا، يَقُولُ:«مَنْ أَبْغَضَنِي جَعَلَهُ اللَّهُ مُحَدِّثًا، وَوَدِدْتُ أَنَّ هَذَا الْعِلْمَ كَانَ حِمْلَ قَوَارِيرَ حَمَلْتُهُ عَلَى رَأْسِي فَوَقَعَ فَتَكَسَّرَ فَاسْتَرَحْتُ مِنْ طُلَّابِهِ»

ص: 1027

1966 -

وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، نا مَسْلَمَةُ بْنُ قَاسِمٍ، نا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى، نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ، نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ، يَقُولُ، وَنَظَرَ إِلَى أَصْحَابِ الْحَدِيثِ فَقَالَ:«أَنْتُمْ سُخْنَةُ عَيْنِي لَوْ أَدْرَكَنَا وَإِيَّاكُمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لَأَوْجَعَنَا ضَرْبًا»

ص: 1028

1967 -

حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ أَحْمَدَ، نا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ، نا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، نا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَيَّاشٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ مُغِيرَةَ الضَّبِّيَّ يَقُولُ: «وَاللَّهِ لَأَنَا أَشَدُّ خَوْفًا مِنْهُمْ مِنِّي مِنَ الْفُسَّاقِ» يَعْنِي أَصْحَابَ الْحَدِيثِ

ص: 1028

1968 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ، نا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ، نا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الدَّوْرَقِيِّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارٍ الْعَيْشِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي عَدِيٍّ يَقُولُ: قَالَ شُعْبَةُ «كُنْتُ إِذَا رَأَيْتُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ يَجِيءُ أَفْرَحُ، فَصِرْتُ الْيَوْمَ لَيْسَ شَيْءٌ أَبْغَضَ إِلَىَّ مِنْ أَنْ أَرَى وَاحِدًا مِنْهُمْ»

ص: 1028

1969 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ: أَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَال: نا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ قَالَ: سَمِعْتُ شُعْبَةَ يَقُولُ: «إِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ يَصُدُّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ، فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ» ، قَالَ أَبُو عُمَرَ: بَلَغَنِي عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ إِذَا حُدِّثُوا بِحدِيثِ شُعْبَةَ هَذَا: وَأَيُّ شَيْءٍ كَانَ يَكُونُ شُعْبَةُ لَوْلَا الْحَدِيثُ؟، قَالَ أَبُو عُمَرَ: إِنَّمَا عَابُوا الْإِكْثَارَ خَوْفًا مِنْ أَنْ يَرْتَفِعَ التَّدَبُّرُ وَالتَّفَهُّمُ، أَلَا تَرَى مَا حَكَاهُ

ص: 1029

1970 -

بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ قَالَ: سَأَلَنِي الْأَعْمَشُ عَنْ مَسْأَلَةٍ، وَأَنَا وَهُوَ لَا غَيْرَ، فَأَجَبْتُهُ، فَقَالَ لِي: مِنْ أَيْنَ قُلْتَ هَذَا يَا يَعْقُوبُ؟ فَقُلْتُ: بِالْحَدِيثِ الَّذِي حَدَّثْتَنِي أَنْتَ، ثُمَّ حَدَّثْتُهُ، فَقَالَ لِي:«يَا يَعْقُوبُ إِنِّي لَأَحْفَظُ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَجْتَمِعَ أَبَوَاكَ مَا عَرَفْتُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا الْآنَ» .

1971 -

وَرُوِيَ نَحْوُ هَذَا أَنَّهُ جَرَى بَيْنَ الْأَعْمَشِ وَأَبِي يُوسُفَ وَأَبِي حَنِيفَةَ فَكَانَ

⦗ص: 1030⦘

مِنْ قَوْلِ الْأَعْمَشِ: «أَنْتُمُ الْأَطِبَّاءُ وَنَحْنُ الصَّيَادِلَةُ» ،

1972 -

وَمِنْ هُنَا قَالَ الزَّبِيدِيُّ: إِنَّ مَنْ يَحْمِلُ الْحَدِيثَ وَلَا يَعْرِفُ فِيهِ التَّأْوِيلَ كَالصَّيْدَلَانِيِّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ هَذِهِ الْأَبْيَاتِ بِتَمَامِهَا فِي كِتَابِنَا هَذَا

ص: 1029

1973 -

أَخْبَرَنِي خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ شَعْبَانَ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدٍ، ثنا عَلَّانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، ثنا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدِ بْنِ شَدَّادٍ، ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: كُنْتُ فِي مَجْلِسِ الْأَعْمَشِ فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَسَأَلَهُ عَنْ مَسْأَلَةٍ فَلَمْ يُجِبْهُ فِيهَا، وَنَظَرَ فَإِذَا أَبُو حَنِيفَةَ فَقَالَ:«يَا نُعْمَانُ، قُلْ فِيهَا» قَالَ: الْقَوْلُ فِيهَا كَذَا، قَالَ:«مِنْ أَيْنَ؟» قَالَ: مِنْ حَدِيثِ كَذَا، أَنْتَ حَدَّثْتَنَاهُ، قَالَ: فَقَالَ الْأَعْمَشُ، «نَحْنُ الصَّيَادِلَةُ وَأَنْتُمُ الْأَطِبَّاءُ»

ص: 1030

1974 -

وَذَكَرَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَّامٍ: ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ قَالَ: رُوَاةُ الشِّعْرِ أَيْقَظُ وَأَعْقَلُ مِنْ رُوَاةِ الْحَدِيثِ، لِأَنَّ رُوَاةَ الْحَدِيثِ يَرْوُونَ مَوْضُوعًا وَمَصْنُوعًا كَثِيرًا، وَرُوَاةَ الشِّعْرِ سَاعَةَ يُنْشِدُونَ الْمَصْنُوعَ يَتَفَقَّدُونَهُ وَيَقُولُونَ: هَذَا مَصْنُوعٌ "

ص: 1030

1975 -

وَذَكَرَ ابْنُ مِقْسَمٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي دَاوُدَ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: الْحَدِيثُ لَا يَحْتَمِلُ حُسْنَ الظَّنِّ

ص: 1030

1976 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ قَاسِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْقَاسِمِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: سَمِعْتُ سُرَيْجَ بْنَ يُونُسَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ يَمَانٍ، يَقُولُ:«يَكْتُبُ أَحَدُهُمُ الْحَدِيثَ وَلَا يَتَفَهَّمُ وَلَا يَتَدَبَّرُ فَإِذَا سُئِلَ أَحَدُهُمْ عَنْ مَسْأَلَةٍ جَلَسَ كَأَنَّهُ مُكَاتَبٌ»

ص: 1031

1977 -

أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ أَحْمَدَ، نا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ، نا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، نا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَيَّاشٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ مُغِيرَةَ الضَّبِّيَّ، يَقُولُ:«وَاللَّهِ لَأَنَا أَشَدُّ خَوْفًا مِنْهُمْ مِنِّي مِنَ الْفُسَّاقِ، يَعْنِي أَصْحَابَ الْحَدِيثِ»

1978 -

وَفِيمَا رَوَاهُ عَبْدَانُ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ أَنَّهُ قَالَ: لِيَكُنِ الَّذِي تَعْتَمِدُ عَلَيْهِ الْأَثَرُ، وَخُذْ مِنَ الرَّأْيِ مَا يُفَسِّرُ لَكَ الْحَدِيْثَ

1979 -

وَقَالَ وَكِيعٌ: كُنَّا نَسْتَعِينُ عَلَى حِفْظِ الْحَدِيثِ بِالْعَمَلِ بِهِ، وَكُنَّا نَسْتَعِينُ عَلَى طَلَبِهِ بِالصَّوْمِ

ص: 1031

1980 -

وَرَوَى ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: قَالَ لِي إِيَاسُ بْنُ مُعَاوِيَةَ: أَرَاكَ تَطْلُبُ الْحَدِيثَ وَالتَّفْسِيرَ، فَإِيَّاكَ وَالشَّنَاعَةَ؛ فَإِنَّ صَاحِبَهَا لَنْ يَسْلَمَ مِنْ عَيْبٍ

1981 -

قَالَ أَبُو عُمَرَ: " فِي مِثْلِ هَذَا يَقُولُ الشَّاعِرُ:

[البحر الطويل]

زَوَامِلُ لِلْأَسْفَارِ لَا عِلْمَ عِنْدَهُمْ

بِجَيِّدِهَا إِلَّا كَعِلْمِ الْأَبَاعِرِ

لَعَمْرِي مَا يَدْرِي الْبَعِيرُ إِذَا غَدَا

بِأَحْمَالِهِ أَوْ رَاحَ مَا فِي الْغَرَائِرِ.

1982 -

قَالَ عَمَّارٌ الْكَلْبِيُّ:

[البحر البسيط]

إِنَّ الرُّوَاةَ عَلَى جَهْلٍ بِمَا حَمَلُوا

مِثْلَ الْجِمَالِ عَلَيْهَا يُحْمَلُ الْوَدَعُ

لَا الْوَدَعُ يَنْفَعُهُ حِمْلُ الْجَمَالِ لَهُ

وَلَا الْجَمَالُ بِحْمِلِ الْوَدَعِ تَنْتَفِعُ

1983 -

وَقَالَ الْخُشَنِيُّ رحمه الله:

[البحر الكامل]

قَطَعْتُ بِلَادَ اللَّهِ لِلْعِلْمِ طَالِبًا

فَحَمَلْتُ أَسْفَارًا فَصِرْتُ حِمَارَهَا

إِذَا مَا أَرَادَ اللَّهُ حَتْفًا بِنَمْلَةٍ

أَتَاحَ جَنَاحَيْنِ لَهَا فَأَطَارَهَا

1984 -

وَقَالَ مُنْذِرُ بْنُ سَعِيدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى:

[البحر الرجز]

انْعِقْ بِمَا شِئْتَ تَجِدْ أَنْصَارَا

وَرُمْ أَسْفَارًا تَجِدْ حِمَارَا

يَحْمِلُ مَا وَضَعْتَ مِنْ أَسْفَارِ

مَثَلُهُ كَمَثَلِ الْحِمَارِ

يَحْمِلُ أَسْفَارًا لَهُ وَمَا دَرَى

إِنْ كَانَ مَا فِيهَا صَوَابًا أَوْ خَطَا

إِنْ سُئِلُوا قَالُوا كَذَا رُوِّينَا

مَا إِنْ كَذَبْنَا لَا وَلَا اعْتَدَيْنَا

أَوْجَهُهُمْ مَنْ قَالَ: ذِي رِوَايَةْ

لَيْسَ بِمَعْنَاهَا لَهُ دِرَايَهْ

كَبِيرُهُمْ يَصْغُرُ عِنْدَ الْحَفْلِ

لِأَنَّهُ قَلَّدَ أَهْلَ الْجَهْلِ

ص: 1032

1985 -

حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِبِ، قَالَ: سَمِعْتُ حَفْصَ بْنَ غِيَاثٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ الْأَعْمَشَ يَقُولُ لِأَصْحَابِ الْحَدِيثِ: «لَقَدْ رَدَّدْتُمُوهُ حَتَّى صَارَ فِي حَلْقِي أَمَرَّ مِنَ الْعَلْقَمِ، مَا عَطَفْتُمْ عَلَى أَحَدٍ إِلَّا حَمَلْتُمُوهُ عَلَى الْكَذِبِ»

1986 -

قَالَ أَبُو يُوسُفَ الْقَاضِي: «مَنْ تَتَبَّعَ غَرَائِبَ الْأَحَادِيثِ كَذَبَ، وَمَنْ طَلَبَ الدِّينَ بِالْكَلَامِ تَزَنْدَقَ، وَمَنْ طَلَبَ الْمَالَ بِالْكِيمْيَاءِ أَفْلَسَ»

ص: 1033

1987 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ، ثنا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ، نا ابْنُ الْأَصْبَهَانِيِّ، قَالَ: ثنا حَفْصٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ:«لَا يَتَفَقَّهُ الرَّجُلُ فِي الْحَدِيثِ حَتَّى يَأْخُذَ مِنْهُ وَيَدَعَ مِنْهُ»

ص: 1033

1988 -

سَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ، رحمه الله يَقُولُ: سَمِعْتُ حَمْزَةَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْكِنَانِيَّ قَالَ: " خَرَّجْتُ حَدِيثًا وَاحِدًا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ مِائَتَيْ طَرِيقٍ أَوْ مِنْ نَحْوِ مِائَتَيْ طَرِيقٍ، شَكَّ أَبُو مُحَمَّدٍ قَالَ: فَدَاخَلَنِي مِنْ ذَلِكَ مِنَ الْفَرَحِ غَيْرُ قَلِيلٍ وَأُعْجِبْتُ بِذَلِكَ قَالَ: فَرَأَيْتُ لَيْلَةً مِنَ اللَّيَالِي يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ فِي الْمَنَامِ فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا زَكَرِيَّا خَرَّجْتُ حَدِيثًا وَاحِدًا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ مِائَتَيْ طَرِيقٍ قَالَ: فَسَكَتَ عَنِّي سَاعَةً ثُمَّ قَالَ: أَخْشَى أَنْ يَدْخُلَ هَذَا تَحْتَ {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} [التكاثر: 1] "

1989 -

وَقَالَ عَمَّارُ بْنُ رُزَيْقٍ لِابْنِهِ وَرَآهُ يَطْلُبُ الْحَدِيثَ: «يَا بُنَيَّ اعْمَلْ بِقَلِيلِهِ تَزْهَدْ فِي كَثِيرِهِ»

ص: 1034

1990 -

حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، نا بُكَيْرُ بْنُ الْحَسَنِ الرَّازِيُّ أَبُو الْقَاسِمِ، بِمِصْرَ ثنا أَبُو يَعْقُوبَ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبَغْدَادِيُّ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ أَبِي خِدَاشٍ الْمَوْصِلِيُّ بِمِصْرَ ثنا أَبِي، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجَرَّاحِ بْنِ مَلِيحٍ، عَنْ بَكْرِ بْنِ زُرْعَةَ الْخَوْلَانِيِّ، عَنْ أَبِي عُتْبَةَ الْخَوْلَانِيِّ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " إِنَّ اللَّهَ تبارك وتعالى لَا يَزَالُ يَغْرِسُ فِي هَذَا الدِّينِ غَرْسًا يَسْتَعْمِلُهُمْ بِطَاعَتِهِ قَالَ أَبُو يَعْقُوبَ: بَلَغَنِي عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ رحمه الله قَالَ:

⦗ص: 1035⦘

«هُمْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ»

ص: 1034

1991 -

حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، ثنا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ السَّكَنِ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْفَرَائِضِيُّ، بِبَغْدَادَ ثنا أَبُو عِيسَى مُحَمَّدُ بْنُ مَالِكٍ الْخُزَاعِيُّ، ثنا عَبَّاسٌ الدُّورِيُّ، ثنا قُرَادٌ أَبُو نُوحٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ غَزْوَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ شُعْبَةَ، يَقُولُ:«إِذَا رَأَيْتَ الْمِحْبَرَةَ فِي بَيْتِ إِنْسَانٍ فَارْحَمْهُ وَإِنْ كَانَ فِي كُمِّكَ شَيْءٌ فَأَطْعِمْهُ»

ص: 1035

1992 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ، قَالَ: أنا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ الْفَسَوِيُّ بِبَغْدَادَ، ثنا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ الْفَسَوِيُّ نا الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ نا الْحُنَيْنِيُّ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: «يَنْبَغِي أَنْ تَتَّبِعَ آثَارَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، لَا تَتَّبِعِ الرَّأْيَ»

ص: 1036

1993 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ، ثنا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ، نا ابْنُ الْأَصْبَهَانِيِّ نا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ:«لَا يَفْقَهُ الرَّجُلُ فِي الْحَدِيثِ حَتَّى يَأْخُذَ مِنْهُ وَيَدَعَ»

ص: 1036