المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب اجتهاد الرأي على الأصول عند عدم النصوص في حين نزول النازلة - جامع بيان العلم وفضله - جـ ٢

[ابن عبد البر]

فهرس الكتاب

- ‌بَابُ الْعِبَارَةِ عَنْ حُدُودِ عِلْمِ الدِّيَانَاتِ وَسَائِرِ الْعُلُومِ الْمُتَصَرِّفَاتِ بِحَسَبِ تَصَرُّفِ الْحَاجَاتِ وَسَائِرِ الْعُلُومِ الْمُنْتَحِلَاتِ عِنْدَ جَمِيعِ أَهْلِ الْمَقَالَاتِ. قَالَ أَبُو عُمَرَ رضي الله عنه: " حَدُّ الْعِلْمِ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ وَالْمُتَكَلِّمِينَ فِي هَذَا الْمَعْنَى هُوَ مَا اسْتَيْقَنْتَهُ وَتَبَيَّنْتَهُ وَكُلُّ مَنِ اسْتَيْقَنَ شَيْئًا وَتَبَيَّنَهُ فَقَدْ عَلِمَهُ

- ‌بَابٌ مُخْتَصَرٌ فِي مُطَالَعَةِ كُتُبِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالرِّوَايَةِ عَنْهُمْ

- ‌بَابُ مَنْ يَسْتَحِقُّ أَنْ يُسَمَّى فَقِيهًا أَوْ عَالِمًا حَقِيقَةً لَا مَجَازًا، وَمَنْ يَجُوزُ لَهُ الْفُتْيَا عِنْدَ الْعُلَمَاءِ

- ‌بَابُ مَا يَلْزَمُ الْعَالِمَ إِذَا سُئِلَ عَمَّا لَا يَدْرِيهِ مِنْ وُجُوهِ الْعِلْمِ

- ‌بَابُ اجْتِهَادِ الرَّأْيِ عَلَى الْأُصُولِ عِنْدَ عَدَمِ النُّصُوصِ فِي حِينِ نُزُولِ النَّازِلَةِ

- ‌بَابٌ: نُكْتَةٌ يُسْتَدَلُّ بِهَا عَلَى اسْتِعْمَالِ عُمُومِ الْخِطَابِ فِي السُّنَنِ وَالْكِتَابِ وَعَلَى إِبَاحَةِ تَرْكِ ظَاهِرِ الْعُمُومِ لِلِاعْتِبَارِ بِالْأُصُولِ

- ‌بَابٌ فِي خَطَأِ الْمُجْتَهِدِينَ مِنَ الْحُكَّامِ وَالْمُفْتِينَ

- ‌بَابُ نَفْيِ الِالْتِبَاسِ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الدَّلِيلِ " وَالْقِيَاسِ وَذِكْرِ مَنْ ذَمَّ الْقِيَاسَ عَلَى غَيْرِ أَصْلٍ وَمَا يَرُدُّهُ مِنَ الْقِيَاسِ أَصْلٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ رحمه الله: " لَا خِلَافَ بَيْنَ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ وَسَائِرِ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَهُمْ أَهْلُ الْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ فِي نَفْيِ الْقِيَاسِ فِي التَّوْحِيدِ وَإِثْبَاتِهِ فِي الْأَحْكَامِ إِلَّا دَاوُدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ

- ‌بَابُ جِامِعِ بَيَانِ مَا يَلْزَمُ النَّاظِرَ فِي اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ قَالَ أَبُو عُمَرَ: " اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي هَذَا الْبَابِ عَلَى قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ اخْتِلَافَ الْعُلَمَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ الْأَئِمَّةِ، رحمهم الله، رَحْمَةٌ وَاسِعَةٌ وَجَائِزٌ لِمَنْ نَظَرَ فِي اخْتِلَافِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَأْخُذَ بِقَوْلِ

- ‌بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ مِنْ أَقَاوِيلِ السَّلَفِ عَلَى أَنَّ الِاخْتِلَافَ خَطَأٌ وَصَوَابٌ «يَلْزَمُ طَالِبُ الْحُجَّةِ عِنْدَهُ، وَذِكْرُ بَعْضِ مَا خَطَّأَ فِيهِ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَأَنْكَرَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ عِنْدَ اخْتِلَافِهِمْ، وَذِكْرُ مَعْنَى قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم» أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ

- ‌بَابُ ذِكْرِ مَنْ ذَمَّ الْإِكْثَارَ مِنَ الْحَدِيثِ دُونَ التَّفَهُّمِ لَهُ وَالتَّفَقُّهِ فِيهِ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي ذَمِّ الْقَوْلِ فِي دِينِ اللَّهِ تَعَالَى بِالرَّأْيِ وَالظَّنِّ وَالْقِيَاسِ عَلَى غَيْرِ أَصْلٍ وَعَيْبِ الْإِكْثَارِ مِنَ الْمَسَائِلِ دُونَ اعْتِبَارٍ

- ‌بَابُ حُكْمِ قَوْلِ الْعُلَمَاءِ بَعْضِهِمْ فِي بَعْضٍ

- ‌بَابُ تَدَافُعِ الْفَتْوَى وَذَمِّ مَنْ سَارَعَ إِلَيْهَا

- ‌بَابُ رُتَبِ الطَّلَبِ وَكَشْفِ الْمَذْهَبِ قَالَ أَبُو عُمَرَ رحمه الله: " طَلَبُ الْعِلْمِ دَرَجَاتٌ وَمَنَاقِلُ وَرُتَبٌ لَا يَنْبَغِي تَعَدِّيهَا وَمَنْ تَعَدَّاهَا جُمْلَةً فَقَدْ تَعَدَّى سَبِيلَ السَّلَفِ رحمهم الله وَمَنْ تَعَدَّى سَبِيلَهُمْ عَامِدًا ضَلَّ، وَمَنْ تَعَدَّاهُ مُجْتَهِدًا زَلَّ فَأَوَّلُ الْعِلْمِ حِفْظُ كِتَابِ اللَّهِ عز وجل وَتَفَهُّمُهُ وَكُلُّ مَا يُعِينُ عَلَى فَهْمِهِ

- ‌بَابٌ فِي الْعَرْضِ عَلَى الْعَالِمِ وَقَوْلِ: أَخْبَرَنَا وَحَدَّثَنَا وَاخْتِلَافِهِمْ فِي ذَلِكَ وَفِي الْإِجَازَةِ وَالْمُنَاوَلَةِ

- ‌بَابٌ فِيمَنْ تَأَوَّلَ الْقُرْآنَ وَتَدَبَّرَهُ وَهُوَ جَاهِلٌ بِالسُّنَّةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ: «أَهْلُ الْبِدَعِ أَجْمَعُ أَضْرَبُوا عَنِ السُّنَّةِ وَتَأَوَّلُوا الْكِتَابَ عَلَى غَيْرِ مَا بَيَّنَتِ السُّنَّةُ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْخُذْلَانِ وَنَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ وَالْعِصْمَةَ بِْرَحْمَتِهِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم التَّحْذِيرُ عَنْ ذَلِكَ فِي

- ‌بَابُ فَضْلِ السُّنَّةِ وَمُبَايَنَتِهَا لِسَائِرِ أَقْوَالِ عُلَمَاءِ الْأُمَّةِ

- ‌بَابُ ذِكْرِ بَعْضِ مَنْ كَانَ لَا يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَّا وَهُوَ عَلَى وُضُوءٍ

- ‌بَابٌ فِي إِنْكَارِ أَهْلِ الْعِلْمِ مَا يَجِدُونَهُ مِنَ الْأَهْوَاءِ وَالْبِدَعِ

الفصل: ‌باب اجتهاد الرأي على الأصول عند عدم النصوص في حين نزول النازلة

‌بَابُ اجْتِهَادِ الرَّأْيِ عَلَى الْأُصُولِ عِنْدَ عَدَمِ النُّصُوصِ فِي حِينِ نُزُولِ النَّازِلَةِ

ص: 844

1592 -

قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سُفْيَانَ، أَحَدَّثَكُمْ قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ؟ قَالَ: نَعَمْ، حَدَّثَنَا قَالَ: نا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ، ثنا مُسَدَّدٌ قَالَ: نا يَحْيَى الْقَطَّانُ، عَنْ شُعْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عَوْنٍ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِ مُعَاذٍ، عَنْ مُعَاذٍ، أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْيَمَنِ قَالَ: «كَيْفَ تَقْضِي؟»

⦗ص: 845⦘

1593 -

وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ: نا قَاسِمٌ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ: نا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، أنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي عَوْنٍ وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ الْحَارِثَ بْنَ عَمْرِو ابْنَ أَخِي الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، يُحَدِّثُ عَنْ أَصْحَابِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا بَعَثَ مُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ قَالَ:«كَيْفَ تَقْضِي» ثُمَّ اتَّفَقَا إِذَا عَرَضَ لَكَ قَضَاءٌ؟ " قَالَ: أَقْضِي بِكِتَابِ اللَّهِ قَالَ: «فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي كِتَابِ اللَّهِ؟» قَالَ: فَبِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ؟» قَالَ: أَجْتَهِدُ رَأْيِي وَلَا آلُو، قَالَ: فَضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَدْرَهُ وَقَالَ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَفَّقَ رَسُولَ رَسُولِ اللَّهِ لِمَا يُرْضِي رَسُولَ اللَّهِ» وَلَفْظُ حَدِيثِ الْقَطَّانِ عَلَى لَفْظِ مُعَاذٍ: فَضَرَبَ صَدْرِي وَقَالَ لِي نَحْوَ هَذَا

ص: 844

1594 -

أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ: نا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوْحٍ الْمَدَائِنِيُّ قَالَ: أنا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي عَوْنٍ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ عَمْرٍو ابْنِ أَخِي الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، عَنْ أَصْحَابِ مُعَاذٍ مِنْ أَهْلِ حِمْصٍ، عَنْ مُعَاذٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ قَالَ لَهُ:«كَيْفَ تَصْنَعُ إِنْ عَرَضَ لَكَ قَضَاءٌ؟» قَالَ: أَقْضِي بِمَا فِي كِتَابِ اللَّهِ قَالَ: «فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي كِتَابِ اللَّهِ؟» قَالَ: فَبِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ، قَالَ:«فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ؟» قَالَ: أَجْتَهِدُ رَأْيِي لَا آلُو قَالَ: فَضَرَبَ بِيَدِهِ فِي صَدْرِي وَقَالَ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَفَّقَ رَسُولَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِمَا يَرْضَاهُ رَسُولُ اللَّهِ»

ص: 846

1595 -

أَخْبَرَنَا أَبُو ذَرٍّ عَبْدُ بْنُ أَحْمَدَ الْهَرَوِيُّ، فِيمَا أَذِنَ لَنَا أَنْ نَرْوِيَهُ عَنْهُ إِجَازَةً قَالَ: أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ مُوسَى الْبَاغَنْدِيُّ بِجُرْجَانَ قِرَاءَةً عَلَيْهِ ثنا أَبُو نُعَيْمٍ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَقِيهُ، ثنا دَاوُدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ خَلَفٍ قَالَ: حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ شُرَيْحٍ، أَنَّ عُمَرَ، كَتَبَ إِلَيْهِ:«إِذَا أَتَاكَ أَمْرٌ فَاقْضِ فِيهِ بِمَا فِي كِتَابِ اللَّهِ فَإِنْ أَتَاكَ مَا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَاقْضِ بِمَا سَنَّ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ، فَإِنْ أَتَاكَ مَا لَيْسَ فِي كِتَابٍ وَلَمْ يَسُنَّ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاقْضِ بِمَا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ النَّاسُ، وَإِنْ أَتَاكَ مَا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَلَمْ يَسُنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ فِيهِ أَحَدٌ فَأَيَّ الْأَمْرَيْنِ شِئْتَ فَخُذْ بِهِ» قَالَ أَبُو عُمَرَ هَكَذَا رُوِيَ عَنْ دَاوُدَ هَذَا الْحَدِيثَ، أَلْفَاظُهُ مُخَالِفَةٌ لِمَا رَوَاهُ الثِّقَاتُ الْحُفَّاظُ، وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ قَالَ: إِنَّ كُلَّ نَازِلَةٍ تَنْزِلُ بِالنَّاسِ فَفِي كِتَابِ اللَّهِ؛ لِقَوْلِهِ {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: 38]، وَ {تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} [النحل: 89]

ص: 846

1596 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ: نا قَاسِمٌ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ: نا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: نا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، نا الشَّيْبَانِيُّ قَالَ: نا عَامِرٌ الشَّعْبِيُّ قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، إِلَى شُرَيْحٍ " إِذَا وَجَدْتَ شَيْئًا فِي كِتَابِ اللَّهِ فَاقْضِ بِهِ وَلَا تَلْتَفِتْ إِلَى غَيْرِهِ، وَإِذَا أَتَى شَيْءٌ، أَرَاهُ قَالَ: لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَلَيْسَ فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ، وَلَمْ يَقُلْ فِيهِ أَحَدٌ قَبْلَكَ فَإِنْ شِئْتَ أَنْ تَجْتَهِدَ رَأْيَكَ فَتَقَدَّمْ، وَإِنْ شِئْتَ أَنْ تَتَأَخَّرَ فَتَأَخَّرْ وَمَا أَرَى التَّأَخُّرَ إِلَّا خَيْرًا لَكَ "

ص: 847

1597 -

قَالَ: وَنا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: نا عَبْدُ الْوَاحِدِ، ثنا الْأَعْمَشُ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: أَكْثَرَ النَّاسُ يَوْمًا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ يَسْأَلُونَهُ فَقَالَ: " أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ قَدْ أَتَى عَلَيْنَا زَمَانٌ وَلَسْنَا نَقْضِي وَلَسْنَا هُنَاكَ فَمَنِ ابْتُلِيَ بِقَضَاءٍ بَعْدَ الْيَوْمِ فَلْيَقْضِ بِمَا فِي كِتَابِ اللَّهِ، فَإِنْ أَتَاهُ مَا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَلَمْ يَقُلْ فِيهِ نَبِيُّهُ صلى الله عليه وسلم فَلْيَقْضِ بِمَا قَضَى بِهِ الصَّالِحُونَ، فَإِنْ أَتَاهُ أَمْرٌ لَمْ يَقْضِ بِهِ الصَّالِحُونَ وَلَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَلَمْ يَقْضِ بِهِ نَبِيُّهُ صلى الله عليه وسلم، فَلْيَجْتَهِدْ رَأْيَهُ، وَلَا يَقُولَنَّ: إِنِّي أَرَى وَأَخَافُ فَإِنَّ الْحَلَالَ بَيِّنٌ وَالْحَرَامَ بَيِّنٌ وَبَيْنَ ذَلِكَ أُمُورٌ مُشْتَبِهَاتٌ فَدَعُوا مَا يَرِيبُكُمْ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكُمْ "

⦗ص: 848⦘

قَالَ أَبُو عُمَرَ: «هَذَا يُوَضِّحُ لَكَ أَنَّ الِاجْتِهَادَ لَا يَكُونُ إِلَّا عَلَى أُصُولٍ يُضَافُ إِلَيْهَا التَّحْلِيلُ وَالتَّحْرِيمُ، وَأَنَّهُ لَا يَجْتَهِدُ إِلَّا عَالِمٌ بِهَا وَمَنْ أُشْكِلَ عَلَيْهِ شَيْءٌ لَزِمَهُ الْوُقُوفُ، وَلَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يُحِيلَ عَلَى اللَّهِ قَوْلًا فِي دِينِهِ لَا نَظِيرَ لَهُ مِنْ أَصْلٍ وَلَا هُوَ فِي مَعْنَى أَصْلٍ وَهَذَا الَّذِي لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ أَئِمَّةِ الْأَمْصَارِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا فَتَدَبَّرْهُ»

ص: 847

1598 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، نا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ، نا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ ثنا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا سَيَّارٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: لَمَّا بَعَثَ عُمَرُ رضي الله عنه، شُرَيْحًا عَلَى قَضَاءِ الْكُوفَةِ قَالَ لَهُ:«انْظُرْ مَا تَبَيَّنَ لَكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَلَا تَسْأَلْ عَنْهُ أَحَدًا، وَمَا لَمْ يَتَبَيَّنْ لَكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَابْتِغِ فِيهِ سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَمَا لَمْ يَتَبَيَّنْ لَكَ فِي السُّنَّةِ فَاجْتَهَدَ رَأْيَكَ»

ص: 848

1599 -

وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ: أنا قَاسِمٌ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ: أنا أَبِي، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ خَازِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ

⦗ص: 849⦘

أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ:" مَنْ عَرَضَ لَهُ مِنْكُمْ قَضَاءٌ فَلْيَقْضِ بِمَا فِي كِتَابِ اللَّهِ، فَإِنْ جَاءَهُ مَا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَلْيَقْضِ بِمَا قَضَى بِهِ نَبِيُّهُ صلى الله عليه وسلم، فَإِنْ جَاءَهُ أَمْرٌ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَلَمْ يَقْضِ بِهِ نَبِيُّهُ صلى الله عليه وسلم فَلْيَقْضِ بِمَا قَضَى بِهِ الصَّالِحُونَ، فَإِنْ جَاءَهُ أَمْرٌ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَلَمْ يَقْضِ بِهِ نَبِيُّهُ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يَقْضِ بِهِ الصَّالِحُونَ فَلْيَجْتَهِدْ رَأْيَهُ، فَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ فَلْيُقِرَّ وَلَا يَسْتَحي، وَهَذَا أَوْضَحُ بَيَانًا فِيمَا ذَكَرْنَاهُ لِقَوْلِهِ: فَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ، وَمَنْ لَا عِلْمَ لَهُ بِالْأُصُولِ فَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يُحْسِنُ "

ص: 848

1600 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ، ثنا أَبُو عُمَرَ أَحْمَدُ بْنُ دُحَيْمٍ، ثنا أَبُو جَعْفَرٍ الدَّيْبُلِيُّ، ثنا أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَخْزُومِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، «إِذَا سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ فَإِنْ كَانَ فِي كِتَابِ اللَّهِ قَالَ بِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَكَانَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ بِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَلَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ بِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَلَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَلَا عَنْ عُمَرَ اجْتَهَدَ رَأْيَهُ»

ص: 849

1601 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا سَعِيدُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا أَسْلَمُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، «إِذَا سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ هُوَ فِي كِتَابِ اللَّهِ قَالَ بِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَقَالَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ بِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَلَمْ يَقُلْهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَالَهُ أَبُو بَكْرٍ أَوْ عُمَرُ رضي الله عنهما قَالَ بِهِ، وَإِلَّا اجْتَهَدَ رَأْيَهُ»

1602 -

وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى، ثنا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا سُحْنُونُ، ثنا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ، يُحَدِّثُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي زِيَادٍ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ إِذَا سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ، ثُمَّ ذَكَرَهُ سَوَاءً

ص: 850

1603 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ: نا قَاسِمٌ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ، ثنا فُضَيْلُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ ثنا شَرِيكٌ، عَنْ مَيْسَرَةَ، عَنِ الْمِنْهَالِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:

⦗ص: 851⦘

«كُنَّا إِذَا أَتَانَا الثَّبْتُ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه، لَمْ نَعْدِلْ بِهِ»

ص: 850

1604 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، ثنا قَاسِمٌ ثنا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبْجَرَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: سَأَلْتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ عَنْ شَيْءٍ، فَقَالَ:«أَكَانَ هَذَا؟» قُلْتُ: لَا قَالَ: «فَأَجِمَّنَا حَتَّى يَكُونَ، فَإِذَا كَانَ اجْتَهَدْنَا لَكَ رَأْيَنَا»

1605 -

وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، أَنَّهُ أَرْسَلَ إِلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ " أَفِي كِتَابِ اللَّهِ ثُلُثُ مَا بَقِيَ؟ فَقَالَ زَيْدٌ: إِنَّمَا أَقُولُ بِرَأْيِي وَتَقُولُ بِرَأْيِكَ "

1606 -

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: " أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ، فَعَلَهُ: أَرَأَيْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُ هَذَا أَوْ شَيْءٌ رَأَيْتَهُ؟ قَالَ: بَلْ شَيْءٌ رَأَيْتُهُ "

ص: 851

1607 -

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَالَ فِي شَيْءٍ بِرَأْيِهِ قَالَ:«هَذَا مِنْ كَيْسِي» ذَكَرَهُ ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ وَلِيدِ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ

⦗ص: 852⦘

1608 -

وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ فِي غَيْرِ مَا مَسْأَلَةٍ: «أَقُولُ فِيهَا بِرَأْيِي»

1609 -

وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ:«إِيَّاكُمْ وَفِرَاسَةَ الْعُلَمَاءِ، احْذَرُوا أَنْ يَشْهَدُوا عَلَيْكُمْ شَهَادَةً تَكُبُّكُمْ عَلَى وُجُوهِكُمْ فِي النَّارِ، فَوَاللَّهِ إِنَّهُ لَلْحَقُّ يَقْذِفُهُ اللَّهُ فِي قُلُوبِهِمْ وَيَجْعَلُهُ عَلَى أَبْصَارِهِمْ»

1610 -

وَقَدْ رُوِيَ مَرْفُوعًا «إِيَّاكُمْ وَفِرَاسَةَ الْعُلَمَاءِ؛ فَإِنَّهُمْ يَنْظُرُونَ بِنُورِ اللَّهِ»

ص: 851

1611 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ، ثنا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْخُشَنِيُّ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي الْفَيَّاضِ الْبَرْقِيُّ الشَّيْخُ الصَّالِحُ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بَذِيعٍ الْإِسْكَنْدَرَانِيُّ، ثنا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ قَالَ:

⦗ص: 853⦘

قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الْأَمْرُ يَنْزِلُ بِنَا لَمْ يَنْزِلْ فِيهِ قُرْآنٌ وَلَمْ تَمْضِ فِيهِ مِنْكَ سُنَّةٌ قَالَ:«اجْمَعُوا لَهُ الْعَالِمِينَ» أَوْ قَالَ: «الْعَابِدِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاجْعَلُوهُ شُورَى بَيْنَكُمْ وَلَا تَقْضُوا فِيهِ بِرَأْيٍ وَاحِدٍ» قَالَ الْخُشَنِيُّ: كَتَبَ عَنِّي الرِّيَاشِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ

ص: 852

1612 -

وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ، وَعَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَا: نا الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ، ثنا مُوسَى بْنُ الْحَسَنِ بْنِ مُوسَى الْكُوفِيُّ قَالَ: نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي الْفَيَّاضِ الْبَرْقِيُّ قَالَ: أنا سُلَيْمَانُ بْنُ بَزِيعٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الْأَمْرُ يَنْزِلُ بِنَا بَعْدَكَ لَمْ يَنْزِلْ بِهِ الْقُرْآنُ وَلَمْ نَسْمَعْ مِنْكَ فِيهِ شَيْئًا، قَالَ:«اجْمَعُوا لَهُ الْعَابِدِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَاجْعَلُوهُ شُورَى بَيْنَكُمْ وَلَا تَقْضُوا فِيهِ بِرَأْيٍ وَاحِدٍ» قَالَ أَبُو عُمَرَ: «هَذَا حَدِيثٌ لَا يُعْرَفُ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَلَا أَصْلَ لَهُ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ عِنْدَهُمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَلَا فِي حَدِيثِ غَيْرِهِ، وَإِبْرَاهِيمُ الْبَرْقِيُّ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ بَزِيعٍ لَيْسَا بِالْقَوِيَّيْنِ وَلَا مِمَّنْ يُحْتَجُّ بِهِمَا وَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِمَا»

1613 -

وَعَنْ عُمَرَ رضي الله عنه، أَنَّهُ قَالَ لِعَلِيٍّ وَزَيْدٍ رضي الله عنهما:

⦗ص: 854⦘

«لَوْلَا رَأْيُكُمَا اجْتَمَعَ رَأْيِي وَرَأْيُ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه كَيْفَ يَكُونُ ابْنِي وَلَا أَكُونُ أَبَاهُ؟ يَعْنِي الْجَدَّ»

1614 -

وَعَنْ عُمَرَ: " أَنَّهُ لَقِيَ رَجُلًا فَقَالَ: مَا صَنَعْتَ؟ فَقَالَ: قَضَى عَلِيٌّ وَزَيْدٌ بِكَذَا، قَالَ: لَوْ كُنْتُ أَنَا لَقَضَيْتُ بِكَذَا، قَالَ: فَمَا يَمْنَعُكَ وَالْأَمْرُ إِلَيْكَ؟ فَقَالَ: لَوْ كُنْتُ أَرُدُّكَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ عز وجل أَوْ إِلَى سُنَّةِ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم لَفَعَلْتُ وَلَكِنِّي أَرُدُّكَ إِلَى رَأْيِي، وَالرَّأْيُ مُشْتَرَكٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ: وَلَمْ يَنْقُضْ مَا قَالَ عَلِيٌّ وَزَيْدٌ «وَهُوَ يَرَى خِلَافَ مَا ذَهَبَا إِلَيْهِ فَهَذَا كَثِيرٌ لَا يُحْصَى»

ص: 853

1615 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا قَاسِمٌ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ، ثنا الْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعٍ، ثنا بَقِيَّةُ قَالَ: أنا الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ قَالَ: «نِعْمَ وَزِيرُ الْعِلْمِ الرَّأْيُ الْحَسَنُ»

ص: 854

1616 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، ثنا قَاسِمٌ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ، ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ عُبَيْدَةَ قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه " اجْتَمَعَ رَأْيِي وَرَأْيُ عُمَرَ عَلَى عِتْقِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ ثُمَّ رَأَيْتُ بَعْدُ أَنْ أُرِقَّهُنَّ فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ رَأْيَكَ وَرَأْيَ عُمَرَ فِي الْجَمَاعَةِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ رَأْيِكَ وَحْدَكَ فِي الْفُرْقَةِ «

⦗ص: 855⦘

1617 -

وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ، اسْتَعْمَلَ عُرْوَةَ بْنَ مُحَمَّدٍ السَّعْدِيَّ مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ وَكَانَ مِنْ صَالِحِي عُمَّالِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَلَى الْيَمَنِ، وَأَنَّهُ كَتَبَ إِلَى عُمَرَ يَسْأَلُهُ عَنْ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْقَضَاءِ فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ،» لَعَمْرِي مَا أَنَا بِالنَّشِيطِ عَلَى الْفُتْيَا مَا وَجَدْتُ مِنْهَا بُدًّا وَمَا جَعَلْتُكَ إِلَّا لِتَكْفِيَنِي وَقَدْ حَمَّلْتُكَ ذَلِكَ فَاقْضِ فِيهِ بِرَأْيِكَ "

1618 -

وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: «مَا رَآهُ الْمُؤْمِنُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ حَسَنٌ، وَمَا رَآهُ الْمُؤْمِنُونَ قَبِيحًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ قَبِيحٌ»

⦗ص: 856⦘

1619 -

وَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ، أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ لِلْحَسَنِ: أَرَأَيْتَ مَا تُفْتِي بِهِ النَّاسَ؟ أَشَيْءٌ سَمِعْتَهُ أَمْ بِرَأْيِكَ؟ فَقَالَ الْحَسَنُ: «لَا وَاللَّهِ مَا كُلُّ مَا نُفْتِي بِهِ النَّاسَ سَمِعْنَاهُ وَلَكِنَّ رَأْيَنَا لَهُمْ خَيْرٌ مِنْ رَأْيِهِمْ لِأَنْفُسِهِمْ»

1620 -

وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ النَّهْشَلِيُّ، عَنْ حَمَّادٍ قَالَ:«مَا رَأَيْتُ أَحْضَرَ قِيَاسًا مِنْ إِبْرَاهِيمَ»

ص: 854

1621 -

حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: نا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ، ثنا عَلِيُّ بْنُ يَحْيَى بْنِ مُحَمَّدٍ الْحَارِثِيُّ بِالْمَدِينَةِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْغُرَيْرِيُّ، مِنْ وَلَدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ الْجُمَحِيِّ قَالَ:

⦗ص: 857⦘

كَانَ رَبِيعَةُ فِي صَحْنِ الْمَسْجِدِ جَالِسًا فَجَازَ ابْنُ شِهَابٍ دَاخِلًا مِنْ بَابِ دَارِ مَرْوَانَ بِحِذَاءِ الْمَقْصُورَةِ يُرِيدُ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَعَرَضَ لَهُ رَبِيعَةُ فَلَقِيَهُ فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا بَكْرٍ، أَلَا تُسَخِّرُ لِهَذِهِ الْمَسَائِلِ قَالَ:«وَمَا أَصْنَعُ بِالْمَسَائِلِ؟» فَقَالَ: إِذَا سُئِلْتَ عَنْ مَسْأَلَةٍ فَكَيْفَ تَصْنَعُ؟ فَقَالَ: " أُحَدِّثُ فِيهَا بِمَا جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَعَنْ أَصْحَابِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَنْ أَصْحَابِهِ اجْتَهَدْتُ رَأْيِي، قَالَ: فَمَا تَقُولُ فِي مَسْأَلَةِ كَذَا وَكَذَا؟ فَقَالَ: حَدَّثَنِي فُلَانٌ عَنْ فُلَانٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَذَا وَكَذَا. قَالَ: فَمَا تَقُولُ فِي مَسْأَلَةِ كَذَا وَكَذَا؟ فَقَالَ: حَدَّثَنِي فُلَانٌ عَنْ فُلَانٍ كَذَا وَكَذَا. قَالَ: فَمَا تَقُولُ فِي مَسْأَلَةِ كَذَا؟ فَقَالَ رَبِيعَةُ: طَلَبْتَ الْعِلْمَ غُلَامًا ثُمَّ سَكَنْتَ بِهِ إِدَامًا " قَالَ لِي عَلِيُّ بْنُ يَحْيَى: «وَإِدَامًا» ضَيْعَةٌ لِابْنِ شِهَابٍ عَلَى نَحْوِ ثَمَانِ لَيَالٍ " مِنَ الْمَدِينَةِ عَلَى طَرِيقِ الشَّامِ

1622 -

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: «مَنْ كَانَ عَالِمًا بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَبِقَوْلِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَبِمَا اسْتَحْسَنَ فُقَهَاءُ الْمُسْلِمِينَ وَسِعَهُ أَنْ يَجْتَهِدَ رَأْيَهُ فِيمَا ابْتُلِيَ بِهِ وَيَقْضِيَ بِهِ وَيُمْضِيَهُ فِي صَلَاتِهِ وَصِيَامِهِ وَحَجِّهِ وَجَمِيعِ مَا أُمِرَ بِهِ وَنُهِيَ عَنْهُ، فَإِذَا اجْتَهَدَ وَنَظَرَ وَقَاسَ عَلَى مَا أَشْبَهَ وَلَمْ يَأْلُ وَسِعَهُ الْعَمَلُ بِذَلِكَ وَإِنْ أَخْطَأَ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ بِهِ»

1623 -

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: " لَا يَقِيسُ إِلَّا مَنْ جَمَعَ آلَاتِ الْقِيَاسِ وَهَى الْعِلْمُ بِالْأَحْكَامِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَرْضِهِ وَأَدَبِهِ وَنَاسِخِهِ وَمَنْسُوخِهِ وَعَامِّهِ وَخَاصِّهِ وإِرْشَادِهِ وَنَدْبِهِ، وَيَسْتَدِلَّ عَلَى مَا احْتَمَلَ التَّأْوِيلُ مِنْهُ بِسُنَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَبِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ سُنَّةٌ وَلَا إِجْمَاعٌ فَالْقِيَاسُ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَالْقِيَاسُ عَلَى سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَالْقِيَاسُ عَلَى قَوْلِ عَامَّةِ السَّلَفِ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُ لَهُمْ مُخَالِفًا وَلَا يَجُوزُ الْقَوْلُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا مِنْ هَذِهِ الْأَوْجُهِ أَوْ مِنَ الْقِيَاسِ عَلَيْهَا وَلَا يَكُونُ لِأَحَدٍ أَنْ يَقِيسَ حَتَّى يَكُونَ عَالِمًا بِمَا مَضَى قَبْلَهُ مِنَ السُّنَنِ، وَأَقَاوِيلِ السَّلَفِ وَإِجْمَاعِ النَّاسِ وَاخْتِلَافِهِمْ وَلِسَانِ الْعَرَبِ

⦗ص: 858⦘

وَيَكُونُ صَحِيحَ الْعَقْلِ حَتَّى يُفَرِّقَ بَيْنَ الْمُشْتَبِهِ، وَلَا يُعَجِّلَ بِالْقَوْلِ وَلَا يَمْتَنِعَ مِنَ الِاسْتِمَاعِ مِمَّنْ خَالَفَهُ لَأَنَّ لَهُ فِي ذَلِكَ تَنْبِيهًا عَلَى غَفْلَةٍ رُبَّمَا كَانَتْ مِنْهُ أَوْ تَنْبِيهًا عَلَى فَضْلِ مَا اعْتَقَدَ مِنَ الصَّوَابِ وَعَلَيْهِ بُلُوغُ عَامَّةِ جَهْدِهِ، وَالْإِنْصَافُ مِنْ نَفْسِهِ حَتَّى يَعْرِفَ مِنْ أَيْنَ قَالَ مَا يَقُولُهُ، قَالَ: فَإِذَا قَاسَ مَنْ لَهُ الْقِيَاسُ وَاخْتَلَفُوا وَسِعَ كُلَّا أَنْ يَقُولَ بِمَبْلَغِ اجْتِهَادِهِ وَلَمْ يَسَعْهُ اتِّبَاعُ غَيْرِهِ فِيمَا أَدَّاهُ إِلَيْهِ اجْتِهَادُهُ، وَالِاخْتِلَافُ عَلَى وَجْهَيْنِ فَمَا كَانَ مَنْصُوصًا لَمْ يَحِلَّ فِيهِ الِاخْتِلَافُ، وَمَا كَانَ يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ أَوْ يُدْرَكُ قِيَاسًا فَذَهَبَ الْمُتَأَوِّلُ أَوِ الْقَايِسُ إِلَى مَعْنًى يُحْتَمَلُ وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ لَمْ أَقُلْ: إِنَّهُ يُضَيَّقُ عَلَيْهِ ضِيقَ الِاخْتِلَافِ فِي الْمَنْصُوصِ " وَقَالَ أَبُو عُمَرَ: " قَدْ أَتَى الشَّافِعِيُّ رحمه الله فِي هَذَا الْبَابِ بِمَا فِيهِ كِفَايَةٌ وَشِفَاءٌ وَهَذَا بَابٌ يَتَّسِعُ فِيهِ الْقَوْلُ جِدًّا وَقَدْ ذَكَرْنَا مِنْهُ مَا فِيهِ كِفَايَةٌ، وَقَدْ جَاءَ عَنْ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم مِنَ اجْتِهَادِ الرَّأْيِ وَالْقَوْلِ بِالْقِيَاسِ عَلَى الْأُصُولِ عِنْدَ عَدَمِهَا مَا يَطُولُ ذِكْرُهُ وَسَتَرَى مِنْهُ مَا يَكْفِي فِي كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَمِمَّنْ حُفِظَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ وَأَفْتَى مُجْتَهِدًا رَأْيَهُ وَقَايِسًا عَلَى الْأُصُولِ فِيمَا لَمْ يَجِدْ فِيهِ نَصًّا مِنَ التَّابِعِينَ فَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ، وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَخَارِجَةُ بْنُ زَيْدٍ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَأَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ، وَابْنُ شِهَابٍ، وَأَبُو الزِّنَادِ، وَرَبِيعَةُ، وَمَالِكٌ، وَأَصْحَابُهُ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، وَمِنْ أَهْلِ مَكَّةَ وَالْيَمَنِ عَطَاءٌ وَمُجَاهِدٌ وَطَاوُسٌ، وَعِكْرِمَةُ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَابْنُ جُرَيْجٍ، وَيَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، وَمَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ، وَسَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ، وَابْنُ عُيَيْنَةَ، وَمُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ، وَالشَّافِعِيُّ وَمِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ

⦗ص: 859⦘

عَلْقَمَةُ، وَالْأَسْوَدُ، وَعُبَيْدَةُ وَشُرَيْحٌ الْقَاضِي، وَمَسْرُوقٌ ثُمَّ الشَّعْبِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَالْحَارِثُ الْعُكْلِيُّ، وَالْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ، وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَسَائِرُ فُقَهَاءِ الْكُوفِيِّينَ، وَمِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ الْحَسَنُ، وَابْنُ سِيرِينَ وَقَدْ جَاءَ عَنْهُمَا، وَعَنِ الشَّعْبِيِّ ذَمُّ الْقِيَاسِ وَمَعْنَاهُ عِنْدَنَا قِيَاسٌ عَلَى غَيْرِ أَصْلٍ لِئَلَّا يَتَنَاقَضَ مَا جَاءَ عَنْهُمْ، وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ أَبُو الشَّعْثَاءِ، وَإِيَاسُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، وَعُثْمَانُ الْبَتِّيُّ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ، وَسَوَّارٌ الْقَاضِي، وَمِنْ أَهْلِ الشَّامِ مَكْحُولٌ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى، وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَيَزِيدُ بْنُ جَابِرٍ، وَمِنْ أَهْلِ مِصْرَ يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ ثُمَّ سَائِرُ أَصْحَابِ مَالِكٍ: ابْنُ الْقَاسِمِ، وَأَشْهَبُ، وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَصْبَغُ وَأَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ: الْمُزَنِيُّ وَالْبُوَيْطِيُّ، وَحَرْمَلَةُ وَالرَّبِيعُ، وَمِنْ أَهْلِ بَغْدَادَ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الْفُقَهَاءِ أَبُو ثَوْرٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، وَأَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ، وَأَبُو جَعْفَرٍ الطَّبَرِيُّ وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ رحمه الله، وَقَدْ جَاءَ عَنْهُ مَنْصُوصًا إِبَاحَةُ اجْتِهَادِ الرَّأْيِ وَالْقِيَاسِ عَلَى الْأُصُولِ فِي النَّازِلَةِ تَنْزِلُ، وَعَلَى ذَلِكَ كَانَ الْعُلَمَاءُ قَدِيمًا وَحَدِيثًا عِنْدَمَا يَنْزِلُ بِهِمْ وَلَمْ يَزَالُوا عَلَى إِجَازَةِ الْقِيَاسِ حَتَّى حَدَّثَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَيَّارٍ النَّظَّامُ وَقَوْمٌ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ سَلَكُوا طَرِيقَهُ فِي نَفْيِ الْقِيَاسِ وَالِاجْتِهَادِ فِي الْأَحْكَامِ وَخَالَفُوا مَا مَضَى عَلَيْهِ السَّلَفُ، وَمِمَّنْ تَابَعَ النَّظَّامَ عَلَى ذَلِكَ جَعْفَرُ بْنُ حَرْبٍ، وَجَعْفَرُ بْنُ مُبَشِّرٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْإِسْكَافِيُّ، وَهَؤُلَاءِ مُعْتَزِلَةٌ أَئِمَّةٌ فِي الِاعْتِزَالِ عِنْدَ مُنْتَحِلِيهِ

⦗ص: 860⦘

وَتَابَعَهُمْ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ عَلَى نَفْيِ الْقِيَاسِ فِي الْأَحْكَامِ دَاوُدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ خَلَفٍ الْأَصْبَهَانِيُّ وَلَكِنَّهُ أَثْبَتَ بِزَعْمِهِ الدَّلِيلَ وَهُوَ نَوْعٌ وَاحِدٌ مِنَ الْقِيَاسِ سَنَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَدَاوُدُ غَيْرُ مُخَالِفٍ لِلْجَمَاعَةِ وَأَهْلِ السُّنَّةِ فِي الِاعْتِقَادِ وَالْحُكْمِ بِأَخْبَارِ الْآحَادِ،

1624 -

وَذَكَرَ أَبُو الْقَاسِمِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فِي كِتَابِ الْقِيَاسِ مِنْ كُتُبِهِ فِي الْأُصُولِ، فَقَالَ: مَا عَلِمْتُ أَنَّ أَحَدًا مِنَ الْبَصْرِيِّينَ وَلَا غَيْرِهِمْ مِمَّنْ لَهُ نَبَاهَةٌ سَبَقَ إِبْرَاهِيمَ النَّظَّامَ إِلَى الْقَوْلِ بِنَفْيِ الْقِيَاسِ وَالِاجْتِهَادِ وَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَقَدْ خَالَفَهُ فِي ذَلِكَ أَبُو الْهُذَيْلِ وَقَمَعَهُ فِيهِ وَرَدَّهُ عَلَيْهِ هُوَ وَأَصْحَابُهُ، قَالَ: وَكَانَ بِشْرُ بْنُ الْمُعْتَمِرِ شَيْخُ الْبَغْدَادِيِّينَ وَرَئِيسُهُمْ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ نُصْرَةً لِلْقِيَاسِ وَاجْتِهَادِ الرَّأْيِ فِي الْأَحْكَامِ هُوَ وَأَصْحَابُهُ وَكَانَ هُوَ وَأَبُو الْهُذَيْلِ كَأَ نَّهُمَا يَنْطِقَانِ فِي ذَلِكَ بِلِسَانٍ وَاحِدٍ " قَالَ أَبُو عُمَرَ: «بِشْرُ بْنُ الْمُعْتَمِرِ وَأَبُو الْهُذَيْلِ مِنْ رُؤَسَاءِ الْمُعْتَزِلَةِ وَأَهْلِ الْكَلَامِ وَأَمَّا بِشْرُ بْنُ غِيَاثٍ الْمَرِّيسِيُّ فَمِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ الْمُغْرِقِينَ فِي الْقِيَاسِ النَّاصِرِينَ لَهُ الدَّائِنِينَ بِهِ، وَلَكِنَّهُ مُبْتَدِعٌ أَيْضًا قَائِلٌ بِالْمَخْلُوقِ، وَسَائِرُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَأَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى مَا ذَكَرْتُ لَكَ إِلَّا أَنَّ مِنْهُمَ مَنْ لَا يَرَى الْقَوْلَ بِذَلِكَ إِلَّا عِنْدَ نُزُولِ النَّازِلَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَجَازَ الْجَوَابَ فِيهَا لِمَنْ يَأْتِي بَعْدُ، وَهُمْ أَكْثَرُ أَئِمَّةِ الْفَتْوَى، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ»

ص: 856

1625 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ: نا أَبُو دَاوُدَ سُلَيْمَانُ بْنُ الْأَشْعَثِ، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ ثنا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي نُعَيْمَةَ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ الطُّنْبُذِيِّ، رَضِيعِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

⦗ص: 861⦘

«مَنْ أُفْتِيَ بِغَيْرِ عِلْمٍ كَانَ إِثْمُهُ عَلَى مَنْ أَفْتَاهُ، وَمَنْ أَشَارَ عَلَى أَخِيهِ بِأَمْرٍ يَعْلَمُ الرُّشْدَ فِي غَيْرِهِ فَقَدْ خَانَهُ» ، قَالَ أَبُو عُمَرَ:«اسْمُ أَبِي عُثْمَانَ الطُّنْبُذِيِّ مُسْلِمُ بْنُ يَسَارٍ»

ص: 860

1626 -

وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى، ثنا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ: أنا سُحْنُونُ، ثنا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: حَدَّثَنِي سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:«مَنْ أَفْتَى بِفُتْيَا وَهُوَ يَعْمَى عَنْهَا كَانَ إِثْمُهَا عَلَيْهِ»

ص: 862

1627 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ، ثنا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ ثنا الْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعٍ، ثنا عَبِيدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:«مَنْ أَفْتَى بِفُتْيَا يَعْمَى فِيهَا فَإِنَّمَا إِثْمُهَا عَلَيْهِ»

ص: 862

1628 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ بَحْرٍ، نا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نا سُنَيْدٌ، نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: " لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ: «إِنِّي أَرَى وَإِنِّي أَخَافُ دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ»

1629 -

وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: «يُرِيدُ هَؤُلَاءِ أَنْ يَجْعَلُوا ظُهُورَنَا جِسْرًا إِلَى جَهَنَّمَ» وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لِهَذَا الْخَبَرِ بِإِسْنَادِهِ فِيمَا سَلَفَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَاللَّهُ حَسْبُنَا "

ص: 863