المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وبه نستعين   ‌ ‌مقدمة المحقق الحمدُ لله ناصرِ عبادهِ الصَّالحينَ ولو بعدَ حينٍ، - حاشية الخرشي منتهى الرغبة في حل ألفاظ النخبة - جـ ١

[الخرشي = الخراشي]

الفصل: وبه نستعين   ‌ ‌مقدمة المحقق الحمدُ لله ناصرِ عبادهِ الصَّالحينَ ولو بعدَ حينٍ،

وبه نستعين

‌مقدمة المحقق

الحمدُ لله ناصرِ عبادهِ الصَّالحينَ ولو بعدَ حينٍ، مُوفِّقِ مَن شاءَ منهم لنصرةِ هذا الدِّين، كلٌّ بما فتحَ الله عليهِ في حراسةِ ثغرٍ من ثُغورهِ على مَرِّ السِّنين، وَصلَّى الله وَسلَّمَ على نبيِّنا مُحمَّدٍ، وعلى صحابته، والتَّابعينَ لهم بإحسانٍ إلى يومِ الدِّين.

أمَّا بعد:

فإنَّ أَوْلَى ما يتنافسُ فيه المُتنافسون، وأَحْرى ما يتسابقُ في حَلَبةِ سباقهِ المتسابقون، ما كان بسعادةِ العبدِ في معاشهِ ومعادهِ كفيلًا، وعلى طريقِ هذهِ السَّعادةِ دليلًا، وذَلكَ العلمُ النَّافعُ والعملُ الصَّالحُ اللَّذانِ لا سعادةَ للعبدِ إلَّا بهما، ولا نجاةَ لهُ إلَّا بالتَّعلُّقِ بسَبَبِهِما، فمَن رُزقهما، فقد فازَ وغَنِمَ، ومَن حُرمَهما فالخيرَ كلَّهُ حُرِمَ.

ولمَّا كَانَ التَّلقِّي عَنهُ على نَوْعين: نوعٍ بواسطةٍ، ونوعٍ بغيرِ واسطةٍ، وكانَ التَّلقِّي بلا واسطةٍ حظَّ أصحابهِ الَّذينَ حازوا قصباتِ السِّباق، وَاسْتَوْلوا على الأمدِ، فلا طمعَ لأحدٍ منَ الأُمَّةِ بعدهم في اللَّحاق، وَلكنَّ المُبرَّزَ منِ اتَّبعَ صراطهمُ المُسْتقيم، واقْتفَى مِنْهاجهمُ القويمَ، وَالمُتَخلِّفَ مَن عَدلَ عن طريقهم ذاتَ اليمينِ، وذاتَ الشِّمال، فَذلكَ المنقطعُ التَّائهُ في بَيْداءِ المهالكِ والضَّلال.

فأيُّ خصلةِ خيرٍ لم يسبقوا إليها؟ وأيُّ خُطَّةِ رُشدٍ لم يَسْتَولوا عليها؟

تَاللهِ، لقد وَرَدوا رَأْسَ الماءِ من عينِ الحياةِ عذبًا صافيًا زُلَالًا، وأيَّدوا قَواعدَ الإسلامِ،

ص: 5

فلم يَدَعوا لأحدٍ بعدهم مَقالًا، فتحوا القلوبَ بعَدْلهم بالقرآنِ والإيمانِ، والقُرَى بالجهادِ بالسَّيفِ والسِّنانِ، وأَلْقَوا إلى التَّابعينَ ما تَلقَّوهُ من مِشْكاةِ النُّبُّوةِ خالصًا صافيًا، وكانَ سندُهُم فيهِ عن نَبيِّهم صلى الله عليه وسلم عن جبريلَ، عن ربِّ العالمينَ سندًا صحيحًا عاليًا، وقالوا: هذا عهدُ نَبيِّنا إلينا، وقد عهدنا إليكم، وهذهِ وَصيَّةُ ربِّنا، وفَرْضهُ علينا، وَهِيَ وصيَّتهُ وفَرْضهُ عليكم، فجرى التَّابعونَ لهم بإحسانٍ على مِنْهاجهمُ القويم، وَاقْتَفوا على آثارهم صِرَاطهمُ المُسْتقيم، ثمَّ سلكَ تَابعو التَّابعينَ هذا المسلكَ الرَّشيد {وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ} [الحج: 24]، وكانوا بالنِّسبةِ إلى مَنْ قبلهم كما قَالَ أصدقُ القائلين:{ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (13) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ} [الواقعة: 13 - 14].

فَسَلَكوا على آثارِهمُ اقتصاصًا، وَاقْتَبسوا هذا الأمرَ عن مِشْكَاتهمُ اقتباسًا، وَكَانَ دينُ الله سبحانهُ أجلَّ في صُدُورهم، وأَعْظَمَ في نُفُوسهم من أن يُقدِّموا عليهِ رأيًا، أو معقولًا، أو تقليدًا، أو قياسًا، فَطارَ لَهُمُ الثَّناءُ الحسنُ في العَالَمينَ، وَجعلَ اللهُ سبحانهُ لهم لسانَ صِدْقٍ في الآخرين.

ثمَّ سَارَ على آثَارِهمُ الرَّعيلُ الأوَّلُ من أَتْباعِهِمْ، ودَرجَ على مِنْهاجهمُ المُوفَّقونَ من أشياعهم، فَكَانت قاعدةُ دَعْوتِهم قولَه تعالى:{قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [يونس: 108]، فكَانَ تَبْليغُهُم على نوعين: تبليغِ أَلْفاظِهِ وما جَاءَ به، وتَبْليغِ معانيهِ، فَانْحَصروا في قسمين:

الأَوَّل: حُفَّاظُ الحديث.

الثَّاني: فُقَهاءُ الإسلام.

فأمَّا حُفَّاظُ الحديثِ، فَهُم جهابذتُهُ، ونُقَّادهُ الَّذينَ هم أئمَّةُ الأنام، الَّذينَ حفظوا على الأُمَّة معاقدَ الدِّينِ ومَعاقلَه، وحَمُوا منَ التَّغييرِ والتَّكْديرِ مَواردَهُ ومناهلَهُ، وهُمُ الَّذينَ قَالَ فيهمُ الإمامُ أحمدُ بنُ حنبلٍ في خطبتِهِ المشهورةِ في كتابِهِ في الرَّدِّ على الزَّنادقةِ وَالجَهميَّةِ:

ص: 6

«الحمدُ للهِ الَّذي جَعلَ في كُلِّ زَمانِ فَتْرةٍ منَ الرُّسلِ بَقايَا من أهلِ العِلْمِ يَدْعونَ مَن ضلَّ إلى الهدى، ويَصْبرونَ منهم على الأذى، ويُحْيونَ بكتابِ الله تعالى المَوْتَى، ويُبصِّرونَ بنورِ الله أَهْلَ العَمَى، فَكَمْ من قتيلٍ لإبليسَ قد أَحْيَوه، وكَمْ من ضَالٍّ تَائهٍ قد هَدَوْه، فَمَا أحسنَ أثرَهم على النَّاس! وما أَقْبحَ أثرَ النَّاسِ عليهم! يَنْفونَ عن كتابِ الله تَحْريفَ الغالين، وانتحالَ المُبْطلين، وتَأْويلَ الجاهلينَ، الَّذينَ عقدوا أَلْويةَ البدعة، وأَطْلَقوا عِنَانَ الفتنة، فهم مُخْتلفونَ في الكتاب، مُخَالفونَ للكتابِ، مُجْمعونَ على مُفَارقةِ الكتابِ، يقولونَ على اللهِ، وفي اللهِ، وفي كتابِ اللهِ بغيرِ عِلْمٍ، يَتكلَّمونَ بالمُتَشابهِ منَ الكلامِ، ويَخْدعونَ جُهَّالَ النَّاسِ بما يُشبِّهونَ عليهم؛ فنَعُوذُ باللهِ من فِتْنةِ المُضلِّينَ»

(1)

.

فَعِلْمُ الحديثِ الشَّريفِ لهُ فضلٌ عظيمٌ، ومَناقبُ أهلهِ الكرامِ أمرٌ يجلُّ عنِ العدِّ والحصرِ، وقَدْ صَنَّفَ فيهِ المُصنِّفون، ومَهرَ فيهِ المَاهرونَ، لكنَّهُ يبقى بحرًا لا ساحلَ له، ومِدَادًا لا ينتهي؛ إذ إنَّ عِلْمَ الحديثِ الشَّريفِ أشرفُ العلومِ، وأَفْضَلُها بعدَ كتابِ اللهِ، فهُوَ أصلُ التَّشريعِ الثَّاني، وركنُهُ الأغرُّ الحَاني.

فأَهلُ الحديثِ: «قَناديلُ اللهِ، ونورُ البلادِ، وخيرُ العبادِ، بل هُمُ النَّاسُ، وهُمُ الفِرْقةُ الناجيةُ، والعُلماءُ العاملونَ، وأهلُ الحكمةِ المَغْبوطونَ، وهمُ الفرسانُ الَّذينَ أعْلَى اللهُ ذِكْرَهم، وكتبَ لهمُ القبولَ، فلا يُحبُّهم إلَّا كلُّ مؤمنٍ، ولا يبغضهم إلَّا كلُّ مبتدعٍ منافقٍ»

(2)

.

فإذا تَبيَّنَ لكَ فضلُ القومِ وسَبْقهم، علمتَ ضرورةَ فَهْمِ كَلامِهِم؛ إذْ بهِ يتَّضحُ مرادُ أصحابِهِ، ويتميَّزُ الثَّابتُ مِنَ المَتْروكِ، والمَجْروحُ منَ المقبولِ.

(1)

«إعلام الموقعين» (2/ 10)، «طبقات الشافعية» (3/ 386)، «بغية الوعاة» ، للسيوطي (1/ 547).

(2)

من مقدمة بدر عبد الحميد إبراهيم لفضائل الحديث.

ص: 7

وسبب هذه المعضلة

اتساع اللغة، وتعدد مدلولات الكلمة

يَقفُ البَاحثُ مَعَ بعضِ مُصْطلحاتِ القومِ موقفَ المُتَردِّدِ في تَنْزيلها على أيِّ المَدلولاتِ، فإذا ما كانتِ الكلمةُ قد رَسَختْ في ذهنِهِ على مدلولٍ مُعيَّنٍ، سارعَ في تنزيلِها حسَبَ اصطلاحِهِ هُوَ في كلامِهِ، لا على اصطلاحِ المتكلِّمِ.

ولهَذَا، وَقعَ الغلطُ في الفهمِ والاستدلالِ في شتَّى الفنونِ بسببِ العُزُوفِ عن فَهْمِ مُصْطلحاتِ المُتكلِّمِ قبلَ البدءِ في تَفهُّمِهِ، والاستدلالِ بِهِ.

قَالَ شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميَّةَ رحمه الله:

«

وكَذَلكَ الألفاظُ المشتركةُ والمنقولةُ والمُغيَّرةُ شرعًا، نقلًا وتغييرًا شَرعيِّينِ أو عُرْفيِّين، إنَّما يريدُ بها المتكلِّمُ -في الغالب- أحدَ المَعْنيينِ، مَعَ أنَّ المعانيَ الأُخرَ جائزةُ الإرادةِ، ولم ترد

وهذا بَابٌ واسعٌ، فمَنْ تأمَّلَ كلَّ لفظٍ في كلامِ مُتكلِّمٍ، رأى أنَّهُ يجوزُ أن يُرَادَ بهِ منَ المعاني ما شاءَ اللهُ، والمُتكلِّمُ لم يُرِدْ إلَّا واحدًا من تلكَ المعاني

»

(1)

.

وقَالَ ابْنُ القَيِّمِ رحمه الله:

«والعِلْمُ بمُرادِ المتكلِّمِ يُعْرفُ تارةً من عُمُومِ لفظِهِ، وتارةً من عُمُومِ علَّته، والحَوالةُ على الأوَّلِ أوضحُ لأربابِ الألفاظِ، وعَلَى الثَّاني لأربابِ المعاني والفهمِ والتَّدبُّرِ

وقَدْ يعرضُ لكلٍّ من الفَريقينِ ما يُخِلُّ بمعرفةِ مُرَادِ المتكلِّمِ، فيعرضُ لأربابِ الألفاظِ التَّقصيرُ بها عن عُمُومِها، وهَضْمُها تارةً، وتَحميلُها فوقَ ما أُريدَ بها تارةً، ويَعْرضُ لأربابِ المعاني فيها نظيرُ ما يعرضُ لأربابِ الألفاظِ، فهذِهِ أربعُ آفاتٍ هِيَ مَنْشأُ غَلَطِ الفَريقينِ

»

(2)

.

(1)

«تنبيه الرجل العاقل على تمويه الجدل الباطل» ، لشيخ الإسلام (2/ 474، 475).

(2)

«إعلام الموقعين» (1/ 220).

ص: 8

وفي بابِ الجرحِ والتَّعديلِ يكونُ الغلطُ في فَهمِ مصطلحِ إمامٍ -من أئمَّةِ الجرحِ والتَّعديل- لَه أثرٌ واضحٌ في الحُكْمِ على الرَّاوي -جرحًا أو تعديلًا- وبالتَّالي يَظْهرُ الغلطُ في الحُكْمِ على الحديثِ، علمًا بأنَّ أَهمِّيَّةَ تَتبُّعِ المصطلحاتِ تظهرُ أكثرُ في فنِّ الجرحِ والتَّعديلِ.

يَقُولُ السُّبكيُّ رحمه الله:

«وممَّا يَنْبغي أن يُتفقَّدَ عندَ الجرحِ أيضًا: حالُ الجارحِ في الخبرةِ بمدلولاتِ الألفاظِ، فَكَثيرًا ما رَأيتُ مَنْ يسمعُ لفظةً، فيَفْهمها على غيرِ وَجْهِهَا، والخبرةُ بمدلولاتِ الألفاظِ -ولا سيَّما العُرْفيةُ الَّتي تختلفُ باختلافِ عُرْفِ النَّاس، وتَكُونُ في بعضِ الأزمنةِ مدحًا، وفي بعضها ذمًّا- أمرٌ شديدٌ، لا يُدْركهُ إلَّا قعيدٌ بالعِلْمِ»

(1)

.

وقالَ المُعَلميُّ رحمه الله:

«صِيَغُ الجرحِ والتَّعديلِ كثيرًا ما تُطْلَق على معانٍ مُغَايرةٍ لمعانيها المُقَرَّرةِ في كتبِ المصطلحِ، ومَعْرفةُ ذلكَ تَتوقَّفُ على طولِ الممارسةِ، واستقصاءِ النَّظرِ»

(2)

.

وقَالَ أيضًا رحمه الله: «

مِنْهم مَن لا يُطْلق: (ثقةً) إلَّا على مَنْ كَانَ في الدَّرجةِ العليا من العدالةِ والضبطِ، وَمِنْهُمْ مَن يُطْلقُها على كلِّ عدلٍ ضابطٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ في الدَّرجةِ العليا، وَمِنْهُم مَن يُطْلقُها على العدلِ، وإنْ لَم يَكُنْ ضابطًا، ومِنْهُم مَن يُطْلقُها على المجهولِ الَّذي روى حديثًا واحدًا قد تُوبعَ عليه، ومِنْهُمْ مَنْ يُطلقُها على المجهولِ الَّذي رَوى حديثًا لهُ شاهدٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُطْلقُها على المجهولِ الَّذي روى حديثًا لم يَسْتَنكرهُ هو، وَمِنْهُمْ مَن يُطْلقُها على المجهولِ الَّذي رَوى عَنهُ ثقةٌ

إلى غَيْرِ ذلك، وهُمْ -مَعَ ذلك- مُخْتلفونَ في الاستدلالِ على أحوالِ الرُّواةِ، فمِنْهُمْ المُبَالغُ في التَّثبُّتِ، ومِنْهُم المُتَسامحُ، ومَنْ لم يَعرفْ مذهبَ الإمامِ منهم، ومَنْزلَتهُ من التَّثبُّتِ- لَم يَعرِفْ ما تُعْطيهِ كلمتُهُ، وحِينَئذٍ فَإمَّا أن يتوقَّفَ،

(1)

«قاعدة في الجرح والتعديل» (ص 46).

(2)

مقدمة تحقيقه للفوائد المجموعة، للشوكاني (ص 9).

ص: 9

وإمَّا أَنْ يَحملَها على ما هو المشهورُ في كتبِ المصطلحِ، ولعلَّ ذَلكَ رَفعٌ لها عن دَرجتِهَا، وبالجملةِ؛ فَإِنْ لم يَتوقَّفْ، قَالَ بغيرِ عِلْمٍ، وَسارَ على غيرِ هدًى»

(1)

.

فالجَهلُ بمدلولِ المصطلحِ، ومرادِ الإمامِ منهُ، قَدْ يؤدِّي إلى تجهيلِ الأئمَّةِ، ونِسْبتِهِم للتَّناقضِ.

فَلَا يزالُ هذا البابُ -وهوَ بَابُ ضبطِ مصطلحاتِ الأئمَّةِ، بَعْدَ جَمْعِهَا ودِرَاستِها وتَفهُّمِهَا- يعرضهُ الأئمَّةُ، مُتَمنِّينَ إتمامَه، أو يَعْرضهُ بعضُ أهلِ العِلْمِ، ويَعِدُ بإحكامِهِ.

قَالَ الذَّهبيُّ رحمه الله:

«

ثمَّ نَحنُ نَفْتقرُ إلى تحريرِ عباراتِ التَّعديلِ والجرحِ، وما بَيْنَ ذَلكَ من العباراتِ المُتَجاذبةِ، ثمَّ أَهمُّ من ذَلكَ: أن نعلمَ -بالاستقراءِ التَّامِّ- عُرْفَ ذَلكَ الإمامِ الجِهْبذِ، واصطلاحَهُ ومقاصدَهُ بعباراتِهِ الكثيرةِ

»

(2)

.

وَقَالَ السَّخاويُّ رحمه الله:

«

مَنْ نَظرَ كُتبَ الرِّجالِ، ككِتَابِ ابنِ أبي حاتمٍ المذكورِ، والكاملِ لابنِ عديٍّ، والتَّهذيبِ، وغَيْرِها، ظَفرَ بألفاظٍ كثيرةٍ، ولَو اعْتنَى بارعٌ بتَتبُّعها، ووَضْعِ كُلِّ لفظةٍ بالمرتبةِ المُشَابهةِ لَها، مَعَ شَرْحِ مَعَانيها -لغةً واصطلاحًا- لَكانَ حسنًا، ولقَدْ كَانَ شَيخُنا يَلْهجُ بذكرِ ذلكَ، فما تَيسَّرَ، والواقفُ على عباراتِ القومِ يَفْهمُ مَقاصدَهم بما عَرفَ من عِبَاراتِهم -في غالبِ الأحوالِ- وبقرائنَ تُرْشدُ إلى ذلك»

(3)

.

فإذا اتَّضحَ لَكَ المقامُ، فهذِهِ مُشَاركةٌ لي في خدمةِ كتابٍ من كُتُبِ هذا الفنِّ، وهُوَ كتابُ:

(1)

«الاستبصار في نقد الأخبار» ، للمعلمي (ص 7).

(2)

«الموقظة» (ص 82).

(3)

«فتح المغيث» (2/ 109)، مستفاد من:«أهمية معرفة المصطلحات الخاصة» ، للشيخ إبراهيم بن عبد الله المديهش.

ص: 10