المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

والسَّقْطُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ مَبادِئِ السَّنَدِ مِن تَصرُّفِ مُصَنِّفٍ، - حاشية الخرشي منتهى الرغبة في حل ألفاظ النخبة - جـ ١

[الخرشي = الخراشي]

الفصل: والسَّقْطُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ مَبادِئِ السَّنَدِ مِن تَصرُّفِ مُصَنِّفٍ،

والسَّقْطُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ مَبادِئِ السَّنَدِ مِن تَصرُّفِ مُصَنِّفٍ، أَوْ [من] آخِرِهِ -أَيْ: الإِسنادِ بعدَ التَّابعيِّ- أَو غَير ذَلكَ، فَالأوَّلُ‌

‌ المُعَلَّقُ

؛ سَواءٌ كانَ [السَّاقِطُ] واحدًا أَو أَكثرَ.

[قوله]

(1)

: «فالسَّقطُ» :

«الفاء» في جواب شرط مقدَّرٍ، وهذا تفسير للإجمال السابق، وجَمَع بينهما ولم يقتصر على التفصيل؛ حرصًا على فوائدِ الإجمال والتفصيل التي من جملتها: تمكُّنُ الحُكْمِ في نَفْس المخاطَب.

[قوله]

(2)

: «مِنْ مَبَادِئِ السَّنَد» :

لو قال: من مَبدأ السَّنَد؛ لكان أظهَرَ وأخصر، وحَمْلُه على التجوز في تسمية غير الأول مَبادئ إضافيَّة تكلُّفٌ لا طائل تحته، بل يُوجِب فسادًا؛ لصرْفه عما حُذف منه الثاني دون الأول، قاله (هـ)

(3)

.

وفي كتابةٍ: «من مبادئ السَّنَد» هذا يَصدُق بما إذا سَقَط منه الراوي الثاني، فلو عبَّر بدله بـ: أول؛ لكان أولى. وقوله: «مِنْ تصرُّف مُصنِّف» هذا التقْييد جريٌ على الغالب.

واعلم أنَّ أقسام السَّقط من: مُعلَّق ومرسَلٍ ومعضَل ليست أقسامًا متباينةً، أي: لأنَّها قد تجتمع في سندٍ واحدٍ.

(1)

زيادة من: (أ) و (ب).

(2)

زيادة من: (أ) و (ب).

(3)

قضاء الوطر (2/ 930).

ص: 452

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وقال (هـ)

(1)

: «قوله: «من تصرف مصنِّف» لا مفهوم له؛ إذ غيرُه كذلك ولو مِنَّا اليوم في غير تصنيف»، ويأتي للمُحَشِّي أنَّه اعتبر مفهومه وما وَقَفتُ عليه، ويظهر أنَّ التقْييد به للغالب لا لإخراج المذاكرة.

وقوله: «أو مِنْ آخِره» :

عطف على: «مبادئ السَّنَد» ، وقوله:«أو مِنْ غَيْر ذلك» عطف على: «أنْ يكون» .

[قوله]

(2)

: «فالأوَّل: المُعَلَّق» :

يعني بالأوَّل: المردودَ لسَقطِ راوٍ من أوَّل سنده لوجوب اعتبار المُقسَم في جميع الأقسام؛ فاندفع أنَّ الأول في التفصيل هوَ سَقْط أيِّ راوٍ من مبدأ السَّنَد، وهو تعليق لا مُعلَّق، فهو على حذف أي: فما فيه الأوَّل ونحوه: «المعلَّق» ، أي: يُسمَّى في الاصطلاح بذلك، مأخوذ من: تعليق الجدار وتعليق الطلاق ونحوه، بجامع قَطعِ الاتصال، وظاهرُ كلامه أنَّه بعد سَقط الأوَّل لا فرق بين أنْ يورِدَه بصيغة الجَزم أو بصيغة التمريض، مثل: ذُكِر ورُوِي ويُذْكَر ويُروى، كما قاله النوويُّ

(3)

وغيرُه، فلا تغترَّ بظاهر الألْفيَّة

(4)

.

(1)

قضاء الوطر (2/ 930).

(2)

زيادة من: (أ) و (ب).

(3)

شرح النووي على مسلم (1/ 181).

(4)

الألفية (ص 27).

ص: 453

وبينَهُ وبينَ المُعْضَلِ الآتِي ذِكْرُهُ عمومٌ وخُصوصٌ مِن وَجْهٍ.

فَمِنْ حيثُ تعريفُ المُعْضَلِ بأَنَّهُ سقَطَ منهُ اثنانِ فصاعِدًا، يجتَمِعُ معَ بعضِ صُورِ المُعَلَّقِ.

ومِن حيثُ تقييدُ المُعَلَّقِ بأَنَّه مِن تصرُّفِ مُصَنِّفٍ مِن مبادئِ السَّنَدِ، يَفْتَرِقُ منهُ؛ إِذْ هُو أَعَمُّ مِن ذَلكَ.

وَ مِن صُوَرِ المُعَلَّقِ: أَنْ يُحْذَفَ جَميعُ السَّندِ، ويُقالَ مثلًا: قالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-.

[قوله]

(1)

: «وبَيْنَه وبَيْنَ المُعْضَلِ الآتي ذِكْرُه

إلخ»: وكذا بينه وبين المُنقطِع مِثل ما قُرِّر به في المُعضَل

(2)

.

وفي كتابة: أي: فيصدُق التعليق فقط فيما حُذف من مبدأِ إسنادِه واحدٌ فقط، وقد صرَّح المؤلِّف بما يصدُق به المعضَل فقط، وبما يصدقان به معًا.

وقوله: «إذْ هو» : أي: المعضَلُ أعمُّ، سواء في وقوعه في أثناء السَّنَد أو أوَّله، ولم يَذْكُرِ الشارحُ المادَّةَ التي ينفرِد بها التعليق، وهي: ما إذا كان المحذوفُ من أول الإسناد واحدًا فقط، وكان ينبغي أنْ يَذْكُره؛ لتتمَّ دعواه العموم من وَجْه.

و (هـ/111) بعبارة: «اثنان فصاعدًا» أي: من غير تقْييد يكون لذلك، من الوسط أو من الأوَّل أو من الآخر. فإن قُلْتَ: صنيع المؤلِّف يقتضي التقْييدَ بكون ذلك من الوسَط؛ لأنَّ قوله «أو غير ذلك» المراد به الوسَط؛ لأنَّه غير الأول

(1)

زيادة من: (أ) و (ب).

(2)

الكلام للبقاعي كما أفاده في قضاء الوطر (2/ 931).

ص: 454

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

والآخر، وسيأتي أنَّه جعَلَ المُعضَلَ من هذا، قُلْتُ: قوله: «أو غير ذلك» عطفٌ على قوله: «أنْ يكون» ؛ فالتقدير: السَّقْطُ إمَّا أنْ يكون خاصًّا بالأوَّل أو بالآخر، أو مغاير لذلك بألَّا يكونَ خاصًّا بواحدٍ منهما؛ فيَشملُ: ما إذا كان في الأوَّل، وما إذا كان في الآخِر، و (أ/95) ما إذا كان في الوسط، لكنه حينئذٍ خلافُ ما عليه حُذَّاقُهم من أنَّه: يُعتبر في المُعضَلِ أنْ يكون من وسَط السَّنَد.

وقوله: «ومن حيث تقْييدُه

إلخ»:

بيانٌ لجهة افتراق المُعضَلِ من المعلَّق، وإنْ كان ظاهر عبارته أنَّه بيان لافتراق المُعلَّق من المُعضَل، وقد حمله (ق)

(1)

على ذلك، وعلى ما ذكرنا فضمير «يَفْتَرِق» للمُعضَل.

وقوله: «منه» :

أي: من المُعلَّق، ثُمَّ إنَّ كون النِّسبة بالعموم والخصوص من وَجهٍ بين المعلَّق والمُعضَل لا يقتضي أنْ تكون النِّسبةُ بين المُعلَّق والمنقطِع كذلك، وهو كذلك؛ إذ النِّسبةُ بينهما العموم والخصوص المُطلَق؛ بِناءً على أنَّه ما لم يَتَّصِلْ سَنَدُه، إمَّا على أنَّه: ما حُذف منه راوٍ فقط قبل الصحابيِّ، سواءٌ كان يلي الصحابيَّ أو لا؛ فبيْنهما عمومٌ وخصوص من وجه، فيجتمعان فيما إذا حُذف واحدٌ من أوَّل السَّنَد من جهتنا، وينفرد المنقطِع فيما إذا حُذف منه واحدٌ بين الصحابيِّ وبين أوَّل السَّنَد، وينفرد المعلَّق فيما إذا حُذف اثنان متواليان من أوَّل السَّنَد.

(1)

حاشية ابن قطلوبغا (ص 87).

ص: 455

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وقوله: «يَفْتَرِقُ مِنْهُ» :

الضمير في «يَفتَرِق» للمعضَل، أي: يصحُّ أنْ يفتَرِق المعضَل من المعلَّق، كما إذا كان الساقط اثنين فأكثر من غير أوَّل السَّنَد وآخِرِه، وبقيَ صورة افتراق المعلَّق من المعضَل، وهو: ما إذا كان الساقط من أوَّل السَّنَد واحدًا.

وقوله: «وَمِنْ صُوَرِ المُعَلَّقِ

إلخ»:

لأنَّ اعتبارهم الحذفَ من أول السَّنَد لا يُنافي حذْفَ بقيَّتِه؛ فالمُعلَّقُ ما حُذف أوَّلُ سَنَده، سواءٌ حُذف بقيَّتُه أيضًا أم لا، قاله (ج)

(1)

.

وفي كتابة: قوله: «بأنْ سَقط

إلخ» الواجِب: ما سقط، فهو من حَذف الموصوف وإبقاء صفته، وتقدَّم أنَّ هذه العبارة لا يتقَيَّد فيها ما قبْل «الفاء» بما بعدها بحسب الصِّدق، بل يكفي فيه ما قبْلها، وقوله:«اثنان» أي: مِن أيِّ موضع كان، وهذه صورة الاجتماع.

وقوله: «وَمِنْ حَيْثُ تَقْيِيدُ المُعَلَّقِ

إلخ»:

صورة انفراد المعلَّق، لكنَّه ترك منها قيدًا لا بُدَّ منه للعلم به من وجوب مغايرة صورة الاجتماع لصورَتَيِ الافتراق، وهو: مع اتحاد الساقط، وعَلِمتَ صورةَ انفراد المعضَل من إشارته إليه بقوله:«إذ هو» أي: المعضَل «أَعَمُّ منه» أي: من المعلَّق، وهي أنْ يَسقُط اثنان أو أكثرُ مِن غير مبدأِ السَّنَد، فتدبَّرْهُ.

(1)

حاشية الأجهوري على شرح نخبة الفكر (ص 273).

ص: 456

ومِنْهَا: أَنْ يُحْذَفَ جميع السند إِلَّا الصَّحابيَّ أَوْ إِلَّا الصَّحابيَّ والتَّابعيَّ معًا.

ومِنْها: أَنْ يَحْذِفَ مَنْ حَدَّثَهُ، ويُضيفَهُ إِلى مَنْ فَوقَهُ، فَإِنْ كَانَ مَن فَوْقَه شيخًا لذَلكَ المصنِّفِ، فقد اخْتُلِفَ فيه: هل يُسمَّى تعليقًا أَوْ لَا؟

والصَّحيحُ في هَذَا: التَّفصيلُ؛ فَإِنْ عُرِفَ بالنَّصِّ أَو الاستِقْراءِ أَنَّ فَاعِلَ ذلك مُدَلِّسٌ، قُضِيَ بهِ، وإِلَّا فتَعليقٌ.

وإِنَّما ذُكِرَ التَّعليقُ في قِسْمِ المردودِ؛ للجَهْلِ بحالِ المحذوفِ.

[قوله]

(1)

: «إلَّا الصَّحابيَّ أَوْ إلَّا التَّابعيَّ والصَّحابيَّ معًا» :

أمَّا لو أسْقط مِن قبل التابعيِّ ممن هو أسفل منه مع الصحابيِّ أيضًا؛ لكان منقطِعًا مرسَلًا، [ولو كان مع التابعَين لكان معضَلًا منقطِعًا مرسَلًا]

(2)

، وإن كانوا جميعَ الإسناد أو من أوله كان مع ذلك معَلَّقًا أيضًا

(3)

.

[قوله]

(4)

: «أنْ يَحْذِفَ مَنْ حَدَّثَهُ» :

أي: أنْ يَحذِفَ المحدِّثُ البخاريُّ كان أو لا شيخَه الذي حدَّثه ذلك، ويُضيف ذلك الحديثَ إلى مَن فوق شيخه الذي حدَّثه به، إذا كانت تلك الإضافة بغير صيغة تحديث أو إخبارٍ أو سماع ونحوها [مما يدُلُّ على]

(5)

استعمالها مذاكرة.

(1)

زيادة من: (أ) و (ب).

(2)

زيادة من (ب).

(3)

قضاء الوطر (2/ 935).

(4)

زيادة من: (أ) و (ب).

(5)

زيادة من (ب).

ص: 457

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[قوله]

(1)

: «هل يُسمَّى تَعْليقًا» :

وبه جَزَمَ الحُمَيدِيُّ

(2)

، وبعضُ متأخري المغاربة سمَّاه بـ: التعليق المتصل من حيث الظاهرُ المنفصل، من حيث المعنى، وكلام المؤلِّف ربما صدق به.

[قوله]

(3)

: «أَوْ لا» :

أي: أو لا يُسمَّى تعليقًا، بل يكون حُكْمُه حُكْمَ الحديث المُعَنْعن؛ فيكون متَّصِلًا (هـ/112) إنْ تعاصرا وثبت اللُّقيُّ، أو أمكن وانتفى التدليس.

[قوله]

(4)

: «والصَّحِيحُ في هذا» :

أي: في محلِّ الخلاف، وهو مبتدأ، خبره «التفصيل» .

[قوله]

(5)

: «بالنَّصِّ» :

أي: نصِّ إمامٍ من أئمة الحديث، و «الاستقراء» التتبُّع بأن فتَّشْنا تصرفاتِه فوجَدْناه يدلِّس بذلك الصنع أو غيره.

[قوله]

(6)

: «أنَّ فاعل ذلك» :

أي: المذكور مِن حَذْف مَن حدَّثه وأضاف الحديث إلى مَن فوقه؛ «قُضِيَ

(1)

زيادة من: (أ) و (ب).

(2)

ينظر مقدمة ابن الصلاح (ص 92)، و النكت، للزركشي (1/ 252)، والنكت الوفية (1/ 197).

(3)

زيادة من: (أ) و (ب).

(4)

زيادة من: (أ) و (ب).

(5)

زيادة من: (أ) و (ب).

(6)

زيادة من: (أ) و (ب).

ص: 458

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

به» أي: قُضِي عليه بالتدليس، أي: بحُكْمِه، وهو أنَّه إنْ كان غيرَ ثقة رُدَّ حديثُه، إلَّا أن يأتيَ من طريقٍ آخَرَ لا مدخل له فيها من الطرق المقبولة إنْ كان ثقة ولا يصرِّح بالتحديث أو السماع (أ/96) فكذلك، إلَّا في الصحيحين؛ فإنَّ عَنْعَنَتَه فيهما محمولةٌ على الاتصال

(1)

، وإنْ صرَّح بما ذُكِر قُبِل عند الأكثرين.

[قوله]

(2)

: «وإلا فتعليق» :

أي: وإن لم يُعرف بتدليسٍ فاعلُ ذلك؛ قُضِيَ عليه [بحكم]

(3)

التعليق وأُلحِق به، وسكت المؤلِّف عن مفهوم [قوله]

(4)

: «فإِنْ كان مَن فَوْقَه شيخًا لذلك المصنِّفِ» وهو ما إذا لم يكن شيخًا له؛ لوضوحه،

(5)

فإنَّه يُتَّفَقُ على أنَّه تعليق، والظاهر أنَّ التقْييدَ بالمصنِّف هنا كما مَرَّ أوَّل المبحث.

(1)

في هامش (ب): مما يدل على الاتصال بل بمثل قال وذكر إدراج بعضهم فيه قال لي غير محرر لدلالتها على الاتصال وإن غّلّب.

(2)

زيادة من: (أ) و (ب).

(3)

زيادة من (ب).

(4)

زيادة من: (أ) و (ب).

(5)

في (هـ): [فوضوحه].

ص: 459

وقد يُحْكَمُ بصحَّتِهِ إِنْ عُرِفَ بأَنْ يجيءَ مُسمًّى مِن وجهٍ آخَرَ، فإِنْ قالَ: جميعُ مَن أَحْذِفُهُ ثقاتٌ، جَاءتْ مسأَلةُ التَّعديلِ على الإِبهامِ.

وَعِنْدَ الجُمهورِ لا يُقْبَلُ حتَّى يُسمَّى.

[قوله]

(1)

: «إنْ عُرِفَ» :

أي: الراوي المحذوفُ. و «الباء» من قوله: «بأنْ يجيءَ مسمَّى مِنْ وجهٍ آخَرَ» سببيَّةٌ متعلقة] بعُرِفَ]

(2)

.

[قوله]

(3)

: «فإِنْ قالَ: جَميعُ مَن أَحْذِفُهُ ثقاتٌ

إلخ»:

راعى معنى «جَميع» فجمَع الخبر، ولو راعى لفظه أفرده، وأحْرى إذا كانت عادته أنَّه لا يحذِفُ إلَّا ثقةً كسُفْيانَ بنِ عُيَيْنَةَ، أو كانت عادتُه أنَّه لا يَروي إلا عن ثقة؛ لأنَّه قد يخالف عادته، وقد يكون ثقةً عنده غيرَ ثقة عند غيره، وهذا طريق المحدِّثين، وأمَّا الأصوليين فعندهم: مَن صرَّح بأنَّه لا يروي إلا عَن ثقة أو عُرِف ذلك من عادته فهو مقبول الرواية معمولٌ بحديثه، كما قال ابن السُّبْكِيِّ

(4)

وغيرُه

(5)

.

[قوله]

(6)

: «جاءتْ مسأَلةُ التَّعديلِ» :

معنى «جاءت» صارت، أي: صارت المسألةُ بذلك القولِ هي المسألةَ

(1)

زيادة من: (أ) و (ب).

(2)

في (هـ): [بيعرف].

(3)

زيادة من: (أ) و (ب).

(4)

الإبهاج في شرح المنهاج (3/ 222).

(5)

قضاء الوطر (2/ 941).

(6)

زيادة من: (أ) و (ب).

ص: 460

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

المسماة بـ: التعديل على الإبهام، وتعديلُ المُبهَمِ أن يُعدَّلَ مَن لم يُسَمَّ؛ لأنَّ من سمَّاه مع كونه لم يُفصِّل أسباب تعديله لأنَّها لتعذر الإحاطة بها لا يُشترَط تفصيلها، بخلاف الجَرْح لا بُدَّ أنْ يُعَيِّن النَّوعَ الذي جُرح به ذلك الراوي؛ إذ يكفي فيه فردٌ واحدٌ في إسقاط العدالة، وهذه هي مسألة: التعديل المُبهَم، وفيها أقوالٌ: مذهب الجمهور فيها، وإليه ذهب ابن الصَّبَّاغِ والخطيبُ

(1)

والصَّيْرَفيُّ: ما قاله المؤلِّف، وهي: لا تُقْبَلُ؛ إذ لا يَلْزَمُ مِن كونه عدلًا عنده أنْ يكون عند غيره كذلك، فلعلَّه إذا سمَّاه يُعلَمُ حاله. وقيل: يُعتبَر مُطلَقًا. وقيل: إنْ صَدَر التعديل مِنْ عالمٍ قُبِل لا مِن غَيرِه. وقيل: يُقبَلُ مِن العالم في حقِّ مَن قلَّده دون غيره.

وقول (ق)

(2)

بعد قولهم: وإنما شرطوا تسميته؛ لاحتمال أنْ يكون ثقةً عنده

(3)

دون غيره، فإذ ذكروه يُعْلَم عنده، ما نصُّه: «وليس هذا شيء؛ لأنَّه تقديم الجَرْح

(4)

المتوهَّمِ على التعديل الصريح» انتهى، فيه نظر؛ لأنَّ التعديل الصريحَ إنما يُكتفى به إذا سمِّي العدل، ومسألة التعديل على الإبهام ليست كذلك؛ لافتراق المسألتين، بل هو من باب الوقف عن الأخذ بمرويه للارتياب حتى يَبِينَ حالُه من جَرْح أو تعديلٍ كما قاله ابن الصَّلاح

(5)

.

(1)

الكفاية في علم الرواية، للخطيب البغدادي (ص 100).

(2)

حاشية ابن قطلوبغا (ص 79).

(3)

في (أ) و (هـ): [ضده].

(4)

في (ب): [للجرح].

(5)

مقدمة ابن الصلاح (ص 110).

ص: 461

لَكنْ قالَ ابنُ الصَّلاحِ هُنَا: إِنْ وَقَعَ الحَذْفُ في كتابٍ، التُزِمَتْ صحَّتُهُ؛ كالبُخاريِّ، فما أَتى فيه بالجَزْمِ، دلَّ على أَنَّه ثَبَتَ إِسنادُهُ عِندَه، وإِنَّما حُذِفَ لغَرَضٍ مِنَ الأَغْراضِ.

ومَا أَتى فِيهِ بغيرِ الجَزْمِ، ففيهِ مقالٌ.

وقد أَوْضَحْتُ أَمثلةَ ذَلكَ في «النُّكتِ على ابنِ الصَّلاحِ» .

[قوله]

(1)

: «إنْ [وَقَع]

(2)

[الحَذْفُ]

(3)

»:

أي: حَذْفُ كلِّ الإسناد أو حَذْفُ بعضِه، كقال النبيُّ عليه الصلاة والسلام، أو قال ابن عباس، أو قال الزُّهْريُّ، ممَّا هو من صِيَغِ تعليق المحدِّثين.

وفي كتابةٍ: «بالجَزْم» كذَكَر، وزاد: وقال، ورَوى وغيرها، وصيغة التمريض كيُروى، ورُوِي

(4)

، وقيل، ويُذْكَر، بالبناء للمجهول في الكلِّ.

وفي قوله: «كالبخاريِّ» :

إشعارٌ بعَدَم قَصْر هذا التفصيل على الصحيحين، خلافًا لما [تُوهِمه]

(5)

(هـ/113) عبارة العراقيِّ، قال شيخ الإسلام

(6)

: «وكتعليقها تعليق كلُّ من التزم الصحة» . (أ/97)

(1)

زيادة من: (أ) و (ب).

(2)

في (هـ): [يوقع [.

(3)

في (هـ): [الخوف [.

(4)

في (ب): [كوروي]، وهو تصحيف.

(5)

في (ب): [يوهمه].

(6)

فتح الباقي (1/ 135).

ص: 462

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[قوله]

(1)

: «فما أتَى

إلخ»:

أي: فالحذف والتعليق الذي أتى فيه بصيغة الجَزم كقال فلان ورَوى، دلَّ على أنَّه ثَبَت إسناده عنده، قلنا: سلَّمنا، لكنْ لا يلزم من ثبوته عنده ثبوتُه عندنا، كما قلنا [في] المعدَّل على الإبهام.

والجواب

(2)

:

أنَّه لما استُقرئ أمرُه فوجِد مُصيبًا في كلِّ مَن عدَّله صار أمره مخالفًا لأمر غيره، وجُعل من الركون إلى تصرُّفه ما لم يُجْعَلْ لغيره.

[قوله]

(3)

: «وإنَّما حُذِفَ» :

أي: إسنادُه، «لغَرَضٍ مِن الأَغْراض» من جملتها: كونُ رجال ذلك السَّنَدِ ليسوا على شَرْطه وإنْ كانوا مقبولين

(4)

.

وفي كتابة: «لِغَرَض

إلخ» كأنْ يكون ليس على شرطه وإن كان مقبولًا، أو لم يسمعْه سماعًا عاليًا وهو معروف من جهة الثقات عن ذلك المرويِّ عنه، فيقتصر على صحته وشهرته من غير جهته، أو يكون ذكره في موضعٍ آخَرَ بالتحديث فترك إعادته.

(1)

زيادة من: (أ) و (ب).

(2)

هو للبقاعي كما في قضاء الوطر (2/ 946).

(3)

زيادة من: (أ) و (ب).

(4)

حاشية ابن قطلوبغا (ص 79).

ص: 463

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[قوله]

(1)

: «وما أَتَى

إلخ»:

أي: والحذف والتعليق الذي أتَى فيه بصيغة غير الجزم كقيل ورُوي ويذكر، قيل: الرأي فيه أنَّه لا يُحْكَمُ بصحته عملًا بظاهر الصيغة، ولأنَّ استعمالها في الضعيف آثرُ منه في الصَّحيح، ولا يُحْكم بضَعفه أيضًا، ولكن إيراد المعلِّق لذلك في أثناء صحيحه يُشعِر بصحة الأصل له إشعارًا يؤْنَس به ويُركَنُ إليه، ويأتي قريبًا ما يَرِدُ عليه. فإن قُلْتَ: فما تصنع حينئذ بقول البخاريِّ: «ما أدخلتُ في كتابي الجامع إلَّا ما صحَّ» ، وقولِ الأئمة: كلُّ ما فيه محكومٌ بصحته؟ قُلْتُ: حَمَله ابن الصَّلاح على أنَّ المراد: مقاصد الكتاب وموضوعه ومتون الأبواب، دُونَ التراجم والتعاليق ونحوها.

(1)

زيادة من: (أ) و (ب).

ص: 464

والثَّاني: وهو ما سَقَطَ مِن آخِرِهِ مَن بعدَ التَّابعيِّ، هُوَ المُرْسَلُ:

وصورَتُهُ أَنْ يقولَ التَّابعيُّ؛ سَواءٌ كانَ كبيرًا أو صغيرًا: قَالَ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليهِ [وآلهِ] وسلَّمَ كَذَا، أو: فعَلَ كذا، أو: فُعِلَ بحضرتِهِ كذا، أو نحوُ ذلك.

[وقوله]

(1)

: «[و]

(2)

الثاني»:

فيه مناقشة تُعلَمُ ممَّا ذَكَرَه في قوله: «الأوَّل» إيرادًا وجوابًا.

[قوله]

(3)

: «ما سَقَط» :

أي: حديث

(4)

مردود أو الحديث المردود الذي «سَقَط من آخره» أي: آخِرِ إسناده. ولو قال: ما سقط مِن سنده مَن بعد التابعيِّ أو ما سقط آخِرُه؛ كان أخَصَرَ وأظهرَ.

وفي كتابةٍ: قوله: «من آخره» أي: من آخر سنده؛ لأنَّ المرسَل صفة الحديث لا صفة الإسناد، وإنما قيَّد بمن بعد التابعيِّ؛ احترازًا من قول الأصوليين والفقهاء: إذا قال مَن دُون التابعيِّ: قال الرسول كذا؛ يسمَّى مرسَلًا، سواءٌ كان منقطِعًا أو معضَلًا، وباصطلاحهم قَطَع الخطيبُ

(5)

إلَّا أنَّه جعل اصطلاح المحدِّثين الأكثرَ.

وقال (ج)

(6)

: «اعلم أنَّ كلام المؤلِّف هنا وفيما مَرَّ لا يُفيد اختصاصه بكون الراوي له هو التابعيَّ

(7)

، بل يصدُق بما إذا روى غيرُ التابعيِّ حديثًا، أو أسقط مِن

(1)

زيادة من: (أ) و (ب).

(2)

زيادة من: (أ) و (ب).

(3)

زيادة من: (أ) و (ب).

(4)

في (ب): [حديثا].

(5)

الكفاية في علم الرواية للخطيب البغدادي (ص 21).

(6)

حاشية الأجهوري على شرح نخبة الفكر (ص 276).

(7)

في (أ) و (هـ): [التابع].

ص: 465

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

سنده مَن بعد التابعيِّ، ولكن قوله بعد: «وصورتُه أنْ يقول التابعيُّ

إلخ» يقتضي اختصاصه بكون الراوي له هو التابعيَّ، وهذا يوافق قولَ العراقيِّ:

(1)

المرسَلُ مرفوعُ تابعيٍّ على المشهور، مرسل أو قيَّده بالكبير» انتهى المراد منه.

[قوله]

(2)

: «المُرْسَل» :

يُجْمَع على مَراسيل ومراسِل، مأخوذ من الإرسال، وهو: الإطلاق، كقوله تعالى:{أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا] {مريم: 83} ، إذا كان المُرسِل أطلق الإسنادَ ولم يقَيِّدْه بجميع رُواته حتى ينسبه لقائله

(3)

.

[قوله]

(4)

: «وصُورَتُه» :

أي: وتصويره «أنْ يقول

إلخ» وبهذا صح الحمل واتحدت الصفة والمحل، لكن لا بُدَّ من تأويل صورة بمصور، وقولٍ بمقول، كما لا يخفى، وانظر لأي شيء لم يقُلْ: وحقيقته أنَّه مرفوع التابعيِّ، ويمكن أنْ يقال: إن ما ذَكَره عارضٌ من عوارضه؛ لذا أتى به [قَوام]

(5)

حقيقته، فهو بمنزلة الحيوان الضاحك بالنِّسبة إلى الإنسان، وما ذَكَره في تصويره أحدُ أقوالٍ فيه، وقيل: ما سقط منه راوٍ من أي موضع كان، على ما حُكيَ عن الفقهاء والأصوليين، وقيل غيرُ ذلك. و (هـ/114)

(1)

ينظر فتح المغيث بشرح ألفية الحديث (1/ 169).

(2)

زيادة من: (أ) و (ب).

(3)

قضاء الوطر (2/ 958).

(4)

زيادة من: (أ) و (ب).

(5)

كذا بالنسخ الثلاث.

ص: 466

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

قوله: «التابعيُّ» يعني الذي لم يكن له سماعٌ من الرسول عليه الصلاة والسلام

(1)

، وإلا كان محكومًا لما أسنده إليه صلى الله عليه وسلم بالاتصال، كالتَنُوخِيِّ رسولِ هِرَقلَ اجتمع وهو كافر بالمصطفى وسمِع منه حينئذ ثُمَّ أسلم وحدَّث عنه بما سَمِع، وخرج [بالتابعي]

(2)

الصحابيُّ إذ أسقط صحابيًّا سمِع منه ذلك الحديث ولم يسمعه هو من النبيِّ عليه الصلاة والسلام

(3)

إلا بواسطة؛ فإنَّه يُحكم لحديثه بحُكم الاتصال، خلافًا للإسْفَرايني؛ لأنَّهم عدولٌ حتى يثبت القادح، فلا تضرُّ الجهالة بأعيانهم، ولا يَتَطرق فيهم من الاحتمال ما جرى في غيرهم، ولا فرق في هذا الصحابيِّ بين كونه كبيرًا كابن عُمرَ وجابر، أو صغيرًا كابني عباس والزُّبير، هذا إذا تقرَّر له منه عليه الصلاة والسلام سماعٌ، وإلَّا كان حديثه مَحْكومًا [له]

(4)

بحُكْمِ مراسيلِ غير الصحابة، مثل محمد بن أبي بكر؛ فإنَّه رأى النبيَّ عليه الصلاة والسلام غير مميِّزٍ؛ بِناءً على مَن لم يَشترِطِ التمييزَ في الصحبة.

تنبيه:

لو قال الراوي: سمِعتُ من رجلٍ، أوْ حدَّثَنا رجلٌ أو امرأةٌ أو شيخٌ؛ فبعض المحدِّثين يسمِّيه منقطعًا، وبعض الأصوليين يسمِّيه: مرسَلًا، و [حينئذ]

(5)

ينتقض به تعريفهما، وقد يجاب عن الأول بأن الراوي ساقطٌ حكمًا، قال

(1)

في (هـ): عليه السلام.

(2)

في (أ): [التابعي].

(3)

في (هـ): عليه السلام.

(4)

يادة من (ب).

(5)

زيادة من (ب).

ص: 467

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

العراقي

(1)

: «وكلٌّ من هذين القولين خلافُ ما عليه الأكثر على أنَّ هذا متصِل في إسناده مجهول، أي: مبهَمـ لكنه مقيَّد بما إذا لم يُسَم المبهَم في رواية أخرى، وإلَّا فلا يكون (أ/98) مجهولًا، وبما إذا صرح من أبهمه بالتحديث ونحوه، وإلَّا فلا يكون حديثُه متصلًا؛ لاحتمال أن يكون مدلِّسًا، هذا كلُّه إذا كان الراوي عنه غيرَ تابعيٍّ، أو تابعيًّا ولم يصفه بالصحبة، وإلا فالحديث صحيح كما مَرَّ من أن الصحابة كلَّهم عدولٌ» . ووقع في كلام البيهقي تسميتُه أيضًا مُرسَلًا، ومراده مجرد تسميته وإلا فهو حجَّةٌ كما صرَّح به في موضع كالبخاري، لكن قيَّده أبو بكر الصَّيرفيُّ من الشافعية: بأنْ يصرِّح التابعيُّ بالتحديث ونحوه، فإن عَنْعَنَ فمرسَلٌ؛ لاحتمال أنَّه روى عن تابعيٍّ، قال العراقيُّ:«وهو حَسَن مُتَّجهٌ، وكلام مَن أَطْلَق محمولٌ عليه» انتهى.

وتوقف فيه المؤلِّف بما حاصله: «أنَّ التابعيَّ إذا سَلِم من التدليس حُملت عَنعَنتُه على السماع» انتهى.

فالشارح قصَدَ تعريف المرسَل عند جمهور المحدِّثين خاصَّةً

(2)

.

[قوله]

(3)

: «سَواءٌ كان كَبيرًا

إلخ»:

المراد بالكبير: مَنْ جُلُّ روايتُه عن الصحابيِّ؛ كعبد الله بن الخِيار، وبالصغير: من عداه، أي: مَنْ جُلُّ روايته عن التابعيِّ؛ كيحيى بن سعيد، وبعضهم فسَّر الكبير بـ: مَنْ لقيَ كثيرًا من الصحابة، والصغير بـ: مَن لَقِيَ القليلَ منهم.

(1)

التقييد والإيضاح (1/ 74).

(2)

قضاء الوطر (2/ 961).

(3)

زيادة من: (أ) و (ب).

ص: 468

وإِنَّما ذُكِرَ في قسمِ المَرْدُودِ؛ للجَهْلِ بحالِ المحذوفِ؛ لأَنَّه يُحْتَمَلُ أَنْ يكونَ صَحابيًّا، ويُحْتَمَلُ أَنْ يكونَ تابعيًّا، وعَلَى الثَّاني يُحْتَمَلُ أَنْ يكونَ ضَعيفًا، ويُحْتَمَلُ أَنْ يكونَ ثقةً، وعَلَى الثَّاني يُحْتَمَلُ أَنْ يكونَ حَمَلَ عن صَحابيٍّ، ويُحْتَمَلُ أَنْ يكونَ حَمَلَ عن تابعيٍّ آخَرَ، وعلى الثَّاني فيَعُودُ الاحتمالُ السَّابقُ ويَتَعدَّدُ، أَمَّا بالتَّجويزِ العقليِّ، فإِلى ما لا نهايةَ لهُ، وأَمَّا بالاستقراءِ، فإِلى سِتَّةٍ أَو سبعةٍ، وهُوَ أَكثرُ ما وُجِدَ مِن روايةِ بعضِ التَّابعينَ عن بعضٍ.

[قوله]

(1)

: «وإنَّما ذُكِر في قِسْمِ المردود

إلخ»:

هذا عند الشافعيِّ الذي لا يَحْتج بالمرسَل من غير عاضدٍ ظاهرٍ

(2)

، وأمَّا عند مالك وأبي حنيفة وأحمدَ

(3)

-في أشهر الروايتين عنه- فلا يُذكر في قِسْم المردود، وإنما يذكر في قسم المقبول؛ لأنَّه عندهم حجةٌ، واختاره الآمِديُّ

(4)

مُطلَقًا، كان المرسِل من أئمة النَّقل كابن المُسيِّب والشَّعبيِّ أو لا، وفصَّل قوم: فقَبِلوه إنْ كان المرسِلُ من أئمة النَّقل ورَدُّوه مِن غَيْرِه. احتج الأولون بأنَّ العدل لا يُسقط الواسطةَ بينه وبين النبيِّ صلى الله عليه وسلم إلا وهو عدْل عنده، وإلَّا لكان ذلك تدليسًا قادحًا فيه؛ لأنَّه تلبيس، ورُدَّ باحتمال طروق القادح، وبأنَّه قد يُظن عدالة مَن ليس بعدْل في نفْس الأمر، وإيَّاه اعتمد الشافعيُّ كما أشار إليه المؤلِّف

(1)

زيادة من: (أ) و (ب).

(2)

الرسالة، للشافعي (1/ 464).

(3)

ينظر: البحر المحيط في أصول الفقه (6/ 340)، مختصر التحرير شرح الكوكب المنير (2/ 576)، معرفة أنواع علوم الحديث (ص 53).

(4)

الإحكام، للآمدي (2/ 123).

ص: 469

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

بقوله: «للجهل بحال المحذوف

إلخ».

[قوله]

(1)

: «وعلى الثاني» :

وهو «أن يكون تابعيًّا» : «يُحْتَمل أنْ يكونَ ضعيفًا

إلخ».

[قوله]

(2)

: «وعلى الثاني» :

وهو «أنْ يكون ثقةً» : «يُحْتمل أنْ يكون حَمَل عن صحابيٍّ» . (هـ/115)

قوله: «وعلى الثاني» :

وهو «أن يكون حَمَل عن تابعي آخَرَ» : «فيعود الاحتمال

إلخ».

[قوله]

(3)

: «ويَتَعَدَّدُ أمَّا

إلخ»:

بفتح الهمزة، أمَّا التي للتفصيل، أي: ما تعدد الاحتمال بحسَب التجويز العقلي، فهو ذاهب عند العقل بحسَب فرضه وتجويزه إلى ما لا نهاية له من الكيفيَّات التي يفرضها العقل ويُجَوِّزها، وبهذا سَقَط قول (ق)

(4)

: «محال عند العقل أن يجوِّز بَيْن التابعيِّ والنبيِّ عليه الصلاة والسلام من لا يتناهى، كيف وقد وقع التناهي في الوجود الخارجي بذكر النبيِّ عليه الصلاة والسلام؟» انتهى، ونحوه قول [الكمال]

(5)

: «لو قال: فأتى بما لا ضابط له، أو قال: أمَّا بالتجويز العقليِّ فلا ضابط له؛ لكان مُتَّجهًا، وإلَّا فعدد التابعين مُتَناهٍ» انتهى. وسببُ الاعتراض حملُهم «ما لا يتناهى» على الرِّجال، ألا ترى

(1)

زيادة من: (أ) و (ب).

(2)

زيادة من: (أ) و (ب).

(3)

زيادة من: (أ) و (ب).

(4)

ينظر: حاشية ابن قطلوبغا على شرح نخبة الفكر (ص 80).

(5)

حاشية ابن أبي شريف (ص 79). ووقع في (ب): [بن].

ص: 470

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

المُحَّشيَ عَبَّر بـ: «مَن» التي للعاقل، غيرَ مراعٍ للكيفيَّات التي يفرضها العقل، ويجوِّزها في الرجال الواقعة في البَيْن؟!

[قوله]

(1)

: «وأمَّا الاستِقراءُ» :

أي: وأمَّا تعدُّد الاحتمال بحسَب الاستقراء، وهو هنا: تتبُّع الجزئيات الموجودة في الخارج، فالمراد به اللُّغويُّ لا الاصطلاحي، وهو: تتبُّعُ الجزئيات الخارجيَّة ليُثبِتَ حُكمَها الكليَّ.

[قوله]

(2)

: «فإلى ستة أو سبعة» :

أي: يتعدَّد رجاله من التابعين الذين يروي بعضُهم عن [بعض]

(3)

إلى ستة رجال أو سبعة.

قال (ب)

(4)

: ««أو» هنا للشَّكِّ؛ لأنَّ السَّنَد الذي ورَد فيه سبعةُ أنفُسٍ اختُلف في أحدهم: هل هو صحابيٌّ أو تابعيٌّ؟ فإن ثَبَتَتْ صحبته كان التابعيون في السَّنَد ستةً وإلَّا فسبعة، وذلك أن الخطيب صنَّف في ذلك فروى عن شخصٍ من التابعين بينه وبين امرأة أبي أيوبَ ستةٌ، عن [أبي]

(5)

أيوبَ، فقال الخطيب: إن كان امرأة أبي أيوب صحابيَّةً فهو ستة [و]

(6)

إلَّا فسبعة» انتهى.

(1)

زيادة من: (أ) و (ب).

(2)

زيادة من: (أ) و (ب).

(3)

في (ب) زيادة: [ذاهب].

(4)

قضاء الوطر (2/ 964).

(5)

زيادة من (ب).

(6)

زيادة من (ب).

ص: 471

فَإِنْ عُرِفَ مِن عادةِ التَّابعيِّ أَنَّه لا يُرسِلُ إِلَّا عن ثِقةٍ، فذهَبَ جُمهورُ المحُدِّثينَ إِلى التوقُّفِ؛ لبقاءِ الاحتمالِ، وهُو أَحدُ قولَيْ أَحمدَ.

وثانيهِما -وهُو قَوْلُ المالِكيِّينَ والكوفيِّينَ: يُقْبَلُ مُطْلقًا.

[قوله]

(1)

: «وإنْ عُرف مِنْ عادة التابعيِّ

إلخ»:

اعلم أنَّ لنا أربعَ مسائل:

الأولى: أن يُرى من عادة التابعيِّ أنَّه لا يُرسِل إلَّا عن ثقة.

الثانية: أن يُعرَف من عادته أنَّه يرسِل عنه وعن غيره. (أ/99)

الثالثة: أن يُعلم من عادته أنَّه يرسِل عن غير الثقات.

الرابعة: أن يُجهَل ذلك.

واعلمْ أنَّ مقتضى كلام «جمع الجوامع» ومَن تكلم عليه: [أنَّ]

(2)

مالكًا وأبا حنيفة وأحمدَ يحتجُّون به إلا إذا عُلِم من عادته أنَّه يُرسِل عن العدول وغيرهم، وأَوْلى إذا عُلِم من عادته أنَّه يروي عن غير العدل فقط، كما يُستفاد من التعليل، ويدُلُّ له ما يأتي عن الباجي رحمه الله، وهو نحو ما كتبه بعض مشايخي على قوله: «واحَتَج به أبو حنيفة

إلخ» فقال: «قيَّد ابن عبد البرِّ الخلافَ إذا لم يُعلم من عادة المرسِل -بالكسر- أنَّه يروي عن غير الثقات، فإنْ عُلِم من عادته ذلك فما أرسله مردودٌ إجماعًا» انتهى، وهو مستفاد مما ذكره الشارح هنا، ونحوه في «شرح التقريب»

(3)

، إذا تمهَّد هذا فقوله:«فإنْ عُرِف من عادة التابعيِّ ألَّا يدلس إلخ»

(1)

زيادة من: (أ) و (ب).

(2)

زيادة من (ب).

(3)

ينظر: تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي (1/ 370).

ص: 472

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فيه نَظرٌ؛ لِما علِمتَ أنَّ قول الأكثر بعدم الاحتجاج به مقَيَّدٌ بغير مَن عُلِم من عادته أنَّه لا يروي إلا عن ثقة.

وقوله: «وثانيهِما -وهو قول مالك والكوفيين-: يُقْبَلُ مُطْلَقًا» :

إن أراد بالإطلاق: سواءٌ عُلم من عادته أنَّه لا يَروي إلَّا عن ثقة، أو لم يُعْلَم من عادته شيءٌ [كان]

(1)

مخالِفًا لموضوع كلامه؛ فإنَّه جَعَل موضوعه: ما إذا عُلِم من عادته أنَّه لا يُرسِل إلَّا عن ثقة، وإنْ جُعِل معنى الإطلاق: سواءٌ اعتضد بمجيئه من وجهٍ آخَرَ أم لا؛ اقتضى: أنَّ مالكا والكوفيين إنَّما يَحتجَّان بمرسَلِ مَن عُلِم مِن عادته أنَّه لا يُرسل إلا عن ثقة، وأنَّ مَن لم يُعْلَمْ مِن عادته شيءٌ لم يَحتجَّا بمرسَله، وليس كذلك، بل ظاهر ما قدَّمناه احتاجهما به، وأمَّا مَن عُلِم مِن عادته أنَّه يُرسِل عن غير الثقات أيضًا فلا يَحتجَّان به مُطْلَقًا.

تنبيه: (هـ/116)

يَرِد على تخصيصه -كغيره- المرسَلَ بالتابعيِّ: مَن سَمِع مِن الرسول وهو كافرٌ ثُمَّ أسلم بعد موت الرسول، فهو تابعيٌّ اتفاقًا، وحديثه غيرُ مرسَل، بل هو موصول لا خلاف في الاحتجاج به، كرسول هِرَقلَ، ومن رأى المصطفى وهو غير مميِّزٍ كمحمد بن أبي بكر رضي الله عنهما، فإنَّه صحابيٌّ وحُكمُ روايته حُكْمُ المرْسَل لا الموصول؛ فلا يتأتَّى فيه ما قيل في مراسيلِ الصحابة؛ لأنَّ أكثر رواية هذا وشِبهه عن التابعين، بخلاف الصحابيِّ الذي أدرَك وسَمِع، قاله (ج)

(2)

.

(1)

زيادة من (ب).

(2)

حاشية الأجهوري على شرح نخبة الفكر (ص 279).

ص: 473

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[قوله]

(1)

: «لبَقَاءِ الاحْتِمَالِ» :

السبب في بقائه: جوازُ أنْ يكون الثقةُ الذي أرسَله عن التابعيِّ روى عن تابعيٍّ غير ثقة، قاله (ب)

(2)

، ولا يخفى أن بقاء الاحتمال يستلزِم وجودَه، على أنَّ المراد بقاءُ جزئيَّاته؛ فلا اعتراض.

[قوله]

(3)

: «وهو أَحَدُ قَوْلَي أَحْمَدَ» :

المشهور عنه: مقابله

(4)

، ومراده بالكوفيين: الحنفيَّة، وإيَّاهم يعني مالكٌ بالعراقيين.

[قوله]

(5)

: «يُقْبَلُ مُطْلَقًا» :

هذا هو الذي جَزَم به ابنُ السُّبْكِيِّ، حيث قال هو وشارحه

(6)

: «فإن كان المُرسِلُ لا يروي إلَّا عن عدْل، كأنْ عُرِف ذلك من عادته كابن المسيِّب وأبي سلَمةَ بنِ عبد الرحمن يرويان عن أبي هريرة، قُبِل مرسَلُه؛ لانتفاء المحذور، وهو حينئذٍ مُسنَدٌ حُكْمًا؛ لأنَّ إسقاط العدلِ كذِكْرِه» .

(1)

زيادة من: (أ) و (ب).

(2)

قضاء الوطر (2/ 967).

(3)

زيادة من: (أ) و (ب).

(4)

مختصر التحرير شرح الكوكب المنير (2/ 576).

(5)

زيادة من: (أ) و (ب).

(6)

حاشية العطار على شرح الجلال المحلي على جمع الجوامع (2/ 202).

ص: 474