الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَ
المُتَابَعَةُ
عَلَى مَرَاتِبَ:
لأنَّهَا إِنْ حَصَلَتْ للرَّاوي نفسِهِ، فهِي التَّامَّةُ،
وَإِنْ حَصَلَتْ لشيخِهِ فمَنْ فوقَهُ، فَهِيَ القاصِرةُ
.
ويُسْتَفادُ منها التَّقويةُ.
[قوله]
(1)
: «على مَرَاتِبَ» : لأنَّها تارَةً تكون لنفْس الراوي، وتارةً لشيخه، وتارةً لشيخ شيخه،] و]
(2)
هكذا.
وقوله: «فهي التامَّة» : ظاهرُه: وإنْ كان] رواها
(3)
عن شيخ المتابَع -بالفتح- من طريقٍ غير طريقِ ما رواه الآخر، كما إذا كان حديثٌ يرويه مالكٌ من [طريق
(4)
فرواه عنه الشافعيُّ من إحدى الطريقين، ورواه عنه غيره من الطريق الأخرى. وذكر شيخ الإسلام أنَّ المتابَعةَ التَّامَّةَ لا بُدَّ فيها أنْ يتفق المتابِع والمتابَع في رجال السَّنَد كلِّهم. وَقال (هـ)
(5)
: سُمِّيَتْ بالتَّامَّة؛ لمشاركته في رجال السَّنَد كلِّهم، ويقال لها: متابَعة حقيقيَّة
(6)
.
[قوله]
(7)
: «فهي القَاصِرَةُ» : سُمِّيَتْ بذلك؛ لقُصورها عن مشاركته هو، وكُلَّما بَعُد المتابِع كانت أقصرَ. (أ/86)
[قوله]
(8)
: «ويُسْتَفادُ منها التَّقْوِيَةُ» : الضمير راجع لمُطْلَقِ المتابَعة، تامةً كانت أو قاصرة
(9)
.
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
زيادة من: (أ) و (ب).
(3)
في (هـ): [راويها].
(4)
في (ب) و (هـ): [طريقين].
(5)
قضاء الوطر (2/ 864).
(6)
في (أ) زيادة [تنبيه: المُراد بالراوي هنا من طرق الذي يلينا لا الذي يلي المَتْن لا مطلق الراوي] ولم يتبين لي وجهها.
(7)
زيادة من: (أ) و (ب).
(8)
زيادة من: (أ) و (ب).
(9)
قضاء الوطر (2/ 865).
مِثالُ المُتابعةِ التامة: ما رواهُ الشَّافعيُّ في «الأُمِّ» ، عن مالِكٍ، عن عبدِ اللهِ بنِ دينارٍ، عن ابنِ عُمرَ أَنَّ رسولَ الله صلى الله تَعالَى عليه وآله وسلَّم قَالَ:«الشَّهْرُ تِسْعٌ وعِشْرُونَ، فلا تَصُوموا حتَّى تَروُا الهِلالَ، ولا تُفْطِروا حتَّى تَرَوْهُ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيكُمْ، فأَكْمِلوا العِدَّةَ ثَلَاثينَ» .
فَهَذا الحديثُ بهذا اللَّفظِ ظَنَّ قومٌ أَنَّ الشافعيَّ صلى الله عليه وسلم تَفرَّدَ بهِ عن مالِكٍ، فعَدُّوهُ في غرائِبِهِ؛ لأنَّ أَصحابَ مالِكٍ روَوْهُ عنهُ بهذا الإِسنادِ، وَبلفظِ:«فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ، فَاقْدُرُوا لهُ» !
لَكِنْ وَجَدْنا للشَّافعيِّ مُتابِعًا، وهو عَبْدُ اللهِ بنُ مَسْلَمَةَ القَعْنَبِيُّ، كَذَلكَ أَخرجَهُ البُخاريُّ عنهُ، عن مالكٍ.
فهَذِهِ مُتابَعةٌ تامَّةٌ.
وقوله: «مِثالُ المُتَابَعَةِ» :
أي: مثال ما وقعت فيه المتابَعة، وقرينته ظاهرة، خصوصًا قوله: «لكِنْ وجَدْنا للشَّافعيِّ مُتابِعًا
…
إلخ»، [فالاعتراض
(1)
عليه بأنَّ هذا ليس مثالًا [للمتابعة]
(2)
وإنَّما مثالها ما ذَكَرَه بعدُ من قوله: «لكِنْ وجَدْنا للشَّافعي إلخ» ؛ من ضِيق الصَّدر.
[قوله]
(3)
: «ظَنَّ قَوْمٌ
…
إلخ»:
من المحدِّثين، منهم البَيْهَقِيُّ [كما قاله بعض شراح الألفية]
(4)
.
(1)
في (هـ): [الاعتراص].
(2)
في هامش (ب): التامة.
(3)
زيادة من: (أ) و (ب).
(4)
زيادة من قضاء الوطر (2/ 864)، وينظر: فتح الباقي (1/ 249).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
[قوله]
(1)
: «لكِنْ وجَدْنا للشَّافعيِّ
…
إلخ»:
هذا يقتضي أنَّ رواية أصحاب مالك: «إنْ غُمَّ عليكم فاقدروا»
(2)
ليس بمتابعة] لِما]
(3)
رواه الشافعيُّ، وهذا واضح على مَن يَخُصُّ المتابَعة بما حصل فيه الموافقة في اللفظ والمعنى ولو من رواية صحابيٍّ آخَرَ، وهي إحدى الطريقتين، لكن ما ذَكَرَه بَعْدُ في المتابَعة يُفيد أنَّ: المتابعة تجري فيما وافَق معنًى أيضًا، هذه هي الطريقة الثانية، وعليها الجمهورُ كما يأتي عن شيخ الإسلام، وهي مختصَّةٌ بكونها من رواية الصحابي الذي عَيَّنه مَن ظَنَّ تفرده؛ فكلامه أوَّلًا يقتضي أنَّه جرى على طريقةٍ من الطريقتين في المتابعة، وآخِرُه يقتضي أنَّه جرى على الأخرى.
وقال (هـ)
(4)
: «لكن وجدنا
…
إلخ» إنْ قُلْتَ: كيف هذا مع ضبط مالك وجودةِ حِفظِه؟
قُلْتُ: لا إشكالَ؛ لجواز أنْ يكون مالكٌ حَمَلَه عن عبد الله بن دينار بالوجهين، ثُمَّ رواه لكل فريق بوجهٍ، وهكذا يقال في بقية رجال السَّنَد إلى النبيِّ عليه الصلاة والسلام.
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
البخاري (1900)، ومسلم (1080).
(3)
في (ب) و (هـ): [كما].
(4)
قضاء الوطر (2/ 865).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
[قوله]
(1)
: «القَعْنَبيُّ» :
بفتح القاف، وسكون المهملة، وفتحِ النون وموحَّدة: أبو عبد الرحمن عبد الله بنُ مَسْلَمةَ بنِ قَعنَب، من أهل المدينة، سَكَن البصرة ومات بها سنة إحدى وعشرين ومائتين، وكان ثقة، فقد نُسِب إلى جَدِّه قَعنَب، وهو في الأصل: الصُّلب الشديد، والأسد.
[قوله]
(2)
: «كذلك أَخرجَهُ البُخاريُّ» :
أي: بلفظ: «فإنْ غُمَّ عليكم فأكملوا العدة ثلاثين»
(3)
.
[قوله]
(4)
اسم الإشارة راجعٌ إلى موافقة القعنبي للشافعي؛ فظهر ما قلناه من أنَّ الأوَّل مثالٌ لِما وقعت فيه المتابعة، وهذا مثال لنفْس المتابَعة، وجعْلُه مثالًا للوجدان ركيكٌ لفظًا ومعنًى كما أشرنا إليه فيما مَرَّ، قاله (هـ)
(5)
.
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
زيادة من: (أ) و (ب).
(3)
البخاري (1907).
(4)
زيادة من: (أ) و (ب).
(5)
قضاء الوطر (2/ 866).
ووَجَدْنا لهُ أَيضًا مُتابَعَةٌ قَاصرةً في «صحيحِ ابنِ خُزَيْمةَ» ، مِن روايةِ عاصمِ بنِ محمَّدٍ، عن أبيهِ مُحمَّدِ بنِ زيدٍ، عن جَدِّهِ عبدِ اللهِ بنِ عُمرَ بلفظِ:«فَكَمِّلُوا ثَلَاثِينَ» .
وَفي «صحيحِ مسلمٍ» من روايةِ عُبيدِ اللهِ بنِ عُمرَ، عن نافعٍ، عن ابنِ عُمرَ بلفظ:«فَاقْدُروا ثَلَاثينَ» .
ولَا اقْتِصارَ في هذِهِ المُتابعةِ -سواءٌ كَانتْ تامَّةً أَمْ قاصرةً- عَلَى اللَّفْظِ، بَلْ لَو جاءَتْ بالمعنى لكَفَتْ، لكنَّها مُخْتَصَّةٌ بكونِها مِن روايةِ ذلك الصَّحابيِّ.
وإِنْ وُجِدَ مَتْنٌ يُروى مِن حديثِ صحابيٍّ آخَرَ يُشْبِهُهُ في اللَّفظِ والمَعْنى، أَو في المَعْنى فَقطْ؛ فهُوَ الشَّاهِدُ.
[قوله]
(1)
هو العُمَريُّ ثقةٌ ثَبْتٌ.
[قوله]
(2)
: «فَاقْدُرُوا لَهُ» :
هو بكسر الدال، فإنَّ في مختصر النهاية ما يفيد أنَّه من الثلاثيِّ؛ فلا تُقطع همزته، وهو بكسر الدال؛ لأنه من باب ضَرَبَ وقَتَل، ولكن الرواية بالكسر، أي: قدِّروا عدد الشهر فكمِّلوا شعبان [ثلاثين].
[قوله]
(3)
: «ولا اقْتِصار» :
لو قال: ولا تُقْصَر المتابَعة على اللفظ؛ كان أظهَرَ وأخصر.
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
زيادة من: (أ) و (ب).
(3)
زيادة من: (أ) و (ب).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
[قوله]
(1)
: «لكِنَّها مُخْتَصَّة
…
إلخ»:
والتعقب هنا غَفلةٌ عن طريق الشارح؛ فإنَّه يجعل هذا شاهدًا لم يأتي، والتَّعقُّب المشار إليه بقوله يعارضه أنَّ ابن الصَّلاح
(2)
ثم العراقيَّ
(3)
نقَلَا عن ابن حِبَّانَ تمثيلَ المتابعة بما يقتضي أنَّ: رواية صحابيٍّ غير ذلك الصحابيِّ الحديثَ عن النبيِّ عليه الصلاة والسلام متابعةٌ لذلك الصحابيِّ، ولم يتعقَّباه، نعمْ لم يقع في صحيح البخاريِّ ونحوه ذكرُ المتابعة إلَّا لغير صحابيٍّ بالنِّسبة إلى رواية الصحابيِّ الراوي لذلك الحديثِ.
[قوله]
(4)
: «يُشْبِهُهُ» :
الضمير المضاف إليه عائد لِمَا يُظنُّ أنَّه فرْد
(5)
.
قوله: «فهو الشَّاهِدُ» :
«فهو» في الاصطلاح مَتْنٌ بمعنى الفرْد النِّسبيِّ وبلفظه، أو بمعناه دون لفظه من رواية صحابيٍّ آخَرَ، وسيأتي أنَّ بعضهم خصَّ الشاهدَ بما كان بالمعنى دُون اللفظ، سواءٌ كان من رواية صحابيٍّ آخَرَ أم لا، واستظهره بعض المحدِّثين، وسيأتي.
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
مقدمة ابن الصلاح (ص 82).
(3)
شرح التبصرة (1/ 91).
(4)
زيادة من: (أ) و (ب).
(5)
قضاء الوطر (2/ 869).
ومثالُهُ في الحديثِ الَّذي قَدَّمناهُ: ما رَواهُ النَّسائيُّ مِن روايةِ محمَّدِ بنِ حُنَينٍ، عن ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما، عن النبيِّ -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، فذَكَرَ مثلَ حديثِ عبد اللهِ بنِ دينارٍ، عنِ ابنِ عُمرَ، سواءً.
فَهَذَا باللَّفظِ.
وأَمَّا بالمَعْنى، فهو ما رواهُ البُخاريُّ مِن روايةِ محمَّدِ بنِ زيادٍ، عن أَبي هُريرةَ بلفظ:«فَإِنْ غُمَّ عليكُمْ، فأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبانَ ثلاثينَ» .
وخَصَّ قومٌ المُتابعةَ بما حَصَلَ باللَّفظِ؛ سَواءٌ كانَ مِن روايةِ ذلك الصَّحابيِّ أَمْ لا، والشاهدَ بما حصلَ بالمَعْنى كَذَلك.
[قوله]
(1)
«ومِثالُه في الحديث الذي قَدَّمْناهُ» :
أي: وهو الحديث الذي ظُنَّ أنَّ الشافعيَّ تفرَّد به.
[قوله]
(2)
: «محمد بن زياد» :
هو الجُمَحِيُّ، ثقةٌ ثَبْتٌ، ربَّما أرسَل، قاله (ب)
(3)
.
[قوله]
(4)
: «بلفظ: غُبِّيَ عليكم
…
إلخ»:
إنَّما كان بالمعنى؛ لأنَّ الواقع في الأول: «فإن غُمَّ» وفي هذا: «غُبِّي» (هـ/102) بالغين المعجمة المضمومة وبالباء الموحدة المشددة، وبفتح المعجمة وتخفيف
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
زيادة من: (أ) و (ب).
(3)
قضاء الوطر (2/ 869).
(4)
زيادة من: (أ) و (ب).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الباء وكسرها بعدها ياء، ومعناه: خَفِى عليكم، وهو من الغَباوة، وهو عدم الفِطنة؛ إشارة لخفاء الهلال. ولبعضهم:«أُغْمِيَ» بضم الهمزة وزيادة ياء، مبنيًّا للمفعول، من الإغماء، يقال: أَغْمى قلبه الخير، إذا استعجم، (أ/87). ولبعضهم:«غُمَّ» بضم المعجمة وتشديد الميم، قال في القاموس:«حالَ دُونه غَيمٌ رقيق» انتهى.
وقال المؤلِّف
(1)
في شرح البخاري: «وأُغْمَى وغُمَّى -بتشديد الميم وتخفيفهما- فهو مغموم، الكلُّ بمعنًى» .
[قوله]
(2)
: «وخَصَّ قومٌ» :
منهم: ابنُ الصَّلاح
(3)
والعراقيُّ
(4)
وابنُ حِبَّانَ
(5)
، وهذا الذي جَزَم به المؤلِّف هنا عَزاه بعض تلامذته للجمهور، وتواردت كلمة أتباع المؤلِّف على اختياره وردِّ طريق ابن الصَّلاح.
[قوله]
(6)
: «بما حَصَلَ بالمَعْنى كذلك» :
أي: سواءٌ كان من رواية ذلك الصحابيِّ أو لا.
وفي كتابةٍ: واعلم أنَّه يستفاد من هذا أنَّ المَتْن الذي بمعنى الفرْد النِّسْبيِّ فقط من رواية صحابيٍّ آخَرَ شاهِدٌ باتفاق القولين، وأمَّا الذي بمعنى الفرْد النِّسبيِّ ولفظه من رواية صحابيٍّ آخَرَ فهو محلُّ اختلاف القولين.
(1)
فتح الباري، لابن حجر (4/ 124).
(2)
زيادة من: (أ) و (ب).
(3)
مقدمة ابن الصلاح (ص 83).
(4)
شرح التبصرة (1/ 91).
(5)
صحيح بن حبان (1/ 155).
(6)
زيادة من: (أ) و (ب).
وقَدْ تُطْلَقُ المُتَابعةُ على الشَّاهدِ، وبالعكسِ، والأمرُ فيهِ سَهْلٌ.
[وقوله]
(1)
: «وبالعَكْسِ» :
هو خِلافُ ما للنوويِّ في «شرح مسلم» ؛ فإنَّه قال
(2)
: «وتُسمَّى المتابَعةُ شاهدًا أو لا يُسمَّى الشاهدُ متابَعةً» . وممَّا يجب التنبُّهُ له أنَّه لا يُقتصر في التابع والشاهد على الثقة، بل يكونان بالضعيف أيضًا؛ إذ لا اعتماد عليه بل على مَن قبله، نصَّ عليه السَّخَاويُّ
(3)
وغَيرُه.
[قوله]
(4)
: «وقد تُطْلَقُ المُتابَعةُ
…
إلخ»:
ظاهرُه سواءٌ كانت تامَّةً أو قاصرةً، كما يطلق الشاهد على كلٍّ منهما أيضًا، هذا ظاهر كلامه، وكلام العراقيِّ
(5)
يُوهِم أنَّه: إنما يُطْلَقُ الشاهد على المتابعة القاصرة دون التامَّة، وأقرَّه (ب) في حواشيه
(6)
، حيث قال: وقد يُسمَّى، أي: الحديثُ الذي شُورِكَ فيه الشيخُ شاهدًا، أي: وهي المتابَعةُ القاصرة، وأمَّا التامَّةُ وهي متابعة الراوي نفْسِه عن شيخه فلا يُسمَّى شاهدًا؛ لأنَّها هي المتابعة الحقيقيَّة، ومتى كانت المشاركة في ذلك الصحابيِّ فهي متابعةٌ، سواء كانت باللفظ أو بالمعنى، تامَّةً أو قاصرةً، فإن كان آخذًا بظاهر كلام الأصل فليُحذَر، وإن كان لموافقة النقل كان الأوْلى أنْ يُصَرِّح به.
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
شرح النووي على مسلم (1/ 34).
(3)
فتح المغيث بشرح ألفية الحديث (1/ 257).
(4)
زيادة من: (أ) و (ب).
(5)
شرح التبصرة (1/ 91).
(6)
النكت الوافية (1/ 480).
وَاعْلمْ أَنَّ تَتَبُّعَ الطُّرُقِ مِنَ الجَوَامعِ والمسانيدِ والأجزاءِ لذَلكَ الحديثِ الذي يُظنُّ أَنَّه فردٌ لِيُعْلَمَ هَلْ لهُ مُتَابِعٌ أَم لا، هُوَ: الاعتبارُ.
[قوله]
(1)
: «واعْلَمْ أنَّ تَتَبُّعَ الطُّرُقِ» :
لا يَخْفى أنَّ عبارة المَتْن: «وتتبُّع الطُّرُق» ، وما ذَكَرَه في الشرح يقتضي أنَّ «تتبُّعَ» بالنصب بأن المقدَّرة، وحذْفُ أنْ وبقاءُ عملها لا يجوز، فإذا قُرئ بالرفع فلا يَرِدُ عليه ما ذُكِر، لكنَّ تقديره يأبى ذلك.
وقال (هـ)
(2)
: «تتبُّع» مصدرٌ غُيِّر في الشرح إعرابُه؛ لِما مَرَّ مِرارًا، وبه يَندفِع اعتراض (ب) في قوله: هو في المَتْن مرفوع وفي الشرح منصوب، وليس من طريق المَزج في شيءٍ.
وقوله: «مِن الجَوَامِعِ» :
كالصحيحينِ، والسنن، والموطأ، وكمسند البَزَّارِ والطَّيالِسيِّ وغيرِه.
وفي كتابة: «مِنَ الجوامع» أي: الكتب المرتَّبة على ترتيب الأبواب الفقهيَّة أو غيرها، والمَسانيدُ: هي التي جُمِع فيها مُسْنَدُ كلِّ صحابيٍّ على حِدَةٍ كما يأتي آخر الكتاب.
وقوله: «لِيُعْلَمَ هلْ لهُ متابِعٌ أَمْ لا؟» :
بدلُ اشتمالٍ من قوله: «لذلك الحديث» ، والعلة الحاملة على التتبُّع هي قوله: «لِيُعْلَم
…
إلخ». وقوله: «هل له تابِعٌ» أي: أو شاهد، كما يدُلُّ عليه ما بعده.
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
قضاء الوطر (2/ 873).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وقال (هـ)
(1)
: [قوله]
(2)
: «لذلك الحديثِ الذي يُظنُّ أَنَّه فردٌ» متعلِّقٌ بالطرُق، ولو قدَّمه على قوله: «من الجوامع
…
إلخ»؛] كان]
(3)
أوْلى. وأَطْلَق هنا في الفرديَّة إمَّا اعتمادًا على ما هو موضوع المَبْحَث عندهم من تقْييده بالفرْد النِّسبيِّ، وإمَّا لكونه هنا يَراه قِسْمًا، وقد عَلِمتَ ما فيه.
وقوله: «لِيُعْلَمَ» :
متعلِّق بـ «تتبُّع» علةٌ له، وجملة «له متابِع أم لا» سادٌّ مسَدَّ مفعولَيْ يُعْلَم المعلق عنهما (هـ/103) بالاستفهام لصدارته، والمعنى: لِيُعْلمَ جوابُ هذا السؤال بأنْ يُعْلَم أنَّ له أصلًا إنْ وجِد له متابِعٌ أو شاهدٌ، أو يُعْلَم، أي: يُظَنُّ أنَّه لا أصل له إنْ لم يُوجَد.
[قوله]
(4)
: «هو الاعْتِبَارُ» :
أي: يُسمَّى بذلك، ويقال له: السَّبْرُ أيضًا؛ فظهر أنَّ الاعتبار هو: تفتيش المحدِّثِ بطونَ الكتب والروايات للوقوف على طريق الحديث؛ لأجْلِ معرفة المتابعات والشواهد، وحقيقتُه أنْ يُكثر التأمل فيعبر من الشيء إلى غيره؛ ليتوصَّلَ إلى أمور دقيقة وربما يتعجب من خفاياها يستدل بها على انتفاء فَرْديَّةِ الحديث،
(1)
قضاء الوطر (2/ 874).
(2)
زيادة من: (أ) و (ب).
(3)
في (هـ): [كأن].
(4)
زيادة من: (أ) و (ب).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
غير أنَّك لا تنتقل إلى راوٍ أعلى مع وجودِ أقربَ إلَّا بعد تعذر الوقوف على متابعةٍ للأقرب، سواءٌ في ذلك: الراوي، وشيخه، وشيخ شيخه وهلُمَّ جَرًّا، كما في كلام العراقيِّ الذي نقلناه عنه فيما مَرَّ، نعمْ قوله [فيه]
(1)
: «فإن لم يجد أحدًا تابعه عليه عن (أ/88) شيخه فانظر: هل تابع [أحد]
(2)
شيخ شيخه» منتقَد؛ حيث أوهَم ظاهرُه الانتقالَ بعد الراويإلى شيخ شيخه، مع أنَّ الانتقال بعده إنَّما هو لشيخه، فمن حقه أنْ يقول: فانظر هل تابَعَ أحدٌ شيخَه، فإن فقد فانظر في شيخ شيخه، وكذا
…
إلخ، كما في مثال ابن حِبَّانَ حيث قال: فطريق الاعتبار أن يرويَ حمادٌ مثلًا حديثًا لم يُتابَعْ عليه، عن أيوبَ، عن ابن سِيرينَ، عن أبي هريرة، عن المصطفى عليه الصلاة والسلام، فيُنظر: هل رواه ثقة غير أيوب عن ابن سيرين، فإن وُجِد عُلِم أنَّ له أصلًا يُرجع إليه، وإلا فثقة غير ابن سيرين رواه عن أبي هريرة، وإلا فصحابيٌّ غير أبي هريرة رواه عن المصطفى، فإن وُجِد عُلِم أنَّ للحديث أصلًا، وإلَّا فلا.
(1)
زيادة من (ب).
(2)
زيادة من (ب).
وقَوْلُ ابنِ الصَّلاحِ: «معرفةُ الاعتبارِ والمتابعاتِ والشَّواهِدِ» قد يُوهِمُ أَنَّ الاعتبارَ قَسيمٌ لهُما، وليسَ كَذَلكَ، بل هُو هيئةُ التوصُّلِ إِليهِما.
وجَميعُ ما تَقدَّمَ مِن أَقسامِ المَقبولِ تَحْصُلُ فائدةُ تقسيمِهِ باعتبارِ مَراتِبِهِ عندَ المُعارضةِ، واللهُ أَعلمُ.
[قوله]
(1)
: «وقول ابنِ الصَّلاح
…
إلخ»:
قال (ق)
(2)
: «ما قاله ابن الصَّلاح صحيحٌ؛ لأنَّ هيئة التوصل إلى الشيء غير الشيء» انتهى.
قلت: هو كلام عجيبٌ يرفع الوثوق به في كثير من الأماكن؛ إذ مجرد مغايرة الشيء لشيء آخَرَ لا يوجِب كونه قسيمًا له، فإنَّ قِسْم الشيء: ما كان مندرِجًا تحته وأخصَّ منه؛ كالإنسان والفرس للحيوان، وقَسيم الشيء: ما كان مُباينًا له ومندرِجًا معه تحت أصل كليٍّ؛ كالإنسان للفرس، هذا مثال المذكور ومدعى الشارح: أنَّ كلام ابن الصَّلاح يوهم أنَّ الاعتبار قَسيمٌ لكل من المتابعات والشواهد لا أنَّه عينهما؛ فإن حُمل على مجرَّدِ الإخبار عن كلام ابن الصَّلاح بالصحة من غير رَدٍّ لاعتراض الشارح كان لاغيًا لفَهمه من كلام الشارح، فلا تكن من تاركي القوانين.
[قوله]
(3)
: «هو هَيْئَةُ التَّوَصُّلِ إليهِما» :
لو قال: هو طريق التوصُّلِ، لكان أحسَنَ؛ إذ التوصل إليه يحصُل بتتبُّع الطرق،
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
حاشية ابن قطلوبغا على شرح نخبة الفكر (ص 71).
(3)
زيادة من: (أ) و (ب).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
إذ الهيئة هي: صورة الشيء وصِفَتُه، وليس شيء منهما باعتبار.
وقال (هـ)
(1)
: «قال (ب): هو التوصل لا هيئة التوصل، فتأمل» .
قُلْتُ: تأمَّلْناه فوجدْناه وقوفًا مع الظواهر التي لا يحملُ عليها إلَّا القاصر؛ لأن قولهم: تتبُّع أو توصل إلخ، محمول على التسمح في الجميع، والمراد: كيفيَّة التوصل، أي: الكيفية التي بها يتوصل
…
إلخ، فالهيئة بمعنى الحالة والكيفيَّة المخصوصة.
[قوله]
(2)
: «وجَميعُ ما تَقَدَّمَ
…
إلخ»:
قال المؤلِّف: «يعني إذا تعارض حديثان: صحيحٌ لِذاتِه وصحيحٌ لغيره أو حسَنٌ كذلك، قُدِّم الذي لِذاتِه على الذي لغيره» كذا قرَّره المؤلِّف.
وتعقَّبَه [ق]
(3)
: [بأنهم]
(4)
: «لم يُراعوا في ترجيحاتهم هذا الاعتبارَ، ويُعْرَفُ هذا من صنيع البَيْهَقيِّ في «الخلافات» ، والغَزاليُّ في كتاب «تحصين المآخذ» وغير ذلك» انتهى.
قُلْتُ: وذكر ابن السُّبكيِّ
(5)
أيضًا ما يفيد خلافَ ذلك؛ فإنَّه قال مع من تكلم عليه: «فيرجح بكثرة الرواة وقلة الوسائط وفقه الراوي وعلمه بالعربية وأفضليته
(1)
قضاء الوطر (2/ 876).
(2)
زيادة من: (أ) و (ب).
(3)
زيادة من (ب).
(4)
في (أ) و (هـ): [لأنهم].
(5)
حاشية العطار على شرح الجلال المحلي على جمع الجوامع (2/ 406).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وحسن اعتقاده وكونه صاحب الواقعة وجليس المحدثين ومختبرًا ومعدلًا بالعمل على روايته وبكثرة المزكين وبحثهم وعلمهم وحفظه وزيادة ضبطه ولو لألفاظه صلى الله عليه وسلم ودوام عقله وشهرته وشهرة نسبه وعدم القياس اسمه وتأخر إسلامه»
(1)
انتهى.
وهذا يُفيد أنَّ ما اشتمل على مُرجِّحٍ من هذه وإن كان حديثُه حَسَنًا لغيره يُقَدَّمُ على الحسن لذاته بل على الصَّحيح لذاته العاري عن مُرَجِّحٍ منها
…
إلخ. وقد يقال: إنَّ ما ذَكَرَه -أي: المؤلِّفُ- حيث تعارَضَ حديثان، وليس في رواية أحدهما [مرجح]
(2)
، ولم يُوجد في الآخر شيء من المرجِّحات؛ لأنَّه إن سَلِم من المعارَضة، أي: لم يأتِ خبرٌ يُضادُّه
(3)
؛ فهو الحُكْم، والمعارَضةُ هي: الإتيان بخبر يُضادُّ الآخَرَ، والسلامة منها هي: الإتيان بالخبر المذكور، وحينئذٍ فتفسير المعارضة بالمصدر، وهو الإتيان بالخبر الذي يُضاد لا بالخبر المضاد، وبهذا يسقط اعتراض (ق)
(4)
عليه بأنَّ: المعارضة مصدر، والخبر
(1)
أتت العبارة مضطربة في الأصل ونصها [«مسألة يرجح بقلة الإسناد أي: قلة الوسائط بين الراوي المجتهد وبين النبيِّ عليه الصلاة والسلام، وفقه الراوي ولغته ونحوه؛ لقلة احتمال الخطأ مع واحد من الأربعة بالنسبة إلى مقابلتها، وورعه وضبطه (هـ/104) وفطنته، ولو روى الخبر المرجوح باللفظ، والراجح بواحد ممَّا ذُكِر بالمعنى، ويقظته وعدم بدعته، بأنْ يكون حَسَن الاعتقاد، وشهرة عدالته لشدة الوثوق به مع واحد ممَّا ذكر بالنسبة إلى مقابلاتها» انتهى] والتصويب من الإبهاج في شرح المنهاج (7/ 2751).
(2)
في (أ) و (هـ): [صريح].
(3)
في (ب): [يضاده].
(4)
حاشية ابن قطلوبغا (ص 72).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الذي يضاد اسم فاعل، ولا حامل على هذا الاستعمال مع تَيَسُّر الحقيقة، قاله (ج)
(1)
.
وقال (هـ)
(2)
: قوله: «باعْتِبار مَراتِبِه» أي: مراتبه التي وضعه فيها المؤلِّف على ترتيبها المتقدم؛ فيُرَجَّح باعتبارها عند المعارضة.
قال (ق)
(3)
: قال المؤلِّف: يعني إذا تعارَضَ حديثان، إلى أنْ قال: قُلْتُ: لم يُراعوا في ترجيحاتهم هذا الاعتبار، إلى آخر ما نقل.
قُلْتُ: ما قاله الشارح هو المشهور المعروف للأصوليين (أ/89) والفقهاء والمحدِّثينَ عند التعارض وتعذُّرِ الجمع، وكان على المُحَشِّي أن ينقل مِن كلام مَن ذُكِر ما يُعارِض هذا الأصل المشهور، على أنَّه لو نَقَل منه ما يخالف صنيع الشارح وجَبَ ردُّه؛ لمخالفته المشهورَ، والله أعلم.
(1)
حاشية الأجهوري على شرح نخبة الفكر (ص 264).
(2)
قضاء الوطر (2/ 877).
(3)
حاشية ابن قطلوبغا على شرح نخبة الفكر (ص 71) وتتمة كلامه: «
…
ويعرف هذا من صنيع البيهقي في الخلافيات والغزالي في تحصين المآخذ والله أعلم».
ثمَّ المَقبولُ يَنْقسِمُ أَيضًا إلى: مَعمولٍ بهِ، وغيرِ مَعْمولٍ بهِ؛ لأنَّهُ إِنْ سَلِمَ مِنَ المُعارَضَةِ -أَيْ: لم يَأْتِ خبرٌ يُضادُّهُ- فَهُوَ المُحْكَمُ، وأَمثلتُهُ كثيرةٌ.
وَإِنْ عُورِضَ، فلا يَخْلو إِمَّا أَنْ يكونَ مُعارِضُهُ مقبولًا مثلَه، أَو يكونَ مَرْدُودًا، فالثَّاني لَا أَثرَ لهُ؛ لأنَّ القويَّ لا تُؤثِّرُ فيهِ مُخَالفةُ الضَّعيفِ.
[قوله]
(1)
: «ثُمَّ المقْبُولُ» :
أي: الحديث المقبول من حيث هو كذلك.
وقوله: «أي: لم يَأْتِ خَبَرٌ يُضَادُّهُ» :
أشار به إلى أنَّ المراد بالمعارضة: المضادَّةُ، وهو قريبٌ من قول الجدَليِّينَ وغيرِهم: معناها إقامةُ الدَّليلِ على خلاف ما أقام الخصمُ عليه الدليلَ، فلا بُدَّ [من]
(2)
قرينة في الخبر المضادِّ له من كونه مقبولًا وفي مرتبته أيضًا، ونُكتة تفسير المعارضة التي هي: تَقَابُلُ الدليلين بالمضادَّة؛ للإشارة إلى أنَّه لا بُدَّ من تعذُّرِ ظهور الجَمعِ الغير متكلَّفِ حال الاعتبار أيضًا
(3)
.
[قوله]
(4)
: «فهو المُحْكَمُ» :
أي: فذلك السالم من المعارَضة المذكورة، «المُحْكَمُ» اسم مفعول، سُمِّي بذلك؛ لإحكام أمرِه من النسخ وصيانته عنه.
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
زيادة من (ب).
(3)
قضاء الوطر (2/ 879).
(4)
زيادة من: (أ) و (ب).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
[قوله]
(1)
: «وأَمْثِلَةُ ذلكَ كَثيرةٌ» :
[جمع مثال، وهو مَثَلٌ يُذْكر لإيضاح القاعدة، وإنَّما كانت كثيرة]
(2)
؛ لأنَّها غالب السُّنَّةِ الواردة عنه صلى الله عليه وسلم.
[قوله]
(3)
: «وإنْ عُورِضَ» :
أي: المقبول، بأنْ جاء خبرٌ يُضادُّه مقبولًا مثله، قال (ق)
(4)
و (ب)
(5)
: نحو حديث: «إنَّ أشدَّ [الناسِ]
(6)
عذابًا يومَ القيامةِ الَّذينَ يُشَبِّهونَ خَلْقَ الله»
(7)
، وحديثِ:«لا يَقْبَلُ اللهُ صَلاةً بغَيْرِ طُهورٍ، ولا صَدَقةً مِن غُلولٍ»
(8)
، وحديثِ:«إذا وُضِعَ العَشاءُ وأُقيمَتِ الصَّلاةُ، فابْدَؤُوا بالعَشاءِ»
(9)
، وقد صنَّف فيه الدَّارِميُّ كتابًا حافلًا، قال المؤلِّف في تقريره: «المراد أصل القَبول لا التساوي فيه، حتى لا يكون القويُّ ناسخًا للأقوى، بل الحَسَنُ يكون ناسخًا للصحيح؛ لوجود أصل
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
زيادة من (ب).
(3)
زيادة من: (أ) و (ب).
(4)
حاشية ابن قطلوبغا (ص 72).
(5)
قضاء الوطر (2/ 880).
(6)
زيادة من (ب).
(7)
أحمد (24556)، الطبراني في الأوسط (1783)، الطحاوي في شرح مشكل الآثار (7) من مسند عائشة رضي الله عنها.
(8)
مسلم (224).
(9)
أخرجه البخاري (673) واللفظ له، ومسلم (559).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
القَبول ونحوه» نقله الكمال
(1)
أيضًا، فقال:«النافي أي: لا يُشترط ذلك، أي: نفي التساوي حتى ينشأ عنه عدم نسخ القوي للأقوى، بل يكون الحَسَنُ ناسخًا للصحيح المقبول، واعتبار الترجيح يدُلُّ على هذا؛ لأنهما لو كانا متساويين لم يأتِ الترجيح» انتهى، وهذا كلام محتمل لعل صوابَه إسقاط لفظتي:(نفي) و (عدم)
(2)
كما لا يخفى.
تنبيه:
لا يخفاك أنَّ المراد من قوله: «فلا يخلو
…
إلخ» ما صَدَقه بحسَب ما وُجد في الخارج؛ لأنَّ تلك الأوصافَ إنما هي مُعتبَرةٌ فيما وُجد فيه، و «أوْ» في هذه العبارة أجود من الواو، كما أشار إليه (هـ/105) بعض المتأخرين، انتهى.
وفي كتابةٍ: قوله: «مقبولًا مِثْلَه» المراد بالمثلية في أصل القَبول، لا المماثلة في الرُّتبة من الضبط والإتقان، بدليل مقابلته بالمردود؛ لأنَّ اعتبار الترجيح فيما بعد يدُلُّ على أنَّ المراد ما ذكرنا.
وقوله: «أَوْ يَكونَ مَرْدُودًا» :
هذا كلُّه في القوليين؛ فيخرُج الفعليان فلا يتعارضا كما في «المختصر» و «المنهاج» ، والقوليُّ والفِعليُّ في تعارضهما خلافٌ، وتفصيل في المطولات.
(1)
حاشية ابن أبي شريف (ص 73).
(2)
أي في قوله (نفي التساوي حتى ينشأ عنه عدم نسخ القوي للأقوى).
وإِنْ كانتِ المُعارضةُ بِمِثْلِهِ، فلا يَخْلو إِمَّا أَنْ يُمْكِنَ الجَمْعُ بين مَدْلولَيْهِما بغيرِ تَعَسُّفٍ أَوْ لَا:
فَإِنْ أَمْكَنَ الجَمْعُ، فهو النَّوعُ المُسمَّى: مُخْتَلِفَ الحَديثِ، وَمَثَّلَ لهُ ابنُ الصَّلاحِ بحديثِ:«لَا عَدْوى، ولَا طِيَرَةَ، وَلَا هَامَّةَ، ولَا صَفَر، ولَا غُولَ» ، مع حديث:«فِرَّ مِنَ المَجذومِ فِرارَكَ مِنَ الأسَدِ» .
وَكَلاهُما في الصَّحيحِ، وَظاهِرُهما التَّعارُضُ!
[قوله]
(1)
: «بِغَيرِ تَعَسُّفٍ» :
فيه إشارةٌ إلى أنَّه إذا لم يمكِن الجمع إلَّا بتعسُّف انتقلنا إلى ما بعده من المراتب؛ لأنَّ ما كان بتعسُّف فلخَصْمٍ أن يَرُدَّه، وهذا القَيد لم يذكره صاحب «جمع الجوامع» ، وأقرَّ شارحُه كلامَه، ونصُّ «جمع الجوامع»:«عاطفًا على مدخول الأصحِّ، وأن العمل بالمتعارضين ولو من وجهٍ أَوْلى مِن إلغاء أحدهما» انتهى، قال شارحُه
(2)
عَقِبَه ما نصُّه: «بترجيح الآخر عليه، وقيل: يُصار إلى الترجيح» انتهى، ثُمَّ ذَكَر مثاله فقال:«مثالُه حديث التِّرْمِذيِّ وغيرِه: «أيُّما إهابٍ دُبِغَ فقد طَهُرَ»
(3)
، مع حديث أبي داودَ والتِّرْمِذيّ وغيرهما:«لا تَنتَفِعوا مِنَ المَيْتةِ بإهابٍ ولا عَصَبٍ»
(4)
الشاملِ للإهاب المدبوغ وغيره، فحمَلْناه على
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
حاشية العطار على شرح الجلال المحلي على جمع الجوامع (2/ 405).
(3)
أحمد (1895)، والترمذي (1845)، وابن ماجه (3609)، وعند مسلم بلفظ «إِذَا دُبِغَ الْإِهَابُ فَقَدْ طَهُرَ» .
(4)
أبو داوود (4128)، والترمذي (1729)، والنسائي (4251)، وابن ماجه (3613).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
غيره؛ جمعًا بين الدليلين» انتهى المراد منه. والباقي قوله: «بترجُّح الآخر» سببيَّة متعلقة بإلغاء، أي: الترجيح بسبب إلغاء المرجوح، وقوله:«ولو من وجه» أي: بأنْ يُخصَّصَ العامُّ منهما بالآخَر، أو يقَيَّدَ المُطْلَقُ منهما بالآخر، أو يؤوَّلَ الظاهر منهما بما يوافق الآخَرَ الذي هو نصٌّ» انتهى، قاله (ج)
(1)
.
وقال (هـ)
(2)
قوله: «بغير تَعَسُّفٍ» أي: بأنْ يكون موافقًا للقوانين اللُّغويَّةِ أو الشرعيَّة أو العقليَّة بحيث لا يُخالِفُ القواطعَ منها، وأصله من العَسْف وهو الأخذ على غير الطريق، كأنَّ الخارج عن تلك القوانين مشى في غير طريقه، وهو غاية الوضوح، و (أ/90) السكوت عنه إنَّما هو للعلم بأنَّ ما كان تَعسُّفًا بالمعنى الذي ذَكَرناه يكون من قبيل العبث أو الهذيان من حيث مخالفةُ اللسان؛ فالقدح فيه بأن صاحب «جمع الجوامع»
(3)
، وغيره أطلقوا ولم يَتَعقِّبه مُتَعَقِّبٌ لا يَضُرُّ لِمَا ذَكَرْناه، ومن حق الساكت عنه اعتباره لِما عرَفت.
[قوله]
(4)
: «فهو» :
أي: ما يُمكِنُ الجمعُ بينه من الأحاديث بغير تَعَسُّفٍ.
[قوله]
(5)
قال (ب): ففي البخاريِّ في الطِّب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(1)
حاشية الأجهوري على شرح نخبة الفكر (ص 248 - 249).
(2)
قضاء الوطر (2/ 879).
(3)
شرح المحلي على جمع الجوامع (5/ 405).
(4)
زيادة من: (أ) و (ب).
(5)
زيادة من: (أ) و (ب).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
«لا عَدْوَى ولا طِيَرةَ ولا هامَةَ ولا صَفَرَ، وفِرَّ مِنَ المَجْذُومِ كما تَفِرُّ مِنَ الأَسَدِ»
(1)
، وللشيخين عنه أنَّه عليه الصلاة والسلام قال:«لا عَدْوَى ولا صَفَرَ ولا هامَةَ. وقال أعرابيٌّ: يا رسولَ اللهِ، ما بالُ الإبلِ تَكونُ في الرَّملِ كأنها الظِّباءُ فيأتي البَعيرُ الأجرَبُ فيَدخُلُ فيها فيُجْرِبُها؟ فقال: فمَن أَعْدَى الأوَّلَ»
(2)
، ولهما عنه أنَّه عليه الصلاة والسلام قال:«لا عَدْوَى لا طِيَرَةَ»
(3)
، وأنَّه عليه الصلاة والسلام قال:«لا يُورِدُ مُمْرِضٌ على مُصِحٍّ»
(4)
، والطِّيَرةُ: ما يُتشاءم به مِن الفأل، وأصله أنَّ الصيد مِن طير أو غيره كان إذا زجر مِن اليمين إلى اليسار تشاءموا به، ويُسمَّى: البارِح، فإذا فعل ضدَّ ذلك تيمَّنوا به، ويُسمَّى: السانِح، ومعنى قولهم: مَنْ لي بالسانِح بعد البارح؛ مَنْ لي بالمبارك بعد المشؤوم. والصَّفر: داء في البطن يَصْفَرُّ منه الوجه، يعتقدون أنه مُعْدٍ. والهامَة: الصَّدَى، وهو طائر تزعم الجاهليَّة أنَّه يخرج من رأس القتيل فلا يزال يَصيحُ حتى يُؤْخَذ بثأره.
[قوله]
(5)
: «وَظاهِرُهما التعارُض» :
فيه إشارةٌ إلى أنَّ التعارض إنَّما يقع في كلام الشارع بحسَب الظاهر وما وصلت إليه عُقولنا، لا بحسَب الحقيقة؛ إذ لا تعارُضَ بالنسبة لها وما في نفْس الأمر، كما صرح به أئمة الأصول والكلام.
(1)
البخاري (5707).
(2)
البخاري (5717)، ومسلم (2220).
(3)
البخاري (5776)، ومسلم (2224).
(4)
البخاري (5770)، ومسلم (2221).
(5)
زيادة من: (أ) و (ب).
ووَجْهُ الجمعِ بَيْنَهُما أَنَّ هَذِهِ الأمراضَ لَا تُعْدي بِطَبْعِها، لَكنَّ اللهَ سبحانه وتعالى جَعَلَ مُخالطةَ المريضِ بها للصَّحيحِ سببًا لإعدائِهِ مَرَضَه.
ثمَّ قَدْ يتخلَّفُ ذَلكَ عن سبَبِهِ كما في غيرِهِ من الأسبابِ، كذا جَمَعَ بَيْنَهما ابنُ الصَّلاحِ تَبعًا لغيرِه.
[قوله]
(1)
: «ووَجْهُ الجمعِ بَيْنَهُما» : أي:] الحَدِيثين]
(2)
المذكورين، بل المنبَّه [بهما]
(3)
على غيرهما؛ فيُقاس عليهما فيه. (هـ/106)
وقوله: «بها» : أي: الأمراض.
وقوله: «للصَّحيح» :
متعلق بـ: «مُخالَطَة» ، وقوله:«سَببًا» : مفعولٌ ثانٍ لـ «جَعَلَ» .
وقوله: «مَرَضَهُ» : مفعول ثان «لإعْدَائه» ، وضمير «إعْدائه» للصحيح، و «مَرَضَه» للمريض.
وقوله: «ثُمَّ قد يَتَخَلَّفُ ذلك» : أي: المرضُ عن سببه وهو المخالَطةُ، «كذا جَمع بينهما ابن الصَّلاح
…
إلخ»
(4)
وحاصل ما جَمَع به هو ومَن تبِعه تبَعًا للشافعيِّ في ذلك، كما أفاده المؤلِّف في غير هذا الكتاب، وقد ذَكَره هنا تأدُّبًا: أنَّ المَنفيَّ العَدْوَى بالطَّبع، والأمر بالفِرار والنهي عن المخالطة إنما هو خشية العَدْوى بالعادة، فإنَّ المخالَطَة جعَلَها الله تعالى سببًا عادةً للإعداء، وقد يَتخَلَّفُ خَلْقُ اللهِ المرضَ عند المخالَطة، كما في النَّار والطعام كما هو مقرَّر في محله.
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
في (هـ): [المحدثين].
(3)
زيادة من (ب).
(4)
مقدمة ابن الصلاح (ص 285).
والأَوْلَى في الجَمْعِ بَيْنَهُما أَنْ يُقَالَ: إِنَّ نَفْيَهُ صلى الله عليه وسلم للعَدوى باقٍ على عُمومِهِ، وقد صحَّ قولُهُ -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-:«لا يُعْدِي شَيْءٌ شيئًا» ، وقَوْلُه -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- لِمَنْ عارَضَهُ بأَنَّ البَعيرَ الأجْرَبَ يكونُ في الإِبلِ الصَّحيحةِ، فيُخالِطُها، فتَجْرَبُ، حيثُ ردَّ عليهِ بقولِهِ:«فَمَنْ أَعْدَى الأوَّلَ؟» ؛ يعني: أَنَّ اللهَ سبحانه وتعالى ابتَدَأَ ذلك في الثَّاني كما ابْتَدَأَ في الأوَّلِ.
وأَمَّا الأَمْرُ بالفِرارِ مِنَ المَجْذومِ، فَمِن بابِ سَدِّ الذَّرائعِ؛ لئلَّا يَتَّفِقَ للشَّخْصِ الَّذي يخُالِطُهُ شيءٌ مِن ذلك بتقديرِ اللهِ سبحانه وتعالى ابتداءً، لَا بالعَدْوى المَنْفِيَّةِ، فيَظُنَّ أَنَّ ذَلكَ بسببِ مُخالطتِهِ، فيعتقدَ صِحَّةَ العَدْوى، فيقعَ في الحَرَجِ، فأَمَرَ بتجنُّبِهِ؛ حَسْمًا للمادَّةِ، وَاللهُ أَعْلَمُ.
[قوله]
(1)
: «والأَوْلى في الجَمْعِ بيْنهُما
…
إلخ»:
إنَّما كان ما قاله أَوْلى في الجمع ممَّا قاله ابن الصَّلاح؛ لأنَّ كلامه وكلام موافقيه تبَعًا للشافعيِّ اقتضى تخصيصَ الحديث] بنفي]
(2)
عدْوى الطَّبع، وليس في الحديث ما يدُلُّ عليه؛ لأنَّه نَكِرةٌ في سياق النفي وهي للعموم، بل صريح ألفاظ الأحاديث الأُخَرِ مقتضٍ له؛ فإبقاؤه على ظاهره أَوْلى، فهو لنفي العَدْوى بالطَّبع وبالعادة جميعًا.
فقوله: «وأمَّا الأَمْرُ» :
جواب سؤال مقدَّر، لا يخفى تقديره على مَن له أدنى تأمُّل.
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
في (أ): [ينفي].
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
[قوله]
(1)
أي: لا تأثير ولا سببية.
وقوله: «وقد صَحَّ
…
إلخ»:
للإطلاق، ففُرِض بذِكْر هذا أنَّ الظاهر المقَّيد [لنفي العَدْوى مُطْلَقًا]
(2)
أي: بالطَّبْع وغيره
(3)
، فتفيد القطع بما يفيد الظاهر حينئذٍ؛ فلا يُقال: ما ذَكَرَه يَصْلُح حَمْلُه على ما حُمِل عليه حديث: «لا عَدْوَى» أي: بالطَّبع؛ تأمل.
وحاصل الجواب الثاني: أنَّه لا دَخْلَ للمخالَطة في حصول المرض، وأنَّه يُحَلُّ بدونها بخلاف الأوَّل، ولَمَّا كان في الثاني بيانُ حِكمةِ الأمر بالفِرار كان أَوْلى من الأوَّل؛ لخُلُوِّه منها.
[قوله]
(4)
: «سَدِّ الذَّرائِعِ» :
هي كالوسائل، وزنًا ومعنًى، جمع: ذَريعة، بمعنى الوسيلة، وهي: ما يُتوسل
(5)
به إلى الشيء، وأجيب أيضًا: بأنَّ إثباتَ العَدْوى في نحو: «المجْذوم» خاصٌّ، و «لا عَدْوى» عامٌّ؛ فيُحْمَلُ عليه، فكأنَّه قال: لا يُعدِي شيء شيئًا إلا الجُذام؛ فلا تعارُضَ.
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
في (ب)[نفي العدوى مطلقا].
(3)
في (أ) زيادة: [قد كثرت].
(4)
زيادة من: (أ) و (ب).
(5)
في (ب) وهامش (أ): [يتوصل].
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وأجيب أيضًا: الأمر بالفِرار من المجْذوم ليس للإعداء، وإنَّما هو لِمَا يُخاف عليه مِنْ كَسْرِ قلبه لمُشاهدة الصَّحيح، ولِمَا يُخاف على الصَّحيح من استقذاره إيَّاه. (أ/91)
[قوله]
(1)
: «للشَّخْصِ
…
إلخ»:
الضمير البارز من «يُخالِطُه» للشَّخص، و «شيءٌ»: فاعل «يَتَّفِق» ، أي: لئلَّا يقعَ على سبيل موافقة قَدَر الله ومصادفته، بأنْ يكون قد سبق العلم والإرادة القديمان بترتب ذلك المُسَبَّبِ على ذلك السَّبب في ذلك الوقت على ذلك الوجه؛ فتتعلَّق القدرة بإبرازه لوقته على وَفق ذلك التعلُّق. وقوله:«لأن [العَدْوى]»
(2)
عَطْفٌ على: «بتقدير الله تعالى»
(3)
.
[قوله]
(4)
: «فَيَظُنَّ» :
«فيعتقِدَ» «فيقعَ» منصوبات بالعطف على «يتفق» .
وقوله: «فأمر» :
يجوز [فيه]
(5)
البناء للفاعل وللمفعول، أي: فأمَرَ الشارع، وأمُر ذلك الشَّخصُ.
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
في (أ) و (هـ): [العطف].
(3)
قضاء الوطر (2/ 893).
(4)
زيادة من: (أ) و (ب).
(5)
زيادة من (ب).
وقد صَنَّفَ في هذا النَّوعِ الإِمامُ الشافعيُّ كتابَ «اختِلافِ الحديثِ» ، لكنَّهُ لم يَقْصِدِ استيعابَه.
و قَدْ صنَّفَ فيهِ بَعْدَهُ: ابنُ قُتيبةَ، والطَّحاويُّ، وغَيرُهما.
وإِنْ لم يُمْكِنِ الجمعُ، فلا يخْلو إِمَّا أَنْ يُعْرَفَ التَّاريخُ أوْ لَا:
[قوله]
(1)
: «في هذا النَّوع» :
يعني المُسمَّى بـ «مُختَلف الحديث» ، والمراد: أنَّه صنَّف فيما يُفيد معرفته، ويتميز به آحاده، والشافعيُّ أوَّل مَنْ صنَّف فيه الكتابَ المذكور من جملة كتاب الأمِّ له استقلالًا، وضمير استيفائه لذلك أبدعَ (النوع)
(2)
، وكتاب الطَّحاوي يسمَّى «مُشْكِل الآثار» وقد جمع فأَوْعى، وشرحه العَيْنيُّ فأبدع]
(3)
.
[قوله]
(4)
: «وغَيْرُهُما» :
من غيرهما: ابنُ خُزيمة، وأجَلُّهم: محمد بن جَريرٍ الطَّبَريُّ؛ فإنَّه أحسَنُهم فيه كلامًا، حتى قال: لا أعرف حديثين متعارضين أصلًا. وبهذا نَعْرِفُ أنَّ التَّكَلُّمَ في هذا النوع من وظيفة الأئمة الجامعين بين: الفقه والحديث، وفنونِ التفسير والكلام، وقوانينِ اللُّغةِ والأدب، كما قد صرَّح به أهل هذا الفنِّ، وهذا مِن أهمِّ الفنون، ويُضْطَرُّ إلى معرفته جميعُ الفِرَق. (هـ/107).
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
كذا النسخ الثلاث ولعل المعنى في قوله [لذلك أبدعَ (النوع)] أي في ذلك النوع والله أعلم.
(3)
زيادة من (ب).
(4)
زيادة من: (أ) و (ب).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
[قوله]
(1)
: «وإِذا لم يُمْكِنِ الجَمْعُ» :
أي: بين الحديثين المتعارضين في الظاهر، يعني أو أمكن لكن بتعسُّف، بألَّا يكونَ له طريقٌ يوصِّلُ إليه من: شرع أو لُغةٍ أو عقل كما مَرَّ؛ إذ ما خالفها والقواعد لا يُعَدُّ جَمْعًا وإنما يُعَدُّ لعبًا.
[قوله]
(2)
: «إمَّا أنْ يُعْرَفَ التَّاريخُ» :
يأتي بيان التاريخ آخر الكتاب، والمراد: عِلْم التاريخ للواقف على الحديثين المتعارضين من حيث إنَّه يحاول الجمع بينهما؛ فلا حاجة إلى أنْ يزيد المؤلِّف ولم يُنس، ثُمَّ هذا بقرينة السياق فيما يَقْبَلُ النَّسخ من الأخبار، وأمَّا صفات الباري فلا يتعارض فيها قطعيَّان، والقطعيُّ مقدَّمٌ على الظَّنِّيِّ، ويُقَدَّمُ من الظَّنِّيَّيْنِ أرجَحُهما، فإنْ تعذر الجَمعُ والترجيح فيهما فالظاهر أنَّه لا يَبعُدُ الحُكْمُ بالنسخ حينئذٍ، قاله (هـ)
(3)
.
[قوله]
(4)
: «أو: لا» :
أي: لا ولا يعرف التاريخ
(5)
.
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
زيادة من: (أ) و (ب).
(3)
قضاء الوطر (2/ 897).
(4)
زيادة من: (أ) و (ب).
(5)
قضاء الوطر (2/ 897).
فَإِنْ عُرِفَ وَثَبَتَ المُتَأَخِّرُ بِهِ، أَو بأَصرحَ منهُ، فهو النَّاسِخُ، والآخَرُ المَنْسُوخُ.
وَ «النَّسْخُ» : رَفْعُ تَعلُّقِ حُكْمٍ شرعيٍّ بدليلٍ شرعيٍّ متأَخِّرٍ عنهُ.
وَ «النَّاسخُ» : ما يدلُّ على الرَّفعِ المذكورِ.
وتسميتُهُ ناسِخًا مجازٌ؛ لأنَّ النَّاسخَ في الحقيقةِ هو اللهُ تعالى.
وقوله: «وثَبَتَ المُتأَخِّر» :
يعني من حيث تأخُّرُه، ويُحْتمَلُ: وثَبَت تأخُّرُ المتأخِّر؛ الحاصل: أنَّ الثابت بالتاريخ وما معه إنَّما هو وصفُ المتأخِّر لا ذاته؛ لثبوتها بالرواية.
و قوله: «به» :
أي: بالتاريخ.
وقوله: «أو بأصرَحَ منه» :
يُفهَم منه خُلو الأصرح عن التاريخ مع أنَّه لا يَنْفَك عنه، ويُجاب بأنَّ: المقصود في الأوَّل أنَّ مُستَنَد النَّسخ: عِلْمُ التاريخ، وفي الثاني: الأصرحيَّةُ ووجود التاريخ معها لا يضرُّ؛ لأنَّه تابِع غيرُ مقصودٍ، على أنَّه لازم لها، ومرتبة اللازم متأخِّرة عن الملزوم، وإنْ كان النَّسخُ في الحقيقة لا يكون إلا بمتأخِّر.
تنبيهات
(1)
:
الأول: مثالُ ما هو أصرَحُ من التاريخ حديثُ: «كنتُ نَهَيْتُكُم عن زيارةِ القُبورِ فزُورُوها»
(2)
، وهذا الذي حَمَلْنا عليه العبارة لا شكَّ في صحته حينئذٍ،
(1)
قضاء الوطر (2/ 897).
(2)
مسلم (977).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وحَمَلَها بعضُهم على أنَّ المراد: المتأخِّر لا بُدَّ أن يَثْبُت بالتاريخ أو بمقبول أقوى منه، فاعْتُرض بأنَّ العبارة تُفْهِم أنَّ المتأخِّر لا يَثْبُت بمثله ولا بمقبولٍ دُونه، وليس كذلك، فلو قال: به أو بمقبول غيرِه؛ سَلِم من ذلك. انتهى. وهو هذيانٌ بيِّنُ البُطلان، كيف ولو كان كذلك لقال: أو بأقوى منه لا بأصرَحَ.
الثاني: دَخَل في الأوَّل المتواتر إذا كان المتأخِّر آحادًا على الأصح لِمَا قدَّمناه؛ لأنه إنْ كان قطعيَّ المَتْنِ لكنَّه ظنِّيّ الدلالة، ولو سُلِّمت قطعيَّةُ دَلالتِه فدوامُها ظنِّيٌّ فيَقبل النسخ.
الثالث: قوله: «وثَبَت المتأخِّر» يعني تأخُّرَ المتأخِّر، أو المراد: المتأخر من حيث تأخُّرُه. انتهى المراد من تعليق (هـ)
(1)
، وانظر الأمثلة في شراح «جمع الجوامع»
(2)
.
[قوله]
(3)
: «وهو النَّاسِخُ» :
أي: فالمتأخِّر الثابت تأخُّره بما ذُكِر، هو النَّوع المُسمَّى بـ «النَّاسخ» ، «والآخر» هو الثابت تقدُّمُه، هو النَّوع المُسمَّى بـ «المنسوخ» ، ويُحتمل [أنَّ]
(4)
التسمية لمجموع الأمرين بمجموع الاسمين، ويُبعِده قولُه:«والآخر» .
(1)
قضاء الوطر (2/ 897 - 898).
(2)
حاشية العطار على شرح الجلال المحلي على جمع الجوامع (2/ 126)، تشنيف المسامع بجمع الجوامع (2/ 895)، الغيث الهامع شرح جمع الجوامع (ص 381).
(3)
زيادة من: (أ) و (ب).
(4)
زيادة من (ب).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
[قوله]
(1)
: «والنَّسْخُ
…
إلخ»:
هو لُغةً: الإزالة، ومنه: نَسخَتِ الشمسُ الظِّلَّ، والنَّقل وَالتحويل، ومنه: نَسَخْتُ ما في الكتاب، أي: نقَلْتُه، بمعنى أنك أوجَدْتَ مِثلَه في محلٍّ آخَرَ، والمُناسخات؛ لانتقال (أ/92) المال فيها من وارثٍ إلى وارثٍ، وهل هو حقيقة في الإزالة مجاز في النقل، أو بالعكس، أو مشترك بينهما؟ فيه مذاهبُ حكاها ابن الحاجب
(2)
من غير ترجيح، وفي العُرف: ما قاله، وانظر بَسطه في شراح الأصول.
[قوله]
(3)
: «والنَّاسخ
…
إلخ»:
ما ذكرناه من معنى النسخ لغةً يُعرف معنى الناسخ لغة، وأمَّا عُرفًا فهو ما ذَكَرَه، لكن يَرِد عليه أنَّه يَصْدُق عليه تعالى وعلى جبريلَ وعلى النبي عليه الصلاة والسلام؛ إذ كلٌّ منهما دَلَّ على الرفع المذكور، وهو: رَفع تعلُّقِ حُكمٍ شرعي
…
إلخ، وربما يُرفع بتفسير ما بخطاب شرعيٍّ أو بدليل شرعيٍّ.
[قوله]
(4)
فيه بحث؛ لأنَّه إنَّما يتوجه إنْ أريد بالمجازيَّةِ بحسَب الأصل، وأمَّا الآن فالظاهر أنَّه حقيقةٌ عُرفيَّةٌ خاصَّةٌ؛ كالحَسَن والصَّحيح والمضطرب والمقلوب. (هـ/108)
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
بيان المختصر شرح مختصر ابن الحاجب (2/ 488).
(3)
زيادة من: (أ) و (ب).
(4)
زيادة من: (أ) و (ب).
ويُعْرَفُ النَّسْخُ بأُمورٍ:
أَصْرَحُها: ما ورَدَ في النَّصِّ؛ كحديثِ بُريدَةَ في «صحيحِ مسلمٍ» : «كُنْتُ نَهَيْتُكُم عن زِيَارَةِ القُبُورِ ألا، فَزُورُوها؛ فَإِنَّها تُذَكِّرُ الآخِرَةَ» .
وَمِنْهَا ما يَجْزِمُ الصَّحابيُّ بأَنَّه متأَخِّرٌ؛ كقولِ جابرٍ: «كانَ آخِرَ الأَمْرَيْنِ مِن رَسُولِ الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: تَرْكُ الوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ» ، أَخرَجَهُ أَصحابُ السُّنَنِ.
وَمِنْها ما يُعْرَفُ بالتَّاريخِ، وَهُو كَثيرٌ.
[قوله]
(1)
: «ويُعْرَفُ
…
إلخ»:
من المَعرفة لا من التَّعريف، وظاهره أنَّ هذه الأمورَ خارجةٌ عن عِلْم المتأخِّر، والتحقيق أنَّها طُرُقٌ لعلم المتأخِّر، وهذا كالتفصيل لقوله:«ويثبت المتأخِّر به أو بأصرَحَ منه» .
وقوله: «بُرَيدَة» :
تصغير بُردة -بضم الموحدة-، ابن الحُصَيْبِ -بمهملة -كزُبَيْر، الصحابي.
[قوله]
(2)
: «أَصْرَحُهَا
…
إلخ»:
الظاهر أنَّ التفضيل مرادٌ كما في الباقي من أصل الصراحة؛ فلا حاجة إلى أنَّ المراد الصريح من بينها.
قوله: «ما يَجْزِمُ الصَّحابيُّ بأنَّه مُتَأخِّرٌ» :
يُحتمل أنْ يُقيَّدَ الجَزمُ بما كان كمثاله، بأن يكون فيه التنصيصُ على المتأخِّر
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
زيادة من: (أ) و (ب).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مع عِلْم النَّاسِخ والتصريح بنسبته للنبيِّ عليه الصلاة والسلام، وهي طريق الأصوليين الذين لا يَقبلون قولَ الرَّاوي في النسخ: هذا ناسخ فقط؛ لجواز أنْ يقوله عن اجتهادٍ، بِناءً على أنَّ قوله ليس بحجَّة، ويُحتمل مجرَّدُ جزمه بأنَّ كذا ناسخٌ لكذا، وَمفْهِم أنه ما ذُكِر ولم يَذْكُر مستنَده في حكمه بالنَّسخ، وهو طريق المحدِّثين.
قال العراقيُّ
(1)
: وما قاله المحدِّثون أوضَحُ وأشهر؛ إذ النَّسخ لا يُصار إليه بالاجتهاد والرأي، وإنَّما يُصار إليه عند معرفة التاريخ، والصحابة أورَعُ من أنْ يَحْكُمَ أحدٌ منهم على حكم شرعي بنسخ من غير أنْ يَعرِف تأخُّرَ النَّاسخ عنه، وفي كلام الشافعيِّ ما يوافق المحدِّثين، أما قول الراوي الصحابيِّ: هذا هو الناسخ، فيما عُلِم أنَّه منسوخ وجُهِل عينُ ناسخه؛ فمقبول عند الفريقين.
[قوله]
(2)
: «بالتَّاريخ وهو كثير» : كحديث: «أَفْطَرَ الحاجِمُ والمَحْجومُ»
(3)
، وكحديث:«احتَجَمَ وهو صائمٌ صلى الله عليه وسلم»
(4)
، فبيَّن التابعي رضي الله عنه أنَّ الأول كان سَنَة ثمانٍ، والثاني: عشر.
(1)
شرح التبصرة (1/ 331).
(2)
زيادة من: (أ) و (ب).
(3)
أحمد (22371)، وأبو داود (2371)، وابن ماجه (1680).
(4)
البخاري (1938).
وليسَ مِنْها مَا يَرْويهِ الصَّحابيُّ المُتأَخِّرُ الإِسلامِ مُعارِضًا للمُتَقَدِّمِ عليهِ؛ لاحْتمالِ أَنْ يكونَ سَمِعَهُ مِن صَحابيٍّ آخَرَ أَقدمَ مِنَ المُتَقَدِّمِ المَذْكورِ، أو مثلِهِ، فأَرْسَلَهُ.
لكنْ؛ إِنْ وَقَعَ التَّصريحُ بسماعِهِ لهُ مِن النَّبيِّ -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، فيَتَّجِهُ أَنْ يَكُونَ ناسِخًا بشَرْطِ أَنْ يكونَ المُتَأَخِّرُ لَمْ يَتَحمَّلْ مِنَ النَّبيِّ -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- شَيْئًا قبلَ إِسلامِهِ.
وأَمَّا الإِجماعُ، فليسَ بناسِخٍ، بل يدُلُّ على ذَلكَ.
[قوله]
(1)
: «وليس منها ما يَرْويه الصَّحابيُّ
…
إلخ»:
قال (ب)
(2)
: قال المؤلِّف: إنَّما قلتُ هذا؛ لأنَّ النبيَّ عليه الصلاة والسلام قال ليلةَ العَقَبة: «المصائبُ بالذُّنوبِ كفَّارةٌ لها» ، قال:«فمَن أصاب مِن ذلك شَيئًا فعُوقِبَ به فهو كفَّارةٌ له» ، [و]
(3)
روى أبو هريرةَ -[وهو متأخِّرُ الإسلام عن ليلة العَقَبةِ بنحو سبعِ سِنينَ]
(4)
- أن النبيَّ عليه الصلاة والسلام قال: «لا أدري بالحدود كفَّارةٌ لأهْلِها أوْ لا»
(5)
وهذا خبرٌ لا يجوز النسخ فيه، وذلك أنَّه رواه عن أحد ممن أسلم ليلةَ العَقَبةِ، والله أعلم.
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
قضاء الوطر (2/ 912).
(3)
زيادة من (ب).
(4)
زيادة من (ب).
(5)
الحاكم في المستدرك (3682)، والبزار (8541).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
[قوله]
(1)
: «بشرْط أنْ يكون
…
إلخ»:
بل يُشترَطُ أيضًا أنْ يكون متقدِّمُ الإسلام سمِعَ الحديث المعارِضَ قبْلَ سماع متأخِّرِ الإسلام، بأن يُعْلَمَ ذلك بنقلٍ أو قرينةٍ، فهو راجع للتاريخ؛ فيُحمل التاريخ على ما صَرَّح به أو على القرينة.
[قوله]
(2)
: «قَبْلَ إسلامِه» :
يعني: ألَّا يكونَ المتقدِّمُ الإسلامِ سَمِع الحديثَ المعارِضَ بعد سماع المتأخِّر الإسلام، ولا بُدَّ من الاحتراز عن هذا؛ لأنَّ المتقدِّم الصُّحبة يُحتمل أنْ يَسمَع حديثًا بعد ما سمِع مقابله المتأخِّر فيها، أي: الصحبة، ذَكَرَه الكمال الشريف
(3)
و (ب)
(4)
.
[قوله]
(5)
: «فليس بناسِخٍ» :
لأنَّه إنَّما يَنعقِدُ بعد وفاته عليه الصلاة والسلام؛ إذ في حيثيات الحجة في قوله دُونه ولا نسخ بعد وفاته [لك] يتضمن النسخ لأنَّ الإجماع لا بُدَّ له من مستند يسنده من كتاب أو سُنة وهو الناسخ.
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
زيادة من: (أ) و (ب).
(3)
ينظر: حاشية ابن أبي شريف (ص 76).
(4)
قضاء الوطر (2/ 913).
(5)
زيادة من: (أ) و (ب).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وقال (هـ)
(1)
قوله: «وأمَّا الإجماع
…
إلخ» مثاله: إجماعُهم على ترك العمل بحديث قتل الشارب في المرة الرابعة، وهذا الإجماع معه عاضِدٌ وهو حديث:«لا يَحِلُّ دَمُ امرئٍ مُسلِمٍ إلا بإحدى ثلاثٍ»
(2)
، بل وحديث ابن أبي ذئب: «أنَّه عليه الصلاة والسلام بعد أمْرِه بقتلِ مَن شَرِبَ في الرَّابِعةِ أتيَ برجُلٍ قد شَرِبَ فيها فضَرَبَه [الحدَّ]
(3)
ولم يَقْتُلْهُ»
(4)
.
تنبيه: (أ/93)
هل يَمتنعُ نسخُ الإجماع وهل يُنسَخُ به أم لا؟ وقع في كلٍّ خلافٌ، والمختار عند الآمدي
(5)
وابنِ الحاجب
(6)
وغيرِهما: أنه لا يُنسَخُ، ولا يُنسَخُ به غيرُه، وانظر أدلة ذلك في كتب الأصول.
(1)
قضاء الوطر (2/ 913).
(2)
البخاري (6370)، ومسلم (3175).
(3)
زيادة من (ب).
(4)
أبو داود (4485).
(5)
الإحكام في أصول الأحكام، للآمدي (3/ 160).
(6)
بيان المختصر شرح مختصر ابن الحاجب (2/ 554).
وَإِنْ لمْ يُعْرَفِ التَّاريخُ، فلا يخلو إِمَّا أَنْ يُمْكِنَ ترجيحُ أَحدِهِما على الآخَرِ بوَجْهٍ مِن وجوهِ التَّرجيحِ المُتعلِّقَةِ بالمَتْنِ أَو بالإِسنادِ، أَوْ لَا:
فَإِنْ أَمْكَنَ التَّرجيحُ، تعيَّنَ المصيرُ إِليهِ، وإِلَّا فلَا.
فَصَارَ مَا ظاهِرُهُ التَّعارُضُ واقِعًا على هَذَا التَّرتيبِ:
* الجَمعُ إِنْ أَمكَنَ. * فَاعْتبَارُ النَّاسِخِ والمَنْسوخِ.
* فَالتَّرْجيحُ إِنْ تَعيَّنَ. * ثمَّ التوقُّفُ عنِ العَمَلِ بأَحدِ الحَديثينِ.
والتَّعبيرُ بالتوقُّفِ أَوْلَى مِن التَّعبيرِ بالتَّساقُطِ؛ لأَنَّ خفاءَ ترجيحِ أَحدِهِما عَلَى الآخَرِ إِنَّما هُوَ بالنِّسبةِ للمُعْتَبِرِ في الحالةِ الرَّاهنةِ معَ احتِمالِ أَنْ يظهَرَ لغيرِهِ ما خَفِيَ عليهِ، واللهُ أعلمُ.
[قوله]
(1)
: «بوَجْهٍ مِن وُجوهِ التَّرجيحِ
…
إلخ»: يأتي تفصيلُها قريبًا.
وقوله: «المُتَعَلِّقةِ بالمَتْنِ» :
بسماعه من (هـ/109) الشيخ وقراءتِه عليه مع أخذِ مقابِله عرضًا أو [إجازة]
(2)
، «وبالإسناد» كزيادة الضبط، وزيادة العدالة.
وقوله: «أو بالإسنادِ» : قال (ق)
(3)
: «قد يُقال: هذا لا معنى له؛ لأنَّ ركن المعارَضة تساوي [الحُجِّية]
(4)
في الثبوت، فإذا كان أحدُ السَّنَدين أرجحَ لم تتحقق المعارَضة» انتهى.
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
في (ب) و (هـ): [لإجارة].
(3)
ينظر: حاشية ابن قطلوبغا على شرح نخبة الفكر (ص 71 - 73).
(4)
في (ب) و (هـ): [الحجتين].
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وهو كلامٌ ساقط؛ لِما أشَرْنا إليه فيما مَرَّ مِن أنَّ التعارُضَ إنما هو بحسَب الظاهر، ثم يُنظَرُ في المرجِّحات، على أنَّه لا خصوصية للإسناد بهذا لتأتِّيه في سائر المرجِّحات، والجواب ما قلنا: من أنَّ النظر في التعارُضِ سابقٌ على النظر في المرجِّحات، ولَيْتَهُ تنبَّه لقول الشارح:«فصار ما ظاهِرُه التعارض» مع أنَّه مشروحه، وهو مصرِّح بما أشرنا إليه وأخَذْناه من كلامه.
[قوله]
(1)
: «] أو لا]
(2)
»:
أي: أو لا يمكن ترجيحُ أحدِهما على الآخر بوجه من وجوه الترجيح.
وقوله: «وإِلَّا» :
أي: وإلَّا يمكِن الترجيح فلا يصار إليه؛ لتعذُّرِه. ثُمَّ هذا مما يؤنسك بما قلناه مرارًا من جَعْل الشارح المَتْنَ والشرح شيئًا واحدًا، لما التزماه بصريح قوله السابق:«حتى يُغيِّر إعراب أحدهما ومعناه لأجْلِ الآخر» ، وليت شِعري ما الذي منع المعترض عليه فيما مرَّ من الاعتراض عليه بهذا وما بعده هنا؛ فإنَّ «فاء الجزاء» في المَتْنِ صارت للعطف، واضمَحَلَّ عن مدخولها الغرضُ والتعليق
(3)
.
[قوله]
(4)
: «فصارَ ما ظاهِرُهُ التَّعارُضُ واقِعًا على هذا التَّرتيبِ
…
إلخ»:
قال (ق)
(5)
: «مقتضى النَّظر طلب التاريخ أولًا لتنتفيَ المعارضة إن وُجدت،
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
في (ب) و (هـ): [أولى].
(3)
قضاء الوطر (2/ 921).
(4)
زيادة من: (أ) و (ب).
(5)
حاشية ابن قطلوبغا على شرح نخبة الفكر (ص 76).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وإلا فتتحقق للجهل بالتاريخ» انتهى، وحاصله: أنَّ المؤلِّف ظاهرُ كلامه أنَّ المعارَضةَ وُجِدت، وحينئذٍ فينبغي طلب التاريخ أولًا؛ إذ معه تنتفي المعارَضة، وهو ساقط؛ لأنَّها قد لا تنتفي بالتاريخ لصدور فعلٍ وقولٍ متعارضين ظاهرًا في آنٍ واحدٍ، أو قول أو فعل مع تقدير كذلك، وحينئذٍ فالتوجيه إلى ما معه يمكن إعمال الدليلين أولًا خصوصًا وهو في خطاب التكليف.
[قوله]
(1)
: «إنْ تَعَيَّنَ» :
أي: الترجيح، وهل المراد بتعيُّنه ألَّا يمكنَ غيرُه؟ فيه نظرٌ؛ لإمكان التوقُّفِ إذن، أو المراد بتعيُّنه وجودُ ما يوصل إليه، وهو الظاهر لكن مع تعذر
(2)
ما قبله.
وقوله: «ثُمَّ التَّوَقُّفُ» :
عطف بثُمَّ؛ لبُعدِه عن المرتبة الأُولى، كما عطف ما قبله بالفاء؛ لقُربِه منها.
[قوله]
(3)
: «والتَّعْبيرُ بالتَّوَقُّفِ أَوْلى» :
مقصوده الاعتراضُ على ما عَبَّر به السُّبْكِيُّ وغيرُه من «التَّساقُط» .
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
في (ب) زيادة: [مع].
(3)
زيادة من: (أ) و (ب).
ثمَّ المَرْدُودُ: ومُوجِبُ الرَّدِّ إِمَّا أَنْ يكونَ لِسَقْطٍ مِن إِسنادٍ، أَوْ طَعْنٍ من إسناد في رَاوٍ على اخْتِلافِ وُجُوهِ الطَّعْنِ- أَعَمُّ مِن أَنْ يكونَ لأمْرٍ يَرْجِعُ إِلى دِيانةِ الرَّاوي، أَو إِلى ضَبْطِهِ.
[قوله]
(1)
: «ثُمَّ المَرْدودُ» :
عطف على «المقبول» ؛ فهو شروعٌ في بيان أحكام الحديث المردود.
وقوله: «ومُوجِبُ الرَّدِّ» :
لو تركه وأجرى المَتْن على ظاهره من كون التعليلِ للرَّد الذي هو جزءُ مدلول المردود؛ لسَلِمَ من لزوم جعلِ الشيء علةً لنفْسه؛ إذ الموجِب لردِّ الحديث هو السقط المذكور. ويمكِن أنْ يُجاب بأنَّ «يكون» تامة، بمعنى يَثْبُت ويتقرَّر، والموجِب بمعنى الحُكْم، أي: والحكم بالرد إمَّا أنْ يَثْبُتَ ويتقرَّر لسَقْطٍ
…
إلخ، لكنَّه لا يخلو عن تكلُّف. ولو يُقرأ: وموجَب -بالفتح- لاندفع الإيراد؛ إذ المراد منه: ترك العمل والاحتجاج به.
وقوله: «من إسناد» :
هو هنا بمعنى السَّنَد، وتقدَّم ما فيه، قاله (هـ)
(2)
.
وفي كتابةٍ: اللام في «لِسَقْطٍ» في غير موضعه؛ لأنَّ السَّقط والطعنَ هما الموجِبان لا علتان لموجِبه، واللائق أنْ يُقال: والمردود إمَّا أنْ يكون ردُّه لسَقْطٍ أو طعن.
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
قضاء الوطر (2/ 928).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وفي (ج)
(1)
: «عبارة المَتْن: «ثُمَّ المردود إمَّا أنْ يكون لِسَقْطٍ
…
إلخ»، وعبارة الشارح عقب قوله:«المردود» ؛ «ومُوجِب الرَّدِّ إمَّا أنْ يكون
…
إلخ»، وهذا الذي ذكره الشارح غيَّر معنى الأصل وأوجَبَ خَللًا في المعنى وفي اللفظ؛ أمَّا في (هـ/110) المعنى: فلأنَّ الضمير في «يكون» راجعٌ إلى ما قدَّره؛ فيكون التقدير: إمَّا أنْ يكون موجِب الرَّدِّ لسَقْط إلخ، مع أن السَّقْطَ نفْسَه هو وما بعده كلٌّ منهما موجِب الرَّدِّ، ولو جُعل ضمير «يكون» لرد المفهوم من المردود مع حذف «موجِب الرَّدِّ»؛ لكان في غاية الحُسْن. وأمَّا الخَللُ اللَّفظيُّ: فلأنَّ قوله: «ثُمَّ المردود» (أ/94) على ما قدَّره ليس له خبرٌ في اللفظ، ولولا ما قدَّره لكان خبرُه: «إمَّا أنْ يكون
…
إلخ». فإنْ قيل: خبره جملة «وموجِب الرَّدِّ
…
إلخ»، قُلتُ: صحة هذا يتوقف على أمرين؛ أحدهما: أن يُقال: إنَّ «الْ» في «الرَّدِّ» عِوَضٌ عن الضمير، أي: وموجِب ردِّه، الثاني: أنَّ الجملة الواقعة خبرًا لا تقترن بالواو، وقد منعه ابن هشام؛ فالصواب أنَّه على تقدير الشرح المذكور يكون الخبرُ محذوفًا، أي: ثُمَّ المراد ما فيه سَقْطٌ أو طعن» انتهى المراد من كلامه.
(1)
حاشية الأجهوري على شرح نخبة الفكر (ص 267).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
[قوله]
(1)
: «أَوْ طَعْنٍ» :
مصدر طَعَن يطعَن بفتح عين المضارع، إذا قدَح في: نَسَبٍ أو عِرضٍ أو مروءةٍ، أمَّا بضمِّها فهو طَعْنٌ بالرُّمح.
وقوله: «على اخْتِلافِ وُجُوهِ الطَّعْنِ» :
الظاهر أنَّه مُتَعَلِّقٌ بوصفٍ محذوفٍ، حالٌ من «طَعْنٍ» لوصفه بـ «في راوٍ» أي: طَعْنٌ في راوٍ مُشتمِلًا «على اختلاف وجوه الطَّعن» ، والمراد: على وجوه الطَّعن المختلِفة، وفيه إقامة الظاهر مقامَ الضمير.
وقوله: «أَعَمُّ
…
إلخ»:
بدَلٌ أو بيان مفسِّرٌ لاختلاف وجوه الطَّعن.
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).