الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وخَبَرُ الآحادِ بنقلِ عَدْلٍ تامِّ الضَّبْطِ، مُتَّصِلِ السَّنَدِ، غيرِ مُعَلَّلٍ، وَلَا شَاذٍّ: هُوَ
الصَّحيحُ لذاتِهِ
، وهذا أَوَّلُ تَقْسيمٍ مقبولٍ إِلى أربعةِ أَنواعٍ؛ لأَنَّهُ إِمَّا أَنْ يشتَمِلَ مِن صفاتِ القَبولِ على أَعْلاها، أَوْ لَا:
الأَوَّلُ: الصَّحيحُ لذاتِهِ.
وَالثَّاني: إِنْ وُجِدَ ما يَجْبُرُ ذَلكَ القُصورَ؛ ككثْرَةِ الطُّرُق، فَهُو الصَّحيحُ لذاته أَيضًا، لَكِنْ لا لِذَاتِهِ، وَحَيْثُ لا جُبْرانَ؛ فهُو الحَسنُ لِذَاتِهِ.
[قوله]
(1)
: «وليس كذلك» :
أي: وليسَ الأمر كما زعمه من عدم المغايرة عندهم، بل مذهب الكثير من المحقِّقين: التَّفرِقةُ بينهما وأنَّهما متغايران، وإنَّما المخَتلَف فيه عندهم: الاستعمال والإطلاق، احترز بـ:«المحدِّثين» عن الأصوليِّينَ؛ فإنَّه لا فرق عندهم بين المرسل والمنقطع أصلًا.
[قوله]
(2)
: «على النكتة» :
هي الدقيقة المستخرَجة بالنَّظر، سُمِّيَتْ بذلك؛ لأنَّ المتفكر فيها يقارن تفكرهُ غالبا نكتُ في الأرض بعود أو إصبَعٍ، ثم يُحتمل أنَّ المراد: نُكتة التفرقة في الاستعمال، وعليه فتركها أيضًا اتباعًا للأكثر لخفائها على أفهام المقصودين بالكتاب وقد مرَّت، ويُحتمل أنَّ المراد بها: نَفْس التفرِقة، وحينئذٍ كان الأَولى أنْ يقول: على هذه النكتة، وإنْ كانت «الْ» للعهد والحضور.
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
زيادة من: (أ) و (ب).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ولَمَّا قَسَّم الجمهور من أئمة الحديث السننَ المضافة للنبيِّ عليه الصلاة والسلام قولًا أو فعلًا أو تقريرًا أو صفة أولًا وبالذات إلى ثلاثة أقسام: صحيح وحسَن وضعيف؛ لأنَّها إنِ اشتمَلت من أوصاف القَبول على أعلاها فالصحيح، أو على أدناها فالحسن، أو لم تَشتَمل على شيء منهما فالضعيف، (أ/53) وفي إطلاق السُّنة عليه تغليبٌ؛ تبِعهم المؤلِّف فقسمهما ذلك التقسيم مقدِّمًا منها الصحيح المجمَعَ على صحته عند المحَدِّثينَ
(1)
.
فقال: «وخَبَر الآحاد
…
إلخ»:
لكنَّه عبر بخبر الآحاد المساوي للحديث، كما قدَّمه تَبعًا للخطابيِّ وغيره حيث عبَّروا بالحديث، ولو عبر بالسُّنة كان أَولى؛ لأن الخبر والحديث كما مَرَّ لا يختص عند بعضهم بالمرفوع، بل] يَشمل]
(2)
الموقوفَ، بخلاف السُّنة؛ وبهذا عُرِف أنَّ بينهما عمومًا وخصوصًا مُطْلَقًا، ولعله راعى أنَّ السُّنة لا تَنطبق على الضعيف إلا بملاحظة التغليب، والمُقسَم يجب أنْ يكون مُشتمِلًا على الأقسام حقيقة. و «خبر الآحاد»: مبتدأ، أو ما بعده قيودٌ له، وخبَره:«الصحيح لذاته» ، وهو فصل كما يأتي. [قوله]
(3)
: «بنَقلِ عَدْلٍ» :
المراد: عَدْلُ الرواية، وهو الشَّخص المسلم العاقل البالغ غيرُ ظاهر الفِسْق ولا مخروم المرُوءة، وسيأتي ما يُعتبر فيه مِن حيث قَبولُ الرواية بعدُ
(4)
.
(1)
قضاء الوطر (1/ 663).
(2)
في (هـ): [يشتمل].
(3)
زيادة من: (أ) و (ب).
(4)
قضاء الوطر (1/ 663).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وقوله: «بنقل
…
إلخ» متعلِّقٌ بحال محذوفة، أي: خبر الآحاد حال كونه واصلًا إلينا بنقل عَدْل، أو لغو متعلِّق بـ:«خَبَر» بمعنى أخبار، أو حال مبنيًّا على قول مَن يُجيز مجيئها من المبتدأ، أو باتفاق فيما يصلح للعمل ولو بحسَب (هـ/64) أصله، ولو يجعل الجار والمجرور نعتًا لـ:«خَبَر» المضاف المحلى بأل الجنسيَّة لما بَعُدَ، ويكون قوله بعدُ:«متصِل السَّنَد» مرفوعًا] صفة]
(1)
له أيضًا، وكذا:«غيرُ مُعلَّلٍ ولا شاذٍّ» أيضًا، وإلَّا لأَشكَلَ إعرابُ ما ذُكِر إلَّا بجعل «متَّصِل»: نعتَ «نَقْل» ، وادَّعى أنَّ الفَصْل بوصْفِ المضاف إليه بين الموصوف وصفته لا يَمْتَنع فيجُرَّ كما يجرُّ [غير]
(2)
أيضًا، أو يُنصب على الحالية، ولعل العَلاقة هذا التركيب.
قال (ب) والكمال الشريف
(3)
: «بنَقل: حال، وكذا: غيرَ مُعلَّل ولا شاذٍّ، ولو قال: وخبر الآحاد إذا كان بنقل عدْلٍ تامِّ الضبْط حالَ كونه متصل السَّنَد
…
إلخ؛ كان أحسن» انتهى.
[تتمة]
(4)
:
والمراد من قوله: «نَقْل عَدْلٍ» أنَّ كلَّ نَقْل في الطريق لا بُدَّ أن يكون حامله عَدلًا، ولذا لم يَزِدْ:«عن مثله» ، والنكرة قد تأتي للعموم مثل:{عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ] {التكوير: 14} ، وخَرَج عنه ما في طريقه] ضعيف]
(5)
.
(1)
في (هـ): [نعتا].
(2)
زيادة من (ب).
(3)
ينظر: حاشية ابن أبي شريف (ص 114).
(4)
زيادة من قضاء الوطر (1/ 643).
(5)
زيادة من: (أ) و (ب).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
[قوله]
(1)
: «تامِّ الضَّبْطِ» :
[أخْذُه جُزْءًا]
(2)
من التعريف يقتضي أنَّ أصل الضبط لا يكفي في الصحة، ثم إنَّ تمام الضبط من المتواطئ قطعًا فلا تتفاوت الرُّتَبُ بتفاوته، وكونه من المتواطِئ لا يَمنع تفاوت رُتَب الصحيح؛ إذ العدالة واتصال السند كلٌّ منهما مَقولٌ بالتشكيك، بل ظاهر كلام الشارح: أنَّ غيرهما من باقي فصول التعريف كذلك، لكنْ قد عرَفتَ أنَّ تمام الضبط يخرج من ذلك؛ لكونه غير [مشكك]
(3)
، والتفاوت في العدالة ظاهرٌ، وأمَّا في اتصال السَّند فهو باعتبار ثبوت السماع منه والمعاصرة واللُقيِّ على ما يأتي، وأمَّا في الشذوذ فهو باعتبار التفاوت بين راوي الشَّاذِّ وبين راوي المعروف؛ إذ قد يكون التفاوت بينهما في العدالة مختلِف: فتارةً يَقِلُّ، وتَارةً يَكثُر، ثُمَّ إنَّ مقتضى كلام العراقيِّ
(4)
: أنَّ المعتَبَر في الصحة أصلُ الضَّبط، وكذا كلام الشارح فيما يأتي، ثُمَّ إنَّ قول الشارح: «لأنَّه إمَّا أنْ] يَشتَمل]
(5)
من صفات القَبول» مخالفٌ لقوله في الحسَن لذاته: «فإنْ] خَفَّ]
(6)
الضَّبطُ فهو الحسَنُ لذاتِه»؛ إذ مقتضاه: اتفاق الصحيح لذاتِه والحسَن لذاتِه فيما عدا وصف الضَّبط، ففي الصحيح لذاتِه يُعتبَر تمامُ الضبط، وفي الحسَن لذاتِه لا يعتبَرُ ذلك.
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
في (هـ): [أخذ جزء].
(3)
في (هـ): [معلل].
(4)
الألفية (ص 8).
(5)
في (هـ): [يشمل].
(6)
في (هـ): [جق].
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
تنبيه:
اعلمْ أنَّهم قد يَحكُمون للإسناد بالصِّحَّةِ مع كون المَتْنِ غيرَ صحيحٍ؛ إذ صحة الإسناد تحصُل بثقة رجاله واتصاله، فقد يُوجَدان في الإسناد مع وجود علة أو شذوذٍّ في المَتْن، والظاهر: جَريُ مثله في الحَسَن، قاله (ج)
(1)
.
وفي كتابة: «تامِّ الضَّبط» قال (ق)
(2)
: «الله أعلم بمعنى تمَام الضَّبط» انتهى، زاده (هـ)
(3)
، ولا شكَّ في صحة توقُّفه في ذلك، وهو مأخوذٌ من اعتراض ابن دَقِيقِ العِيد على ابن الجَوزيِّ الآتي في حدِّ الحَسَن، وممَّا يؤيده أيضًا أنَّ العراقيَّ في شرح ألفيته قال
(4)
: «إنه احترز بـ: «ضابط» عما في سَنَده راوٍ مغفَّل كثير الخطأ وإنْ عُرف بالصدق والعدالة» انتهى.
فجعَلَ مُتَحَرَّزه: كثير الخطأ، ولا شكَّ في اختلاف مراتب الكثرة، وقد ذَكَر قبله أيضًا ما نصُّه
(5)
فزاد في كثرة الخطأ: الفُحْش أيضًا، فقال الغَزِّي
(6)
في حَواشِيه: «المراد بفُحْش الخطأ وقوعُهُ لا نادرًا، وهو معنى كَثْرته» .
(1)
حاشية الأجهوري على شرح نخبة الفكر (ص 180).
(2)
حاشية ابن قطلوبغا على شرح نخبة الفكر (ص 46).
(3)
قضاء الوطر (2/ 663).
(4)
شرح التبصرة والتذكرة (1/ 149).
(5)
المرجع السابق.
(6)
محمد بن قاسم الغزي (918 هـ) ولم أقف على حاشيته.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وقال (ب) أيضًا في حَواشِيه
(1)
فأنتَ تراهم مترددين، وتعبيرهم مُجمَلٌ، ويمكِن دَفْع التَّحيُّر بأنَّ: أهل الضبط والحفظ والإتقان معرفون مِن تَتَبُّع (هـ/65) كلامهم، وتفتيش رواياتهم، و [البحث]
(2)
عن مروياتهم، كمالكٍ وابن شِهابٍ والشافعيِّ وأحمدَ وأضرابِهم، فمَن جُهل حالُه في ذلك قِيسَ عليهم؛ فإنْ وافقهم دائمًا في اللفظ والمعنى، أو في المعنى فقط، أو وافقهم في غالب أحواله: عُلِم تمامُ ضبطه، وإلا عُلِم عَدَمُ تمامِ ضبطه، ولا شكَّ أنَّ هذا القَدر يُخرِج من الحَيرة.
وفي كتابة: وقوله «متصِل الإسناد» هو حال من المبتدأ عند مَن جوَّزه، وكذا قوله:«غير مُعلَّل» ، والعامل انتساب] الخبر]
(3)
إلى المبتدأ، وليس نعتًا كما تُوهِّم؛ لأنَّ إضافة غير إلى المعرفة لا تُفيدُها تعريفًا، فكيف وهي مضافة إلى نكرة؟ فلا توصف بها المعرفة، وكذا يقتضي التناسب حالية:«بنَقْل عَدْل» ، أي: آتيًا بنَقْل عَدْل، سِيَّما وفي تقدير المتعلَّق معْرفة لزوم حذف الموصول مع بعض] الصلة]
(4)
. والمروءة هي أن
(1)
النكت الوافية (1/ 81).
(2)
في (هـ): [الكشف [.
(3)
في (هـ): [جزء].
(4)
في (هـ): [للصلة].
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يسير كَسَير مثاله في زمانه ومكانه، وقيل: التَّوقي عن الأدناس. و [فُسِّرت]
(1)
العدالة بالملَكة المانعة] عن]
(2)
اقتراف الكبائر والصغائر
(3)
والرذائل المباحة، والمراد: عَدل الرواية؛ فلا تَخْتص بالذَّكَر الحُرِّ.
[قوله]
(4)
أي: لم توجد الصحة فيه لأمْرٍ خارج عنه، ككثرة الطرق المُصَيِّرةِ له صحيحًا لغيره، وحيث قال الأئمة: هذا حديث صحيح أو حسَنٌ أو ضعيف، إنما يريدون ذلك بحسَب الظاهر لا القطع بحسَب نفْس الأمر؛ لجواز الخطأ والنسيان على الثقة والضابط، والصِّدْقِ على غيره، خلافًا لابن الصَّلاح فيما وُجد في الصحيحين كما تقدم التنبيه عليه.
[قوله]
(5)
: «وهذا أَوَّلُ تَقْسيمِ المَقْبولِ» :
الواو فيه للاستئناف، ولو أسقطها كان أَولى. والتقسيم لغةً: التفريق، وعُرْفًا: ضَمُّ مُفصَّلٍ إلى مُجمَّلٍ، أو خاصٍّ إلى مُشترَكٍ، ولا يَخفى عليك أنَّه: إذا كان هذا تقسيمًا للآحاد كان شاملًا للمشهور وللغريب وللعَزيز باعتبار المقبول منها، وسيأتي ما يشمل المردود.
(1)
في (هـ): [فرق].
(2)
في (هـ): [غير].
(3)
جاء في النسخ الثلاث بعدها [الخسّة] ولم يظهر لي وجهها ولعلها [الخسيسة]
(4)
زيادة من: (أ) و (ب).
(5)
زيادة من: (أ) و (ب).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
[قوله]
(1)
: «لأَنَّه إمَّا أنْ يَشْتَمِلَ» :
أي: لأنَّ المقبول، أو الشأن، وبالجملة فالتعليل لدعوى انحصار المقبول في أقسامه الأربعة لا للتقسيم؛ لأنَّه من التصورات وهي لا يُستدلُّ عليها، وإنما يُستدلُّ على التصديقات والأحكام، وهذا الترديد بحسَب ما وُجد في الخارج والإحاطة به فيه، وليس عقليًّا، وأراد باشتماله على ما ذُكر اشتِمالَ سنَده؛ لأنَّه المُشتَمِل على تلك الصفات؛ فهو من باب وصف أحد المتجاوِرَين بوصف مُجاوِره.
وقوله: «مِنْ صفاتِ القَبولِ» الظاهر أنَّها تَبعيضيَّة؛ لأنَّ أصل صفات القَبول موجودةٌ أيضًا في الحَسَن مطلقًا والصحيح لغيره؛ فلذا اعتُبر الأعلى منها، وهو ما لا يَزيد عليه بحسَب الطاقة البشريَّة في عادة أمثاله، فـ:«على أعْلاها» متعلق بـ: «يَشتَمِل» ؛ ولذا قال المؤلف: «على أعْلاها» ؛ لأنَّ لنوعَيِ الحَسَن صفتين من صفات القَبول، ولنوعي الصَّحيح صفتين أيضًا، وأعلى الأربعة رتبةً: الصحيحُ لذاته.
وقوله: «أوْ لا» إنْ قلتَ: السالبة تصْدُق بسلب الموضوع؛ فيَصْدُق قولُه: «أوْ لا» بما لا يُوجَد [فيه]
(2)
شيءٌ من صفات القَبول، وهو فاسد، قلتُ: يَرُدُّه وجوبُ أَخْذِ المُقَسَّم -الذي هو هنا: خبر الآحاد المقبول- في جميع الأقسام، وبهذه القرينة يَتعيَّن أنَّ مصبَّ النفي:«الأعلى» فقط.
وفي كتابة: «إمَّا أنْ يَشْتمِل من صفات القَبول على أعْلاها» هذا في الصفات المَقُولة بالتشكيك، وقد علِمتَ أنَّ الصفاتِ المقبولةَ في الصحيح أربعةٌ: العدالة، وتمام الضبط، واتصال السَّند، وعدمُ الشُّذوذ وعدمُ العلة؛ فالعدالة مَقُولة بالتشكيك،
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
زيادة من (ب).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وكذا أيضًا اتصال السَّنَد؛ (أ/56) لأنَّ ما ثَبت فيه المُعاصَرة دون ما ثَبت فيه اللقاء، وهو أدنى مما ثَبت فيه السَّماع، و (هـ/66) يمكن أنْ يُقال: إنَّ الشذوذ أيضًا مَقُولٌ بالتشكيك؛ إذ المخالفة للراوي الثِّقة قد تكون زيادته على الثِّقة في صفة القَبول قليلةً وقد تكون كثيرة، كما أشرنا إليه سابقًا، وأمَّا السَّلامة من العلَّة فلا يُتصوَّرُ فيها تفاوتٌ؛ إذ هي عدم كلِّ علةٍ قادحة [كما قاله]
(1)
(ج)
(2)
.
[قوله]
(3)
: «والثَّاني: إِنْ وُجِدَ ما يَجْبُرُ ذلكَ القُصورَ
…
إلخ»:
«الثاني» : مبتدأ، خبره: مجموع جملتي الشرط والجزاء، أوْ جملة الجزاء وحدَها؛ لاشتمالها على الرابط، كحديث محمد بن عَمرِو بن عَلْقمةَ، عن أبي سلَمةَ، عن أبي هريرةَ قال:«لولا أنْ أَشُقَّ على أُمَّتي لَأَمَرْتُهم بالسِّواك عِندَ كلِّ صَلاةٍ»
(4)
، فمحمد بن عمرو من المشهورين بالصَّوْن والصِّيانة، لكنَّه لم يكن من أهل الإتقان حتى ضعَّفَه بعضُهم من جهة سُوء حِفظِه؛ فحديثُه من هذه الجهة حَسَنٌ، فلمَّا انضَمَّ إليه كونُه رُوي من وجهٍ آخَرَ؛ أُمِن بذلك ما كنَّا نخشاه عليه من جهة سُوء حِفظِه، و [انجبر به]
(5)
، والتحَق الإسناد بدرجة الصحيح.
[قوله]
(6)
: «وحَيث لا
…
إلخ»:
هو عطفٌ على قوله: «إن وجد
…
إلخ»، ولو قال بدله: وإن لم يوجد ذلك
…
إلخ؛ كان أظهرَ وأخصَرَ. والجُبْران بضم الجيم، والفاء مِن:«فهو» في الجواب، «حَيثُ» تشبيهًا للظرفيَّة بالشَّرطيَّة.
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
حاشية الأجهوري على شرح نخبة الفكر (ص 179).
(3)
زيادة من: (أ) و (ب).
(4)
أخرجه البخاري (887)، ومسلم (252 (.
(5)
زيادة من: (أ) و (ب).
(6)
زيادة من: (أ) و (ب).
وَإِنْ قَامَتْ قرينةٌ تُرَجِّحُ جانِبَ قَبولِ مَا يُتَوَقَّفُ فِيهِ، فَهُو الحسنُ أيضًا، لَكِنْ لا لذاتِهِ.
وقُدِّمَ الكَلامُ على الصَّحيحِ لذاتِهِ؛ لعُلُوِّ رُتْبَتِهِ.
والمُرَادُ بالعَدْلِ: مَنْ لَهُ مَلَكَةٌ تَحْمِلُهُ على مُلازمةِ التَّقوى والمُرُوءةِ.
والمُرادُ بالتَّقْوى: اجْتِنابُ الأعمالِ السَّيِّئةِ مِن شِرْكٍ، أَو فِسقٍ، أَو بِدْعةٍ.
[قوله]
(1)
: «وإنْ قامَتْ قَرينَةٌ
…
إلخ»: ما سيأتي من طريق آخر، لا يُقال: فيَلزم عليه تقديم الحَسَن لغيره على الحَسَن لذاتِه عند التعارض، لأنَّا نقول: قوَّة الطريق الحَسَن لذاتِه ربما تربو على مجموع طُرق الحَسَن لغيره.
[قوله]
(2)
: «تَحْمِلُهُ» : فيه تجوُّزٌ في الإسناد،] و]
(3)
لا يَخفى أنَّ حقيقته: يخلُقُ الله فيه الحَمْل على ما ذُكِر عندها.
[قوله]
(4)
: «والمُرادُ بالتَّقوى
…
إلخ»: تفسير] التقوى]
(5)
بالمفهوم العدَمِيِّ صحيحٌ؛ لأنَّ مفهومها عدَمِيٌّ؛ إذ هي تطلق على: التوقِّي من العذاب المخلِّد بالتبرِّي] من]
(6)
الشرك بالنطق بالشهادتين مع التزام أحكامهما، وتُطْلَق على: تَجَنُّب كلِّ ما يؤَثِّم مِنْ فعلٍ أو تركٍ، حتى الصغائر عند قومٍ، وتُطْلَقُ على تنزُّهِ
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
زيادة من: (أ) و (ب).
(3)
زيادة من (هـ).
(4)
زيادة من: (أ) و (ب).
(5)
في (هـ): [للتقوى].
(6)
في (هـ): [عن].
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
السِّر عن كلِّ ما يشغلُه عن الحق مع الانقطاع إليه بجميع [الشراشر]
(1)
الظاهرة والباطنة، وسكَتَ عن المروءة؛ لشيوع عِلْمِها؛ إذ هي: التخَلُّق بخُلق أمثاله في زمانه ومكانه، ويأتي لها تعريفٌ أخصُّ مِنْ هذا الصادقِ بالفاسق المتخلِّق بخُلُق أمثاله.
[قوله]
(2)
: «مِنْ شِرْكٍ
…
إلخ»: إنَّما نَصَّ على الشِّرك والبدعة مع دخولها في الأعمال السيئة الشاملة للشِّرك و [السيئة]
(3)
كتَرْك الواجب؛ [لقبح]
(4)
[الأوَّل]
(5)
وغِلَظه، ولئلَّا يُغْفَلَ عن الثاني، وبهذا التقرير علِمتَ أنَّ البيان مساوٍ للمُبَيَّن لا أخَصُّ منه.
تنبيه:
المروءة: الصِّيانةُ عن الأدناس، والتَّرَفُّعُ عما يَشِينُ عند النَّاس، قاله (ب).
[قوله]
(6)
: «أوْ بِدْعَةٍ» : الظاهر منه: بدعة الاعتقاد، خصوصًا وقد قُوبلت بالشرك والفسق، وهو بإطلاقه مخالفٌ لما يأتي من التفصيل بين الدَّاعيَة وغيره، ولو أُرِيد منه:] بدعة]
(7)
الفسق بالجوارح، ويُجعل من عطف الخاص على العام ردَّه؛ إذ «أوْ» لا يُعطف بها خاصٌّ على عامٍّ فيُحْمَل على الدَّاعيَة.
(1)
في (هـ): [الشراسر]، قال ذو الرمة:
ومن غية تلقى عليها الشراشر. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
والشراشر: الأثقالُ، الواحدة شُرْشُرَةٌ. يقال: ألقى عليه شَراشِرَهُ، أي نَفسه، حرصاً ومحبّة. تهذيب اللغة (11/ 187)، مقاييس اللغة (3/ 181)، الصحاح (2/ 696)، المحكم والمحيط الأعظم (7/ 614).
(2)
زيادة من: (أ) و (ب).
(3)
وتحتمل في المخطوطات الثلاث [السببية] ولم يظهر لي وجهها.
(4)
في (هـ): [ليتم].
(5)
في (هـ): [لأولى].
(6)
زيادة من: (أ) و (ب).
(7)
في (هـ): [بلاغة].
وَالضَّبْطُ ضبطان:
* ضَبْطُ صَدْرٍ: وَهُو أَنْ يُثْبِتَ ما سَمِعَهُ بحيثُ يتمكَّنُ مِنَ استحضارِهِ مَتى شَاءَ.
* وَضَبْطُ كِتَابٍ: وهُو صيانَتُهُ لديهِ مُنْذُ سمِعَ فيهِ، وصحَّحَهُ إِلى أَنْ يُؤدِّيَ منهُ.
وقُيِّدَ بـ «التَّامِّ» ؛ إِشارةً إِلى الرُّتبةِ العُليا في ذَلكَ.
وَ «المُتَّصِلُ» : ما سَلِمَ إِسنادُهُ مِن سُقُوطٍ فيهِ، بحيثُ يكونُ كُلٌّ مِن رجالِهِ سَمِعَ ذَلكَ المَرْوِيَّ مِنْ شيخِهِ.
وَ «السَّنَدُ» تَقدَّمَ تعريفُهُ.
وَالمُعَلَّلُ لُغَةً: ما فِيهِ عِلَّةٌ.
وَاصطِلاحًا: ما فيهِ عِلَّةٌ خَفِيَّةٌ قادِحةٌ.
[قوله]
(1)
: «ضَبْطُ الصَّدْرِ» : وهو الحفظ على ظهر القلب.
قوله: «بِحَيْثُ يَتَمَكَّنُ
…
إلخ»: التعبير بـ: «يَتَمَكَّنُ» مع قوله: «متى شاء» بينهما شِبْهُ تَنافٍ؛ إذ كونه علَّقه بقوله: «متى شاء» يقتضي أنَّه حاضرٌ عنده، والتعبير بالتمكن يُخالِف ذلك، كذا قيل، وفيه نظرٌ؛ إذ حُصوله في الحافِظة لا يَمنع الغَفْلة عنه، لكنَّ الغفلة والذهول عنه قد يشتد حتى لا يتذكَّره متى شاء، بل يحتاج لطُول مُدَّةٍ في تذَكُّره، وقد يكون حصوله بمجرد الالتفات إليه، وهذا الثاني هو المراد.
تنبيه:
قوله: «تامّ الضبط» :
يقتضي أنَّ هذا في ضبط الصَّدر؛ إذ ضَبْطُ الكتاب لا يكون تامًّا وغيرَ تامٍّ.
[قوله]
(2)
: «وضَبْطُ كِتاب
…
إلخ»:
أي: والثاني منهما ما يُسمَّى بذلك، وهذا إنمَّا هو في الكُتُب التي (هـ/67) لم تُشتهر
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
زيادة من: (أ) و (ب).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ولم تنتشر ولم تُضْبَط، وأمَّا الكتب التي بهذه الصفة كالبخاري ومسلم فالشرط أنْ يَرويَ من أصْل شَيخِه، أو مِن
(1)
أصلٍ مُقابَلٍ بأصْل شيخه، أو مُقابَلٍ بمُقابَلٍ بأصْل شَيخِه.
[قوله]
(2)
يُحْتَمل البناء للفاعل وَللمفعول، ومعنى التمام في ضبطه الكتابَ: ألَّا يَتساهلَ الائتمان عليه ولا في صَونِه كما هو بَيِّنٌ.
[قوله]
(3)
: «والمُتَّصِلُ [ما]
(4)
سَلِمَ إسناده من سقوط فيه، بحيثُ يكونُ كلٌّ من رجاله سَمِعَ ذلك المرويَّ (أ/57) مِن شيخه»:
أي: بلا واسطةٍ، قيل:[ولو قال]
(5)
من شيخه [فيه؛ لكان]
(6)
أَولى، إذ قد يَسمَع من شيخه الحديثَ ثُمَّ يَطرأُ عليه نحو مَرَضٍ فينسى مسموعَه، فيضطر إلى سماع ذلك الحديث بواسطة عن شيخه، ثُمَّ يُسقِط الواسطة ويأتي بلفظٍ مُحتَمِلٍ، فقد صَدَقَ أنَّه سَمِعَه من شيخه، لكنَّ قوله:«غير معلل» يخرج ذلك، انتهى.
أي: لأنَّ الكلام في غير المُدَلِّس، ومَن فعل ذلك فهو مُدَلِّس؛ فلذلك
(7)
لا يحتاج إلى زيادة لفظ: «فيه» كما قيل، وقد يُجاب بأنَّ الضمير في «شيخه»: للمروي من حيث إنَّه مَرويُّ راوِيهِ حالَ النَّقْل؛ فلا يَصْدُق بما أوردها؛ إذ لا يصدق عليه أنَّه مَرويُّ راوِيه حالَ النَّقْل، تأمَّل.
(1)
في (ب): [أو من دون].
(2)
زيادة من: (أ) و (ب).
(3)
زيادة من: (أ) و (ب).
(4)
في (هـ) رسمت: [با] وهو تصحيف.
(5)
في (أ) و (ب): [ولو].
(6)
في (هـ): [يقول كان].
(7)
في (ب) زيادة [صح].
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وقوله: «سَمِعَ ذلكَ المَرْوِيَّ» :
أي: أو أَخَذَ عنه إجازة على المُعتمَد، وبه يَخْرُج: المرسَلُ والمنقطع والمعْضل والمدلَّسُ، ولا فرْق بين أنْ ينتهيَ ذلك السَّنَدُ إلى النبيِّ عليه الصلاة والسلام أو إلى صحابيٍّ أو إلى مَن دُونه، ذكره الأنصاريُّ، وهذا تعريف للصحيح لذاته المجمَعِ عليه، لا لغيره مما وُجد فيه مسمَّى الضبط وجُبِر بكثرة الطرق؛ لخروجه باشتراط تمام الضَّبْط، ولا للشاذِّ الصَّحيح عند بعضهم؛ لخروجه بانتفاء الشذوذِّ؛ إذ هو غير مُجْمَعٍ على صحته.
وفي كتابة: «المُتَّصِل» إسناده، المراد: سنده، وتقدَّم أنَّ المحدِّثين يستعملونهما لشيءٍ واحدٍ وهو طريق المَتْن، ولو قال:«منه» بدل: «فيه» كان أَولى؛ لأنَّ السَّاقِط بعضُ السَّنَد.
تنبيه:
لم يزد في تفسيره اتصال السَّنَد إلى النبيِّ]عليه الصلاة والسلام
(1)
؛ لكونه لا يَرى الصَّحيح مقصورًا على خصوص المرفوع؛ فيَصْدُقُ بأنْ ينتهيَ السَّنَد إلى] النبيِّ عليه الصلاة والسلام
(2)
أو إلى الصحابيِّ أو إلى من دونه، فيَصْدُقُ بالموقوف وغيرِه، وبه صَرَّحَ غيرُه، ولا يُنافيه تفسيرُ الخبر بالحديث: وبما أُضِيف إلى النبيِّ عليه الصلاة والسلام بِناءً على جواز كون القِسْم أعَمَّ من المُقسَّم نحو: الحيوانُ إمَّا أبيَضُ
(1)
في (هـ): عليه السلام.
(2)
في (هـ): عليه السلام.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أو غيرُه، والأبيض إمَّا عاج أو غيره، وإن كان مرجوحًا، والتقدير: حيوانٌ أبيضُ
…
إلخ.
[قوله]
(1)
: «بِحَيْثُ
…
إلخ»:
أنتَ خبيرٌ [بأنَّ]
(2)
بالحَيْثِيَّة المذكورة خرج: المُعلَّقُ والمنقطع والمُعْضَلُ والمرسَل، وكذا المقطوع والموقوف.
[قوله]
(3)
: «تقدَّمَ تعريفُهُ» :
الذي تقدَّم هو أنَّ الإسناد: حكاية طريق المَتْن، وظاهرُ كلامه أنَّ الإسنادَ والسَّندَ واحدٌ، وهو مقتضى إطلاقِ كثيرٍ من المحدِّثين، لكنَّ الأوفَق للمعنى اللُّغويِّ أنَّ الإسناد: حكاية السَّند، وأنَّ السَّند: طريق المَتْن.
[قوله]
(4)
: «خَفِيَّةٌ قادِحَةٌ» :
العلة عبارة عن: سببٍ خفيٍّ قادحٍ في الحديث مع ظهور السَّلامة، مثاله كما قيل: إنَّ رواية مالك عن نافع عن ابن عُمرَ جاريةٌ على ألسنة الأكثرين، ولو فُتِّشَت لوُجد مالكٌ عن تابعيٍّ آخَرَ غير نافع، ويكون التابعيُّ ضعيفًا، والتقْييد بالخفيَّة؛ لأنَّ الظاهرة ترجع إلى: ضَعف الراوي أو عدم اتصال السند؛ فيستفاد الاحتراز عنها: بعدالة الراوي واتصال السَّنَد.
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
زيادة من (ب).
(3)
زيادة من: (أ) و (ب).
(4)
زيادة من: (أ) و (ب).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وفي كتابة: «الخَفِيَّة» عبارة عن: أسباب خفيَّة تقدح في قَبول الحديث، تُدْرَك بالخلاف والتفرد، مع [قرائنَ]
(1)
[تنضم]
(2)
إلى ذلك بواسطتها يَطَّلع المتمكن على: إرسال موصول، أو وقفِ مرفوع، أو دخول (هـ/68) بعض مَتْن في غيره، أو وَهْمِ واهمٍ مع كون الحديث الذي اطُلع عَلَيْهَا [فيه]
(3)
[ظَاهرُه]
(4)
السَّلامة منها، وخَرَج بالقَادِحَة:[غيرُها]
(5)
،] كإبداله]
(6)
[ثقة]
(7)
بثقة، [كما]
(8)
خَرَج بالخَفِيَّة: الظاهرة لا لكونها لا تُؤثِّر، بل هي أَولى بالتأثير، بل لكونها ترجع إمَّا لضَعف الراوي وإما لعدم اتصال السَّنَد، وكلٌّ منهما احتُرِز عنه في التعريف بقَيْدٍ [يُخْرِجُه]
(9)
، ولا يَخْفى أنَّ المراد بخفاء العلة الخَفِيَّة إنَّما هو بالنظر لغير المُتَبَحِّرِ في هذا الفَنِّ، وإلا فهي لدَيه ظاهرة.
(1)
في (هـ): [القرائن].
(2)
في (هـ): [ينضم].
(3)
في (ب) و (هـ): [عند].
(4)
في (أ) و (ب): [ظاهرة].
(5)
في (ب) زيادة [كأنه].
(6)
في (ب) و (هـ): [كأنه].
(7)
في (هـ): [الثقة].
(8)
في (ب) و (هـ): [لما].
(9)
في (ب) و (هـ): [مخرجه].
وَالشَّاذُّ لُغةً: المُنفَرِدُ.
وَاصْطِلاحًا: ما يُخَالِفُ فيهِ الرَّاوي مَنْ هُوَ أَرْجَحُ منهُ، ولَهُ تفسيرٌ آخرُ سَيَأْتي.
[قوله]
(1)
: «مَنْ هُو أَرْجَحُ مِنْهُ» : تعبيره بـ: «أَرْجَح مِنْهُ» يقتضي أنَّ في الآخر رُجحانًا، وبهذا التقرير يَسقُط اعتراض (ق)
(2)
بأنَّه يَدْخُل فيه المُنكَر؛ إذ المُنكَر: ما خالَفَ فيهِ الضعيفُ الراجِحَ، كما قاله (ج)
(3)
.
وقال (هـ)
(4)
: ظاهر قوله: «ما يُخالف الراوي فيه مَنْ هُو أرجَح» ولو لم يكن ذلك الأرجحُ جماعة، وهو صحيحٌ، ولا مُخالَفة بينه وبين من قال: ما يُخالِف فيه الثِّقةُ الملأ؛ لأنَّ العلة أنَّ الجماعة أَولى بالحفظ، والأرجح كذلك، ولا بُدَّ في] المخالفة]
(5)
أن يَتعذَّر معها الجَمعُ، وإلَّا فلا شذوذ.
وقال أبو يَعْلَى الخَليليُّ
(6)
: «الشَّاذُّ: مُفرَد الراوي فقط ثقة كان أو غيرَ ثقة، خالَف أو لم يُخالِف» .
وفرَّق الحاكم بين المُعَلَّل والشَّاذِّ؛ بأنَّ المُعَلَّل: وُقف على عِلَّته الدالة على جهة الوَهْم فيه، والشَّاذ لم يُوقف فيه على عِلَّة لذلك
(7)
. (أ/58)
[قوله]
(8)
: «ولهُ تفسيرٌ آخرُ سَيأْتي» : أو هناك يُعلَم أنَّ الشَّاذ بذلك التفسير أعمُّ منه بهذا التفسير.
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
حاشية ابن قطلوبغا على شرح نخبة الفكر (ص 48).
(3)
حاشية الأجهوري على شرح نخبة الفكر (ص 182).
(4)
قضاء الوطر (2/ 675) وما بعدها.
(5)
في (هـ): [المخالف].
(6)
الإرشاد (1/ 176).
(7)
قضاء الوطر (1/ 676).
(8)
زيادة من: (أ) و (ب).
تَنْبيهٌ:
قولُهُ: «وَخَبَرُ الآحادِ» ؛ كالجِنْسِ، وباقي قُيودِهِ كالفَصْلِ.
وَقولُهُ: «بِنَقْلِ عَدْلٍ» ؛ احْتِرازٌ عَمَّا يَنْقُلُهُ غيرُ العَدْلِ.
وقَولُهُ: «هُوَ» ؛ يسمَّى فَصْلًا يتَوَسَّطُ بَيْنَ المُبتَدَإِ والخَبَرِ، يُؤْذِنُ بأَنَّ ما بَعْدَهُ خَبرٌ عَمَّا قَبْلَهُ، وليسَ بِنَعْتٍ لهُ.
[قوله]
(1)
: «تنبيه» :
هو لغةً: الإيقاظ، وعُرْفًا: عُنوان البحث الآتي بحيثُ يُعْلَمُ من البحث السابق على سبيل الإجمال، وهو هنا معرَب؛ لأنَّه مُرَكَّبٌ تقديرًا، وقيل: يُشْتَرط أنْ يُذكَر بعدهُ ما يَتعلَّق به، مِثْل: تنبيه على كذا أو في كذا
(2)
.
[قوله]
(3)
: «وخَبرُ الآحادِ» :
لو أسقط الواو كان أحسَنَ؛ لأنَّ «الجِنْس» مدخولها فقط، و [إنما]
(4)
قال: «كالجِنْس» و «كالفَصْل» ؛ لأنَّ العبارة المشتملة] عليهما
(5)
تقسيمٌ لا تعريف.
وفي كتابة: و [الجِنْس]
(6)
[كُلِّيٌّ]
(7)
مَقولٌ على كثيرين مختلفين بالحقيقة، وهي: ما به الشيء هو هو، كالحيوان والناطق بالنسبة إلى الإنسان، بخلاف نحو: الضاحك والكاتب، ألا ترى أنَّه لا وجودَ لحقيقة الإنسان في الخارج بدون
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
قضاء الوطر (1/ 677).
(3)
زيادة من: (أ) و (ب).
(4)
في (ب) و (هـ): [لأن].
(5)
في (هـ): [عليها].
(6)
في (ب) و (هـ): [الحسن].
(7)
في (هـ): [إلخ].
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الحَيوانيَّة والناطقيَّة، بخلاف الكتابة والضحك؛ فظَهَر أنَّ الجنس الحقيقيَّ: ما تحته ماهيَّاتٌ مُتحقِّقة في الخارج، كالحيوان بالنسبة إلى الإنسان والفرَس وغيرهما، وأمَّا الماهيَّاتُ الاعتباريَّة التي تواطأ عليها جَمْعٌ من العقلاء واعتبروها في أذهانهم ووضعوا بإزائها أسماء خاصَّة] كماهيات]
(1)
العلوم وما اشتملت عليه؛ فإطْلاق الجنس على المشترك بينهما، والفصل على المُختصِّ ببعضها مجازٌ، والشارح عبَّر بقوله:«كالجِنْس» ؛ تحاشِيًا عن التحرز في إطلاق الجنس على ذلك.
[قوله]
(2)
: «وباقي قُيودِهِ كالفَصْلِ» :
فيه نظيرُ ما في الذي قبله، وحاصل ما ذكره من الفصول الخمسة قُيود؛ فخرَجَ بقوله:«عَدْلٍ» ما في سَنَده مَن عُرِف ضَعْفُه، أو جُهلت عَيْنُه، أو حالُه كما سيأتي، ولا يَخْفاكَ أنَّه لا بُدَّ من العدالة في جميع نَقَلَة الصَّحيح كما قدَّمناه، [وخرج]
(3)
«بتمام الضبط» : ما في سندِه مُغَفَّلٌ كثيرُ الخطأ وإن عُرف بالصِّدق والعدالة؛ لعدم ضبطه، وتقدَّمَ لنا ما يُعرَف منه أنَّه لا بُدَّ من اعتبار كثرة الخطأ في الخارج، كما خرج به:«الحَسَنُ لذاتِه» المُشتَرَط فيه أصْل مُسمَّى الضبط فقط، ولا يخفاك أنَّ كلامه في الصَّحيح لذاتِه، والمُعتضِدُ من هذا النوع إنَّما هو من
(1)
في (هـ): [لماهيات].
(2)
زيادة من: (أ) و (ب).
(3)
في (أ): [ويخرج].
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الصَّحيح لغيره، وخرج بمتصل السند أي: مِن أوَّلِه إلى آخره، بأنْ ينتهيَ إلى النبيِّ: المعلَّق، والمنقطِعُ، والمُرسَل، والمعضَل، والموقوف، والمقطوع، وخرج بغير المُعَلَّل: المعَلَّلُ على ما فصَّلناه، و (هـ/69) بقوله:«ولا شَاذ» الشاذُّ على ما مَرَّ أيضًا، ولا يَرِدُ عليه الشَّاذُّ الضعيف عند بعضِهم؛ لأنَّ هذا تعريفٌ للصَّحيح المُجْمَعِ على صحته لا مُطْلَقًا.
وقوله: «بِنَقْلِ عَدْلٍ» :
لو أبدَل الواو فيه بالفاء تفريعًا على قوله: «كالفَصْل» كان أَولى، و «نَقْل عَدْلٍ» مِنْ إضافة المصدر لفاعله.
[قوله]
(1)
: «يُسَمَّى فَصْلًا» :
لأنَّه يَفْصِل بين النعت والخبر، ويُسَمَّى: عِمادًا؛ لأنَّه يُعتَمَدُ عليه في تأدية المراد.
وقوله: «يُؤذِنُ» :
أي: يُشْعِر، بيانٌ لوجه تسميته عند النُّحاة فَصْلًا، وأما فائدته عند المَعَانِيِّينَ فهي: قَصْرُ المُسْنَد على المُسْنَد إليه.
وفي كتابة: واعترض بعض المحققين قولَه: «يُؤذِنُ
…
إلخ»؛ لأنَّ هذه ليست نُكتة الإتيان به على ما قاله أرباب المَعاني، بل نُكْتَتُه إفادة التخصيص والقصر، لكنْ ما ذَكَرَه الشَّيخ وَقَع نحوُه للنُّحاة.
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
وَقولُهُ: «لذاتِهِ» ؛ يُخْرِجُ ما يُسمَّى صحيحًا بأَمرٍ خارِجٍ عنهُ، كما تقدَّمَ.
وتَتَفاوَتُ رُتَبُهُ -أَيْ: الصَّحيحُ- بِسَببِ تَفاوُتِ هَذِهِ الأوْصافِ المُقْتَضِيَةِ للتَّصحيحِ فِي القُوَّةِ، فإِنَّها لمَّا كَانَتْ مُفيدةً لغَلَبَةِ الظَّنِّ الَّذي عَلَيْهِ مَدارُ الصِّحَّةِ، اقْتَضَتْ أَنْ يكونَ لها دَرجاتٌ بعضُها فَوْقَ بعضٍ بحَسَبِ الأمورِ المُقَوِّيةِ.
[قوله]
(1)
كما تقدَّم مُتَعَلِّق بـ: «صحيحًا» ، ويجوز تَعلُّقه بـ:«يُسمَّى» فيكون لغوًا. ولو عبر باللام بدل الباء؛ لكان أنسَب بقوله: «لذاتِه» .
خاتِمَة:
أُورِدَ على هذا التعريف أمورٌ:
منها: أنَّه كان الأَولى أنْ يقول: فالصحيح لذاتِه خَبَر الآحاد المنقول برواية عَدْلٍ تامِّ الضَّبط
…
إلخ، وأُجِيبَ عنه بأنَّه: إنَّما قَدَّم التعريف على المعرِّف؛ لأنَّ معرفته أقدَمُ من معرفته عقلًا [وأقدَمُ وصفًا]
(2)
فَقُدِّم
(3)
وضعًا؛ ليطابق الوضعُ العقلَ.
ومنها: أنَّ اشتراط انتفاء الشُّذوذِ يُغْني عن اشتراط تمام الضَّبْط، وأُجيبَ بأنَّ: الجمع بينهما لزيادة في مَقام التعليم، والأولى أنَّ تمام الضَّبْط وَقعَ موقعه وهو لا يُغْني عن عدم الشُّذوذ فاحتاج إلى ذكره.
ومنها: أنَّه كان عليه أنْ يقول: ولا مُنكَر، وأُجيبَ بأنَّ: المؤلِّف يَتَّبِعُ ابنَ
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
زيادة من (ب).
(3)
في (هـ): [وقدم].
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الصَّلاحِ والنواويَّ غالبًا، والمُنكَر عندهما هوَ الشَّاذُّ، وعند غيرهما هو أسْوء حالًا من الشَّاذِّ؛ فيَلزم من اشتراط السَّلامة من الشُّذوذ اشتراطُ السَّلامة من النَكارة بالأَولى.
ومنها: أنَّ المُتواتِر صحيحٌ] مُجْمَعٌ عليه
(1)
، ولا يُشترط في رجاله شيءٌ ممَّا ذُكِر، وأُجيبَ: بخُروجِه بخبر الآحاد؛ إذْ هو المُقْسَم وأنَّ الكلام فيما استفيد غلبة الظَّنِّ بصِدْق رُواته (أ/59) من صفاتهم.
ومنها: أنَّ أّخْذَ المُعَلَّل والشَّاذِّ في تعريف الصَّحيح تركيب في الحدِّ، وذلك يَتوقَّفُ على حقيقة أخرى لم يُسبَق علمُها، وأجيب: بعِلْم المؤلِّف بها، والمُعَلَمُ نائبٌ عنه؛ فإنَّ هذه المقدمة ما قُصِد بها إلَّا تعليم المبتدئ المُحتاج إلى المُعَلِّم
(2)
.
[قوله]
(3)
: «وتَتَفاوَتُ رُتَبُهُ» :
أي: الصحيح، قال (ق)
(4)
: «لا أعلم بعد التَّمَام رتبةً، ودون التَّمَام لم يُوجَد الحدُّ، فيُطلَب تصوير هذه الأوصاف، وكيف تتفاوَت؟» انتهى، وأجيبَ بأنَّ: ضمير «رُتبهُ» لمُطْلَق الصَّحيح لا لخصوص الصحيح لذاتِه، قلتُ: بل لو سلَّمنا كان الكلام صحيحًا أيضًا ظاهرَ التصوير؛ لأنَّ العدالة مَقولةٌ بالتشكيك كالضَّبْط أيضًا، وقد علِمتَ حال تفاوت الضبط فيما مَرَّ، على أنَّ المؤلِّف لم يَعتبِر التمام في غير الضَّبْط. فإنْ قلتَ: وقد اعتُبر من صفات القَبول أعلاها، قُلْتُ: هو مَقولٌ بالتشكيك أيضًا، وإنَّما لم يَقُل: أي الصَّحيح لذاته؛ للإشارة إلى أنَّ تفاوُتَ
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
قضاء الوطر (1/ 643)، تلخيصا.
(3)
زيادة من: (أ) و (ب).
(4)
حاشية ابن قطلوبغا على شرح نخبة الفكر (ص 49 - 50).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الرُّتَبِ لا تختص به، بل يشاركه فيه الصَّحيحُ لغيره أيضًا؛ وعليه فيكون [الضمير]
(1)
عائد على المُقيَّد بدون قَيدِه.
تنبيه:
التفاعل الواقع في المَتْن غيرُ مُراد، وإنَّما المراد أنَّ بعضها يَفُوق بعضًا، ويَفُوقه في تلك الصفات التي هي كذلك أيضًا؛ فيكون أصَحَّ منه، وقد رَمَزَ في الشَّرح إلى هذا.
[قوله]
(2)
: «هذه الأوصَاف» :
لعلَّ المراد جِنسُها؛ إذ لا يَتَأتَّى التَّفاوتُ إلا في: العدالة والضَّبْط، لا في الاتصال، ولا في العلة، ولا في عدم الشذوذ، إلَّا على قول الحاكم و [الخليلي]
(3)
؛ لأنها مُبايِنةٌ (هـ/70) للصِّحَّةِ مِن أصلِها.
وقوله: «في القُوَّةِ» :
يتنازعه الفعلُ والمصدر اللَّذان في المَتْن، وأَعمَلَ الثانيَ وحَذَف من الأول الضمير.
[قوله]
(4)
: «فإِنَّها لَمَّا كانَتْ
…
إلخ»:
أي: فإنَّ الصِّفاتِ المذكورةَ لَمَّا كانت مفيدة لغلبة الظن
…
إلخ، يُتأمل في وجه الملازمة بين إفادة هذه الأوصاف] لغلبة]
(5)
الظَّنِّ بصِدْق الراوي وضبطِه، وبَيْن اقتضائها [درجاتِ]
(6)
الصحة؛ إذ لا تلازم بين تفاوت تلك الدرجات
(1)
في (أ) صحف إلى [الضمائر].
(2)
زيادة من: (أ) و (ب).
(3)
في (هـ): [الخليل].
(4)
زيادة من: (أ) و (ب).
(5)
في (هـ): [بغلبة].
(6)
في (هـ): [ودرجات].
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وإفادةِ غلبة الظَّنِّ، وإلَّا لم تُوجَد إفادة غلبة الظَّنِّ بدون تفاوت الدرجات، وهو باطل بديهةً. ولو قال: فإنَّها لمَّا كانت متفاوتةً في إفادتها لغلبة الظن كان الظن] بها]
(1)
كذلك؛ لظَهرَتِ الملازمةُ. ويُمكن أنْ يُقال: تفاوُتُ تلك الصفات في إفادة غلبة الظن لمَّا كان معلومًا من السِّياق حَذَفَه مع إرادته؛ فظهرت الملازمة، كما يمكن أنْ يُقال: إنَّ ضمير «كانت» راجع للصفات المتفاوتة،] وضمير «لها» ]
(2)
من «يكون لها» للصِّحة، وهذا أحسَنُ.
[قوله]
(3)
: «الَّذي عليهِ مَدارُ الصِّحَّةِ» :
نعت لـ: «غَلَبة الظَّنِّ» ؛ إذ هي التي عليها تدور الصحة لا على الظَّنِّ، وكان حقُّه:«التي» ، لكنَّه راعى اكتساب المضاف من المضاف إليه التذكير
(4)
.
وقوله: «اقتضَتْ» :
أي: تلك الصفاتُ المتفاوتة، وإفادة «غَلَبة الظَّنِّ» التي تدور عليها الصحة، «أنْ يكون لها» أي: للصحة «درجات» .
وقوله: «بحَسَبِ» :
حالٌ من «درجات» ، والمراد من «الأمور المُقَوِّية» لغلبة الظنِّ زيادة تلك الأوصاف عدالةً وضبطًا، وهو محرَّكُ السين، بمعنى: قَدْر
(5)
.
(1)
في (هـ): [لها [.
(2)
في (ب) و (هـ): [وضميرها [.
(3)
زيادة من: (أ) و (ب).
(4)
قضاء الوطر (1/ 685).
(5)
قضاء الوطر (1/ 686).
وَإِذَا كَانَ كذَلكَ، فَمَا يَكونُ رُواتُهُ في الدَّرجةِ العُليا مِنَ العدالَةِ والضَّبْطِ وسائِرِ الصِّفاتِ التي تُوجِبُ التَّرجيحَ لَهُ، كانَ أَصحَّ ممَّا دونَهُ.
[قوله]
(1)
يُحتمل: وإذا كان الحديث الصحيحُ كذلك، أي: تتفاوَتُ رُتبُه بتفاوت تلك الصفات، ويُحتمل: وإذا كان الأمر والشأن ما ذُكِر
(2)
.
[قوله]
(3)
: «فما [يكونُ]
(4)
»:
أي: [فالحديث
(5)
الذي] تكون
(6)
رُواتُه في «الدرجة العُليا
…
إلخ؛ كان أصحَّ»، إنْ قلتَ:] هلَّا
(7)
قال: كان في الموضعين، أو قال: يكون فيهما، وكيف يصحُّ الحُكمُ لوقوع شيء في الماضي على تقدير وجود شيء في المستقبل؟ قلتُ: يعني فالحديث الذي يُطَّلَعُ في المستقبل على اتصاف رُواته بالصفة المذكورة؛ يُحكم له بتقرر صحته في جميع الأزمنة الماضية ويستمر كذلك، فلو أتى بالماضي فيهما أو المضارع فيهما لم يُفِدْ ذلك.
تنبيهان:
الأول: قال (ق)
(8)
في قوله: «فما تكون رُواته
…
إلخ»: «هذا شيءٌ لا ينضبط،
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
قضاء الوطر (1/ 686).
(3)
زيادة من: (أ) و (ب).
(4)
في (أ) و (ب): [تكون].
(5)
في (ب) و (هـ): [ذا الحديث].
(6)
في (ب) و (هـ): [يكون].
(7)
في (هـ): [هل لا].
(8)
حاشية ابن قطلوبغا على شرح نخبة الفكر (ص 49).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فلم يعتبروه في الصحابة» انتهى، قلتُ: أمَّا قوله: [فَلم]
(1)
ينضبط، فقد بَناه على مَرَّ له ممَّا مَرَّ لنا جوابه، [وأما قوله]
(2)
: وَلم يعتبروه في الصحابة، فجوابه: أنَّ عدالتهم لمَّا كانت ثابتةً على أكمل الوجوه؛ إذ مرتبة أدناهم أرفعُ من رتبة أعظم العظماء من (أ/60) غيرهم، وكان غاية الأمر فيهم أن يساوُوا ابن شهاب مثلًا ولا يُتَصور نزولهم عنه بحال لم يَلتفِتوا إلى إجراء ذلك فيهم
…
إلخ.
الثاني: قوله: «كان أصحَّ مما دُونه» أُورِدَ عليه: أنَّ هذا يخالِف الجزم بأنَّ أرفع مراتب الصحيح ما كان مرويًّا للشيخين، ولم يُقدح فيه بمُعتبَر. وحاوَلَ بعضهم الجواب بأنَّ ما قاله هنا تَبِع فيه الأقدمين، وهو منهم محمول على ما كان قبل وجود الكتابين، وبأنَّ هذا طريقُ من لم يُفضّل مرويَّ الشيخين أو أحدهما، على ما قَيل فيه: إنَّه أصحُّ الأسانيد، وما يأتي هو طريق الشيخين، ومن قال بذلك وبأنَّ الكلام فيما قيل فيه أصحُّ الأسانيد من غير نظر للواسطة الزائدة عليه الشيخين.
وقد قال الشارح: إنَّما حُكِم بأنَّه أصحُّ مما] يليه]
(3)
من تلك المراتب لا مطلقًا؛ فلا ينافي أن غيره إذا لم يكن من تلك المراتب يكون أصح منه. قاله (هـ)
(4)
.
وقوله: «مِن العدالَةِ» :
أي: من درجات العدالة (هـ/71)، ومراتبِ تمَام الضَّبْطِ، «وسائر الصفات» باقيها
(5)
.
(1)
في (ب) و (هـ): [لم].
(2)
زيادة من (ب).
(3)
في (أ): [عليه].
(4)
قضاء الوطر (2/ 687)، وما بعده.
(5)
قضاء الوطر (2/ 688).
فَمِنَ المَرْتَبَةِ العُلْيا في ذَلكَ ما أَطْلَقَ عليهِ بعضُ الأئمَّةِ أَنَّهُ أَصحُّ الأَسَانيدِ:
كالزُّهْريِّ، عن سالِمِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ، عن أَبيهِ.
وَكَمُحمَّدِ بنِ سيرينَ، عن عَبَيْدةَ بنِ عَمْروٍ السَّلْمانِيِّ، عَن عَليٍّ.
وَكَإِبراهيمَ النَّخَعِيِّ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنِ ابْنِ مَسعودٍ.
[قوله]
(1)
: «أَنَّهُ أَصحُّ الأسانيدِ» :
اعلمْ أنَّ المعتمد عند متأخري أهل الحديث كما يجيء للشارح: الإمساكُ عن الحكم على سند معيَّنٍ [أنَّه]
(2)
أصحُّ الأسانيد مطلقًا من غير تقْيِيدٍ بصحابيٍّ أو بلدٍ؛ لأنَّ تفاوت مراتب الصحيح مترتِّبٌ على تَمَكُّنِ الإسناد من شروط الصحة، ويَعْسُر الاطِّلاعُ على ارتقاء جميع رجال ترجمة واحدة إلى أعلى صفات الكمال من سائر الوجوه كما يأتي في الشرح، ومما لا يَخفى عليك أنَّ مِن أجَلِّ هذه الطبقة العليا ما اختار البخاريُّ أنَّه أصحُّ الأسانيد، وهو: مالكٌ عن نافعٍ عن ابن عُمرَ، ثُمَّ الشافعيُّ عن مالكٍ عن نافعٍ عن ابن عمر، ثُمَّ أحمدُ عن الشافعيِّ عن مالكٍ عن نافعٍ عن ابن عمر، وهذه السلسلة هي سلسلة الذهب، وهي أعَزُّ عندهم من الكِبريت الأحمر، ولم يُوجَد بها إلا حديثٌ واحدٌ في مسند أحمد -مع كِبَرِه-
(3)
، قال أحمدُ: حدَّثنا الشافعيُّ، قال حدَّثنا مالكٌ، عن نافعٍ،
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
في (هـ): [لأنه].
(3)
قال الحافظ رحمه الله: وليس في مسند أحمد على كبره من روايته عن الشافعي عن مالك عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما سوى أربعة أحاديث، جمعها في موضع واحد وساقها سياق الحديث الواحد، وقد ساقها شيخنا في شرح منظومته، وجمعتها مع ما يشبهها من رواية أحمد عن الشافعي عن مالك ومع عدم التقييد بنافع في جزء مفرد فما بلغت العشرة. النكت (1/ 266).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
«لا يَبِعْ بعضُكم على بيعِ بعضٍ، ونهى عن النَّجْشِ، ونهى عن حَبَل الحَبَلةِ، ونهى عن المُزابَنةِ، والمُزابنةُ: بَيْعُ التَّمرِ [بالتَّمرِ]
(1)
كَيْلًا، وبَيْعُ الكَرْمِ بالزَّبِيبِ كَيْلًا»، أخرجه البخاري من حديث مالك
(2)
مفرَّقا]
(3)
.
[قوله]
(4)
: «كالزُهْريِّ
…
إلخ»:
هذا قولُ أحمدَ بنِ حنبل، وإسحاقَ بنِ راهَوَيْهِ
(5)
.
وقوله: «وكمُحمَّدٍ
…
إلخ»:
هذا قول عمر بن عليٍّ الفَلَّاسِ في آخرينَ
(6)
.
وقوله: «السَّلْمانيِّ» :
بسكون اللام، نِسبة لسَلْمانَ، حيٌّ مِن مُراد، والمحدِّثون يفتحون اللام، قاله
(1)
زيادة من (ب).
(2)
البخاري (2185)، وينظر: المسند (2/ 108).
(3)
في (أ) و (ب): [مفرق].
(4)
زيادة من: (أ) و (ب).
(5)
معرفة علوم الحديث (ص 227).
(6)
معرفة علوم الحديث (ص 227).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ابن الأَثِير
(1)
.
و قوله: «عن عَلِيٍّ» :
هو ابن أبي طالب رضي الله عنه، و «عَبيدَة» بفتح المهملة كذا في «التبصير»
(2)
، وليس لهم في الكُنى أبو عَبيدة بفتح العين المهملة، في المؤتلِف والمختلِف من الألفيَّة.
[قوله]
(3)
: «وكَإِبراهيمَ النَّخَعِيِّ» :
بفَتحِ النون والمعجَمة، نِسبة إلى النَّخَع، قبيلة من اليمن.
وفي عبارة:] نسبة
(4)
إلى النَّخَع -بفتح النون والخاء- قبيلة من عرب اليمن. وهذا قول يحيى بن مَعِين، وأَسْقط منه: الأعمش عن إبراهيم؛ لأنَّه ليس من أهل هذه المرتبة. و «عَلْقَمة» هو عَلقَمة بن قَيْسٍ، ومن أهل هذه المرتبة: ابنُ شِهاب، عن زين العابدين عليِّ بن حسين، عن أبيه الحسين، عن أبيه عليِّ بن أبي طالب.
(1)
اللباب في تهذيب الأنساب (2/ 127).
(2)
تبصير المنتبه بتحرير المشتبه (3/ 913).
(3)
زيادة من: (أ) و (ب).
(4)
زيادة من: (أ) و (ب).
ودُونَها في الرُّتبةِ: كَرِوايةِ بُرَيْدِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ أَبي بُرْدَةَ، عن جَدِّهِ، عن أَبيهِ أَبي مُوسى الأشعري.
وَكَحمَّادِ بنِ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ البناني، عَنْ أَنسٍ.
ودُونَها في الرُّتْبَةِ:
كَسُهَيْلِ بنِ أَبي صالحٍ، عَنْ أَبيهِ، عن أَبي هُريرةَ.
وَكالعَلاءِ بنِ عبدِ الرَّحمن، عَن أَبيهِ، عن أَبي هُريرةَ.
[قوله]
(1)
: «ودُونَها» :
أي:] الرتبة]
(2)
العليا، قيل: أو الأسانيد المذكورة، وكلام الشَّارح بعده يَرُدُّه.
وقوله: «كرِواية» :
إنْ جعلتَ الكاف اسمًا على مذهب مَن لا يشترط أنْ يكون فاعلًا، جَرى على كون «دون» مُتصرِّفة، وهو خلاف الصحيح فيها، وإنْ جعلتَ التركيب من حذف المبتدأ الموصول، أي: ما كان كرواية
…
إلخ؛ فكذلك أيضًا، وأمَّا قبل «دونها» فيجري على طريقة الجمهور فيهما، وهكذا قوله بعد: «ودُونَهما [في]
(3)
الرُّتبة إلخ».
و «بُرَيد» : ثقةٌ عدْلٌ يُخْطئ قليلًا؛ فلأجْل خطئه -وإنْ قَلَّ- نَزَل عن أهل الرُّتبة العليا، ولقِلَّته ارتفع عن أهل الرُّتبة الدُّنيا، ولثُبوت تمام الضَّبْط في الجُملة أُسوة أمثاله حيثُ لم يَفْحُش خطؤه عُدَّ حديثُه في الصَّحيح، على ما مَرَّ في إيضاح الضَّبْط، وبهذا يَسقُط قول (ب): «لقائل أنْ يقول: إنْ كان
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
في (هـ): [المرتبة [.
(3)
في (ب) و (هـ): [من [.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
[بُريد عبد الله
(1)
تامَّ الضَّبْطِ فلا يَصِحُّ جعْلُه في المرتبة الدُّنيا، و (أ/61) إنْ لم يِكُن تامَّ الضَّبْط فليس حديثُه بالصَّحيح فلم يَدخُل في أصل المُقْسَم» انتهى؛ لأنَّ ما قاله مبنيٌّ على تَوقُّفه في معرفة تمام الضَّبْط، وقد أشرنا إلى إيضاحه حسَبَ الطاقة كما مَرَّ؛ فليُنَزَّل على أصحاب هذه المراتب، فلا إشكال.
تنبيه:
قال (ب) كلامًا يُنتفَع به في كلام الشَّارح أحبَبْنا إيرادَه؛ تتميمًا لمراده، ولفظه:«الزُّهْرِيُّ» هو ابن (هـ/72) شِهابٍ، أبو بكرٍ الحافظ، مُتَّفَقٌ على جلالته وإتقانه، و «سالم بن عبد الله بن عمر» أحد الفقهاء السبعة، ثبْتٌ عَدْلٌ فاضِلٌ، وابن سِيرينَ «محمد بن سِيرين» أبو بكر الأنصاريُّ، ثقة ثبْتٌ عابدٌ كبيرُ القَدْر، وكان لا يروي الرِّوايةَ بالمعنى، و «عَبِيدة» بفتح العين، السَّلْماني -بسكون اللام وتفتح-، تابعيٌّ كبيرٌ مخَضْرمٌ، و «إبراهيم النَّخَعي» ابن أخت عَلْقمة، و «عَلْقمة» أبو شِبْلٍ النَّخَعيُّ الكَرْخيُّ، صاحبُ ابنِ مسعودٍ، وُلد في حياة الرسول، ثقة ثبْتٌ فقيهٌ عابِدٌ، و «بُريد» بضم الموحَّدة ثُمَّ راء مهملة، ثقةٌ يخطئ قليلًا، وهو «ابن عبد الله بن أبي بُردة» ، روى «عن جَدِّه» أبي بُردة «عن أبيه» أبي موسى الأشعريِّ، واسمه: عبد الله بن قيس، و «حماد بن سلمة» وهو ابن دِينارٍ البَصريُّ، ثقةٌ عابدٌ،
(1)
في (هـ): [يريد بن عبد الله [، وفي (ب): [بن عبد الله].
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وهو أثبَتُ النَّاس في ثابتٍ إلَّا أنَّه تَغيَّر حِفظُه] بأَخَرَةٍ
(1)
، و «ثابت» هو البُنانيُّ، ثقةٌ عابدٌ، و «سُهيل» هو ابن أبي صالح، صدوقٌ تَغيَّر حفظُه] بأَخَرَةٍ]
(2)
، روى له البخاريُّ مقرونًا وتعليقًا، وأبوه: أبو صالحٍ، هو ذَكوانُ السَّمَّانُ الزيَّات المَدينيُّ، ثقة ثَبْتٌ، و «العلاء» هو ابن عبد الرحمن بن يعقوب، أبو شِبْلٍ المدَنيُّ، مَولى الحُرَقة من جُهينَة، صدوقٌ، وأبوه: عبد الرحمن، ثقةٌ، و «محمد بن إسحاق» ابن يَسَار المُطَّلبيُّ، مولاهم المَدنيُّ، أبو بكرٍ، نزيل العراق إمام المَغازي، صدوقٌ يُدَلِّس ورُمي بالتشيع، و «عاصم بن عُمر بن قتادة» ابن النعمان] الأوسي]
(3)
، وهو ثقةٌ عالم بالمَغازي، و «عَمرو بن شُعَيب» ابن محمد، أبو عبد الله بن عَمرو ابن] العاص]
(4)
صدوقٌ، وأبو شعيب صدوقٌ، «عن جَدِّه» عبد الله بن عمرو.
(1)
في (أ) و (ب): [بأخره [.
(2)
في (أ) و (ب): [بأخره [.
(3)
في (هـ): [الأومي [.
(4)
صحف في (ب) و (هـ): [الفاسي [.
فإِنَّ الجَميعَ يشمَلُهُم اسمُ العَدالَةِ والضَّبْطِ؛ إِلَّا أَنَّ للمَرْتَبَةِ الأُولَى مِنَ الصِّفاتِ المُرَجِّحَةِ ما يَقْتَضي تقديمَ روايتِهِم عَلَى الَّتي تَليها، وَفِي الَّتي تَليها مِنْ قُوَّةِ الضَّبْطِ ما يَقْتَضي تقديمَها على الثَّالِثَةِ، وَهِيَ مُقَدَّمةٌ على رِوَايةِ مَن يُعَدُّ مَا يَنْفَرِدُ بِهِ حَسنًا؛ كمحمَّد بنِ إِسحاقَ، عَن عاصمِ بنِ عُمرَ، عن جابرٍ، وعمروِ بنِ شُعَيْبٍ، عنْ أَبيهِ، عَنْ جَدِّهِ.
وَقِسْ على هَذِهِ المراتِبِ ما يُشْبِهُها.
[قوله]
(1)
: «فإنَّ الجَمِيعَ يَشْمَلُهُمُ اسْمُ العَدَالَةِ والضَّبْطِ» : قال (ق)
(2)
: «هذا ظاهرٌ في أنَّ المُعتَبَر في حَدِّ الصَّحيح] مُطلَقُ]
(3)
الضبط لا الموصوف بالتَمَام» انتهى. قلتُ: أمَّا أولًا: فما قاله ممنوعٌ لجَعْل ما مَرَّ قرينة على إرادة] المضاف]
(4)
، أي: وتمام الضَّبْط، وأمَّا ثانيًا: فـ: «أل» في «الضبط» للعهد أو للكمال، وأمَّا ثالثًا: فلو سَلَّمْنا له] ما]
(5)
هوَ مُدَندِنٌ على اعتباره من مطلق الضبط؛ فماذا يقول في الحديث الحَسَن، كيف يَتميَّزُ عنده من الصَّحيح؟ مع فَرْق القوم بيْنهما بهذا
(6)
.
[قوله]
(7)
: «إِلَّا أَنَّ للمَرْتَبَةِ الأُولى» : أي: لأهلها، من زيادة «الصفات المُرَجِّحة» هي زيادة العَدالة والضبط في الجملة.
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
حاشية ابن قطلوبغا على شرح نخبة الفكر (ص 50).
(3)
في (هـ): [مطلقا [.
(4)
في (هـ): [على جعل المضاف إرادة المضاف [.
(5)
زيادة من: (أ) و (ب).
(6)
قضاء الوطر (2/ 696).
(7)
زيادة من: (أ) و (ب).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
[قوله]
(1)
: «على الَّتي تَلِيها
(2)
»:
أي: على رواية أهل المرتبة التي تليها.
قوله: «مِنْ قوَّةِ الضَّبْطِ» :
أي:] و]
(3)
زيادة العدالة.
[قوله]
(4)
نائب فاعل «يُعَدُّ» وهو مفعوله الأول.
وقوله: «حَسَنًا» هو مفعوله الثاني.
[قوله]
(5)
: «عاصِم بن عُمَر» :
يعني: ابن الخطاب.
[قوله]
(6)
: «عن جَدِّه» :
هو عبد الله بن عَمرو بن العاص
(7)
.
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
في (هـ): [يليها [.
(3)
زيادة من (أ).
(4)
زيادة من: (أ) و (ب).
(5)
زيادة من: (أ) و (ب).
(6)
زيادة من: (أ) و (ب).
(7)
قضاء الوطر (2/ 697).
والمرتَبَةُ الأُولَى: هِيَ الَّتي أَطلَقَ عليها بعضُ الأئمَّةِ أَنَّها أَصحُّ الأسانيدِ، والمُعْتَمَدُ عَدمُ الإِطلاقِ لترجَمةٍ مُعيَّنةٍ منها.
نَعمْ، يُستَفَادُ مِن مجموعِ ما أَطلقَ الأئمَّةُ عليهِ ذَلكَ أَرجَحِيَّتُهُ على ما لَمْ يُطْلِقوهُ.
[قوله]
(1)
أي: أنَّ أهْلَ المرْتَبة الأُولى [هي]
(2)
التي رتبته انحصار ما أطلق عليه بعض الأئمة أنَّه أصحُّ الأسانيد [في أهْل المرْتَبة الأولى وهو كذلك، وما فاته من ذِكْر تقييد أهلها ممن أطْلَق عليه بعض الأئمة أنَّه أصحُّ الأسانيد]
(3)
ممن أشرنا إليه فيما مَرَّ، أشار إلى إدخاله بالكاف التي أدخلها على ابن شِهابٍ ثَمَّةَ؛ فظهر ممَّا قرَّرْناه أنَّ المراد بالمرتبة الأولى: المرتبة العُليا، والبعضُ الذي أَطْلَقَ الأصَحِّيَّة منهم، وكذا مَن أطْلَقَها هو عليه، وتفصيلها ما ذكرناه أولًا، ومِنَ [المُوهِم]
(4)
هنا حَمْلُها على خُصوص ابن شِهابٍ، وبعض الأئمة على خُصوص أحمدَ، قاله (هـ)
(5)
.
وفي كتابة: وإنَّما كَرَّر المرتبة الأولى؛ لأجْل حكاية الخلاف، وترجيحِ عدم الإطلاق.
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
زيادة من (ب).
(3)
زيادة من: (أ) و (ب).
(4)
في (هـ): [الوهم [.
(5)
قضاء الوطر (2/ 697).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
[قوله]
(1)
: «و المُعْتَمَد
…
إلخ»:
هذا مقابل قوله أولًا: «فمِن المرْتَبة العليا في ذلك ما أَطْلَق عليه بعضُ الأئمة أنَّه أصحُّ الأسانيد» ، وقال (هـ)
(2)
: يعني أنَّ المُعْتَمَدَ عليه من مذاهب المحدِّثين عَدَمُ الإطلاق على رجال ترجمةٍ معيَّنة أنَّها أصحُّ الأسانيد؛ لِمَا مَرَّ من تعذُّر الاطِّلاع على ارتفاع جميعِ رجاله ترجمة واحدة إلى أعلى صفات الكمال من بين سائر الرجال في جميع الخصال. (هـ/73)
تنبيه:
ليس في هذا التعليل ما يُشعِرُ بأكثر من] أنَّ]
(3)
الخوض في ذلك مَشقَّة على النَّفْس؛ فيكون الإمساك (أ/62) عن ذلك أَولى لا واجبًا، وفي كلام ابن الصَّلاح ما يُفيد أنَّه عَبث، وفي كلام المؤلِّف ما يُفيد أنَّه ممنوعٌ، وهو مُحْتمل للمَنْعِ اللُّغويِّ [أو]
(4)
الصِّناعيِّ، وفي المقام تَأمُّل [
…
]
(5)
، بعضُها يُفيد أوْلوية
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
المصدر السابق.
(3)
زيادة من (هـ).
(4)
زيادة من هامش (أ) و (هـ).
(5)
في (أ)[لا في ما وقعت لهم فيه الأعلى عبارات متعارضة]، وهو سياق غير مستقيم.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الإمساك، وبعضُها يُفيد وجوبه، وعبارة الحاكم في علوم الحديث
(1)
: «لا يُمكن أنْ يُقطَع الحُكْمُ في أصحِّ الأسانيد لصحابيٍّ واحدٍ» .
[قوله]
(2)
: «ما أطْلَقَه عليه الأئمَّةُ» :
أي: جنسُهم كما يُعلم مما مَرَّ، واسم الإشارة من:«ذلك» راجع إلى «أصحِّ الأسانيد» .
تتمة:
تكلَّمَ المؤلِّف على أصحِّ الأسانيد، وما تكلَّم على أوهاها؛ اقتصارًا على الأهم، وإلا فقد قال الحاكم
(3)
وغيرُه: أوهَى أسانيد أبي هريرة: السَّري بن إسماعيل، عن داودَ بن يزيد الأزدي، عن أبيه، عن أبي هريرة، وأوهى أسانيد ابن مسعود: شَريكٌ، عن أبي فَزارة
(4)
، عن أبي زيد
(5)
، عن ابن مسعود، وأوهى أسانيد أنس: داود بن المُحَبَّر، عن أبيه، عن أبَانِ بن أبي عَيَّاشٍ، عن أنسٍ. وفائدته: ترجيح
(1)
معرفة علوم الحديث (ص 228).
(2)
زيادة من: (أ) و (ب).
(3)
معرفة علوم الحديث (ص 231)، وما بعدها.
(4)
في (هـ): [قرارة [.
(5)
صحف في (ب) و (هـ): [زلا [.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بعضِها على بعضٍ، وتمييزُ ما يصلح للاعتبار ممن لا يصلح.
[قوله]
(1)
بأنْ قيَّدُوه بقولهم: أصحُّ الأسانيد عن فلانٍ، أو أصحُّ أسانيد فلان، أو أهْل البصرة،] أو]
(2)
آل البيت، ويُحْتمل أنَّ الأصْل «على ما لم يُطلِقوه» أي:
أصحُّ الأسانيد عليه؛ ففي العبارة حذفٌ، وهو غير مستقيم؛ لِمَا عُلِم ممَّا مَرَّ، وسيأتي أيضًا، فالصواب الأول؛ فلا تَعارُض أصلًا، قاله (هـ)
(3)
.
وفي كتابة: أي: ما لم يُطْلِقوه عليه أنَّه أصحُّ الأسانيد، فيقدر في عبارة المتن:«عليه» بعد «يطلقوه» ، وإنما حُذف العائد المجرور؛ لأنَّه جُرَّ بحرفٍ جُرَّ به الموصول.
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
زيادة من (أ).
(3)
قضاء الوطر (2/ 700).
ويَلْتَحِقُ بهذا التَّفاضُلِ ما اتَّفَقَ الشَّيخانِ على تَخريجِهِ بالنِّسبةِ إِلى ما انْفَرَدَ بِهِ أَحَدُهُما، وما انْفَرَدَ بهِ البُخاريُّ بالنِّسبةِ إلى ما انْفَرَدَ بهِ مُسْلمٌ؛ لاتِّفاقِ العُلماءِ بَعْدَهُما على تَلقِّي كِتابَيْهِما بالقَبولِ، واختِلافِ بعضِهِم على أَيِّهِما أَرْجَحُ، فما اتَّفقا عليهِ أَرجَحُ مِن هذهِ الحيثيَّةِ ممَّا لم يتَّفقا عليهِ.
وقد صَرَّحَ الجمهورُ بتقديمِ «صَحِيحِ البُخاريِّ» في الصِّحَّةِ، ولم يوجَدْ عنْ أحدٍ التَّصريحُ بنقيضِهِ.
قوله: «[ويَلْتَحِقُ]
(1)
…
إلخ»:
ظاهره أنه دون ما قيل فيه: «أنَّه أصحُّ الأسانيد» ، وهو يخالف ما مَرَّ وما يأتي، ثُمَّ إنَّه يكون أعلى من [الرُّتبة]
(2)
الثانية والثالثة، لا أنَّه دونهما كما يوهمه عبارته؛ لأنَّه قد تقرَّر أنَّه لم يذهب أحدٌ إلى علو غيره إلا ما قيل: إنَّه أصح الأسانيد.
وقال (هـ)
(3)
: «ويَلْتِحِقُ
…
إلخ» هو كالتوطئة والتمهيد لقوله الآتي
(4)
: «ومِنْ ثَمَّةَ قُدِّم صحيحُ البخاريِّ
…
إلخ»، ثُمَّ يُحْتمل أنَّ المراد بـ «التفاضل»: التفاوتُ، ويُحْتمل أنَّ المراد به: ما يُستفاد من إطلاق كلٍّ من الخائضينَ في أصح الأسانيد] بأنَّ]
(5)
ترجمة كذا أصَحُّ، ويُحْتمل أنَّ المراد به: التفضيلُ بمعنى الترجيح، ولا يخفى أنَّ معنى الالتحاق: أنَّ ما اتَّفَقا عليه وكان من المرتبة
(1)
في (هـ): [يلحق [.
(2)
في (هـ): [المرتبة [.
(3)
قضاء الوطر (2/ 701).
(4)
في (ب) زيادة [لم قدم].
(5)
في (ب) و (هـ): [فإن [.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الأولى كان مقدَّمًا على ما اتفقا عليه وكان من المرتبة الثانية، وكذا ما انفرد به أحدُهما وكان من حديث أهل المرتبة الأولى على ما انفرد به الآخر وكان من حديث أهل المرتبة الثانية، وهلُمَّ جَرًّا؛ دفعًا للتعارض، ولكن يُشكِل على إطلاقهم: أنَّ ما انفرد به البخاريُّ مقدَّمٌ، وأجيبَ بما يأتي من أنَّه: يَعْرِضُ للمَفُوق ما يُصيِّرُه فائقًا.
[قوله]
(1)
: «ما اتَّفَقَ الشَّيخان
…
إلخ»:
يُقَيَّد بغير ما انتقده النَّاس عليهما، وذلك اثنان وثلاثون حديثًا، كما يُقَيَّدُ:«ما انفرَد به البخاريُّ» بغير ما انتقده الناس عليه، وذلك ثمانية وسبعون حديثًا، و «ما انفرَد به مُسلِمٌ» يُقدَّم على الظاهر على] ما]
(2)
عند غيرهما سوى ما انتقدَه النَّاس، وذلك مئة حديث. وخَرَج بقوله:«على تخريجه» أي: سندًا متصلًا مرفوعًا ما لم يخرجاه كذلك من التعاليق والتراجم، وأقوال الصحابة والمفسرين، مما هو في البخاريِّ كثيرٌ، وفي مُسْلِم قليلٌ، وهذا هو (هـ/74) المُسمَّى بـ:«المُتَّفَق عليه» أي: بين الصحيحين لا الأمَّة، وإنْ لَزِم اتفاقُها عليه؛ لتلقِّيها لكتابيهما بالقَبول
(3)
.
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
في (ب) و (هـ): [مما [.
(3)
قضاء الوطر (2/ 703).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
[قوله]
(1)
أي: ومن حيث تلقِّي كتابيهما بالقَبول، وقد يَعْرِضُ عارِضٌ يَجْعَل المَفُوق فائقًا، قاله المؤلِّف، كما قاله (ق)
(2)
، قلتُ: فيكون من حَيثيَّةٍ أخرى وهو المفهوم من «الحَيثيَّة» . وقوله: قال المؤلف، أي: قال: «وقد يَعرِض
…
إلخ».
[قوله]
(3)
: «فيُقَدَّم صحيحُ البُخاريِّ» :
حَذَف المعمول؛ ليُؤْذِن بالعموم، أي: على كلِّ ما سِواه حتى الموطأ، ويُحْمَل قولُ الشافعيِّ:«ما على وجه الأرض بعد كتاب الله أصحُّ من كِتاب مالكٍ»
(4)
على أنَّه قاله قبل وجُودهما؛ لإدخاله فيه: البلاغات، والمراسيل، وغيرها.
[قوله]
(5)
: «بنَقِيضِه» :
أي: لم يُصرِّح أحدٌ بتقديم غيره عليه في الصحة.
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
حاشية ابن قطلوبغا على شرح نخبة الفكر (ص 52).
(3)
زيادة من: (أ) و (ب).
(4)
تذكرة الحفاظ (1/ 208)«وقال الشافعي ما في الأرض كتاب في العلم أكثر صوابا من موطأ مالك» . ينظر: شرح التبصرة والتذكرة، للعراقي (1/ 115)، النكت على كتاب ابن الصلاح، لابن حجر (1/ 279).
(5)
زيادة من: (أ) و (ب).
وأَمَّا ما نُقِلَ عَن أبي عليٍّ النَّيْسابوريِّ أَنَّهُ قَالَ: «ما تَحتَ أَديمِ السَّماءِ أَصحُّ مِن كِتَابِ مُسْلمٍ» ، فلمْ يُصَرِّحْ بكونِهِ أَصحَّ مِن «صحيحِ البُخاريِّ» ؛ لأَنَّهُ إِنَّما نَفَى وُجودَ كِتَابٍ أَصحَّ مِن كتابِ مسلمٍ؛ إِذ المَنْفِيُّ إِنَّما هُو ما تَقْتَضيهِ صيغَةُ «أَفْعَلَ» من زِيادَةِ صِحَّةٍ في كتابٍ شارَكَ كتابَ مُسْلمٍ في الصِّحَّةِ، يَمْتازُ بتلكَ الزِّيادَةِ عليه، ولم يَنْفِ المُساواةَ.
وَكَذلكَ ما نُقِلَ عنْ بعضِ المَغارِبَةِ أَنَّهُ فَضَّلَ «صَحيحَ مُسْلمٍ» على «صحيحِ البُخاريِّ» ، فَذَلكَ فيما يرجِعُ إِلى حُسْنِ السِّياقِ، وجَوْدَةِ الوَضْعِ والتَّرتِيبِ.
ولم يُفْصِحْ أَحدٌ منهُم بأَنَّ ذَلكَ راجِعٌ إِلى الأَصحِّيَّةِ، ولو أَفْصَحوا به لَردَّهُ عَليهِمْ شاهِدُ الوُجودِ.
[قوله]
(1)
: «أَدِيم السَّماءِ» :
الأديم: الجلد المدبوغ، والمراد هنا: جِرمُ السماء المُشْبِهُ لأديم الحيوان.
قوله: (أ/63)«فلم يُصَرِّحْ» :
أي: لغةً، وإلَّا فتلك الصيغة مفيدة للتفضيل عُرْفًا؛ لأنَّ عُرْف زمانهم كان موافقًا للغة.
[قوله]
(2)
: «لأَنَّهُ إِنَّما نَفَى
…
إلخ»:
هذا مبنيٌّ على أنَّ النَّفي إذا دخل على كلام مُقَيَّدٍ بقَيْدٍ تَوَجَّه إلى ذلك القَيْد، وهو [غير]
(3)
مُتعَين عندهم عند الإطلاق، بل يجوز رجوعُه للمُقيَّد أيضًا، كما يجوز
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
زيادة من: (أ) و (ب).
(3)
في (ب) و (هـ): [على [.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
رجوعه لها جميعًا، وإنَّما النِّزاع في أكثر ما يأتي في الاستعمال عند الإطلاق، غير أنَّ الشَّارح لَمَّا كان في مقام المَنع لم يَضُرَّه هذا؛ لأنَّ مراده حاصلٌ معه
…
إلخ.
[قوله]
(1)
: «] مِن]
(2)
»:
زيادة بيانٌ لـ «ما» من: «ما يَقْتَضيه» . وقوله: «يَمْتاز» أي: الكتاب المُشارِك.
[قوله]
(3)
: «بعضِ المَغارِبَةِ» :
نقل أبو مَرْوانَ الطُّبْنيُّ -بضم المهملة و] سكون]
(4)
الموحدة ثُمَّ نون-
(5)
أنَّ بعض مشايخه كان يُفضِّل صحيح مُسلِم، وقصد المؤلِّف بعَزْوه لبعض المغاربة الرَّدَّ على مَن عَزاه لابن حزم
(6)
.
[قوله]
(7)
: «فذلك
…
إلخ»:
تسليمٌ للناقل، وكان اللائقُ أنْ يَمْنع أولًا النَّقل حتي يَثبُت بنصٍّ صريحٍ بطريقٍ صحيح؛ فيقول: لا نُسلِّم أنَّه فَضَّله عليه، ويُمكن أنْ تكون عبارتُه تُوهِم التفضيل، ففَهِم منها النَّاقلُ عنه ذلك؛ فجَزَم به بحَسَب فَهمِه ونقَلَه عنه.
[قوله]
(8)
: «شاهِدُ الوُجودِ» :
أي: الوجود الشاهد بأرجحيَّةِ البخاريِّ في الصِّحة على مُسْلِم.
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
في (هـ): [مع [.
(3)
زيادة من: (أ) و (ب).
(4)
في (ب) و (هـ): [إسكان [.
(5)
عبد الملك بن زيادة الله الطبني (457 هـ). ينظر: نفح الطيب (2/ 252).
(6)
أفاد في قضاء الوطر (2/ 688)، أن ابن قطلوبغا هو الذي نقله عن الحافظ.
(7)
زيادة من: (أ) و (ب).
(8)
زيادة من: (أ) و (ب).
فَالصِّفاتُ الَّتي تَدورُ عليها الصِّحَّةُ في كتابِ البُخاريِّ أَتمُّ منها في كتابِ مسلمٍ وأَشَدُّ، وشرطُهُ فيها أَقوى وأَسَدُّ.
أَمَّا رُجْحَانُهُ مِن حيثُ الاتِّصالُ؛ فلاشْتِراطِهِ أَنْ يكونَ الرَّاوِي قَدْ ثَبَتَ لهُ لِقاءُ مَنْ رَوَى عنهُ ولَو مَرَّةً، واكْتَفى مُسْلِمٌ بمُطْلَقِ المُعاصَرَةِ، وأَلْزَمَ البُخاريَّ بأَنَّهُ يحتاجُ إِلى أَلَّا يقْبَلَ العَنْعَنَةَ أَصلًا!
[قوله]
(1)
: «فالصِّفاتُ» :
مبتدأ، خبره:«أتَمُّ» .
وقوله: «في كِتابِ البُخاريِّ» :
حال من الضمير في: «أتَم» ، إنْ لم يُجعل حالًا من المبتدأ على رأي سيبويه.
وقوله: «في كِتابِ مُسْلِمٍ» :
حال من ذلك الضمير أيضًا، وعلى هذا فالصفات مُفضِّلةٌ ومُفضَّلٌ عليها باعتبارين.
[قوله]
(2)
: «] التي]
(3)
[تدور]
(4)
[عليه]
(5)
الصحة»:
هي التي تُوجَد الصِّحة حيثُ وُجِدَت، وتنتفي حيثُ انتفت.
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
زيادة من: (أ) و (ب).
(3)
في (هـ): [الذي [.
(4)
في (هـ): [يرووا [.
(5)
في (هـ): [عليها [.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
[قوله]
(1)
: «] وأَشَدُّ]
(2)
»:
أي: أقوى تمكُّنًا في موصوفتها، وهو عطف على «أتَم» .
وقوله: «وشَرْطُهُ فيها أَقوى وأَسَدُّ» :
من السَّداد، بمعنى الصواب، ثُمَّ يُحتمل أنَّ العطف من باب عطف الجُمَل، ويُحْتمل أنَّه من باب عطف المفردات، والأوَّلُ أَولى؛ لئلا يَلزَمَ العطفُ على معموليْ عاملين مختلفين.
وفي كتابة: «أَشَدُّ» [بإعجام]
(3)
[السين]
(4)
«وَأَسَدُّ» التي بعد «أقوى» بإهمال السين، ولو قُرئ بالعكس لكان حسنًا؛ إذ يكون المعنى أتَمَّ وأبْعَدَ عن الخَلَل، ويكون «أَشَدُّ» معطوفًا على «أقوى» عطف تفسيرٍ.
[قوله]
(5)
: «أمَّا رُجحانُهُ» :
أي: أمَّا بيان رجحان صحيح البخاري.
وقوله: «فلاشْتِراطِهِ» :
أي: البخاريِّ نفْسِه؛ ففي الكلام شِبْهُ استخدام.
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
في (هـ): [اشتد [.
(3)
في (ب) و (هـ): [إعمام [.
(4)
في (ب) و (هـ): [التبين [.
(5)
زيادة من: (أ) و (ب).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
[قوله]
(1)
: «فلاشْتِراطِهِ أَنْ يكونَ الرَّاوِي قَدْ ثَبَتَ لهُ لِقاءُ مَنْ رَوَى عنهُ» :
مراده باللقاء: السَّمَاعُ؛ فإنَّه كناية عنه، ثُمَّ المراد: أنْ يَسمَعَ ولو [مرةً]
(2)
لذلك الحديث التنازع فيه أو لغيره؛ فيكون في كلِّ ما يرويه عنه محمولًا على سماعه منه، وإلا لكان مُدلِّسًا بعدم ذكره الواسطة، والفَرْض أنَّه لم (هـ/75) يُعْرَف بالتدليس
(3)
.
[قوله]
(4)
: «] بِمُطْلَق]
(5)
…
إلخ»:
أي: فهو عنده محمول على الاتصال، وإنْ لم يأتِ في خبرٍ قطُّ أنهما اجتمعا أو تشافَها، قال ابن الصَّلاح
(6)
: «وفيما قاله نَظَرٌ» أي: لأنَّهم كثيرًا ما يُرسِلون عمن عاصروه ولو لم يلقوه؛ فاشتراط لُقِيِّهِما لتُحْمل العنعنة على السَّمَاع.
[قوله]
(7)
: «] أن]
(8)
لا [يَقْبَل]
(9)
العَنْعَنَة»:
هي مصدر: عَنْعَن الحديث؛ إذا رواه بصيغة: عن فلان، وفي الكلام حَذْفٌ،
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
في (أ) زيادة [كان].
(3)
قضاء الوطر (2/ 714).
(4)
زيادة من: (أ) و (ب).
(5)
في (هـ): [مطلق].
(6)
معرفة علوم الحديث (ص 66).
(7)
زيادة من: (أ) و (ب).
(8)
في (هـ): [أي].
(9)
في (هـ): [يقبله].
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أي: حديث العنعنة إلخ، وفي بعض النسخ:«المُعَنْعَنَة» أي: الأحاديث المُعنعَنة، أي: المروية بكلمة «عن» .
وقال (ب)
(1)
: أي: «الأحاديث التي رَواها مَن ثبت لقاؤه لشيخٍ عن ذلك الشيخ بصيغة «عَنْ» ، وإنَّما يلزمُه عدمُ ثبوتها؛ لاحتمال أنْ يرويَ ذلك الذي أتى بصيغة «عَنْ» عن شيخه الذي ثبت لقاؤه له ما لم يسمعْه منه» انتهى، وهو جيِّد.
وفي كتابة: فإنْ قلتَ: كيف يَقبَلُ مُسلِمٌ العنعنةَ مع أنه يشترط المعاصرة دون اللُّقِيِّ مع احتمال عدم السَّمَاع منه؟ قلت: لَمَّا كان الكلام مفروضًا في غير المدَلِّس انتفى الاحتمال المذكور.
(1)
قضاء الوطر (2/ 715).
وما أَلْزَمَهُ بهِ ليسَ بلازِمٍ؛ لأنَّ الرَّاويَ إِذا ثبتَ لهُ اللِّقاءُ مَرَّةً، لا يَجْري في رواياتِهِ احْتِمالُ أَلَّا يكونَ قد سَمِعَ منهُ؛ لأنَّهُ يلزمُ مِن جَريانِهِ أَنْ يكونَ مُدَلِّسًا، والمسأَلةُ مَفروضَةٌ في غير المُدَلِّسِ.
[قوله]
(1)
: «احْتِمالُ أَلَّا يَكونَ قد سَمِعَ منهُ» :
إنْ أراد عقلًا فممنوعٌ، وإن أراد غيره فيجري مثله فيما قاله مُسلِمٌ في اشتراطه المعاصرة دون اللقاء؛ فلا يكون ما اعتبَره البخاريُّ أتمَّ وأقوى مما شَرَطَه مُسلِم، ويُجاب بأنَّ: اللُّقيَّ يَترَجَّحُ معه جانبُ السَّماع [ما لا يَترَجَّحُ]
(2)
مع المعاصَرة.
[قوله]
(3)
: «والمسأَلةُ مَفروضَةٌ في غير المُدَلِّسِ» :
أي: لأنَّ غيرَه لا يُطلِق ذلك إلا فيما سَمِعَه، فإذا (أ/64) ثبت التلاقي غَلَبَ على الظَّنِّ الاتصالُ، والباب مبنيٌّ على غلبة الظَّنِّ] فاكتفينا]
(4)
به، وليس هذا المعنى موجودًا فيما إذا أمكن التلاقي ولم يَثْبُت؛ فإنَّه لا يَغلب على الظَّنِّ الاتصال.
تنبيه:
فاعل «أَلْزَم» في الموضعين: «مُسْلِمٌ» ، والباء من:«به» بعد «أَلْزَم» صِلَةٌ، على حَدِّ قول القائل: لا يَقرْن بالسُور.
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
زيادة من (ب).
(3)
زيادة من: (أ) و (ب).
(4)
في (ب) و (هـ): [فالتفتنا].
وأَمَّا رُجْحَانُهُ مِنْ حيثُ العَدالَةُ والضَّبْطُ؛ فَلأنَّ الرِّجالَ الَّذينَ تُكُلِّمَ فيهِم مِن رجالِ مُسلِمٍ أَكثرُ عَددًا مِن الرِّجالِ الَّذينَ تُكُلِّمَ فيهِم مِنْ رجالِ البُخاريِّ، مَعَ أَنَّ البُخارِيَّ لَمْ يُكْثِرْ مِن إِخراجِ حَديثِهِمْ، بَلْ غَالِبُهُمْ مِن شُيُوخِهِ الَّذينَ أَخَذَ عنهُم، ومَارَسَ حَديثَهُم بخِلافِ مُسلمٍ في الأمْرَينِ.
وأَمَّا رُجْحانُهُ مِن حيثُ عدمُ الشُّذوذِ والإِعلالِ؛ فلأنَّ ما انْتُقِدَ على البُخاريِّ مِن الأَحَاديثِ أَقلُّ عَددًا مِمَّا انْتُقِدَ على مُسْلِمٍ.
[قوله]
(1)
: «تُكُلِّمَ
…
إلخ»:
«تُكُلِّم» في الموضعين مبنيٌّ للمفعول، والمراد به: الجَرْح والقَدْح، وذلك كـ: مَطر الورَّاق، وبَقيَّةَ، [و]
(2)
ابنِ إسحاق، ونُعمان بن راشدٍ، وغيرِهم، فإن الذين انفرَد البخاريُّ بالإخراج عنهم دون مُسْلِمٍ: أربعُ مئةٍ وبضعة وثمانون، المُتَكَلَّم فيهم بالضَّعف: ثمانون، ومَن انفرد مُسْلِمٌ بالإخراج له: ست مئة وعشرون، المُتَكَلَّم فيهم بالضعف: مئة وستون. والتخريج عمن لم يُتَكَلَّم فيهم أصلًا أَولى منه عمن تُكُلِّم فيه. فإنْ قلتَ: ذِكْرُ هؤلاء الضعفاء يُنافي التزامه الصِّحَة! قلتُ: لم يذكرهم على طريق الاحتجاج، بل على طريق المتابَعة و] الاستشهاد]
(3)
، وذُكِروا فيهما لعلوِّ الإسناد، أو: هم ضعفاء عند غيرهما ثقاتٌ عندهما. فإن قلتَ: الجَرَح مُقَدَّمٌ على التعديل، قُلْنَا: هو مَشْرُوطٌ ببيان السَّبَبِ كما
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
زيادة من (أ).
(3)
في (ب) و (هـ): [الإشهاد].
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
حكاه النَّوويُّ عن ابن الصَّلاح
(1)
وَأقَرَّه، كذا قيل! ولا يَخْفاك أنَّ مُسْلِمًا يَذْكُرُهم في الأصول والاحتجاجات بخلاف البخاريِّ، وفيه نَظَرٌ؛ فإنَّ البخاريَّ أخرج لعِكرمةَ احتجاجًا، ويُمْكِنُ الدَّفْع بأنَّ مُسْلِمًا يُكْثِرُ من ذلك بخلاف البخاريِّ.
[قوله]
(2)
: «مِنْ إِخْرَاجِ حَدِيثِهِم» :
أي: الرواية عنهم، وإنْ كان الإخراجُ والتَّخْريجُ يُستعمَلان أيضًا بمعنى [أخْذ]
(3)
المصنفين الأحاديث من بطون الكتب وروايتها بأسانيدهم، بحيثُ لا يكون مؤلِّفوها واسطةً بينهم وبين شيوخِهم فيها، ولا يَصِيرُون [للأبعد]
(4)
من شيوخ مؤلفيها مع وجود أقرب إلَّا لغرضٍ من عُلوٍّ أوْ زيادةِ] حُكْمٍ مُهِمٍّ]
(5)
كما يأتي مع الفرق بينه وبين التصنيفِ والتأليف آخرَ الكتاب.
[قوله]
(6)
: «بَلْ غَالِبُهُم
…
إلخ»:
قال (ب)
(7)
(1)
مقدمة ابن الصلاح (ص 109)، التقريب والتيسير، للنووي (ص 49).
(2)
زيادة من: (أ) و (ب).
(3)
في (هـ): [أحد].
(4)
في (هـ): [الأبعد].
(5)
زيادة من (هـ).
(6)
زيادة من: (أ) و (ب).
(7)
قضاء الوطر (2/ 717).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قلتُ
(1)
: (هـ/76) لا يَخفاك أنَّ عَدَمَ الجودة إنَّما يُتَصَوَّرُ إذا كان الإضراب إبطاليًّا، وليس هو هنا كذلك، بل هو للانتقال من غَرَضٍ لآخَرَ مع بقاء الغَرَضِ الأوَّل على حالِه
(2)
.
[قوله]
(3)
: «في الأَمْرَينِ» :
الظاهر أنَّهما: الإخراج عنهم، وكونهم ليسوا من شيوخه الذين مارَسَ حديثهم، وليس منهما: كثرة عدد الضعفاء؛ لتصريح الشَّارح بتخالُفِهِما فيه، وإيضاح هذا المحلِّ -كما قال الحازِميُّ
(4)
-: أنَّ شَرْطَ البخاريِّ أنْ يُخَرِّجَ ما اتصل إسناده بالثقات المتْقِنينَ الملازمين لمن أَخَذوا عنه ملازمةً طويلةً، وأنَّه قد يُخَرِّج أحيانًا عن أعيان الطبقة التي [تلي]
(5)
هذه في الإتقان والملازمة لمَنْ رَوَوْا عنه فلم يَلْزَموه إلا ملازمةً يسيرةً، وأنَّ شَرْطَ مُسْلِمٍ أنْ يُخَرِّجَ حديثَ هذه الطبقةِ الثانية، وقد يُخَرِّجُ حديثَ مَن لم يَسْلَمْ من غوائل الجرح إذا كان طويلَ الملازمة لمن أَخَذ عنه؛ كحماد بن [سَلَمةَ]
(6)
في ثابتٍ البُنانيِّ وأيوبَ
…
إلخ.
(1)
الكلام للّقاني رحمه الله.
(2)
قضاء الوطر (2/ 717).
(3)
زيادة من: (أ) و (ب).
(4)
شروط الأئمة (ص 155).
(5)
في (ب) و (هـ): [هي].
(6)
في (ب) و (هـ): [مسلمة].
هَذَا مَع اتِّفاقِ العُلماءِ على أنَّ البُخاريَّ كانَ أَجلَّ مِن مُسْلِمٍ في العُلومِ، وأَعْرَفَ بصِناعةِ الحَديثِ مِنهُ، وأَنَّ مُسلمًا تِلْميذُهُ وَخِرِّيجُهُ، ولم يزَلْ يَسْتَفيدُ منهُ، ويتَتَبَّعُ آثارَهُ حتَّى لقد قَالَ الدَّارَقُطنِيُّ:«لَوْلَا البُخاريُّ لَما راحَ مُسْلِمٌ، ولا جَاءَ» .
[قوله]
(1)
: «في العُلُومِ» :
الظاهر أنَّ المراد بها: علوم الرواية؛ فالعطف بعده تفسيريٌّ، وإلَّا مَدَحَ مُطْلَقًا، سواءٌ كانت من علوم الرواية أو لا؛ كالأصول والفقه والتفسير] و]
(2)
العربية والتواريخ؛ فالعطف بعده من عطف الخاصِّ على العامِّ.
[قوله]
(3)
: «بِصِناعَةِ الحَدِيثِ» :
متعلق بـ: «أَعْرَف» ، قال (ب)
(4)
:
«الصِّناعَة -بالكسر- لغةً: حِرْفَة الصَّانع، وَعَمَلُه: الصَّنْعة، وهي في الاصطلاح: العِلْمُ الحاصل من التَّمَرُّن على العمل» . قلت: قال الجَوهريُّ: «الحِرْفةُ: الصَّنَاعةُ، وهي حِرْفَة الصَّانع وعَمَلُه» انتهى. وقال] العلاء]
(5)
[ابن النفيس
(6)
:
(7)
«] تفسير]
(8)
الصِّناعة: مَلَكةٌ نَفْسانيَّةٌ يُقْتَدر بها على استعمال موضوعاتٍ ما». وفي حواشي مولانا حسين لشرح «هداية الحكمة» ما نصُّه:
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
زيادة من (أ).
(3)
زيادة من: (أ) و (ب).
(4)
قضاء الوطر (2/ 722).
(5)
في (ب) و (هـ): [العلامة].
(6)
زيادة من (أ).
(7)
على بن أبي الحزم، علاء الدين ابن النفيس القرشي (687 هـ). ينظر: شذور الذهب (5/ 401).
(8)
زيادة من (هـ).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
«الصَّنَاعة -بالفتح-: مَلَكةٌ نَفْسَانيَّة يَصْدُر بها أفعالٌ اختياريَّةٌ ذوات آلات موضوعة بلا رَويَّة، وبالكسر: اصطلاح كلِّ فنٍّ
…
إلخ». إذا عَلِمْتَ هذا عَلِمتَ صِحَّةَ أنْ يُراد بالصِّناعة: العِلْمُ، وأنْ يُراد بها: الاصطلاحُ، كما هو بيِّنٌ.
[قوله]
(1)
: «وأنَّ مُسْلِمًا» :
عطف على: «أنَّ البخاريَّ» ، والتلميذ -بالذال المعجمة-: مَن يتعلم مِن الشيخ شريعةً أو طريقة أو حقيقة أو غيرَها من العلوم، والخِرِّيج كالخِرِّيت وزنًا ومعنًى.
وفي كتابة: ولا (أ/65) يَلْزَمُ من ذلك تفضيلُ التصنيف على التصنيف.
[قوله]
(2)
: «و يَتَّبِعُ» :
بوزن يَجْتَمِعُ، عطف على:«يستفيد» ، أي: ولم يزل مُسْلِمٌ يَتَّبِعُ آثار البخاريِّ.
[قوله]
(3)
: «حتى قال
…
إلخ»:
أنت خبيرٌ بأنَّ «حتى» موضوعة للجر والغاية والتعليل والعطف، والظاهر انتفاء الأخيرة كالتعليل، وأما الغاية فلا يَظهر لها وجهٌ إلا بتكَلُّفِ تقدير:
أنَّ مُسْلِمًا اشتُهر تعويلُه واعتِمادُه على ما استفاده من البخاريِّ في حياته وبعد مماته حتى قال الدارقطنيُّ
…
ولا شَكَّ في صحة جعلها غائيَّةً باعتبار الاشتهار والرواح والمجيء، كناية عن التصرف، أي:] لا يتصرف
(4)
لا بتقديم شيء ولا بتأخيره، قاله (هـ)
(5)
.
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
زيادة من: (أ) و (ب).
(3)
زيادة من: (أ) و (ب).
(4)
في (ب) و (هـ): [بما تصرف].
(5)
قضاء الوطر (2/ 724).
ومن ثَمَّ؛ أي: من هذه الحيثيَّةِ - وهي أَرجحيَّةُ شَرْطِ البُخاريِّ على غيرِه - قُدِّمَ «صحيحُ البُخاريِّ» على غيرِه من الكُتُبِ المُصَنَّفةِ في الحديثِ.
ثمَّ «صحيحُ مُسْلِمٍ» ؛ لمُشارَكَتِهِ للبُخاريِّ في اتِّفاقِ العُلماءِ على تَلَقِّي كِتابِهِ بالقَبولِ أَيضًا، سوى ما عُلِّلَ.
[قوله]
(1)
: «ومِنْ ثَمَّ
…
إلخ»:
الأنسبُ بعبارةِ المَتْنِ أنْ يُقالَ: أي: من جهة تفاوُتِ [رُتَبِ]
(2)
الصَّحيح [بتفاوت]
(3)
الأوصاف المعتبَرة فيه؛ «قُدِّم صحيحُ البخاريِّ على غيره من الكُتُب» الحديثيَّة؛ لأرجحِيَّةِ شَرْطِه.
وقال (هـ)
(4)
: «أي: ومن هذه الجهة، وهي أرْجحِيَّةُ
…
إلخ»، قال (ب):«إنَّما الإشارة بـ: «ثَمَّ» إلى جهة تفاوت رُتَب الصحيح بتفاوُتِ أوصاف رُواته وغيرها من شروطه، ولا يَحْسُنُ أنْ يُراد بالمتن جهةُ ما ذَكَر في الشرح» انتهى. قُلتُ: في نفيه الحُسْنَ عما قاله الشَّارح أستاذُه من إساءة الأدب ما أنت به خبيرٌ، وما فعله الشَّارح صوابٌ حَسَنٌ صحيحٌ؛ لأنَّ جميع ما ذَكَرَه في شرح قول المتن: «و] تتفاوت]
(5)
رُتَبُه بتفاوت هذه الأوصاف» كان تفصيلًا لِمَا اندَرَج تحته بطريق
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
في (هـ): [رتبة].
(3)
في (هـ): ب] تفاوت].
(4)
قضاء الوطر (2/ 726).
(5)
في (هـ): [يتفاوت].
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الإجمال، وأَشعَرَ به إشعارًا قويًّا يَقرُب من التصريح، ومن جُملته: أنَّ رتبة صحيح البخاريِّ أجَلُّ وأعلى، وما ذاك (هـ/77) إلَّا لأنَّ شَرْطَه أضيقُ، و] تحرّيَه]
(1)
أحْوطُ، وانتقاده أحزَمُ؛ فأرجحيَّة شَرْط البخاريِّ كانت من جُملة الأوصاف المقتضية للتفاوت، ولا يخفاك أنْ شَرْطَه هنا معناه: المُعتبَر في رجاله الراوي عنهم، وأنْ شَرْطَه الآتيَ معناه المُعتبَرُ في رجال الغير، الراوي ذلك الغير عنهم؛ فقد ظَهَر صحة ما قاله الشَّارح بهذا البيان، وإنَّ وَجْهَ ما قال مِن الحُسْن بمكان، نعمْ ما قاله المُحَشِّي بناه على الظاهر كما لا يخفى على أهل البصائر، لكنْ غَفَل عن تعويله في المَتْن على ما في الشرح وعكسه كما قدَّمناه.
[قوله]
(2)
: «قُدِّمَ صَحيحُ البُخاريِّ» :
المراد: مقاصِدُ صحيحه وموضوعُه ومُتون أبوابه دون التراجم ونحوها، وقال هذا فيما بعده إلى الآخر.
قال النَّوويُّ
(3)
وتَبِع في ذلك ابنَ الصَّلاح، قال المؤلف
(4)
: «وعَدَدْتُها فبلغتْ بالمُكرَّر
(1)
في (ب) و (هـ): [تجريح].
(2)
زيادة من: (أ) و (ب).
(3)
مقدمة شرح النووي على مسلم (1/ 184).
(4)
هدي الساري (1/ 657).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
سوى المتابعات والمعلَّقات: سبعة آلاف وثلاث مئة وسبعة وتسعين، وبدون المُكرَّر: ألفين وخمس مئة وثلاثة عشر»، وجملة ما في مُسْلِمٍ وهو] ثاني مُصنف]
(1)
في الحديث الصحيح -كما قاله النَّوويُّ- بإسقاط المُكرَّر نحو: أربعة آلاف، ويزيد بالمُكرَّر على البخاريِّ؛ لكثرة طرُقه. ولم يَستوعِب الشيخان الصحيحَ، ولا التزما استيعابَه، وفاتَهُما كثيرٌ منه خلافًا لابن الصَّلاح حيث زعم أنَّه لم يَفُتْهُما إلا النَّزْرُ! نعَم الخمسةُ لم يَفُتْها إلا النَّزْرُ.
ويدخل في قوله: «على غَيْرِه» الموطأ، والمراد: على أحاديثِ غيره التي لم تَتواتَرْ، ولم تَعتَضِدْ بما يُصَيِّرُها فائقةً، وإلا قُدِّمت عليه كما مَرَّ
(2)
.
[قوله]
(3)
أي: على ما حوى شرطهما وما بعده.
[قوله]
(4)
: «على تَلَقِّي كِتابِه بالقَبُولِ» :
المراد: من غير [طعنٍ]
(5)
في نسبة ما فيه] لِمَن]
(6)
نُقِل عنه، وذلك لا يستلزم عدمَ مخالفة شيء مما فيهما لتأويل أو لمُعارِضٍ ما هو أرجح منه له.
(1)
في (ب) و (هـ): [ما في مصنفه].
(2)
قضاء الوطر (2/ 729).
(3)
زيادة من: (أ) و (ب).
(4)
زيادة من: (أ) و (ب).
(5)
في (ب) و (هـ): [عطف].
(6)
في (ب) و (هـ): [ممن].
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
[قوله]
(1)
راجع للكتابين كما مَرَّ بيانُه عند قوله: «فلأنَّ ما انتُقِد على البخاريِّ
…
إلخ» ولم يَقُل: وهو يسير! لعلَّه لارتضائه قولَ العراقيِّ اعتراضًا على قول ابن الصَّلاح
(2)
: «سوى أحرُفٍ يَسيرةٍ تَكلَّم عليها بعضُ أهل النَّقد من الحفَّاظ كالدَّارَقُطْنيِّ، وهي معروفة عند أهل هذا الشأن» بقوله في النكت
(3)
: «وقد أجاب
عنهما -أي: الشيخين- العلماءُ، ومع ذلك فليست يَسيرةً، بل كثيرة، وقد جمَعْتُها في تصنيف مع الجواب عنها».
قال شيخ الإسلام
(4)
: «قلت: ما رَدَّ به على ابن (أ/66) الصلاح من أنها كثيرة يُرَدُّ به عليه أيضًا؛ لموافقته له كما مَرَّ، فالأوجَهُ أنْ يُقالَ: إنَّ كثرتها
(5)
في نفْسِها؛ فلا يُنافي في كونها يَسيرٌ بالنظر إلى ما لم يُضعَّفْ في الصحيحين».
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
مقدمة ابن الصلاح (ص 29).
(3)
التقييد والإيضاح (ص 42).
(4)
فتح الباقي (1/ 132).
(5)
في (ب)[إنما هي كثرتها].
ثُمَّ يُقَدَّمُ في الأَرْجَحيَّةِ من حيثُ الأصحِّيَّةُ ما وافَقَهُ شَرْطُهُما؛ لأنَّ المُرَادَ به رُوَاتُهُما مَعَ بَاقي شُرُوطِ الصَّحيحِ، ورُوَاتُهما قد حَصَلَ الاتِّفاقُ على القَوْلِ بتَعديلِهِمْ بِطَرِيقِ اللُّزُومِ، فَهُمْ مُقَدَّمونَ على غَيْرِهم في رِوَايَاتِهمْ، وهذا أَصلٌ لا يُخْرَجُ عَنهُ إِلَّا بدَلِيلٍ.
قوله: «ما وَافَقَه شُرطُهُمَا» :
عندي في هذا التقدير نظرٌ، من جهة اللفظ، ومن جهة المعنى؛ أمَّا الأول: فلأنَّ المراد أنَّ حاويَ شَرْطِهما يُقدَّم، واللائق به: حَذْفُ المضاف وإقامة المضاف إليه مقامَه، لا تقدير الفعل اللازم له حذفه في غير محلِّه، وأمَّا الثاني: فلأنَّ نِسبة الموافقة للطارئ الأضعف أولى [من]
(1)
نسبتها للطارئ الأقوى، ولا شكَّ في سَبْقِ الكتابين في باب الصحيح لغيرهما وتَقرُّرِهما وقوَّتهما.
تنبيه:
قال] الغَزِّيُّ]
(2)
: «قد يأتي إسنادٌ مُلَفَّقٌ من رجالهما؛ فيُظن أنَّه على شرطهما، والحقُّ أنَّه ليس على شرط واحدٍ منهما، مثاله: سِمَاك، عن عِكْرمةَ، عن ابن عباس؛ فإنَّ سِمَاكًا] لم]
(3)
يُخرِّج له البخاريُّ، وعِكْرمة لم يُخرِّج له مُسلمٌ
(4)
.
وقد يشتمل على ثَبْتين أحدهما ضعيفٌ في الآخر، وقد أخرجا (هـ/78) لهما، لكن لذلك المضعَّف مِن غير حديث مَن ضُعِّف فيه؛ فليس أيضًا على
(1)
زيادة من (ب).
(2)
في (ب) و (هـ): [المقري].
(3)
زيادة من: (أ) و (ب).
(4)
قضاء الوطر (2/ 732).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
شرطهما، مثاله: هشام عن الزُهْريِّ، وهَمَّام عن ابن جُرَيجٍ، أخرج الشيخان لهم، لكن لهشام من غير حديث الزُهْريِّ، ولهَمَّام من غير حديث ابن جُرَيجٍ؛ لضَعفِهما فيهما»
(1)
.
[قوله]
(2)
: «لأنَّ المُرادَ رُواتُهُمَا» :
أي: المراد بشَرْطِهما: رجالُهما.
وقوله: «مَعَ باقي شُرُوطِ الصَّحِيحِ» :
متعلق بـ: «قُدِّمَ» أي: قُدِّم ما حوى شرطهما مع باقي شروط الصحيح، وليس من هو جملة معنى شرطهما. وباقي شروط الصحيح هو: نفي الشذوذ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
والعلةِ، واتصالُ السند، وتمام الضبط. وقد يقال: هذا مُندَرِج في رجالهما كما اندَرَج فيه العدالة.
وقال (هـ)
(1)
: «لأنَّ المراد به -أي: بالشرط-: رواتهما، يعني أنَّ الحديث إذا كان في غيرهما لكنَّه مَرْويٌّ برجال الصحيح لا مُطْلَقًا بل بمعنى ما قَدَّمناه آنفًا من التقْييد؛ فإنَّه يُقَدَّم على غيره مما بَعْدَه. واعلمْ أنَّ الناس اختلفوا في شَرْطِ الشيخين: ما هو؟ مع اتفاقهم على أنهما لم يُصَرِّحا بشرط، وإنما استُقرِئ مِن صنيعهما، فقال محمد بن طاهر:
(2)
«شَرْطُهُما: أنْ يكونَ الحديث مُجْمَعًا على ثقةِ نَقَلتِه إلى الصحابيِّ المشهور» ، ورُدَّ بتضعيف النَّسَائيِّ وغيره جماعة من أخرجوا له.
وقال الحازِميُّ
(3)
: «شَرْطُ البخاريِّ: اتصال الإسناد بالثقات المُتقِنينَ الملازِمين لمن أخذوا عنه مُلازَمةً طويلةً
(4)
، وربما خَرَجَ عنه أحيانًا إلى أنْ يلي هذه الطبقة ممن لم يلازِموا إلا مُلازَمة يسيرة، وشرط مُسْلِم: أن يُخَرِّجَ حديث هذه الطبقة الثانية وربما خَرَجَ إلى مَنْ لم يَسْلَمْ من غوائل الجَرْحِ»، وقال النَّوويُّ:«المراد بقولهم: على شَرْطِهما، أنْ تكون رجال إسناده في كتابيهما؛ لأنَّه ليس لهما شَرْطٌ في كتابَيهما ولا في غيرهما» ونحوه
(5)
: ابن الصَّلاح، وابنُ دَقيقِ العِيدِ، والذهبي، وقالوا: إنَّه للحاكم! ورَدَّه العراقيُّ
(6)
بأنَّ: ما فهَموه من كلام الحاكم صرَّح هو
(1)
قضاء الوطر (2/ 734).
(2)
شروط الأئمة الستة (ص 86)، وينظر: المقنع في علوم الحديث (1/ 68).
(3)
شروط الأئمة الخمسة (ص 113)، وينظر: النكت على مقدمة ابن الصلاح، للزركشي (1/ 264).
(4)
في (ب) زيادة [قوله].
(5)
في (ب) زيادة [في].
(6)
شرح التبصرة (1/ 22).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بخلافه، حيث قال في خطبَة المستدرَك:«وإنما أستعين الله على إخراج أحاديثَ رُواتُها ثقات، قد احتج بمثلها الشيخان أو أحدُهما» ، فقوله: بمثلها، أي: بمثل رواتها، لا أنهم أنفسُهُم، ويُحْتمل أنْ يريد: بمثل تلك الأحاديث، وإنَّما يكون مِثلها إذا كانت بنفْس رواتها»، وفيه نظرٌ، قال: «وقد بينتُ المِثْليَّةَ في (الشرح الكبير)
(1)
» انتهى.
وبَيَّن النظر (ب)
(2)
: «بأنَّا إذا سلمنا أنَّ الضمير في «مِثْلِها» يعود على الأحاديث، لا يَلْزَم منه أنَّ المماثَلة لا تحصل إلَّا بالرواية عن أعيان الذين أخرجا لهم أو أحدهما، بل [تكفي]
(3)
المماثَلة، أي: الموازاة في الصِّحة»، ثُمَّ قال:«وعبارة العراقي في «الكبير» : ثُمَّ ما المرادُ بالمِثلِيَّة عندهما أو عند غيرهما؟ فقد يكون بعضُ مَن لم يُخَرَّجْ عنه في الصَّحيح مِثلَ مَن خُرِّجَ عنه فيه، أو أعلى منه عند غير الشيخين ولا يكون الأمرُ عندهما على ذلك؛ فالظاهر أنَّ المعتبَر وجودُ المِثلِيَّة عندهما، ثُمَّ يُعرف عندهما إمَّا بتبينهما على أنَّ فلانًا مثل فلانٍ أو أرفع منه، وقلَّ ما يوجد ذلك، وأمَّا الألفاظ الدالة على مراتب التعديل كأن يقولا في بعض من احتجا به: ثقة أو ثبت أو صدوق، أو نحو (أ/67) ذلك من ألفاظ التوثيق، ثُمَّ وجَدْنا عنهما أنَّهما قالا ذلك أو أعلى منه في بعض مَن لم يحتجا به في كتابيهما؛ فيُستدل بذلك على أنَّه عندهما في رتبة مَن احتجا به؛ لأنَّ مراتب الرواة معيارُ معرفتها: ألفاظُ التعديل والجرْح
…
إلخ».
تنبيه:
قد اعتمد شيخ الإسلام في شرح الألفية كلام الحاكم] معوِّلًا]
(4)
على
(1)
من الكتب المفقودة للعراقي رحمه الله.
(2)
قضاء الوطر (2/ 736).
(3)
في (ب) و (هـ): [كفي].
(4)
في (ب) و (هـ): [تطويل].
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الاحتمال الأول من الاحتمالين اللَّذَينِ أبداهما العراقي، حيث قال
(1)
: «والمراد به -أي: بشرطهما-: رواتُهما أو مثلهم مع باقي (هـ/79) شروط الصحيح من: اتصال] السند]
(2)
، ونفي الشذوذ والعلة» انتهى.
[قوله]
(3)
: «الاتِّفاقُ
…
إلخ»:
أي: الاتفاق من الأمَّة؛ لاتفاقها على [تلقِّي]
(4)
ما فيهما من الأحاديث بالقَبول على ما مَرَّ، وهم لا يَقبَلون رواية غير] العدول]
(5)
؛ فصارت العدالة بهذا الطريق مُتَّفَقًا عليها بطريق اللزوم.
وبعبارة: لأنَّ الاتفاق على التلقِّي بالقَبول يستلزم الاتفاقَ على تعديل رواتهما؛ إذ لا يُقبل منهم إلَّا العدل.
[قوله]
(6)
: «وهذا» :
[اسم]
(7)
[الإشارة
(8)
منه [راجع]
(9)
للترتيب المذكور من حيثُ الأصحيَّةُ.
«لا يُخْرَجُ عنه» أي: لا يجوز الخروج عنه عندهم إلَّا بسبب دليلٍ يَدُلُّ على جواز الخروج عنه.
(1)
فتح الباقي (1/ 123).
(2)
في (هـ): [المسند].
(3)
زيادة من: (أ) و (ب).
(4)
في (ب) و (هـ): [القاء].
(5)
في (هـ): [العدل].
(6)
زيادة من: (أ) و (ب).
(7)
في (هـ): [الاسم].
(8)
تكررت في (هـ).
(9)
في (هـ): [راجعة].
فَإِنْ كَانَ الخَبَرُ على شَرْطِهِما معًا، كَانَ دونَ ما أَخرَجَهُ مسلمٌ، أَو مثلَهُ.
وَإِنْ كَانَ على شَرْطِ أَحَدِهِما؛ فيُقَدَّمُ شَرْطُ البُخاريِّ وحْدَه على شرطِ مُسْلمٍ وَحْدَه تَبَعًا لأَصْلِ كُلٍّ منهُما.
[قوله]
(1)
: «فإنْ كان الخَبَرُ
…
إلخ»:
قال (ق)
(2)
: «الذي يقتضيه النَّظرُ أنَّ ما كان على شَرْطِهما وليس له علَّةٌ [مُقَدَّمٌ]
(3)
على ما أخرَجه مُسلِمٌ وَحدَه؛ لأنَّ قوَّة الحديث إنَّما هي بالنَّظر إلى رجاله لا بالنَّظر إلى كونه في كتاب كذا، وما ذَكَرَه المؤلِّف شأن المُقَلِّد في الصِّناعة لا شأن العالم بها» انتهى، قلتُ: بل ما ذَكَرَه الشَّارح هو شأن العالم الماهر، وما جنح إليه هو شأن الأوَّليِّ القاصر، وبيان ذلك: أنَّ العلَّة ليست مُطلقَ القوة، بل القوة البالغة في كلِّ مرتبةٍ بحسَب ما يليق بها منها، ولا شكَّ أنَّ تلقِّي الأمة بالقَبول لِمَا في الكتابين أو أحدهما مفقودٌ فيما جَمَع شرطهما مما في غيرهما، وعدالة الرُّواة المُجْمَع عليها من حيث هي مُجمَعٌ عليها لا يساويها عدالةُ الرُّواة من حيث هي عدالةٌ فقط، كما لا يشتبه على ذي مُسْكَةٍ، ثُمَّ رأيتُ الغَزِّيَّ
(4)
عَلَّلَ بنحوه، حيث قال: «وجْهُ تأخير هذا عمَّا أخرَجه أحدهما: أنَّ الأمة تلقَّتْ بالقَبول ما أخرجه أحدُهما دون غيره وإن كان على شرطهما
…
إلخ»، ونحوه لـ (ب) أيضًا حيثُ قال: «إنْ قيل: ما وجْهُ تأخير هذا عما أخرَجه أحدُهما؟ قيل: الذي أخرجه أحدهما تلقَّتْهُ الأمَّةُ بالقَبول، بخلاف ما كان على شرطهما ولم يُخَرِّجاه، وإن كان يَعْرِضُ للمَفُوق ما يجعلُه
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
حاشية ابن قطلوبغا على شرح نخبة الفكر (ص 57).
(3)
في (هـ): ت] قدم].
(4)
في (ب)[القارئ].
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فائقًا، كأنْ] يَتَّفِقَا]
(1)
على حديث غريبٍ، ويُخَرِّج مُسلِمٌ مثلًا أو غيرُه حديثًا بلَغَ مَبلَغَ التواتر؛ فلا شَكَّ في أرجَحِيَّته، ولا يَقْدَحُ هذا في قولنا: ما اتَّفَقا عليه أعلى؛ لأنَّه باعتبار الإجمال» انتهى، ولله الحمد.
[قوله]
(2)
: «أو مِثله» :
فيه نَظَرٌ؛ إذ لا يَلتَئِمُ مع المَتْن، وما ذكره المؤلِّف في بيان زيادة «أو مِثْله» لا يَدفَع هذا فإنَّه قال:«وإنَّما قلتُ: «أو مثله» ؛ [لأنَّ للحديث الذي يروى وليس عندهما جهة ترجيح»]، وقال (هـ)
(3)
: «ربَّما يُوهِم كلامه بأنَّه [إشارة]
(4)
إلى خلافٍ، وليس كذلك؛ إذْ لا يُعرَف في هذا خلافٌ بينهم» بلْ كلامهم صريح في أنَّ ما في مُسلِمٍ من حيثُ الصِّحةُ مُقَدَّمٌ على ما جَمَعَ شَرْطَهما ممَّا في غيره، وإنَّما هو تردُّدٌ من المؤلِّف كما مَرَّ نقلُه عن الغَزِّيِّ آنفًا، لا يُقال: يمكن التوجيه بأنَّه إشارة إلى إعراب المَتْنِ، وأنَّ قوله:«ثُمَّ شَرْطُهما» إن جُعِل عطفًا على «البخاري» كما هو قول الجمهور: أنَّ المعاطيف وإنْ تكرَّرت إنَّما هي على الأول؛ أفاد مساواة ما حوى شَرْطَهما كما في مُسلِمٍ، وإن جُعل عطفًا على ما قبْله كما هو.
قوله: «أفاد تقديم ما في مسلم كما هو المنصوص» ؛ لأنَّا نقول: محلُّه في غير «ثُمَّ» و «الفاء» أمامهما؛ فالعطف على ما قبلهما فقط اتفاقًا، وقد علِمتَ مِن كلام الغَزِّيِّ أنِّه أشار إلى التردُّد في مرتبة هذا القِسم، لكنَّه لا يُعرَفُ للقوم فيه تردُّدٌ.
(1)
في (هـ): [متفقا].
(2)
زيادة من: (أ) و (ب).
(3)
قضاء الوطر (2/ 740).
(4)
في (ب) و (هـ): [الإشارة].
فخَرَجَ لنا مِن هذا سِتَّةُ أَقْسَامٍ تَتفَاوتُ دَرَجاتُها في الصِّحَّةِ.
وثَمَّةَ قسمٌ سَابعٌ، وهو ما ليسَ على شَرْطِهِما اجتِماعًا وانْفرادًا.
وَهَذَا التَّفاوتُ إِنَّما هو بالنَّظرِ إِلى الحيثيَّةِ المذكورةِ.
[قوله]
(1)
[أي]
(2)
: الترتيب، أو تفاوت تلك المراتب: ما رواه الشيخان، ثُمَّ ما رواه البخاري، ثُمَّ ما رواه مسْلم، ثُمَّ ما رُويَ برجالهما ولم يخرِّجْهُ واحد منهما، ثُمَّ ما يُروى برجال البخاريِّ (أ/68) فقط، ثُمَّ ما رُويَ برجال مسلم فقط، غير أنَّه لا يُعلَمُ من صريح كلامه هذا الترتيب، بل المأخوذ (هـ/80) من قوله:«ومِن ثَمَّ قُدِّم صحيحُ البخاريِّ» ] استو]
(3)
المتفق عليه مع ما انفرد به، ومن قوله:«ثُمَّ شرطهما» استوى ما وُجِد فيه شَرْطُ البخاريِّ، مع ما وُجِد فيه شرط مُسْلِمٍ، بل وكلُّ واحدٍ منهما مع ما وُجِد فيه شرطهما معًا، وهو خلاف ما أشرنا إليه، كما هو مذهب ابن الصَّلاح، وبه جَزَم العراقيُّ.
تنبيه:
ذكر العلماء أنَّ أصحَّ ما صُنِّف بعد الكتابين: صحيح ابن خُزَيْمةَ، وابن حِبَّانَ، وأبي عوانة، والحاكم، وأنَّ صحيح ابن خُزَيْمةَ أصحُّ من صحيح ابن حِبَّان، وصحيح ابن حِبَّانَ وأبي عوانة أصحُّ من مُستدرَك الحاكم؛ لتساهله،
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
زيادة من: (أ) و (ب).
(3)
تكررت في (هـ).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وليس شيءٌ من تلك الصِّحاح لاحقًا بالصحيحين إلا في مجرد التَّسمية؛ لوجود غير الصحيح فيها بكثرة، نعمْ ينبغي أنْ يُقال أصحُّها: بعد مُسلِمٍ ما اتفق عليه الثلاثة، ثُمَّ ما انفرَد به ابن خُزَيْمة وابن حِبَّان أو الحاكم، ثُمَّ ابن حِبَّان فقط، ثُمَّ الحاكم
(1)
فقط، حيثُ لم يكن هناك شرط للشيخين ولا أحدهما.
[قوله]
(2)
ثم بفتح المثلثة اسم إشارة للمكان البعيد، أي: وهناك وراءَ هذه الأقسام الستةِ قِسمٌ سابع ذكره ابن الصلاح
(3)
، «وهو ما لم يَكُن على شَرطِهِما اجتِماعًا ولا انْفِرادًا» ، ولكنَّه على شَرطِ غيرِهما من أهل الصحيح كائنًا مَن كان، والحاصِلُ: أنَّ المراد به ما استجمَعَ الشُّروطَ التي ذكروها في حَدِّ الصَّحيح، كما صرَّح به (ب) في «حَواشي شرح الألفيَّة»
(4)
.
[قوله]
(5)
: «إِلى الحيثيَّةِ المَذْكُورةِ» :
و هي الأصَحِّيَّةُ، [أو]
(6)
ما تَدُور عليه من الأوصاف المقتضية لها.
(1)
وقع في (ب) تكرار: [والحاكم ثم ابن حبان فقط ثم الحاكم].
(2)
زيادة من: (أ) و (ب).
(3)
مقدمة ابن الصلاح (ص 27).
(4)
النكت الوافية (1/ 156).
(5)
زيادة من: (أ) و (ب).
(6)
في (هـ): [إذ].
أَمَّا لو رُجِّحَ قِسْمٌ على مَا هو فَوْقَهُ بأُمورٍ أُخرى تقتَضي التَّرْجيحَ، فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ على ما فَوْقَهُ؛ إذْ قَدْ يَعْرِضُ للمَفُوقِ مَا يَجْعَلُهُ فَائقًا.
كَما لَوْ كَانَ الحَديثُ عندَ مُسْلمٍ مثلًا، وهُوَ مَشْهورٌ قَاصِرٌ عن دَرَجَةِ التَّواتُرِ، لَكنْ حَفَّتْهُ قرينةٌ صارَ بها يُفيدُ العِلْمَ، فإِنَّه يُقَدَّمُ بها على الحَدِيثِ الذي يُخْرِجُهُ البُخاريُّ إِذا كانَ فَرْدًا مُطْلقًا.
[قوله]
(1)
بفتح الراء والجيم.
وقوله: «بأُمورٍ أُخْرى» :
أي: غير] الأصَحِّيَّةِ]
(2)
، وجملة: «تَقْتَضِي
…
إلخ» صفةُ: «أمور» ، أو حالٌ منها.
[قوله]
(3)
: «فَإنه» :
أي: ذلك القسم الراجح لتلك الأمور «يُقدَّمُ على ما فَوْقَه» .
وَقوله: «إذْ قَدْ
…
إلخ»:
علَّةٌ لـ: «يُقَدَّمْ على ما فَوْقَه» ، مثل:{وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ] {الزخرف: 39} ، لا يُقال: فيه تعليلٌ للشيء بنفسه، لأنَّا نقول: المعلَّلُ في حُكْم الشَّخْصِيِّ والمعلَّلُ به في حكم الكُلِّيِّ، فكأنَّه قال: يُقَدَّم هذا
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
في (هـ): [الأضحية].
(3)
زيادة من: (أ) و (ب).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الفَرْدُ على ما فَوْقَه؛ لأنَّه من أفراد هذه الكُلِّيَّة، وهي: كلُّ مَفُوقٍ عَرَضَ له ما يَجْعَلُه فائقًا قُدِّم على غيره.
[قوله]
(1)
: «عَنْ دَرَجَةِ التَّواتُرِ» :
أمَّا ما بلغ درجةَ التَّواتُرِ فهو مُقَدَّمٌ على المتَّفَق عليه، الموصوف بأنَّه: أرفع الأسانيد، ولو لم يَكُن في أحد الكتابين، كما هو مُقتَضَى كلام شيخ الإسلام
(2)
.
[قوله]
(3)
: «الذي يُخَرِّجُهُ البُخاريُّ إذا كان فَرْدًا مُطْلَقًا» :
أي: لا نِسْبيٌّ، قيل:«اعترض بأنَّ الكلام في المقبول من الآحاد» انتهى، وهو ذُهولٌ؛ إذْ مُجَرَّدُ التفَرُّد كيف كان لا يُوجِبُ قَدْحًا، وخُصُوصًا مع وقوعه في البخاريِّ، وقد روى ابن شِهابٍ الزُهْرِيُّ تسعين فردًا كلُّها صحيحة، منها ما هو في صحيح البخاريِّ، ومنها ما هو في صحيح مُسلمٍ، وقد مَرَّ أنَّ الغريب -وهو الفَرْدُ- يكون: صحيحًا وحَسَنًا وضعيفًا.
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
فتح الباقي (1/ 124).
(3)
زيادة من: (أ) و (ب).
وَكَمَا لَوْ كانَ الحَديثُ الَّذي لم يُخْرِجَاهُ مِن تَرْجَمةٍ وُصِفَتْ بكَوْنِها أَصَحَّ الأَسَانيدِ؛ كَمَالِكٍ عن نافعٍ عن ابنِ عُمرَ، فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ على ما انفرَدَ بهِ أَحدُهُما مثلًا، لا سيَّما إِذا كانَ في إِسنادِهِ مَنْ فِيهِ مَقَالٌ.
[قوله]
(1)
: «فإِنه يُقَدَّمُ على ما انفرَدَ بهِ أَحدُهُما» :
مُقْتَضاه أنَّه لا يُقَدَّم على ما خَرَّجَاه جميعًا، وهو خلاف ما يَقتَضِيه قوله: «ويَلْتَحِقُ بهذا التَّفَاضُل
…
إلخ».
[قوله]
(2)
أي: ما انفرَد به أحدهما، «في إسناده مَنْ فيه مَقالٌ» .
قال (ق)
(3)
: «يعني وإنْ كان [عنه]
(4)
جوابٌ؛ لأنَّ مَن تُكُلِّم فيه ليس كمَن لم يُتَكَلَّمْ فيه في الجُملة، ومَن تُكُلِّم فيه في الجُملة ليس كمَن لم يُتَكَلَّم فيه أصلًا» انتهى، قلتُ: وفيه تَكْرارٌ لا طائل تحتَه، تأمَّله.
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
زيادة من: (أ) و (ب).
(3)
حاشية ابن قطلوبغا على شرح نخبة الفكر (ص 58).
(4)
زيادة من (ب).