الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقَالَ الشَّافِعيُّ رضي الله عنه: يُقْبَلُ إِنِ اعْتَضَدَ بمجيئِهِ مِن وجْهٍ آخَرَ يُبايِنُ الطُّرُقَ الأُولَى؛ مُسْنَدًا كانَ أَو مُرْسَلًا؛ ليترجَّحَ احتمالُ كونِ المحذوفِ ثقةً في نفسِ الأمرِ.
ونَقلَ أَبو بكرٍ الرَّازيُّ مِنَ الحنفيَّةِ، وأَبُو الوليدِ الباجِيُّ مِن المالِكيَّةِ أَنَّ الرَّاويَ إِذا كانَ يُرْسِلُ عنِ الثِّقاتِ وغيرِهم، لا يُقْبَلُ مُرسَلُهُ اتِّفاقًا.
وَالقِسْمُ الثَّالِثُ مِن أَقسامِ السَّقْطِ مِن الإِسنادِ: إِنْ كَانَ باثنَيْنِ فَصاعِدًا مَعَ التَّوالي، فهو
المُعْضَلُ
.
[قوله]
(1)
: «وقال الشافعيُّ
…
إلخ»:
اعلم أنَّ الشافعيَّ لا يَقبَلُ المرسَلَ إلَّا إذا كان مرسَلَ تابعيٍّ كبيرٍ، وكان ذلك التابعيُّ لا يروي إلَّا عن ثقة، بأنْ يكون حيث يسمِّي مَن يروي عنه لم يُسَمِّ مجهولًا ولا مرغوبًا عن الراوية عنه، ولا يلغي قوله:«لم آخُذ إلا عن الثقات» كما قدَّمنا، وكان ذلك الراوي المرسِل إذا شارك الحفَّاظَ في أحاديثهم وافقهم فيها ولم يخالِفْهم، فإنْ خالَفَهم بزيادة في اللفظ أو في المعنى رُدَّ حديثُه، وكذا إذا خالفهم بنَقصٍ في المعنى، وإن خالفهم بنَقصٍ في اللفظ فقط لا يضرُّ، ولا بُدَّ أنْ يعتضد ذلك المرسَل [بمجيئه]
(2)
من وجهٍ آخَرَ مبايِنٍ للطريق الأُولى مسندًا أو مرسَلًا؛ لترجيح احتمال كونِ المحذوف ثقةً في نفْس الأمر، وأمَّا ابن الصَّلاح
(3)
فعنده حيث اعتضد قُبل من غير تفصيل، وجَزَم السُّبْكِيُّ بكلام الشافعيِّ، فإنْ قيل: إذا اعتضد بمسند صحيح فالحجة فيه دون المرسل، قيل: صارَا دليلين؛
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
زيادة من (ب)، وأثبتت بهامش (أ).
(3)
معرفة أنواع علوم الحديث (ص 53).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أحدهما: لا يَحتاج إلى عاضد، والآخر: يَحتاج إليه، على أنَّ الرازيَّ حَمَل المسند العاضد على مُسندٍ لا يُحتَجُّ به منفردًا لضَعفه، بمنزلة ما إذا اعتضد المرسل بمثله. فإن قيل:(أ/100) كيف يُقوَّى الضعيفُ بالضعيف؟ قيل: لأنَّه يَحْصُل من الهيئة الاجتماعيَّة من القوَّة ما لا يكون [مع الواحد]
(1)
فقط؛ فيحصُلُ بانضمام أحدِهما إلى الآخر قوةٌ مفيدة للظن ليست ثابتة في حال الانفراد. فإن قُلْتَ: فما حُكْم مرسَل التابعيِّ الصغير كالزُهْريِّ عند الشافعيِّ إذ اعتضد؟ قُلْتُ: الردُّ مع العاضد له جميعًا. لا يُقال: عبارة الشارح قاصرة عن مراد الشافعيِّ؛ لأنَّه قيَّد ذلك برواية كبار التابعين؛ لأنَّا نقول: تَوَقُّف القَبولِ إنَّما هو على الاعتضاد فقط، والاعتضاد له شروط، منها: كون المرسَل رواه تابعيٌّ كبيرٌ
(2)
.
[قوله]
(3)
: «بِمَجِيئِهِ
…
إلخ»:
ليس في عبارته ما يُفيد انحصار العاضد فيما ذُكِر، فلا ينافي أنَّه يعتضد عنده أيضًا بـ: قول صحابيِّ، أو فِعلِه، أو قول أكثر العلماء، أو انتشارٍ له من غير نكير، أو عمل أهل العصر على وَفْقه. فإن قُلْتَ: فإنْ بقيَ المرسَل بلا عاضدٍ عند من لا يَحتَجُّ به بدُونه، ولا دليل في الباب سِواه، وهو دالٌّ على المنع من شيء، قُلْتُ:
(1)
زيادة من (ب).
(2)
في هامش (أ): [قال السيوطي: من ظن أن الشافعي إنما يحتج بمراسيل سعيد بن المسيب فقط فهو في واد بعيد، بل مذهبه الاحتجاج بالمرسل إذا اعتضد ولو كان مرسل غير سعيد. انتهى].
(3)
زيادة من: (أ) و (ب).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قال ابن السبكي
(1)
[قوله]
(2)
: «أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيُّ» :
المشهور أنَّه نِسبة إلى الرَّي على خِلاف القياس، ووجِد بخط المحقِّق قُطب الدين الرازيِّ أنَّه: كان لذلك الإقليم مَلِكان؛ أحدهما يسمَّى رَيا، والآخر: رَازا، واتفقا في بناء مدينة رَمّى فلما كملت اختلفا في تسميتها بري أو راز ثُمَّ اتفقا على أن تسمى رعاية لاسمهما.
[قوله]
(3)
أي: إنْ كان السَّقط المُطْلَقُ من السَّنَد حاصلًا بسقط اثنين ومتحقِّقًا في ضمنه تحقُّقَ الكليِّ في جزئيَّاته، وقد علِمتَ فيما مَرَّ أنَّ الراجح أنَّ:«فصَاعدًا» مما يُكتفى [فيه]
(4)
بالمذكور على ما حكاه الرضِيُّ وغيره؛ فقولُ مَن قال: لو قال بدلَ «فصاعدًا» : أو أكثر؛ كان أَولى لئلَّا يُتوهمَّ عدمُ الاكتفاء بهما، لا يُلتفت إليه عند المحصِّلين
(5)
.
(1)
حاشية العطار على شرح الجلال المحلي على جمع الجوامع (2/ 204).
(2)
زيادة من: (أ) و (ب).
(3)
زيادة من: (أ) و (ب).
(4)
زيادة من (ب).
(5)
قضاء الوطر (2/ 973).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قال (هـ)
(1)
: وانظر لو شَكَّ في تواليهما، أو شَكَّ هل الساقط واحدًا أو اثنين، ما الذي يقال فيه؟ هل: مُعضَلٌ منقطع على وجه الترديد؟ كما يقال: حَسَنٌ صحيحٌ فيما إذا كان السَّنَد واحدًا، أو شكَّ هل راويه ممن وُجِد فيهم صفات الصحة أو صفات الحسن، أم يقال غير ذلك؟ ذَكَره بعض المتأخرين.
[قوله]
(2)
: «فهو المُعْضَل» :
أي: فالحدث الساقط من سنده ما ذُكِر هو المسمَّى عند المحدِّثين وغيرهم
بـ: الحديث المعضَل -بفتح الضاد-، من: أعضله، أي: أعياه، فهو معضَل، فكأنَّ المحدِّث الذي حدَّث به مُسْقِطًا ما ذُكِر أعضَلَه وأعياه؛ فلم يَنتفع به مَن يرويه عند كذلك، هذا معناه لغةً، وأمَّا اصطلاحًا فهو ما قاله المؤلِّف.
(1)
قضاء الوطر (2/ 973).
(2)
زيادة من: (أ) و (ب).