الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الابتداء:
مبتدأ زيد وعاذر خبر
…
إن قلت زيد عاذر من اعتذر
ــ
الابتداء:
المبتدأ هو الاسم العاري عن العوامل اللفظية غير الزائدة مخبرًا عنه أو وصفًا رافعًا
ــ
الابتداء:
هذا شروع في الأحكام التركيبية. والتركيب المفيد إما جملة أسمية ومنها اسم الفعل مع مرفوعه والوصف مع مرفوعه المغني عن الخبر. أو فعلية ومنها الجملة الندائية، ولم يقل المبتدأ والخبر لأن الابتداء يستدعي مبتدأ وهو يستدعي خبرًا أو ما يسد مسده غالبًا على ما ستعرفه فأطلق الابتداء وأراد ما يلزمه مباشرة أو بواسطة، ففي الترجمة به تأدية للمقصود مع الاختصار والإشارة إلى عدم تلازم المبتدأ والخبر فلا يقال: ترجم لشيء ولم يبينه وبين شيئًا ولم يترجمه. نعم قد يقال: هذه النكتة حاصلة لو قال المبتدأ فلم لم يترجم به ويمكن أن يجاب بأنه آثر التعبير بالابتداء على التعبير بالمتدأ للإشارة في الترجمة إلى أنه العامل فتأمل. وقدم باب المبتدأ على باب الفاعل لما قيل إنه أصل المرفوعات لأنه مبدوء به. وقيل: الفاعل لأن عامله لفظي. وقيل كل أصل. قال الدماميني: تظهر فائدة الخلاف في نحو زيد جوابًا لمن قام فعلى الأول يترجح كونه مبتدأ محذوف الخبر، وعلى الثاني يترجح كونه فاعلًا لفعل محذوف وعلى الثالث يستوي الوجهان، ثم اعترض بأن استحسان مطابقة الجواب للسؤال في الاسمية والفعلية يقتضي ترجح كونه مبتدأ محذوف الخبر مطلقًا. وأجاب بأن جملة من قام اسمية في الصورة فعلية في الحقيقة. وبيان ذلك أن قولك من قام أصله أقام زيد أم عمرو أم خالد إلى غير ذلك لا أزيد قام أم عمرو أم خالد لأن الاستفهام بالفعل أولى لكونه متغيرًا فيقع فيه الإبهام ولما أريد الاختصار وضعت كلمة من دالة إجمالًا على تلك الذوات المفصلة ومتضمنة لمعنى الاستفهام وبهذا التضمن وجب تقديمها على الفعل فصارت الجملة اسمية في الصورة لعروض تقدم ما يدل على الذات فعلية في الحقيقة، فإن أجبت بالفعلية نظرًا إلى جانب الحقيقة فالمطابقة حاصلة معنى وإن أجبت بالاسمية نظرًا إلى الصورة فالمطابقة حاصلة لفظًا فإذن لا ترجيح بمجرد المطابقة لوجودها في الصورتين فبقي الترجيح بأصالة الفاعل أو المبتدأ سالمًا فتدبر. ا. هـ. وفيه نظر لأن مقتضى قولهم همزة الاستفهام يليها المسئول عنه أن أصل من قام أزيد قائم أو عمرو أم خالد إذ المسؤول عنه بمن قام القائم لا القيام فاعرفه.
قوله: "المبتدأ هو الاسم إلخ" لم يعرف الابتداء مع أنه المترجم به لقصد تعريفه عند قوله:
ورفعوا مبتدأ بالابتدا
وكأنه لم يعكس لعدم قصد الابتداء بالذات من الترجمة بل المقصود بالذات منها المبتدأ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المستغنى به، فالاسم يشمل الصريح والمؤول نحو:{وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُم} [البقرة: 184] ، وتسمع بالمعيدي خير من أن تراه والعاري عن العوامل اللفظية مخرج لنحو الفاعل
ــ
ومرفوعه. قوله: "العاري إلخ" أورد على التقييد به أنه يخرج اسم إن ولا التبرئة مع أنه يجوز رفع صفته على المحل فهو مبتدأ وليس عاريًا. وأجيب بأنه باعتبار الرفع عار لأن الحرف كالعدم باعتباره وإنما يعتد به إذا اعتبر النصب كذا نقل شيخنا السؤال والجواب وأقرهما وتبعه البعض وفي الجواب تسليم أنه مبتدأ والذي يظهر لي منعه بدليل ما سيأتي في بابي إن ولا من أن رفع الصفة على المحل مبني على القول بأنه لا يشترط في مراعاة المحل بقاء المحرز أي الطالب لذلك المحل لعدم المحرز هنا وهو الابتداء وإذا عدم الابتداء عدم المبتدأ وحينئذٍ لا يرد الاعتراض من أصله فتأمل. قوله: "عن العوامل" أل الجنس، وقوله اللفظية نسبة إلى اللفظ نسبة المفعول إلى المصدر أن أريد باللفظ التلفظ. أو الجزئي إلى الكلي أن أريد الملفوظ. والمراد اللفظية تحقيقًا أو تقديرًا لتدخل العوامل المقدرة. وقوله غير الزائدة أي وشبهها كرب ولعل الجارة والقيدان للإدخال كما هو شأن قيد القيد. قوله:"مخبرًا عنه" أي محدثًا عنه فالإخبار لغوي لا مذكورًا بعده خبره الاصطلاحي للزوم الدور لأخذ الخبر حينئذٍ في تعريف المبتدأ وأخذ المبتدأ في التعريف الآتي للخبر، وجعله حالًا من الضمير في العاري أولى من جعله حالًا من الاسم وإن اقتصر عليه شيخنا والبعض لثبوت الخلاف في مجيء الحال من الخبر كالمبتدأ.
قوله: "أو وصفًا إلخ" عطف على مخبرًا عنه المجعول حالًا من الضمير في العاري، وفي ذلك تصريح باشتراط العرو في الوصف أيضًا فيخرج نحو {لَاهِيَةً قُلُوبُهُم} [الأنبياء: 30] ، على أنا لا نسلم أنه رافع لمكتفى به كما قاله الروداني وهو ظاهر. والمراد الوصف ولو تأويلًا ليدخل لا نولك أن تفعل لأن نول وإن كان مصدرًا بمعنى التناول إلا أنه هنا بمعنى المفعول أي ليس متناولك هذا الفعل أي لا ينبغي لك تناوله، فنولك مبتدأ وأن تفعل نائب فاعله. وقول المصرح ومن تبعه كالبعض أن تفعل فاعله غير صحيح كما في الروداني وقال أبو حيان نولك مبتدأ وأن تفعل خبره وأورد على التعريف أنه غير جامع إذ لا يشمل أقل رجل يقول ذلك فإن أقل مبتدأ وليس مخبرًا عنه ولا وصفًا رافعًا، ولا غير قائم الزيدان فإن غير مبتدأ وليس مخبرًا عنه ولا وصفًا رافعًا، وأجيب عن الأول بأن المعرف المبتدأ الاطرادي وهذا سماعي لا يقاس عليه، وإنما لم يخبروا عنه لأنه ليس في المعنى مبتدأ إذ المعنى قلّ رجل يقول ذلك. وقيل لأن صفة النكرة بعده أغنت عن الخبر في الإفادة على أن بعضهم أجاز جعل الجملة خبرًا عن أقل، وعن الثاني بأن المبتدأ مضاف للوصف الرافع والمضاف والمضاف إليه كالشيء الواحد، وبأن الوصف وإن خفض لفظًا في قوّة المرفوع بالابتداء وكأنه قيل ما قائم الزيدان. قوله:"والمؤول" قد يدعي أنه اسم حقيقة فلا اعتراض على إرادته في التعريف بلزوم الجمع بين الحقيقة والمجاز فيه، أو يقال: النحاة لا يبالون بمثل ذلك أفاده سم. قوله: "وتسمع إلخ" أي لأنه على تقدير أن وقيل الفعل إذا أريد به مجردًا لحدث صح أن يسند إليه ويضاف إليه ويكون اسمًا حكمًا كما في: {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُم}
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
واسم كان، وغير الزائدة لإدخال بحسبك درهم وهل من خالق غير الله، ومخبرًا عنه أو وصفًا إلى آخره مخرج لأسماء الأفعال والأسماء قبل التركيب، ورافعًا لمستغني به يشمل الفاعل نحو أقائم الزيدان ونائبه نحو أمضروب العبدان، وخرج به نحو أقائم من قولك أقائم أبوه زيد فإن مرفوعه مستغنى به. وأو في التعريف للتنويع لا للترديد أي المبتدأ نوعان: مبتدأ له خبر ومبتدأ له مرفوع أغنى عن الخبر، وقد أشار إلى الأول بقوله: "مبتدأ زيد
ــ
[البقرة: 6]، {هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُم} [المائدة: 119] ، فيكون المراد بالاسم ما يعم الحقيقي والحكمي أفاده سم. قوله:"نحو بحسبك درهم" أي مما يلي حسبك فيه نكرة فإن وليها معرفة نحو بحسبك زيد فالمعرفة هي المبتدأ وحسبك الخبر لأنه نكرة لا يتعرف بالإضافة. وإن تخصص بها. قال الناظم: ولا يخبر بمعرفة عن نكرة وإن تخصصت إلا في نحو كم مالك وخير منك زيد عند سيبويه، وفي النسخ نحو:{فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّه} [الأنفال: 62] ، وأيده سم وغيره واكتفى ابن هشام في الإخبار بمعرفة عن المبتدأ النكرة بتخصيصه وجعل حسب مبتدأ سواء وقع بعده نكرة أو معرفة لأن الباء لا تزاد في الخبر في الإيجاب. والذي عليه الجمهور كما في المغني أنه لا يخبر عن النكرة بالمعرفة وإن تخصصت مطلقًا، وهل المجرور بحرف الجر الزائد أو شبهه مرفوع تقديرًا ولا محذور في اجتماع إعرابين لفظي وتقديري من جهتين مختلفتين، أو محلًّا ولا يختص المحلى بالمبنيات قولان. واعلم أن زيادة الباء في نحو بحسبك سماعية بخلاف زيادة من في نحو الآية الآتية فقياسية. قوله:"غير الله" إما نعت لخالق لرفعه تقديرًا أو محلًّا على الخلاف والخبر محذوف أي لكم، أو هو الخبر ولا يصح أن يكون غير الله فاعلًا لخالق أغنى عن الخبر لأن الوصف الذي له فاعل أغنى عن الخبر بمنزلة الفعل والفعل لا تدخل عليه من الزائدة فكذا ما هو بمنزلته كذا في يس والروداني، ولا كون يرزقكم هو الخبر لأن هل تدخل على مبتدأ خبره فعل إلا شذوذًا عند سيبويه.
قوله: "مخرج لأسماء الأفعال" أي بعد التركيب. قوله: "ورافعًا لمستغنى به يشمل إلخ" الأولى ومستغنى به يشمل إلخ لأن الفاعل ونائبه من أفراد المستغنى به لا الرافع. قوله: "غير مستغنى به" لاحتياج الضمير إلى مفسر يسبقه فيكون زيد مبتدأ وقائم خبرًا مقدمًا وأبوه فاعلًا، أو أبوه مبتدأ ثانيًا وقائم خيرًا عنه مقدمًا والجملة خبر زيد. وجوّز بعضهم كون قائم مبتدأ ثانيًا وأبوه فاعلًا أغنى عن الخبر والجملة خبر زيد بناء على أن المراد باستغناء الوصف بمرفوعه استغناؤه عن الخبر لا مطلقًا. وبحث فيه بعدم اعتماد الوصف لأن الاستفهام في المثال داخل في الحقيقة على زيد لا عليه وقد يمنع فتأمل. نعم يظهر لي أن محل المنع إذا لم يعلم المرجع أما إذا علم كأن جرى ذكر زيد فقيل أقائم أبوه فلا منع لأن التركيب حينئذٍ بمنزلة أقائم أبو زيد ويشعر بهذا تعليلهم. واعلم أن قولهم الوصف مع مرفوعه ولو اسمًا ظاهرًا من قبيل المفرد يستثنى منه الوصف مبتدأ استغنى بمرفوعه عن الخبر، وكذا الوصف الواقع صلة لأل الموصولة على قول كما مر لأنه في قوّة الفعل في الصورتين.
وأول مبتدأ والثاني
…
فاعل اغنى في أسار ذان
وقس وكاستفهام النفي وقد
…
يجوز نحو فائز أولو الرشد
ــ
وعاذر خبر" أي له "إن قلت زيد عاذر من اعتذر" وإلى الثاني بقوله: "وأول" أي من الجزأين "مبتدأ والثاني" منهما "فاعل اعنى" عن الخبر "في" نحو "أسار ذان" الرجلان.
ومنه قوله:
139-
أقاطن قوم سلمى أم نووا ظعنا
وقوله:
140-
أمنجز أنتمو وعدا وثقت به
…
أم اقتفيتم جميعًا نهج عرقوب
ــ
قوله: "وأول" سوّغ الابتداء به قصد التقسيم أو كونه قريبًا للثاني المعرف. قوله: "والثاني فاعل أغنى عن الخبر" قال في التسهيل: لشدة شبهه بالفعل ولذا لا يصغر ولا يوصف ولا يعرف ولا يثنى ولا يجمع إلا على لغة يتعاقبون فيكم ملائكة. ا. هـ. قوله: "أغنى عن الخبر" أي عن أن يكون له خبر فلا اعتراض باقتضاء كلامه أن له خبرًا أغنى عنه المرفوع مع أنه لا خبر له أصلًا لأنه بمعنى الفعل والفعل لا خبر له. قوله: "أقاطن" أي مقيم، والظعن الرحيل، والعيش المعيشة والحياة. قوله:"نهج عرقوب" أي طريقته وهو رجل يضرب به المثل في إخلاف الوعد. قوله: "وقس على هذا" أي الوصف المذكور في المثال ولو قال على هذين المبتدأين كما فعل المكودي والمرادي لكان أكثر فائدة. قوله: "من كل وصف" لا فرق بين أن يكون بمعنى الحال أو الاستقبال أولًا بخلاف عمله النصب كما يأتي، ولا بين أن يكون ملفوظًا أو مقدرًا نحو أفي الدار زيد وأعندك عمرو على أحد احتمالات، إذ يحتمل كون المرفوع مبتدأ مؤخرًا أو فاعلًا لمبتدأ محذوف تقديره كائن مثلًا أغنى هذا الفاعل عن الخبر فالجملة اسمية أو فاعلًا لاستقر مثلًا محذوف فهي فعلية أو فاعلًا للظرف فهي ظرفية كذا في المغني. قوله:"أو صفة مشبهة" أو اسم تفضيل أو منسوبًا نحو هل أحسن في عين زيد الكحل منه في عين غيره وما قرشي الزيدان والظاهر عندي أن مثل ذلك نحو أذو مال العمران لأنه في معنى المشتق، ثم رأيت في كلام الشارح عند قول المصنف:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .وإن
…
يشتق فهو ذو ضمير مستكن
139- تمام البيت:
إن يظعنوا فعجيب عيش من قطنا
وهو من البيسط، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 190؛ وتخليص الشواهد ص181؛ وجواهر الأدب ص295؛ وشرح التصريح 1/ 157؛ وشرح شذور الذهب ص223؛ وشرح قطر الندى ص122؛ والمقاصد النحوية 1/ 512.
140-
البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في شرح الأشموني.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
"وقس" على هذا ما أشبهه من كل وصف اعتمد على استفهام ورفع مستغنى به، ثم لا فرق في الوصف بين أن يكون اسم فاعل أو اسم مفعول أو صفة مشبهة، ولا في الاستفهام بين أن يكون بالهمزة أو بهل أو كيف أو من أو ما. ولا في المرفوع بين أن يكون ظاهرًا أو ضميرًا منفصلًا "وكاستفهام" في ذلك "النفي" الصالح لمباشرة الاسم حرفًا
ــ
ما يؤيده. قوله: "أو كيف أو من أو ما" نحو كيف جالس العمران، وما راكب البكران، ومن ضارب الزيدان وكيف في الأول في محل نصب على الحال، وما ومن في الأخيرين في محل نصب على المفعولية. وكالأدوات المذكورة بقية أدوات الاستفهام كأين ومتى. قوله:"أو ضميرًا منفصلًا" فلا يسد المستتر مسد الخبر، فإذا قلت: أقائم زيد أم قاعد فليس قاعد مبتدأ والضمير المستتر فيه فاعلًا سد مسد الخبر، بل قاعد خبر مبتدأ محذوف أي هو قاعد. وإذا قلت: أقائم الزيدان وأردت العطف وجب إفراد الوصف المعطوف وإبراز الضمير منفصلًا فتقول: أم قاعد هما، وحكي أم قاعدان على المطابقة واتصال الضمير، وعليه فقال ابن هشام قاعدان مبتدأ لأنه عطف بأم المتصلة على المبتدأ وليس له خبر ولا فاعل منفصل. وإنما جاز ذلك لأنهم يتوسعون في الثواني. ا. هـ. فأشار إلى فاعلية الضمير المستتر وإغنائه عن الخبر لأنه يغتفر في الثواني ما لا يغتفر في الأوائل ومثله يجري في المثال الأول وجوّز غيره كون قاعدان خبر مبتدأ محذوف أي أم هما قاعدان، فتكون أم منقطعة والعطف من عطف الجمل وهذا قياس ما سبق في أقائم زيد أم قاعد فتأمل.
قوله: "وكاستفهام النفي" أي ولو معنى نحو إنما قائم الزيدان لأنه في قوّة قولك: ما قائم إلا الزيدان كذا في التصريح ومنه يعلم أن النفي المنقوض يكفي في الاعتماد وأفهم تقييدهم الاعتماد بالنفي والاستفهام أن مطلق الاعتماد غير كاف هنا فلا يجوز في زيد قائم أبواه كون قائم مبتدأ وإن اعتمد على المخبر عنه كما في المغني. قال في التصريح: وهل تقدم النفي أو الاستفهام شرط في العمل أو في الاكتفاء بالمرفوع من الخبر قولان أرجحهما الثاني كما في المغني. قوله: "الصالح إلخ" حمل الشارح الاستفهام والنفي في عبارة المصنف على اللفظ المستفهم به واللفظ المنفي به فوصف النفي بالصالح إلخ وقسمه إلى حرف وغيره لأن هذا شأن اللفظ لا المعنى المصدري ولا عيب فيما صنع وإن عابه البعض تبعًا لشيخنا، ولو أبقى الشارح المصدر على ظاهره وقال: النفي بلفظ صالح إلخ لصح أيضًا واحترز بالصالح عما لا يصلح مما يختص بالفعل كان ولم ولما. قوله: "على أنه اسمها" وإدخاله فيما نحن فيه باعتبار كونه مبتدأ في الأصل وكذا يقال في اسم ما الحجازية. وقوله يغني عن خبرها وإدخال الفاعل فيما نحن فيه باعتبار كونه مغنيًا عن خبر مبتدأ في الأصل وكذا يقال في خبر ما الحجازية ثم في إغناء الفاعل عن خبر ليس أو ما إغناء مرفوع عن منصوب ولا ضرر في ذلك. ويظهر أنه لا يقال هذا الفاعل في محل نصب باعتبار إغنائه عن خبر ليس أو ما، لأنه ليس لليس أو ما في هذه الحالة خبر محل الفاعل بل الذي تستحقه بعد اسمها فاعل اسمها فتدبر. قوله:"وبعد غير يجر بالإضافة" وإدخاله فيما نحن فيه باعتبار أن ما أضيف إليه أي إلى هذا الوصف مبتدأ والمضاف والمضاف
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كان وهو ما ولا وإن، أو اسمًا وهو غير، أو فعلًا وهو ليس إلا أن الوصف بعد ليس يرتفع على أنه اسمها، أو الفاعل يغني عن خبرها: وكذا ما الحجازية، وبعد غير يجر بالإضافة وغير هي المبتدأ وفاعل الوصف أغنى عن الخبر، ومن النفي بما قوله:
141-
خليلي ما واف بعهدي أنتما
…
إذا لم تكونا لي على من أقاطع
ومن النفي بغير قوله:
142-
عير لاه عداك فاطرح اللهـ
…
ـو ولا تغترر بعارض سلم
وقوله:
143-
غير مأسوف على زمن
…
ينقضي بالهم والحزن
"وقد يجوز" الابتداء بالوصف المذكور من غير اعتماد على نفي أو استفهام "نحو
ــ
إليه كالشيء الواحد أو باعتبار أنه في قوة المرفوع بالابتداء كما مر. قوله: "فاطرح اللهو" بتشديد الطاء وكسر الراء، والسلم بالكسر والفتح الصلح أي بسلم عارض. قوله:"على زمن" نائب فاعل الوصف أغنى عن خبر غير.
قوله: "وقد يجوز إلخ" اعلم أن المذاهب ثلاثة كما في الهمع: مذهب البصريين وهو منع الابتداء بالوصف المذكور من غير اعتماد، ومذهب المصنف وهو الجواز بقبح كما صرح به في التسهيل وأشار إليه هنا بقد لأن تقليل الجواز كناية عن قبحه، وأشار إليه الشارح أيضًا بقوله وهو قليل جدًّا، ومذهب الكوفيين والأخفش وهو الجواز بلا قبح، فقول الشارح خلافًا للأخفش والكوفيين أي في قولهم بالجواز بلا قبح، وفي كلامه حذف أي وللبصريين في قولهم بالمنع بالكلية. وقوله: ولا حجة أي للمصنف والأخفش والكوفيين على أصل الجواز في قوله إلخ فهو تورك من الشارح على بعض أدلتهم على أصل الجواز بعد موافقته إياهم في المستدل عليه فاندفع بتقريرنا عبارة الشارح على هذا الوجه ما ادعاه البعض من منافاتها لعبارة المتن فافهم. قوله: "من غير اعتماد إلخ" ويكون المسوّغ للابتداء به مع أنه نكرة عمله في المرفوع بعده لاعتماده على المسند إليه وهو المرفوع وأما تعليل المصرح وتبعه شيخنا والبعض بأن الأخفش أي والكوفيين لا
141- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 189؛ وتخليص الشواهد ص181، والدرر 2/ 5؛ وشرح التصريح 1/ 157؛ وشرح شذور الذهب ص232؛ وشرح شواهد المغني 2/ 898؛ وشرح قطر الندى ص121؛ ومغني اللبيب 2/ 556؛ والمقاصد النحوية 1/ 516؛ وهمع الهوامع 1/ 94.
142-
البيت من الخفيف، وهو بلا نسبة في تذكرة النحاة ص366؛ وشرح ابن عقيل ص101؛ ومغني اللبيب 2/ 676.
143-
البيت من المديد، وهو لأبي النواس في الدرر 2/ 6، وأمالي ابن الحاجب ص637؛ وخزانة الأدب 1/ 345، ومغني اللبيب 1/ 15، 2/ 676؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 3/ 94، 5/ 289، 6/ 133، 7/ 25، وتذكر النحاة 171، 366، 405؛ وخزانة الأدب 9/ 547؛ وشرح ابن عقيل ص101؛ والمقاصد النحوية 1/ 513؛ وهمع الهوامع 1/ 94.
والثان مبتدا وذا الوصف خبر
…
إن في سوى الإفراد طبقا استقر
ــ
فائز أولو الرشد" وهو قليل جدًّا خلافًا للأخفش والكوفيين، ولا حجة في قوله:
144-
خبير بنو لهب فلا تك ملغيا
…
مقالة لهبي إذا الطير مرت
لجواز كون الوصف خبرًا مقدمًا على حد: {وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} [التحريم: 4]، قوله:
145-
هن صديق للذي لم يشب
"والثاني مبتدا" مؤخر "وذا الوصف" المذكور "خبر" عنه مقدم "إن في سوى الإفراد" وهو التثنية والجمع "طبقا استقر" أي استقر الوصف مطابقًا للمرفوع بعده، نحو
ــ
يشترطون في عمله الاعتماد فمقتضاه عدم الاعتماد هنا وليس كذلك كما عرفت ولئن سلم فالتعليل بعدم اشتراط الاعتماد لا يأتي على مذهب المصنف لأنه مع كونه يجوز ابتدائية الوصف من غير اعتماد على نفي أو استفهام يشترط في علمه الاعتماد الأعم كما سيأتي في باب إعمال اسم الفاعل فتأمل. قوله: "خبير بنو لهب إلخ" المعنى أن بني لهب عالمون بالرجز والعيافة فلا تلغ مقالة رجل لهي إذا زجر وعاف حين يمر عليه الطير وزجر الطير بالزاي فالجيم فالراء عيافته، وهي كما في القاموس أن تعتبر بأسمائها ومساقطها وأنوائها فتسعد أو تتشاءم. قوله:"على حد إلخ" جواب عما يقال كيف أخبر عن الجمع بالمفرد. وحاصله أنه على طريقه الآية وتوجيهها أن ظهير على وزن المصدر كصهيل ونهيق والمصدر يخبر به عن المفرد والمثنى والجمع فكذا ما يوازنه كذا قالوا. وفيه أنه يقتضي استواء المذكر والمؤنث في فعيل سواء كان بمعنى فاعل أو بمعنى مفعول فينافي ما قالوه من أن محل استوائهما فيه إذا كان بمعنى مفعول. ويمكن التوفيق بأن هذا شرط لقياسية الاستواء فلا ينافي سماعه في فعيل بمعنى فاعل لكونه على وزن المصدر فتكون موازنة نكتة السماع لا علامة الجواز باطراد، فاحفظه فإنه نفيس. قوله:"والثاني مبتدأ" بإبدال الهمزة ألفًا ثم حذفها لالتقاء الساكنين. قوله: "وهو التثنية والجمع" أي سواء كان جمع تصحيح أو جمع تكسير وقيل: جمع التكسير كالمفرد. قوله: "مطابقًا" أشار به إلى أن الطبق بمعنى المطابق كالمثل والشبه بمعنى المماثل والمشابه، وأنه حال من فاعل استقر وليس الطبق مصدرًا بمعنى المطابقة حتى يرد أن حالية المصدر سماعية وحتى يقال الأولى جعله تمييزًا محولًا عن فاعل استقر أي استقر طبقه أي مطابقته، فما ذكره البعض تبعًا للمعرب غير صحيح فلا تغفل. قوله:"فإن تطابقا في الإفراد" مثل ذلك ما إذا كان الوصف يستوي فيه المفرد وغيره نحو أجنب زيد أو الزيدان أو الزيدون.
144- البيت من الطويل، وهو لرجل من الطائيين في تخليص الشواهد ص182؛ وشرح التصريح 1/ 157؛ والمقاصد النحوية 1/ 518؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 191؛ والدرر 2/ 7؛ وشرح ابن عقيل ص103؛ وشرح عمدة الحافظ ص157؛ وشرح قطر الندى ص272؛ وهمع الهوامع 1/ 94.
ورفعوا مبتدأ بالابتدا
…
كذاك رفع خبر بالمبتدأ
ــ
أقائمان الزيدان، وأقائمون الزيدون، ولا يجوز أن يكون الوصف في هذه الحالة مبتدأ وما بعده فاعلًا أغيى عن الخبر إلا على لغة أكلوني البراغيث، فإن تطابقا في الإفراد جاز الأمران نحو أقائم زيد وما ذاهبة هند "ورفعوا" أي العرب "مبتدأ بالابتدا" وهو الاهتمام بالاسم
ــ
قوله: "جاز الأمران" لكن الأرجح الأول وهو كون الوصف مبتدأ وما بعده فاعلًا، لأن الوصف عدم التقديم والتأخير بل يتعين في صورتين لمانع فيهما من الثاني وهما: أحاضر القاضي امرأة ونحو: {أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آَلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيم} [مريم: 46] ، بناء على الظاهر من عدم تقدير متعلق للجار والمجرور، والمانع من الثاني في الصورة الأولى لزوم عدم تطابق المبتدأ والخبر، وفي الثانية لزوم الفصل بين العامل والمعمول بأجنبي وهو أنت، وقد يتعين الابتداء لمانع من الفاعلية نحو أفي داره زيد إذ يلزم على الفاعلية عود الضمير على متأخر لفظًا ورتبة. وأما أفي داره قيام زيد فمنعه الكوفيون مطلقًا: أما على الفاعلية فلما مر، وأما على الابتداء فلأن الضمير لم يعد على المبتدأ بل على ما أضيف إليه المبتدأ والمستحق للتقديم هو المبتدأ. وأجازه البصريون على الابتداء للسماع، ولأن ما هو من تمام مستحق التقديم مستحق للتقديم، ثم جواز الوجهين في نحو أقائم أنت مذهب البصريين. وأوجب الكوفيون ابتدائية الضمير ووافقهم ابن الحاجب، واحتجوا بأن الضمير المرتفع بالفعل لا ينفصل عنه لا يقال قام أنا، ويجاب بأنه إنما انفصل مع الوصف لئلا يجهل معناه لأنه يكون معه مستترًا بخلافه مع الفعل فإنه يكون بارزًا كقمت وقمت ولأن طلب الوصف لمعموله دون طلب الفعل فاحتمل معه الفصل، ولأن مرفوع الوصف سد في اللفظ مسد واجب الفصل وهو الخبر بخلاف فاعل الفعل كذا في المغني. واعلم أن صور المطابقة وعدمها تسع بالفوقية: ثلاثة في المطابقة وهي أقائم زيد، أقائمان الزيدان، أقائمون الزيدون، وحكم الأولى جواز الأمرين وحكم الأخيرتين تعين كون الوصف خبرًا مقدمًا: وست في عدمها، أقائم الزيدان، أقائم الزيدون، أقائمان زيد، أقائمون زيد أقائمان الزيدون أقائمون الزيدان. وحكم الأوليين من الست تعين كون الوصف مبتدأ وما بعده فاعلًا. وحكم الأربع الأخيرة الفساد. وإذا فصلت الجمع إلى صحيح ومكسر كانت الصور اثنتي عشرة صورة إذا علمت ما تلوناه عليك ظهر لك أن قول شيخنا والبعض حاصل الصور سبعة بالموحدة قصور. بقي شيء آخر وهو أنه أورد على تجويز كون الثاني مبتدأ مؤخرًا أن تأخيره يلبس بالفاعل وقد منعوا تأخيره في زيد قام لذلك. وأجيب بأن اللازم على تأخير المبتدأ في أقائم زيد إجمال لا إلباس بخلاف اللازم على التأخير في زيد قام، ولئن سلم أنه إلباس فليس فيه كبير ضرر لأن الجملة اسمية على كل حال بخلافه في زيد قام فافهم.
قوله: "أي العرب" لو قال أي سيبويه وموافقوه لكان أحسن لعدم حكم العرب بأن رفع المبتدأ بالابتداء ذكره البعض. ولك أن تقول ليس في عبارته ما يقتضي أنهم حكموا بأن رفع المبتدأ بالابتداء إذ غاية مفادها أن العرب رفعوا المبتدأ وأن رفعهم إياه حاصل بالابتداء أي بحسب ما فهم سيبويه وموافقوه ونظير عبارته قولك رفع العرب الفاعل بالفعل فافهم. قوله: "وهو الاهتمام
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وجعله مقدمًا ليسند إليه فهو أمر معنوي "كذاك رفع خبر بالمبتدا" وحده. قال سيبويه: فأما الذي بنى عليه شيء هو هو فإن المبني عليه يرتفع به كما ارتفع هو بالابتداء. وقيل: رافع الجزأين هو الابتدا لأنه اقتضاهما ونظير ذلك أن معنى التشبيه في كأن لما اقتضى مشبهًا ومشبهًا به كانت عاملة فيهما. وضعف بأن أقوى العوامل لا يعمل رفعين بدون
ــ
بالاسم" اعلم أن الابتداء في اللغة الافتتاح، وفي الاصطلاح قيل: كون الاسم معرى عن العوامل اللفظية، وقيل: جعل الاسم أولًا ليخبر عنه، فقول الشارح الاهتمام بالاسم من باب ذكر لازم المعنى معه إذ يلزم معنى الابتداء بالاسم في اللغة وفي الاصطلاح الاهتمام به فعلم أن جعل البعض الاهتمام معنى لغويًا للابتداء تخليط. ثم قيل: إن الاهتمام والجعل من أوصاف الشخص المهتم والجاعل لا الكلمة والابتداء وصف لها لأن معناه كونها مبتدأ بها ويمكن أن يجاب بأن الاهتمام والجعل في كلامه مصدران للمبني للمجهول. قوله: "ليسند إليه" لا يشمل ابتداء الوصف المستغنى بمرفوعه عن الخبر لعدم إسناد شيء إليه لأنه مسند فلو قال للإسناد لكان أولى. قوله: "كذاك" أي كرفع المبتدأ بالابتداء رفع الخبر بالمبتدأ في الانتساب إليهم، فكذلك خبر مقدم ورفع مبتدأ مؤخر بالمبتدأ ظرف لغو متعلق برفع، ويحتمل أن كذاك حال وما بعده مبتدأ وخبر والأول أقرب.
قوله: "فأما الذي إلخ" أي المبتدأ الذي والضمير المنفصل الأول للشيء والثاني للذي وأشار به إلى أن الخبر عين المبتدأ في المعنى أي بحسب الماصدق لا المفهوم على ما سيأتي تفصيله. وقوله فإن المبني عليه أي فإن الشيء المبني عليه أي على ذلك الذي بني عليه شيء، وقوله كما ارتفع هو أي ذلك الذي بني عليه شيء. واعترض القول برفع المبتدأ للخبر بأن المبتدأ عين الخبر في المعنى فيلزم رفع الشيء نفسه وبأن المبتدأ قد يرفع الفاعل نحو القائم أبوه ضاحك فيلزم رفع العامل الواحد معمولين بغير اتباع ولا نظير له وبأنه قد يكون جامدًا كزيد، والعامل إذا كان غير متصرف لا يجوز تقديم معموله عليه، والمبتدأ ولو جامدًا يجوز تقديم خبره عليه. وأجيب عن الأول بأن الخبر عين المبتدأ في الماصدق فقط أما في المفهوم فمختلفان على أن اختلاف اللفظ يكفي. وعن الثاني بأن جهة طلبه للفاعل مخالفة لجهة طلبه للخبر. وعن الثالث. بأن ما ذكر فيه إنما في العامل المحمول على الفعل والمبتدأ ليس عمله في الخبر بالحمل على الفعل بل بالأصالة.
قوله: "لأنه اقتضاهما" أي استلزمهما لأن الابتداء يستلزم مبتدأ والمبتدأ يستلزم خبرًا أو ما يسد مسده. قوله: "ونظير ذلك إلخ" في التنظير نظر إذ العامل في النظير لفظ كأن لا التشبيه المقتضى لما ذكر بخلاف ما نحن فيه، وأيضًا العملان في النظير مختلفان وفيما نحن فيه متحدان. قوله:"وضعف إلخ" اعترض بأن من العوامل اللفظية ما يعمل رفعين بدون اتباع وهو المبتدأ المتعدد الخبر. وأجيب بأن الخبر المتعدد في المعنى متحد وهو لا يظهر في نحو زيد عالم شجاع، إلا أن يقال: هو في تأويل زيد متصف بالعلم والشجاعة. قوله: "بأن أقوى العوامل"
والخبر الجزء المتم الفائدة
…
كالله بر والأيادي شاهده
ــ
اتباع، فما ليس أقوى أولى أن لا يعمل ذلك. وذهب المبرد إلى أن الابتداء رافع للمبتدأ وهما رافعان للخبر وهو قول بما لا نظير له. وذهب الكوفيون إلى أنهما مترافعان وهذا الخلاف لفظي "والخبر الجزء المتم الفائدة" مع مبتدأ غير الوصف المذكور بدلالة
ــ
هو الفعل. قوله: "وهو قول بما لا نظير له" أي من اجتماع عاملين على معمول واحد. وأجيب بأن العامل عنده مجموع الأمرين لا كل منهما فالعامل واحد قاله الدماميني. قوله: "مترافعان" أي رفع كل منهما الآخر. لطلب كل منهما صاحبه قياسًا على عمل كل من اسم الشرط والفعل المجزوم به في صاحبه نحو: {أَيًّا مَا تَدْعُو} [الإسراء: 110]، وقد يفرق باتحاد العمل في المقيس واختلافه في المقيس عليه. قوله:"لفظي" أي لا يترتب عليه فائدة ومنعه بعضهم بأنك إذا قلت زيد قائم وعمرو جالس وأردت جعله من عطف المفردات يكون صحيحًا عن القول بأن العامل في الجزأين الابتداء بخلافه على بقية الأقوال للزوم العطف على معمولي عاملين مختلفين. قوله: "والخبر إلخ" لم يكتف بالإشارة بقوله وعاذر خبر إلى تعريفه كما اكتفى بالإشارة في المبتدأ اهتمامًا بمحط الفائدة وتوطئة إلى تقسيمه إلى مفرد وجملة سم.
قوله: "المتم الفائدة" أي المحصل لها فلا اعتراض باقتضاء كلامه حصولها قبله بالمسند والمسند إليه وإنما هو متم لها أي زيادة فيها فلا يصدق الحد إلا بالفضلة والمراد المتم الفائدة ولو بواسطة شيء يتعلق به فدخل نحو: {بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُون} [النمل: 55]، وأورد أن التعريف غير جامع لخروج خبر المبتدأ الثاني في نحو قولك: زيد أبوه قائم إذ لا يحصل به مع مبتدئه فائدة إذ الجملة الواقعة خبرًا غير مقصود إسنادها بالذات، ولذلك قالوا: إن النسبة فيها من قبيل النسبة التقييدية لا التامة، فمعنى زيد أبوه قائم زيد قائم الأب، وأيضًا لا بد في إفادة هذه الجملة من تقدم المرجع وغير مانع لشموله نحو يضرب في قولك زيد يضرب أبوه لحصول الفائدة به مع مبتدئه مع كونه ليس خبرًا بل جزء خبر. وأجيب عن الأول بأن المراد المتم الفائدة ولو بحسب الأصل. والجملة الواقعة خبرًا خبرها قبل جعلها خبرًا كذلك، ومن حيث نفس الإسناد وتوقف الإفادة على المرجع من حيث الضمير. وعن الثاني بأن المراد الفائدة المطلوبة والفائدة التي أفادها يضرب وحده غير الفائدة المطلوبة التي يفيدها جملة يضرب أبوه. واعلم أنه استشكل وقوع الاستدراك خبرًا في نحو زيد وإن كثر ماله لكنه بخيل مع وقوعه في كلامهم، وخرجه بعضهم على أن الاستدراك خبر عن المبتدأ مقيدًا بالغاية، وبعضهم جعل الخبر محذوفًا والاستدراك منه كذا في الشهاب على البيضاوي. قوله:"مع مبتدأ" خرج به فاعل الفعل ونائبه وقوله: "غير الوصف المذكور" خرج به فاعل الوصف المذكور ونائبه، فقول الشارح بعد: فلا يرد الفاعل أي فاعل الفعل وفاعل الوصف على التوزيع وما قاله البعض من أنه لو قيل بدل قولهم خرج الفاعل نائبه وخرج الفعل لكان حسنًا لأنه الذي يلتبس بالخبر من جهة كون كل حديثًا عن غيره مدفوع بأن الفاعل يلتبس أيضًا بالخبر من جهة كون كل اسمًا ملازم الرفع متأخرًا عن صاحبه من مبتدأ أو فعل.
قوله: "بدلالة المقام" راجع لكل من قوله مع مبتدأ وقوله غير الوصف المذكور أما في
ومفردًا يأتي ويأتي جمله
…
حاوية معنى الذي سيقت له
ــ
المقام والتمثيل بقوله: "كالله بر والأيادي شاهده" فلا يرد الفاعل ونحوه "ومفردًا يأتي" الخبر وهو الأصل. والمراد بالمفرد هنا ما ليس بجملة كبر وشاهدة "ويأتي جمله" وهي فعل مع فاعله، نحو زيد قام وزيد قام أبوه، أو مبتدأ مع خبره نحو زيد أبوه قائم. ويشترط في الجملة أن تكون "حاوية معنى" المبتدأ "الذي سيقت" خبرًا "له" ليحصل الربط، وذلك بأن يكون فيها ضميره لفظًا كما مثل، أو نية السمن منوان بدرهم أي منوان منه، أو خلف
ــ
الأول فلدلالة قوله: مبتدأ زيد إلخ على أن الخبر لا يصاحب إلا المبتدأ وأما في الثاني فدلالة قوله أغنى على أن الوصف لا خبر له. قوله: "كالله بر" أي محسن والأيادي جمع أيد جمع يد بمعنى النعمة مجازًا. قوله: "فلا يرد الفاعل ونحوه" يعني نائب الفاعل. قوله: "ومفردًا" حال من فاعل يأتي. قوله: "وهو الأصل" أي الغالب أو السابق لأنه جزء الجملة والجزء سابق على الكل. قوله: "ويأتي جملة" لم يقل وظرفًا وجارًا ومجرورًا لما سيفيده كلامه من أنهما لا يخرجان عن المفرد والجملة. واعلم أن الجملة أعم من الكلام لأنه لا يشترط أن يكون إسنادها مقصودًا لذاته بخلاف الكلام وقيل: ترادفه. قوله: "وهي فعل مع فاعله" لو قال كالفعل مع فاعله إلخ لكان أحسن ليدخل اسم الفعل مع فاعله نحو العقيق هيهات، والفعل مع نائب الفاعل نحو زيد ضرب، وكان مع اسمها وخبرها وإن كذلك، ولا فرق في الجملة بين أن تكون خبرية أو إنشائية على الصحيح بخلاف النعت فلا يصح بالانشائية. والفرق أن الغرض من النعت تمييز المنعوت للمخاطب ولا يميز له إلا بما هو معلوم عنده قبل الخطاب والانشائية ليست كذلك لأن مدلولها لا يحصل إلا بها لكن إذا وقعت الجملة الانشائية خبرًا طلبًا كانت أو غيره لم تكن خبريتها عن المبتدأ باعتبار نفس معناها القيامة بالطالب والمنشئ لا بالمبتدأ بل باعتبار تعلق معناها بالمبتدأ فإذا قلت: زيد اضربه فطلب الضرب صفة قائمة بالمتكلم وليس حالًا من أحوال زيد إلا باعتبار تعلقه به، وبهذا الاعتبار كانت الجملة خبرًا عنه فكأنه قيل زيد مطلوب ضربه أو مستحق لأن يطلب ضربه، وبه أيضًا صح احتمال الكلام للصدق والكذب. هذا خلاصة ما نقله الدماميني عن بعض المتأخرين وقال: هو في غاية الحسن.
قوله: "وزيد قام أبوه" قال الدماميني بعض المحققين على أنه لا إسناد للجملة من حيث هي جملة إلى زيد بل القيام في نفسه مسند إلى الأب ومع تقييده مسند إلى زيد وأما المجموع المركب من الأب والقيام والنسبة الحكمية بينهما فلم يسند إلى زيد ولذلك يؤوّلون زيد قام أبوه بأنه قائم الأب، وقولهم الخبر الجملة بأسرها توسع. ا. هـ. قوله:"حاوية معنى الذي إلخ" أي مشتملة على ما يدل على معنى المبتدأ. قوله: "وذلك" أي احتواؤها على معنى المبتدأ. قوله: "بأن يكون فيها ضميره" يشمل ضميره الذي عطف هو أو ملابسه على شيء في الجملة بالواو خاصة لأنها لمطلق الجمع، فالاسمان معها أو الأسماء كمثنى أو جمع فيه ضمير نحو زيد قام عمرو وهو أو وأبوه والذي في نعت أو بيان شيء فيها نحو زيد ضربت رجلًا يحبه أو ضربت عمرًا أخاه فإن قدرت أخاه بدلًا امتنعت المسألة بناء على المشهور أن عامل البدل ليس عامل
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عن ضميره كقوله: زوجي المس مس أرنب، والريح ريح زرنب، قيل: أل عوض عن الضمير، والأصل مسه مس أرنب وريحه ريح زرنب، كذا قوله الكوفيون وجماعة من البصريين وجعلوا منه:{وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى، فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} [النازعات: 40] ، أي مأواه والصحيح أن الضمير محذوف أي المس له أو منه، وهي المأوى له، وإلا لزم جواز نحو زيد الأب قائم وهو فاسد، أو كان فيها إشارة إليه
ــ
المبدل منه بل مقدر فكان الضمير من جملة أخرى، ومن ثم امتنع حسن الجارية الجارية أعجبتني هو لأن هو بدل اشتمال.
فائدة: قد يكون الضمير الذي في الجملة لغير المبتدأ ويحصل به الربط لقيامه قيام ظاهر مضاف لضمير المبتدأ كما في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْن} [البقرة: 234] بناء على قول الناظم كالكسائي الأصل يتربص أزواجهم فجيء بالنون مكان الأزواج لتقدم ذكرهن فامتنع ذكر الضمير لأن النون لا تضاف كسائر الضمائر، وحصل الربط بالضمير القائم مقام الظاهر المضاف إلى ضمير المبتدأ. وقيل: يقدر أزواج. قبل الذين وقيل يقدر أزواجهم قبل يتربصن. وقيل يقدر بعدهم بعد يتربصن كذا في المغني. قوله: "نحو السمن إلخ" وكقراءة ابن عامر في سورة الحديد: {وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى} [الحديد: 10]، وهي تشكل على ما نقله الدماميني من منع البصريين حذف الضمير العائد على لفظ كل إذا كان مبتدأ. قال ونص ابن عصفور على شذوذ قراءة ابن عامر. وسلك الأدب ابن أبي الربيع فقال جاء في الشعر وفي قليل من الكلام كقراءة ابن عامر. وحكى الصفار عن الكسائي والفراء إجازة ذلك. ا. هـ. قال في المغني: ولم يقرأ ابن عامر برفع كل في سورة النساء بل بنصبه كالجماعة مناسبة للفعلية قبله والفعلية بعده. قوله: "منوان" تثنية منا كعصا مكيال أو ميزان، وتقلب ألفه ياء أيضًا في التثنية كذا في القاموس، وهو مبتدأ ثان، وسوّغ الابتداء به الوصف المقدر أي منوان منه. قوله:"زوجي إلخ" ليس بيت شعر كما توهم، وكنت بذلك عن لين بشرته وطيب رائحته والزرنب نوع من الطيب، وقيل: نبات طيب الرائحة. وقيل: الزعفران.
قوله: "وإلا لزم جواز نحو زيد الأب قائم" قال سم: جواز ذلك لازم على الصحيح أيضًا. لا يقال: أهل المذهب الصحيح لا يجوزون مثل هذا التركيب ومحل ما ذهبوا إليه من تقدير له أو منه إذا لم يلزم اللبس وإلا وجب التصريح به لأنا نقول للكوفيين أيضًا أن يقولوا بنظير ذلك. قوله: "وهو فاسد" لإيهامه أن الأب نعت لزيد وأن زيدًا القائم مع أنه ابن والقائم أبوه. قوله: "أو كان فيها إشارة إلخ" عطف على مدخول أن في قوله بأن يكون فيها ضميره إلخ، ولو قال أو إشارة إليه إلخ لكان أخصر وأنسب. قوله:"ولباس التقوى" أي على قراءة من رفع لباس وأن ذلك مبتدأ إما على قراءة النصب عطفًا على لباسًا وهي سبعية أيضًا أو الرفع على أنه بدل أو عطف بيان أو نعت كما جوزه الفارسي وتبعه أبو البقاء وجماعة بناء على أن النعت قد يكون أعرف من المنعوت
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
نحو: {وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْر} [الأعراف: 26]، أو إعادته بلفظه نحو:{الْحَاقَّةُ، مَا الْحَاقَّةُ} [الحاقة: 1، 2]، قال أبو الحسن: أو بمعناه نحو زيد جاءني أبو عبد الله إذا كان أبو عبد الله كنية له، أو كان فيها عموم يشمله نحو زيد نعم الرجل. وقوله:
146-
فأما القتال لا قتال لديكم
كذا قالوه. وفيه نظر لاستلزامه جواز زيد مات الناس وخالد لا رجل في الدار، وهو غير جائز فالأولى، أن يخرج المثال على ما قاله أبو الحسن بناء على صحته، وعلى أن أل في فاعل نعم للعهد لا للجنس، أو وقع جملة مشتملة على ضميره بشرط كونها إما
ــ
فالخبر مفرد. قوله: "أو إعادته بلفظه" ولا يختص ذلك بمواقع التفخيم وإن كان فيها أكثر لأن وضع الظاهر موضع المضمر قياسي وإن لم يكن باللفظ الأول ذكره البعض. قوله: "ما الحاقة" ما للاستفهام التفخيمي مبتدأ ثان خبره ما بعده وسوّغ الابتداء بها عمومها على أنها معرفة عند ابن كيسان كما تقدم. قوله: "بمعناه" أي حال كون الإعادة ملتبسة بمعناه لا بلفظه الأول. قوله: "نحو زيد نعم الرجل" أي بناء على الأصح أن أل للجنس المستغرق لا للعهد ومثله نعم الرجل زيد على القول بأن زيد مبتدأ خبره الجملة قبله وأن أل للجنس المستغرق لا للعهد. قوله: "وهو غير جائز" قد يقال لا مانع من التزام جوازه أخذًا من هذا الكلام. اللهم إلا أن يكونوا صرحوا بامتناعه أفاده سم. قوله: "أن يخرّج المثال" أي زيد نعم الرجل هذا هو الظاهر أي ويخرّج البيت على أنه من إعادة المبتدأ بلفظه بناء على إرادة الجنس في المبتدأ واسم لا. قوله: "بناء على صحته" أي صحة ما قاله أبو الحسن وإنما قال ذلك لمخالفة الجمهور له.
قوله: "وعلى أن أل" أي وبناء على أن أل. قوله: "لا للجنس" أو للجنس ويراد بالجنس زيد مبالغة. قوله: "أو وقع بعدها إلخ" زاد في المغني عكس ذلك وهو أن تعطف على جملة مشتملة على ضمير المبتدأ جملة أخرى خالية منه بالفاء نحو: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّة} [الحج: 63] . قوله: "أما معطوفة إلخ" التحقيق أن الخبر مجموع الجملتين المتعاطفتين بالفاء أو الواو لا المعطوف عليها فقط فالرابط حينئذٍ الضمير. وانظر هل
146- تمام البيت:
ولكن سيرًا في عراض المواكب
وهو من الطويل، وهو للحارث بن خالد المخزومي في ديوانه ص45؛ وخزانة الأدب 1/ 425؛ والدرر 5/ 110؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص106؛ والأشباه والنظائر 2/ 153؛ وأوضح المسالك 4/ 234؛ والجني الدني ص524؛ وسر صناعة الإعراب ص597؛ وشرح شواهد الإيضاح ص107؛ وشرح شواهد المغني ص177؛ وشرح ابن عقيل ص597؛ وشرح المفصل 7/ 134، 9/ 412؛ والمنصف 3/ 188؛ ومغني اللبيب ص56؛ والمقاصد النحوية 1/ 577؛ 4/ 474؛ والمقتضب 2/ 71؛ وهمع الهوامع 2/ 67.
وإن تكن إياه معنى اكتفى
…
بها كنطقي الله حسبي وكفى
ــ
معطوفة بالفاء نحو زيد مات عمرو فورثه، وقوله:
147-
وإنسان عيني يحسر الماء تارة
…
فيبدو وتارات يجم فيعرق
قال هشام: أو الواو نحو زيد ماتت هند وورثها. وأما شرطًا مدلولًا على جوابه بالخبر نحو زيد يقوم عمرو إن قام "وإن تكن" الجملة الواقعة خبرًا عن المتبدأ "إياه معنى اكتفى
ــ
يقال مثل ذلك في نحو زيد يقوم عمرو إن قام الظاهر نعم. قوله: "يحسر" بضم السين أي ينكشف ويأتي متعديًا أيضًا فيقال حسره أي كشفه. ويجم بضم الجيم وكسرها أي يكثر ويتراكم. شمني.
قوله: "أو الواو" أي بناء على أن الواو للجمع في الجمل أيضًا. ورده في المغني بجواز هذان قائم وقاعد دون يقوم ويقعد. وفي كلام الرضي أو ثم فإنه قال الجملة التي يلزمها الضمير كخبر المبتدأ والصفة والصلة إذا عطفت جملة أخرى متعلقة بها معنى يكون مضمونها بعد مضمون الأولى بتراخ أو تعقب أو مقارنًا جاز تجريد إحدى الجملتين عن الضمير الرابط اكتفاء بما في أختها التي هي كجزئها سواء كان مضمون الأولى سببًا لمضمون الثانية كما في مثال الذباب أو لا كما تقول: الذي جاء فغربت الشمس زيد، لأن المعنى الذي بعقب مجيئه غروب الشمس زيد، وتقول: الذي جاء ثم غربت الشمس زيد لأن المعنى الذي تراخى عن مجيئه غروب الشمس زيد. وتقول: الذي تزول الجبال ولا يزول أنا إذ المعنى الذي يقترن عدم زواله بزوال الجبال أنا، فههنا تتساوى الواو والفاء وثم من جهة التعلق المعنوي وهو البعدية والاقتران المعلوم من قرينة الحال. بخلاف قولك الذي قام وقعدت هند أنا فإنه لا يجوز لعدم التعلق المعنوي وهو الاقتران إذ لا دليل عليه ولو وجد الدليل لجاز كما تقول الذي قام وقعدت هند في تلك الحال أنا. ا. هـ. وأقرّه الدماميني إلا أنه نظر في قصر التعلق المعنوي في الواو على الاقتران إذ قد تقوم القرينة فيها على التعقيب أو التراخي كما تقول الذي قام وقعدت هند يعقب تلك الحال أو بتراخ عنها أنا. قوله:"وان تكن إياه معنى إلخ" قال يس: قال الناظم في شرح التسهيل: الجملة المتحدة بالمبتدأ معنى كل جملة مخبر بها عن مفرد يدل على جملة كحديث وكلام ومنه ضمير الشأن. ا. هـ. وبه يسقط الاعتراض المشهور بأنه إن أريد بكون الجملة نفس المبتدأ الاتحاد في الماصدق ولو باعتبار قصد المتكلم دون الوضع فكل مبتدأ وخبر كذلك أو في المفهوم فباطل لأنه يؤدي إلى إلغاء الحمل. ا. هـ. وهذا يدل على أن المراد بالشأن القصة والحديث وأن المراد بخبره لفظ الجملة كما في منطوقي الله حسبي لا أن المراد بالشأن الحالة والصفة، وبخبره مضمون الجملة وإن نقله البعض
147- البيت من الطويل، وهو لذي الرمة في ديوانه ص460، وخزانة الأدب 2/ 192؛ والدرر 2/ 17، والمقاصد النحوية 1/ 578؛ 4/ 449؛ ولكثير في المحتسب 1/ 150؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 3/ 103، 7/ 257؛ وأوضح المسالك 3/ 362؛ وتذكرة النحاة 866؛ ومجالس ثعلب ص612؛ ومغني اللبيب 2/ 501؛ والمقرب 1/ 83؛ وهمع الهوامع 1/ 98.
والمفرد الجامد فارغ وإن
…
يشتق فهو ذو ضمير مستكن
ــ
بها" عن الرابط "كنطقي الله حسبي وكفى" فنطقي مبتدأ وجملة الله حسبي خبر عنه، ولا رابط فيها لأنها نفس المبتدأ في المعنى. والمراد بالنطق المنطوق، ومنه وقوله تعالى: {وَآَخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [يونس: 10] ، وقوله عليه الصلاة والسلام: "أفضل ما قلته أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله" "و" الخبر "والمفرد الجامد" منه "فارغ"
ــ
عن البهوتي وأقره. ومما يؤيد ذلك قولهم خبر ضمير الشأن لا يكون إلا جملة إذ لو لم يكن المراد بالشأن القصة والحديث بل الحالة والصفة لصح الإخبار عنه بالمفرد بأن يقال: هو الأحدية مثلًا فتنبه.
قوله: "اكتفى" أي المبتدأ بها والمعنى أنه لا ضمير فيها لا أنه مستغنى عنه مع إمكان الإتيان به. قوله: "كنطقي الله حسبي" الحكم على الخبر في هذا المثال ونحوه بأنه جملة إنما هو بحسب الظاهر أما في الحقيقة فمفرد كما قاله المرادي لأن المقصود بالجملة لفظها، فالمعنى منطوقي هذا اللفظ. والمراد بالنطق المنطوق والإضافة في نطقي للعهد. قوله:"وكفى" فاعله ضمير مستتر وهو من باب الحذف والإيصال والأصل وكفى به حسيبًا لأن الأكثر في فاعل كفى أن يجر بالباء الزائدة. ا. هـ. خالد مع زيادة. قوله: "وآخر دعواهم" أي دعائهم قال البعض كغيره أن مخففة من الثقيلة. ا. هـ. وهو غير مناسب لجعل الشارح الآية من الإخبار بجملة هي عين المبتدأ في المعنى لأن الخبر حينئذٍ مفرد لتأولها مع معموليها بمصدر وجعلها تفسيرية يمنعه أن التفسيرية يشترط كونها بعد جملة فيها معنى القول دون حروفه لأنها هنا بعد مفرد فتأمل. قوله: "منه" قدره للإشارة إلى أن الجامد مبتدأ ثان خبره فارغ والجملة خبر المفرد والرابط محذوف تقديره منه، وإنما فعل ذلك لئلا يعود الضمير في قوله وأن يشتق للموصوف بدون صفته على تقدير جعل الجامد صفة لأنه خلاف المتبادر وإن كان جائزًا عند القرينة وهي هنا استحالة كون الجامد مشتقًّا. وفيه أن جعل الجامد مبتدأ ثانيًا بتقدير الرابط خلاف المبتادر أيضًا إلا أن يقال تقدير الرابط كثير بخلاف إرجاع الضمير إلى الموصوف بدون صفته بل جعله الشاطبي خطأ مستدلًا بقول سيبويه وغيره من النحاة: الموصوف والصفة بمنزلة الاسم الواحد وإن نوزع في التخطئة. قوله: "فارغ" أي على الصحيح خلافًا للكوفيين في قولهم بتحمله الضمير ومحل الخلاف الجامد الذي ليس في تأويل المشتق أما هو كأسد بمعنى شجاع فمتحمل اتفاقًا والمناطقة يوجبون تأويل الجامد المحض بالمشتق في نحو هذا زيد لأن الجزئي الحقيقي لا يكون محمولًا عندهم أصلًا، فلا بد من تأويله بمعنى كلي وإن كان في الواقع منحصرًا في شخص، فيؤول زيد في نحو هذا زيد بصاحب هذا الاسم حتى عند من لا يشترط في الخبر أن يكون مشتقًا كذا في شرح الجامع. وقوله والمناطقة أي جمهورهم وإلا فمنهم من لا يوجب ذلك لتجويزه حمل الجزئي الحقيقي.
قوله: "بمعنى يصاغ من المصدر إلخ" هذا هو المشتق بالمعنى الأخص وهو المراد هنا أما المشتق بالمعنى الأعم فهو ما أخذ من المصدر للدلالة على ذات وحدث وهو بهذا المعنى يتناول
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
من ضمير المبتدأ خلافًا للكوفيين "وإن يشتق" المفرد بمعنى يصاغ من المصدر ليدل على متصف به كما صرح به في شرح التسهيل "فهو ذو ضمير مستكن" فيه يرجع إلى المبتدأ
ــ
أسماء الزمان والمكان والآلة فلا تصح إرادته هنا لخلو الثلاثة المذكورة من الضمير. والمراد بالمصدر ما يشمل المستعمل والمقدر ليدخل نحو ربعة من الصفات التي أهملت مصادرها. واستظهر بعضهم أن نحو ربعة ليس مشتقًا أصلًا بل أجري مجرى المشتق لكونه بمعناه كما قاله المصنف في نحو شمردل بمعنى طويل. قوله: "فهو ذو ضمير" أي واحد. نعم إن تعدد المشتق وجعل الخبر المجموع نحو الرمان حلو حامض ففيه خلاف: قيل: إنه واحد تحمله معنى المجموع المجعول خبرًا وهو مز لأنه لا يجوز خلو الخبرين من الضمير لئلا تنتقض قاعدة المشتق ولا انفراد أحدهما به لأنه ليس أولى من الآخر، ولا أن يكون فيهما ضمير واحد لأن عاملين لا يعملان في معمول واحد، ولا أن يكون فيهما ضميران لأنه يصير التقدير كله حلو وكله حامض وهو خلاف الغرض وقيل: واحد مستتر في الأول لأنه الخبر في الحقيقة والثاني كالصفة والتقدير الرمان حلو فيه حموضة. وقال الفارسي: واحد مستتر في الثاني لأن الأول بمنزلة الجزء من الثاني، والثاني هو تمام الخبر. وقال أبو حيان: اثنان تحملهما جزءا الخبر ولا يلزم أن يكون كل منهما خبرًا على حدته لأن المعنى أنه ذو طعم بين الحلاوة والحموضة الصرفتين. قال أبو حيان: وتظهر ثمرة الخلاف إذا جاء بعدهما اسم ظاهر نحو هذا البستان حلو حامض رمانه. فإن قلنا لا يتحمل إلا أحدهما تعين أن يكون الرمان مرفوعًا به، وإن قلنا: يتحمل كل كان من باب التنازع كذا في الهمع، ومحل كون الخبر المشتق ذا ضمير إذا لم يرفع الظاهر وإلا كان فارغًا لأنه لا يرفع فاعلين نحو زيد قائم أبوه. قوله:"مستكن" أي وجوبًا إلا لعارض يقتضي البروز كالحصر في نحو زيد ما قائم إلا هو، والجريان على غير من هو له في نحو زيد عمرو ضاربه هو، ومذهب سيبويه جواز الإبراز كما يؤخذ من تجويزه في نحو مررت برجل مكرمك هو أن يكون فاعلًا وتوكيدًا للضمير المستتر.
قوله: "يرجع إلى المبتدأ" الظاهر أن المراد إلى مبتدأ ذلك الخبر. وأورد عليه أنه قد يرجع إلى غيره في نحو زيد عمرو ضاربه هو، وأجيب بأن كلامه جرى على الغالب. وسينبه على خلاف الغالب بقوله: وأبرزته إلخ. وأجاب شيخنا بأن فرض كلام الناظم في المستكن فلهذا قال الشارح: يرجع إلى المبتدأ والضمير في المثال المذكور بارز، وهذا جواب وجيه كما لا يخفى على نبيه فالبعض الذي شنع عليه هو الأحق بالتشنيع والأجدر باللوم والتقريع. لا يقال جوابه وإن دفع إيراد المثال المذكور لا يدفع إيراد نحو زيد هند ضاربها لأن الضمير في الخبر مستتر مع رجوعه إلى غير مبتدئه لأنا نقول المتن جار على مذهب البصريين من وجوب إبراز الضمير إذا جرى الخبر على غير من هو له مطلقًا، وحينئذٍ لا يصح هذا المثال فلا يرد أصلًا فافهم. قوله:"ففي هذه الأخبار ضمير المبتدأ" ويرتفع بها الظاهر إذا جرت على غير من هي له كما يرتفع بالمشتقات نحو زيد أسد أبوه قاله الفارضي. قوله: "وأبرزنه" يوهم كلامه أن وجوب الإبراز خاص
وأبرزنه مطلقًا حيث تلا
…
ما ليس معناه له محصلا
ــ
والمشتق بالمعنى المذكور هو اسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبهة واسم التفضيل.
وأما أسماء الآلة والزمان والمكان فليست مشتقة بالمعنى المذكور من الجوامد وهو اصطلاح.
تنبيهان: الأول في معنى المشتق ما أول به نحو زيد أسد أي شجاع، وعمرو تميمي أي منتسب إلى تميم، وبكر ذو مال أي صاحب مال. ففي هذه الأخبار ضمير المبتدأ.
الثاني يتعين في الضمير المرفوع بالوصف أن يكون مستترًا أو منفصلًا ولا يجوز أن يكون بارزًا متصلًا، فألف قائمان وواو قائمون من قولك: الزيدان قائمان والزيدون قائمون ليستا بضميرين كما هما في يقومان ويقومون، بل حرفا تثنية وجمع وعلامتا إعراب "وأبرزنه" أي الضمير المذكور "مطلقًا" أي وإن أمن اللبس "حيث تلا" الخبر "ما" أي مبتدأ "ليس معناه" أي معنى الخبر "له" أي لذلك المبتدأ "محصلًا" مثاله عند خوف اللبس أن تقول عند إرادة الأخبار بضاربية زيد ومضروبية عمرو زيد عمرو ضاربه هو، فضاربه خبر عن عمرو ومعناه هو الضاربية لزيد، وبإبراز المضير علم ذلك ولو استتر آذن التركيب بعكس المعنى.
ومثال ما أمن فيه اللبس زيد هند ضاربها هو وهند زيد ضاربته هي فيجب الإبراز أيضا لجريان الخبر على غير من هو له. وقال الكوفيون: لا يجب الإبراز حيئنذ ووافقهم الناظم
ــ
بضمير الخبر المفرد مع أنه يجب في الجملة أيضًا نحو زيد عمرو ضربه هو لوجود المحذور فيها أيضًا، وكذا ما احتمل أن يكون مفردًا أو جملة من الظرف والجار والمجرور نحو زيد عمرو في داره هو أو عنده هو، وهل يجوز وضع الظاهر موضعه عند الإيهام؟ قال أبو حيان: نعم، وخالفه المرادي. قوله:"حيث تلا الخبر" مثله الحال والنعت والصلة كركب عمرو الفرس طارده هو، ومر زيد برجل ضاربه هو، وبكر الفرس الراكبه هو وكذا إذا وقعت الثلاثة جملة فعلية فالفعل كالوصف المفرد في الثلاثة والخبر حكمًا وخلافًا كما في الهمع.
قوله: "مثاله" أي الإبراز عند خوف اللبس والضمير في صورة الخوف فاعل عند الكل إلا الرضي فإنه قال تأكيد للضمير المستتر، وفي صورة الأمن فاعل عند البصريين. وجوز الكوفيون كونه فاعلًا وكونه تأكيدًا، وتظهر فائدة ذلك في التثنية والجمع فيقال على تقدير. فاعلية الضمير الهندان الزيدان ضاربتهما هما وعلى تقدير كونه تأكيدًا ضاربتاهما هما، ومثل ذلك الجمع المسموع من العرب إفراد الوصف في مثل ذلك إلا في لغة أكلوني البراغيث قال الدماميني. قوله:"ومثال ما أمن فيه اللبس" قال اللقاني: ينبغي أن يخص بظهوره إذا لم يلبس استتاره عموم قوله:
وفي اختيار لا يجيء المنفصل
…
إلخ
قوله: "واستدلوا لذلك إلخ" وجه التمسك به أن قومي مبتدأ أول وذرى المجد مبتدأ ثان وبانوها جمع بأن من بتي يبتي خبر الثاني والجملة خبر الأول والهاء عائدة على ذرى المجد
وأخبروا بظرف أو بحرف جر
…
ناوين معنى كائن أو استقر
ــ
في غير هذا الكتاب واستدلوا لذلك بقوله:
148-
قومي ذرى المجد نانوها وقد علمت
…
بكنه ذلك عدنان وقحطان
تنبيهان: الأول من الصور التي يتلو الخبر فيها ما ليس معناه له أن يرفع ظاهرًا نحو زيد قائم أبوه، فالهاء في أبوه هو الضمير الذي كان مستكنًا في قائم، ولا ضمير فيه حينئذ لامتناع أن يرفع شيئين ظاهرًا ومضمرًا. الثاني قد عرفت أنه لا يجب الإبراز في زيد هند ضاربته، ولا هند زيد ضاربها، ولا زيد عمرو ضاربه تريد الإخبار بضاربية عمرو لجريان الخبر على من هو له، بل يتعين الاستتار في هذ الأخير لما يلزم على الإبراز من إيهام ضاربية زيد "وأخبروا بظرف" نحو زيد عندك "أو بحرف جر" مع مجروره نحو زيد في
ــ
والعائد على المبتدأ الأول مستتر في بانوها فقد جرى الخبر على غير من هو له، ولم يبرز الضمير لكون اللبس مأمونًا للعلم بأن الذرى مبنية لا بانية، ولو أبرز لقيل على اللغة الفصحى بانيهاهم لأن الوصف كالفعل إذا أسند إلى ظاهر أو ضمير منفصل مثنى أو جمع وجب تجريده من علامتهما وعلى غير الفصحى بانوهاهم. وأجاب البصريون باحتمال أن يكون ذرى المجد معمولًا لوصف محذوف يفسره المذكور والأصل بانون ذرى المجد بانوها. وفيه أن اسم الفاعل هنا بمعنى المضي ومجرد من أل فلا عمل له فلا يفسر عاملًا. وأجيب بأنه لا مانع من أن يراد بالوصف الدوام والاستمرار فيكون بمنزلة الحال في صحة العمل فيفسر عاملًا كما قاله الناصر.
فائدة: تكتب ذرى بالألف عند البصريين لانقلاب ألفه عن واو، وياء عند الكوفيين لضم أوله. قوله:"قد عرفت" أي من مفهوم قوله:
ما ليس معناه له محصلا
قوله: "بظرف" أي تام يحصل بالإخبار به فائدة أخذًا من تعريف الخبر السابق. والمراد بالظرف ما يعم المكاني والزماني الواقع خبرًا عن غير جثة أو عنها مع الفائدة وقصره على المكاني كما فعل البعض قصور. قوله: "مع مجروره" لو قال ومجروره لكان أولى لاقتضاء عبارته أن المجرور قيد للخبر الذي هو حرف الجر كما هو شأن الحال والنعت لا جزء منه. هذا وقد حقق الرضي أن المحل أي محل النصب بالمتعلق المحذوف بناء على أنه الخبر أو بالمتعلق الملفوظ به في نحو زيد جالس في الدار وذهبت بزيد. أو الرفع بالمبني للمجهول في نحو مر بزيد إنما هو للمجرور فقط لأن الجار لتوصيل معاني الأفعال وما في حكمها إلى الأسماء كالهمزة والتضعيف في أذهبت زيدًا وفرحته، لكن هذا الذي حققه لا يقتضي أن الإخبار في الظاهر الذي أراده المصنف بالمجرور فقط، فتفريع البهوتي عن كلام الرضي أن الخبر المجرور فقط وأن
148- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 196، وتخليص الشواهد ص186؛ والدرر 2/ 9؛ وشرح التصريح 1/ 162؛ وشرح ابن عقيل ص109؛ وهمع الهوامع 1/ 96.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الدار "ناوين" متعلقهما إذ هو الخبر حقيقة حذف وجوبًا انتقل الضمير الذي كان فيه في
ــ
المصنف أطلق الجار وأراد المجرور مجازًا لعلاقة المجاورة غلط، وإن نقله البعض وأقره. وقال السيد في حواشي الكشاف المحل لمجموع الجار والمجرور في المستقر وللمجرور فقط في اللغو نحو:{أَنْعَمْتَ عَلَيْهِم} [الفاتحة: 7] ، ومر بزيد. ا. هـ. ومراده بالمحل الذي للمجموع في الخبر الظرفي محل الرفع بناء على أن الجار والمجرور هو الخبر فلا ينافي ما للرضي فتنبه. والحاصل أن محل المجموع في المستقر تارة يكون رفعًا إذا كان خبرًا وتارة يكون نصبًا إذا كان حالًا مثلًا، وتارة يكون جرًا إذا كان صفة لموصوف مجرور، ومحل المجرور في اللغو تارة يكون رفعًا كما في مر بزيد بالبناء للمجهول، وتارة يكون نصبًا كما في مررت بزيد ولا يكون جرًّا فاحفظ ذلك.
قوله: "إذا هو الخبر حقيقة" وقيل: الظرف أو الجار والمجرور وقيل: المجموع واختاره الرضي وابن الهمام. والقائل بالأول نظر إلى أن العامل هو الأصل وأن معموله قيد له، والقائل بالثاني نظر إلى الظاهر، والقائل بالثالث نظر إلى توقف مقصود المخبر على كل منهما. قال الروداني حاول بعضهم جعل الخلاف لفظيًّا، ومن تأمله حق التأمل علم أنه حقيقي، ثم الخلاف في المتعلق بالكون العام أما المتعلق بالكون الخاص فالخبر ذلك الخاص ذكر أو حذف لدليل اتفاقًا. واعلم أن كلًّا من الظرف والجار والمجرور قسمان: لغو ومستقر بفتح القاف فاللغو ما ذكر عامله ولا يكون إلا خاصًّا والمستقر ما حذف عامله عامًا كان ولا يكون إلا واجب الحذف أو خاصًا واجب الحذف نحو يوم الجمعة صمت فيه أو جائزه نحو زيد على الفرس أي راكب. وقيل: المستقر ما متعلقه عام واللغو ما متعلقه خاص وعليه اقتصر الدماميني وهو مقتضى قول المغني لا ينتقل الضمير من المحذوف إذا كان خاصًّا إلى الظرف والجار والمجرور. ا. هـ. وسمي اللغو لغوًا لخلوه من الضمير في المتعلق، والمستقر مستقرًّا أي مستقرًّا فيه لاستقرار الضمير فيه. قوله:"حذف وجوبًا" إنما قال وجوبًا لأن كلام المصنف في المتعلق العام، فاندفع اعتراض سم وأقره شيخنا والبعض بأن هذا يقتضي أن المحذوف كون عام إذ الخاص لا يجب حذفه في هذا المقام مع أن المحذوف قد يكون خاصًا كما أوضحه السيد في بحث الحمد لله من حاشية الكشاف هذا. وجوّز ابن جني إظهار المتعلق العام.
قوله: "وانتقل الضمير إلخ" في كلامه تلفيق من مذهبين فإن القائلين بالانتقال هم القائلون بأن الخبر الظرف أو الجار والمجرور وهم جمهور البصريين. وأما القائلون بأنه المتعلق فالضمير عندهم باق في المتعلق لم ينتقل كما يفيده كلام الهمع. وغيره وعبارة الهمع بعد ذكره القولين في أن الخبر الظرف أو متعلقه المقدر وأن التحقيق الثاني نصها والوجهان جاريان في عمله الرفع هل هو له حقيقة أو للمقدر وفي تحمله الضمير هل هو فيه حقيقة أو في المقدر والأكثرون في المسائل الثلاث على أن الحكم للظرف حقيقة. ا. هـ. ولهذا قال الروداني: هذا يعني قول الشاعر فإن يك جثماني إلخ دليل على ضعف أن الخبر المتعلق أو منعه، ودليل على ترجيح أنه الظرف لأن
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الظرف والجار والمجرور، وزعم السيرافي أنه حذف معه ولا ضمير في واحد منهما، وهو مردود بقوله:
149-
فإن يك جثماين بأرض سواكم
…
فإن فؤادي عندك الدهر أجمع
والمتعلق المنوي إما من قبيل المفرد وهو ما في "معنى كائن" نحو ثابت ومستقر
ــ
الضمير إنما يستكن في الخبر. ا. هـ. فاحفظ ذلك فقد غفل عنه. وأرجح الاحتمالات كما قاله ابن قاسم أن الانتقال مع الحذف لا قبله ولا بعده لأنه لا يلزم عليه شيء بخلاف الثاني فإنه يلزم عليه تفريغ العامل من الضمير وهو ممتنع، وأن أجيب بمنع امتناعه بدليل أنه بعد الحذف فارغ منه فقد يفرق بأنه بعد الحذف ناب عنه الظرف في تحمل الضمير فلم يضر فراغه منه بخلافه قبل الحذف وبخلاف الثالث فإنه يلزم عليه حذف العامل في الضمير المتصل مع بقائه وهو غير ممكن وإن أجيب بأن البعدية أمر اعتباري تقديري فإنه لا يخلو من ضعف فتأمل. قوله:"إلى الظرف والجار والمجرور" فيرتفع بهما على الفاعلية كارتفاعه بالمنتقل عنه وكذا يرتفع بهما السببي إن جاء بعدهما كزيد خلفك أبوه. شرح الجامع. قوله: "في واحد منهما" أي الظرف والجار والمجرور.
قوله: "وهو مردود بقوله فإن يك إلخ" وجهه أن أجمع لا يصح كونه تأكيدًا لفؤادي ولا للدهر لنصبهما ولا للضمير المحذوف مع المتعلق لامتناع حذف المؤكد على الراجح لمنافاة الحذف للتوكيد ولا لفؤادي باعتبار محله قبل دخول الناسخ لزوال الطالب للمحل بدخوله فتعين كونه تأكيدًا للضمير في الظرف. ولا يشكل عليه الفصل بالأجنبي وهو الدهر لجوازه ضرورة قاله في التصريح. أقول سبق في باب المعرب والمبني أن الخليل وسيبويه يجيزان حذف المؤكد، وسيأتي في باب إن أن مذهب الناظم تبعًا للكوفيين وبعض البصريين عدم اشتراط بقاء الطالب للمحل وأنه يجوز مراعاة حال المنسوخ وإن زال الابتداء بدخول الناسخ وعليه لا ينهض الرد على السيرافي. وقول الشاعر سواكم على حذف مضاف أي سوى أرضكم قاله السيوطي في شرح شواهد المغني وهو يفيد أن بأرض سواكم تركيب توصيفي لا إضافي وإلا لم يحتج لتقدير المضاف وقوله عندك ضبطه البغدادي بكسر الكاف قال: لأنه خطاب لامرأة وإنما قال: سواكم لأن المرأة قد تخاطب بخطاب جماعة الذكور مبالغة في سترها. قوله: "ناوين معنى إلخ" أي ناوين كائنًا أو استقر أو ما في معناهما لا خصوص هذا اللفظ قاله سم.
قوله: "ما في معنى كائن" من ظرفية الدال في المدلول والمراد كائن. وما في معناه من كل وصف عام المعنى ولو بمعنى الماضي لأن الوصف بمعنى الماضي يعمل في الجار والمجرور
149- البيت من الطويل، وهو لجميل بثينة في ديوانه ص111؛ وخزانة الأدب 1/ 359؛ والدرر 2/ 19؛ وسمط اللآلي ص505؛ وشرح التصريح 1/ 166؛ وشرح شواهد المغني 2/ 846؛ والمقاصد النحوية 1/ 525؛ ولكثير عزة في ديوانه ص404؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 201، ومغني اللبيب 2/ 442.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
"أو" الجملة وهو ما في معنى "استقر" وثبت والمختار عند الناظم الأول. قال في شرح الكافية: وكونه اسم فاعل أولى لوجهين: أحدهما أن تقدير اسم الفاعل لا يحوج إلى تقدير آخر لأنه واف بما يحتاج إليه المحل من تقدير خبر مرفوع. وتقدير الفعل يحوج إلى تقدير اسم فاعل إذ لا بد من الحكم بالرفع على محل الفعل إذا ظهر في موضع الخبر، والرفع المحكوم عليه به لا يظهر إلا في اسم الفاعل. الثاني أن كل موضع كان فيه الظرف خبرًا
ــ
اتفاقًا وفي الظرف على الأصح. وكائن المقدر من كان التامة لا الناقصة وإلا كان الظرف أو الجار والمجرور في موضع الخبر لها فيقدر له متعلق آخر وهكذا إلى ما لا نهاية له نقله الشمني عن السعد. واعلم أن الأصل تقدير المتعلق مقدمًا على الظرف والجار والمجرور كسائر العوامل مع معمولتها وقد يعرض ما يقتضي تقديره مؤخرًا نحو إن في الدار زيدًا لأن إن لا يليها مرفوعها ونحو في الدار زيد على تقديره فعلًا لأن الخبر الفعلي لا يتقدم على المبتدأ أما على تقديره وصفًا فيستوي الوجهان لأن رجحان تقديره مؤخرًا بكونه في الحقيقة الخبر والأصل في الخبر أن يتأخر عن المبتدأ يعارضه أن المتعلق عامل والأصل في العامل أن يتقدم على المعمول. هذا ما انحط عليه كلام ابن هشام في المغني. قوله: "أو الجملة" فيه أن المتعلق المنوي ليس الجملة بل الفعل وحده فكان ينبغي أن يقول والمتعلق المنوي إما من قبيل الاسم وهو ما في معنى كائن إلخ أو الفعل وهو ما في معنى استقر. ويمكن أن يجاب بأن تعبيره بالجملة للإشارة إلى أن الخبر الذي هو ظرف أو جار ومجرور لا يخرج عن أحد القسمين المارين في قوله:
ومفردًا يأتي ويأتي جمله
وإنما أفرده المصنف نظرًا إلى الظاهر أو إلى أنه لا يتعين فيه واحد فافهم. قوله: "والمختار عند الناظم الأول" ولهذا قدمه هنا واختار بعضهم الثاني وذهب ابن هشام إلى تساويهما ما لم يقتض المقام أحدهما فإذا كان المعنى على الحال قدر الاسم، أو المضارع أو على الاستقبال قدر المضارع، أو على المضي قدر الماضي، قال: فإن جهلت المعنى فقدر الوصف لأنه صالح للأزمنة كلها وإن كان حقيقة في الحال. ا. هـ. قال الدماميني: كيف يقدر مع الجهل ما هو ظاهر في الحال فالمخرج من العهدة أن لا يقدم على تقدير شيء معين بل يردد الأمر ويقال: إن أريد الماضي قدر كذا وإن أريد الحال قدر كذا وإن أريد المستقبل قدر كذا. قوله: "إلى تقدير آخر" بالتنوين وبالإضافة أي تقدير اسم فاعل آخر. قوله: "وتقدير الفعل يحوج إلخ" بحث فيه الدماميني بأن كون الجملة ذات محل من الإعراب لا يقتضي كونها مقدرة بمفرد مأخوذ منها بل يكفي في ذلك وقوعها موقع مفرد ما. قوله: "إلى تقدير اسم فاعل" أي إلى تقدير الفعل باسم فاعل. قوله: "إذا ظهر" أي الفعل. قوله: "والرفع المحكوم عليه به" أي على محل الفعل بالرفع وقوله لا يظهر إلا في اسم الفاعل أي فلا بد من تقدير الفعل به ثانيًا ليظهر الرفع، وفيه أن هذا يقتضي أن كل ما لم يظهر فيه الإعراب ولو مفردًا لا بد من تقديره بما يظهر فيه ولم يذهب أحد إلى ذلك ولا فارق، فالحق أن تقدير الفعل لا يحوج إلى تقدير شيء آخر كما تقدم. قوله:"وبعد أما إلخ"
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وقدر تعلقه بفعل أمكن تعلقه باسم الفاعل. وبعد أما وإذا الفجائية يتعين التعلق باسم الفاعل نحو أما عندك فريد، وخرجعت فإذا في الباب زيد لأن أما وإذا الفجائية لا يليهما فعل ظاهر ولا مقدر، وإذا تعين تقدير اسم الفاعل في بعض المواضع ولم يتعين تقدير الفعل في بعض المواضع وجب رد المحتمل إلى ما لا احتمال فيه ليجري الباب على سنن واحد. ثم قال: وهذا الذي دللت على أولويته هو مذهب سيبويه، والآخر مذهب الأخفش هذا كلامه. ولك أن تقول ما ذكره من الوجهين لا دلالة فيه لأن ما ذكره في الأول معارض بأن أصل العمل للفعل، وأما الثاني فوجوب كون المتعلق اسم فاعل بعد أما وإذا إنما هو لخصوص المحل كما إن وجوب كونه فعلًا في نحو جاء الذي في الدار وكل رجل في الدار فله درهم
ــ
في قوة التعليل المقدر أي ولا عكس لأنه بعد أما إلخ.
قوله: "وإذا الفجائية" في بعض النسح وإذا المفاجأة بإضافة الدال إلى المدلول. قوله: "يتعين التعلق باسم الفاعل" أما في أما فلأنها مقدرة بأداة الشرط وفعله أي أعني مهما يكن والجواب ما بعد الفاء فتعذر إيلاؤها الفعل لأن أداة الشرط لا يليها من الأفعال إلا فعل الشرط ثم جوابه. وأما في إذا فلأنها لا يليها إلا الاسم على الأصح فرقًا بينها وبين إذا الشرطية. قوله: "ولم يتعين تقدير الفعل في بعض المواضع" أي مواضع الخبر كما نبه عليه سابقًا بقوله: كان الظرف فيه خبرًا فلا ترد الصلة وصفة النكرة الواقعة مبتدأ وفي خبرها الفاء. قوله: "وجب رد المحتمل" أي ترجح لأن الخلاف إنما هو في الراجح. قوله: "لا دلالة" أي معمولًا بها فلا يرد أن المعارضة تمنع العمل بالمعارض بفتح الراء لا الدلالة. قوله: "معارض بأن إلخ" قد يقال: يتقوى الأول بأن الأصل في الخبر الإفراد. قوله: "إنما هو لخصوص المحل" أي لعارض اقتضاه خصوص المحل لا لوقوع الظرف أو الجار والمجرور وقد يقال: ما تعين تقديره في بعض مواضع الخبر لخصوص المحل أرجح مما لم يتعين في بعضها لخصوص المحل. قوله: "كما أن إلخ" تنظير في كون التعين لأمر عارض، وقوله: كذلك أي لخصوص المحل فليس قصد الشارح منع ما اقتضاه كلام المصنف في شرح الكافية من اختصاص التعين باسم الفاعل حتى يعترض على الشارح بأن كلام المصنف في الخبر لا في الصلة والصفة، لأنه لو كان قصده ذلك لقال وأما الثاني فممنوع بوجوب تقدير الفعل في نحو جاء الذي إلخ. قوله:"في نحو جاء الذي في الدار" قال ابن يعيش: إنما لم يجز في الصلة تقدير المفرد على أنه خبر لمحذوف على حد قراءة بعضهم تمامًا على الذي أحسن بالرفع لقلة ذلك واطراد هذا. ا. هـ. مغني. ولنا فيه بحث أسلفناه في الموصول. قوله: "وصفة النكرة إلخ" وأما قوله:
كل أمر مباعد أو مداني
…
فمنوط بحكمة المتعالي
فنادر. ا. هـ. مغني. قوله: "الواقعة مبتدأ" أي أو مضافًا إليها المبتدأ كما في المثال. قوله: "على أن ابن جني إلخ" هذا رد لقول المصنف في دليله الثاني وبعد أما وإذا الفجائية إلخ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كذلك لوجوب كون الصلة وصفة النكرة الواقعة مبتدأ في خبرها الفاء جملة، على أن ابن جني سأل أبا الفتح الزعفراني هل يجوز إذا زيدًا ضربته فقال: نعم فقال ابن جني: يلزمك إيلاء إذا الفجائية الفعل ولا يليها إلا الأسماء، فقال: لا يلزم ذلك لأن الفعل ملتزم الحذف، ويقال مثله في أما فالمحذور ظهور الفعل بعدهما لا تقديره بعدهما لأنهم يغتفرون في المقدرات ما لا يغتفرون في الملفوظات. سلمنا أنه لا يليهما الفعل ظاهرًا ولا مقدرًا لكن لا نسلم أنه وليهما فيما نحن فيه إذ لا يجوز تقديره بعد المبتدأ فيكون التقدير أما في الدار فزيد استقر، وخرجت فإذا في الباب زيد حصل. لا يقال: إن الفعل وإن قدر متأخرًا فهو في نية التقديم إذ رتبة العامل قبل المعمول لأنا نقول: هذا المعمول ليس في مركزه لكونه خبرًا مقدمًا وكون المتعلق فعلًا هو مذهب أكثر البصريين ونسب لسيبويه أيضًا.
تنبيه: إنما يجب حذف المتعلق المذكور حيث كان استقرارًا عامًّا كما تقدم، فإن
ــ
أورده بعد تسليم امتناع تقدير الفعل بعد أما وإذا الفجائية واللائق العكس كما هو مقرر في آداب البحث. قوله: "لا يلزم ذلك" أي لزومًا مضرًا وإلا فتقدير الفعل بعد إذا في مثاله لا بد منه. قوله: "إذ يجوز تقديره بعد المبتدأ" كان ينبغي أن يقول إذ يجب لما سيأتي أنه يجب تأخير الخبر إذا كان فعلًا ظاهرًا أو مقدرًا عن المبتدأ. فإن قلت علة امتناع تقديم الخبر الفعلي على المبتدأ خوف التباس الجملة الاسمية بالفعلية وهذا إنما يكون في الملفوظ لا المقدر. قلت أعطوا المقدر حكم الملفوظ وإن كانت العلة لا توجد في المقدر إجراء للباب على سنن واحد قاله الشمني. قوله: "ليس في مركزه" أي محله الأصلي بل مقدم فمتعلقه الذي هو ذلك العامل كذلك فالوالي لأما في الحقيقة والرتبة هو المبتدأ. قوله: "لكونه خبرًا" أي بحسب الظاهر أو على أحد الأقوال الثلاثة. قوله: "وكون إلخ" يظهر أنه وجه آخر لضعف ما ذهب إليه المصنف. قوله: "إنما يجب حذف المتعلق المذكور" أي في قول المصنف:
ناوين معنى كائن أو استقر
لكن لا بقيد عمومه المفهوم من هذه العبارة ليكون لقول الشارح حيث كان عامًّا فائدة. واعترض البعض تبعًا لشيخنا على الحصر بأنه قد يجب حذف المتعلق الخاص نحو يوم الجمعة صمت فيه والأمثال نحو الكلاب على البقر أي أرسل، وهو سهو عن كون موضوع الكلام متعلق الخبر الظرف أو الجار والمجرور كما يصرح به قوله المذكور. قوله:"وجب ذكره" أي إن لم يدل عليه دليل كما يؤخذ من التعليل فإن دل عليه دليل جاز حذفه نحو زيد على الفرس أي راكب، ومن لي بفلان أي من يتكفل لي به لكن لا ينتقل الضمير من الخاص إلى الظرف ولا يسمى معه الظرف خبرًا ولا يكون محله رفعًا ذكره الدماميني. قوله:"ولا يكون اسم زمان خبرًا عن جثة" أي ذات والتقييد باسم الزمان والجثة نظرًا للغالب من أن اسم الزمان إنما يفيد الإخبار به عن المعنى لا عن الجثة، وأن ظرف المكان يفيد الإخبار به عن كليهما، فإن لم يفد الإخبار
ولا يكون اسم زمان خبرا
…
عن جثة وإن يفد فأخبرا
ــ
كان استقرارًّا خاصًّا نحو زيد جالس عندك أو نائم في الدار وجب ذكره لعدم دلالتهما عليه عند الحذف حينئذ "ولا يكون اسم زمان خبرا عن جثة" فلا يقال: زيد اليوم لعدم الفائدة "وإن يفد" ذلك بواسطة تقدير مضاف هو معنى "فأخبرا" كما في قولهم الهلال الليلة والرطب شهري ربيع، واليوم خمر وغدًا امر، وقوله: أكل عام نعم تحوونه، اي طلوع
ــ
بالزمان عن المعنى نحو القتال زمانًا أو حينًا وبالمكان عن الجثة أو المعنى نحو زيد أو القتال مكانًا امتنع. هذا محصل ما ذكره الشاطبي قال سم: وهو حسن جدًّا ومن المعنى الزمان نحو الجمعة اليوم ومثل الخبر الحال والصفة والصلة. وما ذكره المصنف مبني كما استظهره سم على مذهب من يشترط تجدد الفائدة، أما على مذهب من لا يشترط تجددها فيجوز. واعلم أن الزمان إذا أخبر به عن المعنى يرفع غالبًا إن استغرق المعنى جميع الزمان أو أكثره وكان الزمان نكرة نحو الصوم يوم والسير شهر أي زمن الصوم يوم إلخ وقد ينصب ويجر بفي، فإن لم يستغرق الجميع أو الأكثر أو كان الزمان معرفة نصب أو جر بفي غالبًا نحو الخروج يومًا أو في يوم والصوم اليوم أو في اليوم، وقد يرفع ومنه:{الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَات} [البقرة: 197] ، وأن ظرف المكان المتصرف إذا أخبر به عن اسم عين ترجح رفعه على نصبه إن كان المكان نكرة نحو المسلمون جانب والمشركون جانب، ويجوز جانبًا، فإن كان معرفة ترجح نصبه على رفعه نحو زيد أمامك وداري خلف دارك بالنصب، ويجوز الرفع ولا يختص رفع المعرفة بكونها بعد اسم مكان كما علمت من التمثيل خلافًا للكوفيين ويجب نصب غير المتصرف كفوق. ثم اعلم أنه يجوز رفع اليوم ونصبه إذا أخبر به عن اسم زمان تضمن عملًا كاليوم الجمعة أو السبت أو العيد لتضمنها معنى الجمع والقطع والعود، ومنه اليوم يومك لتضمنه معنى شأنك الذي تذكر به، ويتعين الرفع إذا لم يتضمن كالأحد إلى الخميس وأجاز الفراء وهشام النصب. ويتعين رفع أسماء الشهور في نحو أول السنة المحرم، والوقت الطيب المحرم أفاده في الهمع. وقوله وأن ظرف المكان المتصرف إذا أخبر به عن اسم عين إلخ الظاهر أن اسم المعنى كاسم العين في ذلك فتدبر.
قوله: "بواسطة تقدير مضاف" اعلم أن الفائدة تحصل بأحد أمور ثلاثة: الأول أن يتخصص الزمان بوصف أو إضافة مع جره بفي كنحن في يوم طيب أو شهر كذا. الثاني أن تكون الذات مشبهة للمعنى في تجددها وقتًا فوقتًا نحو الرطب شهري ربيع. الثالث تقدير مضاف هو معنى نحو اليوم خمر. إذا علمت ذلك ظهر لك أن اقتصار الشارح على الثالث ليس في محله وأن نحو الرطب شهري ربيع لا يحتاج إلى تقدير المضاف لمشابهته للمعنى فيما ذكر كما قاله الناظم في تسهيله، لكن يدفع عنه الاعتراض قوله هذا مذهب جمهور البصريين. قوله:"وغد أمر" من تتمة المثال ولا شاهد فيه لأن الإخبار فيه عن معنى. وهذا الكلام قاله امرؤ القيس حين أخبر بقتل والده. قوله: "هذا مذهب جمهور البصريين" الإشارة إلى تقدير المضاف الذي به حصلت الفائدة بدليل المقابلة بقوله وذهب قوم إلخ. قوله: "نظرًا إلى أن هذه الأشياء تشبه المعنى إلخ" الشبه المذكور غير ظاهر بالنسبة لقولهم: اليوم خمر وقوله: أكل عام إلخ والتقصير من الشارح لأن
ولا يجوز الابتدا بالنكرة
…
ما لم تفد كعند زيد نمره
ــ
الهلال ووجود الرطب وشرب خمر وإحراز نعم، فالإخبار حينئذ باسم الزمان إنما هو عن معنى لا جثة. هذا مذهب جمهور البصريين، وذهب قوم منهم الناظم في تسهيله إلى عدم تقدير مضاف نظرًا إلى أن هذه الأشياء تشبه المعنى لحدوثها وقتًا بعد وقت وهذا الذي يقتضيه إطلاقه "ولا يجوز الابتدا بالنكرة ما لم تفد" كما هو الغالب فإن أفادت جاز الابتداء بها ولم يشترط سيبويه والمتقدمون لجواز الابتداء بالنكرة إلى حصول الفائدة. ورأى المتأخرون أنه ليس كل أحد يهتدي إلى مواضع الفائدة فتتبعوها، فمن مقل مخل ومن مكثر مورد ما لا يصح، أو معدد لأمور متداخلة، والذي يظهر انحصار مقصود ما ذكروه
ــ
المصنف لم ينظر إلى ذلك في هذه الأشياء كلها كما يعلم بالوقوف على التسهيل.
قوله: "ولا يجوز الابتداء بالنكرة" لأن معناها غير معين والإخبار عن غير المعين لا يفيد ما لم يقارنه ما يحصل به نوع فائدة كالمسوّغات الآتية. ولا يرد مجيء الفاعل نكرة مع أنه مخبر عنه في المعنى لتخصصه قبل ذكره بالحكم المتقدم عليه كذا قالوا. ومقتضاه جواز الابتداء بالنكرة إذا تقدم خبرها أي خبر كان نحو قائم رجل ولم يقولوا بذلك مع أنه مبحوث فيه بأن اختصاص الفاعل بالحكم أثر الحكم، فيكون الحكم على غير مختص ولذا اختار الرضي أن الفاعل كالمبتدأ فتأمل. والكلام في النكرة المخبر عنها كما يرشد إليه التعليل السابق لا التي لها فاعل أغنى عن الخبر لصحة الابتداء بها وإن كانت نكرة محضة كما سيأتي عن الدماميني. ثم ما ذكره مبني على اشتراط تجده الفائدة أما من لا يشترطها فيجوز عنده الابتداء بها مطلقًا. ويمكن أن يقال منعه هنا من الابتداء بالنكرة وسابقًا من الاخبار باسم الذات عن الجثة باعتبار الكلام المعتد به عند البلغاء لا مطلق الكلام فيكون كلامه جاريًا على القولين. قوله:"كما هو" أي عدم الإفادة والأحسن أن الكاف بمعنى لام التعليل لمقدر أي وتخصيص النكرة بالذكر مع أن الإفادة شرط في الكلام مطلقًا لأن الغالب عدم إفادة الابتداء بالنكرة. قوله: "ولم يشترط سيبويه والمتقدمون إلخ" يعني أنهم لم يعتنوا بتعديد الأماكن التي يسوغ الابتداء فيها بالنكرة، وإنما ذكروا ضابطًا كليًا وهو أنه متى حصلت الفائدة جاز الإخبار عن النكرة. دماميني. قوله:"إلى حصول الفائدة" أي علم حصولها إذ نفس الحصول متأخر عن الابتداء والشرط مقارن. قاله الناصر وهو إنما يظهر إذا أريد الحصول بالفعل لا الحصول بالشأن فافهم. وفي يس لنا نكرة لا تحتاج إلى مسوغ مذ ومنذ.
قوله: "فمن مقلّ مخلّ" فيه أوجه: من أظهرها أن من تبعيضية والجار والمجرور خبر مبتدأ محذوف والمجرور صفة لمحذوف والتقدير فبعضهم من فريق مقل مخل. قوله: "انحصار مقصود ما ذكروه إلخ" قد يتوقف في اندراج بعض ما ذكروه فيما سيذكر ككون النكرة محصورة بإنما في نحو إنما رجل قائم أفاده الدماميني. قوله: "أن يكون الخبر مختصًا" المراد بالاختصاص هنا أن يكون المجرور في الخبر الجار والمجرور والمضاف إليه في الظرف والمسند إليه في الجملة صالحًا للإخبار عنه قاله الشمني. قوله: "كعند زيد نمرة" هي اسم لبردة
وهل فتى فيكم فما حل لنا
…
ورحل من الكرام عندنا
ــ
في الذي سيذكر، وذلك خمسة عشر أمرًا: الأول أن يكون الخبر مختصًّا ظرفًا أو مجرورًا أو جملة ويتقدم عليها "كعند زيد نمره" وفي الدار رجل، وقصدك غلامه إنسان، قيل: ولا دخل للتقديم في التسويع وإنما هو لما في التأخير من توهم الوصف. فإن قلت: الاختصاص نحو عند رجل مال، ولإنسان ثوب امتنع لعدم الفائدة. الثاني أن تكون عامة إما بنفسها كأسماء الشرط والاستفهام نحو من يقم أكرمه وما تفعل أفعل، ونحو من عندك وما عندك، أو بغيرها وهي الواقعة في سياق استفهام أو نفي نحو:{أَإِلَهٌ مَعَ اللَّه} [النمل: 60]"وهل فتى فيكم فما خل لنا" وما أحد أغير من الله. الثالث أن تخصص بوصف إما لفظًا نحو:
ــ
من صوف تلبسها الأعراب. غزي. قوله: "قيل ولا دخل إلخ" قائله ابن هشام في المغني ووجه تمريض هذا القول أن المبتدأ يتخصص بتقديم الخبر كما قيل بذلك في الفاعل لأنه إذا قيل في الدار علم أن ما يذكره بعد وهو رجل مثلًا موصوف بالاستقرار في الدار فهو في قوة التخصيص بالصفة كما في الجامي وأقره شيخنا والبعض. وقد يقال كان ينبغي حينئذٍ الاكتفاء بالتقديم في التسويغ وإن لم يكن الخبر ظرفًا أو جارًّا ومجرورًا أو جملة مع أنه يرد عليه أن اختصاص المبتدأ المؤخر بالحكم أثر الحكم فيكون الحكم على غير مختص كما مر نظيره في الفرق بين المبتدأ والفاعل. ولذا قال غير واحد الحق ما قاله ابن هشام فتدبر. قوله: "فإن فات الاختصاص إلخ" لم يمثل لفوات الاختصاص في الجملة فيوهم كلامه أنها لا تكون إلا مختصة مع أنها قد تكون غير مختصة كما في ولد له ولد رجل كذا ينبغي أن يمثل. وأما تمثيل البهوتي بمات في يوم رجل فغير صحيح وإن أقره البعض لفساده على تقدير اختصاصه أيضًا لأن فيه تقديم الخبر الفعلي الرافع لضمير المبتدأ على المبتدأ. قوله: "وما تفعل أفعل" التمثيل به مبني على أن ما مبتدأ والعائد محذوف أي ما تفعله أفعله لا على أن ما مفعول مقدم لتفعل. قوله: "في سياق استفهام" اعترض بأن الكلام في العموم الشمولي والنكرة في سياق الاستفهام إنما يكون عمومها شموليًّا إذا كان إنكاريًا كما في الآية التي مثل بها الشارح لأنه في معنى النفي لا إذا كان غير إنكاري كما في مثال المصنف. نعم قد تكون في غير المنفي وما في معناه والنهي للعموم الشمولي مجازًا فينزل عليه مثال المصنف، على أنه لا مانع من جعل الاستفهام في مثاله أيضًا إنكاريًّا فلا يكون ثم إشكال فتدبر.
قوله: "وما أحد أغير من الله" الأنسب بالمقام جعل ما تميمية لأن الكلام في المبتدأ في الحال. قوله: "أن تخصص بوصف" مقتضاه جواز حيوان ناطق في الدار وامتناع إنسان في الدار لوصف المبتدأ في الأول وعدمه في الثاني مع أن المعنى متحد فيهما. ويمكن الفرق بأن في الأول نكتة الإجمال ثم التفصيل بخلاف الثاني. ثم رأيت سم نقل بهامش الدماميني عن شيخه السيد الصفوي ما نصه: تحقيق المقام أن العرب اعتبروا التخصيص لنكتة توجد في بعض المواضع وحكموا باطراد الحكم لتلك النكتة وإن لم يظهر أثرها في بعض المواضع. وعلى هذا
ورغبة في الخير وعمل
…
بر يزين وليقس ما لم يقل
ــ
{وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ} [البقرة: 221]، "ورجل من الكرام عندنا" أو تقديرًا نحو:{وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ} [آل عمران: 154] ، أي وطائفة من غيركم بدليل ما قبله، وقولهم: السمن منوان بدرهم أي منه. ومنه قولهم: شر أهر ذا ناب أي شر عظيم، أو معنى نحو رجيل عندنا لأنه في معنى رجل صغير، ومنه ما أحسن زيدًا لأن معناه شيء عظيم حسن زيدًا، فإن كان الوصف غير محخصص لم يجز نحو رجل من الناس جاءني لعدم الفائدة. الرابع أن تكون عاملة إما رفعًا نحو قائم الزيدان إذا جوزناه أونصبًا نحو أمر بمعروف صدقة ونهي عن منكر صدقة "ورغبة في الخير خير" وأفضل منك عندنا؛ إذ المجرور فيها منصوب المحل بالمصدر والوصف، أو جرًّا نحو خمس صلوات كتبهن الله "وعمل بر يزين" ومثلك لا يبخل، وغيرك لا يجود. الخامس العطف بشرط أن يكون أحد
ــ
اندفع الإيراد لأن الحكم بعدم إنسان وصحة حيوان ناطق لا لأمر معنوي فيهما بل لقاعدة حكموا بها لنكتة يظهر أثرها في موضع آخر طرد اللباب فافهمه ينفعك في مواضع. ا. هـ. قوله: "نحو ولعبد مؤمن" وقيل: المسوغ معنى العموم. وقيل: لام الابتداء. قوله: "وطائفة قد أهمتهم أنفسهم" الواو للحال فهي مسوغ آخر. وقوله من غيركم المراد بالغير المنافقون. قوله: "شرّ أهر ذا ناب" أي جعل الكلب هارًا أي مصوتًا مثل يضرب عند ظهور أمارات الشر. قوله: "أو معنى" الفرق بين الموصوف تقديرًا والموصوف معنى أن استفادة الوصف في الأول من مقدر وفي الثاني من النكرة المذكورة بقرينة لفظية كياء التصغير أو حالية كما في التعجب. وقد يصح في المعنوي التصريح بالوصف كما في صورة التصغير فما ذكره شيخنا والبعض هنا من الفرق بأن الأول يصح التصريح معه بالوصف بخلاف الثاني فيه نظر.
قوله: "نحو قائم الزيدان إذا جوزناه" أي حكمنا بجوازه على رأي من لا يشترط اعتماد الوصف على نفي أو استفهام وتعقبه الدماميني بأن الكلام في المبتدأ المخبر عنه أما الوصف الرافع لمغن عن الخبر فشرطه التنكير كما نصوا عليه فكان الصواب التمثيل بنحو ضرب الزيدان حسن، ويؤيد تعقبه أن تعليلهم امتناع الابتداء بالنكرة بأنها مجهولة والحكم على المجهول لا يفيد لا يجري فيه لأن المبتدأ هنا محكوم به لا محكوم عليه. قوله:"خمس صلوات" مبتدأ وجعلة كتبهن الله أي أوجبهن نعت. وقوله في اليوم والليلة، خبر أو جملة كتبهن خبر وقوله في اليوم والليلة خبر بعد خبر. ولا يظهر جعله ظرفًا لغوًا متعلقًا بكتب لاستلزامه كون الكتب في كل يوم وليلة مع أن الكتب في ليلة الإسراء إظهار وفي الأزل قضاء. قوله:"ومثلك لا يبخل وغيرك لا يجود" لا يقال: المبتدأ فيهما معرفة لإضافته إلى الضمير لتوغل مثل وغير في الإبهام فلا تفيدهما الإضافة تعريفًا. قوله: "العطف بشرط إلخ" إنما كان العطف بهذا الشرط مسوغًا لأن حرف العطف مشرك فهو يصير المتعاطفين كالشيء الواحد فالمسوّغ في أحدهما مسوّغ في الآخر. قوله: "يجوز الابتداء به" بأن يكون معرفة أو نكرة مسوغة فتحته أربع صور لكن الشارح اقتصر في التمثيل على صورتي التنكير لعلم صورتي التعريف بالأولى. قوله: "طاعة وقول معروف"
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المتعاطفين يجوز الابتداء به نحو: {طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ} [محمد: 21] ، أي أمثل من غيرهما، ونحو:{قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى} [البقرة: 263]، السادس أن يراد بها الحقيقة نحو رجل من امرأة. ومنه تمرة خير من جرادة. السابع أن تكون في معنى الفعل وهذا شامل لما يراد بها الدعاء نحو:{سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ} [الصافات: 130]، {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ} [المطففين: 1] ، ولما يراد بها التعجب نحو عجب لزيد. وقوله:
150-
عجب لتلك قضية وإقامتي
…
فيكم على تلك القضية أعجب
ونحو قائم الزيدان عند من جوزه فيكون فيه مسوغًا كما في نحو: {وَعِنْدَنَا كِتَابٌ
ــ
مثال من غير القرآن. أما طاعة وقول معروف الذي في قوله تعالى: {فَأَوْلَى لَهُمْ، طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ} [محمد: 21]، فليس خبره مقدرًا بل مذكور قبله وهو أولى أو هو خبر وأولى مبتدأ. قوله:"أن يراد بها الحقيقة" أي الماهية من حيث هي وقال في شرح الجامع باعتبار وجودها في فرد غير معين فتعم حينئذٍ جميع الأفراد إذ ليس بعض أولى بالحمل عليه من بعض آخر ولهذا عبر ابن مالك عن هذا المسوغ بأن يراد بالنكرة العموم. ا. هـ. وأراد بقوله فتعم حينئذٍ إلخ العموم الشمولي لأنه المسوغ. وفي تفريعه على إرادة الحقيقة في ضمن فرد ما نظر
علم مما أسلفناه. وأما تعبير ابن مالك عن هذا المسوغ بأن يراد بالنكرة العموم فينبغي حمله على إرادة الحقيقة في ضمن كل فرد وكأنه قيل كل رجل خير من كل امرأة أي باعتبار حقيقته فلا ينافي أن بعض أفراد المرأة خير باعتبار ما اشتمل عليه من الخصوصيات.
قوله: "لما يراد بها الدعاء" أي لشخص أو عليه. قوله: "عجب" مبتدأ ولتلك خبر وقضية بالنصب على الحال أو تمييز المفرد والجر على البدلية من تلك والرفع على الخبرية لمحذوف. قيل الوجه نصب عجبًا بالفعل المحذوف وجوبًا كما في حمدًا وشكرًا لعدم اطراد الرفع في مثل ذلك على ما يقتضيه كلام سيبويه وهو لا يرد على البيت لأن الرفع فيه مسموع بل على المثال. قوله: "فيكون فيه مسوغان" هما كونه في معنى الفعل وعمله الرفع فيما بعده. وقوله: كما في نحو إلخ أي كالمسوغين في نحو إلخ وهما الوصف وكون الخبر مجرورًا مختصًا مقدمًا. قوله: "إن منعه" أي قائم الزيدان. قوله: "وقوع ذلك" أي معنى الخبر كالتكلم في المثال. قوله: "في أول الجملة الحالية" أي لحصول الفائدة بجعل نسبة هذه الجملة قيدًا لما قبلها وعلل في المغني إفادة الابتداء بالنكرة في أول الجملة الحالية وبعد إذا الفجائية بأن العادة لا توجب مقارنة
150- البيت من الكامل، وهو لضمرة بن جابر في الدرر 3/ 72؛ ولهني بن أحمر في الكتاب 1/ 319؛ ولسان العرب 6/ 61 "حيس"؛ ولهمام بن مرة في الحماسة الشجرية 1/ 256؛ ولرؤبة في شرح المفصل 1/ 114؛ وبلا نسبة في سمط اللآلي ص288؛ وشرح التصريح 2/ 87؛ وشرح قطر الندى ص321؛ وهمع الهوامع 1/ 191.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
حَفِيظٌ} [ق: 4] فقد بان أن منعه عند الجمهور ليس لعدم المسوغ بل لعدم شرط الاكتفاء بمرفوعه وهو الاعتماد. الثامن أن يكون وقوع ذلك للنكرة من خوارق العادة نحو بقرة تكلمت. التاسع أن تقع في أول الجملة الحالية ذات الواو وذات الضمير كقوله:
151-
صرينا ونجم قد أضاء فمذ بدا
…
محياك أخفى ضوءه كل شارق
وكقوله:
152-
الذئب يطرقها في الدهر واحدة
…
وكل يوم تراني مدية بيدي
العاشر أن تقع إذا المفاجأة نحو خرجت فإذا أسد بالباب. وقوله:
ــ
معنى العامل لمعنى الجملة الحالية ولا مفاجأة الأسد مثلًا عند الخروج وبه يتضح التعليل الأول. قوله: "محياك" أي وجهك وقوله: كل شارق أي كل كوكب طالع من شرق يشرق شروقًا كطلع يطلع طلوعًا لفظًا ومعنى. قوله: "الذئب يطرقها إلخ" قبله:
تركت ضأني تود الذئب راعيها
…
وأنها لا تراني آخر الأبد
والشاهد في قوله مدية بيدي فإنها جملة حالية من ياء المتكلم مبتدؤها نكرة والرابط الضمير في بيدي وروي نصب مدية على أنه مفعول لحال محذوفة أي ممسكًا كما في المغني أو على أنه بدل اشتمال من الياء كما ارتضاه الدماميني وناقشه الشمني بأن بدل الاشتمال ما اشتمل المبدل منه عليه من حيث إشعاره به إجمالًا وتقاضيه له بوجه ما، وليست المدية مع ضمير المتكلم كذلك. والطروق والطرق المجيء ليلًا، وضمير يطرقها بضم الراء كما في المصباح وغيره للضأن. وقوله: واحدة أي مرة واحدة والمدية السكين وتفرقة الشاعر بينه وبين الذئب بما ذكره بقوله الذئب يطرقها إلخ غير ظاهرة فتأمل. قوله: "حسبتك في الوغى إلخ" الوغى الحرب، وبردى تثنية برد على ما قاله البعض، وضبطه شيخنا السيد بفتحات على وزن جمزي قال: وهو البحر وجبل بالحجاز، والخور بفتح الخاء المعجمة والواو الجبن، وهو مبتدأ خبره الظرف بعده، وسحقًا بضم السين كما في القاموس أي بعدًا.
151- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر 3/ 98؛ وتخليص الشواهد ص193؛ والدرر 2/ 23؛ وشرح شواهد المغني 2/ 863؛ وشرح ابن عقيل ص114؛ ومغني اللبيب؛ والمقاصد النحوية 1/ 546؛ وهمع الهوامع 1/ 1014.
152-
البيت من البسيط، وهو للحماسي في تخليص الشواهد ص196؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 3/ 98؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1570، وشرح شواهد المغني 2/ 864؛ ومغني اللبيب 2/ 471.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
153-
حسبتك في الوغى بردي حروب
…
إذا خور لديك فقلت سحقا
بناء على أن إذا حرف كما يقول الناظم تبعًا للأخفش، لا ظرف مكان كما يقول ابن عصفور تبعًا للمبرد، ولا زمان كما يقول الزمخشري تبعًا للزجاج. الحادي عشر أن تقع بعد لولا كقوله:
154-
لولا اصطبار لأودى كل ذي مقة
الثاني عشر أن تقع بعد لام الابتداء نحو لرجل قائم. الثالث عشر أن تقع جوابًا نحو رجل في جواب من عندك التقدير رجل عندي. الرابع عشر أن تقع بعد كم الخبرية كقوله:
155-
كم عمة لك يا جرير وخالة
…
فدعاء قد حلبت علي عشاري
ــ
قوله: "لا ظرف مكان" وعلى هذين القولين تكون هي الخبر والمسوغ وصفه في المثال بقوله بالباب، وفي البيت بقوله لديك كذا قيل وهو ظاهر في البيت على القولين لكون المبتدأ فيه اسم معنى، وأما في المثال فلا يظهر على القول بأنه ظرف زمان لكون المبتدأ فيه اسم عين إلا أن يقدر مضاف هو معنى أي رؤية أسد أو وجود أسد. قوله:"أن تقع بعد لولا" إنما كان هذا مسوغًا لحصول الفائدة بتعليق الجواب على الجملة المبتدأ فيها بالنكرة. قوله: "لأودي كل ذي مقة" بكسر الميم أي هلك كل ذي محبة والهاء عوض من الواو يقال ومقه يمقه بالكسر فيهما أي أحبه فهو وامق. قوله: "أن تقع بعد لام الابتداء" أي لتخصيص مدخولها بالتأكيد بها. قوله: "التقدير رجل عندي" وليس التقدير عندي رجل إلا على ضعف لأن الجواب يسلك به سبيل السؤال قاله المصنف في شرح التسهيل. قال سم: هذا الدليل يقتضي أنه لا فرق بين المعرفة والنكرة في السلوك بالجواب سبيل السؤال ويؤيده كلام غيره. قوله: "كقوله كم عمة إلخ" أي بناء على أن كم خبرية أو للاستفهام التهكمي في محل نصب على الظرفية أو المصدرية مميزها محذوف أي كم وقت أو كم حلبة بجر التمييز إن كانت خبرية ونصبه إن كانت استفهامية، وناصبها حلبت، وعمة مرفوع بالابتداء ولك صفة عمة، وفدعاء صفة خالة، والخبر قد حلبت فيكون فيه مسوغان. أما على أن كم استفهامية وعمة بالنصب تمييز لها أو خبرية وعمة بالجر تمييز
153- البيت من الوافر، وهو بلا نسبة هنا في شرح الأشموني.
154-
تمام البيت.
لما استقلت مطاياهن للظعن
وهو من البسيط، وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر 3/ 112؛ وأوضح المسالك 1/ 204؛ والدرر 2/ 23؛ وشرح التصريح 1/ 170؛ وشرح ابن عقيل ص115؛ والمقاصد النحوية 1/ 532؛ وهمع الهوامع 1/ 101.
155-
البيت من الكامل، وهو للفرزدق في ديوانه 1/ 361؛ والأشباه والنظائر 8/ 123؛ وأوضح المسالك 4/ 271؛ وخزانة الأدب 6/ 458، 489، 492، 493، 495، 498؛ والدرر 4/ 45؛ وشرح التصريح 2/ 280؛ وشرح شواهد المغني 1/ 11ذ؛ وشرح عمدة الحافظ ص536؛ وشرح المفصل 4/ 133؛ والكتاب 2/ 72؛ 162، 166؛ ولسان العرب 4/ 573 "عشر"؛ واللمع ص228؛ ومغني اللبيب 1/ 185؛ والمقاصد النحوية 4/ 489؛ وبلا نسبة في سر صناعة الإعراب 1/ 331؛ وشرح ابن عقيل ص116؛ ولسان العرب 12/ 528 "كمم"؛ والمقتضب 3/ 85؛ والمقرب 1/ 312؛ وهمع الهوامع 1/ 254.
والأصل في الأخبار أن تؤخرا
…
وجوزوا التقديم إذ لا ضررا
ــ
الخامس عشر أن تكون مبهمة كقوله:
156-
مرسعة بين أرساغه
…
به عسم يبتغي أرنبا
"وليقس" على ما قيل "ما لم يقل" والضابط حصول الفائدة "والأصل في الأخبار
ــ
لها فلا شاهد في البيت لأن كم نفسها على هذين الوجهين هي المبتدأ في محل رفع خبرها قد حلبت لا أن المبتدأ ما بعد كم. والفدعاء بفاء ودال وعين مهملتين المرأة التي اعوجت أصابعها من كثرة الحلب. ولم يقل: فدعاوين قد حلبتا لأنه حذف مع كل من الموصوفين ما أثبته للآخر. وحذف خبر أحدهما لدلالة خبر الآخر. والعشار جمع عشراء كالنفاس جمع نفساء والعشراء التي أتى عليها من زمن حلبها عشرة أشهر. وأشار بعلى إلى أنه كان نكرها على أن يحلب عشاره أمثال عمة
جرير وخالته لأنهما عنده أدنى من ذلك.
قوله: "أن تكون مبهمة" أي مقصودًا إبهامها لأن البليغ قد يقصده فلا يرد أن إبهام النكرة هو المانع من صحة الابتداء بها فكيف يكون مسوغًا. قوله: "مرسعة" بالسين والعين المهملتين على زنة اسم المفعول: تميمة تعلق على الرسغ مخافة البلاء أو الموت. وفي القاموس رسع الصبي كمنع شد في يده أو رجله خرزًا لدفع العين. ا. هـ. وهو مبتدأ وبين أرساغه خبره، وهو جمع عظم بين الكوع والكرسوع. وفي قوله: أرساغه تغليب الرسغ على غيره. والعسم بفتح العين والسين المهملتين يبس في مفصل الرسغ تعوج منه اليد. ويبتغي أي يطلب. والأرنب حيوان معروف. وفي الكلام حذف مضاف أي كعب أرنب لأنهم كانوا يعلقون كعب الأرنب حفظًا من العين والسحر، لأن الجن تمتطي الثعالب والظباء والقنافذ وتجتنب الأرانب لحيضها ومرجع هذه الضمائر في بيت قبله. عيني مع زيادة وحذف. قوله:"وليقس" أي على ما أشير إليه سابقًا من الأمور المسوغة ما لم يقل من بقية المسوغات. والإشارة بالكاف في قوله كعند زيد نمرة إلى بقية أمثلة تلك الأمور فلا تكرار أفاده سم. قوله: "والأصل في الأخبار أن تؤخرا" اعلم أن للخبر في نفسه حالتين التقدم والتأخر، والأصل منهما التأخر بقطع النظر عن كونه واجبًا أو جائزًا، ولهما ثلاثة أحكام: وجوب التأخر وامتناع التقدم والعكس وجواز التأخر والتقدم وهذا هو الأصل من الثلاثة إذ الأصل
156- البيت من المتقارب، وهو لامرئ القيس في ديوانه ص128؛ وإنباه الرواة 4/ 147؛ وشرح ابن عقيل ص115؛ ولسان العرب 12/ 401 "عسم" 8/ 123، 124 "رسع"، 8/ 318 "لسع"؛ ومجالس ثعلب 102؛ والمعاني الكبير ص211؛ وهو لامرئ القيس بن مالك الحمير الحميري في المؤتلف والمختلف ص12؛ وبلا نسبة في سر صناعة الإعراب ص73؛ وشرح المفصل 1/ 36.
فامنعه حين يستوى الجزءان
…
عرفا وونكرًا عادمي بيان
ــ
أن تؤخرا" عن المبتدآت لأن الخبر يشبه الصفة من حيث إنه موافقة في الإعراب لما هو دال على الحقيقة أو على شيء من سببية ولما لم يبلغ درجتها في وجوب التأخير توسعوا فيه "وجوزوا التقديم إذ لا ضررا" في ذلك نحو تميمي أنا، ومشنوء من يشنؤك، فإن حصل في التقديم ضرر فلعارض كما ستعرفه. إذا تقرر ذلك "فامنعه" أي تقديم الخبر "حين يستوى الجزءان" يعني المبتدأ والخبر "عرفًا ونكرًا" أي في التعريف والتنكير "عادمي بيان" أي
ــ
عدم الموجب والمانع قاله اللقاني.
قوله: "من حيث إنه إلخ" حيثية تعليل أو تقييد. وقوله: لما أي للمبتدأ الذي هو أي الخبر له أي خبر له. وقوله: دال خبر بعد خبر. وقوله: على الحقيقة أي الذات أي ذات المبتدأ كزيد قائم فقائم يدل على ذات هي ذات زيد. وقوله: أو على شيء من سببيه أي على ذات من الذوات التي تتعلق بزيد كزيد قائم أبوه ومبنية داره، فكل من قائم ومبنية يدل على ذات تتعلق بزيد وهي ذات أبيه في الأول وذات داره في الثاني. والمراد بالذات ما يشمل الصفة فيما إذا كان السببي صفة كزيد غزير علمه. وبهذا التحقيق يعلم أنه لا حاجة إلى ما تكلفه شيخنا والبعض في تقرير عبارة الشارح. قوله:"ولما لم يبلغ درجتها في وجوب" أي حالتها المتسببة في وجوب إلخ أي التي هي سبب في وجوب تأخير الصفة، وتلك الدرجة والحالة هي ما حوته الصفة من وجوب مطابقة الموصوف تعريفًا وتنكيرًا ومتابعته في إعرابه المتجدد أيضًا فهي تابعة للموصوف من كل وجه فلما لم يحو الخبر هذه الدرجة توسعوا فيه وجوزوا تقديمه، وبتقرير عبارة الشارح على هذا الوجه سقط قول البعض كان الصواب حذف قوله في وجوب التأخير لاقتضائه أن كلًا منهما واجب التأخير لكن درجة الخبر في ذلك أحط وأنزل وذلك غير صحيح في نفسه وغير ملائم لما بعده.
قوله: "وجوزوا التقديم" أي لم يمنعوه وليس المراد بالجواز استواء الطرفين لما علمت من أن التأخير هو الأصل الراجح وهذ ذكر لأول أحوال الخبر الثلاثة: جواز التقديم والتأخير ومنع التقديم ووجوبه وسيأتيان، وبدأ بالأول لأنه الأصل من الثلاثة كما مر عن اللقاني، ثم بالثاني لأنه على الأصل من جهة التأخير ومخالفته له من جهة الوجوب ثم بالثالث لمخالفته الأصل من كل وجه. قوله:"إذ لا ضرر"الأحسن والأنسب بقول المصنف فامنعه حين إلخ أن إذ ظرفية لا تعليلية. قوله: "ومشنوء" أي مبغوض. قوله: "فإن حصل في التقديم ضرر فلعارض" هذا الكلام منه مبني على أن إذ تعليلية وهو خلاف ما رجحناه، واللائق على كونها ظرفية أن يقول فإن حصل في التقديم ضرر امتنع. قوله:"فامنعه حين يستوي الجزءان إلخ" أي على مذهب الجمهور، فقد نقل الدماميني عن قوم منهم ابن السيد أنهم أجازوا في نحو صديقي زيد كون زيد مبتدأ وكونه خبرًا ولم يبالوا بحصول اللبس نظرًا إلى حصول المعنى، فعلم أن في تقديم الخبر على المبتدأ هنا خلافًا كتقديم المفعول على الفاعل في نحو ضرب موسى عيسى، فحصل الجواب عما ذكره شيخنا والبعض من التوقف في ذلك فاحفظه. قوله:"أي في التعريف والتنكير" أشار إلى أنهما اسما مصدرين للتعريف والتنكير وأنهما منصوبان بنزع الخافض لأن المعنى عليه وإن كان مقصورًا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قرينة تبين المراد نحو صديقي زيد، وأفضل منك أفضل مني، لأجل خوف اللبس، فإن لم
ــ
على السماع أوضح من جعلهما تمييزين محولين عن فاعل يستوي، والمراد الاستواء في جنس التعريف بأن يكون كل منهما معرفة وإن كان أحدهما أعرف من الآخر قيل هذا ما عليه النحاة، وذهب أهل المعاني إلى تعين الأعرف للابتداء ولعل المراد بالنحاة جمهورهم لما مر قريبًا عن الدماميني ولقول المغني يجب الحكم بابتدائية المقدم من معرفتين متساويتين أو متفاوتتين هذا هو المشهور وقيل يجوز تقدير كل منهما مبتدأ وخبرًا مطلقًا، وقيل المشتق خبر وإن تقدم. والتحقيق أن المبتدأ هو الأعرف عند علم المخاطب بهما أو جهله لهما أو لغير الأعرف فقط والمعلوم له غير الأعرف عند جهله بالأعرف والمعلوم له عند تساويهما تعريفًا. ا. هـ. بإيضاح من الشمني. ثم قال المغني: فإن علمهما وجهل النسبة يعني واستويا تعريفًا فالمقدم المبتدأ يعني وتقدم أيهما شئت. ثم قال: ويستثنى من المتفاوتتين اسم الإشارة المقرون بالتنبيه مع معرفة أخرى فيتعين للابتداء لمكان التنبيه إلا مع الضمير فإن الأفصح جعله المبتدأ وإدخال التنبيه عليه فتقول ها أنا ذا وسمع قليلًا هذا أنا، وما حكاه من أن المشتق خبر وإن تقدم هو رأي الفجر الرازي قال لأنه الدال على المعنى المسند إلى الذات والذات هي المسند إليها فيكون الدال عليها هو المبتدأ. فإذا قلت: زيد المنطلق أو المنطلق زيد فزيد مبتدأ والمنطلق خبره فيهما، قال صاحب التلخيص: ورد بأن المعنى الشخص الذي له الصفة صاحب الاسم فالصفة جعلت دالة على الذات ومسند إليها، والاسم جعل دالًا على أمر نسبي ومسندًا. قال بهاء الدين السبكي: وقد يقال الدال على الوصفية إنما هو منطلق أما المنطلق فأل فيه موصول بمعنى الذي فهو في الجمود والدلالة على الذات كزيد. ا. هـ. وقد يعكر على النقل السابق عن أهل المعاني قول المطول والمختصر الذي يقدم ويجعل مبتدأ هو ما يعلم المخاطب اتصاف الذات به، والذي يؤخر ويجعل خبرًا هو ما يجهل المخاطب اتصاف الذات به فإذا عرف المخاطب زيدًا بعينه واسمه وجهل اتصافه بأنه أخوك قلت زيد أخي، وإذا عرف أن لك أخًا وجهل عينه واسمه قلت أخي زيد. قال: ويتضح هذا في قولنا رأيت أسودًا غابها الرماح ولا يصح رماحها الغاب. ا. هـ. أي لأن الأسود لا بد لها من الغاب فيكون معلومًا فاعرف ذلك. والاستواء في نوع التنكير بأن يكون كل منهما نكرة محضة أو نكرة مسوغة وإن اختلف المسوغ فلا يؤثر الاستواء في جنس التنكير مع كون أحدهما فقط نكرة مسوغة هذا ما يدل عليه كلام الشارح وقيل: المراد الاستواء في جنس التنكير كالتعريف فنحو رجل صالح حاضر خارج بقوله عادمي بيان لأن الصفة قرينة لفظية مبينة وهذا أحسن.
قوله: "عادمي بيان" حال من فاعل يستوي والبيان بمعنى المبين بدليل قول الشارح أي قرينة إلخ. قوله: "نحو صديقي زيد" فالمجهول للسامع هو الذي يجعل خبرًا في مثل ذلك على ما مر. قوله: "وأفضل منك أفضل مني" أي لكوني دونك أو مساويك. قوله: "لأجل خوف اللبس" علة لا منعه. قوله: "للعلم بخبرية المقدم" أما في نحو حاضر رجل صالح فلتعين المبتدأ والخبر من عدم الاستواء وأما في نحو أبو حنيفة أبو يوسف فللقرينة المعنوية الدالة على تشبيه أبي
كذا إذا ما الفعل كان الخبرا
…
أو قصد استعماله منحصرا
ــ
يستويا نحو رجل صالح حاضر، أو استويا وأجدى بيان أي قرينة تبين المراد نحو أبو يوسف أبو حنيفة جاز التقديم، فتقول حاضر رجل صالح، وأبو حنيفة أبو يوسف، للعم بخبرية المقدم. ومنه قوله:
157-
بنونا بنوا أبنائنا وبناتنا
…
بنوهن أبناء الرجل الأباعد
أي بنوا أبنائنا مثل بنينا و"كذا" يمتنع التقديم "إذا ما الفعل" من حيث الصورة المحسوسة، وهو الذي فاعله ليس محسوسًا بل مستترًا "كان الخبرا" لإيهام تقديمه والحالة هذه فاعلية المبتدأ، فلا يقال في نحو زيد قام قام زيد، على أن زيدًا مبتدأ بل فاعل، فإن كان الخبر ليس فعلًا في الحس بأن يكون له فاعل محسوس من ضمير بارز أو اسم ظاهر
ــ
يوسف بأبي حنيفة لا العكس وكونه من التشبيه المقلوب نادر فلا التفات إلى احتماله قال في المغني اللهم إلا أن يقتضي المقام المبالغة. قوله: "إذا ما الفعل" قال الروداني: مثله اسم الفعل فلا يتقدم في نحو هيهات. ا. هـ. قيل: ومثله الوصف المسبوق بنفي أو استفهام نحو ما زيد قائم وأزيد قائم لوجود التباس المبتدأ بالفاعل لو قدم الخبر وقيل: لا يمتنع، والفرق أن ضرر اللبس في الفعل أشد لأنه يخرج الجملة من الاسمية إلى الفعلية لو قدم بخلاف الوصف وعدم الامتناع هو ما يدل عليه قول الشارح سابقًا فإن تطابقا في الافراد جاز الأمران نحو أقائم زيد وما ذاهبة هند. قوله:"من حيث الصورة المحسوسة" دفع به ما يقال الواقع خبرًا هو الجملة من الفعل والفاعل لا الفعل وحده. قوله: "لإيهام تقديمه والحالة هذه" أي كون الخبر فعلًا في الصورة فاعلية المبتدأ أي فيفوت غرضان تفيدهما الجملة الاسمية الدوام وتقوي الحكم بتكرار الإسناد لكن حقق السيد كما في الدماميني أن الجملة الاسمية التي خبرها فعل تفيد التجدد لا الدوام وعليه فلا يفوت إلا التقوى والمراد بإيهام الفاعلية جعلها المتبادرة إلى الوهم أي الذهن لا مجرد تطرق الاحتمال فلا يرد أن من كلامهم مختارًا وعميرًا، والأول يحتمل اسم الفاعل واسم المفعول والثاني يحتمل تصغير عمرو تصغير عمر ويؤخذ من تعليل امتناع تقديم الخبر الفعلي بالعلة المذكورة جواز تقديم معموله على المبتدأ لانتفاء العلة فيجوز عمرًا زيد ضرب.
قوله: "فاعلية المبتدأ" أي أو نائبية الفاعل في نحو زيد ضرب. قوله: "فتقول فأما الزيدان" فيه أن الألف تحذف لفظًا لالتقاء الساكنين فاللبس حاصل لفظًا. وأجيب بأنه يمكن دفعه بالوقف على قاما أو الوصل بنية الوقف، نعم لا لبس بحال في نحو قاما أخواك ودعوا الزيدان فلا
157- البيت من الطويل، وهو للفرزدق في خزانة الأدب 1/ 444، وبلا نسبة في الإنصاف 1/ 66؛ وأوضح المسالك 1/ 106؛ وتخليص الشواهد ص198؛ والحيوان 1/ 346؛ والدرر 2/ 24؛ وشرح التصريح 1/ 173؛ وشرح شواهد المغني 2/ 48؛ وشرح ابن عقيل ص119؛ وشرح المفصل 1/ 99، 9/ 132؛ ومغني اللبيب 2/ 452؛ وهمع الهوامع 1/ 102.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
نحو الزيدان قاما، والزيدون قاموا، وزيد قام أبوه جاز التقديم، فتقول: قام الزيدان وقاموا الزيدون وقام أبوه زيد للأمن من المحذور المذكور، إلا على لغة أكلوني البراغيث، وليس ذلك مانعًا من تقديم الخبر لأن تقديم الخبر أكثر من هذه اللغة، والحمل على الأكثر راجح، قاله في شرح التسهيل. وأصل التركيب كذا إذا ما الخبر كان فعلًا؛ لأن الخبر هو المحدث عنه، فلا يحسن جعله حديثًا لكنه قلب العبارة لضرورة النظم وليعود الضمير على أقرب مذكور في قوله "أو قصد استعماله منحصرًا" أي وكذا يمتنع تقديم الخبر إذا استعمل منحصرًا نحو:{وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ} [آل عمران: 144]، {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِر} [الرعد: 7] ؛ إذ لو قدم الخبر والحالة هذه لانعكس المعنى المقصود، ولأشعر التركيب حينئذ بانحصار المبتدأ. فإن قلت: المحذور منتف إذا تقدم الخبر المحصور بإلا مع إلا.
قلت: هو كذلك إلا أنهم ألزموه التأخير حملًا بإنما. وأما قوله:
158-
وهل إلا عليك المعول
فشاذ وكذا يمتنع تقديم الخبر إذا كانت لام الابتداء داخلة على المبتدأ نحو لزيد
ــ
إشكال في جوازه. قوله: "إلا على لغة إلخ" راجع لقوله للأمن من المحذور المذكور بالنسبة للمثالين الأولين وقوله وليس ذلك أي وجود المحذور المذكور على هذه اللغة. قوله: "أكثر من هذه اللغة" أي ومن كون الظاهر بدلًا من الضمير لأنه خلاف الظاهر ولهذا قالوا في قوله تعالى: {ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُم} [المائدة: 71]، وقوله تعالى:{وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} [الأنبياء: 3]، إن كثير والذين مبتدآن مؤخران لا بد لأن. قوله:"منحصرًا" يروى بكسر الصاد وأورد عليه أن المنحصر فيما نحن فيه هو المبتدأ وأما الخبر فمحصور فيه ويمكن دفعه بتقدير مضاف أي منحصرًا مبتدؤه، فيه وما أجاب به بعضهم وارتضاه البعض من أن المراد بالمنحصر المقرون بأداة الحصر فلا يظهر في الحصر بإنما. ويروى بفتحها أي منحصرًا فيه على الحذف والإيصال وهو أقرب من الكسر إلى المقصود وإن ضعف بأن الحذف والإيصال سماعي فقد يمنع كونه سماعيًا.
قوله: "وما محمد إلا رسول" الحصر إضافي وكذا في إنما أنت منذر. قوله: "ولأشعر إلخ" العطف للتفسير. قوله: "بانحصار المبتدأ" أي بالانحصار فيه أي بانحصار الخبر فيه: قوله: "وأما قوله وهل إلخ" وارد على قوله ألزموه التأخير. قوله: "وهل إلا عليك المعوّل" صدره:
فيا رب هل إلا بك النصر يرتجى
ولم يأت به لاحتمال أن يكون بك هو الخبر ويرتجى حال، وعليه ففيه الشاهد أيضًا وأن
158- صدر البيت:
فيا رب هل إلا بك النصر يرتجى عليهم
وهو من الطويل، وهو للكميت في تخليص الشواهد ص192؛ والدرر 2/ 26؛ وسر صناعة الإعراب 1/ 139؛ وشرح التصريح 1/ 173؛ والمقاصد النحوية 1/ 534؛ وليس في ديوانه؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 209؛ وشرح ابن عقيل ص121؛ وهمع الهوامع 1/ 102.
أو كان مسندًا لذي لام ابتدا
…
أو لازم الصدر كمن لي منجدًا
ــ
قائم كما أشار إليه بقوله "أو كان" أي الخبر "مسندًا لذي لام ابتدا" لاستحقاق لام الابتداء الصدر. وأما قوله:
159-
خالي لأنت ومن جرير خاله
…
ينل العلاء ويكرم الأخوالا
فشاذ أو مؤول. وقيل: اللام زائدة وقيل: اللام داخلة على مبتدأ محذوف أي لهو أنت. وقيل: أصله لخالي أنت أخرت اللام للضرورة "أم" مسندًا "لازم الصدر" كاسم الاستفهام والشرط والتعجب وكم الخبرية "كمن لي منجدًا" ومن يقم أحسن إليه، وما أحسن زيدًا، وكم عبيد لزيد. ومنه قوله:
ــ
يكون يرتجى هو الخبر، وبك متعلق به وعليه فلا شاهد فيه لأن المتقدم المحصور فيه معمول الخبر لا الخبر، إلا أن يقال ما ثبت لمعمول الخبر يثبت للخبر، وفيه ما لا يخفى، وأول العجز عليهم. والاستفهام إنكاري بمعنى النفي. قوله:"فشاذ" ولا يجوز أن يكون المعول فاعلًا للجار والمجرور لاعتماده على الاستفهام لأن إلا مانعة من ذلك لأنه حينئذٍ كالفعل ويمتنع هل إلا قام زيد. قوله: "ينل العلاء ويكرم الأخوالا" خبر من، وجزمهما وإن كانت من موصولة إجراء لها مجرى الشرطية وحركهما بالكسر للتخلص من التقاء الساكنين ويجوز في يكرم الرفع أي وهو يكرم والعلاء بالفتح والمد العلوّ، وبالضم والقصر جمع عليًا بالضم والقصر والأخوالا مفعول يكرم إن بني للفاعل ومنصوب بنزع الخافض إن بني للمجهول أي للأخوال هذا ما ظهر. قوله:"أي لهو أنت" ضعف بأن الحذف ينافي التأكيد باللام لاستدعائه الطول وفيه ما مر. قوله: "لمبتدأ لازم الصدر" ومنه ضمير الشأن وما أشبهه نحو كلامي زيد منطلق كما في التسهيل. قوله: "كاسم الاستفهام والشرط إلخ" إنما وجب تقديمها لأنها تدل على نوع الكلام والحكمة تقتضي تقديم ما يدل على نوع من أنواع الكلام ليعلمه السامع من أول الأمر وينتفي عنه التحير الذي يحصل له لو قدم غيره لاحتمال الكلام حينئذٍ كل نوع من أنواع الكلام. فإن قيل: فيلزم أن يقدم كل من زيد أو ضربت إذا قيل زيدًا ضربت لأنه إذا قدم زيدًا تحير السامع فيما بعده أضربت أو أكرمت مثلًا، وإذا قدم ضربت تحير السامع فيما بعده أزيدًا أو عمرًا مثلًا. قلت: أجاب ابن الحاجب في أماليه بوجوه منها أن هذا لا يمكن أن يكون إلا كذلك لأنه لا بد من تقديم جزء على جزء فمهما قدم أحد الجزأين احتمل الآخر كل ما يصلح. ومنها أن هذا التباس في آحاد
159- البيت من الكامل، وهو بلا نسبة في خزانة الأدب 10/ 323؛ وسر صناعة الإعراب ص378؛ وشرح التصريح 1/ 174؛ وشرح ابن عقيل ص121؛ ولسان العرب 1/ 105 "شهرب"، والمقاصد النحوية 1/ 556.
ونحو عندي درهم ولي وطر
…
ملتزم فيه تقدم الخبر
160- كم عمة لك يا جرير وخالة
…
فدعاء قد حلبت علي عشاري
وفي معنى اسم الاستفهام والشرط أما أضيف إليهما، نحو غلام من عندك وغلام من يقم أقم معه، فهذه خمس مسائل يمتنع فيها تقديم الخبر.
تنبيه: يجب أيضًا تأخير الخبر المقرون بالفاء نحو الذي يأتيني فله درهم قاله في شرح الكافية. وهذا مشروع في المسائل التي يجب فيها تقديم الخبر "ونحو عندي درهم ولي وطر" وقصدك غلامه رجل "ملتزم فيه تقدم الخبر" رفعًا لإيهام كونه نعتا في مقام
ــ
أجزاء الكلام وذلك التباس في أنواع الكلام فكان أهم.
قوله: "ومنه قوله كم عمة إلخ" أي على رواية جر عمة على أن كم خبرية لأنه على رواية النصب تكون كم استفهامية وعلى رواية الرفع تكون خبرية أو استفهامية في محل نصب على الظرفية أو المصدرية فلا يكون مما نحن فيه. قوله: "ما أضيف إليهما" أي لأنه استحق التصدير لاكتسابه الاستفهام والشرط بالإضافة إلى اسم الاستفهام واسم الشرط، فالشرط والجواب حينئذٍ للمضاف لا للمضاف إليه كما قاله الناصر، وعليه فمن مجردة في هذه الحالة عن الاستفهام والشرط لخلعها ذلك على المضاف، وظاهره أن الجازم المضاف لا من لكن، قال الروداني: الظاهر أن الجزم بمن لا بغلام. ا. هـ. ومثل ما أضيف إليهما ما أضيف إلى كم الخبرية نحو مال كم رجل عندك كما في التوضيح. قوله: "يجب أيضًا تأخير الخبر المقرون بالفاء" أي لأن الفاء إنما دخلت في الخبر المذكور لشبهه بالجزاء والجزاء لا يتقدم على الشرط وبقيت أشياء منها ما إذا كان الخبر جملة طلبية أو مقرونًا بالباء الزائدة نحو ما زيد بقائم على لغة الإهمال أو كان المبتدأ مذ أو منذ نحو ما رأيته مذ أو منذ يومان عند من أعربهما مبتدأين. قوله: "وهذا شروع في المسائل إلخ" أل للجنس فإنه لم يستوفها كما ستعرفه. قوله: "ونحو عندي درهم" اعترض بأن هذا معلوم من قوله سابقًا كعند زيد نمرة، وأجيب بأن ذكره هناك من حيث توقف الابتداء بالنكرة عليه وهنا من حيث توقف دفع اللبس عليه. قوله:"ولي وطر" أي حاجة. قوله: "في مقام الاحتمال" أي احتمال كونه نعتًا أي احتمالًا راجحًا لأن الاحتمال على الاستواء إجمال ولا محذور في الإجمال. قوله: "لأنه نكرة محضة" علة لمحذوف أي وكونه نعتًا أقرب لأنه إلخ.
_________
160-
اليبت من الكامل، وهو للفرزدق في ديوانه 1/ 361؛ والأشباه والنظائر 8/ 123، وأوضح المسالك 4/ 271؛ وخزانة الأدب 6/ 458، 489، 492، 493، 495، 498؛ والدرر 4/ 45؛ وشرح التصريح 2/ 280؛ وشرح شواهد المغني 1/ 511؛ وشرح عمدة الحافظ ص536؛ وشرح المفصل 4/ 133؛ والكتاب 2/ 72، 162، 166؛ ولسان العرب 4/ 573 "عشر"، واللمع ص228؛ ومغني اللبيب 1/ 185؛ 2/ 72، 162، 166؛ والمقاصد النحوية 4/ 489؛ وبلا نسبة في سر صناعة الإعراب 1/ 331؛ وشرح ابن عقيل ص116؛ ولسان العرب 2/ 528 "كمم"، والمقتضب 3/ 85؛ والمقرب 1/ 312، وهمع الهوامع 1/ 254.
كذا إذا عاد عليه مضمر
…
مما به عنه مبينا يخبر
كذا إذا يستوجب التصديرا
…
كأين من علمته نصيرا
ــ
الاحتمال؛ إذ لو قلت: درهم عندي، ووطر لي، ورجل قصدك غلامه احتمل أن يكون التابع خبرًا للمبتدأ وأن يكون نعتًا له لأنه نكرة محضة، وحاجة النكرة إلى التخصيص ليفيد الإخبار عنها فائدة يعتد بمثلها آكد من حاجتها إلى الخبر. ولهذا لو كانت النكرة مختصة جاز تقديمها نحو {وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَه} [الأنعام: 2] و"كذا" يلتزم تقدم الخبر "إذا عاد عليه مضمر مما" أي من المبتدأ الذي "به" أي بالخبر "عنه" أي عن ذلك المبتدأ "مبينا يخبر" والمعنى أنه يجب تقديم الخبر إذا عاد عليه ضمير من المبتدأ نحو على التمرة مثلها زبدًا. وقوله:
161-
أهابك إجلالًا وما بك قدرة
…
علي ولكن ملء عين حبيبها
فلا يجوز مثلها زبدًا على التمرة، ولا حبيبها ملء عين لما فيه من عود الضمير على متأخر لفظًا ورتبة، وقد عرفت أن قوله: عاد عليه هو على حذف مضاف أي عاد على ملابسه. و"كذا" يلتزم تقدم الخبر "إذا يستوجب التصديرا" بأن يكون اسم استفهام أو
ــ
قوله: "ليفيد الإخبار" علة لحاجة لأنها بمعنى احتياج. قوله: "ولهذا" أي لكون وجوب التقديم لدفع إيهام الصفة التي تحتاج النكرة إليها. قوله: "كذا" أي مثل التزام تقدم الخبر فيما مر يلتزم تقدمه إذا عاد عليه مضمر من المبتدأ الذي بذلك الخبر عنه حال كون الخبر مبينًا أي مفسرًا للضمير العائد إليه من المبتدأ فمبينًا حال من الضمير في به لبيان الواقع فصل بينها وبين صاحبها بأجنبي للضرورة. قال ابن غازي هذا البيت مع ما فيه من التعقيد كان يغني عنه وعما بعده أن يقول:
كذا إذا عاد عليه مضمر
…
من مبتدأ وما به يصدر
قوله: "زيدًا" تمييز مفرد أو حال ويجوز رفعه بدلًا أو بيانًا أو مبتدأ أو فاعلًا بالظرف عند من لا يشترط الاعتماد على النفي أو الاستفهام وعلى هذين فمثل منصوب على الحال من النكرة المؤخرة وفتحته إعراب أو بناء. وبحث الدماميني في تمثيلهم بقولهم على التمرة مثلها زبدًا بأن الخبر الكون المطلق المحذوف وهو يصح تقديره مؤخرًا على الأصل كما تذكره مؤخرًا لو كان كونًا خاصًا مثل على الله عبده متوكل ويمكن أن يجاب بأن التمثيل بذلك مبني على أن الظرف هو الخبر فتدبر. قوله: "أهابك" بكسر الكاف. قوله: "لما فيه من عود الضمير على متأخر لفظًا ورتبة" أي وهو غير جائز هنا اتفاقًا بخلافه في نحو ضرب غلامه زيدًا فإن فيه خلافًا. والفرق أن ما عاد عليه الضمير وما اتصل بهالضمير اشتركا في العامل في الثاني دون الأول. قوله: "وقد عرفت" أي من التمثيل. قوله: "هو على حذف مضاف" أي عاد على ملابسه يستثنى من ذلك ما
161- البيت من الطويل، وهو للمجنون في ديوانه ص85؛ ولنصيب بن رباح في ديوانه ص68؛ وتخليص الشواهد ص201؛ وسمط اللآلي ص401؛ وشرح التصريح 1/ 176؛ والمقاصد النحوية 1/ 537؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 251؛ وشرح ابن عقيل ص123؛ وشرح عمدة الحافظ ص173.
وخبر المحصور قدم أبدا
…
كما لنا إلا اتباع أحمدا
وحذف ما يعمل جائز كما
…
تقول زيد بعد من عندكما
ــ
مضافًا إليه "كأن من علمته نصيرًا" وصبيحة أي يوم سفرك "وخبر" المبتدأ "المحصور" فيه بإلا أو بإنما "قدم أبدًا" على المبتدأ "كما لنا إلا اتباع أحمدا" وإنما عندك زيد لما سلف.
تنبيه: كذلك يجب تقديم الخبر إذا كان المبتدأ أن وصلتها نحو عندي أنك فاضل؛ إذ لو قدم المبتدأ لالتبست أن المفتوحة بالمكسورة، وأن المؤكدة بالتي هي لغة في لعل، ولهذا يجوز ذلك بعد أما كقوله:
162-
عندي اصطبار وأما أنني جزع
…
يوم النوى فلوجد كاد يبريني
لأن إن المكسورة ولعل لا يدخلان هنا. ا. هـ. "وحذف ما يعلم" من الجزأين بالقرينة
ــ
إذا أمكن تقديم المفسر وحده المبتدأ فإن أمكن صح تأخير الخبر جوازًا نحو عمرًا علمه نافع أو وجوبًا نحو عمرًا علمه نفع عند البصريين وبعض الكوفيين ومنع أكثرهم تقديم المفسر وحده في الصورتين كما في التسهيل والهمع. وأما قول البعض الأولى إبقاء المتن على ظاهره إلى آخر ما قال فغير مستقيم فتأمله.
قوله: "يستوجب" أي يستحق التصدير أي في جملته فلا يرد نحو زيد أين مسكنه. قوله: "صبيحة أي يوم سفرك" أي ابتداء سفرك لأنه المظروف في الصبيحة ولا ريب أنه لا يستغرق الصبيحة ولا أكثرها فيكون صبيحة بالنصب ويقل فيها الرفع كما علم مما أسلفناه، وبهذا يعرف ما في كلام البعض من الخلل. قوله:"وخبر المحصور" أي المحصور فيه كما صرح به الشارح فهو على الحذف والإيصال. قوله: "لما سلف" الذي سلف هو تعليل امتناع تقديم الخبر بأنه لو قدم لانعكس المعنى المقصود والمطلوب هنا تعليل وجوب تقديمه بأنه لو أخر لانعكس المعنى المقصود فلا بد من تقدير مضاف أي لنظير ما سلف. قوله: "كذلك يجب تقديم الخبر إلخ" ومن مواضع وجوب التقديم ما لو قرن المبتدأ بفاء الجزاء نحو أما عندك فزيد، أو كان تأخيره يخل بفهم المقصود نحو لله درك فإنه لو أخر لم يفهم منه التعجب أو كان الخبر اسم إشارة مكان نحو ثم أو هنا زيد. قوله:"لالتبست" أي خطً فقط في التباس أن المفتوحة بالمكسورة ولفظًا وخطا في التباسها بأن التي هي لغة في لعل. قوله: "ولهذا" أي لكون علة وجوب التقديم خوف الالتباس المذكور. قوله: "كاد يبريني" بفتح ياء المضارعة من بريت القلم أي نحته. قوله: "لا يدخلان هنا" لأن أما لا يفصل بينها وبين الفاء بجملة وإن المكسورة مع معمولها جملة وكذا أن بمعنى لعل. قوله: "ما يعلم" أي بعينه فلا يكفي علمه إجمالًا بأن يعلم أن في الكلام حذفًا.
162- البيت من البيسط، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 213؛ والدرر 2/ 26؛ وشرح التصريح 1/ 175؛ وشرح شواهد المغني 2/ 661؛ ومغني اللبيب 1/ 270؛ والمقاصد النحوية 1/ 536؛ وهمع الهوامع 1/ 103.
وفي جواب كيف زيد قل دنف
…
فزيد استغني عنه إذ عرف
ــ
"جائز كما تقول زيد" من غير ذكر الخبر "بعد" ما يقال لك "من عندكما" والتقدير زيد عندنا. وإن شئت صرحت به. ولو كان المجاب به نكرة نحو رجل قدر الخبر أيضًا بعده.
قال في شرح التسهيل: ولا يجوز أن يكون التقدير عندي رجل إلا على ضعف "وفي جواب كيف زيد قل دنف" بغير ذكر المبتدأ "فزيد" المبتدأ "استغني عنه" لفظًا "إذ" قد "عرف" بقرينة السؤال والتقدير هو دنف وإن شئت صرحت به. وقد يحذف الجزءان معًا إذا خلا محل مفرد كقوله تعالى: {وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق: 4] ، أي فعدتهن ثلاثة أشهر
ــ
قوله: "من الجزأين" أي المبتدأ والخبر كما هو موضوع المقام أما المبتدأ الرافع لمستغنى به فلا يحذف هو ولا مرفوعه كما نقله يس عن الشاطبي. وخرج أيضًا فاعل الفعل ونائب الفاعل فلا يحذفان وإن علما. واختلفا فيما إذا دار الأمر بين جعل المحذوف المبتدأ أو الخبر، فقيل: الأحسن حذف الخبر لأن الحذف تصرف وتوسع والأحق بذلك الخبر فإنه يقع مفردًا مشتقًا وجامدًا وجملة اسمية وفعلية وظرفية ولأن الحذف أليق بالإعجاز، وقيل الأحسن حذف المبتدأ لأن الخبر محط الفائدة. قوله:"جائز" أي غير ممتنع فيصدق بوجوب حذف المبتدأ وحذف الخبر كما سيأتي تفصيله. قوله: "كما تقول إلخ" لم يقل تقولان ليوافق عندكما لاحتمال أن المجيب أحد المسئولين فقط. قوله: "لك" كان ينبغي لكما لأن المخاطب اثنان وإن كان المجيب واحدًا. قوله: "قدر الخبر أيضًا بعده" والمسوغ وقوعه في الجواب سم. قوله: "ولا يجوز" أي جوازًا مستوى الطرفين بل هو خلاف الأولى لأنه يلزم عليه عدم مطابقة الجواب للسؤال في ترتيب أجزاء الجملة. فقوله الأعلى ضعف أي خلاف الأولى كما أفاده سم، وإلا بمعنى لكن. قوله:"قل دنف" أي مريض من العشق أو غيره مرضًا ملازمًا كما في القاموس وهو مبني على أن كيف اسم غير ظرف وأنها محل رفع، أما على قول سيبويه أنها ظرف كأين وأن المعنى في أي حال فيكون الجواب في صحة مثلًا قاله يس. وعبارة الدماميني اعلم أن في كيف ثلاث عبارات: إحداها أنها ظرف يستفهم به عن الأحوال فمعناها في أي حال على أن الظرفية مجازية كما في زيد في حالة حسنة، وهذه عبارة سيبويه، فموضعها عنده نصب دائمًا. الثانية أنها اسم يستفهم به عن الأحوال فمعناها على أي حال، وهذه عبارة السيرافي والأخفش، فموضعها عندهما رفع مع المبتدأ ونصب مع غيره. الثالثة أنها سؤال عن وصف ما يذكر بعدها فمعناها ما نعت زيد، وهذه عبارة ابن المصنف والمراد بالوصف عليها اللفظ الدال على ذات باعتبار معنى هو المقصود لا هذا المعنى وإلا اتحد هذا بالقول الثاني. ثم اعترض القول الأول والثاني بأمور ثم قال: وأما القول الثالث فلا إشكال عليه ألبتة. ثم ذكر أن كيف قد تسلب معنى الاستفهام وتخلص لمعنى الحال كما في قول بعضهم انظر إلى كيف يصنع زيد أي إلى الحال التي يصنعها ولولا ذلك لم يعمل فيها ما قبلها. ا. هـ. ملخصًا.
قوله: "هو دنف" قدره ضميرًا تبعًا للنحاة لئلا يتوهم المغايرة، وظاهر قول المصنف فزيد إلخ أنه يقدر اسمًا ظاهرًا وهو صحيح. قوله:"قوله إذا خلا محل مفرد" ليس بقيد بدليل صحة
وبعد لولا غالبا حذف الخبر
…
حتم وفي نص يمين ذا استقر
ــ
فحذفت هذه الجملة لوقوعها موقع مفرد، وهو كذلك لدلالة الجملة التي قبلها وهي فعدتهن ثلاثة أشهر عليها. واعلم أن حذف المبتدأ والخبر منه ما سبيله الجواز كما سلف، ومنه ما سبيله الوجوب وهذا شروع في بيانه "وبعد لولا" الامتناعية "غالبا" أي في غالب أحوالها وهو كون الامتناع معلقًا بها على وجود المبتدأ الوجود المطلق "حذف الخبر حتم" نحو:{وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ} [البقرة: 251] ، أي
ــ
قولك: نعم لمن قال: أزيد قائم كذا في يس عن ابن هشام، وهو لا يظهر إلا على القول بأن الجملة مقدرة بعد نعم لا على القول بأنها مفهومة من نعم بلا تقديرها، ولعل كلام الشارح مبني على هذا فتأمل.
قوله: "كقوله تعالى {وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْن} " إنما لم يجعل اللائي معطوفًا على اللائي قبله وما بينهما خبر الاقتران الخبر بالفاء وتقدم أن الخبر المقرون بها يجب تأخيره لتنزله من المبتدأ منزلة الجواب من الشرط، وأيضًا لو جاز ذلك لاستدعى جواز زيد قائمان وعمرو مع أنه لا يجوز للقبح اللفظي بخلاف زيد في الدار وعمرو نقله يس عن ابن هشام. وفي استدعاء جواز ذلك جواز زيد قائمان وعمرو نظر للفرق بحصول المطابقة بين المعطوف عليه والخبر في الآية دون المثال المذكور فليس فيها قبح لفظي بخلافه، على أن الذي في المغني صحة عدم تقدير شيء في الآية بالجعل السابق. ولا يرد عندي اقتران الخبر بالفاء لأن المتقدم عليه تابع المبتدأ ويغتفر في التابع ما لا يغتفر في المتبوع. ثم ما درج عليه الشارح من تقدير الخبر فعدتهن ثلاثة أشهر قول الفارسي ومن تبعه ليكون المقدر من لفظ الخبر المذكور قال في المغني: والأولى أن يكون الأصل واللائي لم يحضن كذلك لأنه ينبغي تقليل المحذوف ما أمكن ولأن أصل الخبر الافراد ولأنه لو صرح بالخبر لم يحسن إعادة ذلك المتقدم تقليلًا للتكرار. قوله: "لدلالة الجملة إلخ" علة لحذفت بعد تعليله بالعلة الأولى فاندفع الاعتراض بلزوم تعلق حرفي جر متحدي اللفظ والمعنى بعامل واحد لاختلاف العامل بالإطلاق والتقييد على ما قيل في نظائره.
قوله: "وبعد لولا" متعلق بحذف أو حتم، وتقديم معمول المصدر عليه إذا كان ظرفًا أو جارًّا ومجرورًا جائز على ما قال التفتازاني أنه الحق. وقال ابن هشام في شرح بانت سعاد: إن كان المصدر ينحل بأن والفعل امتنع مطلقًا وإلا جاز. قوله: "الامتناعية" خرج التحضيضية إذ لا يقع بعدها المبتدأ كما صرح به الناظم في قوله وأولينها الفعلا. قوله: "أي في غالب أحوالها وهو إلخ" أشار بذلك إلى دفع الاستشكال بأن الوجوب ينافي الغلبة. وحاصله أن الوجوب منصب على الحذف والغلبة منصبة على بعض معين من أحوال لولا وهو كون الامتناع معلقًا بها على وجود المبتدأ الوجود المطلق وبتعين محل الغلبة يتعين محل الوجوب. قوله: "للعلم به" علة لأصل الحذف وقوله وسد إلخ علة لوجوبه وكذا يقال فيما يأتي ويكون العلم بالمحذوف علة لأصل الحذف لا لوجويه. لا يرد ما قيل أن العلة التي هي العلم موجودة إذا كان الخبر وجودًا مقيدًا ودلت القرينة الخارجية عليه مع أن الحذف حينئذٍ غير واجب حتى يحتاج إلى الجواب عنه بأن
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ولولا دفع الله الناس موجود، حذف موجود وجوبًا للعلم به، وسد جوابها مسده، أما إذا كان الامتناع معلقًا على الوجود المقيد وهو غير الغالب عليها، فإن لم يدل على المقيد دليل وجوب ذكره نحو لولا زيد سالمًا ما سلم وجعل منه قوله عليه الصلاة والسلام:"لولا قومك حديثو عهد بكفر لبنيت الكعبة على قواعد إبراهيم" وإن دل عليه دليل جاز إثباته وحذفه نحو لولا أنصار زيد حموه ما سلم، وجعل منه قول المعري:
163-
يذيب الرعب منه كل عضب
…
فلولا الغمد يمسكه لسالا
ــ
المراد علم ذلك بمقتضى لولا إذ هي دالة على امتناع الجواب لوجود المبتدأ لا بقرينة خارجية لأنهم لاعتنائهم بالخبر لكونه ركن الإسناد ومحط الفائدة لا يكتفون في وجوب حذفه بالقرينة الخارجية وإن مشى على وروده، والجواب عنه بهذا البعض مع أن في الجواب بحثًا لأنه إن أراد الخارجية عن كلام لولا ورد عليه أن القرينة مع المقيد قد تكون من نفس الكلام وإن كانت غير نفس لولا كما في لولا أنصار زيد حموه ما سلم ولولا الغمد يمسكه لسالا، لدلالة الأنصار على الحماية والغمد على الإمساك، وإن أراد الخارجية عن لولا وإن كانت من الكلام وهذا هو المتبادر من عبارته ورد عليه أن اعتبار دلالة لولا في وجوب الحذف دون دلالة غيرها من أجزاء الكلام تحكم، ولهذا قال سم في الجواب ما نصه: كأنهم اعتبروا في وجوب الحذف أن يكون الخبر مدلولًا عليه من الكلام لا من قرينة خارجية عن الكلام اعتناء بالخبر. ا. هـ. وإن ورد عليه ما ذكرناه في الشق الأول فتدبره نعم قد يقال: سد الجواب مسد الخبرالمحذوف إذا كان وجودًا مقيدًا أيضًا مع أن حذفه غير واجب. اللهم إلا أن يمنع السد حينئذٍ فتأمل.
قوله: "وسد جوابها مسده" أي فهو عوض عنه ولا يجمع بين العوض والمعوض، ولا فرق في ذلك بين الجواب المذكور والمقدر نحو:{لَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُون} [الفتح: 25] أي لأذن لكم في الفتح وإن لزم في الثاني حذف العوض والمعوض معًا لأن القرينة تجعله في قوة المذكور والمراد بسد الجواب مسده قيامه مقامه وحلوله محله كما يؤخذ من التصريح. قوله: "على الوجود المقيد" أي بقيد زائد على أصل الوجود كالمسألة. قوله: "لولا قومك حديثو عهد" أي قريبو زمن والخطاب لعائشة وممن روى هذه الرواية البخاري في كتاب العلم من صحيحه فما نقل عن ابن أبي الربيع من أنه لم يقف على ورودها من طريق صحيح فيه ما فيه. قوله: "وإن دل عليه دليل" أي سواء كان من أجزاء كلام لولا كما مثل أو من غيرها كقولك في جواب هل زيد محسن إليك لولا زيد أي محسن إليّ لهلكت. قوله: "لولا أنصار إلخ" الدليل قوله أنصار لأن شأن الناصر الحماية. قوله: "وجعل منه قول المعري إلخ" لأن شأن الغمد إمساك السيف.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
واعلم أن ما ذكره الناظم هو مذهب الرماني وابن الشجري والشلوبين، وذهب الجمهور إلى أن الخبر بعد لولا واجب الحذف مطلقًا بناء على أنه لا يكون إلا كونًا ملطقًا، وإذا أريد الكون المقيد جعل مبتدأ فتقول: لولا مسالمة زيدًا إيانا ما سلم، أي موجودة، وأما الحديث فمروي بالمعنى ولحنوا المعري "وفي نص يمين ذا" الحكم، وهو حذف الخبر وجوبًا. "استقر" نحو لعمرك لأفعلن، وايمن الله لأقومن، أي لعمرك قسمي،
ــ
قوله: "كل عضب" هو السيف القاطع والغمد غلاف السيف. فإن قلت: عجز البيت يناقض صدره إذ العجز يقتضي عدم السيلان لأن جواب لولا منتف والصدر يقتضي وجوده لأن الإذابة الإسالة وهي إيجاد السيلان، وإنما عبر بالمضارع لاستحضار الصورة العجيبة أو لقصد الاستمرار. قلت: المراد لولا إمساك الغمد له لسال منه فالمنفي سيلان خاص قاله الدماميني.
قوله: "هو مذهب الرماني إلخ" هذا هو الحق. قوله: "مطلقًا" أَي في كل تركيب. قوله: "فتقول لولا مسالمة إلخ" أي وأما نحو لولا زيد سالمًا ما سلم فتركيب فاسد. قوله: "فمروي بالمعنى" والمشهور في الروايات لولا حدثان قومك لولا حداثة قومك لولا أن قومك حديثو عهد، ورد بأنه يؤدي إلى رفع الوثوق عن جميع الأحاديث أو غالبها على أنه إنما يتم لو لم يكن رواة الحديث عربًا أما إذا كانوا عربًا وهو الظاهر فلا لقيام الحجة بلسانهم. ا. هـ. سم وفي حاشية المغني للدماميني: أسقط أبو حيان الاستدلال على الأحكام النحوية بالأحاديث النبوية باحتمال رواية من لا يوثق بعربيته إياها بالمعنى وكثيرًا ما يعترض بذلك على الإمام بن مالك في استدلاله بها ورده شيخنا ابن خلدون بأنها على تسليم أنها لا تفيد القطع بالأحكام النحوية تفيد غلبة الظن بها لأن الأصل عدم التبديل لا سيما والتشديد في ضبط ألفاظها والتحري في نقلها بأعيانها مما شاع بين الرواة. والقائلون منهم بجواز الرواية بالمعنى معترفون بأنها خلاف الأولى وغلبة الظن كافية في مثل تلك الأحكام بل في الأحكام الشرعية فلا يؤثر فيها الاحتمال المخالف للظاهر وبأن الخلاف في جواز النقل بالمعنى في غير ما لم يدون في كتب أما ما دون فلا يجوز تبديل ألفاظه بلا خلاف كما قاله ابن الصلاح وتدوين الأحاديث وقع في الصدر الأول قبل فساد اللغة العربية وحين كان كلام أولئك المبدلين على تقدير تبديلهم يسوغ الاحتجاج به وغايته يومئذٍ تبديل لفظ يحتج به بآخر كذلك ثم دون ذلك البدل ومنع من تغييره ونقله بالمعنى فبقي حجة في بابه صحيحة ولا يضر توهم ذلك الاحتمال السابق في استدلالهم المتأخر. ا. هـ. باختصار. قوله: "ولحنوا المعري" أي خطأوه ورد تلحينه بورود مثله في الشعر الموثوق به كقول الشاعر:
لولا زهير جفاني كنت معتذرًا
وكان يغني الجمهور عن تلحينه جعل يمسكه بدل اشتمال من الغمد أن الأصل أن يمسكه فحذفت أن وارتفع حينئذٍ الفعل كما أفاده الدماميني. قوله: "وفي نص يمين" من إضافة الصفة إلى الموصوف. قوله: "استقر" إظهاره الكون العام ضرورة أو مراده بالاستقرار الثبات وعدم التزلزل فيكون خاصًا على حد ما قيل في قوله تعالى: {فَلَمَّا رَآَهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَه} [النمل: 40] . قوله:
وبعد واو عيت مفهوم مع
…
كمثل كل صانع وما صنع
ــ
وايمن الله يميني فحذف الخبر وجوبًا للعلم به، وسد جواب القسم مسده فإن كان المبتدأ غير نص في اليمين جاز إثبات الخبر وحذفه نحو عهد الله لأفعلن وعهد الله علي لأفعلن.
تنبيه: اقصتر في شرح الكافية على المثال الأول، وزاد ولده المثال الثاني وتبعه عليه في التوضيح، وفيه نظر إذ لا يتعين كون المحذوف فيه الخبر لجواز كون المبتدأ هو المحذوف والتقدير قسمي ايمن الله بخلاف المثال الأول لمكان لام الابتداء "و" كذا يجب حذف الخبر الواقع "بعد" مدخول "واو عيت مفهوم مع" وهي الواو المسماة بواو المصاحبة "كمثل" قولك "كل صانع وما صنع" وكل رجل وضيعته تقديره مقرونان إلا أنه
ــ
"لعمرك" أي حياتك التزموا فتح عينه في القسم تخفيفًا لكثرة استعماله فيه وإن صح في غيره الفتح والضم أفاده الدماميني. قوله: "وايمن الله" أي بركته. قوله: "للعلم به" أي من كون ما ذكر نصًا في اليمين. قوله: "نحو عهد الله" إنما لم يكن نصًا في اليمين لعدم ملازمته فقد يستعمل في غيره نحو عهد الله يجب الوفاء به ولا يفهم منه القسم إلا بذكر المقسم عليه قاله المصرّح وأقره شيخنا والبعض وفيه أن قولهم لعمرك كذلك نحو لعمرك طويل أو مبارك فيه والأقرب عندي أن المراد بالنص الظاهر لغلبة استعمال لعمرك في اليمين بخلاف عهد الله، وبحمل إثبات أهل العربية صراحة العمر في القسم على ظهوره فيه ونفي الفقهاء صراحة عمر الله وعهده على نفي كونه يمينًا معتدًا به شرعًا على الإطلاق يجمع بين كلام أهل العربية وقول الفقهاء: عمر الله وعهد الله كل منهما كناية لا ينعقد به اليمين إلا إذا نوى بالعمر البقاء أو الحياة وبالعهد استحقاقه لإيجاب ما أوجبه علينا بخلاف ما إذا أطلق أو نوى بهما ما تعبدنا به لأنهما يطلقان على هذا كما رأيته بخط الشنواني نقلًا عن سم. قوله: "على المثال الأول" يعني لعمرك لأفعلن. وقوله: المثال الثاني يعني ايمن الله لأقومن.
قوله: "وفيه نظر إذ لا يتعين إلخ" أجاب سم بأنهم لو يدعوا التعين والمثال يكفيه الاحتمال. قوله: "هو المحذوف" قال سم: ولعل الحذف حينئذٍ أي حين إذ كان المحذوف المبتدأ غير واجب إذ لم يسد الجواب مسده. ا. هـ. أي لعدم حلوله محل المبتدأ لكن قال الروداني: لا يتوقف وجوب حذف المبتدأ على أن يسد شيء مسده بخلاف الخبر، والفرق أن الخبر محط الفائدة فاعتنى بشأنه فشرط في وجوب حذفه ذلك. قوله:"لمكان لام الابتداء" أي كونها أي وجودها فمكان مصدر ميمي من كان التامة، واعترض بأنه يجوز كون اللام داخلة على مبتدأ مقدر كما قيل في قوله خالي لأنت فوجودها لا ينافي كون مدخولها في اللفظ خبرًا. وأجيب بأن دخول اللام على شيء واحد لفظًا وتقديرًا أولى من دخولها لفظًا على شيء وتقديرًا على آخر، فالحمل على الأول أرجح مع أن حذف المبتدأ بنافية لام الابتداء كما مر مع ما فيه ثم رأيت صاحب المغني نقل عن ابن عصفور تجويز الوجهين في المثالين وعن غيره الجزم بأنهما من حذف الخبر. قوله:"عينت مفهوم مع" أي كانت ظاهرة فيه إذ الواو فيما ذكره تحتمل غير
وقبل حال لا يكون خبرا
…
عن الذي خبره قد أضمرا
ــ
لا يذكر للعلم به، وسد العطف مسده، فإن لم تكن الواو للمصاحبة نصًّا كما في نحو زيد وعمرو مجتمعان لم يجب الحذف. قال الشاعر:
164-
تمنوا الموت الذي يشعب الفتى
…
وكل امرئ والموت يلتقيان
وزعم الكوفيون والأخفش أن نحو كل رجل وضيعته مستغن عن تقدير خبر لأن معناه مع ضيعته، فكما أنك لو جئت بمع موضع الواو إلى مزيد عليها وعلى ما يليها في حصول الفائدة، كذلك لا تحتاج إليه مع الواو ومصحوبها "وقبل حال لا يكون خبرا" أي ويجب حذف الخبر إذا وقع قبل حال لا تصلح خبرًا "عن" المبتدأ "الذي خبره
ــ
المعية كأن يقال: كل صانع وما صنع مخلوقان أفاده سم. قوله: "وما صنع" الأظهر أن ما مصدرية لأن الصنعة هي الملازمة للصانع لا المصنوع. قوله: "وضيعته" أي حرفته، وسميت ضيعة لأن صاحبها يضيع بتركها أو لأنها تضيع بتركها. فإن قلت: الضمير في ضيعته لا يصح عوده إلى كل إذ المعنى عليه كل رجل وضيعة كل رجل مقترنان وهو فاسد ولا إلى رجل إذ المعنى عليه كل رجل وضيعة رجل مقترنان وهو أيضًا فاسد. قلت: لما كانت كل نائبة عن أسماء كثيرة كان ضميرها أو ضمير مدخولها أيضًا كذلك ومقابلة الجمع بالجمع تقتضي القسمة آحادًا فكأنه قيل زيد وضيعته مقترنان وعمر وضيعته مقترنان وهكذا.
قوله: "وسد العطف" اعترض بأن تقدير الخبر مقرونان فهو مثنى فهو خبر عن مجموع المتعاطفين فمحله بعد المعطوف فكيف يسد المعطوف مسده ولهذا قال الرضي: الظاهر أن الحذف غالب لا واجب. وأجاب سم بأن الخبر من حيث هو خبر المعطوف عليه محله قبل المعطوف فسد المعطوف مسد الخبر منن حيث هو خبر المعطوف عليه فوجب حذفه من هذه الجهة وإن لم يسد مسده من حيث هو خبره إذ لا يشترط لوجوب الحذف سد الشيء مسد المحذوف من كل وجه. قوله: "فإن لم تكن الواو للمصاحبة نصًا" أي ظهورًا بأن لم تكن للمصاحبة بالكلية بل لمجرد التشريك في الحكم نحو زيد وعمرو متباعدان أو للمصاحبة لا نصًا أي ظهورًا كما في بيت الشارح ومثاله، لأن ظهور المعية فيهما إنما جاء من مادة الخبر وأما الواو فتحتمل التشريك والمعية بدون ظهور المعية لأن الظاهرة فيها يصح الاكتفاء بها في إفادة المعية كما قاله الشنواني. قال ولو قيل كل امرىء والموت أي معه لم يكن كافيًا وبذلك التحقيق يعلم ما في كلام البعض فافهم. قوله:"لم يجب الحذف" بل يجوز إن دل دليل عليه. قوله: "يشعب" كيذهب أي يفرق. قوله: "مستغن عن تقدير خبر إلخ" رد بأن كون الواو بمعنى مع لا يستلزم كونها بمنزلتها لأن مع ظرف يصلح للإخبار به بخلاف الواو. زكريا. قوله: "وقبل حال" أي
164- البيت من الطويل، وهو لفرزدق في شرح التصريح 1/ 180؛ والمقاصد النحوية 1/ 543؛ وليس في ديوانه وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 224؛ وتخليص الشواهد ص211؛ وخزانة الأدب 6/ 283.
كضربي العبد مسيئًا وأتم
…
تبييني الحق منوطًا بالحكم
ــ
قد أضمرا" وذلك فيما إذا كان المبتدأ مصدرًا عاملًا في اسم مفسر لضمير ذي حال بعده لا تصلح لأن تكون خبرًا عن ذلك المبتدأ، أو اسم تفضيل مضافًا إلى المصدر المذكور أو إلى مؤول به فالأول. "كضربي العبد مسيئًَا و" الثاني مثل "أتم تبييني الحق منوطًا بالحكم" إذا جعل منوطًا جاريًا على الحق لا على المبتدأ. والثالث نحو أخطب ما يكون
ــ
مفردة أو جملة أو ظرف مثال الثالث ضربي زيدًا مع عصيانه على جعله حالًا من ضمير زيد. قوله: "لا تصلح خبرًا" أي بحسب ذاتها كالمثال الأول أو قصد المتكلم كالمثال الثاني ولهذا قال الشارح إذا جعل منوطًا جاريًا على الحق لا على المبتدأ، فاندفع الاعتراض بأن المثال الثاني تصلح الحال فيه للخبرية، واعترض الراعي المثال الأول بأنه يصح الإخبار عن الضرب بكونه مسيئًا على وجه المجاز. وأجيب بأن المراد لا تصلح على وجه الحقيقة، وقد يقال لا حجر في المجاز حتى يجب إضمار الخبر، ويمتنع رفع الحال على الخبرية المجازية إلا أن يقال لا تصلح على وجه المجاز بحسب قصد المتكلم. والحاصل أن المثال الأول لا تصلح الحال فيه للخبرية حقيقة بحسب ذاتها ولا مجازًا بحسب قصد المتكلم فاعرف ذلك.
قوله: "عن الذي خبره قد أضمرا" أي وإن صلحت أن تكون خبرًا عن غيره فليس الشرط أن لا تصلح للخبرية أصلًا فلهذا قال عن الذي إلخ فالقصد منه الإشارة إلى ما ذكر لا إلى كون الخبر مضمرًا لأنه معلوم من قوله وقبل حال، لأن المعنى ويحذف الخبر وجوبًا قبل حال. وقوله: قد أضمرا أي قدر. قوله: "مصدرًا" أي صريحًا لا مؤولًا عند جمهور البصريين ومذهب قوم أنه لا فرق نحو أن ضربت زيدًا قائمًا. قوله: "في اسم" أي ظاهر كالعبد والحق في المثالين، أو مضمر كإياه في قولك: العبد ضربي إياه مسيئًا. وظاهر عبارته عدم اشتراط إضافة المصدر نحو ضرب عمرًا قائمًا. وظاهر كلام الرضي اشتراطها حيث قال: ويكون المصدر مضافًا للفاعل أو للمفعول أولهما إلا أن يقال قصده التعميم في الإضافة لاشتراطها. وقوله: أولهما أي كما في تضاربنا أو مضاربتنا، ففي بعض حواشي الجامي أن نا في محل رفع ونصب باعتبار الفاعل والمفعول، وفي محل جر باعتبار الإضافة والجمهور على أنه لا يجوز اتباع المصدر المذكور فلا يقال ضربي زيدًا الشديد قائمًا ولا شربي السويق كله ملتوتًا لغلبة معنى الفعل عليه مع عدم السماع وأجازه الكسائي ووافقه المصنف في تسهيله اتباعًا للقياس. قوله:"لضمير" بالتنوين وهو الضمير في إذ كان أو إذا كان، ويصح ترك التنوين على أن الإضافة للبيان إن أريد ذو الحال الاصطلاحي الذي هو لفظ الضمير أو حقيقة إن أريد ذو الحال المعنوي الذي هو مدلول الضمير. قوله:"بعده" نعت لحال أي بعد الضمير أو المفسر. قوله: "إذا جعل منوطًا جاريًا على الحق" أي جعل حالًا من ضميره وقيد بذلك ليكون المثال مما نحن فيه، لأنه لو جعل جاريًا على المبتدأ بأن قصد إيقاعه على معنى المبتدأ وأرجع الضمير في الخبر المقدر إلى المبتدأ وجعل منوطًا حالًا من ذلك الضمير لم يكن مما نحن فيه لعدم إضافة اسم التفضيل إلى مصدر عامل في اسم مفسر لضمير ذي حال؛ إذ ليس المفسر حينئذٍ معمول المصدر بل يكون مما يصلح فيه الحال للخبرية بحسب الذات
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الأمير قائمًا، والتقدير إذ كان أو إذا كان مسيئًا ومنوطًا وقائمًا، نصب على الحال من الضمير في كان، وحذفت جملة كان التي هي الخبر للعلم بها وسد الحال مسدها، وقد عرفت أن هذه الحال لا تصلح خبرًا لمباينتها المبتدأ إذ الضرب مثلًا لا يصح أن يخبر عنه بالإساءة. فإن قلت: جعل هذا المنصوب حالًا مبني على أن كان تامة، فلم لا جعلت ناقصة والمنصوب خبرها؛ لأن حذف الناقصة أكبر: فالجواب أنه منع من ذلك أمران: أحدهما أنا لم نر العرب استعملت في هذا الموضع إلا أسماء منكورة مشتقة من المصادر فحكمنا بأنها أحوال إذ لو كانت أخبارًا لكان المضمرة لجاز أن تكون معارف ونكرات ومشتقة وغير مشتقة. الثاني وقوع الجملة الاسمية مقرونة بالواو موقعه، كقوله عليه الصلاة والسلام:"أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد" وقول الشاعر:
ــ
وقصد المتكلم فيجب رفعه على الخبرية.
قوله: "أخطب ما يكون" أي أخطب كون بمعنى أكوان، ومن أول بالجمع ابتداء فقد تسمح، وأخطب من الخطب وهو الشدة أي أشد أحواله قاله بعضهم. قوله:"والتقدير" أي تقدير ما زاد على متعلق الظرف من المحذوف من هذه المثل، ولم يتعرض لتقدير المتعلق الذي هو حاصل أو حصل مثلًا لوضوحه. قوله:"إذا كان" أي عند إرادة المضي أو إذا كان أي عند إرادة الاستقبال. قاله الدماميني والسيوطي وغيرهما. وفي الرضي أن إذا هنا للاستمرار كما في قوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الأَرْض} [البقرة: 11]، وقال الروداني: بقي أنه قد يراد الحال أو الاستمرار ولو قال: يقدر وقت كان أو حين كان لكان أشمل لسائر الأزمنة بلفظ واحد. ا. هـ. ورأيت بخط الشنواني أنه إذا أريد الاستمرار يؤتى بإذا لأنها تأتي للاستمرار. قوله: "وحذفت جملة كان" أي مع الظرف المضاف إليها. وقوله: التي هي الخبر، فيه مسامحة إذ الخبر إما متعلق الظرف كما هو الأصح أو نفس الظرف المضاف إلى تلك الجملة. قوله:"للعلم بها" أي مع الظرف أي من كون المراد الإخبار عن المصدر أو ما أضيف إليه بالكون مقيدًا بحال من أحوال من تعلق به المصدر أو ما أضيف إليه، وقوله: وسد الحال مسدها أي مع الظرف. والحاصل أن الحال قامت مقام إذ كان لأن في الحال معنى الظرفية إذ معنى لقيت زيدًا راكبًا لقيته في وقت الركوب، وإذ كان سد مسد المتعلق الذي هو الخبر في الحقيقة كسداد بقية الظروف مسد متعلقاتها العامة فالحال سدت مسد الخبر في الظاهر مباشرة والخبر في الحقيقة بواسطة.
قوله: "لمباينتها" أي بالذات أو باعتبار قصد المتكلم. قوله: "إلا أسماء منكورة مشتقة" الحصر إضافي أي لا معارف ولا جوامد فلا ينافي مجيء الحال جملة كما سيأتي. قوله: "لجاز" أي جوازًا وقوعيًا أن تكون معارف إلخ وكون مجيئها منكور مشتقة أمرًا اتفاقيًا لا لكون المنصوب حالًا بعيد، لأن الظاهر أن التزامهم التنكير والاشتقاق لا يكون إلا لنكتة وأن النكتة كونها أحوالًا. قوله:"مقرونة بالواو" ويجوز أيضًا وقوع الاسمية موقعه بلا واو على ما قاله الكسائي وارتضاه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
165-
غير اقتراني من المولى حليف رضا
…
وشر بعدي عنه وهو غضبان
فإن قلت: فما المحوج إلى إضمار كان لتكون عاملة في الحال وما المانع أن يعمل فيها المصدر، فالجواب أنه لو كان العامل في الحال هو المصدر لكانت من صلته فلا تسد مسد خبره فيفتقر الأمر إلى تقدير خبر ليصح عمل المصدر في الحال فيكون التقدير ضربي العبد مسيئًا موجود وهو رأي كوفي. وذهب الأخفش إلى أن الخبر المحذوف مصدر مضاف إلى ضمير ذي الحال والتقدير ضربي العبد مسيئًا. واختاره في التسهيل، وفي منع الفراء وقوع هذه الحال فعلًا مضارًعا وأجازه سيبويه، ومنه قوله:
ــ
المصنف ونقل عن البصريين أيضًا فيجوز ضربي زيدًا هو قائم. قوله: "موقعه" أي موقع المنصوب. قوله: "حليف رضا" أي إذا كنت أو إذا وجدت حليف رضا قاله العيني، وبه يعرف أنه لا يتعين لفظ كان بل مثلها ما في معناها وأن الضمير الذي يفسره معمول المصدر قد يكون بارزًا عند تقدير الخبر وأن معمول المصدر صادق بما أضيف إليه المصدر ولو ضميرًا وإن لزم عليه كون المفسر والمفسر ضميرين لكن الظاهر عندي أنه يصح أن يكون التقدير إذ كان حليف رضا أي مصاحبًا للرضا بل هذا أنسب بقوله وهو غضبان لتعلق كل من الحالين حينئذٍ بالمولى فافهم، وحليف الرضا المحالف المعاقد على الرضا. قوله:"وهو غضبان" هذا هو الشاهد. قوله: "أن يعمل فيها المصدر" وذلك بأن تجعل حالًا من منصوب المصدر لأن العامل في صاحب الحال عامل فيها. قوله: "لكانت من صلته" أي متعلقاته فمحلها قبل الخبر فلا تسد مسده لما علمت من أن الشيء لا يسد مسد غيره إلا إذا كان في محله أفاده سم. قوله: "إلى تقدير خبر" أي بعد الحال، إذ لو قدر قبلها لم يصح عمل المصدر فيها للفصل بين المصدر ومعموله حينئذٍ كذا قيل، وفيه أن الفصل ليس بأجنبي لأن الخبر معمول للمبتدأ إلا أن يجعل كالأجنبي للخلاف في كونه معموله والمراد تقديره مع عدم ما يسد مسده وإلا فالخبر مقدر على كل حال.
قوله: "وهو رأي كوفي" أي إعمال المصدر في الحال وتقدير الخبر بعده رأي كوفي وهو معترض بفوات المعنى المقصود عليه من الحصر أي حصر الضرب مثلًا في كونه حال الإساءة، ولعل وجه إفادة نحو ضربي العبد مسيئًا للحصر مشابهة المصدر بإضافته المعرف بلام الجنس، والمعرف بلام الجنس منحصر في الخبر فكذا ما شابهه، وعلى كلامهم يكون الحذف جائزًا لا واجبًا لعدم سد شيء مسده. قوله:"إلى ضمير ذي الحال" الإضافة للبيان أن أريد ذو الحال الاصطلاحي الذي هو لفظ الضمير لأن صاحب الحال هنا اصطلاحًا الضمير وحقيقية أن أريد ذو الحال المعنوي الذي هو مدلول الضمير. قوله: "ضربه مسيئًا" بالحال حصل التغاير بين المبتدأ والخبر. قوله: "واختاره في التسهيل" وكذا ابن هشام في المغني لقلة المقدر عليه؛ لأن المقدر
165- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في تذكرة النحاة ص650؛ والدرر 2/ 30؛ والمقاصد النحوية 1/ 579؛ وهمع الهوامع 1/ 107.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
166-
ورأي عيني الفتى أباكا
…
يعطي الجزيل فعليك ذاكا
أما إذا صلح الحال لأن يكون خبر العدم مباينته للمبتدأ فإنه يتعين رفعه خبرًا فلا يجوز ضربني زيدًا شديدًا، وشذ قولهم: حكمك مسمطًا أي حكمك لك مثبتًا، كما شذ زيد قائمًا وخرجت فإذا زيد جالسًا فيما حكاه الأخفش، أي ثبت قائمًا وجالسًا. ولا يجوز أن يكون الخبر المحذوف إذ كان أو إذا كان لما عرفت من أنه لا يجوز الإخبار بالزمان عن الجثة.
تنبيه: لم يتعرض هنا لمواضع وجوب حذف المبتدأ وعدها في غير هذا الكتاب أربعة: الأول ما أخبر عنه بنعت مقطوع للرفع في معرض مدح أو ذم أو ترحم الثاني ما
ــ
عليه شيئان والمقدر على الأول خمسة أشياء ولأن التقدير من اللفظ مع صحة المعنى أولى، ولأن تقدير إذ مع الجملة المضاف إليها لم يثبت في غير هذا الموضع، نعم يلزم عليه حذف المصدر وإبقاء معموله والجمهور على منعه.
قوله: "ورأي عيني إلخ" رأي مصدر مضاف لفاعله والفتى مفعوله وأباك بدل أو بيان وقوله: يعطي الجزيل حال سد مسد خبر رأي، وقوله: فعليك ذاكا أي الزم الإعطاء الذي كان عليه أبوك. قوله: "فإنه يتعين رفعه" أي عند عدم قصد المتكلم جعله حالًا من ضمير معمول المصدر المستتر في الخبر فإن قصد ذلك وجب النصب وذكر الخبر بأن يقال: ضربي زيدًا إذ كان شديدًا أو ضربه شديدًا كما نقله شيخنا. قوله: "فلا يجوز ضربي زيدًا شديدًا" بل يجب الرفع عند قصد الخبرية والنصب وذكر الخبر عند قصد الحالية كما مر إذ لو لم يذكر الخبر لربما وقف على المنصوب بالسكون على لغة ربيعة فيتوهم الخبرية والقصد الحالية كذا قيل، وفيه أن هذه العلة تأتي في نحو أتم تبييني إلخ مع أنهم لم يوجبوا فيه ذكر الخبر فتأمل. قوله:"وشذ قولهم" أي لرجل حكموه عليهم، وشذوذه من وجهين النصب مع صلاحية الحال للخبرية، وكون الحال ليست من ضمير معمول المصدر بل من ضمير المصدر المستتر في الخبر قاله المصرح. قوله:"مسمطًا" بضم الميم الأولى وفتح السين المهملة وتشديد الميم الثانية مفتوحة. قوله: "مثبتًا" يعني نافذًا. قوله: "أي ثبت قائمًا وجالسًا" التقدير في فإذا زيد جالسًا على غير القول بأن إذا الفجائية ظرف مكان أما عليه فلا حذف بل هي الخبر. قوله: "أن يكون الخبر المحذوف" أي في زيد قائمًا وخرجت فإذا زيد جالسًا. قوله: "أربعة" بقيت أشياء في الهمع وغيره منها المبتدأ المخبر عنه باسم واقع بعد لا سيما في لا سيما زيد برفع زيد، ومنها المبتدأ المخبر عنه بجار ومجرور مبين
166- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص181؛ والدرر 2/ 28؛ والكتاب 1/ 191؛ والمقاصد النحوية 1/ 572؛ وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص212؛ والدرر 5/ 249؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 398؛ وهمع الهوامع 1/ 107، 2/ 93.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أخبر عنه بمخصوص نعم وبئس المؤخر، نحو نعم الرجل زيد وبئس الرجل عمرو إذا قدر المخصوص خبرًا، فإن كان مقدمًا نحو زيد نعم الرجل فهو مبتدأ لا غير، وقد ذكر الناظم هذين في موضعهما من هذا الكتاب. الثالث ما حكاه الفارسي من قولهم: في ذمتي لأفعلن التقدير في ذمتي عهد أو ميثاق الرابع ما أخبر عنه بمصدر مرفوع جيء به بدلًا من اللفظ بفعله نحو سمع وطاعة، أي أمري سمع وطاعة. ومنه قوله:
167-
وقالت حنان ما أتى بك ههنا
…
أذو نسب أم أنت بالحي عارف
ــ
لفاعل أو مفعول المصدر قبله البدل عن الفعل نحو سقيا لك ورعيا لك فلك خبر مبتدأ محذوف وجوبًا ليلي الفاعل أو المفعول في المعنى المصدر كما كان يلي الفعل، أي وهذا الدعاء لك نقل هذا الثاني الدنوشري عن الرضي وعندي أنه إنما يحتاج إليه إذا كان المجرور ضمير المخاطب كما في التمثيل لعدم صحة الجمع بين الخطاب بفعل أمر أو بدله لشخص، والخطاب بغيره لشخص في جملة واحدة. أما نحو سقيا لزيد ورعيا لعمرو فالظاهر أن اللام لتقوية العامل ومدخولها معمول للمصدر فاحفظ هذا التحقيق.
قوله: "ما أخبر عنه بنعت مقطوع إلخ" قال أبو علي: إنما التزموا في النعت المقطوع في المدح والذم والترحم حذف الفعل أو المبتدأ في النصب أو الرفع للتنبيه على شدة الاتصال بالمنعوت، وقيل: للإشعار بإنشاء المدح أو الذم أو الترحم كما فعلوا في النداء دماميني بتصرف، وتسمية المقطوع نعتًا باعتبار ما كان. قوله:"في معرض مدح إلخ" خرج بذلك ما إذا كان النعت للتخصيص أو للإيضاح فإنه يجوز ذكر المبتدأ وحذفه كما في التصريح وغيره. قوله: "ما أخبر عنه بمخصوص إلخ" إنما وجب حذفه لصيرورة الكلام لإنشاء المدح أو الذم فجرى مجرى الجملة الواحدة. قوله: "المؤخر" بيان للواقع إذ لا يكون المخصوص خبرًا إلا إذا أخر قوله: "من قولهم في ذمتي إلخ" لدلالة الجواب عليه وسد مسده وحلوله محله لأن المبتدأ هنا واجب التأخير.
قوله: "في ذمتي عهد" أي متعلق عهد أو ميثاق وهو مضمون الجواب لأنه الذي يستقر في الذمة، دنوشري. قوله:"بدلًا من اللفظ بفعله" أي بواسطة لأن الأصل أسمع سمعًا وأطيع طاعة، حذف الفعل اكتفاء بدلالة مصدره عليه ثم عدل إلى الرفع لإفادة الدوام، وأوجبوا حذف المبتدأ إعطاء للحال الفرعية حكم الحالة الأصلية التي هي حالة النصب إذ يجب فيها حذف الفعل أفاده زكريا. قوله:"وقالت حنان" أي رحمة وأكثر النسخ بإسقاط الواو فيكون فيه الثلم.
167- البيت من الطويل، وهو لمنذر بن درهم الكلبي في خزانة الأدب 2/ 112، وشرح أبيات سيبويه 1/ 235؛ وبلا نسبة في أمالي الزجاجي ص131؛ وأوضح المسالك 1/ 217؛ والدرر اللوامع 3/ 66؛ وشرح التصريح 1/ 177؛ وشرح عمدة الحافظ ص190؛ وشرح المفصل 1/ 188؛ والصاحبي في فقه اللغة ص255؛ والكتاب 1/ 320؛ ولسان العرب 13/ 129 "حنن"، والمقاصد النحوية 1/ 539؛ والمقتضب 3/ 225؛ وهمع الهوامع 1/ 189.
وأخبروا باثنين أو بأكثرا
…
عن واحد كهم سراة شعرا
ــ
أي أمري حنان أي رحمة. وقول الراجز:
168-
شكا إلي جملي طول السرى
…
صبر جميل فكلانا مبتلى
أي أمرنا جميل "وأخبروا باثنين أو بأكثرا عن" مبتدأ "واحد" لأن الخبر حكم، ويجوز أن يحكم على الشيء الواحد بحكمين فأكثر. ثم تعدد الخبر على ضربين الأول تعدد في اللفظ والمعنى "كهم سراة شعرًا" ونحو:{وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ، ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ، فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} [البروج: 14]، وقوله:
169-
من يك ذا بت فهذا بتي
…
مقيظ مصيف مشتي
ــ
وقوله: أذو نسب إلخ أي ذو قرابة هنا جئت لهم أم لك معرفة بالحي. وإنما قالت ذلك خوفًا عليه من إنكار الحي إياه قاله العيني، فلقنته الحجة موهمة أنها لا تعرفه. قوله:"وأخبروا باثنين أي بأكثرا" أي مع كون كل مفردًا أو جملة أو شبه جملة أو مع الاختلاف. وفي المغني زعم الفارسي أن الخبر لا يتعدد مختلفًا بالافراد والجملة فيتعين عنده في نحو زيد عالم يفعل الخير كون الجملة الفعلية صفة للخبر، ومثله عنده وعند غيره نحو زيد رجل صالح أو يفعل الخبر لعدم إفادة الإخبار بالأول وحده، ويجوز عنده وعند غيره في نحو زيد كاتب شاعر كون شاعر خبرًا ثانيًا وكونه صفة لكاتب. ا. هـ. بتصرف، ثم قال: وأجب الفارسي في: {كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِين} [البقرة: 65]، كون خاسئين خبرًا ثانيًا لأن جمع المذكور السالم لا يكون صفة لما لا يعقل. ا. هـ. وأما نحو زيد يقرأ يكتب فمن تعدد الخبر لا غير. قوله:"لأن الخبر حكم" أي محكوم به. قوله: "في اللفظ والمعنى" علامة ذلك صحة الاقتصار على كل من الخبرين أو الإخبار كما في الدماميني. قوله: "سراة" بفتح السين وقد تضم أصلها سرية جمع سرى على غير قياس، إذ قياس جمع فعيل المعتل اللام أفعلاء كنبي وأنبياء وتقي وأتقياء وزكي وأزكياء. وأما قول شيخنا وشيخنا السيد والبعض كغيرهم لأن قياس جمع فعيل فعلاء كشريف وشرفاء فغير مستقيم لأن ما قالوه في فعيل الصحيح اللام وما نحن بصدده من فعيل معتلها وقيل اسم جمع.
قوله: "من يك ذا بت" البت الكساء الغليظ المربع، ومن شرطية لا موصولة وإن زعمها البعض تبعًا لصدر كلام العيني المتناقض بدليل يك. والمعنى من يك ذا بت فأنا مثله لأن هذا
168- الرجز للملبد بن حرملة في شرح أبيات سيبويه 1/ 317؛ وبلا نسبة في أمالي المرتضى 1/ 107؛ والكتاب 1/ 321؛ ولسان العرب 14/ 440 "شكا".
169-
الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص189؛ وجمهرة اللغة ص162؛ والدرر 2/ 32؛ والمقاصد النحوية 561؛ وبلا نسبة في الإنصاف 2/ 725؛ وتخليص الشواهد ص214؛ والدرر 5/ 109؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 33؛ وشرح ابن عقيل ص132؛ وشرح المفصل 1/ 99؛ والكتاب 2/ 84؛ ولسان العرب 2/ 8 "بتت"، 7/ 456 "قيظ" 9/ 201 "صرف" 14/ 421 "شتا"، وهمع الهوامع 1/ 108، 2/ 67.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وقوله:
170-
ينام بإحدى مقلتيه ويتقي
…
بأخرى الأعادي فهو يقظان نائم
وهذا الضرب يجوز فيه العطف وتركه. والثاني تعدد في اللفظ دون المعنى، وضابطه أن لا يصدق الإخبار ببعضه عن المبتدأ نحو هذا حلو حامض أي مز، وهذا أعسر أيسر: أي أضبط. وهذا الضرب لا يجوز فيه العطف خلافًا لأبي علي هكذا اقتصر الناظم على هذين النوعين في شرح الكافية، وزاد ولده في شرحه نوعًا ثالثًا يجب في العطف وهو أن يتعدد الخبر لتعدد ما هو له إما حقيقة نحو بنوك كاتب وصائغ وفقيه. وقوله:
ــ
البت بتي فحذف المسبب وأقام السبب مقامه، وقوله: مقيظ إلخ أي كاف لي قيظًا وصيفًا وشتاء، والقيظ شدة الحر. قوله:"ينام إلخ" الضمير للذنب والذي وقع في الشارح يقظان نائم لكن المروي الذي يدل عليه بقية القوافي من القصيدة يقظان هاجع أي نائم. والشاهد في قوله فهو يقظان نائم فإن الخبر فيه تعدد لفظًا ومعنى على ما قاله الشارح وغيره وهو مبني على أن المراد يقظان من وجه نائم من وجه، ولك أن تجعله مما تعدد فيه الخبر لفظًا فقط بناء على أن المراد بين اليقظان والنائم أي جامع بين طرف من اليقظة وطرف من النوم. قوله:"يجوز فيه العطف" أي بالواو وغيرها بخلاف النوع الثالث فالعطف فيه لا يكون إلا بالواو أفاده شيخنا السيد. قوله: "وضابطه إلخ" هذا صادق بنحو هذا أبيض أسود للأبلق مع أن الرضي سرح بجواز العطف فيه إلا أن يراد عن المبتدأ كلًا أو بعضًا فيخرج نحو هذا المثال. قوله: "أن لا يصدق الأخبار إلخ" ولهذا قال بعضهم إطلاق الخبر على كل واحد مجاز من إطلاق ما للكل على الجزء. قوله: "أي مز" يعني أن الموجود في الرمان هو المزازة، وهي كيفية متوسطة بين الحلاوة والحموضة الصرفتين وليس فيه طعم الحلاوة وطعم الحموضة إذ هما ضدان لا يجتمعان فليس المعنى هنا كالمعنى في زيد كاتب شاعر من أنه جامع للصفتين إذ كل من الصفتين الصرفتين موجودة في زيد قاله الناصر اللقاني. قوله:"أي أضبط" أي في العمل لكونه يعمل بكلتا يديه وكان عمر بن الخطاب كذلك، ولا يقال أعسر أيسر كما في الصحاح. قوله:"لا يجوز فيه العطف" أي نظرًا للمعنى لأن الخبرين في المعنى شيء واحد والعطف يقتضي خلاف ذلك.
قوله: "خلافًا لأبي علي" فإنه أجاز العطف نظرًا إلى تغاير اللفظ. قوله: "وزاد ولده" أي على ما في شرح الكافية فلا ينافي أنه تابع في هذه الزيادة لأبيه في شرح التسهيل. قوله: "لتعدد ما هو له" بهذا التعليل حصل الفرق بين هذا النوع ونحوهم سراة شعرًا لأن تعدد الخبر فيه ليس لتعدد المبتدأ لأن كلًّا من أفراد المبتدأ فيه متصف بأنه سرى شاعر بخلاف نحو بنوك إلخ فإنه
170- البيت من الطويل، وهو لحميد بن ثور في ديوانه ص105، وأمالي المرتضى 2/ 213؛ وخزانة الأدب 4/ 292؛ والشعر والشعراء 1/ 398؛ والمقاصد النحوية 1/ 562؛ وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص214؛ وشرح ابن عقيل ص132.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
171-
يداك يد خيرها يرتجى
…
وأخرى لأعدائها غائظة
وإما حكمًا كقوله تعالى: {اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ} [الحديد: 20]، واعترضه في التوضيح فمنع أن يكون النوع الثاني والثالث من باب تعدد الخبر بما حاصله أن قولهم: حلو حامض في معنى الخبر الواحد بدليل امتناع العطف وأن يتوسط بينهما مبتدأ، وأن نحو قوله:
172-
يداك يد خيرها يرتجى
وأخرى لأعدائها غائظة في قوة مبتدأين لكل منهما خبر، وأن نحو:{أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ} [الحديد: 20]، الثاني تابع لا خبر. قلت: وفي الاعتراض نظر أما ما قاله في الأول فليس بشيء إذ لم يصادم كلام الشارح بل هو عينه لأنه إنما جعله متعددًا في اللفظ دون المعنى وذكر له ضابطًا بأن لا يصدق الإخبار ببعضه عن المبتدأ كما قدمته فكيف يتجه الاعتراض عليه بما ذكر. وأما الثاني فهو أن كون يداك ونحوه في قوة مبتدأين لا ينافي كونه بحسب اللفظ مبتدأ واحدًا إذ النظر إلى كون المبتدأ واحدًا أو متعددًا إنما هو إلى لفظه لا إلى معناه وهو واضح لا خفاء فيه. وأما قوله في الثالث أن الثاني يكون تابعًا
ــ
لم يتصف كل من البنين بالأوصاف الثلاثة بل اختص كل بوصف فتعدد الخبر لتعدد المبتدأ. قوله: "يداك يدٌ إلخ" يد خبر المبتدأ وأخرى معطوف عليه وما بعد كل صفة له. قوله: "وأما حكمًا إلخ" إنما كان التعدد حكميًا في الآية لكون المبتدأ المفرد ذا أقسام فجعل في حكم الجمع الدال على الافراد. قوله: "إنما الحياة" أي حالها. قوله: "واعترضه" أي ما ذكر من النوعين الثاني والثالث والمفهوم من اعتراض الموضح قصر تعدد الخبر على تعدده لفظًا ومعنى مع اتحاد المبتدأ لفظًا ومعنى، وابن الناظم لا يقصره على ذلك. قوله:"وأن يتوسط بينهما مبتدأ" كما يمتنع توسط المبتدأ بينهما يمتنع تأخر المبتدأ عنهما فلا يجوز حلو حامض الرمان نقله صاحب البديع عن الأكثر كما في الهمع فقول البعض بعد عزوه إلى بعضهم ولا وجه له لا يسمع. قوله: "في قوة مبتدأين إلخ" إنما رد بهذا مع إمكان الرد بأن الثاني تابع كما فعل في الآية لأن هذا الذي ذكره يرفع تعدد الخبر معنى واصطلاحًا، بخلاف كونه تابعًا فإنه يرفع التعدد اصطلاحًا فقط أفاده الناصر.
قوله: "الثاني تابع" أي الثاني منه تابع فالرابط محذوف وإنما لم يرد بكون المبتدأ في قوة مبتدآت لتعدده حكمًا كما فعل فيما قبله مع أنه أقوى في رفع تعدد الخبر كما مر لأن تعدد
171- البيت من المتقارب، وهو لطرفة بن العبد في ملحق ديوانه ص155؛ وشرح التصريح 1/ 182؛ والمقاصد النحوية 1/ 752؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 7/ 17، 18؛ وأوضح المسالك 1/ 228؛ وتخليص الشواهد ص212؛ وخزانة الأدب 1/ 133؛ ولسان العرب 7/ 454 "غيظ".
172-
راجع التخريج رقم 171.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لا خبرًا، فإنا نقول: لا منافاة أيضا بين كونه تابعًا وكونه خبرًا؛ إذ هو تابع من حيث توسط الحرف بينه وبين متبوعه، خير من حيث عطفه على خبر إذ المعطوف على الخبر خبر، كما أن المعطوف على الصلة صلة، والمعطوف على المبتدأ مبتدأ، وغير ذلك وهو أيضًا ظاهر.
خاتمة: حق خبر المبتدأ أن لا تدخل عليه فاء لأن نسبته من المبتدأ نسبة الفعل من الفاعل ونسبة الصفة من الموصوف، إلا أن بعض المبتدآت يشبه أدوات الشرط فيقترن خبره بالفاء إما وجوبًا وذلك بعد أما نحو {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُم} [فصلت: 17] . وأما قوله:
ــ
المبتدأ في الآية خفي لكونه حكميًّا فلم يعرج عليه في الرد لذلك فافهم. قوله: "وفي هذا الاعتراض" أي الاعتراض المذكور على النوعين. قوله: "وأما الثاني" أي دفع ما قاله في الثاني.
فائدة: في البحر المحيط للزركشي: قال بعض الفضلاء: الصفات المذكورة في الحدود لا يجوز أن تعرب أخبارًا ثواني بل يتعين إعرابها صفة لما يلزم على الأول من استقلال كل جزء بالحد ومن هنا منع جماعة أن يكون حلو حامض خبرين، وأوجب الأخفش أن يكون حامض صفة والجمهور القائلون إن كلًا منهما خبر لا يلزمهم القول بمثله في نحو الإنسان حيوان ناطق لأن حلو حامض ضدان، فالعقل يصرف عن توهم قصد كل منهما استقلالًا بخلاف الإنسان حيوان ناطق. ا. هـ. ولم يتعرض الشارح كالناظم لتعدد المبتدأ وهو قسمان: أحدهما أن يجرد كل من المبتدآت عن إضافته لضمير ما قبله ويؤتى بعد خبر المبتدأ الأخير بالروابط نحو زيد عمرو هند ضاربته في داره من أجله، والمعنى هند ضاربته عمرو في داره من أجل زيد. الثاني أن يضاف كل من المبتدآت غير الأول لضمير ما قبله نحو زيد عمه خاله أخوه قائم، والمعنى أخو خال عم زيد قائم.
قوله: "لأن نسبته" أي الخبر من المبتدأ أي إلى المبتدأ نسبة الفعل من الفاعل أي كنسبة الفعل إلى الفاعل، يعني أن الخبر بالنسبة إلى المبتدأ كالفعل بالنسبة إلى الفاعل ووجه الشبه كون كل منهما محكومًا به وبسبب هذه المشابهة منع الخبر من الفاء كما منع منها الفعل إلا لمقتض كإفادة التسبب في نحو قام زيد فدخل عمرو، فاندفع الاعتراض بأن الفعل يقترن بالفاء كما في هذا المثال. هذا ملخص ما قاله البعض والأقرب عندي في تقرير عبارة الشارح ودفع الاعتراض عنها أن يبقى كلام الشارح على ظاهره من أن التشبيه النسبتين لا بين الخبر والفعل، وأن يجعل المعنى أن نسبة الخبر إلى المبتدأ كنسبة الفعل إلى الفاعل في أن كلًّا نسبة محكوم به إلى محكوم عليه، فكما لا يفصل بين الفعل وفاعله بالفاء لا يفصل بين الخبر ومبتدئه بالفاء. فإن قلت: هذا التقرير يؤدي إلى جواز فقائم زيد لعدم الفصل بين المبتدأ والخبر. قلت: رتبة المبتدأ التقديم فالفصل حاصل تقديرًا، فافهمه فإنه نفيس. قوله:"يشبه أدوات الشرط" أي أسماءه أي في العموم. قوله: "فيقترن خبره بالفاء" أي أن تأخر عن المبتدأ فإن سبقه تحوله له درهم الذي يأتيني
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
173-
أما القتال لا قتال لديكم
فضرورة، وإما جوازًا وذلك إما موصولة بفعل لا حرف شرط معه، أو بظرف وإما موصوف بهما أو مضاف إلى أحدهما، وإما موصوف بالموصول المذكور بشرط قصد العموم واستقبال معنى الصلة أو الصفة، نحو الذي يأتيني أو في الدار فله درهم، ورجل
ــ
وجب ترك الفاء لأن الجواب إنما يقترن بالفاء إذا تأخر. قوله: "إما وجوبًا وذلك بعد أما" كان ينبغي إسقاط هذا القسم لأن اقتران الخبر فيه بالفاء لأجل أما المتضمنة معنى الشرط لا لشبه المبتدأ بأداة الشرط. قوله: "وذلك" أي المبتدأ الذي يقترن خبره بالفاء جوازًا إما موصول إلخ وجملة صوره خمس عشرة صورة: موصول بفعل لا حرف شرط معه، موصول بظرف موصول بجار ومجرور، موصوف بأحد هذه الثلاثة، فهذه ست صور. مضاف إلى الموصول أو الموصوف المذكورين وتحته ست صور موصوف بالموصول المذكور وتحته ثلاث صور وقد تدخل الفاء على خبر كل مضافًا إلى غير موصوف نحو كل نعمة فمن الله، أو موصوف بغير ما ذكر نحو:
كل أمر مباعد أو مداني
…
فمنوط بحكمة المتعالي
قيل: ومنه حديث كل أمر ذي بال إلخ وفيه بحث أبديته في رسالتي الكبرى في البسملة. قوله: "لا حرف شرط معه" فلو كان معه حرف شرط نحو الذي أن يأتني أكرمه مكرم امتنعت الفاء لأنها إنما دخلت في الخبر لشبه المبتدأ بالشرط وهو هنا منتف إذ لا يدخل شرط على شرط وأجاز بعضهم دخولها في هذا أيضًا، وخرج بقوله بفعل أو ظرف الموصول بغيرهما فلا يجوز الذي أبوه محسن فمكرم خلافًا لابن السراج، ولا القائم فزيد أو فاضربه خلافًا للناظم في تسهيله فإنه صرح فيه بجوازه ومثل له في شرحه بقوله تعالى:{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38] ، وجعل الجمهور الخبر محذوفًا أي مما يتلى عليكم حكم السارق، وكان على الشارح أن يزيد وأن لا يكون مصدرًا بعلم استقبال ولا بقد ولا بما النافية أو بقول موصول بفعل صالح للشرطية كما في التسهيل ليفيد اشتراط ما ذكر. قوله:"أو بظرف" المراد به ما يشمل الجار والمجرور كما يدل عليه تمثيله بالجار والمجرور. قوله: "وإما موصوف" أي اسم منكر موصوف. وقوله: بهما أي بواحد من الفعل والظرف. قوله: "أو مضاف إلى أحدهما" أي الموصول والموصوف المذكورين بأقسامهما. واعلم أن المضاف إلى الموصول بما ذكر لا يشترط أن يكون لفظ كل وما بمعناها كجميع فيجوز غلام الذي عندك فلا درهم معه. وأما المضاف إلى النكرة الموصوفة بما ذكر فيشترط أن يكون لفظ كل وما بمعناها فقول الشارح وكل الذي تفعل إلخ ذكر كل فيه ليس قيدًا، وقوله كل رجل يتقي الله ذكر كل فيه قيد معتبر قاله شيخنا السيد. قوله:"بشرط قصد العموم" قيد في جميع ما قبله ولو حذف لفظ كما في قوله فلو عدم العموم وكما في قول التسهيل عام لكان أخصر لعدم الحاجة لذكره، بل لا حاجة كما قاله الدماميني إلى اشتراط العموم من أصله بعد كونه موضوع المسألة المبتدأ المشبه لاسم الشرط في العموم. قوله:"واستقبال معنى الصلة" يفهم أنه لا يشترط استقبال لفظها وهو كذلك فشمل نحو وما أصابكم
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يسألني أو في المسجد فله بر، وكل الذي تفعل فلك أو عليك، وكل رجل يتقي الله فسعيد، والسعي الذي تسعاه فستلقاه. فلو عدم العموم لم تدخل الفاء لانتفاء شبه الشرط وكذا لو عدم الاستقبال أو وجد مع الصلة أو الصفة حرف شرط، وإذا دخل شيء من نواسخ الابتداء على المبتدأ الذي اقترن خبره بالفاء أزال الفاء إن لم يكن إن أو أن أو لكن بإجماع المحققين، فإن كان الناسخ إن وأن ولكن جاز بقاء الفاء، نص على ذلك في إن وأن سيبويه وهو الصحيح الذي ورد نص القرآن المجيد به كقوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ} [الاحقاف: 13]، {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [الاحقاف: 13] {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا} [آل عمران: 91]، {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [آل عمران: 21] ، {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [ألانفال: 41] ، {قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ} [الجمعة: 8] ، ومثال ذلك مع لكن قوله الشاعر:
174-
بكل داهية ألقى العداء وقد
…
يظن أني في مكري بهم فزع
ــ
من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويدل على أن ما موصولة سقوط الفاء في قراءة نافع وابن عامر. همع. قوله: "فلو عدم العموم" وعدمه إما بتقييد الصلة أو الصفة كالسعي الذي تسعاه في الخير ستلقاه، وكل رجل يأتيني في المسجد له كذا، وإما بتقييد الموصوف نحو كل رجل كريم يأتيني له كذا هذا ما قالوه وفيه بحث لأن ما ذكر من الأمثلة لم يعدم فيه العموم بل قلّ. فإن قيل المراد بعدم العموم قلته لا عدمه رأسًا، قلت لا وجه لإرادة ذلك لأن قلة العموم لا تخرج المبتدأ عن شبه اسم الشرط لأنها توجد فيه نحو من يقم في المسجد فله درهم فتأمل. قوله:"وكذا لو عدم الاستقبال" نحو الذي زارنا أمس له كذا وأجاز بعضهم دخول الفاء هنا أيضًا تمسكًا بقوله تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّه} [آل عمران: 166]، وأول على معنى وما يتبين إصابته إياكم قاله الدماميني. قوله:"الذي اقترن خبره بالفاء" أي الذي يجوز اقتران خبره بالفاء وقوله أزال الفاء أي أزال جواز دخولها، وليس المراد أن النواسخ دخلت على تركيب فيه الفاء فأزالتها كما نبه عليه الدماميني، لكن هذا التأويل مع كونه غير ضروري يأباه قول الشارح بعد جاز بقاء الفاء، وكون المراد جاز بقاء الفاء لا يخفى ما فيه، وإنما أزال الناسخ جواز الفاء لزوال شبه المبتدأ بالشرط بدخول الناسخ لأن اسم الشرط لازم التصدير فلا يعمل فيه ما قبله، وهنا تقدم على المبتدأ الناسخ وعمل فيه. قوله:"جاز بقاء الفاء" أي لأنها ضعيفة العمل إذ لم يتغير بدخولها المعنى الذي كان مع الابتداء ولهذا جاز العطف معها بالرفع على الاسم مراعاة لمحل الابتداء بخلاف بقية أخوات إن فإنها قوية في العمل لتغييرها المعنى. قوله: "قل إن
174- البيتان من البسيط.