المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌النكرة والمعرفة: نكرة قابل أل مؤثرا … أو واقع موقع ما - حاشية الصبان على شرح الأشمونى لألفية ابن مالك - جـ ١

[الصبان]

الفصل: ‌ ‌النكرة والمعرفة: نكرة قابل أل مؤثرا … أو واقع موقع ما

‌النكرة والمعرفة:

نكرة قابل أل مؤثرا

أو واقع موقع ما قد ذكرا

ــ

فقيل: ضرورة وقيل: بل حذف حرف العلة ثم أشبعت الفتحة في تر فنشأت ألف، والكسرة في ياتك فنشأت ياء، والضمة في تهج فنشأت واو. وأما:{سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى} [الأعلى: 6] فلا نافية لا ناهية أي فلست تنسى.

النكرة والمعرفة:

"نكرة قابل أل مؤثرا" فيه التعريف كرجل وفرس وشمس وقمر "أو واقع موقع ما

ــ

فجزم الفعل بإسقاط الضمة المقدرة.

النكرة والمعرفة:

هما في الأصل اسما مصدرين لنكر وعرف ثم جعلا اسمي جنس للاسم المنكر والاسم المعرف لا علمين وإن وقع في كلام شيخنا. قيل تقسيم الاسم إلى النكرة والمعرفة على سبيل منع الخلو لا منع الجمع لأن المعرف بلام الجنس نكرة معنى والتحقيق أنه معرفة معنى أيضًا لأنه الماهية المشخصة بقيد ظهورها في فرد ما فالشيوع إنما جاء من انتشار الفرد وهذا لا يقدح في كون الاسم معرفة معنى لتعين الموضوع له وهو الماهية غاية الأمر أن انتشار الفرد جعله كالنكرة أفاده الروداني.

فائدة: الجملة وشبهها من الظرف والجار والمجرور بعد النكرة المحضة صفتان نحو رأيت طائرًا يصيح أو فوق غصن أو على غصن وبعد المعرفة المحضة حالان نحو رأيت الهلال يضيء أو بين السحاب أو في الأفق وبعد النكرة التي كالمعرفة أو المعرفة التي كالنكرة محتملان للوصفية والحالية نحو هذا ثمر يانع يعجب الناظر أو فوق أغصانه أو على أغصانه لأن النكرة الموصوفة كالمعرفة ونحو يعجبني الزهر يفوح نشره أو فوق أغصانه أو على أغصانه لأن المعرف الجنسي كالنكرة فقول المعربين: الجمل وشبهها بعد النكرات صفات وبعد المعارف أحوال ليس على إطلاقه كذا في المغني. وأسلفنا عن الدماميني جواز كون الظرف بعد المعرفة المحضة صفة بتقدير متعلقة معرفة.

فائدة ثانية: قال في المغني: قالوا إن النكرة إذا أعيدت نكرة كانت غير الأولى وإن أعيدت معرفة أو أعيدت المعرفة معرفة أو نكرة كانت نفس الأولى وحملوا على ذلك ما روي: "لن يغلب عسر يسرين" ثم نقض الأحكام الأربعة بتخلفها ثم دفع النقض بحمل كلامهم على الإطلاق وعدم القرينة فأما مع القرينة فالتعويل عليها ووجه حمل لن يغلب عسر يسرين على ذلك أن قوله إن مع العسر يسرًا وإن احتمل التأكيد فيكون أخذ اليسرين من جعل تنوين يسرًا للتكثير لكن جعله تأسيسًا خير فيكون في الكلام عسر واحد ويسران والمراد بالعسر عسر الدنيا الذي كانوا فيه وباليسرين ما تيسر لهم من الفتوح في زمنه عليه الصلاة والسلام وما تيسر في أيام الخلفاء أو يسر

ص: 154

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قد ذكرا" أي ما يقبل أل، وذلك كذي بمعنى صاحب، ومن وما في الشرط والاستفهام

ــ

الدنيا ويسر الآخرة. وقال التفتازاني في تلويحه المذكور أولًا إما نكرة أو معرفة وعلى كل إما أن يعاد نكرة أو معرفة فالأقسام أربعة وحكمها أن الثاني إن كان نكرة فهو مغاير للأول وإلا كان المناسب التعريف لكونه معهودًا سابقًا في الذكر وإن كان معرفة فهو الأول حملًا له على المعهود الذي هو الأصل في اللام والإضافة. ا. هـ. وكلامه مخالفًا لكلام المغني في صورة إعادة المعرفة نكرة وقد حكى البهاء بن السبكي فيها قولين كما في الشمني فكل منهما مشى على قول. ثم قال التفتازاني: واعلم أن المراد أن هذا هو الأصل عند الإطلاق وخلو المقام من القرائن وإلا فقد تعاد النكرة نكرة مع عدم المغايرة نحو: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَه} [الزخرف: 84] وقد تعاد النكرة معرفة مع المغايرة نحو: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ} [الأنعام: 92] إلى قوله تعالى: {أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْن} [الأنعام: 156] وقد تعاد المعرفة معرفة مع المغايرة نحو: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ} [المائدة: 48] وقد تعاد المعرفة نكرة مع عدم المغايرة نحو: {أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِد} [الأنبياء: 108] . ا. هـ. ومثال تخلف الحكم الرابع على ما مشى عليه المغني: {يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا} [النساء: 153] .

قوله: "نكرة قابل أل إلخ" أورد عليه أنه غير جامع لخروج الأسماء المتوغلة في الإبهام كأحد الملازم للنفي وهو ما همزته أصلية وبمعنى إنسان لا ما يقع في الإثبات والنفي وهو ما همزته بدل من واو شذوذًا وبمعنى واحد فالفرق بينهما من جهة الاستعمال وجهة اللفظ وجهة المعنى وكعريب وديار وغير وشبه لأنها لا تقبل أل وخروج أسماء الفاعلين والمفعولين لأن أل الداخلة عليها موصولة وخروج الحال والتمييز واسم لا التبرئة ومجرور ربّ وأفعل من لأنها لا تقبل أل وغير مانع لدخول ضمير الغائب العائد إلى نكرة كجاءني رجل فأكرمته لوقوعه موقع ما يقبل أل وهو رجل ودخول يهود ومجوس فإنهما يقبلان أل مع أنهما معرفتان إذ منعا الصرف للعلمية والتأنيث والجواب عن الأول بمنع الخروج لأن كلًّا من المتوغلة وأسماء الفاعلين والمفعولين واقع موقع ما يقبل أل كإنسان وكذات ثبت لها الضرب أو وقع عليها الضرب مثلًا والحال وما بعدها قابلة لأل في حالة الافراد ولا يضر عدم قبولها أل في تلك التراكيب وعن الثاني بمنع وقوع الضمير المذكور موقع ما يقبل أل لأن معناه الرجل المتقدم ذكره فليس واقعًا موقع رجل بل موقع الرجل والرجل لا يقبل أل أفاده سم. ومنع أن يهود ومجوس يقبلان أل حال كونهما معرفتين بالعلمية على القبيلتين وإنما يقبلان أل حال كونهما جمعين ليهودي ومجوسي كروم ورومي وهما حينئذٍ نكرتان. قوله: "كرجل وفرس إلخ" لا يخفى على النبيه حكمة تعداد الأمثلة. قوله: "أو واقع إلخ" أو للتنويع أي لتنويع مفهوم النكرة إلى نوعين فهي موضوعة لقدر مشترك بين النوعين وهو ما دل على شائع في جنسه كما قاله ابن هشام.

قوله: "كذي بمعنى صاحب" أورد عليه أن صاحبًا الذي يقع موقعه ذو صفة من باب اسم

ص: 155

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

خلافًا لابن كيسان في الاستفهاميتين فإنهما عنده معرفتان، فهذه لا تقبل أل لكنها تقع موقع ما يقبلها؛ إذ الأولى تقع موقع صاحب، ومن وما يقعان موقع إنسان وشيء، ولا يؤثر خلوهما من تضمن معنى الشرط والاستفهام، فإن ذلك طارئ على من وما إذ لم يوضعا في الأصل له، ومن ذلك أيضًا من وما نكرتين موصوفتين كما في مررت بمن معجب لك وبما معجب لك، فإنهما لا يقبلان أل لكنهما واقعان موقع إنسان وشيء وكلاهما يقبل أل.

وكذلك صه ومه بالتنوين لا يقبلان أل لكنهم يقعان موقع ما يقبلها وهو سكوتًا وانكفافًا وما أشبه ذلك، ونكرة مبتدأ والمسوغ قصد الجنس، وقابل أل خبر، ومؤثرًا حال من

ــ

الفاعل وإن كان صاحب يستعمل كثيرًا استعمال الأسماء الجامدة وأل الداخلة على الصفة التي من باب اسم الفاعل موصولة لا معرفة. وأجيب بأن المراد واقع موقع ما يقبل أل ولو في الجملة وصاحب يقبل أل المعرفة باعتبار معناه الاسمي وإن لم يكن معناه عند وقوع ذي موقعه قاله سم أو يقال صاحب الذي هو معنى ذو واقع موقع ذات ثبت لها الصحبة فذو واقع موقع ما يقبل أل بواسطة وقال الروداني تحرير هذا المحل أن ذو اسم فيه معنى الوصف وضع لأن يوصف به كما يوصف بالصفات المشبهة وهو متحمل للضمير كالصفة وأن صاحب لا يشك في أنه يجوز أن يستعمل مرادًا به الحدوث من صحبه فهو صاحب أي مصاحب وعليه يقال مررت برجل صاحب أخوه عمرًا وإنكار ذلك مكابرة للواضح ويجوز أن يستعمل صفة مشبهة بأن يراد به الثبوت والدوام وهو بهذا المعنى مرادف لذو فتكون أل الداخلة عليه معرفة لا موصولة فلا يتجه التزام كون أل في الصاحب الواقع موقعه ذو موصولة والجواب بما مر. ا. هـ. ملخصًا وهو حسن. قوله: "فإنهما عنده معرفتان" لأن جوابهما معرفة نحو زيد ولقاؤك في جواب من عندك وما دعاك إلى كذا. وشرط الجواب مطابقة السؤال. وردّ بجواز أن يقال في الجواب رجل من بني فلان وأمر مهمّ كذا في شرح الجامع. قوله: "ولا يؤثر خلوّهما" جواب عن إيراد على قوله ومن وما يقعان إلخ. قوله: "موصوفتين" أي بمفرد كما مثل أو بجملة كمررت بمن قام وسررت بما رأيت أي بإنسان قام وبشيء رأيت وإنما مثل بما وصف بالمفرد لعدم احتماله كون من وما وموصولتين لأن الصلة لا تكون مفردًا.

قوله: "وهو سكوتًا وانكفافًا" أي النائبين عن اسكت وانكفف أي اسكت سكوتًا ما وانكفف انكفافًا ما وبجعل المراد المصدرين النائبين عن الفعلين المراد بهما طلب سكوت ما وانكفاف ما كانا دالين على الطلب والتنكير كصه ومه فاندفع اعتراض اللقاني بأنه إن أريد المصدر النائب عن فعله فات التنكير لأن اسكت إنما يدل على طلب السكوت من حيث هو أو غير النائب فات الطلب على أن قولهم الفعل من قبيل النكرات يقتضي دلالة اسكت على طلب سكوت ما لكن قيل ما ذكره الشارح مبني على أن مدلول اسم الفعل هو المصدر والذي عليه الجمهور أن مدلوله الفعل. قال الروداني: والذي نفهمه أنه يصح كلامه على المذهبين فيكون صه واقعًا موقع سكوتًا بواسطة وقوعه موقع اسكت عند الجمهور وبلا واسطة عند غيرهم. قوله:

ص: 156

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

المضاف إليه وهو أل. وشرط جواز ذلك موجود وهو اقتضاء المضاف العمل في الحال وصاحبها. واحترز بمؤثرًا عما يدخله أل من الإعلام لضرورة أو لمح وصف على ما سيأتي بيانه فإنها لا تؤثر فيه تعريفًا فليس بنكرة.

تنبيه: قدم النكرة لأنها الأصل إذ لا يوجد معرفة إلا وله اسم نكرة ويوجد كثير من النكرات لا معرفة له، والمستقبل أولى بالأصالة، وأيضًا فالشيء أول وجوده تلزمه الأسماء العامة، ثم يعرض له بعد ذلك الأسماء الخاصة كالآدمي إذا ولد فإنه يسمى إنسانًا أو مولودًا أو موجودًا، ثم بعد ذلك يوضع له الاسم العلم واللقب والكنية. وأنكر النكرات مذكور، ثم محدث، ثم جوهر، ثم جسم، ثم نان، ثم حيوان، ثم إنسان، ثم رجل، ثم عالم، فكل

ــ

"ونكرة مبتدأ" منع البعض فيما يأتي كون نكرة مبتدأ حتى يحتاج إلى مسوّغ وعلل ذلك بأن التعريف غير محمول على المعرف لا حمل مواطأة ولا حمل اشتقاق بل هو تصوّر ساذج أي لا حكم معه كما صرح به الميزانيون. وفيه نظر لا يخفى إذ التصوّر الساذج مجرد التعريف لا مجموع القضية المركبة من المعرف والتعريف إذ لا تخلو قضية عن الحكم ودعوى أن التعريف غير محمول على المعرف أصلًا ينبغي حملها على معنى أن المقصود من التعريف تصوّر ماهية المعرف لا حمله عليه وإن كان حمله عليه حمل مواطأة لازمًا فتأمل. قوله: "قصد الجنس" أي في ضمن الأفراد إذ الحقيقة المحضة لا تتصف بقبول أل ولا الوقوع موقع ما يقبلها وقيل: المسوّغ الوقوع في معرض التقسيم وقيل غير ذلك. قوله: "وقابل أل خبر" ولا يعترض بتذكير الخبر وتأنيث المبتدأ لأن قابل صفة لمحذوف أي اسم قابل والاسم يقع على المذكر والمؤنث ويحتمل أن يكون قابل مبتدأ مؤخرًا ونكرة خبرًا مقدّمًا وهو أنسب بقول المصنف وغيره معرفة لكن يضعفه أن المحدث عنه النكرة فهي الأولى بالابتداء. قوله: "أو لمح وصف" لو قال أو لمح أصل لكان أولى ليدخل نحو النعمان فإنه في الأصل اسم عين لدم. قوله: "لأنها الأصل" أي الغالب والسابق، يدل على الغلبة العلة الأولى وعلى السبق العلة الثانية ولا يرد أن المعرفة أشرف لأن النكات لا تتزاحم ولأن الأنسب اعتبار كون الأسبق في الوجود هو الأسبق في المذكر. قوله:"إلا وله" أي لمدلوله. قوله: "ويوجد كثير من النكرات" كأحد وعريب وديار وقول البعض: وحائط وحصير وحصاة يرده أن الثلاثة لها معرفة بأل. قوله: "والمستقل إلخ" من تمام علة الأصالة ومراده بالمستقل ما ينفرد في بعض الصور ويلزمه الأكثرية ولو عبر بدله بالأكثر لكان أوضح. قوله: "الاسم العلم واللقب والكنية" العلم عطف بيان على الاسم لدفع توهم أن المراد بالاسم ما قابل الفعل والحرف وقوله واللقب والكنية معطوفان على الاسم لكن قد يقال: دفع التوهم حاصل بعطف الكنية واللقب فكان الأولى تقديم العلم على الاسم ليكون لذكر المتأخر كبير فائدة وليكون ما بعد العلم تفصيلًا بعد إجمال. قوله: "مذكور ثم موجود إلخ" ليس القصد من هذا الحصر بل التقريب إذا ما شابه هذه الأشياء كهي فكمذكور أي ما شأنه أن

ص: 157

وغيره معرفة كهم وذي

وهند وابني والغلام والذي

ــ

واحد من هذه أعم مما تحته وأخص مما فوقه: فتقول: كل عالم رجل ولا عكس، وهكذا كل رجل إنسان إلى آخره "وغيره" أي غير ما يقبل أل المذكورة أو يقع موقع ما يقبلها "معرفة" إذ لا واسطة. واستغنى بحد النكرة عن حد المعرفة. قال في شرح التسهيل: من تعرض لحد المعرفة عجز عن الوصول إليه دون استدراك عليه. وأنواع المعرفة على ما ذكره هنا ستة: المضمر "كهم و" اسم الإشارة نحو "ذي و" العلم نحو "هند و" المضاف إلى معرفة نحو "ابني و" المحلي بأل نحو "الغلام و" الموصول نحو "الذي" وزاد في شرح الكافية المنادي المقصود كيا رجل. واختار في التسهيل أن تعريفه بالإشارة إليه

ــ

يذكر معلوم أن ما شأنه أن يعلم وكموجود معدوم وكحيوان شجر وكإنسان فرس وكرجل امرأة وكعالم جاهل بقي النظر في الشيئين اللذين بينهما العموم والخصوص الوجهي والظاهر أنهما في مرتبة واحدة لسقوط عموم كل بخصوصه.

قوله: "ثم نام ثم حيوان" كذا في بعض النسخ وفي بعضها إسقاط ثم نام والأولى أولى. قوله: "ثم عالم" أورد عليه أن عالمًا يطلق على الله تعالى وعلى الملك والجني فهو أعم من رجل من هذا الوجه وأجيب بأن المراد ثم عالم من بني آدم وفيه ما فيه. قوله: "وأخص مما فوقه" هذا باعتبار غالب ما ذكره إذ الطرف الأعلى ليس فوقه شيء فتأمل. قوله: "وغيره معرفة" في الأخبار قلب كما يقتضيه صنيع نظيره السابق وجعلهم المحدث عنه هو المبتدأ وإنما أفرد الضمير مع أن المرجع اثنان لتأوّله بالمذكور وقول البعض: لكون العطف بأو سهو عن المنصوص عليه من أن إفراد الضمير إنما هو بعد أو التي للشك ونحوها مما يكون الحكم معها لأحد الأمرين أو الأمور لا التي للتنويع لأنها بمنزلة الواو. قوله: "إذ لا واسطة" وأثبتها بعضهم في المجرد من أل والتنوين كمن وما ومتى وأين وكيف. قوله: "بحد النكرة" أي تعريفها الصادق بالرسم فاندفع ما يقال إن ما ذكره رسم لأحد على أنا قدّمنا رده في بحث الكلام وقوله عن حد المعرفة اعترض بأن قوله وغيره معرفة في قوة قولك المعرفة ما لا يقبل أل ولا يقع موقع ما يقبلها فقد ذكر لها حدًّا. وأجيب بأن المراد عن حدها مصرحًا به فلا ينافي أنه يفهم من كلامه ضمنًا. قوله: "دون استدراك" أي اعتراض عليه الضمير إلى من أو حدّ. ومن جملة ما علل به المصنف أن من الأسماء ما هو معرفة معنى نكرة لفظًا كما في قولك كان ذلك عامًا أول وعكسه كأسامة قال الدماميني وهو كلام ظاهري خال عن التحقيق أي لأن الأول في الأصل مبهم وتعينه عارض من الوصف فهو نكرة لفظًا ومعنى بحسب الأصل والثاني مدلوله عند غير الناظم معين وهو الماهية فهو معرفة معنى ولفظًا وقد عرّف غير واحد المعرفة بما وضع لشيء بعينه ولا استدراك. قوله: "والمضاف إلى معرفة" أي إضافة محضة كما يشير إليه المثال. قوله: "المنادى المقصود" أي المنكر المقصود نداؤه بعينه وإنما سكت عنه هنا لذكره له في باب النداء كما سكت عن اسم الفعل غير المنون وأجمع ونحوه من ألفاظ التوكيد وسحر المراد به سحر يوم بعينه وأمس المراد به يوم بعينه لذكره الأول في بابه والثاني في باب التوكيد والثالث والرابع فيما لا ينصرف على أن منهم من

ص: 158

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والمواجهة، ونقله في شرحه عن نص سيبويه وذهب قوم إلى أنه معرفة بأل مقدرة وزاد ابن كيسان من وما الاستفهاميتين كما تقدم ولما فات على الناظم ترتيب المعارف في الذكر على حسب ترتيبها في المعرفة لضيق النظم رتبه في التبويب على ما ستراه فأعرفها المضمر على الأصح، ثم العلم ثم اسم الإشارة ثم الموصول، ثم المحلى وقيل: هما في مرتبة واحدة وقيل: المحلى أعرف من الموصول وأما المضاف فإنه ما أضيف إليه

ــ

يرد الأربعة إلى الستة أما المنكر غير المقصود نداؤه بعينه فهو باق على تنكيره وأما المعرف قبل النداء فالصحيح بقاؤه على تعريفه وإنما زاده النداء وضوحًا وقيل تعرف بالنداء بعد زوال تعريف العلمية. قوله: "واختار إلخ" بيان لوجه زيادته وأنه ليس من المعارف الستة.

قوله: "والمواجهة" يظهر أن العطف تفسيري. قوله: "بأل" أي الحضورية وناب حرف النداء منابها. قوله: "فات على الناظم" كان عليه حذف على لأن فات يتعدى بنفسه ويمكن أنه ضمنه معنى عسر. قوله: "فأعرفها" فيه صوغ أفعل التفضيل من الرباعي المجهول وهو شاذ من وجهين والسالم التعبير بأعلاها أو أرفعها من رفع ككرم رفعة بكسر الراء شرف وعلا قدره كما في القاموس. واعلم أنه قد يعرض للمفوق ما يجعله مساويًا لفائقه كالموصول والعلم في سلام على من أنزل عليه الكتاب أو فائقًا عليه كالعلم والضمير في جواب طارق الباب للقائل من بالباب نبه عليه الشارح في شرحه على التوضيح. قوله: "على الأصح" وقيل أعرفها العلم وقيل اسم الإشارة وقيل المحلي والخلاف في غير اسم الله تعالى فهو أعرف المعارف إجماعًا قال الشنواني ويليه ضميره. قوله: "ثم العلم" وأعرفه علم المكان ثم علم الآدمي ثم علم غيره من الحيوانات وقيد المصنف في بعض نسخ التسهيل العلم بالخاص قال شارح الجامع: ولا بد منه كما قاله أبو حيان ليخرج بذلك نحو أسامة. ا. هـ. يعني فليس بعد العلم وقيل اسم الإشارة وانظر ما رتبته فتأمل. قوله: "ثم اسم الإشارة" وأعرفه ما للقريب ثم ما للمتوسط ثم ما للبعيد. قوله: "ثم الموصول" قيل: أعرفه ما كان مختصًّا ثم ما كان مشتركًا ويظهر أن أعرف كل منهما ما كان معهودًا معينًا ثم ما للاستغراق ثم ما للجنس لمجيء الموصول للثلاثة كأل والإضافة. قوله: "ثم المحلي" وأعرفه ما للعهد ثم ما للاستغراق ثم ما للجنس. فإن قلت: مدار التعريف والتنكير على المعنى وقد شاع أن المعرف بلام الجنس نكرة معنى وإن كان معرفة لفظًا. قلت: التحقيق أنه معرفة معنى أيضًا كما مر عن الروداني في أول الباب.

قوله: "وقيل هما في مرتبة واحدة" اختاره الناظم وعلله بأن تعريف كل منهما بالعهد وهو يقتضي أن الذي في مرتبة الموصول عنده هو المحلي بأل العهدية كما أشار إليه الدماميني. قوله: "وقيل المحلى أعرف من الموصول" قائله ابن كيسان واستدل بقوله تعالى: {قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى} [الأنعام: 91] إذ الصفة لا تكون أعرف من الموصوف. وأجاب المصنف بأن الذي بدل أو مقطوع أو الكتاب علم بالغلبة على التوراة عند المقصودين بالمخاطب وهم بنو إسرائيل ولك أن تجيب أيضًا بأن الآية على تقدير وصفية الذي إنما تمنع أعرفية الموصول

ص: 159

فما لذي عيبة أو حضور

كأنت وهو سم بالضمير

ــ

مطلقًا عند الناظم وعند الأكثر أن المضاف إلى المضمر في رتبة العلم وأعرف الضمائر ضمير المتكلم ثم المخاطب ثم الغائب السالم عن الإبهام وجعل الناظم هذا في التسهيل دون العلم "فما وضع "لذي غيبة" تقدم ذكره لفظًا أو معنى أو حكمًا على ما سيأتي في

ــ

من المحلى لا تساويهما الذي ذهب إليه المصنف وحينئذٍ فلا تدل الآية على أعرفية المحلى فافهم. قوله: "في رتبة العلم" أي لا الضمير لأنه يقع صفة للعلم في نحو مررت بزيد صاحبك على أن اسم الفاعل للمضي والصفة لا تكون أعرف بل مساوية أو دون كذا قالوا والأظهر عندي أن المضاف دون المضاف إليه مطلقًا كما ذهب إليه المبرد لاكتسابه التعريف منه وأن قولهم في علة استثناء الضمير أن الصفة لا تكون أعرف ممنوع لأنه إذا كان المقصود من الصفة أيضاح الموصوف فأي مانع من كونها أعرف لا يقال المانع أن التابع لا يفضل عن المتبوع لأنا نقول هذا منقوض بجواز إبدال المعرفة من النكرة ويقوّي ذلك المنع أنه يقال الرجل الذي قام أبوه والظاهر أن الموصول فيه نعت ثم رأيت الفارضي في باب النعت نقل عن ابن هشام جواز كون النعت أعرف من المنعوت وذكر أن اشتراط كونه دونه أو مساويه مذهب الأكثر ورأيت الشارح أيضًا في باب النعت نقل جواز ذلك عن الفراء والشلوبين وأن الناظم رجحه وبما ذكر يعلم عدم اتجاه رد القول بأن المضاف دون المضاف إليه مطلقًا بنحو: {وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَن} [طه: 80] لأن النعت لا يكون أعرف فتأمل منصفًا.

قوله: "ثم الغائب السالم عن الإبهام" فسرفي التصريح السلامة من الإبهام بأن يتقدم اسم واحد معرفة أو نكرة فمثال غير السالم جاءني زيد وعمرو فأكرمته فهذا الضمير ناقص الاختصاص باحتمال عوده للأول والثاني لعدم ما يعين رجوعه إلى أحدهما بخصوصه وإن كان عوده للثاني راجحًا فاندفع ما نقله شيخنا والبعض عن الدماميني من النظر ويحتمل تفسيرها بأن يرجع إلى معرفة أو نكرة معينة بالصفة فتأمل أما الذي لم يسلم منه فقيل: مؤخر عن رتبة العلم وقيل: في رتبته هذا. وقد اختلف في ضمير الغائب العائد إلى النكرة فالجمهور على أنه معرفة مطلقًا وقيل إن خصصت قبل بحكم نحو جاءني رجل فأكرمته بخلاف ربه رجلًا ويا لها قصة ورب رجل وأخيه واختاره الدماميني وعلله بأن في الضمير في الأول من التعيين والإشارة إلى المرجع ما ليس في المظهر النكرة ألا ترى أنك إذا أردت تفسير الضمير في جاءني رجل فأكرمته قلت: هذا الرجل لا رجلًا وقيل إن لم يجب تنكيرها بخلاف واجبته كالحال والتمييز وقيل: ليس معرفة بالكلية. قوله: "وجعل الناظم هذا" أي السالم عن الإبهام فغير السالم بالأول وهذا من جملة مقابل الأصح المتقدم.

قوله: "فما وضع" قدر متعلق الجار والمجرور خاصًا لدلالة المقام عليه وما واقعه على جامد وقوله: لذي غيبة أو حضور أي مع اعتبار دلالته على الغيبة أو الحضور فخرج بما التي أوقعناها على جامد لفظ غائب وحاضر ومتكلم ومخاطب وبقوله لذي غيبة أو حضور ضمير الفصل وياء الغيبة لأنهما حرفان وضع أولهما للغيبة أو الحضور لا لذي الغيبة أو ذي الحضور

ص: 160

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

آخر باب الفاعل "أو" لذي "حضور" متكلم أو مخاطب "كأنت" وأنا "وهو" وفروعها "سم"

ــ

وثانيهما للغيبة لا لذي الغيبة وكاف الخطاب وتاؤه الحرفيان لأنهما وضعا للخطاب لا لذي الخطاب ونون تكلم المتكلم مصاحبًا لغيره أو معظمًا نفسه لأنها وضعت للتكلم لا لذي التكلم وكذا همزة التكلم وبقولنا مع اعتبار دلالته على الغيبة أو الحضور الأسماء الظاهرة المستعملة في غائب أو حاضر هكذا ينبغي تقرير هذا المحل وبه تندفع الإيرادات هذا وكلام المصنف يحتمل جريانه على مذهب السعد والجمهور من أن المضمرات ونحوها كليات وضعًا جزئيات استعمالًا. والمعنى فما وضع لمفهوم ذي غيبة أو حضور وعلى مذهب العضد والسيد من أنها جزئيات وضعًا واستعمالًا. والمعنى فما وضع لكل فرد ذي غيبة أو حضور على حدته بواسطة استحضار أمر عام لتلك الأفراد ثم المراد الغيبة والحضور حقيقة أو تنزيلًا.

قوله: "تقدم ذكره إلخ" بيان لما يجب لضمير الغائب وتقدم الذكر لفظًا أن يتقدم المرجع صريحًا نحو جاءني رجل فأكرمته وضرب زيدًا غلامه وتقدمه معنى أن يكون المرجع في قوة المتقدم صريحًا لتقدمه رتبة نحو ضرب غلامه زيد أو لتضمن الكلام السابق إياه نحو {اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة: 8] فإن الفعل متضمن لمرجع الضمير أو لاستلزام الكلام إياه استلزامًا قريبًا نحو {وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُس} [النساء: 11] أي الميت بقرينة ذكر الإرث أو بعيدًا نحو {حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَاب} [ص: 32] أي الشمس على قول بقرينة ذكر العشي وتقدمه حكمًا أن يلحق بالمتقدم لحكم الواضع بتقدم المرجع وإن خولف لنكتة الإجمال ثم التفصيل وهذا في المسائل الست التي يعود فيها الضمير على متأخر لفظًا ورتبة نحو نعم رجلًا زيد كذا في الخطابي وحفيد السعد وخرج بذلك نحو ضربته زيدًا فإن المرجع لم يتقدم فيه لا لفظًا ولا معنى ولا حكمًا أما الأولان فظاهران وأما الثالث فلأنه لم يلحق بما تقدم فيه المرجع إذ ليس من المسائل الست وبتقرير المقام على هذا الوجه يسقط ما ذكره البعض هنا فتدبر وتلك المسائل الست رفع الضمير بنعم وبابه ورفعه بأول المتنازعين وجره برب وإبدال المفسر منه نحو اللهم صل عليه الرؤوف الرحيم وضمير الشأن ولإخبار عن الضمير بالمفسر نحو هي النفس تحمل ما حملت وهي العرب تقول: ما شاءت وقيل: الضمير فيه للقصة وقيل: ما بعده بدل مفسر له ونحو إن هي إلا حياتنا الدنيا وجوّز الزمخشري تفسير الضمير بالتمييز بعده في غير بأبي نهم ورب نحو {فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ} {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ} جوّز كون سبع تمييزًا مفسرًا للضمير وقولنا وإن خولف لنكتة الإجمال ثم التفصيل إيضاحه أنهم إنما خالفوا في المسائل الست وضع الضمير بتأخير مفسره لأنهم قصدوا التفخيم بذكر الشيء أولًا مبهمًا ثم تفسيره لتضمن ذلك تشوق النفس إلى التفسير فيكون أوقع فيها والذكر مرتين بالإجمال والتفصيل فيكون آكد وفي الهمع أن الضمير قد يرجع إلى نظير السابق نحو وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره أي عمر معمر، آخر:

قالت ألا ليتما هذا الحمام لنا

إلى حمامتنا أو نصفه فقد

أي نصف حمام، آخر بقدره عندي درهم ونصفه أي نصف درهم آخر. ا. هـ. قال الدماميني كذا قال ابن مالك وجماعة قال ابن الصانع: وهو خطأ إذ المراد ومثل نصفه فالضمير عائد على نفس ما قبله.

ص: 161

وذو اتصال منه ما لا يبتدا

ولا يلي إلا اختيارا أبدًا

ــ

في اصطلاح البصريين "بالضمير" والمضمر. وسماه الكوفيون كناية ومكنيا.

تنبيه: رفع إبهام دخول اسم الإشارة في ذي الحضور بالتمثيل "وذو اتصال منه ما لا يبتدا" به "ولا يلي إلا" الاستثنائية "اختيارا أبدًا" وقد يليها اضطرارًا كقوله:

43-

وما نبالي إذا ما كنت جارتنا ألا

يجاورنا إلاك ديار

ــ

فائدة: قال في التسهيل: ولا يكون أي مفسر ضمير الغائب غير الأقرب إلا بدليل. ا. هـ. قال الدماميني: وينبغي أن يكون المراد بالأقرب غير المضاف إليه أما إذا كان الأقرب مضافًا إليه فلا يكون الضمير له إلا بدليل. ثم قال: فإن قلت: هذا أي ما ذكره المصنف إذا لم يمكن عود الضمير إلا إلى أحدهما أي الشيئين المتقدمين كما في قولك: جاءني زيد وعمرو وأكرمته، وأما إذا أمكن عوده إلى أحدهما وعوده إليهما معًا كما في قولك: جاء الزيدون والعمرون وأكرمتهم فهل الحكم كذلك. قلت: لم أر فيه بخصوصه نصًا وينبغي أن يجري على مسألة ما إذا تعقب الاستثناء أو الصفة مثلًا أشياء معدودة فمن قال هناك بالعود إلى الأخير يقول هنا كذلك ومن قال عناك بالعود إلى الجميع وهو الصحيح يقول هنا الضمير عائد لكل ما تقدم لا إلى الأقرب فقط فتأمله. قوله: "كأنت وهو" ليس من جر الكاف للضمير المنفصل على حد ما أنا كأنت لأن المراد هنا اللفظ لا معنى الضمير يس. قوله: "بالضمير" فعيل من الضمور وهو الهزال. وقوله: والمضمر مفعل من الإضمار وهو الإخفاء فإطلاق الأول على كثير الحروف كنحن، والثاني على البارز بتغليب غيرهما عليهما. قوله:"رفع إيهام إلخ" أي رفع قوته وأضعفه وإلا فالتمثيل ليس نصًا في الرفع.

قوله: "ما لا يبتدأ به ولا يلي إلا" أي ما لا يؤتى به في افتتاح النطق ولا يقع بعد إلا بحسب قانون اللغة العربية وإن أمكن ذلك عقلًا كما قاله حفيد الموضح وإنما لم يبتدأ به ولم يل إلا لأن وضعه على أن يلي عامله نعم كان القياس أن يلي إلا على القول بأنها عاملة لكنه رفض والمراد لا يبتدأ به ولا يلي إلا باقيًا على حالته التي كان عليها قبل الابتداء، وتلو إلا فاندفع ما أورده اللقاني من أن الضمير في ضربتهما وضربتهم وضربتهن متصل ويبتدأ به ويقع بعد إلا نحو هما ضربا وهم ضربوا وهن ضربن وما ضرب إلا هما أو هم أو هن لصيرورته مبتدأ أو فاعلًا بعد أن كان مفعولًا وإنما يرد لو صح أن يقال هما ضربت مثلًا على أن هما مفعول به لضربت وأما ما أجاب به هو نقلًا عن الرضي وغيره من أن الضمير حال الاتصال الهاء فقط وحال الانفصال المجموع فلا يأتي على مذهب من يجعله الهاء فقط حال الانفصال أيضًا مع أن فيه اعترافًا بالانفصال حال الابتداء أو تلو إلا. قوله:"الاستثنائية" قيل: هو بيان للواقع وقيل: احتراز عن إلا

43- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 129؛ وأمالي ابن الحاجب ص385؛ وأوضح المسالك 1/ 83؛ وتخليص الشواهد ص100؛ وخزانة الأدب 5/ 278، 279، 325، والخصائص 1/ 307، 2/ 195؛ والدرر 1/ 176؛ وشرح شواهد المغني ص844؛ وشرح ابن عقيل ص52؛ وشرح المفصل 3/ 101؛ ومغني اللبيب 2/ 441؛ والمقاصد النحوية 1/ 253؛ وهمع الهوامع 1/ 75.

ص: 162

كالياء والكاف من ابني أكرمك

والياء والها من سليه ما ملك

ــ

وذلك "كالياء والكاف من" قولك "ابني أكرمك والياء والهاء من" قولك "سليه ما ملك" فالأول وهو الياء ضمير متكلم مجرور والثاني وهو الكاف ضمير مخاطب منصوب. والثالث وهو الياء ضمير المخاطبة مرفوع. والرابع وهو الهاء ضمير الغائب

ــ

الوصفية التي بمعنى غير في نحو مررت برجل إلاك أي غيرك لكن في شرح الجامع ما نصه: وربما اقتضى كلامه أي ابن هشام في متن الجامع أن إلا إذا كانت لغير الاستثناء كالموصوف بها يجوز معها الاتصال وليس مرادًا. ا. هـ. قوله: "إلاك" الكاف في محل نصب على الاستثناء لتقدمه على المستثنى منه وهو ديار.

قوله: "كالياء والكاف إلخ" أشار بتعداد الأمثلة إلى أنواع الضمير الثلاثة المتكلم والمخاطب والغائب ومحاله الثلاثة الرفع والنصب والجر والمقصود بذكر ياء وهاء سليه التمثيل للمرفوع وللغائب لا المخاطب والمنصوب لحصولهما بالكاف من أكرمك ومن المتصل المرفوع تاء تضم للمتكلم وتفتح للمخاطب وتكسر للمخاطبة للفرق وخصوا المتكلم بالضمة لتقدم مرتبته فأعطى أشرف الحركات والمخاطب المذكر بالفتح لأن خطابه أكثر من خطاب المؤنث فالتخفيف به أولى وأيضًا هو مقدم على المؤنث فأعطى التخفيف فلم يبق للمؤنث إلا الكسر وحكى بعضهم أن وصل فتحة تاء الضمير وكافه بألف وكسرتهما بياء لغة رديئة لربيعة فيجوز عليها قمتا ورأيتكا وقمتي ورأيتكي وتوصل التاء المذكورة مضمومة بميم وألف للمخاطبين والمخاطبتين. وإنما ضمت التاء إجراء للميم مجرى الواو لتقاربهما في المخرج وبميم ساكنة للمخاطبين ويجوز ضم الميم موصولة بواو بل هو أكثر من التسكين إذا ولى الميم ضمير متصل كضربتموه وشذ ضمها بلا وصل وهو المسمى اختلاسًا وبنون مشددة للمخاطبات دماميني ملخصًا. قال الرضي زيد للأناث نون مشددة لتكون بإزاء الميم والواو في الذكور واختاروا النون لمشابهتها بسبب الغنة الميم. ا. هـ. ولم تحذف النون الثانية كما تحذف الواو ولأنها غير مدة.

قوله: "والهاء" تضم هذه الهاء إلا أن وليت كسرة أو ياء ساكنة فيكسرها غير الحجازيين أما هم فيضمونها وبلغتهم قرأ حفص وما أنسانيه وبما عاهد عليه الله وحمزة لأهله امكثوا، وتشبع حركتها بعد متحرك ويختار الاختلاس بعد ساكن مطلقًا عند المبرد والناظم وبقيد كونه حرف علة نحو عليه ورموه عند غيرهما والراجح الأول وقد تسكن أو تختلس حركتها بعد متحرك عند بني عقيل وبني كلاب اختيارًا فيقولون له بالإسكان والاختلاس وعند غيرهم اضطرارًا وإن فصل في الأصل الهاء المتحركة ساكن حذف جزمًا نحو لا يؤدّه إليك ونصله جهنم أو بناء نحو فألقه جازت الأوجه الثلاثة. وكسر ميم الجمع بعد الهاء المكسورة باختلاس قبل ساكن نحو بهم الأسباب وبإشباع دونه نحو فيهم إحسان أسهل من ضمها وإن كان الضم أقيس لأنه حركة واو الجماعة وضمها قبل ساكن وإسكانها قبل متحرك أشهر فقد قرأ الأكثر بهم الأسباب بضم الميم وأنعمت عليهم بسكونها دماميني ملخصًا. قوله:"مجرور" أي في محل جر وكذا يقال في

ص: 163

وكل مضمر له البنا يجب

ولفظ ما جر كلفظ ما نصب

ــ

منصوب. وهي ضمائر متصلة لا تتأتى البداءة بها ولا تقع بعد إلا "وكل مضمر" متصلًا كان أو منفصلًا "له البنا يجب" باتفاق النحاة. واختلف في سبب بنائه: فقيل لمشابهته الحرف في المعنى لأن كل مضمر مضمن معنى التكلم أو الخطاب أو الغيبة وهي من معاني الحروف. وذكر في التسهيل لبنائها أربعة أسباب: الأول مشابهة الحرف في الوضع لأن أكثرها على حرف أو حرفين وحمل الباقي على الأكثر. والثاني مشابهته في الافتقار لأن المضمر لا تتم دلالته على مسماه إلا بضميمة من مشاهدة أو غيرها. والثالث مشابهته له في الجمود فلا يتصرف في لفظه بوجه من الوجوه حتى بالتصغير ولا بأن يوصف أو يوصف به. الرابع الاستغناء عن الإعراب باختلاف صيغه لاختلاف المعاني. قال الشارح

ــ

نظائره. قوله: "وكل مضمر إلخ" كان الأولى تقديمه على تقسيم الضمير إلى المتصل وغيره بالكلية أو تأخيره عنه بالكلية ولا يخفى أنه لا يستفاد بناء الضمائر جميعها من قوله سابقًا كالشبه الوضعي في اسمي جئتنا وإن زعمه البعض حتى تلتمس فائدة لذكر هذا بعد قوله كالشبه إلخ إذ المستفاد من قوله: كالشبه إلخ بناء التاء ونا فقط. قوله: "يجب" أي يلزم فاندفع ما نقله البعض عن البهوتي وأقره من أنه لا يلزم من الوجوب الحصول بالفعل وحينئذٍ لا يستفاد من كلامه أنها مبنية بالفعل نظير ما قيل في قوله:

وكل حرف مستحق للبنا

قوله: "وهي من معاني الحروف" أي من المعاني النسبية التي حقها أن تؤدي بالحروف قال ابن غازي وقد أديت بالفعل بأحرف المضارعة وباللواحق في نحو إياي إيانا إياك إياه بناء على أنها حروف لا ضمائر ومقتضى هذا أن مثل أحرف المضارعة كلمات اصطلاحية وهو قول الرضي كما قدمنا. قوله: "مشابهته في الافتقار" اعترض بأن الافتقار لا يوجب البناء إلا إذا كان إلى جملة. قوله: "في الجمود" أي عدم التصرف كما يدل عليه قوله فلا يتصرف إلخ. قوله: "فلا يتصرف في لفظه" فلا يثنى ولا يجمع وأما هما وهم ونحن فأسماء للاثنين والجماعة دماميني. قوله: "الاستغناء عن الإعراب" أي مشابهة الحرف في الاستغناء إلخ قال سم: فيه بحث إذ مقتضى كون البناء للاستغناء أن لا يكون لها محل من الإعراب فإنه إذا كان مستغنى عنه فلا معنى لإثباته في المحل ولا فائدة لذلك. ا. هـ. وقد يجاب بإن إثباته في المحل لطرد أبواب الفاعل والمفعول والمضاف إليه ونحوها على وتيرة واحدة فتأمل. قوله: "باختلاف صيغه" الباء سببية متعلقة بالاستغناء واللام في قوله لاختلاف المعاني لتعليل اختلاف الصيغ قال البعض: المراد باختلاف صيغه اختلاف ألفاظه أعم من أن يكون اختلاف مادة كما بين هو ونحن وبين أنت وإياه أو هيئة كما بين تاء المتكلم وتاء المخاطب وتاء المخاطبة والمراد باختلاف المعاني اختلافها حقيقة كأنا للمتكلم وأنت للمخاطب وهو للغائب أو باختلاف محالها من الإعراب كالمتكلم له في الرفع تاء مضمومة وفي النصب والجر ياء والمخاطب له في الرفع مع التذكير تاء مفتوحة ومع التأنيث تاء مكسورة وفي النصب والجر مع التذكير كاف مفتوحة ومع التأنيث

ص: 164

للرفع والنصب وجر نا صلح

كاعرف بنا فإننا نلنا المنح

ــ

ولعل هذا هو المعتبر عند الشيح في بناء المضمرات. ولذلك عقبه بتقسيمها بحسب الإعراب كأنه قصد بذلك إظهار علة البناء فقال: "ولفظ ما جر كلفظ ما نصب" نحو أنه وله، ورأيتك ومررت بك "للرفع والنصب وجر نا" الدال على المتكلم المشارك أو المعظم

ــ

كاف مكسورة فأغنى ذلك عن إعراب الضمير لأن المقصود من الإعراب الامتياز وهو حاصل. ا. هـ. بإيضاح ولا يخفى أنه لا دخل لاختلاف بعض المواد كهو ونحن واختلاف الهيئة واختلاف المعاني حقيقة في سبب الاستغناء عن الإعراب فالأنسب حمل اختلاف الألفاظ على اختلاف بعض موادها كأنت وإياه ونحن وإياك وحمل المعاني على المعاني التي تقتضيها العوامل كالفاعلية والمفعولية لأن ما ذكر هو الذي له دخل في استغناء الضمير عن الإعراب فتأمل. هذا ولا يضر في كون اختلاف الصيغ لاختلاف المعاني سببًا في استغناء الضمير عن الإعراب اشتباه صيغ المنصوب بصيغ المجرور ولا صلاحية نا للأحوال الثلاثة كما لم يضر اشتباه النصب بالجر في جمع المؤنث السالم وما لا ينصرف وغاية ذلك أن يكون اختلاف الصيغ لاختلاف المعاني أغلبيا.

قوله: "ولعل هذا إلخ" قال الشنواني: يعارضه قوله السابق كالشبه الوضعي في اسمي جئتنا. قوله: "عقبه بتقسيمها" أي إلى صيغ مختلفة وقوله بحسب الإعراب أي المحلي فلا اعتراض بأن المضر مبني وبأن تقسيمها بحسب الإعراب يقتضي أنها معربة فكيف بتضمن علة البناء نعم يرد على ابن الناظم أنه إنما عقبها بصلاحية ضمير الجر المتصل للنصب وصلاحية نا للأحوال الثلاثة وصلاحية الألف والواو والنون للغائب والمخاطب وليس هذا سببًا للبناء بل ينبغي أن يكون سببًا للإعراب إلا أن يقال محط التعقيب قوله وذو ارتفاع إلخ. قوله: "كأنه قصد بذلك إظهار علة البناء" لأنه إذا ذكر أن صيغة الضمير الذي يقع في محل رفع غير صيغة الضمير الذي يقع في محل نصب وهكذا علم أنها تتميز باختلاف الصيغ فتستغنى عن الإعراب فتبنى. قوله: "ولفظ ما جر" الإضافة للبيان والمراد الجر محلًّا والنصب محلًّا والرفع محلًّا فلا يرد أن المضمرات واجبة البناء والجر والنصب والرفع أنواع للإعراب وإنما قال:

ولفظ ما جر كلفظ ما نصب

ولم يقل: ولفظ ما نصب كلفظ ما جر لينبه من أول وهلة على أن كلامه في المتصل إذ المجرور من خواصه فالمعنى ولفظ ما جر من الضمائر المتصلة كلفظ ما نصب منها فاندفع اعتراض ابن هشام بأن مشابهة ضمير الجر لضمير النصب خاصة بالمتصل فكيف يطلق. قوله: "كلفظ ما نصب" ولو مع اختلاف الحركة نحو به وضربته. قوله: "نحو أنه وله" ونحو بي وإني. قوله: "للرفع" متعلق بصلح وقدم معمول الخبر الفعلي على المبتدأ لجواز تقدمه عند البصريين إذا كان الخبر الفعلي متصرفًا كما هنا وإن لم يجز تقدم عامله الذي هو الخبر الفعلي وقولهم: جواز تقدم المعمول يؤذن بجواز تقدم العامل أغلبي. قوله: "وجر" عطف النكرة على المعرفة كما عطف المعرفة على النكرة في قوله بعد وألف والواو إلخ إشارة إلى جواز ذلك ولقد

ص: 165

والف والواو والنون لما

غاب وغيره كقاما واعلما

ــ

نفسه "صلح" مع اتحاد المعنى والاتصال "كاعرف بنا فإننا نلنا المنح" فنافى بنا في موضع جر بالياء، وفي فإننا في موضع نصب بأن وفي نلنا في موضع رفع بالفاعلية، وأما الياء وهم فإنهما يستعملان للرفع والنصب والجر لكان لا يشبهان نا من كل وجه، فإن الياء وإن استعملت للثلاثة وكانت ضميرًا متصلًا فيها إلا أنها ليست فيها بمعنى واحد؛ لأنها في حالة الرفع للمخاطبة نحو اضربي، وفي حالة الجر والنصب للمتكلم نحو لي وإني. وهم تستعمل للثلاثة وتكون فيها بمعنى واحد إلا أنها في حالة الرفع ضمير منفصل، وفي الجر والنصب ضمير متصل "وألف والواو والنون" ضمائر رفع بارزة متصلة "لما غاب وغيره" أي المخاطب فالغائب "كقاما" وقاموا وقمن "و" المخاطب نحو "اعلما" واعلموا واعلمن.

تنبيه: رفع توهم شمول قوله وغيره المتكلم بالتمثيل ولما كان الضمير المتصل على

ــ

أحسن المصنف حيث اكتفى بهذه الإشارة هنا عن التصريح بالمسألة في باب العطف. قوله: "أو المعظم نفسه" ظاهر عبارة الشارح وغيره إن استعمال نا ونون المضارعة في المعظم نفسه حقيقة وفي الدماميني أن بعضهم قال: إنما يستعمل المعظم لنفسه نون المضارعة في نفسه وحدها حيث ينزل نفسه منزلة الجماعة مجازًا. ا. هـ. ومثلها نا. قوله: "صلح" بفتح اللام وضمها والفتح أوفق بالقافية لعدم اختلاف ما قبل الروي عليه. قوله: "كاعرف بنا" أي اعترف بقدر نا. قوله: "بالفاعلية" أي بسبب الفاعلية أو الباء بمعنى على ولو قال بالفعل لكان أوضح. قوله: "وأما الياء وهم إلخ" جواب عن سؤال تقديره لم خص المصنف نا بذكر الصلاحية للأحوال الثلاثة مع أن الياء وهم أيضًا صالحان لها. قوله: "لكن لا يشبهان نا من كل وجه إلخ" اعترض بأن هذا ظاهر بالنسبة لما مثل به ونحوه لا مطلقًا لأن الياء تكون بمعنى واحد في الأحوال الثلاثة في نحو أعجبني كوني مسافرًا إلى أبي فإنها في الجميع للمتكلم ومحلها نصب في الأول ورفع في الثاني وجر في الثالث وهم يكون ضميرًا متصلًا في الأحوال الثلاثة في نحو أعجبهم كونهم مسافرين إلى آبائهم فإنها ضمير متصل في الجميع ومحلها نصب في الأول ورفع في الثاني وجر في الثالث والجواب أن وقوع الياء وهم فيما ذكر في محل رفع عارض نشأ من كون المضاف كالفعل يطلب مرفوعًا والكلام فيما هو مشترك بين الثلاثة بطريق الأصالة. قوله: "والواو" ندر حذفها والاستغناء عنها بالضمة قبلها كقوله:

فلو أن الأطبا كان حولي

وكان من الأطباء الأساة

وكقراءة طلحة: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُون} [المؤمنون: 1]، بضم الحاء والجري على لغة أكلوني البراغيث كما في الكشاف وبهذه القراءة يرد على قول أبي حيان أن ذلك ضرورة وسمع ذلك مع الأمر أيضًا أفاده الدماميني. قوله:"ضمائر رفع بارزة" أي إذا اتصلت بالأفعال كما في

ص: 166

ومن ضمير الرفع ما يستتر

كافعل أوافق نعتبط إذ تشكر

ــ

نوعين بارز وهو ما له وجود في اللفظ ومستتر وهو ما ليس كذلك وقدم الكلام على الأول شرع في بيان الثاني بقوله: "ومن ضمير الرفع" أي لا النصب ولا الجر "ما يستتر" وجوبًا أو جوازًا فالأول هو الذي لا يخلفه ظاهر ولا ضمير منفصل، وهو المرفوع بأمر الواحد المخاطب. "كافعل" يا زيد، أو بمضارع مبدوء بهمزة المتكلم مثل "أوافق" أو بنون المتكلم المشارك أو المعظم نفسه مثل "نغتبط" أو بتاء المخاطب نحو "إذ تشكر" أو بفعل استثناء كخلا وعدا ولا يكون في نحو قاموا ما خلا زيدًا وما عدا عمرًا ولا يكون بكرًا، أو بأفعل التعجب نحو ما أحسن الزيدين، أو بأفعل التفضيل نحوهم أحسن أثاثًا، أو باسم فعل ليس بمعنى المضي كنزال ومه وأف وأوه. والثاني هو الذي يخلفه الظاهر أو

ــ

مثاله فالألف والواو في نحو الضاربان والضاربون حرفان والفاعل مستتر. قوله: "ما له وجود في اللفظ" أي ولو بالقوة فيدخل الضمير المحذوف فإن له وجودًا في اللفظ بالقوة لا مكان النطق به بخلاف المستتر فإنه لا وجود له في اللفظ لا بالفعل ولا بالقوة لعدم إمكان النطق به بل هو أمر عقلي فحصل الفرق بين المستتر والمحذوف: قال اللقاني: فإن قلت فالمحذوف أحسن حالًا من المستتر والأمر بالعكس ولذا اختص المستتر بالعمدة. قلت: المستتر متصف بدلالة العقل واللفظ والمحذوف زالت عنه دلالتهما ولذا احتاج إلى قرينة ودلالتها أضعف من دلالتهما. ا. هـ. ومن ثم كان المستتر في حكم الموجود بخلاف المحذوف ولهذا إذا سمي بيضرب ممن زيد يضرب حكى كما تحكي الجمل وإذا سمي بقائم من أيهم قائم بحذف صدر الصلة أعرب ولا يحكى إذ ليس جملة كما قاله الروداني. قوله: "ومستتر" تصريح بأن المستتر قسم من المتصل وهو أصح أقوال ثلاثة ثانيها منفصل ثالثها واسطة. قوله: "أي لا النصب ولا الجر" أخذه من تقديم الخبر وقوله وجوبًا أو جوازًا أي استتارًا ذا وجوب أو ذا جواز. قوله: "لا يخلفه ظاهر" أي لا يحل محله بأن لا يرتفع بعامله. قوله: "بأمر الواحد" خرج أمر الواحدة والاثنين والجمع فالضمير فيها بارز. وقوله المخاطب بيان للواقع وأما نهي الواحد المخاطب فهو داخل في الفعل المبدوء بتاء الخطاب وبهذا يعرف ما في كلام البعض. قوله: "أو بمضارع" أي مذكور لأنه إذا حذف المضارع برز الضمير منفصلًا كما سيأتي. قوله: "أو بتاء المخاطب نحو إذ تشكر" لا يخفى أنه يحتمل أن تكون التاء في مثال المتن للتأنيث كهند تشكر بل هو أولى ليكون الناظم ممثلًا للمستتر جوازًا أيضًا وخرج بإضافة تاء إلى المخاطب الضمائر المرفوع بمضارع مبدوء بتاء المخاطبة والمخاطبين والمخاطبتين والمخاطبين والمخاطبات فإنها بارزة.

قوله: "أو بفعل استثناء" لأنه لكثرة استعماله أجروه مجرى الأمثال التي تلزم طريقة واحدة. قوله: "أو بأفعل التفضيل" أي في غير مسألة الكحل وبدون ندور فلا يرد أن أفعل التفضيل يرفع الظاهر باطراد في مسألة الكحل وبندور في غيرها نحو مررت برجل أفضل منه أبوه. قوله: "أو باسم فعل" زاد بعضهم الصفة الجارية على من هي له فعلًا أو غيره لأن بروزه يوهم جريانها على غير من هي له وزاد في التصريح المرفوع بالمصدر النائب عن فعله نحو {فَضَرْبَ الرِّقَاب} [محمد: 4] وأما

ص: 167

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الضمير المنفصل وهو المرفوع بفعل الغائب أو الغائبة أو الصفات المحضة قال في التوضيح: هذا تقسيم ابن مالك وابن يعيش وغيرهما، وفيه نظرًا إذ الاستتار في نحو زيد قام واجب فإنه لا يقال قام هو على الفاعلية، وأما زيد قام أبوه أو قام إلا هو فتركيب آخر.

ــ

زيادة فاعل نعم وبئس إذا كان ضميرًا فغير صحيحة كما يعلم من ضابطي واجب الاستتار وجائزه. قوله: "ليس بمعنى المضي" أما الذي بمعناه فمرفوعه جائز الاستتار لأنه يخلفه الظاهر ويجمع رفعه الظاهر والضمير قولك هيهات العقيق هيهات على أنه من تأكيد الجمل.

قوله: "كنزال ومه" فالضمير فيهما مستتر وجوبًا سواء كانا لمفرد مذكر أو غيره، نحو نزال يا زيد ويا زيدان ويا زيدون ويا هند ويا هندان ويا هندات، وكذا كل اسم فعل أمر. قوله:"يخلفه الظاهر" أي يحل محله بأن يرتفع بعامله. قوله: "بفعل الغائب أو الغائبة" أي غير ما تقدم من فعلي الاستثناء والتعجب. قوله: "المحضة" أي التي لم يغلب عليها الاسمية ومثلها الظرف والجار والمجرور أما غير المحضة كالأبطح والأجرع فغير متحملة للضمير أصلًا وكان عليه أن يقول أو باسم فعل ماض نحو هيهات العقيق هيهات بناء على أنه من تأكيد الجمل كما مر وأما تمثيل المصرح بزيد هيهات فإنما يصح على القول بأن اسم الفعل يتأثر بالعامل وهو خلاف المشهور على ما قاله الروداني وفيه نظر لأن الاختلاف إنما هو في تأثر اسم الفعل نفسه أما تأثر الجملة المركبة منه ومن فاعله محلًا فما أظن أحدًا يمنعه فتأمل. ولعل الشارح لم يزده لنقصانه عن فعل الغيبة والصفات المحضة بعدم رفعه الضمير البارز والظاهر المحصور كما نقله شارح الجامع عن ارتشاف أبي حيان. قوله: "وفيه نظر" قال سم حيث فسر المستتر جوازًا بما يخلفه الظاهر أو الضمير المنفصل في الرفع بعامله لم يرد هذا الاعتراض وإنما يرد لو فسر بما يجوز إبرازه على الفاعلية ولا مشاحة في الاصطلاح فمعنى وجوب الاستتار وجوازه عندهم وجوب كون المرفوع بالعامل ضميرًا مستترًا وعدم وجوب ذلك لا وجوب استتار الضمير المستتر بأن لا يجوز بروزه وعدم وجوبه بأن يجوز بروزه إذ ليس لنا ضمير مستتر يجوز بروزه فقول الموضح إذ الاستتار إلخ إن أراد وجوب الاستتار بمعناه عندهم منع وإن أراد بمعناه عنده كان مشاحة في الاصطلاح على أن تقسيم الاستتار بالمعنى الذي بيناه هو عين التقسيم الذي جعله التحقيق لا فرق بينهما إلا باعتبار أن المقسم في تقسيمهم هو الضمير المستتر باعتبار العامل وفي تقسيمه عكسه. ا. هـ. مع بعض تلخيص.

قوله: "فإنه لا يقال قام هو على الفاعلية" أي حتى يلزم بروز الضمير المستتر فيكون استتاره جائزًا وبحث في هذا النفي بأن سيبويه أجاز في قوله تعالى: {أَنْ يُمِلَّ هُو} [البقرة: 282] وقولك مررت برجل مكرمك وهو كون الضمير فاعلًا وكونه تأكيدًا وإن استشكل بأن القاعدة أن لا فصل مع إمكان الوصل إلا فيما استثنى وليس هذا منه فعلى قياس ما ذكره سيبويه يجوز أن يقال قام هو على الفاعلية. قوله: "فتركيب آخر" فيه أن هذا لا يضرهم أصلًا إذ لم يشترطوا في الخلفية اتحاد التركيب وكلامهم في الضابط لا يدل على اشتراطه أصلًا وبتحقيق

ص: 168

وذو ارتفاع وانفصال أنا هو

وأنت والفروع لا تشتبه

وذو انتصاب في انفصال جعلا

وإياي، والتفريع ليس مشكلا

ــ

والتحقيق أن يقال: ينقسم العامل إلى ما لا يرفع إلا الضمير، كأقوم، وإلى ما يرفعهما كقام. ا. هـ.

تنبيه: إنما خص ضمير الرفع بالاستتار لأنه عمدة يجب ذكره، فإن وجد في اللفظ فذاك وإلا فهو موجود في النية والتقدير، بخلاف ضميري النصب والجر فإنهما فضلة ولا داعي إلى تقدير وجودهما إذا عدما من اللفظ "وذو ارتفاع وانفصال أنا" للمتكلم و"هو" للغائب "وأنت" للمخاطب "والفروع" عليها واضحة "لا تشتبه" عليك "وذو انتصاب في انفصال جعلا. إياي" وفروعه "والتفريع ليس مشكلًا" فتلخص أن الضمير على خمسة

ــ

المقام على هذا الوجه يعلم ما في تأييد البعض النظر من النظر. قوله: "إلى ما لا يرفع إلا الضمير" أي المستتر كما يؤخذ من المقام أي بطريق الأصالة فلا يرد أن أقوم مثلًا يرفع البارز المؤكد للمستتر بناء على أن العامل في التابع هو العامل في المتبوع لأنه بطريق التبعية للمستتر. قوله: "وإلى ما يرفعهما" أي الضمير والظاهر وعبارة التوضيح وإلى ما يرفعه وغيره ولو أتى بها لكان أحسن. قوله: "يجب ذكره" أي لفظًا أو تقديرًا أو المراد بذكره اعتباره. قوله: "والتقدير" قال شيخنا عطف تفسير. قوله: "ولا داعي إلى تقدير وجودهما" أي غالبًا فلا يعترض بأنه قد يكون هناك داع إلى تقديرهما كربط الصفة أو الصلة أو الخبر أو الحال بهما. قوله: "وذو ارتفاع" أي محلًا وكذا يقال فيما بعد. قال الروداني: ينبغي تقييد ما ذكره المصنف بكونه على وجه الكثرة والأصالة والإطراد حتى لا ينتقض بنحو أنا كأنت فإنه قليل ولا بما أكد به المنصوب أو المجرور كما يأتي في باب التوكيد فإنه بطريق النيابة ولا بنحو يا أنت لأنه في محل نصب فإن ذلك شاذ لا مطرد. ا. هـ. قوله: "أنا إلخ" وقد تنوب الثلاثة عن ضمير الجر فتجر بالكاف نحو أنا كأنت وأنت كأنا وأنت كهو. قوله: "هو" قال في التسهيل: وتسكين هاء هو وهي بعد الواو والفاء واللام وثم جائز وقد تسكن بعد همزة الاستفهام وكاف الجر اضطرارًا وقد تحذف الواو والياء اضطرارًا وتسكنهما قيس وأسد وتشددهما همدان. ا. هـ. بزيادة كلمة من الدماميني.

قوله: "والفروع عليها" أي المتفرعة عليها. قوله: "في انفصال" أي مع انفصال والظاهر أن قوله هنا في انفصال وقوله قبل وانفصال للتفنن. قوله: "إياي" قال الغزي في شرحه اقتصر الناظم هنا على المتكلم فقط ولم يذكر المخاطب وهو إياك والغائب وهو إياه كما فعل في المرفوع أي مع أن الثلاثة أصول في الموضعين لأن جميع المراتب الثلاث هنا اللفظ فيها واحد وإنما اختلف بتكلم أو خطاب أو غيبة في آخره فلذلك قال والتفريع أي على إياي ليس مشكلًا. ا. هـ. ولا بعد في جعل الأصلين فرعين لإياي قال في الهمع وفي أيا سبع لغات قرئ بها تشديد الياء وتخفيفها مع الهمزة وإبدالها هاء مسكورتين ومفتوحتين فهذه ثمانية يسقط منها فتح الهاء مع التشديد وأشهرها كسر الهمزة مع التشديد وبها قرأ الجمهور. قوله: "والتفريع" لما ذكر هنا أصلًا واحدًا

ص: 169

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أنواع: مرفوع متصل، ومرفوع منفصل، ومنصوب متصل، ومنصوب منفصل، ومجرور ولا يكون إلا متصلًا.

تنبيه: مذهب البصريين أن ألف زائدة والاسم هو الهمزة والنون. ومذهب الكوفيين واختاره الناظم أن الاسم مجموع الأحرف الثلاثة، وفيه خمس لغات ذكرها في التسهيل: فصحاهن إثبات ألفه وقفًا وحذفها وصلًا. والثانية إثباتها وصلًا ووقفًا وهي لغة تميم. والثالثة هنا بإبدال همزة هاء. والرابعة آن بمدة بعد الهمزة. قال الناظم: من قال آن فإنه قلب أنا كما قال بعض العرب راء في رأي. والخامسة أن كعن حكاها قطرب. وأما هو فمذهب البصريين أنه بجملته ضمير وكذلك هي. وأما وهم وهن فكذلك عند أبي علي وهو

ــ

وذكر فيما قبله أصولًا ثلاثة عبر هنا بالتفريع وعبر فيما قبله بالفروع ليكون الواحد مع الواحد والجماعة مع الجماعة. قوله: "فتلخص" أي من جموع كلامه حيث أشار إلى المرفوع المتصل بقوله: وألف إلخ وقوله: ومن ضمير إلخ وإلى المرفوع المنفصل بقوله: وذو ارتفاع إلخ وإلى المنصوب والمجرور المتصلين بقوله: كالياء والكاف إلخ. وقوله: ولفظ ما جر كلفظ إلخ. وإلى المنصوب المنفصل بقوله: وذو انتصاب إلخ وإلى المتصل المرفوع والمنصوب والمجرور بقوله: للرفع والنصب إلخ. قوله: "على خمسة أنواع" تحت النوع الأول الذي هو المرفوع المتصل ستة عشر ضربت ضربنا ضربت ضربت ضربتما ضربتم ضربتن ضرب ضربت ضربا ضربوا ضربن أضرب نضرب تضرب اضربي وأما اضربا وضربتا فهما وضربا قسم واحد لاتحاد لفط الضمير فيها وكذا ضربوا واضربن مع ضربوا وضربن وكذا تضربين مع اضربي وكذا اضرب مع تضرب والاثنا عشر الأول تجري نظائرها في الأنواع الأربعة الباقية فجملة الضمائر أربعة وستون وبما ذكرنا يعرف ما في كلام البعض وغيره من القصور.

قوله: "مذهب البصريين إلخ" تظهر فائدة الخلاف فيما إذا سمينا به فعلى أن الضمير مجموع الحروف يعرب لأن سبب البناء قد زال وعلى أنه أن يحكى لكونه مركبًا من اسم وحرف نقله يس. قوله: "هو الهمزة والنون" أي وزيدت الألف وقفًا لبيان الحركة فهي كهاء السكت. قوله: "والثالثة هنا" انظر هل يوافق أهل هذه اللغة أهل اللغة الأولى في الألف الأخيرة أو أهل اللغة الثانية لم أر من صرّح بذلك والأقرب الأول. قوله: "فإنه قلب أنا" أي قلبًا مكانيًا وهو تقديم الحرف عن مكانه أو تأخيره عنه واستشكل الدماميني كونه قلبًا بأن الحرف وشبهه بريء من الصرف والقلب نوع منه. قوله: "حكاها" أي اللغة الخامسة. قوله: "وأما هما وهم وهنّ" أي المنفصلات. قوله: "وقيل غير ذلك" هو ما ذهب إليه الكوفيون من أن الهاء من هو وهي الضمير والواو والياء إشباع وهو ضعيف وما ذهب إليه جمهور البصريين من أن الميم والألف في هما والميم في هم والنون في هن حروف زائدة والضمير الهاء فقط. قوله: "فالضمير عند البصريين أن إلخ" وذهب الفرّاء إلى أن الضمير مجموع أن والتاء وذهب ابن كيسان إلى أن الضمير التاء

ص: 170

وفي اختيار لا يجيء المنفصل

إذا تأتي أن يجيء المتصل

ــ

ظاهر كلام الناظم هنا وفي التسهيل. وقيل غير ذلك. وأما أنت فالضمير عند البصريين أن، والتاء حرف خطاب كالاسم لفظا وتصرفًا. وأما إياي فذهب سيبويه إلى أن أيا هو الضمير، ولواحقه وهي الياء من إياي والكاف من إياك والهاء من إياه حروف تدل على المراد به من تكلم أو خطاب أو غيبة. وذهب الخليل إلى أنها ضمائر واختاره الناظم "وفي اخيتار لا يجيء" الضمير "المنفصل إذا تأتي أن يجيء" الضمير "المتصل" لأن الغرض من وضع المضمرات إنما هو الاختصار، والمتصل أخصر من المنفصل فلا عدول عنه إلا حيث لم

ــ

فقط وكثرت بأن، همع. قوله:"والتاء حرف خطاب" أي حرف جعل له الواضع مدخلًا في الدلالة على الخطاب بمعنى أنه شرط في دلالة الضمير على الخطاب لحاق التاء له قاله الشنواني وبه يندفع ما أورد من أن الضمير هو ما دل على متكلم أو مخاطب أو غائب والدال على الخطاب التاء لا أن كما يفيده ظاهر كلام الشارح ومثل الإيراد والجواب المذكورين يجري في إياي. وأجيب أيضًا عن الإيراد فيها بأن إيا مشتركة بين المتكلم والمخاطب والغائب فيحتاج في فهم المراد منها إلى قرينة تعينه وهي اللواحق فالتكلم والخطاب والغيبة مدلولات لا يا لكن المعين المعين للمراد منها حال استعمالها تلك اللواحق وفي قول الشارح تدل على المراد به إلخ إشارة إلى هذا الجواب.

قوله: "كالاسم" أي كالتاء الواقعة اسمًا في نحو ضربت وقوله وتصرفًا أي في الجملة إذ تاء أنت لا تضم ويحتمل أن مراده كتاء الخطاب الواقعة اسمًا وحينئذٍ لا يحتاج إلى قولنا في الجملة. قوله: "وذهب الخليل إلخ" وقيل الضمير هو اللواحق وإيا عماد أي حرف زائد تعتمد عليه اللواحق ليتميز الضمير المنفصل من الضمير المتصل وقيل الضمير اللواحق وإيا اسم ظاهر أضيف إليها. قوله: "إلى أنها ضمائر" أي وإيا مضافة إليها بدليل ظهور الإضافة في قوله فإياه وإيا الشواب إضافة العام للخاص لأن إيا مشتركة كما مر ورد بأنه لو صرح ذلك لوجب إعرابها لأن المبني إذا لزم الإضافة أعرب وما استدل به شاذ والشاذ لا تقوم به حجة. قوله: "واختاره الناظم" وجعل إضافته مع أنه معرفة لزيادة الوضوح كما في:

علا زيدنا يوم النقا رأس زيدكم

قوله: "وفي اختيار" مفهومه أنه في حال الضرورة يجيء المنفصل مع إمكان المتصل وهو صحيح على قول الجمهور أن الضرورة ما وقع في الشعر وإن كان للشاعر عنه مندوحة أما على قول الناظم أنهما ما ليس للشاعر عنه مندوحة فمشكل إلا أن يراد بإمكان الاتصال عدم المانع الصناعي غير الوزن أو أنه لا مفهوم لقوله وفي اختيار ويدل على هذا صنيع الشارح فإنه لم يأخذ له مفهومًا وجعل الضرورة من أسباب عدم تأتي الاتصال حيث قال: لم يتأت الاتصال لضرورة نظم

ص: 171

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يتأت الاتصال لضرورة نظم كقوله:

44-

وما أصاحب من قوم فأذكرهم

إلا يزيدهم حبا إليَّ هم

وقوله:

45-

بالباعث الوارث الأموات قد ضمنت

إياهم الأرض في دهر الدهارير

ــ

إلخ. قوله: "لضرورة نظم إلخ" ذكر من أسباب عدم تأتي الاتصال خمسة وبقي عليه أسباب أخر ذكرها في التصريح، منها أن يرفع الضمير بمصدر مضاف إلى منصوب نحو بنصركم نحن كنتم ظافرين أو يرفع بصفة جارية على غير من هي له مطلقًا عند البصريين وبشرط خوف اللبس عند الكوفيين نحو زيد عمرو ضاربه هو وأن يكون عامله حرف نفي نحو ما هنّ أمهاتهم وأن يفصله متبوع نحو يخرجون الرسول وإياكم وأن يلي واو المصاحبة كقوله:

فآليت لا أنفك أحذو قصيدة

تكون وإياها بها مثلًا بعدي

وأن يلي إما المكسورة نحو إما أنا وإما أنت ومن الأسباب التي عدها في التصريح أن ينصب بمصدر مضاف إلى المرفوع نحو عجبت من ضرب الأمير إياك ورده الدماميني بجواز اتصاله فاصلًا بين المتضايفين كأن يقال عجبت من ضربك الأمير بجر الأمير. قوله: "فأذكرهم" بالنصب جوابًا للنفي وبالرفع عطفًا على أصاحب والضمير يرجع إلى قومه لا إلى القوم الذين صاحبهم وكذا ضمير يزيدهم بخلاف الضمير المنفصل آخر البيت والمعنى وما أصاحب قومًا فأذكر لهم قومي إلا يزيدون قومي حبًا إليّ لكثرة ثنائهم على قومي والشاهد في هم الأخير الذي هو فاعل يزيد كذا في المغني واستقرب الدماميني أن الذكر قلبي بمعنى التذكر وأن زيادتهم قومه حبًّا إليه لكونه يراهم منحطين رتبة عن قومه وجوز الشمني أن يكون فاعل يزيد ضميرًا يرجع إلى الذكر القلبي المفهوم من فأذكرهم والضمير المنفصل تأكيدًا للمتصل لأنه يؤكد بضمير الرفع المنفصل كل ضمير متصل ولا شاهد على هذا. قوله: "بالباعث" الباء متعلقة بحلفت في بيت

44- البيت من البسيط، وهو لزياد بن منقذ في خزانة الأدب 5/ 250، 255، وسر صناعة الإعراب 1/ 271؛ وشرح التصريح 1/ 104؛ وشرح ديوان الحماسية للمرزوقي ص1392؛ وشرح شواهد المغني 1/ 135، 137، 428؛ وشرح المفصل 7/ 26؛ والشعر والشعراء 2/ 701؛ ومعجم الشعراء ص409؛ والمقاصد النحوية 1/ 256؛ ولبدر بن سعيد أخي زياد "أو المرار" في الأغاني 10/ 330؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 90؛ وتخليص الشواهد ص83؛ ومغني اللبيب 1/ 146.

45-

البيت من البسيط، وهو للفرزدق في ديوانه 1/ 214؛ وخزانة الأدب 5/ 288؛ 290؛ والدرر 1/ 195؛ وشرح التصريح 1/ 104؛ والمقاصد النحوية 1/ 274؛ ولأمية بن أبي الصلت في الخصائص 1/ 307، 2/ 195؛ ولم أقع عليه في ديوانه؛ ولأمية أو للفرزدق في تخليص الشواهد ص87؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 129؛ والإنصاف 2/ 698؛ وأوضح المسالك 1/ 92؛ وتذكرة النحاة ص43، وشرح ابن عقيل ص56، 60؛ وهمع الهوامع 1/ 62.

ص: 172

وصل أو افصل هاء سلنيه وما

أشبهه في كنته الخلف انتمى

ــ

الأصل ألا يزيدونهم، وقد ضمنتهم. أو تقدم الضمير على عامله نحو إياك نعبد: أو كونه محصورًا بألا أو إنما نحو {أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} [يوسف: 40] ونحو قوله:

46-

أنا الذائد الحامي الذمار وإنما

يدافع عن أحسابهم أنا أو مثلي

لأن المعنى لا يدافع إلا أنا أو كون العامل محذوفًا أو معنويًّا نحو إياك والشر، وأنا زيد، لتعذر الاتصال بالمحذوف والمعنوي "وصل أو افصل هاء سلنيه وما أشبهه" أي وما أشبه هاء سلنيه من كل ثاني ضميرين أولهما أخص وغير مرفوع والعامل فيهما غير ناسخ

ــ

قبله. والباعث هو الذي يبعث الأموات ويحييهم. والوارث هو الذي ترجع إليه الأملاك بعد فناء الملاك والأموات إما مجرور بإضافة الباعث أو الوارث إليه على حد قوله:

بين ذراعي وجبهة الأسد

أو منصوب بالوارث على أن الوصفين تنازعاه وأعمل الثاني. وضمنت بمعنى تضمنت أي اشتملت عليهم أو بمعنى تكفلت بأبدانهم والدهارير قال في التصريح: بمعنى الشدائد. ا. هـ. وتبعه شيخنا والبعض والذي في القاموس الدهارير أول الدهر في الزمن الماضي بلا واحد والسالف. ودهور دهارير مختلفة. ا. هـ. وقال العيني: وقولهم: دهر دهارير أي شديد كليلة ليلاء ويوم أيوم وساعة سوعاء والإضافة فيه مثل جرد قطيفة. ا. هـ. والموافق لصدر عبارته أن يقول والإضافة فيه مثل مسجد الجامع فافهم. قوله: "أو كونه محصورًا" أي فيه قد يقال ما قبله محصور فيه أيضًا. وأجاب شيخ الإسلام بأن هذه مصطلح علماء المعاني أما النحاة فإنما يكون الحصر عندهم بإنما أو ما وإلا. قوله: "أنا الذائد" بالذال المعجمة أي المانع والحامي من الحماية وهي الوقاية والذمار ما لزم الشخص حفظه مما يتعلق به والحسب الفعل الحسن للشخص ولآبائه مأخوذ من الحساب لأنهم يحسبونه ويعدونه عند المفاخرة. قال السعد التفتازاني لما كان غرضه أن يخص المدافع لا المدافع عنه فصل الضمير وأخره إذ لو قال: وإنما أدافع عن أحسابهم لصار المعنى إنما أدافع عن أحسابهم لا عن أحساب غيرهم وهو ليس بمقصود. قوله: "إياك والشر" أصله احذر تلاقيك والشر. قوله: "وصل أو افصِل إلخ" استثنى هذه الأبواب الثلاثة من القاعدة المتقدمة في قوله: وفي اختيار إلخ وقوله: أو افصل أي ائت بالضمير المنفصل بدلها لأن هاء سلنيه لا يمكن فصلها لأنها لا وجود لها مع الانفصال والهاء الموجودة معه حرف غيبة وقدم الوصل إشارة إلى رجحانه مع الفعل الذي صرح به في عبارته.

قوله: "أولهما أخص" أي أعرف فلو لم يكن أعرف وجب الوصل في نحو ضربونا والفصل في نحو أعطاه إياك وإياه وأعطاك إياي أو إياك كما ستعرفه. قوله: "وغير مرفوع" أي فقط فلا يرد

46- البيت من الطويل، وهو للفرزدق في ديوانه 2/ 153؛ وتذكرة النحاة ص85، والجني الداني ص397؛ وخزانة الأدب 4/ 465؛ والدرر 1/ 196؛ وشرح شواهد المغني 2/ 718؛ ولسان العرب 15/ 200 "قلا"، والمحتسب 2/ 195؛ ومعاهد التنصيص 1/ 260؛ ومغني اللبيب 1/ 309؛ والمقاصد النحوية 1/ 277؛ ولأمية بن أبي الصلت في ديوانه ص48؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 11، 114، 7/ 242؛ وأوضح المسالك 1/ 95؛ ولسان العرب 3/ 311 "أنن"؛ وهمع الهوامع 1/ 62.

ص: 173

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

للابتداء سواء كان فعلًا نحو سلنيه وسلني إياه، والدرهم أعطيتكه وأعطيتك إياه، والاتصال حينئذ أرجح، قال تعالى:{فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّه} [البقرة: 137]، {أَنُلْزِمُكُمُوهَا} [هود: 28] {إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا} [محمد: 37]، {إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلًا وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا} [الانفال: 43] ، ومن الفصل أن الله ملككم إياهم. ولو شاء لملكهم إياكم. أو اسمًا نحو:

الدرهم أنا معطيكه ومعطيك إياه، والانفصال حينئذ أرجح. ومن الاتصال قوله:

47-

لئن كان حبيك لي كاذبًا

لقد كان حبيك حقًّا يقينا

ــ

نحو حبيك في البيت الآتي لأنه وإن كان في محل رفع هو في محل جر أيضًا بالإضافة فلو كان مرفوعًا وجب الوصل إن كان العامل فعلًا نحو ضربته أما إذا كان اسمًا ولا يكون حينئذٍ الضمير الأول المرفوع إلا مستترًا فيجوز اتصال الثاني وانفصاله نحو أنا الضاربك والضارب إياك عند من يعرب الضمير مفعولًا لا مضافًا إليه. أما عند من يعربه مضافًا إليه فيتعين الوصل إذ الضمير المنفصل لا يكون مجرورًا. قوله: "أنلزمكموها إن يسألكموها" الواو فيهما تولدت من إشباع الضمة. ا. هـ. شنواني. قوله: "إذ يريكهم الله إلخ" هذا التمثيل لا يناسب هنا لأن الكلام فيما إذا كان العامل في الضميرين غير ناسخ للابتداء. ويرى في الآية حلمية وهي من نواسخ الابتداء فكان ينبغي ذكرها في أمثلة باب خلتنيه. وأجيب بأن النسخ في الآية إنما هو للمفعول الثاني والثالث لا للأول والثاني إذ الأول فاعل في الأصل فالنسخ ليس للضميرين معًا بل لثانيهما فقط فالآية داخلة فيما نحن فيه لأن المراد بالنسخ المنفي في قولنا غير ناسخ للابتداء نسخ المفعولين معًا فتأمل. وفي الهمع إذا وردت مفاعيل أعلم الثلاثة ضمائر فحكم الأول والثاني حكم باب أعطيت وإن كان بعضها ظاهرًا فإن كان المضمر واحدًا وجب اتصاله أو اثنين أول وثان أو ثالث فكأعطيت أو ثان وثالث فكظننت. قوله: "إن الله ملككم إياهم إلخ" ساقه في التصريح حديثًا والشاهد في هذه الجملة فقط وضمير الغيبة للإرقاء. قوله: "والانفصال حينئذٍ أرجح" لأن عمل الاسم لمشابهته الفعل لا لذاته فهو نازل الدرجة عنه في اتصال الضمير به.

قوله: "لئن كان إلخ" لام لئن موطئة للقسم كما قاله العيني والشيخ خالد زاد العيني وتسمى المؤذنة أيضًا لأنها تؤذن بأن الجواب بعد أداة الشرط التي دخلت عليها مبني على قسم قبلها لا على الشرط. ا. هـ. وبذلك يعلم بطلان ما ذكره البعض في البيت الآتي أعني قول للشاعر: لئن كان إياه إلخ من أن الموطئة هي لام لقد فتنبه ولام لقد جواب القسم كما قاله الشيخ خالد. وقول العيني إنه جواب الشرط واللام للتأكيد مردود كما يعلم من صدر عبارته وجواب الشرط محذوف لدلالة جواب القسم عليه والشاهد في الشطر الثاني فقط وقول العيني الشاهد فيه وفي

47- البيت من المتقارب، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 97، وشرح التصريح 1/ 107؛ والمقاصد النحوية 1/ 283.

ص: 174

كذاك خلتنيه واتصالا

وأختار غيري اختار الانفصالا

ــ

وقوله:

48-

ومنعكها بشيء يستطاع

"وفي" هاء "كنته" وبابه "الخلف" الآتي ذكره "انتمى" أي انتسب، و"كذاك" في هاء "خلتننيه" وما أشبه من كل ثاني ضميرين أولهما أخص وغير مرفوع، والعامل فيهما ناسخ للابتداء "واتصالا أختار" في البابين لأنه الأصل ومن الاتصال في باب كان قوله صلى الله عليه وسلم في ابن صياد:"إن يكنه فلن تسلط عليه، وألا يكنه فلا خير لك في قتله" وقول الشاعر:

ــ

الأول لا يلتفت إليه كما نبه الشيخ خالد عليه. قوله: "ومنعكها" مصدر مضاف لفاعله كما قاله العيني وغيره لا لمفعوله الأول بعد حذف الفاعل وها مفعول ثان أي ومنعيكها لأنه لا يناسب سياق القصيدة وضمير الغيبة راجع إلى فرس تسمى سكاب مذكورة في الأبيات قبله كان طلبها بعض الملوك من الشاعر فاستعطفه ليرجع عن طلبه إياها؛ والباء إما صلة المنع ويستطاع خبر منع أي منعك إياها مني بأي شيء أردت مستطاع لك هين عليك فلا ينبغي أن توجه همتك العلية إليها وإما زائدة في خبر منع ويستطاع صفته وصدر البيت:

فلا تطمع أبيت اللعن فيها

وأبيت اللعن كانت تحية الملوك في الجاهلية أي أبيت أسباب لعن الناس لك والواو في ومنعكها للحال من فاعل تطمع أو مجرور في لا للعطف لما يلزم عليه من عطف الخبر على الإنشاء من شرح شواهد المغني للسيوطي وشرح الشواهد للعيني وغيرهما. قوله: "وبابه" أي أخوات كان سواء كان الاسم ضميرًا كالمثال أم لا نحو الصديق كأنه زيد ومحل جواز الوجهين في كان وأخواتها في غير الاستثناء أما فيه فيجب الفصل نحو زيد قام القوم ليس إياه ولا يكون إياه فلا يجوز ليسه ولا يكونه كما لا يجوز إلاه فكما لا يقع المتصل بعد إلا لا يقع بعد ما هو بمعناها والظاهر أن كاد وأخواتها لا تدخل في باب كان لأن خبرها يجب كونه فعلًا مضارعًا إلا في ندور وجزم في شرح التسهيل بأن ذلك خاص بكان وأن الفصل متعين في أخواتها وأن قولهم ليسى وليسك شاذ. قوله: "الخلف" أي في الراجح من الوجهين كما يشير إليه قول الشارح الآتي ذكره فلا خلاف في جوازهما. قوله: قوله صلى الله عليه وسلم أي لعمر بن الخطاب حين أراد قتل ابن صياد ظنًّا منه أنه الدجال ولعل هذا الترديد منه عليه الصلاة والسلام قبل أن يعرف تفصيل حال

48- صدر البيت:

فلا تطمع أبيت اللعن فيها

وهو من الوافر، وهو لعبيدة بن ربيعة في شرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص211، ولرجل من تميم في تخليص الشواهد ص89، وله أو لعبيدة بن ربيعة في خزانة الأدب 5/ 267، 299؛ ولرجل من تميم أو لقحيف العجلي في شرح شواهد المغني 1/ 338؛ والمقاصد النحوية 1/ 302؛ وبلا نسبة في الجني الداني ص55؛ ورصف المباني ص150؛ ومغني اللبيب 1/ 110.

ص: 175

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

49-

فإن لا يكنها أو تكنه فإنه

أخوها غذته أمه بلبانها

وأما الاتصال في باب خال فلمشابهة خلتنيه وظننتكه بسألتنيه وأعطيتكه وهو ظاهر ومنه قوله:

50-

بلغت صنع امرئ بر إخالكه

إذ لم تزل لاكتساب الحمد مبتدرا

وأما "غيري" سيبويه والأكثر فإنه "اختار الانفصالا" فيهما؛ لأن الضمير في البابين خبر في الأصل وحق الخبر الانفصال وكلاهما مسموع. فمن الأول قوله:

51-

لئن كان إياه حال بعدنا

عن العهد والإنسان قد يتغير

ومن الثاني قوله:

52-

أخي حسبتك إياه وقد ملئت

أرجاء صدرك بالأضغان والإحن

ــ

الدجال. قوله: "فإن لا يكنها إلخ" قبله:

دع الخمر يشربها الغواة فإنني

رأيت أخاها مغنيًا بمكانها

يخاطب غلامًا له ينهاه عن الخمر دون نبيذ الزبيب وهو المراد بأخيها واللبان بالكسر اللبن والضمير المستتر في يكنها يرجع إلى أخيها والبارز إليها وقوله: أو تكنه بالعكس والمراد بأمه شجرة الكرم. قوله: "وأما الاتصال إلخ" لا موقع لأما هنا ولو قال عطفًا على قوله لأنه الأصل ولمشابهة خلتنيه إلخ لكان حسنًا. قوله: "وهو ظاهر" أي ما ذكر من المشابهة لأن كلًا من الضميرين في البابين منصوب وأولهما أخص. قوله: "بلغت" الظاهر أنه بتاء المتكلم أي أخبرت بصنع امرئ بر بفتح الباء أي محسن أخالكه بكسر الهمزة على الأفصح وفتحها على القياس. قوله: "لأن الضمير إلخ" رده الناظم في شرح الكافية بأنه يقتضي جواز انفصال الضمير الأول بل رجحانه لأنه مبتدأ في الأصل وهو ممتنع بالإجماع وأجاب الرضى بأن قرب الأول من الفعل منع من رعاية الأصل. قوله: "وكلاهما" أي البابين أي فصليهما مسموع. قوله: "لئن كان إياه" انظر مرجع الضمير وقوله:

49- البيت من الطويل، وهو لأبي الأسود الدؤلي في ديوانه ص162، 306؛ وأدب الكاتب ص407؛ وإصلاح المنطق ص297؛ وتخليص الشواهد ص92؛ وخزانة الأدب 5/ 327، 331؛ والرد على النحاة ص100؛ وشرح المفصل 3/ 107؛ والكتاب 1/ 46؛ ولسان العرب 13/ 371 "كنن"؛ 374 "لبن"؛ والمقاصد النحوية 1/ 310؛ وبلا نسبة في الإنصاف 2/ 823؛ والمقتضب 3/ 89؛ والمعرب 1/ 96.

50-

البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 100؛ وشرح التصريح 1/ 108؛ والمقاصد النحوية 1/ 278.

51-

البيت من الطويل، وهو لعمر بن أبي ربيعة في ديوانه ص94؛ وتخليص الشواهد ص93؛ وخزانة الأدب 5/ 312، 313؛ وشرح التصريح 1/ 108؛ وشرح المفصل 3/ 107؛ والمقاصد النحوية 1/ 314؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 102؛ والمقرب 1/ 95.

52-

البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 99؛ وشرح التصريح 1/ 107، والمقاصد النحوية 1/ 286.

ص: 176

وقدم الأخص في اتصال

وقدمن ما شئت في انفصال

ــ

تنبيه: وافق الناظم في التسهيل سيبويه على اختيار الانفصال في باب خلتنيه قال: لأنه خبر مبتدأ في الأصل وقد حجزه عن الفعل منصوب آخر، بخلاف هاء كنته فإنه خبر مبتدأ في الأصل، ولكنه شبيه بهاء ضربته في أنه لم يحجزه إلا ضمير مرفوع والمرفوع كجزء من الفعل وما اختار الناظم هنا هو مختار الرماني وابن الطرواة "وقدم الأخص" من الضمريرين في الابواب الثلاثة على غير الاخص منهما وجوبًا "في" حال "اتصال" فقدم ضمير المتكلم على ضمير المخاطب وضمير المخابط على ضمير الغائب كما في سلنيه واعطيتكه وكنته وخلتنيه وظننتكه وحسبتنيك. ولا يجوز تقديم الهاء على الكاف ولا الهاء ولا الكاف على الياء في الاتصال "وقدمن ما شئت" من الاخص وغير الأخص "في انفصال" نحو سلني إياه وسله إياي والدرهم أعطيتك إياه وأعطيته إياك، والصديق كنت إياه وكان إياي، وهكذا إلى آخره: ومنه أن الله ملككم إياهم ولو شاء لملكهم إياكم.

تنبيه: حاصل ما ذكره أن الضمير الذي يجوز اتصاله وانفصاله هو ما كان خبرًا لكان أو إحدى أخواتها، أو ثاني ضميرين أولهما أخص وغير مرفوع، فخرج مثل الكاف من

ــ

حال أي تحول. قوله: "أخي حسبتك إياه" الظاهر أن أخي مبتدأ وحسبتك إياه خبر أو أن الكلام من باب الاشتغال لا أن أخي منادى حذف منه حرف النداء كما زعمه العيني ثم رأيت الدنوشري قال ما قلته وقوله: وقد ملئت إلخ جملة حالية والأرجاء جمع رجا بالقصر وهو الناحية والأضغان والأحن جمعا ضغن وإحنة بكسر أولهما وهما الحقد. قوله: "والمرفوع كجزء من الفعل" أي الفصل به كلا فصل. قوله: "وقدم الأخص إلخ" من فوائده التنصيص على تقييد جواز الأمرين في باب سلنيه بتقديم الأخص وأنه إذا قدم غير الأخص تعين الانفصال وأما مجرد قوله وما أشبهه فلا يفيده صريحًا لجواز أن لا يعتبر في الشبه تقديم الأعرف أفاده سم وإنما وجب تقديم الأخص في حال الاتصال كراهة تقديم الناقص على القوي فيما هو كالكلمة الواحدة وإنما قدموه على القوي في نحو ضربتني لتقويه بتوغله في الجزئية بكونه فاعلًا بخلاف ما نحن فيه من الضميرين اللذين ليس أولهما مرفوعًا. قوله: "في الأبواب الثلاثة" فلا يجب تقديم الأخص في غيرهما كضربونا. قوله: "وحسبتنيك" كذا في بعض النسخ بياء المتكلم قبل الكاف وفي بعضها وحسبتكه بلا ياء متكلم بل بكاف بعدها هاء والأول المناسب لقول الشارح بعد ولا الكاف على الياء وأما على الثاني فيكون ولا الكاف على الياء أي في مثال آخر غيرها تقدم فتأمل. قوله: "ولا يجوز تقديم الهاء على الكاف إلخ" أي إلا ما ندر من قول عثمان أراهمني الباطل شيطانًا وقاسه المبرد وكثير من القدماء ولكن الانفصال عندهم أرجح كذا في زكريا. قوله: "وقدمن ما شئت في انفصال" أي في حال انفصال ثاني الضميرين وشرط ذلك أمن اللبس فإن خيف وجب تقديم الفاعل منهما في المعنى نحو زيد أعطيتك إياه ومن هذا تعلم أن الحديث الذي ذكره الشارح ليس من باب التخيير بل تقديم الأخص في الجملة الأولى منه واجب وتقديم غيره في الجملة

ص: 177

وفي اتحاد الرتبة الزم فصلا

وقد يبيح الغيب فيه وصلا

ــ

نحو أكرمتك ودخل مثل الهاء من نحو قوله:

53-

ومنعكها بشيء يستطاع

فإن الهاء ثاني ضميرين أولهما وهو الكاف أخص وغير مرفوع لأنه مجرور بإضافة المصدر إليه "وفي اتحاد الرتبة" وهو أن لا يكون فيهما أخص بأن يكونا معًا ضميري تكلم أو خطاب أو غيبة "الرم فصلًا" نحو سلني إياي وأعطيتك إياك وخلته إياه ولا يجوز سلنيني ولا أعطيتكك ولا خلتهه "وقد يبيح الغيب" أي كونهما للغيبة "فيه" أي في الاتحاد "وصلا" من ذلك ما رواه الكسائي من قول بعض العرب: هم أحسن الناس وجوهًا وانضرهموها. وقوله:

54-

لوجهك في الاحسان بسط وبهجة أنا

لهماه قفو أكرم والد

وقوله:

55-

وقد جعلت نفسي تطيب لضغمة

لضغمهما يقرع العظم نابها

ــ

الأخيرة منه واجب فافهم. قوله: "أو ثاني ضميرين إلخ" أي سواء كان العامل فيهما ناسخًا أو لا فدخل بابًا سأل وخال. قوله: "وفي اتحاد الرتبة" متعلق بباب سلنيه وخلتنيه لأن من قيودهما كون أحد الضميرين أعرف فذكر في هذا البيت مفهوم هذا القيد أفاده سم.

قوله: "الزم فصلًا" أي على الصحيح كما يصرح به قول المرادي أجاز بعضهم الاتصال مع اتحاد الضميرين في التكلم أو الخطاب أو الغيبة مطلقًا وهو ضعيف. ا. هـ. وقوله: مطلقًا أي سواء اختلف ضمير الغيبة فيما يأتي أو اتفقا. قوله: "وخلته إياه" وانعقاد المبتدأ والخبر من مفعولي خال هنا على حد شعري شعري كما قاله زكريا. قوله: "أي كونهما للغيبة" كان الظاهر أن يقول أي وجود ضمير غيبة ليكون لقول المصنف فيه فائدة إذ على تفسير الشارح يصير ضائعًا لعلم اتحاد الرتبة من كونهما ضميري غيبة. قوله: "وأنضرهموهما" الضمير الثاني للوجوه وهي تمييز فيلزم وقوع الضمير فإما أن يجري على القول بأن الضمير العائد على النكرة نكرة أو على المذهب الكوفي أنه لا يشترط في التمييز أن يكون نكرة. قوله: "لوجهك في الإحسان" أي في وقت الإحسان. والبسط البشاشة، والبهجة الحسن، والقفو الاتباع والمراد أن ذلك وراثة من آبائه وليس عارضًا فيه. قوله:"وقد جعلت نفسي إلخ" هذا البيت من قصيدة يرثي بها الشاعر أخاه ويشتكي

53- راجع التخريج رقم 48.

54-

البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 105؛ وتخليص الشواهد ص9؛ وتذكرة النحاة ص50؛ والدرر 1/ 203؛ وشرح التصريح 1/ 109؛ والمقاصد النحوية 1/ 342؛ وهمع الهوامع 1/ 63.

55-

البيت من الطويل، وهو لمغلس بن لقيط في تلخيص الشواهد ص94؛ وخزانة الأدب 5/ 301، 303، 305؛ وشرح شواهد الإيضاح ص75، والمقاصد النحوية 1/ 333؛ وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب ص381؛ والكتاب 2/ 364؛ ولسان العرب 12/ 357 "ضغم".

ص: 178

وقبل يا النفس مع الفعل التزم

نون وقاية وليسي قد نظم

ــ

وشرط الناظم لجواز ذلك أن يختلف لفظاهما كما في هذه الشواهد. قال: فإن اتفقا في الغيبة، وفي التذكير أو التأنيث، وفي الإفراد أو التثنية أو الجمع ولم يكن الأول مرفوعًا وجب كون الثاني بلفظ الانفصال، نحو فأعطاه إياه ولو قال: فأعطاهوه بالاتصال لم يجز لما في ذلك من استثقال توالي المثلين مع إيهام كون الثاني تأكيدًا للأول. وكذا لو اتفقا في الإفراد والتأنيث نحو أعطاها إياها، أو في التثنية أو الجمع أعطاهما إياهما، أو أعطاهم إياهم. أو أعطاهن إياهن، فالاتصال في هذا وأمثاله ممتنع. هذه عبارته في بعض كتبه. ثم قال: فإن اختلفا وتقاربت الهاء آن نحو أعطاهوها وأعطاها ازداد الانفصال حسنًا وجودة؛ لأن فيه تخلصًا من قرب الهاء من الهاء؛ إذ ليس بينهما فصل إلا بالواو في نحو أعطاهوها وبالألف في نحو أعطاهاه بخلاف انضرهموها وأنا لهماه وشبهه.

تنبيه: وقد اعتذر الشارح عن الناظم في عدم ذكره الشرط المذكور بأن قوله وصلًا بلفظ التنكير على معنى نوع من الوصل تعريض بأنه لا يستباح الاتصال مع الاتحاد في الغيبة مطلقًا، بل يقيد وهو الاختلاف في اللفظ "وقبل يا النفس" دون غيرها من المضمرات "مع الفعل" مطلقًا "التزم نون وقاية" مكسورة نحو دعاني، ويكرمني، وأعطني،

ــ

من قريبين له يؤذيانه. والضغمة العضة يكنى بها عن الشدة لعض الإنسان عندها على يده. واللام في لضغمة بمعنى الباء وفي لضغمهماها للتعليل والضميران مفعولان لضغم: الأول مفعول به والثاني مفعول مطلق فهو مصدر حذف فاعله أي لأجل ضغم الدهر القريبين إياها أي مثل الضغمة التي ضغمت بها. ويقرع العظم نابها صفة لضغمة أفاده زكريا. والإضافة في نابها لأدنى ملابسة. قوله: "يختلف لفظاهما" بأن يكون أحدهما مذكرًا والآخر مؤنثًا، أو مفردًا والآخر مثنى أو جمعًا، أو مثنى والآخر جمعًا كما يفيده ما بعد. قوله:"ولم يكن الأول مرفوعًا" احترز به عن نحو الدرهم زيد أعطاه، والزيدون العمرون أعطوهم، فلا يجب الفصل هنا لأن استتار الضمير الأول في الأول ومخالفته للثاني لفظًا في الثاني مانع من توالي المثلين المستثقل واختلاف المحل مانع من إيهام التأكيد. ومن مثل كالبعض بنحو زيد ضربه عمرو فقد أخطأ من وجهين لأنه خروج عما الكلام فيه وهو باب سلنيه وخلتنيه ولأنه ليس في هذا المثال إلا ضمير واحد.

قوله: "لم يجز" في كلام سيبويه ما يدل على الجواز حيث قال والكثير في كلامهم أعطاه إياه وينبغي أن جواز ذلك عند الفصل بين الهاءين بواو الإشباع كما في عبارة الشارح وأنه إذا لم يؤت بها تعين الانفصال. قوله: "وكذا" أي كاتفاقهما في الافراد والتذكير في نحو أعطاه إياه. قوله: "وتقاربت الهاءان" وبالأولى إذا توالتا نحو أعطاهما. قوله: "ازداد الانفصال إلخ" يقتضي أن الانفصال عند تباعد الهاءين حال الاتحاد حسن وجيد، وهو كذلك كما يستفاد من كلام الناظم. قوله:"على معنى نوع إلخ" أي ووكل بيان ذلك النوع إلى الموقف. قوله: "مطلقًا" أي ماضيًا أو مضارعًا أو أمرًا متصرفًا أو جامدًا كما مثل. قوله: "نون وقاية" نقل يس عن بعضهم أنه

ص: 179

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقام القوم ما خلاني، وما عداني وحاشاني، إن قدرتهن أفعالًا؛ وما أحسنني إن اتقيت الله، وعليه رجلًا ليسنى، وندر ليسى بغير نون كما أشار إليه بقوله:"وليسي قد نظم" أي في قوله:

56-

إذ ذهب القوم الكرام ليسي

وجوز الكوفيون ما أحسني بناء على ما عندهم من أنه اسم لا فعل. وأما نحو تأمروني فالصحيح أن المحذوفة نون الرفع.

ــ

عدها في حروف المعاني وأن المعنى الموضوعة له. الوقاية واستشكله الروداني بأن الوقاية ليست مدلول النون بل حاصلة به كما تحصل بأي حرف لو فرض الحجزر به. وقال الدنوشري: الظاهر أنها حرف مبني وذكر المغني لها في أوجه النون المفردة يفيد أنها حرف معنى. قوله: "مكسورة" أي مناسبة لياء المتكلم. قوله: "إن قدرتهن أفعالًا" فإن قدرتهن حروفًا أسقطت نون الوقاية وفيه أن تقدير الحرف لا يظهر في ما خلا وما عدا لوجود ما المصدرية التي لا توصل إلا بالفعل ولا يظهر جعل ما زائدة. فقوله: إن قدرتهن أفعالًا لا يظهر إلا في حاشا كذا في يس عن اللقاني، ولهذا قال في المغني وحاشا إن قدرت فعلًا. ويمكن دفعه بجعل المفهوم بالنسبة لغير حاشا باعتبار غير هذا التركيب مما ليس فيه ما فتأمل. قوله:"وعليه رجلًا ليسني" في المغني أنه قاله بعضهم وقد بلغه أن إنسانًا تهدده أي ليلزم رجلًا غيري. ا. هـ. فمدلول اسم الفعل هنا ليس فعلًا موضوعًا للأمر بل فعل مضارع مقرون بلام الأمر وهذا شاذ لأن الفعل والحرف مختلفا

الجنس فينبغي أن لا ينوب عنهما الاسم. قوله: "وندر ليس بغير نون" وإنما جاز حذف النون فيها لأنها لا تتصرف فأشبهت الحروف الآتي بيانها. زكريا. قوله: "إذ ذهب إلخ" صدره:

عددت قومي كعديد الطيس

بفتح الطاء أي الرمل الكثير. وفي قوله ليس شذوذ آخر من جهة الوصل لما تقدم من وجوب الفصل مع فعل الاستثناء. قوله: "نحو تأمروني" بنون واحدة مخففة. قوله: "فالصحيح أن المحذوفة إلخ" لأنها نائبة عن الضمة وقد حذفت تخفيفًا في قراءة السوسي "وما يشعركم"

56- صدر الرجز:

عددت قومي كعديد الطيس

وهو لرؤبة في ملحق ديوانه ص175، وخزانة الأدب 5/ 324، 325، والدرر 1/ 204؛ وشرح التصريح 1/ 110؛ وشرح شواهد المغني 2/ 488؛ 769؛ ولسان العرب 6/ 128 "طيس"؛ والمقاصد النحوية 1/ 344؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 108؛ وتخليص الشواهد ص99؛ والجني الداني ص150؛ وجواهر الأدب ص15؛ وخزانة الأدب 5/ 396، 9/ 266؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 32؛ وشرح ابن عقيل ص60، وشرح المفصل 3/ 108، ولسان العرب 6/ 211 "ليس"، ومغني اللبيب 1/ 171، 2/ 344؛ وهمع الهوامع 1/ 64، 233.

ص: 180

وليتني فشا وليتي ندرا

ومع لعل اعكس وكن مخيرا

ــ

تنبيه: مذهب الجمهور أنها إنما سميت نون الوقاية لأنها تقي الفعل الكسر. وقال: الناظم بل لأنها تقي الفعل اللبس في أكرمني في الأمر فلولا النون لالتبست ياء المتكلم بياء المخاطبة، وأمر المذكر بأمر المؤنثة، ففعل الأمر أحق بها من غيره، ثم حمل الماضي والمضارع على الأمر "وليتني" بثبوت نون الوقاية "فشا" حملًا على الفعل لمشابهتها له مع عدم المعارض "وليتني" بحذفها "ندرا" ومنه قوله:

57-

كمنية جابر إذ قال ليتي

وهو ضرورة. وقال الفراء: يجوز ليتي وليتني. وظاهره الجواز في الاختيار "ومع لعل

ــ

بسكون الراء فحذف النائبة عنها للتخفيف أولى وللاحتجاج إلى تغيير حركة النون بالكسر لو كانت الباقية نون الرفع بخلاف ما إذا كانت نون الوقاية. وقيل: نون الوقاية لأنها منشأ الثقل فهي أولى بالحذف ولأنها لأمر استحساني ولا دلالة لها على شيء بخلاف نون الرفع، وعليه يستثنى هذا الموضع من وجوب لحاق نون الوقاية الفعل. بقي ما إذا اجتمع نون الوقاية ونون الإناث فالمحذوف نون الوقاية قال في البسيط: إجماعًا. وقال المصنف في شرح التسهيل على الصحيح: لأن نون الإناث فاعل والفاعل لا يجوز حذفه أفاده الدماميني.

قوله: "لأنها تقي الفعل الكسر" أي الذي يدخل مثله في الاسم وهو الكسر بسبب ياء المتكلم أي والكسر أخو الجر فصين عنه الفعل كما صين عن الجر. أما الكسر الذي ليس بهذه المثابة فلا حاجة إلى صونه عنه كالكسر قبل ياء المخاطبة والكسر للتخلص من التقاء الساكنين كذا في شرح الجامع. قال زكريا: والتعليل المذكور ظاهر في غير المعتل. أما فيه نحو دعا ورمى فلا فكان ينبغي أن يزاد وألحق المعتل بغيره طردًا للباب. ا. هـ. وكان ينبغي أن يزاد أيضًا وتقي ما تتصل به غير الفعل من تغير آخره ليشمل التعليل نون الوقاية في غير الفعل. قوله: "ثم حمل الماضي إلخ" قال البعض: ظاهره أنه لا لبس مع الماضي وليس كذلك لوجوده في نحو ضربني إذ لولا النون لالتبس الماضي بالاسم فإن الضرب نوع من الفعل. ا. هـ. وفيه أنه إنما يتجه إذا كان مراده مطلق اللبس أما إذا أريد خصوص التباس فعل أمر الواحد بفعل أمر الواحدة كما يؤخذ من قوله في نحو أكرمني إلخ فلا فتدبر. قوله: "لمشابهتها له" أي في المعنى والعمل. وقوله مع عدم المعارض هو الجر وتوالي الأمثال فأل للجنس. قوله: "وهو ضرورة" يفيد ظاهره أن قول الناظم

57- تمام البيت:

أصادفه وأفقد بعض مالي

وهو من الوافر، وهو لزيد الخيل في ديوانه ص87؛ وتخليص الشواهد ص100؛ وخزانة الأدب 5/ 375، 377؛ والدرر 1/ 205؛ شرح أبيات سيبويه 2/ 79؛ وشرح المفصل 3/ 123؛ والكتاب 2/ 370، ولسان العرب 2/ 87 "بيت" والمقاصد النحوية 1/ 346؛ ونوادر أبي زيد ص68؛ وبلا نسبة في جواهر الأدب ص153؛ ورصف المباني ص300، 361؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 550؛ وشرح ابن عقيل ص61، ومجالس ثعلب ص129؛ والمقتضب 1/ 250، وهمع الهوامع 1/ 64.

ص: 181

في الباقيات واضطرارا خففا

مني وعني بعض من قد سلفا

ــ

اعكس" هذا الحكم. فالأكثر لعلي بلا نون، والأقل لعلني. ومنه قوله:

58-

فقلت أعيراني القدوم لعلني

أخط بها قبرًا لأبيض ماجد

ومع قلته هو أكثر من ليتي؛ نبه على ذلك في الكافية، وإنما ضعفت لعل عن أخواتها لأنها تستعمل جارة نحو:

59-

لعل أبي المغوار منك قريب

وفي بعض لغاتها لعن بالنون فيجتمع ثلاث نونات "وكن مخيرًا في" أخوات ليت ولعل "الباقيات" على السواء فتقول إني وأنني، وكأني، وكأنني، ولكني ولكنني؛ فثبوتها لوجود المشابهة المذكورة، وحذفها لكراهة توالي الأمثال "واضطرارًا خففا مني وعني

ــ

ندر معناه وقع ضرورة والمناسب حمله على المتبادر أنه قليل فيصدق بوقوعه نثرًا كما هو أحد قولي الناظم وإن كان قوله الثاني أنه ضرورة وإنما قلنا ظاهره لاحتمال أن يكون الشارح أشار بقوله: وهو ضرورة إلى قول آخر مقابل لما في المتن ثم أشار إلى ما في المتن مؤيدًا له بموافقة القراء. فقال: وقال الفراء إلخ بل هذا الاحتمال هو المناسب لتفسير الشارح العكس مع لعل بقوله فالأكثر لعلي بلا نون والأقل لعلني ولو جرى على ما يوافق ذلك الظاهر لقال فالكثير لعلي بلا نون والضرورة لعلني. ويمكن تطبيق قوله: فالأكثر إلخ. على ذلك الظاهر بأن يراد بالأقل الضرورة لكن قد يتوقف في كون لعلني ضرورة. ثم رأيت ابن الناظم صرّح بأنه ضرورة لكن رده الموضح وغيره فتأمل. قوله: "فالأكثر لعلي بلا نون والأقل لعلني" أفعل التفضيل في الموضعين على غير بابه.

قوله: "فقلت أعيراني إلخ" القدوم آلة النحت، وأخط أنحت والقبر الغلاف والأبيض السيف، والماجد العظيم. قوله:"لأنها تستعمل إلخ" ولتعدد المعارض فيها قوي على المشابهة بخلاف أخواتها الآتية فإن المعارض فيها توالي الأمثال فقط. قوله: "وحذفها لكراهة توالي الأمثال" مبني على أن المحذوفة في أني نون الوقاية لأنها منشأ الثقل. وقيل الأولى المدغمة لأنها ساكنة والساكن يسرع إليه الإعلال. وقيل الوسطى المدغم فيها لأنها في محل اللامات

58- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في تخليص الشواهد ص105، والدرر 1/ 212؛ وشرح ابن عقيل ص621؛ وهمع الهوامع 1/ 64.

59-

صدر البيت:

فقلت ادع أخرى

وأرفع الصوت داعيا

وهو من الطويل، وهو لكعب بن سعد الغنوي في الأصمعيات ص96، وخزانة الأدب 10/ 426، 428، 430، 436؛ والدرر 4/ 174؛ وسر صناعة الإعراب ص407؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 269؛ وشرح شواهد المغني ص691؛ ولسان العرب 1/ 283 "جوب"، 11/ 4743 "علل"؛ والمقاصد النحوية 3/ 247؛ وبلا نسبة في رصف المباني ص375؛ وشرح ابن عقيل ص350؛ وشرح التصريح 1/ 213 وكتاب اللامات ص136؛ ولسان العرب 12/ 550 "لمم"، ومغني اللبيب ص286، 441؛ وهمع الهوامع 2/ 33.

ص: 182

وفي لدني لدني قل وفي

قدني وقطني الحذف أيضًا قد يفي

ــ

بعض من قد سلفا" من العرب فقال:

60-

أيها السائل عنهم وعني

لست من قيس ولا قيس مني

وهو في غاية الندرة، والكثير مني وعني بثبوت نون الوقاية، وإنما لحقت نون الوقاية من وعن لحفظ البناء على السكون "وفي لدني" بالتشديد "لدني" بالتخفيف "قل" أي لدني بغير نون الوقاية قل في لدني بثبوتها، ومنه قراءة نافع "قد بلغت من لدني عذرًا" بتخفيف النون وضم الدال، وقرأ الجمهور بالتشديد "وفي قدني وقطني" بمعنى حسبي "الحذف" للنون "أيضًا قد يفي" قليلًا ومنه قوله -جامعًا بين اللغتين في قدني:

61-

قدني من نصر الخبيبين قدي

ــ

التي يلحقها التغيير وبعض هذا الخلاف يجري في أنا فقيل: المحذوفة الأولى وقيل: الثانية، ولم يقل أحد يعتد به إنها الثالثة لأنها اسم كذا في الروداني. قوله:"لست من قيس إلخ" يجوز في قيس الصرف على إرادة أبي القبيلة والمنع على إرادتها نفسها ومنع الثاني أوفق بالقافية. قوله: "لحفظ البناء على السكون" إنما حافظوا عليه دون غيره كالبناء على الفتح والضم لأنه الأصل ولهذا قال سيبويه: يقال في لد بالضم لدى بغير نون وفي لد بالسكون لدني بالنون. قوله: "ومنه قراءة نافع" قيل: يجوز أن تكون المذكورة نون الوقاية لأن حذف نون لدن لغة. وأجيب بأن المحذوفة النون المتحركة الآخر لا تلحقها نون الوقاية كما مر في كلام سيبويه لأنها إنما يؤتى بها في مثل ذلك لتقي الآخر من الحركة والمحذوفة النون الساكنة الآخر التي تلحقها النون للمحافظة على سكون البناء الأصلي لا يحتملها ما في الآية لضم دال ما فيها وأما ما ذكره البعض تبعًا للدماميني من الجواب بأن نون لدن إنما تحذف إذا كان المضاف إليه ظاهرًا لا ضميرًا فيرده ما مر في كلام سيبويه من أنه يقال في لد بالضم لدى بغير نون لصراحته في أنه يضاف إلى ياء المتكلم فتأمل. قوله: "بمعنى حسبي" راجع للأمرين قبله. احترز به عن قد الحرفية وقط الظرفية فإن ياء المتكلم لا تتصل بهما وعن قد وقط اسمي فعل بمعنى يكفي على ما يأتي، فإن نون الوقاية تلزمهما عند اتصال الياء بهما. ا. هـ. زكريا قال الروداني: والغالب عليهما إذا كانا بمعنى حسب البناء على السكون وقد يبنيان على الكسر وقد يعربان. قوله: "قد يفي" أي يأتي. وأشار بقد إلى قلة الحذف لكنه ليس من الضرورات على الصحيح. قوله: "قدني من نصر الخبيبين

60- البيت من المديد، وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر 1/ 90، وأوضح المسالك 1/ 118؛ وتخليص الشواهد ص106؛ والجني الداني ص151؛ وجواهر الأدب ص152؛ وخزانة الأدب 5/ 308، 381؛ ورصف المباني ص361؛ والدرر 1/ 310؛ وشرح التصريح 1/ 112؛ وشرح ابن عقيل ص63؛ وشرح المفصل 3/ 125؛ والمقاصد النحوية 1/ 352؛ وهمع الهوامع 1/ 64.

61-

الرجز لحميد بن مالك الأرقط في خزانة الأدب 5/ 382، 383، 385، 391، 392؛ والدرر 1/ 207؛ وشرح شواهد المغني 1/ 487؛ ولسان العرب 1/ 344 "خبب"؛ والمقاصد النحوية 1/ 357؛ ولحميد بن ثور في لسان العرب 3/ 389 "لحد" وليس في ديوانه؛ ولأبي بجدلة في شرح المفصل 3/ 124؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 4/ 241؛ وأوضح المسالك 1/ 120؛ وتخليص الشواهد ص108؛ والجني الداني ص253؛ وخزانة الأدب 6/ 246، 7/ 431؛ ورصف المباني ص362؛ وشرح ابن عقيل ص64؛ والكتاب 2/ 371؛ ومغني اللبيب 1/ 170؛ ونوادر أبي زيد ص205.

ص: 183

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وفي الحديث: "قط قط بعزتك" يروى بسكون الطاء وبكسرها مع الياء ودونها.

ويروى قطني قطني بنون الوقاية قط بالتنوين، والنون أشهر. ومنه قوله:

62-

امتلأ الحوض وقال قطني

مهلًا رويدً قد ملأت بطني

وكون قد وقط بمعنى حسب في اللغتين هو مذهب الخليل وسيبويه، وذهب الكوفيون إلى أن من جعلهما بمعنى حسب قال: قدي وقطي بغير نون كما تقول: حسبي.

ومن جعلهما اسم فعل بمعنى اكتفى قال: قدني وقطني بالنون كغيرهما من أسماء الأفعال.

ــ

قدي" قيل: أراد بهما عبد الله بن الزبير وأخاه مصعبًا على التغليب لأن عبد الله كان يكنى أبا خبيب. وقيل: خبيب بن عبد الله بن الزبير وأباه عبد الله قيل: على التغليب أيضًا وفيه نظر. ويروى الخبيبين بصيغة الجمع على إرادة خبيب بن عبد الله وأبيه وعمه مصعب بن الزبير. وقيل: على إرادة أبي خبيب عبد الله ومن كان على رأيه. واعترض الاستشهاد على حذف النون بجواز أن الأصل قد بالسكون وحركت بالكسر لأجل الروي فتكون الياء للإشباع لا للمتكلم. قال الروداني: أو أن الشاعر جرى فيه على لغة من يبنيه على الكسر والياء للإشباع. ا. هـ. وقد يقال: مشاكلة اللاحق للسابق ترجح احتمال الإضافة لياء المتكلم. قوله: "وفي الحديث قط قط" في صحيح البخاري مرفوعًا "لا تزال جهنم تقول: هل من مزيد حتى يضع رب العزة قدمه فيها فتقول: قط قط وعزتك ويزوي بعضها إلى بعض". قوله: "والنون أشهر" راجع إلى قول المصنف وفي قدني وقطني إلخ. قوله: "مهلًا" اسم مصدر أمهل، ورويدًا مصغر إروادًا بمعنى إمهالًا تصغير الترخيم كما سيذكره الشارح في باب أسماء الأفعال والأصوات فهو تأكيد لمهلًا لا صفته كما زعمه العيني وتبعه غيره كشيخنا والبعض. وملأت بفتح التاء كما قاله شيخنا السيد وشيخنا والضم الذي جوّزه البعض يحوج إلى تجوز. قوله: "بمعنى أكتفى" كان الصواب بمعنى يكفي كما في المغني أو كفي كما في الجني الداني لابن أم قاسم واستقر به الدماميني لأن مجيء اسم الفعل بمعنى المضارع فيه خلاف وفي كلام التفتازاني مجيء قط بمعنى انته فيكون اسم فعل أمر وإنما قلنا الصواب ذلك ليكون متعديًا.

قوله: "كغيرهما من أسماء الأفعال" أي التي تتصل بها ياء المتكلم وهي المتعدية لكون

62- الرجز بلا نسبة في إصلاح المنطق ص75، 342؛ والإنصاف ص130؛ وأمالي المرتضى 2/ 309؛ وتخليص الشواهد ص111؛ وجواهر الأدب ص151؛ والخصائص 1/ 23؛ ورصف المباني ص361؛ وسمط اللآلي ص475؛ وشرح المفصل 1/ 82؛ 2/ 131، 3/ 125؛ وكتاب اللامات ص1410؛ ولسان العرب 7/ 382؛ "قطط"، 13/ 344 "قطن"، ومجالس ثعلب ص189؛ والمقاصد النحوية 1/ 361.

ص: 184

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

خاتمة: وقعت نون الوقاية قبل ياء النفس مع الاسم المعرب في قوله صلى الله عليه وسلم لليهود: $"فهل أنتم صادقوني؟ " وقول الشاعر:

63-

وليس بمعييني وفي الناس ممتع

صديق إذا أعيا علي صديق

وقوله:

64-

وليس الموافيني ليرفد خائبًا

فإن له أضعاف ما كان أملا

للتنبيه على أصل متروك، وذلك لأن الأصل أن تصحب نون الوقاية الأسماء المعربة المضافة إلى ياء المتكلم لتقيها خفاء الإعراب فلما منعوها ذلك نبهوا عليه في بعض الأسماء المعربة المشابهة للفعل. ومما لحقته هذه النون من الأسماء المعربة المشابهة للفعل أفعل التفضيل في قوله صلى الله عليه وسلم:"غير الدجال أخوفني عليكم" لمشابهة أفعل التفضيل لفعل التعجب، نحو ما أحسنني إن اتقيت الله والله أعلم.

ــ

مدلولاتها أفعالًا متعدية كدراكني وعليكني وسمع الفراء مكانكني: أي انتظرني وإنما اتصلت بها نون الوقاية حملًا لها على مدلولاتها وهي الأفعال المتعدية وما ذكره الشارح من وجوب لحاق نون الوقاية أسماء الأفعال هو ما صرح به في التوضيح واقتضاه صنيع التسهيل لكن عبارة سبك المنظوم تشعر بقلة لحاقها فإنه قال: وربما لحقت اسم الفاعل اختيارًا واسم الفاعل اضطرارًا. ا. هـ. قال شيخنا: وصريح كلام الرضي أن لحاقها اسم الفعل جائز لا واجب وفي المغني وشرحه للدماميني أن أجل يأتي حرفًا بمعنى نعم واسم فعل بمعنى يكفي فتلزمه نون الوقاية وهو نادر واسمًا مرادفًا لحسب فلا تلحقه نون الوقاية إلا قليلًا. قوله: "وقعت نون الوقاية" أي شذوذًا. قوله: "ليرفد" بالبناء للمجهول أي يعطي. قوله: "للتنبيه على أصل متروك" اعترض بأنه لو كان للتنبيه لأدخلوها على ما لم يشابه الفعل من نحو غلامي فالأولى أنه لمشابهة الفعل كدخول نون التوكيد في اسم الفاعل ولك أن تقول: الدخول للتنبيه وتخصيص اسم الفاعل ونحوه لمشابهة الفعل فتأمل. قوله: "فلما منعوها" أي للزوم الفصل بالنون بين المضاف والمضاف إليه. قوله: "غير الدجال أخوفني عليكم" روي بحذف النون أيضًا أي أخوف مخوفاتي عليكم فاندفع ما يقال الحديث يقتضي أن الدجال وغيره خائفان لا مخوف منهما لأن حق أفعل التفضيل أن يصاغ من الثلاثي وهو هنا خاف لا أخاف وأن غير الدجال الواقع عليه أخوف بعض النبي صلى الله عليه وسلم لأن أفعل التفضيل بعض ما يضاف إليه نعم يبقى صوغ أفعل من المبني للمجهول وهو شاذ عند الجمهور.

فائدة: حيث قيل بالجواز والامتناع في أحكام العربية فإنما يعني بالنسبة إلى اللغة ولا يلزم

63- البيت من الطويل وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر 7/ 15.

64-

البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر 7/ 15؛ والدرر 1/ 213 ومغني اللبيب 2/ 345؛ والمقاصد النحوية 1/ 387؛ وهمع الهوامع 1/ 65.

ص: 185