المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌أفعال المقاربة: ككان كاد وعسى لكن ندر … غير مضارع لهذين - حاشية الصبان على شرح الأشمونى لألفية ابن مالك - جـ ١

[الصبان]

الفصل: ‌ ‌أفعال المقاربة: ككان كاد وعسى لكن ندر … غير مضارع لهذين

‌أفعال المقاربة:

ككان كاد وعسى لكن ندر

غير مضارع لهذين خبر

ــ

وحركت فرقًا بين لحاقها الحرف ولحاقها الفعل، وليس لالتقاء الساكنين بدليل ربت وثمت فإنها فيهما متحركة مع تحريك ما قبلها. وقيل: أصلها ليس قلبت الياء ألفًا والسين تاء، وهو ضعيف لوجهين: الأول أنه فيه جمعًا بين إعلالين وهو مرفوض في كلامهم لم يجيء منه إلا ماء وشاء، ألا ترى أنهم لم يدغموا في يطد ويتد فرارًا من حذف الواو التي هي الفاء وقلب العين إلى جنس اللام. والثاني أن قلب الياء الساكنة ألفًا وقلب السين تاء شاذان لا يقدم عليهما إلا بدليل ولا دليل والله أعلم.

أفعال المقاربة:

اعلم أن هذا الباب يشتمل على ثلاثة أنواع من الفعل: أفعال المقارنة وهي ثلاثة:

ــ

المبالغة فلا ينافي أن التاء في لات لأصل المبالغة في النفي وفي علامة ونسابة لزيادة المبالغة في الإثبات. قوله: "وحركت إلخ" متعلق بالقول بأن التاء للتأنيث فكان الأوضح تقديمه على قوله وقيل للمبالغة. قوله: "أصلها ليس" أي بكسر الياء كما في المغني والتصريح وإن صرح الشارح بعد بأنها ساكنة فهي حينئذٍ فعل ماض. وقيل: هي ماضي يليت أي ينقص يقال: لات يليت وألت يألت وبهما قرئ قوله تعالى: {لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا} [الحجرات: 14] . قوله: "والسين تاء" كما قيل أصل ست سدس قلبت السين تاء وكذا الدال وأدغمت. قوله: "بين إعلالين" أي قلب الياء ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها وقلب السين تاء. قوله: "وهو مرفوض إلخ" قال بعضهم: الحق عدم الرفض بدليل باب قه وعه، بل قد يجتمع أكثر من اعلالين كما في باب قضايا وخطايا فتدبر. قوله:"الإماء وشاء" أصلهما موه وشوه قلبت الواو ألفًا والهاء همزة. قوله: "في يطد ويتد" مضارعا وطد الشيء وطدًا وطدة أثبته، ووتده وتدًا وتدة ثبته وأصلهما يوطد ويوتد حذفت الواو لوقوعها بين عدوتيها الياء والكسرة. قوله:"وقلب العين إلخ" أي ليتأتى الإدغام. قوله: "الياء الساكنة" فيه أنها عند هذا القائل متحركة كما مر.

أفعال المقاربة:

لم يقل كاد وأخواتها على قياس ما سبق لأن هذه العبارة تدل على أن كاد أم بابها ولا دليل عليه بخلاف أمية كان لأن أحداث أخوات كان داخلة تحت حدثها ولأن لها من التصرفات ما ليس لغيرها والمقاربة مفاعلة على غير بابها والمراد أصل القرب لأن الفعل هنا من واحد كسافر لا من اثنين كقاتل أفاده سم وتبعه البعض وغيره. ولك أن تجعلها على بابها لقرب كل من معنى الاسم ومعنى الخبر من الآخر وإن كانت دلالتها على قرب الخبر بالوضع وعلى قرب الاسم باللزوم. وهل عين كاد ياء أو واو قولان، واستدل لكونها واوًا بحكاية سيبويه كدت بضم الكاف أكاد، وكان قياس مضارع هذه اللغة أكود لكنهم شذوا فقالوا: أكاد، وجعله ابن مالك من تداخل

ص: 379

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

كاد وكرب وأوشك، للدلالة على قرب الخبر. وأفعال الرجاء وهي أيضًا ثلاثة: عسى وحرى وأخلولق. وضعت للدلالة على رجاء الخبر. وبقية أفعال الباب للدلالة على الشروع في الخبر وهي أنشأ وطفق وأخذ وجعل وعلق، فتسمية الكل أفعال مقاربة من باب التغليب "ككان" في العمل "كاد وعسى لكن ندر غير" جملة فعل "مضارع لهذين"

ــ

اللغتين فاستغنوا بمضارع كدت المكسورة الكاف عن مضارع مضمومها.

قوله: "وضعت للدلالة إلخ" اللام تعليلية لا صلة الوضع فلا ينافي أن الموضوع له نفس قرب الخبر لا الدلالة عليه وكذا يقال فيما بعد. قوله: "على قرب الخبر" أي قرب معناه من مسمى الاسم وقربه منه لا يستلزم وقوعه بل قد يستحيل عادة كما في يكاد زيتها يضيء. قوله: "على رجاء الخبر" يعني الطمع في الخبر محبوبًا والإشفاق أي الخوف منه مكروهًا ففي كلامه إطلاق الرجاء على الطمع والإشفاق وهو تغليب كما قاله يس. وقد اجتمعا في قوله تعالى: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا} [البقرة: 216]، الآية كما في المغني. قال الدماميني: فالأولى للترجي والثانية للإشفاق بحسب ما في نفس الأمر أي ما كرهتموه من الغزو ينبغي أن يترجى لأنه خير لأن فيه إما الظفر والغنيمة أو الشهادة والجنة وما أحببتموه من القعود عن الغزو ينبغي أن يكره لأن فيه الذل وحرمان الغنيمة والأجر. وقال الشمني: الأولى لإشفاق المخاطبين نظرًا إلى ما عندهم من الكراهة. والثاني لترجيهم نظرًا إلى ما عندهم من المحبة. قوله: "على الشروع" أي التلبس بأول أجزاء الفعل.

قوله: "من باب التغليب" أي تغليب بعض أنواع الباب لشهرة غالبه وكثرة وقوعه في الكلام على بقية الأنواع فلا ترد شهرة عسى لأنها المشهورة فقط من نوعها وهو أفعال الرجاء. وما قاله الشارح أولى من قول صاحب التوضيح من باب تسمية الكل باسم جزئه لقول الناصر اللقاني تسمية الكل باسم جزئه عبارة عن إطلاق اسم الجزء على ما تركب منه ومن غيره كتسمية المركب كلمة. وأما تسمية الأشياء المجتمعة من غير تركيب منها فتغليب كالعمرين والقمرين. هذا وقد قيل: إن في أفعال الرجاء وأفعال الشروع أيضًا مقاربة. وممن أفاد ذلك النيلي حيث قال: المقاربة تختلف فتارة تكون لمقاربة الفعل من الرجاء كعسى لأن رجاء الفعل دنو لتقدير نيله، وتارة تكون للأخذ فيه لأن الشروع في الفعل يلزمه القرب منه. ا. هـ. وعلى هذا لا تغليب أيضًا لأن الكل عليه أفعال مقاربة ولو بطريق الاستلزام أفاده الروداني. قوله:"في العمل" أي لا في كل أحكامها فإن الخبر لا يتقدم هنا ويجوز حذفه إن علم بخلافه في باب كان في المسألتين على كلام في الثانية مرّ وسنذكره. وأما توسط الخبر فجائز فاتفاق إذا لم يقترن بأن وعلى أحد القولين إذا اقترن بأن وصححه ابن عصفور كذا في الهمع والدماميني. ولما كانت عبارة المصنف توهم عمل كاد في كل ما تعمل فيه كان دفع ذلك بالاستدراك. قوله: "كاد وعسى" أي وأخواتهما الآتية. قوله: "لكن ندر إلخ" قال الدماميني نقلًا عن المصنف: وقع الخبر في هذا الباب غير مضارع تنبيهًا على أصل متروك وذلك أن سائر أفعال هذا الباب مثل كان في الدخول على مبتدأ

ص: 380

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وأخواتهما من أفعال الباب "خبر" فلذلك افترقا ببابين، وغير جملة المضارع المفرد كقوله:

242-

فأبت إلى فهم وما كدت آبيا

وقوله:

343-

لا تكثرن أني عسيت صائمًا

وأما: {فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ} [ص: 33] فالخبر محذوف أي يمسح مسحًا.

ــ

وخبر فالأصل أن يكون خبرها كخبر كان في وقوعه مفردًا وجملة اسمية وفعلية وظرفًا فترك الأصل والتزم كون الخبر مضارعًا. ثم نبه على الأصل شذوذًا في مواضع. قوله: "غير جملة إلخ" قدر جملة لأن الخبر ليس الفعل فقط لكن يرد أن خبرهما إذا اقترن بأن خرج من باب الجملة إلى باب المفرد إلا أن يراد الجملة ولو بحسب الصورة الظاهرة.

قوله: "وأخواتهما" زاده دفعًا لما يقال غير المضارع يصدق بالجملة الاسمية والماضوية وهما لم يخبر بهما عن كاد وعسى بالكلية وظاهر النظم يوهم ورودهما خبرًا عنهما. وحاصل الدفع أن في المتن حذف الواو مع ما عطفت أي لهذين وأخواتهما والمعنى على التوزيع. ويجاب أيضًا بأن غير نكرة في سياق الإثبات فلا عموم لها. قوله: "فلذلك افترقا" لاختصاص خبرها بما ذكر وهذا أيضًا حكمة تأخيرها عما حمل على ليس مع أنها حروف وهذه أفعال. قوله: "فأبت" أي رجعت إلى فهم. قبيلة. قوله: "لا تكثرن" أي من العذل. قوله: "أي يمسح مسحًا" قيل فيه حذف عامل المصدر المؤكد وهو ممنوع عند الناظم. وأجيب بأنه ليس بمؤكد بل نوعي لتعلق ما

242- تمام البيت:

وكم مثلها فارقتها وهي تصفر

وهو من الطويل، وهو لتأبط شرًّا في ديوانه ص91؛ والأغاني 21/ 159؛ وتخليص الشواهد ص309؛ وخزانة الأدب 8/ 374، 375، 376؛ والخصائص 1/ 391؛ والدرر 2/ 150؛ وشرح التصريح 1/ 203؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص83؛ وشرح شواهد الإيضاح ص629؛ ولسان العرب 3/ 383 "كيد"؛ والمقاصد النحوية 2/ 165؛ وبلا نسبة في الإنصاف 2/ 544؛ وأوضح المسالك 1/ 303؛ وخزانة الأدب 9/ 347؛ ورصف المباني ص190؛ وشرح ابن عقيل ص164؛ وشرح عمدة الحافظ ص822؛ وشرح المفصل 7/ 13؛ وهمع الهوامع 1/ 130.

243-

صدر الرجز:

أكثرت في العذل ملحًا ذائمًا

وهو لرؤبة في ملحق ديوانه ص185، وخزانة الأدب 9/ 316، 322؛ والخصائص 1/ 83؛ والدرر 2/ 149؛ وشرح ديون الحماسة للمرزوقي ص83؛ والمقاصد النحوية 2/ 161؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 175؛ وتخليص الشواهد ص309؛ والخزانة 8/ 374، 376؛ والجني الداني ص463؛ وشرح شواهد المغني ص444، وشرح ابن عقيل ص164؛ وشرح عمدة الحافظ ص822؛ وشرح المفصل 7/ 14؛ ومغني اللبيب 1/ 152؛ والمقرب 1/ 100؛ وهمع الهوامع 1/ 130.

ص: 381

وكونه بدون أن بعد عسى

نزر وكاد الأمر فيه عكسا

ــ

والجملة الاسمية كقوله:

244-

وقد جعلت قلوص بني زياد

من الأكوار مرتعها قريب

وجملة الماضي كقول ابن عباس رضي الله عنهما: فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولًا "وكونه" أي كون المضارع الواقع خبرًا "بدون أن" المصدرية "بعد عسى نزر" أي قليل ومنه قوله:

245-

عسى الكرب الذي أمسيت فيه

يكون وراءه فرج قريب

ــ

بعده به وهو بالسوق أي فطفق يمسح السيف مسحًا كائنًا بسوق الخيل وأعناقها. قوله: "وقد جعلت إلخ" القلوص الناقة الشابة. والأكوار جمع كور بفتح الكاف وهو الرحل أي المنزل والمرتع المرعى ومن الأكوار متعلق بقريب. والمعنى طفقت تقرب مرتعها من الأكوار لما بها من الأعياء.

قوله: "فجعل الرجل إلخ" الاستشهاد به مبني على أن إذا ظرف لأرسل غير شرط. فإن جعلت شرطية فخبر جعل الجملة الشرطية وجملة أرسل جواب الشرط ولا شاهد فيه حينئذٍ. هذا ما قاله البعض تبعًا لشيخنا وفي التصريح ما يرده، ويصحح الاستشهاد به على أن إذا شرطية حيث قال بعد ذكر كلام ابن عباس ما نصه فأرسل خبر جعل وهو فعل ماض. قال الموضح في شرح الشواهد: وهذا لم أر من يحسن تقريره. ووجه أن إذا منصوبة بجوابها على الصحيح والمعمول مؤخر في التقدير عن عامله فأول الجملة في الحقيقة أرسل فافهموه. ا. هـ. قوله: "بعد عسى نزر" لأن المترجي مستقبل فناسبه أن. وقيل تجردها من أن خاص بالشعر وإنما ساغ الأخبار بأن يقوم مثلًا مع أنه في تأويل مصدر ولا يخبر عن الذات بالمعنى لأنه على تقدير مضاف أي عسى حال زيد أن يقوم أو عسى زيد ذا أن يقوم أو على سبيل المبالغة وقيل المصدر المؤول قد يصح حمله على الاسم من غير تأويل. وقيل: يقدر أن الأخبار إنما وقع أولًا بالفعل ثم جيء بأن لتؤذن بالتراخي لا لقصد السبك وبهذا الجواب الأخير يندفع الاعتراض المتقدم على تقدير الشارح جملة. وقيل المقرون بأن مفعول به على تضمين الفعل معنى قارب أو على إسقاط الخافض على تضمينه معنى

244- البيت من الوافر، وهو بلا نسبة في تخليص الشواهد ص320؛ وخزانة الأدب 5/ 120، 9/ 352؛ والدرر 2/ 152؛ وشرح التصريح 1/ 204؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص310؛ وشرح شواهد المغني ص606؛ ومغني اللبيب ص235؛ والمقاصد النحوية 2/ 170؛ وهمع الهوامع 1/ 130.

245-

البيت من الوافر، وهو لهدبة بن خشرم في خزانة الأدب 9/ 328، 330، وشرح أبيات سيبويه 1/ 142؛ والدرر 2/ 145، وشرح التصريح 1/ 206؛ وشرح شواهد الإيضاح ص97؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 142؛ والدرر 2/ 145؛ وشرح التصريح 1/ 206؛ وشرح شواهد الإيضاح ص97؛ وشرح شواهد المغني ص443؛ والكتاب 3/ 159؛ واللمع ص225؛ والمقاصد النحوية 2/ 184؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص128؛ وأضح المسالك 1/ 312؛ وتخليص الشواهد ص326؛ وخزانة الشواهد ص326؛ وخزانة الأدب 9/ 316؛ والجني الداني ص462؛ وشرح ابن عقيل ص165؛ وشرح عمدة الحافظ ص816؛ والمقرب 1/ 98؛ وشرح المفصل 7/ 117، 121؛ ومغني اللبيب ص152؛ والمقتضب 3/ 70؛ وهمع الهوامع 1/ 130.

ص: 382

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

"وكاد الأمر فيه عكسًا" فاقترانه بأن بعدها قليل كقوله:

246-

كادت النفس أن تفيظ عليه

ــ

قرب. وقيل: بدل اشتمال من الفاعل على تضمينه معنى قرب. وعسى على هذين القولين تامة. وقيل: بدل اشتمال من المرفوع وسد هذا البدل مسد الجزأين كما سد مسدّ المفعولين في قراءة حمزة: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ} [آل عمران: 178] ، بالتاء الفوقية وفتح السين ولا محذور في لزوم البدل لأنه المقصود بالحكم ولا ينافيه كونه تابعًا فرب تابع يلزم كتابع مجرور رب الظاهر عند الأكثر ولم يجعل المبدل منه اسم عسى وأول مفعولي تحسب لأن المبدل منه في حكم المطروح. وعسى على هذا القول ناقصة كقول الجمهور كذا في المغني وحواشيه ولك أن تقول نص الزمخشري وغيره على أنه ليس معنى كون المبدل منه في حكم المطروح أنه مهدر بل أن البدل مستقل بنفسه لا متمم لمتبوعه كالنعت والبيان وحينئذٍ لا مانع من جعل المبدل منه اسم عسى وأول مفعولي تحسب كما أن الفاعل في نحو نفعني زيد علمه هو المبدل منه لا بدل الاشتمال فتأمل.

فائدة: قال الشيخ اللقاني: عسى موضوعة للزمن الماضي ولم تستعمل فيه فلا تكون حقيقة فهي في كلام الخلق للرجاء المجرد عن الزمان وفي كلامه تعالى للعلم المجرد فهما معنيان مجازيان بدون معنى حقيقي فقول العلامة المحلي لم يثبت مثل هذا في كلامهم ممنوع. وأجاب سم بأن مراده لم يعلم ثبوته وما ذكره في عسى غير معلوم إذ كونها موضوعة للزمان غير معلوم وإن كان جائزًا إذ المفهوم كما قاله السيد الصفوي من شرح المفصل للشيخ ابن الحاجب عدم وضع عسى للزمان لكنها لما وجد فيها خواص الفعل قدر ذلك إدراجًا لها في نظم أخواتها ومنه يتحقق أن المراد الوضع التحقيقي أو التقديري. ا. هـ. ومن المعلوم أن الوضع التقديري لا يكفي في كونه اللفظ مجازًا وكونها في كلامه تعالى للعلم المجرد أمر غير ثابت وإن قاله جماعة لاحتمال كونها في كلامه تعالى للرجاء باعتبار المخاطبين كما هو نص سيبويه في لعل. وقال الرضي إنه الحق كذا في يس؟ وقول اللقاني عسى موضوعة للزمن الماضي أي للرجاء مع الزمن الماضي، وقول الصفوي ومنه يتحقق أن المراد أي بالوضع في قولهم الفعل الماضي موضوع للزمان الماضي.

قوله: "الذي أمسيت فيه" روي بفتح التاء وضمها. وقوله يكون إلخ قال الدماميني: ينبغي أن يجعل فرج مبتدأ خبره وراءه والجملة في محل نصب خبر يكون واسمها ضمير فيها يعود إلى الكرب لما يلزم على جعل فرج اسم يكون، وراءه خبرها من رفع الفعل من الخبر أجنبيًّا عن الاسم وهو ممنوع كما يأتي. قوله:"عكسًا" لدلالة كاد على قرب الخبر فكأنه في الحال. قوله:

246- تمام البيت:

إذ غدا حشو ربطة وبرود

وهو من الخفيف، وهو بلا نسبة في أدب الكاتب ص406؛ وأوضح المسالك 1/ 315؛ وخزانة الأدب 9/ 348؛ وشرح شواهد المغني 2/ 948؛ وشرح شذور الذهب ص354؛ وشرح ابن عقيل ص167؛ ولسان العرب 6/ 234 "نفس"، 7/ 454 "فيظ"؛ ومغني اللبيب 2/ 662.

ص: 383

وكعسى حرى ولكن جعلًا

خبرها حتما بأن متصلا

وألزموا اخلوق أن مثل حرى

وبعد أوشك انتفا أن نزرا

ــ

وقوله:

247-

أبيتم قبول السلم منا فكدتمو

لدى الحرب أن تغنو السيوف عن السل

وأنشد سيبويه:

248-

فلم أر مثلها خباسة واحد

فنهنهت نفسي بعدما كدت أفعله

وقال: أراد بعدما كدت أن أفعله، فحذف أن وأبقى عملها. وفيه إشعار باطراد اقتران خبر كاد بأن؛ لأن العامل لا يحذف ويبقى عمله إلا إذا اطرد ثبوته "وكعسى" في العمل والدلالة على الرجاء "حرى ولكن جعلا خبرها حتما بأن متصلًا" نحو حرى زيد أن يقوم، ولا يجوز حرى زيد يقوم "وألزموا اخلولق، أن مثل حرى" فقالوا: اخلولقت السماء أن تمطر، ولم يقولوا: اخلولقت تمطر "وبعد أوشك انتفا أن نزرا" أي قل، والكثير الاقتران بها

ــ

"أن تفيض عليه" بالفاء والضاد المعجمة أي تخرج. قوله: "فلم أر مثلها" أي مثل تلك الأموال من الإبل والغنم وغيرهما التي كان أراد نهبها. وقوله: خباسة بضم الخاء المعجمة أي مغنم، ونهنهت زجرت، وكدت بكسر الكاف وضمها. قوله:"أراد بعدما كدت أن أفعله" وقيل: الأصل بعدما كدت أفعلها أي تلك الفعلة ففعل به ما فعل بقولهم والكرامة ذات أكرمكم الله به بفتح الباء، ورجحه في المغني بكون الخبر عليه من الكثير. قوله:"وفيه إشعار باطراد إلخ" دفع لما قد يقال يحتمل أن إثبات أن في البيتين السابقين شاذ لا قليل فقط. قوله: "وألزموا اخلولق أن مثل حرى" للإشعار بأنهما للرجاء ولما كانت عسى شهيرة فيه لم تلزمها أن وإن اشتركت الثلاثة في الرجاء المختص بالمستقبل. قوله: "وبعد أوشك انتفا أن نزرا" قال اللقاني: لأن القرب المرجح للتجرد من أن أمر عارض فيها دون أختيها كاد وكرب لأنها موضوعة للإسراع المفضي إلى القرب بخلاف كاد وكرب فللقرب فلهذا اختصت عنهما بغلبة الاقتران بأن وضبط شيخنا السيد نقلًا عن البهوتي أوشك في قوله وبعد أوشك بسكون الكاف لئلا ينتقل من الرجز إلى الكامل

247- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في تخليص الشواهد ص330؛ والمقاصد النحوية 2/ 208.

248-

البيت من الطويل، وهو لامرئ القيس في ملحق ديوانه ص471؛ وله أو لعمرو بن جؤين في لسان العرب 6/ 62؛ "خبس"؛ ولعامر بن جؤين في الأغاني 9/ 93؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 337؛ والكتاب 1/ 307؛ والمقاصد النحوية 4/ 401؛ ولعامر بن جؤين أو لبعض الطائيين في شرح شواهد المغني 2/ 931؛ ولعامر بن الطفيل في الإنصاف 2/ 561؛ وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص148؛ وجمهرة اللغة ص289؛ والدرر 1/ 177؛ ورصف المباني ص113؛ ومغني اللبيب 2/ 640؛ والمقرب 1/ 270؛ وهمع الهوامع 1/ 58.

ص: 384

ومثل كاد في الأصح كربا

وترك أن مع ذي الشروع وجبا

ــ

وكقوله:

249-

ولو سئل الناس التراب لأوشكوا

إذا قيل هاتوا أن يملوا ويمنعوا

ومن التجرد قوله:

250-

يوشك من فرد من منيته

في بعض غراته يوافقها

"ومثل كاد في الأصح كربًا" بفتح الراء ونقل كسرها أيضًا، يعني أن إثبات أن بعدها قليل ومنه قوله:

251-

قد برت أو كربت أن تبورا

لما رأيت بيهسا مثبورا

وقوله:

252-

سقاها ذوو الأحلام سجلا على الظما

وقد كربت أعناقها أن تقطعا

ــ

سهو ظاهر لأن هذا إنما هو في أوشك في قوله بعد عسى اخلولق أوشك..

قوله: "غراته" بكسر الغين أي غفلاته. قوله: "ومثل كاد إلخ" أي في أنها للمقاربة وفي أن الكثير تجردها من أن وإن اقتضى كلام الشارح أن التشبيه في الثاني فقط. قوله: "في الأصح" مقابله شيئان مقتضى كلام سيبويه حيث لم يذكر فيها إلا التجرد. ومذهب ابن الحاجب حيث جعلها من أفعال الشروع وسيذكر الشارح الأول واقتصار شيخنا والبعض على كونه أشار بقوله في الأصح إلى خلاف ابن الحاجب قصور. قوله: "قد برت" بضم الموحدة أي هلكت. وبيهس اسم رجل، والمثبور الهالك. قوله:"سقاها" الضمير إلى العروق المتقدمة في قوله:

249- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 311؛ وتخليص الشواهد ص322؛ والدرر 2/ 144؛ وشرح التصريح 1/ 206؛ وشرح شذور الذهب ص350؛ وشرح ابن عقيل ص168، 171؛ وشرح عمدة الحافظ ص817؛ ولسان العرب 10/ 513 "وشك"؛ والمقاصد النحوية 2/ 182؛ وهمع الهوامع 1/ 130.

250-

اليبت من المنسرح، وهو لأمية بن أبي الصلت في ديوانه ص42؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 167؛ وشرح التصريح 1/ 207؛ وشرح المفصل 7/ 126؛ والعقد الفريد 3/ 187؛ والكتاب 3/ 161؛ ولسان العرب 6/ 32 "بيس"؛ 188 "كأس"؛ والمقاصد النحوية 2/ 187؛ ولعمران بن حطان في ديوانه ص123؛ ولأمية أو لرجل من الخوارج في تخليص الشواهد ص323؛ والدرر 2/ 136؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 313؛ وشرح شذور الذهب ص352؛ وشرح ابن عقيل ص168؛ وشرح عمدة الحافظ ص818؛ والمقرب 1/ 98؛ وهمع الهوامع 1/ 129؛ 130.

251-

الرجز للعجاج في ملحق ديوانه 2/ 286؛ والمقاصد النحوية 2/ 210؛ وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص330.

252-

البيت من الطويل، وهو لأبي زيد الأسلمي في تخليص الشواهد ص330؛ والدرر 2/ 143؛ وشرح التصريح 1/ 207؛ وشرح عمدة الحافظ ص815؛ والمقاصد النحوية 2/ 193؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 316؛ وشرح شذور الذهب ص355؛ وشرح ابن عقيل ص196؛ والمقرب 1/ 99؛ وهمع الهوامع 1/ 130.

ص: 385

كأنشا الساشق يحدو وطفق

كذا جعلت وأخذت وعلق

ــ

والكثير التجرد ولم يذكر سيبويه غيره. ومنه قوله:

253-

كرب القلب من جواه يذوب

حين قال الوشاه هند غضوب

"وترك أن مع ذي الشروع وجبا" لما بينهما من المنافاة لأن أفعال الشروع للحال وأن للاستقبال "كأنشا السائق يحدو وطفق" زيد يعدو بكسر الفاء وفتحها، وطبق بالباء أيضًا و"كذا جعلت" أتكلم "وأخذت" أقرأ "وعلق" زيد يسمع. ومنه قوله:

254-

أراك علقت تظلم من أجرنا

وظلم الجار إذلال المجير

تنبيهات: الأول عد الناظم في غير هذا الكتاب من أفعال الشروع هب وقام، نحو هب زيد يفعل، وقام بكر ينشد. الثاني إذا دل دليل على خبر هذا الباب جاز حذفه ومنه

ــ

مدحت عروقًا للندى مصت الثرى

قيل المقصود بالعروق جماعة أراد الشاعر هجوهم بأنهم حديثون في الغنى والعطاء وأن أصلهم الفاقة وعدم العطاء قاله العيني في شواهده الكبرى، وهو يفيد أن العروق بضم العين جمع عرق ويؤيده الجمع في قوله أعناقها فتفسير البعض العروق في البيت بالفرس الخفيفة لحم اللحيين بانيًا ذلك على أنها بفتح العين ليس في محله. والأحلام العقول والسجل بالفتح قال في القاموس الدلو العظيمة مملوءة. ا. هـ. ونقل شيخنا عن الشارح في شرحه للتوضيح أنه الدلو التي فيها ماء قل أو جلّ. وتقطعًا أصله تتقطع. قوله:"من جواه" أي شدة وجده. قوله: "وترك أن إلخ" تحصل من كلام المصنف أن خبر أفعال هذا الباب بالنسبة إلى اقترانه بأن وتجرده منها أربعة أقسام ما يجب اقترانه وهو حرى واخلولق وما يجب تجرده وهو أفعال الشروع وما يغلب اقترانه وهو عسى وأوشك وما يغلب تجرده وهو كاد وكرب.

قوله: "وطبق بالياء" أي المكسورة كما في التصريح. قوله: "هب وقام" أقول يجب أن يعد منها شرع في نحو شرع زيد يأكل. قوله: "ينشد" إما مضارع الثلاثي نشد الضالة ينشدها من باب نصر أو مضارع الرباعي أنشد الشعر. قوله: "على خبر هذا الباب" أي بخلاف باب كان

253- البيت من الخفيف، وهو لكحلبة اليربوعي أو لرجل من طيئ في الدرر 2/ 141؛ وشرح التصريح 1/ 207؛ والمقاصد النحوية 2/ 189؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 314؛ وتخليص الشواهد ص330؛ وشرح شذور الذهب ص353؛ ورح ابن عقيل ص169؛ وشرح عمدة الحافظ 814؛ وهمع الهوامع 1/ 130.

254-

البيت من الوافر، وهو بلا نسبة في الدرر 2/ 134؛ وشرح شذور الذهب ص357؛ وشرح عمدة الحافظ ص810؛ وهمع الهوامع 1/ 128.

ص: 386

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الحديث "من تأنى أصاب أو كاد ومن عجل أخطأ أو كاد". الثالث يجب في المضارع الواقع خبرًا لأفعال هذا الباب غير عسى أن يكون رافعًا لضمير الاسم وأما قوله:

255-

وأسقيه حتى كاد مما أبثه

تكلمني أحجاره وملاعبه

وقوله:

256-

وقد جعلت إذا ما قمت يثقلني

ثوبي فأنهض نهض الشارب الثمل

فأحجاره وثوبي بدلان من اسمي كاد وجعل. وأما عسى فإنه يجوز في المضارع

ــ

فقد قال السيوطي في الهمع. قال أبو حيان: نص أصحابنا على أنه لا يجوز حذف اسم كان وأخواتها ولا حذف خبرها لا اختصارًا ولا اقتصارًا. ا. هـ. قال سم: ولينظر ذلك مع ما ذكروه في نحو إن خير فخير من أن خير الأول اسم كان المحذوفة مع خبرها اللهم إلا أن يخص المنع بغير ذلك. ا. هـ. ثم نقل في الهمع قولين آخرين في حذف خبر كان وأخواتها وقد مرا في بابها. قوله: "أن يكون رافعًا لضمير الاسم" لوضعها على ارتباط الفعل المقرب أو المرجى أو المشروع فيه بنفس مرفوعها. وجوز في التسهيل رفعه السببي على قلة ومثل له الدماميني بقول الشاعر وقد جعلت إذا إلخ. قوله: "وأما قوله إلخ" مثله قوله تعالى: {مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ} [التوبة: 117]، فيؤول بأن قلوب بدل من الضمير في كاد الراجع إلى القوم وفاعل تزيغ ضمير راجع إلى القلوب لتقدمها رتبة وسيتضح ذلك لكن هذا إنما يتأتى على قراءة من قرأ تزيغ بالتاء الفوقية أما على قراءة من قرأه بياء الغيبة فلا لوجوب تأنيث الفعل إذا أسند إلى ضمير المؤنث وكذا لا يتأتى أن يكون في الكلام تنازع لما ذكرنا وإنما هو على إضمار ضمير الشأن كذا قال الدماميني في كونه على إضمار ضمير الشأن نظر ظاهر وإذا أرجع إلى الضمير في يزيغ بياء الغيبة إلى القلوب باعتبار الجمع كان ضمير مذكر. قوله:"وأسقيه" أي ربع فيه بدمعي وشكواي مما أبثه أظهره، وما موصول اسمي. وملاعبه مواضع اللعب. قوله:"الثمل" أي السكران.

قوله: "بدلان من اسمي كاد وجعل" أي الأول بدل بعض إن كانت الأحجار والملاعب

255- البيت من الطويل، وهو لذي الرمة في ديوانه ص821؛ وأدب الكاتب ص462؛ والدرر 2/ 155؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 364؛ وشرح التصريح 1/ 204؛ وشرح شافية ابن الحاجب 1/ 91، 92؛ وشرح شواهد الإيضاح ص583؛ وشرح شواهد الشافية ص41؛ والكتاب 4/ 59؛ ولسان العرب 14/ 391 "سقى" 14/ 44 "شكا"؛ والمقاصد النحوية 2/ 176؛ والممتع في التصريف ص187 وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 307، والصاحبي في فقه اللغة ص226؛ وهمع الهوامع 1/ 131.

256-

البيت من البسيط، وهو لعمرو بن أحمر في ملحق ديوانه ص182؛ وخزانة الأدب 9/ 359، 362؛ ولأبي حية النمري في الحيوان 6/ 483؛ وشرح التصريح 1/ 204؛ وشرح شواهد الإيضاح ص74؛ والمقاصد النحوية 2/ 173؛ ولابن أحمر أو لأبي حية النمري في الدرر 2/ 133؛ ولأبي حية أو للحكم بن عبدل في شرح شواهد المغني 2/ 911؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 305؛ وشرح التصريح 1/ 206؛ ومغني اللبيب 2/ 579؛ والمقرب 1/ 101.

ص: 387

واستعملوا مضارعًا لأوشكا

وكاد لا غير وزادوا موشكا

ــ

بعدها خاصة أن يرفع السببي كقوله:

257-

وماذا عسى الحجاج يبلغ جهده

إذا نحن جاوزنا حفير زياد

روي بنصب جهده ورفعه، ولا يجوز أن يرفع ظاهرًا غير سببي وأما قوله:

258-

عسى الكرب الذي أمسيت فيه

يكون وراءه فرج قريب

فإن في يكون ضمير الاسم والجملة بعد خبر كان "واستعملوا مضارعًا لأوشكا" كما رأيت وهو أكثر استعمالًا من ماضيها "وكاد لا غير" أي دون غيرهما من أفعال الباب،

ــ

من أجزاء الربع وهو ظاهر وإلا فبدل اشتمال كالثاني أي لا فاعلان ليثقلني وتكلمني والتقدير جعل ثوبي يثقلني وكادت أحجاره تكلمني فعاد الضمير على البدل لأنه المقصود بالحكم مع تقدمه رتبة وصار يثقلني وتكلمني خبرين لعامل البدل المقدر فأغنى ذلك عن عود الضمير إلى المبدل منه وعن خبري عامل المبدل منه فلم يرفع الخبر إلا ضمير الاسم لا خبرين لكاد وجعل المذكورين لأن الفعل حينئذٍ رافع لغير ضمير الاسم فلا يتم الجواب. قاله الناصر. قوله: "أن يرفع السببي" أي الاسم الظاهر المتصل بضمير يعود إلى الاسم. قوله: "وماذا" مبتدأ وذا ملغاة أو اسم موصول وعسى إلخ على إضمار القول صلة لأن الإنشاء لا يقع صلة أي ما الذي يقال فيه عسى إلخ. والمعنى ما الذي يرجى للحجاج أن يناله مني أحبسي أو قتلي؟ أي لا يرجى له شيء من ذلك. والجهد بالضم الوسع والطاقة والبيت من كلام الفرزدق حين توعده الحجاج الثقفي فهرب من العراق. وحفير زياد موضع بين الشام والعراق وزياد هو أخو معاوية بن أبي سفيان كان أميرًا بالعراق نيابة عن معاوية تصريح. قوله: "روي بنصب جهده" أي على المفعولية ليبلغ ولا شاهد فيه حينئذٍ لرفعه ضمير الاسم وعائد الموصول محذوف أي يبلغ به وقوله ورفعه أي على الفاعلية والمفعول ضمير محذوف في يبلغ يعود على الموصول هو العائد. قوله: "خبر كان" أي مضارع كان ولو قال خبر يكون لكان أحسن. قوله: "كما رأيت" أي من قوله يوشك من فر إلخ.

257- البيت من الطويل، وهو للفرزدق في ديوانه 1/ 160؛ والدرر 2/ 154؛ وشرح التصريح 1/ 205؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص677؛ ومعجم ما استعجم ص459؛ والمقاصد النحوية 2/ 180؛ ولمالك بن الريب في ملحق ديوانه ص51؛ وخزانة الأدب 2/ 211؛ والشعر والشعراء 1/ 361؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 308؛ وهمع الهوامع 1/ 131.

258-

البيت من الوافر، وهو لهدبة بن خشر في خزانة الأدب 9/ 328، 330؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 142؛ والدرر 2/ 145؛ وشرح التصريح 1/ 206؛ وشرح شواهد الإيضاح ص97؛ وشرح شواهد المغني ص443؛ والكتاب 3/ 159؛ واللمع ص225؛ والمقاصد النحوية 2/ 184؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص128؛ وأوضح المسالك 1/ 312؛ وتخليص الشواهد ص326؛ وخزانة الأدب 9/ 316؛ والجني الداني ص462؛ وشرح ابن عقيل ص165، وشرح عمدة الحافظ ص816؛ المقرب 1/ 98؛ وشرح المفصل 7/ 117، 121، ومغني اللبيب ص152؛ والمقتضب 3/ 70؛ وهمع الهوامع 1/ 130.

ص: 388

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فإنه ملازم لصيغة الماضي "وزادوا موشكا" اسم فاعل من أوشك معملًا عمله كقوله:

259-

فموشكة أرضنا أن تعودا

خلاف الأنيس وحوشا يبابا

وقوله:

260-

فإنك موشك ألا تراها

وتعدو دون غاضرة العوادي

وهو نادر:

تنبيهات: الأول أثبت جماعة اسم الفاعل من كاد وكرب، وأنشدوا على الأول قوله:

261-

أموت أسى يوم الرجام وإنني

يقينا لرهن بالذي أنا كائد

وعلى الثاني قوله:

ــ

قوله: "فموشكة أرضنا إلخ" موشكة خبر مقدم وأرضنا مبتدأ مؤخر وفي موشكة ضمير هو اسمها وأن تعود خبرها. خلاف الأنيس أي بعد الأنيس كقوله تعالى: {فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّه} [التوبة: 81]، وحوشا بفتح الواو أي متوحشة وبضمها أي ذات وحوش يبابا أي خرابا خبر تعود بمعنى تصير. قوله:"وتغدو دون غاضرة" بالغين والضاد المعجمتين أي تعوق دون هذه الجارية العوائق، وهو من وضع الظاهر موضع المضمر. قوله:"قوله" أي قول كبير بالباء الموحدة والتكبير ابن عبد الرحمن كما في التصريح، ولا ينافيه قول الشارح بعد في شرح ديوان كثير أي بالمثلثة والتصغير لاحتمال أن تكلمه على هذا البيت استطرادي لا لكونه في الديوان لكن نقل شيخنا عن شرح التوضيح للشارح أنه قول كثير عزة. وكان كثير بالمثلثة والتصغير رافضيًا سيئ الاعتقاد. وكان عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه يقول: إني لأعرف صالح بني هاشم ببغضه لكثير وفاسدهم بحبه له. قوله: "أموت أسى" أي حزنًا. والرجام بكسر الراء وبالجيم اسم موضع وقعت به وقعة. لرهن أي مرهون بالذي أنا كائد أي كائد آتيه فالخبر محذوف. قوله:

259- البيت من المتقارب، وهو لأبي سهم الهذلي في تخليص الشواهد ص336، والدرر 2/ 137 والمقاصد النحوية 2/ 211؛ ولأسامة بن الحارث في شرح أشعار الهذليين ص1293؛ وبلا نسبة في شرح ابن عقيل ص171؛ وشرح عمدة الحافظ ص823؛ وهمع الهوامع 1/ 129.

260-

البيت من الوافر، وهو لكثير عزة في ديوانه ص220؛ والدرر 2/ 138؛ وشرح التصريح 1/ 208؛ وشرح عمدة الحافظ ص823؛ والمقاصد النحوية 2/ 205؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 321؛ وتخليص الشواهد ص336؛ وهمع الهوامع 1/ 129.

261-

البيت من الطويل، وهو لكثير عزة في ديوانه ص320؛ وتخليص الشواهد ص336؛ وشرح التصريح 1/ 208؛ وشرح عمدة الحافظ 824؛ والمقاصد النحوية 2/ 198؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 318؛ وشرح ابن عقيل ص171.

ص: 389

بعد عسى اخلولق أوشك قد يرد

غنى بأن يفعل عن ثان فقد

262- أبني إن أباك كارب يومه

فإذا دعيت إلى المكارم فاعجل

والصواب أن الذي في البيت الأول كابد بالباء الموحدة كما جزم به ابن السكيت في شرح ديوان كثير، اسم فاعل من المكابدة غير جار على فعله إذ القياس مكابد. قال ابن سيده: كابده مكابدة وكبادًا قاساه، والاسم كابد كالكاهل والغارب، وإن كاربا في البيت الثاني اسم فاعل من كرب التامة نحو قولهم: كرب الشتاء أي قرب كما جزم به الجوهري وغيره. الثاني حكى الأخفش طفق يطفق كضرب يضرب، وطفق يطفق كعلم يعلم. وسمع أيضًا: أن البعير ليهرم حتى يجعل إذا شرب الماء مجه "بعد عسى" و"اخلولق" و"أوشك قد يرد غنى بأن يفعل" أي يستغني بأن والمضارع "عن ثان" من معموليها "فقد" وتسمى حينئذ تامة نحو: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا} [البقرة: 216] ، واخلوق أن يأتي، وأوشك أن يفعل، فأن والمضارع في تاويل اسم مرفوع بالفاعلية مستغنى به عن المنصوب

ــ

"كارب يومه" أي كارب في يومه يموت فالخبر محذوف. قوله: "اسم فاعل من كرب التامة" وأصله كارب يوم برفع يوم أي قريب يوم وفاته.

قوله: "كضرب وقوله كعلم" الأحسن كجلس وكفرح ليفيد زنة المصدر أيضًا فإن مصدر المفتوح طفوق كجلوس ومصدر المكسور طفق كفرح قاله الناصر. قوله: "حتى يجعل" بالرفع لأن حتى ابتدائية وفي هذا المسموع ما تقدم في قول ابن عباس فجعل الرجل إلخ. قوله: "بعد عسى إلخ" أي لا بعد غير هذه الثلاثة وكأنه لعدم السماع. قوله: "غني بأن يفعل إلخ" اعلم أن مذهب الجمهور أنها في هذه الحالة أفعال تامة وأن يفعل فاعلها ولا خبر لها ومذهب الناظم أنها ناقصة وأن يفعل سد مسد معموليها كما سد مسد المفعولين في نحو: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا} [العنكبوت: 2] ، وكلام الناظم محتمل لها ومعناه على مذهب الجمهور غني بأن يفعل عن أن يكون لها ثان لتمامها وعلى مذهبه غني بأن يفعل عن أول وثان لكن لم يذكر الأول لظهور أغناء أن يفعل عنه لوقوعه في محله بخلاف الثاني. والشارح رحمه الله تعالى حمل كلامه على غير مذهبه والمناسب خلافه ويلزم على مذهب الناظم أن أن يفعل في محل رفع ونصب ولا مانع منه لوجود محلين مختلفين لشيء واحد باعتبارين في نحو أعجبني كونك مسافرًا.

قوله: "مستغنى به عن المنصوب" أي عن أن يكون له منصوب فاندفع الاعتراض بأن

_________

262-

البيت من الكامل، وهو لعبد قيس بن خفاف في الأصمعيات ص229، والحماسة الشجرية 1/ 469؛ وسمط اللآلي ص937؛ وشرح اختيارات المفضل ص1555؛ وشرح التصريح 1/ 208؛ وشرح شواهد المغني 1/ 271؛ ولسان العرب 1/ 712 "كرب"؛ والمقاصد النحوية 2/ 202؛ ونوادر أبي زيد ص114؛ ولعبد الله بن خفاف في تخليص الشواهد ص336؛ وجمهرة اللغة ص328.

ص: 390

وجردن عسى أو ارفع مضمرا

بها إذا اسم قبلها قد ذكرا

ــ

الذي هو الخبر. وهذا إذا لم يكن بعد أن والمضارع اسم ظاهر فإن كان نحو عسى أن يقوم زيد فذهب الشلوبين إلى أنه يجب أن يكون الاسم الظاهر مرفوعًا بيقوم وأن ويقوم فاعل عسى وهي تامة لا خبر لها، وذهب المبرد والسيرافي والفارسي إلى تجويز ذلك، وتجويز وجه آخر وهو أن يكون الاسم الظاهر مرفوعًا بعسى اسمًا لها، وأن والمضارع في موضع نصب خبرًا لها متقدما على الاسم، وفاعل المضارع ضمير يعود على الاسم الظاهر، وجاز عوده عليه متأخر التقدمة في النية، وتظهر فائدة الخلاف في التثنية والجمع والثأنيث فتقول على رأيه عسى أن يقوم الزيدان، وعسى أن تقوم الهندات، وعسى أن تطلع الشمس، بتأنيث تطلع وتذكيره وعلى رأيهم يجوز عسى أن يقوما الزيدان وعسى أن يقوموا الزيدون وعسى أن يقمن الهندات وعسى أن تطلع الشمس بتأنيث تطلع فقط وهكذا أوشك واخلولق.

تنبيه: يتعين الوجه الأول في نحو عسى أن يضرب زيدًا عمرًا فلا يجوز أن يكون زيد اسم عسى لئلا يلزم الفصل بين صلة أو ومعمولها وهو عمرًا بأجنبي وهو زيد، ونظيره قوله تعالى:{عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79] ، "وجردن عسى" وأختيها اخلولق وأوشك من الضمير واجعلها مسندة إلى أن يفعل كما مر "أو ارفع مضمرًا بها" يكون اسمها وأن يفعل خبرها "إذا اسم قبلها قد ذكرا" ويظهر أثر ذلك في التثنية

ــ

الشارح ماش على مذهب الجمهور ولا منصوب لها عندهم حتى يقال: إن أن والفعل أغنى عنه. قوله: "وتجويز وجه آخر" أورد على هذا المذهب لزوم التباس اسم عسى المبتدأ في الأصل بفاعل الفعل بعدها، وقد منعوا في باب المبتدأ تقديم الخبر الفعلي الرافع لضمير المبتدأ خوفًا من التباس المبتدأ بالفاعل. وقد يجاب بأن هذا اللبس لا محذور فيه هنا لأنه لا يخرج الجملة عن كونها فعلية لابتدائها بفعل أبدأ وهو عسى بخلافه هناك فإنه يخرج الجملة من الاسمية إلى الفعلية وقد يدفع هذا الجواب تجويز تقدير الاسم الظاهر مبتدأ مؤخرًا كما ذكره الشارح في شرحه على التوضيح أفاده سم. وإنما منع الشلوبين هذا الوجه لضعف هذه الأفعال عن توسط الخبر بينها وبين الاسم كما في الأوضح. قوله:"أن يكون الاسم الظاهر مرفوعًا بعسى" قال سم: هل يجوز ذلك الوجه إذا لم يقترن الفعل بأن نحو عسى يقوم زيد. ا. هـ. قال البعض: الظاهر جوازه إذ لا فرق تأمل. ا. هـ. وأقول: بل يجب إذا لم يجعل الفعل على تقدير أن لعدم ما يصلح لمرفوعية عسى غيره. قوله: "بتأنيث تطلع وتذكيره" أي لجوازهما في المسند إلى ظاهر مجازي التأنيث. قوله: "بتأنيث تطلع فقط" لوجوب تأنيث المسند إلى ضمير المؤنث ولو كان مجازي التأنيث. قوله: "ونظيره قوله تعالى: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79] أي إن جعل نصب مقامًا بالفعل المذكور على أنه ظرف أو غير ذلك فإن جعل نصبه بمحذوف على المصدرية أي فتقوم مقامًا جاز أن تكون عسى تامة وأن تكون ناقصة على التقديم والتأخير قاله الفارضي. قوله: "إذا

ص: 391

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والجمع والتأنيث فتقول على الأول الزيدان عسى أن يقوما والزيدون عسى أن يقوموا، وهند عسى أن تقوم، والهندات عسى أن يقوما، والهندات عسى أن يقمن. وهكذا اخلولق وأوشك هذه لغة الحجاز. وتقول على الثاني الزيدان عسيا، والزيدون عسوا، وهند عست، والهندات عستا، والهندات عسين. وهكذا اخلولق وأوشك. وهذه لغة تميم.

تنبيهان: الأول ما سوى عسى وأخلولق وأوشك من أفعال الباب يجب فيه الإضمار تقول: الزيدان أخذا يكتبان وطفقا يخصفان، ولا يجوز أخذ يكتبان وطفق يخصفان. الثاني اختلف فيما يتصل بعسى من الكاف وأخواتها نحو عساك وعساه فذهب سيبويه إلى أنه في موضع نصب حملًا على لعل كما حملت لعل على عسى في اقتران خبرها بأن كما في الحديث "فلعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض" وذهب المبرد والفارسي إلى أن عسى على ما كانت عليه من رفع الاسم ونصب والذي كان خبرًا جعل الخبر، لكن

ــ

اسم قبلها قد ذكرا" أي لفظًا كما مثل أو رتبة كما في عسى أن يقوم زيد على جعل زيد مبتدأ مؤخرًا فيجوز حينئذٍ في عسى الوجهان رفعها المضمر وتجريدها منه. قاله الشارح في شرح التوضيح قال سم: ويشكل على تجويزه جعل زيد مبتدأ مؤخرًا أنه يلزم التباس المبتدأ بالفاعل وقد تحرزوا منه كما مر في المبتدأ.

قوله: "لغة الحجاز" وعليها قوله تعالى: {لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْم} [الحجرات: 11]، الآية. قوله:"يجب فيه الإضمار" أما فيما لا يقترن خبره بأن فلعدم جواز إسناد الفعل إلى الفعل وأما فيما يقترن بأن كحرى فلعدم السماع. قوله: "وأخواتها" كالهاء والياء التحتية في عساه وعساني. قوله: "في موضع نصب" أي اسمًا لها فمذهبه إبقاء طرفي الإسناد بحالهما والمنعكس إنما هو العمل ويدل له:

فقلت عساها نار كأس وعلها

برفع نار. قوله: "حملًا على لعل" أي في العمل بجامع الترجي أو الإشفاق في كل قال في التوضيح وشرحه التصريح ما نصه وهي حينئذٍ أي حين إذ نصبت الاسم ورفعت الخبر حرف كلعل لئلا يلزم حمل الفعل على الحرف وفاقًا للسيرافي ونقله أي نقل السيرافي القول بحرفيته عن سيبويه وخلافًا للجمهور في إطلاق القول بفعليته. ولابن السراج وثعلب في إطلاق القول بحرفيته. فالحاصل في عسى ثلاثة أقوال فعل مطلقًا حرف مطلقًا التفصيل إن عمل عمل لعل فحرف وإلا ففعل ومحل الخلاف في عسى الجامدة. أما عسى المتصرفة فإنها فعل باتفاق ومعناها اشتد. ا. هـ. ببعض حذف. قوله: "ألحن" أي أفصح. قوله: "لكن الذي كان اسمًا" أي كان حقه أن يجعل اسمًا لعسى لكونه المخبر عنه وهو المبتدأ في الأصل وهو الضمير جعل خبرًا أي مقدمًا والذي كان خبرًا أي كان حقه أن يجعل خبرًا لها وهو خبر المبتدأ في الأصل جعل اسمًا أي مؤخرًا

ص: 392

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الذي كان اسمًا جعل خبرًا اسمًا. وذهب الأخفش إلى أن عسى على ما كانت عليه إلا أن ضمير النصب ناب عن ضمير الرفع كما ناب عنه في قوله:

263-

يابن الزبير طالما عصيكا

وطالما عنيتنا إليكا

وكما ناب ضمير الرفع عن ضمير النصب وضمير الجر في التوكيد نحو رأيتك أنت، ومررت بك أنت، وهذا ما اختاره الناظم قال: ولو كان الضمير المشار إليه في موضع نصب كما يقول سيبويه والمبرد لم يقتصر عليه في مثل:

264-

يا أبتا علك أو عساكا

ــ

فمذهب المبرد إقرار العمل والمنعكس إنما هو طرفا الإسناد ويلزم عليه جعل خبر عسى اسمًا صريحًا وهو نادر كما تقدم. قوله: "وذهب الأخفش إلى أن عسى على ما كانت عليه" أي من رفع الاسم ونصب الخبر مع بقاء طرفي الإسناد بحالهما فاللازم على مذهبه إنما هو التجوز في الضمير بجعل ضمير النصب مكان ضمير الرفع. قوله: "وهذا ما اختاره الناظم" ردّ بأمرين: الأول أن إنابة ضمير عن ضمير إنما ثبتت في المنفصل نحو ما أنا كأنت وأما:

يابن الزبير طالما عصيكا

فالكاف بدل من التاء بدلًا تصريفيًّا لا من باب إنابة ضمير عن ضمير. الثاني ظهور الخبر مرفوعًا في قوله:

فقلت عساها نار كأس وعلها

قاله الدماميني. قوله: "كما يقول سيبويه والمبرد" لأنهما اتفقا على أنه في محل نصب وإن افترقا في أن سيبويه يقول: هو اسم والمبرد يقول: هو خبر مقدم. قوله: "لم يقتصر عليه إلخ" قد يقال: إن علك في البيت الذي أنشده قد اقتصر فيه على ما هو في موضع نصب فلو كان

263- الرجز لرجل من حمير في خزانة الأدب 4/ 428، 430؛ وشرح شواهد الشافية ص425؛ وشرح شواهد المغني 446؛ ولسان العرب 15/ 445 "تا"؛ والمقاصد النحوية 4/ 591؛ ونوادر أبي زيد ص105؛ وبلا نسبة في الجني الداني ص468؛ وسر صناعة الإعراب 1/ 280؛ وشرح شافية ابن الحاجب 3/ 202؛ ولسان العرب 15/ 193 "قفا" ومغني اللبيب 1/ 153؛ والممتع في التصريف 1/ 414.

264-

الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص181؛ وخزانة الأدب 5/ 362، 367، 368؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 164؛ وشرح شواهد المغني 1/ 433؛ وشرح المفصل 7/ 123؛ والكتاب 2/ 375؛ والمقاصد النحوية 4/ 252؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 1/ 336؛ والإنصاف 1/ 222؛ والجني الداني ص446، 470؛ والخصائص 2/ 96؛ والدرر 2/ 159؛ ورصف المباني ص29، 249، 35؛ وسر صناعة الإعراب 1/ 406، 3/ 493؛ وشرح المفصل 2/ 12، 3/ 118، 120، 8/ 87، 9/ 33؛ واللامات ص135؛ ولسان العرب 14/ 349 "روي" وما ينصرف وما لا ينصرف ص130؛ والمقتضب 3/ 71؛ ومغني اللبيب 1/ 151، 2/ 699، وهمع الهوامع 1/ 132.

ص: 393

والفتح والكسر أجز في السين من

نحو عسيت وانتقا الفتح زكن

ــ

لأنه بمنزلة المفعول، والجزء الثاني بمنزلة الفاعل، والفاعل لا يحذف، وكذا ما أشبهه. ا. هـ. وفيه نظر "والفتح والكسر أجز في السين من" عسى إذا اتصل بها تاء الضمير أو نوناه كما في "نحو عسيت" وعسينا وعسين "وانتقا الفتح زكن" انتقا بالقاف مصدر انتقى الشيء أي اختاره وزكن علم أي اختيار الفتح علم لأنه الأصل وعليه أكثر القراء في قوله تعالى:{فَهَلْ عَسَيْتُمْ} [محمد: 22] وقرأ نافع بالكسر.

خاتمة: قال في شرح الكافية: قد اشتهر القول بأن كاد إثباتها نفي ونفيها إثبات حتى جعل هذا المعنى لغزًا:

أنحوي هذا العصر ما هي لفظة

جرت في لساني جرهم وثمود

إذا استعملت في صورة الجحد أثبتت

وإن أثبتت قامت مقام جحود

ــ

الاقتصار في عساك على الكاف يمنع كونه في موضع نصب لمنع الاقتصار في علك على الكاف كونه في موضع نصب ولا قائل به للاتفاق على أنه في موضع نصب اسم علّ ويدفع بأن عسى فعل وجنس الفعل يرفع الفاعل وينصب المفعول ولعلّ حرف وجنس الحرف لا يرفع الفاعل ولا ينصب المفعول فالذي يشبه الفاعل والذي يشبه المفعول هو مرفوع عسى ومنصوبها لا مرفوع لعلّ ومنصوبها. قوله: "والجزء الثاني" أي من معمولي عسى وهو الخبر. قوله: "وفيه نظر" لأنه لا يلزم من كون شيء بمنزلة شيء أن يعطي سائر أحكامه على أنه ورد حذف المرفوع في قولهم إن مالًا وإن ولدًا بل عهد حذف الفاعل في مواضع يمكن قياس ما هنا عليها. قوله: "والكسر" لأن كسر سين عسى بوزن رضى لغة فاحفظه. قوله: "أو نوناه" فيه تغليب نون الإناث على نا. قوله: "لأنه الأصل" أي الغالب. قوله: "فهل عسيتم" استدل به بعضهم على أن عسى خبر لأن الاستفهام لا يدخل على الإنشاء والجواب أنه محمول على المعنى كما قال الزمخشري والمعنى هل قاربتم أن تفسدوا في الأرض بمعنى أتوقع إفسادكم فأدخل هل مستفهمًا عما هو متوقع عنده والاستفهام للتقرير وإثبات أن المتوقع كائن وأنه صائب في توقعه كذا في يس. وحاصله أن المراد من عسى مجرد المقاربة فهي في معنى الخبر. قوله: "بأن كاد إثباتها نفي إلخ" اعلم أن ظاهر هذا المشهور أن كاد إثباتها نفي لها نفسها ونفيها إثبات لها نفسها. والرد الآتي مبني على حمله على هذا الظاهر وحمله كثير على أن اذ إثباتها للخبر ونفيها إثبات للخبر ورده على هذا الحمل بأن الخبر بمقتضى كاد منفي على كل حال فالشق الأول مسلم والثاني غير مسلم. قوله: "أنحوي هذا العصر إلخ" قائله المعري، وجرهم وثمود قبيلتان من العرب وأراد باللسان اللغة وقد أجابه الشهاب الحجازي بقوله:

لقد كاد هذا اللغز يصدي فكرتي

وما كدت منه أشتفي بورود

فهذا جواب يرتضيه أولو النهي

وممتنع عن فهم كل بليد

ص: 394

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ومراد هذا القائل كاد. ومن زعم هذا فليس بمصيب بل حكم كاد حكم سائر الأفعال، وأن معناها منفي إذا صحبها حرف نفي وثابت إذا لم يصحبها. فإذا قال قائل: كاد زيد يبكي فمعناه قارب زيد البكاء، فمقاربة البكاء ثابتة ونفس البكاء منتف، وإذا قال: لم يكد يبكي فمعناه لم يقارب البكاء، فمقاربة البكاء منتفية، ونفس البكاء منتف انتفاء أبعد من انتفائه عند ثبوت المقاربة، ولهذا كان قوله ذي الرمة:

265-

إذا غير النأي المحبين لم يكد

رسيس الهوى من حب مية يبرح

صحيحًا بليغًا لأن معناه إذا تغير حب كل محب لم يقارب حبي التغير، وإذا لم يقاربه فهو بعيد منه، فهذا أبلغ من أن يقول: لم يبرح لأنه قد يكون غير بارح وهو قريب من البراح بخلاف المخبر عنه بنفي مقاربة البراح. وكذا قوله تعالى: {إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا} [النور: 40]، هو أبلغ في نفي الرؤبة من أن يقال: لم يرها لأن من لم ير قد يقارب الرؤبة بخلاف من لم يقارب. وأما قوله تعالى: {فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ} [البقرة: 71] ، فكلام تضمن كلامين مضمون كل واحد منهما في وقت غير وقت الآخر. والتقدير

ــ

قوله: "ونفس البكاء إلخ" أي لأن القرب من الفعل يستلزم انتفاءه إذ لو حصل لكان الموصوف متلبسًا به لا قريبًا منه كذا قيل وقد يمنع الاستلزام وعبارة المغني لأن الأخبار بقرب الشيء يقتضي عرفًا عدم حصوله وإلا كان الاخبار حينئذٍ بحصوله لا بمقاربته إذ لا يحسن عرفًا أن يقال لمن صلى قارب الصلاة وإن كان ما صلى حتى قارب الصلاة. ا. هـ. ويمكن حمل الأول على هذا. قوله: "قول ذي الرمة" بضم الراء وتشديد الميم قطعة الحبل البالية واسمه غيلان قيل: لقب ذا الرمة لأنه أتى مية صاحبته وعلى كتفه قطعة حبل بالية فاستسقاها فقالت له: اشرب يا ذا الرمة فلقب به وقيل غير ذلك. قوله: "النأي" أي البعد. والرسيس يطلق على أول الشيء وعلى الشيء الثابت كما في القاموس. ومن بيانية لرسيس الهوى أو للهوى ويشير إلى الأول قول الشارح لم يقارب حبي ولو جرى على الثاني لقال: لم يقارب رسيس حبي ويبرح يذهب. قوله: "وأما قوله تعالى إلخ" جواب عما يقال لو كان خبر كاد المنفية منفيًّا بالأولى لكان قوله تعالى: {فَذَبَحُوهَا} [البقرة: 71]، الآية متناقضًا ويوضح جوابه قول الرضي: قد يكون مع كاد المنفية قرينة تدل على ثبوت مضمون الخبر بعد انتفائه وانتفاء قربه فتكون تلك القرينة هي الدالة على ثبوت مضمونه في وقت بعد وقت انتفائه وانتفاء قربه لا لفظ كاد، ولا تنافي بين انتفاء الشيء في وقت ثبوته في وقت آخر وذلك كما في:{فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ} [البقرة: 71] . قوله: {فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ} ضمير يفعلون عائد لضمير كادوا كما هو القاعدة من رجوع ضمير من الخبر إلى الاسم. قال يس: ولا مانع من كون مرجع الضمير ضميرًا. قوله: "فكلام إلخ"

265- البيت من الطويل، وهو في ديوان ذي الرمة ص1192؛ وخزانة الأدب 9/ 309-312؛ وشرح المفصل 7/ 124، ولسان العرب 6/ 97 "رسس".

ص: 395