المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الكلام وما يتألف منه: - حاشية الصبان على شرح الأشمونى لألفية ابن مالك - جـ ١

[الصبان]

الفصل: ‌الكلام وما يتألف منه:

‌الكلام وما يتألف منه:

كلامنا لفظ مفيد كاستقم

واسم وفعل ثم حرف الكلم

ــ

المطابقة نحو الأجذاع انكسرت ومنكسرات والهندات والهنود انطلقن ومنطلقات والأفصح في جمع الكثرة مما لا يعقل الإفراد نحو الجذوع وانكسرت ومنكسرة.

خاتمة: بدأ بنفسه لحديث "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دعا بدأ بنفسه" رواه أبو داود وقال تعالى حكاية عن نوح عليه السلام: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ} [نوح: 28] وعن موسى عليه السلام: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي} [الأعراف: 151] وكان الأحسن أن يقول رحمه الله تعالى:

والله يقضي بالرضا والرحمة

دلي وله ولجميع الأمة

لما عرفت ولأن التعميم مطلوب.

الكلام وما يتألف منه:

الأصل هذا باب شرح الكلام وشرح ما يتألف الكلام منه اختصر للوضوح

ــ

الكثرة أحد عشر فيكونان مختلفين في المبدأ والمنتهى. وعلى هذا يأتي استشكال القرافي الذي ذكر أن له عشرين سنة يطلب جوابه ولم يجده وهو أنه إذا قال عليّ دراهم كان إقرارا بثلاثة إجماعا وحقه بأحد عشر لأنه أقل جمع الكثرة فلم قدم المجاز مع إمكان الحقيقة. وإن أجيب عنه ببناء الأقارير على العرف وأما على ما مر عن السعد والدماميني فلا مجاز ولا استشكال. قوله: "والأفصح في جمع القلة إلخ" وجه ذلك بأن العاقل منظور إليه فاعتنى بشأنه في المطابقة بخلاف غيره. وطوبق جمع القلة لغير العاقل جبرا للقلة. وقال شيخنا السيد المطابقة في جمعي العاقل وجمع القلة لغيره على الأصل وعدمها في جمع الكثرة لغيره لأنه لانحطاطه عن العاقل في حكم المفرد بالنسبة إليه ولم يراع ذلك في جمع القلة جبرا للقلة. قوله: "مما لا يعقل" أي من جموع ما لا يعقل. قوله: "وقال تعالى إلخ" لما لم يصلح دليلا لكونه شرع من قبلنا وهو ليس شرعا لنا وإن ورد في شرعنا ما يقرره على ما رجحوه في مذهبنا معاشر الشافعية لم يقل وقوله عطفا على مجرور اللام وإنما ذكره استئناسا. قوله: "لما عرفت" أي من ارتكاب خلاف الأفصح. قوله: "ولأن التعميم مطلوب" قال سم: لعله عمم في اللفظ دون الكتابة ويبقى الكلام في أنه هل يطلب التعميم في الكتابة أيضا وهو محل نظر. ا. هـ. أقول الأقرب الطلب قياسا على طلب كتابة البسملة والحمدلة والصلاة والسلام فتأمل.

الكلام وما يتألف منه:

أي والكلم بمعنى الكلمات العربية الثلاث التي يتألف الكلام منها، وذكر الضمير مراعاة للفظ ما. قوله:"أي هذا باب شرح الكلام إلخ" لا شك أنه شرح الكلام وما يتألف منه على

ص: 29

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

"كلامنا" أيها النحاة "لفظ" أي صوت مشتمل على بعض الحروف تحقيقًا كزيد أو تقديرًا

ــ

هذا الترتيب. فشرح الكلام أولا بتعريفه والكلم الثلاث التي يتألف منها ثانيا بذكر أسمائها وعلاماتها فالشرح مختلف، وللإشارة إلى اختلافه صرح بلفظ شرح في المعطوف، على أنه كما قال الروداني تقدير معنى لا تقدير إعراب وإن أوهمه صنيع الشارح لأن شرح المضاف إلى المعطوف عليه متسلط على المعطوف أيضا عند عدم إعادته معه لأن الصحيح أن العامل في المعطوف نفس العامل في المعطوف عليه لا مقدر مثله. وما أشار إليه من أن الكلام خبر مبتدأ محذوف تبعا للموضح غير متعين إذ يجوز كما قاله الشنواني رفعه على أنه مبتدأ حذف خبره أي باب الكلام هذا الآتي، ونصبه على المفعولية بنحو خذ مقدرا لا هاك كما وقع لبعضهم لأن اسم الفعل لا يعمل محذوفا. وفي قوله ما يتألف الكلام إشارة إلى رجوع ضمير يتألف في كلام المصنف إلى الكلام فالصلة جارية على غير ما هي له ولم يبرز الضمير لأمن اللبس المجوز لعدم إبرازه عند الكوفيين. قوله:"اختصر للوضوح" قيل على التدريج لأنه أنسب بالقواعد وأوقع في النفس بأن حذف المبتدأ ثم خبره وأنيب عنه شرح، ثم شرح وأنيب عنه الكلام. وقيل دفعة واحدة لأنه أقل عملا وعليه يحتمل أن الكلام نائب عن الخبر فقط أو عن الخبر والمضاف إليه. ورفع لشرف الرفع على الجر لكونه حكم العمد فلم ينب الكلام عن المبتدأ على هذا القول أصلا كما لم ينب عنه على القول الأول، بل هو على القولين حال في مكانه مقدر ملحوظ فيه لم يقم مقامه شيء، فتجويز البعض نيابته عن المبتدأ على الثاني غير صحيح فتدبر.

قوله: "كلامنا" أتى بالإضافة وإن كان مستغنى عنها بكون التأليف في النحو كما صرح به في الخطبة للإشارة إلى اختلاف الاصطلاحات في الكلام وللإشارة إلى أن المصنف من مجتهدي النحاة. قوله: "أيها النحاة" أي مبنية على الضم في محل نصب بأخص محذوفا. وها للتنبيه والنحاة نعت له على اللفظ. ويظهر لي أن معنى قولهم على اللفظ أنه ضم اتباعا لضم لفظ أي، فتكون ضمته ضمة اتباع ويكون منصوبا بفتحة مقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة الاتباع ضرورة أن النعت موافق للمنعوت في إعرابه ثم رأيته عن بعض المحققين كما سيأتي في محله فاحفظه. قوله:"صوت" يستعمل مصدرا لصات يصوت فيكون معناه فعل الشخص الصائت، ويستعمل بمعنى الكيفية المسموعة الحاصلة من المصدر وهو المراد هنا أفاده يس. وهو قائم بالهواء وقيل الصوت الهواء المتكيف بالكيفية المسموعة. قوله:"مشتمل على بعض الحروف" من اشتمال الكل على جزئه المادي كما قاله البعض لكن هذا ظاهر إذا كان اللفظ حرفين أو أكثر فإن كان حرفا واحدا كواو العطف كان من اشتمال المطلق على المقيد أو العام على الخاص. قوله: "تحقيقا إلخ" تعميم في الصوت فالمنصوب مفعول مطلق لمحذوف أي محقق تحقيقا أو مقدر تقديرا أو بمعنى محققا أو مقدرا حال، ويعلم من هذا التعميم أن لماهية اللفظ أفرادا محققة وأفرادا مقدرة. قال الروداني: واستعماله في كل منهما حقيقة لا أنه في المقدرة مجاز. ا. هـ. ومن التحقيقي المحذوف على ما قاله البعض لتيسر النطق به صراحة وكذا كلامه تعالى اللفظي قبل التلفظ به لا كلامه القديم على قول جمهور أهل السنة أنه ليس بحرف ولا صوت، فالتحقيقي إما

ص: 30

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

كالضمير المستتر "مفيد" فائدة يحسن السكوت عليها "كاستقم" فإنه لفظ مفيد بالوضع فخرج باللفظ غيره من الدوال مما ينطلق عليه في اللغة كلام كالخط والرمز والإشارة.

وبالمفيد المفرد نحو زيد، والمركب الإضافي نحو غلام زيد، والمركب الإسنادي المعلوم

ــ

منطوق به بالفعل أو بالقوة والتقديري ما لا يمكن النطق به فإن الضمير المستتر كما قاله الرضي لم يوضع له لفظ حتى ينطق به، قال وإنما عبروا عنه باستعارة لفظ المنفصل للتدريب. ا. هـ. فقول المعربين في استقم مثلا ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت أي تصوير معناه

تقريبا وتدريبا أنت، قال البعض وحينئذٍ فليس في اضرب مثلا إلا الفاعل المعقول واكتفى بفهمه من غير لفظ عن اعتبار لفظ له فأقيم مقام اللفظ في جعله جزء الكلام الملفوظ كجعله جزء الكلام المعقول فهو ليس من مقولة معينة بل تارة يكون واجبا وتارة يكون ممكنا جسما أو عرضا وتارة يكون من مقولة الصوت إذا رجع الضمير إلى الصوت فقول بعضهم كالجامي ليس من مقولة الحرف أو الصوت أصلا ليس على ما ينبغي أفاده العصام.

قوله: "المستتر" أي وجوبا وجوازا فيما يظهر. قوله: "مفيد" أي بالوضع فاندفع ما أورد على التعريف من أنه يشمل اللفظ المفيد عقلا أو طبعا مع أن المراد بالفائدة في تفسير المفيد بالدال على فائدة يحسن السكوت عليها النسبة بين الشيئين. قوله: "فائدة يحسن السكوت عليها" مراد الشارح بهذا بيان ما يطلق عليه المفيد عندهم لا ذكر قيد زائد على ما في المتن لئلا يلزم كون تعريف المتن غير مانع. واندفع بهذا البيان ما يقال المفيد يصدق بما يفهم معنى ما ولو مفردا والمراد بالسكوت سكوت المتكلم على الأصح، ويحسنه عدّ السامع إياه حسنا بأن لا يحتاج في استفادة المعنى من اللفظ إلى شيء آخر لكون اللفظ الصادر من المتكلم مشتملا على المحكوم عليه وبه. قوله:"بالوضع" الظاهر أن مراده الوضع العربي الذي هو قيد لا بد منه في تعريف الكلام كما قال الشاطبي وغيره ليخرج كلام الأعاجم، لا القصد لأنه أدرجه في الإفادة كما سيأتي لكن لا وجه لزيادته في بيان انطباق التعريف على المثال مع تركه في نفس التعريف، فكان الأولى زيادته في التعريف أيضا. ثم حمل الوضع على الوضع العربي مبني على أن المركبات موضوعة وهو الصحيح لكن وضعها نوعي فهو المراد في التعريف. قوله:"فخرج باللفظ" لما كان بينه وبين فصله العموم الوجهي أخرج به. قوله: "من الدوال مما ينطلق إلخ" من الأولى بيانية والثانية تبعيضية إذ ينطلق الكلام لغة على غير الدوال من كل قول. وقيد بقوله من الدوال مع أن اللفظ يخرج غيره دل أولا لأن الدال هو المتوهم دخوله لتسميته كلاما في اللغة وغيره يفهم خروجه بالأولى. قوله: "والرمز" بابه قتل وضرب وهو الإشارة بالحاجب أو الهدب أو الشفة كما في المصباح فعطف الإشارة عليه عطف عام على خاص. قوله: "وبالمفيد إلخ" أخرج به أمورا خمسة وكان الأحسن ذكر المركب التقييدي والمزجي مع الإضافي.

قوله: "والمركب الإسنادي المعلوم إلخ" جرى في إخراج الضروري وغير المقصود من الكلام على ما ذهب إليه المصنف ونقله في شرح التسهيل عن سيبويه والراجح خلافه كما ذهب

ص: 31

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

مدلوله ضرورة كالنار حارة، وغير المستقبل كجملة الشرط نحو إن قام زيد وغير المقصود كالصادر من الساهي والنائم.

تنبيهات: الأول اللفظ مصدر أريد به اسم المفعول أي الملفوظ به كالخلق بمعنى المخلوق. الثاني يجوز في قوله كاستقم أن يكون تمثيلًا وهو الظاهر فإنه اقتصر في شرح الكافية على ذلك في حد الكلام، ولم يذكر التركيب والقصد نظرًا إلى أن الإفادة تستلزمها لكنه في التسهيل صرح بهما، وزاد فقال: الكلام ما تضمن من الكلم إسنادًا

ــ

إليه أبو حيان وغيره، فالمراد بإفادة اللفظ فائدة يحسن السكوت عليها دلالته على النسبة الإيجابية أو السلبية سواء كانت حاصلة عند السامع قبل أو لا. قصد بها المتكلم الكلام أولا، طابق كلامه الواقع أولا. قوله:"مصدر أريد به اسم المفعول" أي لا اسم جنس جمعي للفظة حتى يرد اعتراض أبي حيان على التعريف باستلزام أن الكلام المركب من كلمتين لا يسمى كلاما لأن مدلول اسم الجنس الجمعي ثلاثة فأكثر فيكون التعريف غير جامع، ولا باق على مصدريته حتى يرد أن اللفظ فعل اللافظ والكلام النحوي ليس فعلا. فإن قلت: إطلاق المصدر بمعنى اسم المفعول مجاز فلا يحسن دخوله في التعريف. قلت: صار حقيقة عرفية في الملفوظ به لهجر النحاة معناه الأصلي وهو الرمي مطلقا أو من الفم فلا إشكال، فتنظيره بالخلق بمعنى المخلوق الباقي على مجازيته لعدم هجر معناه الأصلي وهو الإيجاد إنما هو في مجرد إطلاق المصدر وإرادة المفعول. قوله:"أن يكون تمثيلا" أي فقط وعليه فهو خبر لمبتدأ محذوف أي وذلك كاستقم. قوله: "وهو الظاهر" أي من العبارة فلا ينافي أن كونه تمثيلا وتتميما كما أشار إليه ابن الناظم أولى. وإنما كان ظاهرها التمثيل فقط لما ذكره الشارح بقوله فإنه اقتصر إلخ ولأن عادتهم بعد إيراد تعريف الشيء إيراد الكاف ومجرورها لمجرد تمثيله. قوله: "فإنه اقتصر في شرح الكافية" أي والألفية خلاصة الكافية. قوله: "نظرا إلى أن الإفادة تستلزمهما" أي لأن المفيد الفائدة المذكورة لا يكون إلا مركبا، ولا ترد الأعداد المسرودة لما تقدم من أن المراد بالإفادة الدلالة على النسبة الإيجابية أو السلبية، وحسن سكوت المتكلم يستدعي أن يكون قاصدا لما تكلم به.

قوله: "لكنه إلخ" استدراك على قوله فإنه اقتصر إلخ لدفع توهم اقتصاره على ذلك في بقية كتبه أيضا. قوله: "صرح بهما" أما تصريحه بالقصد فظاهر. وأما بالتركيب فلذكره بدله الإسناد المفسر كما في شروح التلخيص بضم كلمة أو ما يجري مجراها إلى أخرى أو ما يجري مجراها بحيث يفيد أن مفهوم إحداهما ثابت لمدلول الأخرى. وفسره شيخنا السيد تبعا لغيره بالنسبة بين الركنين، وأرجع بعضهم الأول إلى الثاني بتأويل الضم بالانضمام وتقدير مضاف أي لازم انضمام كلمة إلخ. ثم قال شيخنا السيد فهو شرط في تحقق الكلام لا جزء منه وإن اقتضاه كلام ابن الحاجب وصرّح به الرضي، فقد استشكله السيد الصفوي قاله الشيخ يس والشيخ يحيى. ووقع الخلاف أيضا في الفضلات هل هي خارجة عن الكلام أو داخلة فيه قولان والثالث

ص: 32

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

مفيدًا مقصودًا لذاته فزاد لذاته، قال: لإخراج نحو قام أبوه من قولك جاءني الذي قام أبوه وهذا الصنيع أولى لأن الحدود لا تتم بدلالة الالتزام، ومن ثم جعل الشارح قوله كاستقم تتميمًا للحد. الثالث إنما بدأ بتعريف الكلام لأنه المقصود بالذات إذ به يقع التفاهم. الرابع

ــ

التفصيل فإن كان حذفها مضرا كنساؤه طوالق إلا هند أو عبيده أحرار إلا زيدا دخلت وإلا فلا. ا. هـ. وسيأتي لهذا مزيد بحث. قوله: "من الكلم" أي الكلمات ومن تبعيضية وهي ومجرورها في موضع الحال من ضمير تضمن. قوله: "فزاد لذاته" زاد بعضهم أيضا من ناطق واحد احترازا من أن يصطلح اثنان على أن يذكر أحدهما فعلا والآخر فاعلا، وأجيب بأن هذه الزيادة غير محتاج إليها لأن كل واحد من المصطلحين متكلم بكلام، وإنما اقتصر على التصريح بإحدى الكلمتين اتكالا على تصريح الآخر بالأخرى فهو مقدر ما صرح به الآخر فلا يتصوّر تركيب كلام واحد من متكلمين، ولو سلم قلنا اتحاد الناطق غير شرط في الكلام كما أن اتحاد الكاتب غير شرط في الخط أفاده في الهمع. قوله:"لإخراج نحو قام أبوه إلخ" أي لأن الإسناد فيه ليس مقصودا لذاته بل لتعيين الموصول وتوضيحه، ومثلها الجملة الخبرية والحالية والنعتية. قوله:"وهذا الصنيع" أي التصريح بأجزاء الماهية في الحد.

قوله: "لأن الحدود لا تتم بدلالة الالتزام" اعترضه شيخنا السيد بأن الظاهر أن التركيب والقصد داخلان في مفهوم المفيد فدلالته عليهما تضمنية لا التزامية والتضمنية غير مهجورة في الحدود، ولو سلم أنها التزامية فهجرها إنما هو في الحدود الحقيقية التي بالذاتيات ومثل هذا التعريف ليس منها بل من الرسوم، وقد ينازع فيها استظهره وفي قوله ومثل هذا التعريف ليس منها بل من الرسوم. فإن الأمور الاصطلاحية حصلت مفهوماتها ووضعت أسماؤها بإزائها فليس لها معان غير تلك المفهومات فتكون هي حدودا أفاده شيخ الإسلام في آخر مبحث الكليات من شرحه على إيساغوجي نقلا عن الإمام الرازي. قوله:"ومن ثم" أي هنا من أجل أن الحدود لا تتم بدلالة الالتزام. قوله: "جعل الشارح" يعني ابن الناظم. قوله: "تتميما للحد" أي من جهة الدلالة به على أمرين يتضمنهما معتبرين في الكلام أي وتمثيلا أيضا من جهة الإيضاح به للمحدود لا تمثيلا فقط. ولا ينافي ذلك قول ابن الناظم في آخر كلامه فاكتفى عن تتميم الحد بالتمثيل لأن معناه أنه اكتفى عن تتميم الحد بذكر التركيب والقصد صريحا بتتميمه بالمثال المتضمن لهما، على أنه لو منع مانع كونه تتميما وتمثيلا وسلمنا له ذلك والتزمنا أن المراد تتميما للحد فقط فالمنافاة مدفوعة بحمل ما قاله في آخر كلامه على المعنى الذي ذكرناه، وأن تسمية قول المصنف كاستقم تمثيلا باعتبار الصورة، وعلى كلا الوجهين سقط ما نقله البعض عن البهوتي وأقره من الاعتراض على الشارح بأن في آخر كلام ابن الناظم ما ينافي أما سنده إليه الشارح وإن كان في أول كلامه ما يشير إليه فتأمل. والظاهر على كونه تتميما للحد أن كاستقم ظرف مستقر نعت ثان للفظ. وقول البعض هو في موضع النعت لمفيد يلزم عليه نعت النعت مع وجود المنعوت من غير مقتض مع أنه يضاربه قوله بعد ذلك ومجرور الكاف محذوف والتقدير كفائدة استقم. ا. هـ. لأن

ص: 33

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

إنما قال: وما يتألف ولم يقل: وما يتركب لأن التأليف كما قيل أخص إذ هو تركيب وزيادة وهي وقوع الألفة بين الجزأين "واسم وفعل ثم حرف الكلم" الكلم مبتدأ خبره ما قبله أي الكلم الذي يتألف منه الكلام ينقسم باعتبار واحده إلى ثلاثة أنواع: نوع الاسم ونوع الفعل

ــ

مقتضى هذا أن يكون كاستقم نعتا لمفعول مفيد محذوفا والأصل مفيد فائدة كفائدة استقم، فعليك بالإنصاف. قوله:"إنما بدأ بتعريف الكلام إلخ" جواب عما يقال: لم بدأ بالكلام مع أن الكلمات أجزاؤه والجزء مقدم على الكل ولهذا بدأ كثير بالكلمة؟ وحاصل الجواب أنه راعى كون المقصود بالذات الكلام وأما قصد الكلمات فلتألف الكلام منها والنكات لا تتزاحم.

قوله: "لأن التأليف إلخ" وقال السيد هما بمعنى واحد، قال البعض وهو معنى التأليف. قوله:"وقوع الألفة" المراد بها الارتباط بين الكلمتين بإسناد إحداهما إلى الأخرى، أو إضافتها إليها، أو وصفها بها أو نحو ذلك بخلاف ضمها إليها بدون شيء من ذلك كقام جاء قاله الشنواني أي وليس المراد بها تناسبهما في المعنى لئلا يخرج نحو الحجر مأكول. قوله:"الكلم مبتدأ إلخ" أي كما يقتضيه قولهم إذا اجتمعت معرفة ونكرة فالمعرفة مبتدأ والنكرة خبر. واعلم أن الشارح حمل الكلم في عبارة المصنف على الكلم الاصطلاحي كما يدل عليه كلامه الآتي في غير موضع، وإن كان قوله أي الكلم الذي يتألف منه الكلام يفيد حمل الكلم على الكلمات لأن تألف الكلام منها لا من الكلم الاصطلاحي فيؤول بتقدير مضاف ليوافق أكثر كلامه أي من أجزائه التي يتركب من مجموعها. وقوله باعتبار واحده يحتمل أن المراد بواحده مفرده الاصطلاحي الذي هو لفظ كلمة، ويحتمل أن المراد به جزؤه أي جزء ما صدق عليه. وعلى كل ففي عبارته حذف مضاف تقديره على الأول مفهوم واحده لأن الانقسام إلى الثلاثة باعتبار مفهوم كلمة لا لفظها. وتقديره على الثاني جنس واحده لأن جزأه فرد من أفراد الكلمة والانقسام إلى الثلاثة باعتبار جنس الكلمة لا فرد من أفرادها ثم انقسام الشيء باعتبار شيء آخر انقسام للآخر في الحقيقة فاتضح قول الشارح لأن المقسم وهو الكلمة إلخ. وبتقريرنا كلام الشارح على هذا الوجه تلتئم عبارته ويسقط ما اعترض به البعض وغيره عليه هنا وفيما يأتي فتنبه. ولك أن تستغني عن اعتبار واحد الكلم في تقسيم المصنف الكلم إلى اسم وفعل وحرف بأن تجعل الكلم في كلامه بمعنى الكلمات وترجع الضمير في واحده إلى الكلم بمعنى الكلم الاصطلاحي على الاستخدام لا بمعنى الكلمات وإلا لأنث الضمير فيصير المعنى واسم وفعل ثم حرف الكلمات أي الأنواع الثلاثة للكلمة، وواحد الكلم الاصطلاحي كلمة وهذا أولى لعدم إحواجه إلى تقدير.

قوله: "لأن المقسم" أي محل القسمة يعني المقسوم. قوله: "صادق إلخ" قال يس: الصدق في المفردات بمعنى الحمل، ويستعمل بعلى فيقال: صدق الحيوان على الإنسان. وفي القضايا بمعنى التحقق ويستعمل بفي فيقال: هذه القضية صادقة في نفس الأمر أي متحققة. قوله: "من تقسيم الكل إلخ" تقسيم الكل إلى أجزائه تحليل المركب إلى أجزائه التي تركب منها.

ص: 34

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ونوع الحرف فهو من تقسيم الكلي إلى جزئياته لأن المقسم وهو الكلمة صادق على كل واحد من الأقسام الثلاثة أعني الاسم والفعل والحرف. وليس الكلم منقسمًا إليها باعتبار ذاته لأنه لا جائز حينئذ أن يكون من تقسيم الكل إلى أجزائه؛ لأن الكلم ليس مخصوصًا بهذه الثلاثة بل هو مقول على كل ثلاث كلمات فصاعدًا، ولا من تقسيم الكلي إلى جزئياته وهو ظاهر. ودليل انحصار الكلمة في الثلاثة أن الكلمة إما أن تصلح ركنًا للإسناد أولًا الثاني الحرف، والأول إما أن يقبل الإسناد بطرفيه أو بطرف الأول الاسم والثاني

ــ

وتقسيم الكلي إلى جزئياته ضم قيود إلى أمر مشترك لتحصل أمور متعددة بعدد القيود. والتقسيم حقيقي إن تباينت أقسامه وإلا فاعتباري. قوله: "ليس مخصوصا بهذه الثلاثة" أي باجتماعها أي لتحققه بدون اجتماعها نحو زيد أبوه قائم والباء داخلة على المقصور عليه. وقوله بل هو مقول على كل ثلاث كلمات فصاعدا أي وإن كانت من نوع الاسم فقط، أو من نوع الاسم والفعل فقط، أو الحرف فقط، والظاهر من كلامهم أن المراد بالكلمات في الكلم الكلمات الاصطلاحية فلا يطلق الكلم على ما تركب من ثلاثة ألفاظ مهملة كلها أو بعضها. ويمكن اختيار كونه من تقسيم الكل إلى أجزائه ويكون جعل الثلاثة أجزاءه باعتبار تركبه من مجموعها وإن لم يتركب من جميعها. قوله:"وهو ظاهر" للزوم تحقق الكلم في الاسم الواحد والفعل الواحد والحرف الواحد مع أنه باطل. قوله: "ودليل انحصار إلخ" أخذ الانحصار من تقديم الخبر في قوله واسم إلخ وإنما يتم هذا الدليل بمعونة الاستقراء وإلا فيمكن أن يقال: لا نسلم أن ما لا يصلح ركنا للإسناد هو الحرف فقط، وما يقبله بطرفيه هو الاسم فقط، وما يقبله بطرف هو الفعل فقط.

قوله: "أن الكلمة" أظهر مع تقدم المرجع لئلا يتوهم عود الضمير إلى الثلاثة. قوله: "إما أن تصلح إلخ" إما حرف تفصيل وأن تصلح في تأويل مصدر خبر أن على تقدير مضاف أي ذات صلوح، أو تأويل المصدر باسم الفاعل أي صالحة لأن الكلمة ليست الصلوح. وهذا أحسن من تقدير مضاف قبل اسم إن أي حال الكلمة لأنه المناسب للمقام، إذ الكلام في تقسيم نفس الكلمة لا في تقسيم حالها، ولأنه في وقت الحاجة لا قبلها، ولأن التقدير قبل اسم أن يحتاج معه في صحة قوله الثاني الحرف إلى تقدير أي ذات الثاني الحرف أو الثاني حال الحرف ولأن الحصر لا يصح عليه لأن حال الكلمة لا ينحصر في الصلوح وعدمه. وفرق السيد بين صريح المصدر وأن والفعل حيث قال: من رجع إلى المعنى يعرف أن الأول لا يرتبط بالذات من غير تقدير أو تأويل بخلاف الثاني. قال شيخنا السيد: ويؤيده صحة عسى زيد أن يقوم دون عسى زيد قياما. وسيأتي لهذا مزيد بيان في آخر الموصول. قوله: "أو بطرف" ليس المراد الطرف الدائر الصادق بأن تكون الكلمة مسندة وبأن تكون مسندا إليها بل الطرف المعين وهو أن تكون الكلمة مسندة بقرينة قوله والثاني الفعل. قوله: "الأول الاسم" أورد عليه أن من الأسماء ما لا يقبله أصلا كالظروف التي لا تتصرف، وما لا يقع إلا مسندا كأسماء الأفعال، وما لا يقع إلا مسندا إليه

ص: 35

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الفعل. والنحويون مجمعون على هذا إلا من لا يعتد بخلافه. وقد أرشد بتعريفه إلى كيفية تألف الكلام من الكلم بأنه ضم كلمة إلى كلمة فأكثر على وجه تحصل معه الفائدة المذكورة لا مطلق الضم. وأقل ما يكون منه ذلك اسما نحو ذا زيد وهيهات نجد، أو فعل واسم نحو استقم وقام زيد بشهادة الاستقراء، ولا نقض بالنداء فإنه من الثاني.

ــ

كالضمائر المتصلة. وأجيب بأن الكلام باعتبار الغالب أفاده في الأشباه. قوله: "على هذا" أي انحصار الكلمة في الثلاثة. قوله: "إلا من لا يعتد بخلافه" هو أبو جعفر بن صابر فإنه زاد اسم الفعل مطلقا وسماه خالفة والحق أنه من أفراد الاسم. قوله: "إلى كيفية تألف" الإضافة للبيان أي كيفية وحالة هي تألف. وقوله بأنه في موضع الحال من التألف والباء للتصوير، والمراد بالضم الانضمام من إطلاق اسم الملزوم على اللازم. ووجه الإرشاد أنه ذكر في التعريف الإفادة المستلزمة للتركيب. فعلم أن التأليف يكون بالضم والإفادة. وقوله على وجه حال من الضم والمراد بهذا الوجه الحكم بإحدى الكلمتين على الأخرى وقوله الفائدة المذكورة أي التي يحسن السكوت عليها. قوله:"وأقل ما يكون منه ذلك" أي التألف. وظاهر أن الكلام يتركب من أكثر من اسمين أو اسم وفعل وهو ما اعتمده ابن هشام وفصله في شرح القطر مع الإشارة إلى ما دل عليه قول ابن الحاجب لأنه لا يتأتى إلا من اسمين أو اسم وفعل. ويوافقه قول الرضي وكان على المصنف يعني ابن الحاجب أن يقول كلمتين أو أكثر. ا. هـ. لكن قال السيد: قيل الإسناد نسبة فلا يقوم إلا بشيئين مسند ومسند إليه لا بأكثر. وهما إما كلمتان أو ما في حكمهما في قبول إسناده أو الإسناد إليه فلذلك اقتصر على كلمتين. ا. هـ. وقال في محل آخر: إن الكلام إنما يتحقق بالإسناد الذي يتحقق بالمسند إليه والمسند فقط، وهما إما كلمتان أو ما يجري مجراهما وما عداهما من الكلمات التي ذكرت في الكلام خارجة عن حقيقة الكلام عارضة لها. ا. هـ. نقله اسم.

قوله: "اسمان" أي حقيقة كما مثل به أو حكما كزيد قائم فإن الضمير المستتر في الوصف كالعدم لأنه لا يبرز في تثنية ولا في جمع فلا يقال: زيد قائم ثلاثة أسماء لا اسمان فقط. قوله: "نحو ذا زيد" اعترض بأن الأولى نحو ذا أحمد لأن التنوين حرف معنى. ورد بمنع أنه حرف معنى لا سيما على مذهب من زاد في تعريف الكلمة قيد الاستقلال لإخراج مثل ألف المفاعلة وياء التصغير وياء النسب وحروف المضارعة وتاء التأنيث كالمصنف في تسهيله. والمراد بالمستقل ما يسوغ النطق به وحده بنفسه أو بمرادفه فلا ترد الضمائر المتصلة. قوله: "أو فعل واسم" قدم الفعل على الاسم لأن المؤلف من فعل واسم يلزم فيه تقديم الفعل فقدمه في الذكر. ا. هـ. يس. قوله: "وقام زيد" إنما مثل بالماضي وفاعله الظاهر لأن الماضي على تقدير أن فيه ضميرا لا يسمى كلاما على الأصح لأن شرط حصول الفائدة مع الفعل والضمير المنوي أن يكون الضمير واجب الاستتار أفاده في التصريح. وناقشه يس بأنه لا شك في أن قام في جواب هل قام زيد ونحوه كلام فكيف يشترط وجوب الاستتار ويمكن حمله على غير الواقع جواب سؤال. قوله: "ولا نقض بالنداء" أي الجملة الندائية فإنه أي عند الجمهور من الثاني أي المركب من فعل

ص: 36

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تنبيه: ثم في قوله ثم حرف بمعنى الواو إذ لا معنى للتراخي بين الأقسام. ويكفي في الأشعار بانحطاط درجة الحرف عن قسيمية ترتيب الناظم لها في الذكر على حسب ترتيبها في الشرف ووقوعه طرفًا. واعلم أن الكلم اسم جنس على المختار. وقيل: جمع

ــ

واسم لأن يا نائية عن أدعو وهو فعل واسم وأما المنادى فهو فضلة زائدة على حقيقة الكلام لا منها حتى يقال إن يا زيد مركب من فعل واسمين لا من الثاني. فإن قلت قد أسلفت أن ظاهر قوله وأقل ما يكون إلخ أن الكلام يتركب من أكثر من اسمين أو اسم وفعل ومقتضاه عد المنادى من أجزاء حقيقة الكلام فيكون منافيا لقوله هنا فإنه من الثاني، قلت: لعله يشترط في الأكثر الذي يتألف منه الكلام أن تتوقف عليه الإفادة نحو زيد أبوه قائم وإن قام زيد قمت فلا يلزم عد المنادى من الأجزاء حتى ينافي ما سلف لعدم توقف إفادة أدعو على ذكر المدعو، ثم لا يلزم من نيابة لفظ عن لفظ أن يعطى جميع أحكامه حتى يرد أن النداء إنشاء وأدعو إخبار، على أنه لا مانع من أن يقال إنما نابت يا عن أدعو بعد نقله إلى الإنشاء فتأمل. وأورد أيضا ألا ماء لأنه كلام مركب من حرف واسم لأن ألا التي للتمني لا خبر لها لا ظاهرا ولا مقدرا، ويمكن دفعه بما قيل في يا زيد.

قوله: "ثم في قوله ثم حرف بمعنى الواو" قال الدماميني في قول المغني الباب الثاني من الكتاب في تفسير الجملة وذكر أقسامها وأحكامها ما نصه: الباب مبتدأ والثاني صفة له وفي تفسير الجملة خبر، ومن الكتاب إما حال من الضمير المستكن في الخبر ولا يضر هنا تقديم الحال على عاملها المعنوي لأنها ظرف. وقد صرح ابن برهان بجوازه لتوسعهم في الظروف وإما حال من المبتدأ على حد ما أجاز سيبويه في قول الشاعر:

لمية موحشا طلل

إذ صاحب الحال عنده هو النكرة وهو عنده مرفوع بالابتداء وليس فاعلا للظرف كما يقول الأخفش والكوفيون والناصب للحال الاستقرار الذي تعلق به الظرف فكذا أما نحن فيه، وغاية ما يلزم كون العامل في الحال غير العامل في صاحبها وهذا ليس بمحذور عنده، وأما صفة للمبتدأ بأن يقدر متعلقه معرفة أي الباب الثاني الكائن من الكتاب على القول بجواز حذف الموصول مع بعض صلته. وقد اعتمد هذه الطريقة كثير من الأعاجم المتأخرين. ا. هـ. وما ذكره في قول المعنى من الكتاب يأتي مثله في قول الشارح في قوله ثم حرف. قوله:"إذ لا معنى للتراخي بين الأقسام" فيه أن هذا من حيث الانقسام لا من حيث ذواتها فإن بين الأقسام التراخي الرتبي من حيث ذواتها فتكون ثم للتراخي الرتبي بينها من حيث ذواتها. وقوله: يكفي في الأشعار إلخ فيه أن ثم أدل على ذلك لأن المتأخر ذكرا قد يكون أشرف كما في آية: {لا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّة} [الحشر: 20] فالأولى إبقاء ثم على حالها وجعلها للتراخي الرتبي بين الأقسام من حيث ذواتها لا من حيث الانقسام. قوله: "أن الكلم اسم جنس على المختار" أي لدلالته وضعا على الماهية من حيث هي. وللبهوتي اعتراض بتنافي كلام الشارح نقله البعض وأقره، وقد

ص: 37

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقيل: اسم جمع، وعلى الأول فالمختار أنه اسم جنس جمعي لأنه لا يقال إلا على ثلاث كلمات فأكثر سواء اتحد نوعها أو لم يتحد أفادت أم لم تفد. وقيل: لا يقال إلا على ما فوق العشرة. وقيل: إفرادي أي يقال على الكثير والقليل كماء وتراب. وعلى الثاني فقيل: جمع كثرة وقيل: جمع قلة، ويجري هذا الخلاف في كل ما يفرق بينه وبين واحده بالتاء.

وعلى المختار يجوز في ضميره التأنيث ملاحظة للجمعية والتذكير على الأصل وهو الأكثر

ــ

عرفت سقوطه مما قررناه سابقا عند قوله الكلم مبتدأ فلا تغفل.

قوله: "وقيل جمع" رد بأن الغالب تذكيره والغالب على الجمع تأنيثه. وقوله: وقيل اسم جمع رد بأن له واحدا من لفظه والغالب على اسم الجمع خلافه. وقوله: فالمختار أنه اسم جنس جمعي الجمعي صفة لاسم لا لجنس على الصواب قاله يس. واعلم أن الجمع ما دل على آحاده دلالة تكرار الواحد بالعطف. واسم الجمع ما دل على آحاده دلالة الكل على أجزائه والغالب أن لا واحد له من لفظه كقوم ورهط وطائفة وجماعة وقد يكون كركب وصحب. واسم الجنس الإفرادي ما دل على الماهية لا بقيد قلة أو كثرة كماء وتراب والجمعي ما دل على أكثر من اثنين وفرق بينه وبين واحده بالتاء غالبا كتمر وكلم. قال اللقاني: اسم الجنس موضوع للماهية من حيث هي ولا يخفى أن ذلك مناف لكونه جميعا وجوابه ما في الرضي في باب الجمع من أنه وضع للماهية واستعمل في الجمع فهو اسم جنس وضعا جمعي استعمالا. قال الروداني لكن يلزم كونه مجازا دائما والظاهر أنه غير مجاز. وقد يقال أنه مستعمل في الجنس في ضمن أفراد كذا قيل. وفيه أنه لا يدفع التجوز لما قال المحققون من أن استعمال رجل في زيد إن كان من حيث الرجولية مع قطع النظر عن خصوص التشخص فحقيقة، وإن كان بملاحظة خصوصه فمجاز فالأولى التزام لزوم المجاز ولا ثلم فيه. ا. هـ. وأقول الأولى أن يقال إنه غلب استعماله في ثلاثة أفراد فأكثر حتى صار حقيقة عرفية في ذلك فاندفع التجوز من أصله. ولا يبعد حمل كلام الرضي على ما قلنا بأن يكون معنى قوله واستعمل في الجمع وغلب استعماله في الجمع بحيث صار حقيقة عرفية فيه فاحفظه. ثم أقول بقي أن تقسيم اسم الجنس إلى إفرادي وجمعي غير حاصر إذ منه ما ليس جمعيا ولا إفراديا كأسد ثم رأيت بعض المحققين زاده سماه أحاديا. قوله:"وقيل لا يقال" أي الكلم لأنه المحدث عنه لا مطلق اسم الجنس الجمعي. قوله: "أي يقال على الكثير والقليل" هذا بناء على أنه ما دل على الماهية من حيث هي وأما على أنه ما دل عليها بقيد الوحدة الشائعة فلا يستقيم إطلاقه على الكثير إلا من أل مثلا ولذا تدخل عليه مجردا عن الوحدة على هذا، قاله يس.

قوله: "ويجوز في ضميره" أي الكلم لا مطلق اسم الجنس الجمعي لأن المحدث عنه الكلم ولأن من اسم الجنس الجمعي ما يجب تذكير ضميره كغنم وما يجب تأنيث ضميره كبط وما يجوز في ضميره الأمران كبقر وكلم وكذا اسم الجمع منه واجب التذكير كقوم ورهط وواجب التأنيث كإبل وخيل وجائز الأمرين كركب كذا قال أرباب الحواشي وفي غالبه خلاف

ص: 38

واحده كلمة والقول عم

وكلمة بها كلام قد يؤم

ــ

نحو: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} [فاطر: 10]، {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ} [المائدة: 13] وقد أنثه ابن معطي في ألفيته فقال: واحدها كلمة. وذكر الناظم فقال "واحدة كلمة" ونظير كلم وكلمة من المصنوعات لبن ولبنة، ومن المخلوقات نبق ونبقة. فاسم الجنس الجمعي هو الذي يفرق بينه وبين واحده بالتباء غالبًا بأن يكون واحده بالتاء غالبًا والاحتراز بغالبًا عما جاء منه على العكس من ذلك أن يكون بالتاء دالا على الجمعية وإذا تجرد منها يكون للواحد نحو كمء، وكمأة. وقد يفرق بينه وبين واحده بالياء نحو روم ورومي وزنج وزنجي. وحد الكلمة قول مفرد وتطلق في الاصطلاح مجازًا على أحد

ــ

نذكره إن شاء الله تعالى في باب العدد. قوله: "واحده كلمة" قال سم: أي واحد معنى الكلم يسمى كلمة. ا. هـ. ومراده بواحد معناه جزء ما صدق عليه ويصح أن يكون مراد المصنف بواحده مفرده الاصطلاحي كما مر. قوله: "ومن المخلوقات" أي ما ليس للعبد دخل فيه وإلا فالعبد وصنعته مخلوقان لله تعالى. قوله: "فاسم الجنس الجمعي" قال البعض تفريع على قول المصنف واحده كلمة هـ وفيه أنه لا تعرض في كلام المصنف لكون الكلم اسم جنس جميعا حتى يتفرع عليه أن اسم الجنس الجمعي يفرق إلخ فالوجه أنه تفريع على قول الشارح سابقا فالمختار أنه اسم جنس جمعي مع قول المصنف واحده كلمة، لكن ما سيذكره من الغلبة غير داخل في التفريع. ولكن أن تجعل الفاء فصيحة أي إذا أردت معرفة اسم الجنس الجمعي فاسم إلخ والجمعي صفة لاسم كما مر. قوله:"هو الذي يفرق إلخ" أي ولم يغلب تأنيثه ليخرج نحو تخم مما فرق بينه وبين واحده بالتاء وهو جمع. واعلم أن فرق بالتضعيف والتخفيف في الأجرام والمعاني وما نقل عن القرافي من تخصيص المضعف بالأجرام والمخفف بالمعاني لعله أريد به الأولوية لأن الفرق لما كان أظهر في الأجرام ناسبه التضعيف عكس المعاني وإلا فأهل اللغة متواطئون على أن مثل كسرته وكسرته في المعاني والأجرام مطلقا أفاده الروداني. فإن قلت يرد على التخصيص وإن حمل على الأولوية قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُم} [الأنعام: 159]{وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْر} [البقرة: 50] ، قلت أريد في الآية الأولى إفادة التكثير وإنما يؤتى بالمخفف إذا لم ترد تلك الإفادة، وفي الثانية لما كان الماء جسما لطيفا شفافا فهو كالمعاني أتى فيه بالمخفف.

قوله: "والاحتراز بغالبا" أي الثانية وأما محترز غالبا الأولى فقد ذكره بقوله وقد يفرق إلخ. قوله: "وزنج" بكسر الزاي وفتحها طائفة من السودان. قوله: "قول" خبر عن حد وتطابقهما ظاهر. وقول البعض لم يؤنث الخبر مع أن شروط التطابق موجودة لكونه في الأصل مصدرا لا يثنى ولا يجمع وإن أريد به هنا المقول لأن اعتبار الأصل جائز في مثله إنما يستقيم لو قال الشارح: والكلمة قول مفرد لكنه لم يقل ذلك فليس بمستقيم. والتاء في الكلمة للوحدة الراجعة لوحدة الافراد بحيث لا تطلق الكلمة على قولين مفردين معا لا تنافي كلية الجنس المدلول عليه بأل الداخلة على المحدود. وزاد في التسهيل في حد الكلمة قيد الاستقلال لتخرج ألف المفاعلة وأحرف

ص: 39

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

جزأي العلم المركب نحو امرئ القيس فمجموعهما كلمة حقيقة، وكل منهما كلمة مجازًا وفيها ثلاث لغات: كلمة على وزن نبقة وتجمع على كلم كنبق. وكلمة على وزن سدرة وتجمع على كلم كسدر. وكلمة على وزن تمرة وتجمع على كلم كتمر. وهذه اللغات في كل ما كان على وزن فعل ككبد وكتف. فإن كان وسطه حرف حلق جاز فيه رابعة وهي اتباع فائه لعينه في الكسر اسمًا كان نحو فخذ أو فعلا نحو شهد "والقول" وهو على الصحيح لفظ دال على معنى "عم" الكلام والكلم والكلمة عمومًا مطلقًا فكل

ــ

المضارعة وياء التصغير وياء النسب وتاء التأنيث. ونحو ذلك فإنها ليست بكلمات على مذهب المصنف، وذهب الرضي إلى أنها كلمات. قوله:"وتطلق في الاصطلاح مجازا" وكذا في اللغة. وخص الاصطلاح بالذكر لأنه أهم لأن وضع الكتاب لبيانه فسقط قول البعض الصواب إسقاط قوله في الاصطلاح لتوافق اللغة والاصطلاح في ذلك. والمجاز المذكور مرسل علاقته الكلية وما ذكره الشارح من أن هذا الإطلاق مجاز أحد قولين. والثاني أنه حقيقة عند النحاة وأن المفرد عندهم اللفظة الواحدة بدليل إعراب كل منهما بإعراب مستقل والإعراب إنما يكون على آخر الكلمة وأن تفسيره بما لا يدل جزؤه على جزء معناه اصطلاح المناطقة فذكره في العربية من خلط اصطلاح باصطلاح. قوله: "وتجمع" أي جمعا لغويا لا اصطلاحيا فلا ينافي ما سبق من اختياره أنه اسم جنس جمعي لا جمع. قوله: "كسدر" أي بسكون الدال وأما بفتحها كعنب فجمع لسدرة كقربة وقرب، وتجمع أيضا على سدور وسدرات بسكون الدال وكسرها للاتباع وفتحها للتخفيف كما في القاموس وغيره. قوله:"في كل ما كان على وزن فعل" أي من الأسماء فقط كما يشعر به التمثيل. وقوله فإن كان وسطه أي وسط ما كان على وزن فعل لا بقيد كونه من الأسماء فقط بدليل بقية كلامه. وقوله جاز فيه لغة رابعة أي زيادة على جواز الثلاثة فتجوز الأربعة فيما على وزن فعل ووسطه حرف حلق اسما كان أو فعلا، فتسمية اللغة الأخيرة رابعة ليست بالنسبة إلى الأسماء فقط وإن توهمه البعض، بل بالنسبة إلى الأفعال التي وسطها حرف حلق أيضا. قال السعد في شرح تصريف العزى في نحو نعم وشهد أربع لغات: كسر الفاء مع سكون العين، وكسرها وفتح الفاء مع سكون العين وكسرها وهذه اللغات جارية في كل اسم أو فعل على فعل مكسور العين وعينه حرف حلق. ا. هـ. ومثله للشارح في باب نعم وبئس فإن لم يكن وسط الفعل الذي على فعل حلقيا كعلم فليس فيه إلا فتح فائه وكسر عينه أو سكونها تخفيفا.

قوله: "والقول" أي المقول. قوله: "على الصحيح" مقابله أربعة أقوال ذكر الشارح منها فيما يأتي قولين. والثالث أنه مرادف للكلمة. والرابع أنه مرادف للفظ حكاه السيوطي في جمع الجوامع. قوله: "لفظ دال" المراد باللفظ ما يشمل الحقيقي كالكلمات القرآنية لأنها ملفوظة بالفعل بالنسبة لغيره تعالى والحكمي كالضمير المستتر. والمراد بالدال ما يدل بالوضع الشخصي

ص: 40

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

كلام أو كلم أو كلمة قول ولا عكس. أما كونه أعم من الكلام فلانطلاقه على المفيد وغيره والكلام مختص بالمفيد. وأما كونه أعم من الكلم فلانطلاقه على المفرد وعلى المركب من كلمتين وعلى المركب من أكثر والكلام مختص بهذا الثالث. وأما كونه أعم من الكلمة فلانطلاقه على المركب والمفرد وهي مختصة بالمفرد. وقيل: القوم عبارة عن اللفظ المركب المفيد فيكون مرادفًا للكلام. وقيل هو عبارة عن المركب خاصة مفيدًا كان أو غير مفيد فيكون أعم مطلقًا من الكلام والكلم ومباينًا للكلمة. وقد بان لك أن الكلام والكلم بينهما عمومًا وخصوص من وجه فالكلاتم أعم من جهة التركيب وأخص من

ــ

كزيد ورجل أو النوعي كالمركبات والمجازات. ومن هذا يعلم سقوط تشكيك صاحب التصريح المذكور في تصريحه فانظره. قوله: "على معنى" أي واحد أو أكثر فدخل المشترك. والمعنى مصدر ميمي بمعنى المفعول أي المقصود من اللفظ. قوله: "عم الكلام والكلم والكلمة عموما مطلقا" أي عم كلا من الثلاثة عموما مطلقا يجتمع مع كل وينفرد عنه لوضعه للقدر المشترك الشامل لها ولنحو غلام زيد. وليس مراده عم مجموع الثلاثة بدليل قوله عاطفا بأو فكل كلام أو كلم أو كلمة إلخ وبدليل قوله أما كونه إلخ. وحمل الشارح عم على أنه فعل ماض لتبادره وعدم إحواجه إلى تكلف وقرره على وجه يستفاد منه ما يستفاد على جعل عم أفعل تفضيل حذفت همزته ضرورة من كونه عم كلا منها وزاد بشموله نحو غلام زيد لحمله العموم على العموم المطلق فلم يكن جعله أفعل تفضيل أكثر فائدة من جعله فعلا هكذا ينبغي تقرير عبارة الشارح، وبه يعلم ما في كلام البعض فانظره. ومثل جعله أفعل تفضيل في البعد بل أبعد جعله اسم فاعل حذفت ألفه ضرورة. واعلم أن عم كغيره من الألفاظ المشددة الموقوف عليها في الشعر يجب تخفيفه لئلا يفسد الوزن.

قوله: "ولا عكس" أي بالمعنى اللغوي. قوله: "وقد بان لك" أي من تعريف المصنف الكلام وتعريف الشارح الكلم بقوله سابقا بل هو مقول على كل ثلاث كلمات فصاعدا، وليس مراده بان لك من تكلم المصنف على الكلام والكلم إذ لا قرينة على هذه الإرادة. فسقط ما نقله البعض عن البهوتي وأقره من اعتراضه بقوله هذا أي قول الشارح وقد بان لك إلخ ظاهر أن أعرب الكلم مبتدأ خبره ما بعده لأنه حينئذٍ مستعمل في معناه الاصطلاحي وهو المركب من ثلاث كلمات فصاعدا، فإن أعرب مبتدأ خبره ما قبله كما مشى عليه الشارح أشكل لأنه حينئذٍ بمعنى الكلمات النحوية وهي الاسم والفعل والحرف. ا. هـ. مع أن دعواه ظهور ذلك البيان على جعل الكلم في عبارة المصنف بمعناه الاصطلاحي غير مسلمة لأن كون الكلام والكلم بينهما العموم من وجه إنما يتبين بتعريفهما لا بتعريف الكلام ومجرد أن واحد الكلم كلمة. ومع أن دعواه كون الكلم بمعنى الكلمات النحوية على إعرابه مبتدأ خبره ما قبله كما مشى عليه الشارح غير مسلمة أيضا لجواز كونه على هذا الإعراب بمعناه الاصطلاحي كما بيناه سابقا فتنبه ولا تكن أسير التقليد. قوله:"بينهما عموم وخصوص من وجه" الجار والمجرور راجع لكل من عموم

ص: 41

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

جهة الإفادة والكلم بالعكس، فيجتمعان في الصدق في نحو زيد أبوه قائم، وينفرد الكلم في نحو قام زيد، وينفرد الكلام في نحو إن قام زيد.

تنبيه: قد عرفت أن القوم على الصحيح أخص من اللفظ مطلقًا فكان من حقه أن يأخذه جنسًا في تعريف الكلام كما فعل في الكافية لأنه أقرب من اللفظ، ولعله إنما عدل عنه لما شاع من استعماله في الرأي والاعتقاد حتى صار كأنه حقيقة عرفية واللفظ ليس كذلك "وكلمة بها كلام قد يؤم" أي يقصد كلمة مبتدأ خبره الجملة بعده، قال المكودي: وجاز الابتداء بكلمة للتنويع لأنه نوعها

ــ

وخصوص.

فائدة: قال ابن جماعة: لا بد في اللذين بينهما عموم وجهي من معرفة أمور: معروضين وعارضين وثلاث ما صدقات ومادة ومتعلق. وبيان ذلك هنا ليقاس عليه غيره أن المعروضين الكلام والكلم، والعارضين العموم والخصوص، والماصدقات الثلاث ما صدقات اجتماعهما وانفراد كل، والمادة الاسم والفعل والحرف، والمتعلق الصورة الحاصلة من اجتماع كلمتين أو أكثر وفي عدم الاستغناء عن معرفة هذا المتعلق نظر إذ الظاهر أنه يستغني عن معرفته. قوله:"قد عرفت" أي من تعريف القول. قوله: "على الصحيح" احترز بقوله على الصحيح من بعض الأقوال المقابلة له وهو القول بمرادفته للفظ وإن لم يحكه الشارح سابقا فلا ينافي أنه أخص من اللفظ على بعض الأقوال غير الصحيحة أيضا كالقولين اللذين حكاهما الشارح سابقا في مقابلة الصحيح. والحاصل أن في مفهوم قوله على الصحيح تفصيلا فلا يعترض به فاعتراض البعض تبعا لشيخنا على قوله على الصحيح غير وجيه فافهم. قوله: "فكان من حقه" أي القول أي مما يستحقه، أو المصنف أي من الحق المطلوب منه أي على وجه الأولوية وإلا فأخذ البعيد في التعريف جائز. قوله:"أقرب من اللفظ" أي إلى الكلام لأنه أقل عموما من اللفظ. قوله: "حتى صار كأنه حقيقة عرفية" يفيد أنه لم يصر بالفعل وهو كذلك لعدم هجر المعنى الأصلي. وقال الفاكهيّ: يطلق على غير اللفظ من الرأي والاعتقاد بطريق الاشتراك لكن لا يعترض بهذا على من أخذ القول في التعريف لوضوح القرينة على المراد. قوله: "وكلمة بها كلام قد يؤم" مجموع هذا الكلام جملة كبرى لأن الخبر فيها جملة، وجملة قد يؤم صغرى لوقوعها خبرا، وجملة كلام قد يؤم كبرى وصغرى بالاعتبارين.

قوله: "خبره الجملة بعده" أي جملة كلام قد يؤم التي هي اسمية مركبة من مبتدأ ثان وخبر وقد فصل بين المبتدأ الأول وخبره بمعمول خبر المبتدأ الثاني وهو بها للضروة. قوله: "للتنويع" قال سم: حمل الكلمة على التنويع يقتضي أنه أراد بها هنا معناها دون لفظها وهو غير صحيح لأن المراد بها هنا نفس اللفظ أي ولفظ كلمة إلى آخره، وحينئذٍ فما قاله المكودي لا يصح لأنه غير محتاج إليه فقط. ويمكن أن يجاب بأن لفظ كلمة فرد من أفراد مسمى كلمة إذ يصدق مسمى كلمة على لفظ كلمة كما يصدق على لفظ زيد وعمر مثلا، فكأنه قال وفرد من

ص: 42

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

إلى كونها إحدى الكلم وإلى كونها يقصد بها الكلام. ا. هـ. ولا حاجة إلى ذلك فإن المقصود اللفظ وهو معرفة أي هذا اللفظ وهو لفظ كلمة يطلق لغة على الجمل المفيدة، قال تعالى:{كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا} [المؤمنون: 100] إشارة {رَبِّ ارْجِعُونِ، لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ} [المؤمنون: 99] وقال عليه الصلاة والسلام: "أصدق كلمة" قالها الشاعر كلمة لبيد:

3-

ألا كل شيء ما خلا الله باطل

ــ

مسمى كلمة به كلام قد يؤم فصح ما قاله المكودي. ا. هـ. ببعض تصرف.

قوله: "إحدى الكلم" لو قال واحد الكلم لكان أوفق. قوله: "وهو معرفة" أي بالعلمية لأن كل كلمة أريد بها لفظها فهي علم عليه بناء على مذهب السعد ومن تبعه أن الألفاظ موضوعة لأنفسها تبعا لوضعها لمعانيها لا قصدا حتى يصير به اللفظ مشتركا فتنوينها مع وجود العلمية والتأنيث للضرورة. وقال السيد: دلالة الألفاظ على أنفسها إن سلمت فليست بالوضع. ا. هـ. والظاهر أن العلمية المذكورة شخصية كما يعلم مما قررناه في أسماء الكتب عند قول الشارح تنبيه أوقع الماضي موقع المستقبل إلخ وإن قال شيخنا السيد علمية جنسية كما هو ظني. قوله: "يطلق لغة" أي إطلاقا مجازيا كما في التصريح وغيره ويشير إليه الشارح بذكر العلاقة بقوله وهو من باب إلخ، فما نقله البعض عن بعضهم من أن هذا الإطلاق حقيقة عند اللغويين فيه نظر. قوله:"على الجمل" أي جنسها الصادق بالجملة الواحدة والأكثر. قوله: "المفيدة" قال يس: ليس بقيد فإن العلاقة الآتية تفيد أن إطلاقها على الجمل لا يختص بالمفيدة وإن اشتهر في كلامهم التقييد بها. ا. هـ. وقد يقال كلامهم في الإطلاق بالفعل والذي تفيده العلاقة جواز إطلاقها على الجمل غير المفيدة لا إطلاقها بالفعل. قوله: "إنها" أي جملة أرجعون إلخ. قوله: "قالها الشاعر" أل للجنس. قوله: "كلمة لبيد" هو ابن ربيعة العامري الصحابي توفي في خلافة عثمان عن مائة وأربعين سنة. وقيل في أول خلافة معاوية عن مائة وسبع وخمسين سنة قيل إنه لم يقل شعرا منذ أسلم وهو الصحيح عند الإخباريين وقد عمر في الإسلام دهرا. وكان يقول: أبدلني الله بالشعر القرآن حتى

3- تمام البيت:

وكل نعيم لا محالة زائل

وهو من الطويل. وهو في ديوان لبيد ص256؛ وجواهر الأدب ص382؛ وخزانة الأدب 2/ 255-257؛ والدرر 1/ 71؛ وديوان المعاني 1/ 118؛ وسمط اللآلي ص253؛ وشرح التصريح 1/ 29؛ وشرح شذور الذهب ص339؛ وشرح شواهد المغني 1/ 150، 153، 154، 392؛ وشرح المفصل 2/ 78؛ والعقد الفريد 5/ 273؛ ولسان العرب 5/ 351 "رجز" والمقاصد النحوية 1/ 5، 291، ومغني اللبيب 1/ 133؛ وهمع الهوامع 1/ 3؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص211؛ وأوضح المسالك 2/ 289؛ والدرر 3/ 166؛ ورصف المباني ص269؛ وشرح شواهد المغني 2/ 531؛ وشرح عمدة الحافظ ص263؛ وشرح قطر الندى ص248؛ واللمع ص154؛ وهمع الهوامع 1/ 226.

ص: 43

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وهو من باب تسمية الشيء باسم بعضه كتسميتهم ربيئة القوم عينًا والبيت من الشعر قافية. وقد يسمون القصيدة قافية لاشتمالها عليها وهو مجاز مهمل في عرف النحاة.

ــ

قال له عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه في مدة خلافته: يا لبيد أنشدني شيئا من شعرك، فقال: ما كنت لأقول الشعر بعد أن علمني الله البقرة وآل عمران فزاده عمر في عطائه خمسمائة درهم وقيل: بل قال في الإسلام هذا البيت:

ما عاتب المرء الكريم كنفسه

والمرء يصلحه القرين الصالح

وقيل بل هذا البيت:

الحمد لله إذ لم يأتني أجلي

حتى اكتسيت من الإسلام سربالا

قوله: "ألا كل شيء ما خلا الله باطل" أي ذاهب فان. أي جائز عليه ذلك فلا يرد نحو الجنة والنار والأرواح. والظاهر من إيراد العلماء هذا الشطر فقط أنه الواقع في الحديث والخبر عن أصدق دون تمام البيت وهو:

وكل نعيم لا محالة زائل

واعترض بأن نعيم الجنة لا يزول، وأجيب بأنه قاله قبل إسلامه وكان يعتقد أن لا جنة أو لا دوام لها، وبأن المراد جائز عليه الزوال وبأن المراد هنا نعيم الدنيا لأن سياق القصيدة لذم الدنيا، وقوله: لا محالة -بفتح الميم- أي لا بد وقيل: لا حيلة. قوله: "وهو" أي الإطلاق المذكور من باب إلخ أي فيكون مجازا مرسلا من إطلاق اسم الجزء على الكل، واعترضه شيخنا السيد بأن السعد نص على أنه يجب أن يكون الجزء الذي يطلق اسمه على الكل له من بين الأجزاء مزيد اختصاص بالمعنى الذي قصد بالكل، فلا يجوّز إطلاق اليد أو الأصبع على الربيئة والأمر هنا ليس كذلك، قال: إلا أن يحمل كلام السعد على الجزء الخاص وما هنا جزء عام لأن الكلمة تعم سائر أجزاء الكلام هذا. ويصح أن يكون من باب الاستعارة لأن الكلام لما ارتبط بعضه ببعض وحصلت له بذلك وحدة أشبه الكلمة. قوله: "ربيئة القوم" كذا في بعض النسخ بالموحدة فتحتية ساكنة فهمز وفي بعضها بالهمز فالتحتية المشددة وهو من يجلس على مكان عال لينظر القوم. قوله: "والبيت من الشعر قافية" لأنها أشرف أجزائه. قوله: "وقد يسمون القصيدة إلخ" من ذلك قول معن بن أوس في ابن أخته:

أعلمه الرماية كل يوم

فلما استد ساعده رَماني

وكم علمته نظم القوافي

فلما قال قافية هجاني

واستد بالسين المهملة أي قوي كما في شيخ الإسلام، قوله:"وهو مجاز مهمل في عرف النحاة" أي أنهم لا يستعملون الكلمة بمعنى الكلام أصلا. ومن هنا اعترض على المصنف في ذكره حتى قيل إنه من أمراض الألفية التي لا دواء لها. وقد أطال سم في دفعه بما حاصله أن إهمال المعنى

ص: 44

بالجر والتنوين والندا وأل

ومسند للاسم تمييز حصل

ــ

تنبيه: قد في قوله قد يؤم للتقليل ومراده التقليل النسبي، أي استعمال الكلمة في الجمل قليل بالنسبة إلى استعمالها في المفرد، لا قليل في نفسه فإنه كثير. وهذا شروع في العلامات التي يمتاز بها كل من الاسم والفعل والحرف عن أخويه. وبدأ بالاسم لشرفه فقال "بالجر" ويرادفه الخفض قال في شرح الكافية: وهو أولى من التعبير بحرف الجر لتناوله الجر بالحرف والإضافة "والتنوين" وهو في الأصل مصدر نونت أي أدخلت نونًا، ثم غلب حتى صار اسمًا لنون تلحق الآخر لفظًا لا خطا لغير توكيد. فقيد لا خطا فصل

ــ

المجازي في عرفهم بتقدير تسليم حصوله من جميعهم لا يمنع من ذكره بل يؤكده لأن إهماله يوهم انتفاءه فيتأكد التنبيه عليه، ويكون قد في عبارته للتوقع فإن استعمال اللفظ في المعنى المجازي بصدد أن تدعو حاجة إليه فيرتكب، أو أنه أراد بيان المعنى اللغوي المجازي لكثرته في نفسه وإن كان قليلا بالنسبة إلى المعنى الحقيقي. قوله:"وهذا" أي الشروع في الكلام الآتي ليصح الحمل ويصح رجوع الإشارة لنفس الكلام ويقدر مضاف في الخبر أي ذو شروع. قوله: "في العلامات" العلامة يجب اطرادها أي وجود المعلم عند وجودها ولا يجب انعكاسها أي انتفاؤه عند انتفائها بخلاف التعريف فإنه يجب اطراده وانعكاسه حدا كان أو رسما إلا عند من جوّز التعريف بالأعم أو الأخص. قوله: "لشرفه" أي لوقوعه محكوما عليه وبه ولأنه لا غنى لكلام عنه. قوله: "بالجر" هو على أن الإعراب لفظي الكسرة وما ناب عنها، وتعريفه بالكسرة التي يحدثها عامل الجر فيه قصور لعدم تناوله نائب الكسرة كالياء والفتحة، ودور لأخذ المعرف فيه وإن أجيب عن الثاني بأنه تعريف لفظي لمن عرف الطرفين وجهل النسبة بينهما، وبأن الجر ليس من أجزاء التعريف وإنما ذكر لتعيين العامل وعلى أنه معنوي تغيير مخصوص علامته الكسرة ومن ناب عنها. وتقديم الجار والمجرور للاهتمام لا للحصر فإن العلامات تزيد على ما ذكره المصنف. قوله:"وهو أولى" قد يقال لا أولوية لأن التعبيرين لم يتواردا على أمر واحد بل على علامتين مختلفتين. ويجاب بأن الأولوية بالنظر لمن أراد أن يقتصر على أحد التعبيرين.

قوله: "من التعبير بحرف الجر" رجح التعبير به ابن هشام من جهة أن عن وعلى والكاف الاسميات ونحوها يستدل على اسميتها بحرف الجر لعدم ظهوره فيها. ولا يرد عليه نحو عجبت من أن تقوم ويوم ينفع لأن المدخول اسم تأويلا لتأويل أن تقوم بالقيام وينفع بالنفع. قوله: "والإضافة" أي المضاف ليجري على الصحيح أن عامل الجر هو المضاف. ولم يقل والتبعية لأن الصحيح أن التبعية ليست عاملة بل العامل في التابع هو العامل في المتبوع. ولم يقل والمجاورة والتوهم لندرتهما. قوله: "وهو في الأصل" أي اللغة. قوله: "أي أدخلت نونا" أي أو صوّت فالتنوين يطلق لغة على إدخال النون وعلى التصويت. قوله: "ثم غلب إلخ" في العبارة اختصار والتقدير ثم نقل إلى النون المدخلة مطلقا ثم غلب إلخ لأن العلم بالغلبة ما وضع لمعنى كلي وغلب استعماله في بعض جزئياته. والنون التي غلب استعمال التنوين فيها فرد من مطلق النون المدخلة لا من إدخال النون إذ هي مباينة له. وباعتبار النقل والغلبة اندفع اعتراض السهيلي بأن

ص: 45

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

مخرج للنون في نحو ضيفن اسم للطفيلي وهو الذي يجيء مع الضيف متطفلًا وللنون اللاحقة للقوافي المطلقة التي آخرها حرف مد عوضًا عن مدة الإطلاق في لغة تميم وقيس كقوله:

ــ

التنوين فعل المنوّن فلا يصح حمل النون عليه. قوله: "تلحق الآخر" لم يأخذ الشارح محترزه وسيأتيك عن الروداني. وقوله: لفظا قال يس: بيان للواقع لا للاحتراز. وقوله: لا خطأ أي لأن الكتابة مبنية على الابتداء والوقف وهو يسقط وقفا رفعا وجرا ولما ثبت عوضه وهو الألف في الوقف نصبا كتبت الألف والمراد باللحوق خطأ المنفي لحوقها بنفسها لا أو عوضها حتى يرد أن المنوّن المنصوب في الدرج لا يصدق عليه لفظا لا خطا لأن عوضها وهو الألف لاحق خطا وحتى يكون قوله لغير توكيد مستدركا لخروج نون لنسفعا حينئذٍ بقوله لا خطا، لكن يرد على طرده نون إذا على الصحيح من أنها تكتب ألفا ففي الدرج تلحق لفظا لا خطا وليست تنوينا. ولو زاد قيد الزيادة في التعريف كغيره لخرجت، ويجاب بأنها آخر الكلمة لا أنها لحقت الآخر فتخرج بقيد لحوق الآخر كذا في الروداني.

قوله: "مخرج للنون" أي الأولى المتحركة المزيدة في آخر ضيف، وأخرجها الروداني بقيد تلحق الآخر نظرا إلى أنها آخر ضيفن لا أنها لحقت آخره. والشارح ومن وافقه نظروا إلى أنها آخر ضيفن لا أنها لحقت آخره للإلحاق بجعفر وأما الثانية فتنوين. قوله:"في نحو ضيفن" كرعشن للمرتعش اليد. قوله: "مع الضيف" الضيف يطلق على الواحد والواحدة والاثنين والجماعة. ويجوّز ضيف وضيفة وضيفان وأضياف والأول أفصح قال تعالى: {هَؤُلاءِ ضَيفِي فَلا تَفْضَحُون} [الحجر: 68] قاله الدنوشري. قوله: "للقوافي" جمع قافية وقد اختلف فيها العروضيون على اثني عشر قولا أشهرها قولان: قول الخليل بأنها من المتحرك قبل الساكنين إلى انتهاء البيت، وقول الأخفش بأنها الكلمة الأخيرة. واعترض قوله للقوافي المطلقة بأنه يلحق الأعاريض المصرعة أيضا وبأن المراد آخر القوافي وآخرها مدة والتنوين بدل منها لا أنه لحقها. وأجيب عن الأول بأن المراد بالقوافي ما يشمل الأعاريض المصرعة على الجمع بين الحقيقة والمجاز أو عموم المجاز. وعن الثاني بمنع أن المراد آخرها بل ما يصح حمل الكلام عليه وذلك روي القافية كذا في الروداني. ولا يرد عليه ما إذا وصل الروي بالهاء نحو مقامه لأن المراد لحوق التنوين رويّ القافية ولو مع فصل بينهما نعم. يرد ما إذا كان الروي مدة أصلية فإن الظاهر حينئذٍ حذفها والإتيان بالتنوين بدلها فليس التنوين لاحقا لروي القافية في هذه الصورة فتدبر.

قوله: "عوضا" مفعول لأجله عامله اللاحقة وعليه فالعوض بمعنى التعويض أو حال من ضمير اللاحقة. قوله: "في لغة" متعلق باللاحقة وقوله تميم وقيس عبارة التصريح في لغة تميم أكثرهم أو جميعهم وكثير من قيس وأما في لغة الحجازيين فلا تلحق. قوله: "كقوله" أي الشاعر المفهوم من السياق وإن لم يفهم بخصوص اسمه كجرير هنا والنابغة فيما بعده. قوله: "عاذل" منادى مرخم

ص: 46

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

4-

أقلي اللوم عاذل والعتابن

وقولي إن أصبت لقد أصابن

الأصل العتابا وأصابا وقوله:

5-

أفد الترحل غير أن ركابنا

لما تزل برحالنا وكأن قدن

الأصل قدى. ويسمى تنوين الترنيم على حذف مضاف أي قطع الترنم لأن الترنم مد الصوت بمدة تجانس الروي، ومخرج أيضًا للنون اللاحقة للقوافي المقيدة وهي التي رويها ساكن غير مد، كقوله:

ــ

وأصبت بضم التاء كما في التصريح وهو الأقرب وبكسرها كما في الشمني أي إن أردت النطق بالصواب بدل اللوم. وجملة لقد أصابن مقول القول وجواب الشرط محذوف يفسره قولي. قوله: "أفد" في رواية أزف وكلاهما بوزن فهم وبمعنى قرب. والركاب الإبل التي يسار عليها الواحدة راحلة ولا واحد لها من لفظها كما في الصحاح. ولما نافية وتزل مضارع زال التامة. والرحال جمع رحل وهو المسكن وكأن قدن أي كأن قد زالت وذهبت والاستثناء منقطع أي لكن رحالنا لم تزل بالفعل مع عزمنا على الترحل. قوله: "على حذف مضاف إلخ" وقيل لا حذف لأن الترنم يحصل بالنون نفسها لأنها حرف أغنّ نقله في التصريح عن ابن يعيش وغيره. وعليه لا يكون الترنم خصوص مد الصوت بمدة تجانس الروي. قوله: "تجانس الروي" أي حركة الروي. والروي الحرف الذي تنسب إليه القصيدة.

4- البيت من الوافر، وهو لجرير بن عطية الخطفي التميمي في ديوانه ص813؛ وخزانة الأدب 1/ 69، 338، 3/ 151؛ والخصائص 2/ 69، والدرر 5/ 176، 6/ 233، 309؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 349؛ وسر صناعة الإعراب ص471، 479، 480، 493، 501، 503، 513، 677، 726؛ وشرح شواهد المغني 2/ 762؛ وشرح المفصل 9/ 29؛ والكتاب 4/ 205، 208؛ والمقاصد النحوية 1/ 91؛ وهمع الهوامع 2/ 80، 212؛ وبلا نسبة في الإنصاف ص655؛ وجواهر الأدب ص139، 141؛ وأوضح المسالك 1/ 16؛ وخزانة الأدب 7/ 432؛ ورصف المباني ص29، 3543؛ وشرح ابن عقيل ص17؛ وشرح عمدة الحافظ ص98؛ وشرح المفصل 4/ 15، 145، 7/ 9، ولسان العرب 14/ 244 "خنا"؛ والمنصف 1/ 224، 2/ 79؛ ونودر أبي زيد ص127.

5-

البيت من الكامل، وهو للنابغة الذبياني في ديوانه ص89؛ والأزهية ص211؛ والأغاني 11/ 8؛ والجني الداني ص146، 260؛ وخزانة الأدب 7/ 179، 198، 10/ 107؛ والدرر اللوامع 8/ 148، 9/ 18، 52؛ وشرح التصريح 1/ 36؛ وشرح شواهد المغني ص490، 764؛ وشرح المفصل 8/ 148، 9/ 18، 52؛ ولسان العرب 3/ 346 "قدد"؛ ومغني اللبيب ص171؛ والمقاصد النحوية 1/ 80، 2/ 314، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 56، 356؛ وأمالي ابن الحاجب 1/ 455؛ وخزانة الأدب 9/ 8، 11/ 260؛ ورصف المباني ص72، 125، 448، وسر صناعة الأعرب ص334، 490، 777؛ وشرح ابن عقيل ص18، وشرح قطر الندى ص160؛ وشرح المفصل 10/ 110، ومغني اللبيب ص342؛ والمقتضب 1/ 42، وهمع الهوامع 1/ 143، 2/ 80.

ص: 47

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

6-

أحار بن عمرو كأني خمرن

ويعدو على المرء ما يأتمرن

الأصل خمر ويأتمر، وقوله:

7-

وقاتم الأعماق خاوي المحترقن

الأصل المخترق وقوله:

8-

قالت بنات العم يا سلمى وإنن

كان فقيرًا معدما قالت وإنن

ــ

قوله: "أحار إلخ" حار منادى مرخم حارث. وخمر بفتح فكسر أي مخمور أي مستور العقل مغلوبه. ويعدو يسطو والواو استئنافية أو تعليلية على مذهب مجوز ذلك ولا حاجة إلى زيادة البعض كونها زائدة على مذهب الأخفش والكوفيين. ما يأتمرن ما مصدرية أي ائتماره لآمر غير رشيد قال في التصريح والمشهور تحريك ما قبله أي ما قبل التنوين الغالي بالكسره كما في صه ويومئذٍ واختار ابن الحاجب الفتح حملا على فتح ما قبل نون التوكيد الخفيفة. قال الموضح: وسمعت بعض العصرين يسكن ما قبله ويقول الساكنان يجتمعان في الوقف وهذا خلاف ما أجمعوا عليه. ا. هـ. ويظهر لي جواز تحريكه بضمته الثابتة له قبل لحوق التنوين فيكون رجوعا إلى الأصل. قوله: "وقاتم" أي ورب مكان قاتم والقاتم المظلم والأعماق جمع عمق بفتح العين وضمها ما يعد من أطراف المفازة مستعار من عمق البئر والخاوي الخالي والمخترق الممر الواسع لأن المار يخترقه أي يقطعه وخبر مجرور رب محذوف أي قطعته. قوله: "قالت بنات العم إلخ"

6- البيت من المتقارب، وهو لامرئ القيس في ديوانه ص154؛ وخزانة الأدب 1/ 374، 2/ 279، والدرر 5/ 179، ولسان العرب 4/ 30 "أمر" 4/ 254، 255 "خمر"، 6/ 239 "نفس"؛ والمقاصد النحوية 1/ 95، 4/ 264؛ وللنمر بن تولب في محلق ديوانه ص404، ولسان العرب 4/ 29 "أمر" وبلا نسبة في المقتضب 4/ 234.

7-

الرجز لرؤبة في ديوانه ص104؛ والأشباه والنظائر 2/ 35؛ والأغاني 10/ 157؛ وجمهرة اللغة ص408، 614، 941؛ وخزانة الادب 10/ 25 والخصائص 2/ 228؛ والدرر 4/ 195؛ وشرح أبيات سيبويه 10/ 80 "خفف"؛ 10/ 271 "عمق"؛ 15/ 133 "غلا"، ومغني اللبيب 10/ 342، والمقاصد النحوية 1/ 38؛ والمنصف 2/ 3، 308، وهمع الهوامع 2/ 639؛ وشرح ابن عقيل ص372؛ وشرح المفصل 2/ 118؛ والعقد الفريد 5/ 506؛ والكتاب 4/ 110؛ ولسان العرب 1/ 748 "هرجس" 3/ 373 "قيد" 12/ 461 "قتم"، 13/ 559 "وجه" وهمع الهوامع 2/ 80.

8-

الرجز لرؤبة في محلق ديوانه ص186؛ وخزانة الأدب 9/ 14، 16، 11/ 216؛ والدرر 5/ 88، وشرح التصريح 1/ 37؛ وشرح شواهد المغني 2/ 936؛ والمقاصد النحوية 1/ 104، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 18؛ والدرر 5/ 81، ورصف المباني ص106 وشرح التصريح 1/ 195؛ وشرح عمدة الحافظ ص370؛ ومغني اللبيب 2/ 649؛ والمقاصد النحوية 4/ 463؛ وهمع الهوامع 2/ 62، 80.

ص: 48

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فإن هاتين النونين زيدتا في الوقف كما زيدت نون ضيفن في الوصل والوقف وليستا من أنواع التنوين حقيقة لثبوتهما مع أل وفي الفعل والحرف، وفي الخط والوقف، وحذفهما في الوصل. ويسمى التنوين الغالي زاده الاخفش، وسماه بذلك لأن الغلو الزيادة وهو زيادة على الوزن. وزعم ابن الحاجب أنه إنما سمي غالبًا لقلته وقد عرفت إن إطلاق اسم التنوين على هذين مجاز فلا يردان على الناظم. وقد لغير توكيد آخر مخرج لنون التوكيد الثابتة في اللفظ دون الخط نحو لنسفعا. وهذا التعريف منطبق على أنواع التنوين

ــ

ضمير كان يرجع إلى البعل أي الزوج، وجواب الشرط الأول محذوف تقديره ترضين به، والثاني حذف فعله وجوابه وتقديرهما وإن كان فقيرا رضيت به. قوله:"فإن هاتين النونين" أي اللاحقة للقوافي المطلقة واللاحقة للقوافي المقيدة. وقوله: فإن هاتين النونين إلخ إن جعل تعليلا لإخراج قيد لا خطا هاتين النونين وجعل قوله: كما زيدت إلخ تنظيرا في الثبوت وقفا في قوّة التعليل لإخراجه نون ضيفن اتجه عليه أنه كان الصواب حينئذٍ أن يقول فإن هاتين النونين لحقتا خطا كما لحقت نون ضيفن خطا، لأن القيد المذكور في التعريف المخرج به ما ذكر قولنا لا خطا لا قولنا لا وقفا، فالمناسب أن يكون تفريعا على الشواهد المتقدمة لما فيها من زيادة النونين وقفا، قصد به الشارح بيان حالة زيادتهما في القوافي، فيكون قوله: كما زيدت إلخ تنظيرا في مطلق المخالفة للتنوين الحقيقي هذا. وكان الأولى أن يؤخر هذه الجملة والتي بعدها أعني قوله: وليستا إلخ عن قوله: ويسمى التنوين الغالي إلخ كما فعل الموضح لتعلق ما ذكره ثانيا بالنون الثانية المتكلم فيها قبل قوله: فإن هاتين إلخ وتعلق ما ذكره أولا بالنونين معا. بقي أن الدماميني نقل عن الزمخشري أن تنوين الترنم لا يؤتى به وقفا.

قوله: "وليستا من أنواع التنوين حقيقة" ذكره مع علمه من تعريف التنوين توطئة لذكر ما لم يعلم من التعريف وهو تعليل خروجهما بغير ثبوتهما في الخط لأن تعليل خروجهما بثبوتهما في الخط يعلم أيضا من التعريف. قوله: "وهو زيادة على الوزن" فهو في آخر البيت كالخزم بمعجمتين في أوله وهو زيادة أربعة أحرف فأقل أول البيت. قوله: "وزعم ابن الحاجب" لعل وجه تعبيره بالزعم أن ورود الغلو لغة بمعنى القلة غير معروف كما يشعر بذلك عدم ذكر صاحب القاموس له، أو أن التنوين الغالي ليس قليلا وإن أمكن دفع هذا بأن قلته بالنسبة لتركه. واختلف في فائدته فقيل الترنم فلا يصح أن يكون قسيما لتنوين الترنم وهذا إنما يتجه على القول الثاني الذي لم يجر عليه الشارح في قولهم: تنوين الترنم. وقيل: الإيذان بالوقف إذ لا يعلم في الشعر المسكن آخره للوزن أو أصل أنت أم واقف. قوله: "وقد عرفت" أي من خروجهما من تعريف التنوين. قوله: "مجاز" أي بالاستعارة علاقته المشاكلة التي هي المشابهة في الشكل والصورة كما بين في محله. ومن هذا يعلم ما في كلام شيخنا والبعض وشيخنا السيد من الخبط. قوله: "مخرج لنون التوكيد الثابتة في اللفظ دون الخط" وهي نون التوكيد الخفيفة التي قبلها فتحة

ص: 49

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وهي أربعة: الأول تنوين الأمكنية ويقال: تنوين التمكن وتنوين التمكين كرجل وقاض، سمي

ــ

على مذهب الكوفيين من رسمها ألفًا لا نونًا. أما على مذهب البصريين من كتابتها نونًا فهي خارجة بقيد لا خطا كما خرج به التي قبلها ضمة أو كسرة فيستغني عن قيد لغير توكيد أفاده شيخ الإسلام. قوله: "وهي أربعة" أي المشهور منها الكثير الوقوع أربعة. فلا يرد أنه بقي من أنواع التنوين الحقيقي المختصة بالاسم تنوين الحكاية كتنوين عاقلة علم امرأة حكاية لما قبل العلمية. وتنوين الضرورة كتنوين ما لا ينصرف في قوله:

ويوم دخلت الخدر خدر عنيزة

وكتنوين المنادى المضموم في قوله:

سلام الله يا مطر عليها

وتنوين الشذوذ حكى هؤلاء قومك بتنوين هؤلاء لتكثير اللفظ. وتنوين المناسبة كما في قراءة بعضهم سلاسلًا مع أن بعضهم أدخل الأولين في تنوين التمكين زاعمًا في القسم الأول أن تنوينه لما كان قبل العلمية تنوين صرف وحكي بعدها بقي على كونه تنوين صرف، ورده الدماميني بأنه ليس في لفظ الحكاية تنوين صرف قطعًا، وكيف يجامع تنوين الصرف ما فيه علتان مانعتان من الصرف ولا ينافي ذلك كونه في المحكي تنوين صرف، ألا ترى أن الحركة في مثل من زيدًا بالنصب حكاية لزيدًا في قول القائل: رأيت زيدًا حركة حكاية مع أنها في المحكي حركة إعراب، وزاعمًا في النوع الأول من القسم الثاني أن الضرورة أباحت الصرف. ورده الدماميني بأن تنوين الصرف هو التنوين الذي يدل على أمكنية الاسم وسلامته من شبه الحرف والفعل. والاسم الموجود فيه مقتضى منع الصرف قد ثبت شبهه بالفعل قطعًا كما ستعرفه. ودخول التنوين فيه عند الضرورة لا يرفع ما ثبت له من شبه الفعل غايته أن أثر العلتين قد تخلف للضرورة فالتحقيق أنه ليس تنوين صرف. ولا يرد قولهم يجوّز صرف غير المنصرف للضرورة لأنه منتقد. على أنهم قد يطلقون الصرف ويريدون به ما هو أعم من تنوين الأمكنية. وزاعمًا في النوع الثاني من القسم الثاني أن الضرورة لما أباحت التنوين أباحت الإعراب ويرد بأن سبب البناء قائم ولا ضرورة إلى الإعراب بل إلى مجرد التنوين فاعرف ذلك. قوله:"تنوين الأمكنية" من إضافة الدال إلى المدلول وكذا يقال فيما بعد. وتنوين الأمكنية هو اللاحق للاسم المعرب المنصرف. قوله: "ويقال تنوين إلخ" ويقال له تنوين الصرف أيضًا. قوله: "وتنوين التمكين" أي التنوين الدال على تمكين الواضع الاسم في باب الاسمية أو المراد بالتمكين التمكن. قوله: "كرجل وقاض" أي وزيد لأنه يدخل المعرفة والنكرة. وإنما مثل برجل ردًا على من زعم أن تنوين المنكر للتنكير، فقد رد بأنه لو كان كذلك لزال بزوال التنكير حيث سمي به واللازم باطل وقد منع بطلانه بأن تنوين التنكير زال وخلفه تنوين التمكين ولا يخفى تعسفه. وجوّز بعضهم كون تنوين المنكر للتمكين لكون الاسم منصرفًا، وللتنكير لكونه موضوعًا لشيء لا بعينه، ومثل بقاض

ص: 50

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بذلك لأنه لحق الاسم ليدل على شدة تمكنه في باب الاسمية أي أنه لم يشبه الحرف فيبني ولا الفعل فيمنع من الصرف، والثاني تنوين التنكير وهو اللاحق لبعض المبنيات في حالة تنكيره ليدل على التنكير، تقول سيبويه بغير تنوين إذا أردت معينًا، وإيه بغير تنوين إذا استزدت مخاطبك من حديث معين فإذا أردت غير معين قلت سيبويه وإيه بالتنوين، والثالث

ــ

دفعًا لتوهم أن التنوين عوض عن الياء المحذوفة لفساده بثبوت التنوين مع الياء في النصب. قوله: "لأنه لحق إلخ" هذا التعليل أنسب بالاسم الأول. قوله: "أي أنه" بيان للشدة. قوله: "فيبني" منصوب بأن مضمرة وجوبًا بعد فاء السببية في جواب النفي. قوله: "لبعض المبنيات" يعني العلم المختوم بويه قياسًا واسم الصوت سماعًا كما في التصريح. ولم يعين البعض بصريح العبارة اتكالًا على ظهور المراد. فلم تدخل هؤلاء في البعض حتى يرد أن تنوينها ليس للتنكير. قوله: "تقول سيبويه بغير تنوين إذا أردت معينًا" أي فهو حينئذٍ معرفة بالعلمية.

قوله: "وإيه بغير تنوين إذا استزدت مخاطبك من حديث معين" قال في التصريح فهو معرفة من قبيل المعرف بأل العهدية أي الحديث المعهود كذا قالوا، وهو مبني على أن مدلول اسم الفعل المصدر، وأما على القول بأن مدلوله الفعل فلا لأن جميع الأفعال نكرات. ا. هـ. وقوله: أي الحديث المعهود المناسب أي الزيادة المعهودة أي التي هي من حديث معين، وقوله: المصدر أي مدلوله وهو الحدث كما عبر به غيره. وقال محشيه الروداني قوله لأن جميع الأفعال نكرات فيه أنه اسم للفظ الفعل لا لمعناه الذي هو نكرة حتى يكون نكرة بل مسماه لفظ مخصوص فلا يشك في أنه علم له. ا. هـ. أي علم شخصي لما أسلفناه عن العصام أن اللفظ لا يتعدد بتعدد التلفظ، والتعدد بتعدده تدقيق فلسفي لا يعتبره أرباب العربية، وعبارة الشارح صالحة لحملها على هذا القول أيضًا. ولا يخفى أن ما ذكر من علمية اسم الفعل جار في المنوّن وغيره لأنه على كلا الحالين اسم للفظ المخصوص كما مر فكيف جعل المنوّن نكرة على القول بأنه اسم للفظ الفعل، ويظهر لي في التخلص عن ذلك أن المنوّن اسم للفظ الفعل المراد به أي فرد من أفراد حدثه، وغير المنوّن اسم للفظ الفعل المراد به فرد مخصوص من أفراد حدثه: فإيه مثلًا غير منوّن اسم للفظ زد المراد به طلب الزيادة من حديث معين، وإيه منوّنًا اسم للفظ زد المراد به طلب الزيادة من أي حديث، وأن معنى كون الثاني نكرة أنه في حكم النكرة ومشبه لها. وإنما لم يعتبروا التعريف والتنكير في الفعل بالطريق الذي اعتبروا به التعريف والتنكير في اسم الفعل لأنه لا ضرورة تدعو إلى مثل ذلك في الفعل بخلاف اسم الفعل فإنه من جملة الأسماء فأجروه مجراها. ويعتبر مثل ذلك في اسم الصوت فغاق بلا تنوين لحكاية صوت لغراب مخصوص وبالتنوين لحكاية صوت الغراب من غير ملاحظة خصوص. وفي كلام البعض هنا نظر يعلم وجهه مما ذكرناه فتأمل.

قوله: "استزدت" السين والتاء للطلب. قوله: "بإضافة بيانية" لأن بين المتضايفين عمومًا

ص: 51

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تنوين التعويض ويقال له: تنوين العوض بإضافة بيانية وبه عبر في المغني وهو أولى، وهو إما عوض عن حرف وذلك تنوين نحو جوار وغواش عوضا عن الياء المحذوفة في الرفع والجر هذا مذهب سيبويه والجمهور، وسيأتي الكلام على ذلك في باب ما لا ينصرف مبسوطًا إن شاء الله تعالى. وإما عوض عن جملة وهو التنتوين اللاحق لإذ في نحو يومئذ وحينئذ فإنه عوض عن الجملة التي تضاف إذ إليها الأصل يوم إذ كان كذا فحذفت

ــ

وجهيا. قوله: "وهو أولى" لعلة لأن البيانية أشهر من إضافة المسبب إلى السبب وقيل الأول أولى لأن الإضافة عليه حقيقية على معنى اللام. قوله: "نحو جوار وغواش" أي من كل اسم ممنوع الصرف منقوص كعواد وأعيم تصغير أعمى. قوله: "عوضًا عن الياء المحذوفة" أي لالتقاء الساكنين بناء على الراجح من حمل مذهب سيبويه. والجمهور على تقديم الإعلال على منع الصرف لتعلق الإعلال بجوهر الكلمة بخلاف منع الصرف فإنه حال للكلمة. فأصل جواز جواري بالضم والتنوين استثقلت الضمة على الباء فحذفت ثم حذفت الياء لالتقاء الساكنين ثم حذف التنوين لوجود صيغة منتهى الجموع تقديرًا لأن المحذوف لعلة كالثابت فخيف رجوع الياء لزوال الساكنين في غير المنصرف المستثقل لفظًا بكونه منقوصًا ومعنى بكونه فرعًا فعوّضوا التنوين من الياء لينقطع طمع رجوعها، أو للتخفيف بناء على حمل مذهبهم على تقديم منع الصرف على الإعلال: فأصله بعد منع صرفه جواري بإسقاط التنوين استثقلت الضمة على الياء فحذفت ثم حذفت الياء تخفيفًا وعوّض عنها التنوين لئلا يكون في اللفظ إخلال بالصيغة ومقابل مذهب سيبويه والجمهور ما قاله المبرد والزجاج أنه عوض عن حركة الياء ومنع الصرف مقدم على الإعلال فأصله بعد منع صرفه جواري بإسقاط التنوين استثقلت الضمة على الياء فحذفت وأتى بالتنوين عوضًا عنها ثم حذفت الياء لالتقاء الساكنين وكذا يقال في حالة الجر على الأقوال الثلاثة. وإنما كانت الفتحة حال الجر على تقديم منع الصرف ثقيلة لنيابتها عن ثقيل وهو الكسرة. ومن العوض عن حرف تنوين جندل فإنه عوض عن ألف والأصل جنادل على ما قاله ابن مالك واختار في المغني أنه للصرف أفاده في التصريح ببعض زيادة.

قوله: "لإذ في نحو يومئذٍ وحينئذٍ" قال المصنف: إضافة يوم إلى إذ من إضافة أحد المترادفين إلى الآخر. وقال الدماميني: للبيان كشجر أراك. وكأن الأول لم يعتبر تقييد إذ بما تضاف إليه والثاني اعتبره. وما ذكراه ظاهر إن كان المراد من اليوم مطلق الوقت كما هو أحد معانيه مع إطلاق إذ عن تقييدها بالزمن الماضي، أو كان المراد منه ما بين طلوع الفجر وغروب الشمس مع كون الوقت المستعمل فيه إذ كذلك، فإن كان المراد من اليوم مطلق الوقت وكانت إذ باقية على تقيدها بالزمن الماضي فالإضافة للبيان مطلقًا لعموم المضاف وخصوص المضاف إليه مطلقًا. وإن كان المراد منه ما بين طلوع الفجر وغروب الشمس وكان الوقت المستعمل فيه إذ أقصر من هذا القدر فمن إضافة الكل إلى الجزء. أو زائدًا عليه فمن إضافة الجزء إلى الكل وأما

ص: 52

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الجملة وعوض عنها التنوين. وكسرت إذ لالتقاء الساكنين كما كسرت صه ومه عند تنوينهما. وزعم الأخفش أن إذ مجرورة بالإضافة، وأن كسرتها كسرة إعراب. ورد بملازمتها للبناء لشبهها بالحرف في الوضع وفي الافتقار دائمًا إلى الجملة وبأنها كسرت حيث لا شيء يقتضي الجر في قوله:

9-

نهيتك عن طلابك أم عمرو

بعافية وأنت إذ صحيح

قيل: ومن تنوين العوض ما هو عوض عن كلمة وهو تنوين كل وبعض عوضًا عما

ــ

حينئذٍ فإضافته كإضافة يومئذٍ إذا أريد باليوم مطلق الوقت فافهم. ومثل إذ إذا على ما بحثه جماعة من المتأخرين من أنها تحذف الجملة بعدها ويعوض عنها التنوين نحو: {وَإِذًا لَآَتَيْنَاهُم} [النساء: 67]{إِذًا لَأَمْسَكْتُم} [الإسراء: 100] . {وَإِنَّكُمْ إِذًا لَمِنَ الْمُقَرَّبِين} [الشعراء: 42] . وتقول لمن قال غدًا آتيك إذًا أكرمك بالرفع أي إذا أتيتني أكرمك فحذفت الجملة وعوض عنها التنوين وحذفت الألف لالتقاء الساكنين. قالوا وليست إذا في هذه الأمثلة الناصبة للمضارع لأن تلك تختص به ولذا عملت فيه وهذه لا تختص به بل تدخل عليه وعلى الماضي وعلى الاسم. قوله: "فحذفت الجملة" أي جوازًا للاختصار. قوله: "وزعم الأخفش" قال بعضهم: حمله على ذلك أنه جعل بناءها ناشئًا عن إضافتها إلى الجملة فلما زالت من اللفظ صارت معربة. قوله: "ورد بملازمتها للبناء" أي على السكون وفيه أن ملازمتها للبناء هي دعوى مخالف الأخفش فكيف يرد عليه بهما؟ فكان الأولى أن يحذفها ويقول ورد بأنها تشبه الحرف، إلا أن يقدر مضاف أي باستحقاق ملازمتها للبناء.

قوله: "في قوله نهيتك إلخ" أجاب عن هذا الأخفش بأن الأصل حينئذٍ فحذف المضاف وبقي الجر كما في قراءة بعضهم: {وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآَخِرَة} [الأنفال: 67] أي ثواب الآخرة أفاده في المغني ويضعفه أنه تقدير أمر مستغنى عنه وأن إبقاء المضاف إليه على جره بعد حذف المضاف شاذ. والطلاب بكسر الطاء بمعنى الطلب وبعافية حال من الكاف الأولى أو الثانية أي حال كونك متلبسًا بعافية، وكذا وأنت إذ صحيح وهو بمعنى بعافية قاله الدماميني. قال الشمني وهو بناء على أنه بالفاء وقد رأيناه بالقاف في صحاح الجوهري في باب الذال المعجمة وعليه فبعاقبة متعلق بنهيتك أي بذكر عاقبة هذا الطلب لك. قوله:"قيل ومن تنوين العوض إلخ" حكاه بقيل لما قاله

9- البيت من الوافر، وهو لأبي ذؤيب الهذلي في خزانة الأدب 6/ 539، 543، 455؛ وشرح أشعار الهذليين 1/ 171؛ وشرح شواهد المغني ص260؛ ولسان العرب 3/ 476، "أذذ" 11/ 363 "شلل". 15/ 462 "أذ"؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 4/ 301؛ وتذكرة النحاة ص379؛ والجني الدائم 187، 490؛ وجواهر الأدب ص138، والخصائص 2/ 376؛ ورصف المباني ص347 وسر صناعة الإعراب ص504، 505؛ وشرح المفصل 3/ 29، 9/ 31؛ ومغني اللبيب ص86؛ والمقاصد النحوية 2/ 61.

ص: 53

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يضافان إليه ذكره الناظم. والرابع تنوين المقابلة وهو اللاحق لنحو مسلمات مما جمع بألف وتاء، سمي بذلك لأنه في مقابلة النون في جمع المذكر السالم في نحو مسلمين. وليس بتنوين الأمكنية خلافًا للربعي لثبوته فيما لا ينصرف منه وهو ما سمي به مؤنث

ــ

المصرح من أن التحقيق أن تنوينهما تنوين تمكين قال بعضهم: ولا مخالفة بين القولين فتنوينهما عوض عن المضاف إليه بلا شك وللتمكين لأن مدخوله معرب منصرف ومثلهما أي. قوله: "تنوين المقابلة" من إضافة المسبب إلى السبب. قوله: "لأنه في مقابلة النون في جمع المذكر السالم" قال في التصريح: قال الرضي: معناه أنه قائم مقام التنوين الذي في الواحد في المعنى الجامع لأقسام التنوين فقط وهو كونه علامة لتمام الاسم كما أن النون قائمة مقام التنوين الذي في الواحد في ذلك. ا. هـ. وقوله: أولًا الذي في الواحد يرد عليه أن الجمع بالألف والتاء قد لا يكون في واحده تنوين كما في فاطمات إلا أن يجعل التنوين في كلامه شاملًا للفظي والتقديري. ثم إنه يؤخذ مما ذكر أن المراد بالمقابلة المناظرة ولا يلزم من القيام المذكور كونه في رتبتها بل هو أحط منها لسقوطه مع اللام وفي الوقف دون النون لأن النون أقوى وأجلد بسبب حركتها. وما نقله الإسقاطي عن البيضاوي في قوله تعالى: {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَات} [البقرة: 198] من أن أل تدخل فيما فيه تنوين المقابلة زيفه حواشيه. قوله: "للربعي" بفتح الباء الموحدة نسبة إلى ربيعة كما في يحيى على المرادي. قوله: "هو ما سمي به مؤنث" لاجتماع مانعي الصرف فيه وهما العلمية والتأنيث وتنوين التمكين لا يجامع العلتين ولي فيه بحث لأن من ينون نحو عرفات ينظر إلى ما قبل العلمية فلا يعتبر الاجتماع المذكور كما أن من يمنعه التنوين ويجره بالفتحة ينظر إلى ما بعدها ومن يمنعه ويجره بالكسرة ينظر إلى الحالتين فافهم. قوله: "مردود بأن الكسر إلخ" وبأنه لو كان عوضًا عن الفتحة لم يوجد حالة الرفع والجر.

فائدة: قال في المغني يحذف التنوين لزومًا لدخول وللإضافة ولشبهها نحو لا مال لزيد إذا قدر الجار والمجرور صفة والخبر محذوفًا، فإن قدر خبرًا فحذف التنوين للبناء، وإن قدرت اللام مقحمة والخبر محذوفًا فهو للإضافة ولمانع الصرف وللوقف في غير النصب أما فيه فيبدل ألفًا على اللغة المشهورة وللاتصال بالضمير نحو رضا بك فيمن قال إنه غير مضاف ولكن الاسم علمًا موصوفًا بما اتصل به وأضيف إلى علم من ابن أو ابنة اتفاقًا أو بنت عند قوم من العرب. فأما قوله:

جارية من قيس بن ثعلبة

فضرورة ويحذف لالتقاء الساكنين قليلًا كقوله:

فألفيته غير مستعتب

ولا ذاكر الله إلا قليلا

وإنما آثر ذلك على حذفه للإضافة ليتماثل المتعاطفات في تعين التنكير لاحتمال ذاكر المضي فتفيده إضافته التعريف وقرئ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، اللَّهُ الصَّمَدُ} [الإخلاص: 2] بترك تنوين

ص: 54

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

كأذرعات لقرية، ولا تنوين تنكير لثبوته مع المعربات. ولا تنوين عوض وهو ظاهر. وما قيل إنه عوض عن الفتحة نصبًا مردود بأن الكسرة قد عوضت عنها "والندا" وهو الدعاء بيا أو إحدى أخواتها فلا يرد نحو:{يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ} [يس: 26] .

يا رب سار بات ما توسد

ألا يا اسجدوا في قراءة الكسائي لتخلف الدعاء عن يا فإنها لمجرد التنبيه. وقيل إنها للنداء والمنادى محذوف تقديره يا هؤلاء وهو مقيس في الأمر كالآية وفي الدعاء

ــ

أحد لتتماثل الكلمات في ترك التنوين {وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَار} [يس: 40] بترك تنوين سابق ونصب النهار ليماثل ما قبل العاطف في ترك التنوين وفي الحركة. ا. هـ. بإيضاح. والأصل في تحريكه لساكن يليه الكسر ومن العرب من يضمه إذا ولى الساكن ضم لازم نحو هذا زيد أخرج إليه فإن لم يكن لازمًا فليس إلا الكسر نحو زيد ابنك. همع. قوله: "والندا" قال في المصباح: النداء الدعاء وكسر النون أكثر من ضمها والمد فيهما أكثر من القصر. ا. هـ. فعلم أن لغاته أربع وأن القصر في عبارة المصنف ليس للضرورة بل على لغة، لكن المكسور الممدود مصدر قياسي وغيره سماعي لأن قياس مصدر فاعل كنادى الفاعل والمفاعلة ووجه الروداني لغة الضم والمد بأنه لما انتفت المشاركة في نادى كما لا يخفى كان في معنى فعل بلا ألف فمن ضم ومد لم يراع جهة اللفظ المقتضية للكسر والمد بل راعى جهة المعنى لأن المصدر المقيس لفعل الدال على الصوت فعال كصراخ ونباح وصرح كثير كالجوهري والمرادي بأن المضموم اسم لا مصدر. قوله:"وهو الدعاء إلخ" أي طلب إقبال مدخول الأداة بها. قوله: "فلا يرد" تفريع على تفسيره الندا بما ذكر لا بدخول حرف النداء الوارد عليه ما ذكر. قوله: "يا رب سار" أي عازم على السري لتحصيل غرضه بات ما توسدًا أي لم يضع رأسه على وسادة بل على نحو كفه لئلا يغلب عليه النوم فيفوت مقصوده. قوله: "فإنها لمجرد التنبيه" أي وحرف التنبيه لا يختص بالاسم. ولا ينافيه كونه يستدعي منبهًا والمنبه لا يكون إلا معنى اسم إذ يكفي في ذلك ملاحظة المنبه عقلًا من غير تقدير له في نظم الكلام لأنه لم يذكر بعد أداة التنبيه لفظًا أصلًا بخلاف النداء فاندفع ما اعترض به هنا. قوله: "تقديره يا هؤلاء" أي في الآيتين وأما في البيت فيقدر ما يناسب. قوله: "وهو مقيس" أي حذف المنادى مع كون حرف النداء يا خاصة. قوله: "ألا يا اسلمي" تقدير المنادى يا هذه. ومي قيل ترخيم مية للضرورة. وقيل مي اسم آخر لا ترخيم مية وعلى معنى من.

قوله: "وأل" المراد لفظ أل فهو حينئذٍ اسم همزتها همزة قطع كهمزات الأسماء غير المستثناة كما في شرح الجامع. وهذا التعبير هو اللائق على القول بأن حرف التعريف ثنائي الوضع وهمزته قطع وصلت لكثرة الاستعمال. وإلا قيس على القول بأنه ثنائي وهمزته وصل زائدة معتد بها في الواضع كالاعتداد بهمزة نحو استمع حيث لا يعد رباعيًّا نظرًا إلى الاعتداد بالهمزة. ويجوز على الثاني التعبير بالألف واللام نظرًا إلى زيادة الهمزة. أما على القول بأن المعرف اللام

ص: 55

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

كقوله:

ألا يا اسلمي يا دارمي على البلا

"وأل" معرفة كانت كالفرس والغلام، أو زائدة كالحرث وطبت النفس. ويقال فيها أم في لغة طيء، ومنه ليس من امبر امصيام في امسفر. وسيأتي الكلام على الموصولة.

وتستثنى الاستفهامية فإنها تدخل على الفعل نحو أل فعلت بمعنى هل فعلت حكاه قطرب، وإنما لم يستثنها لندرتها "ومسند" أي محكوم به من اسم أو فعل أو جملة نحو أنت قائم

ــ

وحدها فاللائق التعبير بالألف واللام أفاده المرادي. قوله: "ويقال فيها أم في لغة طيء" يمكن جعل في الأولى بدلية كالباء في: {أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآَخِرَة} [البقرة: 86] . وفي الثانية ظرفية أي ويقال: بدل أل أم في لغة طيء فلم يلزم تعلق حرفي جر بلفظ واحد بمعنى واحد بعامل واحد. قوله: "ومنه ليس إلخ" محمول كما قاله السيوطي على صوم النفل فلا يخالف قوله تعالى: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُم} [البقرة: 184] والحديث ورد بلفظ أل ولفظ أم كلاهما بسند رجاله رجال الصحيح كما قاله المناوي. قوله: "وسيأتي الكلام على الموصولة" حاصله أن الجمهور على اختصاصها بالاسم وأن دخولها على الفعل ضرورة. والناظم جوز دخولها على المضارع اختيار اختيارًا فلا تختص بالاسم عنده. قوله: "تدخل على الفعل" أي الماضي كما في التصريح. قوله: "لندرتها" أي والنادر كالعدم. قوله: "ومسند أي محكوم به" فلا يسند إلا إلى الاسم لكن تارة يراد من الاسم المسند إليه معناه وهو الأكثر نحو زيد قائم، وتارة يراد منه لفظه الواقع في تركيب آخر غير هذا التركيب الذي وقع فيه الإسناد إلى اللفظ نحو زيد ثلاثي وضرب فعل ماض ومن حرف جر لأن الكلمة إذا أريد لفظها كانت اسمًا مسماها لفظها الواقع في التركيب المستعمل في معناه، وهو أعني مسماها المذكور هو المحكوم عليه في الأمثلة الثلاثة، وليس المحكوم عليه فيها اللفظ الواقع فيه حتى يعترض بأن جعل ضرب ومن في ضرب فعل ماض ومن حرف جر اسمين ينافي الإخبار عن الأول بفعل ماض وعن الثاني بحرف جر. ويصح تسمية الإسناد في نحو الأمثلة الثلاثة بالإسناد المعنوي، لأن المحكوم عليه فيها معنى اللفظ الواقع فيها لما مر عن السعد التفتازاني أن الألفاظ موضوعة لا نفسها تبعًا لوضعها لمعانيها كما صح تسميته بالإسناد اللفظي لأن المحكوم عليه فيها لفظ كما عرفت. هذا هو التحقيق وإن كان المشهور تسميته بالثاني.

فائدة: إذا أسندت إلى الاسم مرادًا منه لفظه وكان لفظه مبنيًا جاز لك أن تعربه إعرابًا ظاهرًا بحسب العوامل كأن تقول ضرب بالرفع والتنوين ومن بالرفع والتنوين ما لم يمنع من الظهور مانع ككون آخر الاسم ألفًا كما في على حرف جر وإذا كان ثاني الكلمة الثنائية المراد لفظها حرف لين ضاعفته فتقول في لو لوّ، وفي في فيّ، وفي ما ماء، بقلب الألف الثانية الحادثة بالتضعيف همزة لامتناع اجتماع ألفين، وجاز لك أن تحكيه بحالة لفظه وهو الأكثر فيكون إعرابه مقدرًا منع

ص: 56

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقمت و {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ} [الحجر: 9] .

تنبيه: حمل الشارح لفظ مسند في النظم على إسناد فقال: ومسند أي إسناد إليه فأقام اسم المفعول مقام المصدر وحذف صلته اعتمادًا على التوقيف، ولا حاجة إلى هذا التكلف فإن تركه على ظاهره كاف، أي من علامات اسمية الكلمة أن يوجد معها مسند فتكون هي مسندًا إليها ولا يسند إلا إلى الاسم. وأما تسمع بالمعيدي خير من أن تراه فتسمع منسبك مع أن المحذوفة بمصدر والأصل أن تسمع أي سماعك. فحذفت أن،

ــ

من ظهوره حركة الحكاية أو سكونها، ولا يبعد إذا كان لفظه حرفًا أن يبنى للشبه اللفظي بالحرف. وجعل الرضي وتبعه الدماميني التفصيل بين حرف اللين والحرف الصحيح فيما جعل من ذلك علمًا لغير اللفظ. أما ما جعل علمًا للفظ وقصد إعرابه فيضعف ثانيه مطلقًا صحيحًا كان أو حرف لين. وسيأتي مزيد كلام في هذا المقام في بابي الحكاية والنسب. قوله:"على إسناد" هو كما مر ضم كلمة إلى أخرى على وجه الإنشاء أو الإخبار فهو أعم من كل منهما. قوله: "فأقام اسم المفعول مقام المصدر" فيه أن صيغة مفعل كمسند تأتي مصدرًا ميميًّا لأفعل كأسند كما تأتي اسم مفعول واسم زمان واسم مكان، فهلا جعل مسندًا من أول الأمر مصدرًا واستغنى عن تكلف هذه الإقامة. قوله:"وحذف صلته" أي الجار والمجرور المتعلقين به وهما إليه واحتاج إلى تقديرها لأن الإسناد بقطع النظر عنها لا يختص بالاسم بل يشاركه فيه الفعل إذ كل منهما يكون مسندًا. قوله: "اعتمادًا على التوقيف" أي التعليم اعترضه المرادي بأن الاعتماد على التوقيف لا يحسن في مقام التعريف ورده زكريا بأن الاعتماد عليه في مثل ذلك لا يؤثر. قوله: "ولا حاجة إلى هذا التكلف" مثله جعل اللام في للاسم بمعنى إلى متعلقة بمسند للاحتياج مع ذلك إلى تقدير صلة التمييز. وقول البعض لا حذف في الكلام على هذا غير صحيح إلا أن يريد نفي حذف متعلق مسند فقط. قوله: "ولا يسند إلا إلى الاسم" أي على الصحيح. وقيل: يجوز الإسناد إلى الجملة مطلقًا. وقيل: يجوز بشرط كون المسند قلبيًا واقترانه بمعلق نحو ظهر لي أقام زيد وجعلوا منه قوله تعالى: {ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآَيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ} [يوسف: 35] وهو على الأول مؤول بأن في بدا ضميرًا يعود على البداء المفهوم من الفعل، وليسجننه معمول لقول محذوف أي قالوا ليسجننه، وقيل بشرط ذلك وكون المعلق استفهامًا ويأتي بسطه في باب الفاعل. قوله:"تسمع بالمعيدي" تصغير معدي منسوب إلى معد بن عدنان. وإنما خففت الدال استثقالًا للجمع بين التشديدين مع ياء التصغير وهو مثل للرجل الذي له صيت في الناس لكنه محتقر المنظر. قوله: "فحذفت أن" أي ورفع المثل. قال الشمني: وحذف أن مع رفع الفعل ليس قياسيًا على المختار. ا. هـ. وجزم الروداني بأنه قياسي وأما رواية نصبه فعلى إضمارها لأن المضمر في قوة المذكور بخلاف المحذوف لكن نصبه على إضمارها في مثل ذلك شاذ كما ستعرفه في باب إعراب الفعل.

ص: 57

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وحسن حذفها وجودها في أن تراه. وقد روي أن تسمع على الأصل وأما قولهم زعموا مطية الكذب فعلى إرادة اللفظ مثل من حرف جر وضرب فعل ماض، فكل من زعموا ومن وضرب اسم للفظ مبتدأ وما بعده خبر "للاسم تمييز" عن قسيميه "حصل" تمييز مبتدأ والجملة بعده صفة له وللاسم خبر وبالجر متعلق بحصل. وقدم معمول الصفة على الموصوف الممنوع اختيارًا للضرورة وسهلها كونه جارًّا ومجرورًا. وإنما ميزت هذه الخمسة الاسم لأنها خواص له. أما الجر فلأن المجرور مخبر عنه في المعنى ولا يخبر إلا عن الاسم. وأما التنوين فلأن معانية الأربعة لا تتأتى في غير الاسم. وأما النداء فلأن المنادى

ــ

قوله: "وأما قولهم إلخ" هذا وارد على قوله ولا يسند إلا إلى الاسم. قوله: "زعموا مطية الكذب" أي مطية الحاكي قول غيره إلى نسبة الكذب إلى القول الذي يحكيه على ما قاله شيخنا. ويحتمل أن المراد مطية الكاذب إلى حكاية القول الكذب الذي يحكيه أي كالمطية في التوصيل إلى المقصود. ويروي مظنة بالظاء المشالة والنون. قوله: "اسم للفظ" أي علم شخصي للفظ الواقع في غير هذا التركيب من التراكيب المستعمل فيها اللفظ في معناه كما في سرت من البصرة، وضرب زيد كما مر مفصلًا. قوله:"تمييز" أي تميز لأنه الثابت للاسم لا التمييز الذي هو فعل الفاعل فهو من إطلاق المصدر على الحاصل به. قوله: "تمييز مبتدأ والجملة بعده صفة إلخ" هذا أحد الأوجه في إعراب البيت والمعنى عليه التمييز الحاصل بالجر وما عطف عليه كائن للاسم. ومنها أن يكون الخبر الجملة وللاسم متعلق بتمييز وبالجر متعلق بحصل. ومنها أن يكون الخبر بالجر والجملة صفة لتمييز وللاسم متعلق بحصل. وأوصلها أرباب الحواشي إلى سبعين وجهًا أو أكثر وفي كثير منها نظر يعلم بالتأمل فيما كتبوه. قوله: "الممنوع" صفة لمعمول الصفة فنائب فاعله ضمير عائد عليه لا على قوله الموصوف وإن أوهمه كلام البعض على حذف مضاف أي الممنوع تقديمه لأن الصفة متأخرة في الرتبة عن الموصوف فكيف يقدم ما هو فرعها عليه. ويحتمل أن الممنوع صفة للموصوف فنائب فاعله ضمير عائد عليه على حذف ثلاث مضافات وجار ومجرور أي الممنوع تقديم معمول صفته عليه وفي هذا تكلف كثير. وفي الذي قبله الفصل بين المنعوت والنعت بأجنبي. وأحسن منهما جعل الممنوع صفة لمفعول مطلق محذوف أي التقديم الممنوع. قوله: "مخبر عنه في المعنى" فزيد في مررت بزيد أو جاء غلام زيد مخبر عنه في المعنى على الأول بأنه ممرور به وعلى الثاني بأن له غلامًا. وإنما لم يكتفوا عن التمييز بالجر بالتمييز بالإخبار عنه لوضوح الجر في المجرور بخلاف كونه مخبرًا عنه.

قوله: "معانيه الأربعة" أي الحكم الأربع لأنواعه الأربعة: وهي دلالته على أمكنية الاسم، ودلالته على تنكيره، وكونه في جمع المؤنث السالم مقابلًا للنون في جمع المذكر السالم، وكونه عوضًا فالإضافة على تقدير مضاف أو هي لأدنى ملابسة. وإطلاق معنى الشيء على حكمته لأنها غرض مقصود منه كثير في كلامهم. قوله:"لا تتأتى في غير الاسم" أما الدلالة على

ص: 58

بتا فعلت وأتت ويا افعلي

ونون أقبلن فعل ينجلي

ــ

مفعول به والمفعول به لا يكون إلا اسمًا. وأما أل فلأن أصل معناه التعريف وهو لا يكون إلا للاسم. وأما المسند فلأن المسند إليه لا يكون إلا اسمًا.

تنبيه: لا يشترط لتمييز هذه العلامات وجودها بالفعل بل يكفي أن يكون في الكلمة صلاحية لقبولها "بتا" الفاعل متكلما كان نحو "فعلت" بضم التاء أو مخاطبًا نحو

ــ

أمكنية الاسم والدلالة على تنكيره فظاهرتان وأما كونه في جمع المؤنث السالم مقابلًا لنون جمع المذكر السالم فلأن الفعل والحرف لا يجمعان جمع مذكر ولا جمع مؤنث حتى يتصور فيهما ذلك. وأما كونه عوضًا فلأن العوضية إن كانت عن جملة فالفعل والحرف لا يعقبهما جملة، أو عن مضاف إليه فالمضاف لا يكون إلا اسمًا، أو عن حرف فالحرف المعوّض عنه إنما هو آخر الاسم الممنوع من الصرف. قوله:"فلأن المنادى مفعول به" قال شيخنا السيد: ظاهره لفظًا ومعنى وهو مذهب سيبويه والجمهور قالوا: المنادى مفعول به لفعل واجب الحذف تقديره أنادي. وقال ابن كيسان وابن الطراوة: بل هو مفعول به معنى ولا تقدير. ا. هـ. وفي حاشية السيوطي على المغني أن بعضهم ذهب إلى أن أحرف النداء أسماء أفعال متحملة لضمير المتكلم. قوله: "والمفعول به لا يكون إلا اسمًا" أورد عليه أمران: الأول أنه كان ينبغي حينئذٍ التعريف بمطلق المفعولية لا بخصوص النداء وأجاب ابن هشام بأن تلك علامة خفية لا يدركها المبتدي بخلاف كون الكلمة مناداة. وبحث فيه سم بأنه إن أراد بكون الكلمة مناداة مجرد دخول حرف النداء عليها لم يصح علامة لدخوله على غير الاسم أو كون مدلولها مطلوبًا إقباله ففي إدراك المبتدي إياه دون المفعولية نظر ظاهر. الثاني: أن المفعول به قد يكون جملة نحو أظن زيدًا أبوه قائم ونحو قال زيد حسبي الله. وأجيب بأنها مفرد في المعنى لأن المعنى أظن زيدًا قائم الأب وقال زيد هذا اللفظ أو هذا المقول. ويدل لهذا ما سننقله أن التحقيق أن الخبر في نحو نطقي الله حسبي من قبيل الخبر المفرد، فاستبعاد البعض كون مفعول القول مفردًا في المعنى غير متجه.

قوله: "وهو لا يكون إلا للاسم" لأن وضع الفعل على التنكير والإبهام والحرف غير مستقل. قوله: "بتا الفاعل" أشار الشارح بهذا إلى أنه ليس المقصود بقول المصنف بتا فعلت خصوص التاء المضمومة أو خصوص التاء المفتوحة مثلًا بل تاء الفعل مطلقًا من ذكر الملزوم وإرادة اللازم على طريق الكناية أو المجاز المرسل. ومثل ذلك يقال في قوله ويا افعلي ونون أقبلن. وقوله نحو إلخ يقتضي ضم التاء في عبارة المصنف مع أن الرواية الفتح ولعله آثر الأعرف وهو ضمير المتكلم والأشرف وهو الضم أو أشار إلى صحة غير المروي. ثم المراد بتاء الفاعل التاء الدالة بالمطابقة على من وجد منه الفعل أو قام به أو نفى عنه ذلك كضربت ومت وما ضربت وما مت. وبهذا علم أنه ليس المراد الفاعل الاصطلاحي للزوم القصور عليه بخروج التاء اللاحقة لكان وأخواتها ولزوم الدور حيث عرّف الفعل هنا بقبول تاء الفاعل وعرف الفاعل في بابه بأنه الاسم المسند إليه فعل ولا الفاعل اللغوي وهو من حصل منه الفعل لخروج التاء في نحو ما

ص: 59

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تباركت يا الله بفتحها أو مخاطبة نحو قمت يا هند بكسرها "و" تاء التأنيث الساكنة أصالة نحو "أتت" هند والاحتراز بالأصالة عن الحركة العارضة نحو قالت أمة بنقل ضمة الهمزة إلى التاء، وقالت امرأة العزيز بكسر التاس لالتقاء الساكنين، وقالتا بفتحها لذلك. أما تاء

ــ

ضربت ومت. وعلم أيضًا سقوط اعتراض جماعة كالبعض بدخول التاء في نحو ما قام إلا أنت لأنها ليست دالة بالمطابقة على نفس الفاعل بل الدال عليه أن والتاء حرف خطاب فقط. لكن بقي أنه لم تدخل التاء اللاحقة لليس حتى ينهض ما سيأتي من رد زعم حرفيتها بلحاق تاء الفاعل إذ لا يصدق عليها أنها تاء من وجد منه الفعل أو قام به أو نفي عنه لعدم دلالة ليس على الحدث وإن دلت بقية أخواتها عليه، نص على ذلك المصنف في تسهيله، بل هي تاء من نفى عنه الخبر اللهم إلا أن يراد بالفعل ما يشمل مدلول الخبر. وأما دخول اللاحقة لعسى فظاهر إذ هي تاء من قام به الرجاء أو انتفى عنه. ويتعين القصر في قول الناظم بتا للوزن وإن كان في نحو الباء والتاء والثاء المد والقصر كما في الهمع.

قوله: "وأتت" عطف على تا فعلت بتقدير مضاف أي وتاء أتت أو على فعلت مع جعل التاء في قوله بتاء من استعمال المشترك في معنييه كما أفاده سم فلا اعتراض بأن كلام المصنف يقتضي اتحاد تاء فعلت وتاء أتت مع أنهما نوعان متباينان. قوله: "التأنيث" أي تأنيث الفاعل فلا يرد تاء ربت وثمت على لغة سكونها نعم يرد أنه لم تدخل التاء اللاحقة لليس حتى ينهض ما سيأتي من رد زعم حرفيتها بلحاق تاء التأنيث، إذ ليست التاء في نحو ليست هند قائمة تاء تأنيث الفاعل بالمعنى المتقدم لما مر إلا أن يجاب بما مر. لكن الاعتراض بليس هنا وفيما مر آنفًا مبني على ما اشتهر أنها للنفي لا على ما يأتي عن السيد فتنبه. ويرد أيضًا أنه لم تدخل اللاحقة لعسى حتى ينهض ذلك إذ ليست التاء في نحو عست هند أن تقوم تاء المتصفة بالرجاء إذ المتصف به المتكلم، إلا أن يجاب بما مر أو بأن معنى عسى في الأصل قارب كما يأتي وهند مثلًا هي المتصفة بالمقاربة، وكذا تاء نعمت وبئست فإن معناهما إن كان أمدح وأذم ففاعلهما المتكلم والتاء ليست له، أو حسن وقبح فالفاعل الجنس وهو لا يتصف بذكورة ولا أنوثة. ويمكن اختيار الثاني. ويقال لما كان مدح الجنس لأجل تلك المؤنثة كان كأن الجنس مؤنث فتأمل. قوله:"الساكنة" هذا القيد للإخراج وقوله أصالة قيد لهذا القيد فيكون للإدخال. فقوله بعد والاحتراز بالأصالة عن الحركة العارضة أي عن خروج ذي الحركة العارضة. وإنما سكنت تاء الفعل للفرق بين تائه وتاء الاسم ولم يعكس لئلا ينضم ثقل الحركة إلى ثقل الفعل. قوله: "قالت أمة بنقل إلخ" هو رواية ورش عن نافع فهي سبعية. قوله: "لالتقاء الساكنين" أي للتخلص من التقائهما. قوله: "بفتحها لذلك" أي للتخلص من التقاء الساكنين واعلم أن لفتح التاء جهتين جهة عموم وهي جهة كونه حركة. وجهة خصوص وهي جهة كونه فتحًا: فعلة جهة العموم التخلص وعلة جهة الخصوص

مناسبة الألف. والكلام هنا في فتح التاء من جهة العموم بدليل قوله

ص: 60

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

التأنيث المتحركة أصالة فلا تختص بالفعل بل إن كانت حركتها إعرابًا اختصت بالاسم نحو فاطمة وقائمة وإن كانت غير إعراب فلا تختص بالفعل بل تكون في الاسم نحو لا حول ولا قوة إلا بالله، وفي الفعل نحو هند تقوم، وفي الحرف نحو رب وثمت. بهاتين العلامتين وهما تاء الفاعل وتاء التأنيث الساكنة رد على من زعم من البصريين كالفارسي حرفية ليس، وعلى من زعم من الكوفيين حرفية عيسى، وبالثانية رد على من زعم من الكوفيين كالفراء اسمية نعم وبئس.

تنبيه: اشترك التاءان في لحاق ليس وعسى، وانفردت الساكنة بنعم وبئس، وانفردات تاء الفاعل بتبارك، هكذا مشى عليه الناظم فإنه قال في شرح الكافية: وقد انفردت يعني تاء التأنيث بلحاقها نعم وبئس كما انفردت تاء الفاعل بلحاقها تبارك. وفي شرح الآجرومية للشهاب البجائي أن تبارك تقبل التاءين تقول: تباركت يا الله، وتباركت أسماء الله "ويا افعلي" يعني ياء المخاطبة ويشترك في لحاقها الأمر والمضارع نحو قومي يا هند، وأنت يا هند تقومين "ونون"

ــ

والاحتراز بالأصالة عن الحركة العارضة وقوله: أما تاء التأنيث المتحركة أصالة، فلهذا قال الشارح لذلك ولم يقل لمناسبة الألف فسقط ما اعترض به البعض وغيره على قوله لذلك فلا تكن من الغافلين.

قوله: "وإن كانت غير إعراب" بأن كانت حركة بناء كما في قوة، أو حركة بنية كما في تقوم فلا اعتراض على تمثيله. قوله:"نحو ربت وثمت" أي على لغة تحريك تاءيهما وهما ولات ولعلت على لغة من ألحق لعل تاء ساكنة، وليس من الحروف ما أنث بالتاء إلا هي كما نقله شيخنا السيد عن الشيخ إبراهيم اللقاني. قوله:"رد على من زعم من البصريين إلخ" أجاب الفارسي بأن لحاق التاء لليس لشبهها بالفعل في كونه على ثلاثة أحرف، وبمعنى ما كان، ورافعًا، وناصبًا كذا في الدماميني ومثله يجري في عسى. قوله:"حرفية ليس" أي قياسًا على ما النافية. نقل الروداني أن السيد ذكر في العباب أن ليس عند من جعلها فعلًا معناها ثبت انتفاؤه أي انتفاء وصف ما أسندت إليه وعليه الجمهور. وأن القول بأنها للنفي قول بحرفيتها لأن النفي معنى في الإسناد. ا. هـ. قوله: "حرفية عسى" أي قياسًا على لعل نقل الروداني أن السيد ذكر في العباب أن عسى زيد أن يخرج معناه الأصلي قارب زيد الخروج ثم صار إنشاء للرجاء. ا. هـ. وما قاله إنما يظهر على أنها فعل كما هو الصحيح أما على كونها حرفًا فهي للترجي. قوله: "في لحاق" بفتح اللام مصدر لحق بكسر الحاء. قوله: "وتباركت أسماء الله" قال في التصريح هذا إن كان مسموعًا فذاك وإلا فاللغة لا تثبت بالقياس. ا. هـ. وردّ بأن هذا ليس من إثبات اللغة بالقياس لأنه وضع اسم معنى على معنى آخر لجامع بينهما وما هنا ليس كذلك لأن غاية ما فيه إدخال علامة في فعل يصلح لدخولها.

قوله: "ويا افعلي" بقصر يا للوزن ولم يقل وياء الضمير أو وياء المتكلم للحوقهما الاسم

ص: 61

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

التوكيد ثقيلة كانت أو خفيفة نحو "أقبلن" ونحو لنسفعا. وقد اجتمعا حكاية في قوله: {لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونَنْ} [يوسف: 32] وأما لحاقها اسم الفاعل في قوله:

10-

أشاهرن بغدنا السيوفا

وقوله: 11-

أقائلن أحضروا الشهودا

فشاذ.

ــ

والفعل والحرف نحو مرّ بي أخي فأكرمني. وبهذه العلامة رد على من قال كالزمخشري بأن هات بكسر التاء وتعالى بفتح اللام اسمًا فعلى أمر: فهات بمعنى ناول وتعالى بمعنى أقبل. والصحيح أنهما فعلا أمر مبنيان على حذف حرف العلة إن خوطب بهما مذكر وعلى حذف النون إن خوطب بهما مؤنث. قوله: "يعني ياء المخاطبة" أي لا خصوص اللاحقة للأمر وإن أوهمته العبارة. وانظر لم لم يقل كسابقه ولاحقه وياء المخاطبة في الأمر نحو افعلي والمضارع نحو أنت يا هند تقومين ولعله للتفنن. قوله: {لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونَنْ} قيل أكدت في الأول بالثقيلة لقوة قصدها سجنه وشدة رغبتها فيه، وفي الثاني بالخفيفة لعدم قوة قصدها تحقيره وإهانته وعدم شدة رغبتها في ذلك لما عندها من المحبة له. قوله:"وأما لحاقها اسم الفاعل" وكذا الماضي في قوله:

دا من سعدك إن رحمت متيمًا

لولاك لم يك للصبابة جانحا

قوله: "أشاهرن" هو جمع كما يفيده صدر البيت:

يا ليت شعري منكم حنيفا

أي يا ليتني أعلم حال كوني حنيفًا منكم جواب هذا الاستفهام. وأما جعل البعض تبعًا للعيني حنيفًا مفعول شعري فيلزم عليه عدم ارتباط قوله أشاهرن إلخ بما قبله، على أن الرضي قال: التزم حذف الخبر في ليت شعري مردفًا باستفهام نحو ليت شعري أتأتيني أم لا؟ فهذا الاستفهام

10- صدر البيت:

يا ليت شعري منكم حنيفا

والرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص179، وخزانة الأدب 11/ 42، 427، 428، والمقاصد النحوية 1/ 122؛ وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص673؛ والجني الداني ص142؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 442؛ ولسان العرب 4/ 433 "شهر".

11-

الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص173؛ وشرح التصريح 1/ 42، والمقاصد النحوية 1/ 118، 3/ 648، 4/ 443؛ ولرجل من هذيل في حاشية ياسين 1/ 42؛ وخزانة الأدب 6/ 5؛ والدرر 5/ 176؛ وشرح شواهد المغني 2/ 758، ولرؤبة أو لرجل من هذيل في خزانة الأدب 11/ 420، 442، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 3/ 242؛ وأوضح المسالك 1/ 24؛ والجني الداني ص141؛ والخصائص 1/ 136؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 447؛ والمحتسب 1/ 193؛ ومغني اللبيب 1/ 336؛ همع الهوامع 2/ 79.

ص: 62

سواهما الحزف كهل وفي ولم

فعل مضارع يلي لم كيشم

ــ

"فعل ينجلي" مبتدأ. وخبر وسوغ الابتداء بفعل قصد الجنس مثل قولهم: تمرة خير من جرادة. وبتا متعلق بينجلي أي يتضح الفعل ويمتاز عن قسيميه بهذه العلامات لاختصاصها به فلا توجد مع غير إلا شذوذ كما تقدم.

تنبيه: قولهم في علامات الاسم والفعل يعرف بكذا أو بكذا هو من باب الحكم بالجميع لا بالمجموع أي كل واحد علامة بمفرده لا جزء علامة "سواهما" أي سوى

ــ

مفعول شعري والخبر محذوف وجوبًا بلا ساد مسده لكثرة الاستعمال. ا. هـ. فأصله أشاهرون فأدخلت نون التوكيد فحذفت نون الجمع لتوالي الأمثال ثم الواو لالتقاء الساكنين وكذا أقائلن كما يفيده كلام العيني. وروي أقائلون الشهودا أي على أن الولد الذي حبلت به تلك المرأة من حليلها كما قاله السيوطي، فالاسم معرب بالواو ولو كان مفردًا لأعرب مع النون بالحركة ولم يبن معها كالمضارع لأن الأصل في الاسم الإعراب بخلاف الفعل. وبحث الدماميني في الاستشهاد بالأخير بأنه يجوز أن يكون الأصل أقائل أنا فحذفت همزة أنا اعتباطًا وأدغم التنوين في النون. وفي هذا الاحتمال من البعد والمخالفة لرواية أقائلون ما يصحح الاستشهاد المبني على الظاهر فتدبر. قوله:"فشاذ" وسهل شذوذه مشابهته للمضارع لفظًا ومعنى. قوله: "قصد الجنس" أي في ضمن أفراد بعض أنواعه من غير تعيين لهذا البعض قبل اعتبار خصوص علامة من العلامات الأربع ومع تعيينه بعد اعتبار خصوص العلامة التي يقبلها، فإن اعتبر خصوص تاء الفاعل أو تاء التأنيث الساكنة تعين هذا البعض بكونه الماضي، أو خصوص نون التوكيد تعين بكونه المضارع أو الأمر، أو خصوص ياء المخاطبة فكذلك. فسقط بقولنا في ضمن أفراد ما قيل من أن الجنس الماهية الذهنية وهي لا تلحقها العلامات لعدم حصولها في الخارج، وبقولنا: بعض أنواعه إلخ ما قيل إن الجنس يوجد في ضمن جميع أفراده وجنس الفعل في ضمن جميع أفراده لا ينجلي بواحدة من العلامات الأربع إذ لا شيء منها يلحق الأنواع الثلاثة جميعًا. وجعل المعرب المسوّغ كون فعل قسيم المعرفة أي الاسم والحرف.

قوله: "وبتا متعلق بينجلي" إن قلت: يلزم عليه تقديم معمول الخبر الفعلي على المبتدأ وهو ممنوع قلت: هذا التقديم مغتفر هنا للضرورة أو لكون المعمول جارًّا ومجرورًا والظروف يتوسع فيها، مع أن منع هذا التقديم أحد مذهبين، وثانيهما جوازه وهو الأصح. قوله:"فلا توجد مع غيره" فيه إشارة إلى أن الباء في قوله لاختصاصها به داخلة على المقصور عليه. قوله: "من باب الحكم بالجميع" أي بكل فرد. قال شيخنا السيد: ولا حاجة لكون الباء بمعنى على لأن العلامات متعلقة بالمحكوم به لأن المعنى الفعل ينجلي بكل مما ذكر. وقوله: لا بالمجموع أي الأفراد معتبرًا فيها الهيئة الاجتماعية أي الحاصلة من اجتماع هذه العلامات. وقوله: أي كل واحد إلخ بيان لحاصل المعنى. ولو قال أي الفعل ينجلي بكل واحد مما ذكر لكان أوفق كما يعلم مما قدمناه عن شيخنا السيد. قوله: "سواهما" خبر مقدم والحرف مبتدأ مؤخر لأنه المحدث عنه فهو

ص: 63

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قابلي العلامات التسع المذكورة "الحرف" لما علم من انحصار أنواع الكلمة في الثلاثة، أي علامة الحرفية أن لا تقبل الكلمة شيئًا من علامات الأسماء ولا شيئًا من علامات الأفعال، ثم الحرف على ثلاثة أنواع: مشترك "كهل" فإنك تقول: هل زيد قائم وهل يقعد

ــ

المبتدأ وإن قلنا بتصرف سوى كما هو الراجح. قوله: "أي سوى قابلي العلامات" أشار بذلك إلى ما قاله ابن هشام من أن في كلام المصنف حذف مضافين والتقدير والحرف سوى قابلي علاماتهما، ولو لم يحصل على ذلك اختلّ فإنه قد علم من قوله:

واسم وفعل ثم حرف الكلم

أن كلا من الثلاثة غير الآخرين قطعًا. وأورد عليه سم في نكته أنه علم من قوله واسم إلخ أيضًا قطعًا أن الحرف سوى قابلي علامات الاسم والفعل للقطع بأن مقابل الشيء لا يقبل علاماته فما ذكره من التقدير مختل أيضًا، إلا أن يقال إن في هذا التقدير إشارة إلى أن علامة الحرف مجرد عدم قبول علاماتهما ولهذا قال الشارح بعد أي علامة الحرفية إلخ فهو بيان للمقصود من التقدير. ومنهم من جعل فائدة قوله سواهما الحرف التمهيد لتقسيمه إلى أقسامه الثلاثة. لا يقال هذا شامل للجملة لأنها لا تقبل شيئًا من علامات الاسم والفعل لأنا نقول جنس تعريفه الحرف بقوله سواهما الحرف كلمة مقدرة بقرينة أن الحرف من أقسام الكلمة والتقدير الحرف كلمة سواهما. قوله:"التسع المذكورة" هي وإن كان بعضها حروفًا في الواقع إلا أنها لم تجعل علامات بعنوان كونها حروفًا حتى يعترض بلزوم الدور في جعل عدم قبولها علامة الحرف بل بعنوان كونها ألفاظًا معينة بقطع النظر عن كونها حروفًا أولًا. وإنما قال الشارح التسع المذكورة لأنه لو عمم في العلامات وجعلها شاملة للعلامات التي لم تذكر هنا لكان في الكلام إحالة على مجهول. وأورد على كلامه أن من الأسماء ما لا يقبل شيئًا من هذه التسع كقط وعوض وحيث وبعض اسم الفعل. وأجيب بأن هذا تعريف بالأعم وهو جائز عند المتقدمين لإفادته التمييز في الجملة. وما قيل من أنه يؤدي إلى خطأ المبتدي إذ يعتقد حرفية بعض الأسماء دفع بأن التوقيف الذي لا يستغنى عنه المبتدي كاف في بيان اسمية ما انتفت عنه العلامات المذكورة. وقد يجاب عن أصل الإيراد بأنا لا نسلم أن ما ذكر لا يقبل الإسناد إليه لأن المراد بقبول الاسم ذلك ما هو أعم من أن يقبل بنفسه أو بمرادفه أو بمعنى معناه، وقط وعوض وحيث تقبله بمرادفها وهو الوقت الماضي والوقت المستقبل والمكان. واسم الفعل يقبله إما بمرادفه وهو المصدر بناء على أن مدلوله الحدث أو بمعنى معناه بناء على أن مدلوله لفظ الفعل، ونعني بمعنى معناه المعنى التضمني لمعناه فتنبه.

قوله: "أي علامة الحرفية أن لا تقبل إلخ" أورد عليه أن عدم قبول ما ذكر لا يصلح علامة للحرف لتصريحهم بأن العدم لا يصلح علامة للوجودي. وأجيب بأن ذلك في العدم المطلق وما هنا عدم مقيد. قوله: "ثم الحرف على ثلاثة أنواع" إشارة إلى نكتة تعداد المصنف الأمثلة. ولك أن تجعل نكتته الإشارة إلى أن الحرف مهمل وعامل العمل الخاص بالأسماء وعامل

ص: 64

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

"و" مختص بالأسماء نحو "في و" مختص بالأفعال نحو "لم".

تنبيهان: الأول إنما عدت هل من المشترك نظرًا إلى ما عرض لها في الاستعمال من دخولها على الجملتين نحو: {فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ} [الأنبياء: 80] و: {هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ} [المائدة: 112] لا نظرًا إلى أصلها من الاختصاص بالفعل، ألا ترى كيف وجب النصب وامتنع الرفع بالابتداء في نحو هل زيدًا أكرمته كما سيجيء في بابه، ووجب كون زيد فاعلًا لا مبتدأ في هل زيد قام التقدير هل قام زيد قام وذلك لأنها إذا لم تر الفعل في

ــ

العمل الخاص بالأفعال لكن يرد على هذا ترك العامل العمل المشترك. ومراد الشارح بالأنواع الأنواع اللغوية وهي الأصناف من الشيء لا المنطقية لأن الحرف نوع من جنس الكلمة والكليات المندرجة تحت النوع ليست أنواعًا بل هي أصناف. ثم الأنواع الثلاثة التي ذكرها الشارح بالبسط ثمانية لأن المشترك إما مهمل لا عمل له وهو الأصل فيه كهل وبل، أو عامل على خلاف الأصل كما ولا وإن المشبهات بليس. والمختص بالأسماء إما عامل العمل الخاص بها وهو الأصل كفى أو غير الخاص كإن وأخواتها أو مهمل كلام التعريف. والمختص بالأفعال كذلك كلم ولن وقد. وما جاء على الأصل لا يسأل عنه، وما جاء على خلافه يسأل عن حكمة مخالفته الأصل وسيذكر الشارح ذلك. قوله:"لا نظرًا إلى أصلها من الاختصاص بالفعل" إنما كان أصلها ما ذكر لأنها في الأصل بمعنى قد كما في: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَان} [الإنسان: 1] وقد مختصة بالفعل لكنها لما تطفلت على همزة الاستفهام انحطت رتبتها عن الاختصاص. قوله: "ألا ترى" استدلال على اختصاصها بحسب الأصل بالفعل والاستفهام للتقرير بالرؤية كهو في: {أَلَمْ نَشْرَح} ، لأن الاستفهام التقريري حمل المخاطب على الإقرار بالحكم الذي يعرفه من إثبات كما في:{أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ} [الشرح: 1]{أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَه} [الزمر: 36] أو نفي كما في: {أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّه} [المائدة: 116]، لا حمل المخاطب على الإقرار بما يلي الهمزة دائمًا وإلا ورد مثل هذه الآيات وإنما أولى الهمزة ضد المقرر به في مثل هذه الآيات لنكتة ككون إيراد الكلام على صورة ما يزعمه الخصم أبعث له على إصغائه إليه وإذعانه للحق الذي هو المقر به فاعرفه. وقال شيخنا السيد الاستفهام للإنكار أي لإنكار نفي الرؤية. قوله:"كيف وجب" الجملة في محل نصب لسدها مسد مفعولي ترى المعلق بالاستفهام وكيف في محل نصب على الحالية من فاعل وجب. قوله: "في نحو هل زيدًا أكرمته" هذا والمثال بعده يدلان على أن هل يجوز أن يليها لفظًا اسم بعده فعل اختيارًا مرفوعًا كان أو منصوبًا وأنه يكفي في هذه الصورة أن يليها تقديرًا فعل وهو مذهب الكسائي ومذهب سيبويه أن الفعل متى وجد في حيزها لا يجوز أن يليها لفظًا اسم في الاختيار وأنه لا يكفي حينئذٍ أن يليها تقديرًا فعل.

قوله: "وذلك" أي المذكور من وجوب النصب على المفعولية لمحذوف في هل زيد

ص: 65

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

حيزها تسلت عنها ذاهلة، وإن رأته في حيزها حنت إليه لسابق الألفة فلم ترض حينئذ إلا بمعانقته. الثاني حق الحرف المشترك الإهمال، وحق المختص يقبل أن يعمل العمل الخاص بذلك القبيل، وإنهما عملت ما ولا وإن النافيات مع عدم الاختصاص لعارض الحمل على ليس، على أن من العرب من يهملهن على الأصل كما سيأتي. وإنما لم تعمل ها التنبيه وأل المعرفة مع اختصاصهما بالأسماء، ولا قد والسين وسوف وأحرف المضارعة مع اختصاصهن بالأفعال لتنزيلهن منزلة الجزء من مدخولهن، وجزء الشيء لا يعمل فيه. وإنما لم تعمل إن وأخواتها وأحرف النداء الجر لما يذكر في موضعه. وإنما عملت لن النصب

ــ

أكرمته، ووجوب الرفع على الفاعلية لمحذوف في هل زيد قام ثابت لأنها إلخ هكذا ينبغي فهم العبارة وما قاله البعض في حلها غير ظاهر. قوله:"في حيزها" أي قرب حيزها لاشتغال حيزها بها أو المراد بحيزها تركيبها أي التركيب التي هي فيه. قوله: "ذاهلة" أي غافلة عنه تركًا له في مقابلة تركه لها. قوله: "حنت" بالتشديد والتخفيف. قوله: "لسابق الألفة" أي للألفة السابقة. قوله: "إلا بمعانقته" أي ولو تقديرًا على ما مشى عليه الشارح قيل من مذهب الكسائي أما على مذهب سيبويه فلا ترضى إلا بمعانقته لفظًا. قوله: "حق الحرف المشترك الإهمال" استظهر بعضهم أن حقه عدم العمل الخاص لا عدم العمل مطلقًا. قوله: "أن يعمل العمل الخاص" لتظهر مزية الاختصاص الدال على قوة تأثير الحرف في القبيل المختص به. قوله: "لعارض الحمل" أي لعارض هو الحمل فالإضافة للبيان أو للحمل على ليس العارض فالإضافة من إضافة الصفة إلى الموصوف والحمل القياس والجامع فيه إفادة كل النفي. قوله: "ها التنبيه" بالقصر ولا يجوز المد لأنه علم على الكلمة المركبة من هاء وألف فنكر وأضيف إلى التنبيه إضافة الدال إلى المدلول ليتضح المراد به، ولو مدّ اقتضى أن لنا هاء مفردة تكون للتنبيه وليس كذلك أفاده يس. قوله:"وأل المعرفة" قيد بالمعرفة مراعاة لمذهب المصنف من عدم اختصاص الموصولة بالأسماء. ولا ترد الزائدة لأنها في الأصل المعرفة فهي داخلة في عبارته فاندفع ما اعترض به البعض. قوله: "لتنزيلهن" أي الستة. ووجه التنزيل في ها التنبيه وأل وأحرف المضارعة أن العامل يتخطاها ويعمل فيما بعدها. ووجهه في قد والسين وسوف أن قد تفيد قرب الفعل من الحال أو تحقيقه أو تقليله، ومقابليها يفيدان تأخره فمجموع الفعل وأحد الثلاثة بمنزلة كلمة دالة وضعًا على الحدث وقربه أو تحقيقه أو تقليله أو تأخره، لكن في كون أحرف المضارعة بمنزلة الجزء نظر فإنها أجزاء من المضارع حقيقة لا تنزيلًا. وقوله: لتنزيلهن إلخ أورد عليه بعضهم أن وكي المصدريتين لعملهما في المضارع مع كونهما بمنزلة الجزء لأنهما موصولتان. وعلل عدم عمل تلك الحروف بأنها مخصصة لمدخولها والمخصص للشيء كالوصف له والوصف لا يعمل في الموصوف فتأمله.

قوله: "لما يذكر في موضعه" أي من شبه إن وأخواتها بالأفعال في المعنى فإن وأن يشبهان أؤكد، وليت أتمنى، ولعل أترجى، وكأن أشبه، ولكن استدرك ومن نيابة أحرف النداء عن

ص: 66

وماضي الأفعال بالتاء مز وسم

وبالنون فعل الأمر إن أمر فهم

ــ

دون الجزم حملًا على لا النافية للجنس لأنها بمعناها، على أن بعضهم جزم بها كما سيأتي. ولما كانت أنواع الفعل ثلاثة: مضارع وماض وأمر أخذ في تمييز كل منها عن أخويه مبتدئًا بالمضارع لشرفه بمضارعته الاسم أي بمشابهته كما سيأتي بيانه فقال: "فعل مضارع يلي" أي يتبع "لم "النافية أي ينفى بها "كيشم" بفتح الشين مضارع شممت الطيب ونحوه بالكسر من باب علم يعلم، هذه اللغة الفصحى. وجاء أيضًا من باب نصر ينصر، حكى هذه اللغة الفراء وابن الإعرابي ويعقوب وغيرهم؛ ولا عبرة بتخطئة ابن درستويه العامة في النطق بها "وماضي الأفعال بالتا" المذكورة أي تاء فعلت وأتت "مز" لاختصاص كل منهما به. ومز أمر من مازه يميزه. يقال: مزته فامتاز. وميزته فتميز "وسم" أي علم "بالنون" المذكورة أي نون التوكيد "فعل الأمر إن أمر" أي طلب "فهم" من اللفظ أي علامة فعل الأمر مجموع شيئين: إفهام الكلمة الأمر اللغوي وهو الطلب. وقبولها نون التوكيد فالدور منتف. فإن قبلت الكلمة النون ولم تفهم الأمر فهي مضارع نحو هل تفعلن.

ــ

أدعو. قوله: "وإنما عملت لن النصب إلخ" هذا سؤال يجري في أن وكي وإذن الناصبات للمضارع أيضًا دون الجواب فتدبر. قوله: "لأنها بمعناها" أي ملابسة لمعناها أي لجنس معناها وهو مطلق النفي فلا يرد أن لا لنفي الجنس ولن لمطلق النفي. قوله: "لشرفه" ولسبق الاستقبال على المضي فإن الغد المستقبل يصير ماضيًا، هذا إذا كان الزمن المتصف بالاستقبال والمضي واحدًا فإن كان متعددًا كأمس وغد فالماضي سابق؛ كذا قال الشمني وبه يجمع بين القولين. قوله:"بمضارعته الاسم" أي المصوغ للفاعل لفظًا لموافقته له في السكنات والحركات وعدد الحروف بقطع النظر عن خصوص الحركة والحرف ومعنى لدلالة كل منهما على الحال والاستقبال. قوله: "لم النافية" الصفة لازمة. قوله: "وماضي الأفعال" الإضافة على معنى من التبعيضية. قوله: "بالتاء المذكورة" أي فأل للعهد الذكرى والمعهود التاء المتقدمة بنوعيها على أنها من باب استعمال المشترك في معنييه كما مر. ولا يجوز أن تكون للجنس لدخول التاء الخاصة بالأسماء فيه كما قاله الراعي. قوله: "فهم من اللفظ" أي باعتبار وضعه فلا يرد الأمر المستعمل في غير الطلب مجازًا لأن عدم فهم الطلب منه باعتبار القرينة لا الوضع، على أن القرينة إنما تمنع إرادة المعنى الحقيقي لا فهمه أي تصوره عند سماع اللفظ. والمراد بقوله من اللفظ من صيغته فلا يرد المضارع المقرون بلام الأمر لأن انفهام الطلب ليس من صيغة المضارع بل من اللام. قوله:"وقبولها نون التوكيد" صريح في قبول هات وتعال على الصحيح من فعليتهما نون التوكيد وإن لم يسمعا بها قاله الروداني فيجوز هاتين وتعالين بإعادة اللام مفتوحة كما تقول أرمين وأخشين.

قوله: "فالدور" أي الحاصل من أخذ الأمر في تعريف فعل الأمر منتف وهذا تفريع على تفسير الأمر في قوله إن أمر فهم بالأمر اللغوي الذي هو الطلب فالمعلم الأمر الاصطلاحي

ص: 67

والأمر إن لم يك للنون محل

فيه هو اسم نحو صه وحيهل

ــ

أو فعل تعجب نحو أحسنن بزيد. فإن أحسن لفظه لفظ الأمر وليس بأمر على الصحيح كما ستعرفه "والأمر" أي اللفظ الدال على الطلب "إن لم يك للنون محل فيه" فليس

ــ

والمعلم به اللغوي. قوله: "فإن قبلت الكلمة إلخ" لما لم يتكلم المصنف على مفهوم هذا القيد كما تكلم على مفهوم قبول النون تكلم الشارح على مفهومه بقوله: فإن قبلت الكلمة إلخ لكن كان الأنسب ذكره بعد قول المصنف الآتي والأمر إلخ. قوله: "أو فعل تعجب" فيه أن دخول النون على فعل التعجب شاذ والكلام في قبول الكلمة النون قياسًا، وإلا كان عليه ذكر اسم الفاعل والماضي لورود تأكيدهما بها شذوذًا فالمناسب ترك فعل التعجب. قوله:"كما ستعرفه" أي في بابه. قوله: "والأمر" مبتدأ خبره هو اسم وجواب الشرط محذوف دل عليه الخبر، وكأن قول الشارح فليس بفعل أمر إشارة إلى تقديره. ومن جعل هو اسم جزاء الشرط حذفت منه الفاء للضرورة سها عن قولهم متى اجتمع مبتدأ وشرط وكان المبتدأ مقدمًا فإن لم يقترن ما وقع بعد بالفاء ولم يصلح لمباشرة الأداة كان خبرًا والجزاء محذوف وإن اقترن بالفاء أو صلح لمباشرة الأداة كان جواب الشرط والخبر محذوف كذا قال البعض. ونقل شيخنا السيد عن شيخه ابن الفقيه أن الخبر في الحالة الثانية مجموع الشرط والجواب وهو المتجه عندي. ثم رأيت صاحب المغني في خاتمة الباب الخامس منه جزم بهذا وجوز ما جوزه البعض وما منعه في قول ابن معطي:

اللفظ أن يفد هو الكلام

فيحمل ما نقله البعض في الحالة الأولى على السعة. وبقي حالة ثالثة وهي أن يكون المبتدأ اسم الشرط وفي خبره حينئذٍ ثلاثة أقوال: قيل: فعل الشرط وقيل: جوابه وقيل: مجموعهما والأصح الأول، فيكون من الخبر المفيد بتابعه فافهم.

قوله: "أي اللفظ الدال" أي بنفسه فخرج لام الأمر لأن دلالة الحرف بغيره. وفي كلامه إشارة إلى أن في كلام المصنف حذف مضاف أي دال الأمر وأن المراد بالأمر الأمر اللغوي لا الاصطلاحي فلا منافاة بين المبتدأ والخبر. وفي عبارته ميل إلى أن مدلول اسم الفعل معنى الفعل لا لفظه ويوافقه قوله بعد الدالة على معنى المضارع وقوله الدالة على معنى الماضي. وفي قوله الآتي فإن معناه اسكت وقوله معناه أقبل إلخ ميل إلى أن مدلوله لفظ الفعل وهو الراجح. قال سعد الدين في حاشيته على الكشاف: كل لفظ وضع بإزاء معنى اسمًا كان أو فعلًا أو حرفًا فله اسم علم هو نفس ذلك اللفظ من حيث دلالته على ذلك الاسم أو الفعل أو الحرف، كما تقول في قولنا خرج زيد من البصرة خرج فعل وزيد اسم ومن حرف جر فتجعل كلا من الثلاثة محكومًا عليه، لكن هذا وضع غير قصدي لا يصير به اللفظ مشتركًا ولا يفهم منه معنى مسماه، وقد اتفق لبعض الأفعال أن وضع لها أسماء أخر غير ألفاظها تطلق ويراد بها الأفعال من حيث دلالتها على معانيها وسموها أسماء الأفعال: فصه مثلًا اسم موضوع بإزاء لفظ اسكت لكن لا يطلق ويقصد به

ص: 68

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بفعل أمر بل "هو اسم" إما مصدر نحو "فند لا زريق المال" أي اندل. وأما اسم فعل أمر "نحو صه" فإن معناه اسكت "وحيهل". معناه. أقبل. أو قدم. أو عجل ولا محل للنون فيهما.

تنبيهات: الأول كما ينتفي كون الكلمة الدالة على الطلب فعل أمر عند انتفاء قبول النون كذلك ينتفي كون الكلمة الدالة على معنى المضارع فعلًا مضارعًا عند انتفاء قبول لم. كأوه بمعنى أتوجع. وأف بمعنى أتضجر. وينتفي كون الكلمة الدالة على معنى الماضي فعلًا ماضيًا عند انتفاء قبول التاء كهيهات بمعنى بعد. وشتان بمعنى افترق. فهذه أيضًا أسماء أفعال فكان الأولى أن يقول:

وما يرى كالفعل معنى وانخزل

عن شرطه اسم نحو صه وحيهل

ليشمل أسماء الأفعال الثلاثة ولعله إنما اقتصر في ذلك على فعل الأمر لكثرة مجيء اسم الفعل بمعنى الأمر وقلة مجيئه بمعنى الماضي والمضارع كما ستعرفه. الثاني إنما يكون

ــ

نفس اللفظ كما في الأعلام المذكورة بل ليقصد به اسكت الدال على طلب السكوت حتى يكون صه مع أنه اسم لأسكت كلامًا تامًا، بخلاف اسكت الذي هو اسم لأسكت الذي هو فعل أمر في قولك اسكت فعل أمر. ا. هـ. وبقي قولان آخران كون مدلوله الحدث وكون اسم الفعل فعلًا فالأقوال أربعة كما في الروداني.

قوله: "محل" مصدر ميمي بمعنى حلول. قوله: "إما مصدر" فيه أن المصدر لم يدل على الأمر بل ناب مناب الدال عليه وهو فعل الأمر قاله الروداني ويمكن دفعه بأن يراد بالدلالة الدلالة ولو باعتبار النيابة عن الدال. قوله: "نحو صه وحيهل" لو مثل بنزال ودراك كما فعل صاحب التوضيح لكان أحسن لأن اسمية صه وحيهل علمت مما تقدم لقبولهما التنوين. وفي حيهل ثلاث لغات: سكون اللام وفتحها منونة وبلا تنوين، وكلام المصنف يحتمل الأولى والأخيرة وكذا الثانية بناء على اللغة القليلة من الوقف على المنصوب المنون بالسكون كالمرفوع والمجرور. ونقل شيخنا السيد لغة رابعة هي أبدال الحاء عينًا وانظر ضبط اللام على هذه اللغة. قوله:"معناه أقبل أو قدم أو عجل" يتعدى على الأول بعلى وعلى الثاني بنفسه وعلى الثالث بالباء. قوله: "ولا محل" أي حلول كما مر. قوله: "كذلك" تأكيد لقوله كما. قوله: "فكان الأولى أن يقول" قال ابن غازي ولو شاء التصريح بالثلاثة لقال:

وما يكن منها لذي غير محلّ

فاسم كهيهات ووي وحيهل

أي وما يكن من الكلمات الدالة على معاني الأفعال الثلاثة غير محل لهذه العلامات المذكورة للفعل فهو اسم إلخ. قوله: "عن شرطه" أي علامته. قوله: "أسماء الأفعال الثلاثة" يصح جر الثلاثة ونصبها. قوله: "كما ستعرفه" أي من قول الناظم في باب اسم الفعل:

ص: 69

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

انتفاء قبول التاء دالًّا على انتفاء الفعلية إذا كانت للذات فإن كان لعارض فلا وذلك كما في أفعل في التعجب. وما عدا وما خلا وحاشا في الاستثناء. وحبذا في المدح. فإنها لا تقبل إحدى التاءين مع أنها أفعال ماضية. لأن عدم قبولها التاء عارض نشأ من استعمالها في التعجب والاستثناء والمدح. بخلاف أسماء الأفعال فإنها غير قابلة للتاء لذاتها. الثالث إنما دل انتفاء قبول لم والتاء والنون على انتفاء الفعلية مع كون هذه الأحرف علامات والعلامة ملزومة لا لازمة فهي مطردة ولا يلزم انعكاسها. أي يلزم من وجودها الوجود ولا يلزم من عدمها العدم لكونها مساوية للازم فهي كالإنسان وقابل الكتابة يستلزم نفي كل منهما نفي الآخر. بخلاف الاسم وقبول النداء فإن قبول النداء علامة للاسم ملزومة له وهي أخص منه إذ يقال كل قابل للنداء اسم ولا عكس. وهذا هو الأصل في العلامة.

ــ

وما بمعنى افعل كآمين كثر

وغيره كوى وهيهات نزر

قوله: "إذا كان" أي هذا الانتفاء للذات أي ذات الكلمة. قوله: "وما عدا إلخ" أي وعدا وخلا من ما عدا وما خلا وحب من حبذا. قوله: "لأن عدم قبولها التاء عارض إلخ" أي كما عرض لسبحان ولبيك ونحوهما عدم قبول خواص الأسماء من التزام طريقة واحدة. قوله: "نشأ من استعمالها في التعجب إلخ" أي من استعمالها فيما ذكر استعمال الأمثال التي تلزم طريقة واحدة. قوله: "والعلامة ملزومة لا لازمة" أي الغالب فيها ذلك كما يعلم مما بعده أي وانتفاء الملزوم وهو العلامة لا يوجب انتفاء اللازم وهو المعلم لجواز كون اللازم أعم كالضوء للشمس والأعم ينفرد عن الأخص. قوله: "فهي مطردة إلخ" اطراد الشيء استلزام وجوده وجود شيء آخر وانعكاسه استلزام عدمه عدم شيء آخر، فقول الشارح أي يلزم من وجودها الوجود تفسير لقوله مطردة؛ وقوله ولا يلزم من عدمها العدم تفسير لقوله ولا يلزم انعكاسها على اللف والنشر المرتب لكن في قوله ولا يلزم انعكاسها حزازة ولو قال ولا ينعكس لكان مستقيمًا لما علمت من أن الانعكاس استلزام العدم للعدم. قوله:"لكونها" علة لقوله دل. قوله: "مساوية للازم" أي لازمها وهو المعلم: أي والملزوم المساوي للازمة مطرد منعكس، فقولهم العلامة غير منعكسة محله إذا لم تكن مساوية للمعلم. وأجاب ابن قاسم في نكته بأن قبول ذلك مع كونه علامة هو شرط لازم فلزم من عدم القبول العدم من جهة كونه شرطًا لازمًا لا من جهة كونه علامة إذ الشرط يلزم من عدمه العدم. قوله:"وهي أخص" لم يرد بالأخص ما هو المتبادر منه وهو ما يصح حمل الأعم عليه بل ما يلزم من وجوده وجود الأعم من غير عكس. قوله: "وهذا هو الأصل" أي الغالب.

ص: 70