المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كان وأخواتها: ‌ ‌مدخل   ترفع كان المبتدا اسما والخبر … تنصبه ككان سيدا - حاشية الصبان على شرح الأشمونى لألفية ابن مالك - جـ ١

[الصبان]

الفصل: ‌ ‌كان وأخواتها: ‌ ‌مدخل   ترفع كان المبتدا اسما والخبر … تنصبه ككان سيدا

‌كان وأخواتها:

‌مدخل

ترفع كان المبتدا اسما والخبر

تنصبه ككان سيدا عمر

ــ

كلا ولكن ما أبديه من فرق

فكي يغروا فيغريهم بي الطمع

وقال الآخر:

175-

فوالله ما فارقتكم قاليًا لكم

ولكن ما يُقضى فسوف يكون

وروي عن الأخفش أنه منع دخول الفاء بعد أن، وهذا عجيب لأن زيادة الفاء في الخبر على رأيه جائزة وإن لم يكن المبتدأ يشبه أداة الشرط نحو زيد فقائم، فإذا دخلت إن على اسم يشبه إداة الشرط فوجود الفاء في الخبر أحسن وأسهل من وجودها في خبر زيد وشبهه، وثبوت هذا عن الأخفش مستبعد. والله أعلم.

كان وأخوتها:

"ترفع كان المبتدأ" إذا دخلت عليه ويسمى "اسمًا لها. وقال الكوفيون: هو باق

ــ

الموت إلخ" كان الأنسب تقديمه على ما قبله لتتصل أمثلة أن المكسورة بعضها ببعض، وقد يوجه تأخيره بأنه من الموصوف بالموصول وهو آخر الأقسام في كلامه سابقًا. قوله: "من فرق" أي خوف وبابه فرح. قوله: "فوجود الفاء في الخبر" أي خبر المبتدأ المشبه لاسم الشرط وقوله أحسن وأسهل لعل الأحسنية من جهة المعنى والأسهلية من جهة اللفظ. والله تعالى أعلم.

كان وأخواتها:

أي نظائرها في العمل ففيه استعارة مصرحة أصلية وأفرد كان بالذكر إشارة إلى أنها أم الباب ولذا اختصت بزيادة أحكام. وإنما كانت أم الباب لأن الكون يعم جميع مدلولات أخواتها. ووزنها فعل بفتح العين لا بضمها لمجيء الوصف على فاعل لا فعيل ولا بكسرها لمجيء المضارع على يفعل بالضم لا الفتح. قوله: "ترفع كان المبتدأ" أي تجدد له رفعًا غير الأول الذي عامله معنوي وهو الابتداء وتسميته مبتدأ باعتبار حاله قبل دخول الناسخ وأل في المبتدأ للجنس فإن منه ما لا تدخل عليه كلازم التصدير إلا ضمير الشأن ولازم الحذف كالمخبر عنه بنعت مقطوع وما لا يتصرف بأن يلزم الابتداء كطوبى للمؤمن كذا في الهمع والتصريح وغيرهما. قوله: "ويسمى اسمًا لها" تسمية المرفوع اسمها والمنصوب خبرها تسمية اصطلاحية خالية عن المناسبة لأن زيدًا في كان زيد قائمًا اسم للذات لا لكان والأفعال لا يخبر عنها إلا أن يقال الإضافة لأدنى ملابسة، والمعنى اسم مدلول مدخولها وخبرها أي الخبر عنه وقد يسمى

175- البيت من الطويل، وهو للأفوه الأودي في الدرر 2/ 40؛ وليس في ديوانه، وبلا نسبة في أمالي القالي 1/ 969؛ وأوضح المسالك 1/ 348؛ وشرح التصريح 1/ 225؛ وشرح قطر الندى ص149؛ ومعجم البلدان 2/ 220 "الحجاز" والمقاصد النحوية 2/ 321، وهمع الهوامع 1/ 110.

ص: 331

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

على رفعه الأول "والخبر تنصبه" باتفاق ويسمى خبرها "ككان سيدًا عمر" فعمر اسم كان

ــ

المرفوع فاعلًا والمنصوب مفعولًا مجازًا.

قوله: "وقال الكوفيون" أي ما عدا الفراء فإنه موافق للبصريين، ورد مذهبهم بأنه يلزم عليه أن الفعل ناصب غير رافع ولا نظير له، وأما الرد عليهم بأن العامل اللفظي أقوى من المعنوي فلا ينهض عليهم وإن أقره البعض واقتصر عليه لأن العامل في المبتدأ عندهم ليس معنويًّا بل هو لفظي وهو الخبر، وتظهر ثمرة الخلاف في كان زيد قائمًا وعمرو جالسًا فعلى مذهب الكوفيين لا يجوز للزوم العطف على معمولي عاملين مختلفين، وعلى مذهب البصريين يجوز لأن العامل واحد، هكذا ظهر لي فاحفظه. قوله:"باق على رفعه الأول" فهو مرفوع بما كان مرفوعًا به قبل دخولها. قوله: "والخبر تنصبه" أل فيه أيضًا للجنس فإن منه ما لا تدخل عليه كالخبر الطلبي فلا يقال: كان زيد أضربه والإنشائي فلا يقال: كان عبدي بعتكه على قصد الإنشاء لأن هذه الأفعال إن كانت خبرية فهي صفات لمصادر أخبارها في الحقيقة إذ معنى كان زيد قائمًا لزيد قيام له حصول في الزمن الماضي، ومعنى أصبح زيد قائمًا لزيد قيام له حصول في الزمن الماضي وقت الصبح، وقس على هذا سائرها وكون الخبر طلبيًّا أو إنشائيًّا ينافي حصوله في الماضي فيناقض آخر الكلام أوله وإن كانت غير خبرية فإن توافق طلبها وطلب أخبارها اكتفي بطلبها عن طلب أخبارها إذ الطلب فيها طلب في أخبارها تقول كن قائمًا أي قم وهل تكون قائمًا أي هل تقوم ولا تقول كن قم ولا هل تكون هل تقوم أما قوله:

وكوني بالمكارم ذكريني

فذكريني فيه بمعنى تذكريني. وإن اختلف الطلبان كأن يكون أحدهما أمرًا والآخر استفهامًا نحو كوني هل ضربت اجتمع طلبان مختلفان على مصدر الخبر في حالة واحدة وهو محال أفاده الرضي. وكالخبر الفعلي الماضوي في صار وما بمعناها ودام وزال وأخواتها لدلالتها على اتصال الخبر بزمن الإخبار والماضي على انقطاعه فيتنافيان وهذا متفق عليه وكالخبر المفرد المضمن معنى الاستفهام في دام وليس والمنفي بما على الأصح، فلا يقال لا أكلمك كيف ما دام زيد، ولا أين ما زال زيد، ولا أين ما يكون زيد، ولا أين ليس زيد، وجوزه الكوفيون بخلاف المنفي بغير ما وغير المنفي نحو أين لا يزال زيد وأين كان زيد كذا في الهمع وغيره قال الدماميني نقلًا عن غيره: ينبغي أن تكون أن كذلك لأن لها الصدر بدليل أنها تعلق نحو: {وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: 52] ، ثم ذكر أن لا في جواب القسم كذلك وسيأتي إيضاحه في باب ظن وأخواتها، وعلة المنع كما في الدماميني ازدحام اثنين على طلب الصدرية في المنفي بما ولزوم تأخير ما له الصدر أو تقدم معمول الصلة في دام ولزوم تقديم خبر ليس عليها في ليس والصحيح منعه، قال الدماميني: ويوافق نقل الجواز عن الكوفيين نقل المصنف عنهم أن ما النافية لا تلزم الصدر.

قوله: "باتفاق" أي وإن اختلفوا في نفس المنصوب فقال الفراء: هو شبيه بالحال وبقية

ص: 332

ككان ظل بات أضحى أصبحا

أمسى وصار ليس زال برحا

ــ

وسيدًا خبرها و"ككان" في ذلك "ظل" ومعناها اتصاف المخبر عنه بالخبر نهارًا "وبات" ومعناها اتصافه به ليلًا، و"أضحى" ومعناها اتصافه به في الضحى و"أصبحا" ومعناها اتصافه به في الصباح و"أمسى" ومعناها اتصافه به في المساء "وصار" ومعناها التحول من صفة إلى صفة "وليس" ومعناها النفي وهي عند الإطلاق لنفي الحال وعند التقييد بزمن

ــ

الكوفيين حال حقيقة وعلى مذهبهم أين خبر المرفوع وهل يقال: سدت الحال مسده والبصريون شبيه بالمفعول وهو الصحيح لوروده باطراد معرفة وجامدًا. وأما اعتراض الكوفيين عليهم بأنه لو كان مشبهًا بالمفعول لم يقع جملة ولا ظرفًا ولا جارًا ومجرورًا. فأجيب عنه بأن المفعول قد يكون جملة وذلك بعد القول وفي التعليق وأما الظرف وشبهه فليسا الخبر على الأصح إنما الخبر متعلقهما المحذوف وهو اسم مفرد قاله الدماميني. قوله: "وككان في ذلك" أي في العمل المذكور لا في المعنى. ومعنى كان اتصاف المخبر عنه بخبرها أي بمدلول خبرها التضمني وهو الحدث في زمان صيغتها. قوله: "ومعناها" أي مع معموليها لأن معناها وحدها مطلق حدث في زمان ماض نهاري. وقوله بالخبر أي بمدلوله التضمني. وقوله نهارًا أي ماضيًا، ومثل ذلك كله يقال فيما بعده. قوله:"ومعناها التحول إلخ" أي فهي موضوعة له وأما استفادة التحول من غيرها لدلالة الفعل على التجدد والحدوث فبطريق اللزوم لموضوعها فحصل الفرق أفاده سم.

قوله: "وليس" أصلها عند الجمهور ليس بكسر العين فخفف بالسكون لثقل الكثرة على الياء ولم تقلب الياء ألفًا لأنه جامد فكرهوا فيه القلب دون التخفيف لأنه أسهل من القلب، ولو كانت بالفتح لم تسكن لخفة الفتح بل كان يلزم القلب، ولو كانت بالضم لقيل فيها لست بضم اللام وعلى ما حكاه أبو حيان من قولهم لست بضم اللام تكون قد جاءت من البابين. وحكى الفراء لست بكسر اللام كذا في الهمع مع زيادة من الدماميني.

فائدة: ذكر في التسهيل أن ليس تختص بجواز الاقتصار على اسمها وحذف خبرها قال الدماميني. حكى سيبويه أحد أي هنا. ا. هـ. وقد بسط المسألة صاحب الهمع فقال قال أبو حيان نص أصحابنا على أنه لا يجوز حذف اسم كان وأخواتها ولا حذف خبرها لا اختصارًا ولا اقتصارًا أما الاسم فلأنه يشبه الفاعل وأما الخبر فكان قياسه جواز الحذف لأنه إن روعي أصله وهو خبر المبتدأ جاز حذفه أو ما آل إليه من شبهه بالمفعول فكذلك لكنه صار عندهم عوضًا من المصدر لأنه في معناه إذ القيام مثلًا كون من أكوان زيد والأعواض لا يجوز حذفها فالواو قد يحذف في الضرورة ومن النحويين من أجاز حذفه لقرينة اختيارًا وفصل ابن مالك فمنعه في الجميع إلا ليس فأجاز حذف خبرها اختيارًا ولو بلا قرينة إذا كان اسمها نكرة عامة تشبيهًا بلا وإلى هذا ذهب الفراء أيضًا. ا. هـ. وكتب سم على قوله ولا حذف خبرها انظر هذا يخالف ما يأتي في نحو إن خير فخير من أن خير الأول اسم كان المحذوفة مع خبرها فقد جوزوا حذف الخبر هناك أو هذا مخصوص بذاك أو بحذف الخبر وحده فليحرر. ا. هـ. قوله: "وهي عند الإطلاق" خرج نحو ليس خلق الله مثله فهي في هذا للماضي واسمها ضمير الشأن ونحو: {أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ

ص: 333

فتئ وانفك وهذي الأربعة

لشبه نفي أو لنفي متبعه

ــ

بحسبه "زال" ما مضى يزال و"برحا" و"فتئ وانفك" ومعنى الأربعة ملازمة المخبر عنه على ما يقتضيه الحال نحو ما زال زيد ضاحكًا، وما برح عمرو أزرق العينين، وكل هذه الأفعال ما عدا الأربعة الأخيرة بلا شرط "وهذي الأربعة" الأخيرة لا تعمل إلا بشرط كونها "لشبه نفي" والمراد به النهي والدعاء "أو لنفي متبعه" سواء كان النفي لفظًا نحو ما زال زيد قائمًا {وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ} [هود: 118] ، {لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ} [طه: 91] ، وقوله:

176-

ليس ينفك ذا غنى واعتزاز

كل ذي عفة مقل قنوع

أو تقديرًا نحو: {تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ} [يوسف: 85]، وقوله:

ــ

مَصْرُوفًا عَنْهُم} [هود: 8] ، فهي في هذا للمستقبل.

قوله: "لنفي الحال" أي لانتفاء الحدث في الحال ويرد عليه أنه فعل ماض وزمن الفعل الماضي ماض ويمكن أن يجاب بأن مخالفتها لسائر الأفعال في الدلالة على المضي عارض نشأ من شبهها الحرف في الجمود وفي المعنى. قوله: "ماضي يزال" احتراز عن زال ماضي يزيل بفتح أوله فإنه تام متعد بمعنى ماز، وعن زال ماضي يزول فإنه تام قاصر بمعنى انتقل وذهب، ومصدر الأول الزيل ومصدر الثاني الزوال ولا مصدر للناقصة ووزن الناقصة فعل بكسر العين ووزن غيرها فعل بفتحها كما في التصريح وغيره. قوله:"وفتيء" بتثليث التاء وأفتأ. همع. قوله: "ومعنى الأربعة" أي مع النفي. قوله: "على ما يقتضيه الحال" أي ملازمة جارية على ما يقتضيه الحال من الملازمة مدة قبول المخبر عنه للخبر سواء دام بدوامه نحو ما زال زيد أزرق العينين ما زال الله محسنًا أولًا نحو ما زال زيد ضاحكًا. قوله: "وهذي الأربعة" أي موادها، فاندفع ما قيل إن هذه الأربعة أفعال ماضية والنهي لا يدخل على الماضي. قوله:"إلا بشرط إلخ" لأن المقصود من الجملة الإثبات والأربعة متضمنة للنفي ونفي النفي إثبات. قوله: "والمراد به النهي والدعاء" ظاهر إطلاقه الدعاء عدم تقييده بلا وهو المتجه عندي وإن نقل المصرح عن الارتشاف تقييده بلا فيدخل صدر قول الشاعر:

لن تزالوا كذلكم ثم لازلـ

ـت لكم خالدًا خلود الجبال

بناء على ورود لن للدعاء كما في البيت ووجه الشبه عدم تحقق حصول الفعل في كل قيل ومثلهما الاستفهام الإنكاري. قوله: "ليس ينفك إلخ" ليس إما مهملة وإما عاملة اسمها ضمير الشأن وجملة ينفك إلخ خبرها وكل اسم ينفك وذا غنى خبرها مقدمًا كما قاله زكريا وغيره ولا يصح أن يكون كل اسم ليس مؤخرًا لأن الكلام عليه من باب سلب العموم والقصد عموم السلب

176- البيت من الخفيف، وهو بلا نسبة في تخليص الشواهد ص230، والدرر 2/ 43؛ وشرح التصريح 1/ 185، والمقاصد النحوية 2/ 73، وهمع الهوامع 1/ 111.

ص: 334

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

177-

فقلت يمين الله أبرح قاعدًا

ولو قطعوا رأسي لديك وأوصالي

ولا يحذف النافي معها قياسًا إلا في القسم كما رأيت، وشذ قوله:

178-

وأبرح ما أدام الله قومي

بحمد الله منتطقا مجيدا

أي لا أبرح. ومثال النهي قوله:

179-

صاح شمر ولا تزل ذاكر المو

ت فنسيانه ضلال مبين

ومثال الدعاء قوله:

180-

ألا يا اسلمي يا دارمي على البلى

ولا زال منهلًا بجرعائك القطر

ــ

فتأمل. قوله: "يمين الله" خبر لمبتدأ محذوف أي قسمي أو هو المبتدأ والمحذوف الخبر والأوصال جمع وصل وهو العضو. قوله: "معها" أي مع الأفعال الأربعة. قوله: "إلا في القسم" أي بشرط كون الفعل مضارعًا والنافي لا كما في التصريح وغيره. قوله: "منتطقًا مجيدًا" صاحب نطاق وجواد وهما خبران لأبرح بناء على الراجح من جواز تعدد الخبر في هذا الباب أو الثاني نعت للأول بناء على مقابله. قوله: "ميّ" قال في التصريح: هم اسم امرأة وليس ترخيم مية كما قد

177- البيت من الطويل، وهو لامرئ القيس في ديوانه ص32، وخزانة الأدب 9/ 238، 239، 10/ 43، 44، 45، والخصائص 2/ 284؛ والدرر 4/ 12، وشرح أبيات سيبويه 2/ 220؛ وشرح التصريح 1/ 185، وشرح شواهد المغني 1/ 341؛ وشرح المفصل 7/ 110، 8/ 37، 9/ 104؛ والكتاب 3/ 504؛ ولسان العرب 13/ 463 "يمن"؛ واللمع ص135، والمقاصد النحوية 2/ 13؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 232، وخزانة الأدب 10/ 93، 94؛ ومغني اللبيب 2/ 637؛ والمقتضب 2/ 362؛ وهمع الهوامع 2/ 38.

178-

البيت من الوافر، وهو لخدش بن زهير في لسان العرب 10/ 354، 355 "نطق"، والمقاصد النحوية 2/ 64، وبلا نسبة في تذكرة النحاة ص619؛ وجمهرة اللغة ص275؛ وخزانة الأدب 9/ 243؛ والدرر 2/ 46، وشرح ابن عقيل ص135؛ والمقرب 1/ 94، وهمع الهوامع 1/ 111.

179-

البيت من الخفيف، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 234؛ وتخليص الشواهد ص230؛ والدرر 2/ 44؛ وشرح التصريح 1/ 185؛ وشرح ابن عقيل ص136؛ وشرح عمدة الحافظ ص199؛ وشرح قطر الندى ص127؛ والمقاصد النحوية 2/ 14، وهمع الهوامع 1/ 111.

180-

البيت من الطويل، وهو لذي الرمة في ديوانه ص559؛ والإنصاف 1/ 100، وتخليص الشواهد ص231، 232 والخصائص 2/ 278؛ والدرر 2/ 44، 4/ 61، وشرح التصريح 1/ 185؛ وشرح شواهد المغني 2/ 617؛ والصاحبي في فقه اللغة ص232؛ واللامات ص37، ولسان العرب 15/ 494 "يا"، ومجالس ثعلب 1/ 42، والمقاصد النحوية 2/ 6، 4/ 285، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 235، وجواهر الأدب ص290؛ والدرر 5/ 117؛ وشرح ابن عقيل ص136؛ وشرح عمدة الحافظ ص199؛ وشرح قطر الندى ص128، ولسان العرب 15/ 434 "ألا"؛ ومغني اللبيب 1/ 243؛ وهمع الهوامع 1/ 111، 2/ 4، 70.

ص: 335

ومثل كان دام مسبوقا بما

كأعط ما دمت مصيبا درهما

ــ

"ومثل كان" في العمل المذكور "دام مسبوقًا بما" المصدرية الظرفية "كأعط ما دمت مصيبًا درهما" أي مدة دوامك مصيبًا.

تنبيه: مثل صار في العمل ما وافقها في المعنى من الأفعال، وذلك عشرة وهي آض ورجع وعاد واستحال وقعد وحار وارتد وتحول وغدا وراح كقوله:

181-

وبالمخض حتى آض جعدًا عنطنطا

إذا قام ساوى غارب الفحل غاربه

وفي الحديث: "لا ترجعوا بعدي كفارًا" وقوله:

182-

وكان مضلي من هديت برشده

فلله مغو عاد بالرشد آمرًا

وفي الحديث: "فاستحالت غربًا" ومن كلام العرب. أرهف شفرته حتى قعدت

ــ

يتوهم. ا. هـ. وكأنه قصد الرد على العيني في قوله ومي ترخيم مية. ا. هـ. ومن تتبع كلام ذي الرمة نظمًا ونثرًا وجده يسمي محبوبته بهما وقوله: على البلى أي منه وهو بكسر الباء من بلى الثوب كرضي إذا صار خلقًا والجرعاء أرض ذات رمل مستوية لا تنبت شيئًا والقطر المطر والمنهل المنسكب والمراد الإنهلال الغير المضر بقرينة الدعاء لها فلا اعتراض. قوله: "دام" أي الناقصة أما التامة كما في ما دامت السماوات والأرض فلا تعمل العمل المذكور. قوله: "الظرفية" أما لو كانت مصدرية فقط فلا تعمل العمل المذكور نحو يعجبني ما دمت صحيحًا أي دوامك صحيحًا، فدام تامة بمعنى بقي وصحيحًا حال ولا توجد الظرفية بدون المصدرية. قوله:"كأعط إلخ" أي كأعط المحتاج درهمًا ما دمت مصيبًا له ففي الكلام تقديم وتأخير وحذف. قوله: "ما دمت" أصله دومت بضم الواو لنقله من باب فعل المفتوح العين إلى مضمومها عند إرادة اتصال ضمير الرفع المتحرك به فنقلت ضمة الواو إلى الدال بعد سلب حركتها وحذفت الواو لالتقاء الساكنين. قوله: "مثل صار في العمل" أي على خلاف في ذلك. قوله: "وبالمخض" أي وربيته أي ذلك البعير بالمخض، وهو بالمعجمتين اللبن، الخالص، والجعد يطلق على معان منها الكريم والبخيل وكثير الوبر والغليظ كما في القاموس، وأنسبها هنا الأخيران فعلم ما في قول البعض الجعد الكريم كما في القاموس والمراد به في البيت الغليظ. ا. هـ. من المؤاخذات. والعنطنط بالعين المهملة المفتوحة والنونين المفتوحتين والطاءين المهملتين كما في القاموس: الطويل. والغارب بالغين المعجمة والراء الكاهل. قوله: "غربًا" أي دلوا عظيمة. قوله: "أرهف شفرته" بفتح الشين المعجمة أي سن سكينه. وذكر ابن الحاجب أنه لا يطرد عمل قعد هذا العمل إلا إذا كان الخبر مصدرًا بكأن، واستحسنه الرضي فلا يقال: قعد زيد كاتبًا بمعنى صار وطرده كثير مطلقًا وجعلوا منه

181- البيت من الطويل، وهو لفرعان التميمي في لسان العرب 3/ 122؛ والمقاصد النحوية 2/ 398.

182-

البيت من الطويل، وهو لسواد بن قارب في الدر 2/ 50، 72، وبلا نسبة في همع الهوامع 1/ 112، 119.

ص: 336

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

كأنها حربة. وقال بعضهم:

183-

وما المرء إلا كالشهاب وضوئه

يحور رمادًا بعد إذ هو ساطع

وقال الله تعالى: {أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا} [يوسف: 96]، وقال امرؤ القيس:

184-

وبدلت قرحا داميا بعد صحة

فيا لك من نعمى تحولن أبؤسا

وفي الحديث: "لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصًا وتروح بطانًا " وحكى سيبويه عن بعضهم ما جاءت حاجتك بالنصب والرفع بمعنى ما صارت، فالنصب على أن ما استفهامية مبتدأ، وفي جاءت ضمير يعود إلى ما، وأدخل التأنيث على ما لأنها هي

ــ

قعد لا يسأل حاجة إلا قضاها، وجعل منه الزمخشري قوله تعالى:{فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا} [الإسراء: 22] . قوله: "وبدلت" بالبناء للمجهول، قرحًا بفتح القاف وضمها أي جرحًا داميًا أي سائل الدم. والنعمى مثل النعمة وهي بضم النون مع القصر وبفتحها مع المد وجمع النعمة نعم كعنب وأنعم كأفلس وجمع النعماء أنعم أيضًا مثل البأساء والأبؤس كذا في المصباح. ومثله في القاموس. وزاد جمعين للنعماء بالفتح والمد وهما نعم ونعمات بكسرتين وقد تفتح العين. إذا تقرر ذلك عرفت أن النعمى في البيت بالضم لأنها فيه بالقصر ودعوى أن القصر للضرورة غير مسموعة، وعرفت أن النعمى بوجهيها مفردة لا جمع فعود ضمير الجماعة عليها في قوله تحوّلن أبؤسًا باعتبار الخبر أو باعتبار أن هذه النعمة التي هي الصحة بمنزلة نعم عديدة لأنها أم النعم. فقول البعض النعمى بفتح النون جمع نعمة فاسد. والأبؤس كأفلس جمع بأس قاله البعض كشيخنا وقد استفيد مما مر عن المصباح أنه يصح أن يكون جمع بأساء.

قوله: "تغدو خماصًا إلخ" في التمثيل به نظر لأن الظاهر أن الفعلين تامان بمعنى تذهب في الغدوة وترجع في الرواح أي المساء فانتصاب ما بعدهما على الحال. قوله: "وحكى سيبويه" غير الأسلوب لأنه نادر كما في التسهيل. قوله: "ما جاءت حاجتك" ذكر الدماميني أن الأندلسي قال: جاء لا تستعمل بمعنى صار إلا في خصوص هذا التركيب فلا يقال: جاء زيد قائمًا بمعنى صار وأن ابن الحاجب طرده في غيره وجعل منه جاء البر قفيزين ونقل هذا السيوطي في الهمع عن قوم. قوله: "وأدخل التأنيث على ما" أي أوقعه على ضمير ما أنث ضمير ما أو المراد أدخل علامة التأنيث على الفعل المسند إلى ضمير ما.

183- البيت من الطويل، وهو للبيد في ديوانه ص169؛ وحماسة البحتري ص84، والدرر 2/ 53؛ ولسان العرب 4/ 217 "حور".

184-

البيت من الطويل، وهو لامرئ القيس في ديوانه ص107؛ وخزانة الأدب 1/ 331؛ والدرر 2/ 54؛ وشرح شواهد المغني 2/ 695، ولسان العرب 11/ 474 "علل"، وبلا نسبة في مغني اللبيب 1/ 288؛ وهمع الهوامع 1/ 112.

ص: 337

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الحاجة، وذلك الضمير هو اسم جاءت، وحاجتك خبر، والتقدير أية حاجة صارت حاجتك؟

وعلى الرفع حاجتك اسم جاءت وما خبرها. وقد استعمل كان وظل وأضحى وأصبح وأمسى بمعنى صار كثيرًا، ونحو:{وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا، وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا} [النبأ: 20]، وقوله:

185-

بتيهاء قفر والمطي كأنها

قطا الحزن قد كانت فراخًا بيوضها

ونحو: {ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ} [النحل: 58]، وقوله:

186-

ثم أضحوا كأنهم ورق جفـ

ـف فألوت به الصبا والدبور

وقوله:

187-

فأصبحوا قد أعاد الله نعمتهم

إذ هم قريش وإذ ما مثلهم بشر

وقوله:

ــ

قوله: "بتيهاء" أي أرض يتيه فيها السائر قفر أي خالية. والمطيّ الواو للحال وهو اسم جنس جمعي للمطية سميت مطية لأنها تمطو في سيرها أي تسرع كأنها أي في سرعة السير قطا الحزن أي القطا في الحزن بفتح الحاء ما غلظ وصعب من الأرض. وفائدة هذه الإضافة أن الحزن لا تألفه القطا لأن الغالب عليه قلة الماء والعشب فتكون أسرع سيرًا فيه وجملة قد كانت إلخ حال من قطا الحزن، وفائدتها التنبيه على شدة سرعة سيرها لأن إسراعها إلى فرخها غالبًا أشد من إسراعها إلى البيض. قوله:"فألوت" أي طارت والصبا والدبور ريحان متقابلتان. قوله: "فأصبحوا إلخ" في الاستشهاد به نظر لما تقدم من اشتراط أن لا يكون خبر صار وما بمعناها ماضيًا. قوله:

185- البيت من الطويل، وهو لعمرو بن أحمر في ديوانه ص119؛ والحيوان 5/ 575؛ وخزانة الأدب 9/ 201؛ ولسان العرب 7/ 186 "عرض"، 13/ 367 "كون"؛ وله أو لابن كنزة في شرح شواهد الإيضاح ص525؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص137؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص68؛ وشرح المفصل 7/ 102؛ والمعاني الكبير 1/ 313.

186-

البيت من الخفيف، وهو لعدي بن زيد في ديوانه ص90، والدرر 2/ 75؛ وشرح شواهد المغني 1/ 470؛ وشرح المفصل 7/ 104؛ والشعر والشعراء 1/ 232؛ وبلا نسبة في شرح عمدة الحافظ ص211.

187-

البيت من البسيط، وهو للفرزدق في ديوانه 1/ 185؛ والأشباه والنظائر 2/ 209، 3/ 122؛ وتخليص الشواهد ص281، والجني الداني ص189، 324، 446؛ وخزانة الأدب 4/ 133، 138؛ والدرر 2/ 103، 3/ 105؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 162؛ وشرح التصريح 1/ 198، وشرح شواهد المغني 1/ 237، 2/ 782؛ والكتاب 1/ 60، ومغني اللبيب ص363، 517، 600، والمقاصد النحوية 2/ 96؛ والمقتضب 4/ 191، وهمع الهوامع 1/ 124؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 280، ورصف المباني ص312؛ ومغني الليب ص82، والمقرب 1/ 102.

ص: 338

وغير ماض مثله قد عملا

إن كان غير الماض منه استعملا

188- أمست خلاء وأمسى أهلها واحتملوا

أخنى عليها الذي أخنى على لبد

قال في شرح الكافية: وزعم الزمخشري أن بات ترد أيضًا بمعنى صار، ولا حجة له على ذلك ولا لمن وافقه "وغير ماض" وهو المضارع والأمر واسم الفاعل والمصدر "مثله" أي مثل الماضي "قد عملا" العمل المذكور "إن كان غير الماض منه استعملا" يعني أن ما تصرف من هذه الأفعال يعمل غير الماضي منه عمال الماضي. وهي في ذلك على ثلاثة أقسام قسم لا يتصرف بحال وهو ليس باتفاق ودام على الصحيح، وقسم يتصرف تصرفًا ناقصًا وهو زال وأخوتها، فإنه لا يستعمل منها الأمر ولا المصدر، وقسم يتصرف تصرفًا تامًّا وهو باقيا فالمضارع نحو:{وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا} [مريم: 20]، والأمر نحو: {قُلْ كُونُوا

ــ

"أمست خلاء" الشاهد في هذا فقط لا في الثاني لكون الخبر فيه ماضيًا وصار وما بمعناها لا يكون خبرهما ماضيًا كما مر، وأخنى عليها أهلكها، ولبد كعنب نسر عمر طويلًا. قوله:"وهو المضارع إلخ" يشعر بأنه لا يجيء منها اسم مفعول وهو كذلك على الصحيح. وأما قول سيبويه مكوّن فيه فقال في شرح اللمحة أن أبا الفتح سأل أبا علي عنه فقال: ما كل داء يعالجه الطبيب.

قوله: "مثله" حال من فاعل عمل مقدّمة على عامله لتصرفه أو نعت لمفعول مطلق محذوف أي عملًا مثل عمل الماضي ويشكل على كل منهما ما ذكره بعضهم من منع تقدم معمول الفعل المقرون بقد عليه فلعله غير متفق عليه. قوله: "وهي" أي هذه الأفعال في ذلك أي التصرف ثبوتًا مع التمام أو النقصان والانتقاء. قوله: "ودام على الصحيح" مقابله ما قاله الأقدمون وقليل من المتأخرين أن لها مضارعًا وهو يدوم فهي متصرفة عندهم تصرفًا ناقصًا ذكره في التوضيح وشرحه، قالوا: ولا يرد على القول الصحيح يدوم ودم ودائم ودوام لأنها من تصرفات دوام التامة. ولي بالأقدمين ومن وافقهم أسوة لعدم ظهور الفرق بين قولك: لا أكلمك ما دمت عاصيًا وقولك: لا أكلمك ما تدوم عاصيًا، بل الصحيح عندي أن لها مصدرًا أيضًا بدليل أنهم شرطوا سبق ما المصدرية الظرفية عليها ومن المعلوم أن ما المصدرية تؤوّل مع ما بعدها بمصدر وأن هذا المصدر مصدرها، وقد وقع هذا المصدر في عبارات كثيرين كالشارح عند قول المصنف كأعط إلخ فلا يقال: إنها مع ما بعدها في تأويل مصدر مقدر لا موجود. والحكم عليهم بأن ذلك منهم اختراع لما لم يرد عن العرب جور وسوء ظن. فإذا قلت أحبك مدة دوامك صالحًا كان دوام مصدر الناقصة وصالحًا خبره مثل أحبك ما دمت صالحًا والفرق تحكم محض فتدبر. قوله: "تصرفًا تامًّا" المراد التمام النسبي إذا لم يجىء لها اسم مفعول.

قوله: "ولم أك بغيًا" أصل أك أكون حذفت ضمته للجازم وواوه لالتقاء الساكنين ونونه

_________

188-

البيت من البسيط، وهو للنابغة الذبياني في ديوانه ص16، وجمهرة اللغة ص1057، وخزانة الأدب 4/ 5، والدرر 2/ 75؛ ولسان العرب 3/ 386 "لبد"؛ 14/ 245 "ضنا"، بلا نسبة في شرح عمدة الحافظ ص210؛ وشرح قطر الندى ص134، وهمع الهوامع 1/ 114.

ص: 339

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا} [الإسراء: 50]، والمصدر كقوله:

189-

ببذل وحلم ساد في قومه الفتى

وكونك إياه عليك يسير

واسم الفاعل كقوله:

190-

وما كل من يبدي البشاشة كائنًا

أخاك إذا لم تلفه لك منجدا

وقوله:

ــ

للتخفيف فلم يبق من أصول الكلمة إلا فاؤها. وأصل بغيًا بغويًا اجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون قلبت الواو ياء وكسرت الغين لمناسبتها وأدغمت الياء في الياء كذا في التصريح. ولعل وجه جعله من باب فعول لا من باب فعيل أن فعيلًا لا يستوي فيه المذكر والمؤنث باطراد إلا إذا كان بمعنى مفعول والظاهر أن بغيا هنا بمعنى فاعل. وأما فعول فيستوي فيه المذكر والمؤنث باطراد إذا كان بمعنى فاعل. قوله: "قل كونوا حجارة أو حديدًا" أصل كونوا قبل اتصال واو الجماعة به كون حذفت الواو لالتقاء الساكنين فصاركن فلما اتصل به واو الجماعة حركت النون بالضم لمناسبة الواو فرجعت الواو المحذوفة لزوال التقاء الساكنين قاله في التصريح. قال الروداني إن قيل: لم لم ترجع الواو لزوال التقاء الساكنين في نحو ولم أك بغيًا بحذف النون؟ قلنا: لما كان المقتضى لحذف النون ليس واجبًا بل هو أمر جائز وهو مجرد التخفيف صارت كأنها غير محذوفة بل هي ثابتة في التقدير، فموجب حذف الواو من التقاء الساكنين قائم بعينه بخلافه هنا فإنه لما وجب تحريك النون لأجل واو الجماعة زال سكونها لفظًا وتقديرًا فزال موجب حذف الواو لفظًا وتقديرًا، فلو حذفت لكان حذفها بلا مقتض. قوله:"والمصدر" فمصدر كان الكون والكينونة ومصدر أضحى وأصبح وأمسى الاضحاء والاصباح والامساء، ومصدر الصير والصيرورة، ومصدر بات البيات والبيتوتة، ومصدر ظل الظلول. قوله:"وكونك إياه" أي الفتى المذكور وخبر الكون من حيث النقصان إياه ومن حيث الابتداء يسير.

قوله: "إذا لم تلفه" أي تجده. واعلم أنه إذا قيل ما منفك عمرو قائمًا كان منفك مبتدأ ناقصًا معتمدًا على نفي فيحتاج إلى اسم وخبر من حيث النقصان وهما عمرو وقائمًا وإلى مرفوع يسد عن خبره من حيث الابتداء فهل هو مجموع الاسم والخبر أو الاسم فقط أو الخبر فقط ويرد على الأول أن فيه إقامة مرفوع ومنصوب مقام مرفوع وعلى الثاني أن المبتدأ لا يكتفي بهذا

189- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 239؛ وتخليص الشواهد ص233؛ والدرر 1/ 56؛ شورح التصريح 1/ 187؛ وشرح ابن عقيل ص138؛ والمقاصد النحوية 2/ 15؛ وهمع الهوامع 1/ 114.

190-

البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 239، وتخليص الشواهد ص234؛ والدرر 2/ 85، وشرح التصريح 1/ 1847؛ وشرح ابن عقيل ص138؛ والمقاصد النحوية 2/ 17؛ وهمع الهوامع 1/ 114.

ص: 340

وفي جميعها توسط الخبر

أجز وكل سبقه دام حظر

191- قضى الله يا أسماء أن لست زائلًا

أحبك حتى يغمض الجفن مغمض

"وفي جميعها" أي جميع هذه الأفعال حتى ليس وما دام "توسط الخبر" بينها وبين الاسم "اجز" إجماعًا نحو: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} [الروم: 47]، وقراءة حمزة وحفص {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا} [البقرة: 177] ، بنصب البر وقوله:

192-

سلي إن جهلت الناس عنا وعنهم

فليس سواء عالم وجهول

وقوله:

193-

لا طيب للعيش ما دامت منغصة

لذاته بادكار الموت والهرم

تنبيهان: الأول: منع ابن معطي توسط خبر ما دام وهو وهم إذ لم يقل به غيره.

ــ

المرفوع لعدم حصول الفائدة بدون الخبر وعلى الثالث أن المغني عن الخبر هو المرفوع والخبر منصوب. واختار الحلبي على شرح الأزهرية أنه الخبر فيكون قائمًا في المثال مع كونه خبر منفك من حيث النقصان سد مسد خبر منفك من حيث الابتداء لأن به تمام الفائدة قال: ولا يضر كونه منصوبًا لأنه ليس خبرًا حقيقة وإنما هو سادّ مسده وربما ينازع فيه قولهم ويغني عن الخبر مرفوع وصف إلا أن يقال إنه أغلبي والأقرب عندي أنه الاسم لأنه مرفوع الوصف ولا يرد عدم الاكتفاء به لأن العارض نقصان المبتدأ فافهم. قوله: "أن لست" أن مخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن وجملة لست زائلًا أحبك خبرها وزائلًا خبر ليس واسم زائلًا ضمير مستتر فيها وأحبك خبرها. قوله: "أجز إجماعًا" لم يكترث بالمخالف في دام وليس لغلظه في هذه المخالفة كما سيذكره الشارح فلهذا حكي الإجماع والشارح أبقى الجواز في كلام المصنف على ظاهره من استواء الطرفين لقوله بعد محل جواز توسط الخبر ما لم يعرض ما يوجب ذلك أو يمنعه ويصح أن يراد به ما قابل الامتناع فيصدق بالوجوب كما في ليس في تلك الدار صاحبها.

قوله: "لا طيب للعيش" أي الحياة وبحث شيخ الإسلام في الاستشهاد بالبيت باحتمال أنه من التنازع وأعمل الثاني وهو منغصة وأضمر في الأول وهو دامت بل يلزم على الإعراب الأول الفصل بين العامل وهو منغصة والمعمول وهو بادكار بأجنبي وهو لذاته. قوله: "منع ابن معطي

_________

191-

البيت من الطويل، وهو للحسين بن مطير في ديوانه ص170؛ والدرر 2/ 60؛ وشرح التصريح 1/ 187؛ ولسان العرب 7/ 199 "غمض"، ومجالس ثعلب 1/ 265؛ والمقاصد النحوية 2/ 18؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 240؛ وتخليص الشواهد ص234، وشرح عمدة الحافظ ص197؛ وهمع الهوامع 1/ 114.

192-

البيت من الطويل، وهو للسموءل في ديوانه ص92، وخزانة الأدب 10/ 331؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص123؛ وله أو للجلاج الحارثي في تخليص الشواهد ص237؛ والمقاصد النحوية 2/ 76؛ وبلا نسبة في شرح ابن عقيل ص140؛ وشرح عمدة الحافظ ص204؛ وشرح قطر الندى ص130.

193-

البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 242؛ وتخليص الشواهد ص241، والدرر 2/ 69؛ وشرح التصريح 1/ 187؛ وشرح ابن عقيل ص140، وشرح الحافظ ص204؛ وشرح قطر الندى ص 131؛ والمقاصد النحوية 2/ 20، وهمع الهوامع 1/ 177.

ص: 341

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ونقل صاحب الإرشاد خلافًا على جواز توسط خبر ليس، والصواب ما ذكرته. الثاني محل جواز توسط الخبر ما لم يعرض ما يوجب ذلك أو يمنعه، فمن الموجب أن يكون الاسم مضافًا إلى ضمير يعود على شيء في الخبر نحو كان غلام هند بعلها، وليس في تلك الديار أهلها، لما عرفت. ومن المانع خوف اللبس نحو كان صاحبي عدوي، واقتران الخبر بإلا نحو:{وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاء} [الأنفال: 35] ، وأن يكون في الخبر ضمير يعود على شيء في الاسم نحو كان غلام هند مبغضها لما عرفت أيضًا "وكل" أي كل العرب أو النحاة "سبقه" أي سبق الخبر "دام حظر" أي منع، سبق مصدر نصب بحظر مضاف إلى فاعله. ودام في موضع النصب بالمفعولية، والمراد أنهم أجمعوا على منع تقديم خبر دام عليها، وهذا تحته صورتان: الأولى أن يتقدم على ما، ودعوى الإجماع على منعها مسلمة، والأخرى أن يتقدم على دام وحدها ويتأخر عن ما وفي دعوى الإجماع على منعها

ــ

إلخ" لعله يرى وجوب ترتيب أجزاء صلة الحرف المصدري. قوله: "والصواب ما ذكرته" إن كان المراد من نفي الخلاف كما قد يتبادر ورد أن المثبت مقدم على النافي إلا أن يقال: المخالفة الشاذة وجودها كالعدم فلا ينبغي اعتبارها. قوله: "نحو كان غلام هند بعلها" في هذا المثال الأول نظر لعدم وجوب توسط الخبر فيه لجواز تقديم خبر غير دام وليس على الناسخ فالصواب التمثيل بنحو يعجبني أن يكون في الدار صاحبها فإن الحرف المصدري مانع من التقديم والضمير مانع من التأخير فوجب التوسط. وأجاب سم بأن مراد الشارح بوجوب التوسط امتناع التأخير. قوله: "لما عرفت" أي في شرح قول الناظم:

كذا عاد عليه مضمر

من لزوم عود الضمير على متأخر لفظًا ورتبة لو أخر الخبر. قوله: "واقتران الخبر بإلا" يأتي هنا سؤال الشارح وجوابه اللذان ذكرهما في شرح قوله أو قصد استعماله منحصرًا. قوله: "إلا مكاء" أي صغيرًا والتصدية التصفيق. قوله: "وأن يكون في الخبر إلخ" الصواب الجواز في مثل هذا لعود الضمير على متقدم رتبة وإن تأخر لفظًا. والحاصل أن للخبر أحوالًا ستة: وجوب التأخير نحو ما كان زيد إلا قائمًا وكان صاحبي عدوّي، وجوب التوسط نحو يعجبني أن يكون في الدار صاحبها، وجوب التقديم على الفعل نحو أين كان زيد، وجوب التأخير أو التوسط أو التقديم نحو كان غلام هند بعلها، ونحو ما كان قائمًا إلا زيد لجواز تقديم الخبر على كان مؤخرًا عن ما كما قاله سم، جواز الثلاثة نحو كان زيد قائمًا. قوله:"أي سبق الخبر" وأما الاسم فقال ابن هشام في الحواشي: إن مرفوع هذه الأفعال مشبه بالفاعل وهو لا يتقدم على الفعل فكذلك ما أشبهه. قوله: "وهذا" أي تقديم خبر دام عليها كما يفيده ما بعده. قوله: "مسلمة" للزوم تقدم بعض الصلة على

ص: 342

كذاك سبق خبر ما النافية

فجيء بها متلوة لا تالية

ــ

نظر لأن المنع معلل بعلتين: إحداهما عدم تصرفها وهذا بعد تسليمه لا ينهض مانعًا باتفاق بدليل اختلافهم في ليس مع الإجماع على عدم تصرفها، والأخرى أن ما موصول حرفي ولا يفصل بينه وبين صلته، وهذا أيضًا مختلف فيه وقد أجاز كثير الفصل بين الموصول الحرفي وصلته إذا كان غير عامل كما المصدرية، لكن الصورة الأولى أقرب إلى كلامه، أشعر بذلك قوله "كذاك سبق خبر ما النافية" أي كما منعوا أن يسبق الخبر ما المصدرية كذلك منعوا أن يسبق ما النافية "فجيء بها متلوة لا تالية" أي متبوعة لا تابعة لأن لها الصدر، ولا فرق في ذلك بين أن يكون ما دخلت عليه يشترط في عمله تقدم النفي كزال أو لا ككان، فلا تقول: قائمًا ما كان زيد ولا قاعدًا ما زال عمرو. قال في شرح الكافية: وكلاهما جائز عند الكوفيين لأن ما عندهم لا يلزم تصديرها. ووافق ابن كيسان البصريين في ما كان ونحوه وخالفهم في ما زال ونحوه لأن نفيها إيجاب.

ــ

الموصول الحرفي وهو ممنوع، ولزوم عمل ما بعد الحرف المصدري فيما قبله وهو أيضًا ممنوع.

قوله: "وفي دعوى الإجماع إلخ" ما اعترض به على دعوى الإجماع لا يبطلها لأنه قدح في علة المنع بأنها لا تفيد الاتفاق عليه، ولا يلزم من ذلك عدم الاتفاق لجواز أن يكونوا أجمعوا على هذا الحكم ولو كانت العلة قاصرة فكان الأولى القدح بنقل الخلاف وقد نقل الخلاف ابن قاسم الغزي في شرحه. ويمكن الجواب عن منع دعوى الإجماع فيها بثبوت الخلاف بحمل الإجماع فيها على إجماع البصريين كما في يحيى. وعن قدح الشارح في التعليل بأن علة المنع مجموع الأمرين لا كل واحد على حدته. قوله:"بدليل اختلافهم في ليس" أي في امتناع تقديم خبرها عليها. قال سم: قد يقال اختلافهم في ليس مع الإجماع على عدم تصرفها لا ينافي الاتفاق في دام لمدرك يخصها. قال المبعض: إذا كان هناك مدرك يخصها يكون هو علة المنع لا ما ذكر من عدم التصرف والكلام فيه على أن ما ذكر لا يتم إلا ببيان المدرك وإلا كان شاهد زور لا لك ولا عليك. ا. هـ. وهو كلام حسن. قوله: "وقد أجاز" الأولى الفاء. قوله: "إذا كان غير عامل" بخلاف العامل كأن. والفرق أن العامل أشد اتصالًا بصلته من غير العامل لطلبه إياها من جهة العمل والموصولية بخلاف غير العامل لأن طلبه إياها من جهة الموصولية فقط. قوله: "لكن الصورة الأولى" استدراك على قوله وهذا تحته صورتان. وقوله أقرب إلى كلامه باعتبار قوله كذاك سبق إلخ ولهذا وضح الأقربية بقوله أشعر بذلك قوله إلخ وإلا فالأقرب إلى قوله دام بقطع النظر عن قوله كذاك إلخ الصورة الثانية. ولعل وجه الإشعار كما يشير إليه كلامه بعد حصول التناسب بين المشبه والمشبه به من حيث أن المسبوق في كل منهما ما. قوله: "ما النافية" مثلها همزة الاستفهام وكذا إن النافية عند الرضي وجعل السيوطي إن كلا. قوله: "كذلك" تأكيد لقوله كما منعوا. قوله: "فجيء بها إلخ" هذا الشطر توكيد لما قبله. قوله: "ولا فرق في ذلك" أي في امتناع تقديم الخبر على ما النافية.

ص: 343

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تنبيهات: الأول أفهم كلامه أنه إذا كان النفي بغير ما يجوز التقديم نحو قائمًا لم يزل زيد، وقاعدًا لم يكن عمرو. قال في شرح الكافية عند الجميع، واستدل له بقول الشاعر:

194-

ورج الفتى للخير ما إن رأيته

على السن خيرًا لا يزال يزيد

أراد لا يزال يزيد على السن خيرًا، فقدم معمول الخبر وهو خيرًا على الخبر، وهو يزيد مع النفي بلا، وتقديم المعمول يؤذن بجواز تقديم العامل غالبًا، لكنه حكى في التسيهل الخلاف عن الفراء. قلت: ومن شواهده الصريحة قوله:

195-

مه عاذلي فهائما لن أبرحا

بمثل أو أحسن من شمس الضحى

ــ

قوله: "لأن نفيها إيجاب" أي الكلام بدخولها صار إيجابًا لأن مدخولها للنفي وهي للنفي ونفي النفي إيجاب فكأنه لم يكن هناك ما النافية المستحقة للتصدير. وأجاب ابن هشام عن دليل ابن كيسان بأن نحو ما زال زيد قائمًا نفي باعتبار اللفظ إيجاب باعتبار المعنى فمنعوا التقديم نظرًا إلى اللفظ والاستثناء المفرغ نظرًا إلى المعنى. ولما كان التقديم أمرًا رجعا إلى اللفظ نظر فيه إلى اللفظ والاستثناء أمرًا رجعا إلى المعنى لأنه إخراج من معنى الأول نظر فيه إلى المعنى. قوله: "ورجّ الفتى" أي الشاب، للخير أي لفعل الخير، وما زائدة، على السن أي على زيادته أي كلما ازداد عمره. قوله:"وهو خيرًا" اقتصر عليه مع أن قوله على السن معموله أيضًا لأنه ظرف متوسع فيه فلا ينهض دليلًا. قوله: "على الخبر إلخ" كذا في بعض النسخ وفي بعضها على النفي بلا وهو أخصر وأولى لأن الكلام في التقدم على النفي لا في التقدم على الخبر. قوله: "غالبًا" احترز به عن نحو إن في الدار زيدًا جالس، وزيدًا لن أضرب أو لم أضرب وعن نحو عمرًا زيد ضرب على رأي البصريين المجيزين تقديم المعمول فيه على المبتدأ، وعن نحو:{فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَر} [الضحى: 9] .

قوله: "لكنه إلخ" استدراك على قول المصنف في شرح الكافية عند الجميع. قوله: "الخلاف عن الفراء" أي أنه يمنع التقديم في جميع حروف النفي. قوله: "ومن شواهده" أي جواز التقديم على النفي بغير ما. قوله: "بمثل أو أحسن" أي بمثل شمس الضحى فحذف من الأول

194- البيت من الطويل، وهو للمعلوط القريعي في شرح التصريح 1/ 189؛ وشرح شواهد المغني ص85، 716؛ ولسان العرب 13/ 35 "أنن"؛ والمقاصد النحوية 2/ 22؛ وبلا نسبة في الأزهية ص52، 96؛ والأشباه والنظائر 2/ 187؛ وأوضح المسالك 1/ 246؛ والجني الداني ص211؛ وجواهر الأدب ص208؛ وخزانة الأدب 8/ 443؛ والخصائص 1/ 110؛ والدرر 2/ 110؛ وسر صناعة الأعراب 1/ 378؛ وشرح المفصل 8/ 130؛ والكتاب 4/ 222؛ ومغني اللبيب 1/ 25؛ والمقرب 1/ 97؛ وهمع الهوامع 1/ 125.

ص: 344

ومنع سبق خبر ليس اصطفى

وذو تمام ما برفع يكتفي

ــ

الثاني أفهم أيضًا جواز توسط الخبر بين ما والمنفي بها نحو ما قائمًا كان زيد، وما قاعدًا زال عمرو، ومنعه بعضهم والصحيح الجواز. الثالث قوله: كذاك يوهم أن هذا المنع مجمع عليه لأنه شبهه بالمجمع عليه وإنما أراد التشبيه في أصل المنع دون وصفه لما عرفت من الخلاف "ومنع خبر ليس اصطفي" منع مصدر رفع بالابتداء مضاف إلى مفعوله وهو سبق، والفاعل محذوف، وسبق مصدر جر بالإضافة مضاف إلى فاعله وهو خبر، وليس في محل نصب بالمفعولية، واصطفي جملة في موضوع رفع خبر المبتدأ.

والتقدير منعه من منع أن يسبق الخبر ليس اصطفى أي اختير، وهو رأي الكوفيين والمبرد والسيرافي والزجاج وابن السراج والجرجاني وأبي علي في الحلبيات وأكثر المتأخرين، لضعفها بعدم التصرف وشببهها بما النافية، وحجة من أجاز قوله تعالى:{أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ} [هود: 8] ، لما علم من أن تقديم المعمول يؤذن بجواز تقديم العامل.

ــ

لدلالة الثاني، والأحسن أن أو بمعنى بل. قوله:"بين ما والمنفي بها" سيصرح الشارح في الخاتمة بأنه إذا دخل على غير زال وأخواتها من أفعال هذا الباب ناف كان المنفي هو الخبر، وحينئذٍ لا تستقيم عبارته فكان الأولى أن يقول: بين ما والفعل. وقد يجاب بأن المنفي في الظاهر الفعل فهو مراد الشارح بالمنفي. قوله: "وإنما أراد إلخ" أي وليس هذا مراده وإنما أراد إلخ. قوله: "لما عرفت من الخلاف" من قوله سابقًا وكلاهما جائز عند الكوفيين. قوله: "ومنع سبق خبر إلخ" الخلاف في غير ليس الاستثنائية إذ لا يتقدم عليها الخبر إجماعًا ومثلها لا يكون في الاستثناء وأفهم كلام المصنف جواز تقدم الخبر على غير دام وليس والمنفي بما وهو كذلك فتقول: قائمًا كان زيد. نعم إن رفع الخبر اسمًا ظاهرًا نحو كان زيد كريمًا أبوه امتنع تقديمه بدون مرفوعه لئلا يلزم الفصل بينه وبين معموله بأجنبي كما في الفارضي وغيره فإن قدم مرفوعه فالظاهر الجواز. قال الرضي: فإن كان معمول الخبر منصوبًا وقدم الخبر دون منصوبه جاز على قبح نحو ضاربًا كان زيد عمرًا لأن منصوبه ليس كجزئه، وإن كان ظرفًا أو جارًّا ومجرورًا جاز بلا قبح نحو ضاربًا كان زيد اليوم أو في الدار إذ الظروف يتوسع فيها. ا. هـ. ثم رأيت المسألة بتفاصيلها الثلاثة في التسهيل. ووقع الخلاف إذا كان الخبر جملة اسمية نحو كان زيد أبوه فاضل أو فعلية نحو كان زيد يقوم أبوه والأصح جواز تقدمه كما في التسهيل. قوله:"في الحلبيات" هي مسائل أملاها بحلب. قوله: "لضعفها بعدم التصرف" هذه العلة من طرف جميع المانعين. وقوله: وشبهها بما النافية من طرف المانعين من غير الكوفيين لما تقدم من تجويز الكوفيين تقدم الخبر على ما النافية لمنعهم وجوب تصديرها.

قوله: "ألا يوم يأتيهم" أي العذاب. قوله: "من أن تقديم المعمول إلخ" أي غالبًا فلا يرد نحو زيدًا لن أضرب. وإنما امتنع تقديم أضرب لضعف عامله بخلاف زيدًا قاله زكريا. قوله: "وأجيب إلخ" أجيب أيضًا بأن يوم يأتيهم معمول لمحذوف أي ألا يعرفون يوم يأتيهم وجملة

ص: 345

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وأجيب بأن معمول الخبر هنا ظرف والظروف يتوسع فيها أيضًا فإن عسى لا يتقدم خبرها إجماعًا لعدم تصرفها مع عدم الاختلاف في فعليتها، فليس أولى بذلك لمساواتها لها في عدم التصرف مع الاختلاف في فعليتها.

تنبيه: خبر في كلامه منون ليس مضافًا إلى ليس كما عرفت، وإلا توالى خمس حركات وذلك ممنوع. "وذو تمام" من أفعال هذا الباب أي التام منها "ما برفع يكتفي"

ــ

ليس مصروفًا عنهم حال مؤسسة وإن زعم البعض كشيخنا أنها مؤكدة وبأن يوم في محل رفع بالابتداء وفتحته بناء لإضافته إلى الجملة، وليس مصروفًا عنهم خبره وضمير ليس على هذا لليوم وبأن يوم متعلق بليس بناء على الصحيح من جواز تعلق الظرف والجار والمجرور بكان وأخواتها لدلالتها على الأحداث كما سيأتي. قوله:"بأن معمول الخبر هنا ظرف إلخ" قال الروداني فيه: إنه يلزم الجمهور حينئذٍ القول بجواز تقديم خبر ليس إذا كان ظرفًا أو عديله وليس كذلك لإطلاقهم المنع. ا. هـ. وقد يقال: لا لزوم لأن معمول المعمول للناسخ دون المعمول للناسخ، ولا يلزم من تجويز انتقال الضعيف عن رتبته انتقال القوي عن رتبته فافهم. قوله:"وأيضًا فإن عسى إلخ" ليس جوابًا ثانيًا كما يوهمه ظاهر العبارة بل هو تعليل ثالث لامتناع تقدم خبر ليس عليها فكان الأولى تقديمه على قوله وحجة إلخ ويمكن أن يقال: هو معارضة لدليلهم بعد إبطاله. قوله: "مع عدم الاختلاف في فعليتها" يرده ما تقدم في شرح قوله بتاء فعلت من أن بعض الكوفيين زعم حرفية عسى ودفعه شيخنا السيد بأن المراد بالاختلاف المعدوم في عسى والاختلاف الموجود في ليس اختلاف البصريين لاتفاقهم على فعلية عسى وقول بعضهم كالفارسي بحرفية ليس. قوله: "كما عرفت" أي من قوله وليس في محل نصب بالمفعولية إذ لو كان خبرًا مضافًا إلى ليس لقال: في محل جر بالإضافة. قوله: "وذلك ممنوع" أي في الشعر.

قوله: "وذو تمام إلخ" فيه إشارة إلى أن التمام الاكتفاء بالمرفوع والنقصان الافتقار إلى المنصوب أيضًا فتسمية هذه الأفعال ناقصة لنقصانها عن بقية الأفعال بالافتقار إلى شيئين وقيل لنقصانها عنها بتجردها من الحدث. قال المحققون كالرضى أي من الحدث المقيد لأن الدال عليه هو الخبر أما هي فتدل على حدث مطلق يقيده الخبر حتى ليس وحدثها الانتفاء. فإذا قلت: كان زيد قائمًا أو ليس قائمًا فكأنك قلت في الأول حصل شيء لزيد حصل القيام. وفي الثاني انتفى شيء عن زيد انتفى القيام فيكون في الكلام إجمال ثم تفصيل وعليه فتعمل في الظرف وقيل لا تدل على الحدث أصلًا بل هي لنسبة الحدث الدال عليه خبرها إلى مرفوعها وزمانه وممن قال به المحقق الشريف وهو الموافق لقول كثير من علماء المعاني المسند في باب كان هو الخبر وكان قيد له، ولقول المنطقيين إن كان رابطه يربط بها المحمول بالموضوع فلا تعمل في الظرف وهو مشكل عندي فيما له مصدر إذ لا معنى للمصدر إلا الحدث اللهم إلا أن يكون أصحاب هذا القول ينكرون مجيء مصدر لشيء منها، ثم رأيته مسطورًا، لكن يرد الإنكار:

ص: 346

وما سواه ناقص والنقص في

فتئ ليس زال دائمًا قفي

ــ

أي يستغني بمرفوعه عن منصوبه كما هو الأصل في الأفعال. وهذا المرفوع فاعل صريح "وما سواه" أي ما سوى المكتفي بمرفوعه "ناقص" لافتقاره إلى المنصوب "والنقص في فتئ" و"ليس" و"زال" ماضي يزال التي هي من أفعال الباب "دائمًا قفي" فلا تستعمل هذه الثلاثة تامة بحال. وما سواها من أفعال الباب يستعمل ناقصًا وتامًّا نحو ما شاء الله كان أي حدث {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ} [البقرة: 280] ، أي حضر. وتأتي كان بمعنى كفل وبمعنى غزل، يقال: كان فلان الصبي إذا كفله. وكان الصوف إذا غزله. نحو: {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ} [الروم: 17]، أي حين تدخلون في المساء وحيت تدخلون في الصباح {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ} [هود: 107] ، أي ما بقيت. وكقوله:

196-

وبات وباتت له ليلة

كليلة ذي العائر الأرمد

ــ

وكونك إياه عليك يسير

إلا أن يدعي أنه مصدر التامة وأن التقدير وكونك تفعله أي المذكور قبل من البذل والحلم، على أن الجملة حال فلما حذف الفعل انفصل الضمير وشمل تعريفه التام كان بمعنى كفل أو غزل لعدم توقف الفعل المتعدي على المفعول. واعلم أن أقرب ما قيل في لأضربنه كائنًا ما كان أن ما نكرة خبر كائنًا واسمها الضمير المستتر فيها وكان تامة صفة لما أي لأضربنه حالة كونه كائنًا شيئًا كان أي كائنًا أي شيء وجد. قوله:"بمرفوعه" فيه إشارة إلى أن الرفع بمعنى المرفوع كما هو الأقرب. قوله: "في فتئ" أي لا بفتح التاء أما مفتوحها فيجيء تامًّا بمعنى كسر وأطفأ يقال: فتأته عن الأمر كسرته، والنار فتأتها أطفأتها حكاه المصنف في شرح التسهيل عن الفراء، وذكره صاحب القاموس ثم قال عن ابن مالك في كتابه جمع اللغات المشكلة وعزاه للفراء وهو صحيح وغلط أبو حيان وغيره في تغليطه. ا. هـ. قوله:"بحال" أي في حال. قوله: "أي حدث" تفسير كان في المثال الأول بحدث وفي الثاني بحضر من تفسير الشيء بجزئيات معناه مراعاة للأنسبية والأوضحية فلا ينافي أن كان التامة التي ليست بمعنى كفل أو غزل معناها ثبت. هذا. وقال الراغب كان في الآية ناقصة أي وإن كان ذو عسرة غريمًا لكم فحذف الخبر لدلالة السياق عليه. واعلم أن الكون مصدر لكان مطلقًا إلا التي بمعنى كفل فمصدرها الكيانة كالحراسة قاله الدماميني.

قوله: "أي ما بقيت" وتأتي دام التامة بمعنى سكن ومنه الحديث: "لا يبولن أحدكم في الماء الدائم" أي الساكن. قوله: "وبات وباتت إلخ" الشاهد في بات الأولى لأنها التامة أما الثانية فناقصة بمعنى صار اسمها ليلة وخبرها له بناء على مذهب الزمخشري أن بات تأتي بمعنى صار

196- البيت من المتقارب، وهو لامرئ القيس في ديوانه ص185؛ وتخليص الشواهد ص243؛ وشرح قطر الندى ص136؛ وله أو لامرئ القيس بن عانس في شرح التصريح 1/ 191؛ ولعمرو بن معدي كرب في ديوانه ص200؛ ولعمرو أو لامرئ القيس في سمط اللآلي ص531؛ ولامرئ القيس بن عانس في المقاصد النحوية 2/ 30؛ وله أو لامرئ القيس الكندي أو لعمرو بن معدي كرب في شروح شواهد المغني 2/ 732؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 245؛ وجمهرة اللغة ص775.

ص: 347

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقالوا: بات بالقوم أي نزل بهم ليلًا ونحو ظل اليوم أي دام ظله وأضحينا أي دخلنا في الضحى ومنه قوله:

197-

إذا الليلة الشهباء أضحى جليدها

أي بقي جليدها حتى أضحى. أي دخل في الضحى. ويقال: صار فلان الشيء بمعنى ضمه إليه، وصرت إلى زيد تحولت إليه. قالوا: برح الخفاء وانفك الشيء بمعنى انفصل وبمعنى خلص.

تنبيهان: الأول إنما قيدت زال بماضي يزال للاحتراز عن ماضي يزيل فإنه فعل تام

ــ

والعائر: بالعين المهملة والراء اسم جامد يطلق على القذى الذي تدمع له العين وعلى الرمد وعلى بثر في الجفن الأسفل وعلى كل ما أعلّ العين كما في القاموس، فالأرمد على الثاني صفة لذي العائر مؤكدة وعلى ما عداه مؤسسة وليس العائر في البيت اسم فاعل من العور بسكون الواو، لأن معناه كما في القاموس وغيره الأخذ والاذهاب والذهاب فلا والإتلاف ولا يناسب هنا شيء من هذه المعاني. إذا فهمت ما ذكرناه في البيت علمت ما في كلام غير واحد كالبعض من الوهم فلا تكن أسير التقليد. قوله:"بات القوم" وكذا يقال: بات القوم متعديًا بنفسه أي أتاهم ليلًا. قوله: "ظل اليوم أي دام ظله" في التسهيل أن ظل التامة بمعنى دام وبمعنى طال، ومثل الدماميني الأول بنحو لو ظلّ الظلم هلك الناس، والثاني بنحو ظل الليل وظل النبت. قوله:"إذا الليلة الشهباء" أي التي لا غيم فيها، والجليد البرد الشديد وصدر البيت:

ومن فعلاتي أنني حسن القرى

قوله: "بمعنى ضمه إليه" أي أو قطعه كما في التسهيل. قال شارحه الدماميني نقلًا عن المصنف: يقال: صاره يصيره ويصوره أي ضمه أو قطعه. ا. هـ. ومنه بمعنى الضم فضرهن إليك، وفي الهمع أنها تأتي بمعنى رجع أيضًا ومنه:{أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُور} [الشورى: 53] . قوله: "برح الخفاء" أي ذهب وتأتي بمعنى ظهر أيضًا. وقوله بمعنى انفصل وبمعنى خلص معنيان لانفك كما في شرح الجامع والهمع متقاربان. قوله: "للاحتراز عن ماضي يزيل" مبني على المشهور من أن

197- صدر البيت:

ومن فعلاتي أنني حسن القرى

وهو من الطويل، وهو لعبد الواسع بن أسامة في شرح المفصل 7/ 103؛ وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب ص295؛ والدرر 2/ 61.

ص: 348

ولا يلي العامل معمول الخبر

إلا إذا ظرفا أتى أو حرف جر

ــ

متعد معناه ماز، يقولون: زل ضأنك عن معزك أي مز بعضها من بعض، ومصدره الزيل، ومن ماضي يزول فإنه فعل تام قاصر معناه الانتقال، ومنه قوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا} [فاطر: 41]، ومصدره الزوال. الثاني إذا قلت: كان زيد قائمًا جاز أن تكون كان ناقصة فقائما خبرها، وأن تكون تامة فيكون حالا من فاعلها وإذا قلت كان زيد أخاك وجب أن تكون ناقصة لامتناع وقوع الحال معرفة "ولا يلي العامل" أي كان وأخوتها "معمول الخبر" مطلقًا عند جمهور البصريين سواء تقدم الخبر على الاسم نحو كان طعامك آكلًا زيد خلافًا لابن السراج والفارسي وابن عصفور، أم لم يتقدم نحو كان طعامك زيد آكلًا، وأجازه الكوفيون مطلقًا تمسكا بقوله:

198-

قنافذ هداجون حول بيوتهم

بما كان إياهم عطية عودا

ــ

يزيل لم يرد مضارعًا لزال الناقصة أما على ما حكاه الكسائي والفراء من وروده مضارعًا لها وأنهم يقولون لا أزيل أفعل كذا فينبغي أن يقال: زال لا بمعنى ماز ولا بمعنى انتقل قاله الدماميني. قوله: "وجب أن تكون ناقصة" أي ما لم تكن بمعنى كفل. قوله: "ولا يلي العامل إلخ" للفصل بين العامل ومعموله بمعمول غيره. قاله في التصريح قال سم: ويفهم منه جواز نحو زيد كان طعامك آكلًا وبه صرح الدماميني لأن الاسم مستتر وهو سابق على معمول الخير فلا فصل. ا. هـ. واعلم أن مثل هذا التقديم ممنوع في غير هذا الباب كمنعه فيه فلو قيل جاء عمرًا يضرب زيد لم يجز لأن سبب المنع إيلاء الفعل معمول غيره فلا يختص بفعل دون فعل، نقله يس عن المصنف. وزيد في مثاله فاعل جاء وفاعل يضرب ضمير مستتر فيه يرجع إلى زيد.

قوله: "سواء تقدم الخبر على الاسم" أي وتقدم المعمول أيضًا على الخبر كما مثل أما إذا تقدم الخبر عليه فإنه يجوز إجماعًا نحو كان آكلًا طعامك زيد وكذا يجوز تقدمه على العامل نحو: {وَأَنْفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُون} [الأعراف: 177] ، واعلم أن نحو زيد آكلًا طعامك يتحصل فيه أربع وعشرون صورة حاصلة من ضرب ستة في أربعة، لأن التركيب مشتمل على أربعة ألفاظ، وفي تقدم كل واحد منها ستة أوجه حاصلة من التخالف في الألفاظ الثلاثة بعده: مثلًا إذا تقدمت كان فإن ذكر بعده زيد فإما أن يتقدم الخبر أو معموله، وإن ذكر بعده آكلًا فإما أن يتقدم الاسم أو المعمول، وإن ذكر بعده طعامك فإما أن يتقدم الاسم أو الخبر وقس على ذلك، وكلها جائزة عند البصريين إلا كان طعامك زيد آكلًا وكان طعامك آكلًا زيد وآكلًا كان طعامك زيد كما يؤخذ من كلام الناظم. قوله:"قنافذ إلخ" قاله الفرزدق يهجو رهط جرير بالفجور والخيانة

198- البيت من الطويل، وهو للفرزدق في ديوانه 1/ 181؛ وتخليص الشواهد ص245؛ وخزانة الأدب 9/ 268، 269؛ والدرر 2/ 71؛ وشرح التصريح 1/ 190؛ والمقاصد النحوية 2/ 24؛ والمقتضب 4/ 101؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 248؛ وشرح ابن عقيل ص144؛ ومغني اللبيب 2/ 610؛ وهمع الهوامع 1/ 118.

ص: 349

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وخرج على زيادة كان أو إضمار اسم مراد به الشأن، أو راجع إلى ما وعليهن فعطية مبتدأ وقيل: ضرورة وهذا التأويل متعين في قوله:

199-

باتت فؤادي ذات الخال سالبة

فالعيش إن حم لي عيش من العجب

وقوله:

200-

لئن كان سلمى الشيب بالصد مغريًا

لقد هون السلون عنها التحلم

لظهور نصب الخبر. وأصل تركيب النظم ولا يلي معمول الخبر العامل فقدم المفعول وهو العامل وأخر الفاعل وهو معمول الخبر لمراعاة النظم وليعود الضمير إلى أقرب مذكور من قوله "إلا إذا ظرفا أتى" أي معمول الخبر "أو حرف جر" مع مجرور فإنه

ــ

ويشبههم بالقنافذ في مشيهم ليلًا، فقوله تشبيه بليغ أو استعارة مصرحة وهو جمع قنفذ بقاف مضمومة ثم فاء مضمومة أو مفتوحة فذال معجمة كما في التصريح، والهداجون من الهدجان وهي مشية الشيخ والباء في بما سببية وعطية قيل هو أبو جرير والشاهد في إيلائه كان معمول عود الذي هو خبرها. وما مر من أن هذا البيت من كلام الفرزدق هو ما في التصريح وشواهد العيني فقول البعض هو من كلام جرير غير صحيح.

قوله: "أو إضمار اسم" أي لكان وقوله مراد به الشأن أي وحينئذٍ فعائد الموصول محذوف أي عودهم به ولا تحتاج جملة الخبر إلى رابط لأن الاسم ضمير الشأن. قوله: "أو راجع إلى ما" وعليه فعائد الموصول الضمير المستتر في كان ورابط جملة الخبر بالمبتدأ المنسوخ محذوف أي عودهم به. قوله: "فعطية مبتدأ" ولا يضر تقدم معمول الخبر الفعلي على المبتدأ لجوازه عند البصريين كما في سم عن الشيخ خالد. قوله: "وهذا التأويل" أي جعله ضرورة متعين أي بالنسبة لبقية التآويل المذكورة، فلا ينافي احتمال فؤادي في البيت الأول وسلمى في الثاني للنداء ومعمول سالبة ومغريًا محذوف أي لك. ولا يعارضه في الثاني قوله فيه عنها حيث لم يقل عنك لاحتمال الإلتفات فاندفع الاعتراض على الشارح في دعواه التعين. قوله:"إن حم" بالبناء للمجهول أي قدر. قوله: "التحلم" أي تكلف الحلم والصبر عنها أو المراد رؤيتها في الحلم بالضم أي المنام والأول أحسن. قوله: "لظهور نصب الخبر" أي فلا يمكن زيادة كان وبات ولا إضمار ضمير الشأن. قوله: "إلى أقرب مذكور من قوله إلخ" فيه أن أقرب مذكور من قوله إلا إذا إلخ الخبر وليس الضمير عائدًا إليه، إلا أن يقال: المراد مذكور مقصود بالذات والمضاف إليه مذكور

199- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 251؛ وتخليص الشواهد ص248؛ وخزانة الأدب 9/ 269؛ وشرح التصريح 1/ 190؛ والمقاصد النحوية 2/ 28.

200-

البيت من الطويل، وهو بلا نسبة هنا في شرح الأشموني.

ص: 350

ومضمر الشان اسما انو إن وقع

موهم ما استبان أنه امتنع

ــ

حينئذ يلي العامل اتفاقًا نحو كان عندك أو في الدار زيد جالسًا أو جالسًا زيد للتوسع في الظرف والمجرور "ومضمر الشأن اسما انو" في العامل "إن وقع" شيء من كلامهم "موهم" جواز "ما استبان" لك "أنه امتنع" كما تقدم بيانه في قوله: قنافذ هداجون البيت.

وقوله:

201-

فأصبحوا والنوى عالي معرسهم

وليس كل النوى يلقي المساكين

ــ

لتقييد المضاف فافهم. قوله: "أو حرف جر" أو مانعة خلوّ فتجوز الجمع إذ يجوز أن يقال: كان عندك في الدار زيد جالسًا أو جالسًا زيد. قوله: "ومضمر الشأن" مفعول مقدم لانو وهو من إضافة الدال إلى المدلول وقوله: اسمًا حال من مضمر أي حالة كونه محكومًا باسميته لكان فيفيد أن كان الثانية ناقصة وهو الأصح لأنه لم يثبت في كلامهم ضمير الشأن إلا مبتدأ في الحال أو في الأصل نحو: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَد} [الإخلاص: 1]، ونحو أشهد أن لا إله إلا الله وقيل: تامة فاعلها الضمير والجملة مفسرة له وقيل: واسطة.

فائدة: قال في المغني: ضمير الشأن مخالف للقياس من خمسة أوجه: أحدها عوده على ما بعده لزومًا فلا يجوز تقدم الجملة المفسرة له ولا شيء منها عليه. ثانيها أن مفسره لا يكون إلا جملة مصرحًا بجزأيها عند جمهور البصريين. ثالثها أنه لا يتبع بتابع فلا يؤكد ولا يعطف عليه ولا يبدل منه. رابعها أنه لا يعمل فيه إلا الابتداء أو أحد نواسخه. خامسها أنه ملازم للافراد فلا يثنى ولا يجمع وإن فسر بحديثين أو أحاديث ويذكر باعتبار الشأن مثلًا ويؤنث باعتبار القصة إن كان في مفسره مؤنث عمدة وتأنيثه حينئذٍ أولى ولمخالفة القياس من الأوجه الخمسة لا يحسن الحمل عليه إذا أمكن غيره، ومن ثم ضعف قول الزمخشري في إنه يراكم أن اسم إن ضمير الشأن فالأولى كونه ضمير الشيطان، ويؤيده قراءة وقبيله بالنصب إذ ضمير الشأن لا يعطف عليه، واحتمال كونه مفعولًا معه مرجوح هنا فلا ينبغي تخريج التنزيل عليه وضعف قول كثير من النحاة أن اسم أن المفتوحة المخففة ضمير الشأن فالأولى أن يعاد على غيره إذا أمكن ويؤيده قول سيبويه في أن يا إبراهيم أن تقديره أنك، وفي كتبت إليه أن لا تفعل أنه يجزم على النهي وينصب على معنى لئلا ويرفع على أنك. ا. هـ. بتلخيص وبعض زيادة، وأن على الجزم تفسيرية وعلى النصب مصدرية وعلى الرفع مخففة.

قوله: "كما تقدم بيانه" أي كموهم الجواز الذي تقدم بيانه وهو قوله في البيت بما كان إياهم إلخ. قوله: "وقوله عطف على ما" أي وكالموهم في قوله. قوله: "معرسهم" على صيغة

201- البيت من الطويل، وهو لحميد بن ثور في الأزمنة، والأمكنة، 3/ 317؛ والأشباه والنظائر 6/ 78، 7/ 179 وأمالي ابن الحاجب ص656؛ وتخليص الشواهد ص187؛ والكتاب 1/ 70، 147؛ والمقاصد النحوية 2/ 82؛ وليس في ديوانه، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 7/ 179؛ وخزانة الأدب 9/ 270؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 175؛ وشرح ابن عقيل ص145؛ وشرح المفصل 7/ 104؛ والمقتضب 4/ 100.

ص: 351

وقد تزاد كان في حشو كما

كان أصح علم من تقدما

ــ

في رواية تلقي بالتاء من فوق، وبه احتج من أجاز ذلك مع تقدم الخبر. وقال الجمهور: التقدير ليس هو أي الشأن، وقد عرفت أنه إنما يقدر ضمير الشأن حيث أمكنت تقديره. ومن الدليل على صحة تقدير ضمير الشأن في كان قوله:

202-

إذا مت كان الناس صنفان شامت

وآخر مثن بالذي كنت أصنع

"وقد تزاد كان في حشو" أي بين شيئين، وأكثر ما يكون ذلك بين ما وفعل

ــ

المفعول وهو محل النزول آخر الليل لكن المراد به محل نزولهم ليلًا. قوله: "في رواية تلقى بالتاء المثناة من فوق" قيد بذلك لأنه لا يكون موهمًا لجواز ما استبان امتناعه وحجة بحسب الظاهر لجواز إيلاء العامل معمول الخبر عند تقدم الخبر على الاسم إلا على هذه الرواية ليصح كون المساكين اسم ليس وتلقى خبرها لأنه على رواية يلقي بالتحتية وهي الأصح يتعين أن يكون المساكين فاعل يلقي وإلا لقال: يلقون ليطابق المساكين في الجمعية. وأما على رواية الفوقية فيغني عن المطابقة في الجمعية تاء التأنيث بتأويل المساكين بالجملة أو الجماعة. وقصد الشاعر وصفهم بكثرة الأكل من التمر الذي قدمه لهم حين نزلوا به وكان أحد البخلاء المشهورين. قوله: "ليس هو أي الشأن" فاسمها ضمير الشأن وكل النوى مفعول تلقى والمساكين فاعل تلقى والجملة خبر ليس. قوله: "وقد عرفت" أي من قوله وهذا التأويل متعين إلخ والقصد من هذا الكلام تقييد قول المصنف ومضمر الشأن إلخ. قوله: "حيث أمكن تقديره" بأن كان مفسر ضمير الشأن جملة مصرحًا بجزأيها اسمية أو فعلية. قوله: "إذا مت إلخ" لا يقال: يحتمل أنه جاء على لغة من يلزم المثنى الألف لأنا نقول يمنعه قوله شامت ومثن بالرفع وتقدير مبتدأ خلاف الظاهر.

قوله: "وقد تزاد كان" أي لا تعمل الرفع والنصب بل لا تعمل شيئًا أصلًا كما هو مذهب الفارسي والمحققين، ونسب إلى الجمهور وهو الأصح، وذهب جماعة إلى أنها تعمل الرفع فقط ومرفوعها ضمير يرجع إلى مصدرها وهو الكون إن لم يكن ظاهرًا أو ضميرًا بارزًا، ومعنى زيادتها على هذا عدم اختلال المعنى بسقوطها فكان زائدة على المذهب الأول لا تامة ولا ناقصة، وعلى الثاني تامة. فقول المصنف وقد تزاد كان أي لا بقيد التمام أو النقصان فاعرفه. ثم هي باقية على دلالتها على الزمان الماضي على المشهور ولهذا كثر زيادتها بين ما التعجبية وفعل التعجب لكونه سلب الدلالة على المضي. وقال الرضي: لا بل هي لمحض التأكيد فالدالة على الزمن الماضي كما في نحو ما كان أحسن زيدًا كالزائدة لا زائدة حقيقة، وتبعه حفيد الموضح، وبنى على ذلك أن الحكم بزيادتها بين ما وفعل التعجب فيه تجوز وفي كلام شيخنا السيد أنها قد تزاد

202- البيت من الطويل، وهو للعجير السلولي في الأزهية، ص190؛ وتخليص الشواهد ص246؛ وخزانة الأدب 9/ 72، 73 والدرر 1/ 223؛ 2/ 41؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 144؛ والكتاب 1/ 71؛ والمقاصد النحوية 2/ 85؛ ونوادر أبي زيد ص156؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص136؛ واللمع في العربية ص122؛ وهمع الهوامع 1/ 67، 111.

ص: 352

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

التعجب "كما كان أصح علم من تقدمًا" وما كان أحسن زيدًا. وزيدت بين الصفة والموصوف في قوله:

203-

في غرف الجنة العليا التي وجبت

لهم هناك بسعي كان مشكور

وجعل منه سيبويه قول الفرزدق:

204-

فكيف إذا مررت بدار قوم

وجيران لنا كانوا كرام

ــ

مجردة عن الزمان لمحض التأكيد وقد تزاد دالة على الزمان الماضي كما كان أصح إلخ، ولا تدل على الحدث اتفاقًا على ما أفاده البعض وهو عندي مشكل لأن مقتضى القول السابق أن لها مرفوعًا بل صريحه دلالتها على الحدث إذ لا يسند في الحقيقة من الأفعال إلا الأحداث، فالوجه أن عدم دلالتها على الحدث عند من يقول بأنها لا فاعل لها فقط فلا تكن من الغافلين. واعلم أن زيادة كان كثيرة في نفسها فالتقليل المستفاد من قول الناظم وقد تزاد بالنسبة إلى عدم زيادتها أفاده يس.

فائدة: قال في المغني يجوز في كان من نحو إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب نقصانها وتمامها وزيادتها وهي أضعفها، والظرف متعلق بها على التمام وباستقرار محذوف مرفوع على زيادة ومنصوب على النقصان إلا إن قدرت الناقصة شأنية فالاستقرار مرفوع لأنه خبر المبتدأ. وكان في:{فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِم} [النمل: 51] ، تحتمل الأوجه الثلاثة لكنها على النقصان لا تكون شأنية لأجل الاستفهام وتقديم الخبر لأن خبر ضمير الشأن لا يكون إلا جملة خبرية متأخرة بجميع أجزائها، وكيف حال على التمام، وخبر لكان على النقصان وللمبتدأ على الزيادة. ا. هـ. مع زيادة من الشمني. قوله:"العليا" بضم العين مع القصر وأما بفتحها فمع المد فلا يناسب البيت لوجوب القصر فيه وجعل القصر فيه للضرورة لا ضرورة إليه والأظهر أنه صفة للغرف. قوله: "وجعل منه سيبويه إلخ" المتجه في البيت ما ذكره الدماميني وفاقًا للمبرد وكثير أنها ناقصة والضمير اسمها ولنا خبرها فليست زائدة، وعلى أنها زائدة فعلى إعمالها هي تامة والضمير فاعلها، وعلى إهمالها قيل الأصل هم لنا ثم قدم الخبر ووصل الضمير بكان الزائدة إصلاحًا للفظ لئلا يقع الضمير المرفوع المنفصل بجانب الفعل، وقيل الضمير توكيد للمستتر في

203- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في خزانة الأدب 9/ 210.

204-

البيت من الوافر، وهو للفرزدق في ديوانه 2/ 290؛ والأزهية ص188؛ وتخليص الشواهد ص252؛ وخزانة الأدب 9/ 217، 221، 222، وشرح التصريح 1/ 192؛ وشرح شواهد المغني 2/ 693؛ والكتاب 2/ 153؛ ولسان العرب 13/ 370 "كنن"؛ والمقاصد النحوية 2/ 42؛ والمقتضب 4/ 116؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص136؛ والأشباه والنظائر 1/ 165؛ وأوضح المسالك 1/ 258؛ وشرح ابن عقيل ص146؛ والصاحبي في فقه اللغة ص161؛ ولسان العرب 13/ 367 "كون"، ومغني اللبيب 1/ 278.

ص: 353

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ورد ذلك عليه لكونها رافعة للضمير، وليس ذلك مانعًا من زيادتها، كما لم يمنع من إلغاء ظن عند توسطها أو تأخرها إسنادها إلى الفاعل. وبين العاطف والمعطوف عليه كقوله:

205-

في لجة غمرت أباك بحورها

في الجاهلية كان والإسلام

وبين نعم وفاعلها كقوله:

206-

ولبست سربال الشباب أزورها

ولنعم كان شبيبة المختال

ومن زيادتها بين جزأي الجملة قول بعض العرب: ولدت فاطمة بنت الخرشب الكملة من بني عبس لم يوجد كان مثلهم. نعم شذت زيادتها بين الجار والمجرور كقوله:

ــ

لنا على أن لنا صفة لجيران ثم وصل لما ذكر، فتحصل في كان في البيت أربعة أقوال أفاده المصرح وعلى القولين الأخيرين يكون هذا الضمير مستثنى من قاعدة أن الضمير لا يتصل إلا بعامله. قوله:"وردّ ذلك إلخ" الرد مبني على أن معنى زيادتها أنها لا تعمل أصلًا. قوله: "وليس ذلك" أي رفع كان للضمير وهذا رد للرد وهو مبني على أن معنى زيادتها صحة سقوطها وإن عملت عند ذكرها، وقد يمنع قياسه بأن الإلغاء ليس كالزيادة فتأمل. قوله:"في لجة" أي شدة ففيه استعارة تصريحية، وغمرت بحورها ترشيح. قوله:"ولبست سربال الشباب" أي تلبست بالأحوال الدالة على الشباب ففيه استعارة تصريحية تبعية في لبست أو أصلية في سربال. والشبيبة الشباب.

قوله: "بنت الخرشب" بخاء معجمة مضمومة فراء ساكنة فشين معجمة مضمومة، فموحدة والكملة جمع كامل. قال الزمخشري في المستصفي. فاطمة بنت الخرشب الأنمارية ولدت لزياد العبسي الكملة: ربيعًا الكامل، وقيسًا الحافظ، وعمارة الوهاب، وأنس الفوارس. وقيل لها: أي بنيك أفضل فقالت: ربيع بل عمارة بل قيس بل أنس ثكلتهم إن كنت أعلم أيهم أفضل؟ والله إنهم كالحلقة المفرغة لا يدرى أين طرفاها. قوله: "نعم شذت إلخ" استدراك على إطلاق قوله في حشو فإنه يوهم أنها تزاد قياسًا حتى بين الجار والمجرور واستفيد منه أن زيادتها فيما سبق قياسية وهو الذي أيده سم. وفي شرح ابن عقيل على النظم أنها سماعية فيما عدا التعجب وهو المفهوم من قول الدماميني وزيادتها بعد ما التعجبية مقيس. ا. هـ. وبهذا علم أن نقل شيخنا السيد والبعض عن الدماميني قياسيتها فيما سبق فيه نظر بالنسبة إلى ما عدا التعجب. اللهم إلا أن يكون

205- اليبت من الكامل، وهو للفرزدق في ديوانه ص2/ 305؛ وخزانة الأدب 5/ 463، 437، 9/ 210، 211، 212.

206-

البيت من الكامل، وهو بلا نسبة هنا في شرح الأشموني.

ص: 354

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

207-

سراة بني أبي بكر تسامي

على كان المسومة العراب

تنبيهات: الأول أفهم كلامه أنها لا تزاد بلفظ المضارع، وهو كذلك إلا ما ندر من قوله أم عقيل:

208-

أن تكون ماجد نبيل

إذا تهب شمأل بليل

الثاني أفهم قوله في حشو أنها لا تزاد في عيره، وهو كذلك خلافًا للفراء في إجازته زيادتها آخرًا. الثالث أفهم أيضًا تخصيص الحكم بها أن غيرها من أخواتها لا يزاد، وهو كذلك إلا ما شذ من قولهم: ما أصبح أبردها وما أمسى أدفاها. روى ذلك الكوفيون.

وأجاز أبو علي زيادة أصبح وأمسى في قوله:

209-

عدو عينيك وسانيهما

أصبح مشغول بمشغول

ــ

له قولان. قوله: "سراة" بفتح السين المهملة جمع سرى أي سيد على غير قياس، تسامى أي تتسامى، والمسوّمة الخيل المجعول عليها سومة بضم السين أي علامة للترك في المرعى، والعراب العربية ويروى المطهمة الصلاب، والمطهمة المتناسقة الأعضاء والصلاب الشداد. قوله:"من قول أم عقيل" أي وهي تلاعب ولدها عقيل بن أبي طالب. قوله: "نبيل" من النبل بالضم أو بالنبالة وهما الفضل، وشمأل كجعفر كما هو أحد لغاته ريح تهب من ناحية القطب الشمالي. ثانيها شأمل كجعفر مقلوب شمأل. ثالثها شمال كسحاب. رابعها شمل بسكون الميم. خامسها شمل بتحريكها، وبليل بمعنى فاعلة أو مفعولة أي بالة أو مبلولة لما فيها من الندى، والمراد أنها رطبة وكنت بقولها إذا تهب إلخ عن الدوام. قوله:"لا تزاد في غيره" أي الأول والآخر للاعتناء بهما. قوله: "أبردها إلخ" الضميران للدنيا كما قاله زكريا.

قوله: "وشأنيهما" أي باغضهما والقصد بقوله مشغول بمشغول الدعاء عليه بعشق شخص

207- البيت من الوافر، وهو بلا نسبة في الأزهية ص187؛ وأسرار العربية ص136؛ والأشباه والنظائر 4/ 303؛ وأوضح المسالك 1/ 257؛ وتخليص الشواهد ص252؛ وخزانة الأدب 9/ 207، 210، 10/ 187؛ والدرر 2/ 79؛ ورصف المباني ص140، 141، 217، 255، وشرح التصريح 1/ 192؛ وشرح ابن عقيل ص1474؛ وشرح المفصل 7/ 98؛ ولسان العرب 13/ 370 "كون"، واللمع في العربية ص122؛ والمقاصد النحوية 2/ 41؛ وهمع الهوامع 1/ 120.

208-

الرجز لأم عقيل بن أبي طالب في أوضح المسالك 1/ 255؛ وتخليص الشواهد ص252؛ وخزانة الأدب 9/ 225، 226؛ والدرر 2/ 78؛ وشرح التصريح 1/ 191؛ وشرح ابن عقيل ص147؛ والمقاصد النحوية 2/ 39؛ وبلا نسبة في همع الهوامع 1/ 120.

209-

البيت من السريع، وهو بلا نسبة في تخليص الشواهد ص252؛ والدرر 2/ 80؛ وهمع الهوامع 1/ 120.

ص: 355

ويحذفونها ويبقون الخبر

وبعد إن ولو كثيرًا ذا اشتهر

ــ

وقوله:

210-

أعاذل قولي ما هويت فأوبي

كثيرًا أرى أمسى لديك ذنوبي

وأجاز بعضهم زيادة سائر أفعال الباب إذا لم ينقص المعنى "ويحذفونها" أي كان إما وحدها أو مع الاسم وهو الأكثر "ويبقون الخبر" على حاله "وبعد إن ولو" الشرطيتين "كثير ذا" الحكم "اشتهر" من ذلك: المرء مجزي بعمله إن خيرًا فخير وإن شرًّا فشر.

وقوله:

211-

قد قيل ما قيل إن صدقا وإن كذبا

ــ

مشغول عنه بعشق غيره، أو المراد مشغول بمشغول به لأن المحب لا يرضى الشركة في حبيبه. قوله:"أعاذل إلخ" الهمزة للنداء، وعاذل منادى مرخم، وأوّبي من التأويب وهو الترجيع وكثيرًا مفعول ثان لأرى. قوله:"أي كان" أي هذه المادة لا بقيد الزيادة ولا بقيد الصيغة الماضوية لما سيأتي عن سيبويه في ولو تمر في تقدير يكون. قوله: "إما وحدها" فالاقتصار على الخبر في قوله ويبقون الخبر لبقائه على الحالتين فلا ينافي هذا الاقتصار قول الشارح إما وحدها وإن أورده سم. وأقره شيخنا والبعض. قوله: "وهو الأكثر" أي لأن الفعل ومرفوعه كالشيء الواحد. قوله: "وبعد إن" الظرف متعلق باشتهر وكثيرًا الأحسن أنه حال من فاعل اشتهر ولا تكرار في الجمع بين الكثرة والشهرة لأنه لا يلزم من إحداهما الأخرى. قال في التصريح والغالب في أن هذه أن تكون تنويعية. قوله: "ولو" أي المندرج ما بعدها فيما قبلها فلا يجوز الأحشف ولو تمرًا وإنما كثر حذفها بعدهما لأن إن أم أدوات الشرط العاملة ولو أم غير العاملة كما أن أم بابها وهم يتوسعون في الأمهات ما لم يتوسعوا في غيرها في التصريح. قوله: "المرء إلخ" قال شيخنا والبعض لفظ الحديث "الناس مجزيون بأعمالهم" إلخ. ا. هـ. وقال شيخنا السيد: المرء مجزي بعمله ليس حديثًا وإن صح معناه قاله القليوبي، ولذلك حكاه الحافظ في الهمع بلفظ قيل وكذا غيره. ا. هـ. وهذا قد يفيد أنه لم يرد مطلقًا ويؤيده تعبير صاحب التوضيح بقوله: وقولهم الناس مجزيون بأعمالهم إلخ وكذا في همع السيوطي فيما رأيته من نسخه وعلى تسليم ورود الناس مجزيون بأعمالهم إلخ

210- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في تخليص الشواهد ص252؛ والدرر 2/ 81؛ وهمع الهوامع 1/ 120.

211-

تمام البيت:

فما اعتذارك من قول إذا قيل

وهو من البيسط، وهو للنعمان بن المنذر في الأغاني 15/ 295؛ وأمالي المرتضى 1/ 193؛ وخزانة الأدب 4/ 10، 9/ 552؛ والدرر 2/ 82؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 352؛ وشرح شواهد المغني 1/ 188؛ والكتاب 1/ 260؛ والمقاصد النحوية 2/ 66؛ وبلا نسبة في شرح ابن عقيل ص148؛ وشرح المفصل 2/ 97؛ ومغني اللبيب 1/ 61.

ص: 356

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقوله:

212-

حدبت علي بطون ضبة كلها

إن ظالمًا فيهم وإن مظلوما

وفي الحديث "التمس ولو خاتمًا من حديد" وقال الشاعر:

213-

لا يأمن الدهر ذو بغي ولو ملكًا

جنوده ضاق عنها السهل والجبل

تنبيهان: الأول قد تحذف كان مع خبرها ويبقى الاسم، من ذلك: مع أن المرء مجزى بعمله إن خير فخير وإن شر فشر برفعهما أي إن كان في عمله خير فجزاؤه خير، وإن كان في عمله شر جزاؤه شر. وفي هذه المسألة أربعة أوجه مشهورة هذان والثالث نصبهما على تقدير إن كان عمله خيرًا فهو يجزى خيرًا. والرابع عكس الأول أي رفع الأول ونصب الثاني. وهذا الرابع أضعفها والأول أرجحها، وما بينهما متوسطان. ومنه مع لو ألا

ــ

يكون الشارح رواه بالمعنى. قوله: "بعمله" أي بجنس عمله لأن العمل ليس مجزيًا به بل عليه قاله الناصر أو الباء بمعنى على. قوله: "حدبت إلخ" حدب بحاء ودال مهملتين كفرح عطف ورقّ. وضبة بفتح الضاد المعجمة وتشديد الموحدة، ويروى بكسر الضاد وتشديد النون، ومدلولًا العلمين متغايران. قوله:"إن كان في عمله خير" لم يقدر كان التامة مع الاستغناء معها عن تقدير المنصوب لتوافق حالة النصب ولأن الناقصة أكثر استعمالًا من التامة. قوله: "أربعة أوجه مشهورة" نص في التسهيل على أنه ربما جر المقرون بأن أو إن لا إذا عاد اسم كان إلى مجرور بحرف قال الدماميني: نحو المرء مقتول بما قتل به إن سيف فسيف أي إن كان قتل بسيف فقتله أيضًا بسيف. وحكى يونس مررت برجل صالح إن لا صالح فطالح أي إن لا يكن المرور بصالح فالمرور بطالح، وذلك لقوة الدلالة على الجار بتقدم ذكره لكن هذا مما يسهل الحذف لا مما يوجب الاطراد فلا يقال منه إلا ما سمع، هذا مذهب سيبويه ونص المصنف على اطراده. ا. هـ. ببعض حذف. قوله:"وهذا الرابع أضعفها" أفعل التفضيل ليس على بابه بالنسبة إلى الأول كما أن قوله أرجحها ليس على بابه بالنسبة إلى الرابع. وإنما كان أضعف لأن فيه حذف كان وخبرها وحذف فعل ناصب بعد فاء الجزاء وكلاهما نادر. ومن هذا يعلم أن أرجحية الأول لسلامته منهما واشتماله على شيئين مطردين وما إضمار كان واسمها بعد إن وإضمار المبتدأ بعد فاء الجزاء وإن

212- البيت من الكامل، وهو للنابغة الذبياني في ديوانه ص103، وتخليص الشواهد ص259؛ والدرر 2/ 83؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 36؛ والكتاب 1/ 262؛ والمقاصد النحوية 2/ 87؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 260؛ وهمع الهوامع 1/ 121.

213-

البيت من البسيط، وهو للعين المنقري في خزانة الأدب 1/ 257؛ والدرر 2/ 85؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 262؛ وتخليص الشواهد ص260؛ وشرح التصريح 1/ 193؛ وشرح شواهد المغني 2/ 658؛ وشرح قطر الندى ص142؛ ومغني اللبيب 1/ 268؛ والمقاصد النحوية 2/ 50.

ص: 357

وبعد أن تعويض ما عنها ارتكب

كمثل أما أنت برا فاقترب

ــ

طعام ولو تمر، جوز فيه رفع تمر على تقديره ولو يكون عندنا تمر. الثاني قل حذف كان مع غير إن ولو كقوله:

214-

من لد شولا فإلى إتلائها

قديره سيبويه من لد أن كانت شولا "وبعد أن" المصدرية "تعويض ما عنها" أي عن كان "ارتكب" فتحذف كان لذلك وجوبًا إذ لا يجوز الجمع بين العوض والمعوض "كمثل

ــ

توسط الثاني والثالث لسلامة كل من أحدهما واشتماله على أحد المطردين ومقتضى هذا أنهما متساويان وبه قال الشلوبين وقال ابن عصفور: رفعهما أحسن من نصبهما ووجه بأن الحذف في الرفع أقل منه في النصب وقال الدماميني: الرفع ضعيف من جهة المعنى لأن معنى إن كان في عملهم خبر غير مقصود لأن مراد المتكلم إن كان نفس عملهم خيرًا لا إن كان لهم أعمال منها خير وقد يدفع بأنه على التجريد مثل: {لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْد} [فصلت: 28] ، قاله سم.

قوله: "على تقدير ولو يكون عندنا تمر" المناسب عندكم إلا أن يكون استفهام المتكلم من أهل بيته واستفيد منه أن الحذف ليس خاصًّا بلفظ الماضي بخلاف الزيادة. قوله: "من لد شولا" بفتح الشين وسكون الواو مع التنوين جمع شائلة على غير قياس إذ قياس جمعها شوائل والشائلة الناقة التي خف لبنها وارتفع ضرعها وأتى عليها من نتاجها سبعة أشهر أو ثمانية. والشائل بلا هاء الناقة التي تشول بذنبها للقاح أي ترفعه لأجله ولا لبن بها أصلًا وجمعها شول بضم الشين وتشديد الواو كراكع وركع والفاء زائدة. والإتلاء بالكسر مصدر أتلت الناقة إذا تلاها ولدها أي تبعها أي من زمن كونها شولًا إلى زمن تبعية أولادها لها كذا في التصريح وغيره. قوله: "قدره سيبويه من لد أن كانت شولا" أتى في التقدير بأن لقلة إضافة لدن إلى الجمل واعترض بأنه يلزمه حذف الموصول الحرفي وصلته وإبقاء معمولها وهو ممنوع وإن جاز حذف إن وحدها خلافًا لما يوهمه كلام البعض. وأجيب بأنه حل معنى لا حل إعراب وحل الإعراب من لد كانت وإن كانت إضافة لد إلى الجملة قليلة وقدره بعضهم من لد شالت شولا فجعل شولا مصدرًا لا جمعًا وهو أقل كلفة من تقدير سيبويه. قوله: "ارتكب" يوهم خروجه عن القياس وليس كذلك لأنهم عوضوا الحرف عن الجملة في نحو يومئذٍ قياسًا فهذا أولى. قوله: "فتحذف كان" أي وحدها إذ لا يجوز حذف الاسم معها كما صرح به الفارضي. قوله: "وجوبًا" أي عند الجمهور وأجاز المبرد أما كنت منطلقًا انطلقت، ولم يسمع هذا العمل إلا في ضمير المخاطب، وأجاز

214- الرجز بلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 361، 8/ 248؛ وأوضح المسالك 1/ 263؛ وتخليص الشواهد ص260؛ وخزانة الأدب 4/ 24، 9/ 318؛ والدرر 2/ 87؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 546؛ وشرح التصريح 1/ 194؛ وشرح شواهد المغني 2/ 863؛ وشرح ابن عقيل ص149؛ وشرح المفصل 4/ 101، 8/ 35؛ والكتاب 1/ 264؛ ولسان العرب 13/ 384 "لدن" ومغني اللبيب 2/ 422؛ والمقاصد النحوية 2/ 51؛ وهمع الهوامع 1/ 122.

ص: 358

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أما أنت برا فاقترب" فإن مصدرية وما عوض عن كان وأنت اسمها وبرًّا خبرها، والأصل لأن كنت برًّا، فحذفت لام التعليل لأن حذفها مع أن مطرد، ثم حذفت كان فانفصل الضمير المتصل بها، ثم عوض عنها ما وأدغمت فيها النون، ومنه قوله:

215-

أبا خراشة أما أنت ذا نفر

فإن قومي لم تأكلهم الضبع

تنبيه: حذفت كان مع معموليها بعد أن في قولهم افعل هذا أما لا، أي إن كنت لا

ــ

سيبويه أما زيد ذاهبًا ذهبت. قوله: "إذ لا يجوز الجمع بين العوض والمعوض" كما لا يجوز حذفهما معًا فلا يقال إن أنت برًّا قاله الفارضي. قوله: "فاقترب" الفاء زائدة دخلت تشبيهًا بفاء الجواب لأن الأول سبب والثاني مسبب.

قوله: "فإن مصدرية" أي عند البصريين وذهب الكوفيون إلى أنها شرطية بدليل الفاء لأنهم يجيزون فتح همزة إن الشرطية ونقل البعض في بعض نسخ حاشيته الأول عن غير البصريين والثاني عن البصريين سبق قلم قال الفارضي وأن المصدرية حينئذٍ في محل نصب أو جر على الخلاف في محلها بعد حذف حرف الجر معها. ا. هـ. قوله: "وأنت اسمها" أي اسم كان وقيل العامل نفس ما لنيابتها عن كان فالاسم والخبر لها. قوله: "والأصل لأن كنت برًّا" أي الأصل الثاني والأصل الأول اقترب لأن كنت برًّا فقدمت العلة على المعلول ثم حذفت اللام إلخ ما قال الشارح وزيدت الفاء لما مر. قوله: "ثم حذفت كان" أي وصلة الموصول الحرفي قد تحذف نحو ما أن حراء مكانه أي ما ثبت أفاده يس. قوله: "أبا خراشة" بضم الخاء المعجمة صحابي وهو منادى حذف منه حرف النداء وقوله أما أنت إلخ. حذف معلولي العلتين لدلالة المقام والأصل لأن كنت ذا نفرٍ افتخرت عليّ لا تفتخر عليّ فإن قومي إلخ. والضبع حيوان معروف شبه به السنة المجدبة على طريق الاستعارة التصريحية والأكل ترشيح. وقيل: الضبع حقيقة فيها أيضًا. ويحتمل أن المراد به الحيوان المعروف فيكون الكلام كناية عن عدم ضعف قومه لأن القوم إذا ضعفوا عاثت فيهم الضباع قاله السيوطي في شرح شواهد المغني

215- البيت من البسيط، وهو لعباس بن مرداس في ديوانه ص128؛ والأشباه والنظائر 2/ 113؛ والاشتقاق ص313؛ وخزانة الأدب 4/ 13؛ 14، 17؛ 200، 5/ 445؛ 6/ 532؛ 11/ 62؛ والدرر 2/ 91؛ وشرح شذور الذهب ص242؛ وشرح شواهد الإيضاح ص479؛ وشرح شواهد المغني 1/ 116، 179؛ وشرح قطر الندى ص140؛ ولجرير في ديوانه ص1/ 349؛ والخصائص 2/ 381؛ وشرح المفصل 2/ 99، 8/ 132؛ والشعر والشعراء 1/ 341؛ والكتاب 1/ 293؛ ولسان العرب 6/ 294 "خرش" 8/ 217 "ضبع"؛ والمقاصد النحوية 2/ 55؛ وبلا نسبة في الأزهية ص147؛ وأمالي ابن الحاجب 1/ 411، 442، والإنصاف 1/ 71؛ وأوضح المسالك 1/ 265؛ وتخليص الشواهد ص260؛ والجني الداني ص528؛ وجواهر الأدب ص198، 416، 421، ورصف المباني ص99، 101؛ وشرح ابن عقيل ص149؛ ولسان العرب 14/ 47 "أما"؛ ومغني اللبيب 1/ 35؛ والمنصف 3/ 116؛ وهمع الهوامع 1/ 123.

ص: 359

ومن مضارع لكان منجزم

تحذف نونه وهو حذف ما التزم

ــ

تفعل غيره، فما عوض عن كان، ولا نافية للخبر ومنه قوله:

216-

أمرعت الأرض لو أن ما لا

لو أن نوقا لك أو جمالًا

أو ثلة من غنم إما لا

التقدير إن كنت لا تجدين غيرها "ومن مضارع لكان" ناقصة كانت أو تامة "منجزم" بالسكون لم يتصل به ضمير نصب وقد وليه متحرك "تحذف نون" هي لام الفعل تخفيفًا "وهو حذف" جائزة "ما التزم" نحو: {وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً} [النساء: 40]، في القراءتين بخلاف نحو:{مَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ} [القصص: 37]، {وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاء} [يونس: 78] ، {وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِين} [يوسف: 9] ، "إن يكنه فلن تسلط عليه" {لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ} [النساء: 168] ، وخالف في هذا أخيرًا يونس فأجاز الحذف حينئذ تمسكًا بقوله:

217-

فإن لم تك المرآة أبدت وسامة

فقد أبدت المرآة جبهة ضيغم

ــ

قوله: "حذفت كان" أي وجوبًا وقوله مع معموليها جعله المصنف من حذفها مع اسمها فقط لأن لا من الخبر فكأنه لم يحذف بعضه. قوله: "بعد إن في قولهم إلخ" نقل في التصريح عن الكوفيين جواز حذف الثلاثة بلا عوض فإذا قيل لك لا تأت الأمير فإنه جائر جاز أن تقول أنا آتيه وإن ومنه قالت وإنن. قوله: "فما عوض عن كان" قضيته أنها ليست عوضًا عن اسمها وخبرها أيضًا فيكونان حذفًا بلا تعويض. قوله: "ولا نافية للخبر" الظاهر أن لا جزء من الخبر أي وجواب الشرط محذوف لدلالة ما قبله عليه. هذا. وجعل اللقاني ما زائدة لتأكيد إن الشرطية من غير تقدير لكان كما في: {فَإِمَّا تَرَيِن} [مريم: 26] ، ولا داخلة على فعل الشرط واستحسن هذا غير واحد لأنه أقل تكلفًا وضعفه الروداني بأن ما لا تزاد قبل الشرط المنفي بلا وبأن الجواب لا يحذف إلا إن كان الشرط ماضيًا لفظًا أو معنى والشرط على زعمه مستقبل وجواب الشرط على كل محذوف لدلالة افعل قبله عليه، والتقدير فافعل هذا. قوله:"أمرعت" أي أخصبت والثلة بضم المثلثة وقد تفتح القطعة من الشيء والظاهر أن لو في الموضعين للتمني كما في: {لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّة} [البقرة: 167]، وخبر أن في الموضع الأول محذوف تقديره لك. قوله:"ومن مضارع إلخ" متعلق بتحذف. والحاصل أن نون مضارع كان تحذف بخمسة شروط ذكر المصنف والشارح منها أربعة والخامس أن يكون وصلًا لا وقفًا. قوله: "تحذف نون" أي لكثرة الاستعمال وشبهها بحروف العلة. قوله: "في القراءتين" أي قراءة الرفع على التمام والنصب على النقصان.

216- الرجز بلا نسبة في تخليص الشواهد ص381؛ والدرر 2/ 94؛ وهمع الهوامع 1/ 122.

217-

البيت من الطويل، هو للخنجر بن صخر الأسدي في خزانة الأدب 9/ 304، والدرر 2/ 96؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 542؛ وشرح التصريح 1/ 196؛ ولسان العرب 13/ 364 "كون" والمقاصد النحوية 2/ 63؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 269؛ وتخليص الشواهد ص268؛ ولسان العرب 1/ 122.

ص: 360

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وحمل على الضرورة، قال الناظم: وبقوله أقول؛ إذ لا ضرورة لإمكان أن يقال فإن تكن المرآة أخفت وسامة، وقد قرئ شاذًّا "لم يكن الذين كفروا".

خاتمة: إذا دخل على غير زال وأخواتها من أفعال هذا الباب ناف فالمنفي هو الخبر نحو ما كان زيد عالمًا فإن قصد الإيجاب قرن الخبر بإلا نحو ما كان زيد عالمًا فإن كان الخبر من الكلمات الملازمة للنفي نحو يعيج لم يجز أن يقترن بإلا، فلا يقال في ما كان زيد يعيج بالدواء: ما كان زيدًا لا يعيج. ومعنى يعيج ينتفع، وحكم ليس حكم ما

ــ

قوله: "بخلاف نحو من تكون إلخ" خرج هو وما بعده بالجزم وقوله: وتكونوا إلخ بالسكون وقوله: إن يكنه إلخ بقوله: لم يتصل وقوله: لم يك إلخ بقوله: وقد وليه متحرك. قوله: "فإن لم تك المرآة إلخ" كأنه نظر وجهه فلم يره حسنًا فتسلى بأنه يشبه وجه الضيغم وهو الأسد من الضغم وهو العض. قوله: "إذ لا ضرورة إلخ" مبني على مذهبه في الضرورة وقد مر ما فيه وقوله لا مكان أن يقال فإن تكن المرآة أخفت وسامة فيه أن هذا أخص من كلام الشاعر لأن الشرط على هذا إخفاء الوسامة المقتضي ثبوتها في نفسها والشرط على كلام الشاعر عدم إبداء الوسامة الصادق بانتفائها في نفسها فتأمل.

قوله: "نحو يعيج" أي التي بمعنى ينتفع كما سيذكره الشارح أما عاج التي بمعنى أقام أو وقف أو رجع أو أمال فلا يختص بالنفي، ونحو يعيج أحد وديار وعريب، فلا يقال: ما كان مثلك إلا أحدًا. قوله: "في كل ما ذكر" أي في أن المنفي هو الخبر وفي أنه إذا قصد الإيجاب قرن الخبر بإلا وفي أنه إذا كان الخبر ملازمًا للنفي لم يجز أن يقترن بإلا. بقي أن ليس وما كان يشتركان في شيء آخر نبه عليه في التسهيل. وعبارته مع زيادة من الدماميني عليه: وتختص ليس بجواز اقتران خبرها بواو وإن كان جملة موجبة بإلا كقوله:

ليس شيء إلا وفيه إذا ما

قابلته عين البصير اعتبار

ومنع بعضهم ذلك وتأول البيت إما على حذف الخبر والجملة حال أو على زيادة الواو ويشاركها في ذلك كان بعد نفي كقوله:

ما كان من بشر إلا وميتته

محتومة لكن الآجال تختلف

وربما شبهت الجملة المخبر بها في هذا الباب بالحالية فوليت الواو مطلقًا كقوله:

وكانوا أناسًا ينفحون فأصبحوا

وأكثر ما يعطونك النظر الشزر

وقوله:

فظلوا ومنهم سابق دمعه له

وآخر يثني دمعة العين بالمهل

وهذا إنما أجازه الأخفش دون غيره من البصريين ولا حجة في البيتين لاحتمال أصبح وظل

ص: 361

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

كان في كل ما ذكر. وأما زال وأخواتها فنفيها إيجاب فلا يقترن خبرها بإلا كما لا يقترن بها خبر كان الخالية من نفي لتساويهما في اقتضاء ثبوت الخبر وما أوهم خلاف ذلك فمؤول كقوله:

218-

حراجيج لا تنفك إلا مناخة

على الخسف أو نرمي بها بلدا قفرا

أي ما تنفصل عن الأتعاب في حال إناختها على الخسف إلى أن نرمي بها بلدًا

ــ

فيهما للتمام وجعل الجملة حالية، أو يقال: هما ناقصان والخبر محذوف. ا. هـ. وقال في التسهيل: ورفع ما بعد إلا في نحو ليس الطيب إلا المسك لغة تميم. ا. هـ. أي حملا لها عند انتقاض نفيها على ما في الإهمال كما في المغني. قال الدماميني: حكى ذلك عنهم أبو عمرو بن العلاء ثم نقل في رد نحو هذا التركيب إلى اللغة المشهورة تأويلات منها أن الطيب اسمها وإلا المسك نعت للاسم لأن تعريفه تعريف الجنس والخبر محذوف أي ليس طيب غير المسك موجودًا، وأورد عليه أن فيه التزام حذف الخبر بلا ساد مسده ثم قال ابن هشام: وما تقدم من نقل أبي عمرو أن ذلك لغة تميم يرد هذه التأويلات. ا. هـ. وقوله موجودًا عبارة المغني طيبًا. قوله: "فنفيها إيجاب" أي باعتبار مآل المعنى لما مر من أنها للنفي ونفي النفي إيجاب. قوله: "فلا يقترن خبرها بإلا" أي لأن الاستثناء المفرغ لا يكون في الموجب إلا في الفضلات على قلة والخبر ليس فضلة فلا يجوز ما زال زيد إلا قائمًا لاستحالة استمرار زيد على جميع الصفات إلا القيام. قوله: "فمؤوّل" أي بوجهين أولهما أحسنهما للاعتراض على ثانيهما بأن عامل الحال إن جعل تنفك ففيه أن ما قبل إلا لا يعمل فيما بعد المستثنى إلا في تابعه أو في المستثنى منه وعلى الخسف ليس واحدًا منهما، وإن جعل الظرف لزم تقدم المستثنى في الاستثناء المفرغ على عامله وقد منعه البصريون وتقدم الحال على عاملها الظرف وهو نادر وبأن الاستثناء المفرغ في الفضلات قليل في الإيجاب. وخرج ابن جني البيت على أن تنفك ناقصة وإلا زائدة كما جوزه الواحدي في قوله تعالى:{كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لا يَسْمَعُ إِلَاّ دُعَاءً وَنِدَاء} [البقرة: 171] . قوله: "حراجيج" جمع حرجوج بحا مهملة فراء فجيمين بينهما واو كعصفور وهي الناقة السمينة أو الشديدة أو الضامرة والمراد بالخسف حبسها عن المرعى يعني أنها تناخ معدة للسير فلا ترسل من أجل ذلك إلى المرعى، وأو بمعنى إلى أن كما صنع الشارح تبعًا للمرادي فتسكين الياء للضرورة على رواية نرمي بالنون. قال الدماميني: وأحسن منه جعلها عاطفة على مناخة ونائب فاعل يرمي على روايته بالتحتية

218- البيت من الطويل، وهو لذي الرمة في ديوانه ص419؛ وتخليص الشواهد ص270؛ وخزانة الأدب 9/ 247، 248، 250، 255؛ وشرح شواهد المغني 1/ 219؛ والكتاب 3/ 48؛ ولسان العرب 10/ 477 "فكك"؛ والمحتسب 1/ 329؛ وهمع الهوامع 1/ 120؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص142؛ والأشباه والنظائر 5/ 173؛ والإنصاف 1/ 156؛ والجني الداني ص521؛ ومغني اللبيب 1/ 73؛ وهمع الهوامع 1/ 230.

ص: 362