الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الاستثناء:
ما استثنت إلا مع تمام ينتصب
…
وبعد نفي أو كنفي انتخب
ــ
الاستثناء:
الاستثناء هو الإخراج بإلا أو إحدى أخواتها لما كان داخلًا أو منزلًا منزلة الداخل، فالإخراج جنس. وبإلا إلى آخره يخرج التخصيص ونحوه. وما كان داخلًا يشمل الداخل حقيقة والداخل تقديرًا وهو المفرغ. والقيد الأخير لإدخال المنقطع على ما ستراه "ما استثنت إلا مع" كلام "تمام" أي غير مفرغ موجبًا كان أو غير موجب "ينتصب" إلا أن
ــ
الاستثناء:
السين والتاء زائدتان وهو من المثنى بمعنى العطف لأن المستثنى معطوف عليه بإخراجه من حكم المستثنى منه أو بمعنى الصرف لأنه مصروف عن حكم المستثنى منه. قوله: "الاستثناء هو الإخراج إلخ" أظهر لأن الاستثناء في الترجمة بمعنى المستثنى بدليل ذكره في المنصوبات والاستثناء المعرف بالمعنى المصدري. قوله: "لما كان داخلا" أي في مفهوم اللفظ لغة وإن كان خارجا من أول الأمر في النية أو المراد بإخراج مكان داخلا إظهار خروج ما يتوهم دخوله فلا ينافي ما قالوه أنه يجب ملاحظة خروج المستثنى من أول الأمر بحيث يكون المستثنى منه مستعملا فيما عدا المستثنى والاستثناء قرينة على ذلك لئلا يلزم التناقض بإدخال الشيء ثم إخراجه، والكفر ثم الإيمان في لا إله إلا الله. قوله:"فالإخراج جنس" لشمول المعرف وغيره كالإخراج بالصفة وبدل البعض والشرط والغاية نحو: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: 92]، أكلت الرغيف ثلثه اقتل الذمي إن حارب و {أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: 187] قاله المصرح. قوله: "يخرج التخصيص" أراد به التخصيص بالوصف والإضافة لشيوعه فيهما وبنحوه التقييد بالغاية والشرط والحال والبدل ونحوها فلا يقال إن الاستثناء من التخصيص. قوله: "يشمل الداخل حقيقة إلخ" قال سم الوجه أن يقال الداخل حقيقة لفظا أو تقديرا فإن المستثنى المفرغ داخل حقيقة إلا أن الدخول تقديري من حيث إن المستثنى منه الذي هو محل الدخول مقدر لا ملفوظ. قوله: "ما استثنت إلا" أي الاستثنائية أما الوصفية فستأتي في الشرح.
فائدة: قال في الهمع الاستثناء في حكم جملة مستأنفة فلا يقدم معمول تالي إلا عليها فيمتنع ما أنا زيدا إلا ضارب ولا يؤخر معمول متلوها عنها فيمتنع ما ضرب إلا زيد عمرا، وما ضرب إلا عمرا زيد، وما مر إلا زيد بعمرو إلا على إضمار عامل يفسره ما قبله، ويستثنى من هذا المستثنى منه وصفته فيجوز تأخيرهما نحو ما قام إلا زيدا أحد، وما مررت بأحد إلا زيدا خير من عمرو، وأجاز الكسائي تأخير المعمول مرفوعا كان أو منصوبا أو مجرورا، واستدل بقوله:
فما زادني إلا غراما كلامها
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الانتصاب مع الموجب متحتم اتفاقًا، سواء كان المستثنى متصلًا وهو ما كان بعضًا من
ــ
وما كف إلا ماجد ضرّ بائس
وقوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا} [يوسف: 109، النحل: 43]، إلى قوله:{بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ} [آل عمران: 184، النحل: 44] ، ووافقه ابن الأنباري في المرفوع والأخفش في الظرف والمجرور والحال نحو ما جلس إلا زيد عندك، وما مر إلا عمرو بك، وما جاء إلا زيد راكبا واختاره أبو حيان. ا. هـ. باختصار وقوله ويستثنى من هذا المستثنى منه وصفته أي وما فرغ له العامل نحو ما ضرب إلا زيد. قوله:"مع تمام أي غير مفرغ" في تفسير الشارح إشارة إلى أن التمام بمعنى التام أي مع العامل التام ولا حاجة إلى ذلك إذ يصح إبقاء التمام على مصدريته أي مع ذكر المستثنى منه أي ولو بالضمير المستتر. قوله: "موجبا كان" أي العامل التام وعلى هذا التعميم يكون قوله الآتي وبعد نفي إلخ تفصيلا لما أجمل هنا ويجوز أن يقيد ما هنا بالإيجاب بقرينة ما يأتي فيكون مقابلا له وهو أظهر، والمراد بالانتصاب على الأول ما يعم الواجب والجائز، وعلى الثاني الواجب. قوله:"متحتم اتفاقا" فيه نظر فإن الاتباع جائز في لغة حكاها أبو حيان وخرّج عليها قراءة بعضهم شذوذا فشربوا منه إلا قليل منهم وسيأتي أنه في تأويل لم يكونوا مني بدليل: {فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي} [البقرة: 249] ، قال شيخنا الظاهر أن الوجوب إضافي بالنسبة لامتناع الاتباع فلا يرد أنه يجوز في الاسم بعد إلا في التام الموجب رفعه على أنه مبتدأ مذكور الخبر أو محذوفه ويكون المستثنى حينئذٍ الجملة كما قاله الفارضي وغيره. ا. هـ. وظاهر اطلاقه جريان ما ذكر في المتصل والمنقطع ولا بعد فيه بل يأتي ما يؤيده، وعبارة الدماميني: اعلم أن المستثنى المنقطع قد يكون مفردا كما تقدم وقد يكون جملة نحو: {لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ، إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ، فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ} [الغاشية: 22-24]، قال ابن خروف من بمتدأ ويعذبه الله الخبر والجملة في موضع نصب على الاستثناء المنقطع. قلت وأهمل الأكثرون عدّ هذه الجملة في الجمل التي لها محل من الإعراب وينبغي أن تعد على هذا. ا. هـ. أقول ممن عدها منها صاحب المغني فإنه قال والحق أنها تسع والذي أهملوه الجملة المستثناة والجملة المسند إليها ومثل الأولى بالآية ونقل كلام ابن خروف فيها وبقراءة بعضهم:{فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا} [البقرة: 229]، على قول الفراء إن قليل مبتدأ حذف خبره أي لم يشربوا ثم قال وأما الثانية فنحو:{سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ} [البقرة: 6، يس: 10]، إذا أعرب سواء خبرا وأنذرتهم مبتدأ ونحو تسمع بالمعيدي خير من أن تراه إذا لم يقدر الأصل أن تسمع بل قدر تسمع قائما مقام السماع كما أن الجملة بعد الظرف في نحو:{وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ} [الكهف: 47]، وفي نحو:{أَأَنْذَرْتَهُمْ} [البقرة: 6] ، في تأويل المصدر وإن لم يكن معهما حرف سابك. ا. هـ. ومتى كان ما بعد إلا جملة فإلا بمعنى لكن ولو كان الاستثناء متصلا كما في الدماميني عن توضيح الناظم لكن إن نصب تالي إلا فهي كلكن المشددة وإن رفع فكالمخففة.
قوله: "سواء كان المستثنى متصلا" هكذا في نسخ وعليه فتعريفاه للمتصل والمنقطع
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المستثنى منه أو منقطعًا وهو ما لم يكن كذلك. وسواء كان متقدمًا على المستثنى منه أو متأخرًا عنه، تقول: قام القوم إلا زيدًا، وخرج القوم إلا بعيرًا، وقام إلا زيدًا القوم. وخرج إلا بعيرًا القوم. وهكذا تقول مع عامل النصب والجر.
تنبيه: ناصب المستثنى هو إلا، لا ما قبلها بواسطتها، ولا مستقلا، ولا استثنى
ــ
ظاهران لا تحتاج صحتها إلى تقدير، لكن الأشهر جعل الاتصال والانقطاع وصفين للاستثناء لا المستثنى. وفي نسخ سواء كان الاستثناء متصلا وهو الموافق للأشهر، لكن عليه تحتاج صحة تعريفه للمتصل إلى تقدير أي وهو ذو ما كان بعضا أي وهو الاستثناء صاحب المستثنى الذي كان بعضا وكذا تعريفه المنقطع والصحيح أن الاستثناء حقيقة في المتصل مجاز في المنقطع لتبادر المتصل منه إلى الفهم عند التجرد عن القرائن وهذا شأن الحقيقة وقيل مشترك لفظي فيهما وقيل معنوي. قوله:"ما كان بعضا من المستثنى منه" أولى من قول غيره ما كان من جنس المستثنى منه لأنه يصدق على قام القوم إلا حمارا وجاء بنوك إلا ابن زيد مع أنهما من المنقطع. وتأويل الجنس بالنوع إنما يدفع ورود الأول لا الثاني ولأنه يخرج عنه نحو أحرقت زيدا إلا يده مما كان فيه المستثنى جزءا من المستثنى منه مع أنه من المتصل، ويعلم من هذا أن المراد بالبعض في التعريف ما يشمل الفرد والجزء. واعترض على تعريف المنقطع بما ذكر بأنه لا يشمل الاستثناء في قوله تعالى:{لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى} [الدخان: 56]، وقوله تعالى:{لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [البقرة: 188] ، فإن المستثنى فيهما بعض من المستثنى منه ومن جنسه مع أن الاستثناء منقطع، فينبغي أن يقال إن الاستثناء المتصل أن يحكم على ما بعد إلا مثلا وهو بعض مما قبلها بنقيض ما حكم به على ما قبلها فإن فقد أحد القيدين كان منقطعا ففقد القيد الأول نحو قام القوم إلا حمارا وفقد الثاني نحو الآيتين فإنه لم يحكم على الموتة الأولى بذوقهم لها في الجنة الذي هو نقيض عدم ذوقهم لها فيها، ولا على التجارة عن التراضي بعدم منع أكلها بالباطل الذي هو نقيض منع أكلها بالباطل أفاده الشهاب القرافي، وأسهل منه أن يقال في تعريف المتصل إخراج شيء دخل فيما قبل إلا مثلا بها.
قوله: "أو منقطعا" شرطه أن يناسب المستثنى منه فلا يجوز قام القوم إلا ثعبانا وأن لا يسبق ما هو نص في خروجه فلا يجوز صهلت الخيل إلا الإبل بخلاف صوتت الخيل إلا الإبل نقل شيخنا الأول عن الحلبي والثاني عن الشارح، وصرح به الدماميني. قوله:"لا ما قبلها بواسطتها" هذا رأي السيرافي وعزاه ابن عصفور وغيره إلى سيبويه والفارسي وجماعة من البصريين. وقال الشلوبين هو مذهب المحققين وعدل عن قوله في التسهيل لا بما قبلها معدي بها لأن التعدية إنما هي معروفة في الفعل وشبهه فلا تتناول عبارته بحسب الظاهر نحو قولك القوم إخوتك إلا زيدا كذا في الدماميني وإنما قال بحسب الظاهر لأنه إذا أول إخوتك المنتسبين لك بالأخوة كان من
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مضمرًا، خلافًا لزاعمي ذلك على ما أشعر به كلامه وصرح باختياره في غير هذا الكتاب. وقال إنه مذهب سيبويه والمبرد والجرجاني، مشى عليه ولده لأنها حرف مختص بالأسماء غير منزل منها منزلة الجزء. وما كان كذلك فهو عامل فيجب في إلا أن تكون عاملة ما لم تتوسط بين عامل مفرغ ومعموله، فتغلى وجوبًا إن كان التفريغ محققًا نحو ما قام إلا زيد، وجوازًا إن كان مقدرًا نحو ما قام أحد إلا زيد فإنه في تقدير ما قام إلا زيد؛ لأن أحدًا مبدل منه والمبدل منه في حكم الطرح، وإنما لم تعمل الجر لأن عمل الجر بحروف
ــ
شبه الفعل. وقوله ولا مستقلا معطوف على محل بواسطتها وهو النصب على الحال.
قوله: "على ما أشعر به كلامه" حيث قال ما استثنت إلا وسيقول وألغ إلا إلخ بناء على أن المراد إلغاؤها عن العمل، وظاهر كلامه أن الخلاف في عامل المنقطع أيضا ويؤخذ من كلام ابن الحاجب أن عامله إلا بالاتفاق فإنه قال بعد ذكر الأقوال وهذا كله في المتصل، وأما المنقطع فإن العامل فيه إلا وعملها فيه عمل لكن ولها خبر يقدر بحسب المعنى، ومنهم من يجيز إظهاره، ومنهم من يقول إنه حينئذٍ كلام مستأنف. ا. هـ. لكن قال الدماميني بعد نقله كلام ابن الحاجب هذا ما نصه: وقال الرضي أما المنقطع فمذهب سيبويه أنه أيضا منتصب بما قبل إلا من الكلام كما انتصب المتصل به فما بعد إلا عنده مفرد سواء كان متصلا أو منقطعا فهي وإن لم تكن حرف عطف إلا أنها كلكن العاطفة للمفرد على المفرد في وقوع المفرد بعدها فلهذا وجب فتح أن بعدها نحو زيد غني إلا أنه شقي. والمتأخرون لما رأوها بمعنى لكن قالوا إنها الناصبة بنفسها نصب لكن لاسمها وخبرها في الأغلب محذوف نحو جاءني القوم إلا حمارا أي لكن حمارا لم يجىء قالوا وقد يجيء خبرها ظاهرا نحو قوله تعالى: {إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آَمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ} [يونس: 98] ، وقال الكوفيون إلا في المنقطع بمعنى سوى وانتصاب المستثنى بعدها كانتصابه في المتصل وتأويل البصريين أولى لأن المستثنى المنقطع يلزم مخالفته لما قبله نفيا وإثباتا كما في لكن وفي سوى لا يلزم ذلك لأنك تقول لي عليك ديناران سوى الدينار الفلاني، وذلك إذا كان صفة وأيضا لكن للاستدراك وإلا في المنقطع كذلك لأنها ترفع توهم المخاطب دخول ما بعدها في حكم ما قبلها مع أنه ليس بداخل. ا. هـ. مع بعض حذف. قوله:"مختص بالأسماء" اعترض بأنها دخلت على الفعل في نحو نشدتك الله فعلت كذا. وأجيب بأنها داخلة على الاسم تأويلا، إذ المعنى لا أسألك إلا فعلك كذا. قوله:"فيجب في إلا إلخ" لو قال فهي عاملة لاتضحت نتيجة القياس الذي ركبه من الكل الأول التي أشار إليها بقوله فيجب في إلا إلخ. قوله: "ما لم تتوسط" أي لأن العامل حينئذٍ طالب لما بعدها وهو أقوى منها فقدم عليها سم. قوله: "إن كان التفريغ محققا" لعدم شيء في اللفظ يشتغل به العامل.
قوله: "وجوازا إلخ" أي لأن ما يشتغل به العامل في نية الطرح كما سيأتي فالرفع باعتبار التفريغ المقدر والنصب باعتبار وجود ما يشتغل به لفظا ويرد عليه أنه لا يتأتى أن يكون العامل
إتباع ما اتصل وانصب ما انقطع
…
وعن تميم فيه إبدال وقع
ــ
تضيف معاني الأفعال إلى الأسماء، وتنسبها إليها وإلا ليست كذلك، فإنها لا تنسب إلى الاسم الذي بعدها شيئًا بل تخرجه من النسبة، فلما خالفت الحروف الجارة لم تعمل عملها. وإنما لم تجز اتصال الضمير بها لأن الانفصال ملتزم في التفريغ المحقق والمقدر، فالتزم مع عدم التفريغ ليجري الباب على سنن واحد. ا. هـ "وبعد نفي" ولو معنى دون لفظ "أو كنفي" وهو النهي والاستفهام المؤول بالنفي وهو الإنكاري "انتخب" أي اختير "إتباع
ــ
مفرغا إلا على القول بأن العامل في البدل هو العامل في المبدل منه، والصحيح أن العامل فيه مقدر فلا تفريغ للعامل المذكور لا محقق ولا مقدر، وتفريغ العامل المقدر محقق ويمكن دفعه بأنه لما كان عامل البدل غير ظاهر وكان العامل المذكور طالبا في المعنى للبدل وكان المبدل منه في نية الطرح كان العامل المذكور باعتبار عدم ظهور عامل البدل وكون المبدل منه في نية الطرح مفرغا للبدل. قوله:"وتنسبها إليها" عطف تفسير على تضيف. قوله: "تخرجه من النسبة" أي نسبة الجملة قبله مثبتة أو منفية وهل يصير في حكم المسكوت عنه أو الاستثناء من النفي إثبات ومن الإثبات نفي قولان يحتمل كلام الشارح كلا منهما خلافا لبعضهم والصحيح الثاني وعليه فهل هو منطوق أو مفهوم قولان.
قوله: "فلما خالفت الحروف الجارة إلخ" يرد عليه الجر بخلا وعدا فكان الأولى أن يقول ما في شرحه على التوضيح وإنما لم تعمل الجر لموافقتها الفعل معنى كما. قوله: "وإنما لم يجز اتصال الضمير بها إلخ" دفع لما يقال لو كانت إلا عاملة لجاز اتصال الضمير بها لأن الضمير يتصل بعامله. قوله: "لأن الانفصال ملتزم إلخ" أي لعدم عملها في حال التفريغ. قوله: "ولو معنى دون لفظ" تعرض الشارح للنفي لفظا ومعنى والنفي معنى فقط ولم يذكر النفي لفظا فقط نحو: {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة: 79]، لأنه نهي في المعنى ويمكن إدراجه في النهي بأن يراد به النهي ولو معنى فقط كما في الآية فإن النفي فيها بمعنى النهي وكما في قوله تعالى:{وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ} [الأنفال: 16]، فإنه شرط في معنى النهي أي لا تولوا الأدبار إلا متحرفين فتأمل. ومن النفي معنى فقط {وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ} [التوبة: 32] ، أي لا يريد الله إلا ذلك وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين أي لا تسهل إلا عليهم لكن هذه الأمثلة من التفريغ الذي ليس الكلام فيه الآن وقلّ رجل يقول ذلك إلا زيد أي لا رجل يقول ذلك إلا زيد. وأما لو فالنفي فيها ضمني لا قصدي فإذا قلت لو جاءني إخوتك إلا زيدا لأكرمتهم تعين النصب وأما {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آَلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} [الأنبياء: 22] ، فإلا بمعنى غير كما نقله يس عن ابن هشام وسيجيء في الشرح.
قوله: "وهو الإنكاري" مراده به ما يشمل التوبيخي والفرق بينهما أن المستفهم عنه في الأول غير واقع ومدعيه كاذب، وفي الثاني واقع ومدعيه صادق وإن كان ملوما فالمراد بكون الثاني في معنى النفي أنه في معنى نفي الابتغاء واللياقة، ويقال للأول الإبطالي أيضا. قوله:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ما اتصل" لما قبل إلا في إعرابه فمثاله بعد النفي لفظًا ومعنى: ما قام أحد إلا زيد، وما رأيت أحدًا إلا زيدًا، وما مررت بأحد إلا زيد. ومثاله بعد النفي معنى دون لفظ قوله:
458-
وبالصريمة منهم منزل خلق
…
عاف تغير إلا النؤي والوتد
فإن تغير بمعنى لم يبق على حاله. ومثال شبه النفي لا يقم أحد إلا زيد، وهل قام أحد إلا زيد، {وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ} [آل عمران: 135] .
تنبيهات: الأول المستثنى عند البصريين والحالة هذه بدل بعض من المستثنى منه.
ــ
"انتخب اتباع ما اتصل" أي إن لم يطل الفصل بين التابع والمتبوع ولم يكن ردا لكلام تضمن استثناء ولم يتقدم المستثنى على المستثنى منه كما سيأتي في المتن، وإلا كان المختار النصب نحو ما جاءني أحد حين كنت جالسا هنا إلا زيدا لأن اختيار الاتباع ليتشاكل المستثنى والمستثنى منه ومع طول الفصل لا يتبين ذلك، ونحو ما قاموا إلا زيدا ردا لقول قائل قاموا إلا زيدا. ليتطابق الكلامان ودعوى بعضهم تعين النصب في هذه الصورة مردودة كما أفاده الدماميني بل نازع أبو حيان في اختيار النصب فيها وفي الصورة قبلها كما في الهمع ونحو ما قام إلا زيدا أحد. وإذا انتقض النفي أو النهي بإلا كانا في حكم الإثبات فينصب ما بعد إلا الثانية نحو ما شرب أحد إلا الماء إلا زيدا، ولا تأكلوا إلا اللحم إلا عمرا، وما مررت بأحد إلا قائما إلا بكرا، فهذا ونحوه بمنزلة ما لا نفي فيه ولا نهي إذا المعنى شربوا الماء إلا زيدا وكلوا اللحم إلا عمرا ومررت بهم قائمين إلا بكرا قاله الدماميني، وظاهر المتن والشرح اختيار الاتباع على البدلية في صورة نصب المستثنى منه أيضا نحو ما ضربت أحدا إلا زيدا وبه صرح في المغني قال الدماميني ومقتضى التعليل بتشاكل المستثنى والمستثنى منه تساوي البدلية والنصب على الاستثناء في هذه الصورة. قوله:"وبالصريمة" أي في الرملة المنصرمة من معظم الرمل. والخلق بفتحتين البالي، والعافي الدارس، والنؤى بنون مضمومة وهمزة ساكنة حفيرة حول الخباء تصنع لمنع دخول ماء المطر. والوتد معروف.
قوله: "ومن يغفر الذنوب" أي أيّ موجود، أي ليس موجود يغفر الذنوب إلا الله فاندفع ما قيل إن الكلام في الاستثناء من كلام تام وما في الآية مفرغ. قوله:"الأول المستثنى" أي وحده على المشهور وقال غير واحد من المحققين المستثنى مع إلا لأن البدل يحل محل الأول فيقال ما قام إلا زيد ولا يقال ما قام زيد وحينئذٍ لا يرد الاعتراض الذي سيذكره الشارح ولا يخرج على هذا القول عن كونه بدل بعض لأن إلا زيد بمعنى غير زيد، وغير زيد بعض أحد لصدق أحد بزيد
458- البيت من البسيط، وهو للأخطل في ديوانه ص114؛ وشرح التصريح 1/ 349؛ وشرح شواهد المغني 2/ 670؛ وشرح عمدة الحافظ ص380؛ والمقاصد النحوية 3/ 103؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 255؛ ومغني اللبيب 1/ 276.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وعند الكوفيين عطف نسق قال أبو العباس ثعلب: كيف يكون بدلًا وهو موجب ومتبوعه منفي. وأجاب السيرافي بأنه بدل منه في عمل العامل فيه، وتخالفهما في النفي والإيجاب لا يمنع البدلية لأن سبيل البدل أن يجعل الأول كأنه لم يذكر والثاني في موضعه. وقد يخالف الموصوف والصفة نفيًا وإثباتًا نحو مررت برجل لا كريم ولا لبيب. الثاني إذا تعذر البدل على اللفظ أبدل على الموضوع نحو ما جاءني من أحد إلا زيد ولا أحد فيها إلا
ــ
وغيره هذا هو الأظهر ونقل شيخنا عن الشارح ما يفيد أنه على هذا بدل كل من كل وتوجيهه أن غير زيد نفس المنفي عنه القيام في الواقع وإن كان بعض مدلول لفظ أحد لغة. قوله: "بدل بعض" ولا يحتاج هنا إلى ضمير رابط لأن إلا قرينة على أن الثاني كان بعض ما يتناوله الأول لولاها قاله الدماميني. قوله: "عطف نسق" أي لأن إلا عندهم من حروف العطف في الاستثناء خاصة. ا. هـ. تصريح ورد الجمهور مذهبهم باطراد نحو ما قام إلا زيد وليس لنا حرف عطف يلي العامل باطراد. وأجاب ابن هشام بأنه ليس تاليها في التقدير إذ الأصل ما قام أحد إلا زيد قال الدماميني لكن يلزم عليه جواز حذف المعطوف عليه باطراد والفرض أنه غير مطرد.
قوله: "قال أبو العباس إلخ" اعتراض على مذهب البصريين واعترض أيضا بأن بدل البعض لا بد فيه من ضمير يربطه بالمبدل منه وهو مفقود في نحو ما قام أحد إلا زيد وجوابه أن خصوص ربطه بالضمير غير واجب إنما الواجب مطلق ربطه وهو حاصل في المثال بإلا لدلالتها على إخراج الثاني من الأول وكونه بعضا منه كما مر عن الدماميني. قوله: "وهو موجب ومتبوعه منفي" أي ويجب تطابق البدل والمبدل منه إثباتا ونفيا ومحصل الجواب منع ذلك والسؤال والجواب مبنيان على القول بأن البدل هو المستثنى وحده دون القول بأنه هو مع إلا وهو المفهوم من قول الرضي كما جاز في نحو مررت برجل لا ظريف ولا كريم أن يجعل حرف النفي مع الاسم بعده صفة والإعراب على الاسم، كذلك يجوز في ما جاء القوم إلا زيد أن يجعل قولنا إلا زيد بدلا والإعراب على الاسم. ا. هـ. ونقله الدماميني عن بعض الفضلاء وأيده. قوله:"في عمل العامل" أي مماثل العامل لما عرفت أي بقطع النظر عن النفي والإثبات فقولهم هو المقصود بالنسبة أي نسبة مثل العامل بقطع النظر عن النفي والإثبات. قوله: "كأنه لم يذكر" أي ولا تعلق للنفي والإثبات بذلك. قوله: "وقد يتخالف الموصوف والصفة" الظاهر أنه تأييد لمنع وجوب توافق البدل والمبدل منه بأن لتخالفهما في ذلك نظيرا وهو تخالف الصفة والموصوف فسقط ما ذكره البعض ومثلهما المعطوف والمعطوف عليه نحو قام زيد لا عمرو. قوله: "إذا تعذر البدل على اللفظ إلخ" التمثيل بلا أحد فيها إلا زيد يدل على أنهم أرادوا باللفظ ما يشمل المحل المجدد بدخول العامل الموجود فإن المنفي في المثال التبعية للنصب محلا لا لفظا قاله سم. قوله: "أبدل على الموضع" قال البهوتي انظر ما الحكمة في ارتكاب هذا التكلف مع أن القاعدة أنه يغتفر في التابع ما لا يغتفر في المتبوع، ومثلوا له بنحو قوله تعالى:{اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} [البقرة: 35، الأعراف: 19] ، كما مر بيانه أي فهلا جاز جرما بعد إلا في المثال الأول
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
زيد، وما زيد شيئًا إلا شيء لا يعبأ به برفع ما بعد إلا فيهن، ونحو: ليس زيد بشيء إلا شيئًا بنصه لأن من والباء لا يزادان في الإيجاب، وما ولا لا يقدران عاملتين بعده كما
ــ
والأخير ونصبه في الثاني والثالث بناء على هذه القاعدة ويرده تصريح بعض المحققين بأن ذلك ليس قاعدة مطردة في كل محل بل معناه قد يغتفر إلخ.
قوله: "ولا أحد فيها إلا زيد" برفع زيد مراعاة لمحل لا مع اسمها قبل دخول الناسخ أما الأول فمال إليه في المغني ووجهه بأنهما في موضع رفع بالابتداء عند سيبويه ويصح إحلال البدل محلهما فيقال زيد فيها واستشكله الدماميني، وأسلفنا في باب لا تأويل كلام سيبويه بما يرجعه إلى الثاني وأما الثاني فنقله في المغني عن الأكثرين واستشكل بعدم صحة إحلال البدل محل المبدل منه وأجاب الشلوبين بأن هذا الكلام على توهم ما فيها أحد إلا زيد وهذا يمكن فيه الإحلال بأن يقال ما فيها إلا زيد وهذا القول الثاني إنما يأتي على عدم اشتراط وجود طالب المحل وذهب كثير إلى أنه بدل من الضمير المستكن في الخبر والأقوال الثلاثة تأتي في رفع الاسم الشريف من كلمة التوحيد لكن على الأول يذكر الخبر عند الإحلال فيقال الله موجود كما في المغني وعلى الثاني يكون الإحلال لكون المعنى ما في الوجود إله إلا الله وهذا يمكن فيه الإحلال وقيل رفع الاسم الشريف على الخبرية وضعفه في المغني بما نقل الدماميني جوابه ومر في باب لا كلام في ذلك وقد ينصب على الاستثناء من الضمير المستكن في الخبر المقدر.
فائدة: قال في المغني يجوز في نحو ما أحد يقول ذلك إلا زيد بدلا من أحد وهو المختار أو بدلا من ضميره ونصبه على الاستثناء فرفعه من وجهين ونصبه من وجه. ونحو ما رأيت أحدا يقول ذلك إلا زيدا نصبه من وجهين ورفعه من وجه ومن مجيئه مرفوعا قوله:
في ليلة لا نرى بها أحدا
…
يحكى علينا إلا كواكبها
اهـ. وقوله وهو المختار أي لأن الإبدال من صاحب الضمير أرجح لأنه الأصل ولأنه لا يحوج إلى التأويل الذي في الإبدال من الضمير وهو أن صحة الإبدال من الضمير لشمول النفي للضمير معنى لأن معنى ما أحد يقول ذلك، ما يقول أحد ذلك، ولا بد من جعل رأي في مثاله الثاني علمية على تقييد سيبويه جواز الإبدال من الضمير يكون صاحبه مبتدأ في الحال أو في الأصل. وقال الرضي أنا لا أرى بأسا مع غير الابتداء ونواسخه أيضا بالإبدال من ضمير راجع إلى ما يصلح للإبدال منه إذا شمل النفي عامل ذلك الضمير نحو ما كلمت أحدا ينصفني إلا زيد لأن المعنى ما أنصفني أحد كلمته إلا زيد بخلاف لا أوذي أحدا يوحد الله إلا زيدا فلا يجوز الإبدال من ضمير يوحد لأن التوحيد ليس بمنفي بل الأذى فقط. ا. هـ. دماميني وشمني. قوله:"إلا شيء" بالرفع لمراعاة محل شيئا قبل دخول الناسخ بناء على عدم اشتراط وجود الطالب للمحل وعلى اشتراطه يجعل شيء خبر مبتدأ محذوف أي هو شيء لا يعبأ به وإلا حينئذٍ بمعنى لكنّ. قوله: "لا يزادان في الإيجاب" أي على غير مذهب الأخفش والمراد لا يزادان قياسا فلا يرد بحسبك درهم وكفى بالله لقصوره على السماع.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تقدم في موضعه. الثالث أفهم قوله انتخب أن النصب جائز، وقد قرئ في السبع:{مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ} [النساء: 66]، {وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ} [هود: 81] ، بالنصب. ا. هـ. "وانصب" والحالة هذه أعني وقوع المستسنى بعد نفي أو شبهه "ما انقطع" تقول: ما قام أحد إلا حمارًا، ما مررت بأحد إلا حمارًا، هذه لغة جميع العرب سوى تميم، وعليها قراءة السبعة:{مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ} [النساء: 157] ، "وعن تميم فيه إبدال وقع" كالمتصل فيجيزون ما قام أحد إلا حمار، وما مررت بأحد إلا حمار. ومنه قوله:
ــ
قوله: "إلا امرأتك بالنصب" كلامه مبني على أن النصب على الاستثناء من أحد وفر الزمخشري من تخريج قراءة الأكثر على اللغة المرجوحة وإن جوّزه بعضهم فجعل النصب على الاستثناء من أهلك والرفع على الاستثناء من أحد فاعترض بلزوم تناقض لاقتضاء النصب كون المرأة غير مسري بها والرفع كونها مسري بها لأن الالتفات بعد الإسراء. وردّ بأن إخراجها من أحد لا يقتضي أنها مسرى بها بل إنها معهم فيجوز أن تكون سرت بنفسها وقد روي أنها تبعتهم أنها والتفتت فرأت العذاب فصاحت فأصابها حجر فقتلها وقال في المغني الذي أجزم به أن قراءة الأكثر لا تكون مرجوحة وأن الاستثناء من أهلك على القراءتين بدليل سقوط ولا يلتفت منكم أحد في قراءة ابن مسعود وأن الاستثناء منقطع لسقوطه في آية الحجر ولأن المراد بالأهل المؤمنون وإن لم يكونوا من أهل بيته ووجه الرفع أنه على الابتداء وما بعده الخبر كما في آية لست عليهم بمسيطر.
قوله: "تقول ما قام أحد إلا حمارا" نقل عن القرافي أن أحدا إذا كان في سياق النفي لا يختص بمن يعقل وعليه فلا يظهر ما ذكر مثالا للمنقطع. واعلم أن إلا في المنقطع بمعنى لكن عند البصريين كما مر بيانه. قوله: "وعن تميم فيه إبدال وقع" وعلى لغتهم قرأ بعضهم ما لهم به من علم إلا اتباع الظن بالرفع وجعل منها الزمخشري {قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاّ اللَّهُ} [النمل: 65] ، فأعرب من فاعلا والله بدلا على لغة تميم في المستثنى المنقطع، واعترض بأنه تخريج لقراءة السبعة على لغة مرجوحة وجعل ابن مالك الاستثناء متصلا بتقدير متعلق الظرف يذكر لا استقر وجعل غيرهما من مفعولا والغيب بدل اشتمال منه والله فاعلا. قوله:"كالمتصل" التشبيه في مجرد جواز الإبدال وإن كان برجحان في المتصل ومرجوحية في المنقطع. قوله: "فيجيزون ما قام أحد إلا حمار" فحمار بدل غلط صرح به الرضي، وقال سم بدل كل بملاحظة معنى إلا، إذ معنى إلا حمار غير حمار وغير حمار يصدق على الأحد. ا. هـ. وفيه أنه كيف يكون الأعم بدل كل من كل نعم إن أريد من العام خاص كما يأتي نظيره صح فتدبر. قوله:"اليعافير" جمع يعفور وهو ولد البقرة الوحشية والعيس جمع عيساء وهي الإبل التي يخالط بياضها صفرة. قوله:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
459-
وبلدة ليس بها أنيس
…
إلا اليعافير وإلا العيس
وقوله:
460-
عشية لا تغني الرماح مكانها
…
ولا النبل إلا المشرفي المصمم
وقوله:
461-
وبنت كرام قد نكحنا ولم يكن
…
لنا خاطب إلا السنان وعامله
تنبيه: شرط جواز الإبدال عندهم والحالة هذه أن يكون العامل يمكن تسلطه على المستثنى كما في الأمثلة والشواهد. فإن لم يمكن تسلطه وجب النصب اتفاقًا نحو ما زاد
ــ
"عشية" منصوب على الظرفية بأجاهد في البيت السابق مكانها أي مكان الحرب والمشرفي نسبة إلى مشارف وهي قرى من أرض العرب تدنو من الريف يقال: سيف مشرفي ولا يقال: مشارفي لأن الجمع لا ينسب إليه لا يقال: جعافري قاله العيني وفي المصباح مشارف الأرض أعاليها الواحد مشرف وزان جعفر. ا. هـ. فعلم أن المنسوب إليه جمع واقع على القرى المذكورة وأن القياس في النسبة إلى مشارف مشرفي لأن القياس في النسبة إلى الجمع أن تنسب إلى مفرده فقول البعض نسبة إلى مشارف على غير قياس فاسد. والمصمم اسم فاعل الماضي حده.
قوله: "وعامله" أي السنان وهو ما يليه. قوله: "شرط جواز الإبدال إلخ" يشعر بهذا الشرط قوله فيه إبدال لأن من شأن البدل أن يصح وقوعه موقع المبدل منه من حيث هو مقصود بالحكم سم. قوله: "يمكن تسلطه على المستثنى" بحث فيه شيخنا بما حاصله إن كان المراد مع إلا بأن يقال ما قام إلا حمار وليس بها إلا اليعافير لم يوافق ظاهر قوله إذ لا يقال زاد النقص ولا نفع
459- الرجز لجران العود في ديوانه ص97؛ وخزانة الأدب 10/ 15، 18؛ والدرر 3/ 162؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 140؛ وشرح التصريح 1/ 353؛ وشرح المفصل 2/ 117، 3/ 37، 7/ 21؛ والمقاصد النحوية 3/ 107؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 91؛ والإنصاف 1/ 271؛ وأوضح المسالك 2/ 261؛ والجني الداني ص164؛ وجواهر الأدب ص165؛ وخزانة الأدب 4/ 121، 123، 124، 7/ 363، 9/ 258، 314؛ ورصف المباني ص417، وشرح شذور الذهب ص344؛ وشرح المفصل 2/ 80؛ والصاحبي في فقه اللغة ص136؛ والكتاب 1/ 263؛ 2/ 322؛ ولسان العرب 6/ 198 "كنس" 15/ 433 "ألا"؛ ومجالس ثعلب ص452؛ والمقتضب 2/ 319، 347، 414؛ وهمع الهوامع 1/ 225.
460-
البيت من الطويل، وهو لضرار بن الأزور في تذكرة النحاة ص330؛ وخزانة الأدب 3/ 318؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 128؛ والمقاصد النحوية 3/ 109؛ وللحصين بن الحمام برواية "المصمما" مكان "المصمم" في شرح اختيارات المفصل 1/ 329؛ وبلا نسبة في الكتاب 2/ 325.
461-
البيت من الطويل، وهو للفرزدق في المقاصد النحوية 3/ 110.
وغير نصب سابق في النفي قد
…
يأتي ولكن نصبه اختر إن ورد
ــ
هذا المال إلا ما نقص، وما نفع زيد إلا ما ضر؛ إذ لا يقال زاد النقص ولا نفع الضرر، وحيث وجد شرط الإبدال فالأرجح عندهم النصب. ا. هـ "وغير نصب" مستثنى "سابق" على المستثنى منه "في النفي قد يأتي" على قلة بأن يفرغ العامل له ويجعل المستثنى منه تابعًا له كقوله:
ــ
الضرر وإن كان المراد بدون إلا أشكل علينا البيت إذ لا يقال ليس بها اليعافير لفساد المعنى ويمكن دفعه باختيار الشق الثاني وأن المراد إمكان التسلط ولو في مادة أخرى فافهم. قوله: "وجب النصب" أي على الاستثناء المنقطع من المذكور قبل إلا كهذا المال وزيد لا على المفعولية والاستثناء مفرغ كما زعمه الشلوبين لأنه لا مناسبة بين النقصان والزيادة كذا قيل وبحث فيه الدماميني بأن مراتب النقص متفاوتة فإذا أخذ من المال مرة ثم مرة أخرى فهو في المرة الأخرى يزيد في النقص على المرة الأولى قال وماذا يفعلون في نحو مال زيد أنقص من مال عمرو وكيف يفهمون أن أنقص صيغة تفضيل مع أن اسم التفضيل ما اشتق من فعل الموصوف بزيادة على غيره. ا. هـ. أي فيجوز أن يكون هذا المال زاد نقص غير بسبب أخذه من هذا الغير مثلا بعد الأخذ منه أولا والمراد بوجوب النصب امتناع الإبدال فيجوز رفعه على الابتداء والخبر محذوف تقديره في المثال لكن النقص شأنه أو على الخبرية لمحذوف والتقدير لكن شأنه النقص فسقط اعتراض البعض على حكاية الشارح الاتفاق على وجوب النصب.
قوله: "نحو ما زاد إلخ" ونحو: {لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ} [هود: 43]، فمن رحم في محل نصب لأنك لو حذفت المستثنى منه وسلطت لا على المستثنى لم يصح كذا في الدماميني وهو مبني على أن الاستثناء في الآية منقطع أي لكن من رحمه الله يعصمه وقيل متصل أي إلا الراحم وهو الله تعالى أو لا مكان من رحمهم الله تعالى وهم المؤمنون وهو السفينة. قوله:"إلا ما نقص" ما مصدرية كما يؤخذ من كلام الشارح بعد. قوله: "إذ لا يقال زاد النقص" الظاهر أن انتفاء قول ذلك إذا كانت زاد متعدية وأنه يقال إذا كانت لازمة فتأمل. قوله: "وغير نصب سابق" أي نصبه على الاستثناء فيشمل الغير نصبه على الاتباع وهذا البيت تقييد لقوله:
وبعد نفي أو كنفي انتخب
اتباع ما اتصل. قوله: "مستثنى سابق إلخ" قال سم انظر ولو منقطعا نحو ما جاء إلا حمار أحد فيراد بأحد معنى يقع على الحمار لتصح البدلية ونحو ما جاء إلا حمار القوم فيراد بالقوم مركوب القوم وهو الحمار حرره. ا. هـ. بأدنى تغيير وجزم البعض بالتعميم ويضعفه بعد التكلف المتقدم. قوله: "على المستثنى منه" أي بدون عامله لامتناع تقديمه عليهما عند المصنف وأما قوله:
خلا الله لا أرجو سواك وإيما
…
أعد عيالي شعبة من عيالكا
فضرورة بخلاف تقديمه على أحدهما فقط فجائز نحو جاء إلا زيدا القوم والقوم إلا زيدا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
462-
لأنهم يرجون منه شفاعة
…
إذا لم يكن إلا النبيون شافع
قال سيبويه: وحدثني يونس أن قومًا يوثق بعربيتهم يقولون: ما لي إلا أبوك ناصر.
تنبيه: المستثنى منه حينئذ بدل كل من المستثنى، وقد كان المستثنى بدل بعض منه، ونظيره في أن المتبوع أخر فصار تابعًا ما مررت بمثلك أحد. ا. هـ. "ولكن نصبه" على الاسثناء "اختر إن ورد" لأنه الفصيح الشائع. ومنه قوله:
463-
وما لي إلا آل أحمد شيعة
…
وما لي إلا مذهب الحق مذهب
بنصب آل ومذهب الأول. واحترز بقوله في النفي عن الإيجاب فإنه يتعين النصب كما تقدم.
تنبيه: إذا تقدم المستثنى على صفة المستثنى منه ففيه مذهبان: أحدهما لا يكترث بالصفة بل يكون البدل مختارًا كما يكون إذا لم تذكر الصفة وذلك كما في نحو ما فيها أحد إلا أبوك صالح كأنك لم تذكر صالحًا. وهذا رأي سيبويه. والثاني أن لا يكترث
ــ
ضربت نعم إن قدم عليهما وتوسط بين جزءي الكلام نحو القوم إلا زيدا جاءوا إذا جعل زيدا مستثنى من الضمير في جاءوا فقيل: يمنع مطلقا ويجوز مطلقا وقيل: إن كان العامل متصرفا وأجاز الكسائي تقديم المستثنى أول الكلام دماميني. قوله: "في النفي" أي أو شبه النفي ولم يصرح به اكتفاء بعلمه من قوله وبعد نفي أو كنفي إلخ. قوله: "قد يأتي على قلة" وهل يقاس على هذه اللغة أولا قولان وإلى القياس عليها الكوفيون والبغداديون وابن مالك كما قاله السيوطي. قوله: "بدل كل" أي من كل لأن العامل فرغ لما بعد إلا، والمؤخر عام أريد به خاص فصح إبداله من المستثنى. قوله:"إن ورد" أي السابق أي أردت وروده منك بالتكلم به أو المراد إن ورد من العرب. وحينئذٍ فمعنى اختيار نصبه الحكم بأن نصبه أرجح وإلا فما ورد عن العرب يتبع نصبا أو اتباعا. قوله: "بل يكون البدل مختارا" فيه أنه يلزم عليه تقديم البدل على النعت والواجب العكس إلا أن يكون مبنيا على مذهب من يرى عدم وجوب الترتيب بين التوابع قاله الدنوشري. قوله:
462- البيت من الطويل، وهو لحسان بن ثابت في ديوانه ص241؛ والدرر 3/ 162؛ وشرح التصريح 1/ 355؛ والمقاصد النحوية 3/ 114؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 268؛ وشرح ابن عقيل ص309؛ وهمع الهوامع 1/ 225.
463-
البيت من الطويل، وهو للكميت في الإنصاف ص275؛ وتخليص الشواهد ص82؛ وخزانة الأدب 4/ 314، 319، 9/ 138؛ والدرر 3/ 161؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 135؛ وشرح التصريح 1/ 355؛ وشرح شذور الذهب ص341؛ وشرح قطر الندى ص246؛ ولسان العرب 1/ 502 "شعب"؛ واللمع في العربية ص152؛ والمقاصد النحوية 3/ 111؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 266؛ وشرح ابن عقيل ص308؛ ومجالس ثعلب ص62؛ والمقتضب 4/ 398.
وإن يفرع سابق إلا لما
…
بعد يكن كما لو إلا عدما
ــ
بتقديم الموصوف بل يقدر المستثنى مقدمًا بالكلية على المستثنى منه فيكون نصبه راجحًا وهو اختيار المبرد والمازني. قال في الكافية وشرحها: وعندي أن النصب والبدل مستويان لأن لكل مرجحًا فتكافأا. ا. هـ "وإن يفرغ سابق إلا" من ذكر المستثنى منه "لما يعد" أي لما بعد إلا وهو الاستثناء من غير التمام قسيم قوله أولًا ما استثنت إلا مع تمام "يكن كما لو إلا عدما" فأجر ما بعدها على حسب ما يقتضيه حال ما قبلها من إعراب، ولا يكون هذا الاستثناء المفرغ إلا بعد نفي أو شبهه. فالنفي نحو:{وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ} [آل عمران: 144]، {وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} [المائدة: 99] ، وشبه النفي نحو:{وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ} [النساء: 171] ، {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ
ــ
"لأن لكل مرجحا" فمرجح البدل تقدم الموصوف ومرجح النصب على الاستثناء تأخر الصفة.
قوله: "سابق" تنوينه متعين لاختلال الوزن بالإضافة فتجويز الشيخ خالد لها سهو وقوله إلا مفعول سابق وقوله من ذكر المستثنى منه متعلق بيفرغ وكذا قوله لما بعد ويرد على الشارح أن ذكر المستثنى منه ليس وصفا للسابق فكيف يفرغ منه فكان ينبغي أن يقول من ارتباطه بالمستثنى منه لفظا ويمكن الجواب بجعل كلامه من إطلاق الملزوم وإرادة اللازم وقوله وهو أي تفريغ العامل السابق. قوله: "يكن" أي السابق أو ما بعد كما لو إلا عدما أي عند غير الكسائي أما هو فيجيز النصب في نحو ما قام إلا زيد بناء على مذهبه من جواز حذف الفاعل قاله سم عند الكلام على شرح قول المصنف واستثن مجرورا إلخ وما في قوله كما لو إلا عدما يجوز أن تكون مصدرية ولو زائدة ويجوز العكس أي يكن كعدم إلا أي كذي عدم إلا في الحكم. وقول البعض إن الكلا على تقدير مضاف أي كحكم عدم إلا ليس بشيء. قال الشيخ خالد وإلا مرفوع بفعل محذوف يفسره عدم. ا. هـ. وهو ظاهر على قراءة عدم بالبناء للمجهول أما على قراءته بالبناء للمعلوم والفاعل ضمير مستتر فيه يعود إلى السابق أو ما بعد فإلا منصوب على المفعولية لا مرفوع على نيابه الفاعل. قوله: "حال ما قبلها" أي حال اللفظ قبلها ولو غير عامل كالخبر في نحو: {وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ} [المائدة: 99]، فحال هذا اللفظ وهي خبريته تقتضي رفع ما بعد إلا مبتدأ وكالفعل في نحو ما قام إلا زيد فحال هذا اللفظ وهي كونه فعلا لم يذكر له فاعل قبل إلا تقتضي رفع ما بعد إلا فاعلا وقس: وقوله من إعراب بيان لما يقتضيه ولو حذف حال لكان أخصر وأقرب. ثم لا تنافي بين كون تالي إلا في التفريغ مستثنى وكونه فاعلا أو مبتدأ مثلا في نحو ما قام إلا زيد وما زيد إلا قام لأن الأول بالنظر إلى المعنى لأن تالي إلا مستثنى من مقدر في المعنى إذ المعنى ما قام أحد إلا زيد شيء إلا قائم. والثاني بالنظر إلى اللفظ نقله الدماميني عن الشولبين.
قوله: "وما على الرسول إلا البلاغ" الواو جزء من الآية الممثل بها فتكون واو العطف مقدرة هنا كما في نظائره الآتية لا من كلام الشارح لعطف مثال على مثال لأن الآية التي فيها
وألغ إلا ذات توكيد كلا
…
تمرر بهم إلا الفتى إلا العلا
ــ
أَحْسَنُ} [العنكبوت: 46]، {فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ} [الأحقاف: 35] ، ولا يقع ذلك في إيجاب، فلا يجوز قام إلا زيد. وأما {وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ} [التوبة: 32] فمحمول على المعنى أي لا يريد.
تنبيهات: الأول الضمير في يكن يجوز أن يكون عائدًا على سابق: أي يكون السابق في طلبه لما بعد إلا كما لو عدم إلا، وأن يعود على ما من قوله لما بعد أي يكون ما بعد إلا في تسلط ما قبل إلا عليه كما لو عدم إلا. الثاني يصح التفريغ لجميع المعمولات إلا المصدر المؤكد، فلا يجوز ما ضربت إلا ضربًا. وأما {إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا} [الجاثية: 32] فمتأول. الثالث قوله سابق أحسن من قوله في التسهيل عامل لأن السابق يكون عاملًا وغير عامل كما في الأمثلة. ا. هـ. "وألغ إلا ذات توكيد" وهي التي يصح طرحها والاستغناء عنها لكون ما بعدها تابعًا لما بعد إلا قبلها بدلًا منه وذلك إن توافقا في
ــ
لفظ المبين بالواو بخلاف التي ليس فيها لفظ المبين فإنها بدون الواو لكن نسخ الشارح بلفظ المبين. قوله: "ولا يقع ذلك في إيجاب" جوزه ابن الحاجب فيه إذا كان فضلة وحصلت فائدة نحو قرأت إلا يوم كذا فإنه يجوز أن تقرأ في جميع الأيام إلا يوم كذا بخلاف ضربت إلا زيدا إذ من المحال أن تضرب جميع الناس إلا زيدا. قوله: "فلا يجوز قام إلا زيد" لأن المعنى قام جميع الناس إلا زيدا وهو بعيد ولا قرينة في الغالب على إرادة جماعة مخصوصة وقد يقال مثل ذلك قد يوجد في النفي نحو ما مات إلا زيد. وأجيب بأنه قليل فأجرى الحكم فيه طردا للباب. وقد يؤخذ من التعليل أنه يجوز إذا قامت قرينة على إرادة جماعة مخصوصة بأن يكون المعنى قام غير زيد من الجماعة المعهودة وقد يقال هو قليل فلا يلتفت إليه طردا للباب نظير ما مر.
قوله: "لجميع المعمولات" أي المعمولات بالأصالة أما التوابع فلا تفريغ لها إلا البدل وأجازه الزمخشري وأبو البقاء والرضي في الصفات أيضا قاله سم. قوله: "إلا المصدر المؤكد" أي لأن فيه تناقضا بالنفي أولا والإثبات ثانيا ومثله الحال المؤكدة وكان عليه أن يستثني المفعول معه فلا يقال ما سرت إلا والنيل. قوله: "فمتأول" أي بكونه مصدرا نوعيا أي إلا ظنا ضعيفا فاختلف المثبت والمنفي فلا تناقض. قوله: "كما في الأمثلة" فإنه عامل فيما عدا، {مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ} [المائدة: 99] ، وغير عامل في:{مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ} [المائدة: 99] ؛ لأن الخبر لا يعمل في المبتدأ على الراجح نعم إن جعل المستثنى فاعلا بالمجرور لاعتماده على النفي كان عاملا. قوله: "وألغ إلا إلخ" أطلق هنا فدل على أن هذا الحكم يكون في الإيجاب والنفي وشبهه. قوله: "والاستغناء عنها" عطف لازم على ملزوم. قوله: "بدلا منه" أي بدل كل من كل كمثال الناظم أو بعض من كل نحو ما أعجبني إلا زيدا لا وجهه أو اشتمال نحو ما أعجبني إلا زيد إلا علمه أو إضراب نحو ما أعجبني إلا زيد إلا عمرو أي بل عمرو أفاده في التصريح. فقول الشارح إن توافقا في المعنى قاصر لاختصاصه ببدل الكل مع أنه يجوز كونه
وإن تكرر لا لتوكيد فمع
…
تفريغ التأثير بالعامل دع
ــ
المعنى، ومعطوفًا عليه إن اختلفا فيه فالأول "كلا تمرر بهم إلا الفتى إلا العلا" فالعلا بدل كل من الفتى، وإلا الثانية زائدة لمجرد التأكيد، والتقدير إلا الفتى العلا. والثاني نحو قام القوم إلا زيدًا وإلا عمرًا، فعمرًا عطف على زيد وإلا الثانية لغو، والتقدير قام القوم إلا زيدًا وعمرًا. ومن هذا قوله:
464-
وما الدهر إلا ليلة ونهارها
…
وإلا طلوع الشمس ثم غيارها
أي وطلوع الشمس. وقد اجتمع البدل والعطف في قوله:
465-
ما لك من شيخك إلا عمله
…
إلا رسيمه وإلا رمله
أي إلا عمله رسيمه ورمله. فرسيمه بدل ورمله معطوف، وإلا المقرونة بكل منهما مؤكدة "وإن تكرر لا لتوكيد" بل لقصد استثناء بعد استثناء فلا يخلو إما أن يكون ذلك
ــ
عطف بيان كما بينه الرضي. قوله: "ومعطوفا عليه" أي بالواو خاصة كما في التسهيل. قوله: "إن اختلفا فيه" إلا إذا كنت غالطا أو أردت الإضراب. ا. هـ. يس أي فلا عطف بل يجب الإبدال. قوله: "فالعلا بدل كل من الفتى" والفتى نصب على الاستثناء أو جر بدلا من الهاء بدل بعض وعليه فكون العلا بدلا من الفتى مبني على جواز الإبدال من البدل. واستشكل سم كون العلا بدلا إذا نصبنا الفتى على الاستثناء بأن الصحيح أن العامل في البدل نظير العامل في المبدل منه فلا تكون إلا مؤكدة للاحتياج إليها للعمل في البدل والفرض أنها مؤكدة، فينبغي أن يجعل العلا عطف بيان إذا نصبنا الفتى على الاستثناء ليندفع هذا الإشكال ويجوز جعل العلا عطف بيان إذا جررنا الفتى بدلا من الهاء وعليه يندفع الاعتراض بالبناء على الضعيف من جواز الإبدال من البدل. والحاصل أن جعل العلا عطف بيان يدفع الاعتراض على بدلية العلا المبني على جر الفتى بدلا من الضمير والاعتراض عليها المبني على نصب الفتى على الاستثناء. قوله:"والتقدير إلا الفتى العلا" صريح في أنه لو عبر بذلك لكان العلا بدلا فعلى أن العامل في البدل نظير العامل في المبدل منه يكون العامل في العلا حينئذٍ إلا مقدرة. فعلم أن إلا قد تعمل مقدرة أي حيث نصبنا الاسم على الاستثناء قاله سم وسنذكر في حذف إلا مزيد كلام. قوله: "ثم غيارها" بكسر الغين المعجمة أي غيابها من غارت الشمس أي غابت. قوله: "مالك من شيخك" أي جملك. والرسيم والرمل نوعان من السير. قوله: "فرسيمه بدل" أي بدل بعض لأن المراد بالعمل مطلق السير.
464- البيت من الطويل، وهو لأبي ذؤيب الهذلي في شرح أشعار الهذليين 1/ 70؛ ولسان العرب 5/ 35 "غور" والمقاصد النحوية 3/ 115؛ وبلا نسبة في شرح ابن عقيل ص310؛ وشرح المفصل 2/ 41.
465-
الرجز بلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 272؛ والدرر 3/ 167؛ ورصف المباني ص89؛ وشرح التصريح 1/ 356؛ وشرح ابن عقيل ص311؛ والكتاب 2/ 341؛ والمقاصد النحوية 3/ 117؛ وهمع الهوامع 1/ 227.
في واحد مما بإلا استثني
…
وليس عن نصب سواه مغني
ــ
مع تفريغ أو لا. "فمع تفريغ التأثير بالعامل" المفرغ "دع" أي اتركه باقيًا "في واحد مما بإلا استثني وليس عن نصب سواه" أي سوى ذلك الواحد الذي أشغلت به العامل
ــ
قوله: "وإن تكرر إلخ" لم يتعرض المصنف والشارح لما إذا لم تكرر وتعدد المستثنى. قال الدماميني ما ملخصه مع الإيضاح: لا ينصب على الاستثناء بأداة واحدة دون عطف شيئان وموهم ذلك: إن كان في الإيجاب فالأول مستثنى والثاني معمول عامل مضمر، وإن كان في غيره فكذلك أو الأول بدل مثال الإيجاب أعطيت القوم الدراهم إلا زيدا الدنانير فزيد منصوب على الاستثناء والدنانير مفعول لمحذوف أي أعطيته الدنانير أو أخذ الدنانير، ومثال غيره ما أعطيت أحدا شيئا إلا زيدا درهما فزيدا مستثنى أو بدل ودرهما مفعول لمحذوف، وما ضرب أحد إلا بكر خالدا فبكران رفعته كان بدلا من أحد وإن نصبته كان مستثنى وخالدا مفعول لمحذوف فتعدد المستثنى قد يكون مع تعدد المستثنى منه وقد يكون مع اتحاده وجوّز ابن السراج كون الاسمين بدلين في نحو ما أعطيت أحدا أحدا إلا زيدا عمرا وما ضرب أحد أحدا إلا زيد بكرا ورده المصنف بأن البدل لم يعهد تكرره إلا في بدل البداء وبأن حق بدل البعض أن يقترن بالضمير وجعلوا في باب الاستثناء اقترانه بإلا مغنيا عن الضمير. والاسم الثاني غير مقترن بإلا لفظا ومن النحاة من لا يجيز هذه التراكيب مطلقا ويحكم بفسادها على كل وجه أما مع العطف فقد يمتنع أيضا كما في الأمثلة المتقدمة لأن العطف فيها يفسد المعنى وقد يجوز كما في ما جاءني أحد إلا زيد وعمرو فالعطف في هذا المثال هو المصحح له فيما يظهر ولا يظهر حمل الثاني على أنه معمول لمضمر أي وجاءني عمرو. ا. هـ. وفي حاشية المغني للدماميني أن جماعة أجازوا نصب شيئين بأداة واحدة دون عطف وعليه مشى صاحب الكشاف في مواضع منها:{لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ} [الأحزاب: 53] ، الآية. فقال إن المستثنى الظرف والحال معا وأن الحصر في كل منهما مقصود أي لا تدخلوا في وقت من الأوقات على حال من الأحوال إلا في هذا الوقت على هذا الحال. ا. هـ.
قوله: "لا لتوكيد" عطف على محذوف أي لتأسيس لا لتوكيد كما أشار إليه الشارح بالإضراب. قوله: "بالعامل المفرع" حمل العامل على ما قبل إلا تبعا للموضح وحمله المرادي على إلا أي اترك تأثير إلا النصب في واحد أي لا تجعلها مؤثرة في واحد ويؤيد الأول قوله مما بإلا إذ لو كان العامل هو إلا لكان القياس أن يقول مما به وإن أمكن أن يقال أظهر للضرورة ويؤيده أيضا أن المصنف عليه يكون ذاكرا هنا حكم الواحد بخلافه على الثاني فإنه يكون ساكتا هنا عن حكم الواحد المتروك تأثير إلا فيه وإن كان يعلم من قوله فيما مر وأن يفرع سابق إلا إلخ ويؤيد الثاني عدم إحواجه إلى تقدير في دع. قوله: "باقيا في واحد" دفع به إيهام المتن أن المراد اترك التأثير في واحد واجعله مؤثرا في البقية هذا إن أريد بالعامل ما قبل إلا كما مشى عليه الشارح فإن أريد به إلا كان الكلام على ظاهره أي اترك تأثير إلا النصب في واحد أي لا تجعلها مؤثرة النصب في واحد واجعلها مؤثرة النصب في البقبة.
ودون تفريغ مع التقدم
…
نصب الجميع احكم به والتزم
وانصب لتأخير وجئ بواحد
…
منها كما لو كان دون زائد
ــ
"مغني" فتقول ما قام إلا زيد إلا عمرًا إلا بكرًا. وما ضربت إلا زيدًا إلا عمرًا إلا بكرًا، وما مررت إلا بزيد إلا عمرًا إلا بكرًا، ولا يتعين لإشغال العالم واحد بعينه بل أيها أشغلته به جاز، والأول أولى "ودون تفريغ مع التقدم" على المستثنى منه "نصب الجميع" على الاستثناء "احكم به والتزم" نحو قام إلا زيدًا إلا عمرًا إلا بكرًا القوم، وما قام إلا زيدًا إلا عمرًا إلا بكرًا أحد "وانصب لتأخير" عنه، أما في الإيجاب فمطلقًا نحو قام القوم إلا زيدًا إلا عمرًا إلا بكرًا، وأما في غير الإيجاب فكذلك "و" لكن "جيء بواحد منها" معربًا بما يقتضيه الحال "كما لو كان دون زائد" عليه. ففي الاتصال تبدل واحدًا على الراجح
ــ
قوله: "وليس عن نصب إلخ" مغنى اسم ليس والخبر محذوف أي موجودا أو الاسم ضمير مستتر يرجع إلى الواحد أو إلى التأثير ومغنى خبر وقف عليه بالسكون على لغة ربيعة لا يقال ظاهر كلامه أنه لا يجوز رفع سوى الواحد وليس كذلك بل يجوز على قصد بدل البداء لأنا نقول إلا في هذه الحالة لمجرد التأكيد وليس الكلام الآن فيها. قوله: "والأول أولى" أي لقربه من العامل تصريح. قوله: "ودون تفريغ مع التقدم" قال جماعة كالبعض الظرفان تنازعهما الفعلان بعدهما. ا. هـ. وهو إنما يصح على مذهب من يجيز التنازع في المعمول المتقدم ونصب الجميع مفعول لمحذوف يفسره المذكور أي امض نصب الجميع ولا يصح نصبه بالتزم لأن ما بعد الواو لا يعمل فيما قبلها ولما كان ما ذكر لا يستلزم الوجوب قال والتزم. قوله: "وما قام إلا زيدا إلخ" لا يعارض هذا قوله فيما مر وغير نصب سابق إلخ لأن ما مر في غير تكرر المستثنى وبحث سم جواز إعراب واحد بما يقتضيه العامل وجعل المستثنى منه المؤخر بدلا من هذا الواحد نظير ما مر في ما لي إلا أبوك ناصر ونصب ما عدا هذا الواحد على الاستثناء. قال وحينئذٍ فقول المصنف نصب الجميع إلخ ينبغي أن يكون باعتبار الأغلب والأشهر واعترض بأنه يلزم عليه أمران الفصل بين التابع والمتبوع بأجنبي واستعمال اللغة الضعيفة في غير المحل الذي ثبتت فيه. قوله: "وانصب" أي الجميع وجوبا إذا كان الكلام موجبا وجوازا بمرجوحية في واحد ووجوبا في البقية إذا كان الكلام منفيا وكان الاستثناء متصلا وجوازا برجحان في واحد ووجوبا في البقية إذا الكلام منفيا وكان الاستثناء منقطعا هذا ما درج عليه الشارح في تقرير المتن. قوله: "أما في الإيجاب فمطلقا" أي في جميعها بقرينة ما بعد وقد جعل الشارح قول المصنف وانصب لتأخير شاملا لصورة الإيجاب وصورة النفي فيكون قوله: وجيء بواحد بيانا للراجح في بعض الصور الداخلة في قوله وانصب لتأخير ويجوز أن يخص بصورة الإيجاب فيكون قوله: وجيء بواحد مقابلا له تأمل.
قوله: "بواحد" أي فقط وأجاز الأبدي اتباع الجميع بناء على جواز تعدد البدل بدون عطف. قوله: "كما لو كان" قال المكودي في موضع الحال من واحد لتخصيصه بالصفة أو هو صفة بعد صفة وما زائدة ولو مصدرية أو العكس وكان تامة ودون زائد حال من الضمير في كان
كلم يفوا إلا امرؤ إلا علي
…
وحكمها في القصد حكم الأول
ــ
وتنصب ما سواه "كلم يفوا إلا امرؤ إلا علي" إلا بكرًا فعلي بدل من الواو فإنه لا يتعين للإبدال واحد لكن الأولى أول، ويجوز أن يكون امرؤ هو البدل وعلي منصوب، ووقف عليه بالسكون على لغة ربيعة، وفي الانقطاع ينصب الجميع على اللغة الفصحى نحو ما قام أحد إلا حمارًا إلا فرسًا إلا جملًا ويجوز الإبدال على لغة تميم "وحكمها" أي حكم هذه المستثنيات سوى الأول "في القصد حكم الأول" فإن كان مخرجًا لوروده على موجب فهي مخرجة، وإن كان مدخلًا لوروده على غير موجب فهي أيضًا مدخلة.
تنبيه: محل ما ذكر إذا لم يمكن استثناء بعض المستثنيات من بعض كما رأيت. أما إذا أمكن ذلك كما في نحو له علي عشرة إلا أربعة إلا اثنين إلا واحدًا، فقيل الحكم كذلك، وأن الجميع مستثنى من أصل العدد. والصحيح أن كل عدد مستثنى متلوه فعلى
ــ
والكلام على تقدير مضاف أي وجيء بواحد كحال وجوده دون زائد عليه ويلزم على ما قاله المكودي تشبيه الواحد بحال وجوده دون زائد عليه وفيه تسمح فالأولى جعل الجار والمجرور خبر محذوف والجملة حال من واحد أو صفة له أي وجوده مثل وجوده دون زائد عليه أو صفة لمفعول مطلق محذوف أي مجيئا كوجوده إلخ ويمكن جعل ما اسما واقعا على الواحد ولو زائدة والجملة بعدها صلة أو صفة. قوله: "تبدل واحدا على الراجح" وأما على اللغة المرجوحة فتنصب الجميع. قوله: "كلم يفوا" الواو واو الجماعة فاعل وهو المستثنى منه والأصل يوفيون حذفت النون للجازم والواو لوقوعها بين عدوّتيها الياء والكسرة فصار يفيوا نقلت ضمة الياء إلى الفاء بعد سلب حركتها ثم حذفت الياء لالتقاء الساكنين.
قوله: "ويجوز الإبدال" أي في واحد فقط. قوله: "في القصد" أي المعنى المقصود من إدخال وإخراج كما بينه الشارح. فإن قلت مقتضى تعريف الاستثناء بالإخراج أنه دائما إخراج ومقتضى ما هنا أنه قد يكون إدخالا. قلت لا منافاة لأن كل استثناء إخراج مما قبله من الإثبات والنفي لكن إذا كان ما قبله نفيا كان هو مستلزما للإدخال في النسبة الثبوتية أي مستلزما لاتصال المستثنى بالنسبة الثبوتية والتفصيل إلى إخراج وإدخال باعتبار هذا اللازم فافهم. قوله: "محل ما ذكر" أي من أن حكمها في القصد حكم الأول هذا ما يفيده ظاهر صنيع الشارح وجعل المصنف في تسهيله عدم إمكان استثناء بعضها من بعض قيد فيما ذكر من التفصيل في إلا المتكررة لا للتوكيد. قوله: "والصحيح أن كل عدد مستثنى من متلوه" فلو لم يمكن استثناء تال من متلوه لكونه أكثر من متلوه نحو له عليّ عشرة إلا ثلاثة إلا أربعة فمذهب السيرافي أن الأربعة كالثلاثة في الإخراج من العشرة فيكون المقرّ به ثلاثة. وزعم الفراء أن المقرّ به في هذه الصورة أحد عشر لأنك أخرجت من العشرة ثلاثة فبقي سبعة وزدت على السبعة أربعة بقولك بعد ذلك إلا أربعة جريا على قاعدة أن الاستثناء الأول إخراج والثاني إدخال. ورد بأن هذه القاعدة فيما إذا أمكن استثناء كل من متلوه لا مطلقا ولهذا قال بعضهم: إن قول الفراء هذا أعجوبة من الأعاجيب.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الأول يكون مقرًّا بثلاثة وعلى الثاني بسبعة، وعليه فطريق معرفة ذلك أن تجمع الأعداد الواقعة في المراتب الوترية وتخرج منها مجموع الأعداد الواقعة في المراتب الشفعية أو
ــ
ويمكن أن يتكلف له وجه بجعل الثاني مستثنى من مفهوم عشرة إلا ثلاثة وكأنه قيل له عليّ سبعة لا غيرها ألا أربعة فتأمل. قوله: "فطريق معرفة ذلك" أي كونه مقرا بسبعة في المثال.
قوله: "في المراتب الوترية" كالأولى والثالثة فالمراد بها ما يشمل المستثنى منه والشفعية كالثانية والرابعة هذا ولم يتكلم المصنف والشارح على عكس المسألة المذكورة وهو تعدد ما يصلح للاستثناء منه مع اتحاد فنقول إذا ورد الاستثناء بعد جمل عطف بعضها على بعض ففيه مذاهب: أحدها وهو الأصح أنه يعود للكل إلا لدليل يخصصه بالبعض كما في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} [النور: 4]، الآية فقوله:{إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} [البقرة: 160]، عائد إلى فسقهم وعدم قبول شهادتهم معا دون الجلد لما قام عليه من الدليل سواء اختلف العامل الذي في الجمل أم لا بناء على أن العامل في المستثنى هو إلا لا الأفعال السابقة وسواء سيقت الجمل لغرض واحد أو لا كان عطفها بالواو أو بغيرها. ثانيها إن اتحد العامل فللكل أو اختلف فللأخيرة فقط إذ لا يمكن عمل العوامل المختلفة في مستثنى واحد وهو مبني على أن عامل المستثنى الأفعال السابقة دون إلا. ثالثها إن سيقت لغرض واحد نحو حبست داري على أعمامي ووقفت بستاني على أخوالي إلا أن يسافروا فللكل وإلا فللأخيرة فقط نحو أكرم العلماء وأعتق عبيدك إلا الفاسق منهم. رابعها إن عطفت بالواو فللكل أو بالفاء أو بثم فللأخيرة فقط. خامسها للأخيرة فقط واختاره أبو حيان وأما الوارد بعد مفردين وهو بحيث يصلح للكل منهما فإنه للثاني فقط كما جزم به ابن مالك نحو غلب مائة مؤمن من مائتي كافر إلا اثنين فإن تقدم الاستثناء على أحدهما تعين للأول نحو:{قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا، نِصْفَهُ} [المزمل: 3] ، فإلا قليلا صالح لكونه من الليل ومن نصفه فاختص بالليل لأن الأصل في الاستثناء التأخير وكذا لو تقدم عليهما معا ولم يكن أحدهما مرفوعا لفظا أو معنًى نحو استبدلت إلا زيدا أصحابنا بأصحابكم فإن كان أحدهما كذلك اختص به مطلقا أولا كان أو ثانيا نحو ضرب إلا زيدا أصحابنا أصحابكم وملكت إلا الأصاغر أبناءنا عبيدنا، وضرب إلا زيدا أصحابكم أصحابنا وملكت إلا الأصاغر عبيدنا أبناءنا فالأبناء في المثالين فاعل معنى لأنهم المالكون فإن لم يصلح إلا لأحدهما فقط تعين له نحو طلق نساءهم الزيدون إلا الحسنيات وأصبى الزيدون نساؤهم إلا ذوي النهى واستبدلت إلا زيدا إماءنا بعبيدنا. ا. هـ. همع ببعض تصرف. وقوله كما في قوله تعالى:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} [النور: 4]، الآية أي وكما في قوله تعالى:{إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ} [البقرة: 249]، فإنه استثناء من جملة:{فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي} [البقرة: 249]، لا من جملة:{وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي} [البقرة: 249] ، لاقتضائه أي من اغترف غرفة بيده ليس منه وليس كذلك لإباحة الاغتراف باليد لهم والذي حرم عليهم الكرع في الماء والشرب بالفم وسهل الفصل بالجملة الثانية كونها مفهومة من الأولى فالفصل بها كلا فصل كذا في المغني والدماميني عليه وما ذكره في الوارد بعد
واستثن مجرورًا بغير معربًا
…
بما لمستثنى بإلا نسبا
ــ
تسقط آخر الأعداد مما قبله، ثم ما بقي مما قبله وهكذا فما بقي فهو المراد. ا. هـ "واستثن
ــ
مفردين إذا لم يمكن تشريكهما وإلا عاد لهما معا ومثل له الدماميني بنحو اهجر بني زيد وبني عمرو إلا من صلح فمن صلح مستثنى من بني زيد وبني عمرو جميعا.
فائدة: يقع تالي إلا خبرا لما قبلها نحو ما زيد إلا قائم أو يقوم أو أبوه قائم ويمتنع ما زيد إلا قام كما في الهمع والتسهيل أو حالا منه نحو ما جاءني زيد إلا ضاحكا أو يضحك أو قد ضحك أو يده على رأسه وجعل منه نحو: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} [الحجر: 11]، وما أنعمت عليه إلا شكر قال الدماميني وهو لا ينطبق على المراد إذ الغرض من قولك ما أنعمت عليه إلا شكر أنك مهما أنعمت عليه شكر فهو كالشرط والجزاء في ترتب الثاني على الأول وليس المراد أنك لم تنعم عليه إلا في حال شكره أو في حال عزمه على الشكر حتى تكون حال مقارنة أو منتظرة ثم أجاب باختيار الثاني على أن المعنى ما أنعمت عليه إلا مقدرا شكره بعد ذلك من الله تعالى وإذا كان المقدر هو الله تعالى لزم وقوع المقدر فيفيد الكلام حينئذٍ ما أراده المتكلم من استعقاب انعامه شكر المنعم عليه وجوز الزمخشري أن يقع تاليها صفة لما قبلها نحو ما مررت برجل إلا قائم وما مررت بأحد إلا زيد خير منه أو يقوم. وجعله الأخفش وأبو علي والمصنف في الأول صفة بدل محذوف أي إلا رجل قائم وفي الثاني حالا قاله الدماميني ومما جعله الزمخشري من التفريغ في الصفات نحو:{وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} [النساء: 159]، فجعل ليؤمنن به جواب قسم محذوف والجملة صفة موصوف محذوف مبتدأ خبره الجار والمجرور قبله تقديره وإن من أهل الكتاب أحد وجعل غيره تالي إلا خبرا لمحذوف موصوف بالجار والمجرور تقديره وإن أحد من أهل الكتاب. وأورد عليه أنه يلزمه حذف موصوف الظرف وهو مخصوص بالشعر كحذف موصوف الجملة. وأجاب الدماميني بأن الاختصاص إذا لم يكن المنعوت بعض مجرور بمن كما في الآية أو بفي ورده الشمني بأنه يشترط تقدم المجرور على المنعوت كما في التسهيل وغيره. قوله:"بغير" بمعنى غير بيد لكنها تخالفها من أربعة أوجه أنها لا تقع صفة ولا يستثنى بها إلا في الانقطاع ولا تضاف إلى غير أن وصلتها ولا تقطع عن الإضافة ويقال فيها ميد بالميم وظاهر كلامه في التسهيل أنها اسم لكنه قال في توضيحه المختار عندي إنه حرف استثناء بمعنى لكن ولا دليل على اسميتها قاله الدماميني. وبقي خامس وهو أنها لا تقع مرفوعة ولا مجرورة بل منصوبة كما في المغني تقول فلأن كثير المال بيد أنه بخيل وقيل تأتي بمعنى من أجل أيضا كما في حديث: "أنا أفصح من نطق بالضاد بيد أني من قريش واسترضعت في بني سعد بن بكر" وقال ابن مالك وغيره هي فيه بمعنى غير على حدّ قوله:
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم
…
بهنّ فلول من قراع الكتائب
كذا في المغني أي من تأكيد المدح بما يشبه الذم كما بسطه الدماميني. قال السيوطي هذا حديث غريب لا يعرف له سند فتأمل. وأجرى الشاطبي في غير التفاصيل السابقة في تكرار
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مجرورًا بغير معربا بما لمستثنى بإلا نسبا" مجرورًا مفعول باستثن، وبغير متعلق باستثن، ومعربًا حال من غير، وبما متعلق بمعربًا، وما موصول صلته نسب، ولمستثنى متعلق بنسب، وبإلا متعلق بمستثنى. والمعنى أن غيرا يستثنى بها مجرور بإضافتها إليه وتكون هي معربة بما نسب للمستثنى بإلا من الإعراب فيما تقدم فيجب نصبها في نحو قام القوم غير زيد. وما نفع هذا المال غير الضرر عند الجميع، وفي نحو ما قام أحد غير حمار عند غير تميم، وفي نحو ما قام غير زيد أحد عند الأكثر. ويترجح في هذا المثال عند قوم وفي نحو ما قام أحد غير حمار عند تميم ويضعف في نحو ما قام أحد غير زيد، ويمتنع في نحو ما قام غير زيد.
تنبيهات: الأول أصل غير أن يوصف بها إما نكرة نحو: {صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ} [فاطر: 36]، أو شبهها نحو:{غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} [الفاتحة: 7] ، فإن الذين
ــ
إلا لتوكيد أو لغيره لكن لا يظهر أن يقال في غير بالإلغاء إذا تكررت لتوكيد فإذا قلت قام القوم غير زيد وغير عمرو فعمرو مجرور بغير لا بالعطف فليست ملغاة قاله سم. قوله: "متعلق باستثن" الوجه أن يقال تنازعه استثن ومجرورا. ا. هـ. سم. قوله: "معربا" وقد تبنى على الفتح في الأحوال كلها عند إضافتها إلى مبني كما في التسهيل وأجاز الفراء بناءها على الفتح في نحو ما قام غير زيد لتضمنها معنى إلا قاله الفارضي. وفي التصريح تفارق غير إلا في خمس مسائل: إحداها أن إلا تقع بعدها الجمل دون غير. الثانية أنه يجوز أن يقال عندي درهم غير جيد على الصفة ويمتنع عندي درهم إلا جيد. الثالثة أنه يجوز أن يقال قام غير زيد ولا يجوز قام إلا زيد. الرابعة أنه يجوز أن يقال ما قام القوم غير زيد وعمرو بجر عمرو على لفظ زيد ورفعه حملا على المعنى لأن المعنى ما قام إلا زيد وعمرو ولا يجوز مع إلا مراعاة المعنى. الخامسة أنه يجوز ما جئتك إلا ابتغاء معروفك بالنصب ولا يجوز مع غير إلا بالجر نحو ما جئتكك لغير ابتغاء معروفك وما ذكره من منع مراعاة المعنى مع إلا هو مذهب الجمهور وجوّزها المصنف مع إلا أيضا كما سيأتي.
قوله: "فيجب نصبها في نحو قام القوم غير زيد" أي على اللغة المشهورة أما على لغة جواز الاتباع مع الإيجاب والتمام كما تقدم فينبغي أن يجوز رفع غير قاله سم. قوله: "عند قوم" كما أسلفه المصنف حيث قال فيما تقدم وغير نصب سابق إلخ. قوله: "وفي نحو ما قام أحد غير حمار" معطوف على قوله في هذا المثال. قوله: "ويمتنع في نحو ما قام غير زيد" أي عند غير الكسائي فإنه أجاز في نحو ما قام إلا زيد النصب بناء على مذهبه من جواز حذف الفاعل كما مر عن سم. قوله: "أصل غير إلخ" أي وضعها الأصلي على أن يوصف بها لأنها في معنى اسم الفاعل فتفيد مغايرة مجرورها لموصوفها إما بالذات نحو مررت برجل غير زيد أو بالوصف نحو دخلت بوجه غير الذي خرجت به. قال الرضي: والأصل الأول والثاني مجاز. قوله: "أو شبهها" من المعرفة المراد بها الجنس كالموصول في المثال فإنه مبهم باعتبار عينه. قوله: "فإن
ولسوى سوى سواء اجعلا
…
على الأصح ما لغير جعلا
ــ
جنس لا قوم بأعيانهم، وأيضًا فهي إذا وقعت بين ضدين ضعف إبهامها، فلما ضمنت معنى إلا حملت عليها في الاستثناء، وقد تحمل إلا عليها فيوصف بها بشرط أن
ــ
الذين جنس إلخ" حاصله أن غير متوغلة في الإبهام فلا بد لوقوعها صفة لمعرفة في الآية من تأويل فأما أن يراعى أصلها من التوغل في الإبهام ويعتبر كون موصوفها كالنكرة في المعنى فيتطابق الصفة والموصوف في مطلق التنكير وهذا هو الذي أشار إليه الشارح بقوله فإن الذين إلخ وحاصله التأويل في الموصوف بتقريبه إلى النكرة وإما أن يراعى ضعف إبهامها في هذه الحالة لوقوعها بين ضدين ويعتبر كونها حينئذٍ كالمعرفة فيتطابق الصفة والموصوف في مطلق التعريف وهذا هو الذي أشار إليه الشارح بقوله وأيضا إلخ وحاصله التأويل في الصفة بتقربيها إلى المعرفة هذا هو المتبادر من كلام الشارح. وأما قول البعض مراده بقوله وأيضا فهي إذا وقعت إلخ أفاد أن غير إذا وقعت بين ضدين تتعرف بالإضافة فيصح أن تقع صفة للمعرفة أي ولو كانت تلك المعرفة مشبهة للنكرة فيبعده قوله ضعف إبهامها دون أن يقول زال إبهامها فافهم. بقي شيء آخر وهو أن في غير ثلاثة أقوال قيل لا تتعرف مطلقا. وقيل تتعرف مطلقا. وقيل تتعرف إذا وقعت بين ضدين كما في: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ} [الفاتحة: 7] ، الآية فعلى هذين القولين تكون في الآية صفة وعلى الأول تكون بدلا بدل نكرة من معرفة وحينئذٍ لا تحتاج إلى التأويل الذي ذكره الشارح إلا لو قيل إنها لا تتعرف مطلقا وأنها في الآية صفة ولم نعثر عليه.
قوله: "فلما ضمنت معنى إلا" مرتبط بقوله أصل غير إلخ وأعربت حينئذٍ لمعارضة الشبه بالإضافة للمفرد على أن بعضهم يبنها حينئذٍ كما تقدم. وعبارة الرضي في توجيه حمل غير على إلا وحمل إلا على غير نصها: أصل غير أن تكون صفة مفيدة لمغايرة مجرورها لموصوفها ذاتا أو صفة وأصل إلا مغايرة ما بعدها لما قبلها نفيا أو إثباتا، فلما اجتمع ما بعد إلا وما بعد غير في معنى المغايرة حملت إلا على غير في الصفة فصار ما بعد إلا مغايرا لما قبلها ذاتا أو صفة من غير اعتبار مغايرته له نفيا أو إثباتا وحملت غير على إلا في الاستثناء فصار ما بعدها مغايرا لما قبلها نفيا أو إثباتا من غير اعتبار مغايرته له ذاتا أو صفة إلا أن حمل غير على إلا أكثر من حمل إلا على غير لأن غير اسم والتصرف في الأسماء أكثر منه في الحروف فلذلك تقع غير في جميع مواقع إلا انتهت وبها يتضح كلام الشارح. قوله:"فيوصف بها" أي مع بقائها على حرفيتها كما صرح به غير واحد بل حكى عليه السعد في حاشية الكشاف الإجماع كما قاله الدماميني قال ولو ذهب ذاهب إلى أنها تصير حينئذٍ اسما لكن لا يظهر اعرابها إلا فيما بعدها لكونها على صورة الحرف لم يبعد كما قيل في لا في نحو قولك زيد لا قائم ولا قاعد إنه بمعنى غير وجعل إعرابه على ما بعده بطريق العارية على ما صرح به السخاوي. ا. هـ. ونظير ذلك أيضا أل الموصولة فيعرب ما بعدها مضافا إليه مجرورا بكسرة مقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة إعراب إلا الظاهر فيه وينبني على ذلك كما قاله الدماميني أن الوصف بمجموع إلا وما بعدها على حرفيتها وبها وحدها على اسميتها فيكون ذكر ما بعدها لبيان ما تعلقت به المغايرة.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يكون الموصوف جمعًا أو شبهه، وأن يكون نكرة أو شبهها، فالجمع نحو:{لَوْ كَانَ فِيهِمَا آَلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} [الأنبياء: 22]، وشبه الجمع كقوله:
466-
لو كان غيري سليمي الدهر غيره
…
وقع الحوادث إلا الصارم الذكر
فالصارم صفة لغير. ومثال شبه النكرة قوله:
467-
أنيخت فألقت بلدة فوق بلدة
…
قليل بها الأصوات إلا بغامها
فالأصوات شبيه بالنكرة لأن تعريفه بأل الجنسية، لكن تفارق إلا هذه غيرًا من
ــ
قوله: "بشرط أن يكون الموصوف جمعا إلخ" فلا يوصف بها مفرد محض ولا معرفة محضة والمراد بشبه الجمع ما كان مفردا في اللفظ دالا على متعدد في المعنى كغيري في المثال الآتي ويشبه النكرة ما أريد به الجنس كالمعرّف بأل الجنسية. وإنما اشترط كون الموصوف جمعا أو شبهه مراعاة لأصلها وهو الاستثناء وكونه نكرة أو شبهها مراعاة لمعنى غير المتوغلة في التنكير. قوله: "سليمى" أي يا سليمى والدهر نصب على الظرفية المستقرة خبرا للفعل قبله أو على المفعولية لمحذوف أي يقاسي هذا الدهر أي شدائده وجواب لو غيره والصارم السيف القاطع. والذكر والمذكر من السيوف ما كان ذا ماء ورونق كما قاله الشمني. قوله: "صفة لغيري" فيه تسمح إذ الصفة إلا لكن لما ظهر إعرابها فيما بعدها صار كأنه هي وفي النكت عن التسهيل أن الوصف إلا مع ما بعدها وقد أسلفنا قريبا تحقيق ذلك فتأمله. قوله: "أنيخت" أي الناقة والمراد بالبلدة الأولى صدرها وبالثانية الأرض التي أناخها فيها. والبغام بضم الموحدة وتخفيف الغين المعجمة حقيقة صوت الظبي فاستعاره لصوت الناقة. فإن قلت الصفة في البيت مخصصة مع أن ما بعد إلا مخالف لما قبلها إذ ما بعدها مفرد وما قبلها جمع وسيأتي عن المغني أن الصفة عند التخالف مؤكدة: قلت أجاب الدماميني بأن البغام هنا متعدد بحسب المعنى فلا تخالف. واعلم أنه دخل تحت كلام الشارح أربع صور: أن يكون الموصوف جمعا حقيقيا ونكرة حقيقية كما في الآية. وأن يكون شبيها بالجمع ونكرة حقيقية كما في البيت الأول والعكس كما في البيت الثاني وأن يكون شبيها بالجمع شبيها بالنكرة كالمفرد المعرف بأل الجنسية ولم يمثل له الشارح.
466- البيت من البسيط، وهو للبيد بن ربيعة في ديوانه ص62؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 44؛ وشرح شواهد المغني 1/ 218؛ والكتاب 2/ 333؛ ولسان العرب 15/ 432 "إلا"؛ وبلا نسبة في تذكرة النحاة ص296؛ ومغني اللبيب 1/ 72.
467-
البيت من الطويل، وهو لذي الرمة في ديوانه ص104؛ وخزانة الأدب 3/ 418، 420؛ والدرر 3/ 168؛ وشرح شواهد الإيضاح ص242؛ والكتاب 2/ 332؛ ولسان العرب 3/ 95 "بلد" 12/ 51 "بغم"؛ وبلا نسبة في شرحك شواهد المغني 1/ 218، 394، 2/ 729؛ ومغني اللبيب 1/ 72؛ والمقتضب 4/ 409؛ وهمع الهوامع 1/ 229.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وجهين: أحدهما أنه لا يجوز حذف موصوفها فلا يقال: جاءني إلا زيد، ويقال: جاءني غير زيد ونظيرها في ذلك الجمل والظروف فإنها تقع صفات ولا يجوز أن ينوب عن موصوفاتها. ثانيهما أنه لا يوصف بها إلا حيث يصح الاستثناء فيجوز عندي درهم إلا دانق يجوز لأنهم إلا دانقًا، ويمتنع إلا جيد لأنه يمتنع إلا جيدًا. ويجوز عندي درهم غير جيد، هكذا قال جماعات. وقد يقال إنه مخالف لقولهم في: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آَلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ
ــ
قوله: "لكن تفارق إلخ" استدراك على قوله وقد تحمل إلا عليها.
قوله: "ولا يجوز حذف موصوفها" أي لأن الوصف بها خلاف الأصل بخلاف غير. قوله: "في ذلك" أي في عدم جواز حذف موصوفها. قوله: "ولا يجوز أن تنوب عن موصوفاتها" أي إلا فيما إذا كان الموصوف بعض اسم متقدم مجرور بمن أو في كقولهم منا ظعن ومنا أقام كما سيأتي في النعت. قوله: "إلا حيث يصح الاستثناء" قال سم يمكن أن يوجه بأن غيرا إنما حملت على إلا لتضمنها معنى الاستثناء فلا تحمل إلا عليها إلا حيث يصح الاستثناء. قوله: "إلا دانق" بكسر النون وفتحها ويقال أيضا داناق وهو سدس درهم وعلى الوصفية يكون مقرا بدرهم كامل وعلى الاستثناء يكون مقرا بدرهم إلا سدسا. ولما كان الدرهم يشبه الجمع من حيث اشتماله على الدوانق وصفه بإلا وبهذا يجاب أيضا عما يقال الوصف في هذا المثال مؤكد وسيأتي عن المغني أن الوصف عند مطابقة ما بعد إلا لما قبلها في الإفراد مثلا مخصص. قاله الدماميني. قوله: "لأنه يجوز إلا دانقا" أي بناء على جواز استثناء الجزء من الكلي وهو الراجح ومنعه ابن هشام ومن تبعه. قوله: "لأنه يمتنع إلا جيدا" أي لأن درهم نكرة في سياق الإثبات فعمومه للجيد وغيره بدلي والمستثنى منه لا يكفي شموله للمستثنى شمولا بدليا فلا يقال عندي رجل إلا زيدا وإن أجاز قوم الاستثناء من النكرة المثبتة إذا حصلت الفائدة. قوله: "وقد يقال إلخ" أشار بقد إلى إمكان دفعه وقد دفعه بعضهم بأن المراد بالاستثناء في قولهم لا يوصف بها إلا حيث يصح الاستثناء ما هو أعم من المتصل والمنقطع وإنما يمتنع في الآية والمثال المتصل لا المنقطع. قال الدماميني وهذا يقتضي إلغاء الشرط المذكور لكونه لم يحترز به عن شيء وهو كلام متين. وما أجيب به عنه من أن ذلك لا يضر لأن الأصل في القيود أن تكون لبيان الواقع لا يقاومه.
قوله: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} أي فإنه لا يجوز في إلا هذه أن تكون للاستثناء وما بعدها بدلا لا من جهة المعنى ولا من جهة اللفظ: أما الأول فلأن التقدير حينئذٍ لو كان فيهما آلهة أخرج منهم الذات العلية لفسدتا وهو يقتضي عدم الفساد عند عدم الإخراج وليس بمراد بل المراد ترتيب الفساد على مجرد التعدد، ولهذا كان إلا الله من الصفة المؤكدة الصالحة للإسقاط إذ المعنى لو كان فيهما من الآلهة متعدد غير الواحد، ومن المعلوم مغايرة المتعدد للواحد والقاعدة أنه إن طابق ما بعد إلا موصوفها فالوصف مخصص نحو لو كان معنا رجل إلا زيد لغلبنا وإن خالفه بإفراد أو غيره فالوصف مؤكد كالآية ويؤخذ هذا من قول النحاة إذا قيل له
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لَفَسَدَتَا} [الأنبياء: 22]، ومن أمثلة سيبويه لو كان معنا رجل إلا زيد لغلبنا. وشرط ابن الحاجب في وقوع إلا صفة تعذر الاستثناء. وجعل من الشاد قوله:
468-
وكل أخ يفارقه أخوه
…
لعمر أبيك إلا الفرقدان
الثاني انتصاب غير في الاستثناء كانتصاب الاسم بعد إلا عند المغارة واختاره ابن
ــ
عندي عشرة إلا درهما فقد أقرّ له بتسعة وإن قال إلا درهم فقد أقر له بعشرة لأن المعنى عشرة مغايرة لدرهم وكل عشرة مغايرة للدرهم. وأما الثاني فلأن آلهة جمع منكر في الإثبات فلا عموم لها شموليا فلا يصح الاستثناء منها كذا في المغني، وبمثل هذا الثاني يوجه عدم صحة الاستثناء في المثال أعني لو كان معنا رجل إلخ كما قاله سم. فإن قلت لو للامتناع وامتناع الشيء انتفاؤه فتكون النكرة في الآية والمثال في سياق النفي فتعم. قلت قال الدماميني العرب لا تعتبر مثل هذا النفي بدليل أنهم لا يقولون لو جاءني ديار أكرمته ولا لو جاءني من أحد أحسنت إليه، ولو كانت بمنزلة النافي لجاز ذلك كما يجوز ما فيها ديار وما جاءني من أحد. فإن قلت جوّز الزمخشري في تفسير سورة الحجر في قوله تعالى:{إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ، إِلَّا آَلَ لُوطٍ} [الذاريات: 32] ، أن آل لوط استثناء منقطع من قوم مجرمين وهو نكرة في الإثبات. قلت أجاب الدماميني بأن النكرة في الإثبات تعم إذا قامت قرينة العموم، والنكرة في هذه الآية كذلك بدليل آية لوط إنا أرسلنا إلى قوم لوط والقصة واحدة.
قوله: "ومن أمثلة سيبويه" أي لإلا الوصفية فهو تأييد للاعتراض وكذا قوله وشرط ابن الحاجب إلخ لأن ما ذكره ابن الحاجب عكس ما ذكره تلك الجماعات. قال الشمني قال الرضي: مذهب سيبويه جواز وقوع إلا صفة مع صحة الاستثناء. قال ويجوز في قولك ما أتاني أحد إلا زيدا أن تقول إلا زيدا بدلا أو صفة وعليه أكثر المتأخرين تمسكا بقوله وكل أخ إلخ. قوله: "وجعل من الشاذ قوله وكل أخ إلخ" أي لصحة الاستثناء فيه وجوّز فيه بعضهم أن لا تكون إلا صفة بل للاستثناء. وأتى بالفرقدين بالألف جريا على لغة من يلزم المثنى الألف وفيه تخلص مما يلزم على وصفية إلا من المخالفة للكثير من وجهين آخرين وصف المضاف والمشهور وصف المضاف إليه إذ هو المقصود وكل لإفادة الشمول فقط والفصل بين الموصوف
468- البيت من الوافر، وهو لعمرو بن معد يكرب في ديوانه ص178؛ والكتاب 2/ 334؛ ولسان العرب 15/ 432 "ألا"؛ والممتع في التصريف 1/ 51؛ ولحضرمي بن عامر في تذكرة النحاة ص90؛ وحماسة البحتري ص151؛ والحماسة البصرية 2/ 418؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 46؛ والمؤتلف والمختلف ص85؛ ولعمرو أو لحضرمي في خزانة الأدب 3/ 421؛ والدرر 3/ 170؛ وشرح شواهد المغني 1/ 216؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 8/ 180؛ وأمالي المرتضى 2/ 88؛ والإنصاف 1/ 268؛ والجني الداني ص519؛ وخزانة الأدب 9/ 321، 322؛ ورصف المباني ص92؛ وشرح المفصل 2/ 89؛ والعقد الفريد 3/ 107، 133؛ وفصل المقال ص257؛ ومغني اللبيب 1/ 72؛ والمقتضب 4/ 409؛ وهمع الهوامع 1/ 229.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عصفور، وعلى الحال عند الفارسي واختاره الناظم، وعلى التشبيه بظرف المكان عند جماعة واختاره ابن الباذش. الثالث يجوز في تابع المستثنى بها مراعاة اللفظ ومراعاة المعنى، تقول قام القوم غير زيد وعمرو وعمرًا، فالجر على اللفظ والنصب على المعنى لأن معنى غير زيد إلا زيدًا وتقول ما قام أحد غير زيد وعمرو بالجر وبالرفع لأنه على معنى إلا زيد. وظاهر كلام سيبويه أنه من العطف على المحل. وذهب الشلوبين إلى أنه من باب التوهم "ولسوى" بالكسر و"سوى" بالضم مقصورتين و"سواء" بالفتح والمد "اجعلا على
ــ
والصفة بالخبر وهو قليل. قوله: "كانتصاب الاسم بعد إلا" أي في أن نصب كل منهما على الاستثناء وإن كان العامل فيما بعد إلا هو إلا على الصحيح وفي غير ما في الجملة قبله من فعل أو شبهه وإنما نصبت على الاستثناء مع أن المستثنى هو الاسم الواقع بعدها لأنه لما كان مشغولا بالجر لكونه مضافا إليه جعل ما كان يستحقه من الإعراب المخصوص لولا ذلك على غير سبيل العارية والدليل على أن الحركة لما بعدها حقيقة جواز العطف على محله كما يأتي قاله الدماميني. وانظر إذا لم يكن في الجملة قبله فعل أو شبهه ما العامل نحو ما أحد أخوك غير زيد هل هو أعنى مقدرا فتكونن غير مفعولا به أو الجملة بتمامها كما قيل به في محل ما بعد خلا وعدا إذا جرا كما سيأتي كل محتمل.
قوله: "وعلى الحال عند الفارسي" فتؤول بمشتق أي قام القوم مغايرين لزيد في الفعل وأورد عليه أن مجرورها لا محل له حينئذٍ وقد نصبوا المعطوف عليه مراعاة لمحله. وقد يقال مذهب الفارسي والناظم أن ذلك من العطف على المعنى لا على المحل ومدار العطف على المعنى كون الكلام بمعنى كلام آخر فيه نصب ذلك الاسم وإن لم يكن له محل لا في الأصل ولا في الحال. قوله: "وعلى التشبيه بظرف المكان" بجامع الإبهام في كل. قوله: "ومراعاة المعنى" أي المؤدي بتركيب آخر مشتمل على إلا كما مر وهو بهذا المعنى لا يستلزم كون الاسم له محل. قوله: "ما قام أحد غير زيد" أي برفع غير بناء على اللغة الفصحى من الاتباع مع النفي والاتصال ولهذا اقتصر على الجر والرفع في عمرو وإن جاز فيه النصب أيضا نظرا إلى غير اللغة الفصحى من نصب المستثنى بإلا ونصب غير مع النفي والاتصال فتلخص أن في عمرو الجر والرفع على وجه الرجحان الذي نظر الشارح إليه فقط والنصب على وجه المرجوحية وحصل الجواب على اعتراض البعض كغيره على قوله بالجر والرفع بأنه كان عليه أن يقول بالنصب لما تقدم من جواز النصب بمرجوحية في نحو ذلك.
قوله: "أنه من العطف على المحل" أي محل مجرور غير بحسب الأصل وما كان يستحقه بواسطة حمل غير على إلا لما تقدم من أن الأصل في مجرور غير. والذي كان يستحقه لولا اشتغاله بالجر بمقتضى الإضافة أن يجري عليه الإعراب المخصوص الذي يقتضيه حمل غير على إلا فسقط ما قاله البعض وعلم أن مدار العطف على المحل كون المحل يستحق ذلك الإعراب في الحال أو بحسب الأصل بخلاف مراعاة المعنى كما سبق فحصل الفرق بينهما. قوله: "إلى أنه من باب التوهم"
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الأصح ما لغير جعلا" من الأحكام فيما سبق لأنها مثلها لأمرين: أحدهما إجماع أهل اللغة على أن معنى قول القائل: قاموا سواك وقاموا غيرك واحد، وأنه لا أحد منهم يقول إن سوى عبارة عن مكان أو زمان. والثاني أن من حكم بظرفيتها حكم بلزوم ذلك وأنها لا تتصرف، والواقع في كلام العرب نثرًا ونظمًا خلاف ذلك فمن وقوعها مجرورة بالحرف قوله عليه الصلاة والسلام: "دعوت ربي أن لا يسلط على أمتي عدوًّا من سوى أنفسها" وقوله صلى الله عليه وسلم: "ما أنتم في سواكم إلا كالشعرة البيضاء في الثور الأسود" وقول الشاعر:
469-
ولا ينطق الفحشاء من كل منهم
…
إذا جلسوا منا ولا من سوائنا
وقوله:
470-
وكل من ظن أن الموت مخطئه
…
معلل بسواء الحق مكذوب
ــ
مداره على أن يكون ذلك الإعراب لذلك اللفظ مع لفظة أخرى فيعطى لذلك اللفظ مع غير تلك اللفظة على توهم أنه معها فتبين الفرق بين الثلاثة الذي هو ظاهر صنيع الشارح حيث قال أولا: ومراعاة المعنى، ثم قابله بقوله وظاهر إلخ هذا ما قاله سم. وقال الإسقاطي الذي يظهر من كلام الشارح أن العطف على المعنى عام يشمل العطف على المحل والعطف على التوهم وأن قوله وظاهر إلخ بيان للمراد من القسمين. ا. هـ. والإنصاف أن كلام الشارح محتمل لتقابل الثلاثة وللبيان بعد الإجمال. وفي الهمع أن العطف على المعنى هو العطف على التوهم إلا أنه إذا جاء في القرآن عبر عنه بالعطف على المعنى لا التوهم أدبا. واعلم أن تابع المستثنى بإلا كتابع المستثنى بغير في مراعاة المعنى على ما ذكره المصنف في التسهيل فيجوز جر تابع المستثنى بإلا مراعاة لكون إلا بمعنى غير والجمهور على منع ذلك في إلا. قوله:"من الأحكام" كوقوعها في الاستثناء المتصل والمنقطع وصفة لنكرة أو شبهها وقبولها تأثير العامل المفرغ قاله الدماميني.
قوله: "وأنه لا أحد منهم إلخ" عطف على إجماع عطف لازم على ملزوم. قوله: "أن من حكم بظرفيتها" أي من النحاة فلا ينافي ما قبله والمراد الخليل وسيبويه وأتباعهما لا ما يشمل الرماني والعكبري إذ هما لا يقولان بلزومها الظرفية مع قولهما بظرفيتها. وقوله بظرفيتها أي بكونها ظرف مكان بمعنى مكان كما سيأتي. قوله: "خلاف ذلك" أي خلاف ما حكم به من اللزوم. قوله: "ولا ينطق الفحشاء" أي نطق المفحشاء أو بالفحشاء فهو مفعول مطلق على حذف مضاف
469- البيت من الطويل، وهو للمرار بن سلامة العجلي في خزانة الأدب 3/ 438؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 324؛ والكتاب 1/ 31؛ والمقاصد النحوية 3/ 126؛ ولرجل من الأنصار في الكتاب 1/ 408؛ وبلا نسبة في الإنصاف 1/ 294؛ وشرح ابن عقيل ص315؛ والمقتضب 4/ 350.
470-
البيت من البسيط، وهو لأبي دؤاد الأيادي في ديوانه ص294؛ والإنصاف ص295؛ وخزانة الأدب 3/ 438؛ وشرح المفصل 2/ 84؛ وبلا نسبة في الدرر 3/ 93؛ وهمع الهوامع 1/ 202.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وبالإضافة قوله:
471-
فإنني والذي يحج له النا
…
س بجدوى سواك لم أثق
ومن وقوعها مرفوعة بالابتداء قوله:
472-
وإذا تباع كريمة أو تشترى
…
فسواك بائعها وأنت المشتري
ومرفوعه بالناسخ قوله:
473-
أأترك ليلى ليس بيني وبينها
…
سوى ليلة إني إذًا لصبور
وبالفاعلية قوله:
474-
ولم يبق سوى العدوا
…
ن دناهم كما دانوا
وحكى الفراء أتاني سواك. ومنصوبة بإن قوله:
ــ
أو منصوب بنزع الخافض ويحتمل أنه ضمن ينطق معنى يذكر فعداه بنفسه فالفحشاء مفعول به ومن في قوله مناولا من سوائنا بمعنى في متعلقة بينطق. قوله: "مرفوعة بالابتداء" يحتمل أن تكون في البيت خبرا مقدما. قوله: "كريمة" أي خصلة كريمة وأو بمعنى الواو كما في العيني. وقال بعضهم لا مانع من إبقاء أو على حالها وأن يكون قول الشاعر فسواك بائعها راجعا لقوله وإذا تباع وقوله وأنت المشتري راجعا لقوله أو تشتري. والمعنى إذا وجد بيع للكريمة فلا يوجد منك بل من سواك وإذا وجد شراء لها فلا يوجد من غيرك بل منك. قوله: "إني إذا" أي إذا تركتها في هذه الحالة فحذف الجملة المضاف إليها وعوض عنها التنوين وليست إذا الناصبة كما قد يتوهم أفاده يس. قوله: "دناهم كما دانوا" أي جزيناهم كجزائهم والجملة جواب فلما في البيت قبله. قوله:
471- البيت من المنسرح.
472-
البيت من الكامل، وهو لابن المولى محمد بن عبد لله في الدرر 3/ 92؛ وشرح ديوان الحماسة ص1761؛ والمقاصد النحوية 3/ 125؛ وبلا نسبة في الأغاني 10/ 145؛ والحيوان 6/ 509؛ وشرح ابن عقيل ص315؛ وهمع الهوامع 1/ 202.
473-
البيت من الطويل وهو لمجنون في ديوانه ص108؛ وجواهر الأدب ص282؛ والدرر 3/ 93؛ ومصارع العشاق 2/ 100؛ ولأبي دهبل في أمالي المرتضى 1/ 118؛ وبلا نسبة في همع الهوامع 1/ 202.
474-
البيت من الهزج، وهو للفند الزماني "شهل بن شيبان" في أمالي القالي 1/ 260؛ وحماسة البحتري ص56؛ وخزانة الأدب 3/ 431؛ والدرر 3/ 92؛ وسمط اللآلي ص940؛ وشرح التصريح 1/ 362؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص35؛ وشرح شواهد المغني 2/ 945؛ والمقاصد النحوية 3/ 122؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 281؛ وشرح ابن عقيل ص316؛ وهمع الهوامع 1/ 202.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
475-
لديك كفيل بالمنى لمؤمل
…
وإن سواك من يؤمله يشقى
هذا تقدير ما ذهب إليه الناظم. وحاصل ما استدل به في شرح الكافية وغيره ومذهب الخليل وسيبويه وجمهور البصريين أن سوى من الظروف اللازمة لأنها يوصل بها الموصول نحو جاء الذي سواك. قالوا ولا تخرج عن الظرفية إلا في الشعر. وقال الرماني العكبري: تستعمل ظرفًا غالبًا، وكغير قليلًا، وهذا أعدل. ولا ينهض ما استدل به الناظم حجة لأن كثيرًا من ذلك أو بعضه لا يخرج الظرف عن اللزوم وهو الجر، وبعضه قابل للتأويل. ا. هـ.
ــ
"لديك كفيل" أي عندك وجود كفيل أو الكلام من باب التجريد. وقوله يشقى أي يخيب أمله.
قوله: "أن سوى من الظروف" أي المكانية بمعنى مكان بمعنى عوض، فمعنى جاء الذي سواك في الأصل جاء الذي في مكانك أي حل فيه عوضك ثم توسعوا واستعملوا مكانك وسواك بمعنى عوضك وإن لم يكن ثم حلول فظرفيتها مجازية ولهذا لم يتصرفا أفاده في الهمع. قوله:"لأنها يوصل بها الموصول" فيه أنه لا يدل إلا على كونها تقع ظرفا لا على أنها ملازمة للظرفية وفيه أيضا أنه لا مانع أن تكون فيما ذكر خبر المحذوف والجملة صلة وإنما حذف صدر الصلة لطولها بالإضافة أو حالا معمولة لثبت مضمرا. قوله: "ولا تخرج عن الظرفية" المناسب لقول بعد لأن كثيرا من ذلك أو بعضه لا يخرج الظرف عن اللزوم وهو الجر أي بمن أن يكون المراد بالظرفية ما يشمل شبهها وهو الجر بمن لكن ينافي هذا قول السيوطي في نكته لا تكون إلا منصوبة على الظرفية وعليه فجرها بمن يرد عليهم فافهم. قوله: "إلا في الشعر" بهذا الاستثناء يندفع استدلال المصنف عليهم بالأبيات السابقة. قوله: "وهذا أعدل" أي لأنه لا يحوج إلى تكلف في موضع من المواضع. قوله: "لأن كثيرا من ذلك أو بعضه إلخ" الذي يظهر لي حل هذه العبارة أن أو بمعنى بل الإضرابية عن التعبير بكثير إلى التعبير ببعض لأن الذي لا يخرج الظرف عن اللزوم من ذلك وهو الجر بمن خاصة اثنان فقط مما تقدم وليسا بكثير ولعل الحامل له على التعبير أولا به أن بعضهم عبر به فأتى به ثم أضرب عنه إشارة إلى الاعتراض عليه فاحفظه. وأما قول البعض المراد كثرته في نفسه لأنه ذكر أربعة أدلة فيها الجر بالحرف فغفلة عن كون المراد الجر بمن خاصة لأنه الذي لا يخرج الظرف عن اللزوم. وأما قوله لعله أتى بقوله أو بعضه لعدم اطلاعه على ما استدل به المصنف واحتمال أن ما استدل به كثير جدا بحيث لا تعد الأدلة الأربعة كثيرة بالنسبة إليه فغفلة عن قول الشارح سابقا هذا تقرير ما ذهب إليه الناظم وحاصل ما استدل به في شرح الكافية وغيره فتدبر. قوله: "وبعضه قابل للتأويل" أي بكونه شاذا أو ضرورة.
475- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في شرح ابن عقيل ص316؛ والمقاصد النحوية 3/ 135.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تنبيهات: الأول حكى الفاسي في شرح الشاطبية في سوى لغة رابعة وهي المد مع الكسر. الثاني أفهم كلامه أنه يجوز في المعطوف على المستثنى بها اعتبار المعنى كما جاز في غير ويساعده قوله في التسهيل: تساويها مطلقًا سوى، بعد ذكره جواز اعتبار المعنى في العطف على مجرور غير. الثالث تفارق سوى غيرًا في أمرين: أحدهما أن
ــ
قوله: "حكى الفاسي" لا حاجة لإسناده للفاسي مع حكاية أبي حيان وابن هشام له سم. قوله: "أفهم كلامه" أي حيث أثبت لسوى ما ثبت لغير ومن جملة ما ثبت لغير جواز اعتبار المعنى في العطف على مجرورها وإن لم يذكره المصنف هنا. قوله: "أن المستثنى بغير" مثله المستثنى بإلا. قوله: "نحو ليس غير" أي في قولك مثلا قبضت عشرة ليس غير وفيه أن المستثنى به هو ليس لا غير بل هي مستثنى فالمحذوف ما أضيف إليه غير لا المستثنى إلا أن يراد بالمستثنى ما أفيدت مخالفته لشيء والمضاف إليه غير أفيدت مخالفته لغيره، هذا ملخص ما قاله البعض. وفي الدماميني ما يدفع السؤال من أصله حيث قال يحذف المستثنى بشرط فهم المعنى وكون أداة الاستثناء إلا أو غيرا وتقدم ليس عليهما. قال الأخفش والمصنف أو لا يكون تقول قبضت عشرة ليس إلا أو ليس غير أي ليس المقبوض شيئا إلا إياها أو غيرها فأضمر اسم ليس عائدا على المقبوض المفهوم من قبضت وحذف خبرها للتفريغ. ا. هـ. باختصار نعم هذا الدفع إنما يتم في غير على أن في ليس ضميرا هو اسمها كما ذكره لا على أن اسمها وهو غير وسيأتي ذلك. بقي حذف أداة الاستثناء وقد قال ابن الحاجب وابن مالك في نحو ما قام وقعد إلا زيد أنه من باب الحذف لا التنازع خلافا لبعضهم والتقدير ما قام إلا زيد. وما قعد إلا زيد وقال في المغني قال السهيلي في قوله تعالى:{وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا} [الكهف: 23]، الآية لا يتعلق الاستثناء بفاعل إذ لم ينه عن أن يصل {إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الأعراف: 89] ، بقوله ذلك ولا بالنهي لأنك إذا قلت أنت منهي عن أن تقوم إلا أن يشاء الله فلست بمنهي فقد سلطته على أن يقوم ويقول شاء الله ذلك. وتأويل ذلك أن الأصل إلا قائلا إلا أن يشاء الله وحذف القول كثير. ا. هـ. فتضمن كلامه حذف أداة الاستثناء والمستثنى جميعا والمتجه أن الاستثناء مفرغ كما عليه تأويل السهيلي وأن المستثنى مصدر تقديره إلا قولا مصحوبا بأن يشاء الله أو حال تقديرها إلا ملتبسا بأن يشاء الله أي بذكر أن يشاء الله. وقد علم أن ذكره لا يكون إلا مع إلا فطوى ذكرها لذلك وعليهما فالباء محذوفة من أن. وقال بعضهم يجوز أن يكون إلا أن يشاء الله كلمة تأبيد أي لا تقولنه أبدا كما قيل في:{وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الأعراف: 89] ، لأن عودهم في ملتهم مما لا يشاؤه الله ويرده أنه يقتضي النهي عن قوله إني فاعل ذلك غدا قيده بالمشيئة أولا، وبهذا يرد أيضا قول من زعم أن الاستثناء منقطع وكذا تجويز الزمخشري رجوع الاستثناء إلى النهي على أن المعنى إلا أن يشاء الله أن تقوله بأن يأذن لك فيه مع أن من المعلوم أن كل أمر ونهي يستمر إلى إتيان نقيضه. ا. هـ. كلام المغني ببعض تصرف فعلي ما اختاره يكون المحذوف أداة الاستثناء وحدها كما قاله الشمني وجميع ما ذكره بعد كلام السهيلي سبقه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المستثنى بغير قد يحذف إذا فهم المعنى نحو ليس غير بالضم وبالفتح وبالتنوين بخلاف سوى. ثانيهما أن سوى تقع صلة الموصول في فصيح الكلام كما سلف بخلاف غير. الرابع تأتي سوا بمعنى وسط وبمعنى تام فتمد فيهما مع الفتح نحو: {فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ} [الصافات: 55]، وهذا درهم سواء. وتأتي بمعنى مستو فتقصر مع الكسر نحو:{مَكَانًا سُوًى} [طه: 58] ، وتمد مع الفتح نحو مررت برجل سواء والعدم، ويخبر بها حينئذ عن
ــ
إليه ابن الحاجب لكن ليس في كلامه أن إلا محذوفة فإنه قال الوجه الاستثناء مفرغ على أن الأعم المحذوف حال أو مصدر إلى أن قال وحذفت الباء من أن يشاء الله والتقدير إلا بأن يشاء الله أي إلا بذكر المشيئة وقد علم أن ذكر المشيئة في الإخبار عن فعل مستقبل هو ذكرها مع حرف الشرط وما في معناه نحو إن شاء الله إلا أن يشاء الله بمشيئة الله. ا. هـ. وهذا أولى وأسهل.
قوله: "بالضم" قال المبرد والمتأخرون هو ضم بناء لشبهها بالغايات كقبل وبعد فعلى هذا يحتمل أن تكون اسم ليس وأن تكون خبرها وقال الأخفش ضم إعراب لأنه ليس اسم زمان ولا اسم مكان بل هو ككل وبعض لكن حذف المضاف إليه ونوى لفظه قاله الدماميني. قوله: "وبالفتح" ظاهره أنه فتح بناء. ووجهه أن الأسماء المتوغلة في الإبهام كمثل وغير يجوز بناؤها على الفتح إذا إضيفت لمبني كالضمير، فعلى هذا تحتمل الاسمية والخبرية، ويصح جعله فتح اعراب لنية لفظ المضاف إليه المحذوف فعلى هذا تتعين للخبرية. قوله:"وبالتنوين" أي في شبهي الحالتين المذكورتين وشبهاهما الرفع والنصب والحركة عند التنوين اعرابية. قوله: "تقع صلة الموصول" أي في ظاهر اللفظ وإلا فهي في الحقيقة جزء صلة إن قدر قبلها مبتدأ ومعمول الصلة إن قدر قبلها ثبت كذا قال الدماميني. قوله: "كما سلف" فيه أنه لم يقيد فيما سلف بفصيح الكلام. قوله: "بخلاف غير" فيه نظر إذ الظاهر أن غيرا كسوى في الوقوع صلة على تقدير مبتدإ حذف لطول الصلة بالإضافة كذا قال بعضم. وقال الدماميني بعد أن ذكر أن سواك في جاء الذي سواك جزء الصلة إن قدر مبتدأ قبله ومعمول الصلة إن قدر ثبت قبله ما نصه: وعلى التقدير الأول أعني تقدير المبتدأ فلا اختصاص لسوى بذلك بل يجوز في غير مع أي بلا شرط نحو جاء أيهم غير جاهل ومع غير أي بشرط طول الصلة نحو جاء الذي غير ضارب أبوه عمرا ومع عدم الطول شاذا عند البصريين وقياسا عند الكوفيين. ا. هـ. وهو صريح في عدم الاكتفاء في طول الصلة بإضافتها ولكن أن تقول إن كان الفرق مبنيا على ظرفية سوى فظاهر وإلا فلا. قوله: "بمعنى وسط" اعترض بأنه ينافي ما قدمه عن أهل اللغة من أنه لا أحد منهم يقول إن سوى عبارة عن مكان أو زمان لأنها إذا كانت بمعنى وسط كانت عبارة عن مكان. وأجيب بأن محل ما قدمه عنهم إذا وقعت في تراكيب الاستثناء وما نحن فيه ليس كذلك وقد أسلفنا في باب الظرف الكلام على لفظ وسط.
قوله: "فتقصر مع الكسر" أي أو الضم وبهما قرىء قوله تعالى: {لَا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنْتَ مَكَانًا سُوًى} [طه: 58] ، أي مستويا طريقنا إليه وطريقك إليه كما قاله المفسرون فتحقق التعدد
واستثن ناصبًا بليس وخلا
…
وبعدا وبيكون بعد لا
ــ
الواحد فما فوقه نحو: {لَيْسُوا سَوَاءً} [آل عمران: 113] ؛ لأنها في الأصل مصدر بمعنى الاستواء. ا. هـ. "واستثن ناصبًا" للمستثنى "بليس وخلا وبعدا وبيكون بعد لا" النافية نحو قاموا ليس زيدًا، وخلا عمرًا، وعدا بكرًا، ولا يكون خالدًا. أما ليس ولا يكون فالمستثنى بهما واجب النصب لأنه خبرهما، واسمهما ضمير مستتر وجوبًا يعود على البعض المدلول
ــ
الذي يقتضيه الاستواء. قوله: "سواء والعدم" بجر سواء صفة لرجل والمختار في العدم النصب على المعية لضعف العطف لفظا لعدم الفصل كذا قالوا ويشكل عليه عندي أن الاستواء يقتضي متعددا فيكون العطف واجبا كما في اشترك زيد وعمرو وأما قولهم استوى الماء والخشبة بالنصب فليس الاستواء فيه بمعنى التماثل بل بمعنى الارتفاع أو الاستقرار على ما يظهر فتأمل. قوله: "عن الواحد فما فوقه" أي ويعطف على ضميرها في الأول شيء يتحقق به التعدد إذ الاستواء لا يعقل إلا بين متعدد فاندفع ما اعترض به هنا. قوله: "مصدر" أي اسم مصدر.
فائدة: أجيز في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ} [البقرة: 6، يس: 10] ، كون سواء خبرا عما قبلها فما بعدها في تأويل المصدر فاعل لها لأن باب التسوية مما لا يحتاج إلى سابك أو خبرا عما بعدها فما بعدها في تأويل المصدر مبتدأ أو مبتدأ فما بعدها في تأويل المصدر خبر ولا يرد أن الاستفهام واجب التصدير فلا يكون فاعلا ولا مبتدأ مؤخرا ولا خبرا مؤخرا لأن هذه الهمزة سلخ عنها الاستفهام وجردت للتسوية. فإن قيل أم لأحد الأمرين وما يتعلق به سواء لا يكون إلا متعددا فالجواب أن أم هنا سلخ عنها الأحد وجردت للعطف والتشريك. فإن قيل يلزم على كون الهمزة للتسوية تكرارها مع سواء. فالجواب أن الاستواء المفهوم من الهمزة هو الاستواء الذي تضمنته حين كونها لحقيقة الاستفهام أي الاستواء في علم المستفهم والاستواء المستفاد من سواء هو الاستواء في الغرض المسوق له الكلام كأنه قيل المستويان في علمك مستويان في عدم النفع. وذهب الرضي إلى رأي آخر في المسألة وهو أن سواء خبر مبتدأ محذوف أي الأمران سواء وما بعد سواء بيان للأمرين والهمزة بمعنى إن الشرطية وأم بمعنى أو والجملة الاسمية دالة على الجزاء أي إن أنذرتهم أم لم تنذرهم. فالأمران سواء قال وإنما أفادت الهمزة فائدة إن لاستعمالها فيما لم يتيقن حصوله، وجعلت أم بمعنى أو لاستعمالهما في الأحد كذا في شرح الدماميني على المغني.
قوله: "بليس وخلا إلخ" والاستثناء بما ذكر لا يكون إلا مع التمام والاتصال وخلا في الأصل لازم وقد يضمن معنى جاوز فيتعدى بنفسه كما في خلا الاستثنائية والتزم ذلك فيها ليكون ما بعدها في صورة المستثنى بإلا ولذلك التزموا إضمار فاعله أما عدا فهو في الأصل يتعدى بنفسه وبعن ومعناه جاوز وترك كما في القاموس والأولى أن يكون بليس تنازعه استثن وناصبا نظير ما مر. قوله: "ولا يكون خالدا" أي لا تعدّ ولا تحسب فيهم خالدا فلا منافاة بين استقباله ومضى قاموا سم. قوله: "مستتر وجوبا" ليكون ما بعدها في صورة المستثنى بإلا كما مر
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عليه بكله السابق، فتقدير قاموا ليس زيدًا هو أي بعضهم، فهو نظير، {فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً} [النساء: 11] ، بعد {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} [النساء: 11] ، وقيل عائد على اسم الفاعل المفهوم من الفعل السابق والتقدير ليس هو أي القائم. وقيل عائد على الفعل المفهوم من الكلام السابق والتقدير ليس هو: أي ليس فعلهم زيد، فحذف المضاف، ويضعف هذين عدم الاطراد لأنه قد لا يكون هناك فعل كما في نحو القوم أخوتك ليس زيدًا. وأما خلا وعدا ففعلان غير متصرفين لوقوعهما موقع إلا وانتصاب المستثنى بهما على المفعولية وفاعلهما ضمير مستتر، وفي مرجعه الخلاف المذكور.
ــ
وقيل لأنه لو برز للزم الفصل بين أداة الاستثناء والمستثنى. قوله: "فهو نظير فإن كنّ نساء إلخ" أي في كون الضمير عائدا على البعض المفهوم من كلامه السابق إذ النون عائد على الإناث وهنّ بعض الأولاد المتقدم ذكرهم ومحط الفائدة قوله فوق اثنتين وذكر نساء توطئة له فلا يقال لا فائدة في قولنا فإن كانت الإناث نساء. قاله المصرح وقيل الضمير للأولاد وأنثه باعتبار الخبر. قوله: "على اسم الفاعل" لو قال على الوصف لكان أحسن ليشمل اسم المفعول في نحو قولك أكرمت القوم ليس زيدا إذ المرجع فيه اسم مفعول. قوله: "على الفعل" أي اللغوي وهو الحدث بواسطة تقدير مضاف كما ذكره الشارح. قوله: "والتقدير ليس هو أي ليس فعلهم إلخ" عبارة الدماميني والتقدير في مثل قاموا ليس زيدا ليس قيامهم قيام زيد فحذف المضاف الذي هو الخبر وأقيم المضاف إليه مقامه ثم قال ومما يرد عليهم أن تقديرهم لا يؤدي المقصود من الاستثناء وهو إخراج زيد من القوم والحكم عليه بعدم القيام على ما هو المختار وجعلهم أن التقدير ليس قيامهم قيام زيد لا يفيد ذلك.
قوله: "لأنه قد لا يكون إلخ" أجاب الدماميني بأن قائلي ذلك إنما خصوا الفعل بالذكر لأنهم إنما مثلوا بما اشتمل على الفعل تنبيها على كيفية التخريج في غيره فإذا لم يكن هناك فعل ملفوظ تصيد من الكلام ما يعود عليه الضمير ففي نحو القوم إخوتك ليس زيدا التقدير ليس هو أي المنتسب إليك بالأخوّة زيدا أو ليس انتسابهم انتساب زيد. قوله: "وأما خلا وعدا ففعلان غير متصرفين" لو قال فالمستثنى بهما جائز النصب وهما أيضا فعلان إلخ لحسنت المقابلة وسلم من إيهام أن ليس ولا يكون متصرفان. قوله: "على المفعولية" لأنهما متعلقان بمعنى جاوز. قوله: "ضمير مستتر" أي وجوبا. قوله: "وفي مرجعه الخلاف المذكور" والأصح منه أن مرجعه البعض المدلول عليه بكله السابق ونظر فيه الرضي بأنه لا يفيد المقصود لأن مجاوزة البعض لزيد في قولك قام القوم خلا زيدا لا يلزم منها مجاوزة الكل. وأجيب بأن البعض مبهم ومجاوزته إلا بمجاوزة الكل وبأن المراد بالبعض ما عدا المستثنى. ولي ههنا احتمال وهو أن يكون مرجع الضمير في خلا وعدا وحاشا نفس الاسم السابق، لكن التزم فيه التذكير والإفراد ليكون الاستثناء بها كالاستثناء بإلا ولجريان ذلك مجرى الأمثال التي لا تغير كما قالوه في حبذا زيد، حيث التزم تذكير اسم الإشارة وإفراده لذلك ولا يرد على هذا تنظير الرضى فاعرفه. قوله:
واجرر بسابقي يكون إن ترد
…
وبعد ما انصب وانجرار قد يرد
ــ
تنبيهان: الأول قيل موضوع جملة الاستثناء من هذه الأربع نصب على الحال. وقيل مستأنفة لا موضع لها، وصححه ابن عصفور. الثاني لا تستعمل يكون في الاستثناء مع غير لا من أدوات النفي. ا. هـ "واجرر بسابقي يكون" وهما خلا وعدا "إن ترد" الجر فإنه جائز وإن كان قليلًا، فمن الجر بخلا قوله:
476-
خلا الله لا أرجو سواك وإنما
…
أعد عيالي شعبة من عيالكا
ومن الجر بعدا قوله:
477-
أبحنا حيهم قتلًا وأسرًا
…
عدا الشمطاء والطفل الصغير
تنبيهان: الأول لم يحفظ سيبويه الجر بعدا، قيل ولا بخلا وليس كذلك، بل ذكر الجر بخلا. الثاني قيل يتعلقان حينئذ بما قبلهما من فعل أو شبهه على قاعدة حروف الجر. وقيل موضعهما نصب عن تمام الكلام وهو الصواب لعدم اطراد الأول، ولأنهما لا يعديان
ــ
"نصب على الحال" ولم تقترن بقد في ليس وخلا وعدا مع أن ذلك واجب إذا كانت جملة ماضوية لاستثناء أفعال الاستثناء، أو يقال محل ذلك الأفعال المتصرفة. قوله:"مستأنفة" أي غير متعلقة بما قبلها في الإعراب وإن تعلقت به في المعنى. قاله المصرح.
قوله: "وصححه ابن عصفور" علله بعدم الربط للحال ثم قال: فإن قيل إذا عاد الضمير على البعض المضاف لضمير المستثنى منه حصل الربط في المعنى فالجواب أن ذلك غير منقاس. قوله: "لا تستعمل بكون إلخ" أي كما لا يستعمل فيه غير يكون من تصاريف الكون ككان. قوله: "شعبة" أي فرقة. قوله: "أبحنا حيهم إلخ" يحتمل أن حيهم نصب بنزع الخافض أي في حيهم وقتلا مفعول به، ويحتمل أن حبهم مفعول به وقتلا تمييز محوّل عنه. والشمطاء التي يخالط سواد شعرها بياض والمراد بها العجوز. قوله:"حينئذٍ" أي حين إذ جر بهما، وقوله مما قبلهما أي في الرتبة وإن تأخر في اللفظ كما في الشاهد الأول. قوله:"على قاعدة حروف الجر" فموضع مجرورهما نصب بالفعل أو شبهه. قوله: "موضعهما" أي موضع مجرورهما وقوله عن تمام الكلام أي نصبا ناشئا عن تمام الكلام أي عن تمام الجملة قبلهما فتكون هي الناصبة ونظير ذلك نصب
476- البيت من الطويل، وهو للأعشى في خزانة الأدب 3/ 314؛ وليس في ديوانه؛ وبلا نسبة في جواهر الأدب ص382؛ وحاشية يس 1/ 355؛ والدرر 3/ 164؛ وشرح التصريح 1/ 363؛ وشرح ابن عقيل ص317؛ ولسان العرب 14/ 242 "خلا"؛ والمقاصد النحوية 3/ 137؛ وهمع الهوامع 1/ 226، 232.
477-
قبله:
تركنا في الحضيض بنات عوج
…
عواكف قد خضعن إلى النسور
والبيتان من الوافر، وهما بلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 285؛ والدرر 3/ 178؛ وشرح التصريح 1/ 363؛ وشرح ابن عقيل ص318؛ والمقاصد النحوية 3/ 132؛ وهمع الهوامع 1/ 222.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الأفعال إلى الأسماء: أي لا يوصلان معناها إليها، بل يزيلان معناها عنها، فأشبها في عدم التعدية الحروف الزائدة، ولأنهما بمنزلة إلا وهي غير متعلقة. ا. هـ "وبعد ما" المصدرية "انصب" حتمًا لأنهما تعينا بها للفعلية كقوله:
478-
لا كل شيء ما خلا الله باطل
وقوله:
479-
تمل الندامى ما عداني فإنني
…
بكل الذي يهوى نديمي مولع
ــ
الجملة تمييز النسبة كما في التصريح ولا متعلق للحرف على هذا. قوله: "لعدم اطراد الأول" لأنه لا يأتي في نحو القوم اخوتك خلا زيد وفيه ما مر عن الدماميني فاعرفه. قوله: "لا يعديان الأفعال إلخ" رده بعضهم بأنه لا يلزم أن يكون معنى التعدية إيصال الحرف معنى الفعل إلى الاسم على وجه الثبوت، بل يجوز أن يكون معناها جعل الاسم مفعولا لذلك الفعل وإيصال معنى الفعل إليه على الوجه الذي يقتضيه الحرف من ثبوت أو انتفاء، ألا ترى أن المفعول به في النفي نحو لم أضرب زيدا لم يخرجه انتفاء وقوع الفعل عليه عن كونه مفعولا.
قوله: "ولأنهما بمنزلة إلا" أي في المعنى ورد بأن ذلك لا يقتضي مساواتهما لها في جميع الأحكام ألا ترى أنهما يجران بخلاف إلا. قوله: "المصدرية" فيه أن الحرف المصدري لا يوصل بفعل جامد إلا أن يقال هما في الأصل متصرفان والجمود عارض فلم يكن مانعا من الوصل، أو يقال هما مستثنيان. وعلى كل فالمصدر المنسبك ملاحظ فيه جانب المعنى كما يؤخذ من تعبير الشارح في حل المعنى بمادة المجاوزة. قوله:"حتما" فيه أن هذا مناف لقول المصنف بعد وانجرار قد يرد إلا أن يجعل جريا على مذهب من لا يجيز الجر بهما بعد ما لأنه الراجح عند الشارح كما سيشير إليه فتأمل. قوله: "تمل" بالبناء للمجهول من الملل وهو السآمة. والندامى جمع
478- عجزه:
وكل نعيم لا محالة زائل
والبيت من الطويل، وهو للبيد بن ربيعة في ديوانه ص256؛ وجواهر الأدب ص382؛ وخزانة الأدب 2/ 255، 257؛ والدرر 1/ 71؛ وديوان المعاني 1/ 118؛ وسمط اللآلي ص253؛ وشرح التصريح 1/ 29؛ وشرح شذور الذهب ص329؛ وشرح شواهد المغني 1/ 150، 153، 154، 392؛ وشرح المفصل 2/ 78؛ والعقد الفريد 5/ 273؛ ولسان العرب 5/ 351 "رجز"؛ والمقاصد النحوية 1/ 5، 7، 291؛ ومغني اللبيب 1/ 133؛ وهمع الهوامع 1/ 3؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص211؛ وأوضح المسالك 2/ 289؛ والدرر 3/ 166؛ ورصف المباني ص269؛ وشرح شواهد المغني 2/ 531؛ وشرح عمدة الحافظ ص263؛ وشرح قطر الندى ص248؛ والهمع ص154؛ وهمع الهوامع 1/ 226.
479-
البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 107؛ والجني الداني ص566؛ وجواهر الأدب ص382؛ والدرر 3/ 179؛ وشرح التصريح 1/ 110، 364؛ وشرح شذور الذهب ص339؛ والمقاصد النحوية 1/ 363؛ وهمع الهوامع 1/ 233.
وحيث جرا فهما حرفان
…
كما هما إن نصبا فعلان
وكخلا حاشا ولا تصحب ما
…
وقيل حاش وحشا فاحفظهما
ــ
وموضع الموصول وصلته نصب بالاتفاق: فقال السيرافي على الحال وهذا مشكل لتصريحهم في غير هذا الموضع بأن المصدر المؤول لا يقع حالًا كما يقع المصدر الصريح في نحو أرسلها العراك، وقيل على الظرف، وما وقتية نابت هي وصلتها عن الوقت، فالمعنى على الأول قاموا مجاوزين زيدًا، وعلى الثاني قاموا وقت مجاوزتهم زيدًا. وقال ابن خروف على الاستثناء كانتصاب غير في: قاموا غير زيد "وانجرار" بهما حينئذ "قد يرد" أجاز ذلك الجرمي والربعي والكسائي والفارسي لكن على تقدير ما زائدة لا مصدرية، فإن قالوه بالقياس ففاسد لأن ما لا تزاد قبل الجار بل بعده نحو: عما قليل، فبما رحمة، وإن قالوه بالسماع فهو من الشذوذ بحيث لا يحتج به "وحيث جرا فهما حرفان" بالاتفاق "كما هما إن نصبا فعلان" فالاتفاق وسواء في الحالين اقترنا بما أو تجردا عنها "وكخلا" في جواز المستثنى بها ونصبه "حاشا" تقول قام القوم حاشا زيد وحاشا زيدًا،
ــ
نديم. قوله: "على الحال" بتأويلها باسم الفاعل وتلك الحال فيها معنى الاستثناء. تصريح. قوله: "لا يقع حالا" أي لتعرفه بالضمير المشتمل عليه فلا تقول جاء زيد أن يقوم لتأوله بمصدر مضاف للضمير والحال لا تكون معرفة. وأما تعرف نحو العراك في قولهم أرسلها العراك ففي معنى التنكير لأنه بأل الجنسية قاله الدماميني ثم رأيت في المغني ما يدفع الإيراد عن السيرافي فإنه عد من اللفظ المقدر بشيء مقدر بآخر ما خلا وما عدا، وعلى قول السيرافي ما مصدرية وهي وصلتها حال فيها معنى الاستثناء ثم قال: قال ابن مالك فوقعت الحال معرفة لتأولها بالنكرة. ا. هـ. والتأويل خالين عن زيد ومتجاوزين زيدا. ا. هـ.
قوله: "كما يقع" راجع للمنفي. قوله: "وما وقتية" سميت وقتية لنيابتها هي وصلتها عن الوقت كما أشار إلى ذلك الشارح فالذي في محل النصب على الظرفية مجموع الموصول والصلة كما أفاده الشارح خلافا لمن قال هو ما فقط. قوله: "كانتصاب غير" أي على الاستثناء بناء على مذهبه. قوله: "حينئذٍ" أي حين إذ وقعا بعدما. قوله: "بالقياس" أي على زيادتها بعد بعض حروف الجر نحو فبما رحمة، وقد بين الفرق بين المقيس والمقيس عليه بقوله لأن ما إلخ، قوله:"بل بعده" أي بعد الجار. قوله: "فهو من الشذوذ بحيث إلخ" أي فهو من أمكنة الشذوذ في مكان لا يحتج به. قوله: "وحيث جرّا فهما حرفان" أجرى الظرف مجرى الشرط فأدخل الفاء كقوله تعالى: {وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ} [الأحقاف: 11] . قوله: "وسواء في الحالين إلخ" التعميم مبني على مذهب من يجيز الجر بهما مع ما المشار إليه بقول المصنف وانجرار قد يرد. قوله: "وكخلا حاشا" إذا جررت بالثلاثة قلت خلاي وحاشاي وعداي بدون نون الوقاية. وإن نصبت فبنون الوقاية ويجوز في خلاك وخلاه وحاشاك وحاشاه وعداك وعداه كون الضمير منصوبا ومجرورا.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فإذا جرت كانت حرف جر. وفيما تتعلق به ما سبق في خلا وإذا نصبت كانت فعلًا والخلاف في فاعلها وفي محل الجملة كما في خلا.
تنبيهان: الأول الجر بحاشا هو الكثير الراجح، ولذلك التزم سيبويه وأكثر البصريين حرفيتها ولم يجيزوا النصب، لكن الصحيح جوازه فقد ثبت بنقل أبي زيد وأبي عمر والشيباني والأخفش وابن خروف، وأجازه المازي والمبرد والزجاج. ومنه قوله:
480-
حاشا قريشًا فإن الله فضلهم
…
على البرية بالإسلام والدين
وقوله:
اللهم اغفر لي ولمن يسمع
…
حاشا الشيطان وأبا الأصبغ
وقوله:
481-
حاشا أبا ثوبان إن أبا
…
ثوبان ليس ببكمة فدم
ــ
قوله: "وفيما تتعلق به" أي وجودا وعدما إذ ليس الخلاف السابق في العامل الذي تتعلق به بل في كونها لها متعلق أولا ولو قال وفي كونها تتعلق أوّلا ما سبق لكان أوضح. وقوله في فاعلها أي في مرجع فاعلها إذ لم يتقدم خلاف في نفس فاعلها. وقوله وفي محل الجملة أي وجودا وعدما إذ الخلاف السابق في جملة خلا قولان: أنها في محل نصب على الحال وأنها مستأنفة لا محل لها. قوله: "اللهم اغفر لي إلخ" هذا نثر وأبو الأصبغ بفتح الهمزة وإهمال الصاد وإعجام الغين اسم رجل كما في حاشية شيخنا السيد. قال في التصريح وجعله قرينا للشيطان تنبيها على التحاقه به في الخسة وقبح الفعل. فإن قلت سيأتي أن حاشا إنما يستثنى بها في مقام التنزيه، والغفران لا ينزه منه. قلت بولغ في قبح الشيطان وأبي الأصبغ وخستهما حتى كأن الغفران ينقص بمرتبتهما في القبح والخسة. قوله:"حاشا أبا ثوبان" قيل يحتمل أنه على لغة
480- البيت من البسيط، وهو للفرزدق في ديوانه 1/ 215؛ والدرر 3/ 175؛ وبلا نسبة في شرح ابن عقيل ص320؛ والمقاصد النحوية 3/ 137؛ وهمع الهوامع 1/ 232.
481-
هذا هو أصل البيت فيها، وأكثر النحاة يركب صدر البيت على عجز بيت آخر منها فينشدونه هكذا:
حاشا أبي ثوبان إن به
…
ضنا عن الملحاة والشنم
والبيت من الكامل، وهو للجميع الأسدي في الأصمعيات ص218؛ والجني الداني ص562؛ والدرر 3/ 176؛ وشرح اختيارات المفضل ص1508؛ وشرح شواهد المغني 1/ 368؛ وشرح المفصل 8/ 47؛ والمقاصد النحوية 3/ 129؛ وله وأو لسبرة بن عمرو والأسدي في لسان العرب 14/ 182 "حشا"؛ وبلا نسبة في الإنصاف 1/ 280؛ وخزانة الأدب 4/ 182؛ وشرح المفضل 2/ 84؛ ولسان العرب 14/ 181 "حشا" والمحتسب 1/ 341؛ ومغني اللبيب 1/ 122؛ وهمع الهوامع 1/ 232.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قال المرزوقي في رواية الضبي: حاشا أبا ثوبان بالنصب. الثاني الذي ذهب إليه الفراء أنها فعل لكن لا فاعل له. والنصب بعده إنما هو بالحمل عن الأول، ولم ينقل عنه ذلك في خلا وعدا، على أنه يمكن أن يقول فيهما مثل ذلك. ا. هـ. "ولا تصحب ما" فلا يجوز قام القوم ما حاشا زيدًا. وأما قوله:
482-
رأيت الناس ما حاشا قريشًا
…
فإنا نحن أفضلهم فعالًا
فشاذ "وقيل" في حاش "حاش وحشا فاحفظهما" وهل هاتان اللغتان في حاشا الاستثنائية أو التنزيهية؟ الأول ظاهركلامه هنا وفي الكافية وشرحها، والثاني ظاهر كلامه في التسهيل وهو الأقرب.
تنبيه: حاشا على ثلاثة أوجه: الأول تكون استثنائية وقد تقدم الكلام عليها. والثاني تكون تنزيهية نحو حاش الله وليست حرفًا. قال في التسهيل: بلا خلاف، بل هي عند
ــ
القصر فلا شاهد فيه لكن إن علم أن قائله ليس من أهل هذه اللغة صح الاستشهاد بل إذا لم يعلم أن قائله من أهلها صح لرجحان الحمل على الأشهر. والبكمة بالضم البكم وهو الخرس فالمراد بذي بكمة. والفدم بفتح الفاء وسكون الدال العي الثقيل. قوله: "لكن لا فاعل له" أي ولا مفعول كما قاله بعضهم وقوله بالحمل على إلا أي فيكون منصوبا على الاستثناء ومقتضى حمله على إلا أنه العامل للنصب فيما بعده.
قوله: "على أنه يمكن" أي مع أنه يمكن. قوله: "ولا تصحب ما" أي مصدرية كانت أو زائدة لأنها فعل جامد وما المصدرية لا توصل بجامد، وحملت الزائدة على المصدرية. وأما خلا وعدا فخرجا عن القاعدة سم. قوله:"رأيت الناس" قال الدماميني الظاهر أن مفعول رأيت الثاني محذوف أي دوننا ويحتمل أن يكون هو الجملة الاسمية والفاء زائدة على رأي الأخفش في مثل زيد فقائم. وقوله فعالا بفتح الفاء في الخير وبكسرها في الشر قاله شيخنا السيد. وقال الدماميني وغيره الفعال بفتح الفاء الكرم وبكسرها جمع فعل. واقتصر العيني على ضبطه بفتح الفاء وفسره بالكرم قال ويروى فأما الناس. قوله: "وهو الأقرب" أي لاتفاقهم على نفي حرفيتها فتكون أقبل للتصرف من الاستثنائية المتفق على أنها تكون حرفا بل التزمه بعضهم.
قوله: "تنزيهية" أي مدلولا بها على تنزيه ما بعدها من السوء قال الرضي وربما يريدون تبرئة شخص من سوء فيبتدئون بتنزيه الله تعالى ثم يبرئون من أرادوا تنزيهه على معنى أن الله تعالى منزه عن أن لا يطهر ذلك الشخص مما يعيبه. ا. هـ. فإن قلت إن معنى التنزيه موجود في حاشا الاستثنائية
482- البيت من الوافر، وهو للأخطل في خزانة الأدب 3/ 387؛ والدرر 3/ 180؛ وشرح التصريح 1/ 365؛ وشرح شواهد المغني 1/ 368؛ والمقاصد النحوية 3/ 136؛ وبلا نسبة في الجني الداني ص565؛ وشرح ابن عقيل ص321؛ ومغني اللبيب 1/ 121؛ وهمع الهوامع 1/ 223.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المبرد وابن جني والكوفيين فعل. قالوا لتصرفهم فيها بالحذف، ولإدخالهم إياها على الحرف. وهذان الدليلان ينفيان الحرفية ولا يثبتان الفعلية. قالوا والمعنى في الآية جانب يوسف المعصية لأجل الله، ولا يتأتى مثل هذا التأويل في {حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا} [يوسف: 31] ، والصحيح أنها اسم مرادف للتنزيه منصوب انتصاب المصدر الواقع بدلًا من اللفظ بالفعل، بدليل قراءة ابن مسعود حاش الله بالإضافة، كمعاذ الله، وسبحان الله، وقراءة أبي السمال حاشًا لله
ــ
والمتصرفة أيضا فلم خصوا هذه باسم التنزيهية. قلت قال الشمني التنزيهية هي التي يراد بها معنى التنزيه وحده وبهذا خرج الوجهان الآخران لأنهما يراد فيهما مع التنزيه معنى آخر. ا. هـ. يعني الاستثناء ولوجود معنى التنزيه في الاستثنائية إنما يستثنى بها حيث يكون الاستثناء فيما ينزه عنها الاستثنائية، نحو ضربت القوم حاشا زيدا نقله الشمني عن الرضي وأقرّه وذكره الدماميني أيضا لكن قال عقب ما تقدم ولذلك لا يحسن صلى الناس حاشا زيدا لفوات معنى التنزيه كذا قال ابن الحاجب. ا. هـ. وظاهر قوله لا يحسن أن الشرط المتقدم شرط للحسن لا للجواز فتأمل. قوله:"بالحذف" أي حذف ألفها الأولى تارة والثانية أخرى. قوله: "على الحرف" وهو اللام في نحو حاش لله. قوله: "ينفيان الحرفية" أي لأن شأن الحرف عدم التصرف أي ما لم يقم دليل على الحرفية فلا ترد سوف وعدم الدخول على الحرف. قوله: "ولا يثبتان الفعلية" أي التي هي مدعاهم لاحتمال الاسمية فدليلاهم قاصران. قوله: "في الآية" يعني {قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ} [يوسف: 51] .
قوله: "ولا يتأتى مثل هذا التأويل إلخ" إذ لا يصح أن يكون المعنى جانب يوسف البشرية لأجل الله بل المعنى على تنزيه الله عن العجز والتعجب من قدرته تعالى على خلق جميل مثله كما في الكشاف. قوله: "اسم مرادف للتنزيه" وهل هي مصدر لفعل لم ينطق به كما في بله وويح أو اسم مصدرا نظره ثم رأيت في الدماميني قال إذا قلنا بأنها اسم فهل هو مصدر أو اسم فعل صرح ابن الحاجب بالثاني قال ومعنى حاش لله برىء الله فاللام زائدة في الفاعل كما في: {هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ} [المؤمنون: 36]، وفسرها الزمخشري ببراءة الله فتكون مصدرا وهو خلاف الظاهر ثم بحث الدماميني في كونه خلاف الظاهر. وأيضا هي على تفسير الزمخشري يحتمل أن تكون اسم مصدر فتأمل. هذا وتنوين حاشا في قراءة من نونه تنوين تنكير إن قلنا أنه اسم فعل وتنوين تمكين إن قلنا إنه مصدر أو اسم مصدر قاله الدماميني في شرح المغني وكونه تنوين تمكين هو ما درج عليه الشارح. قوله:"منصوبة انتصاب المصدر إلخ" والعامل فيها فعل من معناها. قوله: "بدليل" راجع لقوله اسم أي وكل من الإضافة والتنوين يمتنع في الحرف والفعل. قوله: "بالإضافة" أي لا بسبب كونها حرف جر لاختصاص ذلك بالاستثنائية خلافا لابن عطية في زعمه أنها في قراءة ابن مسعود حرف جر قاله في المغني. ويظهر لي أن حاش على هذه القراءة معربة لمعارضة الإضافة موجب البناء وقد يؤخذ من قول الشارح كمعاذ الله وسبحان الله. قوله: "أبي السمال" باللام كشداد. قوله: "لفظا ومعنى" أما لفظا فظاهر وأما معنى فلأن معنى
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بالتنوين أي تنزيهًا لله، كما يقال رعيًا لزيد، والوجه في قراءة من ترك التنوين أن تكون مبنية لشبهها بحاشا الحرفية لفظًا ومعنى. الثالث أنها تكون فعلًا متعديًا متصرفًا، تقول: حاشيته بمعنى استثنيته. ومنه الحديث أنه عليه الصلاة والسلام قال: "أسامة أحب الناس إلي ما حاشا فاطمة" ما نافية، والمعنى أنه صلى الله عليه وسلم لم يستثن فاطمة. وتوهم الشارح أنها المصدرية الاستثنائية بناء على أنه من كلامه صلى الله عليه وسلم فاستدل به على أنه قد يقال قام القوم ما حاشا زيدًا ويرده أن في معجم الطبراني ما حاشى فاطمة ولا غيرها. ودليل تصرفه قوله:
483-
ولا أرى فاعلًا في الناس يشبهه
…
ولا أحاشي من الأقوام من أحد
وتوهم المبرد أن هذا مضارع حاشا الاستثنائية، وإنما تلك حرف أو فعل لتضمنه معنى الحرف كما مر. ا. هـ.
خاتمة: جرت عادة النحويين أن يذكروا لا سيما من أدوات الاستثناء مع، أن الذي بعدها منبه على أولويته بما نسب لما قبلها، ويجوز في الاسم الذي بعدها الجر والرفع مطلقًا.
ــ
التنزيهية الإبعاد والحرفية الإخراج وهما متقاربان.
قوله: "حاشيته إلخ" قال الدماميني يجوز أن يكون مأخوذا من لفظ حاشا حرفا أو اسما كقولهم: لوليت أي قلت لولا، ولا ليت أي قلت لا لا، وسوفت أي قلت سوف وسبحت وسبحلت أي قلت سبحان الله، ولبيت أي قلت لبيك، وهو كثير فيكون معنى حاشيت زيدا قلت حاشا زيدا. قوله:"والمعنى إلخ" مبني على أنه من كلام الراوي كما تدل عليه رواية الطبراني الآتية. قوله: "وتوهم الشارح أنها" أي ما حاشا التي في الحديث والتأنيث باعتبار أنها كلمة والمصدرية نعت لمحذوف أي ما المصدرية. وخبر إن مجموع المتعاطفين. ويحتمل عود الضمير على ما وعطف حاشا على الضمير. قوله: "بناء على أنه إلخ" وعلى هذا يكون المعنى أسامة أحب الناس إليّ إلا فاطمة فليس أحب إليّ منها فيحتمل أن تكون هي أحب إليه ويحتمل أن يتساويان في الحب. دماميني. قوله: "ويرده إلخ" وجه الرد أن لا في قوله ولا غيرها زائدة لتأكيد النفي فيتعين كون ما قبلها نافية وأن ذلك من كلام الراوي واحتمال أن لا نافية وغير مفعول لاستثنى محذوفا فيكون من كلام النبي بعيد لا يؤثر في الأدلة الظنية. قوله: "وإنما تلك إلخ" رد من الشارح لما توهمه المبرد. قوله: "لتضمنه معنى الحرف" أي الاستثنائي وهو إلا. قوله: "لا سيما" سي كمثل وزنا ومعنى وعينها واو قلبت ياء لاجتماعها ساكنة مع الياء قاله الدماميني.
483- البيت من البسيط، وهو للنابغة الذبياني في ديوانه ص20؛ وأسرار العربية ص208؛ والإنصاف 1/ 278؛ والجني الداني ص559؛ 563؛ وخزانة الأدب 3/ 403، 405؛ والدرر 3/ 181؛ وشرح شواهد المغني 1/ 368؛ وشرح المفصل 2/ 85، 8/ 48؛ ولسان العرب 14/ 181، 182 "حشا"، وبلا نسبة في جواهر الأدب ص427؛ وشرح المفصل 8/ 49؛ ومغني اللبيب 1/ 121؛ وهمع الهوامع 1/ 223.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والنصب أيضًا إذا كان نكرة. وقد روى بهن قوله:
484-
ولا سيما يوم بدارة جلجل
والجر أرجحها، وهو على الإضافة، وما زائدة بينهما مثلها في أيما الأجلين، والرفع على أنه خبر لمضمر محذوف وما موصولة أو نكرة موصوفة بالجملة، والتقدير ولا مثل الذي هو يوم أو ولا مثل شيء هو يوم ويضعفه في نحو ولا سيما زيد، حذف العائد المرفوع مع عدم الطول وإطلاق ما على من يعقل، وعلى الوجهين ففتحة سيئ إعراب لأنه مضاف، والنصب على التمييز، كما يقع التمييز بعد مثل في نحو:{وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا}
ــ
قوله: "مع أن الذي بعدها منبه على أولويته" أي كونه أولى بما نسب لما قبلها أي وذلك مناف للاستثناء لأنه إخراج وما بعد لا سيما داخل بالأولى، وقد وجه ذكرها هنا بأنه لما كان ما بعدها مخالفا بالأولوية لما قبلها أشبهت أدوات الاستثناء المخالف ما بعدها لما قبلها. قوله:"مطلقا" أي نكرة أو معرفة. قوله: "يوم بدارة جلجل" هي غدير ماء ويومها يوم دخول امرىء القيس خدر عنيزة وعقره مطيته للعذارى حين وردن الغدير يغتسلن فقد على ثيابهنّ وحلف لا يعطي واحدة منهنّ ثوبها حتى تخرج مجردة فتأخذه فأبين ذلك حتى تعالى النهار، فخرجن وأخذن ثيابهنّ وقلن له قد حبستنا وأجعتنا فذبح لهن ناقته قاله الشمني. قوله:"وهو على الإضافة وما زائدة بينهما" وهل هي لازمة أو يجوز حذفها نحو لا سي زيد زعم ابن هشام الخضراوي الأول ونص سيبويه على الثاني كذا في الهمع ويجوز أن تكون ما نكرة تامة والمجرور بعدها بدل منها أو عطف بيان. قوله: "لمضمر محذوف" أي ضمير محذوف وجوبا لما تقدم من أن لا سيما بمنزلة إلا وهي لا تقع بعدها الجملة غالبا. قوله: "بالجملة" تنازعه كل من موصولة وموصوفة. دماميني. قوله: "في نحو ولا سيما زيد" بخلاف نحو ولا سيما زيد المتقدم على أقرانه لوجود الطول. قوله: "ففتحة سي اعراب" لأنه اسم لا التبرئة مضاف للاسم على زيادة ما ولما على الوجه الثاني باحتماله لكنه لا يتعرف بالإضافة لتوغله في الإبهام كمثل فلهذا صح عمل لا فيه وخبرها محذوف أي موجود.
قوله: "كما يقع التمييز بعد مثل" أي الذي هو بمعناه فيكون تمييز مفرد. ومقتضى كلامه أن التمييز لشي. وفي كلام بعضهم أنه لما وأنها نكرة تامة بمعنى شيء مفسرة بالتمييز قاله سم.
484- صدره:
ألا رب لك منهن صالح
والبيت من الطويل، وهو لامرئ القيس في ديوانه ص10؛ والجني الداني ص334، 443؛ وخزانة الأدب 3/ 444، 451؛ والدرر 3/ 183؛ وشرح شواهد المغني 1/ 412، 2/ 558؛ وشرح المفصل 2/ 86؛ والصاحبي في فقه اللغة ص155؛ ولسان العرب 14/ 411 "سوا"؛ وبلا نسبة في رصف المباني ص193؛ ومغني اللبيب ص140، 313، 421؛ وهمع الهوامع 1/ 234.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الكهف: 109] ، وما كافة عن الإضافة، والفتحة بناء مثلها في لا رجل. وأما انتصاب المعرفة نحو ولا سيما زيدًا فمنعه الجمهور، وتشديد يائها ودخول لا عليها ودخول الواو على لا واجب. قال ثعلب: من استعمله على خلاف ما جاء في قوله ولا سيما يوم فهو مخطئ. وذكر غيره أنها قد تخفف وقد تحذف الواو كقوله:
485-
فه بالعقود وبالأيمان لا سيما
…
عقد وفاء به من أعظم القرب
ــ
وما نقله عن بعضهم رجح بأنه لو كان تمييزا لسي لكان معمولا لها فتكون شبيهة بالمضاف فتكون فتحته اعرابية وبأن الشيخ في قولنا مثلا أكرم العلماء وسيما شيخا لنا ليس نفس السي المنفي حتى يفسره بل هو غيره فتعين أنه تمييز ما وسي مضافة إليها. قوله: "وما كافة عن الإضافة" وعليه ففتحة سي بنائية وأما على قول غيره أنها نكرة تامة فإعرابية كما في الوجهين السابقين. قوله: "وأما انتصاب المعرفة إلخ" مقابل قوله سابقا والنصب أيضا إذا كان نكرة. قوله: "فمنعه الجمهور" وجوزه بعضهم موجها بأن ما كافة وأن لا سيما بمنزلة إلا الاستثنائية فما بعدها منصوب على الاستثناء المتصل لإخراجه عما قبل لا سيما من حيث عدم مساواة ما قبلها له وضعف بأن إلا لا تقترن بالواو. لا يقال جاء القوم وإلا زيدا ووجهه الدماميني بأن ما تامة بمعنى شيء والنصب بتقدير أعني أي ولا مثل شيء أعني زيدا.
قوله: "ودخول الواو" أي الاعتراضية كما في الرضي. قوله: "من استعمله على خلاف ما جاء إلخ" اعلم أن لا سيما تستعمل أيضا بمعنى خصوصا فيؤتى بعدها بالحال مفردة أو جملة وبالجملة الشرطية كما نص عليه الرضي وتكون منصوبة المحل على أنها مفعول مطلق مع بقاء سي على كونه اسم لا ويظهر أنه لا خبر لها كما في نحو ألا ماء بمعنى أتمنى ماء كما مر في محله قال الدماميني وما على هذا كافة. ا. هـ. نحو أحب زيدا ولا سيما راكبا فراكبا حال من مفعول الفعل المقدر وهو أخصه أي أخصه بزيادة المحبة في هذه الحال ونحو أحبه ولا سيما وهو راكب أو ولا سيما إن ركب وجواب الشرط مدلول عليه بالفعل المقدر أي إن ركب بزيادة المحبة، ويجوز أن يجعل بمعنى المصدر اللازم أي اختصاصا فيكون معنى لا سيما راكبا يختص بزيادة محبتي راكبا. فقول المصنفين ولا سيما والأمر كذا تركيب عربي خلافا للمرادي. قال الدماميني ونظير جعل لا سيما الذي بمعنى خصوصا منصوب المحل على المفعولية المطلقة مع بقاء سي على كونه اسم لا التبرئة نقل أيها الرجل من النداء إلى الاختصاص مع بقائه على حالته في النداء من ضم أي ورفع الرجل.
قوله: "قد تخفف" أي بحذف عينها وهي ياؤها الأولى على ما اختاره أبو حيان. وقال ابن
485- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر 1/ 88؛ وخزانة الأدب 3/ 447؛ والدرر 3/ 176؛ وشرح شواهد المغني ص413؛ ومغني اللبيب ص140؛ وهمع الهوامع 1/ 235.
حروف الجر
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
للهمزة في تصيير الفاعل مفعولًا وأكثر تعدي الفعل القاصر نحو ذهبت بزيد بمعنى أذهبته. ومنه: {ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ} [البقرة: 17] ، وقرئ أذهب الله نورهم. السابع التعويض نحو بعت هذا بألف، وتسمى باء المقابلة أيضًا. الثامن الإلصاق حقيقة ومجازًا نحو أمسكت بزيد، ونحو مررت به. وهذا المعنى لا يفارقها، ولهذا اقتصر عليه سيبويه. التاسع المصاحبة نحو:{اهْبِطْ بِسَلَامٍ} [هود: 48]، أي معه. العاشر التبعيض نحو: {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ
ــ
بعض الناس ببعض، وصككت الحجر بالحجر، والأصل دفع بعض الناس بعضًا وصك الحجر الحجر قال الدماميني: ويرد عليه أنه إذا كان الأصل ذلك لم تكن الباء داخلة على ما كان فاعلًا بل على ما كان مفعولًا، فلا يشملها ضابط باء التعدية المتقدم، ولو جعل الأصل دفع بعض الناس بعض، وصك الحجر الحجر بتقديم المفعول لم يرد ذلك. ا. هـ. قوله:"بمعنى أذهبته" ولا فرق بينهما خلافًا لمن فرق باقتضاء ذهبت بزيد المصاحبة في الذهاب بخلاف أذهبت زيدًا، ومما يرده قوله تعالى:{ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ} [البقرة: 17]، وإن أجيب عن الآية بأنه يجوز أن يكون تعالى وصف نفسه بالذهاب على معنى يليق كما وصف نفسه تعالى بالمجيء في قوله تعالى:{وَجَاءَ رَبُّكَ} [الفجر: 22] ؛ لأنه ظاهر البعد. نعم ممن فرق صاحب الكشاف حيث قال: والفرق بين أذهبه، وذهب به أن معنى أذهبه أزاله وجعله ذاهبًا ويقال: ذهب به إذا استصحبه ومضى معه، وذهب السلطان بماله أخذه، ثم قال: والمعنى أخذ الله نورهم وأمسكه. ا. هـ. قال الشمني: ولا يخفى ما في قول الزمخشري، والمعنى إلخ من الجواب عن الآية بحملها على معنى آخر لذهب مع الباء لا محذور في نسبته إلى الله تعالى أصلًا.
قوله: "التعويض إلخ" المناسب لقوله باء البدل أن يقول باء العوض، والفرق بين باء التعويض، وباء البدل كما قاله سم أن في باء التعويض مقابلة شيء بشيء بأن يدفع شيء من أحد الجانبين. ويدفع من الجانب الآخر شيء في مقابلته، وفي باء البدل اختيار أحد الشيئين على الآخر فقط من غير مقابلة من الجانبين، وقيل: باء البدل أعم مطلقًا وهو ما استظهره في الهمع، فتكون هي الدالة على اختيار شيء على آخر أعم من أن يكون هناك مقابلة أولًا، والأول أشهر وأوفق بصنيع الشارح. قوله:"نحو أمسكت بزيد إلخ" فيه لف ونشر مرتب، فمعنى أمسكت بزيد قبضت على شيء من جسمه، أو ما يحسبه من ثوب أو نحوه، ولهذا كان أبلغ من أمسكت زيدًا؛ لأن معناه المنع من الانصراف بأي وجه كان، ومعنى مررت بزيد ألصقت مروري بمكان يقرب منه قاله في المغني، ونازع الدماميني في كون الإلصاق في صورة القبض على نحو الثوب حقيقي، واستظهر أنه مجاز بجعل إلصاق الإمساك بالثوب إلصاقًا بزيد لما بينهما من المجاورة، وقد يعدى المرور بعلى، فتكون للاستعلاء المجازي كأن المارّ بمجاوزته المرور به استعلى عليه. قوله:"وهذا المعنى لا يفارقها" التزامه يحوج في بعض الأماكن إلى تكلف، كما في:{ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ} وبالله لأفعلن. قوله: "نحو اهبط بسلام" ونحو فسبح بحمد ربك بناء على أن المصدر مضاف لمفعوله أي مع حمدك ربك، وقيل: للاستعانة بناء على أنه مضاف لفاعله أي بما حمد الرب به نفسه قاله في المغني.