الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إعمال اسم الفاعل:
كفعله اسم فاعل في العمل
…
إن كان عن مضيه بمعزل
ــ
إعمال اسم الفاعل:
"كفعله فاعل في العمل" واسم الفاعل هو الصفة الدالة على فاعل جارية في التذكير والتأنيث على المضارع من أفعالها لمعناه أو معنى الماضي، كذا عرفه في التسهيل. فالصفة جنس. والدالة على فاعل لإخراج اسم المفعول وما بمعناه. وجارية في التذكير والتأنيث على المضارع من أفعالها لاخراج الجارية على الماضي نحو فرح. وغير الجارية نحو كريم. وفي التذكير والتأنيث لإخراج نحو أهيف فإنه لا يجري على المضارع إلا في التذكير. ولمعناه أو معنى لإخراج نحو ضامر الكشح من الصفة المشبهة
ــ
إعمال اسم الفاعل:
قوله: "في العمل" أي عمل التعدي إن كان فعله متعديا وعمل اللزوم إن كان فعله لازما، وإنما قال في العمل لمخالفة اسم الفاعل الفعل في جواز إضافته لمعموله ودخول اللام على معموله المتأخر بخلاف الفعل فيهما وفي أنه يصح أن يقع هو ومعطوف عليه خبرا عن مثنى أو وصفا له فيمتنع تقديم معموله عليه نحو هذان ضارب زيدا ومكرمه، وجاء رجلان ضارب زيدا ومكرمه بخلاف الفعل والجار والمجرور متعلق بالاستقرار الذي تعلق به الكاف أو بالكاف لما فيها من معنى التشبيه بناء على القول بجواز التعلق بالحرف الذي فيه معنى الفعل كما مر بيانه في باب حروف الجر. قوله:"على فاعل" أي فاعل حدث تلك الصفة. قوله: "جارية" أي في مطلق الحركات والسكنات ولو بحسب الأصل كما في يقوم وقائم حال من الصفة أو من ضميرها في الدالة وقوله في التذكير والتأنيث أي في حالتيهما. قوله: "لمعناه" أي مفيدة لمعنى المضارع من حال أو استقبال ومثلهما الاستمرار التجددي كما تقدم في باب الإضافة. قوله: "وما بمعناه" كفعيل بمعنى مفعول وكالمصدر الذي بمعنى مفعول نحو الدرهم ضرب الأمير أي مضروبه. والحكم على هذا بالخروج الذي هو فرع من الدخول لأنه صفة تأويلا فيكون داخلا في الجنس وكفعلة بضم الفاء وسكون العين كضحكة بسكون الحاء أي مضحوك عليه فإن فتحت العين كان بمعنى الفاعل كضحكة بفتح الحاء أي ضاحك على غيره وكذا همزة لمزة. قال الكرماني في شرحه على البخاري وهذه قاعدة كلية. قوله: "وغير الجارية" أي على شيء من الأفعال.
قوله: "نحو كريم" أي ونحو ضراب وضروب ومضراب. قوله: "إلا في التذكير" أي لأن مؤنثه هيفاء. قوله: "لإخراج نحو ضامر الكشح إلخ" أي لأن الصفة المشبهة للاستمرار الدوامي. قوله: "من الصفة المشبهة" أي الجارية على المضارع في الحركات والسكنات وإلا ففرح وكريم وأهيف أيضا صفات مشبهة ولا تنافي بين ما هنا من إخراج نحو فرح وكريم وأهيف من اسم الفاعل وما سيأتي في أبنية أسماء الفاعلين من أنها أسماء فاعلين لأن ما هنا باعتبار اصطلاحهم
وولي استفهامًا أو حرف ندا
…
أو نفيًا أو جا صفة أو مسندا
ــ
ويعمل اسم الفاعل عمل فعله في التعدي واللزوم "إن كان عن مضيه بمعزل" بأن كان بمعنى الحال أو الاستقبال لأنه إنما عمل حملًا على المضارع وهو كذلك "وولى" ما يقربه من الفعلية بأن ولى "استفهامًا" ملفوظًا به نحو أضارب زيد عمرًا. وقوله:
أمنجز أنتمو وعدًا وثقت به
أو مقدر نحو مهين زيد عمرًا أم مكرمه "أو حرف ندا" نحو يا طالعًا جبلًا. والصواب أن النداء ليس من ذلك والمسوغ إنما هو الاعتماد على الموصوف المقدر والتقدير يا رجلًا طالعًا جبلًا "أو نفيًا" نحو ما ضارب زيد عمرًا "أو جا صفة" إما مذكور نحو مررت برجل قائد بعيرًا، ومنه الحال نحو جاء زيد راكبًا فرسًا أو محذوف وسيأتي "أو مسندًا" لمبتدأ أو لما أصله المبتدأ نحو زيد مكرم عمرًا وإن زيدًا مكرم عمرًا، فإن تخلف شرط من هذين لم يعمل بأن كان بمعنى الماضي خلافًا للكسائي ولا حجة له في:
ــ
المشهور وما سيأتي باعتبار اصطلاح آخر لهم أيضا. قوله: "إن كان عن مضيه" أي مضي حدثه بمعزل أي في مكان عزل أي إبعاد والمكان هنا مجازي بمعنى التركيب ومن مضيه متعلق بمعزل لأنه وإن كان اسم مكان يصح تعلق الظرف به لأنه يكتفي بما فيه رائحة الفعل فهو كقولك: رأيت مدخلك إلى الدار فبطل منع البعض صحة تعلقه بمعزل واستغنى عما تكلفه فيه. قوله: "بأن كان بمعنى الحال أو الاستقبال" مثل ذلك ما إذا كان بمعنى الاستمرار التجددي كما تقدم وكلام الناظم شامل له. قوله: "وهو" أي المضارع كذلك أي بمعنى الحال أو الاستقبال. قوله: "نحو مهين" أي أمهين بدليل أم، وفي نسخ ترك ذكر الاستفهام المقدر نصها استفهاما نحو أضارب زيدا عمرا وقوله:
أمنجز أنتم وعدا وثقت به
أو حرف نداء. ا. هـ وهذا أولى لسلامته من التكرار مع التنبيه الآتي قبيل قول المصنف وإن يكن صلة أل إلخ. قوله: "والصواب أن النداء ليس من ذلك" أي من مسوغ عمل اسم الفاعل وذلك لأن حرف النداء مختص بالاسم فكيف يكون مقربا من الفعل. وأجيب بأن المصنف لم يدّع أنه مسوغ بل أن الوصف إذا ولى حرف النداء عمل وهذا لا ينافي كون المسوّغ الاعتماد على الموصوف المحذوف وإنما صرح بذلك حينئذٍ مع دخوله في قوله بعد وقد يكون نعت محذوف إلخ لدفع توهم أن اسم الفاعل لا يعمل إذا ولى حرف النداء لبعده عن الفعل. قوله: "أو نفيا" أي أداة نفي ولو تأويلا نحو إنما قائم الزيدان أي ما قام إلا الزيدان سم. قوله: "ومنه الحال" أي لأنه صفة في المعنى فليس المراد بالصفة النعت بل الأعم. قوله: "بأن كان بمعنى الماضي" فلا تقول: أنا ضارب زيدا أمس إذ لا يقال: أنا أضرب زيدا أمس حتى قال بعضهم: لا شيء علي من قال: أنا قاتل زيدا أمس لأنه لا ينصب ماضيا. ا. هـ. فارضي. ثم قال: ولا يقال إن الوصف عمل ماضيا في نحو كان زيد آكلا طعامك لأن الأصل زيد آكل طعامك فلما دخلت كان قصد حكاية
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
{وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ} [الكهف: 18]، فإنه على حكاية الحال. والمعنى يبسط ذراعيه بدليل ما قبله وهو ونقلبهم ولم يقل: وقلبناهم. أو لم يعتمد على شيء مما سبق خلافًا للكوفيين والأخفش. فلا يجوز ضارب زيد أمس.
تنبيهان: الأول هذا الخلاف في عمل الماضي دون أل بالنسبة إلى المفعول به. وأما رفعه الفاعل فذهب بعضهم إلى أنه لا يرفع الظاهر وبه قال ابن جني والشلوبين. وذهب قوم إلى أنه يرفعه وهوظاهر كلام سيبويه واختاره ابن عصفور. وأما المضمر فحكى ابن عصفور الاتفاق على أنه يرفعه. وحكى غيره عن ابن طاهر وابن خروف المنع وهو بعيد. الثاني من شروط أعمال اسم الفاعل المجرد أيضًا أن لا يكون مصغرًا ولا موضوعًا.
ــ
التركيب السابق ذكره ابن إياز. ا. هـ. وقوله قصد حكاية التركيب السابق أي فدخلت كان بعد العمل. قوله: "على حكاية الحال" في حكاية الحال الماضية طريقتان: الأولى وهي المشهورة أن يقدر الفعل الماضي واقعا في زمن المتكلم، الثانية وهي طريقة الأندلسي أن يقدر المتكلم نفسه موجودا في زمن وقوع الفعل والتعبير على كل بما للحال. قال بعضهم لا حاجة إلى تكلف الحكاية لأن حال أهل الكهف مستمر إلى الآن فيجوز أن يلاحظ في باسط الحال فيكون عاملا وفي كلامهم ما يؤيده.
تنبيه: في النكت أن دلالة اسم الفاعل على التجدد أغلبية ومن غير الغالب نحو مستقر ودائم. قوله: "بدليل ما قبله" وبدليل أن الواو في وكلبهم حالية إذ يحسن جاء زيد وأبوه يضحك ولا يحسن وأبوه ضحك. قوله: "فلا يجوز ضارب زيدا أمس" أي لانتفاء الشرطين الاعتماد وكونه لغير الماضي فهو تفريع على قوله فإن تخلف شرط من هذين لم يعمل لأنه يعلم منه بالأولى عدم العمل إذا تخلف كلا الشرطين وفي نسخ إسقاط أمس فيكون عدم الجواز لتخلف الاعتماد فهو تفريع على القريب منه أعني قوله أو لم يعتمد على شيء مما سبق. وبما قررناه على زيادة أمس علم سقوط قول البعض: كان الأولى بل الصواب حذف أمس كما يظهر. ا. هـ. لأنه مبني على أن قوله: فلا يجوز ضارب زيدا أمس تفريع على قوله: أو لم يعتمد على شيء وقد علمت أن الأمر ليس كذلك فتفطن. وعبارة الهمع ضارب زيدا عندنا. قوله: "هذا الخلاف" أي الذي بين الجمهور والكسائي. قوله: "دون أل" حال من الماضي أما الماضي المقرون بأل فلا خلاف في عمله كما سيأتي في كلام الناظم.
قوله: "إلى أنه يرفعه" قال السيوطي: وهو الأصح لكن بشرط اعتماده على نفي أو استفهام أو موصوف أو مسند إليه، وحينئذٍ فشرط عمل الرفع في الظاهر الاعتماد لا كونه بمعنى المضارع. وقول المغني: إن اشتراط الجمهور الاعتماد وكون الوصف بمعنى الحال أو الاستقبال إنما هو للعمل في المنصوب يعني به اشتراطهم مجموع الأمرين وإلا فالاعتماد شرط عند الجمهور للعمل في المرفوع أيضا كذا قال الدماميني والشمني. قوله: "وأما المضمر" أي البارز وأما المستتر فيرفعه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
خلافًا للكسائي فيهما لأنهما يختصان بالاسم فيبعدان الوصف عن الفعلية ولا حجة له في قول بعضهم: أظنني مرتحلًا، وسويرًا فرسخًا. لأن فرسخًا طرف يكتفي برائحة الفعل. وقال بعض المتأخرين: إن لم يحفظ له مكبر جاز كما في قوله:
ترقرق في الأيدي كميت عصيرها
حيث رفع عصيرها بكميت. ولا حجة له أيضًا على إعمال الموصوف في قوله:
717-
إذا فاقد خطباء فرحين رجعت
…
ذكرت سليمي في الخليط المزايل
ــ
بلا خلاف كما في التصريح. قوله: "المجرد" أي من أل أما المقرون بها فليس ما ذكر شرطا فيه. قوله: "ولا موصوفا" أي لا قبل العمل ولا بعده على ما هو ظاهر كلام ابن عصفور واختاره الناظم كما قاله الدماميني وسيذكر الشارح قولين آخرين. والصحيح كما في المغني التفصيل. قوله: "خلافا للكسائي فيهما" محل الخلاف إنما هو في عمله في المفعول به كما أفاده الدماميني فلا يصح استدلال المخالف بقوله كميت عصيرها لأنه ليس من عمله في المفعول به مع أن في كون كميت اسم فاعل مصغرا نظرا ظاهرا فاعرفه. ونسب في الهمع اعمال المصغر إلى الكوفيين إلا الفراء. وعبارته وقال الكوفيون إلا الفراء ووافقهم النحاس يعمل مصغرا بناء على مذهبهم أن المعتبر شبهه الفعل في المعنى لا الصورة. قال ابن مالك في التحفة: وهو قوي بدليل اعماله محوّلا للمبالغة اعتبارا بالمعنى لا للصورة وقاسه النحاس على التكسير. ا. هـ. قوله: "لأنهما يختصان بالاسم" عورض بأن التثنية والجمع من خصائص الأسماء مع أنهما لا يمنعان العمل وما أجيب به من أنهما جاءا بعد استقرار عمله مفردا بخلاف التصغير والنعت تحكم محض. قوله: "يكتفي برائحة الفعل" أي بما فيه معنى الفعل في الجملة بدليل عمل اسم الفاعل بمعنى الماضي فيه. قوله: "ترقرق في الأيدي إلخ" صدره:
فما طعم راج في الزجاج مدامة
الراح والمدامة من أسماء الخمر وجملة ترقرق أي تتلألأ في الأيدي صفة مدامة. وكميت بالجر صفة راح. وروي بالرفع كما ذكره شيخنا ولا شاهد في البيت عليه لأن كميت حينئذٍ خبر مقدم وعصيرها مبتدأ مؤخر. والكميت الذي يخالط حمرته سواد قاله العيني مع زيادة. ويلزم على جعله كميت صفة راح تقديم غير النعت من التوابع عليه مع أن تفرقته بين الصفتين تحكم. وترقرق بفتح التاء مضارع ترقرق الشيء أي تلألأ ولمع حذف منه إحدى التاءين. هذا هو الموافق لما في كتب اللغة وفي الاستشهاد ما مر. قوله: "إذا فاقد إلخ" فاقد فاعل لمحذوف يفسره المذكور أي إذا رجعت فاقد أي امرأة فاقد، خطباء بالمد أي بينة الخطب أي الكرب، فرخين أي
717- البيت من الطويل، وهو لبشر بن أبي خازم في المقاصد النحوية 3/ 560؛ وليس في ديوانه، وبلا نسبة في لسان العرب 3/ 337 "فقد"؛ "وفيه "المباين" بدل "المزايل".
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
إذ فرخين نصب بفعل مضمر يفسره فاقد، والتقدير فقدت فرخين لأن فاقد ليس جاريًا على فعله في التأنيث فلا يعمل؛ إذ لا يقال: هذه امرأة مرضع ولدها لأنه بمعنى النسب. قال في شرح التسهيل: ووافق بعض أصحابنا الكسائي في إعمال الموصوف قبل الصفة لأن ضعفه يحصل بعدها لا قبلها ونقل غيرها أن مذهب البصريين والفراء هو هذا
ــ
ولدين مفعول لفاقد فصل بينهما بالنعت. ورجعت من الترجيع وهو أن يقال عند المصيبة: {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} [البقرة: 156]، والخليط المخالط. والمزايل المباين. قوله:"إذ فرخين" علة للنفي في قوله: ولا حجة.
قوله: "لأن فاقد ليس جاريا على فعله في التأنيث" علة لمحذوف تقديره لا بفاقد لأنه إلخ. قال شيخنا في شرح الجامع للعلوي في باب الصفة المشبهة: إن المراد بالجريان على الفعل كونه للتجدد والحدوث كالفعل وما كان بمعنى النسب ليس كذلك بل هو للثبوت فليس جاريا على الفعل بهذا المعنى وليس المراد بالجريان الموافقة في عدة الحروف والسكنات والحركات وإلا لما صح نفيه عن نحو فاقد ومرضع وحائض لكونها على عدة حروف الفعل وسكناته وحركاته. ومن ثم ذهب بعضهم إلى أن المشبهة لا تكون إلا غير جارية على المضارع لأنها بمعنى الثبوت. وقول الشارح في التأنيث لبيان الواقع لكونه لا يذكر. ا. هـ. فعلم ما في كلام البعض. وقوله: فلا يعمل إشارة إلى نتيجة القياس المحذوف كبراه. ونظم القياس هكذا فاقد ليس جاريا على فعله في التأنيث وما ليس جاريا على فعله في التأنيث لا يعمل ففاقد لا يعمل فهذا القياس المشار إليه دليل على عدم عمل فاقد وقوله: إذ لا يقال إلخ كان عليه أن يجعله نظيرا بأن يقول: كما لا يقال إلخ لاستدلاله على عدم عمل فاقد بما أشار إليه من القياس المنطقي لما بينا فعلم ما في كلام البعض. وقوله لأنه بمعنى النسب جعله البعض علة لعدم جريان فاقد على فعله في التأنيث وهو غير متعين لاحتمال أنه علة لقوله: لا يقال إلخ أي لأن مرضعا بمعنى النسب أي ذات رضيع كفاقد وحائض ومطفل أي ذات فقد وذات حيض وذات طفل. وما بمعنى النسب لا يعمل النصب لما مر ويحتمل أن المراد بعدم جريانه على فعله في التأنيث عدم موافقته إياه في لحوق تاء التأنيث لأنه بمعنى النسب وما دخله معنى النسب لا تدخله تاء التأنيث على ما قاله الشاطبي وعلله بأنه ليس على معنى الفعل العلاجي فهو كحائض وطامث وفيه نظر لكثرة ما أنث بالتاء وليس بعلاجى كخائفة وجميلة. ثم يظهر أن فاقدا ومرضعا يستعملان أيضا لا للنسب بل للاتصاف بالفقد والإرضاع فيؤنثان بالتاء ويعملان. فتأمل ولا يخفى أن الجريان بالمعنيين المذكورين غير الجريان بالمعنى الذي أراده الشارح في تعريف اسم الفاعل الذي هو الموافقة في الحركات والسكنات كما مر.
قوله: "قبل الصفة" أي قبل ذكرها نحو هذا ضارب زيدا عاقل. ومما يؤيد هذا التفصيل القياس على ما مر في المصدر وشمل إطلاق قوله قبل الصفة تقدم معمول اسم الفاعل عليه وعلى صفته معا نحو هذا زيدا ضارب أي ضارب والذي في الهمع أن المخالف في منعه الكسائي
وقد يكون نعت محذوف عرف
…
فيستحق العمل الذي وصف
وإن يكن صلة ففي المضي
…
وغيره إعماله قد ارتضي
ــ
التفصيل وأن مذهب الكسائي وباقي الكوفيين إجازة ذلك مطلقًا "وقد يكون" اسم الفاعل "نعت محذوف عرف فيستحق العمل الذي وصف" مع المنعوت الملفوظ به نحو: {مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ} [النحل: 69، فاطر: 28]، أي صنف مختلف ألوانه. وقوله:
718-
كناطح صخرة يومًا ليوهنها
أي كوعل ناطح. ومنه: ياطالعًا جبلًا. أي يا رجلًا طالعًا جبلًا.
تنبيه: الاستفهام المقدر أيضًا كالملفوظ نحو مهين زيدًا عمرًا أم مكرمه أي أمهين "وإن يكن" اسم الفاعل "صلة أل ففي المضي وغيره إعماله قد ارتضي" قال في شرح الكافية: بل خلاف، وتبعه ولده لكنه حكى الخلاف في التسهيل فقال: وليس نصب ما بعد المقرون بأل مخصوصًا بالمضي خلافًا للمازني ومن وافقه ولا على التشبيه بالمفعول به خلافًا للأخفش ولا بفعل مضمر خلافًا لقوم على أن قوله قد ارتضي يشعر بذلك. والحاصل أربعة مذاهب المشهور أنه يعمل مطلقًا لوقوعه موقعًا يجب تأويله بالفعل
ــ
وهذا يعارض ما ذكره الشارح من نقل غير المصنف التفصيل عن البصريين والفراء بل قد يعارض نقل المصنف له عن بعض الأصحاب ويمكن أن يقال: المراد قبل الصفة وبعد الموصوف فلا معارضة أصلا. قوله: "وقد يكون نعت محذوف" المراد بالنعت مطلق الوصف فيشمل الحال. قوله: "عرف" أي بقرينة مقالية أو حالية. قوله: "أي كوعل ناطح" بقرينة تمام البيت أعني:
فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل
وهو ككتف وذهب التيس الجبلي. قوله: "إعماله قد ارتضي" أي من غير اشتراط اعتماد كما في التصريح ومن غير اشتراط كونه غير مصغر ولا موصوف كما صرح به ابن معطي في ألفيته. قوله: "وليس نصب ما بعد المقرون بأل" أي لا بقيد كونه ماضيا كما يفيده ما بعده فالأقوال الأربعة في مطلق اسم الفاعل فتأمل. قوله: "خلافا للمازني ومن وافقه" أي حيث خصوا النصب بالمضي أخذا بظاهر تقدير سيبويه اسم الفاعل المقرون بأل بالذي فعل كذا. وأجيب بأن عدم تعرض سيبويه للذي بمعنى المضارع لثبوت العمل له مجردا فيعمل مع أل بالأولى. قوله: "خلافا للأخفش" أي حيث ذهب إلى ما ذكر. قال الدماميني: واللام حينئذٍ حرف تعريف لا
718- عجزه:
فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل
والبيت من البسيط، وهو للأعشى في ديوانه ص111؛ وشرح التصريح 2/ 66؛ والمقاصد النحوية 3/ 529؛ وبلا نسبة في الأغاني 9/ 149؛ وأوضح المسالك 3/ 218؛ والرد على النحاة ص74؛ وشرح شذور الذهب ص501؛ وشرح ابن عقيل ص421.
فعال أو مفعال أو فعول
…
في كثرة عن فاعل بديل
فيستحق ما له من عمل
…
وفي فعيل قل ذا وفعل
ــ
"فعال أو مفعال أو فعول في كثرة عن فاعل بديل" أي كثيرًا ما يحول اسم الفاعل إلى هذه الأمثلة لقصد المبالغة والتكثير "فيستحق ما" كان "له من عمل" قبل التحويل بالشروط المذكورة كقوله:
719-
أخا الحرب لباسًا إليها جلالها
ــ
موصول أما مع اعتقاد أنها موصول فالنصب على المفعولية. قوله: "في كثرة" أي في التنصيص على كثرة المعنى كما أو كيفا كما يؤخذ مما يأتي أما فاعل فمحتمل للقلة والكثرة. قوله: "عن فاعل" متعلق ببديل. قوله: "أي كثيرا ما يحوّل إلخ" أخذ الكثرة من قوله بديل لأنه صيغة مبالغة كما قاله البهوتي وأحسن منه أن يقال أخذها من قوله:
وفي فعيل قل ذا وفعل
وفي كلامه إشارة إلى أن الإبدال بمعنى التحويل وأن في بمعنى اللام متعلقة ببديل. قوله: "لقصد المبالغة والتكثير" أفاد أنها لا تستعمل إلا حيث يمكن التكثير فلا يقال موات ولا قتال زيدا بخلاف قتال الناس. وعطف التكثير على المبالغة تفسيري بين به المراد بالمبالغة هنا وأنها ليست المبالغة البيانية. قوله: "فيستحق ما له من عمل" يفيد أن جميع الأمثلة الخمسة تعمل قياسا وهو الأصح. ا. هـ. شاطبي. وفي التصريح إعمال أمثلة المبالغة قول سيبويه وأصحابه، وحجتهم في ذلك السماع والحمل على أصلها وهو اسم الفاعل لأنها متحولة عنه لقصد المبالغة ولم يجوز الكوفيون إعمال شيء منها لمخالفتها لأوزان المضارع ولمعناه وحملوا المنصوب بعدها على تقدير فعل ومنعوا تقديمه عليها. ويرد عليهم قول العرب: أما العسل فأنا شراب. ا. هـ. وقوله: ولمعناه أي لإفادتها المبالغة دون المضارع وعمل فعال أكثر من عمل الاثنين بعده وعمل فعيل أكثر من عمل فعل كذا في الهمع. وانظر هل هي مستوية في المعنى أو متفاوتة بأن تكون الكثرة المستفادة من فعال مثلا أشد من الكثرة المستفادة من فعول مثلا لم أرَ في ذلك نقلا. وقد يؤخذ من قولهم زيادة البناء تدل على زيادة المعنى أبلغية فعال ومفعال على فعول وفعيل، وأبلغيه هذين على فعل فتدبر. قوله:"بالشروط المذكورة" أي في اسم الفاعل.
قوله: "أخا الحرب" كني به عن ملازمته الحرب. وإلى بمعنى اللام وأراد بجلالها دروعها
719- عجزه:
وليس بولاج الخوالف أعقلا
والبيت من الطويل، وهو للقلاح بن حزن في خزانة الأدب 8/ 157؛ والدرر 5/ 270؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 363؛ وشرح التصريح 2/ 68؛ وشرح المفصل 6/ 79، 80؛ والكتاب 1/ 111؛ ولسان العرب 11/ 83 "ثعل"؛ والمقاصد النحوية 3/ 535؛ وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب 1/ 319؛ وأوضح المسالك 3/ 220؛ وشرح شذور الذهب ص504؛ وشرح ابن عقيل ص423؛ والمقتضب 2/ 113؛ وهمع الهوامع 2/ 96.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وحكى سيبويه: أما العسل فأنا شراب. وكقول بعض العرب: إنه لمنحار بوائكها. حكاه أيضًا سيبويه. وكقوله:
720-
ضروب بنصل السيف سوق سمانها
وكقوله:
721-
عشية سعدى لو تراءت لراهب
…
بدومه تجر دونه وحجيج
قلى دينه واهتماج للشوق إنها
…
على الشوق إخوان العزاء هيوج
"وفي فعيل قل ذا وفعل" كقوله:
ــ
والإضافة لأدنى ملابسة. قوله: "بوائكها" جمع بائكة وهي الناقة الحسنة. قوله: "بنصل السيف" أي شفرته سوق سمانها الضمير للإبل والسوق جمع ساق ولعلهم كانوا يفعلون ذلك لإضعاف قوة الإبل ثم يذبحونها. قوله: "عشية" منصوب على الظرفية مضاف إلى الجملة بعده وبدومة صفة لراهب ودومة بضم الدال وفتحها موضع بين الشام والعراق وتسمى دومة الجندل. تجر جمع تاجر مبتدأ سوغ الابتداء به العطف عليه خبره دونه والجملة صفة ثانية لراهب. والذي في شواهد العيني عنده بدل دونه. وحجيج جمع حاج. قلى أي أبغض جواب الشرط. واهتاج أي ثار ونصب إخوان العزاء أي الصبر على المفعولية لهيوج قاله العيني. وما ذكره من أن تجرا وحجيجا جمعا تاجر وحاج وإن تبعه عليه البعض وغيره ليس على ظاهره بل هما اسما جمع لأن الصحيح أن فعلا وفعيلا ليسا من صيغ الجمع. وهيوج مبالغة هائج من هاج المتعدي يقال: هاج الشيء وهجته يتعدى ولا يتعدى قاله في المصباح. قوله: "وفي فعيل قل ذا" أي الإبدال عن فاعل للكثرة مع بقاء العمل فكلامه في فعيل وفعل المحولين، لا في نحو خبير وبصير ونحو فرح وأشر مما وضع من أول الأمر على فعيل وفعل ولم يكن محولا عن شيء فإنه من الصفة المشبهة.
تنبيه: في الفارضي ما نصه: زاد ابن خروف إعمال فعيل كزيد شريب الخمر بالنصب وأجازه أيضا ابن ولاد حكاه أبو حيان. وشريب من المبالغة سماعا، ومثله كبار وعجاب بمعنى
720- عجزه:
إذا عدموا زادًا فإنك عاقر
والبيت من الطويل، وهو لأبي طالب بن عبد المطلب في خزانة الأدب 4/ 242، 245، 8/ 146، 147، 157؛ والدرر 5/ 271؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 70؛ وشرح التصريح 2/ 68؛ وشرح شذور الذهب ص505؛ وشرح المفصل 6/ 70؛ والكتاب 1/ 111؛ والمقاصد النحوية 3/ 539؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 221؛ وشرح قطر الندى ص275؛ والمقتضب 2/ 114؛ وهمع الهوامع 2/ 97.
721-
البيتان من الطويل، وهما للراعي النميري في ديوانه ص29؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 15، 16؛ ولسان العرب 2/ 395 "هيج"، 14/ 20 "أخا"؛ ولأبي ذؤيب الهذلي في الكتاب 1/ 111؛ وله أو للراعي في المقاصد النحوية 3/ 536؛ وبلا نسبة في شرح ابن عقيل ص423.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
722-
فتاتان أما منهما فشبيهة
…
هلالًا والأخرى منهما تشبه البدرا
وكقوله:
723-
أتاني أنهم مزقون عرضي
وقوله:
724-
حذر أمورًا لا تضير وآمن
…
ما ليس منجيه من الأقدار
أنشده سيبويه. والقدح فيه من وضع الحاسدين. ومما استدل به سيبويه أيضًا على إعمال فعل قول لبيد:
725-
أو مسحل شنج عضادة سمحج
…
بسراته ندب لها وكلوم
ــ
عجيب، وذكر بعضهم أن صفات الله تعالى التي هي على صيغة المبالغة مجاز لأن المبالغة تكون في صفات تقبل الزيادة والنقصان وصفات الله تعالى منزهة عن ذلك. وفي الكشاف المبالغة في التواب على كثرة من يتوب عليه. والجمهور أن الرحمن أبلغ من الرحيم قال السهيلي: لأنه على صيغة التثنية والتثنية تضعيف فكأن البناء تضاعفت فيه الصفة. وابن الأنباري أن الرحيم أبلغ لأنه جاء على صيغة الجمع كعبيد وذهب قطرب إلى أنهما سواء. ا. هـ. بحروفه. وقد أشبعنا الكلام على الرحمن والرحيم في رسالة البسملة الكبرى. قوله: "أما منهما" أي واحدة منهما. قوله: "وآمن ما ليس منجيه" لعل المعنى وآمن أمنا ليس منجيه من الأقدار بل موقع له في مصائبها كما هو شأن المفرط. قوله: "والقدح فيه من وضع الحاسدين" قال العيني: زعم أبو يحيى اللاحقي أن سيبويه سأله هل تعدى العرب فعلا بفتح الفاء وكسر العين؟ قال: فوضعت له هذا البيت ونسبته إلى العرب
722- البيت من الطويل، وهو لعبد الله بن قيس الرقيات في المقاصد النحوية 3/ 542؛ وليس في ديوانه، وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 222؛ وشرح عمدة الحافظ ص680.
723-
عجزه:
جحاش الكرملين لها فديد
والبيت من الوافر، وهو لزيد الخيل في ديوانه ص176؛ وخزانة الأدب 8/ 169؛ والدرر 5/ 272؛ وشرح التصريح 2/ 68؛ وشرح شذور الذهب ص507؛ وشرح عمدة الحافظ ص680؛ وشرح المفصل 6/ 73؛ والمقاصد النحوية 3/ 545؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 224؛ وشرح ابن عقيل ص425؛ وشرح قطر الندى ص275؛ والمقرب 1/ 128.
724-
البيت من الكامل، وهو لأبان اللاحقي في خزانة الأدب 8/ 169؛ ولأبي يحيى اللاحقي في المقاصد النحوية 3/ 543؛ وبلا نسبة في خزانة الأدب 8/ 157؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 409؛ وشرح ابن عقيل ص424؛ وشرح المفصل 6/ 71، 73؛ والكتاب 1/ 113؛ ولسان العرب 4/ 176 "حذر"؛ والمقتضب 2/ 116.
725-
البيت من الكامل، وهو للبيد بن ربيعة في ديوانه ص125؛ وخزانة الأدب 8/ 169؛ وشرح أبيات سبيويه 1/ 24؛ وشرح المفصل 6/ 72؛ ولسان العرب 3/ 293 "عضد"، 11/ 475 "عمل"؛ والمقاصد=
وما سوى المفرد مثله جعل
…
في الحكم والشروط حينما عمل
ــ
تنبيه: أفهم قوله عن فاعل بديل أن هذه الأمثلة لا تبنى من غير الثلاثي وهو كذلك إلا ما ندر. قال في التسهيل: وربما بنى فعال ومفعال وفعيل وفعول من أفعل، يشير إلى قولهم دراك وسآر من أدرك وأسأر إذا أبقى في الكأس بقية، ومعطاء ومهوان من أعطى وأهان، وسميع ونذير من أسمع وأنذر، وزهوق من أزهق. ا. هـ. "وما سوى المفرد" وهو المثنى والمجموع "مثله جعل" أي جعل مثل المفرد "في الحكم والشروط حينما عمل" فمن إعمال المثنى قوله:
726-
الشاتمي عرضي ولم أشتمهما
…
والناذرين إذا لم ألقهما دمي
ومن إعمال المجموع قوله:
727-
ثم زادوا أنهم في قومهم
…
غفر ذنبهم غير فخر
ــ
وأثبته سيبويه في كتابه. ا. هـ. قوله: "أو مسحل" بكسر الميم وسكون السين المهملة وفتح الحاء المهملة الحمار الوحشي. شنج بفتح الشين المعجمة وكسر النون وبالجيم أي منقبض مجتمع والمراد به هنا ملازم عضاده. قال في المصباح العضادة بالكسر جانب العتبة من الباب. ا. هـ. والمراد بها هنا الجانب. سمحج بسين مهملة مفتوحة فميم فحاء مهملة مفتوحة فجيم أي أتان طويلة الظهر ولا يقال للذكر. بسراته بفتح السين المهملة أي ظهره. ندب بفتح فسكون اسم جمع ندبة وهي كما في القاموس أثر الجرح الباقي على الجلد قال. والجمع ندب وأنداب وندوب. ا. هـ. وكلوم جمع كلم وهو الجرح.
قوله: "لا تبنى من غير الثلاثي" لأن اسم فاعل غير الثلاثي لا يكون على فاعل سم. قوله: "إلا ما ندر" منه شبيهة في البيت السابق لأنه من أشبه. قوله: "وهو المثنى والمجموع" أي من اسم الفاعل وأمثلة المبالغة كما يعلم من الشواهد. وإنما لم يمنع تثنيته وجمعه عمله كالمصدر لأنه أقرب إلى الفعل من المصدر لدلالته على الحدث والزمان بخلاف المصدر فإنه لا يدل على الزمان إلا لزوما كذا قيل. وفيه نظر ظاهر لأن دلالة اسم الفاعل على الزمان أيضا لزومية كما صرحوا به في تعريفهم مطلق الاسم بأنه كلمة دلت على معنى في نفسه غير مقترن وضعا بزمان. وأما قولهم اسم الفاعل حقيقة في الحال فمعناه كما حققه السيد الصفوي أنه حقيقة في المتلبس بالحدث بالفعل ويلزم ذلك الحال. قوله: "والشاتمي عرضي إلخ" أراد بهما حصينا ومرة ابني
ــ
= النحوية 3/ 513؛ ولعمرو بن أحمر في الكتاب 1/ 112؛ وليس في ديوانه.
726-
البيت من الكامل، وهو لعنترة في ديوانه ص222؛ والأغاني 9/ 212؛ وشرح التصريح 2/ 69؛ والشعر والشعراء 1/ 259؛ والمقاصد النحوية 3/ 551؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 225.
727-
البيت من الرمل، وهو لطرفة بن العبد في ديوانه ص55؛ وخزانة الأدب 8/ 188؛ والدرر 5/ 274؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 68؛ وشرح التصريح 2/ 69؛ وشرح عمدة الحافظ ص682؛ وشرح المفصل 6/=
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وقوله:
728-
أوالفًا مكة من ورق الحمي
وقوله:
729-
ممن حملن به وهن عواقد
…
حبك النطاق فشب غير مهبل
ــ
ضمضم كانا يشتمانه وينذران على أنفسهما قتله إذا لقياه يقولان ذلك في الخلاء فإذا لقياه أمسكا عن ذلك هيبة له. وشتم من بابي ضرب ونصر. ودمي مفعول الناذرين على تقدير مضاف أي سفك دمي. قوله: "غفر" بضم الغين المعجمة والفاء جمع غفور. وفخر بضم الفاء والخاء المعجمة جمع فخور أي غير مفاخرين أو بضم الفاء والجيم جمع فجور أي غير كاذبين. والإضافة في ذنبهم لأدنى ملابسة. قوله: "من ورق الحمي" الورق جمع ورقاء وهي التي يضرب بياض لونها إلى سواد. والحمي بفتح الحاء وكسر الميم أصله الحمام حذفت الميم الأخيرة ثم قلبت الألف ياء والفتحة كسرة للروي وقيل غير ذلك.
قوله: "ممن حملن به" أي هو ممن حملت به النساء المعلومة من السياق وإن لم يتقدم ذكرهن. وضمن حمل معنى علق فعداه بالباء ولولا ذلك لعداه بنفسه مثل حملته أمه كرها. وحبك النطاق أطرافه جمع حباك جمع حبيكة. والنطاق كما في المصباح شبه إزار تلبسه المرأة وقيل ثوب تلبسه المرأة ثم تشد وسطها بحبل وترسل الأعلى على الأسفل. والمهبل بتشديد الموحدة المفتوحة المعتوه وقيل من هبله اللحم إذا كثر عليه. يعني أن الممدوح حملت به أمه وهي غير مستعدة للوطء بل مكرهة عليه. والعرب تزعم أن المرأة إذا وطئت مكرهة جاء الولد نجيبا ومن كلام بعضهم: إذا أردت أن تنجب المرأة أي تأتي بالولد نجيبا فأغضبها عند الجماع، وكأن السر فيه أن ذلك يسكر سورة شهوتها فلا يكون لها في الولد حظ كامل ويكون كمال الحظ لأبيه
ــ
= 74، 75؛ والكتاب 1/ 113؛ والمقاصد النحوية 3/ 548؛ ونوادر أبي زيد ص110؛ وبلا نسبة أمالي ابن الحاجب ص357؛ وأوضح المسالك 3/ 227؛ وشرح ابن عقيل ص426؛ وهمع الهوامع 2/ 97.
728-
الرجز للعجاج في ديوانه 1/ 453؛ والدرر 3/ 49؛ وشرح ابن عقيل ص425؛ والكتاب 1/ 26، 110؛ ولسان العرب 15/ 293 "منى"؛ ما ينصرف وما لا ينصرف ص51؛ والمحتسب 1/ 78؛ والمقاصد النحوية 3/ 554، 4/ 285؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 1/ 294؛ والإنصاف 2/ 519؛ والخصائص 3/ 135؛ والدرر 6/ 244؛ ورصف الهوامع 1/ 181، 2/ 157.
729-
البيت من الكامل، وهو لأبي كبير الهذلي في الإنصاف 2/ 489؛ وخزانة الأدب 8/ 192، 192، 194؛ وشرح أشعار الهذليين 3/ 1072؛ وشرح ديوان الماس للمرزوقي ص85؛ وشرح شواهد المغني 1/ 227، 2/ 963؛ وشرح المفصل 6/ 74؛ والشعر والشعراء 2/ 675؛ والكتاب 1/ 109؛ ولسان العرب 11/ 688 "هبل" والمقاصد النحوية 3/ 558؛ وبلا نسبة في رصف المباني ص356؛ ومغني اللبيب 2/ 686.
وانصب بذي الإعمال تلوًا واحفض
…
وهو لنصب ما سواه مقتضي
ــ
ومنه: {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ} [الأحزاب: 35]، {هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ} [الزفر: 38] ، "وانصب بذي الإعمال تلوًا واحفض" بالإضافة وقد قرئ بالوجهين:{إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ} [الطلاق: 3]، {هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ} [الزمر: 38] ، "وهو لنصب ما سواه" أي ما سوى التلو "مقتضي" نحو:{وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا} [الأنعام: 96]، على تقدير حكاية الحال:{إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} [البقرة: 30] ، وهذا معطي زيد درهمًا ومعلم بكر عمرًا قائمًا.
تنبيهات: الأول يتعين في تلو غير العامل الجر بالإضافة كما أفهمه كلامه. وأما غير التلو فلا بد من نصبه مطلقًا، نحو هذا معطي زيد أمس درهمًا، ومعلم بكر أمس خالدًا قائمًا. والناصب لغير التلو في هذين المثالين ونحوهما فعل مضمر. وأجاز السيرافي النصب
ــ
فيكون للولد تمام الرجولية. ا. هـ. دماميني مع بعض زيادة من العيني.
فائدة: يجوز تقديم معمول اسم الفاعل عليه نحو هذا زيدا ضارب إلا أن جر بمضاف أو حرف غير زائدة فيمتنع نحو هذا زيدا غلام قاتل ومررت زيدا بضارب دون ليس زيدا عمرا بضارب. ومنع بعضهم الأخير. واستثنى قوم من المضاف لفظة غير ومثل وأول وحق كما مر في باب الإضافة. ويجوز تقديم معموله على مبتدئه نحو زيدا هذا ضارب. كذا في الهمع. قوله: "وانصب بذي الأعمال" أي بالوصف ذي عمل النصب. ويؤخذ منه أنه لا يضاف للفاعل وإنما يضاف للمفعول. وحكي إضافته للخبر في أنا كائن أخيك كما قاله ابن هشام. قوله: "واخفض" أي بذي الأعمال تلوا فحذف من الثاني لدلالة الأول. قوله: "بالإضافة" أي بسببها ليجري على الصحيح. قوله: "وقد قرىء بالوجهين" أي في السبع. قوله: "وهو لنصب ما سواه مقتضى" أي إن لم يكن فاعلا وإلا وجب رفعه كهذا ضارب زيدا أبوه ولم يكن التلو مما يجوز الفصل به بين المتضايفين وإلا جاز خفض ما سوى التلو كهذا معطي درهما زيد. ولم ينبه المصنف على ذلك كله لظهور من مواضعه. قوله: "ما سواه" أي وإن لم يكن التلو مضافا إليه ولهذا مثل الشارح بأني جاعل في الأرض خليفة. قوله: "على تقدير حكاية الحال" جواب عما يقال جاعل بمعنى الماضي فلا يعمل وبحث فيه بعضهم بأن الجعل مستمر فيجوز أن يلاحظ فيه الحال ولا يحتاج إلى تكلف الحكاية وفي التصريح ما يؤيده. قوله: "الجر بالإضافة" أي إن لم يكن فاعلا وإلا وجب رفعه عند الجمهور نحو هذا ضارب أبوه أمس فلا يجوز ضارب أبيه عندهم وسيذكر الشارح الخلاف قبيل الخاتمة. وقوله كما أفهمه كلامه أي حيث قال بذي الإهمال.
قوله: "وأما غير التلو فلا بدّ من نصبه مطلقا" هذا مقابل التلو في قول الشارح يتعين في تلو غير العامل بقرينة التمثيل بغير العامل. فالمعنى وأما غير تلو غير العامل وحينئذٍ فالمراد بالإطلاق عدم تقييد غير التلو بأن يكون واحدا أو أكثر بقرينة التمثيل أيضا. قوله: "فعل مضمر" لا اسم الفاعل المذكور لعدم عمله ولا اسم فاعل مقدر كما قيل لأنه بمعنى المذكور وهو غير عامل.
واجرر أو انصب تابع الذي انخفض
…
كمبتغي جاه ومالًا من نهض
ــ
باسم الفاعل لأنه اكتسب بالإضافة إلى الأول شبها بمصحوب الألف واللام وبالمنون. ويقوي ما ذهب إليه قولهم هو ظان زيد أمس قائمًا فقائمًا يتعين نصبه بظان لأن ذلك لو أضمر له ناصب لزم حذف أو مفعوليه وثاني مفعولي ظان وذلك ممتنع؛ إذ لا يجوز الاقتصار على أحد مفعولي ظن، وأيضًا فهو مقتض له فلا بد من عمله فيه قياسًا على غيره من المقتضيات. ولا يجوز أن يعمل فيه الجر لأن الإضافة إلى الأول منعت الإضافة إلى الثاني تعين النصب للضرورة. الثاني ما ذكره من جواز الوجهين هو في الظاهر، أما المضمر المتصل فيتعين جره بالإضافة نحو هذا مكرمك. وذهب الأخفش وهشام إلى أنه في محل نصب كالهاء من نحو الدرهم زيد معطيكه وقد سبق بيانه في باب الإضافة. الثالث فهم من تقديمه النصب أنه أولى وهو ظاهر كلام سيبويه لأنه الأصل. وقال الكسائي: هما سواء. وقيل: الإضافة أولى للخفة "واجرر أو انصب تابع الذي انخفض" بإضافة
ــ
قوله: "شبها بمصحوب الألف واللام" أي من حيث امتناع التنوين في كل أي ومصحوب الألف واللام يعمل ولو كان بمعنى الماضي. وقوله: وبالمنوّن أي من حيث إنه لا يضاف. وكان الصواب إسقاط هذا لأن اسم الفاعل المنون إذا كان بمعنى المضي لا ينصب المفعول بل تجب إزالة التنوين منه وإضافته إلى ما بعده فمشابهته لا تؤثر عمل النصب. قوله: "أول مفعوليه" أي مفعولي الناصب المضمر. قوله: "إذ لا يجوز الاقتصار إلخ" اعترض بأن الحذف هنا اختصاري لا اقتصاري لدلالة المذكور من مفعولي كل من الناصب المضمر وظان على المحذوف من مفعولي الآخر على أن ابن هشام صرح في نحو زيدا ظننته قائما بأنه لا يقدر مفعول ثان لظن المحذوفة نقله عنه يس. فعلى هذا لا يقدر مفعول ثان لظان فتدبر.
قوله: "وأيضا فهو مقتض له" أي طالب له في المعنى وضعف بأن الاقتضاء لا يكفي إلا مع المشابهة القوية بالفعل الذي هو الأصل في العمل وهي غير موجودة فيما نحن فيه فبطل القياس قاله زكريا. قال سم: ولك دفعه بأنه إنما يكون الاقتضاء غير كاف بالنسبة للنصب على المفعولية أصالة والنصب هنا ضرورة لتعذر الجر فكان النصب عوضا من الجر لا بالأصالة. قوله: "فيتعين جره" أي كونه في محل جر بإضافة الوصف إليه وإن كان في محل نصب أيضا بسبب كونه مفعولا في المعنى، فالمراد بتعين الجر كونه ليس في محل نصب فقط وهذا مذهب سيبويه وأكثر المحققين، ويدل له حذف التنوين أو النون من الوصف. قوله:"كالهاء من نحو إلخ" يفرق بأن الهاء في المقيس عليه مفصولة بالكاف فلم يتأت الجر بخلاف الكاف في نحو مكرمك. قوله: "واجرر أو انصب إلخ" أي في غير نحو الضارب الرجل وزيدا فيتعين في نحو هذا نصب التابع لعدم صحة إضافة الوصف المحلي بأل إليه كما سبق. هذا ما مشى عليه في التسهيل ومذهب سيبويه الجواز، وأيد بأنه قد يغتفر في التابع ما لا يغتفر في المتبوع كرب شاة
وكل ما قرر لاسم فاعل
…
يعطى اسم مفعول بلا تفاضل
ــ
الوصف العامل إليه "كمبتغي جاهٍ ومالًا" ومال "من نهض" فالجر مراعاة للفظ جاه، والنصب مراعاة لمحله. ومنه قوله:
730-
هل أنت باعث دينار لحاجتنا
…
أو عبد رب أخا عون بن مخراق
فعبد نصب عطفًا على محل دينار وهو اسم رجل. قال الناظم: ولا حاجة إلى تقدير ناصب غير ناصب المعطوف عليه وإن كان التقدير قول سيبويه، وعلى قوله فهل يقدر فعل لأنه الأصل في العمل أو وصف منون لأجل المطابقة قولان. ولو جر عبد رب لجاز. فإن كان الوصف غير عامل يتعين إضمار فعل للمنصوب نحو:{وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا} [الأنعام: 96] ، إذا لم يرد حكاية الحال أي وجعل الشمس والقمر حسبانًا "وكل ما قرر لاسم فاعل" من الشروط "يعطى اسم مفعول" وهو ما دل على الحدث
ــ
وسخلتها، وخرج بتابع الذي انخفض تابع المنصوب فلا يجوز جره خلافا للبغداديين لأن شرط الاتباع على المحل أن يكون بالأصالة والأصل في الوصف المستوفي شروط العمل إعماله لا إضافته لإلحاقه بالفعل. والمراد بالتابع ما يشمل سائر التوابع والمثال لا يخصص وأشار بتقديم الجر إلى أرجحيته.
قوله: "مراعاة للفظ جاه" المراد باللفظ ما يشمل المقدر في نحو مبتغى الفتى والفتاة بقرينة مقابلته بالمحل. وما قاله البعض لا يستقيم فانظره. قوله: "وإن كان التقدير قول سيبويه" لأن شرط العطف على المحل عنده وجود المحرز أي الطالب لذلك المحل وهو هنا غير موجود لأن اسم الفاعل إنما يعمل النصب حيث كان منونا أو بأل أو مضافا إلى أحد مفعوليه أو مفاعيله فنحو ضارب في قولك ضارب زيد وعمرا ليس طالبا لنصب زيد بل لجره. قوله: "لأجل المطابقة" أي مطابقة المحذوف للملفوظ ولأن حذف المفرد أقل كلفة من حذف الجملة. قوله: "قولان" أرجحهما الثاني كما قاله يس لما علمت. قوله: "لجاز" بل هو الأرجح. قوله: "إذا لم يرد حكاية الحال" فإن أريد جاز النصب بالعطف على محل المجرور لأن الوصف عامل حينئذٍ ولا يحتاج إلى إضمار ناصب إلا على قول سيبويه المتقدم. قوله: "أي وجعل الشمس إلخ" إنما سكت عن نصب سكنا لعلمه من قوله سابقا وأما غير التلو فلا بد من نصبه إلخ. ولك أن تقول تقدير ناصب سكنا يغني عن تقدير ناصب ما بعد سكنا لعطفه حينئذٍ على معمول ناصب سكنا المقدر والعامل في المعطوف هو العامل في المعطوف عليه. قوله: "وكل ما قرر إلخ" أي كل
730- البيت من البسيط وهو لجابر بن وألان أو لجرير أو لتأبط شرًّا أو هو مصنوع في خزانة الأدب 8/ 215؛ ولجرير بن الخطفي، أو لمجهول أو هو مصنوع في المقاصد النحوية 3/ 513؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 256؛ والدرر 6/ 192؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 395؛ وشرح ابن عقيل ص428؛ والكتاب 1/ 171؛ وهمع الهوامع 2/ 145.
فهو كفعل صيغ للمفعول في
…
معناه كالمعطى كفافًا يكتفي
وقد يضاف ذا إلى اسم مرتفع
…
معنى كمحمود المقاصد الورع
ــ
ومفعوله "بلا تفاضل" فإن كان بأل عمل مطلقًا وإلا اشترط الاعتماد وأن يكون للحال أو الاستقبال فإذا استوفى ذاك "فهو كفعل صيغ للمفعول في معناه" وعمله، فإن كان متعديًا لواحد رفعه بالنيابة، وإن كان متعديًا لاثنين أو ثلاثة رفع واحدًا بالنيابة ونصب ما سواه، فالأول نحو زيد مضروب أبوه فزيد مبتدأ ومضروب خبره وأبوه رفع النيابة. والثاني "كالمعطى كفافًا يكتفي" فالمعطى مبتدأ. وأل فيه موصول صلته معطى، وفيه ضمير يعود إلى أل مرفوع المحل بالنيابة وهو المفعول، الأول وكفافًا المفعول الثاني ويكتفي خبر المبتدأ. والثالث نحو زيد معلم أبوه عمرًا قائمًا، فزيد مبتدأ ومعلم خبره وأبوه رفع بالنيابة وهو المفعول الأول، وعمرًا المفعول الثاني، وقائمًا الثالث "وقد يضاف ذا" أي اسم
ــ
حكم قرر فقول الشارح من الشروط فيه قصور، ثم إن قرئ كل بالرفع على الابتداء جاز في قوله اسم مفعول الرفع على أنه نائب فاعل والرابط محذوف هو المفعول الثاني أي يعطاه والنصب على المفعولية ويكون نائب الفاعل ضميرا مستترا يعود على كل هو الرابط. ويرجح الأول أن النائب عليه المفعول الأول ويرجح الثاني عدم الحذف وإن قرئ كل بالنصب على أنه مفعول ثان مقدم تعين رفع اسم مفعول على أنه نائب فاعل وهذا أحسن من ذينك. وقول البعض اسم مفعول على هذا واجب النصب هو المفعول الأول سهو ظاهر.
قوله: "بلا تفاضل" متعلق بيعطي وأفاد به أنه لا يشترط في عمل اسم المفعول أزيد من شروط عمل اسم الفاعل وهذا لا يفيده قوله وكل إلخ فليس توكيدا له كما زعم. قوله: "وإلا اشترط الاعتماد إلخ" اقتصر على هذين الشرطين لأنهما اللذان ذكرهما المصنف في اسم الفاعل وإلا فيشترط أيضا أن لا يصغر ولا يوصف كاسم الفاعل. قوله: "فهو كفعل إلخ" لا يظهر كون الفاء تفريعية على الكلية السابقة لأنها لا تفيد كون اسم المفعول كالفعل المسوغ للمفعول بل ربما تفيد خلافه إلا أن يقال: المفرع مطلق العمل وفيه ما فيه والأولى أنها فصيحة عن شرط مقدر كما يشير إلى ذلك قول الشارح فإذا استوفى ذلك إلخ والفاء في قول الشارح فإذا استوفى ذلك فصيحة أيضا عن شرط مقدر أي إذا أردت تفصيل حكم اسم المفعول فإذا إلخ فاعرفه. قوله: "في معناه" ليس المراد المعنى المطابقي لاختلافهما فيه فإن المعنى المطابقي لاسم المفعول حدث واقع على ذات وتلك الذات وللفعل المصوغ للمفعول حدث واقع على ذات وزمن ذلك الحدث بل المراد المعنى التضمني وهو الحدث الواقع على الذات. بقي أن الكلام في العمل لا في المعنى. وأجيب بأن الناظم تجوز بإطلاق السبب وإرادة المسبب لضيق النظم عليه فإن عمل اسم المفعول عمل فعله مسبب عن كونه بمعناه وعلى هذا فقول الشارح وعمله عطف تفسير لبيان المراد بالمعنى ويرمز إلى ذلك التفريع بقوله فإن كان إلخ وحينئذٍ فإرادتنا من معناه المعنى التضميني لا للذات بل للتوسل إلى إرادة العمل فتدبر.
قوله: "كفافا" بفتح الكاف ما كف عن الناس وأغنى من الرزق كما في القاموس. قوله:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المفعول "إلى اسم مرتفع" به "معنى" بعد تحويل الإسناد عنه إلى ضمير الموصوف ونصبه على التشبيه بالمفعول به "كمحمود المقاصد الورع" أصله الورع محمودة مقاصده، فمقاصده رفع بمحمودة على النيابة، فحول إلى الورع محمود المقاصد بالنصب على ما ذكر: ثم حول إلى محمود المقاصد بالجر.
تنبيه: اقتضى كلامه شيئين: الأول انفراد اسم المفعول عن اسم الفاعل بجواز الإضافة إلى مرفوعه كما أشار إليه بقوله: وقد يضاف ذا وفي ذلك تفصيل: وهو أنه إذا كان اسم الفاعل غير متعد وقصد ثبوت معناه عومل معاملة الصفة المشبهة وساغت إضافته
ــ
"وقد يضاف ذا إلخ" أي إجراء له مجرى الصفة المشبهة وإنما خص الإضافة بالذكر مع أن الجاري مجرى الصفة المشهبة من اسم المفعول وغيره يجوز فيه مع ذلك النصب على التشبيه بالمفعول به أو على التمييز نحو هذا مضروب الأب أو أبا هذا قائم الأب أو أبا لأنها أكثر أو لكونهما متلازمين فحيث جاز أحدهما جاز الآخر أفاده الشاطبي قال في التصريح: إذا جرى اسم المفعول مجرى الصفة المشبهة ورفع السببي كان رفعه إياه على الفاعلية كما هو حال الصفة المشبهة مع مرفوعها لا على النيابة عن الفاعل كما هو حال اسم المفعول قاله الموضح في الحواشي ثم تعقبه فقال: هلا قيل بأن الرفع على ما يقتضيه حال اسم المفعول. ا. هـ. ويجاب بأن حال اسم المفعول إنما يراعى إذا أريد به معنى الحدوث أما إذا أريد به معنى الثبوت فإنه يرفع السببي على الفاعلية وينصبه على التشبيه بالمفعول إن كان معرفة وعلى التمييز إن كان نكرة ويجره بالإضافة. ا. هـ. ملخصا. قوله: "معنى" أي من جهة المعنى لكونه نائب فاعل قبل الإضافة. قوله: "بعد تحويل الإسناد عنه إلخ" أي لأن الوصف عين مرفوعه في المعنى فلو أضيف إليه من غير تحويل لزم إضافة الشيء إلى نفسه وهي غير صحيحة ولا يصح حذفه لعدم الاستغناء عنه فلا طريق إلى إضافته إلا بتحويل الإسناد عنه إلى ضمير يعود إلى الموصوف ثم ينصب لصيرورته فضلة حينئذٍ لاستغناء الوصف بالضمير ثم يجر بالإضافة فرارا من قبح إجراء وصف المتعدي لواحد مجرى وصف المتعدي لاثنين ذكره المصرح.
تنبيه: قال الفارضي: تحويل الإسناد مجاز أي عقلي لأنه أسند الشيء إلى غير من هو له وفائدة المجاز المبالغة بجعله كله محمودا وكذا نحو زيد حسن الوجه. قوله: "وفي ذلك" أي فيما اقتضاه كلامه من الانفراد المذكور تفصيل أي وليس على إطلاقه. وحاصل التفصيل أن اسم الفاعل اللازم كاسم المفعول في جواز الإضافة إلى مرفوعه اتفاقا واسم الفاعل المتعدي لأكثر من واحد ليس كاسم المفعول في ذلك اتفاقا وفي اسم الفاعل المتعدي لواحد خلاف. قوله: "وقصد ثبوت معناه" أي لا حدوثه. قوله: "عومل معاملة الصفة المشبهة" اعترض بأن مقتضاه أنه ليس صفة مشبهة حقيقة وليس كذلك كما في التوضيح ويمكن أن يجاب بأن المراد عومل معاملة الصفة المشبهة التي ليست على وزن اسم الفاعل. قوله: "وساغت إضافته إلخ" أي بعد تحويل
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
إلى مرفوعه، فتقول: زيد قائم الأب برفع الأب ونصبه وجره على حد حسن الوجه، وإن كان متعديًا لواحد فكذلك عند الناظم بشرط أمن اللبس وفاقًا للفارسي، والجمهور على المنع. وفصل قوم فقالوا: إن حذف مفعوله اقتصارًا جاز وإلا فلا. وهو اختيار ابن عصفور وابن أبي الربيع، والسماع يوافقه كقوله:
731-
ما الراحم القلب ظلامًا وإن ظلما
…
ولا الكريم بمناع وإن حرما
وإن كان متعديًا لأكثر لم يجز إلحاقه بالصفة المشبهة. قال بعضهم بلا خلاف. الثاني اختصاص ذلك باسم المفعول القاصر وهو المصوغ من المتعدي لواحد كما أشار إليه تمثيله وصرح به في غير هذا الكتاب. وفي المتعدي ما سبق في اسم الفاعل المتعدي.
ــ
الإسناد كما مر. قوله: "فكذلك" أي يقصد ثبوت معناه ويعامل إلخ. قوله: "بشرط أمن اللبس" أي التباس الإضافة للفاعل بالإضافة للمفعول فلو لم يؤمن لم تجز الإضافة فلو قلت زيد راحم الأبناء وظالم العبيد بمعنى أن أبناءه راحمون وعبيده ظالمون فإن كان المقام مقام مدح الأبناء وذم العبيد جاز لدلالة المقام على أن الإضافة للفاعل وإلا لم يجز وظاهر إطلاقه بل صريح مقابلته بالتفصيل بعده جواز الإضافة إلى المرفوع مع ذكر المنصوب كأن يقال: زيد راحم الأبناء الناس ولا ينافيه ما في سم أن منصوب الصفة المشبهة لا يزيد على واحد وإن زعمه شيخنا والبعض إذ المنصوب في المثال لم يزد على واحد كما لا يخفى وكأنهما فهما أن مراد سم بالمنصوب ما يعم المنصوب على التشبيه بالمفعول به قبل الإضافة ولا داعي إليه فتدبر. قوله: "جاز" لأنه يصير بذلك كاللازم. قوله: "والسماع يوافقه" مقتضى كون الضمير يرجع إلى أقرب مذكور رجوع الضمير إلى تفصيل قوم بين الحذف اقتصارا وغيره وفيه أنه كما يوافق هذا يوافق ما عليه الفارسي والناظم فالأولى رجوعه إلى الجواز على القولين.
قوله: "لم يجز إلحاقه بالصفة المشبهة" أي لبعد المشابهة حينئذٍ لأن منصوبها لا يزيد على واحد كما مر. قوله: "قال بعضهم بلا خلاف" قال البهوتي: يستفاد من كلام الشاطبي أن فيه أيضا خلافا. قوله: "اختصاص ذلك باسم المفعول القاصر إلخ" ويتضمن ذلك اشتراط تناسي العلاج فيه فلا يقصد به إلا ثبوت الوصف لأنه إذا لم يطلب مفعولا لزم أن لا يقصد به العلاج ومتى طلبه كان معنى العلاج باقيا فيه ذكره الشاطبي. ثم قال: فإن قلت فأنت تقول على مذهبه أي المصنف هذا معطي الأب ومكسو الأخ وهما مما يتعدى إلى اثنين وكذلك معلم الأب وهو مما يتعدى إلى ثلاثة فالجواب أنا لا نسلم ذلك لأن المتعدي إلى أكثر طالب بمعناه للمنصوب فمعنى العلاج باق فيه وإن سلم فقد يقال: المراد بالمتعدي لواحد ما عمل في واحد خاصة مقتصرا عليه فرفع به عند بنائه للمجهول فلو كان عاملان في مفعول آخر لم يكن من هذا الباب
731- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في الدرر 5/ 294؛ والمقاصد النحوية 3/ 618؛ وهمع الهوامع 2/ 101.