الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يكون الموصوف جمعًا أو شبهه، وأن يكون نكرة أو شبهها، فالجمع نحو:{لَوْ كَانَ فِيهِمَا آَلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} [الأنبياء: 22]، وشبه الجمع كقوله:
466-
لو كان غيري سليمي الدهر غيره
…
وقع الحوادث إلا الصارم الذكر
فالصارم صفة لغير. ومثال شبه النكرة قوله:
467-
أنيخت فألقت بلدة فوق بلدة
…
قليل بها الأصوات إلا بغامها
فالأصوات شبيه بالنكرة لأن تعريفه بأل الجنسية، لكن تفارق إلا هذه غيرًا من
ــ
قوله: "بشرط أن يكون الموصوف جمعا إلخ" فلا يوصف بها مفرد محض ولا معرفة محضة والمراد بشبه الجمع ما كان مفردا في اللفظ دالا على متعدد في المعنى كغيري في المثال الآتي ويشبه النكرة ما أريد به الجنس كالمعرّف بأل الجنسية. وإنما اشترط كون الموصوف جمعا أو شبهه مراعاة لأصلها وهو الاستثناء وكونه نكرة أو شبهها مراعاة لمعنى غير المتوغلة في التنكير. قوله: "سليمى" أي يا سليمى والدهر نصب على الظرفية المستقرة خبرا للفعل قبله أو على المفعولية لمحذوف أي يقاسي هذا الدهر أي شدائده وجواب لو غيره والصارم السيف القاطع. والذكر والمذكر من السيوف ما كان ذا ماء ورونق كما قاله الشمني. قوله: "صفة لغيري" فيه تسمح إذ الصفة إلا لكن لما ظهر إعرابها فيما بعدها صار كأنه هي وفي النكت عن التسهيل أن الوصف إلا مع ما بعدها وقد أسلفنا قريبا تحقيق ذلك فتأمله. قوله: "أنيخت" أي الناقة والمراد بالبلدة الأولى صدرها وبالثانية الأرض التي أناخها فيها. والبغام بضم الموحدة وتخفيف الغين المعجمة حقيقة صوت الظبي فاستعاره لصوت الناقة. فإن قلت الصفة في البيت مخصصة مع أن ما بعد إلا مخالف لما قبلها إذ ما بعدها مفرد وما قبلها جمع وسيأتي عن المغني أن الصفة عند التخالف مؤكدة: قلت أجاب الدماميني بأن البغام هنا متعدد بحسب المعنى فلا تخالف. واعلم أنه دخل تحت كلام الشارح أربع صور: أن يكون الموصوف جمعا حقيقيا ونكرة حقيقية كما في الآية. وأن يكون شبيها بالجمع ونكرة حقيقية كما في البيت الأول والعكس كما في البيت الثاني وأن يكون شبيها بالجمع شبيها بالنكرة كالمفرد المعرف بأل الجنسية ولم يمثل له الشارح.
466- البيت من البسيط، وهو للبيد بن ربيعة في ديوانه ص62؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 44؛ وشرح شواهد المغني 1/ 218؛ والكتاب 2/ 333؛ ولسان العرب 15/ 432 "إلا"؛ وبلا نسبة في تذكرة النحاة ص296؛ ومغني اللبيب 1/ 72.
467-
البيت من الطويل، وهو لذي الرمة في ديوانه ص104؛ وخزانة الأدب 3/ 418، 420؛ والدرر 3/ 168؛ وشرح شواهد الإيضاح ص242؛ والكتاب 2/ 332؛ ولسان العرب 3/ 95 "بلد" 12/ 51 "بغم"؛ وبلا نسبة في شرحك شواهد المغني 1/ 218، 394، 2/ 729؛ ومغني اللبيب 1/ 72؛ والمقتضب 4/ 409؛ وهمع الهوامع 1/ 229.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وجهين: أحدهما أنه لا يجوز حذف موصوفها فلا يقال: جاءني إلا زيد، ويقال: جاءني غير زيد ونظيرها في ذلك الجمل والظروف فإنها تقع صفات ولا يجوز أن ينوب عن موصوفاتها. ثانيهما أنه لا يوصف بها إلا حيث يصح الاستثناء فيجوز عندي درهم إلا دانق يجوز لأنهم إلا دانقًا، ويمتنع إلا جيد لأنه يمتنع إلا جيدًا. ويجوز عندي درهم غير جيد، هكذا قال جماعات. وقد يقال إنه مخالف لقولهم في: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آَلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ
ــ
قوله: "لكن تفارق إلخ" استدراك على قوله وقد تحمل إلا عليها.
قوله: "ولا يجوز حذف موصوفها" أي لأن الوصف بها خلاف الأصل بخلاف غير. قوله: "في ذلك" أي في عدم جواز حذف موصوفها. قوله: "ولا يجوز أن تنوب عن موصوفاتها" أي إلا فيما إذا كان الموصوف بعض اسم متقدم مجرور بمن أو في كقولهم منا ظعن ومنا أقام كما سيأتي في النعت. قوله: "إلا حيث يصح الاستثناء" قال سم يمكن أن يوجه بأن غيرا إنما حملت على إلا لتضمنها معنى الاستثناء فلا تحمل إلا عليها إلا حيث يصح الاستثناء. قوله: "إلا دانق" بكسر النون وفتحها ويقال أيضا داناق وهو سدس درهم وعلى الوصفية يكون مقرا بدرهم كامل وعلى الاستثناء يكون مقرا بدرهم إلا سدسا. ولما كان الدرهم يشبه الجمع من حيث اشتماله على الدوانق وصفه بإلا وبهذا يجاب أيضا عما يقال الوصف في هذا المثال مؤكد وسيأتي عن المغني أن الوصف عند مطابقة ما بعد إلا لما قبلها في الإفراد مثلا مخصص. قاله الدماميني. قوله: "لأنه يجوز إلا دانقا" أي بناء على جواز استثناء الجزء من الكلي وهو الراجح ومنعه ابن هشام ومن تبعه. قوله: "لأنه يمتنع إلا جيدا" أي لأن درهم نكرة في سياق الإثبات فعمومه للجيد وغيره بدلي والمستثنى منه لا يكفي شموله للمستثنى شمولا بدليا فلا يقال عندي رجل إلا زيدا وإن أجاز قوم الاستثناء من النكرة المثبتة إذا حصلت الفائدة. قوله: "وقد يقال إلخ" أشار بقد إلى إمكان دفعه وقد دفعه بعضهم بأن المراد بالاستثناء في قولهم لا يوصف بها إلا حيث يصح الاستثناء ما هو أعم من المتصل والمنقطع وإنما يمتنع في الآية والمثال المتصل لا المنقطع. قال الدماميني وهذا يقتضي إلغاء الشرط المذكور لكونه لم يحترز به عن شيء وهو كلام متين. وما أجيب به عنه من أن ذلك لا يضر لأن الأصل في القيود أن تكون لبيان الواقع لا يقاومه.
قوله: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} أي فإنه لا يجوز في إلا هذه أن تكون للاستثناء وما بعدها بدلا لا من جهة المعنى ولا من جهة اللفظ: أما الأول فلأن التقدير حينئذٍ لو كان فيهما آلهة أخرج منهم الذات العلية لفسدتا وهو يقتضي عدم الفساد عند عدم الإخراج وليس بمراد بل المراد ترتيب الفساد على مجرد التعدد، ولهذا كان إلا الله من الصفة المؤكدة الصالحة للإسقاط إذ المعنى لو كان فيهما من الآلهة متعدد غير الواحد، ومن المعلوم مغايرة المتعدد للواحد والقاعدة أنه إن طابق ما بعد إلا موصوفها فالوصف مخصص نحو لو كان معنا رجل إلا زيد لغلبنا وإن خالفه بإفراد أو غيره فالوصف مؤكد كالآية ويؤخذ هذا من قول النحاة إذا قيل له
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لَفَسَدَتَا} [الأنبياء: 22]، ومن أمثلة سيبويه لو كان معنا رجل إلا زيد لغلبنا. وشرط ابن الحاجب في وقوع إلا صفة تعذر الاستثناء. وجعل من الشاد قوله:
468-
وكل أخ يفارقه أخوه
…
لعمر أبيك إلا الفرقدان
الثاني انتصاب غير في الاستثناء كانتصاب الاسم بعد إلا عند المغارة واختاره ابن
ــ
عندي عشرة إلا درهما فقد أقرّ له بتسعة وإن قال إلا درهم فقد أقر له بعشرة لأن المعنى عشرة مغايرة لدرهم وكل عشرة مغايرة للدرهم. وأما الثاني فلأن آلهة جمع منكر في الإثبات فلا عموم لها شموليا فلا يصح الاستثناء منها كذا في المغني، وبمثل هذا الثاني يوجه عدم صحة الاستثناء في المثال أعني لو كان معنا رجل إلخ كما قاله سم. فإن قلت لو للامتناع وامتناع الشيء انتفاؤه فتكون النكرة في الآية والمثال في سياق النفي فتعم. قلت قال الدماميني العرب لا تعتبر مثل هذا النفي بدليل أنهم لا يقولون لو جاءني ديار أكرمته ولا لو جاءني من أحد أحسنت إليه، ولو كانت بمنزلة النافي لجاز ذلك كما يجوز ما فيها ديار وما جاءني من أحد. فإن قلت جوّز الزمخشري في تفسير سورة الحجر في قوله تعالى:{إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ، إِلَّا آَلَ لُوطٍ} [الذاريات: 32] ، أن آل لوط استثناء منقطع من قوم مجرمين وهو نكرة في الإثبات. قلت أجاب الدماميني بأن النكرة في الإثبات تعم إذا قامت قرينة العموم، والنكرة في هذه الآية كذلك بدليل آية لوط إنا أرسلنا إلى قوم لوط والقصة واحدة.
قوله: "ومن أمثلة سيبويه" أي لإلا الوصفية فهو تأييد للاعتراض وكذا قوله وشرط ابن الحاجب إلخ لأن ما ذكره ابن الحاجب عكس ما ذكره تلك الجماعات. قال الشمني قال الرضي: مذهب سيبويه جواز وقوع إلا صفة مع صحة الاستثناء. قال ويجوز في قولك ما أتاني أحد إلا زيدا أن تقول إلا زيدا بدلا أو صفة وعليه أكثر المتأخرين تمسكا بقوله وكل أخ إلخ. قوله: "وجعل من الشاذ قوله وكل أخ إلخ" أي لصحة الاستثناء فيه وجوّز فيه بعضهم أن لا تكون إلا صفة بل للاستثناء. وأتى بالفرقدين بالألف جريا على لغة من يلزم المثنى الألف وفيه تخلص مما يلزم على وصفية إلا من المخالفة للكثير من وجهين آخرين وصف المضاف والمشهور وصف المضاف إليه إذ هو المقصود وكل لإفادة الشمول فقط والفصل بين الموصوف
468- البيت من الوافر، وهو لعمرو بن معد يكرب في ديوانه ص178؛ والكتاب 2/ 334؛ ولسان العرب 15/ 432 "ألا"؛ والممتع في التصريف 1/ 51؛ ولحضرمي بن عامر في تذكرة النحاة ص90؛ وحماسة البحتري ص151؛ والحماسة البصرية 2/ 418؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 46؛ والمؤتلف والمختلف ص85؛ ولعمرو أو لحضرمي في خزانة الأدب 3/ 421؛ والدرر 3/ 170؛ وشرح شواهد المغني 1/ 216؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 8/ 180؛ وأمالي المرتضى 2/ 88؛ والإنصاف 1/ 268؛ والجني الداني ص519؛ وخزانة الأدب 9/ 321، 322؛ ورصف المباني ص92؛ وشرح المفصل 2/ 89؛ والعقد الفريد 3/ 107، 133؛ وفصل المقال ص257؛ ومغني اللبيب 1/ 72؛ والمقتضب 4/ 409؛ وهمع الهوامع 1/ 229.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عصفور، وعلى الحال عند الفارسي واختاره الناظم، وعلى التشبيه بظرف المكان عند جماعة واختاره ابن الباذش. الثالث يجوز في تابع المستثنى بها مراعاة اللفظ ومراعاة المعنى، تقول قام القوم غير زيد وعمرو وعمرًا، فالجر على اللفظ والنصب على المعنى لأن معنى غير زيد إلا زيدًا وتقول ما قام أحد غير زيد وعمرو بالجر وبالرفع لأنه على معنى إلا زيد. وظاهر كلام سيبويه أنه من العطف على المحل. وذهب الشلوبين إلى أنه من باب التوهم "ولسوى" بالكسر و"سوى" بالضم مقصورتين و"سواء" بالفتح والمد "اجعلا على
ــ
والصفة بالخبر وهو قليل. قوله: "كانتصاب الاسم بعد إلا" أي في أن نصب كل منهما على الاستثناء وإن كان العامل فيما بعد إلا هو إلا على الصحيح وفي غير ما في الجملة قبله من فعل أو شبهه وإنما نصبت على الاستثناء مع أن المستثنى هو الاسم الواقع بعدها لأنه لما كان مشغولا بالجر لكونه مضافا إليه جعل ما كان يستحقه من الإعراب المخصوص لولا ذلك على غير سبيل العارية والدليل على أن الحركة لما بعدها حقيقة جواز العطف على محله كما يأتي قاله الدماميني. وانظر إذا لم يكن في الجملة قبله فعل أو شبهه ما العامل نحو ما أحد أخوك غير زيد هل هو أعنى مقدرا فتكونن غير مفعولا به أو الجملة بتمامها كما قيل به في محل ما بعد خلا وعدا إذا جرا كما سيأتي كل محتمل.
قوله: "وعلى الحال عند الفارسي" فتؤول بمشتق أي قام القوم مغايرين لزيد في الفعل وأورد عليه أن مجرورها لا محل له حينئذٍ وقد نصبوا المعطوف عليه مراعاة لمحله. وقد يقال مذهب الفارسي والناظم أن ذلك من العطف على المعنى لا على المحل ومدار العطف على المعنى كون الكلام بمعنى كلام آخر فيه نصب ذلك الاسم وإن لم يكن له محل لا في الأصل ولا في الحال. قوله: "وعلى التشبيه بظرف المكان" بجامع الإبهام في كل. قوله: "ومراعاة المعنى" أي المؤدي بتركيب آخر مشتمل على إلا كما مر وهو بهذا المعنى لا يستلزم كون الاسم له محل. قوله: "ما قام أحد غير زيد" أي برفع غير بناء على اللغة الفصحى من الاتباع مع النفي والاتصال ولهذا اقتصر على الجر والرفع في عمرو وإن جاز فيه النصب أيضا نظرا إلى غير اللغة الفصحى من نصب المستثنى بإلا ونصب غير مع النفي والاتصال فتلخص أن في عمرو الجر والرفع على وجه الرجحان الذي نظر الشارح إليه فقط والنصب على وجه المرجوحية وحصل الجواب على اعتراض البعض كغيره على قوله بالجر والرفع بأنه كان عليه أن يقول بالنصب لما تقدم من جواز النصب بمرجوحية في نحو ذلك.
قوله: "أنه من العطف على المحل" أي محل مجرور غير بحسب الأصل وما كان يستحقه بواسطة حمل غير على إلا لما تقدم من أن الأصل في مجرور غير. والذي كان يستحقه لولا اشتغاله بالجر بمقتضى الإضافة أن يجري عليه الإعراب المخصوص الذي يقتضيه حمل غير على إلا فسقط ما قاله البعض وعلم أن مدار العطف على المحل كون المحل يستحق ذلك الإعراب في الحال أو بحسب الأصل بخلاف مراعاة المعنى كما سبق فحصل الفرق بينهما. قوله: "إلى أنه من باب التوهم"
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الأصح ما لغير جعلا" من الأحكام فيما سبق لأنها مثلها لأمرين: أحدهما إجماع أهل اللغة على أن معنى قول القائل: قاموا سواك وقاموا غيرك واحد، وأنه لا أحد منهم يقول إن سوى عبارة عن مكان أو زمان. والثاني أن من حكم بظرفيتها حكم بلزوم ذلك وأنها لا تتصرف، والواقع في كلام العرب نثرًا ونظمًا خلاف ذلك فمن وقوعها مجرورة بالحرف قوله عليه الصلاة والسلام: "دعوت ربي أن لا يسلط على أمتي عدوًّا من سوى أنفسها" وقوله صلى الله عليه وسلم: "ما أنتم في سواكم إلا كالشعرة البيضاء في الثور الأسود" وقول الشاعر:
469-
ولا ينطق الفحشاء من كل منهم
…
إذا جلسوا منا ولا من سوائنا
وقوله:
470-
وكل من ظن أن الموت مخطئه
…
معلل بسواء الحق مكذوب
ــ
مداره على أن يكون ذلك الإعراب لذلك اللفظ مع لفظة أخرى فيعطى لذلك اللفظ مع غير تلك اللفظة على توهم أنه معها فتبين الفرق بين الثلاثة الذي هو ظاهر صنيع الشارح حيث قال أولا: ومراعاة المعنى، ثم قابله بقوله وظاهر إلخ هذا ما قاله سم. وقال الإسقاطي الذي يظهر من كلام الشارح أن العطف على المعنى عام يشمل العطف على المحل والعطف على التوهم وأن قوله وظاهر إلخ بيان للمراد من القسمين. ا. هـ. والإنصاف أن كلام الشارح محتمل لتقابل الثلاثة وللبيان بعد الإجمال. وفي الهمع أن العطف على المعنى هو العطف على التوهم إلا أنه إذا جاء في القرآن عبر عنه بالعطف على المعنى لا التوهم أدبا. واعلم أن تابع المستثنى بإلا كتابع المستثنى بغير في مراعاة المعنى على ما ذكره المصنف في التسهيل فيجوز جر تابع المستثنى بإلا مراعاة لكون إلا بمعنى غير والجمهور على منع ذلك في إلا. قوله:"من الأحكام" كوقوعها في الاستثناء المتصل والمنقطع وصفة لنكرة أو شبهها وقبولها تأثير العامل المفرغ قاله الدماميني.
قوله: "وأنه لا أحد منهم إلخ" عطف على إجماع عطف لازم على ملزوم. قوله: "أن من حكم بظرفيتها" أي من النحاة فلا ينافي ما قبله والمراد الخليل وسيبويه وأتباعهما لا ما يشمل الرماني والعكبري إذ هما لا يقولان بلزومها الظرفية مع قولهما بظرفيتها. وقوله بظرفيتها أي بكونها ظرف مكان بمعنى مكان كما سيأتي. قوله: "خلاف ذلك" أي خلاف ما حكم به من اللزوم. قوله: "ولا ينطق الفحشاء" أي نطق المفحشاء أو بالفحشاء فهو مفعول مطلق على حذف مضاف
469- البيت من الطويل، وهو للمرار بن سلامة العجلي في خزانة الأدب 3/ 438؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 324؛ والكتاب 1/ 31؛ والمقاصد النحوية 3/ 126؛ ولرجل من الأنصار في الكتاب 1/ 408؛ وبلا نسبة في الإنصاف 1/ 294؛ وشرح ابن عقيل ص315؛ والمقتضب 4/ 350.
470-
البيت من البسيط، وهو لأبي دؤاد الأيادي في ديوانه ص294؛ والإنصاف ص295؛ وخزانة الأدب 3/ 438؛ وشرح المفصل 2/ 84؛ وبلا نسبة في الدرر 3/ 93؛ وهمع الهوامع 1/ 202.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وبالإضافة قوله:
471-
فإنني والذي يحج له النا
…
س بجدوى سواك لم أثق
ومن وقوعها مرفوعة بالابتداء قوله:
472-
وإذا تباع كريمة أو تشترى
…
فسواك بائعها وأنت المشتري
ومرفوعه بالناسخ قوله:
473-
أأترك ليلى ليس بيني وبينها
…
سوى ليلة إني إذًا لصبور
وبالفاعلية قوله:
474-
ولم يبق سوى العدوا
…
ن دناهم كما دانوا
وحكى الفراء أتاني سواك. ومنصوبة بإن قوله:
ــ
أو منصوب بنزع الخافض ويحتمل أنه ضمن ينطق معنى يذكر فعداه بنفسه فالفحشاء مفعول به ومن في قوله مناولا من سوائنا بمعنى في متعلقة بينطق. قوله: "مرفوعة بالابتداء" يحتمل أن تكون في البيت خبرا مقدما. قوله: "كريمة" أي خصلة كريمة وأو بمعنى الواو كما في العيني. وقال بعضهم لا مانع من إبقاء أو على حالها وأن يكون قول الشاعر فسواك بائعها راجعا لقوله وإذا تباع وقوله وأنت المشتري راجعا لقوله أو تشتري. والمعنى إذا وجد بيع للكريمة فلا يوجد منك بل من سواك وإذا وجد شراء لها فلا يوجد من غيرك بل منك. قوله: "إني إذا" أي إذا تركتها في هذه الحالة فحذف الجملة المضاف إليها وعوض عنها التنوين وليست إذا الناصبة كما قد يتوهم أفاده يس. قوله: "دناهم كما دانوا" أي جزيناهم كجزائهم والجملة جواب فلما في البيت قبله. قوله:
471- البيت من المنسرح.
472-
البيت من الكامل، وهو لابن المولى محمد بن عبد لله في الدرر 3/ 92؛ وشرح ديوان الحماسة ص1761؛ والمقاصد النحوية 3/ 125؛ وبلا نسبة في الأغاني 10/ 145؛ والحيوان 6/ 509؛ وشرح ابن عقيل ص315؛ وهمع الهوامع 1/ 202.
473-
البيت من الطويل وهو لمجنون في ديوانه ص108؛ وجواهر الأدب ص282؛ والدرر 3/ 93؛ ومصارع العشاق 2/ 100؛ ولأبي دهبل في أمالي المرتضى 1/ 118؛ وبلا نسبة في همع الهوامع 1/ 202.
474-
البيت من الهزج، وهو للفند الزماني "شهل بن شيبان" في أمالي القالي 1/ 260؛ وحماسة البحتري ص56؛ وخزانة الأدب 3/ 431؛ والدرر 3/ 92؛ وسمط اللآلي ص940؛ وشرح التصريح 1/ 362؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص35؛ وشرح شواهد المغني 2/ 945؛ والمقاصد النحوية 3/ 122؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 281؛ وشرح ابن عقيل ص316؛ وهمع الهوامع 1/ 202.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
475-
لديك كفيل بالمنى لمؤمل
…
وإن سواك من يؤمله يشقى
هذا تقدير ما ذهب إليه الناظم. وحاصل ما استدل به في شرح الكافية وغيره ومذهب الخليل وسيبويه وجمهور البصريين أن سوى من الظروف اللازمة لأنها يوصل بها الموصول نحو جاء الذي سواك. قالوا ولا تخرج عن الظرفية إلا في الشعر. وقال الرماني العكبري: تستعمل ظرفًا غالبًا، وكغير قليلًا، وهذا أعدل. ولا ينهض ما استدل به الناظم حجة لأن كثيرًا من ذلك أو بعضه لا يخرج الظرف عن اللزوم وهو الجر، وبعضه قابل للتأويل. ا. هـ.
ــ
"لديك كفيل" أي عندك وجود كفيل أو الكلام من باب التجريد. وقوله يشقى أي يخيب أمله.
قوله: "أن سوى من الظروف" أي المكانية بمعنى مكان بمعنى عوض، فمعنى جاء الذي سواك في الأصل جاء الذي في مكانك أي حل فيه عوضك ثم توسعوا واستعملوا مكانك وسواك بمعنى عوضك وإن لم يكن ثم حلول فظرفيتها مجازية ولهذا لم يتصرفا أفاده في الهمع. قوله:"لأنها يوصل بها الموصول" فيه أنه لا يدل إلا على كونها تقع ظرفا لا على أنها ملازمة للظرفية وفيه أيضا أنه لا مانع أن تكون فيما ذكر خبر المحذوف والجملة صلة وإنما حذف صدر الصلة لطولها بالإضافة أو حالا معمولة لثبت مضمرا. قوله: "ولا تخرج عن الظرفية" المناسب لقول بعد لأن كثيرا من ذلك أو بعضه لا يخرج الظرف عن اللزوم وهو الجر أي بمن أن يكون المراد بالظرفية ما يشمل شبهها وهو الجر بمن لكن ينافي هذا قول السيوطي في نكته لا تكون إلا منصوبة على الظرفية وعليه فجرها بمن يرد عليهم فافهم. قوله: "إلا في الشعر" بهذا الاستثناء يندفع استدلال المصنف عليهم بالأبيات السابقة. قوله: "وهذا أعدل" أي لأنه لا يحوج إلى تكلف في موضع من المواضع. قوله: "لأن كثيرا من ذلك أو بعضه إلخ" الذي يظهر لي حل هذه العبارة أن أو بمعنى بل الإضرابية عن التعبير بكثير إلى التعبير ببعض لأن الذي لا يخرج الظرف عن اللزوم من ذلك وهو الجر بمن خاصة اثنان فقط مما تقدم وليسا بكثير ولعل الحامل له على التعبير أولا به أن بعضهم عبر به فأتى به ثم أضرب عنه إشارة إلى الاعتراض عليه فاحفظه. وأما قول البعض المراد كثرته في نفسه لأنه ذكر أربعة أدلة فيها الجر بالحرف فغفلة عن كون المراد الجر بمن خاصة لأنه الذي لا يخرج الظرف عن اللزوم. وأما قوله لعله أتى بقوله أو بعضه لعدم اطلاعه على ما استدل به المصنف واحتمال أن ما استدل به كثير جدا بحيث لا تعد الأدلة الأربعة كثيرة بالنسبة إليه فغفلة عن قول الشارح سابقا هذا تقرير ما ذهب إليه الناظم وحاصل ما استدل به في شرح الكافية وغيره فتدبر. قوله: "وبعضه قابل للتأويل" أي بكونه شاذا أو ضرورة.
475- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في شرح ابن عقيل ص316؛ والمقاصد النحوية 3/ 135.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تنبيهات: الأول حكى الفاسي في شرح الشاطبية في سوى لغة رابعة وهي المد مع الكسر. الثاني أفهم كلامه أنه يجوز في المعطوف على المستثنى بها اعتبار المعنى كما جاز في غير ويساعده قوله في التسهيل: تساويها مطلقًا سوى، بعد ذكره جواز اعتبار المعنى في العطف على مجرور غير. الثالث تفارق سوى غيرًا في أمرين: أحدهما أن
ــ
قوله: "حكى الفاسي" لا حاجة لإسناده للفاسي مع حكاية أبي حيان وابن هشام له سم. قوله: "أفهم كلامه" أي حيث أثبت لسوى ما ثبت لغير ومن جملة ما ثبت لغير جواز اعتبار المعنى في العطف على مجرورها وإن لم يذكره المصنف هنا. قوله: "أن المستثنى بغير" مثله المستثنى بإلا. قوله: "نحو ليس غير" أي في قولك مثلا قبضت عشرة ليس غير وفيه أن المستثنى به هو ليس لا غير بل هي مستثنى فالمحذوف ما أضيف إليه غير لا المستثنى إلا أن يراد بالمستثنى ما أفيدت مخالفته لشيء والمضاف إليه غير أفيدت مخالفته لغيره، هذا ملخص ما قاله البعض. وفي الدماميني ما يدفع السؤال من أصله حيث قال يحذف المستثنى بشرط فهم المعنى وكون أداة الاستثناء إلا أو غيرا وتقدم ليس عليهما. قال الأخفش والمصنف أو لا يكون تقول قبضت عشرة ليس إلا أو ليس غير أي ليس المقبوض شيئا إلا إياها أو غيرها فأضمر اسم ليس عائدا على المقبوض المفهوم من قبضت وحذف خبرها للتفريغ. ا. هـ. باختصار نعم هذا الدفع إنما يتم في غير على أن في ليس ضميرا هو اسمها كما ذكره لا على أن اسمها وهو غير وسيأتي ذلك. بقي حذف أداة الاستثناء وقد قال ابن الحاجب وابن مالك في نحو ما قام وقعد إلا زيد أنه من باب الحذف لا التنازع خلافا لبعضهم والتقدير ما قام إلا زيد. وما قعد إلا زيد وقال في المغني قال السهيلي في قوله تعالى:{وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا} [الكهف: 23]، الآية لا يتعلق الاستثناء بفاعل إذ لم ينه عن أن يصل {إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الأعراف: 89] ، بقوله ذلك ولا بالنهي لأنك إذا قلت أنت منهي عن أن تقوم إلا أن يشاء الله فلست بمنهي فقد سلطته على أن يقوم ويقول شاء الله ذلك. وتأويل ذلك أن الأصل إلا قائلا إلا أن يشاء الله وحذف القول كثير. ا. هـ. فتضمن كلامه حذف أداة الاستثناء والمستثنى جميعا والمتجه أن الاستثناء مفرغ كما عليه تأويل السهيلي وأن المستثنى مصدر تقديره إلا قولا مصحوبا بأن يشاء الله أو حال تقديرها إلا ملتبسا بأن يشاء الله أي بذكر أن يشاء الله. وقد علم أن ذكره لا يكون إلا مع إلا فطوى ذكرها لذلك وعليهما فالباء محذوفة من أن. وقال بعضهم يجوز أن يكون إلا أن يشاء الله كلمة تأبيد أي لا تقولنه أبدا كما قيل في:{وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الأعراف: 89] ، لأن عودهم في ملتهم مما لا يشاؤه الله ويرده أنه يقتضي النهي عن قوله إني فاعل ذلك غدا قيده بالمشيئة أولا، وبهذا يرد أيضا قول من زعم أن الاستثناء منقطع وكذا تجويز الزمخشري رجوع الاستثناء إلى النهي على أن المعنى إلا أن يشاء الله أن تقوله بأن يأذن لك فيه مع أن من المعلوم أن كل أمر ونهي يستمر إلى إتيان نقيضه. ا. هـ. كلام المغني ببعض تصرف فعلي ما اختاره يكون المحذوف أداة الاستثناء وحدها كما قاله الشمني وجميع ما ذكره بعد كلام السهيلي سبقه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المستثنى بغير قد يحذف إذا فهم المعنى نحو ليس غير بالضم وبالفتح وبالتنوين بخلاف سوى. ثانيهما أن سوى تقع صلة الموصول في فصيح الكلام كما سلف بخلاف غير. الرابع تأتي سوا بمعنى وسط وبمعنى تام فتمد فيهما مع الفتح نحو: {فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ} [الصافات: 55]، وهذا درهم سواء. وتأتي بمعنى مستو فتقصر مع الكسر نحو:{مَكَانًا سُوًى} [طه: 58] ، وتمد مع الفتح نحو مررت برجل سواء والعدم، ويخبر بها حينئذ عن
ــ
إليه ابن الحاجب لكن ليس في كلامه أن إلا محذوفة فإنه قال الوجه الاستثناء مفرغ على أن الأعم المحذوف حال أو مصدر إلى أن قال وحذفت الباء من أن يشاء الله والتقدير إلا بأن يشاء الله أي إلا بذكر المشيئة وقد علم أن ذكر المشيئة في الإخبار عن فعل مستقبل هو ذكرها مع حرف الشرط وما في معناه نحو إن شاء الله إلا أن يشاء الله بمشيئة الله. ا. هـ. وهذا أولى وأسهل.
قوله: "بالضم" قال المبرد والمتأخرون هو ضم بناء لشبهها بالغايات كقبل وبعد فعلى هذا يحتمل أن تكون اسم ليس وأن تكون خبرها وقال الأخفش ضم إعراب لأنه ليس اسم زمان ولا اسم مكان بل هو ككل وبعض لكن حذف المضاف إليه ونوى لفظه قاله الدماميني. قوله: "وبالفتح" ظاهره أنه فتح بناء. ووجهه أن الأسماء المتوغلة في الإبهام كمثل وغير يجوز بناؤها على الفتح إذا إضيفت لمبني كالضمير، فعلى هذا تحتمل الاسمية والخبرية، ويصح جعله فتح اعراب لنية لفظ المضاف إليه المحذوف فعلى هذا تتعين للخبرية. قوله:"وبالتنوين" أي في شبهي الحالتين المذكورتين وشبهاهما الرفع والنصب والحركة عند التنوين اعرابية. قوله: "تقع صلة الموصول" أي في ظاهر اللفظ وإلا فهي في الحقيقة جزء صلة إن قدر قبلها مبتدأ ومعمول الصلة إن قدر قبلها ثبت كذا قال الدماميني. قوله: "كما سلف" فيه أنه لم يقيد فيما سلف بفصيح الكلام. قوله: "بخلاف غير" فيه نظر إذ الظاهر أن غيرا كسوى في الوقوع صلة على تقدير مبتدإ حذف لطول الصلة بالإضافة كذا قال بعضم. وقال الدماميني بعد أن ذكر أن سواك في جاء الذي سواك جزء الصلة إن قدر مبتدأ قبله ومعمول الصلة إن قدر ثبت قبله ما نصه: وعلى التقدير الأول أعني تقدير المبتدأ فلا اختصاص لسوى بذلك بل يجوز في غير مع أي بلا شرط نحو جاء أيهم غير جاهل ومع غير أي بشرط طول الصلة نحو جاء الذي غير ضارب أبوه عمرا ومع عدم الطول شاذا عند البصريين وقياسا عند الكوفيين. ا. هـ. وهو صريح في عدم الاكتفاء في طول الصلة بإضافتها ولكن أن تقول إن كان الفرق مبنيا على ظرفية سوى فظاهر وإلا فلا. قوله: "بمعنى وسط" اعترض بأنه ينافي ما قدمه عن أهل اللغة من أنه لا أحد منهم يقول إن سوى عبارة عن مكان أو زمان لأنها إذا كانت بمعنى وسط كانت عبارة عن مكان. وأجيب بأن محل ما قدمه عنهم إذا وقعت في تراكيب الاستثناء وما نحن فيه ليس كذلك وقد أسلفنا في باب الظرف الكلام على لفظ وسط.
قوله: "فتقصر مع الكسر" أي أو الضم وبهما قرىء قوله تعالى: {لَا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنْتَ مَكَانًا سُوًى} [طه: 58] ، أي مستويا طريقنا إليه وطريقك إليه كما قاله المفسرون فتحقق التعدد
واستثن ناصبًا بليس وخلا
…
وبعدا وبيكون بعد لا
ــ
الواحد فما فوقه نحو: {لَيْسُوا سَوَاءً} [آل عمران: 113] ؛ لأنها في الأصل مصدر بمعنى الاستواء. ا. هـ. "واستثن ناصبًا" للمستثنى "بليس وخلا وبعدا وبيكون بعد لا" النافية نحو قاموا ليس زيدًا، وخلا عمرًا، وعدا بكرًا، ولا يكون خالدًا. أما ليس ولا يكون فالمستثنى بهما واجب النصب لأنه خبرهما، واسمهما ضمير مستتر وجوبًا يعود على البعض المدلول
ــ
الذي يقتضيه الاستواء. قوله: "سواء والعدم" بجر سواء صفة لرجل والمختار في العدم النصب على المعية لضعف العطف لفظا لعدم الفصل كذا قالوا ويشكل عليه عندي أن الاستواء يقتضي متعددا فيكون العطف واجبا كما في اشترك زيد وعمرو وأما قولهم استوى الماء والخشبة بالنصب فليس الاستواء فيه بمعنى التماثل بل بمعنى الارتفاع أو الاستقرار على ما يظهر فتأمل. قوله: "عن الواحد فما فوقه" أي ويعطف على ضميرها في الأول شيء يتحقق به التعدد إذ الاستواء لا يعقل إلا بين متعدد فاندفع ما اعترض به هنا. قوله: "مصدر" أي اسم مصدر.
فائدة: أجيز في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ} [البقرة: 6، يس: 10] ، كون سواء خبرا عما قبلها فما بعدها في تأويل المصدر فاعل لها لأن باب التسوية مما لا يحتاج إلى سابك أو خبرا عما بعدها فما بعدها في تأويل المصدر مبتدأ أو مبتدأ فما بعدها في تأويل المصدر خبر ولا يرد أن الاستفهام واجب التصدير فلا يكون فاعلا ولا مبتدأ مؤخرا ولا خبرا مؤخرا لأن هذه الهمزة سلخ عنها الاستفهام وجردت للتسوية. فإن قيل أم لأحد الأمرين وما يتعلق به سواء لا يكون إلا متعددا فالجواب أن أم هنا سلخ عنها الأحد وجردت للعطف والتشريك. فإن قيل يلزم على كون الهمزة للتسوية تكرارها مع سواء. فالجواب أن الاستواء المفهوم من الهمزة هو الاستواء الذي تضمنته حين كونها لحقيقة الاستفهام أي الاستواء في علم المستفهم والاستواء المستفاد من سواء هو الاستواء في الغرض المسوق له الكلام كأنه قيل المستويان في علمك مستويان في عدم النفع. وذهب الرضي إلى رأي آخر في المسألة وهو أن سواء خبر مبتدأ محذوف أي الأمران سواء وما بعد سواء بيان للأمرين والهمزة بمعنى إن الشرطية وأم بمعنى أو والجملة الاسمية دالة على الجزاء أي إن أنذرتهم أم لم تنذرهم. فالأمران سواء قال وإنما أفادت الهمزة فائدة إن لاستعمالها فيما لم يتيقن حصوله، وجعلت أم بمعنى أو لاستعمالهما في الأحد كذا في شرح الدماميني على المغني.
قوله: "بليس وخلا إلخ" والاستثناء بما ذكر لا يكون إلا مع التمام والاتصال وخلا في الأصل لازم وقد يضمن معنى جاوز فيتعدى بنفسه كما في خلا الاستثنائية والتزم ذلك فيها ليكون ما بعدها في صورة المستثنى بإلا ولذلك التزموا إضمار فاعله أما عدا فهو في الأصل يتعدى بنفسه وبعن ومعناه جاوز وترك كما في القاموس والأولى أن يكون بليس تنازعه استثن وناصبا نظير ما مر. قوله: "ولا يكون خالدا" أي لا تعدّ ولا تحسب فيهم خالدا فلا منافاة بين استقباله ومضى قاموا سم. قوله: "مستتر وجوبا" ليكون ما بعدها في صورة المستثنى بإلا كما مر
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عليه بكله السابق، فتقدير قاموا ليس زيدًا هو أي بعضهم، فهو نظير، {فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً} [النساء: 11] ، بعد {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} [النساء: 11] ، وقيل عائد على اسم الفاعل المفهوم من الفعل السابق والتقدير ليس هو أي القائم. وقيل عائد على الفعل المفهوم من الكلام السابق والتقدير ليس هو: أي ليس فعلهم زيد، فحذف المضاف، ويضعف هذين عدم الاطراد لأنه قد لا يكون هناك فعل كما في نحو القوم أخوتك ليس زيدًا. وأما خلا وعدا ففعلان غير متصرفين لوقوعهما موقع إلا وانتصاب المستثنى بهما على المفعولية وفاعلهما ضمير مستتر، وفي مرجعه الخلاف المذكور.
ــ
وقيل لأنه لو برز للزم الفصل بين أداة الاستثناء والمستثنى. قوله: "فهو نظير فإن كنّ نساء إلخ" أي في كون الضمير عائدا على البعض المفهوم من كلامه السابق إذ النون عائد على الإناث وهنّ بعض الأولاد المتقدم ذكرهم ومحط الفائدة قوله فوق اثنتين وذكر نساء توطئة له فلا يقال لا فائدة في قولنا فإن كانت الإناث نساء. قاله المصرح وقيل الضمير للأولاد وأنثه باعتبار الخبر. قوله: "على اسم الفاعل" لو قال على الوصف لكان أحسن ليشمل اسم المفعول في نحو قولك أكرمت القوم ليس زيدا إذ المرجع فيه اسم مفعول. قوله: "على الفعل" أي اللغوي وهو الحدث بواسطة تقدير مضاف كما ذكره الشارح. قوله: "والتقدير ليس هو أي ليس فعلهم إلخ" عبارة الدماميني والتقدير في مثل قاموا ليس زيدا ليس قيامهم قيام زيد فحذف المضاف الذي هو الخبر وأقيم المضاف إليه مقامه ثم قال ومما يرد عليهم أن تقديرهم لا يؤدي المقصود من الاستثناء وهو إخراج زيد من القوم والحكم عليه بعدم القيام على ما هو المختار وجعلهم أن التقدير ليس قيامهم قيام زيد لا يفيد ذلك.
قوله: "لأنه قد لا يكون إلخ" أجاب الدماميني بأن قائلي ذلك إنما خصوا الفعل بالذكر لأنهم إنما مثلوا بما اشتمل على الفعل تنبيها على كيفية التخريج في غيره فإذا لم يكن هناك فعل ملفوظ تصيد من الكلام ما يعود عليه الضمير ففي نحو القوم إخوتك ليس زيدا التقدير ليس هو أي المنتسب إليك بالأخوّة زيدا أو ليس انتسابهم انتساب زيد. قوله: "وأما خلا وعدا ففعلان غير متصرفين" لو قال فالمستثنى بهما جائز النصب وهما أيضا فعلان إلخ لحسنت المقابلة وسلم من إيهام أن ليس ولا يكون متصرفان. قوله: "على المفعولية" لأنهما متعلقان بمعنى جاوز. قوله: "ضمير مستتر" أي وجوبا. قوله: "وفي مرجعه الخلاف المذكور" والأصح منه أن مرجعه البعض المدلول عليه بكله السابق ونظر فيه الرضي بأنه لا يفيد المقصود لأن مجاوزة البعض لزيد في قولك قام القوم خلا زيدا لا يلزم منها مجاوزة الكل. وأجيب بأن البعض مبهم ومجاوزته إلا بمجاوزة الكل وبأن المراد بالبعض ما عدا المستثنى. ولي ههنا احتمال وهو أن يكون مرجع الضمير في خلا وعدا وحاشا نفس الاسم السابق، لكن التزم فيه التذكير والإفراد ليكون الاستثناء بها كالاستثناء بإلا ولجريان ذلك مجرى الأمثال التي لا تغير كما قالوه في حبذا زيد، حيث التزم تذكير اسم الإشارة وإفراده لذلك ولا يرد على هذا تنظير الرضى فاعرفه. قوله:
واجرر بسابقي يكون إن ترد
…
وبعد ما انصب وانجرار قد يرد
ــ
تنبيهان: الأول قيل موضوع جملة الاستثناء من هذه الأربع نصب على الحال. وقيل مستأنفة لا موضع لها، وصححه ابن عصفور. الثاني لا تستعمل يكون في الاستثناء مع غير لا من أدوات النفي. ا. هـ "واجرر بسابقي يكون" وهما خلا وعدا "إن ترد" الجر فإنه جائز وإن كان قليلًا، فمن الجر بخلا قوله:
476-
خلا الله لا أرجو سواك وإنما
…
أعد عيالي شعبة من عيالكا
ومن الجر بعدا قوله:
477-
أبحنا حيهم قتلًا وأسرًا
…
عدا الشمطاء والطفل الصغير
تنبيهان: الأول لم يحفظ سيبويه الجر بعدا، قيل ولا بخلا وليس كذلك، بل ذكر الجر بخلا. الثاني قيل يتعلقان حينئذ بما قبلهما من فعل أو شبهه على قاعدة حروف الجر. وقيل موضعهما نصب عن تمام الكلام وهو الصواب لعدم اطراد الأول، ولأنهما لا يعديان
ــ
"نصب على الحال" ولم تقترن بقد في ليس وخلا وعدا مع أن ذلك واجب إذا كانت جملة ماضوية لاستثناء أفعال الاستثناء، أو يقال محل ذلك الأفعال المتصرفة. قوله:"مستأنفة" أي غير متعلقة بما قبلها في الإعراب وإن تعلقت به في المعنى. قاله المصرح.
قوله: "وصححه ابن عصفور" علله بعدم الربط للحال ثم قال: فإن قيل إذا عاد الضمير على البعض المضاف لضمير المستثنى منه حصل الربط في المعنى فالجواب أن ذلك غير منقاس. قوله: "لا تستعمل بكون إلخ" أي كما لا يستعمل فيه غير يكون من تصاريف الكون ككان. قوله: "شعبة" أي فرقة. قوله: "أبحنا حيهم إلخ" يحتمل أن حيهم نصب بنزع الخافض أي في حيهم وقتلا مفعول به، ويحتمل أن حبهم مفعول به وقتلا تمييز محوّل عنه. والشمطاء التي يخالط سواد شعرها بياض والمراد بها العجوز. قوله:"حينئذٍ" أي حين إذ جر بهما، وقوله مما قبلهما أي في الرتبة وإن تأخر في اللفظ كما في الشاهد الأول. قوله:"على قاعدة حروف الجر" فموضع مجرورهما نصب بالفعل أو شبهه. قوله: "موضعهما" أي موضع مجرورهما وقوله عن تمام الكلام أي نصبا ناشئا عن تمام الكلام أي عن تمام الجملة قبلهما فتكون هي الناصبة ونظير ذلك نصب
476- البيت من الطويل، وهو للأعشى في خزانة الأدب 3/ 314؛ وليس في ديوانه؛ وبلا نسبة في جواهر الأدب ص382؛ وحاشية يس 1/ 355؛ والدرر 3/ 164؛ وشرح التصريح 1/ 363؛ وشرح ابن عقيل ص317؛ ولسان العرب 14/ 242 "خلا"؛ والمقاصد النحوية 3/ 137؛ وهمع الهوامع 1/ 226، 232.
477-
قبله:
تركنا في الحضيض بنات عوج
…
عواكف قد خضعن إلى النسور
والبيتان من الوافر، وهما بلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 285؛ والدرر 3/ 178؛ وشرح التصريح 1/ 363؛ وشرح ابن عقيل ص318؛ والمقاصد النحوية 3/ 132؛ وهمع الهوامع 1/ 222.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الأفعال إلى الأسماء: أي لا يوصلان معناها إليها، بل يزيلان معناها عنها، فأشبها في عدم التعدية الحروف الزائدة، ولأنهما بمنزلة إلا وهي غير متعلقة. ا. هـ "وبعد ما" المصدرية "انصب" حتمًا لأنهما تعينا بها للفعلية كقوله:
478-
لا كل شيء ما خلا الله باطل
وقوله:
479-
تمل الندامى ما عداني فإنني
…
بكل الذي يهوى نديمي مولع
ــ
الجملة تمييز النسبة كما في التصريح ولا متعلق للحرف على هذا. قوله: "لعدم اطراد الأول" لأنه لا يأتي في نحو القوم اخوتك خلا زيد وفيه ما مر عن الدماميني فاعرفه. قوله: "لا يعديان الأفعال إلخ" رده بعضهم بأنه لا يلزم أن يكون معنى التعدية إيصال الحرف معنى الفعل إلى الاسم على وجه الثبوت، بل يجوز أن يكون معناها جعل الاسم مفعولا لذلك الفعل وإيصال معنى الفعل إليه على الوجه الذي يقتضيه الحرف من ثبوت أو انتفاء، ألا ترى أن المفعول به في النفي نحو لم أضرب زيدا لم يخرجه انتفاء وقوع الفعل عليه عن كونه مفعولا.
قوله: "ولأنهما بمنزلة إلا" أي في المعنى ورد بأن ذلك لا يقتضي مساواتهما لها في جميع الأحكام ألا ترى أنهما يجران بخلاف إلا. قوله: "المصدرية" فيه أن الحرف المصدري لا يوصل بفعل جامد إلا أن يقال هما في الأصل متصرفان والجمود عارض فلم يكن مانعا من الوصل، أو يقال هما مستثنيان. وعلى كل فالمصدر المنسبك ملاحظ فيه جانب المعنى كما يؤخذ من تعبير الشارح في حل المعنى بمادة المجاوزة. قوله:"حتما" فيه أن هذا مناف لقول المصنف بعد وانجرار قد يرد إلا أن يجعل جريا على مذهب من لا يجيز الجر بهما بعد ما لأنه الراجح عند الشارح كما سيشير إليه فتأمل. قوله: "تمل" بالبناء للمجهول من الملل وهو السآمة. والندامى جمع
478- عجزه:
وكل نعيم لا محالة زائل
والبيت من الطويل، وهو للبيد بن ربيعة في ديوانه ص256؛ وجواهر الأدب ص382؛ وخزانة الأدب 2/ 255، 257؛ والدرر 1/ 71؛ وديوان المعاني 1/ 118؛ وسمط اللآلي ص253؛ وشرح التصريح 1/ 29؛ وشرح شذور الذهب ص329؛ وشرح شواهد المغني 1/ 150، 153، 154، 392؛ وشرح المفصل 2/ 78؛ والعقد الفريد 5/ 273؛ ولسان العرب 5/ 351 "رجز"؛ والمقاصد النحوية 1/ 5، 7، 291؛ ومغني اللبيب 1/ 133؛ وهمع الهوامع 1/ 3؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص211؛ وأوضح المسالك 2/ 289؛ والدرر 3/ 166؛ ورصف المباني ص269؛ وشرح شواهد المغني 2/ 531؛ وشرح عمدة الحافظ ص263؛ وشرح قطر الندى ص248؛ والهمع ص154؛ وهمع الهوامع 1/ 226.
479-
البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 107؛ والجني الداني ص566؛ وجواهر الأدب ص382؛ والدرر 3/ 179؛ وشرح التصريح 1/ 110، 364؛ وشرح شذور الذهب ص339؛ والمقاصد النحوية 1/ 363؛ وهمع الهوامع 1/ 233.
وحيث جرا فهما حرفان
…
كما هما إن نصبا فعلان
وكخلا حاشا ولا تصحب ما
…
وقيل حاش وحشا فاحفظهما
ــ
وموضع الموصول وصلته نصب بالاتفاق: فقال السيرافي على الحال وهذا مشكل لتصريحهم في غير هذا الموضع بأن المصدر المؤول لا يقع حالًا كما يقع المصدر الصريح في نحو أرسلها العراك، وقيل على الظرف، وما وقتية نابت هي وصلتها عن الوقت، فالمعنى على الأول قاموا مجاوزين زيدًا، وعلى الثاني قاموا وقت مجاوزتهم زيدًا. وقال ابن خروف على الاستثناء كانتصاب غير في: قاموا غير زيد "وانجرار" بهما حينئذ "قد يرد" أجاز ذلك الجرمي والربعي والكسائي والفارسي لكن على تقدير ما زائدة لا مصدرية، فإن قالوه بالقياس ففاسد لأن ما لا تزاد قبل الجار بل بعده نحو: عما قليل، فبما رحمة، وإن قالوه بالسماع فهو من الشذوذ بحيث لا يحتج به "وحيث جرا فهما حرفان" بالاتفاق "كما هما إن نصبا فعلان" فالاتفاق وسواء في الحالين اقترنا بما أو تجردا عنها "وكخلا" في جواز المستثنى بها ونصبه "حاشا" تقول قام القوم حاشا زيد وحاشا زيدًا،
ــ
نديم. قوله: "على الحال" بتأويلها باسم الفاعل وتلك الحال فيها معنى الاستثناء. تصريح. قوله: "لا يقع حالا" أي لتعرفه بالضمير المشتمل عليه فلا تقول جاء زيد أن يقوم لتأوله بمصدر مضاف للضمير والحال لا تكون معرفة. وأما تعرف نحو العراك في قولهم أرسلها العراك ففي معنى التنكير لأنه بأل الجنسية قاله الدماميني ثم رأيت في المغني ما يدفع الإيراد عن السيرافي فإنه عد من اللفظ المقدر بشيء مقدر بآخر ما خلا وما عدا، وعلى قول السيرافي ما مصدرية وهي وصلتها حال فيها معنى الاستثناء ثم قال: قال ابن مالك فوقعت الحال معرفة لتأولها بالنكرة. ا. هـ. والتأويل خالين عن زيد ومتجاوزين زيدا. ا. هـ.
قوله: "كما يقع" راجع للمنفي. قوله: "وما وقتية" سميت وقتية لنيابتها هي وصلتها عن الوقت كما أشار إلى ذلك الشارح فالذي في محل النصب على الظرفية مجموع الموصول والصلة كما أفاده الشارح خلافا لمن قال هو ما فقط. قوله: "كانتصاب غير" أي على الاستثناء بناء على مذهبه. قوله: "حينئذٍ" أي حين إذ وقعا بعدما. قوله: "بالقياس" أي على زيادتها بعد بعض حروف الجر نحو فبما رحمة، وقد بين الفرق بين المقيس والمقيس عليه بقوله لأن ما إلخ، قوله:"بل بعده" أي بعد الجار. قوله: "فهو من الشذوذ بحيث إلخ" أي فهو من أمكنة الشذوذ في مكان لا يحتج به. قوله: "وحيث جرّا فهما حرفان" أجرى الظرف مجرى الشرط فأدخل الفاء كقوله تعالى: {وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ} [الأحقاف: 11] . قوله: "وسواء في الحالين إلخ" التعميم مبني على مذهب من يجيز الجر بهما مع ما المشار إليه بقول المصنف وانجرار قد يرد. قوله: "وكخلا حاشا" إذا جررت بالثلاثة قلت خلاي وحاشاي وعداي بدون نون الوقاية. وإن نصبت فبنون الوقاية ويجوز في خلاك وخلاه وحاشاك وحاشاه وعداك وعداه كون الضمير منصوبا ومجرورا.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فإذا جرت كانت حرف جر. وفيما تتعلق به ما سبق في خلا وإذا نصبت كانت فعلًا والخلاف في فاعلها وفي محل الجملة كما في خلا.
تنبيهان: الأول الجر بحاشا هو الكثير الراجح، ولذلك التزم سيبويه وأكثر البصريين حرفيتها ولم يجيزوا النصب، لكن الصحيح جوازه فقد ثبت بنقل أبي زيد وأبي عمر والشيباني والأخفش وابن خروف، وأجازه المازي والمبرد والزجاج. ومنه قوله:
480-
حاشا قريشًا فإن الله فضلهم
…
على البرية بالإسلام والدين
وقوله:
اللهم اغفر لي ولمن يسمع
…
حاشا الشيطان وأبا الأصبغ
وقوله:
481-
حاشا أبا ثوبان إن أبا
…
ثوبان ليس ببكمة فدم
ــ
قوله: "وفيما تتعلق به" أي وجودا وعدما إذ ليس الخلاف السابق في العامل الذي تتعلق به بل في كونها لها متعلق أولا ولو قال وفي كونها تتعلق أوّلا ما سبق لكان أوضح. وقوله في فاعلها أي في مرجع فاعلها إذ لم يتقدم خلاف في نفس فاعلها. وقوله وفي محل الجملة أي وجودا وعدما إذ الخلاف السابق في جملة خلا قولان: أنها في محل نصب على الحال وأنها مستأنفة لا محل لها. قوله: "اللهم اغفر لي إلخ" هذا نثر وأبو الأصبغ بفتح الهمزة وإهمال الصاد وإعجام الغين اسم رجل كما في حاشية شيخنا السيد. قال في التصريح وجعله قرينا للشيطان تنبيها على التحاقه به في الخسة وقبح الفعل. فإن قلت سيأتي أن حاشا إنما يستثنى بها في مقام التنزيه، والغفران لا ينزه منه. قلت بولغ في قبح الشيطان وأبي الأصبغ وخستهما حتى كأن الغفران ينقص بمرتبتهما في القبح والخسة. قوله:"حاشا أبا ثوبان" قيل يحتمل أنه على لغة
480- البيت من البسيط، وهو للفرزدق في ديوانه 1/ 215؛ والدرر 3/ 175؛ وبلا نسبة في شرح ابن عقيل ص320؛ والمقاصد النحوية 3/ 137؛ وهمع الهوامع 1/ 232.
481-
هذا هو أصل البيت فيها، وأكثر النحاة يركب صدر البيت على عجز بيت آخر منها فينشدونه هكذا:
حاشا أبي ثوبان إن به
…
ضنا عن الملحاة والشنم
والبيت من الكامل، وهو للجميع الأسدي في الأصمعيات ص218؛ والجني الداني ص562؛ والدرر 3/ 176؛ وشرح اختيارات المفضل ص1508؛ وشرح شواهد المغني 1/ 368؛ وشرح المفصل 8/ 47؛ والمقاصد النحوية 3/ 129؛ وله وأو لسبرة بن عمرو والأسدي في لسان العرب 14/ 182 "حشا"؛ وبلا نسبة في الإنصاف 1/ 280؛ وخزانة الأدب 4/ 182؛ وشرح المفضل 2/ 84؛ ولسان العرب 14/ 181 "حشا" والمحتسب 1/ 341؛ ومغني اللبيب 1/ 122؛ وهمع الهوامع 1/ 232.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قال المرزوقي في رواية الضبي: حاشا أبا ثوبان بالنصب. الثاني الذي ذهب إليه الفراء أنها فعل لكن لا فاعل له. والنصب بعده إنما هو بالحمل عن الأول، ولم ينقل عنه ذلك في خلا وعدا، على أنه يمكن أن يقول فيهما مثل ذلك. ا. هـ. "ولا تصحب ما" فلا يجوز قام القوم ما حاشا زيدًا. وأما قوله:
482-
رأيت الناس ما حاشا قريشًا
…
فإنا نحن أفضلهم فعالًا
فشاذ "وقيل" في حاش "حاش وحشا فاحفظهما" وهل هاتان اللغتان في حاشا الاستثنائية أو التنزيهية؟ الأول ظاهركلامه هنا وفي الكافية وشرحها، والثاني ظاهر كلامه في التسهيل وهو الأقرب.
تنبيه: حاشا على ثلاثة أوجه: الأول تكون استثنائية وقد تقدم الكلام عليها. والثاني تكون تنزيهية نحو حاش الله وليست حرفًا. قال في التسهيل: بلا خلاف، بل هي عند
ــ
القصر فلا شاهد فيه لكن إن علم أن قائله ليس من أهل هذه اللغة صح الاستشهاد بل إذا لم يعلم أن قائله من أهلها صح لرجحان الحمل على الأشهر. والبكمة بالضم البكم وهو الخرس فالمراد بذي بكمة. والفدم بفتح الفاء وسكون الدال العي الثقيل. قوله: "لكن لا فاعل له" أي ولا مفعول كما قاله بعضهم وقوله بالحمل على إلا أي فيكون منصوبا على الاستثناء ومقتضى حمله على إلا أنه العامل للنصب فيما بعده.
قوله: "على أنه يمكن" أي مع أنه يمكن. قوله: "ولا تصحب ما" أي مصدرية كانت أو زائدة لأنها فعل جامد وما المصدرية لا توصل بجامد، وحملت الزائدة على المصدرية. وأما خلا وعدا فخرجا عن القاعدة سم. قوله:"رأيت الناس" قال الدماميني الظاهر أن مفعول رأيت الثاني محذوف أي دوننا ويحتمل أن يكون هو الجملة الاسمية والفاء زائدة على رأي الأخفش في مثل زيد فقائم. وقوله فعالا بفتح الفاء في الخير وبكسرها في الشر قاله شيخنا السيد. وقال الدماميني وغيره الفعال بفتح الفاء الكرم وبكسرها جمع فعل. واقتصر العيني على ضبطه بفتح الفاء وفسره بالكرم قال ويروى فأما الناس. قوله: "وهو الأقرب" أي لاتفاقهم على نفي حرفيتها فتكون أقبل للتصرف من الاستثنائية المتفق على أنها تكون حرفا بل التزمه بعضهم.
قوله: "تنزيهية" أي مدلولا بها على تنزيه ما بعدها من السوء قال الرضي وربما يريدون تبرئة شخص من سوء فيبتدئون بتنزيه الله تعالى ثم يبرئون من أرادوا تنزيهه على معنى أن الله تعالى منزه عن أن لا يطهر ذلك الشخص مما يعيبه. ا. هـ. فإن قلت إن معنى التنزيه موجود في حاشا الاستثنائية
482- البيت من الوافر، وهو للأخطل في خزانة الأدب 3/ 387؛ والدرر 3/ 180؛ وشرح التصريح 1/ 365؛ وشرح شواهد المغني 1/ 368؛ والمقاصد النحوية 3/ 136؛ وبلا نسبة في الجني الداني ص565؛ وشرح ابن عقيل ص321؛ ومغني اللبيب 1/ 121؛ وهمع الهوامع 1/ 223.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المبرد وابن جني والكوفيين فعل. قالوا لتصرفهم فيها بالحذف، ولإدخالهم إياها على الحرف. وهذان الدليلان ينفيان الحرفية ولا يثبتان الفعلية. قالوا والمعنى في الآية جانب يوسف المعصية لأجل الله، ولا يتأتى مثل هذا التأويل في {حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا} [يوسف: 31] ، والصحيح أنها اسم مرادف للتنزيه منصوب انتصاب المصدر الواقع بدلًا من اللفظ بالفعل، بدليل قراءة ابن مسعود حاش الله بالإضافة، كمعاذ الله، وسبحان الله، وقراءة أبي السمال حاشًا لله
ــ
والمتصرفة أيضا فلم خصوا هذه باسم التنزيهية. قلت قال الشمني التنزيهية هي التي يراد بها معنى التنزيه وحده وبهذا خرج الوجهان الآخران لأنهما يراد فيهما مع التنزيه معنى آخر. ا. هـ. يعني الاستثناء ولوجود معنى التنزيه في الاستثنائية إنما يستثنى بها حيث يكون الاستثناء فيما ينزه عنها الاستثنائية، نحو ضربت القوم حاشا زيدا نقله الشمني عن الرضي وأقرّه وذكره الدماميني أيضا لكن قال عقب ما تقدم ولذلك لا يحسن صلى الناس حاشا زيدا لفوات معنى التنزيه كذا قال ابن الحاجب. ا. هـ. وظاهر قوله لا يحسن أن الشرط المتقدم شرط للحسن لا للجواز فتأمل. قوله:"بالحذف" أي حذف ألفها الأولى تارة والثانية أخرى. قوله: "على الحرف" وهو اللام في نحو حاش لله. قوله: "ينفيان الحرفية" أي لأن شأن الحرف عدم التصرف أي ما لم يقم دليل على الحرفية فلا ترد سوف وعدم الدخول على الحرف. قوله: "ولا يثبتان الفعلية" أي التي هي مدعاهم لاحتمال الاسمية فدليلاهم قاصران. قوله: "في الآية" يعني {قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ} [يوسف: 51] .
قوله: "ولا يتأتى مثل هذا التأويل إلخ" إذ لا يصح أن يكون المعنى جانب يوسف البشرية لأجل الله بل المعنى على تنزيه الله عن العجز والتعجب من قدرته تعالى على خلق جميل مثله كما في الكشاف. قوله: "اسم مرادف للتنزيه" وهل هي مصدر لفعل لم ينطق به كما في بله وويح أو اسم مصدرا نظره ثم رأيت في الدماميني قال إذا قلنا بأنها اسم فهل هو مصدر أو اسم فعل صرح ابن الحاجب بالثاني قال ومعنى حاش لله برىء الله فاللام زائدة في الفاعل كما في: {هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ} [المؤمنون: 36]، وفسرها الزمخشري ببراءة الله فتكون مصدرا وهو خلاف الظاهر ثم بحث الدماميني في كونه خلاف الظاهر. وأيضا هي على تفسير الزمخشري يحتمل أن تكون اسم مصدر فتأمل. هذا وتنوين حاشا في قراءة من نونه تنوين تنكير إن قلنا أنه اسم فعل وتنوين تمكين إن قلنا إنه مصدر أو اسم مصدر قاله الدماميني في شرح المغني وكونه تنوين تمكين هو ما درج عليه الشارح. قوله:"منصوبة انتصاب المصدر إلخ" والعامل فيها فعل من معناها. قوله: "بدليل" راجع لقوله اسم أي وكل من الإضافة والتنوين يمتنع في الحرف والفعل. قوله: "بالإضافة" أي لا بسبب كونها حرف جر لاختصاص ذلك بالاستثنائية خلافا لابن عطية في زعمه أنها في قراءة ابن مسعود حرف جر قاله في المغني. ويظهر لي أن حاش على هذه القراءة معربة لمعارضة الإضافة موجب البناء وقد يؤخذ من قول الشارح كمعاذ الله وسبحان الله. قوله: "أبي السمال" باللام كشداد. قوله: "لفظا ومعنى" أما لفظا فظاهر وأما معنى فلأن معنى
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بالتنوين أي تنزيهًا لله، كما يقال رعيًا لزيد، والوجه في قراءة من ترك التنوين أن تكون مبنية لشبهها بحاشا الحرفية لفظًا ومعنى. الثالث أنها تكون فعلًا متعديًا متصرفًا، تقول: حاشيته بمعنى استثنيته. ومنه الحديث أنه عليه الصلاة والسلام قال: "أسامة أحب الناس إلي ما حاشا فاطمة" ما نافية، والمعنى أنه صلى الله عليه وسلم لم يستثن فاطمة. وتوهم الشارح أنها المصدرية الاستثنائية بناء على أنه من كلامه صلى الله عليه وسلم فاستدل به على أنه قد يقال قام القوم ما حاشا زيدًا ويرده أن في معجم الطبراني ما حاشى فاطمة ولا غيرها. ودليل تصرفه قوله:
483-
ولا أرى فاعلًا في الناس يشبهه
…
ولا أحاشي من الأقوام من أحد
وتوهم المبرد أن هذا مضارع حاشا الاستثنائية، وإنما تلك حرف أو فعل لتضمنه معنى الحرف كما مر. ا. هـ.
خاتمة: جرت عادة النحويين أن يذكروا لا سيما من أدوات الاستثناء مع، أن الذي بعدها منبه على أولويته بما نسب لما قبلها، ويجوز في الاسم الذي بعدها الجر والرفع مطلقًا.
ــ
التنزيهية الإبعاد والحرفية الإخراج وهما متقاربان.
قوله: "حاشيته إلخ" قال الدماميني يجوز أن يكون مأخوذا من لفظ حاشا حرفا أو اسما كقولهم: لوليت أي قلت لولا، ولا ليت أي قلت لا لا، وسوفت أي قلت سوف وسبحت وسبحلت أي قلت سبحان الله، ولبيت أي قلت لبيك، وهو كثير فيكون معنى حاشيت زيدا قلت حاشا زيدا. قوله:"والمعنى إلخ" مبني على أنه من كلام الراوي كما تدل عليه رواية الطبراني الآتية. قوله: "وتوهم الشارح أنها" أي ما حاشا التي في الحديث والتأنيث باعتبار أنها كلمة والمصدرية نعت لمحذوف أي ما المصدرية. وخبر إن مجموع المتعاطفين. ويحتمل عود الضمير على ما وعطف حاشا على الضمير. قوله: "بناء على أنه إلخ" وعلى هذا يكون المعنى أسامة أحب الناس إليّ إلا فاطمة فليس أحب إليّ منها فيحتمل أن تكون هي أحب إليه ويحتمل أن يتساويان في الحب. دماميني. قوله: "ويرده إلخ" وجه الرد أن لا في قوله ولا غيرها زائدة لتأكيد النفي فيتعين كون ما قبلها نافية وأن ذلك من كلام الراوي واحتمال أن لا نافية وغير مفعول لاستثنى محذوفا فيكون من كلام النبي بعيد لا يؤثر في الأدلة الظنية. قوله: "وإنما تلك إلخ" رد من الشارح لما توهمه المبرد. قوله: "لتضمنه معنى الحرف" أي الاستثنائي وهو إلا. قوله: "لا سيما" سي كمثل وزنا ومعنى وعينها واو قلبت ياء لاجتماعها ساكنة مع الياء قاله الدماميني.
483- البيت من البسيط، وهو للنابغة الذبياني في ديوانه ص20؛ وأسرار العربية ص208؛ والإنصاف 1/ 278؛ والجني الداني ص559؛ 563؛ وخزانة الأدب 3/ 403، 405؛ والدرر 3/ 181؛ وشرح شواهد المغني 1/ 368؛ وشرح المفصل 2/ 85، 8/ 48؛ ولسان العرب 14/ 181، 182 "حشا"، وبلا نسبة في جواهر الأدب ص427؛ وشرح المفصل 8/ 49؛ ومغني اللبيب 1/ 121؛ وهمع الهوامع 1/ 223.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والنصب أيضًا إذا كان نكرة. وقد روى بهن قوله:
484-
ولا سيما يوم بدارة جلجل
والجر أرجحها، وهو على الإضافة، وما زائدة بينهما مثلها في أيما الأجلين، والرفع على أنه خبر لمضمر محذوف وما موصولة أو نكرة موصوفة بالجملة، والتقدير ولا مثل الذي هو يوم أو ولا مثل شيء هو يوم ويضعفه في نحو ولا سيما زيد، حذف العائد المرفوع مع عدم الطول وإطلاق ما على من يعقل، وعلى الوجهين ففتحة سيئ إعراب لأنه مضاف، والنصب على التمييز، كما يقع التمييز بعد مثل في نحو:{وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا}
ــ
قوله: "مع أن الذي بعدها منبه على أولويته" أي كونه أولى بما نسب لما قبلها أي وذلك مناف للاستثناء لأنه إخراج وما بعد لا سيما داخل بالأولى، وقد وجه ذكرها هنا بأنه لما كان ما بعدها مخالفا بالأولوية لما قبلها أشبهت أدوات الاستثناء المخالف ما بعدها لما قبلها. قوله:"مطلقا" أي نكرة أو معرفة. قوله: "يوم بدارة جلجل" هي غدير ماء ويومها يوم دخول امرىء القيس خدر عنيزة وعقره مطيته للعذارى حين وردن الغدير يغتسلن فقد على ثيابهنّ وحلف لا يعطي واحدة منهنّ ثوبها حتى تخرج مجردة فتأخذه فأبين ذلك حتى تعالى النهار، فخرجن وأخذن ثيابهنّ وقلن له قد حبستنا وأجعتنا فذبح لهن ناقته قاله الشمني. قوله:"وهو على الإضافة وما زائدة بينهما" وهل هي لازمة أو يجوز حذفها نحو لا سي زيد زعم ابن هشام الخضراوي الأول ونص سيبويه على الثاني كذا في الهمع ويجوز أن تكون ما نكرة تامة والمجرور بعدها بدل منها أو عطف بيان. قوله: "لمضمر محذوف" أي ضمير محذوف وجوبا لما تقدم من أن لا سيما بمنزلة إلا وهي لا تقع بعدها الجملة غالبا. قوله: "بالجملة" تنازعه كل من موصولة وموصوفة. دماميني. قوله: "في نحو ولا سيما زيد" بخلاف نحو ولا سيما زيد المتقدم على أقرانه لوجود الطول. قوله: "ففتحة سي اعراب" لأنه اسم لا التبرئة مضاف للاسم على زيادة ما ولما على الوجه الثاني باحتماله لكنه لا يتعرف بالإضافة لتوغله في الإبهام كمثل فلهذا صح عمل لا فيه وخبرها محذوف أي موجود.
قوله: "كما يقع التمييز بعد مثل" أي الذي هو بمعناه فيكون تمييز مفرد. ومقتضى كلامه أن التمييز لشي. وفي كلام بعضهم أنه لما وأنها نكرة تامة بمعنى شيء مفسرة بالتمييز قاله سم.
484- صدره:
ألا رب لك منهن صالح
والبيت من الطويل، وهو لامرئ القيس في ديوانه ص10؛ والجني الداني ص334، 443؛ وخزانة الأدب 3/ 444، 451؛ والدرر 3/ 183؛ وشرح شواهد المغني 1/ 412، 2/ 558؛ وشرح المفصل 2/ 86؛ والصاحبي في فقه اللغة ص155؛ ولسان العرب 14/ 411 "سوا"؛ وبلا نسبة في رصف المباني ص193؛ ومغني اللبيب ص140، 313، 421؛ وهمع الهوامع 1/ 234.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الكهف: 109] ، وما كافة عن الإضافة، والفتحة بناء مثلها في لا رجل. وأما انتصاب المعرفة نحو ولا سيما زيدًا فمنعه الجمهور، وتشديد يائها ودخول لا عليها ودخول الواو على لا واجب. قال ثعلب: من استعمله على خلاف ما جاء في قوله ولا سيما يوم فهو مخطئ. وذكر غيره أنها قد تخفف وقد تحذف الواو كقوله:
485-
فه بالعقود وبالأيمان لا سيما
…
عقد وفاء به من أعظم القرب
ــ
وما نقله عن بعضهم رجح بأنه لو كان تمييزا لسي لكان معمولا لها فتكون شبيهة بالمضاف فتكون فتحته اعرابية وبأن الشيخ في قولنا مثلا أكرم العلماء وسيما شيخا لنا ليس نفس السي المنفي حتى يفسره بل هو غيره فتعين أنه تمييز ما وسي مضافة إليها. قوله: "وما كافة عن الإضافة" وعليه ففتحة سي بنائية وأما على قول غيره أنها نكرة تامة فإعرابية كما في الوجهين السابقين. قوله: "وأما انتصاب المعرفة إلخ" مقابل قوله سابقا والنصب أيضا إذا كان نكرة. قوله: "فمنعه الجمهور" وجوزه بعضهم موجها بأن ما كافة وأن لا سيما بمنزلة إلا الاستثنائية فما بعدها منصوب على الاستثناء المتصل لإخراجه عما قبل لا سيما من حيث عدم مساواة ما قبلها له وضعف بأن إلا لا تقترن بالواو. لا يقال جاء القوم وإلا زيدا ووجهه الدماميني بأن ما تامة بمعنى شيء والنصب بتقدير أعني أي ولا مثل شيء أعني زيدا.
قوله: "ودخول الواو" أي الاعتراضية كما في الرضي. قوله: "من استعمله على خلاف ما جاء إلخ" اعلم أن لا سيما تستعمل أيضا بمعنى خصوصا فيؤتى بعدها بالحال مفردة أو جملة وبالجملة الشرطية كما نص عليه الرضي وتكون منصوبة المحل على أنها مفعول مطلق مع بقاء سي على كونه اسم لا ويظهر أنه لا خبر لها كما في نحو ألا ماء بمعنى أتمنى ماء كما مر في محله قال الدماميني وما على هذا كافة. ا. هـ. نحو أحب زيدا ولا سيما راكبا فراكبا حال من مفعول الفعل المقدر وهو أخصه أي أخصه بزيادة المحبة في هذه الحال ونحو أحبه ولا سيما وهو راكب أو ولا سيما إن ركب وجواب الشرط مدلول عليه بالفعل المقدر أي إن ركب بزيادة المحبة، ويجوز أن يجعل بمعنى المصدر اللازم أي اختصاصا فيكون معنى لا سيما راكبا يختص بزيادة محبتي راكبا. فقول المصنفين ولا سيما والأمر كذا تركيب عربي خلافا للمرادي. قال الدماميني ونظير جعل لا سيما الذي بمعنى خصوصا منصوب المحل على المفعولية المطلقة مع بقاء سي على كونه اسم لا التبرئة نقل أيها الرجل من النداء إلى الاختصاص مع بقائه على حالته في النداء من ضم أي ورفع الرجل.
قوله: "قد تخفف" أي بحذف عينها وهي ياؤها الأولى على ما اختاره أبو حيان. وقال ابن
485- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر 1/ 88؛ وخزانة الأدب 3/ 447؛ والدرر 3/ 176؛ وشرح شواهد المغني ص413؛ ومغني اللبيب ص140؛ وهمع الهوامع 1/ 235.
الحال:
الحال وصف فضلة منتصب
…
مفهم في حال كفردا أذهب
ــ
وهي عند الفارسي نصب على الحال، وعند غيره اسم للا التبرئة وهو المختار. الله أعلم.
الحال:
"الحال" يذكر ويؤنث. ومن التأنيث قوله:
486-
إذا أعجتك الدهر حال من امرئ
…
فدعه وواكل أمره واللياليا
وسيأتي الاستعمالان في النظم وهو اصطلاح النحاة "الحال وصف فضلة منتصب
ــ
جني المحذوف لامها وحركت العين بحركة اللام كذا في الهمع وفيه أيضا أن العرب أبدلت سينها تاء فوقية فقالوا لا تيما كما قرىء: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} [الناس: 1]، ولامها كذلك فقالوا تاسيما. قوله:"وقد تحذف الواو" أما حذف لا فقال الدماميني حكى الرضي أنه يقال سيما بالتثقيل والتخفيف مع حذف لا ولم أقف عليه من غير جهته بل في كلام الشارح يعني المرادي أن سيما بحذف لا لم يوجد إلا في كلام من لا يحتج بكلامه. ا. هـ. باختصار. قوله: "فه" فعل أمر من وفي يفي، والهاء للسكت قال الدماميني والشمني فينطق بها وقفا ولا ينطق وتكتب بها وصلا. ا. هـ. وقد يقال هلا جاز النطق بها وصلا إجراء للوصل مجرى الوقف. قوله:"وهي عند الفارسي" أي إذا تجردت عن الواو وإلا وافق غيره لأن الحال المفردة لا تقترن بالواو قاله الدماميني. قوله: "نصب على الحال" أي ولا مهملة فمعنى قاموا لا سيما زيد قاموا غير مماثلين لزيد في القيام. والفارسي يكتفي بالتكرير المعنوي في لا المهملة الداخلة على الحال، وهو موجود هنا لأن معنى قاموا لا مساوين لزيد في القيام ولا أولى منه. فلا يقال إذا أهملت لا وجب تكرارها قاله الدماميني.
الحال:
يطلق لغة على الوقت الذي أنت فيه، وعلى ما عليه الشخص من خير أو شرّ. وألفها منقلبة عن واو لجمعها على أحوال وتصغيرها على حويلة. واشتقاقها من التحول. قوله:"يذكر ويؤنث" أي لفظه وضميره ووصفه وغيرها لكن الأرجح في الأول التذكير بأن يقال حال بلا تاء وفي غيره التأنيث. قوله: "وصف" أي صريح أو مؤول فدخلت الجملة وشبهها قاله المصرح. قوله: "منتصب" أي أصالة وقد يجر لفظه بالباء ومن بعد النفي لكن ليس ذلك مقيسا على الأصح، نحو:
486- البيت من الطويل وهو لأفنون التغلبي في حماسة البحتري ص164؛ ولمويلك العبدي في حماسة البحتري ص215؛ وبلا نسبة في المقاصد النحوية 3/ 99.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مفهم في حال كفردا أذهب" فالوصف جنس يشمل الحال وغيره، ويخرج نحو القهقرى في قولك: رجعت القهقرى، فإنه ليس بوصف إذ المراد بالوصف ما صيغ من المصدر ليدل على متصف، وذلك اسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبهة وأمثلة المبالغة وأفعل التفضيل، وفضلة يخرج العمدة كالمبتدأ في نحو أقائم الزيدان، والخبر في نحو زيد قائم، ومنتصب يخرج النعت لأنه ليس بلازم النصب، ومفهم في حال كذا يخرج التمييز في نحو لله دره فارسًا.
ــ
فما رجعت بخائبة ركابٌ
…
حكيمُ بن المسيب منتهاها
ونحو قراءة زيد بن ثابت: {مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ} [الفرقان: 18] ، بضم النون وفتح الخاء، فمن أولياء حال بزيادة من كذا في ابن عقيل على التسهيل وكذا في الدماميني عليه ثم قال: قال ابن هشام ويظهر لي فساده في المعنى لأنك إذا قلت ما كان لك أن تتخذ زيدا في حالة كونه خاذلا فأنت مثبت لخذلانه ناه عن اتخاذه وعلى هذا فيلزم أن الملائكة أثبتوا لأنفسهم الولاية فتأمله. ا. هـ. وفي تفسير البيضاوي وقرىء تتخذ بالبناء للمفعول من اتخذ الذي له مفعولان كقوله تعالى: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} [النساء: 125]، ومفعوله الثاني من أولياء ومن للتبعيض. ا. هـ. وإنما قال الذي له مفعولان لأنه قد يتعدى لواحد نحو:{أَمِ اتَّخَذُوا آَلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ} [الأنبياء: 21]، ولم يجعل من زائدة في المفعول الثاني لأنها لا تزاد فيه. قوله:"مفهم في حال" أي في حال كذا فهو على نية الإضافة فيقرأ بلا تنوين كذا في شرح السندوبي نقلا عن البصير. قوله: "ويخرج نحو القهقرى" لأنه اسم للرجوع إلى خلف لا وصف، وقد مشى في الإخراج به على مذهب من يجوز الخروج بالجنس إذا كان بينه وبين الفصل عموم وخصوص من وجه كابن عصفور والسعد والفاكهي أو يقال معنى الإخراج بالجنس الدلالة به على عدم إرادة نحو القهقرى مثلا. قوله:"ما صيغ من المصدر إلخ" أو مؤول بما صيغ منه لتدخل الجملة وشبهها والحال الجامدة لتأول كل بالمشتق حتى في المسائل الست الآتية في الشرح على ما هو ظاهر كلام المصنف في شرح الكافية وصرح به ولده. نعم لا تدخل بهذه الزيادة الحال الجامدة في المسائل الست على ما هو الراجح عند الشارح من عدم تأولها بالمشتق وكان الأولى كما أفاده سم. أن يقول هو ما دل على معنى في متبوعه. قوله: "يخرج النعت" أي لكون المتبادر منه والمراد منتصب وجوبا.
قوله: "ويخرج التمييز" أي لأنه على معنى من لا في لأنه لبيان جنس المتعجب منه وقوله نحو لله دره فارسا أي من كل تمييز وقع وصفا مشتقا. قوله: "من حيث هو هو" الأقرب في هذه العبارة وإن لم يتنبه له البعض أن الضمير الأول لما والثاني تأكيد والخبر محذوف والمعنى من حيث اللفظ نفسه معتبر أي باعتبار نفس اللفظ وقطع النظر عما عرض له، أو الثاني راجع للحال خبر أي من حيث ذلك اللفظ حال لا من حيث توقف المعنى عليه ولو قال كبعضهم ما يستغنى
وكونه منتقلًا مشتقًّا
…
يغلب لكن ليس مستحقًّا
ــ
تنبيهان: الأول المراد بالفضلة ما يستغنى عنه من حيث هو هو. وقد يجب ذكره لعارض كونه سادًّا مسد عمدة، كضربي العبد مسيئًا، أو لتوقف المعنى عليه كقوله:
487-
إنما الميت من يعيش كئيبًا
…
كاسفا باله قليل الرجاء
الثاني الأولى أن يكون قوله كفردًا أذهب تتميمًا للتعريف لأن فيه خللين: الأول أن في قوله منتصب تعريفا للشيء بحكمه، والثاني أنه لم يقيد منتصب باللزوم وإن كان مراده ليخرج النعت المنصوب كرأيت رجلًا راكبًا، فإنه يفهم في حال ركوبه وإن كان ذلك بطريق اللوم لا بطريق القصد، فإن القصد إنما هو تقييد المنعوت "وكونه" أي الحال "منتقلا" عن صاحبه غير لازم له "مشتقًّا" من المصدر ليدل على متصف "يغلب لكن ليس" ذلك "مستحقًّا" له، فقد جاء غير منتقل كما في الحال المؤكد نحو زيد أبوك عطوفًا، {وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا} [مريم: 33] ، والمشعر عاملها بتجدد صاحبها نحو: {وَخُلِقَ
ــ
الكلام عنه من حيث هو كلام نحوي لكان أوضح. وإنما لم يقتصر على هو الأولى لأن قولك من حيث هو حيثية إطلاق ومن حيث هو هو حيثية تقييد بالنظر إلى الذات. قوله: "لأن فيه خللين" أي يزولان بجعله تتميما للتعريف هذا مقتضى كلامه. ولا يخفى أن الخلل الأول لا يزول بذلك لأنه لا ينفي كون منتصب جزما من التعريف فكان على الشارح أن يقول الأولى أن يكون منتصب خبر مبتدإ محذوف والجملة معترضة، وكفردا أذهب تتميما للتعريف لأن فيه خللين إلخ وإنما قال الأولى ولم يقل الصواب لإمكان دفع الأول وهو أن التعريف للشيء بحكمه يوجب الدور لأن الحكم فرع التصور والتصور موقوف على الحد بأنه يكفي الحكم التصور بوجه آخر غير الحدّ ودفع الثاني بما أشار إليه الشارح أولا من أن المراد منتصب وجوبا، وبأن المتبادر من قولنا مفهم في حال كذا كون الإفهام مقصودا واللفظ يحمل على المتبادر فيخرج النعت المذكور.
قوله: "ليخرج إلخ" تعليل للمنفي وهو التقييد فيكون النفي منصبا عليه أيضا. قوله: "وإن كان ذلك" أي الإفهام. قوله: "لكن ليس مستحقا" دفع به توهم أن يكون الغالب واجبا في الفصيح كما قاله سم وضمير ليس إما للكون فمستحقا بفتح الحاء وإما للحال فمستحقا بكسرها كما قال خالد. قوله: "كما في الحال المؤكدة" أي لمضمون الجملة قبلها كالمثال الأول أو لعاملها كالثاني أو لصاحبها في نحو لآمن من في الأرض كلهم جميعا لا في نحو جاءني القوم جميعا لأن اجتماعهم في المجيء ينتقل. قوله: "بتجدد صاحبها" أي حدوثه بعد أن لم يكن
487- البيت من الخفيف، وهو لعدي بن الرعلاء الغساني في الأصمعيات ص152؛ والحماسة الشجرية 1/ 195؛ وخزانة الأدب 9/ 583؛ وسمط اللآلي ص8؛ 603؛ ولسان العرب 2/ 91 "موت"؛ ومعجم الشعراء ص252؛ ولصالح بن عبد القدوس في حماسة البحتري ص214؛ ومعجم الأدباء 12/ 9؛ وبلا نسبة في شرح شواهد المغني 2/ 936؛ وشرح قطر الندى ص234؛ ومغني اللبيب ص461.
ويكثر الجمود في سعر وفي
…
مبدي تأول بلا تكلف
كبعه مدا بكذا يدا بيد
…
وكر زيد أسدا أي كأسد
ــ
الإِنْسَانُ ضَعِيفًا} [النساء: 28]، وقولهم: خلق الله الزرافة يديها أطول من رجليها. وقوله:
488-
وجاءت به سبط العظام كأنما
…
عمامته بين الرجال لواء
وغيرهما نحو دعوت الله سميعًا. قائمًا بالقسط. وجاء جامدًا "ويكثر الجمود في" الحال الدالة على "سعر" أو مفاعلة أو تشبيه أو ترتيب "وفي" كل "مبدي تأول بلا تكلف. كبعه" البر "مدا بكذا" أي مسعرًا، وبعه "يدًا بيد" أي مقايضة "وكر زيد أسدًا أي
ــ
ومأخذ لزومها أنها مقارنة للخلق أي الإيجاد فهي خلقية جبلية لا تتغير ولا يرد عليه خلق الإنسان طفلا لأن انتقاله من طور إلى طور بمنزلة خلق له متجدد فتكون الحال الأولى لازمة للخلق الأول والثانية لازمة للخلق المتجدد. قوله: "الزرافة" بفتح الزاي أفصح من ضمها ويديها بدل بعض وأطول حال. وبعضهم قال يداها أطول على المبتدأ والخبر فالحال الجملة. قوله: "وجاءت به" أي جاءت أم الممدوح به سبط العظام بفتح السين وسكون الموحدة وإن جاز في غير هذا البيت كسرها أي حسن القد، وقوله:
كأنما عمامته بين الرجال لواء
أي راية صغيرة أي في الارتفاع والعلو على الرؤوس والمراد مدحه بطوله وعظم جسمه. قوله: "وغيرهما" أي غير المؤكدة والمشعر عاملها بحدوث صاحبها ولا ضابط لذلك الغير بل مرجعه السماع. قوله: "قائما بالقسط" حال من فاعل شهد وهو الله ولا شك أن قيامه بالعدل لازم، وأفرده بالحال مع ذكر غيره معه لعدم الإلباس فلا يرد أنه لا يجوز جاء زيد وعمرو راكبا قاله الزمخشري، وسكت عن نكتة تأخيره عن المعطوفين قال التفتازاني كأنها الدلالة على علوّ مرتبتهما ويجوز إعرابه بالنصب على المدح وشهد بمعنى علم.
قوله: "ويكثر الجمود إلخ" أي ويقل في غير المذكورات. قوله: "أو مفاعلة إلخ" كان الأولى أن يؤخر هذه الثلاثة عن قوله: "وفي مبدى تأول بلا تكلف" ويقول كالدال على مفاعلة إلخ. قوله: "مدا بكذا" مدا حال وبكذا صفة لمدا أكائنات بكذا هذا مقتضى قانون الإعراب وإن كان الحال المؤول بها هذا اللفظ مأخوذة من مجموع الموصوف والصفة وهكذا يقال في يدا بيد أي مع يد ويرد أن الشارح سيذكر الحال الموصوفة في الأحوال الجامدة غير المؤولة وهذا ينافي جعل المثال من الحال الجامدة المؤولة إلا أن يجعل مستثنى من الحال الموصوفة فتأمل. ا. هـ. ويجوز رفع مد على الابتداء وبكذا خبر والجملة حال بتقدير رابط أي مدمنه. قوله: "مسعرا"
488- البيت من الطويل، وهو لبعض بني العنبر في خزانة الأدب 9/ 488؛ ولرجل من بني الجناب في المقاصد النحوية 3/ 211؛ وبلا نسبة في أمالي المرتضى 1/ 571؛ وشرح ابن عقيل ص323؛ ولسان العرب 7/ 309 "سبط".
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كأسد" أي مشبهًا لأسد. وأدخلوا رجلًا رجلًا: أي مترتبين.
تنبيهان: الأول قد ظهر أن قوله: "وفي مبدي تأول بلا تكلف" من عطف العام على الخاص، إذ ما قبله من ذلك خلافًا لما في التوضيح. الثاني تقع الحال جامدة غير مؤولة بالمشتق في ست مسائل وهي: أن تكون موصوفة نحو: {قُرْآَنًا عَرَبِيًّا} [يوسف: 2]، {فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا} [مريم: 17] ، وتسمى حالًا موطئة أو دالة على عدد نحو:{فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً} [الأعراف: 142] ، أو طور واقع فيه تفضيل نحو هذا بسرًا أطيب
ــ
بفتح العين حال من المفعول الذي هو الهاء الراجعة إلى البر بناء على رجوع الهاء إلى البر كما يدل له قول الشارح على ما في نسخ كبعه أي البر. ومن المفعول المحذوف الذي تقديره البر بناء على رجوع الهاء إلى المشتري المعلوم من السياق كما يدل له قول الشارح على ما في نسخ أخرى كبعه البر، وبالمكسر حال من الفاعل الذي هو الضمير المستتر.
قوله: "أي مقايضة" بلفظ اسم الفاعل المضاف إلى الضمير الراجع إلى المشتري المعلوم من السياق، أو بلفظ المصدر كما في غالب النسخ على التأويل باسم الفاعل. قوله:"أي كأسد" على هذا يكون الأسد مستعملا في حقيقته والتجوّز إنما هو بالحذف، وعلى قول التوضيح كر زيد أسدا أي شجاعا يكون الأسد مستعملا في غير حقيقته وهو الشجاع فيكون التجوز لغويا بناء على ما اختاره السعد من تجويز الاستعارة فيما إذا وقع اسم المشبه به خبرا عن اسم المشبه أو حالا منه مثلا والأمران صحيحان. قوله:"وادخلوا رجلا رجلا" أي أو رجلين رجلين أو رجالا رجالا، وضابطه أن يأتي بعد ذكر المجموع تفصيل ببعضه مكررا والمختار أن كلا منهما منصوب بالعامل لأن مجموعهما هو الحال فهو نظير هذا حلو حامض. وقال ابن جني: الثاني صفة للأول بتقدير مضاف أي ذا رجل أو مفارق رجل أي متميزا عنه واستحسن بعضهم أن يكون نصب الثاني بعطفه على الأول بتقدير الفاء ولا يجوز توسط عاطف بينهما إلا الفاء قال الرضي: وثم، وجوز بعضهم الرفع على البدلية. قوله:"قد ظهر" أي من قوله: أي مسعرا فإنه تأويل للحال الدالة على سعر. قوله: "خلافا لما في التوضيح" من أن الحال الدالة على سعر من الجامد الذي لا يؤول، وعليه يكون المصنف تعرض للحال الجامدة المؤولة وغير المؤولة. قوله:"غير مؤولة بالمشتق" أي تأويلا بغير تكلف كما يدل عليه المقابلة. وقوله بعد وجعل الشارح هذا كله من المؤول بالمشتق إلى أن قال وفيه تكلف.
قوله: "فتمثل لها بشرا سويا" إن كان معنى تمثل تشخص وظهر فالحالية ظاهرة أو تصور فينبغي جعل النصب بنزع الخافض وهو الباء إذ التصور ليس في حال البشرية بل في حال الملكية كما قاله اللقاني، قيل تمثل لها في صورة شاب أمرد سوي الخلق لتستأنس به وتهيج شهوتها فتنحدر نطفتها إلى رحمها كما في البيضاوي. قوله:"موطئة" بكسر الطاء أي ممهدة لما بعدها فهو المقصود بالذات. قوله: "طور" أي حال واقع فيه تفضيل بالضاد المعجمة أي تفضيل له أو
والحال إن عرف لفظًا فاعتقد
…
تنكيره معنى كوحدك اجتهد
ــ
منه رطبًا، أو تكون نوعًا لصاحبها نحو هذا مالك ذهبًا، أو فرعًا له نحو هذا حديدك خاتمًا. {وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا} [الأعراف: 174] ، أو أصلًا له نحو هذا خاتمك حديدًا. و {أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا} [الإسراء: 61] ، وجعل الشارح هذا كله من المؤول بالمشتق وهو ظاهر كلام والده في شرح الكافية وفيه تكلف. ا. هـ. "والحال إن عرف لفظًا فاعتقد تنكيره معنى كوحدك اجتهد" وكلمته فاه إلى فيّ. وأرسلها العراك، وجاءوا الجماء الغفير: فوحدك، وفاه، والعراك، والجماء: أحوال، وهي معرفة لفظًا لكنها مؤول بنكرة، والتقدير اجتهد منفردًا، وكلمته مشافهة، وأرسلها معتركة، وجاءوا جميعًا. وإنما التزم تنكيره لئلا يتوهم كونه نعتًا لأن الغالب كونه مشتقًّا وصاحبه معرفة. وأجاز يونس والبغداديون تعريفه
ــ
عليه. قوله: "طينا" حال من منصوب خلقت المحذوف لا من من، والأولى كما قاله اللقاني كونه منصوبا بنزع الخافض أي من طين لأن طينيته غير مقارنة لقوله بشرا. قوله:"من المؤول بالمشتق" أي مقروءا عربيا ومتصفا بصفات بشر سويّ ومعدودا ومطورا بطور البشر أو الرطب ومنوعا ومصنوعا ومتأصلا. قوله: "إن عرف لفظا" أي في لسان العرب فالإتيان بها معرفة لفظا مقصور على السماع كما قاله الشاطبي. قوله: "فاه إلى فيّ" ففاه حال كما ذكره الشارح لكن الحال المؤول بها هذا اللفظ مأخوذة من مجموع فاه إلى في. قال الدماميني وإلى في تبيين مثل لك بعد سقيا. ا. هـ. والأظهر عندي قياسا على ما مر في مدا بكذا أن إلى فيّ صفة لفاه أي الكائن إلى في أي الموجه إلى فيّ وما ذكره الشارح أحد أقوال: منها أن فاه معمول جاعلا ناب منابه في الحالية ويروى كلمته فوه إلى في فالحال جملة المبتدإ والخبر، قال الدماميني: ويجب الرفع إن قدمت الظرف لأن التبيين لا يتقدم. ا. هـ. ثم نقل عن سيبويه وأكثر البصريين جواز تقديم فاه إلى في على كلمته وعن الكوفيين، وبعض البصريين المنع، قال في التسهيل: ولا يقاس عليه خلافا لهشام. قال الدماميني: لخروجه عن القياس بالتعريف والجمود وعن الظاهر من الرفع بالابتداء وجعل الجملة حالا إذ الحال في الحقيقة مجموع فاه إلى فيّ وأجاز هشام أن يقال قياسا عليه جاورته منزله إلى منزلي وناضلته قوسه عن قوسي ونحو ذلك وينبغي لبقية الكوفيين أن يوافقوه لأنهم يرونه مفعولا لمحذوف اعتمادا على فهم المعنى وذلك مقيس. ا. هـ. باختصار.
قوله: "وأرسلها" أي الإبل وقوله معتركة أي مزدحمة، ولو قال أي معاركة كما قال ابن الخباز لكان أحسن لأن اسم فاعل العراك معارك لا معترك. وقيل العراك مفعول مطلق لمحذوف هو الحال أي تعارك العراك أو معاركة العراك وقيل للمذكور على حذف مضاف أي إرسال العراك. قوله:"الجماء" أي الجماعة الجماء من الجموم وهو الكثرة، والغفير من الغفر وهو الستر أي ساترين لكثرتهم وجه الأرض وحذفت التاء من الغفير وإن كان بمعنى غافر حملا له على فعيل بمعنى مفعول، أو التذكير باعتبار معنى الجمع. قوله:"مشافهة" بلفظ اسم الفاعل المضاف إلى الضمير على أنه حال من تاء الفاعل أو بلفظ المصدر الذي بمعنى اسم الفاعل على أنه حال من التاء. قوله: "لئلا يتوهم كونه نعتا" أي ولو
ومصدر منكر حالًا يقع
…
بكثرة كبغتة زيد طلع
ــ
مطلقًا بلا تأويل فأجازوا جاء زيد الراكب. وفصل الكوفيون فقالوا: إن تضمنت الحال معنى الشرط صح تعريفها لفظًا نحو عبد الله المحسن أفضل منه المسيء، فالمحسن والمسيء حالان، وصح مجيئهما بلفظ المعرفة لتأولهما بالشرط؛ إذ التقدير عبد الله إذا أحسن أفضل منه إذا أساء، فإن لم تتضمن الحال معنى الشرط لم يصح مجيئها بلفظ المعرفة، فلا يجوز جاء زيد الراكب إذ لا يصح جاء إن ركب.
تنبيه: إذا قلت رأيت زيدًا وحده، فمذهب سيبويه أن وحده حال من الفاعل. وأجاز المبرد أن يكون حالًا من المفعول. وقال ابن طلحة: يتعين كونه حالا من المفعول لأنه إذا أراد الفاعل يقول: رأيت زيدًا وحدي. وصحة مررت برجل وحده -وبه مثل سيبويه- تدل على أنه حال من الفاعل، وأيضًا فهو مصدر أو نائب المصدر، والمصادر في الغالب إنما تجيء أحوالًا من الفاعل. وذهب يونس إلى أنه منتصب على الظرفية لقول بعض العرب زيد وحده والتقدير زيد موضع التفرد "ومصدر منكر حالًا يقع بكثرة كبغتة زيد طلع" وجاء زيد ركضًا، وقتلته صبرًا. وهو عند سيبويه والجمهور على التأويل بالوصف. أي باغتًا
ــ
مقطوعا عند اختلاف الحركة فلا يقال هذا لا يظهر إلا عند اتحاد حركتي الحال وصاحبها، أو يقال حملت حالة الاختلاف في الحركة على حالة الاتفاق فيها طردا للباب. قوله:"فالمحسن والمسيء إلخ" جعل الجمهور نصبهما بتقدير إذ كان أو إذا كان. قوله: "إن وحده حال من الفاعل" أي حالة كوني موحده أي مفرده بالرؤية فهو اسم مصدر أو حد مؤوّل باسم الفاعل أو حالة كوني متوحده أي متوحدا به أي منفردا برؤيته. فهو مصدر وحد يحد وحدا بمعنى انفرد. فعلم أنه إذا كان حالا من الفاعل جاز كونه مصدرا أو اسم مصدر نائبا عن المصدر كما يدل له قول الشارح وأيضا إلخ وعلم ما في كلام البعض من التسمح والقصور فتنبه. قوله: "من المفعول" أي حالة كونه منفردا فهو مصدر وحد يحد وحدا بمعنى انفرد. قوله: "يقول رأيت زيدا وحدي" أي ليطابق ما قبله في التكلم ويدفع بعدم تعين ذلك لصحة الغيبة الراجع إلى المفعول في الحالية من الفاعل أيضا على أنه من إضافة اسم المصدر إلى مفعوله الحقيقي أو المصدر إلى مفعوله بعد التوسع بحذف باء الجر كما مرت الإشارة إليه كما أنه على الحالية من المفعول من إضافة المصدر إلى فاعله.
قوله: "وبه مثل سيبويه" جملة معترضة. قوله: "تدل إلخ" أي لتعين كون الحال هنا من الفاعل لكون المجرور نكرة بلا مسوّغ من المسوّغات الآتية وبحث فيه الشنواني بأن مجيء الحال من النكرة المذكورة جائز بقلة كما سيأتي فمجرد الصحة لا تدل على ما ذكر. ويمكن دفعه بأن المراد الصحة الاطرادية عند الجميع وجواز مجيء الحال من النكرة المذكورة ليس مطردا عند الجميع لأن الخليل ويونس يقصرانه على السماع كما سيأتي. قوله: "أو نائب المصدر" أي اسم مصدر نائب مناب المصدر وقد فهمت وجه الاحتمالين. قوله: "على الظرفية" أي المكانية. قوله: "صبرا" هو أن يحبس ثم يرمى حتى يموت كما في القاموس. قوله:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وراكضًا ومصبورًا: أي محبوسًا. وذهب الأخفش والمبرد إلى أن ذلك منصوب على المصدرة، والعامل فيه محذوف، والتقدير طلع زيد يبغت بغتة، وجاء يركض ركضًا، وقتلته يصبر صبرًا، فالحال عندهما الجملة لا المصدر، وذهب الكوفيون إلى أنه منصوب على المصدرية كما ذهبا إليه، لكن الناصب عندهم الفعل المذكور لتأوله بفعل من لفظ المصدر، فطلع زيد بغتة عندهم في تأويل بغت زيد بغتة. وجاء ركضًا في تأويل ركض ركضًا. وقتلته صبرا في تأويل صبرته صبرًا. وقيل: هي مصادر على حذف مصادر، والتقدير طلع زيد طلوع بغتة، وجاء مجيء ركض وقتلته قتل صبر. وقيل: هي مصادر على حذف مضاف. والتقدير طلع ذا بغتة، وجاء ذا ركض، وقتلته ذا صبر.
تنبيهان: الأول مع كون المصدر المنكر يقع حالًا بكثرة هو عندهم مقصور على السماع. وقاسه المبرد: فقيل مطلقًا، وقيل فيما هو نوع من عامله نحو جاء زيد سرعة وهو المشهور عنه. وقاسه الناظم وابنه في ثلاثة: الأول قولهم أنت الرجل علمًا فيجوز أنت
ــ
"وهو" أي المصدر المذكور عند سيبويه والجمهور على التأويل بالوصف أي حال على التأويل بالوصف ثم قابل الحالية بما عدا القول الأخير وقابل التأويل بالوصف بالقول الأخير. ومحصل ما ذكره المصنف والشارح من الأقوال في المصدر المنصوب في نحو زيد طلع بغتة خمسة لا أربعة كما زعمه البعض تبعا لشيخنا. قوله: "وذهب الأخفش والمبرد إلخ" رد بلزوم حذف عامل المؤكد. قوله: "على حذف مصادر" أي نابت المذكورات عنها في المفعولية المطلقة. قوله: "على حذف مضاف" أي غير مصدر، ذلك المضاف هو الحال في الأصل فلما حذف المضاف ناب عنه المضاف إليه في الحالية كما تفيده عبارة المرادي. ونصها وقيل هي أحوال على حذف مضاف أي أتيته ذا ركض إلخ. قوله:"مقصور على السماع" لأن الحال نعت في المعنى والنعت بالمصدر غير مطرد فكذا ما في معناه. وقد يتوقف في ذلك بأن غاية أمره أنه مجاز ويكفي في صحة المجاز ورود نوعه على الصحيح وقد ورد هنا النوع. نعم يظهر على القول باشتراط ورود شخص المجاز.
قوله: "وقاسه المبرد" ظاهره أنه يقول بأنه منصوب على الحال وهو ينافي قوله قبل. وذهب الأخفش والمبرد إلخ فلعل له قولين أو المراد قاس وقوع المصدر في هذا الموضع وإن لم يكن نصبه على الحال عنده. قوله: "فقيل مطلقا إلخ" قال ابن هشام الذي يظهر أنه مطرد في النوعي وغيره كما يطرد وقوع المصدر خبرا فإن الحال بالخبر أشبه منه بالنعت ولكثرة ما ورد من ذلك. قال الدماميني إنما كان شبه الحال بالخبر أقوى لأن حكم الحال مع صاحبها حكم الخبر مع المخبر عنه أبدا فإنك إذا طرحت هو وجاء وضربت مثلا من قولك: هو الحق بينا، وجاء زيد راكبا، وضربت اللص مكتوفا، بقي الحق بين، وزيد راكب واللص مكتوف، ولا يمكن اعتبار مثل ذلك في الشبه النعتي. قوله:"فيما هو نوع من عامله" أي مدلول عامله. قوله: "قولهم أنت
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الرجل أدبًا ونبلًا، والمعنى الكامل في حال علم وأدب ونبل. وفي الارتشاف يحتمل عندي أن يكون تمييزًا. الثاني نحو زيد زهير شعرًا. قال في الارتشاف: والأظهر أن يكون تمييزًا. الثالث نحو أما علما فعالم تقول ذلك لمن وصف عندك شخصًا بعلم وغيره منكرًا عليه وصفه بغير العلم. والناصب لهذه الحال هو فعل الشرط المحذوف. وصاحب الحال هو المرفوع به والتقدير مهما يذكر إنسان في حال علم فالمذكور عالم، ويجوز أن يكون ناصبها ما بعد الفاء وصاحبها الضمير المستكن فيه، وهي على هذا مؤكدة، والتقدير مهما يكن من شيء فالمذكور عالم في حال علم. فلو كان ما بعد الفاء لا يعمل فيما قبلها نحو أما علما فهو ذو علم تعين الوجه الأول. فلو كان المصدر التالي لأما معرفًا بأل فهو عند سيبويه مفعول له. وذهب الأخفش إلى أن المنكر والمعرف كليهما بعد أما مفعول
ــ
الرجل علما" أي ونحوه مما قرن فيه الخبر بأل الدالة على الكمال فعلما بمعنى عالما حال من الضمير في الرجل لتأوله بالمشتق إذ معناه الكامل والعامل فيها الرجل لما ذكر أفاده المصرح. قوله: "ونبلا" بالضم الفضل كالنبالة. قوله: "يحتمل عندي أن يكون تمييزا" أي محولا عن الفاعل وهو ضمير الرجل بمعنى الكامل بل هو أظهر كما في الذي بعده، بل يحتمل في الثالث أيضا، ونقل الشارح في شرحه على التوضيح عن ثعلب أنه مصدر مؤكد بتأول الرجل باسم فاعل مما بعده أي أنت العالم علما.
قوله: "نحو زيد زهير شعرا" أي من كل خبر مشبه به مبتدؤه، فشعرا بمعنى شاعرا حال والعامل فيه زهير لتأوله بمشتق إذ معناه مجيد، وصاحب الحال ضمير مستتر فيه قاله المصرح. قوله:"أن يكون تمييزا" أي محولا عن الفاعل وهو ضمير زهير بمعنى جيد. وقال في التصريح أي تمييزا لما انبهم في مثل المحذوفة وهي العاملة فيه وفيه نظر لأن تمييز المفرد عين مميزه ألا ترى أن المثل في قولك على التمرة مثلها زبدا نفس الزبد وليس المثل في المثال السابق نفس الشعر ثم رأيته في الدماميني. قوله: "نحو أما علما فعالم" أي من كل تركيب وقع فيه الحال بعد أما في مقام قصد فيه الرد على من وصف شخصا بوصفين وأنت تعتقد اتصافه بأحدهما دون الآخر. قوله: "ما بعد الفاء" اعترضه زكريا وتبعه شيخنا والبعض وغيرهما بأن ما بعد فاء الجزاء لا يعمل فيما قبلها وهو مدفوع بما مر عن الرضي وغيره من أن ذلك في غير الفاء الواقعة بعد أما لكونها مزحلقة عن مكانها فلا تغفل. قوله: "لا يعمل فيما قبلها" لجمود المضاف وعدم عمل المضاف إليه فيما قبل المضاف مع كونه أعني المضاف إليه مصدرا لا يتحمل ضميرا يكون صاحب الحال كذا قال سم. وقد يقال للشارح هلا جوزت عمل المضاف في هذا المثال فيما قبله لتأوله بالمشتق وهو صاحب. قوله: "مفعول له" أي والعامل فيه فعل الشرط كما مر أي مهما يذكر إنسان لأجل علم ولعل المعنى لأجل ذكر علم ليتحد الفاعل فتدبر. وظاهر كلامه أن سيبويه يوجب ذلك وقد حكى عنه كقول الأخفش فكان ينبغي أن يذكر عنه الوجهين. قاله الدماميني.
ولم ينكر غالبًا ذو الحال إن
…
لم يتأخر أو يخصص أو يبن
ــ
مطلق. وذهب الكوفيون على ما نقله ابن هشام إلى أن القسمين مفعول به بفعل مقدر، والتقدير مهما تذكر علمًا أو العلم فالذي وصف عالم. قال في شرح التسهيل: وهذا القول عندي أولى بالصواب وأحق ما اعتمد عليه في الجواب. الثاني أشعر كلامه أن وقوع المصدر المعرف حالًا قليل وهو كذلك، وذلك ضربان: علم جنس نحو قولهم جاءت الخيل بداد، ومعرف بأل نحو أرسلها العراك. والصحيح أنه على التأويل بمتبددة ومعتركة كما مر "ولم ينكر غالبًا ذو الحال" لأنه كالمبتدأ في المعنى فحقه أن يكون معرفة "إن لم يتأخر" عن الحال فإن تأخر كان ذلك مسوغًا لمجيئه نكرة نحو: فيها قائمًا رجل وقوله:
489-
لمية موحشًا طلل
ــ
قوله: "مفعول مطلق" أي منصوب بعالم أي مهما يذكر شيء فالمذكور عالم علما. وفيه أن المعرف لا يكون مؤكدا ودعوى زيادة أل مخالفة للأصل. قاله زكريا.
قوله: "وهذا القول عندي أولى إلخ" وجه أولويته وأحقيته من القول بالحالية اطراده في التعريف والتنكير ومن القول بأنه مفعول له قلة نصب المحلى بأل مفعولا له. ومن القول بأنه مفعول مطلق كون المصدر المؤكد لا يعرف، ودعوى زيادة أل خلاف الأصل ومن هذين القولين مجيئه تارة غير مصدر نحو أما قريشا فأنا أفضلها. قوله:"بداد" علم جنس للتبديد بمعنى التفرق مبني على الكسر كحذام، ووقع حالا لتأوله بوصف نكرة أي متبددة هذا هو الصحيح كما سيذكره الشارح. قوله:"والصحيح أنه على التأويل إلخ" مقابله على ما أفاده أربعة أقوال: بقية الأقوال الخمسة المتقدمة في المصدر. قوله: "لأنه كالمبتدأ في المعنى" أي لكونه محكوما عليه معنى بالحال ولم يشبه بالفاعل فينكر كالفاعل مع أن الفاعل أيضا محكوم عليه لأن شبهه بالمبتدأ أقوى لتأخر المحكوم به مع كل بخلاف الفاعل. قوله: "كان ذلك مسوّغا لمجيئه نكرة" أي قياسا على المبتدأ إذا تأخر بناء على أن تأخيره للتسويغ، وتعليل بعضهم بعدم لبس الحال حينئذٍ بالوصف لأن الوصف لا يسبق الموصوف لا يناسب تعليل الشارح عدم تنكير صاحب الحال بأنه كالمبتدأ، ولا يناسب أيضا جعل الشارح تبعا للتوضيح تقديم حال النكرة عليها
489- عجزه:
يلوح كأنه خلل
والبيت من مجزوء الوافر، وهو لكثير عزة في ديوانه ص506؛ وخزانة الأدب 3/ 211؛ وشرح التصريح 1/ 375؛ وشرح شواهد المغني 1/ 249؛ والكتاب 2/ 123؛ ولسان العرب 6/ 368 "وحش"؛ والمقاصد النحوية 3/ 163؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص147؛ وأوضح المسالك 2/ 310؛ وخزانة الأدب 6/ 43؛ والخصائص 2/ 492؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1664، 1825؛ وشرح قطر الندى ص236؛ ولسان العرب 11/ 220 "خلل"؛ ومغني اللبيب 1/ 85، 2/ 436، 659.
من بعد نفي أو مضاهيه كلا
…
يبغ امرؤ على امرئ مستشهدين
ــ
وقوله:
490-
وبالجسم مني بينًا لو علمته
…
شحوب وإن تستشهدي العين تشهد
"أو يخصص" إما يوصف كقراءة بعضهم {وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ} [البقرة: 89] وقوله:
491-
نجيت يا رب نوحًا واستجبت له
…
في فلك ماخر في اليم مشحونا
وإما بإضافة، نحو:{فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ} [فصلت: 10] ، وإما بمعمول. نحو عجبت في ضرب أخوك شديدًا "أو يبن" أي يظهر الحال "من بعد نفي أو مضاهيه"
ــ
مسوغا لمجيء الحال منها، وإنما يناسب ما في المغني والرضي من أن التقديم لدفع لبس الحال بالصفة إذا كان صاحبها منصوبا وطرد الباب في غير هذه الحالة. قال المصرح: وعلى هذا فالمسوّغ في المثال تقديم الخبر وفي البيت يعني لمية إلخ الوصف. ا. هـ. وقوله الوصف أي وتقديم الخبر وكالمثال البيت الثاني مع أنه يرد على هذا التعليل الموافق لما في المغني والرضي أنه يقتضي امتناع ما فيه لبس الحال بالوصف مع أنهم صرحوا بجواز الحال من النكرة المخصصة المقدمة ومنها رأيت غلام رجل قائما مع حصول اللبس فيه فتدبر. قوله: "لمية موحشا طلل" فيه أن صاحب الحال المبتدأ وهو مذهب سيبويه دون الجمهور فالأولى أن يجعل صاحب الحال الضمير في الخبر وحينئذٍ لا شاهد فيه، وكذا يقال في البيت بعده، وتمامه:
يلوح كأنه خلل
بالكسر جمع خلة بالكسر بطانة يغشى بها أجفان السيوف كما في التصريح والعيني: قال يس وعلى القول بجواز الحال من المبتدأ يكون عامل الحال غير عامل صاحبها إذ لا يصح أن يكون عاملها الابتداء لضعفه وعدم صلاحيته لأن تكون قيدا له. ا. هـ. ونقل حفيد السعد في حواشي المطول أن العامل في الحال من المبتدأ على هذا القول انتساب الخبر إلى المبتدأ لأنه معنى فعلي قابل للتقييد. قوله: "شحوب" مصدر شحب بالفتح يشحب بالضم أي تغير. وأما شحب بضم عين الماضي فمصدره شحوبة كما في شيخ الإسلام. وجملة لو علمته بكسر التاء معترضة وجواب لو محذوف أي لرحمتني. قوله: "كقراءة بعضهم" هي شاذة وقد يقال لا شاهد فيه ولا في البيت بعده لاحتمال أن يكون الحال من المستتر في الجار والمجرور. قوله: "ماخر" بالخاء المعجمة أي شاق للبحر. قوله: "أي يظهر الحال" كان عليه أن يقول أي يظهر ذو الحال لأن
490- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في شرح ابن عقيل ص326؛ وشرح عمدة الحافظ ص422؛ والكتاب 2/ 123؛ والمقاصد النحوية 3/ 147.
491-
البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 312؛ وشرح التصريح 1/ 386؛ وشرح ابن عقيل ص327؛ والمقاصد النحوية 3/ 149.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أي مشابهه وهو النهي والاستفهام: فالنفي نحو: {وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ} [الحجر: 4]، وقوله:
ما حم من موت حمى واقيًا
والنهي "كلا يبغ امرؤ على امرئ مستسهلًا" وقوله:
492-
لا يركنن أحد إلى الأحجام
…
يوم الوغى متخوفًا لجمام
والاستفهام كقوله:
493-
يا صاح هل حم عيش باقيًا فترى
…
لنفسك العذر في إبغادها الأملا
واحترز بقوله غالبًا مما ورد فيه صاحب الحال نكرة من غير مسوغ، من ذلك
ــ
الكلام فيه وقد وجد كذلك في بعض النسخ. قوله: "والاستفهام" هل المراد الإنكاري أو الأعم قياسا على ما سبق في المبتدأ قيل وقيل. والأظهر الثاني. قوله: "نحو وما أهلكنا إلخ" فجملة: {وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ} [الحجر: 4]، حال من قرية الواقعة بعد النفي على المشهور. وفيه مسوغ آخر وهو اقتران الجملة الحالية بالواو كما سيأتي ولا ينافي ذلك قول المصرح إنما يحتاج إلى هذا المسوغ في الإيجاب نحو:{أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا} [البقرة: 259 [، فعلم ما في كلام البعض. ومقابل المشهور قول الزمخشري أن الجملة في نحو الآيتين صفة والواو لتأكيد لصوق الصفة بالموصوف لأنها في أصلها للجمع المناسب للإلصاق وإن لم تكن الآن عاطفة. والاعتراض عليه بأن الواو فصلت بينهما فكيف أكدت التصاقهما دفع بأن المراد اللصوق المعنوي لا اللفظي.
قوله: "ما حم" أي قدر، ومن موت متعلق بحمى أو واقيا، والحمى الشيء المحمي المحفوظ كما في القاموس وغيره وبه يعلم ما في قول البعض. والحمى ما به الحماية والحفظ، وواقيا حال من حمى وفيه مسوغ آخر وهو التخصيص بقوله من موت على جعله متعلقا بحمى. قوله:"الإحجام" أي التأخر. والوغى الحرب والحمام بالكسر الموت. قوله: "باقيا" حال من عيش. وقوله فترى جواب الاستفهام الإنكاري. قوله: "مما ورد فيه صاحب الحال إلخ" أي
492- البيت من الكامل، وهو لقطري بن الفجاءة في ديوانه ص171؛ وخزانة الأدب 10/ 163؛ والدرر 4/ 5؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص136؛ وشرح ابن عقيل ص330؛ وشرح عمدة الحافظ ص423؛ والمقاصد النحوية 3/ 150؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 314؛ وشرح التصريح 1/ 377؛ وهمع الهوامع 1/ 240.
493-
البيت من البسيط، وهو لرجل من طيئ في الدرر اللوامع 4/ 6؛ وشرح التصرح 1/ 377؛ وشرح عمدة الحافظ ص423؛ والمقاصد النحوية 3/ 153؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 316؛ وشرح ابن عقيل ص329؛ وهمع الهوامع 1/ 240.
وسبق حال ما بحرف جر قد
…
أبوا ولا أمنعه فقد ورد
ــ
قولهم: مررت بماء قعدة رجل. وقولهم: عليه مائة بيضًا. وأجاز سيبويه: فيها رجل قائمًا. وفي الحديث "وصلى وراءه رجال قيامًا" وذلك قليل.
تنبيه: زاد في التسهيل من المسوغات ثلاثة: أحدهما أن تكون الحال جملة مقرونة بالواو نحو: {أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا} [البقرة: 259] ؛ لأن الواو ترفع توهم النعتية. ثانيها أن يكون الوصف بها على خلاف الأصل: نحو هذا خاتم حديدًا. ثالثها أن تشترك النكرة مع معرفة في الحال نحو هؤلاء ناس وعبد الله منطلقين "وسبق حال ما بحرف جر قد أبوا" سبق مفعول مقدم لأبوا، وهو مصدر مضاف إلى فاعله، والوصول في موضع النصب على المفعولية: أي منع أكثر النحويين تقدم الحال على صاحبها المجرور بالحرف، فلا يجيزون في نحو مررت بهند جالسة مررت جالسة بهند. وعللوا منع ذلك بأن تعلق العامل بالحال ثان لتعلقه بصاحبه فحقه إذا تعدى لصاحبه بواسطة أن يتعدى إليه بتلك الواسطة، لكن منع من ذلك أن الفعل لا يتعدى بحرف الجر إلى شيئين فجعلوا عوضًا من الاشتراك في الواسطة التزام التأخير. قال الناظم:"ولا أمنعه" أي بل أجيزه وفاقًا لأبي علي وابن كيسان وابن برهان لأن المجرور بالحرف مفعول به في المعنى. فلا يمتنع تقديم حاله عليه كما لا يمتنع تقديم حال المفعول به، وأيضًا "فقد ورد"
ــ
قياسا عند سيبويه وسماعا عند الخليل ويونس قاله المصرح. قوله: "قعدة رجل" بكسر القاف أي مقدار قعدته. قوله: "لأن الواو ترفع توهم النعتية" يقتضي أن التعريف أو ما يقوم مقامه لرفع التباس الحال بالوصف والذي قدمه أنه لشبهه بالمبتدأ. وأجيب بأنه أشار إلى صحة التعليل بكل من العلتين وفيه ما مر.
قوله: "على خلاف الأصل" أي لجمودها فلا يتبادر الذهن إلى النعتية. قوله: "مع معرفة" أي أو نكرة مخصصة نحو هذا رجل صالح وامرأة مقبلين كما قاله الدماميني. قوله: "ما بحرف" أي غير زائد كما سيأتي. وفي مفهوم قوله بحرف تفصيل يأتي قريبا في الشرح حاصله أن الإضافة إن كانت محضة امتنع التقديم أو لفظية فلا وجعل الكوفيون المنصوب كالمجرور بالحرف فمنعوا تقديم الحال في نحو لقيت هندا راكبة لأن تقديمها يوهم كونها مفعولا وصاحبها بدلا. قوله: "في موضع النصب" أي إن نون حال وإلا كان في موضع جر بالإضافة وهذا أعم لشموله تقدم الحال على صاحبها وعلى عاملها أما على التنوين فلا يشمل إلا التقدم على الصاحب قاله يس. قوله: "أي منع أكثر النحويين" فيه صرف لقوله أبوا عن ظاهره من إرادة جميع النحاة، ويجاب عن تعبيره بذلك بأنه نزل الأكثر لقلة المخالف لهم منزلة الجميع سم. قوله:"بأن تعلق العامل بالحال" أي في المعنى والعمل ثان أي تابع لتعلقه بصاحبه في ذلك. قوله: "لا يتعدى بحرف الجر إلى شيئين" أي مع التصريح بالواسطة أو المراد لا يتعدى بدون اتباع اصطلاحي فلا يرد مررت برجل كريم. قوله: "التزام التأخير" أي ليكون الحال في حيز الجار. قوله: "وأيضا فقد ورد
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
السماع به من ذلك قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ} [سبأ: 28]، وقول الشاعر:
494-
تسليت طرا عنكم بعد بينكم
…
بذكراكم حتى كأنكم عندي
وقوله:
495-
لئن كان برد الماء هيمان صاديًا
…
إلي حبيبًا إنها لحبيب
وقوله:
496-
غافلًا تعرض المنية للمر
…
ء فيدعى ولات حين إباء
ــ
إلخ" أورد عليه أن ما استدل به من الآية والأبيات محتمل للتأويل، وأجيب بأنه يكفي في الظنيات ظواهر الأدلة ما لم يردها صريح لا سيما مع مساعدة القياس أفاده المرادي.
قوله: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ} فكافة بمعنى جميعا حال من المجرور وهو الناس وقد تقدم عليه وأورد عليه أنه يلزم عليه تقديم الحال المحصور فيها وتعدى أرسل باللام والكثير تعديته بإلى. وأجيب عن الأول بأن تقديم الحال المحصور فيها مع إلا جائز لعدم اللبس قياسا على جواز تقديم الفاعل والمفعول المحصور فيهما مع إلا كما أشار إليه سابقا في قوله وقد يسبق أن قصد ظهر، على أنه يمكن أن يجعل المحصور إرساله والمحصور فيه كونه للناس كافة، وحينئذٍ فكل من المحصور والمحصور فيه في محله. وعن الثاني بأن التخريج على القليل إذا كان قياسا فصيحا كما هنا سائغ قاله سم بقي أن المصنف اعترف في تسهيله بضعف تقديم الحال المذكورة فكيف خرج الآية على الضعيف، ولهذا جعل الزمخشري كافة صفة مصدر محذوف أي إرساله كافة للناس، لكن اعترض بأن كافة مختص بمن يعقل وبالنصب على الحال كطرا وقاطبة. وأجيب بنقل السيد عبد الله في شرحه على اللباب عن عمر بن الخطاب أنه قال: قد جعلت لآل بني كاكلة على كافة بيت المسلمين لكل عام مائتي مثقال ذهبا إبريزا كتبه عمر بن الخطاب. ختمه كفى بالموت واعظا يا عمر. قال: وهذا الخط موجود في آل بني كاكلة إلى الآن. ا. هـ. وقد يقال هذا شاذ. قال التفتازاني: كافة في نحو جاء القوم كافة هو في الأصل اسم فاعل من كف بمعنى منع كأن الجماعة منعوا باجتماعهم أن يخرج منهم أحد. دماميني وشمني. قوله: "بعد بينكم" أي فراقكم وحتى ابتدائية. قوله: "هيمان صاديا" كلاهما بمعنى
494- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 321؛ وشرح التصريح 379؛ وشرح عمدة الحافظ ص426؛ والمقاصد النحوية 3/ 160.
495-
البيت من الطويل، وهو للمجنون في ديوانه ص49؛ وسمط اللآلي ص400؛ ولروة بن حزام في خزانة الأدب 3/ 212، 218؛ والشعر والشعراء ص627؛ وهو لكثير عزة في ديوانه ص522؛ والسمط ص400؛ والمقاصد النحوية 3/ 156؛ ولقيس بن ذريح في ديوانه ص62؛ وبلا نسبة في شرح ابن عقيل ص330؛ وشرح عمدة الحافظ ص428.
496-
البيت من الخفيف، وهو بلا نسبة في شرح عمدة الحافظ ص428؛ وشرح قطر الندى ص25؛ والمقاصد النحوية 3/ 161.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وقوله:
497-
فإن تك أذواد أصبن ونسوة
…
فلن يذهبوا فرغًا بقتل حبال
وقوله:
498-
مشغوفة بك قد شغفت وإنما
…
حم الفراق فما إليك سبيل
وقوله:
499-
إذا المرء أعيته المروءة ناشئًا
…
فمطلبها كهلًا عليه شديد
والحق أن جواز ذلك مخصوص. وحمل الآية على أن كافة حال من الكف، والتاء للمبالغة لا للتأنيث، وقد ذكر ابن الأنباري الإجماع على المنع.
تنبيهات: الأول فصل الكوفيون فقالوا: إن كان المجرور ضميرًا نحو مررت ضاحكة بها، أو كانت الحال فعلًا نحو تضحك مررت بهند جاز، وإلا امتنع. الثاني محل
ــ
عطشان وهما حالان من ياء المتكلم، أو الثاني حال من ضمير هيمان فهو من الحال المتداخلة على هذا والمترادفة على الأول. قوله:"فإن تك أذواد" جمع ذود وهو من الإبل ما بين الثلاثة والعشرة، وأصبن خبرتك، وحبال اسم ابن أخي طليحة قائل هذا البيت، وفرغا بكسر الفاء وفتحها كما في شيخ الإسلام وإن اقتصر العيني ومن تبعه على الكسر أي هدرا حال من قتل. قوله:"إذا المرء" بنصب المرء على تقدير إذا أعيت المروءة المرء، وبالرفع على تقدير إذا عيي المرء. وعلى كل هو من باب الاشتغال إلا أن العامل في المرء على النصب يقدر من لفظ العامل المذكور وعلى الرفع يقدر مطاوعا للمذكور على حدّ:
لا تجزعي إن منفس أهلكته
أي هلك منفس، وناشئا شابا. قوله:"وحمل الآية إلخ" لا يخفى ما فيه من التعسف كما قاله الرضي فلا يرد على المصنف لأن الاحتمال البعيد لا يقدح في الأدلة الظنية قاله سم ونقل في التصريح هذا الحمل عن الزجاج ثم نقل رده عن المصنف فانظره. قوله: "والتاء للمبالغة" والمعنى إلا شديد الكف للناس أي المنع لهم من الشرك ونحوه. وقال الزمخشري: إلا إرساله كافة فجعل كافة نعت مصدر محذوف. ويعارضه نقل ابن برهان أن كافة لا تستعمل إلا حالا. قاله
497- البيت من الطويل، وهو لطليحة بن خويلد في المقاصد النحوية 3/ 154؛ وبلا نسبة في إصلاح المنطق ص19؛ وشرح ابن عقيل ص331؛ وشرح عمدة الحافظ ص427.
498-
البيت من الكامل، وهو بلا نسبة في شرح عمدة الحافظ ص428؛ والمقاصد النحوية 3/ 162.
499-
البيت من الطويل، وهو للمخبل السعدي في ملحق ديوانه ص324؛ وله أو لرجل من بني قريع في خزانة الأدب 3/ 219، 221؛ ولرجل من بني قريع في شرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1148.
ولا تجز حالًا من المضاف له
…
إلا إذا اقتضى المضاف عمه
ــ
الخلاف إذا كان الحرف غير زائد، فإن كان زائدًا جاز التقديم اتفاقًا، نحو: ما جاء راكبًا من رجل. الثالث بقي من الأسباب الموجبة لتأخير الحال عن صاحبها أمران: الأول أن يكون مجرورًا بالإضافة نحو عرفت قيام زيد مسرعًا، وأعجبني وجه هند مسفرة، فلا يجوز بإجماع تقديم هذه الحال واقعة بعد المضاف، لئلا يلزم الفصل بين المضاف والمضاف إليه، ولا قبله لأن المضاف إليه مع المضاف كالصلة مع الموصول، فكما لا يتقدم ما يتعلق بالصلة على الموصول كذلك لا يتقدم ما يتعلق بالمضاف إليه على المضاف وهذا في الإضافة المحضة كما رأيت، أما غير المحضة نحو هذا شارب السويق ملتوتًا الآن أو غدًا فيجوز، قاله في شرح التسهيل. لكن في كلام ولده وتابعه عليه صاحب التوضيح ما يقتضي التسوية في المنع. الأمر الثاني أن تكون الحال محصورة نحو ما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين. الرابع كما يعرض للحال وجوب التأخير عن صاحبها كما رأيت كذلك يعرض لها وجوب التقديم عليه، وذلك كما إذا كان محصورًا نحو ما جاء راكبًا إلا زيد "ولا تجز حالًا من المضاف له" لوجوب كون العامل في الحال هو العامل في
ــ
المصرح قال شيخنا: ولذلك غلط من يقول ولكافة المسلمين. قوله: "جاز" قال شيخنا والبعض لعله لعدم ظهور الإعراب في صاحبها في الأول وفيها في الثاني فلا حاجة حينئذٍ لتعويض لزوم التأخير عن تسلط العامل بالواسطة لضعفها بخفاء العمل. قوله: "فإن كان زائدا جاز التقديم" استثنى منه بعضهم الزائد الممتنع الحذف أو القليله نحو أحسن بزيد مقبلا وكفى بهند جالسة فلا يجوز تقديم الحال فيهما. قوله: "أمران" زاد بعضهم كون صاحبها منصوبا بكأن أو ليت أو لعل أو فعل تعجب أو ضميرا متصلا بصلة أل نحو القاصدك سائلا زيد أو بصلة الحرف المصدري نحو أعجبني أن ضربت زيدا مؤدبا. قوله: "الآن أو غدا" قيد بذلك لتكون الإضافة غير محضة. قوله: "فيجوز" لأن غير المحضة في نية الانفصال فالمضاف إليه فيها مفعول به وتقديم حاله عليه جائز. قال الدماميني وليس كل إضافة لا تعرف غير محضة بل غير المحضة هي التي في تقدير الانفصال وهو في نحو مثلك مفقود فاعتراض أبي حيان بامتناع التقديم في نحو هذا مثلك متكلما مع أن الإضافة فيه غير محضة سهو. قوله: "أن تكون الحال محصورة" أي محصورا فيها ويستثنى منه المحصور بإلا إذا تقدمت مع إلا كما مر. قوله: "كما إذا كان محصورا" أي فيه وكما إذا كان صاحب الحال مضافا إلى ضمير ما يلابسها نحو جاء زائر هند أخوها.
قوله: "ولا تجز حالا إلخ" دخل عليه السندوبي بقوله وتقع الحال من الفاعل والمفعول والمجرور والخبر وكذا من المبتدإ على مذهب سيبويه ولا تأتي من المضاف إليه إلا في مسائل عند المصنف نبه عليها بقوله: ولا تجز حالا إلخ. قوله: "لوجوب كون العامل إلخ" أي لأن الحال وصاحبها كالنعت والمنعوت وعاملهما واحد وما ذكره من وجوب ذلك هو مذهب الجمهور وذهب سيبويه إلى عدم وجوب ذلك لأن الحال أشبه بالخبر وعامله غير عامل المبتدأ
أو كان جزء ما له أضيفا
…
أو مثل جزئه فلا تحيفا
ــ
صاحبها وذلك يأباه "إلا إذا اقتضى المضاف عمله" أي عمل الحال وهو نصبه نحو: {إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا} [يونس: 4]، وقوله:
500-
تقول ابنتي إن انطلاقك واحدًا
…
إلى الروع يومًا تاركي لا أباليا
ونحو هذا شارب السويق ملتوتًا. وهذا اتفاق كما ذكره في شرحي التسهيل والكافية "أو كان" المضاف "جزء ما له أضيفا" نحو: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا} [الحجر: 47]، {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا} "أو مثل جزئه لا تحيفا" والمراد بمثل جزئه ما يصح الاستغناء به عنه نحو:{ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} [النحل: 123] ، وإنما جاز مجيء الحال من المضاف إليه في هذه المسائل الثلاث ونحوها لوجود الشرط المذكور، أما في الأولى فواضح، وأما في الأخيرتين فلأن
ــ
على الصحيح واختاره المصنف في تسهيله فقال وقد يعمل فيها غير عامل صاحبها خلافا لمن منع. قوله: "وذلك يأباه" أي الوجوب المذكور يأبى جواز مجيء الحال من المضاف إليه لأن المضاف من حيث إنه مضاف لا يعمل النصب. قوله: "أي عمل الحال" أي العمل فيه بأن كان ذلك المضاف عامل الحال وقيل المراد عمل المضاف إليه أي العمل فيه من حيث إنه كالفعل لا من حيث إنه مضاف بأن كان المضاف مما يعمل عمل الفعل وإلا فغلام مثلا من غلام زيد عامل في المضاف إليه لكن عمل الحرف المنوي لا عمل الفعل. وقيل المراد عمل المضاف بناء على أن اقتضاءه العمل إنما هو إذا دل على الحدث كالمصدر بناء على أن المتبادر من اقتضائه العمل اقتضاؤه ذلك لذاته ولا يمكن ذلك إلا فيما فيه معنى الحدث قاله سم ومآل الأوجه الثلاثة واحد.
قوله: "إليه مرجعكم جميعا" مرجع مصدر ميمي بمعنى الرجوع والقياس فتح عينه كمذهب. قوله: "إلى الروع" بفتح الراء وهو الخوف والمراد سببه وهو الحرب. قوله: "وهذا اتفاق" أي مجيء الحال من المضاف إليه عند اقتضاء المضاف العمل المذكور. قوله: "فلا تحيفا" أي لا تمل عن ذلك إلى زيادة عليه أو نقص عنه. قوله: "ما يصح الاستغناء به عنه" إشارة لوجه الشبه المقتضى لصحة مجيء الحال من المضاف إليه. قوله: "ونحوها" قيل الصواب إسقاطه إذ لم يبق غير الثلاثة يجوز فيه مجيء الحال من المضاف إليه. وأجاب البهوتي بأنه تجوّز باسم المسألة عن المثال تسمية للجزئي باسم كليه ويرده وصف المسائل بالثلاث لأن الأمثلة السابقة أكثر من ثلاثة إلا أن يقال نزل الأمثلة التي ذكرها لكل مسألة منزلة مثال واحد لاتحادها نوعا وفيه بعد. قوله: "لوجود الشرط المذكور" أي في قوله لوجوب كون العامل في
500- البيت من الطويل، وهو لمالك بن الريب في ديوانه ص43؛ والمقاصد النحوية 3/ 165؛ ولسلامة بن جندل في ديوانه ص198؛ والشعر والشعراء 1/ 279؛ وبلا نسبة في شرح ابن عقيل ص332؛ وعيون الأخبار 1/ 343.
والحال إن ينصب بفعل صرفا
…
أو صفة أشبهت المصرفا
فجائز تقديمه كمشرعا
…
ذا راحل ومخلصًا زيد دعا
ــ
العامل في الحال عام في صاحبها حكمًا؛ إذ المضاف والحالة هذه في قوة الساقط لصحة الاستغناء عنه بصاحب الحال وهو المضاف إليه.
تنبيه: ادعى المصنف في شرح التسهيل الاتفاق على منع مجيء الحال من المضاف إليه فيما عدا المسائل الثلاث المستثناة، نحو: ضربت غلام هند جالسة وتابعه على ذلك ولده في شرحه. وفيما ادعياه نظر فإن مذهب الفارسي الجواز، وممن نقله عنه الشريف أبو السعادات ابن الشجري في أماليه "والحال" مع عامله على ثلاثة أوجه: واجب التقديم عليه، وواجب التأخير عنه، وجائزهما كما هو كذلك مع صاحبه على ما مر. فالحال "إن ينصب بفعل صرفا أو صفة أشبهت" الفعل "المصرفا" وهي ما تضمن معنى الفعل وحروفه وقبل علامات الفرعية، وذلك اسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبهة "فجائز تقديمه" على ذلك الناصب له وهذا هو الأصل. فالصفة "كمسرعًا ذا راحل" ومجردًا زيد مضروب. وهذا تحملين طليق. فتحملين في موضع نصب على الحال، وعاملها طليق وهو صفة مشبهة "و" الفعل نحو:"مخلصًا زيد دعا" وخاشعًا أبصارهم يخرجون. وقولهم: شتى تؤوب الحلية والاحتراز بقوله صرفًا وأشبهت المصرفا مما كان العامل فيه فعلًا جامدًا ما أحسنه مقبلًا، أو صفة تشبه الجامد وهو اسم الفضيل نحو هو
ــ
الحال إلخ. قوله: "وفيما ادعياه نظر إلخ" يؤيد النظر تعليل المنع بوجوب كون العامل في الحال هو العامل في صاحبها لأن تعليله بذلك يقتضي أن من لم يقل بوجوب ما ذكر وهو غير الجمهور لا يقول بالمنع. قوله: "بفعل صرفا" أي إن لم يقع صلة لحرف مصدري ولا تاليا للام الابتداء أو القسم إلا امتنع التقديم كما سيأتي. قوله: "أو صفة" أي لم تقع صلة لأل أي أو مصدر نائب عن فعله فإنه يجوز تقديم حاله عليه أيضا. قوله: "وقبل علامات الفرعية" أي العلامات الدالة على الفرعية كالتثنية والجمع والتأنيث والمراد قبلها قبولا مطلقا فلا يرد أفعل التفضيل فإنه إنما يقبلها إذا عرّف بأل أو أضيف كما سيأتي لكن يرد فعيل كقتيل فإنه إنما يقبلها إذا لم يجر على موصوفه مع أنه يجوز تقديم الحال عليه فلعله مستثنى.
قوله: "فجائز تقديمه" أي وإن كانت الحال جملة مصدرة بالواو خلافا لمن منع فيها. قوله: "وعاملها طليق" لا يقال معمول الصفة المشبهة يجب أن يكون سببيا مؤخرا لأنا نقول ذاك فيما عملها فيه بحق الشبه باسم الفاعل وعملها في الحال بسبب ما فيها من معنى الفعل قاله المصرح. قوله: "ومخلصا زيد دعا" فيه تقديم معمول الخبر الفعلي على المبتدأ جريا على القول بجوازه ورجحه الرضي. قوله: "شتى" جمع شتيت تؤوب الحلبة بالتحريك جمع حالب أي يرجعون متفرّقين. قوله: "نحو ما أحسنه مقبلا" فلا يجوز تقديم الحال على عاملها بل ولا على صاحبها ولو كان اسما ظاهرا كما في شرح العمدة. قوله: "تشبه الجامد" أي في عدم قبول
وعامل ضمن معنى الفعل لا
…
حروفه مؤخرًا لن يعملا
كتلك ليت وكأن وندر
…
نحو سعيد مستقرا في هجر
ــ
أفصح الناس خطيبًا، أو اسم فعل نحو نزال مسرعًا، أو عاملًا معنويًّا هو ما تضمن معنى الفعل دون حروفه كما أشار إليه بقوله:"وعامل ضمن معنى الفعل لا حروفه مؤخرًا لن يعملا كتلك" و"ليت وكأن" والظرف والمجرور المخبر بهما، تقول تلك هند مجردة، وليت زيدًا أميرًا أخوك. وكأن زيدًا راكبًا أسد وزيد عندك أو في الدار جالسًا. وهكذا جميع ما تضمن معنى الفعل دون حروفه كحرف التنبيه والترجي والاستفهام المقصود به
ــ
علامات الفرعية وفيه أن من الأفعال الجامدة ما يقبلها كنعم وبئس وعسى وليس إلا أن يكون مراده خصوص فعل التعجب وفعل الاستثناء. قوله: "خطيبا" هو حال من الضمير في أفصح. قوله: "أو اسم فعل" عطف على قوله فعلا جامدا، وظاهره أن هذا خارج بالقيد. وفيه أن اسم الفعل ليس فعلا ولا صفة فهو خارج من أصل الموضوع وكذا يقال في قوله أو عاملا معنويا. قوله:"وهو ما تضمن" أي لفظ تضمن فليس المراد بالعامل المعنوي نحو الابتداء والتجرد والعوامل المتضمنة ما ذكره عشرة ذكر المصنف والشارح منها تسعة وأسقطا النداء نحو:
يا أيها الربع مَبكيا بساحته
لما في مجيء الحال من المنادى من الخلاف فقد منعه بعضهم وإن كان الأصح كما في جامع ابن هشام الجواز وفي الهمع أن أبا حيان اختار أن اسم الإشارة وحرف التنبيه وليت ولعل وباقي الحروف لا تعمل في الحال ولا الظرف ولا يتعلق بها حرف إلا كأن وكاف التشبيه وأن بعضهم منع عمل كأن أيضا في الحال. وفي الأشباه والنظائر أن الأصح عدم عمل كان وأخواتها وعسى في الحال فتستثنى من العوامل اللفظية. قوله: "مؤخرا" أي ولا محذوفا كما صرح به في المغني غير مرة وإن استظهر الدماميني جواز زيد قائما جوابا لمن قال من في الدار أي زيد فيها قائما لقوة الدلالة على المحذوفة. قوله: "المخبر بهما" الظاهر أنه ليس بقيد بل الواقع نعتا مثلا كذلك نحو مررت برجل عندك قائما. قوله: "تلك هند مجردة" فمجردة حال من هند والعامل فيها اسم الإشارة لما فيه من معنى الفعل أعني أشير. قوله: "وليت زيدا أميرا أخوك" وسط الحال في هذا المثال وما بعده ليكون حالا من الاسم فيكون معمولا للناسخ على كلا المذهبين السابقين في إن وأخواتها إذ لو أخر لكان حالا من الخبر وهو على أحد المذهبين مرفوع بما كان مرفوعا به قبل دخول الناسخ لا به، وكليت وكأن لعل كما سيذكره الشارح، ويظهر أن إنّ وأنّ ولكن كذلك.
قوله: "كحرف التنبيه" نحو: ها أنت زيد راكبا فراكبا حال من زيد أو من أنت على رأي سيبويه فالعامل في راكبا حرف التنبيه لتضمنه معنى أنبه ونحو هذا زيد قائما فالعامل في قائما حرف التنبيه لما مر. وقيل اسم الإشارة لتضمنه معنى أشير وقيل كلاهما لتنزلهما منزلة كلمة واحدة. فإن قلنا العامل حرف التنبيه جاز أن تقول ها قائما ذا زيد ولا يجوز على الوجهين الأخيرين كذا في يس عن ابن بابشاذ. وأورد على كلام الشارح أن الكلام في عامل ضمن معنى
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
التعظيم نحو: يا جارتا ما أنت جاره. وأما نحو أما علمًا فعالم فلا يجوز تقديم الحال على عاملها في شيء من ذلك. وهذا هو القسم الثاني "وندر" تقديمها على عاملها الظرف والمجرور المخبر بهما "نحو سعيد مستقرا" عندك أو "في هجر" فما ورد من ذلك مسموعًا يحفظ ولا يقاس عليه. هذا هو مذهب البصريين. وأجاز ذلك الفراء والأخفش
ــ
الفعل لا في مطلق ما تضمن ذلك. وأنت خبير بأن المراد العامل ولو في الحال فقط. وحرف التنبيه يعمل في الحال على ما ذكره الشارح فلا خروج عما الكلام فيه. نعم يرد على من جعل حرف التنبيه عاملا في الحال عدم اتحاد الحال وصاحبها عاملا ولعله لا يقول بوجوب الاتحاد كما ذهب بعضهم. وفي التصريح وشرح الجامع أن إسناد العمل إلى الأشياء العشرة ظاهري وأن العامل في الحقيقة الفعل المدلول عليه بها كأشير وأنبه وفعل الشرط في أما علما فعالم إذ التقدير مهما يذكر إنسان في حال علم، وحينئذٍ فيتحد العامل في الحال وصاحبها بلا إشكال. وفي المغني المشهور لزوم اتحاد عامل الحال وصاحبها، وليس بلازم عند سيبويه، ويشهد له نحو أعجبني وجه زيد متبسما وصوته قارئا فإن عامل الحال الفعل وعامل صاحبها المضاف وقوله:
لمية موحشا طلل
فإن عامل الحال الاستقرار الذي تعلق به الظرف، وعامل صاحبها وهو طلل الابتداء:{وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً} [المؤمنون: 52]، فإن عامل الحال حرف التنبيه أو اسم الإشارة وعامل صاحبها إن ومثله:{وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا} [الأنعام: 153]، وقوله:
ها بينا ذا صريح النصح فاصغ له
فعامل الحال ها التنبيه وليست عامل صاحبها، ولك أن تقول لا أسلم أن صاحب الحال طلل بل ضميره المستتر في الظرف لأن الحال حينئذٍ من المعرفة. وأما البواقي فاتحاد العامل فيها موجود تقديرا إذ المعنى أشير إلى أمتكم وإلى صراطي وتنبه لصريح النصح. وأما مثالا الإضافة فصلاحية المضاف فيهما للسقوط تجعل المضاف إليه كأنه معمول للفعل وعلى هذا فالشرط في المسألة اتحاد العامل تحقيقا أو تقديرا. ا. هـ. باختصار. وقال الرضي في باب المبتدأ التزامهم اتحاد العامل في الحال وصاحبها لا دليل لهم عليه ولا ضرورة ألجأتهم إليه والحق أنه يجوز اختلاف العاملين على ما ذهب إليه المالكي. ا. هـ. قوله:"وأما" معطوف على حرف التنبيه. قوله: "نحو أما علما فعالم" أسلف الشارح أنه حال من مرفوع فعل الشرط الذي نابت عنه أما فهو العامل حقيقة ونسبة العمل لأما باعتبار نيابتها عنه. قوله: "هو القسم الثاني" أي ما يجب فيه تأخير الحال عن العامل. قوله: "وندر" أي شذ بدليل قول الشارح فما ورد إلخ وقال الموضح قلّ. قوله: "مستقرا" قال سم حال مؤكدة وهو صريح في أن المراد به الاستقرار العام وقال غيره أي ثابتا غير متزلزل فهو خاص إذ لو كان عاما لم يظهر. قال بعض المتأخرين قد يقال محل عدم ظهوره إذا كان له معمول يقع بدلا عنه وإلا جاز ظهوره وعندي أن هذا متعين إذ لا يشك أحد في جواز هذا ثابت
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مطلقًا. وأجازه الكوفيون فيما كانت الحال فيه من مضمر نحو أنت قائمًا في الدار. وقيل يجوز بقوة إن كان الحال ظرفًا. أو حرف جر. ويضعف إن كان غيرهما. وهو مذهبه في التسهيل. واستدل المجيز بقراءة من قرأ: "والسماوات مطوياتٍ بيمينه"[الزمر: 67]، "ما في بطون هذه الأنعام خالصةً لذكورنا" [الأنعام: 139] ، بنصب مطويات وخالصة. وبقوله:
501-
رهط ابن كور محقبي أدراعهم
…
فيهم ورهط ربيعة ابن حذار
وقوله:
502-
بنا عاذ عوف وهو بادئ ذلة
…
لديكم فلم يعدم ولاء ولا نصرا
وتأول ذلك المانع.
ــ
هذا حاصل مثلا. قوله: "فيما كانت الحال فيه من مضمر" أي من مضمر مرجعه مضمر كما في المثال فإن قائما حال من الضمير المستكن في العامل الذي هو الجار والمجرور ومرجعه أنت وإن شئت جعلت كلام الشارح على حذف مضاف أي من مفسر مضمر بفتح السين والمآل واحد. ولعل وجه مذهبهم أنه لما كان مرجع صاحب الحال مماثلا له وكان متقدما كان كأن صاحب الحال متقدم فكأن العامل متقدم، بخلاف ما إذا لم يكن صاحب الحال ضميرا نحو أنت قائما في الدار أبوك، وما إذا لم يكن مرجعه ضميرا نحو زيد قائما في الدار فلا يجوزان عند الكوفيين. وقرر شيخنا عبارة الشارح بوجه آخر حيث قال فقائما حال من أنت عند الكوفيين القائلين بأن المبتدأ والخبر ترافعا فالعامل في الحال وصاحبها واحد متأخر عن الحال وهو الخبر. ا. هـ. وانظر ما وجه التخصيص بالضمير على هذا. قوله:"إن كان الحال ظرفا أو حرف جر" أي مع مجروره نحو زيد عندك أمامك أو في الدار أمامك إذا جعل عندك وفي الدار حالين من الضمير في الظرف بعدهما وقوله إن كان غيرهما كمثال المتن.
قوله: "واستدل المجيز" أي مطلقا. قوله: "بقراءة من قرأ" أي شذوذا. قوله: "رهط ابن كوز" بضم الكاف وآخره زاي مبتدأ خبره فيهم. ومحقبي أدراعهم حال من الضمير المستكن فيه أي جاعلين أدراعهم في حقائبهم جمع درع. ورهط الثاني معطوف على رهط الأول. وحذار بضم المهملة وتخفيف الذال المعجمة. والرهط ما دون العشرة من الرجال. قوله: "بنا عاذ عوف إلخ" فقدم الحال وهو بادىء ذلة على صاحبها أعني الضمير المستكن في لديكم الذي هو خبر هو. قوله: "وتأوّل ذلك المانع" أي بأن البيتين ضرورة وأن السماوات عطف على الضمير المستتر
501- البيت من الكامل، وهو للنابغة الذبياني في ديوانه ص55؛ وجمهرة اللغة ص825؛ وشرح عمدة الحافظ ص437، 557؛ والمقاصد النحوية 3/ 170.
502-
البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 332؛ وشرح التصريح 1/ 385؛ والمقاصد النحوية 3/ 172.
ونحو زيد مفردًا أنفع من
…
عمرو معانًا مستجاز لن يهن
ــ
تنبيهات: الأول محل الخلاف في جواز تقديم الحال على عاملها الظرف إذا توسط كما رأيت. فإن تقدم على الجملة نحو قائمًا زيد في الدار امتنعت المسألة إجماعًا، قاله في شرح الكافية. لكن أجاز الأخفش في قولهم فداء لك أبي وأمي أن يكون فداء حالًا والعامل فيه لك، وهو يقتضي جواز التقديم على الجملة عنده إذا تقدم الخير، وأجازه ابن برهان فيما إذا كان الحال ظرفًا {هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ} [الكهف: 44] ، فهنالك ظرف في موضع الحال والولاية مبتدأ ولله الخبر. الثاني أفهم كلامه جواز نحو في الدار قائمًا زيد وهو اتفاق. الثالث قد يعرض للعامل المتصرف ما يمنع تقديم الحال عليه ككونه مصدرًا مقدرًا بالحرف المصدري نحو سرني ذهابك غازيًا، أو فعلًا مقرونًا بلام الابتداء أو قسم نحو: لأصبر محتسبًا ولأقومن طائعًا أو صلة لأل، أو الحرف مصدري نحو أنت المصلي فذا ولك أن تتنفل قاعدًا قال الناظم وولده: أو نعتًا نحو مررت برجل ذاهبة فرسه مكسورًا سرجها. قال في المغني: هو وهم منهما فإنه يجوز أن يتقدم عليه فاصلًا بين النعت ومنعوته فتقول: مررت برجل مكسورًا سرجها ذاهبة فرسه. الرابع لم يتعرض هنا للقسم الثالث وهي الحال الواجبة التقديم وذلك نحو كيف جاء زيد "ونحو زيد مفردًا أنفع من عمرو معانًا" وبكر
ــ
في قبضته لأنها بمعنى مقبوضة ومطويات حال من السموات وبيمينه ظرف لغو متعلق بمطويات. والفصل المشروط للعطف على الضمير المستتر موجود هنا بقوله يوم القيامة. وأن خالصة حال من المستتر في صلة ما فهي العاملة في الحال وتأنيث خالصة باعتبار معنى ما لأنها واقعة على الأجنة. قوله: "لكن أجاز الأخفش" لما كان تقدم الحال على الجملة صادقا بتقدم الخبر وتأخره وبكون الحال ظرفا وغيره وكانت حكاية الإجماع غير مسلمة في تقدم الخبر وفي كونها ظرفا استدرك على حكاية الإجماع فقال لكن إلخ. قوله: "وهو اتفاق" لأن الحال متأخرة عن العامل حينئذٍ. قوله: "مقدرا بالحرف" أي مع الفعل واقتصر على الحرف لأنه المانع من تقديم الحال كما قاله الدماميني فإن كان المصدر غير مقدر بذلك جاز تقديم الحال عليه نحو قائما ضربا زيدا.
قوله: "أو فعلا مقرونا بلام الابتداء" أي في غير باب إن لتصريحهم هناك بجواز نحو إن زيدا مخلصا ليعبد ربه. قاله الدماميني. قوله: "أو صلة لأل" بخلاف غير أل فيجوز من الذي خائفا جاء لجواز تقديم معمول الصلة عليها لا على الموصول. قوله: "أو لحرف مصدريّ" أي ولو غير عامل نحو سرني ما فعلت محسنا. قوله: "فإنه يجوز أن يتقدم عليه إلخ" مثل الحال من معمول النعت في جواز التقدم على النعت غيرها من معمولات النعت كالمفعول به والظرف والمجرور. قوله: "مكسورا سرجها ذاهبة فرسه" الضمير عائد على متأخر لفظا متقدم رتبة فبطل ما قيل تقديم الحال في المثال وإن لم يمتنع من جهة أن عاملها نعت لجواز تقديم معمول النعت عليه لا على المنعوت فهو ممتنع من جهة تقديم المضمر على ما يفسره فاعرف ذلك. قوله: "نحو كيف جاء زيد" أي في أي حال سواء قلنا إنه ظرف شبيه باسم المكان غير مفتقر إلى
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قائمًا أحسن منه قاعدًا، مما وقع فيه اسم التفضيل متوسطًا بين حالين من اسمين، مختلفي المعنى أو متحديه، مفضل أحدهما في حالة على الآخر في أخرى "مستجاز لن يهن" على أن اسم التفضيل عامل في الحالين فيكون ذلك مستثنى مما تقدم من أنه لا يعمل في الحال المتقدمة عليه. وإنما جاز ذلك هنا لأن اسم التفضيل وإن انحط درجة عن اسم الفاعل والصفة المشبهة بعدم قبول علامات الفرعية، فله مزية على العامل الجامد لأن فيه ما في الجامد من معنى الفعل، ويفوقه يتضمن حروف الفعل ووزنه، فجعل موافقًا للعامل الجامد في امتناع تقديم الحال عليه إذا لم يتوسط بين حالين نحو هو أكفؤهم ناصرًا. وجعل موافقًا لاسم الفاعل في جواز التقديم عليه إذا توسط بين حالين. واعلم أن ما ذكره الناظم هو مذهب سيبويه والجمهور. وزعم السيرافي أن المنصوبين في ذلك ونحوه خبران لكان مضمرة مع إذ في المضي وإذا في الاستقبال. وفيه تكلف إضمار ستة أشياء. وبعد تسليمه يلزم إعمال أفعل في إذ وإذا فيكون واقعًا في مثل ما فر منه.
تنبيه: لا يجوز تقديم هذين الحالين على أفعل ولا تأخيرهما عنه، فلا تقول: زيد
ــ
التعلق كما هو مذهب سيبويه أو اسم غير ظرف كما هو مذهب الأخفش لأن الحال مطلقا على معنى في. هذا ما ظهر لي وبه يعرف ما في كلام البعض هنا تبعا للتصريح فتدبر. قوله: "مفردا" حال من الضمير في أنفع ومعانا حال من عمرو والعامل فيهما أنفع.
قوله: "مختلفي المعنى" أي كالمثال الأول وقوله أو متحديه أي كالمثال الثاني. قوله: "مستجاز" السين والتاء زائدتان أو للنسبة أي منسوب إلى الجواز ومعدود من الجائز. واعلم أن ما جاز بعد الامتناع يجب فلا يعترض عليه بأن اللائق التعبير بالوجوب بدل الاستجازة. قوله: "على العامل الجامد" يعني المعنوي كما يدل عليه ما بعده. قوله: "فجعل موافقا للعامل الجامد إلخ" لما كان شبهه بالجامد أقوى من شبهه باسم الفاعل خصت موافقته للجامد بما هو الغالب وهو حالة عدم توسطه. هذا ما قاله البعض وقد يمنع كون شبهه بالجامد أقوى. والأولى عندي أن يقال خصت موافقته للجامد بأغلب حاليه وهو عدم التوسط لأن ذلك أبلغ في إظهار انحطاط درجته عن اسم الفاعل والتحاقه بالجامد من العكس فتدبر. قوله: "خبران لكان مضمرة" صريح في أن كان ناقصة. والذي في التصريح وشرح الجامع عن السيرافي أنها تامة والمنصوبان حالان ونسب شارح الجامع القول بأنها ناقصة والمنصوبان خبران لها إلى بعض المغاربة. قوله: "إضمار ستة أشياء" هي إذ أو إذا وكان واسمها مع الأول والثاني. قوله: "فيكون واقعا في مثل ما فر منه" الذي فر منه هو عمل أفعل النصب في حال متقدمة عليه، وقد وقع في مثله وهو عمله في ظرف متقدم عليه. وقد يقال يتوسع في الظرف ما لا يتوسع في غيره. قوله:"لا يجوز تقديم إلخ" أي دفعا للبس. فإن قلت يندفع اللبس يجعل أحدهما تاليا لأفعل والآخر للضمير في منه. قلت يلزم الفصل بين أفعل ومن ولم يغتفروه إلا بالظرف والمجرور والتمييز لسماعه فيها ولم يسمع ذلك
والحال قد يجيء ذا تعدد
…
لمفرد فاعلم وغير مفرد
ــ
قائمًا قاعدًا أحسن منه، ولا زيد أحسن منه قائمًا قاعدًا "والحال" لشبهها بالخبر والنعت "قد يجيء ذا تعدد لمفرد فاعلم وغير مفرد" فالأولى نحو جاء زيد راكبًا ضاحكًا وقوله:
503-
علي إذا ما جئت ليلى بخفية
…
زيارة بيت الله رجلان حافيا
ومنع ابن عصفور هذا النوع ما لم يكن العامل فيه أفعل التفضيل. نحو هذا بسرًا أطيب منه رطبًا. ونقل المنع عن الفارسي وجماعة، فالثاني عندهم نعت للأول أو حال من
ــ
في الحال هكذا ينبغي الجواب. ونقل الدماميني عن بعضهم جواز ذلك فيجوز على هذا زيد أحسن قائما منه قاعدا. قال واختاره الرضي. قوله: "لشبهها بالخبر" أي في كونها محكوما بها في المعنى على صاحبها وإن كان الحكم في الخبر قصديا وفي الحال تبعيا والنعت أي في إفهام الاتصاف بصفة وإن كان قصديا في النعت وتبعيا في الحال إذ القصد بها تقييد الفعل وبيان كيفية وقوعه، وقدم شبهها بالخبر لأنه أشد من شبهها بالنعت. قال في المغني ومن ثم اختلف في تعددهما واتفق على تعدد النعت وعلل الدماميني الأشدية بأنك لو حذفت العامل من نحو جاء زيد راكبا انتظم من الحال وصاحبها مبتدأ وخبر تقول زيد راكب ولا ينتظم منهما منعوت ونعت. قوله:"قد يجيء ذا تعدد" أي جوازا ووجوبا، فالثاني بعد إما ولا نحو:{إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا} [الإنسان: 3]، ونحو جاء زيد لا خائفا ولا آسفا. وجاء إفرادها بعد لا ضرورة كما في قوله:
قهرت العدا لا مستعينا بعصبة
…
ولكن بأنواع الخدائع والمكر
والأول فيما عدا ذلك. قوله: "فاعلم" جملة اعتراضية أتى بها لرد قول ابن عصفور الآتي. شاطبي. قوله: "فالأولى" هي المتعددة لمفرد. وتكون بعطف نحو: {أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا} [آل عمران: 39] الآية، وبغير عطف كأمثلة الشارح. قوله:"رجلان" أي ماشيا حافيا أي غير منتعل، والحالان قال المصرح إما من فاعل الزيارة المحذوف والتقدير زيارتي بيت الله أو من ياء المتكلم المجرورة بعلى. ا. هـ. والأنسب الأول.
قوله: "ومنع ابن عصفور هذا النوع" أي قياسا على الظرف قال ابن الناظم: وليس بشيء أي للفرق الظاهر بينهما لأن وقوع الفعل الواحد في زمانين ومكانين محال وأما تقييده بقيدين فلا بأس به. قوله: "ما لم يكن العامل فيه أفعل التفضيل" أي المتوسط بين حالين على ما يؤخذ من التمثيل ليخرج زيد أحسن من إخوته متكلما ضاحكا. وإنما جوز ابن عصفور تعدد الحال لمفرد في نحو هذا بسرا إلخ لأن صاحب الحال وإن كان واحدا في المعنى متعدد في اللفظ والتعدد اللفظي يكفي عنده هذا ما ظهر لي. قوله: "نحو هذا بسرا أطيب منه رطبا" وجه كونه من هذا
503- البيت من الطويل، وهو للمجنون في ديوانه ص233؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 335؛ المغني 2/ 859؛ ولسان العرب 11/ 268 "رجل"؛ ومغني اللبيب 2/ 461.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الضمير فيه. والثانية قد يكون بجمع نحو: {وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ} [إبراهيم: 33]، ونحو:{وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ} [الأعراف: 54] وقد يكون بتفريق نحو لقيت هندًا مصعدًا منحدرة وقوله:
504-
لقي ابني أخويه خائفا
…
منجديه فأصابوا مغنما
فعند ظهور المعنى يرد كل حال إلى ما يليق به كما في المثال والبيت، وعند عدم الظهور بجعل أول الحالين لثاني الاسمين وثانيهما للأول، نحو لقيت زيدًا مصعدًا منحدرًا.
ــ
النوع كما قاله سم أن الحالين لمفرد في المعنى وإن تعدد في اللفظ والبسر مرتبة قبل الرطب وبعد البلح. قوله: "نعت للأول" أي بناء على الأصح من جواز نعت المشتق باعتبار دلالته على الذات. قوله: "أو حال من الضمير" أي ويكون حالا متداخلة. قوله: "بجمع" الباء بمعنى مع أو للملابسة والمراد بالجمع ما قابل التفريق فيشمل التثنية وذلك في صورة اتحاد الحال لفظا ومعنى لأن الجمع حينئذٍ أخصر سواء كان العامل واحدا وعمله في غير الحال كذلك نحو جاء زيد وعمرو راكبين أو عمله مختلف نحو ضرب زيد عمرا راكبين، أو كان العامل متعددا وعمله كذلك نحو جاء زيد وضربت عمرا راكبين أو العمل متحد نحو جاء زيد وذهب عمرو مسرعين، ويظهر أن العامل في الحال عند تعدد العامل مجموع العاملين أو العوامل لئلا يلزم اجتماع عاملين أو عوامل على معمول واحد ولذلك نظائر كثيرة تقدمت وهل الجمع في ذلك واجب أولا استظهر العلوي الوجوب ثم نقل عن الرضي أنه قال لا أمنع من التفريق كلقيت راكبا زيدا راكبا أو لقيت زيدا راكبا راكبا. قوله:"دائبين" أي دائمين بتغليب المذكر. قوله: "وقد يكون بتفريق" أي مع إيلاء كل حال صاحبها نحو لقيت مصعدا زيدا منحدرا أو تأخير الأحوال كما مثله الشارح.
قوله: "يجعل أول الحالين لثاني الاسمين" أي ليكون أول الحالين غير مفصول من صاحبه وهذا مذهب الجمهور. وذهب قوم إلى عكسه واختاره السيوطي مراعاة للترتيب. قال الدماميني وقياسا على ما هو أحسن عند أهل المعاني وهو اللف والنشر المرتب. ا. هـ. أي عند محققيهم لانسياق الذهن إلى الرتيب. ونقل الدماميني عن ابن هشام في حواشي التسهيل أنه فرّق بين النشر وتعدد الحال بأن النشر إنما يجوز عند الوثوق بفهم المعنى وردّ السامع ما لكل واحد من الأمور المتعددة إليه وليس هذا شرطا في تعدد الحال فوجب الحمل على الأقرب إلا عند قيام قرينة غيره ولم يتعرض الشارح لكون الجعل الذي ذكره واجبا أو أولى والذي في المغني وجوبه. قال الشمني أي بالنسبة إلى عكسه فلا ينافي ما في الرضي أنه ضعيف أي بالنسبة إلى جعل كل حال بجنب صاحبها. ا. هـ. باختصار. والأجود عدم العطف هنا لأنه ربما يوهم كون الأحوال لواحد
504- البيت من الرمل، وهو بلا نسبة في شرح ابن عقيل ص337؛ وشرح عمدة الحافظ ص462؛ والمقاصد النحوية 3/ 215.
وعامل الحال بها قد أكدا
…
في نحو لا تعث في الأرض مفسدا
وإن تؤكد جملة فمضمر
…
عاملها ولفظها يؤخر
ــ
فمصعدًا حال من زيد، ومنحدرًا حال من التاء.
تنبيه: الظاهر أن قد في قوله قد يجيء للتحقيق لا للتقليل "وعامل الحال بها قد أكدا" أي الحال على ضربين: مؤسسة وتسمى مبنية وهي التي لا يستفاد معناها بدونها كجاء زيد راكبًا. ومؤكدة وهي التي يستفاد معناها بدونها وهي على ثلاثة أضرب: إما مؤكدة لعاملها وهي كل وصف وافق عامله إما معنى دون لفظ "في نحو لا تعث في الأرض مفسدًا"{ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ} [التوبة: 25] أو معنى ولفظًا نحو: {وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا} [النساء: 79] وقوله:
505-
أصح مصيخا لمن أبدى نصيحته
ومؤكدة لصاحبها نحو لآمن من في الأرض كلهم جميعًا. ومؤكدة لمضمون جملة وقد أشار إليها بقوله: "وإن تؤكد جملة فمضمر عاملها" أي عامل الحال وجوبًا "ولفظها
ــ
في وقتين أو أوقات. ومن العطف بلا إيهام قول عمرو بن كلثوم:
وإنا سوف تدركنا المنايا
…
مقدرة لنا ومقدرينا
أي لها. بقي ما إذا كانت الحال مفردة مع تعدد ما تصلح له نحو لقيت زيدا راكبا فالأقرب كونها للأقرب كما أشار إليه في التسهيل ومنع بعضهم هذه الصورة. قوله: "الظاهر أن قد إلخ" مقابله أن قد للتقليل النسبي. قوله: "أي الحال على ضربين مؤسسة" تفسير للنظم بما يفيده منطوقه ومفهومه فلا يقال المؤسسة لم تذكر في كلامه. قوله: "أما معنى دون لفظ" قدمه على قسيمه لكثرته وقلة الثاني ولذا لم يمثل له الناظم. قوله: "في نحو لا تعث" يقال عثا يعثو عثوا أو عثى يعثي عثى. وعلى الثاني جاءت الآية وأما مثال الناظم فيحتمل الضبطين قاله الشاطبي. قوله: "في الأرض" بحذف الياء لفظا ونقل فتحة الهمزة إلى اللام. قوله: "أصخ" أي استمع. قوله: "ومؤكدة لمضمون جملة" هو معنى المصدر المأخوذ من مسندها مضافا إلى المسند إليه فيها إن كان المسند مشتقا كقيام زيد في زيد قائم وقام زيد والكون المضاف إلى المسند إليه مخبرا عنه بالمسند إن كان المسند جامدا. وهذا هو الممكن هنا لما سيأتي من اشتراط جمود جزأي الجملة ككون زيد أخا في زيد أخوك عطوفا والتأكيد في الحقيقة للازم الكون أخا كما قاله الشنواني وهو العطف والحنو ففي عبارته حذف مضاف أي للازم مضمون جملة. قوله: "فمضمر عاملها" أي
505- عجزه:
والزم توقي خلط الجد باللعب
والبيت من البسيط، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 342؛ وشرح التصريح 1/ 387؛ وشرح عمدة الحافظ ص440؛ والمقاصد النحوية 3/ 185.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يؤخر" عن الجملة وجوبًا أيضًا. ويشترط في الجملة أن تكون معقودة من اسمين معرفتين جامدين نحو زيد أخوك عطوفًا. وقوله:
506-
أنا ابن دارة معروفًا بها نسبي
…
وهل بدارة يا للناس من عار
والتقدير أحقه عطوفًا وأحق معروفًا.
تنبيه: قد يؤخذ من كلامه ما ذكر من الشروط تعريف جزأي الجملة من تسميتها مؤكدة لأنه لا يؤكد ما قد عرف، وجمودهما من كون الحال مؤكدة للجملة لأنه إذا كان أحد الجزأين مشتقًا أو في حكمه كان عاملًا في الحال فكانت مؤكدة لعاملها لا للجملة، ولذلك جعل في شرح التسهيل قولهم: زيد أبوك عطوفًا، وهو الحق بينا، من قبيل المؤكدة لعاملها وهي موافقة له معنى دون لفظ لأن الأب والحق صالحان للعمل، ووجوب
ــ
وصاحبها. قوله: "وجوبا" لأن الجملة كالعوض من العامل ولا يجمع بين العوض والمعوض. قوله: "يؤخر عن الجملة وجوبا" أي لضعف العامل بوجوب الحذف فيجب تأخيرها عما هو كالعوض منه وهو الجملة. قوله: "جامدين" أي جمودا محضا ليخرج الجامد الذي في حكم المشتق كما في أنا الأسد مقداما وزيد أبوك عطوفا كما سينبه عليه الشارح. قوله: "أنا ابن دارة" هي اسم أمه ويا للاستغاثة.
قوله: "والتقدير أحقه" بفتح الهمزة وضمها من حققت الأمر أو أحققته بمعنى تحققته أو أثبته، أو بمعنى أثبته. ومحل تقدير ما ذكر إن لم يكن المبتدأ أنا وإلا قدر نحو حقني أمرا أو أحق مبنيا للمفعول قاله يس. قوله:"قد يؤخذ من كلامه ما ذكر من الشروط إلخ" لم يتعرض الشارح لمأخذ اسمية الجزءين ولعله كون عامله مضمرا أو كون الحال مؤكدة للجملة لأنه إذا كان أحد الجزءين فعلا كان عاملا في الحال فلا يكون عاملها مضمرا ولا تكون الحال مؤكدة للجملة على قياس ما سيذكره في الجمود فتدبر. قوله: "لأنه لا يؤكد إلا ما قد عرف" أي على مذهب البصريين، وما قيل من أن المؤكد مضمون الجملة وهو لا يوصف بتعريف ولا تنكير رد بأن مضمون الجملة كما مر معنى المصدر المأخوذ إلخ وهو يوصف بالتعريف والتنكير بحسب تعريف المسند إليه وتنكيره. قوله:"فكانت مؤكدة لعاملها" أورد عليه أن مجرد كون العامل مشتقا حقيقة أو حكما لا يستلزم كون الحال مؤكدة له وإنما يستلزمه اشتمال العامل على معنى الحال فكان الأولى أن يقول فكانت غير مؤكدة لمضمون الجملة ليكون شاملا للمؤسسة وللمؤكدة لعاملها أو صاحبها. قوله: "ولذلك" أي لكون أحد الجزءين إذا كان مشتقا أو في حكم المشتق كان عاملا
506- البيت من البسيط، وهو لسالم بن دارة في خزانة الأدب 1/ 468، 2/ 145، 3/ 265، 266؛ والخصائص 2/ 268، 317، 340، 3/ 60؛ والدرر 4/ 11؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 547؛ وشرح المفصل 2/ 64؛ والكتاب 2/ 79؛ والمقاصد النحوية 3/ 186؛ وبلا نسبة في شرح شذور الذهب ص320؛ وشرح ابن عقيل ص338؛ وهمع الهوامع 1/ 245.
وموضع الحال تجيء جمله
…
كجاء زيد وهو ناوٍ رحله
ــ
تأخير الحال من كونها تأكيدًا، ووجوب إضمار عاملها من جزمه بالإضمار "وموضع الحال تجيء جمله" كما تجيء موضع الخبر والنعت وإن كان الأصل فيها الإفراد، ولذلك ثلاثة شروط: أحدهما أن تكون خبرية. وغلط من قال في قوله:
507-
اطلب ولا تضجر من مطلب
ــ
جعل في شرح التسهيل إلخ. قوله: "من قبيل المؤكدة لعاملها" هو في المثال الأول أبوك المتأول بالعاطف وفي الثاني الحق المتأول بالبين. قوله: "لأن الأب والحق صالحان للعمل" لتأول الأول بالعاطف وكون الثاني صفة فتأول الثاني بالبين لتكون الحال مؤكدة لا لصحة العمل، ولم يجعل الأخ كالأب لضعف دلالته على العطف والحنو بالنسبة إلى الأب. قوله:"ووجوب تأخير الحال" يقتضي صنيعه أن هذا من الشروط وليس كذلك بل من الأحكام وكذا يقال في قوله ووجوب إضمار عاملها. قوله: "من كونها تأكيدا" رد بأن المؤكدة لعاملها تأكيد ولا يجب تأخيرها. قوله: "وموضع الحال" أي المفردة فلا ينافي أن الجملة حال حقيقة بدليل تقسيمهم الحال إلى مفرد وجملة كالخبر والنعت.
فائدة: يجوز في قوله تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ} [آل عمران: 146]، أن يكون ربيون نائب فاعل قاتل وأن يكون ربيون فاعلا بالظرف لاعتماده على ذي الحال وهو ضمير النبي المستتر في قاتل والظرف حال وأن يكون مبتدأ خبره الظرف والجملة حال. ويختلف المعنى على الأول والأخيرين قيل وإذا قرئ قتل بالتشديد وجب ارتفاع ربيون بالفعل لأن قتل الواحد لا تكثير فيه ويرد بأن النبي هنا متعدد لا واحد بدليل كأين وإنما أفرد الضمير بحسب لفظها كذا في المعنى. قوله:"أن تكون خبرية" تغليبا لشبهه بالنعت في كونه قيدا مخصصا على شبهه بالخبر في كونه محكوما به لأن الغرض من الإتيان بها تقييد عاملها بحيث يتخصص وقوع مضمونه بوقت وقوع مضمونها والإنشائية إما طلبية أو إيقاعية كبعث واشتريت فالطلبية لا يتيقن حصول مضمونها فكيف يخصص بوقته حصول مضمون العامل والإيقاعية غير منظور فيها إلى وقت يحصل فيه مضمونها والمقصود بها إنما هو مجرد الإيقاع وهو مناف لقصد وقت الوقوع كذا في الدماميني نقلا عن الرضي نعم إن جعلت الإنشائية مقولا لقول مقدر هو الحال صح كالنعت إذ ليست الإنشائية حالا حينئذٍ نقله الشمني عن السيد وغيره. قال أبو حيان ويستثنى من الخبرية التعجبية إن قلنا إن التعجب خبر فلا تقع حالا فلا يقال مررت بزيد ما أحسنه. قوله: "اطلب ولا تضجر من مطلب" أي طلب وبعده:
وآفةُ الطالبِ أن يَضّجَرَا أما ترَى الحبلَ بِتِكْرَارِه فِي الصَّخْرَة الْصماء قَد أَثَّرَا
507- عجزه:
فآفة الطالب أن يضجرا
والبيت من السريع، وهو لبعض المولدين في الدرر 4/ 12؛ وشرح التصريح 1/ 389؛ المقاصد النحوية 3/ 217؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 347؛ ومغني اللبيب 2/ 398؛ وهمع الهوامع 1/ 246.
وذات بدء بمضارع ثبت
…
حوت ضميرًا ومن الواو خلت
ــ
أن لا ناهية والواو للحال. والصواب أنها عاطفة، مثل:{وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} [النساء: 36]، الثاني أن تكون غير مصدرة بعلم استقبال. وغلط من أعرب سيهدين من قوله تعالى:{إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ} [الصافات: 99] حالًا. الثالث أن تكون مرتبطة بصاحبها على ما سياتي "كجاء زيد وهو ناوٍ رحله" مثال لما استكملت الشروط "وذات بدء بمضارع ثبت حوت ضميرًا" يربطها "ومن الواو خلت" وجوبًا لشدة شبهه باسم الفاعل، تقول: جاء زيد يضحك، وقدم الأمير تقاد الجنائب بين يديه. ولا يجوز جاء
ــ
قوله: "إن لا ناهية" ليس هذا محل الغلط بل قوله والواو للحال ولو اقتصر عليه لكان أولى، فتضجر على هذا الغلط مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة المحذوفة تخفيفا، وكذا على أن لا ناهية والواو عاطفة جملة على جملة وهو ما استصوبه الشارح كما يفيده قوله عاطفة مثل:{وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} [النساء: 36] ، وإن اقتضى كلام البعض خلافه، ويحتمل أن تكون لا نافية والواو عاطفة مصدر منسبك من أن والفعل أي عاطفة عدمه المفهوم من لا على مصدر متصيد من الأمر السابق أي ليكن منك طلب وعدم ضجر فالفتحة فتحة إعراب والعطف كالعطف في قولك ائتني ولا أجفوك بالنصب أفاده في التصريح. قوله:"بعلم استقبال" أي علامته كالسين ولن لأنها لو صدرت بعلم استقبال لفهم استقبالها بالنظر لعاملها فتفوت المقارنة وللتنافي بين الحال والاستقبال بحسب اللفظ وإن لم يكن هناك تناف بحسب المعنى لأن المنافي للاستقبال الحال الزمانية لا النحوية المرادة هنا. ويرد على التعليل الأول أن يقال هلا جوزتم تصديرها بعلم الاستقبال وجعلتم المصدرة به حالا منتظرة فتأمل. وقد ظهر باشتراط عدم تصدير الحال بعلم الاستقبال بطلان قول من قال إن الجملة الشرطية تقع حالا. قال المطرزي لا تقع جملة الشرط حالا لأنها مستقبلة فلا تقول جاء زيد إن يسأل يعط. فإن أردت صحة ذلك قلت وهو إن يسأل يعط فتكون الحال جملة اسمية وظهر أيضا وجه استشكال الناس قول سيبويه أن لا مختصة بنفي المستقبل مع قوله إن المضارع المنفي بلا يقع حالا. ا. هـ. دماميني باختصار وتصحيح بعضهم وقوع الشرط حالا في نحو: {كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ} [الأعراف: 176]، بانسلاخ الشرط حينئذٍ عن أصله إذ معنى الآية فمثله كمثل الكلب على كل حال يبعده وجود الجواب في الآية فتأمل. قوله:"مرتبطة بصاحبها" أي بالضمير أو بالواو أو بهما والأصل الضمير بدليل الربط به وحده في الحال المفردة والخبر والنعت قاله الدماميني.
قوله: "وذات بدء بمضارع" فإن بدئت بمعمول المضارع جاز الربط بالواو ولذلك جوّز البيضاوي إعراب {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} حالا من فاعل نعبد. قوله: "لشدة شبهه باسم الفاعل" بخلاف الماضي فليس شبهه به شديدا لأنه وإن أشبهه في وقوعه صفة وصلة وحالا يزيد
وذات واو بعدها انو مبتدا
…
له المضارع اجعلن مسندا
ــ
ويضحك، ولا قدم وتقاد "وذات واو بعدها انو مبتدا له المضارع اجعلن مسندا" أي إذا جاء من كلامهم ما ظاهره أن جملة الحال المصدرة بمضارع مثبت تلت الواو حمل على أن المضارع خبر مبتدأ محذوف، من ذلك قولهم: قمت وأصك عينه: أي وأنا أصك.
وقوله:
508-
فلما خشيت أظافيرهم
…
نجوت وأرهنهم مالكا
وقوله:
509-
علقتها عرضًا وأقتل قومها
أي وأنا أرهنهم مالكًا، وأنا أقتل قومها. وقيل: الواو عاطفة لا حالية والفعل بعدها مؤول بالماضي.
تنبيهان: الأول: تمتنع الواو في سبع مسائل: الأولى ما سبق. الثانية الواقعة بعد عاطف نحو: {فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ} [الأعراف: 4] ، الثالثة المؤكدة لمضمون
ــ
المضارع بكونه على حركاته وسكناته وكالماضي الجملة الاسمية. قوله: "وذات واو" مبتدأ خبره جملة انو والرابط محذوف أي انو فيها. وأما الضمير في بعدها فعائد على الواو ويجوز نصب ذات على الاشتغال بعامل مقدر من معنى المذكور أي اقصد ذات واو إن جوزناه مع حذف الشاغل. قوله: "حمل على أن المضارع" أي جملة المضارع. قوله: "فلما خشيت إلخ" أي لما خفت سيوفهم نجوت وأبقيت في أيديهم مالكا. قوله: "علقتها" بالبناء للمجهول أي حبيت فيها عرضا أي تعليقا عرضا أي عارضا أي غير مقصود لي. قوله: "والفعل بعدها مؤول بالماضي" أي على سبيل الأولوية لمناسبة المتعاطفين فقط وإلا فيجوز عطف المضارع على الماضي من غير تأويل ولم يؤول الأول بالمضارع لأن تأويل الثاني في وقت الحاجة. قوله: "الواقعة بعد عاطف" أي الجملة الاسمية الواقعة إلخ أي فرارا من اجتماع حرفي عطف صورة قاله المصرح. قوله: "أو هم قائلون" من
508- البيت من المتقارب، وهو لعبد الله بن همام السلولي في إصلاح المنطق ص231، 249؛ وخزانة الأدب 9/ 36؛ والدرر 4/ 15؛ والشعر والشعراء 2/ 655؛ ولسان العرب 13/ 188؛ ومعاهد التنصيص 1/ 285؛ والمقاصد النحوية 3/ 190؛ وبلا نسبة في الجني الداني ص164؛ ورصف المباني ص420؛ وشرح ابن عقيل ص340؛ والمقرب 1/ 155؛ وهمع الهوامع 1/ 246.
509-
عجزه:
زعمًا لعمر أبيك ليس بمزعم
والبيت من الكامل، وهو لعنترة في ديوانه ص191؛ وجمهرة اللغة ص816؛ وخزانة الأدب 6/ 131؛ وشرح التصريح 1/ 392؛ ولسان العرب 12/ 267 "زعم"؛ والمقاصد النحوية 3/ 188؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 356؛ ومجالس ثعلب 1/ 241.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الجملة نحو: الحق لا شك فيه، {ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ} [البقرة: 2] ، الرابعة الماضي التالي إلا، نحو ما تكلم زيد إلا قال خيرًا. ومنه:{إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} [الحجر: 11]، الخامسة الماضي المتلو بأو نحو لأضربنه ذهب أو مكث. ومنه قوله:
510-
كن للخليل نصيرًا جار أو عدلا
…
ولا تشح عليه جاد أو بخلا
السادسة المضارع المنفي بلا نحو: {وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ} [المائدة 84]، {مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ} [النمل: 20] ، وقوله:
511-
ولو أن قومًا لارتفاع قبيلة
…
دخلوا السماء دخلتا لا أحجب
فإن ورد بالواو أول على إضمار مبتدأ على الأصح كقراءة ابن ذكوان {فَاسْتَقِيمَا وَلَا
ــ
القيلولة وهي نصف النهار. قوله: "المؤكدة لمضمون الجملة" أي لأن المؤكد عين المؤكد فلو قرن بالواو لزم عطف الشيء على نفسه صورة وقد يشعر صنيع الشارح هنا وفيما بعد بأن المؤكدة لمضمون الجملة لا تكون إلا اسمية والظاهر أنها تكون فعلية نحو هو الحق لا شك فيه. قوله: "لا ريب فيه" في كونه مؤكدا نظر إلا إذا جعلت أل في الكتاب للكمال. والمعنى ذلك الكتاب البالغ غاية الكمال فإن هذا يستلزم انتفاء كونه محلا للريب والشك كما في البيضاوي. قوله: "الماضي التالي إلا" أي لأن ما بعد إلا مفرد حكما كما مر وذهب بعضهم إلى جواز اقترانه بالواو تمسكا بقوله:
نعم امرؤٌ لَمْ تَعْرُ نَائِبَةٌ
…
إلا وَكَانَ لِمُرْتَاع بِهَا وَزَرَا
وحكم الأول بشذوذه. قوله: "الماضي المتلو بأو" أي لأنه في تقدير فعل الشرط إذ المعنى إن ذهب وإن مكث وفعل الشرط لا يقترن بالواو فكذا المقدر به. قوله: "المضارع المنفي بلا" قال الدماميني وإنما امتنعت الواو في المضارع المنفي بما أولا لأنه في تأويل اسم الفاعل المخفوض بإضافة غير وهو لا تدخل عليه الواو وأورد عليه أن هذا التوجيه جار في المنفي بلم أو لما فما وجه صحة الواو فيهما دون لا وما. ويمكن دفعه بأن مضى المنفي بلم أو لما في المعنى قربه من الفعل الماضي الجائز الاقتران بالواو وأبعده من الشبه باسم الفاعل المذكور بخلاف المنفي بما أو لا فتدبره فإنه نفيس. قوله: "وما لنا لا نؤمن بالله" أي أيّ شيء ثبت لنا حالة كوننا غير مؤمنين. قوله: "أول على إضمار مبتدأ على الأصح" مقابله عدم التقدير وجعل الواو الحالية مباشرة للمضارع شذوذا وهذا قول ابن عصفور وجعل الواو للعطف وهذا قول الجرجاني ويرد على الأول وروده في التنزيل والثاني لزم عطف الخبر على الإنشاء حيث يكون السابق جملة طلبية نحو: {فَاسْتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَانِّ} [يوسف: 89] ، بتخفيف النون قاله الدماميني
510- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في الدرر 4/ 114؛ وشرح عمدة الحافظ ص449؛ والمقاصد النحوية 3/ 202؛ وهمع الهوامع 1/ 246.
511-
البيت من الكامل، وهو بلا نسبة في المقاصد النحوية 3/ 191.
وجملة الحال سوى ما قدما
…
بواو أو بمضمر أو بهما
ــ
تَتَّبِعَانِّ} [يونس: 89]، وقوله:
512-
وكنت ولا ينهنهني الوعيد
وقوله:
513-
أكسبته الورق البيض أبا
…
ولقد كان ولا يدعى لأب
نص على ذلك في التسهيل وفي كلام خلافه. السابعة المضارع المنفي بما كقوله:
514-
عهدتك ما تصبو وفيك شبيبة
…
فما لك بعد الشيب صبا متيما
الثاني تلزم الواو مع المضارع المثبت إذا اقترن بقد نحو: {وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ} [الصف: 5] ، ذكره في التسهيل "وجملة الحال سوى ما قدما" يجوز ربطها "بواو" وتسمى هذه الواو واو الحال، وواو الابتداء، وقدرها سيبويه والأقدمون بإذ، ولا
ــ
وبه يعلم كلام ما في شيخنا والبعض من القصور.
قوله: "ولا تتبعان" أي بتخفيف النون. قوله: "وكنت" أي وجدت وقوله ولا ينهنهني أي يزجرني. قوله: "أكسبته الورق إلخ" أي أظهرت الدراهم نسبه وقد كان وهو مجهول النسب وكان في البيت تامة. قوله: "المضارع المنفي بما" كذا في التوضيح وغيره وجزم به في التسهيل وجوز بعضهم فيه الاقتران. قال أبو حيان: والقياس كون إن بمنزلة ما قاله الدماميني. قوله: "عهدتك ما تصبو" أي تميل إلى الجهل، والمتيم من تيمه الحب أي استعبده وأذله. قوله:"تلزم الواو مع المضارع إلخ" تقييد لإطلاق المتن وإنما تلزم مع ذلك قيل لأن قد أضعفت شبهه باسم الفاعل لعدم دخولها عليه وهذا التوجيه إنما ينتج الجواز كما أفاده سم ونازع السعد فيما ذكره الشارح فقال التقدير في الآية وأنتم قد تعلمون ومثل ما ذكر في لزوم الواو الجملة الفاقدة للضمير نحو جاء زيد وما طلعت الشمس. قوله: "يجوز ربطها بواو إلخ" الجواز منصب على التقييد بالواو أو بالضمير أو بهما فلا ينافي كون مطلق الربط واجبا قال الدماميني هذه الواو مستعارة من العطف لربط جملة الحال بعاملها كاستعار الفاء من العطف لربط الجزاء بالشرط وإنما خصت الواو
512- صدره:
تفاني مصعب وبنو أبيه
والبيت من الوافر، وهو لمالك بن رقية في شرح التصريح 1/ 392؛ والمقاصد النحوية.
513-
البيت من الرمل، وهو لمسكين الدارمي في ديوانه ص22؛ وسمط اللآلي ص352؛ وشرح التصريح 1/ 392؛ والمقاصد النحوي 3/ 193.
514-
البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 354؛ والدرر 4/ 14؛ وشرح التصريح 1/ 392؛ وهمع الهوامع 1/ 246.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يريدون أنها بمعناها إذ لا يرادف الحرف الاسم بل إنها وما بعدها قيد للعامل السابق "أو بمصمر" يرجع إلى صاحب الحال "أو بهما" معًا وسوى ما قدم هو الجملة الاسمية وجملة الماضي مثبتتين كانتا أو منفيتين وجملة المضارع المنفي، ويستثنى من ذلك ما تقدم التنبيه عليه وهو الاسمية الواقعة بعد عاطف والمؤكدة، وجملة الماضي التالي إلا، والمتلو بأو والمضارع المنفي بلا أو بما على ما مر، فلم يبق من أنواع المضارع المنفي سوى المنفي بلم أو لما. وأما المنفي بلن فلا يمكن هنا وأمثلة ذلك الجملة الاسمية غير ما تقدم: جاء زيد والشمس طالعة، ومنه:{لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ} [يوسف: 14]، جاء زيد يده على رأسه. ومنه:{وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ} [البقرة: 38]، أي متعادين. وقوله:
515-
ثم راحوا عبق المسك بهم
ــ
لأنها للجمع والغرض اجتماع جملة الحال مع العامل. قوله: "واو الابتدا" لأنها تدخل كثيرا على المبتدإ وإن لم تلزمه أو لوقوعها في ابتداء الحال. قوله: "بل إنها إلخ" أي فالمراد تشبيه واو الحال بإذ فيما ذكر لا بيان معناها. قوله: "على ما مر" أي من الخلاف في امتناع اقتران المنفي بلا بالواو والخلاف موجود في المنفي بما أيضا كما أسلفناه لكنه لم يبينه سابقا فيه. قوله: "سوى المنفي بلم أو لما" الفرق بينه وبين المنفي بلا أو ما أنه ماض في المعنى لأن كلا من لم ولما يقلبه إلى الماضي فساغ ربطه بالواو كالماضي لفظا.
قوله: "فلا يمكن هنا" أي لما تقدم من أن شرط الجملة الحالية أن لا تصدر بعلم استقبال. قوله: "وأمثلة ذلك" أي الربط بالواو أو بالضمير أو بهما معا. قوله: "غير ما تقدم" أي الجملة الاسمية الواقعة بعد عاطف والمؤكدة لمضمون جملة. قوله: "والشمس طالعة" فإن قلت الحال وصف لصاحبها وهذا لا يظهر في المثال. قلت التقدير موافقا طلوع الشمس مثلا. قوله: "ونحن عصبة" حال من الذئب أو من ضمير يوسف مرتبطة بالواو فقط لأن الضمير فيها أعني نحن لا يصلح لصاحب الحال وهو الذئب أو ضمير يوسف. قوله: "ومنه قلنا اهبطوا إلخ" قيل الخطاب لآدم وحوّاء وإبليس والحية والأمر عليه ظاهر. وقيل لآدم وحوّاء فقط بدليل آية قلنا اهبطا وصححه الزمخشري، وعليه فالجمع والتعادي باعتبار ما فيهما من الذرية التي كالذر كذا قيل، وفيه أن تعادي الذرية ليس مقارنا للهبوط حتى تكون الحال مقارنة ولا هما مقدران التعادي ولا ذريتهما مقدرون التعادي حتى تكون الحال مقدرة وهو مبني على ما ذكره البعض من أن المقدر للحال
515- عجزه:
يلحفون الأرض هداب الأزر
والبيت من الرمل، وهو لطرفة بن العبد في ديوانه ص55؛ وجمهرة اللغة ص555؛ ولسان العرب 9/ 314 "لحق"، 10/ 234 "عبق"؛ والمقاصد النحوية 3/ 208؛ وبلا نسبة في شرح عمدة الحافظ ص456.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وقوله:
516-
ولولا جنان الليل ما آب عامر
…
إلى جعفر سرباله لم يمزق
وجاء زيد ويده على رأسه. ومنه: {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: 22]، وهكذا النفي وأمثلته مع جملة الماضي غير ما تقدم: جاء زيد وقد طلعت الشمس، ومنه قوله:
517-
نجوت وقد بل المرادي سيفه
جاء زيد قد علته سكينة، ومنه {أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ} [النساء: 90] ، {وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ، قَالُوا} [آل عمران: 168] ، وهكذا النفي، وأمثلته مع المضارع المنفي بلم أو لما: جاء زيد ولم يقم عمرو. ومنه قوله:
ــ
المقدرة هو حال صاحبها وقد أسلفنا في باب الاستثناء عن الدماميني ما هو صريح في عدم وجوب ذلك وجواز كون المقدر هو الله تعالى، وعليه يصح كون الحال هنا مقدرة بلا إشكال أي اهبطوا حال كونكم مقدرا تعاديكم من الله تعالى فتأمل. قوله:"عبق" مصدر عبق به الطيب يعبق من باب فرح أي لصق به. قوله: "جنان الليل" بفتح الجيم أي ظلامه، وآب رجع. قوله:"وأمثلته" أي الربط بأقسامه الثلاثة. قوله: "غير ما تقدم" أي الماضي التالي إلا والمتلوّ بأو. قوله: "نجوت وقد بل المرادي سيفه" تمامه:
من ابن أبي شيخ الأباطح طالب
والمراد بضم الميم نسبة إلى مراد قبيلة كما قاله يس في آخر باب الإضافة وهو عبد الرحمن بن ملجم قاتل عليّ رضي الله تعالى عنه وكرّم الله وجهه. قوله: "بربع الدار" الربع المنزل فالإضافة للبيان ومعارفها ما يعرف منها عامرا آهلا، والساريات عطف على البلى وهو السحب التي تسري ليلا، والهواطل المتتابعة المطر وأتت الحال من المضاف إليه لأن المضاف كجزء المضاف إليه في صحة الإسقاط. قوله:"المنفي بلم أو لما" كان المناسب إسقاط قوله أو لما
516- البيت من الطويل، وهو لسلامة بن جندل في ديوانه ص176؛ والأصمعيات ص135؛ ولسان العرب 13/ 92 "جنن"؛ والمقاصد النحوية 3/ 210؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 7/ 22.
517-
البيت من الطويل، وهو للنابغة الجعدي في ديوانه ص115؛ وشرح عمدة الحافظ من 452؛ والمقاصد النحوية 3/ 203.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
518-
ولقد خشيت بأن أموت ولم تكن
…
للحرب دائرة على ابني ضمضم
جاء زيد لم يضحك. ومنه قوله:
519-
كأن فتات العهن في كل منزل
…
نزلن به حب الفنا لم يحطم
جاء زيد ولم يضحك. ومنه: {أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ} [الأنعام: 93] .
تنبيهات: الأول مذهب البصريين -إلا الأخفش- لزوم قد مع الماضي المثبت مطلقًا ظاهرة أو مقدرة، والمختار وفاقًا للكوفيين والأخفش لزومها مع المرتبط بالواو فقط. وجواز
ــ
اكتفاء بقوله الآتي وهكذا المنفي بلما قيل ولعل الحامل له على لك أنه أخذ المضارع المنفي بلم أو لما فيما سبق قسما واحدا مقابلا لبقية الأقسام فجمع بينهما هنا. قوله: "بأن أموت" الباء زائدة وقول العيني الباء للسببية غير ظاهر. قوله: "كأن فتات العهن" بضم الفاء أي ما تفتت وتناثر من القطن أو الصوف الذي علق بهوادج نسوتهم، وحب الفنا بفتح الفاء والقصر عنب الذئب والضمير في نزلن لنسوتهم. لم يحطم أي لم يكسر ووجه الشبه الحمرة وقيد بقوله لم يحطم لأنه إذا حطم ظهر لون غير الحمرة. قوله:"سقط النصيف" هو الخمار. قوله: "لزوم قد مع الماضي المثبت" أي لأنها تقربه إلى الزمن الحاضر فتشعر بمقارنة زمن الحال لزمن عاملها ولولاها لتوهم مضي زمن الحال بالنسبة إلى زمن عاملها فتفوت المقارنة هذا ملخص ما قاله الدماميني. وقد ينازع في ذلك الإشعار إذ لا يلزم من تقريبه إلى الزمن الحاضر مقارنته لزمن العامل ثم رأيته في حاشيته على المغني ناقش بمثل ذلك ثم قال وإنما المفهم للمقارنة جعله قيدا للعامل فلا فرق بين وجود قد وعدمها كما ذهب إليه الكوفيون وخرج بالمثبت المنفي فلا يقترن بقد فيما يظهر. قوله: "مطلقا" أي سواء ربط بالواو
518- البيت من الكامل، وهو لعنترة في ديوانه ص221؛ والأغاني 10/ 303؛ وحماسة البحتري ص43؛ وخزانة الأدب 1/ 129؛ والشعر والشعراء 1/ 259؛ والمقاصد النحوية 3/ 198.
519-
البيت من الطويل، وهو لزهير بن أبي سلمى في ديوانه ص12؛ ولسان العرب 2/ 65 "فتت" 15/ 165 "فنى"؛ والمقاصد النحوية 3/ 194.
520-
عجزه:
فتناولته واتقتنا باليد
والبيت من الكامل، وهو للنابغة الذبياني في ديوانه ص93؛ والشعر والشعراء 1/ 176؛ والمقاصد النحوية 3/ 201.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
إثباتها وحذفها في المرتبط بالضمير وحده أو بهما معًا تمسكًا بظاهر ما سبق الأصل عدم التقدير لا سيما مع الكثرة. نعم في ذلك أربع صور مرتبة في الكثرة هي: جاء زيد وقد قام أبوه، ثم جاء زيد قد قام أبوه، ثم جاء زيد وقام أبوه، ثم جاء زيد قام أبوه، وجعل الشارح الثالثة أقل من الرابعة وهو خلاف ما في التسهيل. الثاني تمتنع قد مع الماضي الممتنع ربطه بالواو وهو تالي إلا والمتلو بأو. وندر قوله:
521-
متى يأت هذا الموت لم يلف حاجة
…
لنفسي إلا قد قضيت قضاءها
الثالث قد يحذف الرابط لفظًا فينوي نحو مررت بالبر قفيز بدرهم: أي منه. وقوله:
نصف النهار الماء غامرة
أي والماء غامره. الرابع الأكثر في الاسمية الجائز فيها الأوجه الثلاثة: الربط بالواو والضمير معًا، ثم الواو وحدها، ثم الضمير وحده، وليس انفراد الضمير مع قلته بنادر خلافًا للفراء والزمخشري لما تقدم، ومثل هذه الاسمية في ذلك على ما يظهر جملة المضارع
ــ
أو بالضمير أو بهما. قوله: "بظاهر ما سبق" أي من قوله تعالى: {أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ} [النساء: 90] ، {وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ، قَالُوا} [يوسف: 16]، {الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا} [آل عمران: 168] .
قوله: "نعم في ذلك إلخ" استدراك على قوله وجواز إثباتها وحذفها إلخ لدفع توهم مساواة الصور في الكثرة واسم الإشارة يرجع إلى الماضي المثبت الواقع حالا. قوله: "وجعل الشارح الثالثة أقل من الرابعة" قال ابن هشام هو الصواب ولعل وجهه احتمال العطف في الثالثة احتمالا قريبا. قوله: "الثاني تمتنع قد إلخ" في الرضي أنهما قد يجتمعان بعد إلا نحو ما لقيته إلا وقد أكرمني. قوله: "لم يلف" أي لم يجد وقضاءها بالمد. قوله: "نصف النهار" أي انتصف، الماء غامره الضمير يرجع إلى غائص لطلب اللؤلؤ انتصف النهار وهو غائص وصاحبه لا يدري حاله، ولما لم يكن الضمير لصاحب الحال الذي هو النهار لم يصلح رابطا. قوله:"أي والماء غامره" الذي يظهر لي أن تقدير الواو هنا والضمير فيما قبله إشارة إلى جواز تقدير كل، إذ يجوز تقدير الرابط هنا ضميرا أي غامره فيه وتقديره فيما قبله واوا أي وقفيز بدرهم، ويظهر لي أيضا أن تقدير الواو أرجح حملا على الكثير في ربط الجملة الاسمية وهو الربط بالواو فاعرف ذلك. ثم رأيت ما يؤيد ما ظهر لي أولا للدماميني وما يؤيد ما ظهر لي ثانيا للشمني. قوله:"الجائز فيها إلخ" هي ما عدا الواقعة بعد عاطف والمؤكدة لمضمون الجملة. قوله: "ثم الضمير وحده" قال سم هلا كان الربط بالضمير أقوى لإيهام العطف. قوله: "مع قلته" أي بالنسبة للربط بالواو وللربط بالواو
521- البيت من الطويل، وهو لقيس بن الخطيم في ديوانه ص49؛ وخزانة الأدب 7/ 35؛ وشرح ديوانه الحماسة للمرزوقي 1/ 186؛ والمقاصد النحوية 3/ 222.
والحال قد يحذف ما فيها عمل
…
وبعض ما يحذف ذكره حظل
ــ
المنفي الجائز فيها الأوجه الثلاثة. الخامس كما يقع الحال جملة يقع أيضًا ظرفًا نحو رأيت الهلال بين السحاب وجارًّا ومجرورًا نحو: {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ} [مريم: 11] في زينته ويتعلقان باستقرار محذوف وجوبًا، وأما:{فَلَمَّا رَآَهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ} [النمل: 40] ، فليس مستقرًّا فيه هو المتعلق لأنه كون خاص إذ معناه عدم التحرك وذلك مطلق الوجود "والحال قد يحذف ما فيها عمل وبعض ما يحذف ذكره حظل" أي منع، يعني أنه قد يحذف عامل الحال جوازًا لدليل حالي نحو: راشدًا للقاصد سفرًا، ومأجورًا للقادم من حج. أو مقالي نحو:{بَلَى قَادِرِينَ} [القيامة: 4]{فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالا أَوْ رُكْبَانًا} [البقرة: 239]، أي تسافر: ورجعت، ونجمعها، وصلوا. ووجوبًا قياسًا في أربع صور: نحو ضربي زيدًا قائمًا. ونحو زيد أبوك عطوفًا وقد مضتا، والتي بين فيها ازدياد أو نقص بتدريج نحو تصدق بدرهم فصاعدًا، واشتر بدينار فسافلًا، وما ذكر لتوبيخ نحو أقائمًا وقد قعد الناس، وأتميميًّا
ــ
والضمير. وقوله بنادر أي بقليل جدا في نفسه. قوله: "لما تقدم" أي من قوله تعالى: {قُلْنَا اهْبِطُوا} [البقرة: 38]، الآية والبيتين بعده. قوله:"جملة المضارع المنفي الجائز إلخ" هو المضارع المنفي بلم أو لما. قوله: "يقع ظرفا" أي تاما وكذا الجار والمجرور. قوله: "ويتعلقان إلخ" قال سم حاصله أن المتعلق كون عام فيجب حذفه ويتجه جواز كونه خاصا وحينئذٍ لا يجب حذفه إذا وجدت قرينة وهذا قياس ما حررنا في الخبر. قوله: "فليس مستقرا فيه هو المتعلق" أي متعلق الظرف الواقع حالا عند الحذف وإلا فهو متعلق الظرف في هذا التركيب. قوله: "وذلك" أي المتعلق.
قوله: "والحال قد يحذف إلخ" قيل منه قيما في قوله تعالى: {وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا، قَيِّمًا} [الكهف: 1]، والتقدير أنزله قيما فجملة النفي معطوفة على:{أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ} [الكهف: 1]، وقيل: حال من الكتاب فجملة النفي معترضة أو حال أوّلي بناء على جواز تعدّد الحال وإن اختلفت جملة وإفرادا لا معطوفة لئلا يلزم العطف على الصلة قبل كمالها وقيل: حال من الضمير المجرور باللام العائد إلى الكتاب. وقيل: المنفية حال وقيما بدل منها عكس عرفت زيدا أبو من هو. ومن العجائب ما حكاه بعضهم أنه سمع شيخا يعرب لتلميذه قيما صفة لعوجا، ونظيره اعراب أحوى صفة لغثاء على تفسير الأحوى بالأسود من شدة الخضرة لكثرة الري كما فسر:{مُدْهَامَّتَانِ} [الرحمن: 64] ، وإنما هو على هذا حال من المرعى وأخر لتناسب الفواصل، أما على تفسيره بالأسود من الجفاف واليبس فهو صفة لغثاء كذا في المغني. والغثاء بتخفيف المثلثة وتشديدها ما يقذف به السيل على جانب الوادي من الحشيش ونحوه. شمني. قوله:"وبعض ما يحذف إلخ" وقد يمتنع حذف عاملها كما إذا كان معنويا لضعفه كاسم الإشارة والظرف. قوله: "وقد مضتا" الأولى في باب المبتدأ والثانية في هذا الباب. قوله: "فصاعدا" اقتران الحال بالفاء أو ثم هنا لازم كما في التسهيل والمشهور أنها عاطفة جملة إخبارية على جملة
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مرة وقيسيا أخرى، أي أتوجد؟ وأتتحول؟ وسماعًا في غير ذلك نحو هنيئًا لك: أي ثبت لك الخير هنيئًا أو هناك هنيئًا.
تنبيه: قد تحذف الحال للقرينة، وأكثر ما يكون ذلك إذا كانت قولًا أغنى عنه المقول نحو:{وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ، سَلَامٌ عَلَيْكُمْ} [الرعد: 23]، أي قائلين ذلك:{وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا} [البقرة: 127] ، أي قائلين ذلك.
خاتمة: تنقسم الحال باعتبارات: الأول باعتبار انتقالها عن صاحبها ولزومها له إلى المنتقلة وهو الغالب والملازمة، والثاني باعتبار قصدها لذاتها وعدمه إلى المقصود وهو الغالب، والموطئة وهي الجامدة الموصوفة. والثالث باعتبار التبيين والتوكيد إلى المبينة وهو الغالب وتسمى المؤسسة والمؤكدة وهي التي يستفاد معناها بدونها. وقد تقدمت هذه الأقسام. والرابع باعتبار جريانها على من هي له وغيره إلى الحقيقة وهو الغالب، والسببية نحو مررت بالدار قائمًا سكانها. والخامس باعتبار الزمان إلى مقارنة لعاملها وهو الغالب ومقدرة وهي المستقبلة نحو مررت برجل معه صقر صائدًا به غدا: أي مقدرًا ذلك. ومنه:
ــ
إنشائية أي فذهب العدد صاعدا مع أن فيه الخلاف. ويحتمل عندي أن المقدر إنشاء أي فاذهب بالعدد صاعدا فتكون عاطفة إنشائية على إنشائية.
قوله: "وما ذكر لتوبيخ" أي مع استفهام كما مثل الشارح أولا. وصريح كلامه لا ظاهره فقط وإن زعمه البعض أن ذلك مقيس وهو مذهب سيبويه وقيل سماعي. قوله: "وأتتحوّل" راجع لقوله أتميميا إلخ ونظر فيه بأنه ليس المراد أنه يتحوّل حالة كونه تميميا إلخ بل إنه يتخلق تارة بأخلاق التميمي وأخرى بأخلاق القيسي، فالأولى تقدير عامل الحال توجد. واستظهر جماعة كونه مفعولا مطلقا على حذف مضاف والأصل أتتخلق تخلق تميمي مرة إلخ. قوله:"هنيئا" من هنئ بكسر النون وضمها يهنأ بتثليث النون هناء وهناءة أي ساغ. كذا في القاموس. قوله: "أي ثبت لك الخير هنيئا" على هذا تكون حالا مؤسسة وقوله أو هناك بفتح النون وعليه فهي مؤكدة. قوله: "قد تحذف الحال للقرينة" وقد يمتنع حذفها لنيابتها عن غيرها أو توقف المراد عليها كما مر وكما قد تحذف الحال قد يحذف صاحبها نحو: {أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا} [الفرقان: 41]، أي بعثه. قوله:"إلى المبينة إلخ" وقد تكون محتملة لهما كما في هنيئا ولما لم تخرج عنهما لم يتعرض لها فاندفع اعتراض البعض. قوله: "وهي المستقبلة" قال في شرح الجامع علامتها أن يصح تقديرها بالفعل ولام العلة ومن ثم اعترض بعضهم على التمثيل لها بمحلقين ومقصرين في الآية لأنك لو قدرت الفعل واللام لكان خطأ لأن دخولهم البيت ليس ليحلقوا ويقصروا. ا. هـ. ولمن مثل بذلك التخلص بأن العلامة لا يجب انعكاسها. قوله: "أي مقدرا ذلك" أنت خبير بأنه إذا
التمييز:
اسم بمعنى من مبين نكرة
…
ينصب تمييزًا بما قد فسره
ــ
{فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ} [الزمر: 73]، {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آَمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} [الفتح: 27] ، أي ناوين ذلك قيل وماضية ومثل لها في المغني بجاء زيد أمس راكبًا وسماها محكية وفيه نظر.
التمييز:
يقال تمييز ومميز، وتبيين ومبين، وتفسير ومفسر. وهو في الاصطلاح "اسم بمعنى من
ــ
نظر إلى أن معنى صائدا به غدا مقدر ذلك كانت الحال مقارنة لمقارنة التقدير المرور فجعلها مستقبلة إنما هو بالنظر إلى الصيد نفسه لا إلى تقديره، وهل يلزم أن يكون المقدر للحال هو صاحبها أو لا؟ جرى على الأول صاحب المغني واحتج له الشمني بما فيه نظر وعلى الثاني الدماميني. قوله:"ومنه ادخلوها خالدين" التلاوة فادخلوها لكن حذف مثل هذه الفاء في مثل هذه الحالة جائز كما نقله الدماميني عن المغني مبسوطا. قوله: "لتدخلن إلخ" محل الاستشهاد محلقين ومقصرين، لأن الحلق والتقصير بعد الدخول لا مقارنان له، لا آمنين إذ هي مقارنة للدخول. قوله:"وفيه نظر" أي في إثبات هذا القسم والتمثيل له بما ذكر لأن العبرة بمقارنة الحال لزمن العامل وهي موجودة لا لزمن التكلم غاية ما هناك أنه عبر باسم الفاعل الذي هو حقيقة في الحال عن الماضي حكاية للحال الماضية مجازا.
التمييز:
قوله: "اسم" أي صريح. قوله: "بمعنى من" أي معناها الشائع استعمالها فيه كالبيان والابتداء والتبعيض كما يتبادر من إضافة المعنى إليها فلا يرد أنها تكون بمعنى في فلا تخرج الحال بهذا القيد بل بقوله مبين والمراد بكونه بمعنى من أنه يفيد معناها لا أنها مقدرة في نظم الكلام إذ قد لا يصلح لتقديرها فعلم مما مر أنه لا تحمل من في قوله بمعنى من على خصوص من البيانية ليكون قوله مبين هو المخرج لاسم لا التبرئة ونحو ذنبا كما صنع الشارح ويجوز بقطع النظر عما صنعه الشارح حمل من على خصوص البيانية بقرينة قوله مبين فيكون لقوله مبين فائدة على هذا أيضا وإن لم تكن للإخراج هكذا ينبغي تقرير المقام. قوله: "مبين" نعت لاسم أي مزيل لإبهام اسم قبله مجمل الحقيقة أو إبهام نسبة في جملة أو شبهها. ا. هـ. توضيح وشرحه للشارح. والأوفق بما يأتي عن ابن الحاجب أن يقال أي مزيل لإبهام ما قبله بإيضاح جنسه ولو بالتأويل كما في تمييز النسبة فإنه يبين جنس ما المقصود نسبة العامل إليه، مثلا طاب زيد نفسا مؤول بطاب شيء زيد أي شيء يتعلق بزيد، وهذا الشيء مبهم يفسره نفسا واستفيد منه أن التمييز لا يكون مؤكدا وهو رأي سيبويه وأما شهرا من قوله تعالى:{إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا} [التوبة: 36]، فهو وإن كان مؤكدا لما استفيد من قوله تعالى:{إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ} [التوبة: 36] ، مبين
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مبين نكرة" فاسم جنس وبمعنى من مخرج لما ليس بمعنى من كالحال فإنه بمعنى في ومبين مخرج لاسم لا التبرئة، ونحو ذنبًا من قوله:
522-
أستغفر الله ذنبًا لست محصيه
ونكرة مخرج لنحو الحسن وجهه. ثم ما استكمل هذه القيود "ينصب تمييزًا بما قد فسره" من المبهمات والمبهم المفتقر للتمييز نوعان: جملة ومفرد دال على مقدار، فتمييز الجملة: رفع إبهام ما تضمنته. من نسبة عامل، فعلًا كان أو ما جرى مجراه: من مصدر أو
ــ
لعامله وهو اثنا عشر قاله في المغني. قوله: "مخرج الاسم لا التبرئة ونحو ذنبا إلخ" فإنهما وإن كانا على معنى من لكنها في الأول للاستغراق. وفي الثاني للابتداء أي استغفارا مبتدأ من أول الذنوب إلى ما لا يتناهى قاله في التصريح. ولك أن تجعلها في الثاني تعليلية بل هو أظهر فتدبر وإنما عدّي بمن لتضمنه معنى استتيب وإلا فقد عدت السين والتاء من المعديات فيصح كون ذنبا مفعولا به كما مر بيان ذلك.
قوله: "مخرج لنحو الحسن وجهه" أي بالنصب على التشبيه بالمفعول به لا على التمييز لعدم تنكيره وهذا رأي البصريين، ولا يرد وطبت النفس لأن أل فيه زائدة للضرورة فهو نكرة. قوله:"قد فسره" صلة أو صفة جرت على غير ما هي له ولم يبرز لأمن اللبس بناء على مذهب الكوفيين وهو الصحيح. قوله: "جملة" كان الأولى أن يقول نسبة ليشمل تمييز النسبة في غير الجملة كالتي في عجبت من طيب زيد نفسا إلا أن يراد بالجملة ما يشمل الجملة تأويلا كما يقتضيه كلامه بعد ولأن المقابل في الاصطلاح لتمييز المفرد تمييز النسبة، وجعل ابن الحاجب التمييز مطلقا مفسر الإبهام الذات، غاية الأمر أن الذات إما مذكورة أو مقدرة. وإنما عبروا عن الثاني بتمييز النسبة نظرا للظاهر. قال الدماميني لأن النسبة في الحقيقة لا إبهام فيها إذ تعلق الطيب بزيد أمر معلوم إنما الإبهام في المتعلق الذي ينسب إليه الطيب في الحقيقة إذ يحتمل أن يكون دارا أو علما أو غيرهما فالتمييز في الحقيقة إنما هو لأمر مقدر يتعلق بزيد كما تقدم بيانه. قوله:"دال على مقدار" أي أو شبهه مما حمل عليه نحو ذنوب ماء ونحو لنا مثلها إبلا وغيرها شاء، ونحو خاتم حديدا كما سيأتي فلا قصور.
قوله: "فتمييز الجملة إلخ" قال الدماميني تجب مطابقة تمييز الجملة للاسم السابق إن كان الثاني عين الأول نحو كرم زيد رجلا وكرم الزيدان رجلين وكرم الزيدون رجالا، وكذا إن
522- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في أدب الكاتب ص524؛ والأشباه والنظائر 4/ 16؛ وأوضح المسالك 2/ 283؛ وتخليص الشواهد ص405 وخزانة الأدب 3/ 111، 9/ 124؛ والدرر 5/ 186، وشرح أبيات سيبويه 1/ 420؛ وشرح التصريح 1/ 394؛ وشرح شذور الذهب ص479؛ وشرح المفصل 7/ 63، 8/ 51؛ والصاحبي في فقه اللغة ص181؛ والكتاب 1/ 37؛ ولسان العرب 5/ 26 "غفر"؛ والمقاصد النحوية 3/ 226؛ والمقتضب 2/ 321؛ وهمع الهوامع 2/ 82.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وصف أو اسم فعل إلى معموله: من فاعل أو مفعول، نحو طاب زيد نفسًا {وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا} [مريم: 4] ، والتمييز في مثله محول عن الفاعل. والأصل طابت نفس زيد، واشتعل شيب الرأس، ونحو غرست الأرض شجرًا {وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا} [القمر: 12] ، والتمييز فيه محول عن المفعول والأصل غرست شجر الأرض وفجرنا عيون الأرض. وتقول عجبت من طيب زيد نفسًا وزيد طيب نفسًا، وسرعان ذا إهالة وناصب التمييز في هذا النوع عند سيبويه والمبرد والمازني ومن وافقهم هو العامل الذي تضمنته الجملة لا نفس الجملة، وهو الذي يقتضيه كلام الناظم في آخر الباب ونص عليه في غير هذا الكتاب. وذهب قوم إلى
ــ
كان غيره وهو مصدر قصد اختلاف أنواعه لاختلاف محاله بعد جمع نحو خسر الأشقياء أعمالا، أو غير مصدر وتعدد وخيف اللبس نحو كرم الزيدون آباء إذا كان لكل منهم أب ويجب تركها إن كان معنى التمييز في الواقع واحدا والاسم السابق متعددا نحو كرم الزيدون أبا إذا كان أبوهم واحدا أو بالعكس وخيف اللبس نحو نظف زيد أثوابا وكرم أباه، أو كان التمييز مصدرا لم يقصد اختلاف أنواعه نحو الأتقياء جادوا سعيا. وتترجح في نحو حسن زيد عينا ولميت هند شفة ويترجح تركها في نحو حسن الزيدان أو الزيدون وجها. ا. هـ. بتصرف وزيادة. قوله:"من نسبة" بيان لما وقوله إلى معموله متلق بنسبة وقوله من فاعل بيان للمعمول وكلامه يقتضي أن المراد بالجملة ما يشمل الجملة تأويلا. قوله: "والتمييز في مثل محوّل عن الفاعل" التحويل في تمييز النسبة ليس بلازم فقد يكون غير محول نحو امتلأ الإناء ماء ولله دره فارسا بناء على أن الثاني من تمييز النسبة وسيأتي الكلام عليه وأما تمييز المفرد فلا تحويل فيه أصلا. قوله: "والأصل إلخ" وإنما عدل عن هذا الأصل ليكون فيه إجمال ثم تفصيل فيكون أوقع في النفس لأن الآتي بعد الطلب أعز من المنساق بلا طلب. قوله: "والتمييز فيه" أي في مثله فهو من الحذف من الثاني لدلالة الأول. قوله: "وتقول" غير الأسلوب لأن هذا مما أجري مجرى الفعل. قوله: "عجبت من طيب زيد نفسا" أي من طيب نفس زيد فهو محول عن المضاف إليه الذي هو في الحقيقة فاعل المصدر وفيما بعده عن فاعل طيب أي زيد طيبة نفسه هذا هو الأوفق بما يأتي للشارح عند قول المصنف والفاعل المعنى وإن جاز أن يكون محوّلا عن المبتدأ وعليه اقتصر البعض تبعا لشيخنا. قوله: "وسرعان ذا إهالة" سرعان بتثليث السين والبناء على الفتح اسم فعل ماض أي سرع وذا فاعله وإهالة تمييز محوّل عن الفاعل أي إخافة وإفزاعا. ويجوز جعله بمعنى اسم الفاعل حالا. قال في القاموس وأصله أن رجلا كانت له نعجة عجفاء ورغامها يسيل من منخريها لهزالها فقيل له ما هذا؟ فقال ودكها فقال السائل ذلك ونصب إهالة على الحال أي سرع هذا الرغام حال كونه إهالة. أو تمييز كقولهم تصبب زيد عرقا وهو مثل يضرب لمن يخبر بكينونة الشيء قبل وقته. ا. هـ. قوله: "وهو الذي يقتضيه إلخ" أي حيث قال:
وعامل التمييز قدم مطلقا
…
والفعل ذو التصريف نزرا سبقا
كشبر أرضًا وقفيز برا
…
ومنوين عسلًا وتمرا
ــ
أن الناصب له نفس الجملة واختاره ابن عصفور ونسبه للمحققين. ويصح تخريج كلامه هنا على المذهبين فلا اعتراض لأنه يصح أن يقال إنه فسر العامل لأنه رفع إبهام نسبته إلى معموله، وأنه فسر الجملة لأنه رفع إبهام ما تضمنته من النسبة. وأما تمييز المفرد فإنه رفع إبهام ما دل عليه من مقدار مساحي أو كيلي أو وزني "كشبر أرضًا وفقيز برا ومنوين عسلًا وتمرا" وناصب التمييز في هذا النوع مميزه بلا خلاف
ــ
قوله: "فلا اعتراض إلخ" تفريع على قوله ويصح إلخ لكن كان الأوضح تأخيره عن قوله لأنه إلخ وفي نسخ بالواو وهي واضحة والمراد اعتراض ابن هشام بما حاصله أن مفسر تمييز النسبة هو النسبة وليست العامل بل العامل الفعل أو شبهه على قول والجملة على قول. وحاصل جواب الشارح أنه يصح جعل المميز نفس العامل لصحة وصفه بالإبهام من حيث نسبته لتعلقها بطرفيها فتوصف بوصفها فيحمل كلام المصنف على العامل أو الجملة، فعلم أن قول البعض أن قول الشارح وأنه فسر الجملة إلخ تتميم للفائدة ولا دخل له في دفع الاعتراض ناشئ عن قلة تدبر المقام. قوله:"إبهام ما دل عليه" ضمير دل يرجع إلى المفرد وضمير عليه إلى ما ومن مقدار بيان لما والصلة أو الصفة جرت على غير ما هي له لأمن اللبس وفي قوله من مقدار حذف مضاف أي من مقدر مقدار إذ التمييز له لا للمقدار الذي هو ما يكال أو يوزن أو يمسح به فاندفع الاعتراض بأن المجمل الذي بينه التمييز في الحقيقة هو المقدر بالمقدار لا نفس المقدار فكان الأولى أن يقول لأنه رفع إبهام ما دل عليه المفرد من مقدر به وفيه اكتفاء أيضا أي من مقدار أو شبهه مما حمل عليه فلا قصور. قوله: "مساحي" نسبة إلى المساحة بكسر الميم وهي الذرع كذا في القاموس.
قوله: "وقفيز" من المكيل ثمانية مكاكيك والمكوك مكيال يسع صاعا، ومن الأرض مائة وأربعة وأربعون ذراعا وليس مرادا هنا، جمعه أقفزة وقفزان. قوله:"ومنوين" تثنية منا كعصا ويقال فيه منّ وهو رطلان. قوله: "مميزه بلا خلاف" وإنما عمل مع جموده لشبه اسم الفاعل في الطلب المعنوي لمعموله وقيل لشبهه أفعل من ورجحه المصرح. فائدة: إذا كان المقدار مخلوطا من حنين فقال الفراء: لا يجوز عطف أحدهما على الآخر بل يقال عندي رطل سمنا عسلا على حد الرمان حلو حامض، وقال غيره: يعطف بالواو لأنها للجمع الصادق بالخلط وجوّز بعض المغاربة الأمرين كذا في الهمع. قوله: "وبعد ذي المقدرات" يعني المقدر بالمقدار المساحي والمقدر بالمقدار الكيلي والمقدر بالمقدار الوزني الممثل لتلك المقدرات بشبر وقفيز ومنوين، والمتبادر من المتن أن المشار إليه الأمثلة الثلاثة التي هي جزئيات فيكون المراد بنحوها غيرها سواء كان مقدرا بأحد المقادير الثلاثة أو لا. وظاهر صنيع الشارح إرجاع الإشارة إلى أنواع المقدرات الثلاث كما قررناه وحمل نحوها على غير تلك الأنواع وكأنه حمل كلام المصنف على الاستخدام بذكره المقدرات الثلاثة أولا مرادا بها الجزئيات وإرجاع الإشارة إليها مرادا بها الكليات فتأمل.
وبعد ذي وشبهها إذا
…
أضفتها كمد حنطة غذا
ــ
"وبعد ذي" المقدرات الثلاث "ونحوها" مما أجرته العرب مجراها في الافتقار إلى مميز، وهي الأوعية المراد بها المقدار كذنوب ماء، وحب عسلًا، ونحي سمنا، وراقود خلا، وما حمل على ذلك من نحو لنا مثلها إبلًا، وغيرها شاء، وما كان فرعًا للتمييز نحو خاتم حديدًا، وباب ساجًا، وجبة خزًا "اجرره إذا أضفتها" إليه "كمد حنطة غذا" وشر أرض، ومنوا تمر، وذنوب ماء، وحب عسل. وخاتم حديد، وباب ساج.
ــ
قوله: "مما أجرته العرب مجراها" إنما أجرته مجراها لشبهه بالمقدر بالمقادير الكيلية وإنما لم تكن مقدرة بمقدار كيلي حقيقة لأن هذه الأوعية لا تختص بقدر معين. قوله: "وهي الأوعية" أي أسماء الأوعية. قوله: "المراد بها المقدار" أي مقدر المقدار أي المقدر بذلك المقدار الذي هو الوعاء والذنوب الدلو أو التي فيها ماء أو الممتلئة ماء أو القريبة من الامتلاء كذا في القاموس، والحب بضم الحاء المهملة الخابية، والنحي بكسر النون وسكون الحاء المهملة الزق أو زق السمن خاصة كالنحي بفتح فسكون والنحى كفتى كذا في القاموس. والراقود دن كبير يطلى داخله بالقار.
قوله: "وما حمل على ذلك" أي على ما أجرته العرب مجرى المقادير وجامع الحمل أن كلاً مجمل الحقيقة مرفوع إجماله بما بعده. قوله: "من نحو لنا مثلها إبلا وغيرها شاء" اعترضه سم بأن هذين المثالين مما وجد فيهما شرط وجوب النصب الآتي فذكرهما هنا ليس بظاهر لعدم تأتي الجر وقد يعتذر بجعل ذكرهما من حيث إنهما نحو المقدرات في أن المنصوب بعدهما تمييز فتأمل. قوله: "وما كان فرعا" معطوف على نحو لنا إلخ. قوله: "نحو خاتم حديدا إلخ" اعلم أن جر نحو خاتم حديدا أرجح من نصبه كما سيأتي وإذا نصب فقال المبرد والمصنف كون نصبه على التمييز أرجح من كونه على الحالية لجمود هذا المنصوب ولزومه وتنكير صاحبه والغالب على الحال الاشتقاق والانتقال وتعريف صاحبها. وقال سيبويه وأتباعه تتعين الحالية لأنه ليس بعد مقدار ولا شبهة واستظهر ابن هشام رجحانيتها فقط أما نحو هذا خاتمك حديدا بتعريف الاسم فتتعين فيه الحالية كما قاله المصنف أفاده الدماميني. قوله: "اجرره" أي جوازا، نعم إن أريد نفس الآلة التي يقدر بها وجب الجر لكن ليس هذا مما نحن فيه لأن الإضافة فيه على معنى اللام لا من حتى يكون تمييزا ولهذا لم يتعرض له المصنف والشارح وظاهر كلام المصنف والشارح وغيرهما أن المجرور المذكور يسمى تمييزا وقال ابن هشام لا يسمى تمييزا. قوله:"إذا أضفتها" إنما قيد لأنه لو أطلق توهم بقاء تنوينها ونونها وإن جره بمن مقدرة كما في تمييزكم أو ظاهرة كما يأتي في قوله واجرر بمن إلخ فيفوت المعنى الذي أراده سم.
قوله: "كمد حنطة غذا" مد مبتدأ وغذا خبر. هذا ما قاله المكودي وهو أقرب من جعل غذا بدلا أو حالا والخبر محذوف أي عندي وقول الشارح وشبر أرض برفع شبر كما يرشد إليه ومنوا تمر والظاهر على إعراب المكودي أنه مبتدأ عطف عليه ما بعد والخبر محذوف أي كالمد في جواز الجر بالإضافة ويجوز تقديره عندي. وأما على الإعراب الثاني فهو معطوف على مد
والنصب بعدك ما أضيف وجبا
…
إن كان مثل ملء الأرض ذهبا
ــ
تنبيهان: الأول النص في نحو ذنوب ماء وحب عسلًا أولى من الجر؛ لأن النصب يدل على أن المتكلم أراد أن عنده ما يملأ الوعاء المذكور من الجنس المذكور. وأما الجر فيحتمل أن يكون مراده ذلك، وأن يكون مراده بيان أن عنده الوعاء الصالح لذلك. الثاني إنما لم يذكر تمييز العدد مع تمييز هذه المقدرات لأن له بابًا يذكره فيه، ولانفراد تمييزها بأحكام منها جواز الوجهين المذكورين. وتمييز العدد إما واجب النصب كعشرين درهمًا، أو واجب الجر بالإضافة كمائتي درهم ومنها جواز الجر بمن كما سيأتي. ومنها أنه يميز تمييز العدد إذا وقعت هذه المقدرات تمييزًا له نحو عشرين مدا برا، وثلاثين رطلًا عسلًا، وأربعين شبرًا أرضًا "والنصب" للتمييز "بعد ما أضيف" من هذه المقدرات لغير التمييز "وجبا إن كان" المضاف لا يصح إغناؤه عن المضاف إليه "مثل" {فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ} [آل عمران: 91] ، "ملء الأرض ذهبًا""ما في السماء قدر راحة سحابا" إذ لا يصح ملء ذهب، ولا قدر سحاب، فإن صح إغناء المضاف عن المضاف إليه جاز نصب
ــ
حنطة. قوله: "في نحو ذنوب ماء" أي من المقدرات وما أجري مجراها مما يتوهم عند جر تمييزه خلاف المقصود بخلاف نحو خاتم حديد فإن جره أكثر كما صرح به الرضي وغيره لأن في جره تخفيفاً بحذف التنوين مع عدم توهم خلاف المقصود وبخلاف نحو شبر أرض فإن الأظهر عدم أكثرية نصبه لعدم توهم خلاف المقصود حال الجر بل قد يقال جره أكثر لما مر تأمل. قوله: "لأن النصب يدل" أي فهو نص في المقصود بخلاف الجر. قوله: "الوعاء الصالح لذلك" أي أو الصنجة الموزون بها أو المكيال الذي يكال به أو الشيء الذي يمسح به. قوله: "إنما لم يذكر تمييز العدد" أي مع أنه من تمييز المفرد. قوله: "ومنها أنه" أي تمييز هذه المقدرات يميز بالبناء للفاعل وتمييز العدد مفعول به لا مفعول مطلق وقوله تمييزا له أي العدد فبرا وعسلا وأرضا تمييزات لتمييز العدد وهو مدا ورطلا وشبرا. قوله: "والنصب إلخ" هذا البيت تقييد لسابقه فمعنى اجرره إذا أضفتها أي إلى التمييز كما قاله الشارح سابقا بخلاف ما إذا كانت مضافة إلى غيره والمراد الإضافة ولو تقديرا فدخل نحو الكوز ممتلئ ماء وزيد متفقىء شحما إذ التقدير ممتلئ الأقطار ماء ومتفقئ الأعضاء شحما فلا يجوز ممتلىء ماء ولا متفقئ شحم.
قوله: "من هذه المقدرات" يشكل على هذا التقييد محترز قوله إن كان إلخ وهو قوله أشجع الناس رجلا إذ المضاف هنا ليس من المقدرات فهو خارج بهذا التقيد لا بقوله إن كان إلخ وأيضا فملء وقدر من الشبيه بمقدرات لأنهما كالمقدر المساحي لا منها فالوجه التعميم كما فعل المرادي. قوله: "لا يصح إغناؤه إلخ" إشارة إلى وجه الشبه في قوله إن كان مثل إلخ. قوله: "ملء الأرض" برفع ملء على الحكاية كما أشار إليه الشارح. قوله: "الأرض" بنقل حركة الهمزة إلى اللام. قوله: "فإن صح إغناء المضاف إلخ" قد يقال الذي يغني عن المضاف إليه هو التمييز لأنه الذي يقع في محله لا المضاف ويدل له قول الهمع ولا يحذف عند جر التمييز
والفاعل المعنى انصبن بأفعلا
…
مفضلا كأنت أعلى منزلا
ــ
التمييز وجاز جره بالإضافة بعد حذف المضاف إليه، نحو: هو أشجع الناس رجلًا، وهو أشجع رجل.
تنبيه: محل ما ذكره من وجوب نصب هذا التمييز هو إذا لم يرد جره بمن كما يذكره بعد، وقد أعطى ذلك أيضًا بالمثال. ا. هـ. "والفاعل المعنى انصبن" على التمييز "بأفعلا مفضلًا" له على غيره. والفاعل في المعنى هو السببي، وعلامته أن يصلح للفاعلية عند جعل أفعل فعلًا "كأنت أعلى منزلا" وأكثر مالا إذ يصح أن يقال: أنت علا منزلك وكثر مالك، أما ما ليس فاعلًا في المعنى وهو ما أفعل التفضيل بعضه، وعلامته أن يصح أو يوضع موضع أفعل بعض ويضاف إلى جمع قائم مقامه نحو زيد أفضل فقيه، فإنه يصح
ــ
بالإضافة شيء غير التنوين أو النون إلا مضاف إليه صالح لقيام التمييز مقامه نحو زيد أشجع الناس رجلا فيقال: أشجع رجل بخلاف نحو لله دره رجلا وويحه رجلا فلا يقال در رجل ولا ويح رجل. ا. هـ. قوله: "وجاز جره بالإضافة إلخ" ناقش فيه بعضهم بأنه بعد الإضافة لم يبق تمييزا بدليل صحة قولك: هو أشجع رجل قلبا فتميزه، وقد يمنع عدم بقائه تمييزا وتمييزه لا ينافي كونه تمييزا لما مر في كلام الشارح أن تمييز المقدرات يميز تمييز الأعداد. قوله:"محل ما ذكره إلخ" قد يقال الوجوب إضافي والمقصود بوجوب النصب امتناع الجر بالإضافة فلا ينافي جواز جره بمن. سم.
قوله: "والفاعل المعنى" بنصب الفاعل بانصبن ونصب المعنى بإسقاط الخافض. ا. هـ. سندوبي. والظاهر أنه يصح جر المعنى بإضافة الفاعل إليه ومعنى كونه فاعل المعنى أنه المتصف بالمعنى في الحقيقة إذ المتصف بالأحسنية في الحقيقة هو الوجه في قولك مثلا زيد أحسن وجها وفي آخر ما سننقله عن نكت السيوطي إشارة إلى هذا فتنبه. قوله: "هو السببي" أي المتصف في المعنى بالشيء الجاري في اللفظ على غيره أي غير ذلك المتصف فإن المنزل مثلا هو المتصف في المعنى بالعلو والعلو جار في اللفظ على المخاطب. قوله: "إذ يصح أن يقال أنت علا منزلك وكثر مالك" أي ولا يضر فوات التفضيل إذ لا يجب بقاؤه في الفعل الموضوع موضع أفعل التفضيل أو يقال: المراد علا علوا زائدا وكثر كثرة زائدة فلم يفت التفضيل فصح كون هذا التمييز محولا عن الفاعل كما يتبادر من كلام الشارح وسيصرح به بعد وقال السيوطي في نكته نقلا عن ابن هشام: التحقيق أن التمييز في هذا النوع محول عن مبتدأ مضاف وأصل أنت أحسن وجها وجهك أحسن، فجعل المضاف تمييزا والمضاف إليه مبتدأ فانفصل وارتفع ولا يريد المصنف بقوله الفاعل المعنى أن هذا النوع محول عن الفاعل كما فهم بعضهم لأنك إذا قلت حسن وجهك لم يستفد التفضيل فكيف يكون أنت أحسن وجها محولا عن حسن وجهك وإنما يريد أن هذا التمييز هو المنسوب إليه ذلك المعنى. ا. هـ. ملخصا وقد علمت الجواب. قوله:"أما ما ليس فاعلا في المعنى إلخ" والضابط أن تمييز أفعل التفضيل إذا كان من جنس ما قبله جر نحو زيد أفضل رجل وإن لم يكن من جنس ما قبله نصب نحو زيد أكثر مالا. قوله: "قائم
وبعد كل ما اقتضى تعجبا
…
ميز كأكرم بأبي بكر أبا
واجرر بمن إن شئت غير ذي العدد
…
والفاعل المغنى كطب نفسا تفد
ــ
فيه أن يقال زيد بعض الفقهاء فهذا النوع يجب جره بالإضافة إلا أن يكون أفعل التفضيل مضافًا إلى غيره فينصب نحو زيد أكرم الناس رجلًا "وبعد كل ما اقتضى تعجبًا ميز كأكرم بأبي بكر" رضي الله تعالى عنه "أبا" وما أكرمه أبا؟ ولله دره فارسًا، وحسبك به كافلًا، وكفى بالله عالمًا. ويا جارتا ما أنت جارة "واجرر بمن" لفظًا كل تمييز صالح لمباشرتها "إن شئت" لأنها فيه معنى كما أن كل ظرف فيه معنى في وبعضه صالح لمباشرتها، وكل تمييز فإنه صالح لمباشرة من "غير ذي العدد والفاعل" في "المعنى"
ــ
مقامه" أي مقام التمييز. قوله: "وبعد كل ما اقتضى تعجبا" إما وضعا وهو ما أفعله وأفعل به أولا نحو لله دره فارسا وما بعده. فإن قلت لا فائدة في هذا البيت لأن الإتيان بالتمييز بعد دال التعجب جائز لا واجب كالتمييز بعد غير دال التعجب فلا خصوصية لداله. أجيب بأن المقصود إفادة وجوب نصب التمييز بعد داله ومنع جره نا لإضافة كما يشعر به المثال.
قوله: "ولله دره فارسا" يقال در اللبن يدر ويدر درا ودرورا كثر ويسمى اللبن نفسه درا والأقرب أن المراد هنا اللبن الذي ارتضعه من ثدي أمه وأضيف إلى الله تعالى تشريفا يعني أن اللبن الذي تغذى به مما يليق أن يضاف وينسب إلى الله تعالى لشرفه وعظمه حيث كان غذاء لهذا الرجل الكامل في الفروسية. والمقصود التعجب كأنه قيل ما أفرس هذا الرجل، ونقل سم عن شرح التسهيل أن التمييز بعد الضمير نحو لله دره فارسا ويا لها قصة من تمييز النسبة إن كان الضمير معلوم المرجع نحو لقيت زيدا فللَّهِ دره فارسا وجاءني زيد فيا له رجلا، وزيد حسبك به ناصرا، ولله درك عالما، وكذا بعد الاسم الظاهر نحو لله در زيد رجلا ويا لزيد رجلا، ومن تمييز المفرد إن كان مجهوله. ثم رأيته في الرضي أيضا ثم قال ما ملخصه فتمييز النسبة قد يكون نفس المنسوب إليه كما في نحو لله در زيد رجلا وكفى بزيد رجلا إذ المعنى لله در رجل هو زيد وكفى رجل هو زيد وقد يكون متعلقه كما في نحو طاب زيد علما. قوله:"لفظا" حال من من أي حالة كون من ملفوظة وليس متعلقا بقوله اجرر لأن الجر قد يكون تقديرا. قوله: "وكل تمييز إلخ" فيه تغيير وجه نصب غير في كلام المتن لاقتضائه نصب غير على الاستثناء مع أنه في كلام المتن منصوب على المفعولية لا جرر. قوله: "غير ذي العدد" أي الصريح فلا يرد أن تمييز كم الاستفهامية يجوز جره بمن مع أنه تمييز عدد وإنما امتنع دخول من في المسائل المستثناة لأن وضع من البيانية أن يفسر بها وبما بعدها اسم جنس قبلها صالح لحمل ما بعدها نحو: {أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ} [الكهف: 31]، وفي العدد لا يصح الحمل لكونه متعددا والتمييز مفرد وفي المحول عن الفاعل والمفعول كذلك لأن ما بعد من وهو التمييز مباين لما قبلها وهو الفاعل والمفعول كذا في التصريح. وعندي في هذا التعليل نظر: أما أولا فلأنه لا يتم على جميع الأقوال الآتية في من هذه بل على أنها بيانية كما لا يخفى. وأما ثانيا فلأنه يقتضي امتناع من في نحو امتلأ الإناء
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المحول عن الفاعل في الصناعة "كطب نفسًا تفد" إذ أصله لتطب نفسك. فهذان لا يصلحان لمباشرتها، فلا يقال: عندي عشرون من عبد، ولا طاب زيد من نفس. ومنه نحو أنت أعلى منزلًا. ويجوز فيما سواهما نحو عندي قفيز من بر، وشبر من أرض ومنوان من عسل، وما أحسنه من رجل.
تنبيهات: الأول كان ينبغي أن يستثنى مع ما استثناه المحول عن المفعول نحو غرست الأرض شجرًا {وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا} [القمر: 12] ، وما أحسن زيدًا أدبًا، فإنه يمتنع فيه الجر بمن. الثاني تقييد الفاعل في المعنى بكونه محولًا عن الفاعل في الصناعة
ــ
ماء لعدم صحة حمل الماء على الإناء ومقتضى المتن الصحة لأن التمييز في نحوه ليس فاعلا في المعنى ولا مفعولا وقد يدفع بأن الكلام في من المعهودة في جر التمييز وهي البيانية على أصح الأقوال كما سيأتي ومن في المثال ليست منها لأنها إما ابتدائية أو سببية ويؤخذ منه أن جر التمييز الفاعل في المعنى بمن غير المعهودة في جر التمييز كالابتدائية والسببية جائز ولا بعد فيه فتدبر.
قوله: "عن الفاعل في الصناعة" دخل فيه نحو زيد أطيب نفسا لأن التمييز فيه محول عن فاعل أفعل التفضيل صناعة والأصل زيد أطيب نفسه وإن كان رفعه الظاهر قليلا أو عن فاعل الفعل والأصل زيد طابت نفسه على ما أسلفه الشارح وقدمنا ما فيه فلا حاجة لزيادة غيره، أو عن المبتدأ. قوله:"ومنه" أي من الفاعل في المعنى المحول عن الفاعل في الصناعة أنت أعلى منزلا فمنزلا محول عن فاعل أفعل التفضيل صناعة والأصل أنت أعلى منزلك وإن كان رفعه الظاهر قليلا أو عن فاعل الفعل والأصل أنت علا منزلك كما أسلفه الشارح أي علوا زائدا على علو منزل غيرك فلا يرد أنه إذا قيل علا منزلك فات التفضيل مع أنه قد يمنع ضرر فواته كما قدمناه وفي التوضيح أنه محول عن المبتدأ والأصل منزلك أعلى فجعل المضاف تمييزا والمضاف إليه مبتدأ فارتفع وانفصل بعد أن كان متصلا مجرورا وهو أيضا صحيح وقد أسلفناه. قال شارح الجامع لا منافاة بين كونه فاعلا في المعنى ومحولا عن المبتدأ في الصناعة لأن ما صلح لأن يخبر بالتفضيل عنه صلح لأن يكون فاعلا في المعنى. قوله: "وأبرحت جارا" أي أعجبت. ويصح في التاء الكسر على خطاب المؤنث والفتح على خطاب المذكر ولا يتعين أن يكون مراد الشارح أبرحت جارا في قول الأعشى:
أقول لها حين جدّ الرحي
…
ل أبرحت ربا وأبرحت جارا
حين يتعين الكسر كما قيل. نعم الأولى أن يكون مراده ذلك ليكون جارا في المثال متعينا لعدم التحويل لأن قصد الشاعر بقرينة سياقه مدحها بأنها نفسها جارة معجبة لا بأن جارها معجب حتى يكون محولا عن الفاعل ولم لم يكن مراد الشارح ذلك لاحتيج إلى أن يقال تمثيله بهذا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لإخراج نحو لله دره فارسًا، وأبرحت جارًا، فإنهما وإن كانا فاعلين معنى إذ المعنى عظمت فارسًا وعظمت جارًا إلا أنهما غير محولين فيجوز دخول من عليهما، ومن ذلك نعم رجلًا زيد يجوز فيه نعم من رجل. ومنه قوله:
523-
فنعم المرء من رجل تهامي
الثالث أشار بقوله إن شئت إلى أن ذلك جائز لا واجب. الرابع اختلف في معنى من هذه. فقيل للتبعيض وقال الشلوبين: يجوز أن تكون بعد المقادير وما أشبهها زائدة عند سيبويه، كما زيدت في نحو ما جاءني من رجل، قال: إلا أن المشهور من مذاهب النحاة
ــ
المثال لغير المحول مبني على أحد احتماليه والمثال يكفيه الاحتمال. ونظيره كرم زيد ضيفا. قال في المغني إن قدر أن الضيف غير زيد فهو تمييز محول عن الفاعل يمتنع أن تدخل عليه من وإن قدر نفسه احتمل الحال والتمييز وعند قصد التمييز فالأحسن إدخال من. ا. هـ. أي للتنصيص على المقصود والتمييز على التقدير. الثاني من تمييز الجملة غير المحول قاله الدماميني. قوله: "إذ المعنى عظمت فارسا إلخ" ففارسا واقع على مدلول التاء التي هي الفاعل فيلزم أن يكون فاعلا في المعنى. قوله: "ومن ذلك" أي من الفاعل في المعنى غير المحول عن الفاعل في الصناعة. قوله: "نعم رجلا زيد" مثله حبذا رجلا زيد. قال الشاعر:
يا حبذا جبل الريان من جبل
دماميني. قوله: "تهامي" بكسر التاء إن كان تخفيف ياء النسبة لأجل الروي وبفتحها إن كان لأجل تعويض الفتحة عن التشديد على أحد مذهبين فيكون كيمان نسبة إلى تهامة بالكسر تطلق على مكة وعلى أرض معروفة لا بلد وإن وهم فيه الجوهري، هذا ما يفيده كلام القاموس والمصباح وقد نقل الدماميني فيه الضبطين وبه يعرف ما في كلام البعض. وتمييز باب نعم من تمييز المفرد على ما صرح به الرضي وغيره. وأيده الدماميني بأن الضمير في نحو نعم رجلا زيد وزيد نعم رجلا لا يعود على زيد تأخر أو تقدم وإنما يعود على مبهم عام والرابط بين المبتدأ والخبر العموم. ا. هـ. أي وتمييز العائد على مبهم تمييز مفرد كما مر في نحو لله دره فارسا، والمبهم العام هو رجلا كما يصرح به جعلهم ضمير نعم مما يعود على متأخر لفظا ورتبة ومن تمييز الجملة على ما نقله الدماميني عن المصنف. قوله:"فقيل للتبعيض إلخ" بقي قول ثالث وهو أنها لبيان الجنس صرح به الشاطبي في باب حروف الجر ونقله المصرح عن الموضح في الحواشي وقال
523- صدره:
تخيره فلم يعدل سواه
والبيت من الوافر، وهو لأبي بكر بن الأسود المعروف بابن شعوب الليثي في الدرر 5/ 211؛ وشرح التصريح 1/ 399، 2/ 96؛ وشرح المفصل 7/ 133؛ والمقاصد النحوية 3/ 227، 4/ 14؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 369؛ وخزانة الأدب 9/ 395؛ والمقرب 1/ 69؛ وهمع الهوامع 2/ 86.
وعامل التمييز قدم مطلقا
…
والفعل ذو التصريف نزرا سبقا
ــ
ما عدا الأخفش أنها لا تزاد إلا في غير الإيجاب. قال في الارتشاف: ويدل لذلك يعني الزيادة العطف بالنصب على موضعها. قال الحطيئة:
524-
طافت أمامة بالركبان آونة
…
يا حشنه من قوام ما ومنتقبا
بنصب منتقبًا على محل قوام. الخامس إذا قلت: عندي عشرون من الرجال لا يكون ذلك من جر تمييز العدد بمن، بل هو تركيب آخر لأن تمييز العدد شرطه الإفراد، وأيضًا فهو معروف. ا. هـ. "وعامل التمييز قدم مطلقًا" أي ولو فعلًا متصرفًا وفاقًا لسيبويه والفراء وأكثر البصريين والكوفيين لأن الغالب في التمييز المنصوب بفعل متصرف كونه فاعلًا في الأصل. وقد حول الإسناد عنه إلى غيره لقصد المبالغة، فلا يغير عما كان يستحقه من
ــ
هو ظاهر. قوله: "وما أشبهها" أي مما أجرى مجراها وما حمل عليه. قوله: "ويدل لذلك" أي الزيادة وفيه أن ما ذكره لا ينهض دليلا للزيادة لأنه يصح مراعاة محل المجرور بغير الزائد إذا كان يظهر في الفصيح فلا مانع هنا من كونها غير زائدة والعطف على محل مجرورها الثابت له بحسب الأصل لظهوره في الفصيح عند حذفها فتأمل. قوله: "آونة" بمد الهمزة جمع أوان. من قوام بفتح القاف أي قامة وما زائدة. ومنتقبا بفتح القاف موضع النقاب. قوله: "لا يكون ذلك من جر إلخ" أي بل قوله من الرجال صفة لعشرون. قوله: "لأن تمييز العدد" أي المنصوب بقرينة أن الكلام في جواز جر التمييز المنصوب بمن فلا يرد أن تمييز العشرة إلى الثلاثة جمع. قوله: "شرطه الإفراد" ولذلك قالوا في قوله تعالى: {وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا} [الأعراف: 16] ، أن أسباطا بدل مما قبله والتمييز محذوف أي فرقة.
قوله: "وعامل التمييز قدم" وأما توسط التمييز بين العامل ومعموله نحو طاب نفسا زيد فنقل بعضهم الإجماع على جوازه. قوله: "كونه فاعلا في الأصل" أي وأعطى غير الفاعل في الأصل حكم الفاعل اجراء للباب على وتيرة واحدة. قوله: "لقصد المبالغة" أي في إسناد الطيب لزيد فإنه يفيد قبل التخصيص بالتمييز أنه طاب من جميع الوجوه فالمبالغة من حيث أول الكلام. وقيل لقصد الإجمال ثم التفصيل ويشكل عليه ما مر من جواز التوسط لفوات الإجمال ثم التفصيل بالتوسط كذا قال شيخنا والبعض وقد يقال كما يشكل على هذا يشكل على تعليل الشارح أيضا. على أن النظر إلى الأصل والغالب فلا إشكال. قوله: "فلا يغير عما كان يستحقه إلخ" لا يقال قد يخرج الشيء عن أصله كنائب الفاعل فإنه كان جائز التقديم على العامل وصار بالنيابة ممتنعه، فأي مانع من إعطاء التمييز بصيرورته فضلة حكم المفعول من جواز التقديم لأنا
524- البيت من البسيط، وهو للحطيئة في ديوانه ص11؛ وخزانة الأدب 3/ 270، 289؛ والدرر 4/ 34؛ وشرح التصريح 1/ 398؛ والمقاصد النحوية 3/ 242؛ وبلا نسبة في الخصائص 2/ 432؛ وهمع الهوامع 1/ 251.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وجوب التأخير لما فيه من الإخلال بالأصل. أما غير المتصرف فبالإجماع. وأما قوله:
525-
ونارنا لم يُرَ نارًا مثلها
فضرورة. وقيل الرؤية قلبية ونارًا مفعول ثان "والفعل ذو التصريف نزرًا سبق" هو مبني للمفعول، ونزرًا حال من الضمير المستتر فيه النائب عن الفاعل أي مجيء عامل التمييز الذي هو فعل متصرف مسبوقًا بالتمييز نزر أي قليل. من ذلك قوله:
526-
أنفسًا تطيب بنيل المنى
…
وداعي المنون ينادي جهارا
وقوله:
527-
وما كان نفسًا بالفراق تطيب
وقوله:
ــ
نقول الأصل عدم الخروج عن الأصل. قوله: "ونارنا إلخ" فنارا تمييز وهو مقدم على عامله وهو مثلها لأنه تمييز مفرد. قوله: "ونزرا حال إلخ" قال سم فيه نظر والوجه كونه مفعولا مطلقا أي سبقا نزرا. ا. هـ. ووجه النظر أن جعله حالا من ضمير سبق يقتضي أن النظر وصف للفعل مع أنه وصف للتقديم عليه هذا ما ظهر لي وهو أدق من توجيه شيخنا النظر بأن وقوع المصدر حالا سماعي. قوله: "وما كان نفسا" كان زائدة وضمير تطيب يرجع إلى ليلى في صدر البيت وهو:
أتهجر ليلى بالفراق حبيبها
525- عجزه:
قد علمت ذاك معد كلها
والرجز بلا نسبة في المقاصد النحوية 3/ 239.
526-
البيت من المتقارب، وهو لرجل من طيئ في شرح التصريح 1/ 400؛ وشرح عمدة الحافظ ص477؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 372؛ وشرح شواهد المغني 2/ 862؛ ومغني اللبيب 2/ 462؛ والمقاصد النحوية 3/ 241.
527-
صدره:
أتهجر ليلى بالفراق حبيبها
والبيت من الطويل، وهو للمخبل السعدي في ديوانه ص290؛ والخصائص 2/ 384؛ ولسان العرب 1/ 290 "حبب"؛ وللمخبل السعدي أو لأعشى همدان أو لقيس بن الملوح في الدرر 4/ 36؛ والمقاصد النحوية 3/ 235؛ وللمخبل السعدي أو لقيس بن معاذ في شرح شواهد الإيضاح ص188؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص197؛ والإنصاف ص828؛ وشرح ديوانه الحماسة للمرزوقي ص1330؛ وشرح ابن عقبل ص348؛ وشرح المفصل 2/ 74؛ والمقتضب 3/ 36، 37؛ وهمع الهوامع 1/ 252.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
528-
ضيعت حزمي في إبعادي الأملا
…
وما ارعويت وشيبًا رأسي اشتعلا
وأجاز الكسائي والمازني والمبرد والجرمي القياس عليه محتجين بما ذكر، وقياسًا على غيره من الفضلات المنصوة بفعل متصرف. ووافقهم الناظم في غير هذا الكتاب.
تنبيهان: الأول مما استدل به الناظم على الجواز قوله:
529-
رددت بمثل السيد نهد مقلص
…
كميش إذا عطفاه ماء تحلبا
وقوله:
530-
إذا المرء عينا قر بالعيش مثريًا
…
ولم يعن بالإحسان كان مذمما
وهو سهو منه؛ لأن عطفاه والمرء مرفوعان بمحذوف يفسره المذكور، والناصب للتمييز هو المحذوف. الثاني أجمعوا على منع التقديم في نحو كفى بزيد رجلًا؛ لأن كفى وإن كان فعلًا متصرفًا إلا أنه في معنى غير المتصرف، وهو فعل التعجب؛ لأن معناه ما
ــ
قوله: "ضيعت حزمي إلخ" الحزم ضبط الأمور وإتقانها والاروعاء الانزجار. قوله: "بما ذكر" أي من الأبيات. وأجيب بأنه ضرورة. قوله: "وقياسا على غيره من الفضلات" أجيب بالفرق فإن تقديم التمييز مخلّ بالغرض السابق من التأخير بخلاف غيره من الفضلات قاله الدماميني، ويرد عليه أن توسط التمييز أيضا مخل بالعرض مع أنه جائز فتدبر. قوله:"رددت بمثل السيد" أي بفرس مثل السيد بكسر السين أي الذئب. نهد بفتح النون أي ضخم مقلص بكسر اللام المشددة أي طويل القوائم، كميش بكاف مفتوحة فميم مكسورة فتحتية ساكنة فشين معجمة أي سريع العدو والثلاثة صفات لمثل. والشاهد في ماء حيث قدمه على عامله، وهو تحلبا أي سال. قوله:"عينا قر" قال في القاموس: قرت عينه تقر بالكسر والفتح قرة وقد تضم وقرورًا: بردت وانقطع بكاؤها، أو رأت ما كانت متشوّقة إليه. ا. هـ. ومثريا حال أي كثير المال كما في القاموس وتفسير البعض له بمعطيًا لا يوافق اللغة ولا يناسب البيت. قوله:"وهو سهو منه إلخ"، نظر فيه سم بأن عطفاه والمرء عند الناظم مبتدآن ففي التسهيل: وقد تغنى ابتدائية اسم بعد إذا عن تقدير فعل. ا. هـ. فكان الأولى أن يقول بدل قوله وهو سهو ولا يصلحان للاستدلال لاحتمال أن يكون عطفاه، والمرء مرفوعين بفعل محذوف وقد يدفع النظر بأن التعبير بالسهو نظرًا إلى قوله في الخلاصة:
528- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في شرح شواهد المغني 2/ 861؛ وشرح ابن عقيل ص348؛ وشرح عمدة الحافظ ص478؛ ومغني اللبيب 2/ 462؛ والمقاصد النحوية 3/ 24.
529-
البيت من الطويل، وهو لربيعة بن مقروم في شرح شواهد المغني ص860؛ وشرح عمدة الحافظ ص477؛ والمقاصد النحوية 3/ 229؛ وبلا نسبة في مغني اللبيب ص462.
530-
البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في مغني اللبيب 2/ 462.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أكفاه رجلًا.
خاتمة: يتفق الحال والتمييز في خمسة أمور، ويفترقان في سبعة أمور فأما أمور الاتفاق فإنهما: اسمان نكرتان فضلتان منصوبتان رافعتان للإبهام. وأما أمور الافتراق فالأول: أن الحال تجيء جملة وظرفًا ومجرورًا كما مر والتمييز لا يكون إلا اسمًا. الثاني أن الحال قد يتوقف معنى الكلام عليها كما عرفت في أول باب الحال، ولا كذلك التمييز. الثالث في الحال مبينة للهيئات والتمييز مبين للذوات. الرابع أن الحال تتعدد كما عرفت بخلاف التمييز. الخامس أن الحال تتقدم على عاملها إذا كان فعلًا أو وصفًا يشبهه، ولا يجوز ذلك في التمييز على الصحيح. السادس أن حق الحال الاشتقاق وحق التمييز الجمود، وقد يتعاكسان، فتأتي الحال جامدة كهذا مالك ذهبًا، ويأتي التمييز مشتقًا نحو لله دره فارسًا، وقد مر السابع الحال تأتي مؤكدة لعاملها بخلاف التمييز، فأما قوله تعالى:{إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا} [التوبة: 36] ، فشهرًا مؤكد لما فهم إن عدة الشهور، وأما بالنسبة إلى عامله وهو اثنا عشر فمبين، وأما إجازة المبرد ومن وافقه نعم الرجل رجلًا زيد فمردودة. وأما قوله:
531-
تزود مثل زاد أبيك فينا
…
فنعم الزاد زاد أبيك زادا
فالصحيح أن زادًا معمول لتزود: إما مفعول مطلق أن أريد به التزود، أو مفعول به إن
ــ
وألزوا إذا إضافة إلى جمل الأفعال. قوله: "ولا كذلك التمييز" ممنوع فقد يتوقف معنى الكلام على التمييز نحو ما طاب زيد إلا نفسًا. شمني. قوله: "مبينة للهيآت" ليس المراد بالهيئة الصورة المحسوسة كما يتبادر منها، وإلا خرج نحو تكلم صادقًا، ولا يرد جاء زيد والشمس طالعة؛ لأنه في معنى جاء مقارنًا لطلوعها فالحال فيه بحسب التأويل مبينة للصفة. قاله الدماميني. قوله:"مبين للذوات" أي أو النسب ليوافق ما مشى عليه سابقًا، وإن التزم ابن الحاجب أن تمييز النسبة أيضًا في الحقيقة تمييز لذات مقدرة كما مر بيانه. قوله:"بخلاف التمييز" أي فإنه لا يتعدد أي بدون عطف أما بالعطف فيجوز أن يتعدد. قوله: "لعامله" أي مع قطع النظر عما أخبر عنه بهذا العامل. قوله: "فمردودة"؛ لأن الإبهام قد ارتفع بظهور الفاعل فلا حاجة للتمييز. قوله: "إما مفعول مطلق إلخ"
531- البيت من الوافر، وهو لجرير في خزانة الأدب 9/ 394، 399؛ والخصائص 1/ 83، 396؛ والدرر 5/ 210؛ وشرح شواهد الإيضاح ص109؛ وشرح شواهد المغني ص57؛ وشرح المفصل 7/ 132؛ ولسان العرب 3/ 198 "زود"؛ والمقاصد النحوية 4/ 30؛ وبلا نسبة في شرح شواهد المغني ص862؛ وشرح ابن عقيل ص456؛ ومغني اللبيب ص462؛ والمقتضب 2/ 150.
حروف الجر:
هاك حروف الجر وهي من إلى
…
حتى خلا حاشا عدا في عن على
ــ
أريد به الشيء الذي يتزود به من أفعال البر، وعليهما فمثل نعت له تقدم فصار حالًا. وأما قوله:
532-
نعم الفتاة فتاة هند لو بذلت
…
رد التحية نطقًا أو بإيماء
ففتاة حال مؤكدة، والله أعلم.
حروف الجر:
"هاك حروف الجر وهي" عشرون حرفًا "من" و"إلى" و"حتى" و"خلا"
ــ
الظاهر أنه يصح أن يكون حالًا مؤكدة من الزاد على قياس ما فعله في قول الشاعر نعم الفتاة إلخ. قوله: "نعت له" أي بحسب ما كان بدليل بقية كلامه. قوله: "فصار حالًا" أي كما هو شأن صفة النكرة إذا تقدمت نحو:
لمية موحشًا طلل
حروف الجر:
قدمها على الإضافة لما قيل إن العمل فيها للحرف المقدر. وإنما سميت حروف الجر إما؛ لأنها تجر معاني الأفعال إلى الأسماء أي توصلها إليها فيكون المراد من الجر المعنى المصدري، ومن ثم سماها الكوفيون حروف الإضافة؛ لأنها تضيف معاني الأفعال أي توصلها إلى الأسماء. وإما؛ لأنها تعمل الجر فيكون المراد بالجر الإعراب المخصوص كما في قولهم حروف النصب وحروف الجزم، ولا يرد على الأول أن مقتضاه أن لا يكون خلا وعدا وحاشا في الاستثناء أحرف جر؛ لأنهن لتنحية معنى الفعل عن مدخولهن لا لإيصاله إليه؛ لأن المراد بإيصال حرف الجر معنى الفعل إلى الاسم ربطه به على الوجه الذي يقتضيه الحرف من ثبوته له، أو انتفائه عنه قاله الدماميني. قوله:"هاك حروف الجر" ها بالقصر هنا وقد تمد كما في: {هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ} [الحاقة: 19] ، اسم فعل بمعنى خذ والكاف حرف خطاب تتصرف تصرف الكاف الاسمية بحسب حال المخاطب من تذكير وتأنيث، وإفراد وتثنية وجمع كالكاف في رويدك ومع اسم الإشارة، وأرأيتك بمعنى أخبرني ونحو إياك. قاله يس وغيره. قوله:"وهي من إلخ" الخبر مجموع المتعاطفات فالعطف ملحوظ قبل الإخبار ويقال في من منا كإلى، بل قيل: إنها الأصل فخففت لكثرة الاستعمال بحذف الألف وسكون النون. قوله: "ورب" ويقال: رب بفتح الراء ورب بضم
532- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 277؛ وخزانة الأدب 9/ 398؛ والدرر 5/ 209؛ وشرح التصريح 2/ 95؛ وشرح شواهد المغني ص862؛ ومغني اللبيب ص464؛ والمقاصد النحوية 4/ 32؛ وهمع الهوامع 2/ 86.
مذ منذ رب اللام كي واو وتا
…
والكاف والبا ولعل ومتى
ــ
"حاشا" و"عدا" و"في" و"عن" و"على" و"مذ" و"منذ" و"رب" و"اللام" و"كي" و"واو وتا والكاف والبا ولعل ومتى" كلها مشتركة في جر الاسم على التفصيل الآتي. وقد تقدم الكلام على خلا وحاشا وعدا في الاستثناء. وقل من ذكر كي ولعل ومتى في حروف الجر لغرابة الجر بهن. أما كي فتجر ثلاثة أشياء: الأول ما الاستفهامة المستفهم بها عن علة الشيء نحو كيمه بمعنى لمه. والثاني ما المصدرة مع صلتها كقوله:
533-
يراد الفتى كيما يضر وينفع
ــ
الراء والباء، وربت بضم الراء وفتح الباء والتاء، وربت بضم الراء وفتح الباء وسكون التاء، وربت بفتح الثلاثة، وربت بفتح الأولين وسكون التاء، وبتخفيف الباء من هذه السبعة، وربتا بالضم وفتح الباء المشددة، ورب بالضم فالسكون، ورب بالفتح فالسكون، فهذه سبع عشرة لغة. ا. هـ. همع.
فائدة: ما مشى عليه المصنف من حرفية رب هو مذهب البصريين، وذهب الأخفش والكوفيون إلى اسميتها وأيده الرضي بأنها في التقليل أو التكثير مثل كم الخبرية في التكثير؛ إذ معنى رب رجل قليل أو كثير من هذا الجنس، كما أن معنى كم رجل كثير من هذا الجنس، ولا خلاف في اسمية كم. ثم استشكل حرفية رب بأمور فراجعه. وجنح إليه الدماميني أيضًا. قال: ويمكن أن يكون سبب بنائها مع اسميتها ما قيل في كم من تضمنها معنى الإنشاء الذي حقه أن يؤدى بالحرف أو مشابهتها الحرف وضعا في بعض لغاتها، وهو تخفيف الباء وحمل التشديد عليه. قوله:"على التفصيل الآتي" أي من اختصاص بعضها بالوقت وبعضها بالنكرات، وبعضها بالظاهر إلى غير ذلك. قوله:"وقد تقدم الكلام إلخ" اعتذار عن سكوت الناظم عن الستة التفصيل الآتي. قوله: "كيمه" أصلها كيما فحذفت ألف ما وجوبًا لدخول حرف الجر عليها، وجيء بهاء السكت وقفًا حفظًا للفتحة الدالة على الألف المحذوفة، وهكذا يفعل مع سائر حروف الجر الداخلة على ما الاستفهامية قاله المصرح وغيره. قوله:"ما المصدرية مع صلتها" كان الأولى أن يقول المصدر المنسبك من صلة ما وكذا يقال فيما بعده، يدل على ذلك قوله بعد في تأويل المصدر مجرور بها كذا قال البعض، والأوجه أن مجموع الحرف وصلته مجرور محلًّا بالحرف
533- صدره:
إذا أنت لم تنفع فضر فإنما
والبيت من الطويل، وهو للنابغة الجعدي في ملحق ديوانه ص246؛ وله أو للنابغة الذبياني في شرح شواهد المغني 1/ 507؛ وللنابغة الجعدي أو للنابغة الذبياني، أو لقيس بن الخطيم في خزانة الأدب 8/ 498؛ والمقاصد النحوية 4/
245؛ ولقيس بن الخطيم في ملحق ديوانه ص235، وكتاب الصناعتين ص315؛ وللنابغة الذبياني في شرح التصريح 2/ 3؛ والمقاصد النحوية 4/ 379؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 10؛ وتذكرة النحة ص609؛ والجني الداني ص262؛ والحيوان 3/ 76؛ وخزانة الأدب 7/ 105؛ وشرح عمدة الحافظ 266؛ ومغني اللبيب 1/ 182؛ وهمع الهوامع 1/ 5، 31.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أي للضر والنفع قاله الأخفش. وقيل ما كافة الثالث أن المصدرية وصلتها نحو جئت كي أكرم زيدًا إذا قدرت أن بعدها، فأن والفعل في تأويل مصدر مجرور بها، ويدل على أن تضمر بعدها ظهورها في الضرورة كقوله:
534-
فقالت أكل الناس أصبحت مانحًا
…
لسانك كيما أن تغر وتخدعا
والأولى أن تقدم كي مصدرة، فتقدر اللام قبلها بدليل كثرة ظهورها معها نحو:{لِكَيْ لَا تَأْسَوْا} [الحديد: 23]، وأما لعل فالجر بها لغة عقيل ثابتة الأول ومحذوفته مفتوحة الآخر ومكسورته. ومنه قوله:
535-
لعل الله فضلكم علينا
…
بشيء إن أمكم شريم
وقوله:
536-
لعل أبي المغوار منك قريب
ــ
لأنه الذي تسلط عليه الحرف، ودلالة قول الشارح في تأويل مصدر مجرور بها إنما يظهر إذا قرىء مجرور بالجر، فإن قرىء بالرفع خبر ثان لقوله فإن والفعل فلا، ولم يقل على هذا مجروران؛ لأن المراد مجموع أن والفعل فتأمل. قوله:"للضر والنفع" أي ضر من يستحق الضر ونفع من يستحق النفع. قوله: "وقيل ما كافة" أي لكي عن عملها الجر مثلها في ربما. قوله: "فقالت أكل الناس إلخ" كل مفعول أول لمانحًا ولسانك أي حلاوة لسانك المفعول الثاني كما في التصريح وغيره، وإن عكس البعض وعطف تخدع تفسيري والخدع إرادة المكر بالغير من حيث لا يعلم. قوله:"والأولى" أي في الموضع الثالث. قوله: "ثابتة الأول إلخ" حال من الضمير المجرور بالباء، فهذه أربع لغات يجوز الجر فيها، ولا يجوز في غيرها من بقية لغات لعل كما قاله المصرح.
قوله: "لعل الله"، فالله مرفوع تقديرًا بالابتداء منع من ظهوره حركة حرف الجر الشبيه
534- البيت من الطويل، وهو لجميل بثينة في ديوانه ص108؛ وخزانة الأدب 8/ 481، 482، 483، 488؛ والدرر 4/ 67؛ وشرح التصريح 2/ 3، 231؛ وشرح المفصل 9/ 14، 16؛ وله أو لحسان بن ثابت في شرح شواهد المغني 1/ 508؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 11؛ وخزانة الأدب ص125؛ وجواهر الأدب ص125؛ والجني الداني ص262؛ ورصف المباني ص217؛ وشرح التصريح 2/ 30؛ وشرح شذور الذهب ص373؛ وشرح عمدة الحافظ ص267؛ ومغني اللبيب 10/ 183؛ وهمع الهوامع 2/ 5.
535-
البيت من الوافر، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 7؛ والجني الداني ص584؛ وجواهر الأدب ص403؛ وخزانة الأدب 7/ 422، 423، 430؛ ورصف المباني ص375؛ وشرح التصريح 2/ 2؛ وشرح ابن عقيل ص351؛ وشرح قطر الندى ص249؛ والمقاصد النحوية 3/ 247؛ والمقرب 1/ 193.
536-
صدره:
فقلت ادع وارفع الصوت داعيًا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وأما متى فالجر بها لغة هذيل وهي بمعنى من الابتدائية. سمع من كلامهم أخرجها متى كمه أي من كمه. وقوله:
537-
شربن بماء البحر ثم ترفعت
…
متى لجج خضر لهن نئيج
وأما الأربعة عشر الباقية فسيأتي الكلام عليها.
تنبيهان: الأول إنما بدأ بمن؛ لأنها أقوى حروف الجر ولذلك دخلت على ما لم يدخل عليه غيرها نحو من عندك. الثاني عد بعضهم من حروف الجر ها التنبيه وهمزة
ــ
بالزائد، وفضلكم خبر وإن أمكم شريم أي مفضاة بدل من شيء. قوله:"وهو بمعنى من الابتدائية" قال في الهمع، وتأتي اسمًا بمعنى وسط. حكى وضعها متى كمه: أي وسطه. قوله: "شربن" أي السحب وضمن شربن معنى روين فعداه بالباء أو هي بمعنى من وقوله لهن نئيج أي صوت حال من النون في شربن، وهذا على قول العرب والحكماء: إن السحاب يأخذ الماء من البحر ثم يمطره. قال في التصريح يقال: إن السحاب في بعض المواضع تدنو من البحر الملح، فتمتد منها خراطيم عظيمة تشرب من مائه فيكون لها صوت عظيم مزعج، ثم تذهب صاعدة إلى الجو، فيلطف ذلك الماء ويعذب بإذن الله تعالى في زمن صعودها، وترفعها ثم تمطر حيث يشاء الله تعالى. ا. هـ. قوله:"لأنها أقوى حروف الجر"؛ ولأن من معانيها الابتداء فناسب الابتداء بها. قوله: "نحو من عندك" أي من كل ظرف ملازم النصب على الظرفية. قوله: "ها التنبيه" أي صورة لا معنى إذ هي حرف قسم وكذا يقال في قوله، وهمزة الاستفهام كما في سم، وقوله إذا جعلت أي
ــ
= والبيت من الطويل، وهو لكعب بن سعد الغنوي في الأصمعيات ص96؛ وخزانة الأدب 10/ 426، 428، 430، 436؛ والدرر 4/ 174؛ وسر صناعة الإعراب ص407؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 269؛ وشرح شواهد المغني ص691؛ ولسان العرب 1/ 283 "جوب" 11/ 473 "علل"؛ والمقاصد النحوية 3/ 247؛ وبلا نسبة في رصف المباني ص375؛ وشرح ابن عقيل ص350؛ وشرح التصريح 1/ 213؛ وكتاب اللامات ص136؛ ولسان العرب 12/ 550 "لمم"؛ ومغني اللبيب ص286، 441؛ وهمع الهوامع 2/ 33.
537-
البيت من الطويل، وهو لأبي ذؤيب الهذلي في الأزهية ص201؛ والأشباه والنظائر 4/ 287؛ وجواهر الأدب ص99؛ وخزانة الأدب 7/ 97، 99؛ والخصائص 2/ 85؛ والدرر 4/ 179؛ وسر صناعة الإعراب ص135، 424؛ وشرح
أشعار الهذليين 1/ 129؛ وشرح شواهد المغني ص218؛ ولسان العرب 1/ 487 "شرب"، 5/ 162 "محز"، 15/ 474 "متى"؛ والمحتسب 2/ 114؛ والمقاصد النحوية 3/ 249؛ وبلا نسبة في أدب الكاتب ص515؛ والأزهية ص284؛ وأوضح المسالك 3/ 6؛ والجني الداني ص43، 505؛ وجواهر الأدب ص47، 378؛ ورصف المباني ص151؛ وشرح ابن عقيل ص352؛ وشرح عمدة الحافظ ص268؛ وشرح قطر الندى ص250؛ والصاحبي في فقه اللغة ص175؛ ومغني اللبيب ص105؛ وهمع الهوامع 2/ 34.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الاستفهام إذا جعلت عوضًا من حرف الجر في القسم. قال في التسهيل: وليس الجر في التعويض بالعوض خلافًا للأخفش ومن وافقه. وذهب الزجاج والرماني إلى أن أيمن في القسم حرف جر وشذا في ذلك. وعد بعضهم منها الميم مثلثة في القسم نحو م الله. وجعله في التسهيل بقية أيمن قال: وليست بدلًا من الواو ولا أصلها من خلافًا لمن زعم ذلك. وذكر الفراء أن لات قد تجر الزمان، وقرئ:{وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ} [ص: 3] ، وزعم الأخفش أن بله حرف جر بمعنى من والصحيح أنها اسم. وذهب سيبويه إلى أن لولا
ــ
كلتاهما. قوله: "في التعويض" أي أصورة تعويض ها التنبيه، وهمزة الاستفهام عن باء القسم يقال: ها الله بقطع الهمزة ووصلها مدًا وقصرًا فاللغات أربع وآلله بالمد مع الوصل، وألله بالقطع بلا تعويض شيء عن الباء كذا في الهمع. قال الدماميني: وأضعف اللغات الأربع في ها الله حذف ألف ها مع قطع همزة الله بل أنكر هذه اللغة ابن هشام، لكن نقلها غير واحد عن الجرمي. قوله:"بالعوض" أي بل بالمعوض عنه المحذوف وهو الباء؛ لأنها أصل حروف القسم.
قوله: "خلافًا للأخفش ومن وافقه" أي حيث ذهبوا إلى أن الجر بالعوض، وهو المتجه عندي بدليل أن الجر بواو القسم وتائه مع أن الواو عوض من الباء والتاء عوض من الواو وقياس ها التنبيه، وهمزة الاستفهام على فاء السببية وواو المعية حيث لم يكن النصب بهما بل بأن المضمرة قياس مع الفارق؛ لأن الفاء والواو ليستا في الحقيقة عوضين عن أن بدليل إضمارها بعدهما بخلاف ها التنبيه والهمزة فافهم. قوله:"إلى أن أيمن" بفتح الهمزة وضم الميم هذا هو الأفصح، وبالكسر فالضم، وبالكسر فالفتح، وبفتحتين. ويقال: إيم بكسر فضم، وأيم بفتح فضم، وإيم بكسرتين، وهيم بفتح الهاء المبدلة من الهمزة فضم: قال أبو حيان وهي أغرب لغاتها. وإم بكسرتين، وأم بفتحتين، وأم بفتح فضم، وأم بفتح فكسر، وأم بكسر فضم، وأم بكسر ففتح ومن بفتح الحرفين وكسرهما وضمهما، وم مثلثًا، فهذه عشرون لغة كذا في الهمع. قوله:"وشذا في ذلك"؛ لأنها اسم بمعنى البركة. قوله: "نحو م الله" هو على هذا القول مبني على إحدى الحركات؛ لأنه حرف جر وبهذا يعرف ما في كلام البعض فانظره. وأما على غيره فالحركة حركة بنية حركة الإعراب على النون المحذوفة تخفيفًا. قوله: "وليست بدلًا من الواو" رد لقول بعضهم السابق ووجهه أنها لو كانت بدلًا لوجب فتحها كما في التاء قاله الدماميني. وفيه أن الواو بدل من الباء، ولم توافقها في الحركة إلا أن يقال خالفتها للتخفيف. قوله:"ولا أصلها من"، أي التي هي حرف قسم على رأي جماعة مشى عليه المصنف في تسهيله في مبحث من الجارة مختص برب مضافًا إلى الياء نحو من ربي لأفعلن بضم الميم وكسرها مع سكون النون فيهما، وإنما لم يكن الأصل من هذه فحذفت نونها؛ لأن الأشهر في من هذه الاختصاص بربي وأما رواية الأخفش من الله فشاذة بخلاف م. وأما من التي هي لغة في أيمن فمثلثة الحرفين كما مر قاله الدماميني بعضه في مبحث من الجارة، وبعضه في مبحث أيمن.
قوله: "والصحيح أنها اسم" أي مصدر أو اسم فعل، أو بمعنى كيف كما تقدم في المفعول
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
حرف جر إذا وليها ضمير متصل نحو لولاي ولولاك ولولاه، فالضمائر مجرورة بها عند سيبويه. وزعم الأخفش أنها في موضع رفع بالابتداء، ووضع ضمير الجر موضع ضمير الرفع، ولا عمل للولا فيها كما لا تعمل لولا في الظاهر. وزعم المبرد أن هذا التركيب فاسد لم يرد من لسان العرب، وهو محجوج بثبوت ذلك عنهم كقوله:
538-
أتطمع فينا من أراق دماءنا
…
ولولاك لم يعرض لأحسابنا حسن
وقوله:
539-
وكم موطن لولاي طحت كما هوى
…
بأجرامه من قنة النيق منهوي
ــ
المطلق. قوله: "أن لولا حرف جر" أي لا يتعلق بشيء كرب ولعل الجارة تنزيلًا للثلاثة منزلة الجار الزائد كذا في المغني، وفيه نظر للفرق باختلال أصل المعنى بحذف لولا دون رب ولعل، ولهذا ضعف الرضي مذهب سيبويه هذا بأن حرف الجر الأصلي لا بد له من متعلق ولا متعلق للولا. فافهم. والضمير بعدها في موضع رفع بالابتداء والخبر محذوف، فيكون للضمير محلان على رأي سيبويه، فقول الشارح وزعم الأخفش أنها في موضع رفع أي فقط. قوله:"ووضع ضمير الجر موضع ضمير الرفع" أي، وإن كان غالب نيابة الضمائر في الضمائر المنفصلة، فقد وجدت في المتصلة كما في عساه وعساك وعساني على قول تقدم في أفعال المقاربة. وانظر هل وضع ضمير الجر موضع ضمير الرفع لازم على مذهب سيبويه، من حيث إن الضمير في محل رفع بالابتداء، أو غير لازم الظاهر الثاني لما مر من أن معنى كون الكاف، والهاء والياء ليست ضمائر رفع أنها لا تكون في محل رفع فقط، فلا ينافي أنها تكون في محل رفع وجر كما في عجبت من ضربك زيدًا. واعلم أنك إذا عطفت على مدخول لولا اسمًا ظاهرًا تعين رفعه إجماعًا؛ لأنها لا تجر الظاهر نبه عليه الدماميني. قوله:"حسن" قال العيني: أراد به الحسن بن علي رضي الله تعالى عنهما، ويروى عبس بسكون الموحدة اسم قبيلة. ويروى جبن. قوله:"وكم موطن" كم خبرية بمعنى كثير في محل نصب بطحت، أو رفع بالابتداء خبره جملة لولاي طحت والرابط محذوف
538- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في الإنصاف 2/ 693؛ وجواهر الأدب ص397؛ وشرح ابن عقيل ص353؛ وشرح المفصل 3/ 120؛ ولسان العرب 15/ 470 "أمالا".
539-
البيت الطويل، وهو ليزيد بن الحكم في الأزهية ص171؛ وخزانة الأدب 5/ 336، 337، 342؛ والدرر 4/ 175؛ وسر صناعة الإعراب ص395، وشرح أبيات سيبويه 2/ 202، وشرح المفصل 3/ 118، 9/ 23، والكتاب 2/ 374، ولسان العرب 12/ 92 "جرم" 15/ 370 "هوا"؛ وبلا نسبة في الإنصاف 2/ 691؛ والجني الداني ص603؛ وجواهر الأدب ص397؛ وخزانة الأدب 10/ 333؛ ورصف المباني ص295؛ وشرح ابن عقيل ص353؛ ولسان العرب 15/ 470 "إمالا" والممتع في التصريف 1/ 191؛ والمنصف 1/ 72.
بالظاهر اخصص منذ مذ وحتى
…
والكاف والواو ورب والتا
واخصص بمذ ومنذ وقتا وبرب
…
منكرا والتاء لله ورب
ــ
انتهى "بالظاهر اخصص منذ" و"مد وحتى والكاف والواو ورب والتا"، وكي ولعل ومتى وقد سبق الكلام على هذه الثلاثة، وما عدا ذلك فيجر الظاهر والمضمر على ما سيأتي بيانه "واخصص بمذ ومنذ وقتًا" وأما قولهم. ما رأيته منذ أن الله خلقه فتقديره منذ زمن من الله خلقه أي منذ زمن خلق الله إياه.
تنبيه: ويشترط في مجرورهما مع كونه وقتًا أن يكون معينًا لا مبهمًا، ماضيًا أو حاضرًا لا مستقبلًا؛ تقول: ما رأيته مذ يوم الجمعة أو مذ يومنا، ولا تقول مذ يوم، ولا أراه مذ غد وكذا في منذ. ا. هـ "و" اخصص "برب منكرا" نحو رب رجل، ولا يجوز رب الرجل
ــ
أي طحت فيه. وطحت بفتح التاء مع كسر الطاء أو ضمها من طاح يطيح ويطوح أي هلك. وقوله كما هوى ما مصدرية وهوى بفتح الواو سقط، وفاعله منهوي أي ساقط. والأجرام جمع جرم بالكسر وهو الجثة. والقنة بضم القاف وتشديد النون أعلى الجبل، وكذا النيق بكسر النون وبالقاف آخره، فالإضافة من إضافة المسمى إلى الاسم.
قوله: "بالظاهر اخصص" الباء داخله على المقصور عليه على عكس قوله الآتي واخصص بمذ ومنذ، وإنما اختصت المذكورات بالظاهر لضعف غالبها باختصاص بعضه بالوقت وبعضه بالمنكر، وبعضه بالآخر أو المتصل بالآخر وكون بعضها عوضًا عن باء القسم لا أصلًا فيه، وغرابة الجر ببعضها ولتأدية إدخال الكاف على الضمير إلى اجتماع كافين في نحو كك وطردنا المنع. قوله:"واخصص بمذ ومنذ وقتًا" قال ابن عصفور: ما يسأل به عن الوقت كالوقت بشرط أن يكون مما يستعمل ظرفًا، فتقول: منذ كم ومذ متى ومذ أي وقت، ولا تقول: مذ ما؛ لأن ما لا تكون ظرفًا. فإن قلت: سينص على دخولهما على الأفعال، فكيف يصح دعوى الاختصاص بالوقت. أجيب بأنهما حينئذٍ ليساحر في جر باتفاق والكلام. فيما إذا كانا جارين. ا. هـ. يس على أن منهم من يرى أنهما حينئذٍ داخلان على زمان مقدر مضاف للجملة وعليه لا إشكال. قوله:"منذ أن الله خلقه" أي على رواية فتح الهمزة أما على رواية الكسر، فمند اسم لدخولها على الجملة. قوله:"ويشترط في مجرورهما"، وكذا في مرفوعهما وبقي شرط رابع، وهو أن يكون متصرفًا فلا يجوز منذ سحر تريد سحر يوم بعينه، ويشترط في عاملهما أن يكون فعلًا ماضيًا منفيًا نحو ما رأيته منذ يوم الجمعة، أو متطاولًا نحو سرت منذ يوم الخميس، ولا يجوز قتلته منذ يوم الخميس قاله يس. قوله:"واخصص برب منكرًا" أي في الكثير فلا يرد قوله الآتي، وما رووا إلخ على أن مذهب جماعة كابن عصفور والزمخشري أن مثل هذا الضمير نكرة؛ لأنه عائد على واجب التنكير وقال جماعة كالفارسي معرفة جار مجرى النكرة، وقد يعطف على مجرورها مضاف إلى ضميره نحو رب رجل وأخيه؛ لأنه نكرة تقديرًا إذ التقدير وأخ له، وإنما لم يجز رب أخي الرجل؛ لأنه يغتفر في التابع ما لا يغتفر في المتبوع أما رب رجل وزيد مثلًا فلا يجوز. قال في التسهيل، ولا يلزم وصفه أي المنكر
وما رووا من نحو ربه فتى
…
نزر كذا كها ونحوه أتى
ــ
"والتاء لله ورب" مضافًا للكعبة أو لياء المتكلم نحو: {وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ} [الأنبياء: 57] ، وترب الكعبة، وتربي لأفعلن، وندر تالرحمن وتحياتك "وما رووا من نحو ربه فتى"، وقوله:
540-
وربه عطبًا أنقذت من عطبه
"نزر" أي قليل.
تنبيه: يلزم هذا الضمير المجرور بها الإفراد والتذكير والتفسير بتمييز بعده مطابق للمعنى، فيقال: ربه رجلًا وربه امرأة. قال الشاعر:
541-
ربه فتية دعوت إلى ما
…
يورث المجد دائبًا فأجابوا
وقد سبق التنبيه عليه في آخر باب الفاعل "كذا كها ونحوه أتى" أي قد جرت الكاف ضمير الغيبة قليلًا كقوله:
ــ
المجرور بها خلافًا للمبرد ومن وافقه.
قوله: "والتاء لله ورب" يوهم التسوية في الدخول عليهما، وليس كذلك فإن دخولها على رب قليل وقد يؤخذ عدم التسوية من تقديم لفظ الجلالة. قوله:"ربه فتى" قال الجامي: هذا الضمير عائد على مبهم في الذهن يعني قبل ذكره مؤخرًا تمييزًا، فلا ينافي عدهم هذا الضمير مما يعود على متأخر لفظًا ورتبة كما مر هذا ما ظهر. قوله:"وربه عطبًا" أي مشرفًا على العطب أي الهلاك قاله العيني، ولا ينافيه قوله: أنقذت من عطبه؛ لأن المراد أبعدته عن العطب، وإنما عبر بالإنقاذ المشعر بالوقوع مبالغة. قوله:"أي قليل" أي بالنسبة للظاهر، وقيل: معنى نزر شاذ من جهة القياس وإن كان كثيرًا مطردًا في الاستعمال. قوله: "الإفراد والتذكير" أي استغناء بمطابقة التمييز للمعنى المراد، وهذا مذهب البصريين وجوز الكوفيون مطابقة الضمير لفظًا نحو ربها امرأة، وربهما رجلين وهكذا واستندوا إلى السماع. قوله:"والتفسير بتمييز بعده" يؤخذ منه وجوب ذكره وهو كذلك بخلاف مميز نعم وبئس، ولعل الفرق قوة العامل في باب نعم وبئس، فاحتمل معه ترك التمييز بخلافه في ربه رجلًا، فإنه ضعيف وإشعار المخصوص بنوع التمييز في باب نعم وبئس، وعدم إشعار
540- صدره:
واه رأيت وشيكًا صدع أعظمه
والبيت من البسيط، وهو بلا نسبة في الدرر 4/ 127؛ وشرح ابن عقيل ص356؛ وشرح عمدة الحافظ ص271؛ والمقاصد النحوية 3/ 257؛ وهمع الهوامع 1/ 66، 2/ 27.
541-
البيت من الخفيف، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 19؛ والدرر 4/ 128؛ وشرح التصريح 2/ 4؛ وشرح شذور الذهب ص172؛ وشرح شواهد المغني ص874؛ ومغني اللبيب ص491؛ والمقاصد النحوية 3/ 259؛ وهمع الهوامع 2/ 27.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
542-
وأم أو عال كها أو أقربا
وقوله:
543-
ولا ترى بعلا ولا حلائلا
…
كه ولا كهن إلا حاظلا
وهذا مختص بالضرورة.
تنبيه: قوله ونحوة يحتمل ثلاثة أوجه: الأول أن يكون إشارة إلى بقية ضمائر الغيبة المتصلة كما في قوله: كه ولا كهن. الثاني أن يكون إشارة إلى بقية الضمائر مطلقًا، وقد شذ دخول الكاف على ضمير المتكلم والمخاطب، كقوله:
ــ
شيء به في رب فتنبه. قوله: "دائبًا" أي إرثًا دائبًا أي دائمًا. قوله: "وأم أو عال كها أو أقربا" صدره:
خلى الذنابات شمالًا كثبا
وضمير خلى لحمار وحشي والذنابات بفتح الذال المعجمة اسم موضع، وشمالًا ظرف أي ناحية شماله وكثبًا بفتح الكاف والمثلثة أي قريبًا منه، والمفعول الثاني لخلى إما شمالًا وكثبًا حال، أو بالعكس وأم أو عال اسم موضع مرتفع، وهو منصوب عطفًا على الذنابات، أو مرفوع بالابتداء خبره كها أي كالذنابات، وأقربا على الأول معطوف على محل الجار والمجرور وعلى الثاني معطوف على المجرور. قوله:"ولا ترى بعلًا" أي زوجًا ولا حلائلًا أي زوجات كه أي كالحمار الوحشي، ولا كهن أي الأتن إلا حاظلًا استثناء من بعلًا، والحاظل المانع من التزويج كالعاضل، وكانت عادة الجاهلية إذا طلقوا امرأة منعوها أن تتزوج بغيرهم إلا بإذنهم. قوله:"وهذا مختص بالضرورة" أي خلافًا لما توهمه عبارة المصنف من أن دخول الكاف على ضمائر الغيبة المتصلة قليل فقط، حيث شبهه بربه مع أنه قليل جدًا، وضرورة ويجاب بأن التشبيه في أصل القلة، قوله:"مطلقًا" أي سواء كانت ضمائر غيبة أو تكلم أو خطاب متصلة أو منفصلة. قوله: "وقد شذ إلخ" غرضه التورك على المتن إذا حملت عبارته على الاحتمال الثاني بإيهام عبارته أن دخول الكاف
542- الرجز للعجاج في ملحق ديوانه 2/ 269؛ وأوضح المسالك 3/ 16؛ وجمهرة اللغة ص61؛ وخزانة الأدب 10/ 195، 196؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 95؛ وشرح شواهد الشافية ص345؛ والكتاب 2/ 384؛ ومعجم ما استعجم ص212؛ والمقاصد النحوية 3/ 253؛ وبلا نسبة في شرح ابن عقيل ص356؛ وشرح المفصل 8/ 16، 42، 44.
543-
الرجز لرؤية في ديوانه ص128؛ وخزانة الأدب 10/ 195، 196؛ والدرر 5/ 268، 4/ 152؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 163؛ وشرح التصريح 2/ 4؛ والمقاصد النحوية 3/ 256؛ وللعجاج في الكتاب 2/ 384؛ وليس في ديوانه؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 18؛ وجواهر الأدب ص124؛ ورصف المباني ص204؛ وشرح ابن عقيل ص357؛ وشرح عمدة الحافظ ص269؛ وهمع الهوامع 2/ 30.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
544-
وإذا الحرب شمرت لم تكن كي
وكقول الحسن: أنا كك وأنت كي. وأما دخولها على ضمير الرفع نحو ما أنا كهو، وما أنا كأنت، وما أنت كأنا، وعلى ضمير النصب نحو ما أنا كإياك وما أنت كإياي، فجعله في التسهيل أقل من دخول على ضمير الغيبة المتصل. قال المرادي: وفيه نظر بل إن لم يكن أكثر فهو مساو. والثالث أن يكون إشارة إلى بقية ما يختص بالظاهر، أي أن بقية ما يختص بالظاهر دخوله على الضمير قليل كقوله:
545-
فلا والله لا يلفي أناس
…
فتى حتاك يا ابن أبي زياد
وقوله:
ــ
على غير ضمائر الغيبة من بقية الضمائر كدخولها على ضمائر الغيبة مع أنه دون دخولها على ضمائر الغيبة؛ لأنه شاذ يحفظ ولا يقاس عليه بخلاف دخولها على ضمائر الغيبة فجائز ضرورة حتى لنا. قوله: "وإذا الحرب شمرت" أي نهضت وكي بكسر الكاف لمناسبة ياء المتكلم، كما في الدماميني عن سيبويه. قوله:"وأما دخولها" مقابل لمحذوف أي هذا دخولها على ضمير الجر وأما إلخ. قوله: "فجعله في التسهيل أقل" يتجه لي أن المراد الأقلية من حيث القياس، وحينئذٍ لا يرد عليه نظر المرادي الذي سيذكره الشارح، وأن وجه أقليته أنه شاذ من جهتين كون مدخول الكاف ضميرا، وكون ذلك الضمير ضمير رفع أو نصب بخلاف ما مر، فإن شذوذه من الجهة الأولى، فاعرفه فإنه في غاية النفاسة.
قوله: "قال المرادي وفيه نظر إلخ" حاصله منع الأقلية بأنه إن لم يكن أكثر في لسان العرب كان مساويا. قوله: "كقوله" أي في حتى الجارة التي الكلام فيها أما حتى العاطفة، فتدخل على المضمر كضربتهم حتى إياك. وقال ابن هشام الخضراوي: لا تعطف إلا الظاهر كالجارة. ا. هـ. فارضي. قوله: "فلا والله إلخ" الفاء عاطفة ولا لتأكيد لا في جواب القسم على ما قاله العيني وغيره، وفيه أن الحقيق بكونه تأكيدا لا الثانية دون الأولى، فيكون القسم مقحما بين النافي والمنفي إلا أن يراد التوكيد اللغوي، ولا يلفى جوابه أي لا يجد وأناس فاعل وفتى مفعول، وقوله
544- عجزه:
حين تدعو الكماة فيها نزال
والبيت من الخفيف، وهو لبشار بن برد في ديوانه، والدرر 4/ 154؛ وبلا نسبة في خزانة الأدب 10/ 197، 198؛ والمقاصد النحوية 3/ 265؛ وهمع الهوامع 2/ 31.
545-
البيت من الوافر، وهو بلا نسبة في الجني الداني ص544؛ وجواهر الأدب ص408؛ وخزانة الأدب 9/ 474، 475؛ والدرر 4/ 111؛ ورصف المباني ص185؛ وشرح ابن عقيل ص355؛ والمقاصد النحوية 3/ 265؛ والمقر 1/ 194؛ وهمع الهوامع 2/ 23.
بعض وبين وابتدئ في الأمكنة
…
بمن وقد تأتي لبدء الأزمنة
546- أتت حتاك تقصد كل فج
…
ترجي منك أنها لا تخيب
ا. هـ.
وهذا شروع في ذكر معاني هذه الحروف "بعض وبين وابتدئ في الأمكنة بمن" أي تأتي من لمعان، وجملتها عشرة اقتصر منها هنا على الخمسة الأولى الأول التبعيض
ــ
حتاك أي إليك أي إلى لقيك، والمعنى لا يجدون فتى إلى أن يلقوك فحينئذٍ يجدون الفتى هذا ما ظهر لي. قوله:"في ذكر معاني إلخ"، اعلم أن مذهب البصريين أن حروف الجر لا ينوب بعضها عن بعض قياسًا، كما لا تنوب حروف الجزم والنصب عن بعض، وما أوهم ذلك محمول على نحو تضمين الفعل معنى فعل يتعدى بذلك الحرف، أو على شذوذ النيابة، فالتجوز عندهم في غير الحرف أو في الحرف لكن على الشذوذ، وجوز الكوفيون واختاره بعض المتأخرين نيابة بعضها عن بعض قياسًا، كما في التصريح والمغني، وإن اقتضى كلام البعض خلافه، فالتجوز عندهم في الحرف قال في المغني: وهذا المذهب أقل تعسفًا.
قوله: "بمن" قال في الهمع الغالب في نون من إذا وليها ساكن أن تكسر مع غير لام التعريف، وتفتح معها وحذفها مع لام لم تدغم فيما بعدها قال ابن مالك: قليل وابن عصفور: ضرورة وأبو حيان: كثير حسن، فإن كانت اللام مدغمة لم يجز حذف النون، فلا يقال في من الظالم ومن الليل: م الظالم وم الليل ونظيره حذف نون بني، فإنهم لا يحذفونها إلا إذا لم تدغم اللام بعدها، وأما نون عن، فالغالب فيها الكسر مطلقًا مع اللام وغيرها، وحكى الأخفش ضمها مع اللام قال أبو حيان: وليس له وجه من القياس. ا. هـ. باختصار. قوله: "أي تأتي من لمعان" أشار به إلى أن الأمر في كلام المصنف ليس على حقيقته، إذ المراد الإخبار عما نقل عن العرب لا طلب ذلك، وظاهر كلام الشارح أن المعاني العشرة حقائق، والظاهر خلافه وأن الزيادة وما عدا التعليل من الخمسة الأخيرة مجازية لعدم تبادرها الذي هو علامة الحقيقة. قوله:"على الخمسة الأولى"، قد ذكر الخامس بقوله ومن وباء يفهمان بدلًا.
قوله: "التبعيض" إن أريد به التبعيض الملحوظ لغيره أي لكونه حالة بين المتعلق والمجرور، وآلة لربط أحدهما بالآخر فلا مسامحة في العبارة، وإن أريد به مطلق التبعيض كان في العبارة مسامحة؛ لأن معنى من ليس مطلق التبعيض بل التبعيض الملحوظ لغيره لما تقرر أن معنى الحرف في غيره، وقس على ذلك بقية المعاني الآتية للحروف قال في المطول والمختصر: قال صاحب المفتاح: المراد بمتعلقات معاني الحروف ما يعبر بها عنها عند تفسير معانيها مثل قولنا: من معناها ابتداء الغاية وفي معناها الظرفية، وكي معناها الغرض فهذه ليس معاني الحروف، وإلا لما كانت حروفًا بل أسماء؛ لأن الاسمية والحرفية إنما هما باعتبار المعنى، وإنما هي متعلقات لمعانيها أي إذا
_________
546-
البيت من الوافر، وهو بلا نسبة في الدرر 4/ 111؛ وشرح التصريح 2/ 3؛ وشرح شواهد المغني ص370؛ ومغني اللبيب ص123؛ وهمع الهوامع 2/ 23.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
نحو: {حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92] ، وعلامتها أن يصح أن يخلفها بعض، ولهذا قرئ بعض ما تحبون. الثاني بيان الجنس نحو:{فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ} [الحج: 30]، وعلامتها أن يصح أن يخلفها اسم موصول. الثالث ابتداء الغاية في الأمكنة باتفاق نحو:{مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى} [الإسراء: 1]، "وقد تأتي لبدء الغاية في "الأزمنة" أيضًا خلافًا لأكثر البصريين نحو: {لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى
ــ
أفادت هذه الحروف معاني رجعت تلك المعاني إلى هذه بنوع استلزام. ا. هـ. وكتب سم على قوله معاني الحروف ما نصه كالابتداء المخصوص والظرفية المخصوصة، والغرض المخصوص وكتب على قوله بنوع استلزام ما نصه؛ لأن الخواص تستلزم العوام. ا. هـ. وبذلك يفهم أن قول الشارح أن يخلفها بعض أي في أصل المعنى لا من كل وجه، وأن مراده بقوله: الخامس أن تكون بمعنى بدل توافقهما في أصل المعنى، وكذا يقال في نظائر ذلك من العبارات المتسامح فيها، ولا خلاف في كون المعنى المستعمل فيه الحرف جزئيا ملحوظا للغير، وإنما اختلفوا في كون هذا الجزئي هو الموضوع له أولا، ذهب إلى الأول العضد والسيد، ومن وافقهما فقالوا: معاني الحروف جزئيات وضعا واستعمالا، فمن مثلًا موضوعة لكل فرد من الابتداآت الجزئية الملحوظة للغير مستحضرة بكلي يعمها. وذهب إلى الثاني الأوائل فقالوا: هي كليات وضعًا جزئيات استعمالًا. قال عبد الحكيم في حاشية المطول: ذهب الأوائل إلى أنها موضوعة للمعاني الكلية الملحوظة لغيرها، فلهذا شرط الواضع في دلالتها ذكر الغير معها، فمعنى من مثلًا هو الابتداء لكن من حيث إنه آلة لتعرّف حال غيره، فلهذا وجب ذكر الغير، وهذا ما اختاره الشارح في تصانيعه. ا. هـ. يعني التفتازاني. وما قيل: يلزم حينئذٍ أن لا تستعمل إلا في معان جزئية، فيلزم أن تكون مجازات لا حقائق لها، مع أنهم ترددوا في أن المجاز يستلزم الحقيقة أولًا مدفوع بأن هذا إنما يلزم لو كان استعمالها في الجزئيات من حيث خصوصياتها، أما إذا كان من حيث أنها أفرادها المعاني الكلية فلا. ا. هـ. باختصار. وبسط الكلام على ذلك في رسالتنا البيانية.
قوله: "أن يخلفها اسم موصول" أي مع ضمير يعود على ما قبلها لكن هذا إن كان ما قبلها معرفة، فإن كان نكرة فعلامتها أن يخلفها الضمير فقط نحو:{مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ} [الكهف: 31]، أي هي ذهب ولو قال: أن يصح الإخبار بما بعدها عما قبلها لكان أحسن. واعلم أن من البيانية مع مجرورها ظرف مستقر في محل نصب على الحالية، إن كان ما قبلها معرفة ونعت تابع لما قبلها في إعرابه إن كان نكرة. قوله:"ابتداء الغاية" يعني المسافة لا معناها الحقيقي الذي هو آخر الشيء، فهو من تسمية الكل باسم الجزء، وعلامتها أن يحسن في مقابلتها إلى أو ما يفيد فائدتها، نحو أعوذ بالله من الشيطان الرجيم؛ لأن معنى أعوذ بالله ألتجىء إليه فالباء هنا أفادت معنى الانتهاء نقله الشمني عن الرضي. قوله:"في الأمكنة" الأول أن يراد بها ما عدا الأزمنة، فيشمل ما ليس زمانًا ولا مكانًا نحو:{إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ} [النمل: 30] . قوله: "نحو لمسجد أسس على التقوى من أول يوم" إن أريد بالتأسيس البناء، فالابتداء ظاهر أو مجرد وضع
وزيد في نفي وشبهه فجر
…
نكرة كما لباغ من مفر
ــ
مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ} [التوبة: 108]، وقوله:
547-
تخيرن من أزمان يوم حليمة
…
إلى اليوم قد جرين كل التجارب
الرابع التخصيص على العموم أو تأكيد التنصيص عليه وهي الزائدة، لها شرطان: أن يسبقها نفي أو شبهه وهو النهي والاستفهام، وأن يكون مجرورها نكرة وإلى ذلك الإشارة بقوله:"وزيد في نفي وشبهه فجر نكرة"، ولا تكون هذه النكرة إلا مبتدأ "كما لبغ من مفر"، أو فاعلًا نحو لا يقم من أحد، أو مفعولًا به، نحو:{هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ} [الملك:
ــ
الأساس فمن يعني في كما قاله الرضي قال: ومن في الظروف كثيرًا ما تقع بمعنى في نحو جئت من قبل زيد ومن بعده، {وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ} [فصلت: 5] . قوله: "تخيرن" مبني للمجهول أي اصطفين، وضميره يرجع إلى السيوف، ويوم حليمة من أيام حروب العرب المشهورة وحليمة بنت الحرث بن أبي شمر ملك غسان، وجه أبوها جيشًا إلى المنذر بن ماء السماء، فأخرجت لهم طيبًا وطيبتهم فلما قدموا على المنذر، قالوا له: أتيناك من عند صاحبنا، وهو يدين لك، ويعطيك حاجتك فتباشر هو وأصحابه، وغفلوا بعض الغفلة، فحمل ذلك الجيش على المنذر وقتلوه. ويقال: إنه ارتفع في ذلك اليوم من العجاج ما غطى عين الشمس. والتجارب كمساجد جمع تجربة كذا في المصباح.
قوله: "ولها شرطان" يؤخذ من الشرح شرط ثالث، وهو كون النكرة فاعلًا أو مفعولًا به، أو مبتدأ أي أو مفعولًا مطلقًا على ما جنح إليه ابن هشام ومثل له تبعًا لأبي البقاء بقوله تعالى:{مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: 38] ، أي من تفريط، فلا تزاد مع غير هذه الأربعة عند الجمهور وقيل: تزاد قبل الحال كقراءة من قرأ: {مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ} [الفرقان: 18] ، ببناء نتخذ للمفعول، وتقدم في باب الحال عن ابن هشام رده بأنه يلزم على الحالية إثبات الملائكة لأنفسهم الولاية، وجعل ابن مالك من الداخلة على الظروف التي لا تتصرف زائدة كما مر في محله. قوله:"أن يسبقها نفي أو شبهه"، فلا تزاد في الإثبات ويستثنى منه تمييز كم الخبرية إذا فصل بينه وبين كم فعل متعد نحو:{كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ} [الدخان: 25]، كما نقله التفتازاني عن القوم. قوله:"والاستفهام" أي بهل وكذا الهمزة على الأوجه، فلا تزاد مع غيرهما لعدم السماع؛ ولأن غيرهما لا يطلب به التصديق بل التصور بخلافهما، فإن هل لطلب التصديق فقط والهمزة له ولطلب التصور. قوله:"إلا مبتدأ" أي ولو في الأصل، فدخل فيه أول مفعولي ظن، وثاني مفاعيل أعلم كما قاله الدماميني. قوله:"أو مفعولًا به" أي حقيقة، فخرج
547- البيت من الطويل، وهو للنابغة الذبياني في ديوانه ص45؛ وخزانة الأدب 3/ 331؛ وشرح التصريح 2/ 8؛ وشرح شواهد المغني ص349، 731؛ ولسان العرب 1/ 261 "جرب"، 12/ 149 "حلم"؛ ومغني اللبيب ص319؛ والمقاصد النحوية 3/ 270؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 22؛ وشرح ابن عقيل ص358.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
3] ، والتي لتنصيص العموم هي التي مع نكرة لا تختص بالنفي، والتي لتأكيده هي التي مع نكرة تختص به كأحد وديار. وذهب الكوفيون إلى عدم اشتراط النف وشبهه، وجعلوها زائدة نحو قولهم: قد كان من مطر. وذهب الأخفش إلى عدم اشتراط الشرطين معًا، فأجاز زيادتها في الإيجاب جارة لمعرفة وجعل من ذلك قوله تعالى:{يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ} [الأحقاف: 31]، الخامس أن تكون بمعنى بدل نحو:{أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآَخِرَةِ} [التوبة: 38]، وقوله:
548-
أخذوا المخاض من الفصيل غلبة
…
ظلمًا ويكتب لللأمير أفيلا
ــ
ثاني مفعولي ظن وثالث مفاعيل أعلم؛ لأنهما خبران في الأصل لا مفعولان حقيقة، والمفعول حقيقة ما يتضمنه ثانيهما مضافًا إلى أولهما، إذ المظنون في ظننت زيدًا قائمًا قيام زيد قاله الدماميني.
قوله: "هي التي مع نكرة لا تختص بالنفي" أي؛ لأنها قبل دخول من تحتمل نفي الوحدة بمرجوحية ونفي الجنس على سبيل العموم براجحية، فدخولها منصص على الثاني، فيمتنع أن يقال: ما جاءني من رجل بل رجلان. فإن قلت: إذا أفادت التنصيص فكيف تكون زائدة؟ قلت: المراد بزيادتها وقوعها في موضع يطلبه العامل بدونها، فتكون مقحمة بين طالب ومطلوب، وإن كان سقوطها مخلًا بالمقصود قاله المصرح. قوله:"مع نكرة تختص به" أي بالنفي أو شبهه وإنما كانت لتأكيده؛ لأن النكرة الملازمة للنفي تدل على العموم نصًا، فزيادة من تأكيد لذلك. قوله:"وذهب الكوفيون" أي بعضهم أما الكسائي وهشام منهم، فيوافقان الأخفش في عدم اشتراط الشرطين معًا، واختاره في التسهيل كذا في الهمع. قوله:"وجعلوها زائدة إلخ" أجيب بأن من تبعيضية أو بيانية لمحذوف أي قد كان شيء من مطر. واعترض بأن حذف الموصوف وإقامة الجملة، أو الظرف مقامه قليل لا سيما إذا كان الموصوف فاعلًا. وأجيب أيضًا بأن الفاعل ضمير مستتر يعود إلى اسم فاعل تضمنه الفعل، والتقدير كان هو أي كائن من جنس المطر، والظرف مستقر حال من الضمير، وبأن زيادتها في ذلك حكاية كأنه سئل هل كان من مطر، فأجيب بذلك على سبيل حكاية السؤال كما قالوا: دعنا من تمرتان كذا في الدماميني.
قوله: "وجعل من ذلك قوله تعالى إلخ"، أجيب بأن من للتبعيض ولا ينافيه قوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} ؛ لأن الذنوب في الأول ذنوب أمة نوح عليه عليه الصلاة والسلام. وفي الثاني ذنوب أمة نبينا عليه أفضل الصَّلاة والسَّلام على أنه لا يناقض الموجبة الجزئية، إلا السالبة الكلية لا الموجبة الكلية. قوله:"أخذوا إلخ" أي عمال الزكاة والمخاض النوق الحوامل
548- البيت من الكامل، وهو للراعي النميري في ديوانه ص242؛ وتذكرة النحاة ص311؛ وشرح شواهد الإيضاح ص607؛ وشرح شواهد المغني 2/ 736؛ وبلا نسبة في جواهر الأدب ص273؛ وشرح المفصل 6/ 44؛ ومغني اللبيب 1/ 320.
للآنتها حتى ولام وإلى
…
ومن وباء يفهمان بدلًا
ــ
السادس الظرفية نحو: {مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ} [الأحقاف: 4]، {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ} [الجمعة: 9] . السابع التعليل نحو: {مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا} [نوح: 25] وقوله:
549-
يغضي حياء ويغضى من مهابته
الثامن موافقة عن نحو: {يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا} [الأنبياء: 97] . التاسع موافقة الباء نحو: {يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ} [الشورى: 45] . العاشر موافقة على نحو: {وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا} [الأنبياء: 77] ، "للآنتها حتى ولام وإلى" أي تكون هذه الثلاثة لانتهاء الغاية في الزمان والمكان، وإلى أمكن في ذلك من حتى؛ لأنك تقول
ــ
لا واحد لها من لفظها بل من معناها وهو خلفة، والفصيل ولد الناقة إذا فصل عنها، والغلبة بالغين المعجمة واللام المضمومتين وتشديد الموحدة الغلبة، والأفيل صغير الإبل لأفوله أي غيبته بينها، ونصبه بفعل محذوف أي أدّى فلان أفيلًا. قوله:"ماذا خلقوا من الأرض إلخ" كونها للظرفية، أو بمعنى عن. أو الباء. أو على مذهب الكوفيين، وللبصريين أن يجعلوها في هذه الآية لبيان الجنس، وفي:{يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا} [الأنبياء: 97]، للابتداء لإفادة أن ما بعد ذلك من العذاب أشد. قال الدماميني قال ابن هشام: وعلى هذا تكون متعلقة بويل كما في: {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ} [ص: 27]، لكن التعلق في آية:{يَا وَيْلَنَا} [الأنبياء: 14] ، معنوي لا صناعي للفصل. ا. هـ. ملخصًا وكذا، {يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ} [الشورى: 45] ، وفي:{وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا} [الأنبياء: 77]، على تضمين نصر معنى نجى كما قيل بكل ذلك. وقال الدماميني والشمني: إن أريد كون الظرف آلة للنظر فمن بمعنى الباء أو مبدأ له، فهي للابتداء فهما معنيان متغايران موكولان إلى إرادة المستعمل، قوله:"موافقة عن" أي لازم موافقتها وهو المجاوزة وكذا يقال في نظائره الآتية، ومن التي للمجاوزة على أظهر أوجه في الهمع الداخلة على ثاني المتضادين نحو:{وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ} [البقرة: 220]، {حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} [آل عمران: 179] . قوله: "موافقة الباء" أي باء الاستعانة دماميني.
قوله: "وإلى أمكن في ذلك" أي أقوى لاستعمالها فيما لم تستعمل فيه حتى بما بينه الشارح؛ ولأنه يجوز كتبت إلى زيد، وأنا إلى عمرو أي هو غايتي وسرت من البصرة إلى الكوفة ولا
549- عجزه:
فما يكلم إلا حين يبتسم
والبيت من البسيط، وهو للحزين الكناني "عمرو بن عبد وهيب" في الأغاني 15/ 263؛ ولسان العرب 13/ 114 "حزن"؛ والمؤتلف والمختلف ص89؛ وللفرزدق في ديوانه 2/ 179؛ وأمالي المرتضى 1/ 68؛ وشرح ديوانه الحماسة للمرزوقي ص1622؛ وشرح شواهد المغني 2/ 732؛ ومغني اللبيب 1/ 320؛ والمقاصد النحوية 2/ 513؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 146؛ وشرح المفصل 2/ 53.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
سرت البارحة إلى نصفها، ولا يجوز حتى نصفها؛ لأن مجرور حتى يلزم أن يكون آخرًا أو متصلًا بالآخر نحو: أكلت السمكة حتى رأسها ونحو: {سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} [القدر: 5]، واستعمال اللام للانتهاء قليل نحو:{كُلٌّ جْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى} [الرعد: 2] ، وسيأتي الكلام على بقية معانيها في هذا الكتاب، وعلى بقية أحكام حتى في باب إعراب الفعل، وأما إلى فلها ثمانية معان: الأول انتهاء الغاية مطلقًا كما تقدم. الثاني المصاحبة نحو: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ} [النساء: 2] ، الثالث التبيين وهي المبينة لفاعلية مجرورها بعد ما يفيد حبًا، أو بغضًا من فعل تعجب أو اسم تفضيل نحو:{رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ} [يوسف: 33] : الرابع موافقة اللام نحو: {وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ} [النمل: 33]، وقيل: لانتهاء أي منته إليك: الخامس موافقة في نحو: {لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} [النساء:
ــ
يجوز حتى زيد وحتى عمرو لوضع حتى لإفادة تقضي الفعل قبلها شيئًا فشيئًا إلى الغاية، وليس ما قبل حتى في المثالين مقصودًا به التقضي، ولا حتى الكوفة لضعف حتى في الغاية، فلم يقابلوا بها ابتداء الغاية ذكره في المغني، ولا ينافيه أن حتى قد تستعمل فيما لم يستعمل فيه إلى، وهو جر أن المضمرة والمضارع المنصوب بها نحو سرت حتى أدخلها؛ لأنه قد يلتزم أن ما انفردت به إلى أكثر مما انفردت به حتى، وظاهر كلام المصنف والشارح أن حتى الجارة للانتهاء دائمًا، ومحله ما لم تدخل على المضارع المنصوب بأن المضمرة، وإلا فقد تكون له، وقد تكون للتعليل وللاستثناء كما سيأتي قاله الدماميني. قوله:"لأن مجرور حتى إلخ"، خالفه في التسهيل، فقال: لا يلزم كونه آخر جزء ولا ملاقي آخر جزء خلافًا لزاعم ذلك. قوله: "أن يكون آخرًا إلخ" أي وأن يكون ظاهرًا لا ضميرًا إلا ما شذ كما سيأتي. قيل: لأنها لو دخلت على الضمير قلبت ألفها ياء كما في إلى وعلى ولدي، وهي فرع عن إلى، فيلزم مساواة الفرع لأصله بلا ضرورة، قوله:"نحو أكلت السمكة إلخ" فيه لف ونشر مرتب. قوله: "ونحو سلام هي إلخ" نقل يس عن ابن هشام أن حتى متعلقة بتنزل لا بسلام، ويلزم عليه الفصل بين العامل والمعمول بجملة سلام هي. قوله:"انتهاء الغاية مطلقًا" أي في الزمان والمكان في الآخر، والمتصل بالآخر وغيرهما. قوله:"الثاني المصاحبة" قال بذلك الكوفيون وجماعة من البصريين، ومن أنكره جعلها في مثل الآية التي ذكرها الشارح للانتهاء والمعنى، ولا تأكلوا أموالهم مضمومة إلى أموالكم. دماميني.
قوله: "نحو ولا تأكلوا إلخ" أي من كل تركيب اشتمل على ضم شيء إلى آخر في كونه محكومًا به على شيء، أو محكومًا عليه بشيء، أو متعلقًا بشيء سواء كان من جنسه أو لا، فلا يجوز إلى زيد مال بمعنى مع زيد مال إذ ليس فيه ضم شيء إلى آخر في شيء مما ذكرنا كذا في المغني والشمني. قوله:"من فعل تعجب أو اسم تفضيل"، أي مشتقين من لفظي الحب والبغض كذا قاله الشمني، وأقره شيخنا والبعض، ويظهر لي أن المشتق مما في معناهما كالمشتق منهما نحو ودّ وكره، ويشير إليه قول الشارح بعدما يفيد حبًا أو بغضًا فتدبر. ثم رأيت في
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
87، الأنعام: 12] ، وقوله:
550-
فلا تتركني بالوعيد كأنني
…
إلى الناس مطلي به القار أجرب
السادس موافقة من كقوله:
551-
تقول وقد عاليت بالكور فوقها
…
أيسقى فلا يروى إلي ابن أحمرا
السابع موافقة عند كقوله:
552-
أم لا سبيل إلى الشباب وذكره
…
أشهر إلي من الرحيق السلسل
الثامن التوكيد وهي الزائدة، أثبت ذلك الفراء مستدلًا بقراءة بعضهم:{أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ} [إبراهيم: 37] ، بفتح الواو. وخرجت على تضمين تهوى معنى تميل.
ــ
الدماميني ما يؤيده وسيأتي. قوله: "موافقة اللام" أي الاختصاصية. قوله: "نحو ليجمعنكم إلخ"، وقيل: ضمن يجمع معنى يضم. قوله: "وقوله" أي النابغة الذبياني يخاطب النعمان بن المنذر.
قوله: "مطليّ" أي جمل مطلي به القار أي الزفت فيه قلب نكتته الإشارة إلى كثرة القار التي تزيد في النفرة عنه، فافهم واعترض جعل إلى بمعنى في بأنه لو صح ذلك لساغ أن يقال: زيد إلى الكوفة بمعنى فيها، وهو لا يجوز فتجعل إلى متعلقة بمحذوف أي مضافًا إلى الناس، وفيه نظر إذ الظاهر جواز زيد إلى الكوفة بمعنى فيها على مذهب الكوفيين، الذي عد هذه المعاني عليه كما علم مما مر. قوله:"تقول" أي الناقة وقد عاليت أي علوت بالكور بكاف مضمومة، ثم راء الرحل والباء بمعنى على ويسقى مبني للمجهول، فلا يروى مضارع روى من باب رضى أي زال عطشه والسقي كناية عن الركوب، وعدم الارتواء كناية عن عدم السآمة من الركوب، وابن أحمر هو عمرو بن أحمر قائل البيت. وكل من إلى وابن أحمر معمول ليسقى أو تنازعهما الفعلان.
550- البيت من الطويل، وهو للنابغة الذبياني في ديوانه ص73؛ وأدب الكاتي ص506؛ والأزهية ص273؛ والجني الداني ص387؛ وخزانة الأدب 9/ 465؛ والدرر 4/ 101؛ وشرح شواهد المغني ص 223؛ ولسان العرب 15/ 435؛ وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص798؛ وجواهر الأد ص343؛ ورصف المباني ص83؛ ومغني اللبيب ص75؛ وهمع الهوامع 2/ 20.
551-
البيت من الطويل، وهو لابن أحمر في ديوانه ص84؛ وأدب الكاتب ص511؛ والجني الداني ص388؛ والدرر 4/ 102؛ وبلا نسبة في شرح شواهد المغني 1/ 225؛ ومغني اللبيب 1/ 75؛ وهمع الهوامع 2/ 20.
552-
البيت من الكامل، وهو لأبي كبير الهذلي في أدب الكاتب ص512؛ والجني الداني ص389؛ والدرر 4/ 102؛ وشرح أشعار الهذليين 3/ 1069؛ وشرح شواهد المغني 1/ 226؛ ولسان العرب 11/ 343 "سلسل"، والمقاصد النحوية 3/ 54؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 5/ 237؛ والاشتقاق ص479؛ ومغني اللبيب 1/ 74؛ وهمع الهوامع 2/ 20.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تنبيه: إن دلت قرينة على دخول ما بعد إلى، وحتى نحو قرأت القرآن من أوله إلى آخره. ونحو قوله:
553-
ألقى الصحيفة كي يخفف رحله
…
والزاد حتى نعله ألقاها
أو على عدم دخوله نحو: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: 187]، ونحو قوله:
ــ
قوله: "وذكره إلخ" جملة حالية، والرحيق من أسماء الخمر والسلسل السهل الدخول في الحلق، ويظهر لي أنه لا مانع من جعل إلى في البيت للتبيين كهي في زيد أحب إليّ لوجود ضابطها تأمل، ثم رأيت الدماميني صرح به فللَّه الحمد، قوله:"نحو قرأت القرآن إلخ" قال: سم كأن القرينة هنا وقوع القرآن الظاهر في جميعه مفعولاً لقرآن. ا. هـ. وفيه إشارة إلى أن القرآن قد يستعمل في القدر المشترك الصادق بالقليل والكثير، وقيل: القرينة ظهور إرادة الاستيفاء. قوله: "ألقى الصحيفة" الضمير في ألقى يرجع إلى المتلمس كان هو وطرفة بن العبد هجوا عمرو بن هند، فبلغه ذلك فلم يظهر لهما شيئاً، ثم مدحاه فكتب لكل منهما كتابا إلى عامله بالحيرة، وأوهم أنه كتب لكل بصلة فلما وصلا الحيرة، قال المتلمس لطرفة: إنا هجوناه ولعله اطلع على ذلك ولو أراد أن يصلنا لأعطانا، فهلم ندفع الكتابين إلى من يقرؤهما، فإن كان خيرا، وإلا فررنا فامتنع طرفة ونظر المتلمس إلى غلام قد خرج من المكتب، فقال له أتحسن القراءة قال: نعم، فأعطاه الكتاب فقرأه فإذا فيه قتله، فألقاه في النهر وفر إلى الشام وأتى طرفة إلى عامل الحيرة بالكتاب فقتله. وقوله حتى نعله بالجر؛ لأن الكلام في حتى الجارة كما هو ظاهر، وإن روي أيضا بالنصب على الاشتغال، فحتى ابتدائية والهاء في ألقاها للنعل أو على العطف، فحتى عاطفة والهاء للنعل أو الصحيفة، أو الثلاثة وجملة ألقاها توكيد والرفع على الابتداء، فحتى ابتدائية والهاء للنعل، والقرينة على دخول النعل فيما قبل حتى قوله ألقاها بناء على الظاهر من عود الهاء إلى النعل، أو الثلاثة وأورد أن الذي قبل حتى الصحيفة، والزاد والنعل غير داخلة فيها قطعا. وأجيب بتأويلهما بالمثقل وهو يشمل النعل، فكأنه قال ألقى ما يثقله حتى نعله. ولما كانت النعل متصلة بالآخر، وهو القدم جرها بحتى.
قوله: "ثم أتموا الصيام إلى الليل" القرينة نهى الشارع عن المواصلة، وكون الصيام شرعاً إنما هو الإمساك عن المفطر جميع النهار، وإلى متعلقة بالصيام لكونه مما يمتد لا بأتموا؛ لأن الإتمام فعل
553- البيت من الكالم، وهو للمتلمس في ديوانه ص327؛ وشرح شواهد المغني 1/ 370؛ ولأبي "أو لابن" مروان النحوي في خزانة الأدب 3/ 21، 24؛ والدرر 4/ 113؛ وشرح التصريح 2/ 141؛ والكتاب 1/ 97؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص269؛ وأوضح المسالك 3/ 365؛ والجني الداني ص547، 553؛ وخزانة الأدب 9/ 472؛ والدرر 6/ 140؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 411؛ وشرح عمدة الحافظ ص614؛ ورصف المباني ص182؛ وشرح قطر الندى ص304؛ وشرح المفصل 8/ 19؛ ومغني اللبيب 1/ 24؛ وهمع الهوامع 2/ 24، 36.
واللام للملك وشبهه وفي
…
تعدية أيضًا وتعليل قفي
وزيد والظرفية استبن ببا
…
وفي وقد يبينان السببا
554- سقى الحيا الأرض حتى أمكن عزيت
…
لهم فلا زال عنها الخير محدودا
عمل بها، وإلا فالصحيح في حتى الدخول، وفي إلى عدمه مطلقًا حملًا على الغالب فيهما عند القرينة، وزعم الشيخ شهاب الدين القرافي أنه لا خلاف في وجوب دخول ما بعد حتى، وليس كما ذكر بل الخلاف مشهور، وإنما الاتفاق في حتى العاطفة لا الخافضة. والفرق أن العاطفة بمنزلة الواو. انتهى "ومن يفهمان بدلا"، أي تأتي من والباء بمعنى بدل أما من، فقد سبق بيان ذلك فيها وأما الباء، فسيأتي الكلام عليا قريبًا إن شاء الله تعالى، "واللام للملك وشبهه وفي تعدية أيضًا، وتعليل قفي وزيد" أي تأتي اللام الجارة لمعان جملتها أحد وعشرون معنى: الأول انتهاء الغاية وقد مر. الثاني الملك نحو المال لزيد. الثالث شبه الملك نحو الجل للدابة، ويعبر عنها بلام الاستحقاق أيضًا، لكنه غاير بينهما في التسهيل، وجعلها في شرحه الواقعة بين معنى وذات نحو: الحمد لله، و {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ} [المطففين: 1] ، وقد يعبر عن الثلاث بلام الاختصاص. الرابع التعدية، ومثل له
ــ
الجزء الأخير، فلا يمتد والمغيا لا بد أن يكون ممتدًا. قوله:"سقى الحيا" بالقصر وقد يمد أي المطر والقرينة دعاء الشاعر على ما بعد حتى بانقطاع الخير عنه. وقوله: محدودًا بحاء ودالين مهملات أي ممنوعًا، أو بجيم ودالين مهملتين أو معجمتين أي مقطوعًا قال الدماميني: ولا أعلم الرواية. قوله: "مطلقًا" أي سواء كان ما بعدها من جنس ما قبلها أولا، وهو راجع إلى الدخول في حتى وعدمه في إلى، والمقابل في الأول القول بعدم الدخول مطلقًا، والقول بأن ما بعدها إن كان من جنس ما قبلها دخل نحو سرت بالنهار حتى وقت العصر، وإلا فلا نحو سرت بالنهار حتى الليل، والمقابل في الثاني القول بالدخول مطلقًا، والقول بالتفصيل فالأقوال الثلاثة في كل من إلى، وحتى على الصحيح خلافًا للقرافي هذا ما تفيده عبارة الفارضي، وانظر حكم اللام إذا كانت للغاية والأقرب أنها كإلى. قوله:"للملك"، وهي الواقعة بين ذاتين ومدخولها يملك.
قوله: "نحو الجل للدابة" الجل بالضم والفتح ما تلبسه الدابة لتصان به. قاموس. قوله: "وجعلها" أي لام الاستحقاق، وعليه فلام شبه الملك هي الواقعة بين ذاتين، ومدخولها لا يملك، وقد تسمى لام الاختصاص أقول أو بين ذاتين ومصاحب مدخولها لا يملك نحو أنت لي، وأنا لك ولزيد ابن كما يؤخد من تمثيل الهمع للام الاختصاص بنحو:{إِنَّ لَهُ أَبًا} [يوسف: 78]، {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ} [النساء: 11] فتدبر. قوله: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ} التمثيل به مبني على أن ويل اسم للعذاب لا على أنه اسم واد في جهنم؛ لأنه على هذا اسم ذات. قوله: "وقد يعبر عن الثلاث
_________
554-
البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في شرح شواهد المغني 1/ 371؛ ومغني اللبيب 1/ 124.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
في شرح الكافية بقوله تعالى: {فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا} [مريم: 5] لكنه قال في شرح التسهيل: إن هذه اللام لشبه التمليك قال في المغني: والأولى عندي أن يمثل للتعدية بما أضرب لعمرو وما أحبه لبكر. الخامس التعليل نحولة حكم بين الناس وقوله:
555-
وإني لتعروني لذكراك هزة
السادس الزائدة، وهي إما لمجرد التوكيد كقوله:
556-
وملكت ما بين العراق ويثرب
…
ملكًا أجار لمسلم ومعاهد
وإما لتقوية عامل ضعف بالتأخير، أو بكونه فرعًا عن غيره نحو: {لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ
ــ
إلخ"، وقد يعبر بلام الاختصاص عن الواقعة بين ذاتين، ومدخولها لا يملك نحو الجلّ للدابة أو بين ذاتين، ومصاحب مدخولها لا يملك نحو لزيد ابن كما مر. قوله: "بلام الاختصاص" الراجح أن المراد بالاختصاص هنا التعلق والارتباط لا القصر. قوله: "الرابع التعدية" أي المجردة، فلا ينافي أنها في بقية المواضع للتعدية لكن مع إفادة شيء آخر قاله الحفيد. قوله: "بما أضرب زيدًا لعمرو إلخ" أي؛ لأن ضرب وحب مثلًا متعديان في الأصل، وببنائهما للتعجب نقلًا إلى فعل بضم العين، فصارا قاصرين ثم عديا بالهمزة إلى زيد، وباللام إلى عمرو وبكر هذا مذهب البصريين، ومذهب الكوفيين أن الفعلين باقيان على تعديتهما إلى المفعول كعمرو وبكر، وأنهما لم ينقلا، فليست اللام للتعدية وإنما هي مقوية للعامل لضعفه باستعماله في التعجب، وهذا الخلاف مبني على الخلاف في فعل التعجب المصوغ من متعد، فمذهب الكوفيين أنه يبقى على تعديته ومذهب البصريين أنه لا يبقى كذا في التصريح، واعلم أنه سيأتي في باب التعجب أن هذه اللام للتبيين، فلا تكون للتعدية المجردة اللهم إلا أن يكون فيها خلاف، فما هنا قول وما سيأتي قول آخر تأمل.
قوله: "السادس الزائدة" فيه أن الكلام في عد معاني اللام والزائدة ليست من معاني اللام، بل نفس اللام فكان الأولى أن يقول كما قال سابقًا ولاحقًا السادس التوكيد، وهي الزائدة وقول البعض كان الأولى أن يقول الزيادة غير مستقيم أيضًا، إذ الزيادة ليست من معاني اللام فافهم. قوله:"إما لمجرد التوكيد" هي الواقعة بين فعل ومفعوله، وبين المتضايفين نحو لا أبا لك على حد الأوجه فيه، وفائدتها تقوية المعنى دون العامل، فغايرت المزيدة لتقوية العامل. قوله:"وملكت" بتاء الخطاب. قاله الشاعر يمدح به عبد الواحد بن سليمان بن عبد الملك بن مروان. تصريح. قوله: "وإما لتقوية إلخ"، ولما لم تكن اللام المقوية زائدة محضة نظرًا لجهة التقوية تعلقت
555- راجع التخريج رقم 443.
556-
البيت من الكامل، وهو لابن ميادة في الأغاني 2/ 288؛ والدرر 4/ 170، 6/ 250؛ وشرح التصريح 2/ 11؛ وشرح شواهد المغني 2/ 580؛ والمقاصد النحوية 3/ 278؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 29؛ والجني الداني ص107؛ ومغني اللبيب 1/ 215؛ وهمع الهوامع 2/ 33، 157.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يَرْهَبُونَ} [الأعراف: 154]، {إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ} [يوسف: 43] ، ونحو:{مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ} [البقرة: 91]، {فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} [هود: 107] ، هذا ما ذكره الناظم في هذا الكتاب. السابع التملك نحو وهبت لزيد دينارًا. الثامن شبه التمليك نحو:{جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا} [النحل: 72] . التاسع النسب نحو لزيد أب ولعمرو عم. العاشر القسم والتعجب معًا كقوله:
لله يبقى على الأيام ذو حيد
ــ
بالعامل الذي قوته عند الموضح بخلاف الزائدة المحضة، فلا تتعلق بشيء أفاده في التصريح.
فائدة: قال في المغني قال ابن مالك: ولا تزاد لام التقوية مع عامل يتعدى لاثنين؛ لأنها إن زيدت في مفعوليه، فلا يتعدى فعل إلى اثنين بحرف واحد، وإن زيدت في أحدهما لزم الترجيح من غير مرجح، وهذا الأخير ممنوع؛ لأنه إذا تقدم أحدهما دون الآخر، وزيدت اللام في المقدم لم يلزم ذلك وقد قال الفارسي في قراءة من قرأ:"ولك وجهة هو موليها" بإضافة كل إنه من هذا وإن المعنى الله مولي كل ذي وجهة وجهته، فقدم المفعول الأول أو زيدت فيه لام التقوية، وحذف المضاف والمفعول الثاني. والضمير في موليها على هذا اللتولية المفهومة من مولى، وإنما لم يستغن عن تقدير المضاف، ويجعل الضمير للجهة لئلا يتعدى العامل إلى الظاهر وضميره معًا، ولهذا قالوا في الهاء من قوله:
هذا سراقة للقرآن يدرسه
إن الهاء مفعول مطلق لا ضمير القرآن. ا. هـ. بإيضاح وبعض تصرف وأجاب الدماميني عن ابن مالك بحمل كلامه على ما يذكر فيه المفعولان معًا مع كونهما متقدمين على العامل، أو متأخرين عنه، وأجاز التفتازاني في حاشية الكشاف الاستغناء عن تقدير المضاف، وجعل الضمير للجهة ودفع لزوم تعدي العامل إلى الظاهر، وضميره معًا بتقدير عامل للظاهر يفسره عامل الضمير أي لكل وجهة الله مول موليها، والمفعول الآخر على هذا محذوف أي أهلها نقله الشمني. قوله:"نحو وهبت لزيد دينارًا" فيه أن التمليك مستفاد من الفعل لا من اللام بدليل أنك لو أسقطت اللام، وقلت: وهبت زيدًا دينارًا كان الكلام صحيحًا دالًا على التمليك، ولو مثل بجعلت لزيد دينارًا لكان أحسن. قوله:"شبه التمليك إلخ" قد يقال: المفيد لشبه التمليك مجموع الكلام لا اللام وحدها، وكذا يقال في النسب بل، وفي التمليك على التمثيل له بجعلت لزيد دينارًا، كما هو التحقيق في التمثيل اللهم إلا أن يقال: لما توقف فهم شبه التمليك والنسب، والتمليك من التركيب على اللام نسبت إليها فتأمل. قوله:"نحو لزيد أب" جعل في الهمع من أمثلة لام الاختصاص: {إِنَّ لَهُ أَبًا} [يوسف: 78]، {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ} [النساء: 11] . قوله: "القسم والتعجب معًا" قولهم في باب التعجب: إن المفيد للتعجب التركيب بتمامه يدل على أن نسبة الدلالة على التعجب هنا إلى اللام، كنسبتهم الطلب إلى السين، والتاء على ما حققه السيد من أنها مجاز من نسبة ما للكل إلى الجزء
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ونحو: لله لا يؤخر الأجل. وتختص باسم الله تعالى. الحادي عشر التعجب المجرد عن القسم، ويستعمل في النداء كقولهم: يا للماء والعشب إذا تعجبوا من كثرتهما. وقوله:
557-
فيا لك من ليل كأن نجومه
…
بكل مغار الفتل شدت بيذبل
وفي غيره كقولهم: لله دره فارسًا. ولله أنت. وقوله:
558-
شباب وشيب وافتقار وثروة
…
فلله هذا الدهر كيف ترددا
الثاني عشر الضيرورة نحو: {فَالْتَقَطَهُ آَلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا} [القصص:
ــ
ا. هـ. دنوشري. قوله: "لله" بكسر اللام يبقى أي لا يبقى، والحيد بكسر المهملة ففتح التحتية جمع حيدة كبدرة وبدر العقدة في قرن الوعل وتمامه:
بمشخر به الظيّان والآس
بشين ثم خاء معجمتين الجبل العالي. والظيان بالظاء المشالة والتحتية المشددة ياسمين البر والآس شجر معروف. كذا في الشمني والدماميني. وقوله جمع حيدة أي بفتح فسكون كما يصرح به التنظير ببدرة وبدر، وإن كان المقيس جمعه على فعل فعلة بكسر، فسكون على ما يفيده قول المصنف في جمع التكسير ولفعلة فعل. والذي في القاموس أن اسم العقدة في قرن الوعل الحيد أي بفتح فسكون ثم قال: والجمع حيود وأحياد وحيد كعنب. ا. هـ فلعل في المفرد لغتين التأنيث بالتاء وتركه. والمعنى أن هذا الوعل لا يحتاج إلى الخروج إلى موضع يمكن أن يصاد فيه؛ لأن عنده المرعى المستلزم للماء غالبًا ومع هذا لا بد أن يفنى. قوله: "يا للماء والعشب" بفتح اللام على أنهما مستغاث بهما مجازًا لتشبيههما بمن يستغاث به حقيقة أي يا ماء، ويا عشب أقبلا فهذا وقتكما، واللام على هذا متعلقة بالفعل المحذوف بتضمينه هنا معنى أتعجب، وفي نحو يا لزيد لعمرو معنى ألتجىء على خلاف سيأتي، وبكسرها على أنهما مستغاث لأجلهما، والمستغاث به محذوف واللام متعلقة بالفعل المحذوف، والمعنى أدعو قومي للماء والعشب على خلاف أيضًا سيأتي. قوله:"فيا لك" الأظهر جعل ما بعدها مستغاثًا به مجازًا، والمغار اسم مفعول من أغرت الحبل فتلته، فإضافته إلى الفتل للمبالغة، وقوله: شدّت أي ربطت والباء في بيذبل بمعنى في ويذبل علم جبل لا ينصرف، وإنما جره لأجل الروي والمعنى كأن نجومه لطوله، وعدم غيبتها ربطت بالحبال المفتولة في يذبل، فلا تسير هذا ما ظهر لي.
قوله: "وثروة" أي غنى. قوله: "الصيرورة" أنكرها البصريون، وجعلوا اللام في مثالها للتعليل
557- البيت من الطويل، وهو لامرئ القيس في ديوانه ص19؛ وخزانة الأدب 2/ 412، 3/ 269؛ والدرر 4/ 166؛ وشرح شواهد المغني 2/ 574؛ وشرح عمدة الحافظ ص303؛ والمقاصد النحوية 4/ 269؛ وبلا نسبة في رصف المباني ص220؛ ومغني اللبيب 1/ 215؛ وهمع الهوامع 2/ 32.
558-
البيت من الطويل، وهو للأعشى في ديوانه ص185؛ وشرح شواهد المغني 2/ 575؛ والمقاصد النحوية 3/ 59؛ وبلا نسبة في الجني الداني ص98؛ ومغني اللبيب 1/ 215.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
8] ، وتسمى لام العاقبة ولام المآل. الثالث عشر التبليغ، وهي الجارة لاسم السامع نحو قلت له كذا، وجعله الشارح مثالًا للام التعدية. الرابع عشر التبيين على ما سبق في إلى. الخامس عر موافقة على في الاستعلاء الحقيقي نحو:{وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ} [الإسراء: 107، 109]، وقوله:
فخر صريعًا لليدين وللفم
والمجاري نحو: {وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} [الإسراء: 7] ، واشترطي لهم الولا، وأنكره النحاس. السادس عشر موافقة بعد نحو:{أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء: 78]، {بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ} [الأنبياء: 47] ، بكسر اللام وتخفيف الميم. الثامن عشر موافقة في نحو:{وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} [الأنبياء: 47] {لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا
ــ
المجازي حيث شبه ترتب العداوة والحزن لكونه نتيجة التقاطهم بترتب المحبة، والتبني واستعيرت له اللام. قوله:"نحو قلت له كذا" وأذنت له، وفسرت له ومنه:{وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ} [القصص: 51]، دماميني. قوله:"التبيين على ما سبق في إلى" اعلم أن ما بعد إلى التبيينية فاعل وما قبلها مفعول واللام التبيينية بعكس ذلك، فإذا قلت: زيد أحب إليّ كنت أنت المحب وزيد المحبوب، وإذا قلت: زيد أحب لي كنت أنت المحبوب وزيد المحب إذا علمت ذلك علمت أن كلام الشارح يوهم خلاف المراد، ثم اعلم أنهم جعلوا من لام التبيين اللام في نحو تبًا لزيد، واللام في نحو سقيا لعمرو، وجعلوا الأولى لتبيين الفاعل، والثانية لتبيين المفعول قالوا: وهي ومجرورها خبر لمحذوف أي إرادتي لزيد، أو متعلق بمحذوف أي لزيد أعني فالكلام جملتان والأولى عندي جعل هذه اللام زائدة للتقوية متعلقة بالمصدر، فالكلام جملة واحدة فتأمل. ثم رأيت الدماميني نقل عن ابن الحاجب، وابن مالك ما يوافقه نعم يتعين ما قالوه في نحو سقيا لك إن جعل سقيًا نائب عن إسق، إذ لا يجتمع خطابان لشخصين في جملة واحدة، فإن جعل نائبًا عن سقى على أن الخبر بمعنى الطلب كان الأولى فيه أيضًا ما قلنا فتدبر. قوله:{وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ} جمع ذقن بالتحريك مجتمع اللحيين من أسفلهما كما في القاموس، والمراد يسقطون على وجوههم، وإنما ذكر الذقن؛ لأنها أقرب ما يكون من الوجه إلى الأرض عند الهويّ للسجود. قوله:"وأنكره النحاس" انظر هل مرجع الضمير كونها للاستعلاء المجازي، أو كونها للاستعلاء مطلقًا الأظهر الثاني، وعبارة المغني ونحو قوله عليه الصلاة والسلام لعائشة اشترطي لهم الولاء. وقال النحاس المعنى من أجلهم قال: ولا يعرف في العربية لهم بمعنى عليهم. ا. هـ.
قوله: "نحو كتبته لخمس خلون" الأظهر ما نقله الدماميني عن بعضهم أنها في المثال بمعنى بعد كما أنها في قولك: كتبته لليلة بقيت بمعنى قبل، وفي قولك كتبته لغرة كذا بمعنى في. قوله:"قراءة الجحدري" في القاموس الجحدر القصير ثم قال: وجحدر كجعفر رجل. قوله: "لا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
إِلَّا هُوَ} [الأعراف: 187]، وقولهم: مضى لسبيله التاسع عشر موافقة من كقوله:
559-
لنا الفضل في الدنيا وأنفك راغم
…
ونحن لكم يوم القيامة أفضل
المتمم عشرين موافقة عن نحو: {قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا} [الأعراف: 38]، وقوله:
560-
كضرائر الحسناء قلن لوجهها
…
حسدًا وبغضًا إنه لدميم
الحادي والعشرون موافقة مع كقوله:
ــ
يجليها لوقتها إلا هو" أي في وقتها إن قلت: الساعة وقت فيلزم ظرفية الشيء في نفسه. أجيب بأنه يصح أن يراد بالساعة زمن البعث من القبور، وبالوقت اليوم الآخر كله فتكون الظرفية من ظرفية الجزء في الكل، أو المراد لا يجلي ما فيها. قوله: "موافقة من" أي البيانية على خلاف يأتي في أفعل التفضيل. قوله: "راغم" أي لاصق بالرغام بفتح الراء، وهو التراب كناية عن الذلة والاحتقار. قوله: "موافقة عن" جعل ابن الحاجب من هذا المعنى قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آَمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ} [الأحقاف: 11] ، ولولا ذلك لقيل: ما سبقتمونا يعني لو جعلت اللام للتبليغ لكن يندفع ما قال بأمور: أحدها أن يكون في الكلام التفات عن الخطاب إلى الغيبة الثاني أن يكون اسم المقول عنهم محذوفًا، أي: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آَمَنُوا} [الأحقاف: 11] ، عن طائفة أخرى أسلمت: {لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ} [الأحقاف: 11] ، الثالث أنه يجوز اعتبار اللفظ والمعنى في المحكي بالقول، فلك في حكاية من قال: أنا قائم أن تقول: قال زيد: أنا قائم رعاية للفظ المحكي، وأن تقول: قال زيد هو قائم رعاية للمعنى وحال الحكاية فإن زيدًا غائب حال الحكاية، وكذا إذا خاطبت شخصًا بأنت بخيل، وأردت الحكاية فلك أن تقول: قلت لعمرو أنت بخيل وقلت لعمرو: هو بخيل قاله الرضي. قوله: "نحو {قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولاهُمْ} يحتمل أن المعنى في شأن أولاهم، وكذا فيما بعده فلا شاهد فيهما. قوله:"لدميم" بالدال المهملة من الدمامة وهي القبح، أو معناه مطلي بالدمام ككتاب وهو ما يطلى به الوجه لتحسينه.
فائدة: كسر لام الجر مع الظاهر إلا المستغاث، وفتحها مع الضمير إلا الياء هو المشهور
559- البيت من الطويل، وهو لجرير في ديوانه ص143؛ والجني الداني ص102؛ وجواهر الأدب ص75؛ وخزانة الأدب 9/ 480؛ والدرر 4/ 169؛ وشرح شواهد المغني 1/ 377؛ ولسان العرب 2/ 24 "حتت"؛ ومغني اللبيب 1/ 213؛ وبلا نسبة في جواهر الأدب من 75.
560-
البيت من الكامل، وهو لأبي الأسود الدؤلي في ديوانه ص304؛ وخزانة الأدب 8/ 567؛ والدرر 4/ 170؛ وشرح شواهد المغني 2/ 570؛ وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص360؛ والجني الداني ص 100؛ ولسان العرب 12/ 208 "دمم"؛ ومغني اللبيب 1/ 214؛ وهمع الهوامع 2/ 32.
بالبا استعن وعد عوض ألصق
…
ومثل مع ومن وعن بها انطق
561- فلما تفرقنا كأني ومالكًا
…
لطول اجتماع لم نبت ليلة معا
"والظرفية استبن ببا وفي وقد يبينان السببا. بالبا استعن وعد عوض ألصق. ومثل مع ومن وعن بها أنطق" أي تأتي كل واحدة من الباء وفي لمعان، أما في فلها عشر معان ذكر منها هنا معنيين: الأول الظرفية حقيقة ومجازًا نحو زيد في المسجد، ونحو:{وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} [البقرة: 189]، الثاني السببية نحو:{لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ} [الأنفال:
ــ
وفتحها بعض العرب مع الظاهر مطلقًا وكسرها خزاعة مع الضمير، وكسر الباء مطلقًا هو المشهور قال أبو حيان: وحكى أبو الفتح عن بعضهم فتحها مع الظاهر كذا في الهمع، قوله:"استبن" أي اطلب بيانها والدلالة عليها بما ذكر. قوله: "وقد يبينان السببا" قد للتحقيق بالنسبة إلى الباء، وللتقليل بالنسبة إلى في فهي من المشترك المستعمل في معنييه، أو هي للتحقيق فقط، فلا اعتراض بأن بيان السبب بالباء كثير لا قليل. قوله:"ومثل مع إلخ" حال من الضمير المجرور بالباء متقدمة عليه لجواز ذلك على مذهب المصنف كما مر، والمراد المثلية في أصل المصاحبة، فلا ينافي أن مدلول مع المصاحبة الكلية الملحوظة لذاتها، ومدلول الباء المصاحبة الجزئية الملحوظة لغيرها كما هو معنى الحرف على ما اشتهر عند المتأخرين وقد مر بيانه. قوله:"حقيقة" أي بأن يكون للظرف احتواء وللمظروف تحيز، فإن فقدا نحو في علمه نفع أو الاحتواء نحو زيد في سعة، أو التحيز نحو في صدر زيد علم، فمجاز ومنه الزمانية نحو زيد في يوم كذا أفاده يس. وقضية كلام المغني والهمع أن الزمانية حقيقة فتدبر. فإن قلت الظرفية في قوله تعالى:{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} [الحجر: 45، الذاريات: 15] ، حقيقية بالنسبة إلى الجنات مجازية بالنسبة إلى العيون فيلزم استعمال كلمة في حقيقة، ومجازًا فما وجهه عند مانع ذلك. أجيب بأنه يجعل من عموم المجاز بجعل في مستعملة في ظرفية مجازية تناسبهما، وهي مطلق الملابسة ومن المكانية الحقيقية أدخلت الخاتم في أصبعي، والقلنسوة في رأسي إلا أن فيهما قلبًا؛ لأنه لما كان المناسب نقل المظروف للظرف والأمر هنا بالعكس قلبوا الكلام رعاية لهذا الاعتبار، ونظيرهما في القلب عرضت الناقة على الحوض؛ لأن المعروض ليس له اختيار، وإنما الاختيار للمعروض عليه فقد يقبل، وقد يرد لكن لما كان المناسب أن يؤتى بالمعروض عند المعروض عليه، والأمر هنا بالعكس قلبوا الكلام رعاية لهذا الاعتبار، وقيل: المقلوب عرضت الحوض على الناقة، وقيل: لا قلب في واحد منهما من الدماميني والشمني.
_________
561-
البيت من الطويل، وهو لمتمم بن نويرة في ديوانه ص122؛ وأدب الكاتب ص519؛ والأزهية 289؛ والأغاني 15/ 238؛ وجمهرة اللغة ص1316؛ وخزانة الأدب 8/ 272؛ والدرر 4/ 166؛ وشرح اختيارات المفضل ص1177؛ وشرح شواهد المغني 2/ 565؛ والشعر والشعراء 1/ 345؛ وبلا نسبة في الجني الداني ص102؛ ورصف المباني ص223؛ وشرح التصريح 2/ 48؛ ولسان العرب 12/ 564 "لوم"؛ ومغني اللبيب 1/ 212؛ وهمع الهوامع 2/ 32.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
68] ، وفي الحديث:"دخلت امرأة النار في هرة حبستها"، وتسمى التعليلية أيضًا. الثالث المصاحبة نحو:{قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ} [الأعراف: 38] الربع الاستعلاء نحو: {لَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} [طه: 71]، وقوله:
بطل كأن ثيابه في سرحة
الخامس المقايسة نحو: {فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ} [التوبة: 38] . السادس موافقة إلى نحو: {فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ} [إبراهيم: 9]، السابع موافقة من كقوله:
562-
ألا عم صباحًا أيها الطلل البالي
…
وهل يعمن من كان في العصر الخالي
563-
وهل يعمن من كان أحدث عهده
…
ثلاثين شهرًا في ثلاثة أحوال
ــ
قوله: "دخلت امرأة إلخ" المرأة من بني إسرائيل والمتبادر من كون دخولها النار بسبب الهرة أنها مؤمنة. قوله: {لَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} ، أي عليها فشبه الاستعلاء المطلق بالظرفية المطلقة، فسرى التشبيه لجزئيات كل، فاستعير بناء على هذا التشبيه الحاصل بالسراية لفظة في لمعنى على، وهو استعلاء جزئي هذا مذهب الكوفيين، وجعلها البصريون للظرفية بناء على تشبيه المصلوب، لتمكنه من الجذع بالحال فيه على طريق الاستعارة بالكناية، أو تشبيه الجذوع بالظروف بجامع التمكن في كل على طريق الاستعارة بالكناية أيضًا، وفي على الوجهين تخييل، وبهذا التحقيق يعرف ما في الحواشي من التساهل. قوله:"في سرحة" أي شجرة عظيمة، والمعنى أنه طويل كأن ثيابه على شجرة عظيمة. قوله:"المقايسة" أي كون ما قبلها ملحوظًا بالقياس إلى ما بعدها، وهي الواقعة بين مفضول سابق، وفاضل لاحق كما في المغني، ويظهر لي صحة العكس أيضًا. قوله:"موافقة من" أي التبعيضية وحملها الشمني على الابتدائية، فالمعنى في البيت ثلاثين شهرًا مبتدأة من انقضاء ثلاثة أحوال، فتكون المدة خمسة أعوام ونصفًا، وكذا عند من جعلها للمصاحبة وتقدم الكلام على البيت الأول في الموصول، قوله:"من كان أحدث عهده" لعل
562- البيت من الطويل، وهو لامرئ القيس في ديوانه ص27؛ وجمهرة اللغة ص1319؛ وخزانة الأدب 1/ 60، 328، 332، 2/ 371، 10/ 44؛ والدرر 5/ 192؛ وشرح شواهد المغني 1/ 340؛ والكتاب 4/ 39؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 148؛ وخزانة الأدب 7/ 105؛ وشرح شواهد المغني 1/ 485؛ ومغني اللبيب 1/ 169؛ وهمع الهوامع 2/ 83.
563-
البيت من الطويل، وهو لامرئ القيس في ديوانه ص27؛ وأدب الكاتب ص518؛ وجمهرة اللغة ص1315؛ وخزانة الأدب 1/ 62؛ والجني الداني ص252؛ وجواهر الأدب ص230، والدرر 4/ 149؛ وشرح شواهد المغني 1/ 486؛ وبلا نسبة الخصائص 2/ 313؛ ورصف المباني ص391؛ ولسان العرب 15/ 168 "فيا"؛ ومغني اللبيب؛ وهمع الهوامع 2/ 30.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أي من ثلاثة أحوال. الثامن موافقة الباء كقوله:
564-
ويركب يوم الروع منا فوارس
…
يصيرون في طن الأباهر والكلا
التاسع العويض، وهي الزائدة عوضًا من أخرى محذوفة كقولك: ضربت فيمن رغبت تريد ضربت من رغبت فيه، أجاز ذلك الناظم قياسًا على قوله:
565-
ولا يؤاتيك فيما ناب من حدث
…
إلا أخو ثقة فانظر بمن تثق
أي فانظر من تثق به. العاشر التوكيد وهي الزائدة لغير تعويض، أجاز ذلك الفارسي في مضرورة كقوله:
566-
أنا أبو سعد إذا الليل دجا
…
يخال في سواده يرندجا
وأجاز بعضهم في قوله تعالى: {وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ} [هود: 41] . وأما الباء فلها خمسة عشر معنى ذكر منها عشرة: الأول البدل نحو ما يسرني بها حمر النعم. وقوله:
ــ
المراد طلل كان أقل زمن مضى من تأنسه بأهله تلك المدة، واستعمل من في غير العاقل مجازًا. قوله:"موافقة الباء" أي التي للإلصاق حقيقة أو مجازًا شمني. قوله: "يوم الروع" بفتح الراء الفزع والفوارس جمع فارس على غير قياس، والأباهر جمع أبهر وهو عرق إذا انقطع مات صاحبه. قال الجوهري: وهما أبهران يخرجان من القلب. والكلا جمع كلية أو كلوة بضمهما. قوله: "قياسًا إلخ" أورد عليه أن المقيس عليه لا يتعين زيادة الباء فيه، لجواز أن تكون من استفهامية لا موصولة، وأن الكلام تم بقوله: فانظر ثم ابتدأ مستفهمًا استفهامًا إنكاريًا بقوله بمن تثق على أن زيادة الباء في مثل ذلك غير قياسي، فلا يقاس عليه غيره، وفي الهمع أن ابن مالك حكى الزيادة عوضًا في الباء، وعن وعلى وقاسها في إلى، وفي واللام ومن فيقال: عرفت ممن عجبت ولمن قلت وإلى من أويت، وفيمن رغبت وأن أبا حيان منعها في الجميع.
قوله: "ولا يؤاتيك" مهموز الفاء ولك إبدال الهمزة واوًا كما قاله الدماميني أي يساعدك. قوله: "دجا" أي أظلم، يخال بالبناء للمجهول يرندجا بفتح الياء، والراء وسكون النون أي جلدًا أسود كذا قال البعض وعبارة القاموس الأرندج وبكسر أوله جلد أسود، ثم قال واليرندج السواد
565- البيت من البسيط، وهو لسالم بن وابصة في شرح شواهد المغني 2/ 419؛ والمؤتلف والمختلف ص197؛ ونوادر أبي زيد ص181؛ وبلا نسبة في الدرر 4/ 107؛ ومجالس ثعلب 1/ 300؛ ومغني اللبيب 1/ 144؛ وهمع الهوامع 2/ 22.
566-
الرجز لسويد بن أبي كاهل اليشكري في خزانة الأدب 6/ 125؛ والدرر 4/ 150؛ وشرح شواهد المغني 1/ 486؛ وبلا نسبة في جواهر الأدب ص230؛ ومغني اللبيب 1/ 170؛ وهمع الهوامع 2/ 30.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
567-
فليت لي بهم قومًا إذا ركبوا
…
شنوا الإغارة فرسانًا وركبانا
الثاني الظرفية نحو: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ} [آل عمران: 123]، و {نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ} [القمر: 34] . الثالث السببية نحو: {فَكُلاًّ أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ} [العنكبوت: 40] . الرابع التعليل نحو: {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ} [النساء: 160] . الخامس الاستعانة نحو كتبت بالقلم، السادس التعدية تسمى باء النقل وهي المعاقبة
ــ
يسوّد به الخف أو هو الزاج. ا. هـ. ويحتمل أن تكون في سببية فلا شاهد فيه. قوله: "شنوا" أي فرقوا، والإغارة مفعول به أو المفعول به محذوف أي فرقوا الأعداء، والإغارة مفعول له والفرسان ركاب الخيل والركبان ركاب الإبل. قوله:"الظرفية" أي زمانية أو مكانية ولهذا مثل بمثالين. قوله: "الثالث السببية" منها الباء التجريدية نحو لقيت بزيد أسدًا أي بسبب لقاء زيد، فهو على حذف مضاف كما قاله الرضي، وقيل: إنها ظرفية وقيل: للمعية والتجريد
أن ينتزع من ذي صفة آخر مثله مبالغة في كماله في تلك الصفة كذا في الدماميني والشمني. قوله: "الرابع التعليل" ينبغي إسقاطه كما في المغني وغيره؛ لأن التعليلية والسببية شيء واحد، كما قاله أبو حيان والسيوطي وغيرهما ويوافقه قوله في الكلام على في السببية، وتسمى التعليلية أيضًا. وفرق الشيخ يحيى بين العلة والسبب بأن العلة متأخرة في الوجود متقدمة في الذهن، وهي العلة الغائية والغرض، وأما السبب فهو متقدم ذهنًا، وخارجًا لكن يمنع من توجيه صنيع الشارح بهذا تمثيله للتعليل وبسبب متقدم، وكان الموافق له أن يمثله بنحو حفرت البئر بالماء.
قوله: "الاستعانة" الفرق بينها وبين السببية أن باء السببية هي الداخلة على سبب الفعل نحو مات بالجوع، وباء الاستعانة هي الداخلة على آلة الفعل أي الواسطة بين الفاعل، ومفعوله نحو بريت القلم بالسكين قاله سم. قوله:"التعدية" أي الخاصة كما يفيده ما بعده. قوله: "وهي المعاقبة للهمزة" التعدية بهذا المعنى مختصة بالباء، وأما التعدية بمعنى إيصال معنى الفعل إلى الاسم، فمشتركة بين حروف الجر التي ليست بزائدة، ولا في حكم الزائدة. شمني ودماميني. قوله:"في تصيير الفاعل مفعولًا" لكن مفعوليته مع الباء بواسطتها ومع الهمزة بلا واسطة. قوله: "وأكثر ما تعدى" الرابط محذوف أي تعديه كما جزم به الدماميني، وقوله الفعل القاصر خبر أكثر وجعل البهوتي، وأقره البعض نصب الفعل على المفعولية لتعدي أولى بناء على أن ما مصدرية، وخبر أكثر محذوف أي ثابت ناشىء عن عدم التأمل. قال في المغني: ومن ورودها مع المتعدي دفع الله
567- البيت من البسيط، وهو لقريط بن أنيف في خزانة الأدب 6/ 253؛ والدرر 3/ 80؛ وشرح شواهد المغني 1/ 69؛ والمقاصد النحوية 3/ 72، 277؛ وللعنبري في لسان العرب 1/ 429 "ركب"؛ وللحماسي في همع الهوامع 2/ 21؛ وبلا نسبة في الجني الداني ص40؛ وجواهر الأدب ص47؛ والدرر 4/ 103؛ وشرح شواهد المغني 1/ 316؛ وشرح ابن عقيل ص295، 361؛ ومغني اللبيب 1/ 104؛ وهمع الهوامع 1/ 195.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
للهمزة في تصيير الفاعل مفعولًا وأكثر تعدي الفعل القاصر نحو ذهبت بزيد بمعنى أذهبته. ومنه: {ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ} [البقرة: 17] ، وقرئ أذهب الله نورهم. السابع التعويض نحو بعت هذا بألف، وتسمى باء المقابلة أيضًا. الثامن الإلصاق حقيقة ومجازًا نحو أمسكت بزيد، ونحو مررت به. وهذا المعنى لا يفارقها، ولهذا اقتصر عليه سيبويه. التاسع المصاحبة نحو:{اهْبِطْ بِسَلَامٍ} [هود: 48]، أي معه. العاشر التبعيض نحو: {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ
ــ
بعض الناس ببعض، وصككت الحجر بالحجر، والأصل دفع بعض الناس بعضًا وصك الحجر الحجر قال الدماميني: ويرد عليه أنه إذا كان الأصل ذلك لم تكن الباء داخلة على ما كان فاعلًا بل على ما كان مفعولًا، فلا يشملها ضابط باء التعدية المتقدم، ولو جعل الأصل دفع بعض الناس بعض، وصك الحجر الحجر بتقديم المفعول لم يرد ذلك. ا. هـ. قوله:"بمعنى أذهبته" ولا فرق بينهما خلافًا لمن فرق باقتضاء ذهبت بزيد المصاحبة في الذهاب بخلاف أذهبت زيدًا، ومما يرده قوله تعالى:{ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ} [البقرة: 17]، وإن أجيب عن الآية بأنه يجوز أن يكون تعالى وصف نفسه بالذهاب على معنى يليق كما وصف نفسه تعالى بالمجيء في قوله تعالى:{وَجَاءَ رَبُّكَ} [الفجر: 22] ؛ لأنه ظاهر البعد. نعم ممن فرق صاحب الكشاف حيث قال: والفرق بين أذهبه، وذهب به أن معنى أذهبه أزاله وجعله ذاهبًا ويقال: ذهب به إذا استصحبه ومضى معه، وذهب السلطان بماله أخذه، ثم قال: والمعنى أخذ الله نورهم وأمسكه. ا. هـ. قال الشمني: ولا يخفى ما في قول الزمخشري، والمعنى إلخ من الجواب عن الآية بحملها على معنى آخر لذهب مع الباء لا محذور في نسبته إلى الله تعالى أصلًا.
قوله: "التعويض إلخ" المناسب لقوله باء البدل أن يقول باء العوض، والفرق بين باء التعويض، وباء البدل كما قاله سم أن في باء التعويض مقابلة شيء بشيء بأن يدفع شيء من أحد الجانبين. ويدفع من الجانب الآخر شيء في مقابلته، وفي باء البدل اختيار أحد الشيئين على الآخر فقط من غير مقابلة من الجانبين، وقيل: باء البدل أعم مطلقًا وهو ما استظهره في الهمع، فتكون هي الدالة على اختيار شيء على آخر أعم من أن يكون هناك مقابلة أولًا، والأول أشهر وأوفق بصنيع الشارح. قوله:"نحو أمسكت بزيد إلخ" فيه لف ونشر مرتب، فمعنى أمسكت بزيد قبضت على شيء من جسمه، أو ما يحسبه من ثوب أو نحوه، ولهذا كان أبلغ من أمسكت زيدًا؛ لأن معناه المنع من الانصراف بأي وجه كان، ومعنى مررت بزيد ألصقت مروري بمكان يقرب منه قاله في المغني، ونازع الدماميني في كون الإلصاق في صورة القبض على نحو الثوب حقيقي، واستظهر أنه مجاز بجعل إلصاق الإمساك بالثوب إلصاقًا بزيد لما بينهما من المجاورة، وقد يعدى المرور بعلى، فتكون للاستعلاء المجازي كأن المارّ بمجاوزته المرور به استعلى عليه. قوله:"وهذا المعنى لا يفارقها" التزامه يحوج في بعض الأماكن إلى تكلف، كما في:{ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ} وبالله لأفعلن. قوله: "نحو اهبط بسلام" ونحو فسبح بحمد ربك بناء على أن المصدر مضاف لمفعوله أي مع حمدك ربك، وقيل: للاستعانة بناء على أنه مضاف لفاعله أي بما حمد الرب به نفسه قاله في المغني.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
اللَّهِ} [الإنسان: 6]، وقوله:
568-
شربن بماء البحر ثم ترفعت
…
متى لجج خضر لهن نئيج
الحادي عشر المجاوزة كعن نحو: {فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا} [الفرقان: 59]، بدليل {يَسْأَلُونَ عَنْ أَنْبَائِكُمْ} [الأحزاب: 20] ، وإلى هذه الثلاثة الإشارة بقوله:
ــ
قوله: "العاشر التبعيض" اختلف في الباء من قوله تعالى: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} [المائدة: 6] ، فنقل صاحب الكشاف عن مالك أنها زائدة، فيجب مسح كل الرأس قال: وهو وإن كان عملًا بالمجاز لكنه أحوط، وقال بعض أتباعه: هي للإلصاق، فيجب أيضًا الاستيعاب إذ المعنى ألصقوا المسح بالرأس، وهو اسم لكله لا لبعضه وقال بعض من لم يوجب الاستيعاب كإمامنا الشافعي هي للتبعيض نحو:{عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ} [الإنسان: 6] ، لما في صحيح مسلم من أنه صلى الله عليه وسلم مسح بناصيته، وعلى عمامته، وما في سنن أبي داود وغيرها من أنه صلى الله عليه وسلم مسح مقدم رأسه بدون ذكر مسح على العمامة، كما في فتح الباري، وقال بعضهم: للاستعانة نحو كتبت بالقلم لكن مسح يتعدى لمفعول بنفسه، وهو المزال عنه والآخر بالباء، وهو المزيل فحذف الأول، والأصل وامسحوا أيديكم برءوسكم، فلم يقع المسح المأمور به على الرأس حتى يجب استيعابه بل على اليد، وجعل الرأس آلة، فاستفادة التبعيض على هذا ليس من كون الباء موضوعة له، بل من كون مدخولها آلة لمسح اليد دماميني ملخصًا. قوله:"نحو عينًا إلخ"، وقيل: ضمن يشرب معنى يروى. وقال الزمخشري: المعنى يشرب بها الخمر كما تقول: شربت الماء بالعسل فجعلها للمصاحبة. قوله: "المجاوزة" قال بعضهم: يختص هذا المعنى بالسؤال، وقيل: لا يختص بدليل قوله تعالى: {يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ} [الحديد: 12]، {وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ} [الفرقان: 25] ، وأنكر البصريون مجيء الباء للمجاوزة، وحملوها مع السؤال على السببية، ورد بأن الكلام حينئذٍ لا يفيد أن المجرور هو المسؤول عنه مع أنه المقصود، وجعلها بعضهم في وبأيمانهم ظرفية أي ويكون في أيمانهم؛ لأن أصل النور فيها؛ لأن بها أخذ السعداء صحائفهم، وما بين أيديهم منبسط منه، وفي بالغمام للاستعانة؛ لأن الغمام كالآلة، وجعلها البيضاوي سببية بتقدير مضاف، فقال: بسبب طلوع الغمام منها، وهو الغمام المذكور في قوله تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ
568- البيت من الطويل، وهو لأبي ذؤيب الهذلي في الأزهية ص201؛ والأشباه والنظائر 4/ 287؛ وجواهر الأدب ص99؛ وخزانة الأدب 7/ 97، 99؛ والخصائص 2/ 85؛ والدرر 4/ 179؛ وسر صناعة الإعراب ص135، 424؛ وشرح أشعار الهذليين 1/ 129؛ وشرح شواهد المغني ص218؛ ولسان العرب 1/ 487 "شرب"، 5/ 162 "مخر"، 15/ 474 "متى"؛ والمحتسب 2/ 114؛ والمقاصد النحوية 3/ 249؛ وبلا نسبة في أدب الكاتب ص515؛ والأزهية ص284؛ وأوضح المسالك 3/ 6؛ والجني الداني ص43، 505؛ وجواهر الأدب ص47، 378؛ ورصف المباني ص151؛ وشرح ابن عقيل ص352؛ وشرح عمدة الحافظ ص268؛ وشرح قطر الندى ص250؛ والصاحبي في فقه اللغة ص175؛ ومغني اللبيب ص105؛ وهمع الهوامع 2/ 34.
على للاستعلا ومعنى في وعن
…
بعن تجاوزًا عنى من قد فطن
ــ
ومثل مع ومن وعن بها انطق:
هذا ما ذكره في هذا الباب. الثاني عشر موافقة على نحو: {مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ} [آل عمران: 75]، بدليل:{هَلْ آَمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَمَا أَمِنْتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ} [يوسف: 64] . الثالث عشر القسم، وهي أصل حروفه ولذلك خصت بذكر الفعل معها نحو أقسم بالله. والدخول على الضمير نحو بك لأفعلن. الرابع عشر موافقة إلى نحو:{وَقَدْ أَحْسَنَ بِي} [يوسف: 100]، أي إلى وقيل: ضمن أحسن معنى لطف. الخامس عشر التوكيد، وهي الزائدة نحو:{كَفَى بِاللهِ شَهِيْدًا} [الرعد: 43]، {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195] ، بحسبك درهم ليس زيد بقائم "على للاستعلا ومعنى في وعن" أي تجيء على الحرفية لمعان عشرة ذكر منها هنا ثلاثة: الأول الاستعلاء، وهو الأصل فيها،
ــ
الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ} [لبقرة: 220] . ا. هـ.
قوله: "هذا ما ذكره في هذا الكتاب" اعترض بأن المصنف لم يذكر التعليل، ولهذا قال الشارح سابقًا وأما الباء فلها خمسة عشر معنى ذكر منها عشرة، وهذا مناف لقوله هذا ما ذكره إلخ لاقتضائه أن ما ذكره أحد عشر، فكان الصواب تأخيره بعد قوله هذا ما ذكره إلخ. ويمكن دفعه بأن المصنف ذكر التعليل بذكره السبب لاتحادهما معنى على ما مر، وإنما عد أولًا بما ذكره المصنف عشرة نظرًا لاتحادهما معنى، وثانيًا أحد عشر نظرًا إلى اختلافهما عبارة، قوله:"ولذلك خصت إلخ" بقي خاصة ثالثة، وهي استعمالها في القسم الاستعطافي، وهو ما جوابه إنشائي نحو بالله هل قام زيد، وزاد بعضهم رابعة وهي جرها في القسم وغيره ورد بأن اللام كذلك. ا. هـ. دماميني. ومنهم من لا يجعل الاستعطاف قسمًا، بل الباء فيه متعلقة بأسألك محذوفًا لا بأقسم. قوله:"نحو كفى بالله شهيدًا إلخ" عدد الأمثلة إشارة إلى أنها زيدت مع الفاعل، ومع المفعول ومع المبتدأ ومع خبر ليس، وزيدت مع غير ذلك كما مر في فصل في ما ولا إلخ، والزائدة مع الفاعل قد تكون لازمة، وهي المصاحبة لفاعل أفعل في التعجب على قول الجمهور، كما سيأتي في باب وجائزة في الاختيار، وهي المصاحبة لفاعل كفى، وواردة في الضرورة نحو:
ألم يأتيك والأنباء تنمى
…
بما لاقت لبون بني زياد
والزائدة مع المفعول غير مقيسة، وإن كان مفعول كفى نحو كفى المرء كذبًا أن يحدث بكل ما سمع كذا في الجنى الداني، وقاسها الرضي في مفعول عرف وعلم الذي بمعناه وجهل، وسمع وأحسن، وكذا مع المبتدأ نحو كيف بك إذا كان كذا، وبحسبك درهم وكذا مع خبره نحو:
ومنعكها بشيء يستطاع
فلا قياس معهما. والزائدة مع خبر ليس وما النافية، وكان المنفية ومع التوكيد بالنفس والعين مقيسة. دماميني ملخصًا. قوله:"أن تجيء على الحرفية" قيد بالحرفية هنا دون الكاف وعن
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ويكون حقيقة ومجازًا نحو: {عَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ} [المؤمنون: 22]، ونحو:{فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [البقرة: 253] الثاني الظرفية كفي نحو: {عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ} [القصص: 15] . الثالث المجاوزة كعن كقوله:
569-
إذا رضيت علي بنو قشير
الرابع التعليل كاللام نحو: {وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} [الحج: 37]، وقوله:
علام تقول الرمح يثقل عاتقي
الخامس المصاحبة كمع نحو: {وَآَتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ} [البقرة: 177]، {وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ} [الرعد: 6] . السادس موافقة من نحو: {إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ} [المطففين: 2] . السابع موافقة الباء نحو: {حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لَا أَقُولَ} [الأعراف: 105] وقد قرأ أبي بالباء. الثامن الزيادة للتعويض من أخرى محذوفة كقوله:
ــ
مع مجيء كل اسمًا لبعد تنبيه المصنف الآتي على الاسمية في على، وقربه في الكاف وعن. قوله:"ويكون حقيقة ومجازًا" قال الفارضي وأما نحو: توكلت على الله، فهو بمعنى الإضافة والإسناد أي أضفت توكلي، وأسندته إلى الله إذ لا يعلو على الله تعالى شيء لا حقيقة ولا مجازًا. ا. هـ. قوله:"ونحو فضلنا إلخ" جعل الدماميني الاستعلاء المجازي الاستعلاء على ما يقرب من المجرور نحو: {أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى} [طه: 10]، أي هاديًا وجعل الاستعلاء المعنوي على نفس المجرور نحو:{فَضَّلَنَا} إلخ، ونحو:{وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ} [الشعراء: 14]، حقيقا. قوله:"كقوله إذا رضيت عليّ"، وقيل: ضمن رضى معنى عطف. قوله: "على حبه" أي مع حب المال وقيل: على تعليلية والضمير لله. قوله: "موافقة من" من ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: "بني الإسلام على خمس"، أي منها، وبه يندفع ما يقال هذه الخمس هي الإسلام، فكيف يكون مبنيًا
569- عجزه:
لعمرو الله أعجبني رضاها
والبيت من الوافر، وهو للقحيف العقيلي في أدب الكاتب ص507؛ والأزهية ص277؛ وخزانة الأدب 10/ 132، 133؛ والدرر 4/ 135؛ وشرح التصريح 2/ 14؛ وشرح شواهد المغني 1/ 416؛ ولسان العرب 14/ 323 "رضي"؛ والمقاصد النحوية 3/ 282؛ ونوادر أبي زيد ص176؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 118؛ والإنصاف 2/ 630؛ وأوضح المسالك 3/ 41؛ وجمهرة اللغة ص1314؛ والجني الداني ص477؛ والخصائص 3/ 311؛ و389؛ ورصف المباني ص372؛ وشرح شواهد المغني 2/ 954؛ وشرح ابن عقيل ص365؛ وشرح المفصل 1/ 120؛ ولسان العرب 15/ 444 "يا"؛ والمحتسب 1/ 52، 348؛ ومغني اللبيب 2/ 143؛ والمقتضب 2/ 320؛ وهمع الهوامع 2/ 28.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
570-
إن الكريم وأبيك يعتمل
…
إن لم يجد يومًا على من يتكل
أي من يتكل عليه. التاسع الزيادة لغير تعويض، وهو قليل كقوله:
571-
أبى الله إلا أن سرحة مالك
…
على كل أفنان العضاه تروق
وفيه نظر. العاشر الاستدراك والإضراب كقوله:
572-
بكل تداوينا فلم يشف ما بنا
…
على أن قرب الدار خير من البعد
ــ
عليه وأجيب أيضًا بأنه من بناء الكل على أجزائه، والتغاير بالكلية والجزئية كاف. قوله:"يعتمل" أي يعمل بالأجرة وقيل: إن مفعول يجد محذوف أي إن لم يجد شيئًا، ثم استأنف مستفهمًا استفهامًا إنكاريًا فقال: على من يتكل. قوله: "أفنان العضاه" جمع فنن وهو الغصن والعضاه بكسر العين المهملة آخره هاء كما في الشمني، وغيره جمع عضه كعنب، أو عضهة كعنبة، أو عضاهة كرسالة كل شجرة ذات شوك، أو ما عظم منها كذا في القاموس. وتروق أي تعجب، وهو يتعدى بنفسه يقال: راقه أي أعجبه كما في القاموس، وإيقاع الإعجاب على الأفنان على طريق المجاز، وقيل: كنى الشاعر بالسرحة عن امرأة مالك، وبالأفنان عن بقية النسوة، وعليه فالإيقاع حقيقي.
قوله: "وفيه نظر" وجهه أنه لا يتعين كون تروق بمعنى تعجب، حتى تكون على زائدة إذ يصح أن يكون بمعنى تزيد وتفضل، وهو بهذا المعنى يتعدى بعلى كما في القاموس هذا ما ظهر لي في وجه النظر، ولا يخفى حسنه على غيره مما قيل هنا. قوله:"والإضراب" أي عما توهمه الجملة قبلها، وهو من عطف اللازم، وهو إضراب إبطالي، فإن قوله على أن قرب الدار خير من البعد أبطل به ما يوهمه قوله: فلم يشف ما بنا من تساوي القرب والبعد من كل وجه، وقوله على أن قرب الدار ليس بنافع أبطل به ما توهمه الجملة قبله من أن القرب مطلقًا خير من البعد، وعلى التي بهذا المعنى يحتمل أن تكون غير متعلقة بشيء، لكونها بمنزلة حرف الاستدراك، والإضراب كما قيل
570- الرجز بلا نسبة في الأشباه والنظائر 1/ 292؛ والجنى الداني ص478؛ وخزانة الأدب 10/ 146؛ والخصائص 2/ 305؛ والدرر 4/ 108؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 205؛ وشرح التصريح 2/ 15؛ وشرح شواهد المغني ص419؛ والكتاب 3/ 81؛ ولسان العرب 11/ 475 "عمل"؛ والمحتسب 1/ 281؛ وهمع الهوامع 2/ 22.
571-
البيت من الطويل وهو لحميد بن ثور في ديوانه ص41؛ وأدب الكاتب ص523؛ وأساس البلاغة ص 185 "روق"؛ والجني الداني ص479؛ والدرر 4/ 137؛ وشرح التصريح 2/ 15؛ وشرح شواهد المغني 1/ 420؛ ولسان العرب 2/ 479 "سرح"؛ ومغني اللبيب 1/ 144؛ وبلا نسبة في جواهر الأدب ص377؛ وخزانة الأدب 2/ 194، 10/ 144، 145.
572-
البيتان من الطويل، وهما ليزيد من الطثرية في ديوانه ص72؛ وذيل الأمالي ص104؛ وللمجنون في ديوانه ص89؛ ولعبد الله بن الدمينة في ديوانه ص82؛ وشرح شواهد المغني 1/ 425؛ وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب 1/ 454؛ ومغني اللبيب 1/ 145.
وقد تجي موضع بعد وعلى
…
كما على موضع عن قد جعلا
ــ
على أن قرب الدار ليس بنافع
…
إذا كان من تهواه ليس بذي ود
"بعن تجاوزًا عنى من قد فطن. وقد تجي" عن "موضع بعد و" موضع "على كما على موضع عن قد جعلا" كما رأيت. وجملة معاني عن عشرة أيضًا اقتصر منها الناظم على هذه الثلاثة: الأول المجاوزة وهي الأصل فيها، ولم يذكر البصريون سواه، نحو سافرت عن البلد ورغبت عن كذا. الثاني البعدية وهو المشار إليه بقوله: وقد تجي موضع بعد، نحو:{عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ} [المؤمنون: 40]، {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ} [الانشقاق: 19] ، أي حالًا بعد حال. الثالث الاستعلاء كعلى نحو:{فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ} [محمد: 38]، وقوله:
573-
لاه ابن عمك لا أفضلت في حسب
…
عني ولا أنت دياني فتخزوني
ــ
بذلك في حاشا الجارة، ويحتمل أن الجار والمجرور خبر مبتدأ محذوف أي والتحقيق كائن على أن إلخ؛ لأن ما قبلها وقع لا على وجه التحقيق. قوله:"وقد تجيء عن موضع بعد"، قال أبو حيان يلزم أن تكون حينئذٍ ظرفا، ولا أعلم أحدًا قال: إنها اسم إلا إذا دخل عليها حرف الجر همع. قوله: "كما على إلخ" فيه وصل ما المصدرية بجملة اسمية، وهو جائز وإن كان قليلًا. قوله:"كما رأيت" أي في قوله:
إذا رضيب عليّ بنو قشير
قوله: "المجاوزة" هي بعد شيء مذكور، أو غير مذكور عما بعدها بسبب الحدث قبلها، فالأول نحو رميت السهم عن القوس أي جاوز السهم القوس بسبب الرمي. والثاني نحو رضي الله عنك أي جاوزتك المؤاخذة بسبب الرضا، ثم المجاوزة تارة تكون حقيقية كهذين المثالين، وتارة تكون مجازية نحو أخذت العلم عن عمرو، كأنه لما علمت ما يعلمه جاوزه العلم بسبب الأخذ هذا ملخص ما أفاده سم. ومن المجازية سألت زيدًا عن كذا، كأنه لما عرفك المسؤول بالمسؤول عنه جاوزه المسؤول عنه بسبب السؤال، وأنت خبير بأن هذا إنما يظهر إذا أفاد المسؤول المسؤول عنه لا إذا لم يفده، وأن المناسب لهذا المثال جعل البعد للمجرور عن الشيء، لا جعل البعد للشيء عن المجرور، فلا يلائم تعريفهم المجاوزة هذا المثال فاعرف ذلك. قوله:"ولم يذكر البصريون سواه"، وتكلفوا لها في المحال التي لا تظهر فيها المجاوزة معنى يصلح للمجاوزة، ولم يرتكبوا التضمين ولا غيره مما ارتكبوه في غيرها من الحروف، قوله:"أي حالًا بعد حال" من البعث والسؤال والموت، وقيل: من النطفة إلى ما بعدها، وقيل غير ذلك قال في شرح اللباب: والأولى أن عن باقية على ظاهرها، والمعنى طبقًا متجاوزًا في الشدة عن طبق آخر دونه. قوله: "لاه ابن
573- البيت من البسيط، وهو لذي الإصبع العدواني في أدب الكاتب ص513؛ والأزهية ص279؛ وإصلاح المنطق ص373؛ والأغاني 3/ 108؛ وأمالي المرتضى 1/ 252؛ وجمهرة اللغة ص596؛ وخزانة الأدب 7/ 173، 177، 184، 186؛ والدرر 4/ 143؛ وسمط اللآلي ص289؛ وشرح التصريح 2/ 15؛ وشرح =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الرابع التعليل نحو: {وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آَلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ} [هود: 53]، {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ} [التوبة: 114] . الخامس الظرفية كقوله:
574-
وآس سراة الحي حيث لقيتهم
…
ولا تك عن حمل الرباعة وانيا
السادس موافقة من نحو: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ} [الشورى: 25]، نحو:{أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا} [الأحقاف: 16] . السابع موافقة الباء نحو: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} [النجم: 3] ، والظاهر أنها على حقيقتها وأن المعنى وما يصدر قوله عن الهوى. الثامن الاستعانة قاله الناظم، ومثل له بنحو رميت عن القوس؛ لأنهم يقولون: رميت بالقوس، وفيه رد على الحريري في إنكاره أن يقال ذلك، إلا إذا كانت القوس هي المرمية. التاسع البدل نحو:{وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا}
ــ
عمك" أي لله در ابن عمك، فحذف لام الجر واللام الأولى من اسم الجلالة، ففيه شذوذ من وجهين وحذف المضاف، وأناب عنه المضاف إليه، ولك أن تستغني عن تقدير المضاف. أفضلت أي زدت. دياني أي مالكي. فتخزوني أي تسوسني وتقهرني، وهو بسكون الواو إما تخفيفًا من فتحة النصب مثل ما تأتينا، فتحدثنا بالنصب وإما رفعًا عطفًا على الجملة الاسمية المنفية قبله؛ لأن المعنى ما أنت دياني، فما أنت تخزوني.
قوله: "نحو وما نحن إلخ"، ويحتمل أن المعنى تركا صادرًا عن قولك لا صادرًا عن موعدة. قوله:"وآس سراة الحي" من آساه بمد الهمزة أي واساه أي أعط أشرافهم. والرباعة بالكسر نجوم الحمالة أي أقساط ما يتحمل الإنسان من دية، أو غيرها فعن بمعنى في بدليل:{وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي} [طه: 42]، قال في المغني: والظاهر أن معنى وني عن كذا جاوزه ولم يدخل فيه، ووني فيه دخل فيه وفتر. ا. هـ. أي والمراد في البيت المعنى الأول، فكيف تجعل عن فيه ظرفية. قوله:"عن عباده"، ويحتمل أن المعنى الصادرة عن عباده. قوله:"بنحو رميت عن القوس" أي إن أريد جعل القوس آلة للرمي ومستعانًا بها فيه. قوله: "في إنكاره أن يقال ذلك إلخ" على
ــ
= شواهد المغني 1/ 430؛ ولسان العرب 11/ 525 "فضل"، 13/ 167، 170 "دين" 295، 296 "عنن"، 539 "لوه" 14/ 226 "خزا"؛ والمؤتلف والمختلف ص118؛ ومغني اللبيب 1/ 147؛ والمقاصد النحوية 3/ 286؛ ولكعب الغنوي في الأزهية ص97؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 1/ 263، 2/ 121، 302؛ والإنصاف 1/ 394؛ وأوضح المسالك 3/ 43؛ والجني الداني ص246؛ وجواهر الأدب ص323؛ وخزانة الأدب 10/ 124، 344؛ والخصائص 2/ 288؛ ورصف المباني ص254، 368؛ وشرح ابن عقيل ص364؛ وشرح المفصل 8/ 53؛ وهمع الهوامع 2/ 29.
574-
البيت من الطويل، وهو للأعشى في ديوانه ص379؛ والدرر 4/ 145؛ وشرح شواهد المغني 1/ 434؛ وبلا نسبة في الجني الداني ص247؛ وجواهر الأدب ص324؛ ومغني اللبيب 1/ 148؛ وهمع الهوامع 2/ 30.
شبه بكاف وبها التعليل قد
…
يعنى وزائدًا لتوكيد ورد
ــ
[البقرة: 48] . وفي الحديث: "صومي عن أمك". العاشر الزيادة للتعويض من أخرى محذوفة كقوله:
575-
أتجزع أن نفس أتاها حمامها
…
فهلا التي عن بين جنبيك تدفع
"شبه بكاف وبها التغليل قد يعنى وزائدًا لتوكيد ورد" أي تجيء الكاف لمعان، وجملتها أربعة اقتصر منها في النظم على ثلاثة: الأول التشبيه وهو الأصل فيها نحو زيد كالأسد. الثاني التعليل نحو: {وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ} [البقرة: 198] ، أي لهدايتكم. وعبارته هنا وفي التسهيل تقتضي أن ذلك قليل، لكنه قال في شرح الكافية: ودلالتها على التعليل كثيرة. الثالث التوكيد وهي الزائدة نحو: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11] ، أي
ــ
هذا تكون الباء للتعدية، ويكون رمي متعديًا تارة بنفسه، وتارة بالباء كذا يظهر. قوله:"أتجزع إن نفس" يصح في أن فتح الهمزة على أنها مخففة من الثقيلة، وكسرها على أنها شرطية داخلة على فعل حذف لدلالة ما بعده عليه، وأبقى فاعله وهو نفس أي إن هلكت نفس والحمام الموت. وقوله: فهلا إلخ الأصل، فهلا تدفع عن التي بين جنبيك، فحذف الجار قبل الموصول وزيد بعده عوضًا عنه قال الدماميني ظاهر كلام المغني، والتسهيل أن شرط زيادتها التعويض، وفي تفسير الثعلبي أنهم اختلفوا في قوله تعالى:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ} [الأنفال: 1]، فقيل: عن علمها، وقيل: عن صلة وعلى هذا قرأ ابن مسعود، وهذا الخلاف مبني على أن السؤال هل هو سؤال استخبار، أو سؤال استعطاء، فقد حكى قولًا بالزيادة ولا تعويض.
قوله: "أربعة" زاد في المغني خامسًا وهو المبادرة، قال: وذلك إذا اتصلت بما في نحو سلم كما تدخل، وصل كما يدخل الوقت، ذكره ابن الخباز والسيرافي وغيرهما، وهو غريب جدًا. ا. هـ. ويمكن تخريجهما على زيادة الكاف، وجعل ما مصدرية وقتية أي سلم وقت دخولك، وصل وقت دخول الصلاة فتستفاد المبادرة. قوله:"الثاني التعليل" جعل قوم منه قوله تعالى: {وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} [القصص: 82]، أي أعجب لعدم فلاح الكافرين. قوله:"تقتضي أن ذلك قليل" أي بناء على المتبادر من قد الداخلة على المضارع، وقد يقال: التقليل بالنسبة إلى التشبيه، فلا ينافي كثرته في نفسه. قوله:"ليس كمثله شيء" أي بناء على رأي عزاه في المغني إلى الأكثرين، قالوا: إذ لو لم تكن زائدة لزم المحال، وهو إثبات المثل قال التفتازاني في حاشية العضد: لأن النفي يعود إلى الحكم لا إلى المتعلقات، فقولنا: ليس كابن زيد أحد يدل ظاهرًا على أن لزيد ابنًا، وإن كان يحتمل أن يكون نفي المثل له بناء على عدمه، وقد يجاب بمنع إثبات مثله تعالى كيف، وهو من قبيل الظاهر، ونقيضه وهو نفي مثله قطعي؟ ا. هـ. ومنع كثيرون زيادتها في الآية فبعض هؤلاء قالوا
575- البيت من الطويل، وهو لزيد بن رزين في جواهر الأدب ص325؛ وشرح شواهد المغني 1/ 436؛ وله أو لرجل من محارب في ذيل أمالي القالي ص105؛ وذيل سمط اللآلي ص49؛ وبلا نسبة في الجني الداني ص248؛ وخزانة الأدب 10/ 144؛ والدرر 4/ 107؛ وشرح التصريح 2/ 16؛ والمحتسب 1/ =
واستعمل اسمًا وكذا عن وعلى
…
من أجل ذا عليهما من دخلا
ــ
ليس شيء مثله. وقوله:
576-
لواحق الأقراب فيها كالمقق
أي فيها المقق أي الطول. الرابع الاستعلاء، قيل: بعضهم كيف أصبحت؟ قال: كخير أي على خير وهو قليل، أشار إلى ذلك في التسهيل بقوله: وقد توافق على "واستعمل" الكاف "اسمًا" بمعنى مثل كما في قوله:
577-
يضحكن عن كالبرد المنهم
ــ
المثل بمعنى الصفة وبعضهم قالوا المثل بمعنى الذات، والمحققون منهم قالوا الآية من باب الكناية للمبالغة في التنزيه، فهي باقية على حقيقتها من نفي مثله، لكن المراد لازم ذلك، وهو نفي مثله، وإنما كان لازمًا؛ لأنه لو كان له مثل لكان هو مثلًا لمثله، فلا يصح نفي مثله؛ ولأن مثل الشيء من يكون على أوصافه، فإذا نفوه عمن يماثله فقد نفوه عنه، ونظيره مثلك لا يبخل فإنهم نفوا البخل عن مثله والمراد نفيه عنه، فليس المراد بالذات من الآية حقيقتها من نفي مثل المثل حتى يلزم وجود المثل، وقد صرحوا بأنه لا يضر استحالة المعنى الحقيقي للكناية فضلًا عن استحالة لازمها؛ لأن المعنى الحقيقي لها غير مقصود منها بالذات فاعرفه.
قوله: "لواحق الأقراب" قاله رؤبة يصف خيلًا، أي ضوامر الأقراب جمع قرب بضمتين، وبضم فسكون الخاصرة، أو من الشاكلة إلى مراق البطن كما في القاموس. والضمير في فيها يرجع إلى الخيل الموصوفة. والمقق الطول الفاحش مع رقة. قوله:"على خير" وقيل: الكاف بمعنى الباء أي بخير، وقد قيل في قولهم كن كما أنت أن المعنى كن على الحال الذي أنت عليه، وقيل: إن المعنى كن كالشخص الذي هو أنت، أي كن فيما يستقبل مماثلًا لنفسك فيما مضى. قوله:"واستعمل اسمًا"، فيكون فاعلًا ومكفعولًا وغيرهما، وزعهما ابن مضاء اسمًا دائمًا كما في الهمع. قوله:"عن كالبرد" أي عن مثل البرد أي عن سن مثل البرد، والمنهم بسكون النون، وتشديد الميم الثانية الذائب أي الذي ذاب منه شيء فصغر. وبحث سم في الاستشهاد بالبيت باحتمال أن
ــ
= 281؛ ومغني اللبيب 10/ 149؛ وهمع الهوامع 2/ 22.
576-
الرجز لرؤية في ديوانه ص106؛ وجواهر الأدب ص129؛ وخزانة الأد 1/ 89؛ وسر صناعة الإعراب ص292، 295، 815؛ وسمط اللآلي ص322؛ وشرح شواهد المغني 2/ 764؛ وشرح ابن عقيل ص366؛ والمقاصد النحوية 3/ 290؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص264؛ والإنصاف 1/ 299؛ وجمهرة اللغة ص824؛ واللمع في العربية ص158؛ والمقتضب 4/ 418.
577-
الرجز للعجاج في ملحق ديوانه 2/ 328؛ وخزانة الأدب 10/ 166، 168؛ والدرر 4/ 156؛ وشرح شواهد المغني 2/ 503؛ والمقاصد النحوية 3/ 294؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص258؛ وأوضح المسالك 3/ 54؛ والجني الداني ص79؛ وجواهر الأدب ص126؛ وشرح المفصل 8/ 42، 44؛ ومغني اللبيب 1/ 180؛ وهمع الهوامع 2/ 31.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أي عن مثل البرد. وقوله:
578-
بكا للقوة الشغواء جلت فلم أكن
…
لأولع إلا بالكمي المقنع
وهو مخصوص عند سيبويه، والمحققين بالضرورة، وأجازه كثيرون منهم الفارسي والناظم في الاختيار "وكذا عن وعلى" استعملا اسمين: الأول بمعنى جانب، والثاني بمعنى فوق "من أجل ذا عليهما من دخلا" في قوله:
579-
ولقد أراني للرماح دريئة
…
من عن يميني تارة وأمامي
ــ
الكاف حرف ومجرور عن محذوف وموصوف بقوله كالبرد، فلا شاهد فيه حينئذٍ، ويضعفه أن حذف موصوف الجملة، وشبهها لا يطرد في مثل هذا الموضع. قوله:"بكا للقوة" أي بفرس كاللقوة بفتح اللام وكسرها، وسكون القاف كما في القاموس وهي العقاب، والشغواء بمعجمتين المعوجة المنقار. وجلت من الجولان، والكمي الشجاع المتكمي بسلاحه أي المتغطي به. والمقنع المغطى رأسه بالبيضة قاله زكريا. قوله:"في الاختيار"، فأجازوا في زيد كالأسد أن تكون الكاف في موضع رفع، والأسد مخفوضًا بالإضافة. مغني.
قوله: "استعملا اسمين" وهما حينئذٍ مبنيان لمشابهة الحرف في اللفظ. وأصل المعنى كما قاله ابن الحاجب وغيره ونقل أبو حيان عن بعض أشياخه أنهما معربان كذاب في الهمع، والقول بإعراب عن الاسمية مع التزام سكونها لا يظهر له وجه. وفي الهمع عن ابن الطراوة والفارسي، والشلوبين أن على اسم دائمًا معرب، واستعملت على فعلًا ماضيًا، تقول علا يعلو علوًّا، وعلى يعلى علاء كبقي يبقى بقاء. ولم يتعرض له لشهرته؛ ولأن علا الفعلية ليس رسمها كرسم على الحرفية؛ لأنها ترسم بالألف؛ لأن أصلها علو بخلاف الحرفية فترسم بالياء، ومقتضى هذا أن على الاسمية ترسم بالياء، وهو إنما بظهر إذا كانت من على يعلى أما إذا كانت من علا يعلو، فكتابتها بالألف؛ لأنها حينئذٍ واوية لكن يكفي في نكته ذكر على الاسمية دون الفعلية موافقة الاسمية الحرفية لفظًا، ورسمًا على أحد الوجهين بخلاف الفعلية، فإنها لا توافق الحرفية رسمًا في وجه أصلًا فاعرفه. ولم يتعرض المصنف لإلى مع أنها جاءت اسمًا بمعنى المنتهي، ولعل ذلك لقلته وجاءت منوية بمعنى النعمة. قوله:"من أجل ذا عليهما من دخلا" استشهاد على استعمالهما اسمين لا تقييد، ولذا خص من؛ لأنها المسموع دخولها عليهما كثيرًا، وسمع جر عن بعلى نادرًا، فعلم أن اسميتها لا تتقيد بدخول من، نعم تتعين اسميتها بدخولها، وكذا بدخول غيرها من حروف الجر، فإذا قلت: زيد على السطح، وسرت عن البلد احتملا الاسمية والحرفية، وعند دخول من تتعين اسميتهما. قوله:"دريئة"
578- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في الجني الداني ص82؛ والدرر 4/ 158؛ والمقاصد النحوية 3/ 295؛ وهمع الهوامع 2/ 31.
579-
البيت من الكامل، وهو لقطري بن الفجاءة في ديوانه ص171؛ وخزانة الأدب 10/ 158، 160؛ والدرر 2/ 269، 4/ 185؛ وشرح التصريح 2/ 10؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص136؛ وشرح =
ومذ ومنذ اسمان حيث رفعا
…
أو أوليا الفعل كجئت مذ دعا
ــ
وكقوله:
580-
عدت من عليه بعد ما تم ظمؤها
…
تصل وعن قيض بزيزاء مجهل
"ومذ ومنذ" يستعملان أيضًا أسمين وحرفين فهما "اسمان حيث رفعا" اسمًا مفردًا "أوليا" جملة كما إذا أوليا "الفعل" مع فاعله وهو الغالب، ولهذا اقتصر على ذكره، أو المبتدأ مع خبره: فالأول نحو ما رأيته مذ يومان، أو منذ يوم الجمعة، وهما حيئنذ مبتدآن
ــ
بهمزة بعد تحتية ساكنة مفعول ثان لأرى، وهي الحلقة التي يتعلم عليها الرمي والطعن. قاله العيني والمصرح، وفي شرح شواهد المغني للسيوطي جواز ياء بدل الهمزة.
قوله: "غدت" أي سارت القطاة من عليه أي الفرخ، والظمؤ بكسر الظاء المشالة، وسكون الميم بعدها همزة مدة صبرها عن الماء، وتصل بفتح الفوقية وكسر المهملة، أي تصوّت أحشاؤها من العطش، وقوله وعن قيض عطف على قوله من عليه، والقيض بفتح القاف وسكون التحتية بعدها ضاد معجمة. قال الدماميني القشر الأعلى من البيض، وزيزاء بزايين معجمتين مكسورة أولاهما، وتفتح كما قاله السيوطي أرض غليظة، مجهل بفتح الميم على قاعدة اسم المكان من مفعل أي محل لجهل السائر، وتوهانه قال في التصريح نقلًا عن ابن السيد، وهو مجرور بإضافة زيزاء إليه، ولا يجوز أن يكون نعتًا لزيزاء عند البصريين. ا. هـ. ولك أن تجعله بدلًا. قوله:"ومذ ومنذ"، وكسر ميمهما لغة همع. قوله:"اسمين وحرفين" قال الشاطبي: قد يحتملان الاسمية والحرفية كما في ما رأيته مذ، أو منذ أن الله خلقه بفتح الهمزة أما إن كسرت، فالاسمية متعينة. قوله:"كما إذا أوليا الفعل" جعل الشارح قول المصنف الفعل مثالًا لا قيدًا، والمراد الفعل الماضي، فلا يجوز مذ يقوم؛ لأن عاملهما لا يكون إلا ماضيًا، فلا يجتمع مع المستقبل، ولم يجيزوه على حكاية الحال لئلا يجتمع مجازان تأويل المضارع بالمصدر؛ لأنه مضاف إليه واستعماله في الماضي نقله يس عن ابن هشام، وينبغي جواز ذلك عند من جوز اجتماع مجازين في الكلمة فتدبر.
قوله: "فالأول" أي ما
ــ
= شواهد المغني 1/ 438؛ والمقاصد النحوية 3/ 150، 305؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص255؛ والأشباه والنظائر 3/ 13؛ وأوضح المسالك 3/ 57؛ وجواهر الأدب ص322؛ وشرح ابن عقيل ص368؛ وشرح المفصل 8/ 40؛ ومغني اللبيب 1/ 149؛ وهمع الهوامع 1/ 156، 2/ 36.
580-
البيت من الطويل، وهو لمزاحم العقيلي في أدب الكاتب ص504؛ والأزهية ص194؛ وخزانة الأدب 10/ 147، 150؛ والدرر 4/ 187؛ وشرح التصريح 2/ 19؛ وشرح شواهد الإيضاح ص230؛ وشرح شواهد المغني 1/ 425؛ وشرح المفصل 8/ 38؛ ولسان العرب 11/ 383 "صلل"، 15/ 88 "علا"؛ والمقاصد النحوية 3/ 301؛ ونوادر أبي زيد ص163؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص103؛ والأشباه والنظائر 3/ 12؛ وأوضح المسالك 3/ 58؛ وجمهرة اللغة ص1314؛ والجني الداني ص470؛ وجواهر الأدب ص375؛ وخزانة الأدب 6/ 535؛ ورصف المباني ص371؛ وشرح ابن عقيل ص367؛ والكتاب 4/ 231؛ ومجالس ثعلب ص304؛ ومغني اللبيب 1/ 146، 2/ 532؛ والمقتضب 3/ 53؛ والمقرب 1/ 196؛ وهمع الهوامع 2/ 36.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وما بعدهما خبر، والتقدير أمد انقطاع الرؤية يومان، وأول انقطاع الرؤية يوم الجمعة، وقد أشعر بذلك قوله حيث رقعا، وقيل بالعكس والمعنى بيني وبين الرؤية يومان. وقيل ظرفان
ــ
إذا رفعا اسمًا مفردًا. قوله: "وهما حينئذٍ مبتدآن" أي حين إذ رفعا ما بعدهما، وساغ الابتداء بهما؛ لأنهما معرفتان لفظًا ومعنى، أو معنى فقط على الخلاف إذ معناهما أمد انقطاع الرؤية، وأول أمد انقطاع الرؤية، وأورد على ابتدائيتهما أنه هلا جاز يومان مذ كما جاز يومان أمد ذلك، وأجيب بأنهما أجروهما رافعين مجراهما خافضين في أنهما لا يدخلان إلا على اسم الزمان، أفاد بعض ذلك سم وبعضه الدماميني. قوله:"والتقدير أمد إلخ" فيه لف ونشر مرتب، ومثل المعدود كما في المغني الحاضر نحو مذ يومنا بناء على تجويز بعض العرب رفعهما الحاضر، كما هو المفهوم من قول الشارح الآتي: أكثر العرب على وجوب جرهما للحاضر. قوله: "وأول انقطاع" أي أول أمد انقطاع، فوافق قول المغني، وإن كان أي الزمان ماضيًا، فمعناهما أول المدة، فاقتصار البعض على الاعتراض بأن ظاهر كلام الشارح يخالف ما في المغني تقصير. قوله:"وقد أشعر إلخ" أي؛ لأن المبتدأ هو الرافع للخبر من غير عكس على المختار.
قوله: "وقيل بالعكس"، قال في التصريح: وهو مذهب الأخفش، وأبي إسحاق الزجاج، وأبي القاسم الزجاجي، ومعناهما بين وبين مضافين، فمعنى ما لقيته مذ يومان بيني وبين لقائه يومان. ا. هـ. قال ابن الحاجب: وهذا القول وهم؛ لأن المعنى واللفظ يأبياه: أما الأول؛ فلأنك تخبر عن جميع المدة بأنها يومان، وذلك غير محقق على هذا الإعراب. وأما الثاني؛ فلأن يومان نكرة لا مسوغ لها، وليس الظرف الواقع خبرًا ظرفًا للمبتدأ حتى يكون تقديمه مسوغًا، إذ لو كان ظرفًا لكان زائدًا عليه، وهو مناف للمراد إذ المراد أنه هو. ا. هـ. وأنا أقول في كل من توجيهه للأول، وتوجيهه للثاني نظر: أما النظر في توجيهه للأول؛ فلأن هذا التركيب على هذا الإعراب، وإن لم يفد أن جميع المدة يومان باعتبار أصل اللغة؛ لأن كينونة اليومين بينه، وبين لقائه لا تنافي كينونة غيرهما أيضًا لكن يفيده باعتبار العرف، إذ لا يقال مثلًا: بيني وبين لقائه يومان عرفًا إلا إذا لم يكن إلا اليومان فقط، وأما النظر في توجيهه للثاني، فيمنع قوله يومان نكرة لا مسوغ لها، بل المسوغ موجود وهو تقديم الظرف المختص، وتعليله عدم كون تقديمه مسوغًا بأن الظرف المجعول خبرًا ليس ظرفًا للمبتدإ، إذ لو كان ظرفًا إلخ مردود لبطلان الملازمة، إذ لا يجب كون ظرف الشيء زائدًا عليه، بل يجوز كونه مساويًا له بدليل صحة نحو في يوم الخميس صوم، وبين طلوع الفجر وطلوع الشمس وقت صلاة الصبح، وليت شعري، كيف يحكم على إعراب هؤلاء الجماعة بالوهم مع أن التركيب المعرب به كالمثال المجمع على إعرابه بهذا الإعراب؟، إذ معنى مذ يومان على كلامهم بيني، وبين لقائه يومان، أي كائن بيني وبين لقائه يومان، فهو كالمثال الثاني، فوجب أن يكون الحكم فيه كالحكم في المثال الثاني، وقد علم من هذا التحقيق أن جعلهم مذ ومنذ خبرين على التسامح الشائع في إعراب نحو زيد في الدار بقولهم زيد مبتدأ، وفي الدار خبر، وأن الخبر في الحقيقة متعلق مذ ومنذ على الراجح، وهذا المتعلق نكرة، وحينئذٍ لا يرد ما قيل إذا كان معنى مذ ومنذ على هذا القول بين
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وما بعدهما فاعل بفعل محذوف، أي مذ كان أو مذ مضى يومان، وإليه ذهب أكثر الكوفيين، واختاره السهيلي والناظم في التسهيل والثاني:"كجئت مذ دعا" وقوله:
581-
ما زال مذ عقدت يداه إزاره
وقوله:
582-
وما زلت أبغي الخير مذ أنا يافع
ــ
وبين مضافين إلى المعرفة كانا معرفتين فهما الحقيقان بالمبتدئية، فتدبر ما قلناه بإنصاف فإنه متين. قال الدماميني: واعترض على جعل مذ ومنذ خبرًا بأن المعنى عليه كما قالوه بيني وبين لقائه يومان، وبين زمانية هنا، فكيف يكون الشيء ظرفًا لنفسه؟، والجواب أن هذا يرد على قولك: بيني وبين لقائه يومان، وهو جائز فما كان جوابًا عن هذا فهو جواب عن ذلك. ا. هـ. وقد أسلفنا في أول باب المفعول فيه ما يؤخذ منه الجواب فاعرفه.
قوله: "والمعنى بيني إلخ" أورد عليه عدم اطراده؛ لأنه لا يأتي في نحو قولك يوم الأحد ما رأيته مذ يوم الجمعة إلا أن يجعل على حذف العاطف، والمعطوف أي بيني وبين رؤيته يوم الجمعة، وما بعده إلى الآن وفيه تكلف. قوله:"وقيل: ظرفان إلخ" على هذا القول يكون التركيب كلامًا واحدًا مشتملًا على جملتين بخلافه على الأولين، فكلامان ثانيهما، وهو مذ كذا مستأنف استئنافيًّا بيانيًّا كما في الدماميني. قوله:"مذ كان" أي وقت وجد. قوله: "أو مذ مضى يومان" فيه أنا إذا قدرنا كان، أو مضى كان مفاد الكلام انتفاء الرؤية وقت وجود اليومين، ومضيهما فيصدق بالرؤية فيهما قبل تمامهما، والمقصود انتفاء الرؤية فيهما اللهم إلا أن يقدر مضاف، ويلاحظ استمرار الانتفاء إلى آن التكلم، والتقدير وقت وجود أول اليومين، ومضيه أي واستمر الانتفاء إلى الآن فتأمل. قوله:"والثاني" أي ما إذا أوليا الجملة الاسمية أو الفعلية. قوله: "يافع" أي ناهز الحلم أو عشرين
581- عجزه:
ودنا فأدرك خمسة الأشبار
والبيت من الكامل، وهو للفرزدق في ديوانه 1/ 305؛ والأشباه والنظائر 5/ 123؛ والجني الداني ص504؛ وجواهر الأدب ص317؛ وخزانة الأدب 1/ 212؛ والدرر 3/ 140؛ وشرح التصريح 2/ 21؛ وشرح شواهد الإيضاح ص310؛ وشرح شواهد المغني 2/ 755؛ وشرح المفصل 2/ 121، 6/ 33؛ والمقاصد النحوية 3/ 321؛ والمقتضب 2/ 176؛ وبلا نسبة في إصلاح المنطق ص303؛ وأوضح المسالك 2/ 61؛ والدرر 6/ 203؛ ولسان العرب 6/ 67 "خمس"، ومغني اللبيب 1/ 336؛ وهمع الهوامع 1/ 216، 2/ 150.
582-
عجزه:
وليدًا وكهلًا حيث شبت وأمردا
والبيت من الطويل، وهو للأعشى في ديوانه ص185؛ وتذكرة النحاة ص 589؛ 632؛ والدرر 3/ 139؛ وشرح التصريح 2/ 21؛ وشرح شواهد المغني 2/ 577، 757؛ والمقاصد النحوية 3/ 60، 326؛ وبلا نسبة في وأضح المسالك 3/ 63؛ ومغني اللبيب 2/ 336؛ وهمع الهوامع 1/ 216.
وإن يجرا في مضي فكمن
…
هما وفي الحضور معنى في استبن
ــ
والمشهور أنهما حنيئذ ظرفان مضافان إلى الجملة، وقيل: إلى زمن مضاف إلى الجملة، وقيل: مبتدآن فيجب تقدير زمن مضاف إلى الجملة يكون هو الخبر "وإن يجرا"، فهما حرفا جر ثم إن كان ذلك "في مضي فكمن هما" في المعنى نحو ما رأيته مذ يوم الجمعة، ومنذ يوم الجمعة أي من يوم الجمعة، "وفي الحضور معنى في استبن" بهما نحو ما رأيته مذ يومنا، أو منذ يومن أي في يومنا هذا من المعرفة كما رأيت، فإن كان المجرور بهما نكرة، كانا بمعنى من وإلى معًا كما في المعدود، نحو ما رأيته مذ أو منذ يومين، وكونهما إذا جرا حرفي جر هو ما ذهب إليه الأكثرون، وقيل: هما ظرفان منصوبان بالفعل قبلهما.
تنبيهات: الأول أكثر العرب على وجوب جرهما للحاضر، وعلى ترجيح جر منذ للماضي على رفعه كقوله:
583-
وربع عفت آثاره منذ أزمان
وعلى ترجيح رفع مذ للماضي على جره، فمن القليل فيها قوله:
584-
لمن الديار بقنة الحجر
…
أقوين مذ حجج ومذ دهر
ــ
سنة على الخلاف يقال: أيفع الغلام فهو يافع، ولا يقال: موفع وإن كان هو القياس. قوله: "وقيل إلى زمن مضاف إلى الجملة"، انظر ما الداعي لتقدير الزمن على هذا القول مع كونهما ظرفين. قوله:"وقيل مبتدآن" هذا القول مقابل المشهور، وليس معطوفًا على قيل الذي قبله شمني. قوله:"يكون هو الخبر"، أي لتوقف صحة الإخبار عليه حينئذٍ. قوله:"فكمن" أي الابتدائية. قوله: "معنى في استبن"، أي اطلب بيان معنى في وهو الظرفية، والدلالة عليه بهما. قوله:"نكرة" أي معدودة إذ لا يجوز مذ يوم، كما تقدم أول الباب، ولا ينافيه ما في البيت الآتي ومذ دهر؛ لأنه متعدد في المعنى، وبهذا يعلم أن الكاف في قول الشارح، كما في المعدود استقصائية وفي نسخ، فإن كان المجرور بهما نكرة معدودًا كانا بمعنى من وإلى معًا، نحو مذ يومين وهو واضح.
قوله: "نحو ما رأيته مذ أو منذ يومين"، فالمعنى ما رأيته من ابتداء هذه المدة إلى انتهائها. قوله:"وربع عفت آثاره"، أي ومنزل اندرست علاماته. وقوله منذ أزمان قال سم: لعل هذا من العدد
583- صدره:
قفا نبك من ذكرى حبيب وعرفان
والبيت من الطويل، وهو لامرئ القيس في ديوانه ص89؛ والدرر 3/ 142؛ وشرح التصريح 2/ 17؛ وشرح شواهد المغني 1/ 374، 2/ 750؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 49؛ ومغني اللبيب 1/ 335؛ وهمع الهومع 1/ 217.
584-
البيت من الكامل، وهو لزهير بن أبي سلمى في ديوانه ص86؛ والأزهية ص283؛ وأسرار العربية ص273؛ والأغاني 6/ 86؛ والإنصاف 1/ 371؛ وخزانة الأدب 9/ 439، 440؛ والدرر 3/ 142؛ وشرح =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الثاني أصل مذ منذ بدليل رجوعهم إلى ضم الذال من مذ عند ملاقاة الساكن نحو مذ اليوم، ولولا أن الأصل الضم لكسروا؛ ولأن بعضهم بقول مذ زمن طويل، فيضم مع عدم الساكن، وقال ابن ملكون: هما أصلان؛ لأن لا يتصرف في الحرف وشبهه، ويرده تخفيفهم إن وكأن ولكن ورب. وقال المالقي: إذا كانت مذ اسمًا، فأصلها منذ أو حرفًا فهي أصل. الثالث بقي من الحرف رب، وهي للتكثير كثيرًا وللتقليل قليلًا: فالأول كقوله صلى الله عليه وسلم: "يا رب كاسية في الدنيا عارية يوم القيامة"، وقول بعض العرب عند انقضاء رمضان: يا رب
ــ
فتكون بمعنى من وإلى معًا. قوله: "بقنة الحجر" القنة بضم القاف، وتشديد النون أعلى الجبل، والمراد بالحجر بكسر الحاء حجر ثمود. وأقوين أي خلون حال من الديار بتقدير قد، والحجج بالكسر السنون. قوله:"رجوعهم إلى ضم الذال"، أي على الأشهر وجاء كسرها عند ملاقاة الساكن لا يقال: يحتمل أن الضم لكراهة الكسر بعد الضم؛ لأنا نقول هذا الكسر عارض مثل: {قُمِ اللَّيْلَ} [المزمل: 2]، فلا يكره نعم قد يقال الضم اتباع للميم لا رجوع إلى الأصل. قوله:"ولأن بعضهم يقول مذ إلخ"، قد يقال: الضم اتباع. قوله: "ملكون" قال شيخنا السيد: بضم الميم، وسكون اللام وضم الكاف. قوله:"في الحرف وشبهه"، قال الشارح عند قول المصنف:
حرف وشبهه من الصرف برى
ما نصه: المراد بشبه الحرف الأسماء المبنية، والأفعال الجامدة، وذلك عسى وليس ونحوهما، فإنها تشبه الحرف في الجمود. ا. هـ. قوله:"ويرده تخفيفهم أن إلخ" أي، وهذا التخفيف تصرف جرى في الحرف شذوذًا، كما سيذكره الشارح في أول باب التصريف، فليكن تخفيفهم منذ من هذا القبيل، قوله:"المالقي" نقل شيخنا السيد أنه بفتح اللام. قوله: "بقي من الحروف رب" أي بقي من معاني الحروف معنى رب، وأما نفس رب، فقد ذكرها المصنف، ولعل المصنف لم يذكر معناها لما فيه من الخلاف، فقيل التكثير دائمًا، وقيل: التقليل دائمًا وعزى إلى الأكثرين وقيل: التكثير كثيرًا والتقليل قليلًا، وقيل: العكس. قوله: "يا رب كاسية" أي مكتسية يقال: كسى بكسر السين يكسى بفتحها، فهو كاس ويا للتنبيه أو النداء، والمنادى محذوف وفي الدنيا ظرف لغو متعلق بكاسية، وعارية خبر المبتدأ الذي هو كاسية هذا هو الظاهر المتجه، وقول البعض كاسية مبتدأ، وفي الدنيا صفته وعارية خبره أو الظرف خبر وعارية خبر بعد خبر ركيك بوجهيه أما الأول؛ فلأن جعل في الدنيا ظرفًا مستقرًا صفة كاسية غير صريح في كون اكتسائها في الدنيا الذي هو المراد، وأما الثاني؛ فلأن المقصود من الحديث الإخبار عن الكاسية في الدنيا بأنها عارية يوم القيامة لا الإخبار عن الكاسية بأنها في الدنيا، كما لا يخفى على أحد، وجوّز البعض في عارية
ــ
= التصريح 2/ 17؛ وشرح شواهد المغني 2/ 750؛ وشرح عمدة الحافظ ص264؛ وشرح المفصل 4/ 93، 8/ 11؛ والشعر والشعراء 1/ 145؛ ولسان العرب 3/ 421 "منن"، 4/ 170 "هجر"؛ والمقاصد النحوية 3/ 312؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 48؛ وجواهر الأدب ص270؛ ورصف المباني ص320؛ ومغني اللبيب 1/ 335؛ وهمع الهوامع 1/ 217.
وبعد من وعن وباء زيد ما
…
فلم يعق عن عمل قد علما
وزيد بعد رب والكاف فكف
…
وقد يليهما وجر لم يكف
ــ
صائمه لن يصومه وقائمه لن يقومه. والثاني كقوله:
585-
ألا رب مولود وليس له أب
…
وذي ولد لم يلده أبوان
"وبعد من وعن وباء زيد ما فلم يعق عن عمل قد علما"، لعدم إزالتها الاختصاص نحو:{مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا} [نوح: 25]، {عَمَّا قَلِيلٍ} [المؤمنون: 40] ، {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ} [آل عمرن: 159] ، "وزيد بعد رب والكاف فكف"، عن الجر غالبًا وحيئنذ
ــ
الجر صفة لكاسية على اللفظ، والرفع صفة لها على المحل، والنصب على الحال المنتظرة من الضمير في كاسية، والخبر على الثلاثة محذوف أي ثابتة، وفي الأخير نظر؛ لأن صاحب الحال لا يقدر العري، فكيف تكون عارية حالًا منتظرة إلا أن يجعل المعنى مقدرًا عريها بزنة المفعول، لا مقدر عريها بزنة الفاعل. وإنما كانت ربّ في الحديث للتكثير؛ لأنه مسوق للتخويف والتقليل لا يناسبه، وكذا قول بعض العرب.
قوله: "يا رب صائمه إلخ" استدل به الكسائي على إعمال اسم الفاعل ماضيًا، إذ لو لم يكن عاملًا النصب في ضمير رمضان، لكانت إضافته إليه محضة؛ لأنها إضافة وصف إلى غير معموله، فتفيد التعريف مع أن رب لا تجر المعرفة، وقد يجاب بأنه حكاية حال ماضية بلفظ حكايتها قبل مضيها، فاسم الفاعل غير ماض تنزيلًا، وقوله: لن يصومه، ولن يقومه عبر بلن الاستقبالية؛ لأن المراد لن يجوز ثواب صيامه، وقيامه يوم القيامة، أو لن يعيش إلى صيام مثله وقيامه. قوله:"ألا رب مولود، وليس له أب" هو عيسى عليه الصلاة والسلام، وقوله: وذي ولد إلخ هو آدم عليه الصلاة والسلام، وضمير لم يلده إلى ذي ولد، وأصله لم يلده بكسر اللام، وسكون الدال فسكنت اللام تشبيهًا بتاء كتف فالتقى ساكنان، فحركت الدال بالفتح اتباعًا للياء أو بالضم اتباعًا للهاء كذا في التصريح وغيره، وعندي أنه يجوز التحريك بالكسر على الأصل في التخلص من التقاء الساكنين، قوله:"فلم يعق إلخ" نقل في الهمع أن ما تكف بقلة الباء، ومن ويدخلان حينئذٍ على الفعل. قوله:"نحو مما خطاياهم إلخ"، فخطاياهم مجرورة بكسرة مقدرة بدليل ظهورها في القراءة الثانية خطيآتهم، ولو مثل بها لكان أظهر، ولا يقدح في هذا المثال، وما بعده احتمال ما للاسمية بمعنى شيء، فيكون ما بعدها بدلًا؛ لأن المثال يكفيه الاحتمال. قوله: "وزيد بعد رب
585- البيت من الطويل، وهو لرجل من أزد السراة في شرح التصريح 2/ 18؛ وشرح الإيضاح ص257؛ وشرح شواهد الشافية ص22؛ والكتاب 2/ 266، 4/ 115؛ وله أو لعمرو الجنبي في خزانة الأدب 2/ 381؛ والدرر 1/ 173، 174؛ وشرح شواهد المغني 1/ 398؛ والمقاصد النحوية 3/ 354؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 1/ 19؛ وأوضح المسالك 3/ 51؛ والجني الداني ص441؛ والخصائص 2/ 333؛ والدرر 4/ 119؛ ورصف المباني ص189؛ وشرح المفصل 4/ 48. 9/ 126؛ والمقرب 1/ 199؛ ومغني اللبيب 1/ 135؛ وهمع الهوامع 1/ 54، 2/ 26.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يدخلان على الجمل كقوله:
586-
ربما الجامل المؤبل فيهم
…
وعناجيج بيهن المهار
وكقوله:
587-
كما الحبطات شر بني تميم
"وقد تليهما وجر لم يكف" كقوله:
588-
ربما ضربة بسيف صقيل
…
بين بصري وطعنة نجلاء
وكقوله:
ــ
إلخ" قد يفرق بين رب والكاف، وبين الثلاثة قبلها بأن اختصاصها بالأسماء أقوى لجرها كل اسم بخلاف رب والكاف، فإنهما يجران بعض الأسماء فلضعفهما بما ذكر كفًا عن العمل بخلافهما سم. قوله: "فكف" أنكر أبو حيان كف الكاف بما، وأوّل ما يوهم ذلك بجعل ما مصدرية منسبكة مع الجملة بعدها بمصدر بناء على جواز وصلها بالاسمية همع. قوله: "ربما الجامل المؤبل" الجامل بالجيم القطيع من الإبل، والمؤبل بالموحدة المعدّ للقنية. والعناجيج بعين مهملة، وجيمين الخيل الجياد، والمهار بكسر الميم جمع مهر بضمها، وهو ولد الفرس والأنثى مهرة، وفيهم خبر الجامل، وحذف خبر عناجيج لعلمه من خبر الجامل، قوله: "كما الحبطات" جماعة من تميم سموا باسم أبيهم الحبط بفتح فكسر وبفتحتين، وهو الحرث بن مالك بن عمرو، وسمي بذلك لأكله نباتًا بالبادية يسمى الذرق، وهو الحندقوق فانتفخ بطنه وانتفاخ البطن من أكله يسمى الحبط
586- البيت من الخفيف، وهو لأبي دؤاد الإيادي في ديوانه ص316؛ والأزهية ص94؛ 266؛ وخزانة الأدب 9/ 586، 588؛ والدرر 4/ 124؛ وشرح شواهد المغني 1/ 405؛ وشرح المفصل 8/ 29، 30؛ ومغني اللبيب 1/ 137؛ والمقاصد النحوية 3/ 328؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 71؛ والجني الداني ص448، 455؛ وجواهر الأدب ص368؛ والدرر 4/ 250؛ وشرح التصريح 2/ 22؛ وشرح ابن عقيل ص370؛ وهمع الهوامع 2/ 26.
587-
صدره:
فإن الخمر من شر المطايا
والبيت من الوافر، وهو لزياد الأعجم في ديوانه ص97؛ والأزهية ص77؛ وخزانة الأدب 10/ 204، 206، 208، 211، 213؛ والمقاصد النحوية 3/ 346؛ وبلا نسبة في الحيوان 1/ 363؛ وشرح ابن عقيل ص370.
588-
البيت من الخفيف، وهو لعدي بن الرعلاء في الأزهية ص82، 94؛ والاشتقاق ص486؛ والأصمعيات ص152؛ والحماسة الشجرية 1/ 194؛ وخزانة الأدب 9/ 582، 585؛ والدرر 4/ 205؛ وشرح التصريح 2/ 21؛ وشرح شواهد المغني ص725؛ ومعجم الشعراء ص252؛ أوضح المسالك 3/ 65؛ والجني الداني ص456؛ ورصف المباني ص194، 316؛ ومغني اللبيب ص137؛ وهمع الهوامع 2/ 38.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
589-
وننصر مولانا ونعلم أنه
…
كما الناس مجروم عليه وجارم
تنبيه: الغالب على رب المكفوف بما أن تدخل على فعل ماض كقوله:
590-
ربما أوفيت في علم
وقد تدخل على مضارع نزل منزلته لتحقق وقوعه نحو: {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا}
ــ
بفتحتين، والمنتفخ بطنه منه يسمى الحبط بفتح فكسر، فلهذا لقب بذلك. من القاموس والعيني. وبهذا يعلم ما في كلام البعض من الخطأ. قوله:"بين بصرى" أي بين جهاتها، فحصل التعدد الذي تقتضيه بين، وهي من أرض الشام، وقوله: وطعنة نجلاء أي واسعة عطف على ضربة. قوله: "وننصر مولانا" لعل المراد به مولى الموالاة، وقوله: مجروم عليه وجارم من الجرم بضم الجيم، وهو الذنب أي مذنب عليه، ومذنب ويروى مظلوم عليه وظالم. قوله:"الغالب على رب المكفوفة بما" مثلها غير المكفوفة، فإن الغالب في العامل بعدها كونه فعلًا ماضيًا كما في المغني، وقال في الهمع: والأصح أن رب تتعلق بالعامل الذي يكون خبرًا لمجرورها، أو عاملًا في موضعه أو مفسرًا له، ويجب كونه أي العامل الذي تتعلق به رب ماضيًا معنى قاله المبرد، والفارسي وابن عصفور. وقال أبو حيان: أنه المشهور عند الأكثرين. وقيل: يأتي حالًا أيضًا قاله ابن السراج قيل: ويأتي مستقبلًا أيضًا قاله ابن مالك. ا. هـ. مع حذف وترجيحه تعلق رب سيجري الشارح على خلافه، وقوله: أو مفسرًا له فيه نظر إذ الظاهر أن تعلقها في صورة الاشتغال بالعامل المحذوف لا بالمذكور المفسر له. قوله:
"على فعل ماض" أي حقيقة لا تنزيلًا؛ لأن دخولها على الماضي تنزيلًا من جملة المقابل للغالب، كما سيصنع الشارح. قوله:"ربما أوفيت في علم" أي نزلت على جبل. قوله: "نزل منزلته إلخ" حاصل
589- البيت من الطويل، وهو لعمرو بن براقة في أمالي القالي 2/ 122؛ والدرر 4/ 210؛ وسمط اللآلي ص749؛ وشرح التصريح 2/ 21؛ وشرح شواهد المغني 1/ 202، 500، 2/ 725، 778؛ والمؤتلف والمختلف ص67؛ والمقاصد النحوية 3/ 332؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 97؛ والجني الداني ص166، 482؛ وجواهر الأدب ص133؛ وخزانة الأدب 10/ 207؛ والدرر 6/ 81؛ وشرح ابن عقيل ص371؛ ومغني اللبيب 1/ 65؛ وهمع الهوامع 2/ 38، 130.
590-
عجزه:
ترفعن ثوبي شمالات
البيت من المديد، وهو لجذيمة الأبرش في الأزهية ص94، 265؛ والأغاني 15/ 257؛ وخزانة الأدب 11/ 404؛ والدرر 4/ 204؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 281؛ وشرح التصريح 2/ 22؛ وشرح شواهد الإيضاح ص219؛ وشرح شواهد المغني ص393؛ والكتاب 3/ 518؛ ولسان العرب 3/ 32 "شيخ" 11/ 366 "شمل"؛ والمقاصد النحوية 3/ 344، 4/ 328؛ ونوادر أبي زيد ص210؛ وبلا نسبة في جواهر الأدب ص293، 366، 368؛ وأوضح المسالك 3/ 70؛ والدرر 5/ 162؛ ورصف المباني ص235؛ وشرح التصريح 2/ 206؛ وشرح المفصل 9/ 40؛ وكتاب اللامات ص111؛ ومغني اللبيب ص135، 137، 309؛ والمقتضب 3/ 15؛ والمقرب 2/ 74؛ وهمع الهوامع 2/ 38، 78.
وحذفت رب فجرت بعد بل
…
والفا وبعد الواو شاع ذا العمل
ــ
[الحجر: 2]، وندر دخولها على الجملة الاسمية كقوله:
ربما الجامل المؤبل فيهم
حتى قال الفارسي يجب أن تقدر ما اسمًا مجرورًا بمعنى شيء، والجامل خبر لضمير محذوف، والجملة صفة ما: أي رب شيء هو الحامل المؤبل: "وحذفت رب" لفظًا "فجرت" منوبة "بعد بل وألفا" لكن على قلة كقوله:
591-
بل بلد ملء الفجاج قتمه
…
لا يشتري كتانه وجهرمه
وقوله:
592-
بل بلد ذي صعد وأصباب
ــ
ما أشار إليه الشارح أن يود مستقبل حقيقة؛ لأنه في يوم القيامة لكن لما كان معلومًا لله تعالى نزل منزلة الماضي بجامع التحقق في كل، واعلم أن عبارة الشارح هي عبارته التوضيح بعينها، فزعم البعض أنه لم يعتدّ بقيد
التنزيل في التوضيح باطل، ونقله عن التوضيح عبارة ليست عبارته تقوّل فاضح، ولا حول ولا قوة إلا بالله. قوله:"حتى قال الفارسي" غاية لقوله وندر. قوله: "والجملة صفة ما"، وفيهم متعلق بحال محذوفة أي رب شيء هو الجامل المؤبل كائنًا فيهم، وإنما قدّر الفارسي ضميرًا محذوفًا، ولم يجعل الجملة على حالها صفة لما ليحصل الربط بين الصفة والموصوف. تصريح. قوله:"أي رب شيء إلخ"، وعلى هذا تكتب ما مفصولة من رب بخلاف ما الكافة، فإنها تكتب موصولة.
قوله: "بعد بل والفا" قيل: وبعد ثم. همع. قوله: "ملء الفجاج" بكسر الفاء جمع فج، وهو الطريق الواسع. والقتم بفتحتين والقتم بفتح وسكون والقتام كسحاب الغبار. وقوله: لا يشتري كتانه وجهرمه أي جهرميه بحذف ياء النسب للضرورة، والمراد به البسط المنسوبة إلى جهرم بفتح الجيم قرية بفارس، وقيل: الجهرم البساط من الشعر، والجمع جهارم وجواب رب قطعت في بيت بعد. من شرح شواهد المغني للسيوطي. قوله:"ذو صعد" بضمتين جمع صعود بفتح الصاد العقبة، وأضباب جمع ضب وهو الحيوان المعروف، والباء الواقعة رويا في هذا البيت يجب إسكانها كما
591- الرجز لرؤية في ديوانه ص150؛ والدرر 1/ 114، 4/ 194؛ وشرح شواهد الإيضاح ص376، 431؛ 440؛ وشرح شواهد المغني 1/ 347؛ ولسان العرب 11/ 654 "ندل"، 12/ 111 "جهرم"؛ والمقاصد النحوية 3/ 335؛ وبلا نسبة في الإنصاف ص225؛ وجواهر الأدب ص529؛ ورصف المباني ص 156؛ وشرح شذور الذهب ص417؛ وشرح ابن عقيل ص373؛ وشرح عمدة الحافظ ص273؛ وشرح المفصل 8/ 105؛ ومغني اللبيب 1/ 112؛ وهمع الهوامع 2/ 36.
592-
الرجز لرؤية في ديوانه ص6؛ وخزانة الأدب 10/ 32، 33؛ ولسان العرب 1/ 517 "صبب"؛ وبلا نسبة في شرح شواهد المغني 1/ 403 "وفيه وآكام" مكان "وأسباب"؛ ومغني اللبيب 1/ 136 "وفيه وآكام" مكان "وأصباب".
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وقوله:
593-
فمثلك حبلى قد طرقت ومرضع
وقوله:
594-
فخور قد لهوت بهن عين
"وبعد الوو شاع ذا العمل" بكثرة كقوله:
595-
وليل كموج البحر أرخى سدوله
تنبيهات: الأول قد يجر بها محذوفة بدون هذه الأحرف كقوله:
596-
رسم دار وقفت في طلله
…
كدت أقضي الحياة من جلله
ــ
لا يخفى على من له إلمام بفن العروض. قوله: "فمثلك حبلى" خص الحبلى والمرضع بالذكر؛ لأنهما أزهد النساء في الرجال. وقوله: قد طرقت أي أتيتها ليلًا. قوله: "فحور" جمع حوراء وهي شديدة سواد العين مع شدة بياضها، وعين جمع عيناء وهي الواسعة العين. قوله:"وليل كموج البحر" أي في كثافته وظلمته. والسدول الستور والابتلاء الاختبار. قوله: "رسم دار" أي رب رسم
593- عجزه:
فألهيتها عن ذي تمائم مغيل
والبيت من الطويل، وهو لامرئ القيس في ديوانه ص12؛ والأزهية ص244؛ والجني الداني ص75؛ وجواهر الأدب 63؛ وخزانة الأدب 1/ 334؛ والدرر 4/ 193؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 450؛ وشرح شذور الذهب ص416؛ وشرح شواهد المغني 1/ 402، 463؛ والكتاب 2/ 163؛ ولسان العرب 8/ 126، 127 "رضع" 11/ 511 "غيل"؛ والمقاصد النحوية 3/ 336؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 73؛ ورصف المباني ص387؛ وشرح ابن عقيل ص372؛ ومغني اللبيب 1/ 136، 161؛ وهمع الهوامع 2/ 36.
594-
عجزه:
نواعم في المروط وفي الرياط
والبيت من الوافر، هو للمتنخل الهذلي في شرح أشعار الهذليين 3/ 1267؛ وشرح شواهد الإيضاح ص385؛ وشرح عمدة الحافظ ص273؛ وللهذلي في الجني الداني ص75؛ وبلا نسبة في الإنصاف 1/ 380؛ وجمهرة اللغة ص761؛ وشرح المفصل 2/ 118. 8/ 53.
595-
عجزه:
علي بأنواع الهموم ليبتلي
والبيت من الطويل، وهو لامرئ القيس في ديوانه ص18؛ وخزانة الأدب 2/ 326؛ 3/ 271؛ وشرح شواهد المغني 2/ 574؛ 272؛ وشرح عمدة الحافظ ص272؛ والمقاصد النحوية 3/ 338؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 75؛ وشرح شذور الذهب ص415.
596-
البيت من الخفيف، وهو لجميل بثينة في ديوانه ص189؛ والأغاني 8/ 94؛ وأمالي القالي 1/ 246؛ وخزانة الأدب 10/ 20؛ والدرر 4/ 48، 199؛ وسمط اللآلي ص557؛ وشرح التصريح 2/ 23؛ وشرح شواهد المغني 1/ 395، 403؛ ولسان العرب 11/ 120 "جلل"؛ ومغني اللبيب ص121؛ والمقاصد=
وقد يجر بسوى رب لدى
…
حذف وبعضه يرى مطردًا
ــ
وهو نادر. وقال في التسهيل: تجر رب محذوف بعد الفاء كثيرًا، وبعد الواو أكثر وبعد بل قليلًا، ومع التجرد أقل. ومراده بالكثرة مع الفاء الكثرة النسبية أي كثير بالنسبة إلى بل. الثاني قال في التسهيل: وليس الجر بالفاء وبل باتفاق. وحكى ابن عصفور أيضًا الاتفاق، لكن في الارتشاف: وزعم بعض النحويين أن الجر هو بالفاء، وبل لنيابتهما مناب رب، وأما الواو، فذهب الكوفيون والمبرد إلى أن الجر بها، والصحيح أن الجر برب المضمرة، وهو مذهب البصريين "وقد يجر بسوى رب" من الحروف "لدى حذف"، وهذا بعضه يرى غير مطرد يقتصر فيه على السماع، وذلك كقول رؤبة، وقد قيل له: كيف أصبحت؟ قال خير عافاك الله. التقدير على خير وقوله:
597-
أشارت كليب بالأكف الأصابع
وقوله:
ــ
دار ورسم الدار ما كان من آثارها لاصقًا بالأرض، كالرماد والطلل ما شخص من آثارها كالوتد والأثافي، وقوله: من جلله بفتح الجيم واللام الأولى أي من أجله، أو من عظيم شأنه؛ لأن الجلل يطلق بمعنى أجلّ وعظيم، وحقير وأما جلل بالبناء على السكون، فحرف بمعنى نعم من المغني، وشرح شواهده للسيوطي. قوله:"وهو نادر" أي جدًا كما يدل عليه ما بعده.
قوله: "كثير بالنسبة إلى بل"، أي وإن كان قليلًا بالنسبة إلى الواو، فلا ينافي قول الشارح سابقًا، لكن على قلة. قوله:"لكن في الارتشاف إلخ" يجاب بأن المصنف، وابن عصفور لم يعتدا بالمخالف لشذوذه فحكيا الاتفاق. قوله:"والصحيح أن الجر برب المضمرة"؛ لأنه لم يعهد الجر ببل والفاء أصلًا، ولا بالواو إلا في القسم. قوله:"وهذا" أي الجر بسوى رب لدى الحذف. قوله: "كقول رؤبة" بضم الراء، وسكون الهمزة ابن العجاج بن رؤبة كان من فصحاء العرب، قوله:
ــ
= النحوية 3/ 339؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 77؛ والإنصاف 1/ 378؛ والجني الداني ص454، 455؛ والخصائص 1/ 285/ 3/ 150؛ ورصف المباني ص156/ 191/ 254/ 528؛ وسر صناعة الإعراب ص1/ 133؛ وشرح ابن عقيل ص373؛ وشرح عمدة الحافظ ص274؛ وشرح المفصل 3/ 28، 79، 8/ 52؛ ومغني اللبيب ص136؛ وهمع الهوامع 2/ 37.
597-
صدره:
إذا قيل: أي الناس شر قبيلة
والبيت من الطويل، وهو للفرزدق في ديوانه 1/ 420؛ وتخليص الشواهد ص504؛ وخزانة الأدب 9/ 113، 115؛ والدرر 4/ 191؛ وشرح التصريح 1/ 312؛ وشرح شواهد المغني 1/ 12؛ والمقاصد النحوية 2/ 542؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 178؛ وخزانة الأدب 10/ 41؛ والدرر 5/ 185؛ وشرح ابن عقيل ص374؛ ومغني اللبيب 1/ 61، 2/ 643؛ وهمع الهوامع 2/ 36، 81.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
598-
حتى تبذخ فارتقى الأعلام
أي إلى كليب وإلى الأعلام "وبعضه يرى مطردًا" وذلك في ثلاثة عشر موضعًا الأول لفظ الجلالة في القسم دون عوض نحو الله لأفعلن. الثاني بعدكم الاستفهامية إذا دخل عليها حرف جر نحو بكم درهم اشتريت أي من درهم خلافًا للزجاج في تقديره الجر بالإضافة كما يأتي في بابها. الثالث في جواب ما تضمن مثل المحذوف نحو زيد في جواب بمن مررت. الرابع في المعطوف على ما تضمن مثل المحذوف بحرف متصل نحو: {وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِنْ دَابَّةٍ آَيَاتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ، وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} [الجاثية: 4]، أي وفي اختلاف الليل. وقوله:
599-
أخلق بدي الصبر أن يحظى بحاجته
…
ومدمن القرع للأبواب أن يلجأ
ــ
"التقدير على خير" أي أو بخير كما في التصريح. قوله: "حتى تبذخ" أي تكبر والأعلام الجبال. قوله: "وذلك" أي البعض الذي يرى مطردا من الجر بسوى رب لدى الحذف. قوله: "دون عوض" أي من حرف القسم المحذوف وقيد بذلك ليكون من الجر بالمحذوف اتفاقا لأنه مع العوض قيل هو الجار كما مر ذلك. قوله: "في جواب ما" أي سؤال تضمن مثل المحذوف أي اشتمل على حرف مثل الحرف المحذوف. قوله: "بحرف متصل" متعلق بالمعطوف وليس الجر بالعطف على خلقكم حتى يقال الجر بفي المذكورة لا المحذوفة لما يلزم عليه من العطف على مفعولي عاملين مختلفين وهو ممنوع على الأصح. المعمولان خلق وآيات والعاملان في والابتداء فعلى ما ذكره الشارح يكون العطف من عطف الجمل.
قوله: "أن يحظى" قال في القاموس الحظوة بالضم والكسر والحظة كعدة المكانة والحظ من الرزق والجمع حظا وحظاء. وحظي كل واحد من الزوجين عند صاحبه كرضي واحتظى وهي حظية كغنية. ا. هـ. ولم أجد فيه ولا في غيره حظي متعديا بالباء فلعله على تضمين معنى ظفر أو تنعم مثلا وقوله ومدمن أي مديم والولوج الدخول. قوله: "أي وبمد من" ولو لم يقدر الباء لزم العطف على معمولي عاملين مختلفين المعمولان ذي وأن يحظى والعاملان الباء وأخلق لكن قد يقال أن يحظى بدل اشتمال من ذي الصبر فالعامل واحد وهو الباء إلا أن يقال العامل في البدل باء أخرى مقدرة على ما رجحه أكثر المتأخرين فالمحذور موجود. قوله: "في المعطوف عليه"
598- صدره:
وكريمة من آل قيس ألفته
والبيت من الكامل، وهو بلا نسبة في الدرر 4/ 192؛ وشرح ابن عقيل ص375؛ ولسان العرب 9/ 9 "ألف"؛ والمقاصد النحوية 3/ 341؛ وهمع الهوامع 2/ 36.
599-
البيت من البسيط، وهو لمحمد بن يسير في الأغاني 4/ 40؛ وشرح ديوانه الحماسة للمرزوقي ص1175؛ والشعر والشعراء ص883؛ وبلا نسبة في العقد الفريد 1/ 70.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أي وبمدمن. الخامس في المعطوف عليه بحرف منفصل بلا كقوله:
600-
ما لمحب جلد أن يهجرا
…
ولا حبيب رأفة فيجبرا
السادس في المعطوف عليه بحرف منفصل بلو كقوله:
601-
متى عذتم بنا ولو فئة منا
…
كفيتم ولم تخشوا هوانًا ولا وهنا
السابع في المقرون بالهمزة بعدما تضمن مثل المحذوف، نحو أزيد ابن عمرو استفهامًا لمن قال مررت بزيد. الثامن في المقرون بهلا بعده، نحو هلا دينار لمن قال: جئت بدرهم. التاسع في المقرون بأن بعده، نحو امرر بأيهم أفضل إن زيد وإن عمرو، وجعل سيبويه إضمار هذه الباء بعد أن أسهل من إضمار رب بعد الواو فعلم بذلك اطراده. العاشر في المقرون بفاء الجزاء بعده. حكى يونس مررت برجل صالح إلا صالح فطالح: أي إلا أمرر بصالح فقد مررت بطالح، والذي حكاه سيبويه إلا صالحًا فطالح، وإلا صالحًا فطالحًا، وقدره إلا يكن صالحًا فهو طالح، وإلا يكن صالحًا يكن طالحًا. الحادي عشر
ــ
أي على ما تضمن مثل المحذوف. قوله: "ما لمحب جلد أن يهجرا" أي قوة للهجر والشاهد في قوله ولا حبيب وقوله فيجبرا بالنصب على إضمار أن. قوله: "ولو فئة" أي ولو بفئة أي ولو عذتم بفئة وعدم صحة كون الجر هنا بالعطف على نا لأن لولا تدخل إلا على الجملة دون المفرد والغالب في مثل هذا النصب كقولهم ائتني بدابة ولو حمارا كما في الهمع. قوله: "بعده" أي بعد ما تضمن مثل المحذوف وكذا الضمير في نظائره الآتية. قوله: "أسهل من إضمار رب إلخ" أي فيكون عملها محذوفة بعد أن أكثر مما ذكر ووجهه كما في زكريا أن أن مختصة بالأفعال وهي قوية الطلب للجار. قوله: "مررت برجل صالح" أي في اعتقادي وقوله إلا صالح أي في نفس الأمر فطالح أي في نفس الأمر فلا تنافي، وليس لفظ صالح الأول في عبارة المرادي والأمر عليها ظاهر. قوله:"إلا صالح فطالح" الشاهد في فطالح وأما جر صالح فمن الموضع التاسع لأنه لم يقيد فيه المقرون بأن بالتكرار ولا بعدم الفصل أفاده شيخنا.
قوله: "أي إلا أمرر بصالح فقد مررت بطالح" قال في التصريح هذا تقدير ابن مالك وقدره سيبويه إلا أكن مررت بصالح فبطالح قيل وتقدير سيبويه هو الصواب لأنك إذا قلت إلا أمرر نقضت أخبارك أولا بالمرور فيما مضى لأن إلا أمرر معناه إلا أمرر فيما يستقبل فلا بد من تقدير الكون أي إلا أكن فيما يستقبل موصوفا بكوني مررت فيما مضى بصالح فأنا قد مررت بطالح. ا. هـ. ملخصا ويمكن حمل تقدير ابن مالك على هذا بأن يجعل معنى إلا أمرر إلا أكن
600- الرجز بلا نسبة في الدرر 4/ 199؛ والمقاصد النحوية 3/ 353؛ وهمع الهومع 2/ 37.
601-
البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في الدرر 4/ 200؛ وهمع الهوامع 2/ 37.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لام التعليل إذا جرت كي وصلتها ولهذا تسمع النحويين في نحو جئت كي تكرمني أن تكون كي تعليلية وأن مضمرة بعدها، وأن تكون مصدرية واللام مقدرة قبلها. الثاني عشر مع أن، وأن نحو عجبت أنك قائم وأن قمت على ما ذهب إليه الخليل والكسائي. وقد سبق في باب تعدي الفعل ولزومه. الثالث عشر المعطوف على خبر ليس وما الصالح لدخول الجار. أجاز سيبويه في قوله:
602-
بدا لي أني لست مدرك ما مضى
…
ولا سابق شيئًا إذا كان جائيا
الخفض في سابق على توهم وجود الباء في مدرك، ولم يجزه جماعة من النحاة. ومنه قوله:
603-
أحقا عباد الله أن لست صاعدا
…
ولا هابطًا إلا على رقيب
ولا سالك وحدي ولا في جماعة
…
من الناس إلا قيل أنت مريب
وقوله:
604-
مشائيم ليسوا مصلحين عشيرة
…
ولا ناعب إلا ببين غرابها
ــ
مررت. قوله: "على ما ذهب إليه الخليل والكسائي" أي من أن أن وصلتها أو أن وصلتها في موضع جر بالحرف المقدر أما على ما ذهب إليه سيبويه فموضعهما نصب بنزع الخافض. قوله: "الصالح لدخول الجار" أي بأن يكون اسما لم ينقض نفيه. قوله: "ولم يجزه جماعة من النحاة" وأما الجر بالمجاورة نحو هذا حجر ضب خرب فأثبته جمهور البصريين والكوفيين في نعت وتوكيد زاد بعضهم وعطف ورده أبو حيان بأنه ضعيف لأنه تابع بواسطة بخلافهما وأما الآية ففي المسح على الخف على قول، وزاد ابن هشام عطف البيان قياسا وسيأتي بسطه في أول النعت. قوله:"مريب" بفتح الميم اسم مفعول. قوله:
602- البيت من الطويل، وهو لزهير بن أبي سلمى في ديوانه ص278؛ وتخليص الشواهد ص512؛ وخزانة الأدب 8/ 492، 496، 552، 9/ 100، 102، 104، والدرر 6/ 163؛ وشرح شواهد المغني 1/ 282؛ وشرح المفصل 2/ 52، 7/ 56؛ والكتاب 1/ 65، 3/ 29، 51، 100، 4/ 160؛ ولسان العرب 6/ 160 "نمش"؛ ومغني اللبيب 1/ 96؛ والمقاصد النحوية 2/ 267، 3/ 351؛ وهمع الهوامع 2/ 141؛ ولصرمة الأنصاري في شرح أبيات سيبويه 1/ 72 والكتاب 1/ 306؛ ولصرمة أو لزهير في الإنصاف 1/ 191؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص154؛ والأشباه والنظائر 2/ 347؛ وجواهر الأدب ص52؛ وخزانة الأدب 1/ 120، 4/ 135، 10/ 293، 315؛ والخصائص 2/ 353، 424؛ وشرح المفصل 8/ 69؛ والكتاب 2/ 155.
603-
البيتان من الطويل، وهما لابن الدمينة في ديوانه ص103؛ وشرح ديوانه الحماسة للمرزوقي ص1364.
604-
البيت من الطويل، وهو للأخوص "أو الأحوص" الرباحي في الإنصاف ص193؛ والحيوان 3/ 431؛ وخزانة الأدب 4/ 158، 160، 164؛ وشرح شواهد الإيضاح ص589؛ وشرح شواهد المغني ص871؛=
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وقوله:
605-
وما زرت ليلى أن تكون حبيبة
…
إليَّ ولا دين بها أنا طالبه
تنبيه: لا يجوز الفصل بين حرف الجر ومجروره في الاختيار، وقد يفصل بينهما في الاضطرار بظرف أو مجرور كقوله:
إن عمرًا لا خير في اليوم عمرو
وقوله:
606-
وليس إلى منها النزول سبيل
وندر الفصل بينهما في النثر بالقسم، نحو اشتريته بوالله درهم.
خاتمة: يجب أن يكون للجار والظرف متعلق وهو فعل أو ما شبهه أو مؤول بما
ــ
"مشائيم" جمع مشئوم وناعب بالعين المهملة أي صائح وبابه ضرب ونفع كما في المصباح والبين البعد وقوله غرابها أي غراب تلك المشائيم. قوله: "وما زرت ليلى إلخ" ينبغي إسقاط هذا البيت إذ ليس فيه ليس ولا ما العاملة عملها بل الجر فيه ليس من جر التوهم أصلا بل الجر فيه بسبب العطف على أن تكون، لأن محله جر باللام المقدرة على ما ذهب إليه الخليل والكسائي، نعم هو من جر التوهم على المذهب الآخر فيمكن أنه مراد الشارح ويكون قوله سابقا ومنه قوله إلخ أي من الجر على التوهم أعم من أن يكون بعد ليس وما أولا فتنبه.
قوله: "يجب أن يكون للجار والظرف متعلق" أي لأن الحرف موضوع لإيصال معنى الفعل إلى الاسم والظرف لا بد له من شيء يقع فيه فالموصل معناه والواقع هو المتعلق. والتحقيق أن ذلك المتعلق إنما يعمل في المجرور وأنه الذي في محل نصب بالمتعلق بمعنى أنه
ــ
= وشرح المفصل 2/ 52؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 74، 2/ 105؛ والكتاب 1/ 65، 306؛ ولسان العرب 12/ 314 "شأم" والمؤتلف والمختلف ص49؛ وهو للفرزدق في الكتاب 3/ 29؛ وبلا نسبة في أسرار العرب ص155؛ والأشباه والنظائر 2/ 347؛ 4/ 313؛ والخزانة 8/ 295، 554؛ والخصائص 2/ 354؛ وشرح المفصل 5/ 68، 7/ 57؛ ومغني اللبيب ص478؛ والممتع في التصريف ص50.
605-
البيت من الطويل، وهو للفرزدق في ديوانه 1/ 84؛ والإنصاف ص395؛ وتخليص الشواهد ص511؛ والدرر 5/ 183؛ وسمط اللآلي ص572؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 103؛ وشرح شواهد المغني ص885؛ والكتاب 3/ 29؛ ولسان العرب 1/ 336 "حنطب"؛ والمقاصد النحوية 2/ 556؛ وبلا نسبة في مغني اللبيب ص526؛ وهمع الهوامع 2/ 81.
606-
صدره:
مخلفة لا يستطاع ارتقاؤها
والبيت من الطويل، وهو بلا نسبة في الخصائص 2/ 395، 3/ 107؛ ورصف المباني ص255؛ والمقرب 1/ 197.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يشبهه أو ما يشير إلى معناه نحو: {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} [الفاتحة: 7]، {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ} [الأنعام: 3] ، أي وهو المسمى بهذا الاسم، {مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ} [القلم: 2] ، أي انتفى ذلك بنعمة ربك، فإن لم يكن شيء من هذه الأربعة موجودًا في اللفظ قدر الكون المطلق متعلقًا كما تقدم في الخبر والصلة. ويستثنى من ذلك خمسة أحرف: الأول الزائد كالباء في نحو: {كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} [الرعد: 43]، {هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ} [قاطر: 3] . الثاني لعل في لغة عقيل لأنها بمنزلة الزائد ألا ترى أن مجرورها في موضع رفع بالابتداء بدليل ارتفاع ما بعدها على الخبرية. الثالث لولا فيمن قال: لولاي ولولاك ولولاه على قول سيبويه إن لولا جارة فإنها أيضًا بمنزلة لعل في أن ما بعدها مرفوع المحل بالابتداء الرابع رب في نحو رجل صالح لقيت أو لقيته لأن مجرورها مفعول في الأول ومبتدأ في الثاني أو مفعول أيضًا على حد زيدًا ضربته. ويقدر الناصب بعد المجرور لا قبل الجار لأن رب لها الصدر من بين حروف
ــ
يقتضي نصبه لو كان متعديا إليه بنفسه فتعلق المجرور به تعلق عمل، وأما الجار فلا عمل للمتعلق فيه ونسبة التعلق إليه مسامحة أو مرادهم تعلق الإيصال لأن الحرف يوصل معاني الأفعال إلى الأسماء فعلم أن المحل للمجرور فقط هذا إذا لم يقعا عوضا عن العامل المحذوف وإلا حكم على محل مجموعهما بإعراب العامل رفعا نحو زيد في الدار أو نصبا نحو خرج زيد بثيابه أو جرا نحو مررت برجل من الكرام أفاده الدماميني وغيره. قوله:"أو ما يشبهه" أي في العمل وهو المشتق والمصدر واسمه وكذا اسم الفعل وإن لم يذكره غير واحد كالبعض. قوله: "أو ما أول بما يشبهه" كلفظ الجلالة فإنه مؤول بالمسمى بهذا الاسم أو بالمعبود. قوله: "أو ما يشير إلى معناه" أي معنى الفعل وسيأتي التمثيل له بما في قوله تعالى: {مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ} [القلم: 2]، وظاهره أن ما هي المتعلق وهو مبني على جواز التعلق بأحرف المعاني ومذهب الجمهور المنع فعلى مذهبهم المتعلق هو الفعل الذي يسير إليه النافي كما في المغني. قوله:"نحو أنعمت عليهم إلخ" فيه لف ونشر مرتب. قوله: "أي انتفى ذلك" أي الكون مجنونا وهو تفسير لمعنى ما وليس مراده أن المتعلق الفعل الذي دل عليه النافي وإلا لنافي آخر كلامه أوله. قوله: "الأول الزائد" لأنه إنما أتى به للتأكيد لا لربط الفعل بالمفعول لعدم احتياجه إليه في الربط. نعم استثنى من الزائد اللام المقوية فإنه لا مانع من تعليقها بالعامل المقوي لأن زيادتها ليست محضة كما مر عن ابن هشام.
قوله: "بدليل ارتفاع ما بعدها" أي بعد مجرورها ولو قال ما بعده أي بعد المجرور لكان أوضح. قوله: "لأن مجرورها مفعول" أي مفعول فعل يتعدى إليه بنفسه من غير احتياج إلى توسط الحرف وإلا فالمجرور بحرف يتعلق مفعول في المعنى فلا يتم التعليل أفاده سم. قوله: "لا قبل الجار إلخ" أي ولا بين الجار والمجرور لأن الفعل لا يقع بعد رب إلا مكفوفة بما كما مر.
حروف الجر
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
للهمزة في تصيير الفاعل مفعولًا وأكثر تعدي الفعل القاصر نحو ذهبت بزيد بمعنى أذهبته. ومنه: {ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ} [البقرة: 17] ، وقرئ أذهب الله نورهم. السابع التعويض نحو بعت هذا بألف، وتسمى باء المقابلة أيضًا. الثامن الإلصاق حقيقة ومجازًا نحو أمسكت بزيد، ونحو مررت به. وهذا المعنى لا يفارقها، ولهذا اقتصر عليه سيبويه. التاسع المصاحبة نحو:{اهْبِطْ بِسَلَامٍ} [هود: 48]، أي معه. العاشر التبعيض نحو: {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ
ــ
بعض الناس ببعض، وصككت الحجر بالحجر، والأصل دفع بعض الناس بعضًا وصك الحجر الحجر قال الدماميني: ويرد عليه أنه إذا كان الأصل ذلك لم تكن الباء داخلة على ما كان فاعلًا بل على ما كان مفعولًا، فلا يشملها ضابط باء التعدية المتقدم، ولو جعل الأصل دفع بعض الناس بعض، وصك الحجر الحجر بتقديم المفعول لم يرد ذلك. ا. هـ. قوله:"بمعنى أذهبته" ولا فرق بينهما خلافًا لمن فرق باقتضاء ذهبت بزيد المصاحبة في الذهاب بخلاف أذهبت زيدًا، ومما يرده قوله تعالى:{ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ} [البقرة: 17]، وإن أجيب عن الآية بأنه يجوز أن يكون تعالى وصف نفسه بالذهاب على معنى يليق كما وصف نفسه تعالى بالمجيء في قوله تعالى:{وَجَاءَ رَبُّكَ} [الفجر: 22] ؛ لأنه ظاهر البعد. نعم ممن فرق صاحب الكشاف حيث قال: والفرق بين أذهبه، وذهب به أن معنى أذهبه أزاله وجعله ذاهبًا ويقال: ذهب به إذا استصحبه ومضى معه، وذهب السلطان بماله أخذه، ثم قال: والمعنى أخذ الله نورهم وأمسكه. ا. هـ. قال الشمني: ولا يخفى ما في قول الزمخشري، والمعنى إلخ من الجواب عن الآية بحملها على معنى آخر لذهب مع الباء لا محذور في نسبته إلى الله تعالى أصلًا.
قوله: "التعويض إلخ" المناسب لقوله باء البدل أن يقول باء العوض، والفرق بين باء التعويض، وباء البدل كما قاله سم أن في باء التعويض مقابلة شيء بشيء بأن يدفع شيء من أحد الجانبين. ويدفع من الجانب الآخر شيء في مقابلته، وفي باء البدل اختيار أحد الشيئين على الآخر فقط من غير مقابلة من الجانبين، وقيل: باء البدل أعم مطلقًا وهو ما استظهره في الهمع، فتكون هي الدالة على اختيار شيء على آخر أعم من أن يكون هناك مقابلة أولًا، والأول أشهر وأوفق بصنيع الشارح. قوله:"نحو أمسكت بزيد إلخ" فيه لف ونشر مرتب، فمعنى أمسكت بزيد قبضت على شيء من جسمه، أو ما يحسبه من ثوب أو نحوه، ولهذا كان أبلغ من أمسكت زيدًا؛ لأن معناه المنع من الانصراف بأي وجه كان، ومعنى مررت بزيد ألصقت مروري بمكان يقرب منه قاله في المغني، ونازع الدماميني في كون الإلصاق في صورة القبض على نحو الثوب حقيقي، واستظهر أنه مجاز بجعل إلصاق الإمساك بالثوب إلصاقًا بزيد لما بينهما من المجاورة، وقد يعدى المرور بعلى، فتكون للاستعلاء المجازي كأن المارّ بمجاوزته المرور به استعلى عليه. قوله:"وهذا المعنى لا يفارقها" التزامه يحوج في بعض الأماكن إلى تكلف، كما في:{ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ} وبالله لأفعلن. قوله: "نحو اهبط بسلام" ونحو فسبح بحمد ربك بناء على أن المصدر مضاف لمفعوله أي مع حمدك ربك، وقيل: للاستعانة بناء على أنه مضاف لفاعله أي بما حمد الرب به نفسه قاله في المغني.