الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحال:
الحال وصف فضلة منتصب
…
مفهم في حال كفردا أذهب
ــ
وهي عند الفارسي نصب على الحال، وعند غيره اسم للا التبرئة وهو المختار. الله أعلم.
الحال:
"الحال" يذكر ويؤنث. ومن التأنيث قوله:
486-
إذا أعجتك الدهر حال من امرئ
…
فدعه وواكل أمره واللياليا
وسيأتي الاستعمالان في النظم وهو اصطلاح النحاة "الحال وصف فضلة منتصب
ــ
جني المحذوف لامها وحركت العين بحركة اللام كذا في الهمع وفيه أيضا أن العرب أبدلت سينها تاء فوقية فقالوا لا تيما كما قرىء: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} [الناس: 1]، ولامها كذلك فقالوا تاسيما. قوله:"وقد تحذف الواو" أما حذف لا فقال الدماميني حكى الرضي أنه يقال سيما بالتثقيل والتخفيف مع حذف لا ولم أقف عليه من غير جهته بل في كلام الشارح يعني المرادي أن سيما بحذف لا لم يوجد إلا في كلام من لا يحتج بكلامه. ا. هـ. باختصار. قوله: "فه" فعل أمر من وفي يفي، والهاء للسكت قال الدماميني والشمني فينطق بها وقفا ولا ينطق وتكتب بها وصلا. ا. هـ. وقد يقال هلا جاز النطق بها وصلا إجراء للوصل مجرى الوقف. قوله:"وهي عند الفارسي" أي إذا تجردت عن الواو وإلا وافق غيره لأن الحال المفردة لا تقترن بالواو قاله الدماميني. قوله: "نصب على الحال" أي ولا مهملة فمعنى قاموا لا سيما زيد قاموا غير مماثلين لزيد في القيام. والفارسي يكتفي بالتكرير المعنوي في لا المهملة الداخلة على الحال، وهو موجود هنا لأن معنى قاموا لا مساوين لزيد في القيام ولا أولى منه. فلا يقال إذا أهملت لا وجب تكرارها قاله الدماميني.
الحال:
يطلق لغة على الوقت الذي أنت فيه، وعلى ما عليه الشخص من خير أو شرّ. وألفها منقلبة عن واو لجمعها على أحوال وتصغيرها على حويلة. واشتقاقها من التحول. قوله:"يذكر ويؤنث" أي لفظه وضميره ووصفه وغيرها لكن الأرجح في الأول التذكير بأن يقال حال بلا تاء وفي غيره التأنيث. قوله: "وصف" أي صريح أو مؤول فدخلت الجملة وشبهها قاله المصرح. قوله: "منتصب" أي أصالة وقد يجر لفظه بالباء ومن بعد النفي لكن ليس ذلك مقيسا على الأصح، نحو:
486- البيت من الطويل وهو لأفنون التغلبي في حماسة البحتري ص164؛ ولمويلك العبدي في حماسة البحتري ص215؛ وبلا نسبة في المقاصد النحوية 3/ 99.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مفهم في حال كفردا أذهب" فالوصف جنس يشمل الحال وغيره، ويخرج نحو القهقرى في قولك: رجعت القهقرى، فإنه ليس بوصف إذ المراد بالوصف ما صيغ من المصدر ليدل على متصف، وذلك اسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبهة وأمثلة المبالغة وأفعل التفضيل، وفضلة يخرج العمدة كالمبتدأ في نحو أقائم الزيدان، والخبر في نحو زيد قائم، ومنتصب يخرج النعت لأنه ليس بلازم النصب، ومفهم في حال كذا يخرج التمييز في نحو لله دره فارسًا.
ــ
فما رجعت بخائبة ركابٌ
…
حكيمُ بن المسيب منتهاها
ونحو قراءة زيد بن ثابت: {مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ} [الفرقان: 18] ، بضم النون وفتح الخاء، فمن أولياء حال بزيادة من كذا في ابن عقيل على التسهيل وكذا في الدماميني عليه ثم قال: قال ابن هشام ويظهر لي فساده في المعنى لأنك إذا قلت ما كان لك أن تتخذ زيدا في حالة كونه خاذلا فأنت مثبت لخذلانه ناه عن اتخاذه وعلى هذا فيلزم أن الملائكة أثبتوا لأنفسهم الولاية فتأمله. ا. هـ. وفي تفسير البيضاوي وقرىء تتخذ بالبناء للمفعول من اتخذ الذي له مفعولان كقوله تعالى: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} [النساء: 125]، ومفعوله الثاني من أولياء ومن للتبعيض. ا. هـ. وإنما قال الذي له مفعولان لأنه قد يتعدى لواحد نحو:{أَمِ اتَّخَذُوا آَلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ} [الأنبياء: 21]، ولم يجعل من زائدة في المفعول الثاني لأنها لا تزاد فيه. قوله:"مفهم في حال" أي في حال كذا فهو على نية الإضافة فيقرأ بلا تنوين كذا في شرح السندوبي نقلا عن البصير. قوله: "ويخرج نحو القهقرى" لأنه اسم للرجوع إلى خلف لا وصف، وقد مشى في الإخراج به على مذهب من يجوز الخروج بالجنس إذا كان بينه وبين الفصل عموم وخصوص من وجه كابن عصفور والسعد والفاكهي أو يقال معنى الإخراج بالجنس الدلالة به على عدم إرادة نحو القهقرى مثلا. قوله:"ما صيغ من المصدر إلخ" أو مؤول بما صيغ منه لتدخل الجملة وشبهها والحال الجامدة لتأول كل بالمشتق حتى في المسائل الست الآتية في الشرح على ما هو ظاهر كلام المصنف في شرح الكافية وصرح به ولده. نعم لا تدخل بهذه الزيادة الحال الجامدة في المسائل الست على ما هو الراجح عند الشارح من عدم تأولها بالمشتق وكان الأولى كما أفاده سم. أن يقول هو ما دل على معنى في متبوعه. قوله: "يخرج النعت" أي لكون المتبادر منه والمراد منتصب وجوبا.
قوله: "ويخرج التمييز" أي لأنه على معنى من لا في لأنه لبيان جنس المتعجب منه وقوله نحو لله دره فارسا أي من كل تمييز وقع وصفا مشتقا. قوله: "من حيث هو هو" الأقرب في هذه العبارة وإن لم يتنبه له البعض أن الضمير الأول لما والثاني تأكيد والخبر محذوف والمعنى من حيث اللفظ نفسه معتبر أي باعتبار نفس اللفظ وقطع النظر عما عرض له، أو الثاني راجع للحال خبر أي من حيث ذلك اللفظ حال لا من حيث توقف المعنى عليه ولو قال كبعضهم ما يستغنى
وكونه منتقلًا مشتقًّا
…
يغلب لكن ليس مستحقًّا
ــ
تنبيهان: الأول المراد بالفضلة ما يستغنى عنه من حيث هو هو. وقد يجب ذكره لعارض كونه سادًّا مسد عمدة، كضربي العبد مسيئًا، أو لتوقف المعنى عليه كقوله:
487-
إنما الميت من يعيش كئيبًا
…
كاسفا باله قليل الرجاء
الثاني الأولى أن يكون قوله كفردًا أذهب تتميمًا للتعريف لأن فيه خللين: الأول أن في قوله منتصب تعريفا للشيء بحكمه، والثاني أنه لم يقيد منتصب باللزوم وإن كان مراده ليخرج النعت المنصوب كرأيت رجلًا راكبًا، فإنه يفهم في حال ركوبه وإن كان ذلك بطريق اللوم لا بطريق القصد، فإن القصد إنما هو تقييد المنعوت "وكونه" أي الحال "منتقلا" عن صاحبه غير لازم له "مشتقًّا" من المصدر ليدل على متصف "يغلب لكن ليس" ذلك "مستحقًّا" له، فقد جاء غير منتقل كما في الحال المؤكد نحو زيد أبوك عطوفًا، {وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا} [مريم: 33] ، والمشعر عاملها بتجدد صاحبها نحو: {وَخُلِقَ
ــ
الكلام عنه من حيث هو كلام نحوي لكان أوضح. وإنما لم يقتصر على هو الأولى لأن قولك من حيث هو حيثية إطلاق ومن حيث هو هو حيثية تقييد بالنظر إلى الذات. قوله: "لأن فيه خللين" أي يزولان بجعله تتميما للتعريف هذا مقتضى كلامه. ولا يخفى أن الخلل الأول لا يزول بذلك لأنه لا ينفي كون منتصب جزما من التعريف فكان على الشارح أن يقول الأولى أن يكون منتصب خبر مبتدإ محذوف والجملة معترضة، وكفردا أذهب تتميما للتعريف لأن فيه خللين إلخ وإنما قال الأولى ولم يقل الصواب لإمكان دفع الأول وهو أن التعريف للشيء بحكمه يوجب الدور لأن الحكم فرع التصور والتصور موقوف على الحد بأنه يكفي الحكم التصور بوجه آخر غير الحدّ ودفع الثاني بما أشار إليه الشارح أولا من أن المراد منتصب وجوبا، وبأن المتبادر من قولنا مفهم في حال كذا كون الإفهام مقصودا واللفظ يحمل على المتبادر فيخرج النعت المذكور.
قوله: "ليخرج إلخ" تعليل للمنفي وهو التقييد فيكون النفي منصبا عليه أيضا. قوله: "وإن كان ذلك" أي الإفهام. قوله: "لكن ليس مستحقا" دفع به توهم أن يكون الغالب واجبا في الفصيح كما قاله سم وضمير ليس إما للكون فمستحقا بفتح الحاء وإما للحال فمستحقا بكسرها كما قال خالد. قوله: "كما في الحال المؤكدة" أي لمضمون الجملة قبلها كالمثال الأول أو لعاملها كالثاني أو لصاحبها في نحو لآمن من في الأرض كلهم جميعا لا في نحو جاءني القوم جميعا لأن اجتماعهم في المجيء ينتقل. قوله: "بتجدد صاحبها" أي حدوثه بعد أن لم يكن
487- البيت من الخفيف، وهو لعدي بن الرعلاء الغساني في الأصمعيات ص152؛ والحماسة الشجرية 1/ 195؛ وخزانة الأدب 9/ 583؛ وسمط اللآلي ص8؛ 603؛ ولسان العرب 2/ 91 "موت"؛ ومعجم الشعراء ص252؛ ولصالح بن عبد القدوس في حماسة البحتري ص214؛ ومعجم الأدباء 12/ 9؛ وبلا نسبة في شرح شواهد المغني 2/ 936؛ وشرح قطر الندى ص234؛ ومغني اللبيب ص461.
ويكثر الجمود في سعر وفي
…
مبدي تأول بلا تكلف
كبعه مدا بكذا يدا بيد
…
وكر زيد أسدا أي كأسد
ــ
الإِنْسَانُ ضَعِيفًا} [النساء: 28]، وقولهم: خلق الله الزرافة يديها أطول من رجليها. وقوله:
488-
وجاءت به سبط العظام كأنما
…
عمامته بين الرجال لواء
وغيرهما نحو دعوت الله سميعًا. قائمًا بالقسط. وجاء جامدًا "ويكثر الجمود في" الحال الدالة على "سعر" أو مفاعلة أو تشبيه أو ترتيب "وفي" كل "مبدي تأول بلا تكلف. كبعه" البر "مدا بكذا" أي مسعرًا، وبعه "يدًا بيد" أي مقايضة "وكر زيد أسدًا أي
ــ
ومأخذ لزومها أنها مقارنة للخلق أي الإيجاد فهي خلقية جبلية لا تتغير ولا يرد عليه خلق الإنسان طفلا لأن انتقاله من طور إلى طور بمنزلة خلق له متجدد فتكون الحال الأولى لازمة للخلق الأول والثانية لازمة للخلق المتجدد. قوله: "الزرافة" بفتح الزاي أفصح من ضمها ويديها بدل بعض وأطول حال. وبعضهم قال يداها أطول على المبتدأ والخبر فالحال الجملة. قوله: "وجاءت به" أي جاءت أم الممدوح به سبط العظام بفتح السين وسكون الموحدة وإن جاز في غير هذا البيت كسرها أي حسن القد، وقوله:
كأنما عمامته بين الرجال لواء
أي راية صغيرة أي في الارتفاع والعلو على الرؤوس والمراد مدحه بطوله وعظم جسمه. قوله: "وغيرهما" أي غير المؤكدة والمشعر عاملها بحدوث صاحبها ولا ضابط لذلك الغير بل مرجعه السماع. قوله: "قائما بالقسط" حال من فاعل شهد وهو الله ولا شك أن قيامه بالعدل لازم، وأفرده بالحال مع ذكر غيره معه لعدم الإلباس فلا يرد أنه لا يجوز جاء زيد وعمرو راكبا قاله الزمخشري، وسكت عن نكتة تأخيره عن المعطوفين قال التفتازاني كأنها الدلالة على علوّ مرتبتهما ويجوز إعرابه بالنصب على المدح وشهد بمعنى علم.
قوله: "ويكثر الجمود إلخ" أي ويقل في غير المذكورات. قوله: "أو مفاعلة إلخ" كان الأولى أن يؤخر هذه الثلاثة عن قوله: "وفي مبدى تأول بلا تكلف" ويقول كالدال على مفاعلة إلخ. قوله: "مدا بكذا" مدا حال وبكذا صفة لمدا أكائنات بكذا هذا مقتضى قانون الإعراب وإن كان الحال المؤول بها هذا اللفظ مأخوذة من مجموع الموصوف والصفة وهكذا يقال في يدا بيد أي مع يد ويرد أن الشارح سيذكر الحال الموصوفة في الأحوال الجامدة غير المؤولة وهذا ينافي جعل المثال من الحال الجامدة المؤولة إلا أن يجعل مستثنى من الحال الموصوفة فتأمل. ا. هـ. ويجوز رفع مد على الابتداء وبكذا خبر والجملة حال بتقدير رابط أي مدمنه. قوله: "مسعرا"
488- البيت من الطويل، وهو لبعض بني العنبر في خزانة الأدب 9/ 488؛ ولرجل من بني الجناب في المقاصد النحوية 3/ 211؛ وبلا نسبة في أمالي المرتضى 1/ 571؛ وشرح ابن عقيل ص323؛ ولسان العرب 7/ 309 "سبط".
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كأسد" أي مشبهًا لأسد. وأدخلوا رجلًا رجلًا: أي مترتبين.
تنبيهان: الأول قد ظهر أن قوله: "وفي مبدي تأول بلا تكلف" من عطف العام على الخاص، إذ ما قبله من ذلك خلافًا لما في التوضيح. الثاني تقع الحال جامدة غير مؤولة بالمشتق في ست مسائل وهي: أن تكون موصوفة نحو: {قُرْآَنًا عَرَبِيًّا} [يوسف: 2]، {فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا} [مريم: 17] ، وتسمى حالًا موطئة أو دالة على عدد نحو:{فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً} [الأعراف: 142] ، أو طور واقع فيه تفضيل نحو هذا بسرًا أطيب
ــ
بفتح العين حال من المفعول الذي هو الهاء الراجعة إلى البر بناء على رجوع الهاء إلى البر كما يدل له قول الشارح على ما في نسخ كبعه أي البر. ومن المفعول المحذوف الذي تقديره البر بناء على رجوع الهاء إلى المشتري المعلوم من السياق كما يدل له قول الشارح على ما في نسخ أخرى كبعه البر، وبالمكسر حال من الفاعل الذي هو الضمير المستتر.
قوله: "أي مقايضة" بلفظ اسم الفاعل المضاف إلى الضمير الراجع إلى المشتري المعلوم من السياق، أو بلفظ المصدر كما في غالب النسخ على التأويل باسم الفاعل. قوله:"أي كأسد" على هذا يكون الأسد مستعملا في حقيقته والتجوّز إنما هو بالحذف، وعلى قول التوضيح كر زيد أسدا أي شجاعا يكون الأسد مستعملا في غير حقيقته وهو الشجاع فيكون التجوز لغويا بناء على ما اختاره السعد من تجويز الاستعارة فيما إذا وقع اسم المشبه به خبرا عن اسم المشبه أو حالا منه مثلا والأمران صحيحان. قوله:"وادخلوا رجلا رجلا" أي أو رجلين رجلين أو رجالا رجالا، وضابطه أن يأتي بعد ذكر المجموع تفصيل ببعضه مكررا والمختار أن كلا منهما منصوب بالعامل لأن مجموعهما هو الحال فهو نظير هذا حلو حامض. وقال ابن جني: الثاني صفة للأول بتقدير مضاف أي ذا رجل أو مفارق رجل أي متميزا عنه واستحسن بعضهم أن يكون نصب الثاني بعطفه على الأول بتقدير الفاء ولا يجوز توسط عاطف بينهما إلا الفاء قال الرضي: وثم، وجوز بعضهم الرفع على البدلية. قوله:"قد ظهر" أي من قوله: أي مسعرا فإنه تأويل للحال الدالة على سعر. قوله: "خلافا لما في التوضيح" من أن الحال الدالة على سعر من الجامد الذي لا يؤول، وعليه يكون المصنف تعرض للحال الجامدة المؤولة وغير المؤولة. قوله:"غير مؤولة بالمشتق" أي تأويلا بغير تكلف كما يدل عليه المقابلة. وقوله بعد وجعل الشارح هذا كله من المؤول بالمشتق إلى أن قال وفيه تكلف.
قوله: "فتمثل لها بشرا سويا" إن كان معنى تمثل تشخص وظهر فالحالية ظاهرة أو تصور فينبغي جعل النصب بنزع الخافض وهو الباء إذ التصور ليس في حال البشرية بل في حال الملكية كما قاله اللقاني، قيل تمثل لها في صورة شاب أمرد سوي الخلق لتستأنس به وتهيج شهوتها فتنحدر نطفتها إلى رحمها كما في البيضاوي. قوله:"موطئة" بكسر الطاء أي ممهدة لما بعدها فهو المقصود بالذات. قوله: "طور" أي حال واقع فيه تفضيل بالضاد المعجمة أي تفضيل له أو
والحال إن عرف لفظًا فاعتقد
…
تنكيره معنى كوحدك اجتهد
ــ
منه رطبًا، أو تكون نوعًا لصاحبها نحو هذا مالك ذهبًا، أو فرعًا له نحو هذا حديدك خاتمًا. {وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا} [الأعراف: 174] ، أو أصلًا له نحو هذا خاتمك حديدًا. و {أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا} [الإسراء: 61] ، وجعل الشارح هذا كله من المؤول بالمشتق وهو ظاهر كلام والده في شرح الكافية وفيه تكلف. ا. هـ. "والحال إن عرف لفظًا فاعتقد تنكيره معنى كوحدك اجتهد" وكلمته فاه إلى فيّ. وأرسلها العراك، وجاءوا الجماء الغفير: فوحدك، وفاه، والعراك، والجماء: أحوال، وهي معرفة لفظًا لكنها مؤول بنكرة، والتقدير اجتهد منفردًا، وكلمته مشافهة، وأرسلها معتركة، وجاءوا جميعًا. وإنما التزم تنكيره لئلا يتوهم كونه نعتًا لأن الغالب كونه مشتقًّا وصاحبه معرفة. وأجاز يونس والبغداديون تعريفه
ــ
عليه. قوله: "طينا" حال من منصوب خلقت المحذوف لا من من، والأولى كما قاله اللقاني كونه منصوبا بنزع الخافض أي من طين لأن طينيته غير مقارنة لقوله بشرا. قوله:"من المؤول بالمشتق" أي مقروءا عربيا ومتصفا بصفات بشر سويّ ومعدودا ومطورا بطور البشر أو الرطب ومنوعا ومصنوعا ومتأصلا. قوله: "إن عرف لفظا" أي في لسان العرب فالإتيان بها معرفة لفظا مقصور على السماع كما قاله الشاطبي. قوله: "فاه إلى فيّ" ففاه حال كما ذكره الشارح لكن الحال المؤول بها هذا اللفظ مأخوذة من مجموع فاه إلى في. قال الدماميني وإلى في تبيين مثل لك بعد سقيا. ا. هـ. والأظهر عندي قياسا على ما مر في مدا بكذا أن إلى فيّ صفة لفاه أي الكائن إلى في أي الموجه إلى فيّ وما ذكره الشارح أحد أقوال: منها أن فاه معمول جاعلا ناب منابه في الحالية ويروى كلمته فوه إلى في فالحال جملة المبتدإ والخبر، قال الدماميني: ويجب الرفع إن قدمت الظرف لأن التبيين لا يتقدم. ا. هـ. ثم نقل عن سيبويه وأكثر البصريين جواز تقديم فاه إلى في على كلمته وعن الكوفيين، وبعض البصريين المنع، قال في التسهيل: ولا يقاس عليه خلافا لهشام. قال الدماميني: لخروجه عن القياس بالتعريف والجمود وعن الظاهر من الرفع بالابتداء وجعل الجملة حالا إذ الحال في الحقيقة مجموع فاه إلى فيّ وأجاز هشام أن يقال قياسا عليه جاورته منزله إلى منزلي وناضلته قوسه عن قوسي ونحو ذلك وينبغي لبقية الكوفيين أن يوافقوه لأنهم يرونه مفعولا لمحذوف اعتمادا على فهم المعنى وذلك مقيس. ا. هـ. باختصار.
قوله: "وأرسلها" أي الإبل وقوله معتركة أي مزدحمة، ولو قال أي معاركة كما قال ابن الخباز لكان أحسن لأن اسم فاعل العراك معارك لا معترك. وقيل العراك مفعول مطلق لمحذوف هو الحال أي تعارك العراك أو معاركة العراك وقيل للمذكور على حذف مضاف أي إرسال العراك. قوله:"الجماء" أي الجماعة الجماء من الجموم وهو الكثرة، والغفير من الغفر وهو الستر أي ساترين لكثرتهم وجه الأرض وحذفت التاء من الغفير وإن كان بمعنى غافر حملا له على فعيل بمعنى مفعول، أو التذكير باعتبار معنى الجمع. قوله:"مشافهة" بلفظ اسم الفاعل المضاف إلى الضمير على أنه حال من تاء الفاعل أو بلفظ المصدر الذي بمعنى اسم الفاعل على أنه حال من التاء. قوله: "لئلا يتوهم كونه نعتا" أي ولو
ومصدر منكر حالًا يقع
…
بكثرة كبغتة زيد طلع
ــ
مطلقًا بلا تأويل فأجازوا جاء زيد الراكب. وفصل الكوفيون فقالوا: إن تضمنت الحال معنى الشرط صح تعريفها لفظًا نحو عبد الله المحسن أفضل منه المسيء، فالمحسن والمسيء حالان، وصح مجيئهما بلفظ المعرفة لتأولهما بالشرط؛ إذ التقدير عبد الله إذا أحسن أفضل منه إذا أساء، فإن لم تتضمن الحال معنى الشرط لم يصح مجيئها بلفظ المعرفة، فلا يجوز جاء زيد الراكب إذ لا يصح جاء إن ركب.
تنبيه: إذا قلت رأيت زيدًا وحده، فمذهب سيبويه أن وحده حال من الفاعل. وأجاز المبرد أن يكون حالًا من المفعول. وقال ابن طلحة: يتعين كونه حالا من المفعول لأنه إذا أراد الفاعل يقول: رأيت زيدًا وحدي. وصحة مررت برجل وحده -وبه مثل سيبويه- تدل على أنه حال من الفاعل، وأيضًا فهو مصدر أو نائب المصدر، والمصادر في الغالب إنما تجيء أحوالًا من الفاعل. وذهب يونس إلى أنه منتصب على الظرفية لقول بعض العرب زيد وحده والتقدير زيد موضع التفرد "ومصدر منكر حالًا يقع بكثرة كبغتة زيد طلع" وجاء زيد ركضًا، وقتلته صبرًا. وهو عند سيبويه والجمهور على التأويل بالوصف. أي باغتًا
ــ
مقطوعا عند اختلاف الحركة فلا يقال هذا لا يظهر إلا عند اتحاد حركتي الحال وصاحبها، أو يقال حملت حالة الاختلاف في الحركة على حالة الاتفاق فيها طردا للباب. قوله:"فالمحسن والمسيء إلخ" جعل الجمهور نصبهما بتقدير إذ كان أو إذا كان. قوله: "إن وحده حال من الفاعل" أي حالة كوني موحده أي مفرده بالرؤية فهو اسم مصدر أو حد مؤوّل باسم الفاعل أو حالة كوني متوحده أي متوحدا به أي منفردا برؤيته. فهو مصدر وحد يحد وحدا بمعنى انفرد. فعلم أنه إذا كان حالا من الفاعل جاز كونه مصدرا أو اسم مصدر نائبا عن المصدر كما يدل له قول الشارح وأيضا إلخ وعلم ما في كلام البعض من التسمح والقصور فتنبه. قوله: "من المفعول" أي حالة كونه منفردا فهو مصدر وحد يحد وحدا بمعنى انفرد. قوله: "يقول رأيت زيدا وحدي" أي ليطابق ما قبله في التكلم ويدفع بعدم تعين ذلك لصحة الغيبة الراجع إلى المفعول في الحالية من الفاعل أيضا على أنه من إضافة اسم المصدر إلى مفعوله الحقيقي أو المصدر إلى مفعوله بعد التوسع بحذف باء الجر كما مرت الإشارة إليه كما أنه على الحالية من المفعول من إضافة المصدر إلى فاعله.
قوله: "وبه مثل سيبويه" جملة معترضة. قوله: "تدل إلخ" أي لتعين كون الحال هنا من الفاعل لكون المجرور نكرة بلا مسوّغ من المسوّغات الآتية وبحث فيه الشنواني بأن مجيء الحال من النكرة المذكورة جائز بقلة كما سيأتي فمجرد الصحة لا تدل على ما ذكر. ويمكن دفعه بأن المراد الصحة الاطرادية عند الجميع وجواز مجيء الحال من النكرة المذكورة ليس مطردا عند الجميع لأن الخليل ويونس يقصرانه على السماع كما سيأتي. قوله: "أو نائب المصدر" أي اسم مصدر نائب مناب المصدر وقد فهمت وجه الاحتمالين. قوله: "على الظرفية" أي المكانية. قوله: "صبرا" هو أن يحبس ثم يرمى حتى يموت كما في القاموس. قوله:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وراكضًا ومصبورًا: أي محبوسًا. وذهب الأخفش والمبرد إلى أن ذلك منصوب على المصدرة، والعامل فيه محذوف، والتقدير طلع زيد يبغت بغتة، وجاء يركض ركضًا، وقتلته يصبر صبرًا، فالحال عندهما الجملة لا المصدر، وذهب الكوفيون إلى أنه منصوب على المصدرية كما ذهبا إليه، لكن الناصب عندهم الفعل المذكور لتأوله بفعل من لفظ المصدر، فطلع زيد بغتة عندهم في تأويل بغت زيد بغتة. وجاء ركضًا في تأويل ركض ركضًا. وقتلته صبرا في تأويل صبرته صبرًا. وقيل: هي مصادر على حذف مصادر، والتقدير طلع زيد طلوع بغتة، وجاء مجيء ركض وقتلته قتل صبر. وقيل: هي مصادر على حذف مضاف. والتقدير طلع ذا بغتة، وجاء ذا ركض، وقتلته ذا صبر.
تنبيهان: الأول مع كون المصدر المنكر يقع حالًا بكثرة هو عندهم مقصور على السماع. وقاسه المبرد: فقيل مطلقًا، وقيل فيما هو نوع من عامله نحو جاء زيد سرعة وهو المشهور عنه. وقاسه الناظم وابنه في ثلاثة: الأول قولهم أنت الرجل علمًا فيجوز أنت
ــ
"وهو" أي المصدر المذكور عند سيبويه والجمهور على التأويل بالوصف أي حال على التأويل بالوصف ثم قابل الحالية بما عدا القول الأخير وقابل التأويل بالوصف بالقول الأخير. ومحصل ما ذكره المصنف والشارح من الأقوال في المصدر المنصوب في نحو زيد طلع بغتة خمسة لا أربعة كما زعمه البعض تبعا لشيخنا. قوله: "وذهب الأخفش والمبرد إلخ" رد بلزوم حذف عامل المؤكد. قوله: "على حذف مصادر" أي نابت المذكورات عنها في المفعولية المطلقة. قوله: "على حذف مضاف" أي غير مصدر، ذلك المضاف هو الحال في الأصل فلما حذف المضاف ناب عنه المضاف إليه في الحالية كما تفيده عبارة المرادي. ونصها وقيل هي أحوال على حذف مضاف أي أتيته ذا ركض إلخ. قوله:"مقصور على السماع" لأن الحال نعت في المعنى والنعت بالمصدر غير مطرد فكذا ما في معناه. وقد يتوقف في ذلك بأن غاية أمره أنه مجاز ويكفي في صحة المجاز ورود نوعه على الصحيح وقد ورد هنا النوع. نعم يظهر على القول باشتراط ورود شخص المجاز.
قوله: "وقاسه المبرد" ظاهره أنه يقول بأنه منصوب على الحال وهو ينافي قوله قبل. وذهب الأخفش والمبرد إلخ فلعل له قولين أو المراد قاس وقوع المصدر في هذا الموضع وإن لم يكن نصبه على الحال عنده. قوله: "فقيل مطلقا إلخ" قال ابن هشام الذي يظهر أنه مطرد في النوعي وغيره كما يطرد وقوع المصدر خبرا فإن الحال بالخبر أشبه منه بالنعت ولكثرة ما ورد من ذلك. قال الدماميني إنما كان شبه الحال بالخبر أقوى لأن حكم الحال مع صاحبها حكم الخبر مع المخبر عنه أبدا فإنك إذا طرحت هو وجاء وضربت مثلا من قولك: هو الحق بينا، وجاء زيد راكبا، وضربت اللص مكتوفا، بقي الحق بين، وزيد راكب واللص مكتوف، ولا يمكن اعتبار مثل ذلك في الشبه النعتي. قوله:"فيما هو نوع من عامله" أي مدلول عامله. قوله: "قولهم أنت
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الرجل أدبًا ونبلًا، والمعنى الكامل في حال علم وأدب ونبل. وفي الارتشاف يحتمل عندي أن يكون تمييزًا. الثاني نحو زيد زهير شعرًا. قال في الارتشاف: والأظهر أن يكون تمييزًا. الثالث نحو أما علما فعالم تقول ذلك لمن وصف عندك شخصًا بعلم وغيره منكرًا عليه وصفه بغير العلم. والناصب لهذه الحال هو فعل الشرط المحذوف. وصاحب الحال هو المرفوع به والتقدير مهما يذكر إنسان في حال علم فالمذكور عالم، ويجوز أن يكون ناصبها ما بعد الفاء وصاحبها الضمير المستكن فيه، وهي على هذا مؤكدة، والتقدير مهما يكن من شيء فالمذكور عالم في حال علم. فلو كان ما بعد الفاء لا يعمل فيما قبلها نحو أما علما فهو ذو علم تعين الوجه الأول. فلو كان المصدر التالي لأما معرفًا بأل فهو عند سيبويه مفعول له. وذهب الأخفش إلى أن المنكر والمعرف كليهما بعد أما مفعول
ــ
الرجل علما" أي ونحوه مما قرن فيه الخبر بأل الدالة على الكمال فعلما بمعنى عالما حال من الضمير في الرجل لتأوله بالمشتق إذ معناه الكامل والعامل فيها الرجل لما ذكر أفاده المصرح. قوله: "ونبلا" بالضم الفضل كالنبالة. قوله: "يحتمل عندي أن يكون تمييزا" أي محولا عن الفاعل وهو ضمير الرجل بمعنى الكامل بل هو أظهر كما في الذي بعده، بل يحتمل في الثالث أيضا، ونقل الشارح في شرحه على التوضيح عن ثعلب أنه مصدر مؤكد بتأول الرجل باسم فاعل مما بعده أي أنت العالم علما.
قوله: "نحو زيد زهير شعرا" أي من كل خبر مشبه به مبتدؤه، فشعرا بمعنى شاعرا حال والعامل فيه زهير لتأوله بمشتق إذ معناه مجيد، وصاحب الحال ضمير مستتر فيه قاله المصرح. قوله:"أن يكون تمييزا" أي محولا عن الفاعل وهو ضمير زهير بمعنى جيد. وقال في التصريح أي تمييزا لما انبهم في مثل المحذوفة وهي العاملة فيه وفيه نظر لأن تمييز المفرد عين مميزه ألا ترى أن المثل في قولك على التمرة مثلها زبدا نفس الزبد وليس المثل في المثال السابق نفس الشعر ثم رأيته في الدماميني. قوله: "نحو أما علما فعالم" أي من كل تركيب وقع فيه الحال بعد أما في مقام قصد فيه الرد على من وصف شخصا بوصفين وأنت تعتقد اتصافه بأحدهما دون الآخر. قوله: "ما بعد الفاء" اعترضه زكريا وتبعه شيخنا والبعض وغيرهما بأن ما بعد فاء الجزاء لا يعمل فيما قبلها وهو مدفوع بما مر عن الرضي وغيره من أن ذلك في غير الفاء الواقعة بعد أما لكونها مزحلقة عن مكانها فلا تغفل. قوله: "لا يعمل فيما قبلها" لجمود المضاف وعدم عمل المضاف إليه فيما قبل المضاف مع كونه أعني المضاف إليه مصدرا لا يتحمل ضميرا يكون صاحب الحال كذا قال سم. وقد يقال للشارح هلا جوزت عمل المضاف في هذا المثال فيما قبله لتأوله بالمشتق وهو صاحب. قوله: "مفعول له" أي والعامل فيه فعل الشرط كما مر أي مهما يذكر إنسان لأجل علم ولعل المعنى لأجل ذكر علم ليتحد الفاعل فتدبر. وظاهر كلامه أن سيبويه يوجب ذلك وقد حكى عنه كقول الأخفش فكان ينبغي أن يذكر عنه الوجهين. قاله الدماميني.
ولم ينكر غالبًا ذو الحال إن
…
لم يتأخر أو يخصص أو يبن
ــ
مطلق. وذهب الكوفيون على ما نقله ابن هشام إلى أن القسمين مفعول به بفعل مقدر، والتقدير مهما تذكر علمًا أو العلم فالذي وصف عالم. قال في شرح التسهيل: وهذا القول عندي أولى بالصواب وأحق ما اعتمد عليه في الجواب. الثاني أشعر كلامه أن وقوع المصدر المعرف حالًا قليل وهو كذلك، وذلك ضربان: علم جنس نحو قولهم جاءت الخيل بداد، ومعرف بأل نحو أرسلها العراك. والصحيح أنه على التأويل بمتبددة ومعتركة كما مر "ولم ينكر غالبًا ذو الحال" لأنه كالمبتدأ في المعنى فحقه أن يكون معرفة "إن لم يتأخر" عن الحال فإن تأخر كان ذلك مسوغًا لمجيئه نكرة نحو: فيها قائمًا رجل وقوله:
489-
لمية موحشًا طلل
ــ
قوله: "مفعول مطلق" أي منصوب بعالم أي مهما يذكر شيء فالمذكور عالم علما. وفيه أن المعرف لا يكون مؤكدا ودعوى زيادة أل مخالفة للأصل. قاله زكريا.
قوله: "وهذا القول عندي أولى إلخ" وجه أولويته وأحقيته من القول بالحالية اطراده في التعريف والتنكير ومن القول بأنه مفعول له قلة نصب المحلى بأل مفعولا له. ومن القول بأنه مفعول مطلق كون المصدر المؤكد لا يعرف، ودعوى زيادة أل خلاف الأصل ومن هذين القولين مجيئه تارة غير مصدر نحو أما قريشا فأنا أفضلها. قوله:"بداد" علم جنس للتبديد بمعنى التفرق مبني على الكسر كحذام، ووقع حالا لتأوله بوصف نكرة أي متبددة هذا هو الصحيح كما سيذكره الشارح. قوله:"والصحيح أنه على التأويل إلخ" مقابله على ما أفاده أربعة أقوال: بقية الأقوال الخمسة المتقدمة في المصدر. قوله: "لأنه كالمبتدأ في المعنى" أي لكونه محكوما عليه معنى بالحال ولم يشبه بالفاعل فينكر كالفاعل مع أن الفاعل أيضا محكوم عليه لأن شبهه بالمبتدأ أقوى لتأخر المحكوم به مع كل بخلاف الفاعل. قوله: "كان ذلك مسوّغا لمجيئه نكرة" أي قياسا على المبتدأ إذا تأخر بناء على أن تأخيره للتسويغ، وتعليل بعضهم بعدم لبس الحال حينئذٍ بالوصف لأن الوصف لا يسبق الموصوف لا يناسب تعليل الشارح عدم تنكير صاحب الحال بأنه كالمبتدأ، ولا يناسب أيضا جعل الشارح تبعا للتوضيح تقديم حال النكرة عليها
489- عجزه:
يلوح كأنه خلل
والبيت من مجزوء الوافر، وهو لكثير عزة في ديوانه ص506؛ وخزانة الأدب 3/ 211؛ وشرح التصريح 1/ 375؛ وشرح شواهد المغني 1/ 249؛ والكتاب 2/ 123؛ ولسان العرب 6/ 368 "وحش"؛ والمقاصد النحوية 3/ 163؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص147؛ وأوضح المسالك 2/ 310؛ وخزانة الأدب 6/ 43؛ والخصائص 2/ 492؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1664، 1825؛ وشرح قطر الندى ص236؛ ولسان العرب 11/ 220 "خلل"؛ ومغني اللبيب 1/ 85، 2/ 436، 659.
من بعد نفي أو مضاهيه كلا
…
يبغ امرؤ على امرئ مستشهدين
ــ
وقوله:
490-
وبالجسم مني بينًا لو علمته
…
شحوب وإن تستشهدي العين تشهد
"أو يخصص" إما يوصف كقراءة بعضهم {وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ} [البقرة: 89] وقوله:
491-
نجيت يا رب نوحًا واستجبت له
…
في فلك ماخر في اليم مشحونا
وإما بإضافة، نحو:{فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ} [فصلت: 10] ، وإما بمعمول. نحو عجبت في ضرب أخوك شديدًا "أو يبن" أي يظهر الحال "من بعد نفي أو مضاهيه"
ــ
مسوغا لمجيء الحال منها، وإنما يناسب ما في المغني والرضي من أن التقديم لدفع لبس الحال بالصفة إذا كان صاحبها منصوبا وطرد الباب في غير هذه الحالة. قال المصرح: وعلى هذا فالمسوّغ في المثال تقديم الخبر وفي البيت يعني لمية إلخ الوصف. ا. هـ. وقوله الوصف أي وتقديم الخبر وكالمثال البيت الثاني مع أنه يرد على هذا التعليل الموافق لما في المغني والرضي أنه يقتضي امتناع ما فيه لبس الحال بالوصف مع أنهم صرحوا بجواز الحال من النكرة المخصصة المقدمة ومنها رأيت غلام رجل قائما مع حصول اللبس فيه فتدبر. قوله: "لمية موحشا طلل" فيه أن صاحب الحال المبتدأ وهو مذهب سيبويه دون الجمهور فالأولى أن يجعل صاحب الحال الضمير في الخبر وحينئذٍ لا شاهد فيه، وكذا يقال في البيت بعده، وتمامه:
يلوح كأنه خلل
بالكسر جمع خلة بالكسر بطانة يغشى بها أجفان السيوف كما في التصريح والعيني: قال يس وعلى القول بجواز الحال من المبتدأ يكون عامل الحال غير عامل صاحبها إذ لا يصح أن يكون عاملها الابتداء لضعفه وعدم صلاحيته لأن تكون قيدا له. ا. هـ. ونقل حفيد السعد في حواشي المطول أن العامل في الحال من المبتدأ على هذا القول انتساب الخبر إلى المبتدأ لأنه معنى فعلي قابل للتقييد. قوله: "شحوب" مصدر شحب بالفتح يشحب بالضم أي تغير. وأما شحب بضم عين الماضي فمصدره شحوبة كما في شيخ الإسلام. وجملة لو علمته بكسر التاء معترضة وجواب لو محذوف أي لرحمتني. قوله: "كقراءة بعضهم" هي شاذة وقد يقال لا شاهد فيه ولا في البيت بعده لاحتمال أن يكون الحال من المستتر في الجار والمجرور. قوله: "ماخر" بالخاء المعجمة أي شاق للبحر. قوله: "أي يظهر الحال" كان عليه أن يقول أي يظهر ذو الحال لأن
490- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في شرح ابن عقيل ص326؛ وشرح عمدة الحافظ ص422؛ والكتاب 2/ 123؛ والمقاصد النحوية 3/ 147.
491-
البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 312؛ وشرح التصريح 1/ 386؛ وشرح ابن عقيل ص327؛ والمقاصد النحوية 3/ 149.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أي مشابهه وهو النهي والاستفهام: فالنفي نحو: {وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ} [الحجر: 4]، وقوله:
ما حم من موت حمى واقيًا
والنهي "كلا يبغ امرؤ على امرئ مستسهلًا" وقوله:
492-
لا يركنن أحد إلى الأحجام
…
يوم الوغى متخوفًا لجمام
والاستفهام كقوله:
493-
يا صاح هل حم عيش باقيًا فترى
…
لنفسك العذر في إبغادها الأملا
واحترز بقوله غالبًا مما ورد فيه صاحب الحال نكرة من غير مسوغ، من ذلك
ــ
الكلام فيه وقد وجد كذلك في بعض النسخ. قوله: "والاستفهام" هل المراد الإنكاري أو الأعم قياسا على ما سبق في المبتدأ قيل وقيل. والأظهر الثاني. قوله: "نحو وما أهلكنا إلخ" فجملة: {وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ} [الحجر: 4]، حال من قرية الواقعة بعد النفي على المشهور. وفيه مسوغ آخر وهو اقتران الجملة الحالية بالواو كما سيأتي ولا ينافي ذلك قول المصرح إنما يحتاج إلى هذا المسوغ في الإيجاب نحو:{أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا} [البقرة: 259 [، فعلم ما في كلام البعض. ومقابل المشهور قول الزمخشري أن الجملة في نحو الآيتين صفة والواو لتأكيد لصوق الصفة بالموصوف لأنها في أصلها للجمع المناسب للإلصاق وإن لم تكن الآن عاطفة. والاعتراض عليه بأن الواو فصلت بينهما فكيف أكدت التصاقهما دفع بأن المراد اللصوق المعنوي لا اللفظي.
قوله: "ما حم" أي قدر، ومن موت متعلق بحمى أو واقيا، والحمى الشيء المحمي المحفوظ كما في القاموس وغيره وبه يعلم ما في قول البعض. والحمى ما به الحماية والحفظ، وواقيا حال من حمى وفيه مسوغ آخر وهو التخصيص بقوله من موت على جعله متعلقا بحمى. قوله:"الإحجام" أي التأخر. والوغى الحرب والحمام بالكسر الموت. قوله: "باقيا" حال من عيش. وقوله فترى جواب الاستفهام الإنكاري. قوله: "مما ورد فيه صاحب الحال إلخ" أي
492- البيت من الكامل، وهو لقطري بن الفجاءة في ديوانه ص171؛ وخزانة الأدب 10/ 163؛ والدرر 4/ 5؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص136؛ وشرح ابن عقيل ص330؛ وشرح عمدة الحافظ ص423؛ والمقاصد النحوية 3/ 150؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 314؛ وشرح التصريح 1/ 377؛ وهمع الهوامع 1/ 240.
493-
البيت من البسيط، وهو لرجل من طيئ في الدرر اللوامع 4/ 6؛ وشرح التصرح 1/ 377؛ وشرح عمدة الحافظ ص423؛ والمقاصد النحوية 3/ 153؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 316؛ وشرح ابن عقيل ص329؛ وهمع الهوامع 1/ 240.
وسبق حال ما بحرف جر قد
…
أبوا ولا أمنعه فقد ورد
ــ
قولهم: مررت بماء قعدة رجل. وقولهم: عليه مائة بيضًا. وأجاز سيبويه: فيها رجل قائمًا. وفي الحديث "وصلى وراءه رجال قيامًا" وذلك قليل.
تنبيه: زاد في التسهيل من المسوغات ثلاثة: أحدهما أن تكون الحال جملة مقرونة بالواو نحو: {أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا} [البقرة: 259] ؛ لأن الواو ترفع توهم النعتية. ثانيها أن يكون الوصف بها على خلاف الأصل: نحو هذا خاتم حديدًا. ثالثها أن تشترك النكرة مع معرفة في الحال نحو هؤلاء ناس وعبد الله منطلقين "وسبق حال ما بحرف جر قد أبوا" سبق مفعول مقدم لأبوا، وهو مصدر مضاف إلى فاعله، والوصول في موضع النصب على المفعولية: أي منع أكثر النحويين تقدم الحال على صاحبها المجرور بالحرف، فلا يجيزون في نحو مررت بهند جالسة مررت جالسة بهند. وعللوا منع ذلك بأن تعلق العامل بالحال ثان لتعلقه بصاحبه فحقه إذا تعدى لصاحبه بواسطة أن يتعدى إليه بتلك الواسطة، لكن منع من ذلك أن الفعل لا يتعدى بحرف الجر إلى شيئين فجعلوا عوضًا من الاشتراك في الواسطة التزام التأخير. قال الناظم:"ولا أمنعه" أي بل أجيزه وفاقًا لأبي علي وابن كيسان وابن برهان لأن المجرور بالحرف مفعول به في المعنى. فلا يمتنع تقديم حاله عليه كما لا يمتنع تقديم حال المفعول به، وأيضًا "فقد ورد"
ــ
قياسا عند سيبويه وسماعا عند الخليل ويونس قاله المصرح. قوله: "قعدة رجل" بكسر القاف أي مقدار قعدته. قوله: "لأن الواو ترفع توهم النعتية" يقتضي أن التعريف أو ما يقوم مقامه لرفع التباس الحال بالوصف والذي قدمه أنه لشبهه بالمبتدأ. وأجيب بأنه أشار إلى صحة التعليل بكل من العلتين وفيه ما مر.
قوله: "على خلاف الأصل" أي لجمودها فلا يتبادر الذهن إلى النعتية. قوله: "مع معرفة" أي أو نكرة مخصصة نحو هذا رجل صالح وامرأة مقبلين كما قاله الدماميني. قوله: "ما بحرف" أي غير زائد كما سيأتي. وفي مفهوم قوله بحرف تفصيل يأتي قريبا في الشرح حاصله أن الإضافة إن كانت محضة امتنع التقديم أو لفظية فلا وجعل الكوفيون المنصوب كالمجرور بالحرف فمنعوا تقديم الحال في نحو لقيت هندا راكبة لأن تقديمها يوهم كونها مفعولا وصاحبها بدلا. قوله: "في موضع النصب" أي إن نون حال وإلا كان في موضع جر بالإضافة وهذا أعم لشموله تقدم الحال على صاحبها وعلى عاملها أما على التنوين فلا يشمل إلا التقدم على الصاحب قاله يس. قوله: "أي منع أكثر النحويين" فيه صرف لقوله أبوا عن ظاهره من إرادة جميع النحاة، ويجاب عن تعبيره بذلك بأنه نزل الأكثر لقلة المخالف لهم منزلة الجميع سم. قوله:"بأن تعلق العامل بالحال" أي في المعنى والعمل ثان أي تابع لتعلقه بصاحبه في ذلك. قوله: "لا يتعدى بحرف الجر إلى شيئين" أي مع التصريح بالواسطة أو المراد لا يتعدى بدون اتباع اصطلاحي فلا يرد مررت برجل كريم. قوله: "التزام التأخير" أي ليكون الحال في حيز الجار. قوله: "وأيضا فقد ورد
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
السماع به من ذلك قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ} [سبأ: 28]، وقول الشاعر:
494-
تسليت طرا عنكم بعد بينكم
…
بذكراكم حتى كأنكم عندي
وقوله:
495-
لئن كان برد الماء هيمان صاديًا
…
إلي حبيبًا إنها لحبيب
وقوله:
496-
غافلًا تعرض المنية للمر
…
ء فيدعى ولات حين إباء
ــ
إلخ" أورد عليه أن ما استدل به من الآية والأبيات محتمل للتأويل، وأجيب بأنه يكفي في الظنيات ظواهر الأدلة ما لم يردها صريح لا سيما مع مساعدة القياس أفاده المرادي.
قوله: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ} فكافة بمعنى جميعا حال من المجرور وهو الناس وقد تقدم عليه وأورد عليه أنه يلزم عليه تقديم الحال المحصور فيها وتعدى أرسل باللام والكثير تعديته بإلى. وأجيب عن الأول بأن تقديم الحال المحصور فيها مع إلا جائز لعدم اللبس قياسا على جواز تقديم الفاعل والمفعول المحصور فيهما مع إلا كما أشار إليه سابقا في قوله وقد يسبق أن قصد ظهر، على أنه يمكن أن يجعل المحصور إرساله والمحصور فيه كونه للناس كافة، وحينئذٍ فكل من المحصور والمحصور فيه في محله. وعن الثاني بأن التخريج على القليل إذا كان قياسا فصيحا كما هنا سائغ قاله سم بقي أن المصنف اعترف في تسهيله بضعف تقديم الحال المذكورة فكيف خرج الآية على الضعيف، ولهذا جعل الزمخشري كافة صفة مصدر محذوف أي إرساله كافة للناس، لكن اعترض بأن كافة مختص بمن يعقل وبالنصب على الحال كطرا وقاطبة. وأجيب بنقل السيد عبد الله في شرحه على اللباب عن عمر بن الخطاب أنه قال: قد جعلت لآل بني كاكلة على كافة بيت المسلمين لكل عام مائتي مثقال ذهبا إبريزا كتبه عمر بن الخطاب. ختمه كفى بالموت واعظا يا عمر. قال: وهذا الخط موجود في آل بني كاكلة إلى الآن. ا. هـ. وقد يقال هذا شاذ. قال التفتازاني: كافة في نحو جاء القوم كافة هو في الأصل اسم فاعل من كف بمعنى منع كأن الجماعة منعوا باجتماعهم أن يخرج منهم أحد. دماميني وشمني. قوله: "بعد بينكم" أي فراقكم وحتى ابتدائية. قوله: "هيمان صاديا" كلاهما بمعنى
494- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 321؛ وشرح التصريح 379؛ وشرح عمدة الحافظ ص426؛ والمقاصد النحوية 3/ 160.
495-
البيت من الطويل، وهو للمجنون في ديوانه ص49؛ وسمط اللآلي ص400؛ ولروة بن حزام في خزانة الأدب 3/ 212، 218؛ والشعر والشعراء ص627؛ وهو لكثير عزة في ديوانه ص522؛ والسمط ص400؛ والمقاصد النحوية 3/ 156؛ ولقيس بن ذريح في ديوانه ص62؛ وبلا نسبة في شرح ابن عقيل ص330؛ وشرح عمدة الحافظ ص428.
496-
البيت من الخفيف، وهو بلا نسبة في شرح عمدة الحافظ ص428؛ وشرح قطر الندى ص25؛ والمقاصد النحوية 3/ 161.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وقوله:
497-
فإن تك أذواد أصبن ونسوة
…
فلن يذهبوا فرغًا بقتل حبال
وقوله:
498-
مشغوفة بك قد شغفت وإنما
…
حم الفراق فما إليك سبيل
وقوله:
499-
إذا المرء أعيته المروءة ناشئًا
…
فمطلبها كهلًا عليه شديد
والحق أن جواز ذلك مخصوص. وحمل الآية على أن كافة حال من الكف، والتاء للمبالغة لا للتأنيث، وقد ذكر ابن الأنباري الإجماع على المنع.
تنبيهات: الأول فصل الكوفيون فقالوا: إن كان المجرور ضميرًا نحو مررت ضاحكة بها، أو كانت الحال فعلًا نحو تضحك مررت بهند جاز، وإلا امتنع. الثاني محل
ــ
عطشان وهما حالان من ياء المتكلم، أو الثاني حال من ضمير هيمان فهو من الحال المتداخلة على هذا والمترادفة على الأول. قوله:"فإن تك أذواد" جمع ذود وهو من الإبل ما بين الثلاثة والعشرة، وأصبن خبرتك، وحبال اسم ابن أخي طليحة قائل هذا البيت، وفرغا بكسر الفاء وفتحها كما في شيخ الإسلام وإن اقتصر العيني ومن تبعه على الكسر أي هدرا حال من قتل. قوله:"إذا المرء" بنصب المرء على تقدير إذا أعيت المروءة المرء، وبالرفع على تقدير إذا عيي المرء. وعلى كل هو من باب الاشتغال إلا أن العامل في المرء على النصب يقدر من لفظ العامل المذكور وعلى الرفع يقدر مطاوعا للمذكور على حدّ:
لا تجزعي إن منفس أهلكته
أي هلك منفس، وناشئا شابا. قوله:"وحمل الآية إلخ" لا يخفى ما فيه من التعسف كما قاله الرضي فلا يرد على المصنف لأن الاحتمال البعيد لا يقدح في الأدلة الظنية قاله سم ونقل في التصريح هذا الحمل عن الزجاج ثم نقل رده عن المصنف فانظره. قوله: "والتاء للمبالغة" والمعنى إلا شديد الكف للناس أي المنع لهم من الشرك ونحوه. وقال الزمخشري: إلا إرساله كافة فجعل كافة نعت مصدر محذوف. ويعارضه نقل ابن برهان أن كافة لا تستعمل إلا حالا. قاله
497- البيت من الطويل، وهو لطليحة بن خويلد في المقاصد النحوية 3/ 154؛ وبلا نسبة في إصلاح المنطق ص19؛ وشرح ابن عقيل ص331؛ وشرح عمدة الحافظ ص427.
498-
البيت من الكامل، وهو بلا نسبة في شرح عمدة الحافظ ص428؛ والمقاصد النحوية 3/ 162.
499-
البيت من الطويل، وهو للمخبل السعدي في ملحق ديوانه ص324؛ وله أو لرجل من بني قريع في خزانة الأدب 3/ 219، 221؛ ولرجل من بني قريع في شرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1148.
ولا تجز حالًا من المضاف له
…
إلا إذا اقتضى المضاف عمه
ــ
الخلاف إذا كان الحرف غير زائد، فإن كان زائدًا جاز التقديم اتفاقًا، نحو: ما جاء راكبًا من رجل. الثالث بقي من الأسباب الموجبة لتأخير الحال عن صاحبها أمران: الأول أن يكون مجرورًا بالإضافة نحو عرفت قيام زيد مسرعًا، وأعجبني وجه هند مسفرة، فلا يجوز بإجماع تقديم هذه الحال واقعة بعد المضاف، لئلا يلزم الفصل بين المضاف والمضاف إليه، ولا قبله لأن المضاف إليه مع المضاف كالصلة مع الموصول، فكما لا يتقدم ما يتعلق بالصلة على الموصول كذلك لا يتقدم ما يتعلق بالمضاف إليه على المضاف وهذا في الإضافة المحضة كما رأيت، أما غير المحضة نحو هذا شارب السويق ملتوتًا الآن أو غدًا فيجوز، قاله في شرح التسهيل. لكن في كلام ولده وتابعه عليه صاحب التوضيح ما يقتضي التسوية في المنع. الأمر الثاني أن تكون الحال محصورة نحو ما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين. الرابع كما يعرض للحال وجوب التأخير عن صاحبها كما رأيت كذلك يعرض لها وجوب التقديم عليه، وذلك كما إذا كان محصورًا نحو ما جاء راكبًا إلا زيد "ولا تجز حالًا من المضاف له" لوجوب كون العامل في الحال هو العامل في
ــ
المصرح قال شيخنا: ولذلك غلط من يقول ولكافة المسلمين. قوله: "جاز" قال شيخنا والبعض لعله لعدم ظهور الإعراب في صاحبها في الأول وفيها في الثاني فلا حاجة حينئذٍ لتعويض لزوم التأخير عن تسلط العامل بالواسطة لضعفها بخفاء العمل. قوله: "فإن كان زائدا جاز التقديم" استثنى منه بعضهم الزائد الممتنع الحذف أو القليله نحو أحسن بزيد مقبلا وكفى بهند جالسة فلا يجوز تقديم الحال فيهما. قوله: "أمران" زاد بعضهم كون صاحبها منصوبا بكأن أو ليت أو لعل أو فعل تعجب أو ضميرا متصلا بصلة أل نحو القاصدك سائلا زيد أو بصلة الحرف المصدري نحو أعجبني أن ضربت زيدا مؤدبا. قوله: "الآن أو غدا" قيد بذلك لتكون الإضافة غير محضة. قوله: "فيجوز" لأن غير المحضة في نية الانفصال فالمضاف إليه فيها مفعول به وتقديم حاله عليه جائز. قال الدماميني وليس كل إضافة لا تعرف غير محضة بل غير المحضة هي التي في تقدير الانفصال وهو في نحو مثلك مفقود فاعتراض أبي حيان بامتناع التقديم في نحو هذا مثلك متكلما مع أن الإضافة فيه غير محضة سهو. قوله: "أن تكون الحال محصورة" أي محصورا فيها ويستثنى منه المحصور بإلا إذا تقدمت مع إلا كما مر. قوله: "كما إذا كان محصورا" أي فيه وكما إذا كان صاحب الحال مضافا إلى ضمير ما يلابسها نحو جاء زائر هند أخوها.
قوله: "ولا تجز حالا إلخ" دخل عليه السندوبي بقوله وتقع الحال من الفاعل والمفعول والمجرور والخبر وكذا من المبتدإ على مذهب سيبويه ولا تأتي من المضاف إليه إلا في مسائل عند المصنف نبه عليها بقوله: ولا تجز حالا إلخ. قوله: "لوجوب كون العامل إلخ" أي لأن الحال وصاحبها كالنعت والمنعوت وعاملهما واحد وما ذكره من وجوب ذلك هو مذهب الجمهور وذهب سيبويه إلى عدم وجوب ذلك لأن الحال أشبه بالخبر وعامله غير عامل المبتدأ
أو كان جزء ما له أضيفا
…
أو مثل جزئه فلا تحيفا
ــ
صاحبها وذلك يأباه "إلا إذا اقتضى المضاف عمله" أي عمل الحال وهو نصبه نحو: {إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا} [يونس: 4]، وقوله:
500-
تقول ابنتي إن انطلاقك واحدًا
…
إلى الروع يومًا تاركي لا أباليا
ونحو هذا شارب السويق ملتوتًا. وهذا اتفاق كما ذكره في شرحي التسهيل والكافية "أو كان" المضاف "جزء ما له أضيفا" نحو: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا} [الحجر: 47]، {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا} "أو مثل جزئه لا تحيفا" والمراد بمثل جزئه ما يصح الاستغناء به عنه نحو:{ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} [النحل: 123] ، وإنما جاز مجيء الحال من المضاف إليه في هذه المسائل الثلاث ونحوها لوجود الشرط المذكور، أما في الأولى فواضح، وأما في الأخيرتين فلأن
ــ
على الصحيح واختاره المصنف في تسهيله فقال وقد يعمل فيها غير عامل صاحبها خلافا لمن منع. قوله: "وذلك يأباه" أي الوجوب المذكور يأبى جواز مجيء الحال من المضاف إليه لأن المضاف من حيث إنه مضاف لا يعمل النصب. قوله: "أي عمل الحال" أي العمل فيه بأن كان ذلك المضاف عامل الحال وقيل المراد عمل المضاف إليه أي العمل فيه من حيث إنه كالفعل لا من حيث إنه مضاف بأن كان المضاف مما يعمل عمل الفعل وإلا فغلام مثلا من غلام زيد عامل في المضاف إليه لكن عمل الحرف المنوي لا عمل الفعل. وقيل المراد عمل المضاف بناء على أن اقتضاءه العمل إنما هو إذا دل على الحدث كالمصدر بناء على أن المتبادر من اقتضائه العمل اقتضاؤه ذلك لذاته ولا يمكن ذلك إلا فيما فيه معنى الحدث قاله سم ومآل الأوجه الثلاثة واحد.
قوله: "إليه مرجعكم جميعا" مرجع مصدر ميمي بمعنى الرجوع والقياس فتح عينه كمذهب. قوله: "إلى الروع" بفتح الراء وهو الخوف والمراد سببه وهو الحرب. قوله: "وهذا اتفاق" أي مجيء الحال من المضاف إليه عند اقتضاء المضاف العمل المذكور. قوله: "فلا تحيفا" أي لا تمل عن ذلك إلى زيادة عليه أو نقص عنه. قوله: "ما يصح الاستغناء به عنه" إشارة لوجه الشبه المقتضى لصحة مجيء الحال من المضاف إليه. قوله: "ونحوها" قيل الصواب إسقاطه إذ لم يبق غير الثلاثة يجوز فيه مجيء الحال من المضاف إليه. وأجاب البهوتي بأنه تجوّز باسم المسألة عن المثال تسمية للجزئي باسم كليه ويرده وصف المسائل بالثلاث لأن الأمثلة السابقة أكثر من ثلاثة إلا أن يقال نزل الأمثلة التي ذكرها لكل مسألة منزلة مثال واحد لاتحادها نوعا وفيه بعد. قوله: "لوجود الشرط المذكور" أي في قوله لوجوب كون العامل في
500- البيت من الطويل، وهو لمالك بن الريب في ديوانه ص43؛ والمقاصد النحوية 3/ 165؛ ولسلامة بن جندل في ديوانه ص198؛ والشعر والشعراء 1/ 279؛ وبلا نسبة في شرح ابن عقيل ص332؛ وعيون الأخبار 1/ 343.
والحال إن ينصب بفعل صرفا
…
أو صفة أشبهت المصرفا
فجائز تقديمه كمشرعا
…
ذا راحل ومخلصًا زيد دعا
ــ
العامل في الحال عام في صاحبها حكمًا؛ إذ المضاف والحالة هذه في قوة الساقط لصحة الاستغناء عنه بصاحب الحال وهو المضاف إليه.
تنبيه: ادعى المصنف في شرح التسهيل الاتفاق على منع مجيء الحال من المضاف إليه فيما عدا المسائل الثلاث المستثناة، نحو: ضربت غلام هند جالسة وتابعه على ذلك ولده في شرحه. وفيما ادعياه نظر فإن مذهب الفارسي الجواز، وممن نقله عنه الشريف أبو السعادات ابن الشجري في أماليه "والحال" مع عامله على ثلاثة أوجه: واجب التقديم عليه، وواجب التأخير عنه، وجائزهما كما هو كذلك مع صاحبه على ما مر. فالحال "إن ينصب بفعل صرفا أو صفة أشبهت" الفعل "المصرفا" وهي ما تضمن معنى الفعل وحروفه وقبل علامات الفرعية، وذلك اسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبهة "فجائز تقديمه" على ذلك الناصب له وهذا هو الأصل. فالصفة "كمسرعًا ذا راحل" ومجردًا زيد مضروب. وهذا تحملين طليق. فتحملين في موضع نصب على الحال، وعاملها طليق وهو صفة مشبهة "و" الفعل نحو:"مخلصًا زيد دعا" وخاشعًا أبصارهم يخرجون. وقولهم: شتى تؤوب الحلية والاحتراز بقوله صرفًا وأشبهت المصرفا مما كان العامل فيه فعلًا جامدًا ما أحسنه مقبلًا، أو صفة تشبه الجامد وهو اسم الفضيل نحو هو
ــ
الحال إلخ. قوله: "وفيما ادعياه نظر إلخ" يؤيد النظر تعليل المنع بوجوب كون العامل في الحال هو العامل في صاحبها لأن تعليله بذلك يقتضي أن من لم يقل بوجوب ما ذكر وهو غير الجمهور لا يقول بالمنع. قوله: "بفعل صرفا" أي إن لم يقع صلة لحرف مصدري ولا تاليا للام الابتداء أو القسم إلا امتنع التقديم كما سيأتي. قوله: "أو صفة" أي لم تقع صلة لأل أي أو مصدر نائب عن فعله فإنه يجوز تقديم حاله عليه أيضا. قوله: "وقبل علامات الفرعية" أي العلامات الدالة على الفرعية كالتثنية والجمع والتأنيث والمراد قبلها قبولا مطلقا فلا يرد أفعل التفضيل فإنه إنما يقبلها إذا عرّف بأل أو أضيف كما سيأتي لكن يرد فعيل كقتيل فإنه إنما يقبلها إذا لم يجر على موصوفه مع أنه يجوز تقديم الحال عليه فلعله مستثنى.
قوله: "فجائز تقديمه" أي وإن كانت الحال جملة مصدرة بالواو خلافا لمن منع فيها. قوله: "وعاملها طليق" لا يقال معمول الصفة المشبهة يجب أن يكون سببيا مؤخرا لأنا نقول ذاك فيما عملها فيه بحق الشبه باسم الفاعل وعملها في الحال بسبب ما فيها من معنى الفعل قاله المصرح. قوله: "ومخلصا زيد دعا" فيه تقديم معمول الخبر الفعلي على المبتدأ جريا على القول بجوازه ورجحه الرضي. قوله: "شتى" جمع شتيت تؤوب الحلبة بالتحريك جمع حالب أي يرجعون متفرّقين. قوله: "نحو ما أحسنه مقبلا" فلا يجوز تقديم الحال على عاملها بل ولا على صاحبها ولو كان اسما ظاهرا كما في شرح العمدة. قوله: "تشبه الجامد" أي في عدم قبول
وعامل ضمن معنى الفعل لا
…
حروفه مؤخرًا لن يعملا
كتلك ليت وكأن وندر
…
نحو سعيد مستقرا في هجر
ــ
أفصح الناس خطيبًا، أو اسم فعل نحو نزال مسرعًا، أو عاملًا معنويًّا هو ما تضمن معنى الفعل دون حروفه كما أشار إليه بقوله:"وعامل ضمن معنى الفعل لا حروفه مؤخرًا لن يعملا كتلك" و"ليت وكأن" والظرف والمجرور المخبر بهما، تقول تلك هند مجردة، وليت زيدًا أميرًا أخوك. وكأن زيدًا راكبًا أسد وزيد عندك أو في الدار جالسًا. وهكذا جميع ما تضمن معنى الفعل دون حروفه كحرف التنبيه والترجي والاستفهام المقصود به
ــ
علامات الفرعية وفيه أن من الأفعال الجامدة ما يقبلها كنعم وبئس وعسى وليس إلا أن يكون مراده خصوص فعل التعجب وفعل الاستثناء. قوله: "خطيبا" هو حال من الضمير في أفصح. قوله: "أو اسم فعل" عطف على قوله فعلا جامدا، وظاهره أن هذا خارج بالقيد. وفيه أن اسم الفعل ليس فعلا ولا صفة فهو خارج من أصل الموضوع وكذا يقال في قوله أو عاملا معنويا. قوله:"وهو ما تضمن" أي لفظ تضمن فليس المراد بالعامل المعنوي نحو الابتداء والتجرد والعوامل المتضمنة ما ذكره عشرة ذكر المصنف والشارح منها تسعة وأسقطا النداء نحو:
يا أيها الربع مَبكيا بساحته
لما في مجيء الحال من المنادى من الخلاف فقد منعه بعضهم وإن كان الأصح كما في جامع ابن هشام الجواز وفي الهمع أن أبا حيان اختار أن اسم الإشارة وحرف التنبيه وليت ولعل وباقي الحروف لا تعمل في الحال ولا الظرف ولا يتعلق بها حرف إلا كأن وكاف التشبيه وأن بعضهم منع عمل كأن أيضا في الحال. وفي الأشباه والنظائر أن الأصح عدم عمل كان وأخواتها وعسى في الحال فتستثنى من العوامل اللفظية. قوله: "مؤخرا" أي ولا محذوفا كما صرح به في المغني غير مرة وإن استظهر الدماميني جواز زيد قائما جوابا لمن قال من في الدار أي زيد فيها قائما لقوة الدلالة على المحذوفة. قوله: "المخبر بهما" الظاهر أنه ليس بقيد بل الواقع نعتا مثلا كذلك نحو مررت برجل عندك قائما. قوله: "تلك هند مجردة" فمجردة حال من هند والعامل فيها اسم الإشارة لما فيه من معنى الفعل أعني أشير. قوله: "وليت زيدا أميرا أخوك" وسط الحال في هذا المثال وما بعده ليكون حالا من الاسم فيكون معمولا للناسخ على كلا المذهبين السابقين في إن وأخواتها إذ لو أخر لكان حالا من الخبر وهو على أحد المذهبين مرفوع بما كان مرفوعا به قبل دخول الناسخ لا به، وكليت وكأن لعل كما سيذكره الشارح، ويظهر أن إنّ وأنّ ولكن كذلك.
قوله: "كحرف التنبيه" نحو: ها أنت زيد راكبا فراكبا حال من زيد أو من أنت على رأي سيبويه فالعامل في راكبا حرف التنبيه لتضمنه معنى أنبه ونحو هذا زيد قائما فالعامل في قائما حرف التنبيه لما مر. وقيل اسم الإشارة لتضمنه معنى أشير وقيل كلاهما لتنزلهما منزلة كلمة واحدة. فإن قلنا العامل حرف التنبيه جاز أن تقول ها قائما ذا زيد ولا يجوز على الوجهين الأخيرين كذا في يس عن ابن بابشاذ. وأورد على كلام الشارح أن الكلام في عامل ضمن معنى
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
التعظيم نحو: يا جارتا ما أنت جاره. وأما نحو أما علمًا فعالم فلا يجوز تقديم الحال على عاملها في شيء من ذلك. وهذا هو القسم الثاني "وندر" تقديمها على عاملها الظرف والمجرور المخبر بهما "نحو سعيد مستقرا" عندك أو "في هجر" فما ورد من ذلك مسموعًا يحفظ ولا يقاس عليه. هذا هو مذهب البصريين. وأجاز ذلك الفراء والأخفش
ــ
الفعل لا في مطلق ما تضمن ذلك. وأنت خبير بأن المراد العامل ولو في الحال فقط. وحرف التنبيه يعمل في الحال على ما ذكره الشارح فلا خروج عما الكلام فيه. نعم يرد على من جعل حرف التنبيه عاملا في الحال عدم اتحاد الحال وصاحبها عاملا ولعله لا يقول بوجوب الاتحاد كما ذهب بعضهم. وفي التصريح وشرح الجامع أن إسناد العمل إلى الأشياء العشرة ظاهري وأن العامل في الحقيقة الفعل المدلول عليه بها كأشير وأنبه وفعل الشرط في أما علما فعالم إذ التقدير مهما يذكر إنسان في حال علم، وحينئذٍ فيتحد العامل في الحال وصاحبها بلا إشكال. وفي المغني المشهور لزوم اتحاد عامل الحال وصاحبها، وليس بلازم عند سيبويه، ويشهد له نحو أعجبني وجه زيد متبسما وصوته قارئا فإن عامل الحال الفعل وعامل صاحبها المضاف وقوله:
لمية موحشا طلل
فإن عامل الحال الاستقرار الذي تعلق به الظرف، وعامل صاحبها وهو طلل الابتداء:{وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً} [المؤمنون: 52]، فإن عامل الحال حرف التنبيه أو اسم الإشارة وعامل صاحبها إن ومثله:{وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا} [الأنعام: 153]، وقوله:
ها بينا ذا صريح النصح فاصغ له
فعامل الحال ها التنبيه وليست عامل صاحبها، ولك أن تقول لا أسلم أن صاحب الحال طلل بل ضميره المستتر في الظرف لأن الحال حينئذٍ من المعرفة. وأما البواقي فاتحاد العامل فيها موجود تقديرا إذ المعنى أشير إلى أمتكم وإلى صراطي وتنبه لصريح النصح. وأما مثالا الإضافة فصلاحية المضاف فيهما للسقوط تجعل المضاف إليه كأنه معمول للفعل وعلى هذا فالشرط في المسألة اتحاد العامل تحقيقا أو تقديرا. ا. هـ. باختصار. وقال الرضي في باب المبتدأ التزامهم اتحاد العامل في الحال وصاحبها لا دليل لهم عليه ولا ضرورة ألجأتهم إليه والحق أنه يجوز اختلاف العاملين على ما ذهب إليه المالكي. ا. هـ. قوله:"وأما" معطوف على حرف التنبيه. قوله: "نحو أما علما فعالم" أسلف الشارح أنه حال من مرفوع فعل الشرط الذي نابت عنه أما فهو العامل حقيقة ونسبة العمل لأما باعتبار نيابتها عنه. قوله: "هو القسم الثاني" أي ما يجب فيه تأخير الحال عن العامل. قوله: "وندر" أي شذ بدليل قول الشارح فما ورد إلخ وقال الموضح قلّ. قوله: "مستقرا" قال سم حال مؤكدة وهو صريح في أن المراد به الاستقرار العام وقال غيره أي ثابتا غير متزلزل فهو خاص إذ لو كان عاما لم يظهر. قال بعض المتأخرين قد يقال محل عدم ظهوره إذا كان له معمول يقع بدلا عنه وإلا جاز ظهوره وعندي أن هذا متعين إذ لا يشك أحد في جواز هذا ثابت
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مطلقًا. وأجازه الكوفيون فيما كانت الحال فيه من مضمر نحو أنت قائمًا في الدار. وقيل يجوز بقوة إن كان الحال ظرفًا. أو حرف جر. ويضعف إن كان غيرهما. وهو مذهبه في التسهيل. واستدل المجيز بقراءة من قرأ: "والسماوات مطوياتٍ بيمينه"[الزمر: 67]، "ما في بطون هذه الأنعام خالصةً لذكورنا" [الأنعام: 139] ، بنصب مطويات وخالصة. وبقوله:
501-
رهط ابن كور محقبي أدراعهم
…
فيهم ورهط ربيعة ابن حذار
وقوله:
502-
بنا عاذ عوف وهو بادئ ذلة
…
لديكم فلم يعدم ولاء ولا نصرا
وتأول ذلك المانع.
ــ
هذا حاصل مثلا. قوله: "فيما كانت الحال فيه من مضمر" أي من مضمر مرجعه مضمر كما في المثال فإن قائما حال من الضمير المستكن في العامل الذي هو الجار والمجرور ومرجعه أنت وإن شئت جعلت كلام الشارح على حذف مضاف أي من مفسر مضمر بفتح السين والمآل واحد. ولعل وجه مذهبهم أنه لما كان مرجع صاحب الحال مماثلا له وكان متقدما كان كأن صاحب الحال متقدم فكأن العامل متقدم، بخلاف ما إذا لم يكن صاحب الحال ضميرا نحو أنت قائما في الدار أبوك، وما إذا لم يكن مرجعه ضميرا نحو زيد قائما في الدار فلا يجوزان عند الكوفيين. وقرر شيخنا عبارة الشارح بوجه آخر حيث قال فقائما حال من أنت عند الكوفيين القائلين بأن المبتدأ والخبر ترافعا فالعامل في الحال وصاحبها واحد متأخر عن الحال وهو الخبر. ا. هـ. وانظر ما وجه التخصيص بالضمير على هذا. قوله:"إن كان الحال ظرفا أو حرف جر" أي مع مجروره نحو زيد عندك أمامك أو في الدار أمامك إذا جعل عندك وفي الدار حالين من الضمير في الظرف بعدهما وقوله إن كان غيرهما كمثال المتن.
قوله: "واستدل المجيز" أي مطلقا. قوله: "بقراءة من قرأ" أي شذوذا. قوله: "رهط ابن كوز" بضم الكاف وآخره زاي مبتدأ خبره فيهم. ومحقبي أدراعهم حال من الضمير المستكن فيه أي جاعلين أدراعهم في حقائبهم جمع درع. ورهط الثاني معطوف على رهط الأول. وحذار بضم المهملة وتخفيف الذال المعجمة. والرهط ما دون العشرة من الرجال. قوله: "بنا عاذ عوف إلخ" فقدم الحال وهو بادىء ذلة على صاحبها أعني الضمير المستكن في لديكم الذي هو خبر هو. قوله: "وتأوّل ذلك المانع" أي بأن البيتين ضرورة وأن السماوات عطف على الضمير المستتر
501- البيت من الكامل، وهو للنابغة الذبياني في ديوانه ص55؛ وجمهرة اللغة ص825؛ وشرح عمدة الحافظ ص437، 557؛ والمقاصد النحوية 3/ 170.
502-
البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 332؛ وشرح التصريح 1/ 385؛ والمقاصد النحوية 3/ 172.
ونحو زيد مفردًا أنفع من
…
عمرو معانًا مستجاز لن يهن
ــ
تنبيهات: الأول محل الخلاف في جواز تقديم الحال على عاملها الظرف إذا توسط كما رأيت. فإن تقدم على الجملة نحو قائمًا زيد في الدار امتنعت المسألة إجماعًا، قاله في شرح الكافية. لكن أجاز الأخفش في قولهم فداء لك أبي وأمي أن يكون فداء حالًا والعامل فيه لك، وهو يقتضي جواز التقديم على الجملة عنده إذا تقدم الخير، وأجازه ابن برهان فيما إذا كان الحال ظرفًا {هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ} [الكهف: 44] ، فهنالك ظرف في موضع الحال والولاية مبتدأ ولله الخبر. الثاني أفهم كلامه جواز نحو في الدار قائمًا زيد وهو اتفاق. الثالث قد يعرض للعامل المتصرف ما يمنع تقديم الحال عليه ككونه مصدرًا مقدرًا بالحرف المصدري نحو سرني ذهابك غازيًا، أو فعلًا مقرونًا بلام الابتداء أو قسم نحو: لأصبر محتسبًا ولأقومن طائعًا أو صلة لأل، أو الحرف مصدري نحو أنت المصلي فذا ولك أن تتنفل قاعدًا قال الناظم وولده: أو نعتًا نحو مررت برجل ذاهبة فرسه مكسورًا سرجها. قال في المغني: هو وهم منهما فإنه يجوز أن يتقدم عليه فاصلًا بين النعت ومنعوته فتقول: مررت برجل مكسورًا سرجها ذاهبة فرسه. الرابع لم يتعرض هنا للقسم الثالث وهي الحال الواجبة التقديم وذلك نحو كيف جاء زيد "ونحو زيد مفردًا أنفع من عمرو معانًا" وبكر
ــ
في قبضته لأنها بمعنى مقبوضة ومطويات حال من السموات وبيمينه ظرف لغو متعلق بمطويات. والفصل المشروط للعطف على الضمير المستتر موجود هنا بقوله يوم القيامة. وأن خالصة حال من المستتر في صلة ما فهي العاملة في الحال وتأنيث خالصة باعتبار معنى ما لأنها واقعة على الأجنة. قوله: "لكن أجاز الأخفش" لما كان تقدم الحال على الجملة صادقا بتقدم الخبر وتأخره وبكون الحال ظرفا وغيره وكانت حكاية الإجماع غير مسلمة في تقدم الخبر وفي كونها ظرفا استدرك على حكاية الإجماع فقال لكن إلخ. قوله: "وهو اتفاق" لأن الحال متأخرة عن العامل حينئذٍ. قوله: "مقدرا بالحرف" أي مع الفعل واقتصر على الحرف لأنه المانع من تقديم الحال كما قاله الدماميني فإن كان المصدر غير مقدر بذلك جاز تقديم الحال عليه نحو قائما ضربا زيدا.
قوله: "أو فعلا مقرونا بلام الابتداء" أي في غير باب إن لتصريحهم هناك بجواز نحو إن زيدا مخلصا ليعبد ربه. قاله الدماميني. قوله: "أو صلة لأل" بخلاف غير أل فيجوز من الذي خائفا جاء لجواز تقديم معمول الصلة عليها لا على الموصول. قوله: "أو لحرف مصدريّ" أي ولو غير عامل نحو سرني ما فعلت محسنا. قوله: "فإنه يجوز أن يتقدم عليه إلخ" مثل الحال من معمول النعت في جواز التقدم على النعت غيرها من معمولات النعت كالمفعول به والظرف والمجرور. قوله: "مكسورا سرجها ذاهبة فرسه" الضمير عائد على متأخر لفظا متقدم رتبة فبطل ما قيل تقديم الحال في المثال وإن لم يمتنع من جهة أن عاملها نعت لجواز تقديم معمول النعت عليه لا على المنعوت فهو ممتنع من جهة تقديم المضمر على ما يفسره فاعرف ذلك. قوله: "نحو كيف جاء زيد" أي في أي حال سواء قلنا إنه ظرف شبيه باسم المكان غير مفتقر إلى
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قائمًا أحسن منه قاعدًا، مما وقع فيه اسم التفضيل متوسطًا بين حالين من اسمين، مختلفي المعنى أو متحديه، مفضل أحدهما في حالة على الآخر في أخرى "مستجاز لن يهن" على أن اسم التفضيل عامل في الحالين فيكون ذلك مستثنى مما تقدم من أنه لا يعمل في الحال المتقدمة عليه. وإنما جاز ذلك هنا لأن اسم التفضيل وإن انحط درجة عن اسم الفاعل والصفة المشبهة بعدم قبول علامات الفرعية، فله مزية على العامل الجامد لأن فيه ما في الجامد من معنى الفعل، ويفوقه يتضمن حروف الفعل ووزنه، فجعل موافقًا للعامل الجامد في امتناع تقديم الحال عليه إذا لم يتوسط بين حالين نحو هو أكفؤهم ناصرًا. وجعل موافقًا لاسم الفاعل في جواز التقديم عليه إذا توسط بين حالين. واعلم أن ما ذكره الناظم هو مذهب سيبويه والجمهور. وزعم السيرافي أن المنصوبين في ذلك ونحوه خبران لكان مضمرة مع إذ في المضي وإذا في الاستقبال. وفيه تكلف إضمار ستة أشياء. وبعد تسليمه يلزم إعمال أفعل في إذ وإذا فيكون واقعًا في مثل ما فر منه.
تنبيه: لا يجوز تقديم هذين الحالين على أفعل ولا تأخيرهما عنه، فلا تقول: زيد
ــ
التعلق كما هو مذهب سيبويه أو اسم غير ظرف كما هو مذهب الأخفش لأن الحال مطلقا على معنى في. هذا ما ظهر لي وبه يعرف ما في كلام البعض هنا تبعا للتصريح فتدبر. قوله: "مفردا" حال من الضمير في أنفع ومعانا حال من عمرو والعامل فيهما أنفع.
قوله: "مختلفي المعنى" أي كالمثال الأول وقوله أو متحديه أي كالمثال الثاني. قوله: "مستجاز" السين والتاء زائدتان أو للنسبة أي منسوب إلى الجواز ومعدود من الجائز. واعلم أن ما جاز بعد الامتناع يجب فلا يعترض عليه بأن اللائق التعبير بالوجوب بدل الاستجازة. قوله: "على العامل الجامد" يعني المعنوي كما يدل عليه ما بعده. قوله: "فجعل موافقا للعامل الجامد إلخ" لما كان شبهه بالجامد أقوى من شبهه باسم الفاعل خصت موافقته للجامد بما هو الغالب وهو حالة عدم توسطه. هذا ما قاله البعض وقد يمنع كون شبهه بالجامد أقوى. والأولى عندي أن يقال خصت موافقته للجامد بأغلب حاليه وهو عدم التوسط لأن ذلك أبلغ في إظهار انحطاط درجته عن اسم الفاعل والتحاقه بالجامد من العكس فتدبر. قوله: "خبران لكان مضمرة" صريح في أن كان ناقصة. والذي في التصريح وشرح الجامع عن السيرافي أنها تامة والمنصوبان حالان ونسب شارح الجامع القول بأنها ناقصة والمنصوبان خبران لها إلى بعض المغاربة. قوله: "إضمار ستة أشياء" هي إذ أو إذا وكان واسمها مع الأول والثاني. قوله: "فيكون واقعا في مثل ما فر منه" الذي فر منه هو عمل أفعل النصب في حال متقدمة عليه، وقد وقع في مثله وهو عمله في ظرف متقدم عليه. وقد يقال يتوسع في الظرف ما لا يتوسع في غيره. قوله:"لا يجوز تقديم إلخ" أي دفعا للبس. فإن قلت يندفع اللبس يجعل أحدهما تاليا لأفعل والآخر للضمير في منه. قلت يلزم الفصل بين أفعل ومن ولم يغتفروه إلا بالظرف والمجرور والتمييز لسماعه فيها ولم يسمع ذلك
والحال قد يجيء ذا تعدد
…
لمفرد فاعلم وغير مفرد
ــ
قائمًا قاعدًا أحسن منه، ولا زيد أحسن منه قائمًا قاعدًا "والحال" لشبهها بالخبر والنعت "قد يجيء ذا تعدد لمفرد فاعلم وغير مفرد" فالأولى نحو جاء زيد راكبًا ضاحكًا وقوله:
503-
علي إذا ما جئت ليلى بخفية
…
زيارة بيت الله رجلان حافيا
ومنع ابن عصفور هذا النوع ما لم يكن العامل فيه أفعل التفضيل. نحو هذا بسرًا أطيب منه رطبًا. ونقل المنع عن الفارسي وجماعة، فالثاني عندهم نعت للأول أو حال من
ــ
في الحال هكذا ينبغي الجواب. ونقل الدماميني عن بعضهم جواز ذلك فيجوز على هذا زيد أحسن قائما منه قاعدا. قال واختاره الرضي. قوله: "لشبهها بالخبر" أي في كونها محكوما بها في المعنى على صاحبها وإن كان الحكم في الخبر قصديا وفي الحال تبعيا والنعت أي في إفهام الاتصاف بصفة وإن كان قصديا في النعت وتبعيا في الحال إذ القصد بها تقييد الفعل وبيان كيفية وقوعه، وقدم شبهها بالخبر لأنه أشد من شبهها بالنعت. قال في المغني ومن ثم اختلف في تعددهما واتفق على تعدد النعت وعلل الدماميني الأشدية بأنك لو حذفت العامل من نحو جاء زيد راكبا انتظم من الحال وصاحبها مبتدأ وخبر تقول زيد راكب ولا ينتظم منهما منعوت ونعت. قوله:"قد يجيء ذا تعدد" أي جوازا ووجوبا، فالثاني بعد إما ولا نحو:{إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا} [الإنسان: 3]، ونحو جاء زيد لا خائفا ولا آسفا. وجاء إفرادها بعد لا ضرورة كما في قوله:
قهرت العدا لا مستعينا بعصبة
…
ولكن بأنواع الخدائع والمكر
والأول فيما عدا ذلك. قوله: "فاعلم" جملة اعتراضية أتى بها لرد قول ابن عصفور الآتي. شاطبي. قوله: "فالأولى" هي المتعددة لمفرد. وتكون بعطف نحو: {أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا} [آل عمران: 39] الآية، وبغير عطف كأمثلة الشارح. قوله:"رجلان" أي ماشيا حافيا أي غير منتعل، والحالان قال المصرح إما من فاعل الزيارة المحذوف والتقدير زيارتي بيت الله أو من ياء المتكلم المجرورة بعلى. ا. هـ. والأنسب الأول.
قوله: "ومنع ابن عصفور هذا النوع" أي قياسا على الظرف قال ابن الناظم: وليس بشيء أي للفرق الظاهر بينهما لأن وقوع الفعل الواحد في زمانين ومكانين محال وأما تقييده بقيدين فلا بأس به. قوله: "ما لم يكن العامل فيه أفعل التفضيل" أي المتوسط بين حالين على ما يؤخذ من التمثيل ليخرج زيد أحسن من إخوته متكلما ضاحكا. وإنما جوز ابن عصفور تعدد الحال لمفرد في نحو هذا بسرا إلخ لأن صاحب الحال وإن كان واحدا في المعنى متعدد في اللفظ والتعدد اللفظي يكفي عنده هذا ما ظهر لي. قوله: "نحو هذا بسرا أطيب منه رطبا" وجه كونه من هذا
503- البيت من الطويل، وهو للمجنون في ديوانه ص233؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 335؛ المغني 2/ 859؛ ولسان العرب 11/ 268 "رجل"؛ ومغني اللبيب 2/ 461.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الضمير فيه. والثانية قد يكون بجمع نحو: {وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ} [إبراهيم: 33]، ونحو:{وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ} [الأعراف: 54] وقد يكون بتفريق نحو لقيت هندًا مصعدًا منحدرة وقوله:
504-
لقي ابني أخويه خائفا
…
منجديه فأصابوا مغنما
فعند ظهور المعنى يرد كل حال إلى ما يليق به كما في المثال والبيت، وعند عدم الظهور بجعل أول الحالين لثاني الاسمين وثانيهما للأول، نحو لقيت زيدًا مصعدًا منحدرًا.
ــ
النوع كما قاله سم أن الحالين لمفرد في المعنى وإن تعدد في اللفظ والبسر مرتبة قبل الرطب وبعد البلح. قوله: "نعت للأول" أي بناء على الأصح من جواز نعت المشتق باعتبار دلالته على الذات. قوله: "أو حال من الضمير" أي ويكون حالا متداخلة. قوله: "بجمع" الباء بمعنى مع أو للملابسة والمراد بالجمع ما قابل التفريق فيشمل التثنية وذلك في صورة اتحاد الحال لفظا ومعنى لأن الجمع حينئذٍ أخصر سواء كان العامل واحدا وعمله في غير الحال كذلك نحو جاء زيد وعمرو راكبين أو عمله مختلف نحو ضرب زيد عمرا راكبين، أو كان العامل متعددا وعمله كذلك نحو جاء زيد وضربت عمرا راكبين أو العمل متحد نحو جاء زيد وذهب عمرو مسرعين، ويظهر أن العامل في الحال عند تعدد العامل مجموع العاملين أو العوامل لئلا يلزم اجتماع عاملين أو عوامل على معمول واحد ولذلك نظائر كثيرة تقدمت وهل الجمع في ذلك واجب أولا استظهر العلوي الوجوب ثم نقل عن الرضي أنه قال لا أمنع من التفريق كلقيت راكبا زيدا راكبا أو لقيت زيدا راكبا راكبا. قوله:"دائبين" أي دائمين بتغليب المذكر. قوله: "وقد يكون بتفريق" أي مع إيلاء كل حال صاحبها نحو لقيت مصعدا زيدا منحدرا أو تأخير الأحوال كما مثله الشارح.
قوله: "يجعل أول الحالين لثاني الاسمين" أي ليكون أول الحالين غير مفصول من صاحبه وهذا مذهب الجمهور. وذهب قوم إلى عكسه واختاره السيوطي مراعاة للترتيب. قال الدماميني وقياسا على ما هو أحسن عند أهل المعاني وهو اللف والنشر المرتب. ا. هـ. أي عند محققيهم لانسياق الذهن إلى الرتيب. ونقل الدماميني عن ابن هشام في حواشي التسهيل أنه فرّق بين النشر وتعدد الحال بأن النشر إنما يجوز عند الوثوق بفهم المعنى وردّ السامع ما لكل واحد من الأمور المتعددة إليه وليس هذا شرطا في تعدد الحال فوجب الحمل على الأقرب إلا عند قيام قرينة غيره ولم يتعرض الشارح لكون الجعل الذي ذكره واجبا أو أولى والذي في المغني وجوبه. قال الشمني أي بالنسبة إلى عكسه فلا ينافي ما في الرضي أنه ضعيف أي بالنسبة إلى جعل كل حال بجنب صاحبها. ا. هـ. باختصار. والأجود عدم العطف هنا لأنه ربما يوهم كون الأحوال لواحد
504- البيت من الرمل، وهو بلا نسبة في شرح ابن عقيل ص337؛ وشرح عمدة الحافظ ص462؛ والمقاصد النحوية 3/ 215.
وعامل الحال بها قد أكدا
…
في نحو لا تعث في الأرض مفسدا
وإن تؤكد جملة فمضمر
…
عاملها ولفظها يؤخر
ــ
فمصعدًا حال من زيد، ومنحدرًا حال من التاء.
تنبيه: الظاهر أن قد في قوله قد يجيء للتحقيق لا للتقليل "وعامل الحال بها قد أكدا" أي الحال على ضربين: مؤسسة وتسمى مبنية وهي التي لا يستفاد معناها بدونها كجاء زيد راكبًا. ومؤكدة وهي التي يستفاد معناها بدونها وهي على ثلاثة أضرب: إما مؤكدة لعاملها وهي كل وصف وافق عامله إما معنى دون لفظ "في نحو لا تعث في الأرض مفسدًا"{ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ} [التوبة: 25] أو معنى ولفظًا نحو: {وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا} [النساء: 79] وقوله:
505-
أصح مصيخا لمن أبدى نصيحته
ومؤكدة لصاحبها نحو لآمن من في الأرض كلهم جميعًا. ومؤكدة لمضمون جملة وقد أشار إليها بقوله: "وإن تؤكد جملة فمضمر عاملها" أي عامل الحال وجوبًا "ولفظها
ــ
في وقتين أو أوقات. ومن العطف بلا إيهام قول عمرو بن كلثوم:
وإنا سوف تدركنا المنايا
…
مقدرة لنا ومقدرينا
أي لها. بقي ما إذا كانت الحال مفردة مع تعدد ما تصلح له نحو لقيت زيدا راكبا فالأقرب كونها للأقرب كما أشار إليه في التسهيل ومنع بعضهم هذه الصورة. قوله: "الظاهر أن قد إلخ" مقابله أن قد للتقليل النسبي. قوله: "أي الحال على ضربين مؤسسة" تفسير للنظم بما يفيده منطوقه ومفهومه فلا يقال المؤسسة لم تذكر في كلامه. قوله: "أما معنى دون لفظ" قدمه على قسيمه لكثرته وقلة الثاني ولذا لم يمثل له الناظم. قوله: "في نحو لا تعث" يقال عثا يعثو عثوا أو عثى يعثي عثى. وعلى الثاني جاءت الآية وأما مثال الناظم فيحتمل الضبطين قاله الشاطبي. قوله: "في الأرض" بحذف الياء لفظا ونقل فتحة الهمزة إلى اللام. قوله: "أصخ" أي استمع. قوله: "ومؤكدة لمضمون جملة" هو معنى المصدر المأخوذ من مسندها مضافا إلى المسند إليه فيها إن كان المسند مشتقا كقيام زيد في زيد قائم وقام زيد والكون المضاف إلى المسند إليه مخبرا عنه بالمسند إن كان المسند جامدا. وهذا هو الممكن هنا لما سيأتي من اشتراط جمود جزأي الجملة ككون زيد أخا في زيد أخوك عطوفا والتأكيد في الحقيقة للازم الكون أخا كما قاله الشنواني وهو العطف والحنو ففي عبارته حذف مضاف أي للازم مضمون جملة. قوله: "فمضمر عاملها" أي
505- عجزه:
والزم توقي خلط الجد باللعب
والبيت من البسيط، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 342؛ وشرح التصريح 1/ 387؛ وشرح عمدة الحافظ ص440؛ والمقاصد النحوية 3/ 185.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يؤخر" عن الجملة وجوبًا أيضًا. ويشترط في الجملة أن تكون معقودة من اسمين معرفتين جامدين نحو زيد أخوك عطوفًا. وقوله:
506-
أنا ابن دارة معروفًا بها نسبي
…
وهل بدارة يا للناس من عار
والتقدير أحقه عطوفًا وأحق معروفًا.
تنبيه: قد يؤخذ من كلامه ما ذكر من الشروط تعريف جزأي الجملة من تسميتها مؤكدة لأنه لا يؤكد ما قد عرف، وجمودهما من كون الحال مؤكدة للجملة لأنه إذا كان أحد الجزأين مشتقًا أو في حكمه كان عاملًا في الحال فكانت مؤكدة لعاملها لا للجملة، ولذلك جعل في شرح التسهيل قولهم: زيد أبوك عطوفًا، وهو الحق بينا، من قبيل المؤكدة لعاملها وهي موافقة له معنى دون لفظ لأن الأب والحق صالحان للعمل، ووجوب
ــ
وصاحبها. قوله: "وجوبا" لأن الجملة كالعوض من العامل ولا يجمع بين العوض والمعوض. قوله: "يؤخر عن الجملة وجوبا" أي لضعف العامل بوجوب الحذف فيجب تأخيرها عما هو كالعوض منه وهو الجملة. قوله: "جامدين" أي جمودا محضا ليخرج الجامد الذي في حكم المشتق كما في أنا الأسد مقداما وزيد أبوك عطوفا كما سينبه عليه الشارح. قوله: "أنا ابن دارة" هي اسم أمه ويا للاستغاثة.
قوله: "والتقدير أحقه" بفتح الهمزة وضمها من حققت الأمر أو أحققته بمعنى تحققته أو أثبته، أو بمعنى أثبته. ومحل تقدير ما ذكر إن لم يكن المبتدأ أنا وإلا قدر نحو حقني أمرا أو أحق مبنيا للمفعول قاله يس. قوله:"قد يؤخذ من كلامه ما ذكر من الشروط إلخ" لم يتعرض الشارح لمأخذ اسمية الجزءين ولعله كون عامله مضمرا أو كون الحال مؤكدة للجملة لأنه إذا كان أحد الجزءين فعلا كان عاملا في الحال فلا يكون عاملها مضمرا ولا تكون الحال مؤكدة للجملة على قياس ما سيذكره في الجمود فتدبر. قوله: "لأنه لا يؤكد إلا ما قد عرف" أي على مذهب البصريين، وما قيل من أن المؤكد مضمون الجملة وهو لا يوصف بتعريف ولا تنكير رد بأن مضمون الجملة كما مر معنى المصدر المأخوذ إلخ وهو يوصف بالتعريف والتنكير بحسب تعريف المسند إليه وتنكيره. قوله:"فكانت مؤكدة لعاملها" أورد عليه أن مجرد كون العامل مشتقا حقيقة أو حكما لا يستلزم كون الحال مؤكدة له وإنما يستلزمه اشتمال العامل على معنى الحال فكان الأولى أن يقول فكانت غير مؤكدة لمضمون الجملة ليكون شاملا للمؤسسة وللمؤكدة لعاملها أو صاحبها. قوله: "ولذلك" أي لكون أحد الجزءين إذا كان مشتقا أو في حكم المشتق كان عاملا
506- البيت من البسيط، وهو لسالم بن دارة في خزانة الأدب 1/ 468، 2/ 145، 3/ 265، 266؛ والخصائص 2/ 268، 317، 340، 3/ 60؛ والدرر 4/ 11؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 547؛ وشرح المفصل 2/ 64؛ والكتاب 2/ 79؛ والمقاصد النحوية 3/ 186؛ وبلا نسبة في شرح شذور الذهب ص320؛ وشرح ابن عقيل ص338؛ وهمع الهوامع 1/ 245.
وموضع الحال تجيء جمله
…
كجاء زيد وهو ناوٍ رحله
ــ
تأخير الحال من كونها تأكيدًا، ووجوب إضمار عاملها من جزمه بالإضمار "وموضع الحال تجيء جمله" كما تجيء موضع الخبر والنعت وإن كان الأصل فيها الإفراد، ولذلك ثلاثة شروط: أحدهما أن تكون خبرية. وغلط من قال في قوله:
507-
اطلب ولا تضجر من مطلب
ــ
جعل في شرح التسهيل إلخ. قوله: "من قبيل المؤكدة لعاملها" هو في المثال الأول أبوك المتأول بالعاطف وفي الثاني الحق المتأول بالبين. قوله: "لأن الأب والحق صالحان للعمل" لتأول الأول بالعاطف وكون الثاني صفة فتأول الثاني بالبين لتكون الحال مؤكدة لا لصحة العمل، ولم يجعل الأخ كالأب لضعف دلالته على العطف والحنو بالنسبة إلى الأب. قوله:"ووجوب تأخير الحال" يقتضي صنيعه أن هذا من الشروط وليس كذلك بل من الأحكام وكذا يقال في قوله ووجوب إضمار عاملها. قوله: "من كونها تأكيدا" رد بأن المؤكدة لعاملها تأكيد ولا يجب تأخيرها. قوله: "وموضع الحال" أي المفردة فلا ينافي أن الجملة حال حقيقة بدليل تقسيمهم الحال إلى مفرد وجملة كالخبر والنعت.
فائدة: يجوز في قوله تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ} [آل عمران: 146]، أن يكون ربيون نائب فاعل قاتل وأن يكون ربيون فاعلا بالظرف لاعتماده على ذي الحال وهو ضمير النبي المستتر في قاتل والظرف حال وأن يكون مبتدأ خبره الظرف والجملة حال. ويختلف المعنى على الأول والأخيرين قيل وإذا قرئ قتل بالتشديد وجب ارتفاع ربيون بالفعل لأن قتل الواحد لا تكثير فيه ويرد بأن النبي هنا متعدد لا واحد بدليل كأين وإنما أفرد الضمير بحسب لفظها كذا في المعنى. قوله:"أن تكون خبرية" تغليبا لشبهه بالنعت في كونه قيدا مخصصا على شبهه بالخبر في كونه محكوما به لأن الغرض من الإتيان بها تقييد عاملها بحيث يتخصص وقوع مضمونه بوقت وقوع مضمونها والإنشائية إما طلبية أو إيقاعية كبعث واشتريت فالطلبية لا يتيقن حصول مضمونها فكيف يخصص بوقته حصول مضمون العامل والإيقاعية غير منظور فيها إلى وقت يحصل فيه مضمونها والمقصود بها إنما هو مجرد الإيقاع وهو مناف لقصد وقت الوقوع كذا في الدماميني نقلا عن الرضي نعم إن جعلت الإنشائية مقولا لقول مقدر هو الحال صح كالنعت إذ ليست الإنشائية حالا حينئذٍ نقله الشمني عن السيد وغيره. قال أبو حيان ويستثنى من الخبرية التعجبية إن قلنا إن التعجب خبر فلا تقع حالا فلا يقال مررت بزيد ما أحسنه. قوله: "اطلب ولا تضجر من مطلب" أي طلب وبعده:
وآفةُ الطالبِ أن يَضّجَرَا أما ترَى الحبلَ بِتِكْرَارِه فِي الصَّخْرَة الْصماء قَد أَثَّرَا
507- عجزه:
فآفة الطالب أن يضجرا
والبيت من السريع، وهو لبعض المولدين في الدرر 4/ 12؛ وشرح التصريح 1/ 389؛ المقاصد النحوية 3/ 217؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 347؛ ومغني اللبيب 2/ 398؛ وهمع الهوامع 1/ 246.
وذات بدء بمضارع ثبت
…
حوت ضميرًا ومن الواو خلت
ــ
أن لا ناهية والواو للحال. والصواب أنها عاطفة، مثل:{وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} [النساء: 36]، الثاني أن تكون غير مصدرة بعلم استقبال. وغلط من أعرب سيهدين من قوله تعالى:{إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ} [الصافات: 99] حالًا. الثالث أن تكون مرتبطة بصاحبها على ما سياتي "كجاء زيد وهو ناوٍ رحله" مثال لما استكملت الشروط "وذات بدء بمضارع ثبت حوت ضميرًا" يربطها "ومن الواو خلت" وجوبًا لشدة شبهه باسم الفاعل، تقول: جاء زيد يضحك، وقدم الأمير تقاد الجنائب بين يديه. ولا يجوز جاء
ــ
قوله: "إن لا ناهية" ليس هذا محل الغلط بل قوله والواو للحال ولو اقتصر عليه لكان أولى، فتضجر على هذا الغلط مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة المحذوفة تخفيفا، وكذا على أن لا ناهية والواو عاطفة جملة على جملة وهو ما استصوبه الشارح كما يفيده قوله عاطفة مثل:{وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} [النساء: 36] ، وإن اقتضى كلام البعض خلافه، ويحتمل أن تكون لا نافية والواو عاطفة مصدر منسبك من أن والفعل أي عاطفة عدمه المفهوم من لا على مصدر متصيد من الأمر السابق أي ليكن منك طلب وعدم ضجر فالفتحة فتحة إعراب والعطف كالعطف في قولك ائتني ولا أجفوك بالنصب أفاده في التصريح. قوله:"بعلم استقبال" أي علامته كالسين ولن لأنها لو صدرت بعلم استقبال لفهم استقبالها بالنظر لعاملها فتفوت المقارنة وللتنافي بين الحال والاستقبال بحسب اللفظ وإن لم يكن هناك تناف بحسب المعنى لأن المنافي للاستقبال الحال الزمانية لا النحوية المرادة هنا. ويرد على التعليل الأول أن يقال هلا جوزتم تصديرها بعلم الاستقبال وجعلتم المصدرة به حالا منتظرة فتأمل. وقد ظهر باشتراط عدم تصدير الحال بعلم الاستقبال بطلان قول من قال إن الجملة الشرطية تقع حالا. قال المطرزي لا تقع جملة الشرط حالا لأنها مستقبلة فلا تقول جاء زيد إن يسأل يعط. فإن أردت صحة ذلك قلت وهو إن يسأل يعط فتكون الحال جملة اسمية وظهر أيضا وجه استشكال الناس قول سيبويه أن لا مختصة بنفي المستقبل مع قوله إن المضارع المنفي بلا يقع حالا. ا. هـ. دماميني باختصار وتصحيح بعضهم وقوع الشرط حالا في نحو: {كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ} [الأعراف: 176]، بانسلاخ الشرط حينئذٍ عن أصله إذ معنى الآية فمثله كمثل الكلب على كل حال يبعده وجود الجواب في الآية فتأمل. قوله:"مرتبطة بصاحبها" أي بالضمير أو بالواو أو بهما والأصل الضمير بدليل الربط به وحده في الحال المفردة والخبر والنعت قاله الدماميني.
قوله: "وذات بدء بمضارع" فإن بدئت بمعمول المضارع جاز الربط بالواو ولذلك جوّز البيضاوي إعراب {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} حالا من فاعل نعبد. قوله: "لشدة شبهه باسم الفاعل" بخلاف الماضي فليس شبهه به شديدا لأنه وإن أشبهه في وقوعه صفة وصلة وحالا يزيد
وذات واو بعدها انو مبتدا
…
له المضارع اجعلن مسندا
ــ
ويضحك، ولا قدم وتقاد "وذات واو بعدها انو مبتدا له المضارع اجعلن مسندا" أي إذا جاء من كلامهم ما ظاهره أن جملة الحال المصدرة بمضارع مثبت تلت الواو حمل على أن المضارع خبر مبتدأ محذوف، من ذلك قولهم: قمت وأصك عينه: أي وأنا أصك.
وقوله:
508-
فلما خشيت أظافيرهم
…
نجوت وأرهنهم مالكا
وقوله:
509-
علقتها عرضًا وأقتل قومها
أي وأنا أرهنهم مالكًا، وأنا أقتل قومها. وقيل: الواو عاطفة لا حالية والفعل بعدها مؤول بالماضي.
تنبيهان: الأول: تمتنع الواو في سبع مسائل: الأولى ما سبق. الثانية الواقعة بعد عاطف نحو: {فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ} [الأعراف: 4] ، الثالثة المؤكدة لمضمون
ــ
المضارع بكونه على حركاته وسكناته وكالماضي الجملة الاسمية. قوله: "وذات واو" مبتدأ خبره جملة انو والرابط محذوف أي انو فيها. وأما الضمير في بعدها فعائد على الواو ويجوز نصب ذات على الاشتغال بعامل مقدر من معنى المذكور أي اقصد ذات واو إن جوزناه مع حذف الشاغل. قوله: "حمل على أن المضارع" أي جملة المضارع. قوله: "فلما خشيت إلخ" أي لما خفت سيوفهم نجوت وأبقيت في أيديهم مالكا. قوله: "علقتها" بالبناء للمجهول أي حبيت فيها عرضا أي تعليقا عرضا أي عارضا أي غير مقصود لي. قوله: "والفعل بعدها مؤول بالماضي" أي على سبيل الأولوية لمناسبة المتعاطفين فقط وإلا فيجوز عطف المضارع على الماضي من غير تأويل ولم يؤول الأول بالمضارع لأن تأويل الثاني في وقت الحاجة. قوله: "الواقعة بعد عاطف" أي الجملة الاسمية الواقعة إلخ أي فرارا من اجتماع حرفي عطف صورة قاله المصرح. قوله: "أو هم قائلون" من
508- البيت من المتقارب، وهو لعبد الله بن همام السلولي في إصلاح المنطق ص231، 249؛ وخزانة الأدب 9/ 36؛ والدرر 4/ 15؛ والشعر والشعراء 2/ 655؛ ولسان العرب 13/ 188؛ ومعاهد التنصيص 1/ 285؛ والمقاصد النحوية 3/ 190؛ وبلا نسبة في الجني الداني ص164؛ ورصف المباني ص420؛ وشرح ابن عقيل ص340؛ والمقرب 1/ 155؛ وهمع الهوامع 1/ 246.
509-
عجزه:
زعمًا لعمر أبيك ليس بمزعم
والبيت من الكامل، وهو لعنترة في ديوانه ص191؛ وجمهرة اللغة ص816؛ وخزانة الأدب 6/ 131؛ وشرح التصريح 1/ 392؛ ولسان العرب 12/ 267 "زعم"؛ والمقاصد النحوية 3/ 188؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 356؛ ومجالس ثعلب 1/ 241.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الجملة نحو: الحق لا شك فيه، {ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ} [البقرة: 2] ، الرابعة الماضي التالي إلا، نحو ما تكلم زيد إلا قال خيرًا. ومنه:{إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} [الحجر: 11]، الخامسة الماضي المتلو بأو نحو لأضربنه ذهب أو مكث. ومنه قوله:
510-
كن للخليل نصيرًا جار أو عدلا
…
ولا تشح عليه جاد أو بخلا
السادسة المضارع المنفي بلا نحو: {وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ} [المائدة 84]، {مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ} [النمل: 20] ، وقوله:
511-
ولو أن قومًا لارتفاع قبيلة
…
دخلوا السماء دخلتا لا أحجب
فإن ورد بالواو أول على إضمار مبتدأ على الأصح كقراءة ابن ذكوان {فَاسْتَقِيمَا وَلَا
ــ
القيلولة وهي نصف النهار. قوله: "المؤكدة لمضمون الجملة" أي لأن المؤكد عين المؤكد فلو قرن بالواو لزم عطف الشيء على نفسه صورة وقد يشعر صنيع الشارح هنا وفيما بعد بأن المؤكدة لمضمون الجملة لا تكون إلا اسمية والظاهر أنها تكون فعلية نحو هو الحق لا شك فيه. قوله: "لا ريب فيه" في كونه مؤكدا نظر إلا إذا جعلت أل في الكتاب للكمال. والمعنى ذلك الكتاب البالغ غاية الكمال فإن هذا يستلزم انتفاء كونه محلا للريب والشك كما في البيضاوي. قوله: "الماضي التالي إلا" أي لأن ما بعد إلا مفرد حكما كما مر وذهب بعضهم إلى جواز اقترانه بالواو تمسكا بقوله:
نعم امرؤٌ لَمْ تَعْرُ نَائِبَةٌ
…
إلا وَكَانَ لِمُرْتَاع بِهَا وَزَرَا
وحكم الأول بشذوذه. قوله: "الماضي المتلو بأو" أي لأنه في تقدير فعل الشرط إذ المعنى إن ذهب وإن مكث وفعل الشرط لا يقترن بالواو فكذا المقدر به. قوله: "المضارع المنفي بلا" قال الدماميني وإنما امتنعت الواو في المضارع المنفي بما أولا لأنه في تأويل اسم الفاعل المخفوض بإضافة غير وهو لا تدخل عليه الواو وأورد عليه أن هذا التوجيه جار في المنفي بلم أو لما فما وجه صحة الواو فيهما دون لا وما. ويمكن دفعه بأن مضى المنفي بلم أو لما في المعنى قربه من الفعل الماضي الجائز الاقتران بالواو وأبعده من الشبه باسم الفاعل المذكور بخلاف المنفي بما أو لا فتدبره فإنه نفيس. قوله: "وما لنا لا نؤمن بالله" أي أيّ شيء ثبت لنا حالة كوننا غير مؤمنين. قوله: "أول على إضمار مبتدأ على الأصح" مقابله عدم التقدير وجعل الواو الحالية مباشرة للمضارع شذوذا وهذا قول ابن عصفور وجعل الواو للعطف وهذا قول الجرجاني ويرد على الأول وروده في التنزيل والثاني لزم عطف الخبر على الإنشاء حيث يكون السابق جملة طلبية نحو: {فَاسْتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَانِّ} [يوسف: 89] ، بتخفيف النون قاله الدماميني
510- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في الدرر 4/ 114؛ وشرح عمدة الحافظ ص449؛ والمقاصد النحوية 3/ 202؛ وهمع الهوامع 1/ 246.
511-
البيت من الكامل، وهو بلا نسبة في المقاصد النحوية 3/ 191.
وجملة الحال سوى ما قدما
…
بواو أو بمضمر أو بهما
ــ
تَتَّبِعَانِّ} [يونس: 89]، وقوله:
512-
وكنت ولا ينهنهني الوعيد
وقوله:
513-
أكسبته الورق البيض أبا
…
ولقد كان ولا يدعى لأب
نص على ذلك في التسهيل وفي كلام خلافه. السابعة المضارع المنفي بما كقوله:
514-
عهدتك ما تصبو وفيك شبيبة
…
فما لك بعد الشيب صبا متيما
الثاني تلزم الواو مع المضارع المثبت إذا اقترن بقد نحو: {وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ} [الصف: 5] ، ذكره في التسهيل "وجملة الحال سوى ما قدما" يجوز ربطها "بواو" وتسمى هذه الواو واو الحال، وواو الابتداء، وقدرها سيبويه والأقدمون بإذ، ولا
ــ
وبه يعلم كلام ما في شيخنا والبعض من القصور.
قوله: "ولا تتبعان" أي بتخفيف النون. قوله: "وكنت" أي وجدت وقوله ولا ينهنهني أي يزجرني. قوله: "أكسبته الورق إلخ" أي أظهرت الدراهم نسبه وقد كان وهو مجهول النسب وكان في البيت تامة. قوله: "المضارع المنفي بما" كذا في التوضيح وغيره وجزم به في التسهيل وجوز بعضهم فيه الاقتران. قال أبو حيان: والقياس كون إن بمنزلة ما قاله الدماميني. قوله: "عهدتك ما تصبو" أي تميل إلى الجهل، والمتيم من تيمه الحب أي استعبده وأذله. قوله:"تلزم الواو مع المضارع إلخ" تقييد لإطلاق المتن وإنما تلزم مع ذلك قيل لأن قد أضعفت شبهه باسم الفاعل لعدم دخولها عليه وهذا التوجيه إنما ينتج الجواز كما أفاده سم ونازع السعد فيما ذكره الشارح فقال التقدير في الآية وأنتم قد تعلمون ومثل ما ذكر في لزوم الواو الجملة الفاقدة للضمير نحو جاء زيد وما طلعت الشمس. قوله: "يجوز ربطها بواو إلخ" الجواز منصب على التقييد بالواو أو بالضمير أو بهما فلا ينافي كون مطلق الربط واجبا قال الدماميني هذه الواو مستعارة من العطف لربط جملة الحال بعاملها كاستعار الفاء من العطف لربط الجزاء بالشرط وإنما خصت الواو
512- صدره:
تفاني مصعب وبنو أبيه
والبيت من الوافر، وهو لمالك بن رقية في شرح التصريح 1/ 392؛ والمقاصد النحوية.
513-
البيت من الرمل، وهو لمسكين الدارمي في ديوانه ص22؛ وسمط اللآلي ص352؛ وشرح التصريح 1/ 392؛ والمقاصد النحوي 3/ 193.
514-
البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 354؛ والدرر 4/ 14؛ وشرح التصريح 1/ 392؛ وهمع الهوامع 1/ 246.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يريدون أنها بمعناها إذ لا يرادف الحرف الاسم بل إنها وما بعدها قيد للعامل السابق "أو بمصمر" يرجع إلى صاحب الحال "أو بهما" معًا وسوى ما قدم هو الجملة الاسمية وجملة الماضي مثبتتين كانتا أو منفيتين وجملة المضارع المنفي، ويستثنى من ذلك ما تقدم التنبيه عليه وهو الاسمية الواقعة بعد عاطف والمؤكدة، وجملة الماضي التالي إلا، والمتلو بأو والمضارع المنفي بلا أو بما على ما مر، فلم يبق من أنواع المضارع المنفي سوى المنفي بلم أو لما. وأما المنفي بلن فلا يمكن هنا وأمثلة ذلك الجملة الاسمية غير ما تقدم: جاء زيد والشمس طالعة، ومنه:{لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ} [يوسف: 14]، جاء زيد يده على رأسه. ومنه:{وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ} [البقرة: 38]، أي متعادين. وقوله:
515-
ثم راحوا عبق المسك بهم
ــ
لأنها للجمع والغرض اجتماع جملة الحال مع العامل. قوله: "واو الابتدا" لأنها تدخل كثيرا على المبتدإ وإن لم تلزمه أو لوقوعها في ابتداء الحال. قوله: "بل إنها إلخ" أي فالمراد تشبيه واو الحال بإذ فيما ذكر لا بيان معناها. قوله: "على ما مر" أي من الخلاف في امتناع اقتران المنفي بلا بالواو والخلاف موجود في المنفي بما أيضا كما أسلفناه لكنه لم يبينه سابقا فيه. قوله: "سوى المنفي بلم أو لما" الفرق بينه وبين المنفي بلا أو ما أنه ماض في المعنى لأن كلا من لم ولما يقلبه إلى الماضي فساغ ربطه بالواو كالماضي لفظا.
قوله: "فلا يمكن هنا" أي لما تقدم من أن شرط الجملة الحالية أن لا تصدر بعلم استقبال. قوله: "وأمثلة ذلك" أي الربط بالواو أو بالضمير أو بهما معا. قوله: "غير ما تقدم" أي الجملة الاسمية الواقعة بعد عاطف والمؤكدة لمضمون جملة. قوله: "والشمس طالعة" فإن قلت الحال وصف لصاحبها وهذا لا يظهر في المثال. قلت التقدير موافقا طلوع الشمس مثلا. قوله: "ونحن عصبة" حال من الذئب أو من ضمير يوسف مرتبطة بالواو فقط لأن الضمير فيها أعني نحن لا يصلح لصاحب الحال وهو الذئب أو ضمير يوسف. قوله: "ومنه قلنا اهبطوا إلخ" قيل الخطاب لآدم وحوّاء وإبليس والحية والأمر عليه ظاهر. وقيل لآدم وحوّاء فقط بدليل آية قلنا اهبطا وصححه الزمخشري، وعليه فالجمع والتعادي باعتبار ما فيهما من الذرية التي كالذر كذا قيل، وفيه أن تعادي الذرية ليس مقارنا للهبوط حتى تكون الحال مقارنة ولا هما مقدران التعادي ولا ذريتهما مقدرون التعادي حتى تكون الحال مقدرة وهو مبني على ما ذكره البعض من أن المقدر للحال
515- عجزه:
يلحفون الأرض هداب الأزر
والبيت من الرمل، وهو لطرفة بن العبد في ديوانه ص55؛ وجمهرة اللغة ص555؛ ولسان العرب 9/ 314 "لحق"، 10/ 234 "عبق"؛ والمقاصد النحوية 3/ 208؛ وبلا نسبة في شرح عمدة الحافظ ص456.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وقوله:
516-
ولولا جنان الليل ما آب عامر
…
إلى جعفر سرباله لم يمزق
وجاء زيد ويده على رأسه. ومنه: {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: 22]، وهكذا النفي وأمثلته مع جملة الماضي غير ما تقدم: جاء زيد وقد طلعت الشمس، ومنه قوله:
517-
نجوت وقد بل المرادي سيفه
جاء زيد قد علته سكينة، ومنه {أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ} [النساء: 90] ، {وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ، قَالُوا} [آل عمران: 168] ، وهكذا النفي، وأمثلته مع المضارع المنفي بلم أو لما: جاء زيد ولم يقم عمرو. ومنه قوله:
ــ
المقدرة هو حال صاحبها وقد أسلفنا في باب الاستثناء عن الدماميني ما هو صريح في عدم وجوب ذلك وجواز كون المقدر هو الله تعالى، وعليه يصح كون الحال هنا مقدرة بلا إشكال أي اهبطوا حال كونكم مقدرا تعاديكم من الله تعالى فتأمل. قوله:"عبق" مصدر عبق به الطيب يعبق من باب فرح أي لصق به. قوله: "جنان الليل" بفتح الجيم أي ظلامه، وآب رجع. قوله:"وأمثلته" أي الربط بأقسامه الثلاثة. قوله: "غير ما تقدم" أي الماضي التالي إلا والمتلوّ بأو. قوله: "نجوت وقد بل المرادي سيفه" تمامه:
من ابن أبي شيخ الأباطح طالب
والمراد بضم الميم نسبة إلى مراد قبيلة كما قاله يس في آخر باب الإضافة وهو عبد الرحمن بن ملجم قاتل عليّ رضي الله تعالى عنه وكرّم الله وجهه. قوله: "بربع الدار" الربع المنزل فالإضافة للبيان ومعارفها ما يعرف منها عامرا آهلا، والساريات عطف على البلى وهو السحب التي تسري ليلا، والهواطل المتتابعة المطر وأتت الحال من المضاف إليه لأن المضاف كجزء المضاف إليه في صحة الإسقاط. قوله:"المنفي بلم أو لما" كان المناسب إسقاط قوله أو لما
516- البيت من الطويل، وهو لسلامة بن جندل في ديوانه ص176؛ والأصمعيات ص135؛ ولسان العرب 13/ 92 "جنن"؛ والمقاصد النحوية 3/ 210؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 7/ 22.
517-
البيت من الطويل، وهو للنابغة الجعدي في ديوانه ص115؛ وشرح عمدة الحافظ من 452؛ والمقاصد النحوية 3/ 203.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
518-
ولقد خشيت بأن أموت ولم تكن
…
للحرب دائرة على ابني ضمضم
جاء زيد لم يضحك. ومنه قوله:
519-
كأن فتات العهن في كل منزل
…
نزلن به حب الفنا لم يحطم
جاء زيد ولم يضحك. ومنه: {أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ} [الأنعام: 93] .
تنبيهات: الأول مذهب البصريين -إلا الأخفش- لزوم قد مع الماضي المثبت مطلقًا ظاهرة أو مقدرة، والمختار وفاقًا للكوفيين والأخفش لزومها مع المرتبط بالواو فقط. وجواز
ــ
اكتفاء بقوله الآتي وهكذا المنفي بلما قيل ولعل الحامل له على لك أنه أخذ المضارع المنفي بلم أو لما فيما سبق قسما واحدا مقابلا لبقية الأقسام فجمع بينهما هنا. قوله: "بأن أموت" الباء زائدة وقول العيني الباء للسببية غير ظاهر. قوله: "كأن فتات العهن" بضم الفاء أي ما تفتت وتناثر من القطن أو الصوف الذي علق بهوادج نسوتهم، وحب الفنا بفتح الفاء والقصر عنب الذئب والضمير في نزلن لنسوتهم. لم يحطم أي لم يكسر ووجه الشبه الحمرة وقيد بقوله لم يحطم لأنه إذا حطم ظهر لون غير الحمرة. قوله:"سقط النصيف" هو الخمار. قوله: "لزوم قد مع الماضي المثبت" أي لأنها تقربه إلى الزمن الحاضر فتشعر بمقارنة زمن الحال لزمن عاملها ولولاها لتوهم مضي زمن الحال بالنسبة إلى زمن عاملها فتفوت المقارنة هذا ملخص ما قاله الدماميني. وقد ينازع في ذلك الإشعار إذ لا يلزم من تقريبه إلى الزمن الحاضر مقارنته لزمن العامل ثم رأيته في حاشيته على المغني ناقش بمثل ذلك ثم قال وإنما المفهم للمقارنة جعله قيدا للعامل فلا فرق بين وجود قد وعدمها كما ذهب إليه الكوفيون وخرج بالمثبت المنفي فلا يقترن بقد فيما يظهر. قوله: "مطلقا" أي سواء ربط بالواو
518- البيت من الكامل، وهو لعنترة في ديوانه ص221؛ والأغاني 10/ 303؛ وحماسة البحتري ص43؛ وخزانة الأدب 1/ 129؛ والشعر والشعراء 1/ 259؛ والمقاصد النحوية 3/ 198.
519-
البيت من الطويل، وهو لزهير بن أبي سلمى في ديوانه ص12؛ ولسان العرب 2/ 65 "فتت" 15/ 165 "فنى"؛ والمقاصد النحوية 3/ 194.
520-
عجزه:
فتناولته واتقتنا باليد
والبيت من الكامل، وهو للنابغة الذبياني في ديوانه ص93؛ والشعر والشعراء 1/ 176؛ والمقاصد النحوية 3/ 201.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
إثباتها وحذفها في المرتبط بالضمير وحده أو بهما معًا تمسكًا بظاهر ما سبق الأصل عدم التقدير لا سيما مع الكثرة. نعم في ذلك أربع صور مرتبة في الكثرة هي: جاء زيد وقد قام أبوه، ثم جاء زيد قد قام أبوه، ثم جاء زيد وقام أبوه، ثم جاء زيد قام أبوه، وجعل الشارح الثالثة أقل من الرابعة وهو خلاف ما في التسهيل. الثاني تمتنع قد مع الماضي الممتنع ربطه بالواو وهو تالي إلا والمتلو بأو. وندر قوله:
521-
متى يأت هذا الموت لم يلف حاجة
…
لنفسي إلا قد قضيت قضاءها
الثالث قد يحذف الرابط لفظًا فينوي نحو مررت بالبر قفيز بدرهم: أي منه. وقوله:
نصف النهار الماء غامرة
أي والماء غامره. الرابع الأكثر في الاسمية الجائز فيها الأوجه الثلاثة: الربط بالواو والضمير معًا، ثم الواو وحدها، ثم الضمير وحده، وليس انفراد الضمير مع قلته بنادر خلافًا للفراء والزمخشري لما تقدم، ومثل هذه الاسمية في ذلك على ما يظهر جملة المضارع
ــ
أو بالضمير أو بهما. قوله: "بظاهر ما سبق" أي من قوله تعالى: {أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ} [النساء: 90] ، {وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ، قَالُوا} [يوسف: 16]، {الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا} [آل عمران: 168] .
قوله: "نعم في ذلك إلخ" استدراك على قوله وجواز إثباتها وحذفها إلخ لدفع توهم مساواة الصور في الكثرة واسم الإشارة يرجع إلى الماضي المثبت الواقع حالا. قوله: "وجعل الشارح الثالثة أقل من الرابعة" قال ابن هشام هو الصواب ولعل وجهه احتمال العطف في الثالثة احتمالا قريبا. قوله: "الثاني تمتنع قد إلخ" في الرضي أنهما قد يجتمعان بعد إلا نحو ما لقيته إلا وقد أكرمني. قوله: "لم يلف" أي لم يجد وقضاءها بالمد. قوله: "نصف النهار" أي انتصف، الماء غامره الضمير يرجع إلى غائص لطلب اللؤلؤ انتصف النهار وهو غائص وصاحبه لا يدري حاله، ولما لم يكن الضمير لصاحب الحال الذي هو النهار لم يصلح رابطا. قوله:"أي والماء غامره" الذي يظهر لي أن تقدير الواو هنا والضمير فيما قبله إشارة إلى جواز تقدير كل، إذ يجوز تقدير الرابط هنا ضميرا أي غامره فيه وتقديره فيما قبله واوا أي وقفيز بدرهم، ويظهر لي أيضا أن تقدير الواو أرجح حملا على الكثير في ربط الجملة الاسمية وهو الربط بالواو فاعرف ذلك. ثم رأيت ما يؤيد ما ظهر لي أولا للدماميني وما يؤيد ما ظهر لي ثانيا للشمني. قوله:"الجائز فيها إلخ" هي ما عدا الواقعة بعد عاطف والمؤكدة لمضمون الجملة. قوله: "ثم الضمير وحده" قال سم هلا كان الربط بالضمير أقوى لإيهام العطف. قوله: "مع قلته" أي بالنسبة للربط بالواو وللربط بالواو
521- البيت من الطويل، وهو لقيس بن الخطيم في ديوانه ص49؛ وخزانة الأدب 7/ 35؛ وشرح ديوانه الحماسة للمرزوقي 1/ 186؛ والمقاصد النحوية 3/ 222.
والحال قد يحذف ما فيها عمل
…
وبعض ما يحذف ذكره حظل
ــ
المنفي الجائز فيها الأوجه الثلاثة. الخامس كما يقع الحال جملة يقع أيضًا ظرفًا نحو رأيت الهلال بين السحاب وجارًّا ومجرورًا نحو: {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ} [مريم: 11] في زينته ويتعلقان باستقرار محذوف وجوبًا، وأما:{فَلَمَّا رَآَهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ} [النمل: 40] ، فليس مستقرًّا فيه هو المتعلق لأنه كون خاص إذ معناه عدم التحرك وذلك مطلق الوجود "والحال قد يحذف ما فيها عمل وبعض ما يحذف ذكره حظل" أي منع، يعني أنه قد يحذف عامل الحال جوازًا لدليل حالي نحو: راشدًا للقاصد سفرًا، ومأجورًا للقادم من حج. أو مقالي نحو:{بَلَى قَادِرِينَ} [القيامة: 4]{فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالا أَوْ رُكْبَانًا} [البقرة: 239]، أي تسافر: ورجعت، ونجمعها، وصلوا. ووجوبًا قياسًا في أربع صور: نحو ضربي زيدًا قائمًا. ونحو زيد أبوك عطوفًا وقد مضتا، والتي بين فيها ازدياد أو نقص بتدريج نحو تصدق بدرهم فصاعدًا، واشتر بدينار فسافلًا، وما ذكر لتوبيخ نحو أقائمًا وقد قعد الناس، وأتميميًّا
ــ
والضمير. وقوله بنادر أي بقليل جدا في نفسه. قوله: "لما تقدم" أي من قوله تعالى: {قُلْنَا اهْبِطُوا} [البقرة: 38]، الآية والبيتين بعده. قوله:"جملة المضارع المنفي الجائز إلخ" هو المضارع المنفي بلم أو لما. قوله: "يقع ظرفا" أي تاما وكذا الجار والمجرور. قوله: "ويتعلقان إلخ" قال سم حاصله أن المتعلق كون عام فيجب حذفه ويتجه جواز كونه خاصا وحينئذٍ لا يجب حذفه إذا وجدت قرينة وهذا قياس ما حررنا في الخبر. قوله: "فليس مستقرا فيه هو المتعلق" أي متعلق الظرف الواقع حالا عند الحذف وإلا فهو متعلق الظرف في هذا التركيب. قوله: "وذلك" أي المتعلق.
قوله: "والحال قد يحذف إلخ" قيل منه قيما في قوله تعالى: {وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا، قَيِّمًا} [الكهف: 1]، والتقدير أنزله قيما فجملة النفي معطوفة على:{أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ} [الكهف: 1]، وقيل: حال من الكتاب فجملة النفي معترضة أو حال أوّلي بناء على جواز تعدّد الحال وإن اختلفت جملة وإفرادا لا معطوفة لئلا يلزم العطف على الصلة قبل كمالها وقيل: حال من الضمير المجرور باللام العائد إلى الكتاب. وقيل: المنفية حال وقيما بدل منها عكس عرفت زيدا أبو من هو. ومن العجائب ما حكاه بعضهم أنه سمع شيخا يعرب لتلميذه قيما صفة لعوجا، ونظيره اعراب أحوى صفة لغثاء على تفسير الأحوى بالأسود من شدة الخضرة لكثرة الري كما فسر:{مُدْهَامَّتَانِ} [الرحمن: 64] ، وإنما هو على هذا حال من المرعى وأخر لتناسب الفواصل، أما على تفسيره بالأسود من الجفاف واليبس فهو صفة لغثاء كذا في المغني. والغثاء بتخفيف المثلثة وتشديدها ما يقذف به السيل على جانب الوادي من الحشيش ونحوه. شمني. قوله:"وبعض ما يحذف إلخ" وقد يمتنع حذف عاملها كما إذا كان معنويا لضعفه كاسم الإشارة والظرف. قوله: "وقد مضتا" الأولى في باب المبتدأ والثانية في هذا الباب. قوله: "فصاعدا" اقتران الحال بالفاء أو ثم هنا لازم كما في التسهيل والمشهور أنها عاطفة جملة إخبارية على جملة
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مرة وقيسيا أخرى، أي أتوجد؟ وأتتحول؟ وسماعًا في غير ذلك نحو هنيئًا لك: أي ثبت لك الخير هنيئًا أو هناك هنيئًا.
تنبيه: قد تحذف الحال للقرينة، وأكثر ما يكون ذلك إذا كانت قولًا أغنى عنه المقول نحو:{وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ، سَلَامٌ عَلَيْكُمْ} [الرعد: 23]، أي قائلين ذلك:{وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا} [البقرة: 127] ، أي قائلين ذلك.
خاتمة: تنقسم الحال باعتبارات: الأول باعتبار انتقالها عن صاحبها ولزومها له إلى المنتقلة وهو الغالب والملازمة، والثاني باعتبار قصدها لذاتها وعدمه إلى المقصود وهو الغالب، والموطئة وهي الجامدة الموصوفة. والثالث باعتبار التبيين والتوكيد إلى المبينة وهو الغالب وتسمى المؤسسة والمؤكدة وهي التي يستفاد معناها بدونها. وقد تقدمت هذه الأقسام. والرابع باعتبار جريانها على من هي له وغيره إلى الحقيقة وهو الغالب، والسببية نحو مررت بالدار قائمًا سكانها. والخامس باعتبار الزمان إلى مقارنة لعاملها وهو الغالب ومقدرة وهي المستقبلة نحو مررت برجل معه صقر صائدًا به غدا: أي مقدرًا ذلك. ومنه:
ــ
إنشائية أي فذهب العدد صاعدا مع أن فيه الخلاف. ويحتمل عندي أن المقدر إنشاء أي فاذهب بالعدد صاعدا فتكون عاطفة إنشائية على إنشائية.
قوله: "وما ذكر لتوبيخ" أي مع استفهام كما مثل الشارح أولا. وصريح كلامه لا ظاهره فقط وإن زعمه البعض أن ذلك مقيس وهو مذهب سيبويه وقيل سماعي. قوله: "وأتتحوّل" راجع لقوله أتميميا إلخ ونظر فيه بأنه ليس المراد أنه يتحوّل حالة كونه تميميا إلخ بل إنه يتخلق تارة بأخلاق التميمي وأخرى بأخلاق القيسي، فالأولى تقدير عامل الحال توجد. واستظهر جماعة كونه مفعولا مطلقا على حذف مضاف والأصل أتتخلق تخلق تميمي مرة إلخ. قوله:"هنيئا" من هنئ بكسر النون وضمها يهنأ بتثليث النون هناء وهناءة أي ساغ. كذا في القاموس. قوله: "أي ثبت لك الخير هنيئا" على هذا تكون حالا مؤسسة وقوله أو هناك بفتح النون وعليه فهي مؤكدة. قوله: "قد تحذف الحال للقرينة" وقد يمتنع حذفها لنيابتها عن غيرها أو توقف المراد عليها كما مر وكما قد تحذف الحال قد يحذف صاحبها نحو: {أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا} [الفرقان: 41]، أي بعثه. قوله:"إلى المبينة إلخ" وقد تكون محتملة لهما كما في هنيئا ولما لم تخرج عنهما لم يتعرض لها فاندفع اعتراض البعض. قوله: "وهي المستقبلة" قال في شرح الجامع علامتها أن يصح تقديرها بالفعل ولام العلة ومن ثم اعترض بعضهم على التمثيل لها بمحلقين ومقصرين في الآية لأنك لو قدرت الفعل واللام لكان خطأ لأن دخولهم البيت ليس ليحلقوا ويقصروا. ا. هـ. ولمن مثل بذلك التخلص بأن العلامة لا يجب انعكاسها. قوله: "أي مقدرا ذلك" أنت خبير بأنه إذا