المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌ظن وأخواتها   انصب بفعل القلب جزأي ابتدا … أعني رأى خال - حاشية الصبان على شرح الأشمونى لألفية ابن مالك - جـ ٢

[الصبان]

الفصل: ‌ ‌ظن وأخواتها   انصب بفعل القلب جزأي ابتدا … أعني رأى خال

‌ظن وأخواتها

انصب بفعل القلب جزأي ابتدا

أعني رأى خال علمت وجدا

ــ

الأول بقوله: "انصب بفعل القلب جزأي ابتدا" يعني المبتدأ والخبر "أعني" بفعل القلب "رأى" بمعنى علم وهو الكثير كقوله:

325-

رأيت الله أكبر كل شيء

محاولة وأكثرهم جنودًا

وبمعنى ظن وهو قليل. وقد اجتمعتا في قوله تعالى: {إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا، وَنَرَاهُ قَرِيبًا} [المعارج: 6] ، أي يظنون ونعلمه، فإن كانت بصرية أو من الرأي أو بمعنى أصاب رئته تعدت إلى واحد. وأما الحلمية فستأتي و"خال" بمعنى ظن كقوله:

ــ

أعطى ويبطل الثاني لأنها لا يجوز الغاؤها وباب ظن يجوز فيه الإلغاء. ا. هـ. همع. وللأخفش ومن وافقه اختيار الثاني ودفع هذا الإبطال بأن من باب ظن ما لا يجوز الغاؤه كهب وتعلم وأفعال التصيير كما يأتي فلتكن سمع مثل ما ذكر فتدبر. قوله: "لقيام معانيها" أي التضمنية. قوله: "جزأي ابتدا" أي جزأي جملة ذات ابتداء وعبارته توهم جواز كون المفعول الثاني جملة انشائية وليس كذلك ولهذا قال في تسهيله ولهما أي للمفعولين من التقديم والتأخير ما لهما مجردين أي عن هذه الأفعال ولثانيهما من الأقسام والأحوال ما لخبر كان. ا. هـ. قال الدماميني فمن الأحوال أنه لا يكون جملة طلبية ولهذا قال ما لخبر كان ولم يقل ما لخبر المبتدأ وأما قول أبي الدرداء وجدت الناس أخبر تقله، فعلى إضمار القول أي وجدت الناس مقولا في حق كل واحد منهم أخبر تقله كما أول قول الشاعر:

وكوني بالمكارم ذكريني

بأنه خبر معنى أي تذكرينني. قوله: "رأى بمعنى علم إلخ" يستثنى منه أرى المبني للمفعول فإنه استعمل بمعنى أظن ولم يستعمل بمعنى أعلم وإن استعمل في الأكثر أريت بمعنى أعلمت نقله اللقاني عن الرضي. قوله: "يرونه" أي يظنون البعث ممتنعا ونعلمه واقعا لأن العرب تستعمل البعد في الانتفاء والقرب في الحصول. قال الشيخ يحيى لا يخفى أنهم جازمون بالبعد فحمله على الظن مشكل إلا أن يحمل الظن على ما يشمل الاعتقاد الجازم المخالف للواقع. قوله: "أو من الرأي" بمعنى الاعتقاد الناشىء عن اجتهاد يقال رأى أبو حنيفة حل كذا أي اعتقد حله فيتعدى إلى واحد ولا يرد رأى أبو حنيفة كذا حلالا لجواز أن يكون بمعنى ظن أو علم لكن صرح بعضهم كما في الدماميني بأن رأى الاعتقادية متعدية إلى اثنين. وقال الرضي لا دلالة في قولك رأى أبو حنيفة حل كذا على أن رأى التي من الرأي متعدية إلى واحد دائما لجواز أن تتعدى تارة إلى مفعولين كرأى أبو حنيفة كذا حلالا وتارة إلى واحد هو مصدر ثاني هذين المفعولين مضافا إلى أولهما كرأى أبو حنيفة حل كذا كما قد تستعمل علم المتعدية لاثنين هذا

325- البيت من الوافر، وهو لخداش بن زهير في المقاصد النحوية 2/ 371؛ وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص425؛ وشرح ابن عقيل ص210؛ وشرح قطر الندى ص170؛ والمقتضب 4/ 97.

ص: 27

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

326-

إخالك إن لم تغضض الطرف ذا هوى

يسومك ما لا يستطاع من الوجد

وبمعنى علم وهو قليل كقوله:

327-

دعاني الغواني عمهن وخلتني

لي اسم فلا أدعى به وهو أول

فإن كان بمعنى تكبر أو ظلع هي لازمة و"علمت" بمعنى تيقنت كقوله:

328-

علمتك الباذل المعروف فانبعثت

إليك بي واجفات الشوق والأمل

وقوله:

329-

علمتك منانًا فلست بآمل

نداك ولو ظمآن غرثان عاريا

ــ

الاستعمال. ا. هـ. وهذا صريح في جواز استعمال أفعال هذا الباب متعدية إلى واحد هو مصدر ثاني الجزأين مضافا إلى أولهما من غير تقدير مفعول ثان لأن هذا المصدر هو المفعول به في الحقيقة كما صرح به الرضي غير مرة فليجز الاقتصار عليه في العبارة. وفي الدماميني ما يخالف ذلك وعلله بأن المضاف إليه غير مقصود لذاته بل لغيره وهذه الأفعال مستدعية في المعنى لشيئين ينعقد منهما المعنى المراد فشرطوا استقلال كل منهما بنفسه فلا يكون أحدهما كالتتمة للآخر وهو قابل للبحث وما قدمناه عن الرضي أوجه فتأمل.

قوله: "أصاب رئته" بالهمز عضو ذو شعبتين في القلب. قوله: "إخالك" بكسر الهمزة على غير قياس وقد تفتح وذا هوى مفعوله الثاني، تغضض الطرف أي تكفه، يسومك أي يكلفك والضمير المستتر للهوى. قوله:"دعاني" أي سماني الغواني جمع غانية وهي المرأة المستغنية بجمالها عن الحلي والحلل، وخلتني الياء مفعول أول وجملة لي اسم مفعوله الثاني. وقوله فلا أدعى يظهر أنه على تقدير همزة الاستفهام الإنكاري أي أفلا أدعى به وهو اسم لي وجملة وهو أول حال وقد عمل خال هنا في ضميرين لشيء واحد وهو خاص بأفعال القلوب فلا يقال ضربتني كما سنبسطه. قوله:"أو ظلع" من باب نفع كما في المصباح أي عرج. قوله: "المعروف" بالنصب مفعول الباذل أو الجر بإضافة الباذل إليه فانبعثت أي انطلقت واجفات

326- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 45؛ والدرر 2/ 248؛ وشرح التصريح 1/ 249؛ وهمع الهوامع 1/ 150.

327-

البيت من الطويل، وهو للنمر بن تولب في ديوانه ص370؛ وتخليص الشواهد ص437؛ والدرر 2/ 247، 266؛ وشرح شواهد المغني 2/ 629؛ والمقاصد النحوية 2/ 395؛ وبلا نسبة في شرح ابن عقيل ص213؛ وهمع الهوامع 1/ 150.

328-

البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في شرح ابن عقيل ص211؛ والمقاصد النحوية 2/ 419.

329-

البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في الدرر 2/ 86؛ وهمع الهوامع 1/ 121.

ص: 28

ظن حسبت وزعمت مع عد

حجا درى وجعل اللذ كاعتقد

ــ

وبمعنى ظننت وهو قليل نحو: {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ} [الممتحنة: 60]، فإن كانت من قولهم علم الرجل إذا انشقت شفته العليا فهو أعلم فهي لازمة. وأما التي بمعنى عرف فستأتي و"وجدا" بمعنى علم نحو:{وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ} [الأعراف: 102] ، ومصدرها الوجود، فإن كانت بمعنى أصاب تعدت إلى واحد ومصدرها الوجدان. وإن كانت بمعنى استغنى أو حزن أو حقد فهي لازمة. و"ظن" بمعنى الرجحان كقوله:

330-

ظننتك إن شبت لظى الحرب صاليًا

فعردت فيمن كان عنها معردا

وبمعنى اليقين وهو قليل نحو: {يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ} [البقرة: 46]، وأما التي بمعنى اتهم فستأتي و"حسبت" بمعنى ظننت كقوله تعالى:{يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ} [البقرة: 273]، {وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ} [الكهف: 18] ، وبمعنى تيقنت وهو قليل كقوله:

331-

حسبت التقى والجود خير تجارة

رباحًا إذا ما المرء أصبح ثاقلًا

وفي مضارعها لغتان: فتح السين وهو القياس وكسرها وهو الأكثر في الاستعمال،

ــ

الشوق أي دواعيه وأسبابه.

قوله: "منانا" أي معددا للنعم. والندى الجود. والغرثان بفتح الغين المعجمة فسكون الراء بعدها ثاء مثلثة الجائع. قوله: "علم الرجل" بالفتح فالكسر وأما علمه بفتحتين فمتعد إلى واحد بمعنى شق شفته العليا كذا في القاموس. قوله: "شفته العليا" أما مشقوق السفلى فأفلح. قوله: "ومصدرها الوجود" وقيل الوجدان. قوله: "ومصدرها الوجدان" بكسر الواو كما في القاموس قيل والوجود أيضا. قوله: "فهي لازمة" ومصدر الأولى وجد بتثليث الواو، ومصدر الثانية وجد بفتحها ومصدر الثالثة موجدة. ا. هـ. سم أي بفتح الميم وكسر الجيم. قوله:"إن شبت" بفتح الشين وضمها كما في القاموس أي اتقدت، صاليا هو اسم فاعل من صلى النار كرضى قاسى حرها، فعردت بالعين المهملة فالراء المشددة أي انهزمت. قوله:"وظنوا أنهم ملاقوا ربهم" التلاوة: {الَّذِينَ يَظُنُّون أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ} [البقرة: 46]، ولعله لم يرد نظم القرآن. قوله:"ثاقلا" أي ميتا. قوله: "وفي مضارعها لغتان" بخلاف التي بمعنى عد فهي بفتح السين ومضارعها بالضم ومصدرها

330- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 42؛ وشرح التصريح 1/ 248؛ والمقاصد النحوية 2/ 381.

331-

البيت من الطويل، وهو للبيد بن ربيعة في ديوانه ص246؛ وأساس البلاغة ص46 "ثقل"، والدرر 2/ 247؛ وشرح التصريح 1/ 249؛ ولسان العرب 11/ 88؛ والمقاصد النحوية 2/ 284؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 44؛ وتخليص الشواهد ص435؛ وشراح ابن عقيل ص213؛ وشرح قطر الندى ص247؛ وهمع الهوامع 1/ 149.

ص: 29

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ومصدرها الحسبان بكسر الحاء والمحسبة، فإن كان بمعنى صار أحسب -أي ذا شقرة أو حمرة أو بياض كالبرص- فهي لازمة "وزعمت مع عد" بمعنى الرجحان، فالأول كقوله:

332-

زعمتني شيخًا ولست بشيخ

إنما الشيخ من يدب دبيبًا

ومصدرها الزعم. قال السيرافي هو قول مقرون باعتقاد صح أم لا. وقال الجرجاني هو قول مع علم. وقال ابن الأنباري إنه يستعمل في القول من غير صحة، ويقوي هذا قولهم زعم مطية الكذب أي هذه اللفظة مركب الكذب، فإن كانت بمعنى تكفل أو رأس

ــ

حسب بالفتح وحسبان بالضم والكسر وحساب وحسبة وحسابة بكسرهن كذا في القاموس، فقول البعض مصدرها الحسبان فيه قصور. قوله:"والمحسبة والمحسبة" أي بفتح السين وكسرها. قوله: "مع عد" حال من مفعول أعني.

قوله: "يدب" بكسر الدال أي يمشي متمهلا. قوله: "ومصدرها الزعم" بتثليث الزاي كما في القاموس. قوله: "قال السيرافي إلخ" ساق كلام السيرافي دليلا لقوله للرجحان لكن قد يقال الاعتقاد هو الحكم الجازم فالدليل مناف للمدلول إلا أن يجاب بأن المراد بالاعتقاد الظن كهو في قول المصنف وجعل اللذ كاعتقد أو بالرجحان ما عدا اليقين فيشمل الجزم لا عن دليل المسمى اعتقادا وساق كلام الجرجاني وكلان ابن الأنباري ليقابل بكل منهما القول الأول أما مقابلته بكلام الجرجاني فلاشتراط الجرجاني في الزعم العلم المستلزم للصحة والجزم والدليل، وأما مقابلته بكلام ابن الأنباري فلاشتراط ابن الأنباري عدم الصحة وإطلاقه القول عن قيد اقترانه بالاعتقاد، فلعم أن بين القول الأول وقول الجرجاني التباين بناء على أن المراد بالاعتقاد في الأول الظن أو بالرجحان ما قابل اليقين كما مر وأن بين الأول وقول ابن الأنباري العموم والخصوص من وجه نعم إن حمل كلام ابن الأنباري على أن الزعم يستعمل في القول من غير صحة غالبا كما في كلام كثير فلا ينافي أنه قد يستعمل في القول الصحيح كما في قول أبي طالب يخاطبه صلى الله عليه وسلم:

ودعوتني وزعمت أنك ناصح

ولقد صدقت وكنت ثم أمينا

كان بينه وبين كلام السيرافي العموم والخصوص المطلق. وأما بين قول الجرجاني وقول ابن الأنباري فالتباين لاشتراط الصحة في أولهما لأن المعلوم لا بد أن يكون صحيحا كما عرفت واشتراط عدمها في ثانيهما على ما مر والمراد الصحة وعدمها في الواقع وإن خالفه الاعتقاد. وتقرير البعض كلام الشارح على غير هذا الوجه ناشىء عن عدم التأمل. قوله: "فإن كانت بمعنى

332- البيت من الخفيف، وهو لأبي أمية أوس الحنفي في الدرر 1/ 214 "سقط من الطبعة، وهو في الفهرس بقم 575" وشرح التصريح 1/ 248؛ وشرح شواهد المغني ص922؛ والمقاصد النحوية 2/ 297؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 38؛ وتخليص الشواهد ص428، وشرح شذوذ الذهب ص464؛ وشرح قطر الندى ص172؛ ومغني اللبيب ص594.

ص: 30

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تعدت لواحد تارة بنفسها وتارة بالحرف، وإن كانت بمعنى سمن أو هزل فهي لازمة.

تنبيه: الأكثر تعدي زعم أن وصلتها نحو: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا} [التغابن: 7]، وقوله:

333-

وقد زعمت أني تغيرت بعدها

ومن ذا الذي يا عز لا يتغير

والثاني كقوله:

334-

فلا تعدد المولى شريكك في الغنى

ولكنما المولى شريكك في العدم

فإن كانت بمعنى حسب تعدت لواحد و"حجا" بمعنى ظن، كقوله:

335-

قد كنت أحجوا ابا عمرو أخا ثقة

حتى ألمت بنا يومًا ملمات

فإن كانت بمعنى غلب في المحاجاة أو قصد أو رد تعددت إلى واحد، وإن كانت

ــ

تكفل إلخ" عبارة الهمع فإن كانت بمعنى كفل تعدت إلى واحد والمصدر الزعامة أو بمعنى رأس تعدت تارة إلى واحد وأخرى بحرف الجر. ا. هـ. وفي القاموس الزعم الكفيل وقد زعم به زعما وزعامة ثم قال والزعامة الشرف والرياسة. قوله: "وتارة بالحرف" أي الباء في الأولى وعلى في الثانية. قوله: "هزل" هو بمعنى أصابه الهزال مما لزم البناء للمجهول وأما هزل المبني للفاعل فضد الجد كما في الصحاح. قوله: "إلى أن" أي المشددة والمخففة منها بدليل الأمثلة، وكزعم في أكثرية التعدي إلى أن وصلتها تعلم كما سيذكره الشارح وبعكسهما هب فإن تعديه إلى أن وصلتها قليل حتى منعه الجوهري والحريري كذا في المغني والدماميني.

قوله: "والثاني" أي عد. قوله: "المولى" أي الصاحب مفعول ثان وشريكك مفعول أول أي مخالطك في حال الغنى. والعدم كقفل: الفقر. قوله: "بمعنى حسب" أي بفتح السين. قوله: "ثقة" بالنصب صفة أخا فمعنى ثقة موثوقا به أو الخفض بإضافته إليه فمعنى ثقة وثوق والملمات الحوادث النازلة بالشخص. قوله: "في المحاجاة" في القاموس حاجيته محاجاة وحجاء فحجوته فاطنته فغلبته. قوله: "أو رد" أي أو

333- البيت من الطويل، وهو لكثير عزة في ديوانه ص328؛ والأغاني 9/ 26؛ وتخليص الشواهد ص428؛ وخزانة الأدب 5/ 222؛ 314؛ وشرح التصريح 1/ 248؛ المقاصد النحوية 2/ 380؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 40؛ وشرح شذور الذهب ص465.

334-

البيت من الطويل، وهو للنعمان بن بشير ي ديوانه ص29؛ وتخليص الشواهد ص431؛ والدرر 2/ 238؛ وشرح النصريح 1/ 248؛ والمقاصد النحوية 2/ 377؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 36؛ وخزانة الأدب 3/ 57؛ وشراح ابن عقيل ص214؛ وهمع الهوامع 1/ 148.

335-

البيت من البسيط، وهو لتميم بن مقبل في تخليص الشواهد ص440؛ وشرح التصريح 1/ 248؛ والمقاصد النحوية 2/ 376؛ ولم أقع عليه في ديوانه، وله أو لأبي شبل الأعرابي في الدرر 2/ 237؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 35؛ وشرح شذور الذهب ص463؛ وشرح ابن عقيل ص215؛ ولسان العرب 2/ 315 "ضربج"، 14/ 167 "حجا"؛ وهمع الهوامع 1/ 148.

ص: 31

وهب تعلم والتي كصيرا

أيضًا بها انصب مبتدا وخبرا

ــ

بمعنى أقام أو بخل فهي لازمة و"درى" بمعنى علم كقوله:

336-

دريت الوفي العهد يا عرو فاعتبط

فإن اغتباطًا بالوفاء حميد

والأكثر فيه أن يتعدى إلى واحد بالباء تقول دريت بكذا، فإن دخلت عليه همزة النقل تعدى إلى واحد نفسه وإلى آخر بالباء نحو:{قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ} [يونس: 16]، وتكون بمعنى ختل أي خدع فتتعدى لواحد نحو دريت الصيد أي ختلته "وجعل اللذ كاعتقد" في المعنى نحو:{وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا} [الزخرف: 19]، فإن كانت بمعنى أوجد أو وجب تعدت إلى واحد نحو:{وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ} [الأنعام: 1] ، وتقول جعلت للعامل كذا والتي بمعنى أنشأ قد مضى الكلام عليها في بابها وأما التي بمعنى صير فستأتي "وهب" بلفظ الأمر بمعنى ظن،

ــ

ساق أو حفظ أو كتم كما في التسهيل. قوله: "دريت" التاء المفتوحة كما في شرح التوضيح للشارح نائب فاعل وهو المفعول الأول والوفي مفعول ثان مضاف للعهد أو ناصب له أو رافع له والنصب أرجحها والرفع أضعفها وعرو منادى مرخم عروة فاغتبط أي دم على الاغتباط وهو تمني مثل حال المغبوط من غير أن يزول عنه.

قوله: "والأكثر فيه إلخ" عطف على مقدر أي هذا الاستعمال قليل والأكثر إلخ أي الكثير إذ لا كثرة في الاستعمال الأول. قوله: "فإن دخلت عليه همزة النقل إلخ" محله إذا لم يدخل على الفعل استفهام فإن دخل عليه تعدى إلى ثلاثة مفاعيل نحو قوله تعالى: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ} [القارعة: 3]، فالكاف مفعول أول والجملة بعدها سدت مسد المفعولين قاله شيخ الإسلام. ولا يبعد عندي منع التقييد وجعل الجملة سادة مسد الثاني المتعدي إليه بالحرف لما في الهمع والمغني أنها تسد مسد المفعول المتعدي إليه بالحرف فتكون في محل نصب بإسقاط الجار كما في فكرت أهذا صحيح أم لا. قوله:"كاعتقد" أي ظن كما يدل عليه عد الشارح وغيره له مما يدل على الرجحان كما سيأتي إلا أن يراد بالرجحان ما عدا اليقين فيشمل الجزم لا عن دليل كما قد يراد بالظن ذلك كما في الأطول. ثم قضية المتن أن اعتقد يتعدى إلى اثنين وقد نقل في الهمع عن السكاكي زيادة أفعال منها اعتقد وتوهم. قوله: "وجعلوا الملائكة" قال الناظم في شرح الكافية أي اعتقدوا. قال ابن الناظم. أي ظنوا. وقال الزمخشري أي صيروا كذا في شرح الغزى فالتمثيل بالآية مبني على غير ما ذكره الزمخشري. قوله: "تعدت إلى واحد" أي بنفسها فلا ينافي أن جعل بمعنى أوجب يتعدى إلى ثان بحرف الجر كما في المثال.

336- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في 2/ 33؛ الدرر 2/ 245؛ وشرح التصريح 1/ 247؛ وشرح شذور الذهب ص466؛ وشرح ابن عقيل ص212، 218؛ وشرح قطر الندى ص171؛ والمقاصد النحوية 2/ 372؛ وهمع الهوامع 1/ 149.

ص: 32

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

كقوله:

337-

فقلت أجرني أبا خالد

وإلا فهبني امرأ هالكا

أي اعتقدني و"تعلمْ" بمعنى اعلمْ، كقوله:

338-

تعلم شفاء النفس قهر عدوها

فبالغ بلطف في التحيل والمكر

والكثير المشهور استعمالها في أن وصلتها كقوله:

339-

فقلت تعلم أن للصيد غرة

وإلا تضيعها فأنك قتله

وقوله:

تعلم رسول الله أنك مدركي

وفي حديث الدجال "تعلموا أن ربكم ليس بأعور" أي اعلموا فإن كانت بمعنى تعلم الحساب ونحوه تعدت لواحد. فقد بان لك أن أفعال القلوب المذكورة على أربعة أنواع: الأول ما يفيد في الخبر يقينًا وهو ثلاثة: وجد وتعلم ودرى. والثاني ما يفيد فيه رجحانًا وهو خمسة: جعل وحجا وعد وزعم وهب. والثالث ما يرد للأمرين والغالب كونه لليقين

ــ

قوله: "بمعنى ظن" احتراز عن هب أمرا من الهبة وهب أمرا من الهيبة. قوله: "أي اعتقدني" بمعنى ظنني كما عبر به في الهمع أو أراد بالظن في قوله سابقا بمعنى ظن ما قابل اليقين فلا منافاة في كلامه. قوله: "غرة" أي غفلة وقوله وإلا تضيعها أي هذه الوصية فإنك قاتله أي مدركه ومصيبه. قوله: "بمعنى تعلم الحساب" أي حصل علمه في المستقبل بتعاطي أسبابه بخلاف التي بمعنى اعلم فهي أمر بتحصيل العلم في الحال بما يذكر من المتعلق بالالتفات إلى سماع المتكلم فحصل الفرق واندفع الاعتراض بأن معنى اعلم موجود في نحو تعلم الحساب لأنه أمر بالعلم فأي

337- البيت من المتقارب، وهو لعبد الله بن همام السلولي في تخليص الشواهد ص442؛ وخزانة الأدب 9/ 36؛ والدرر 2/ 243؛ وشرح التصريح 1/ 248؛ وشرح شواهد المغني 2/ 923؛ ولسان العرب 1/ 804 "وهب"؛ ومعاهد التنصيص 1/ 285؛ والمقاصد النحوية 2/ 378؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 37؛ وشرح شذور الذهب ص467؛ وشرح ابن عقيل ص216؛ ومغني اللبيب 2/ 594؛ وهمع الهوامع 1/ 149.

338-

البيت من الطويل وهو لزياد بن سيار في خزانة الأدب 9/ 129؛ والدرر 2/ 246؛ وشرح التصريح 1/ 247؛ وشرح شواهد المغني 2/ 923؛ والمقاصد النحوية 2/ 274؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 31؛ وشرح شذر الذهب ص468؛ وشرح ابن عقيل ص212؛ وهمع الهوامع 1/ 149.

339-

البيت من الطويل، وهو لزهير بن أبي سلمى في ديوانه ص134؛ وشرح التصريح 1/ 247؛ ولسان العرب 13/ 13 "أذن"؛ والمقاصد النحوية 2/ 374؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 32.

ص: 33

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وهو اثنان رأى وعلم. والرابع ما يرد لهما والغالب كونه للرجحان وهو ثلاثة: ظن وخال وحسب.

تنبيه: إنما قال أعني رأى إلى آخره إيذانًا بأن أفعال القلوب ليست كلها تنصب مفعولين إذ منها ما لا ينصب إلا مفعولًا واحدًا نحو عرف وفهم، ومنها لازم نحو جبن وحزن. وهذا شروع في النوع الثاني من أفعال الباب وهي أفعال التصيير "والتي كصيرا" من الأفعال في الدلالة على التحويل نحو جعل واتخذ وتخذ ووهب وترك ورد "أيضًا بها انصب" بعد أن تستوفي فاعلها "مبتدا وخبرا" نحو:

340-

فصيروا مثل كعصف مأكول

ــ

فرق أفاده سم. قوله: "في الخبر" أي في ثبوته للمخبر عنه سم. قوله: "كصيرا" تضعيف صار أخت كان وربما أتى بالهمزة بدل التضعيف فقيل أصار كما في التسهيل. وأما صير بمعنى نقل تضعيف صار اللازم بمعنى انتقل فليست من أفعال هذا الباب. قوله: "نحو جعل إلخ" إنما قال نحو لإدخال ما زاده كثير من حذاق النحاة كما في الغزى وهو ضرب العامل في المثل نحو: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا قَرْيَةً} [النحل: 112]{وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ} [يس: 13]، لكن الذي اختاره المصنف في تسهيله عدم عده من أفعال هذا الباب وعليه فهو بمعنى ذكر متعد لواحد والمنصوب الآخر بيان أو بدل وما زاده بعضهم من نبذ في نحو:{نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ} [البقرة: 101] ، فكتاب الله مفعول أول ووراء مفعول ثان ولا يصح أن يكون ظرفا لنبذ لأن الظرف لا بد أن يكون حاويا لفاعل العامل فيه وذلك متعذر هنا كذا نقله غير واحد كالبعض عن ابن هشام وأقره، وهو يقتضي أن ما كان بمعنى نبذ كرمى وطرح مثلها في ذلك، وأن الظرفية للعامل لا تصح في نحو خلفت زيدا ورائي وأجلست عمرا أمامي وهو بعيد جدا، ثم رأيت الفاضل الروداني قال ينبغي أن لا يشك في بطلان هذه الدعوى إذ لا شك في صحة أبصرت الهلال في السماء وبين السحاب مع عدم احتواء الظرف على الفاعل. فالحق أن الظرف تارة يحوي الفاعل كدعوت الله في المسجد، وتارة يحوي المفعول كالذي مر، وتارة يحويهما معا كضربت زيدا في السوق فلا نسلم الحاق نبذ بأفعال التصيير.

قوله: "ووهب" وهو بهذا المعنى لازم المضي. قوله: "فصيروا مثل كعصف مأكول" هو عجز بيت من السريع الموقوف، فلام مأكول ساكنة وكاف كعصف قيل زائدة ومثل مضاف إلى

340- الرجز لرؤية في ملحق ديوانه ص181؛ وخزانة الأدب 10/ 168، 175، 184، 189؛ وشرح التصريح 1/ 252؛ وشرح شواهد المغني 1/ 503؛ والمقاصد النحوية 2/ 402؛ ولحميد الأرقط في الدرر 2/ 250؛ والكتاب 1/ 408؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 52؛ والجني الداني ص90؛ وخزانة الأدب 7/ 73؛ ورصف المباني ص201؛ وسر صناعة الإعراب ص296؛ ولسان العرب 9/ 247 "عصف"؛ ومغني اللبيب 1/ 180؛ والمقتضب 4/ 141، 350؛ وهمع الهوامع 1/ 150.

ص: 34

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ونحو: {فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} [الفرقان: 23]، ونحو:{وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} [النساء: 125]، وكقوله:

341-

تخذت غراز إثرهم دليلًا

وما حكاه ابن الأعرابي من قولهم وهبني الله فداءك ونحو: {وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ} [الكهف: 99]، وقوله:

342-

وربيته حتى إذا ما تركته

أخا القوم واستغنى عن المشح شاربه

ونحو: {لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا} [البقرة: 109]، وقوله:

343-

فرد شعورهن السود بيضا

ورد وجوههن البيض سودا

ــ

عصف وفيه قطع الجار عن العمل بلا كاف فالأولى أنها اسم بمعنى مثل تأكيد لمثل الأولى أو مضافة إلى عصف ومضاف إليها مثل. وأجيب كما في الروداني بأنه نظير لا أبا لك حيث جر الضمير بالمضاف وزيدت اللام عند الجمهور. والعصف زرع أكل حبه وبقي تبنه وقيل ورق الزرع. قوله: "غراز" بضم الغين المعجمة وفتح الراء ثم زاي اسم واد ومنع من الصرف لقصد البقعة، أثرهم أي عقب رحيلهم ودليلا بالدال المهلمة. قوله:"فداءك" بالمد والقصر وقد يفتح المقصور كذا في القاموس. قوله: "فرد" الضمير يرجع إلى الحدثان في البيت قبله وهو قوله:

رمى الحدثان نسوة آل حرب

بمقدار سمدن له سمودا

والحدثان بالكسر كما في القاموس، وحدثان الأمر ابتداؤه، وحدثان الدهر كما هنا تجدد مصائبه. وفي العيني ما يقتضي أنه محرك مثنى لأنه فسره بالليل والنهار، وعليه فالضمير في فرد للمقدار. وسمدن بفتح الميم كما يستفاد من القاموس أي حزن. وقال العيني بالبناء للمفعول، ثم قال والسامد الساكت والحزين الخاشع. ا. هـ. ففي كلامه تناف لأن فاعلا إنما يصاغ من المبني

341- عجزه:

وفروا في الحجاز ليعجزوني

والبيت من الوافر، وهو لأبي جندب الهذلي في شرح أشعار الهذليين 1/ 354؛ وشرح التصريح 1/ 252؛ ولسان العرب 5/ 370 "عجز"، والمقاصد النحوية 2/ 200؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 51.

342-

البيت من الطويل، وهو لفرعان بن الأعرف في الدرر 2/ 251؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1445؛ ولسان العرب 3/ 122 "جعد"؛ والمقاصد النحوية 2/ 398؛ وبلا نسبة في شرح ابن عقيل ص217؛ وهمع الهوامع 1/ 150.

343-

البيت من الوافر، وهو لعبد الله بن الزبير في ملحق ديوانه ص143، 144؛ وتخليص الشواهد ص443؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص941؛ والمقاصد النحوية 2/ 417؛ ولأيمن بن خريم في ديوانه ص126؛ ولفضالة بن شريك في عيون الأخبار 3/ 76؛ ومعجم الشعراء ص309؛ وللكميت بن معروف في ديل الأمالي ص115؛ وبلا نسبة في شرح ابن عقيل ص217.

ص: 35

وخص بالتعليق والإلغاء ما

من قبل هب والأمر هب قد ألزما

ــ

"وخص بالتعليق" وهو إبطال العمل لفظا لا محلا "والإلغاء" وهو إبطال لفظا ومحلا "ما" ذكر "من قبل هب" من أفعال القلوب وهو أحد عشر فعلا وذلك لأن هذه الأفعال لا تؤثر فيما دخلت عليه تأثير الفعل في المفعول لأن متناولها في الحقيقة ليس

ــ

للفاعل. قوله: "وخص بالتعليق إلخ" المناسب لما قبله من قوله: والتي كصيرا

أيضا انصب مبتدأ وخبرا

أن يكون خص فعل أمر ولما بعده من قوله والأمر هب قد ألزما أن يكون خص ماضيا مبنيا للمجهول ويرجح الأول قوله اجعل كل ماله زكن. وقوله وانو ضمير الشأن، وقوله وجوز الإلغاء وقوله والتزم التعليق بناء على أن الرواية في هذين بصيغة الأمر كما هو المشهور. ثم التخصيص إضافي أي بالنسبة لهب وما بعده فلايرد جريان التعليق في نحو فكر وأبصر أو التخصيص بالنظر إلى مجموع الإلغاء والتعليق والباء داخلة على المقصور. ومما خص به الأفعال القلبية المتصرفة أيضا جواز كون فاعلها ومفعولها ضميرين متصلين متحدين معنى نحو:{أَنْ رَآَهُ اسْتَغْنَى} [العلق: 7] ، وظننتني داخلا، وظننتك داخلا وهل يجوز وضع نفس مكان الضمير الثاني نحو ظننت نفسي عالما. قال ابن كيسان نعم والأكثرون لا وألحق بها في ذلك رأي البصرية والحلمية بكثرة، وعدم وفقد ووجد بقلة ولا يجوز ذلك في بقية الأفعال فلا يجوز ضربتني مثلا بالاتفاق وعلله سيبويه بالاستغناء عنه بالنفس نحو:{قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي} [النحل: 44، القصص: 16] ، وقيل لئلا يكون الفاعل مفعولا وقيل لئلا يجتمع ضميران. أحدهما مرفوع والآخر منصوب وهما لشيء واحد وقيل لأن الغالب في غير أفعال القلوب تغاير الفاعل والمفعول، فلو قالوا ضربتني مثلا لربما سبق إلى الفهم ما هو الغالب من التغاير ولم تقو حركة المضمر على دفع ذلك، وأما أفعال القلوب فمفعولها ليس المنصوب الأول في الحقيقة بل مصدر الثاني مضافا إلى الأول فجاز فيها ذلك، وأيضا ليس الغالب فيها المغايرة لأن علم الإنسان بصفات نفسه وظنه إياها أكثر فإن كان أحد الضميرين منفصلا جاز في كل فعل نحو ما ضربت إلا إياك ويمتنع الاتحاد في هذا الباب وفي غيره إن أضمر الفاعل متصلا مستترا مفسرا بالمفعول فلا يجوز زيدا ظن قائما ولا زيدا ضرب تريد ظن نفسه وضرب نفسه، أما مع الانفصال والبروز فجائز نحو ما ظن زيدا قائما إلا هو وما ضرب عمرا إلا هو هذا حاصل ما في الهمع مع زيادة من الدماميني. وفي المغني وغيره أنه يجب فيما أوهم كون الفاعل والمفعول ضميرين متصلين متحدين معنى تقدير نفس نحو:{وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ} [مريم: 25]، {وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ} [القصص: 32] ، {أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ} [الأحزاب: 37] ، أي إلى نفسك وقس.

قوله: "وذلك" أي تخصيص ما ذكر من قبل هب بالتعليق والإلغاء ثابت لأن إلخ. قوله: "تأثير الفعل" أي تأثيرا كتأثير الفعل غيرها في المفعول وذلك لأنك إذا قلت ضربت زيدا كان متعلق الضرب الذات لا الحدث بخلاف أفعال هذا الباب فإن متعلقها الأحداث كقيام زيد في قولك علمت زيدا قائما فمراده بمتناولها متعلقها. وقيل وجه التخصيص أن أفعال القلوب ضعيفة

ص: 36

كذا تعلم ولغير الماض من

سواهما اجعل كل ما له زكن

وجوز الإلغاء لا في الابتدا

وانو ضمير الشان أو لام ابتدا

ــ

هو الأشخاص وإنما متناولها الأحداث التي تدل عليها أسامي الفاعلين والمفعولين، فهي ضعيفة العمل بخلاف أفعال التصيير، وإنما لم يدخل التعليق والإلغاء هب وتعلم وإن كانا قلبيين لضعف شبههما بأفعال القلوب من حيث لزوم صيغة الأمر كما أشار إليه بقوله:"والأمر هب قد ألزما كذا تعلم" ألزما ماض مجهول فيه ضمير مستتر يعود على هب نائب عن الفاعل والألف للإطلاق، والأمر نصب بالمفعولين، والجملة خبر المبتدأ وهو هب "ولغير الماض" وهو المضارع والأمر واسم الفاعل واسم المفعول والمصدر "من سواهما" أي سوى هب وتعلم من أفعال الباب "اجعل كل ما له" أي للماضي "زكن" أي علم من الأحكام من نصب مفعولين هما في الأصل مبتدأ وخبر، نحو ظن زيدًا قائمًا، ويا هذا ظن زيدًا قائمًا، وأنا ظان زيدًا قائمًا، ومررت برجل مظنون أبوه قائمًا، وأعجبني ظنك زيدًا قائمًا، ومن جواز الإلغاء في القلبي وتعليقه على ما ستراه "وجوز الإلغاء لا في" حال "الابتدا"

ــ

من حيث خفاء معانيها لكونها باطنية. قوله: "التي تدل" أي دلالة تضمنية. قوله: "أسامي" أي الواقعة مفاعيل ثانية غالبا. قوله: "بخلاف أفعال التصيير" فإن متناولها الذات فهي قوية في العمل. قوله: "لضعف شبههما بأفعال القلوب" أي غيرهما أي فلا يضم إليه وإلى ضعفهما الحاصل لغيرهما أيضا من أفعال القلوب وهو ما ذكره الشارح آنفا ضعف آخر وهو دخول الإلغاء والتعليق لئلا يجتمع على الكلمة ثلاث مضعفات، فلا يقال إن تعليل الشارح يقتضي ثبوت التعليق والإلغاء فيهما بالأولى. قوله:"كذا تعلم" قال الدماميني هذا مذهب الأعلم وذهب غيره إلى أنها تتصرف وهو الصحيح حكى ابن السكيت تعلمت أن فلانا خارج قال سم وقياس تصرفها أن يدخلها الإلغاء والتعليق. قوله: "ألزما ماض مجهول إلخ" يلزم على هذا الإعراب تقديم معمول الخبر الفعلي وفيه خلاف والبصريون يجيزونه ولو رفع الأمر على أنه مبتدأ أول وهب مبتدأ ثان وقد ألزما خبر المبتدأ الثاني والرابط محذوف تقديره ألزمه لسلم من ذلك.

قوله: "ولغير الماض" مفعول ثان لأجعل ومن سواهما حال لازمة من غير أتى به لبيان الواقع أي اجعل كل الأحكام التي علمت للماضي ثابتة لغير الماضي حالة كونه جائيا من سوى هب وتعلم. قوله: "وهو المضارع إلخ" نبه بالحصر على أن دخول الصفة المشبهة وأفعل التفضيل وفعل التعجب غير مراد لأن الأولى لا تصاغ إلا من لازم والأخيرين لا ينصبان مفعولين وما نقله البعض عن البهوتي وأقره من التعليل بأنهما لا يصاغان من فعل قلبي لا يخفى بطلانه إذ لا يمنع أحد زيد أعلم من عمرو وما أعلم زيدا. قوله: "ومن جواز الإلغاء" أي في غير المصدر أما فيه فيجب الإلغاء إذا تقدم عليه مفعولاه أو أحدهما لأن معمول المصدر لا يتقدم عليه كما سيأتي أو المراد بالجواز ما قابل الامتناع فيصدق بالوجوب. قوله: "في القلبي" قيد به لإخراج أفعال التصيير الداخلة في قوله سابقا من أفعال الباب. قوله: "وتعليقه" إن عطف على جواز فلا

ص: 37

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بالفعل بل في حال توسطه أو تأخره، وصدق ذلك بثلاث صور: الأولى أن يتوسط الفعل بين المفعولين، والإلغاء والإعمال حينئذ سواء كقوله:

344-

شجاك أظن ربع الظاعنين

ــ

إشكال أو على الإلغاء فالمراد بالجواز ما قابل الامتناع فيصدق بالوجوب فلا ينافي ما سيأتي من أن التعليق لازم عند وجود المعلق لا جائز أو المراد بجوازه جواز الإتيان بسببه وهو المعلق. قوله: "بل في حال توسطه أو تأخره" لكن يقبح الإلغاء إذا أكد الفعل بمصدر لمنافاة تأكيده لإلغائه ويقل إذا أكد باسم إشارة أو ضمير عائدين إلى المصدر المفهوم منه نحو زيد ظننت ذاك أي الظن منطلق وزيد ظننته أي الظن منطلق، ورأيت بخط الشنواني على هامش شرح التسهيل للدماميني نقلا عن سم ما نصه ذكر المرادي أن لجواز الإلغاء هنا قيدين أهملهما المصنف: أحدهما أن لا تدخل لام الابتداء على الاسم فإن دخلت نحو لزيد قائم ظننت وجب الإلغاء. الثاني أن لا ينفى الفعل فإن نفى امتنع فيمتنع نحو زيد قائم لم أظن لبناء الكلام على النفي، ولم يتعرض المصنف ولا غيره من أتباعه لهذا الذي ذكره المرادي وهو محل نظر إذ قد يدفع الأول بأنه لا حاجة لاستدراكه لأنه من باب التعليق إذ الظاهر أن تأخير الفعل مع وجود المعلق لا يمنع من التعليق ويدفع الثاني بمنعه وقد يؤيد. ا. هـ. أي يؤيد منعه بعدم منافاة بناء الكلام على النفي للإلغاء وبقول الشاعر:

وما إخال لدينا منك تنويل

على ما فيه وما نقله المرادي نقله السيوطي في نكته عن أبي حيان شيخ المرادي. قال سم وينبغي أن يكون كاللام غيرها من المعلقات. ا. هـ. وقد تصرف البعض في عبارة السيوطي بلا فهم صحيح فوقع في الخلل حيث قال عقب الشرط الأول فلا يجوز لزيد قائم ظننت ولا لزيد ظننت قائم. قوله: "وصدق ذلك" أي قول المصنف لا في الابتدا لأن المراد بالابتداء أن لا يسبق على الفعل شيء كما هو صريح صنيع الشارح بعد. قوله: "سواء" أي لأن العامل اللفظي لما ضعف بالتوسط قاومه العامل المعنوي الذي هو الابتداء وقيل الأعمال أقوى لأن اللفظي أقوى وإن توسط ورجحه في التوضيح وكل من التعليلين لا يجري في نحو قول الشاعر شجاك إلخ على تقرير الشارح الآتي إذ ليس فيه على تقريره عامل معنوي كما ستعرفه وإنما يجريان في نحو زيد ظننت قائم. قوله: "شجاك" أي أحزنك ربع الظاعنين أي منزل الراحلين. قوله: "يروى برفع ربع إلخ" مفاد كلام الشارح تعين الإلغاء على رفع ربع وتعين الأعمال على نصبه وأن جوازهما عند عدم

344- عجزه:

ولم تعبأ بعذل العاذلينا

والبيت من الوافر، وهو بلا نسبة في تخليص الشواهد ص446؛ والدرر 2/ 261؛ وشرح شواهد المغني 2/ 806؛ ومغني اللبيب 1/ 378؛ والمقاصد النحوية 2/ 419؛ وهمع الهوامع 1/ 153.

ص: 38

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يروى برفع ربع على أنه فاعل شجاك أي أحزنك، وأظن لغو وبنصبه على أنه مفعول أول لأظن، وشجاك المفعول الثاني مقدم. الثانية أن يتأخر عنهما والإلغاء حينئذ أرجح كقوله:

345-

آت الموت تعلمون فلا ير

هبكم من لظى الحروب اضطرام

الثالثة أن يتقدم عليهما ولا يبتدأ به بل يتقدم عليه شيء نحو متى ظننت زيدًا قائمًا والأعمال حينئذ أرجح. وقيل واجب. ولا يجوز إلغاء المتقدم خلافًا للكوفيين والأخفش

ــ

التزام واحد بعينه من الرفع والنصب وهو كلام صحيح لا ينبغي أن يقع فيه خلاف بين بصري وكوفي. وأما قول المصنف في تسهيله وإلغاء ما بين الفعل ومرفوعه جائز لا واجب خلافا للكوفيين فالظاهر عندي أن مراده بمرفوع الفعل ما يصلح مرفوعا له لا المرفوع له بالفعل، وكيف يدّعي أحد جواز الإلغاء مع فرض ما قبل العامل فعلا وما بعده مرفوعا به على الفاعلية. وبما ذكرناه يعلم ما في كلام البعض فافهم ولا تغفل. قوله:"وأظن لغو" فهو مع فاعله جملة معترضة كما في المغني والجملة المعترضة تقع بين الفعل وفاعله والمبتدأ وخبره فاعتراض البعض بأنه يلزم على الإلغاء المذكور الفصل بين الفعل ومرفوعه بأجنبي مدفوع.

قوله: "وشجاك المفعول الثاني" أي جملة في محل نصب مفعول ثان وجعل الدماميني وغيره شجا في البيت اسما مضافا إلى الكاف لا فعلا ماضيا، والشجا الحزن. والمعنى أن سبب حزنك ربع الأحبة الظاعنين أي المرتحلين باعتبار ما تثيره عندك رؤيته خاليا منهم من لوعة الفراق وتذكر أوقات الأنس الفائتة. قوله:"أن يتأخر عنهما" وجملته حينئذٍ استئنافية كما في المغني. قوله: "فلا يرهبكم" بفتح الياء والهاء أو بضم الياء وكسر الهاء أي يخفكم اضطرام أي اشتعال. قوله: "بل يتقدم عليه شيء" أي سواء صلح لأن يكون معمول الخبر كمتى في المثال أو لم يصلح كأني في البيت الآتي كما يدل عليه قول الشارح الآتي نعم يجوز إلخ. وإنما جوّز تقدم ذلك الإلغاء لتنزيله منزلة تقدم معمول الفعل وفي كلام شيخنا وغيره تقييد الشيء المتقدم بأن لا يكون معمولا للفعل فإن كان معمولا له كمتى في المثال إن جعل معمولا للفعل لا للخبر امتنع الإلغاء عند البصريين لأن المتقدم على ظن حينئذٍ معمولها فهي في الحقيقة في الابتداء بخلاف معمول الخبر لأنه أجنبي من الفعل إذ معمول المعمول ليس بمعمول. قوله: "وقيل واجب" لأن العبرة في الابتداء بالفعل بوقوعه قبل المفعولين وإن سبقه شيء غيرهما. قوله: "ولا يجوز إلغاء المتقدم" هذا بيان لمفهوم قوله لا في الابتداء ودخول على المتن، والمراد المتقدم على المفعولين وغيرهما بأن لا يتقدم عليه شيء كما يدل عليه كلامه قبل لكن ينافيه تمثيله بعد لموهم إلغاء المتقدم بالبيتين الآتيين لأن الفعل فيهما مسبوق بشيء وإنما يكون هذا التمثيل مناسبا

345- البيت من الخفيف، وهو بلا نسبة في تخليص الشواهد ص445؛ والمقاصد النحوية 2/ 402.

ص: 39

في موهم إلغاء ما تقدما

والتزم التعليق قبل نفي ما

ــ

"وانو ضمير الشأن" ليكون هم المفعول الأول، والجزءان جملة في موضع المفعول الثاني "أو" انو "لام ابتدا" لتكون المسألة من باب التعليق "في موهم إلغاء ما تقدما" كقوله:

346-

أرجو وآمل أن تدنو مودتها

وما إخال لدينا منك تنويل

وقوله:

347-

كذاك أدبت حتى صار من خلقي

أني رأيت ملاك الشيمة الأدب

فعلى الأول التقدير إخاله ورأيته أي الشأن، وعلى الثاني لملاك وللدينا. فالفعل عامل على التقديرين. نعم يجوز أن يكون ما في البيتين من باب الإلغاء لتقدم ما في الأول وإني في الثاني على الفعل، ولكن الأرجح خلافه كما عرفت، فالحمل على ما سبق أولى "والتزم التعليق" عن العمل في اللفظ إذا وقع الفعل قبل شيء له الصدر كما إذا وقع "قبل نفي

ــ

لو حمل تقدم الفعل على تقدمه على المفعولين وإن سبق بشيء غيرهما مما يتعلق بالجملة ويمكن أن يعمم في قول المصنف وانو إلخ بأن يراد انو وجوبا وذلك إذا لم يسبق الفعل بشيء وباعتبار هذا القسم اتجه الدخول على المتن بقوله ولا يجوز إلخ، أو استحسانا وذلك إذا سبق بشيء غير مفعوليه وإن اقتصر الشارح في التمثيل على القسم الثاني وقد يؤيد هذا قوله نعم يجوز إلخ فتأمل.

قوله: "وآمل" من عطف المرادف ولا يكون إلا بالواو كما قاله زكريا وغيره. قوله: "تنويل" أي إعطاء. قوله: "كذاك" أي مثل الأدب المذكور. وقوله ملاك الشيمة بكسر اليم وفتحها ما يقوم به. والشيمة بالكسر الخلق. قوله: "فالفعل عامل على التقديرين" لكنه على تقدير ضمير الشأن عامل في محل كل من المفعولين على حدته أعني ضمير الشأن المقدر والجملة بعده وعلى تقدير لام الابتداء عامل في محل الجملة السادة مسد المفعولين. قوله: "نعم يجوز إلخ" استدراك على ما يوهمه التمثيل بالبيتين من أنه لا يصح أن يكون من باب الإلغاء. قوله: "كما عرفت" أي من قوله والإعمال حينئذٍ أرجح وقيل واجب. قوله: "فالحمل على ما سبق" أي حمل البيتين على نية ضمير الشأن أو لام الابتداء. قوله: "نفي ما" أي ما النافية فلا حاجة لقول الشارح النافية. قوله: "لقد علمت ما هؤلاء ينطقون" جملة هؤلاء ينطقون لفظها واحد قبل التعليق وبعده وإنما

346- البيت من البسيط، وهو لكعب بن زهير في ديوانه ص62، وخزانة الأدب 11/ 311؛ والدرر 1/ 172، 2/ 259؛ وشرح التصريح 1/ 258؛ وشرح عمدة الحافظ ص258؛ والمقاصد النحوية 2/ 412؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 67؛ وشرح ابن عقيل ص220؛ وهمع الهوامع 1/ 53، 153.

347-

البيت من البسيط وهو لبعض الفزاريين في خزانة الأدب 9/ 139، 143، 10/ 335؛ والدرر 2/ 257؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 3/ 133؛ وأوضح المسالك 2/ 65؛ وتخليص الشواهد ص449؛ وشرح التصريح 1/ 258؛ وشرح ديوان الحماسة للمزروقي ص1146؛ وشرح عمدة الحافظ ص249؛ وشرح ابن عقيل ص221؛ والمقاصد النحوية 2/ 411، 3/ 89؛ والمقرب 1/ 117؛ وهمع الهوامع 1/ 153.

ص: 40

وإن لا لام ابتداء أو قسم

كذا والاستفهام ذا له انحتم

ــ

ما" النافية نحو: {لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ} [الأنبياء: 65] ، "وإن ولا" النافيتين في جواب قسم ملفوظ أو مقدر نحو علمت والله أن زيد قائم، وعلمت أن زيد قائم، وعلمت والله لا زيد في الدار ولا عمرو، وعلمت لا زيد في الدار ولا عمرو ،"لام ابتداء أو" لام جواب "قسم كذا" نحو: {وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ} [البقرة: 102]، وكقوله:

348-

ولقد علمت لتأتين منيتي

إن المنايا لا تطيش سهامها

ــ

الفرق بينهما أن المحل للجملة السادة مسد المفعولين بعد التعليق ولكل من جزأيها قبله قاله يس. قوله: "وإن" أي سواء كانت عاملة أو مهملة وإن لم يمثل الشارح إلا للمهملة. قوله: "ولا" أي سواء كانت عاملة عمل إن أو عمل ليس أو مهملة وإن اقتصر الشارح في التمثيل على المهملة وقيدها شارح اللباب بالنافية للجنس.

قوله: "في جواب قسم" قيل الصحيح أنه ليس بقيد لكن في المغني ما يظهر به وجه التقييد حيث نقل فيه أن الذي اعتمده سيبويه أن لا النافية إنما يكون لها الصدارة حيث وقعت في صدر جواب القسم. وقال في محل آخر لا النافية في جواب القسم لها الصدر لحلولها محل ذوات الصدر كلام الابتداء وما النافية. ا. هـ. وإن كلا. قوله: "علمت والله إن زيد قائم" جواب القسم مع الفعل المقدر وهو أقسم في محل نصب سد مسد المفعولين. وقولهم جواب القسم لا محل له إذا لم يضم إلى غيره كما هنا ولا يضر وقوع المعلق بالكسر في غير صدر الجملة المعلقة، أما على القول بعدم اشتراط ذلك فظاهر وأما على الاشتراط فلأن المقصود بالقسم تأكيد الجواب فهو معه كالشيء الواحد فالمتقدم عليه كالمتقدم على القسم هذا ما قالوه. ولقائل أن يقول العلم إنما تعلق بمضمون جملة الجواب فقط فهي التي في محل نصب سدت مسد المفعولين ولا يرد أن جملة الجواب لا محل لها لجواز أن يكون لها محل باعتبار التعليق ولا يكون لها باعتبار الجواب كما جوز المصرح في قول الناظم في باب إعراب الفعل وستره حتم نصب أن الجملة حالية معترضة ولها محل من حيث إنها حالية ولا محل لها من حيث أنها معترضة ولا منافاة أو يخصص قولهم جملة الجواب لا محل لها بما إذا لم يتسلط عليها عامل فاعرفه.

قوله: "لام ابتداء" مبتدأ خبره كذا أي كنفي ما وإن ولا. قوله: "نحو ولقد علموا إلخ" اللام الأولى لام القسم ولا شاهد فيها والثانية لام الابتداء وفيها الشاهد، ومن مبتدأ أول وخلاق

348- البيت من الكامل، وهو للبيد بن ربيعة في ديوانه ص308؛ وتخليص الشواهد ص453؛ وخزانة الأدب 9/ 159، 161؛ والدرر 2/ 263؛ وشرح شواهد المغني 2/ 828؛ والكتاب 3/ 110؛ والمقاصد النحوية 2/ 405؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 61؛ وخزانة الأدب 10/ 334؛ وسر صناعة الإعراب ص400؛ وشرح شذور الذهب ص471؛ وشر قطر الندى ص176؛ ومغني اللبيب 2/ 401، 407؛ وهمع الهوامع 1/ 154.

ص: 41

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

"والاستفهام ذا" الحكم "له انحتم" سواء كان بالحرف نحو: {وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ مَا تُوعَدُونَ} [الأنبياء: 109]، أم بالاسم سواء كان الاسم مبتدأ نحو:{لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى} [الكهف: 12]، {وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا} [طه: 71] ، أم خبرًا نحو علمت متى السفر، أم مضافًا إليه المبتدأ نحو علمت أبو من زيد أم فضلة نحو:{وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} [الشعراء: 227] ، فأي نصب على المصدر بما بعده أي ينقلبون منقلبًا أي انقلاب، وليس منصوبًا بما قبله لأن الاستفهام له الصدر فلا يعمل فيه ما قبله.

تنبيهات: الأول إذا كان الواقع بين المعلق والمعلق غير مضاف نحو علمت زيدًا

ــ

مبتدأ ثان مجرور بمن الزائدة وله خبره والجملة خبر من، وجملة من اشتراه إلخ في محل نصب سدت مسد المفعولين. قوله:"ولقد علمت لتأتين إلخ" اللام الأولى للتأكيد والثانية لام جواب القسم كما قاله العيني وجملة القسم المقدرة وجوابه في محل نصب سدت مسد المفعولين على ما قيل وفيه ما مر ولك جعل اللام الأولى لام جواب قسم آخر بأن يكون أقسم على العلم وأقسم على الإتيان. قوله: "والاستفهام" أي ولو بهل على الصحيح كما بسطه الدماميني. قوله: "ذا الحكم" أي التعليق لالتزامه لقوله انحتم. قوله: "وإن أدري إلخ" أي ما أدري جواب هذا السؤال، وما توعدون مبتدأ خبره ما قبله أو فاعل بقريب لاعتماده على استفهام أو ببعيد على التنازع والجملة على كل في محل نصب بأدري. قوله:"أحصى" فعل ماض وقيل اسم تفضيل على غير قياس لأنه من رباعي. ورده في المغني بأن الأمد ليس محصيا بل محصى وشرط التمييز المنصوب بعد أفعل كونه فاعلا في المعنى كزيد أكثر مالا واللام على الأول زائدة وعلى الثاني للتعدية. قوله: "أم مضافا إليه المبتدأ" أي أو الخبر نحو علمت صبيحة أي يوم سفرك. قوله: "أبو من" أبو اسم استفهام مبتدأ مضاف إلى من فقول الشارح أو مضافا إليه المبتدأ هو بالنظر للأصل وإلا فاسم الاستفهام بعد الإضافة هو أبو كما مر. لا يقال ما له الصدر لا يعمل فيه ما قبله فكيف عمل أبو في من لأنا نقول محل ذلك إذا لم يكن العامل جارا.

قوله: "فأي نصب على المصدر إلخ" عبارة الفارضي فأي اسم استفهام مفعول مطلق منصوب بينقلبون وهو مقدم من تأخير لأن الأصل ينقلبون أي منقلب يعني أي انقلاب فقدم لأن له صدر الكلام. قوله: "منقلبا أي انقلاب" يوهم أن أيا صفة لمصدر محذوف وهو ينافي ما أسلفه من كونها استفهامية لأن الاستفهامية لا تكون صفة كما أن الصفة لا تكون استفهامية كما نص عليه الشمني. قوله: "فلا يعمل فيه ما قبله" ما لم يكن حرف جر نحو ممن أخذت وبم جئت وعم تسأل وعلى أي حال أتيت أو مضافا نحو غلام من أنت. قوله: "جاز نصبه" أي على أنه مفعول أول والجملة بعده مفعول ثان وهذه الصورة مستثناة من كون التعليق واجبا وليس من ذلك أرأيت زيدا أبو من هو بمعنى أخبرني عن زيد لأن زيدا منصوب بنزع الخافض وجوبا

ص: 42

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

من هو جاز نصبه وهو الأجود لكونه غير مستفهم به ولا مضاف إلى مستفهم به، وجاز أيضًا رفعه لأنه المستفهم عنه في المعنى، وهذا شبيه بقولهم أن أحدًا لا يقول ذلك، فأحدًا هذا لا يستعمل إلا بعد نفي وهنا قد وقع قبل النفي لأنه والضمير في لا يقول شيء واحد في المعنى، الثاني من المعلقات أيضًا لعل نحو:{وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ} [الأنبياء: 111]، ذكر ذلك أبو علي في التذكرة. ولو الشرطية كقوله:

349-

وقد علم الأقوام لو أن حاتمًا

أراد ثراء المال كان له وفر

وإن التي في خبرها اللام نحو علمت أن زيدًا لقائم، ذكر ذلك جماعة من المغاربة، والظاهر أن المعلق إنما هو اللام لا إن، إلا أن ابن الخباز حكى في بعض كتبه إنه يجوز

ــ

والجملة بعده مستأنفة ولا تعليق، فإن وقع بعد التاء كاف فهي حرف خطاب. قال الشهاب في حواشي البيضاوي: استعمال أرأيت بمعنى أخبرني مجاز ووجه المجاز أنه لما كان العلم بالشيء وابصاره سببا للإخبار عنه استعمل رأي التي بمعنى علم أو أبصر في الإخبار والهمزة التي للاستفهام عن الرؤية في طلب الاخبار لاشتراكهما في مطلق الطلب ففيه مجازان. ا. هـ. باختصار.

قوله: "وهو الأجود" وعليه فالتعليق ليس إلا عن المفعول الثاني، وقد نقل الدماميني عن صاحب الانتصاف أنه قال التعليق عن أحد المفعولين فيه خلاف وعن صاحب التقريب أنه استشكل وقوع الجملة الاستفهامية مفعولا ثانيا بأنه لا معنى لقولك علمت زيدا جواب هذا الاستفهام ويمكن دفعه بتقدير متعلق بدل جواب. قوله:"أيضا" لعل أيضا مقدمة من تأخير ويختص تعليقها بدرى فلا تعلق غيره كما في الجامع وشرحه. ومنها كم الخبرية أيضا كما قاله الزمخشري وأيده صاحب المغني في الجملة السادسة من الباب الخامس، بل قال الدماميني إنما سكت عنها النحويون استغناء بتصريحهم بأن لها الصدر كالاستفهامية إذ كل ما له الصدر يعلق، نعم لا تعلق على ما حكاه الأخفش عن بعض العرب من عدم التزام صدارتها وقال إنه لغة رديئة. قوله:"لو أن حاتما" أي ومعمولاها فاعل ثبت محذوفا وثراء المال بالفتح والمد كثرته والوفر الكثير. قوله: "في خبرها" أو اسمها المتأخر نحو علمت. {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً} [آل عمران: 13]، أو معمول خبرها نحو علمت أن زيدا لفي الدار قائم. قوله:"والظاهر أن المعلق إنما هو اللام" يفيد أن المعلق لا يشترط أن يكون في صدر الجملة المعلق عنها وقد يقال أن اللام حقها في الأصل صدر الجملة لكن زحلقت عنه كراهة توالي حرفي توكيد كما مر فهي مصدرة حكما نقله شيخنا.

349- البيت من الطويل، وهو لحاتم الطائي في ديوانه ص202؛ والأغاني 17/ 276، 295؛ وأمالي الزجاجي ص209؛ وخزانة الأدب 4/ 213؛ والدرر 2/ 264؛ والشعر والشعراء 1/ 253؛ ولسان العرب 4/ 548 "عذر" 4/ 110 "ثرا"؛ وهمع الهوامع 1/ 154؛ وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص789؛ وشرح شذور الذهب ص473.

ص: 43

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

علمت أن زيدًا قائم بالكسر مع عدم اللام وأن ذلك مذهب سيبويه، فعلى هذا المعلق إن، الثالث قد عرفت أن الإلغاء سبيله عند وجود سببه الجواز، والتعليق سببه الوجوب، وأن الملغي لا عمل له ألبته والمعلق عامل في المحل حتى يجوز العطف بالنصب على المحل كقوله:

350-

وما كنت أدري قبل عزة ما البكا

ولا موجعات القلب حتى تولت

يروى بنصب موجعات بالكسر عطفًا محل قوله ما البكا. ووجه تسميته تعليقا أن العامل ملغى في اللفظ عامل في المحل فهو عامل لا عامل فسمي معلقًا أخذًا من

ــ

قوله: "فعلى هذا المعلق إن" أي ولا يحتاج إلى ما سبق من اشتراط وجود اللام في خبرها لأن إن أيضا لها الصدارة قال سم. لعل التعليق هنا جائز لا واجب فيستثنى من وجوب التعليق ونقل عن غيره أنه واجب فلا استثناء ولك أن تقول معنى تجويز سم التعليق هنا أنه لا يتعين كسر إن وتعليق الفعل بها بل يجوز الفتح وجعل الفعل غير معلق. ومعنى إيجاب غيره التعليق أنه يتعين ما دام كسر إن فلا خلاف في الحقيقة. قوله: "الجواز" أي في غير المصدر أما إذا كان الملغى مصدرا متوسطا أو متأخرا فالغاؤه واجب لأن المصدر لا يعمل في متقدم نحو زيد قائم ظني غالب وزيد ظني غالب قائم، وفي غير اقتران المفعول الأول المقدم على عامله بلام الابتداء فالإلغاء حينئذٍ واجب على ما مر. قوله:"والمعلق عامل في المحل" أي في محل الجملة بعد أن كان عاملا في لفظ كل من الجزأين أو في محله. قوله: "حتى يجوز إلخ" حتى ابتدائية تفريعية فالفعل بعدها واجب الرفع. ويستفاد من جواز العطف بالنصب على المحل أن المعلق إنما يمنع العمل بالنسبة للجملة التي اتصل بها لا بالنسبة لتوابعها وأن العطف على المحل جائز لا واجب. قوله: "كقوله وما كنت إلخ" قال الدماميني ليس بقاطع لاحتمال أن تكون ما زائدة والبكاء مفعول به أو أن الأصل ولا أدري موجعات القلب فيكون من عطف الجمل. ا. هـ. ولا يخفى كفاية الظواهر في أمثال هذه المقامات.

قوله: "ولا موجعات" عطف على محل ما البكا، ولا بد من تقدير ما هي بعد موجعات القلب أو اعتبار أن موجعات القلب في معنى الجملة أي ولا موجعات لقلبي وإلا لزم عمل أدري في مفعول واحد وهو لا يجوز على ما مر فيشترط على المشهور في المعطوف على المحل أن يكون جملة في الأصل لفظا نحو علمت لزيد قائم وبكرا قاعدا أو تقديرا نحو الذي مرّ على الوجه الأول فيه أو معنى نحو علمت لزيد قائم وغير ذلك من أموره لأنه بمعنى وزيدا متصفا بغير

350- البيت من الطويل، وهو لكثير عزة في ديوانه ص95؛ وخزانة الأدب 9/ 144؛ وشرح التصريح 1/ 257؛ وشرح شذور الذهب ص475؛ وشرح شواهد المغني ص813، 824؛ وشرح قطر الندى ص178؛ ومغني اللبيب ص419؛ والمقاصد النحوية 2/ 408؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 64.

ص: 44

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

المرأة المعلقة التي لا مزوجة ولا مطلقة. ولهذا قال ابن الخشاب لقد أجاد أهل هذه الصناعة في هذا اللقب لهذا المعنى. الرابع قد ألحق بأفعال القلوب في التعليق أفعال غيرها نحو: {فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا} [الكهف: 19]{فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ، بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ} [القلم: 6]، {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ} [الأعراف: 184] ، {يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ} [الذاريات: 12] ، {وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ} [يونس: 53] ، ومنه ما حكاه سيبويه من قولهم: أما ترى

ــ

ذلك ونحو الذي مر على الوجه الثاني فيه فلا يجوز علمت لزيد قائم وعمرا بدون تقدير. وبهذا التحقيق يعلم ما في كلام البعض. قوله: "من المرأة المعلقة" أي المفقود زوجها فقوله لا مزوجة أي بحسب الصورة. قوله: "ولهذا" أي لشبه المعلق بالمرأة المذكورة. قوله: "بأفعال القلوب" أي الناصبة للمفعولين، وقوله أفعال غيرها أي غير أفعال القلوب الناصبة لهما بأن كان فعلا غير قلبي كما في الأمثلة غير أو لم يتفكروا إلخ أو فعلا قلبيا غير ناصب لهما بل لواحد فقط كنسى وعرف ولم يمثل له الشارح أولا لشيء أصلا أصلا كما في أو لم يتفكروا ويختص التعليق في القسم الأول أعني غير القلبي بالاستفهام بخلاف القلبي هذا هو المناسب لتمثيل الشارح والمغني بقوله تعالى:{أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ} [الأعراف: 184] ، بناء على الظاهر كما قاله الشمني أن ما فيه لكن في التسهيل والهمع تخصيص تعليق هذه الأفعال الملحقة بالاستفهام وعليه يكون الوقف على قوله أو لم يتفكروا وما بعده استئناف. قال الشمني وقيل ما استفهامية بمعنى النفي أي أي شيء بصاحبكم من الجنون أي ليس به شيء منه. ا. هـ. وعليه لا مخالفة فتأمل.

فائدة: الجملة بعد المعلق سادة مسد المفعولين إن كان يتعدى إليهما ولم ينصب الأول فإن نصبه سدت مسد الثاني نحو علمت زيدا أبو من هو وإن لم يتعد إليها فإن كان يتعدى بحرف الجر فهي في موضع نصب بإسقاط الجار نحو فكرت أهذا صحيح أم لا وإن كان يتعدى إلى واحد سدت مسده نحو عرفت أيهم زيد فإن كان مفعوله مذكورا نحو عرفت زيدا أبو من هو فقال جماعة الجملة حال. ورد بأن الجملة الإنشائية لا تكون حالا. وقال آخرون بدل فقيل بدل كل بتقدير مضاف أي عرفت شأن زيد، وقيل بدل اشتمال ولا حاجة إلى تقدير. وقال الفارسي مفعول ثان لعرفت بتضمينه معنى علمت واختاره أبو حيان كذا في الهمع ومثله في المغني وزاد أن القول الأخير رد بأن التضمين لا ينقاس، وهذا التركيب مقيس ورجح في محل آخر القول بالبدلية قال وعلى تضمين عرف معنى علم هل يقال الفعل معلق أم لا؟ قال جماعة من المغاربة إذا قلت علمت زيد لا أبوه قائم أو ما أبوه قائم فالعامل معلق عن الجملة عامل في محلها النصب على أنه مفعول ثان وخالف بعضهم لأن حكم الجملة في مثل هذا أن تكون في موضع نصب وأن لا يؤثر العامل في لفظها وإن لم يوجد معلق نحو علمت زيد أبوه قائم.

قوله: "أو لم يتكفروا إلخ" ما نافية على ما مر والجنة الجنون وتفكر لازم علق بما عن

ص: 45

لعلم عرفان وظن تهمه

تعدية لواحد ملتزمه

ولرأى الرؤيا انم ما لعلما

طالب مفعولين من قبل انتمى

ــ

أي برق ههنا "لعلم عرفان وظن تهمه تعدية لواحد ملتزمه" نحو: {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا} [النحل: 78]، أي لا تعرفون. وتقول سرق مالي وظننت زيدًا: أي اتهمته. واسم المفعول منه مظنون وظنين، قال الله تعالى:{وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ} [التكوير: 24] أي بمتهم. وقد نبهت على استعمال بقية أفعال القلوب في غير ما يتعدى فيه إلى مفعولين كما رأيت. وإنما خص هو علم وظن بالتنبيه؛ لأنهما الاصل إذ غيرهما لا ينصب المفعولين إلا إذا كان بمعناهما. وأيضًا فغيرهما عند عدم نصب المفعولين يخرج عن القلبية غالبًا بخلافهما "ولرأي" التي مصدرها "الرؤيا" وهي الحلمية "انم" أي انسب "ما لعلما طالب مفعولين من قبل انتمى" أي انتسب. ما موصول صلته انتمى في موضع مفعول لا نم، وطالب حال من علم ولرأي متعلق بانم، ولعلما متعلق بانتمى، وكذلك من قبل، والتقدير أنسب لرأي التي مصدرها الرؤيا الذي انتسب لعلم متعدية إلى مفعولين

ــ

المجرور إذ الأصل أو لم يتفكروا فيما ذكر. قوله: "لعلم عرفان" من إضافة الدال للمدلول أي لهذه المادة الدالة على العرفان بأي صيغة كانت وكذا يقال فيما بعده، والجار والمجرور خبر تعدية، وملتزمة نعت تعدية، أو ملتزمة الخبر والجار والمجرور متعلق به. قوله:"تعدية لواحد ملتزمه" للفرق في المعنى بين علم العرفانية وعلم المتعدية إلى اثنين بأن الأولى تتعلق بنفس الشيء وذاته كعلمت زيدا أي عرفت ذاته، والثانية باتصاف الشيء بصفة كعلمت زيدا قائما أي عرفت اتصاف زيد بالقيام كالفرق بين عرف وعلم، فمعنى علمت أن زيدا قائم علمت اتصاف زيد بالقيام لا علمت حقيقة القيام المضاف إلى زيد في نفسه، ومعنى عرفت أن زيدا قائم عرفت القيام في نفسه لا اتصاف زيد به وبين المعنيين فرق ظاهر. هذا ما ذهب إليه ابن الحاجب وغيره. وقال الرضي: لا فرق بينهما في المعنى. والفرق في العمل إنما هو باختيار العرب ولا مانع من تخصيصهم أحد المتساويين معنى بحكم لفظي. قوله: "واسم المفعول منه" أما اسم المفعول من ظن التي للرجحان فمظنون فقط وأراد اسم المفعول في المعنى فلا يرد أن ظنينا ليس على وزن اسم المفعول. قوله: "في غير ما" أي التركيب أو ما واقعة على المعنى وفي في فيه سببية. قوله: "بالتنبيه" أي على استعمالهما في غير ما يتعديان فيه إلى المفعولين. قوله: "غالبا" احتراز من نحو وجد بمعنى حزن وحقد وحجا بمعنى بخل.

قوله: "بخلافهما" أي عند نصبهما مفعولا واحدا الذي نبه عليه المتن وإن عم ظاهر الشرح لزومهما أيضا فلا يرد علم إذا انشقت شفته العليا فإنه لازم. قوله: "التي مصدرها الرؤيا" حل معنى لا حل إعراب وما يلزمه من تغيير إعراب المتن مغتفر لأنه غير ظاهر. قوله: "وهي الحلمية" بضم الحاء نسبة إلى الحلم بضم فسكون وبضمتين كما في القاموس مصدر حلم بفتح اللام أي رأى في منامه. قوله: "من قبل" أي قبل ذكر علم العرفانية، وهو ظرف لغو متعلق بانتمى كما

ص: 46

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

من الأحكام، وذلك لأنها مثلها من حيث الإدراك بالحس الباطن. قال الشاعر:

351-

أبو حنش يؤرقني وطلق

وعمار وآونه ثالا

أراهم رفقتي حتى إذا ما

تجافى الليل وانخزل انخزالا

إذا أنا كالذي يجري لورد

إلى آل فلم يدرك بلالا

فهم من أراهم مفعول أول، ورفقتي مفعول ثانٍ. وإنما قيد بقوله طالب مفعولين من قبل لئلا يعتقد أنه أحال على علم العرفانية. فإن قلت ليس في قوله الرؤيا نص على المراد إذ الرؤيا تستعمل مصدر الرأي مطلقًا حلمية كانت أو يقظية. قلت الغالب والمشهور كونها

ــ

سيذكره الشارح أتى به لمجرد الإيضاح ويصح كونه مستقرا حالا من علم. قوله: "من الأحكام" أي إلا التعليق والإلغاء خلافا للشاطبي كما في التصريح وغيره. قوله: "أبو حنش يؤرقني إلخ" أبو حنش وطلق وعمار وأثالة أشخاص فقوله، أثالا مرخم في غير النداء للضرورة. يؤرقني أي يسهرني وآونة جمع أوان وهو الحين أي الزمن كذا في القاموس. وقول البعض وأوان جمع آن مخالف للمنصوص مع كونه يرده أن فعالا ليس من صيغ الجموع وهو منصوب على الظرفية فصل به بين العاطف والمعطوف أعني أثالا. وإذا الأولى ظرفية شرطية والثانية فجائية، والليل الزمن المعروف ويجوز أن يكون أراد به النوم ومعنى تجافى زال وكذا معنى انخزل، واللام في لورد تعليلية والورد بالكسر المنهل أي الماء الذي يورد، والآل بالمد قال في المصباح هو الذي يشبه السراب. ا. هـ. والصراف كما في القاموس ما تراه نصف النهار كأنه ماء. وقال في القاموس الآل السراب أو خاص بما في أول النهار. ا. هـ. والبلال بالكسر ما يبل به الحلق من ماء وغيره وأراد به هنا الماء. وبحث الدماميني في الاستشهاد بذلك بأن القصد أنه رأي ذواتهم لا كونهم رفقته لأنه محقق ليس الكلام فيه، وجعل رفقتي حالا وضعف بأن رفقتي معرفة والحال لا يكون معرفة. وأجيب بأن الرفقة بمعنى المرافقين فهو بمعنى اسم الفاعل وإضافته غير محضة. ولك أن تقول المحقق كونهم رفقته في اليقظة لا كونهم رفقته في المنام الذي كلام الشاعر فيه فلا يرد البحث.

قوله: "وإنما قيد بقوله إلخ" ظاهر صنيعه أن من قبل ظرف مستقر حال وهو يخالف ما قدمه من أنه لغو متعلق بانتمى. قوله: "أو يقظية" في تعبيره باليقظة دون البصرية إشعار بأن الرؤيا قد تكون مصدرا لرأي العلمية والبصرية. هذا ومذهب الحريري والمصنف أن الرؤيا لا تكون إلا مصدر الحلمية وعليه لا إشكال. قوله: "الغالب إلخ" أي وأما الرؤية بالتاء فالغالب كونها مصدر

351- البيت من الوافر، وهو لابن أحمر في ديوانه ص129؛ والحماسة البصرية 1/ 262؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 487؛ والكتاب 2/ 270؛ ولسان العرب 6/ 289 "حنش"؛ والمقاصد النحوية 2/ 421؛ وبلا نسبة في الأزمنة والأمكنة 1/ 240؛ والإنصاف 1/ 354؛ وتخليص الشواهد ص455؛ والخصائص 2/ 278؛ وشراح ابن عقيل ص223.

ص: 47

ولا تجز هنا بلا دليل

سقوط مفعولين أو مفعول

ــ

مصدر للحلمية "ولا تجز هنا" في هذا الباب "بلا دليل سقوط مفعولين أو مفعول" ويسمى اقتصارًا. أما الثاني فبالإجماع وفي الأول وهو حذفهما معًا اقتصارًا خلاف: فعن سيبويه والأخفش المنع مطلقًا كما هو ظاهر إطلاق النظم. وعن الأكثرين الجواز مطلقًا تمسكًا بنحو: {أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى} [النجم: 35]، أي يعلم:{وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ} [الفتح: 12] وقولهم من يسمع يخل، وعن الأعلم الجواز في أفعال الظن دون

ــ

رأي البصرية ورأي العلمية. قال في القاموس الرؤية النظر بالعين وبالقلب. قوله: "في هذا الباب" لانعدام الفائدة بانعدامهما أو انعدام أحدهما أما في الثاني فظاهر وأما في الأول فلأن الشخص لا يخلو عن ظن أو علم بخلاف المفعول في غيره فيجوز حذفه بدليل وبلا دليل لحصول الفائدة مطلقا وينبغي أن محل امتناع الحذف إذا أريد الاخبار بحصول مطلق ظن أو علم، أما إذا أريد ظننت ظنا عجيبا أو عظيما أو نحو ذلك أو أريد إعلام السامع بتجدد الظن أو العلم أو إبهام المظنون أو المعلوم لنكتة فينبغي الجواز أفاده الروداني. ومما يجوز الحذف أيضا تقييد الفعل بظرف أو جار ومجرور نحو ظننت في الدار أو ظننت لك لحصول الفائدة حينئذٍ نص عليه في التسهيل.

قوله: "ويسمى اقتصارا" أي يسمى الحذف بلا دليل اقتصارا للاقتصار على نسبة الفعل إلى الفاعل بتنزيله منزلة اللازم في صورة حذف المفعولين وعلى أحد المفعولين لتنزيله منزلة المتعدي إلى واحد في صورة حذف أحدهما. فعلم أن الاقتصار للتنزيل المذكور ولا ينافي ذلك نص البيانيين على أن المنزل منزلة اللازم لا مفعول له لأن نظرهم إلى المعاني الحاصلة في الحال ونظر النحاة إلى الألفاظ بحسب الوضع تعديا ولزوما ووافق في المعنى البيانيين، ويحتمل أن الاقتصار لا للتنزيل بل مع ملاحظة المفعولين من غير إقامة دليل عليهما والمتجه عندي ضعف القول بالمنع على احتمال التنزيل وضعف القول بالجواز على احتمال الملاحظة وأن الأولى الجمع بين القولين بتوزيعهما على الاحتمالين فاحفظه. قوله:"أما الثاني فبالإجماع" إنما أجمع هنا واختلف فيما بعده لأن المفعول حقيقة مضمون المفعولين كقيام زيد في ظننت زيدا قائما فحذف أحدهما كحذف جزء الكلمة وحذف الكلمة بتمامها كثير بخلاف حذف جزئها. ومثله يقال في الحذف لدليل. وإنما أجمع على منع حذف أحدهما اقتصارا. واختلف في حذف أحدهما اختصارا لأن المحذوف لدليل كالمذكور ولهذا أجمع على جواز حذفهما اختصارا واختلف في حذفهما اقتصارا.

قوله: "مطلقا" أي في أفعال العلم وأفعال الظن فهو في مقابلة تفصيل الأعلم الآتي. قوله: "فهو يرى" أي ما يعتقده حقا وقد يقال كما في الروداني أن قوله تعالى: {أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ} [النجم: 35]، يشعر بالمفعولين فحذفهما لدليل. قوله:"وظننتم ظن السوء" أي ظننتم انقلاب الرسول والمؤمنين إلى أهلهم منتفيا أبدا، وظن السوء مفعول مطلق. ولي في كون الحذف هنا لغير دليل نظر لأن قوله تعالى: {بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا وَزُيِّنَ

ص: 48

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أفعال العلم. أما حذفهما لدليل ويسمى اختصارًا فجائز إجماعًا نحو: {أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ} [الأنعام: 22] وقوله:

352-

بأي كتاب أم بأية سنة

ترى حبهم عارًا علي وتحسب

وفي حذف أحدهما اختصارًا خلاف: فمنعه ابن ملكون وأجازه الجمهور من ذلك، والمحذوف الأول قوله تعالى:{وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ} [آل عمران: 180] ، في قراءة يحسبن بالياء آخر الحروف، أي ولا يحسبن الذي يبخلون ما يبخلون به هو خيرًا. ومنه -والمحذوف الثاني- قوله:

353-

ولقد نزلت فلا تظني غيره

مني منزلة المحب المكرم

ــ

ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ} [الفتح: 12]، يشعر بالمفعولين أو بما سد مسدهما وهو أن لن ينقلب إلخ. قوله:"من يسمع يخل" أي مسموعه حقا وجعله جماعة كالرضي من الحذف لدليل. قال الروداني وينبغي أن لا يختلف في أنه الحق لظهور أن يسمع دليل على المفعول الأول وحال التخاطب دليل على الثاني. وما قيل لا دلالة فيه على الثاني قطعا مكابرة لمقتضى الذوق السليم. ا. هـ. ومنهم من تخلص عن ذلك بحمل جعله من الحذف لغير دليل على أن المعنى من يسمع خبرا يحصل له خيلة أي ظن بتنزيله منزلة اللازم. قوله: "وعن الأعلم الجواز في أفعال الظن" لكثرة فيها. ا. هـ. تصريح.

قوله: "تزعمون" التقدير تزعمونهم شركائي أو تزعمون أنهم شركائي جريا على الأكثر من تعدي زعم إلى أن وصلتها، ولا يرد أن الكلام في حذف المفعولين لا في حذف ما يسد مسدهما لأن ما يسد مسدهما بمنزلتهما. قوله:"وتحسب" جعل الواو بمعنى أو أبلغ في المعنى قاله الروداني. قوله: "ابن ملكون" ضبطه بعضهم بضم الميم فحرره. قوله: "هو خيرا" هو ضمير فصل والمفعول الأول محذوف قدره الشارح فيما يأتي ما يبخلون به ويصح تقديره بخلهم. قوله: "بالياء آخر الحروف" أما على قراءة الفوقية فالفعل استوفى مفعوليه مع تقدير مضاف أي ولا تحسبن بخل الذين يبخلون إلخ. قوله: "ولقد نزلت إلخ" كون البيت منه مبني على أن مني

352- البيت من الطويل، وهو للكميت في خزانة الأدب 9/ 137؛ والدرر 2/ 253؛ وشرح التصريح 1/ 259؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص692؛ والمحتسب 1/ 183؛ والمقاصد النحوية 2/ 413، 3/ 112؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 69؛ وشرح ابن عقيل ص225؛ وهمع الهوامع 1/ 152.

353-

البيت من الكامل، وهو لعنترة في ديوانه ص191؛ وأدب الكاتب ص613؛ والأشباه والنظائر 2/ 405؛ والاشتقاق ص38؛ والأغاني 9/ 212؛ وجمهرة اللغة ص591؛ وخزانة الأدب 3/ 227، 9/ 136؛ والخصائص 2/ 216؛ والدرر 2/ 254؛ وشرح شذور الذهب ص486؛ وشرح شواهد المغني 1/ 480؛ ولسان العرب 1/ 289 "حبب"؛ والمقاصد النحوية 2/ 414؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 70؛ وشرح ابن عقيل ص225؛ والمقرب 1/ 117؛ وهمع الهوامع 1/ 152.

ص: 49

وكتظن اجعل تقول إن ولي

مستفهمًا به ولم ينفصل

بغير ظرف أو كظرف أو عمل

وإن ببعض ذي فصلت يحتمل

ــ

أي فلا تظني غيره واقعًا مني "وكتظن" عملًا ومعنى "اجعل" جوازًا "تقول" مضارع قال المبدوء بتاء الخطاب، فانصب به مفعولين "إن ولي مستفهمًا به" من حرف أو اسم "ولم ينفصل" عنه "بغير ظرف أو كظرف" وهو الجار والمجرور "أو عمل" أي معمول "وإن ببعض ذي" المذكورات "فصلت يحتمل" فمن ذلك حيث لا فصل قوله:

354-

علام تقول الرمح يثقل عاتقي

إذا أنا لم أطعن إذا الخيل كرت

ــ

متعلق بنزلت وهو الظاهر، أما على أنه مفعول ثان لتظن أي فلا تظني غيره كائنا مني فليس منه فقول الشارح أي لا تظني غيره واقعا مني موهم خلاف المراد والتاء مكسورة كما في التصريح ولعل ضمير غيره للنزول المفهوم من نزلت. والمحب المكرم بوزن اسم المفعول فيهما كما في التصريح. قوله:"وكتظن" مفعول ثان لا جعل ومفعوله الأول تقول. قوله: "عملا ومعنى" أي عند الجمهور وقيل عملا فقط وتظهر ثمرة الخلاف كما بحثه صاحب التصريح في الإلغاء والتعليق فيجريان فيه على الأول دون الثاني. قوله: "جوازا" فلذا تجوز الحكاية مع استيفاء الشروط الآتية لكن إذا حكي به كان بمعنى التلفظ كما في الروداني. قوله: "مضارع قال" وألحق به السيرافي. قلت بالخطاب والكوفيون قل بالأمر كما في التصريح. قوله: "بتاء الخطاب" أي لا بقيد الإفراد والتذكير. دماميني. قوله: "مستفهما به" أي عن الفعل أو عن غيره مما يتعلق به كما في الدماميني وغيره وإن اقتضى كلام بعضهم كالمصرح اشتراط كون الاستفهام عن الفعل فالثاني نحو علام تقول البيت فإن الاستفهام عن سبب القول لا عن القول ونحو:

متى تقول القلص الرواسما

البيت فإن متى ظرف ليدنين. قوله: "أي معمول"المراد به ما يعم المفعولين معا نحو أزيدا قائما تقول ومعمول المعمول نحو أهندا تقول زيدا ضاربا، والمعمول غير المفعول كالحال نحو أراكبا تقول زيدا آتيا أفاده سم. قوله:"وإن ببعض ذي" أي منفردا أو مجتمعا مع أحد أخويه أو معهما فالفصل بكلها كالفصل ببعضها على ما بحثه سم، قال لأن الأصل في ضم الجائز إلى الجائز الجواز، قال يس والأقرب أنه احتراز عن الفصل بكلها، قال ويشهد له النهي عن تتبع الرخص في الشرعيات وعلى هذا يندفع أن قوله وإن ببعض ذي إلخ حشو لأنه لم يفد زيادة على ما قبله. قوله:"علام تقول إلخ" ما استفهامية حذفت ألفها لدخول الجار عليها وأطعن بضم العين وفتحها يدل عليه قول القاموس طعنه بالرمح كمنعه ونصره طعنا ضربه ووخزه. ا. هـ. قيل والطعن في

354- البيت من الطويل، وهو لعمرو بن معد يكرب في ديوانه ص72؛ وخزانة الأدب 2/ 436؛ والدرر 2/ 274؛ وشرح التصريح 1/ 263؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص159؛ وشرح شواهد المغني ص418؛ ولسان العرب 11/ 575 "قول"؛ والمقاصد النحوية 2/ 436؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 76؛ ومغني اللبيب ص143؛ وهمع الهوامع 1/ 157.

ص: 50

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقوله:

355-

متى تقول القلص الرواسما

يدنين أم قاسم وقاسما

ومنه -مع الفصل بالظرف- قوله:

356-

أبعد بعد تقول الدار جامعة

شملي بهم أم تقول البعد محتومًا

ومنه -مع الفصل بالعمول- قوله:

357-

أجهالًا تقول بني لؤي

لعمر أبيك أم متجاهلينا

فإن فقد شرط من هذه الأربعة تعين رفع الجزأين على الحكاية نحو قال زيد عمرو

ــ

السن من باب منع وفي المصباح طعنه بالرمح ضربه وطعن في المفازة ذهب وفي السن كبر وفي الأمر أخذ فيه ودخل وطعن فيه بالقول وعليه طعنا وطعانا قدح وعاب وباب الكل نصر، وجاء الأخير من باب منع في لغة وأجاز الفراء فتح عين المضارع في الكل لمكان حرف الحلق. ا. هـ. بالمعنى، وإذا الأولى ظرف ليثقل والثانية ظرف للم أطعن والمعنى بأي حجة أحمل السلاح إذا لم أقاتل عند كر الخيل.

قوله: "القلص" بضمتين جمع قلوص الناقة الشابة، الرواسم جمع راسمة من الرسم وهو التأثير في الأرض لشدة الوطء كذا في القاموس. قوله:"أبعد بعد إلخ" هذا مثال الفصل بالظرف الزماني ومثال الفصل بالظرف المكاني أعندي تقول زيدا جالسا. قوله: "شملي" مصدر شملهم الأمر كفرح ونصر شملا وشملا وشمولا إذا عمهم كما في القاموس. وفي شواهد العيني هو الاجتماع. وفي المصباح جمع الله شملهم أي ما تفرق من أمرهم، وفرق شملهم أي ما اجتمع

355- الرجز لهدبة بن خشرم في ديوانه ص130؛ وتخليص الشواهد ص456؛ وخزانة الأدب 9/ 336؛ والدرر 2/ 273؛ والشعر والشعراء 2/ 695؛ ولسان العرب 11/ 575 "قول"، 12/ 456 "فغم"؛ والمقاصد النحوية 2/ 427؛ وبلا نسبة في شرح شذور الذهب ص488؛ وشرح ابن عقيل 227؛ وهمع الهوامع 1/ 157.

356-

البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 232؛ وأوضح المسالك 2/ 77؛ وتخليص الشواهد ص457؛ والدرر 2/ 275؛ وشرح التصريح 1/ 263؛ وشرح شذور الذهب ص489؛ وشرح شواهد المغني 2/ 969؛ ومغني اللبيب 2/ 692؛ والمقاصد النحوية 2/ 438؛ وهمع الهوامع 1/ 157.

357-

البيت من الوافر، وهو للكميت بن زيد في خزانة الأدب 9/ 183، 184؛ والدرر 2/ 276؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 132؛ وشرح التصريح 1/ 263؛ وشرح المفصل 7/ 78، 79؛ والكتاب 1/ 123؛ والمقاصد النحوية 2/ 429؛ وليس في ديوانه، وبلا نسبة في أمالي المرتضى 1/ 363؛ وأوضح المسالك 2/ 78؛ وتخليص الشواهد ص457؛ وخزانة الأدب 2/ 439؛ وشرح شذور الذهب ص490؛ وشرح ابن عقيل ص228؛ والمقتضب 2/ 349؛ وهمع الهوامع 1/ 157.

ص: 51

وأجري القول كظن مطلقا

عند سليم نحو قل ذا مشفقا

ــ

منطلق، ويقول زيد عمرو منطلق، وأنت تقول زيد منطلق، وأأنت تقول زيد منطلق.

تنبيه: زاد السهيلي شرطًا آخر وهو أن لا يتعدى باللام نحو أتقول لزيد عمرو منطلق، وزاد في التسهيل أن يكون حاضرًا. وفي شرحه أن يكون مقصودًا به الحال. هذا كله في غير لغة سليم "وأجرى القول كظن مطلقا" أي ولو مع فقد الشروط المذكورة "عند سليم نحو قل ذا مشفقا" وقوله:

358-

قالت وكنت رجلا فطينًا

هذا لعمر الله إسرائينا

ــ

من أمرهم. قوله: "وأأنت تقول زيد منطلق" إنما يتعين فيه الرفع إذا جعل فاعل محذوف يفسره المذكور جاز العمل اتفاقا لتوفر الشروط كذا في التوضيح. واستشكله في التصريح بما نقله عن الموضح في الحواشي من أن الحكم إنما هو للمذكور وأما المضمر فلا عمل له إلا في المشتغل عنه خاصة والعمل فيما عداه لهذا الظاهر وهو لم يتصل بالاستفهام لكن هذا غير متفق عليه فقد صرح بعضهم بأن الحكم للمضمر وذكر الظاهر لمجرد التفسير. قوله: "باللام" لأنها تبعده من الظن. قوله: "أن يكون حاضرا" وعليه فيشترط في الاستفهام أن لا يكون بهل لأنها تخصص المضارع بالاستقبال والذي عليه الأكثر عدم اشتراط الحضور فالاستفهام على إطلاقه، واستدل لما عليه الأكثر بنحو قوله:

فمتى تقول الدار تجمعنا

بنصب الدار على أنه المفعول الأول وتجمعنا في موضع الثاني فقد عمل تقول مع استقباله لأن متى ظرف مستقبل متعلق به. وبحث فيه الموضح والدماميني وغيرهما بأنا لا نسلم تعلق متى بتقول بل هي متعلقة بتجمعنا فالمستقبل هو الجمع وأما الظن فحال وكون الاستفهام عن القول غير شرط كما مر حتى يتوجه نظر الشيخ خالد بأن الفعل على هذا البحث ليس هو المسؤول عنه. قال الدماميني: فإن قيل المسؤول عنه هو ما يلي أداة الاستفهام فالجواب أن ذلك في الهمزة وأم وهل على ما فيه لأنها أحرف لا موضع لها من الإعراب فأما الأسماء فإنها ترتبط بعواملها أو معمولاتها فذلك هو المسؤول عنه. قوله: "وفي شرحه أن يكون إلخ" ظاهر العبارة أن هذا شرط آخر غير ما ذكره في التسهيل وليس كذلك بل هو تفسير له فيؤول كلام الشارح بأن المعنى وفسره في شرحه بأن يكون إلخ. قوله: "وأجري القول كظن مطلقا عند سليم" وهو يعملونه باقيا على معناه أو لا يعملونه حتى يضمنوه معنى الظن؟ قولان اختار ثانيهما ابن جني، وعلى الأول الأعلم وابن خروف وصاحب البسيط، واستدلوا بقوله قالت وكنت إلخ. ا. هـ. سم، ووجه الاستدلال

358- الرجز لأعرابي في المقاصد النحوية 2/ 425؛ وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص456؛ والدرر 2/ 272؛ وسمط الآلي ص681؛ وشرح التصريح 1/ 264؛ وشرح ابن عقيل ص229؛ ولسان العرب 13/ 323 "فطن"، 459، 460 "يمن"؛ والمعاني الكبير ص646؛ وهمع الهوامع 1/ 157.

ص: 52

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تنبيه: على هذه اللغة تفتح أي بعد قلت وشبهه. ومنه قوله:

359-

إذا قلت أني آيب أهل بلدة

وضعت بها عنه الولية بالهجر

خاتمة: قد عرفت أن القول إنما ينصب المفعولين حيث تضمن معنى الظن، وإلا فهو وفروعه مما يتعدى إلى واحد، ومفعوله إما مفرد وهو على نوعين: مفرد في معنى الجملة نحو قلت شعرًا وخطبة وحديثًا، ومفرد يراد به اللفظ نحو:{يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ} [الأنبياء: 60] ، أي يطلق عليه هذا الاسم، ولو كان مبنيا للفاعل لنصب إبراهيم خلافًا لمن منع هذا النوع. وممن أجازه ابن خروف والزمخشري. وإما جملة فتحكى به فتكون في

ــ

أنه ليس المعنى على الظن لأن هذه المرأة رأت عند هذا الشاعر ضبا فقالت هذا إسرائين لأنها تعتقد في الضباب أنها من مسخ بني اسرائيل قال ابن عصفور ولا حجة فيه لاحتمال أن يكون هذا مبتدأ وإسرائين على تقدير مضاف أي مسخ بني إسرائين فحذف المضاف الذي هو الخبر وبقي المضاف إليه على جره بالفتحة لأنه غير منصرف للعلمية والعجمة لأنه لغة في إسرائيل. ا. هـ. تصريح. قوله: "هذا" إشارة إلى ضب صاده الأعرابي قائل هذا البيت والضمير في قالت إلى امرأته إسرائينا أي من ممسوخ بني إسرائين لغة في إسرائيل ومعناه عبد الله.

قوله: "على هذه اللغة" مقتضاه عدم الفتح على غير لغة سليم وإن أجرى القول مجرى الظن وهو المنقول عن الكوفيين لقوة إجرائه مجرى الظن عند سليم دون غيرهم، والمنقول عن البصريين الفتح إذا أجرى مجرى الظن على لغة سليم وغيرها. قوله:"تفتح أن" أي جواز لما مر أن الحكاية جائزة حتى مع استيفاء الشروط، وقوله وشبهه أي من بقية تصرفات القول. قوله:"آيب أهل بلدة" أي إلى أهل بلدة اسم فاعل من أبت إلى بني فلان أتيتهم ليلا كذا في شواهد العيني. وفي القاموس أنه بمعنى رجع وضمير عنه يعود إلى الجمل، والولية بفتح الواو وكسر اللام وتشديد التحتية البرذعة. والهجر بفتح الهاء وسكون الجيم ضرورة والأصل فتحها نصف النهار عند اشتداد الحر كما في التصريح وغيره. قوله:"حيث تضمن معنى الظن" المناسب لقوله سابقا وكتظن عملا ومعنى أن يقول حيث كان بمعنى الظن لإيهام عبارته أن القول في هذه الحالة مستعمل في معناه الأصلي أيضا. قوله: "وهو على نوعين" بقي ثالث وهو المفرد الذي مدلوله لفظ نحو قلت كلمة إذا كنت تلفظت بلفظة زيد مثلا صرح به الرضي.

قوله: "لمن منع هذا النوع" وجعل إبراهيم في الآية منادى أو خبرا لمبتدأ محذوف. قوله: "وإما جملة" أي ملفوظ بجميع أجزائها أولا كما في: {قَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ} [الذاريات: 25]، أي سلمنا سلاما وعليكم سلام. قوله:"فتحكي به" يقتضي اعتبار كونها متلفظا بها قبل هذا

359- البيت من الطويل، وهو للحطيئة في ديوانه ص225؛ وتخليص الشواهد ص459؛ وخزانة الأدب 2/ 440؛ وشرح التصريح 1/ 262؛ والمقاصد النحوية 2/ 432؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 72.

ص: 53

أعلم وأرى:

إلى ثلاثة رأى وعلما

عدوا إذا صارا أرى وأعلما

ــ

موضع مفعوله. والله أعلم.

أعلم وأرى:

"إلى ثلاثة" من المفاعيل "رأى وعلما" المتعديين إلى مفعولين "عدو إذا" دخلت عليهما همزة النقل و"صار أرى وأعلما" لأن هذه الهمزة تدخل على الفعل الثلاثي فيتعدى بها إلى مفعول كان فاعلًا قبل، فيصير متعديًا إن كان لازمًا، نحو جلس زيد وأجلست زيدًا، ويزاد مفعولًا إن كان متعديًا: نحو لبس زيد جبة، وألبست زيدًا جبة،

ــ

الكلام وإلا لم يكن القول حكاية لها وهو كذلك وأما الحكاية به لما لم يتلفظ به قبل وكقول المصنف قال محمد إلخ فعلى طريق المجاز كما مر. واعلم أن الأصل في الحكاية بالقول أن يحكى لفظ الجملة كما سمع وتجوز على المعنى بإجماع، فإذا قال زيد: عمرو منطلق فلك أن تقول: قال زيد عمرو منطلق أو المنطلق عمرو كذا في الهمع. وقال الرضي: فلك أن تقول حكاية عمن قال زيد قائم قال فلان قام زيد وإذا قال زيد: أنا قائم وقلت لعمرو: أنت بخيل فلك أن تقول: قال زيد أنا قائم وقلت لعمرو أنت بخيل رعاية للفظ المحكي وأن تقول: قال زيد هو قائم وقلت لعمرو هو بخيل بالمعنى اعتبار بحال الحكاية فإن زيدا وعمرا فيه غائبان. ا. هـ. وصريح صدر عبارته جواز تغيير الاسمية بالفعلية وهو ما رأيته بخط الشنواني. والظاهر أن العكس كذلك قال في الهمع وتحكى الجملة الملحونة بالمعنى فتقول في قول زيد عمرو قائم بالجر قال زيد عمرو قائم بالرفع وهل تجوز حكايتها باللفظ قولان صح ابن عصفور المنع قال لأنهم إذا جوزوا المعنى في المعربة فينبغي أن يلتزموه في الملحونة. ا. هـ. والوجه عند الجواز إذا كان قصد الحاكي حكاية اللحن. قوله: "في موضع مفعوله" أي المفعول به عند الجمهور والمفعول المطلق النوعي عند غيرهم.

أعلم وأرى:

كذا في نسخ وفي نسخ أخرى أرى وأعلم ووجهت هذه بأن فيها موافقة الترجمة لما بعدها في الترتيب ووجهت الأولى بأن المخالفة ليتعادل كل من أرى وأعلم إذ لا مزية لإحداهما على الأخرى فليست إحداهما تابعة في العمل للأخرى فليست إحدى النسختين أحسن كما زعمه يس وتبعه البعض. وأصل أرى أرأى قلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها ثم حذفت الهمزة بعد نقل حركتها إلى الساكن قبلها. قوله: "رأى" ولو حلمية نحو: {إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلًا وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا} [الأنفال: 43] . قوله: "على الفعل الثلاثي" قيد بذلك لأن غير الثلاثي لا تدخل عليه همزة النقل. قوله: "إن كان متعديا" أي لواحد أو اثنين بقرينة التمثيل. قوله: "وما حقق" قدر المتعلق حقق دون كان أو استقر مثلا لأنه الذي يشعر به قول المصنف

ص: 54

وما لمفعولي علمت مطلقا

للثان والثالث أيضًا حققا

وإن تعديا لواحد بلا

همز فلاثنين به توصلا

ــ

ورأيت الحق غالبًا، وأراني الله الحق غالبًا، وعلمت الصدق نافعًا، وأعلمني الله الصدق نافعًا "وما" حقق "لمفعولي علمت" ورأيت من الأحكام "مطلقًا للثان والثالث" من مفاعيل أعلم وأرى "أيضًا حققا" فيجو حذفهما معًا اختصارًا إجماعًا، وفي حذف أحدهما اختصارًا ما سبق. ويمتنع حذف أحدهما اقتصارًا إجماعًا، وفي حذفهما معًا اقتصارًا الخلف السابق. ويجوز إلغاء العامل بالنسبة إليهما نحو عمرو أعلمت زيدًا قائم ومنه البركة أعلمنا الله مع الأكابر. وقوله:

360-

وأنت أراني الله أمنع عاصم

وأرأف مستكفى وأسمح واهب

وكذلك يعلق بالفعل عنهما نحو: أعلمت زيدًا لعمرو قائم، وأريت خالدًا لبكر منطلق. وأما المفعول الأول فلا يجوز تعليق الفعل عنه ولا إلغاؤه. ويجوز حذفه اختصارًا واقتصارًا "وإن تعديا" أي رأى وعلم "لواحد بلا همز" بأن كانت رأى بصرية وعلم عرفانية

ــ

للثان والثالث أيضا حققا. قوله: "مطلقا" حال من ضمير حقق متعلق قوله بمفعولي أو حققا متعلق قوله للثان والثالث، أو صفة لمفعول مطلق أي تحقيقا مطلقا أي عن التقييد بحكم بخصوصه من الأحكام المتقدمة ويحتمل على جعله مرتبطا بحققا متعلق قوله للثان والثالث أن الإطلاق عن التقييد ببعض الأحوال كبناء أعلم ونحوه للمجهول ردا على من اشترطه لجواز الإلغاء والتعليق في هذا الباب ليكون بمنزلة ظننت لفظا في طلب مفعولين. قوله:"للثان والثالث" أي لأن أصلهما المبتدأ والخبر كمفعولي علمت ورأيت.

قوله: "فيجوز حذفهما معا" أي مع ذكر الأول أو حذفه بل يجوز حذف الثلاثة ولو اقتصارا ففي التصريح أما حذف الثلاثة فالصواب كما قال الناظم جواز مطلقا لحصول الفائدة إذ الاعلام قد يخلو عنه الشخص فلا يكون كحذف مفعولي ظننت وحينئذٍ فالمتن مخصوص بغير الحذف. قوله: "وفي حذف أحدهما اختصارا ما سبق" أي من الخلاف ووجه القول بالمنع ما في حذف أحدهما من الاقتصار على ما هو كجزء الكلمة كما أوضحناه في الباب السابق. قوله: "وفي حذفهما معا إلخ" قال سم قضيته أن المانع هناك مانع هنا وهو غير لازم لحصول الفائدة هنا بذكر الأول بخلافه هناك على أن الفائدة تحصل بدون ذكر الأول أيضا كما علمت مما مر عن ابن مالك. قوله: "وأنت أراني الله إلخ" الأصل أراني الله إياك أمنع عاصم فلما قدم المفعول الثاني أبدل بضمير الرفع وجعل مبتدأ، والعاصم الحافظ. قوله:"مستكفي" بفتح الفاء كما في العيني أي مطلوبا منه الكفاية. قوله: "ويجوز حذفه" أي مع حذفهما أو ذكرهما وكذا مع حذف

360- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 80؛ والدرر 2/ 277؛ وشرح التصريح 1/ 266؛ وشرح شواهد المغني ص679؛ والمقاصد النحوية 2/ 446؛ وهمع الهوامع 1/ 158.

ص: 55

والثان منهما كثاني اثني كسا

فهو به في كل حكم ذو ائتسا

وكأرى السابق نبا أخبرا

حدث أنبأ كذاك خبرا

ــ

"فلاثنين به" أي بالهمز "توصلا" لما عرفت، فتقول: أريت زيدًا الهلال، وأعلمته الخبر "والثان منهما" أي من هذين المفعولين "كثاني اثني" مفعولي "كسا" وبابه من كل فعل يتعدى إلى مفعولين ليس أصلهما المبتدأ والخبر نحو كسوت زيدًا جبة وأعطيته درهمًا "فهو" أي الثاني من هذين المفعولين "به" أي بالثاني من مفعولي باب كسا "في كل حكم ذو ائتسا" أي ذو اقتداء، فيمتنع أن يخبر به عن الأول، ويجوز الاقتصار عليه وعلى الأول ويمتنع الإلغاء. نعم يستثنى من إطلاقه التعليق، فإن أعلم وأرى هذين يعلقان عن الثاني لأن أعلم قلبية وأرى إن كانت بصرية هي ملحقة بالقلبية في ذلك ومن تعليق أرى عن الثاني قوله تعالى:{رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى} [البقرة: 260] ، "وكأرى السابق"

ــ

أحدهما فقط اختصارا على الخلاف. قوله: "فلاثنين به توصلا" اعترض بأن المسموع تعدية علم بمعنى عرف إلى اثنين بالتضعيف نحو: {وَعَلَّمَ آَدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا} [البقرة: 31] ، لا بالهمزة. وأجيب بأن في كلام الشاطبي دلالة على سماع تعديتها بالهمزة إلى اثنين، ولو سلم عدم السماع فالقياس على نحو ألبست زيدا جبة جائز. وتوصلا إما ماض مبني للمجهول أو فعل أمر مؤكد بالنون الخفيفة المنقلبة ألفا للوقف ويرجح هذا وجود الفاء بدون احتياج إلى تقدير قد عقبها بخلاف الأول. قوله:"لما عرفت" أي في أول الباب. قوله: "اثني مفعولي" الإضافة بيانية. قوله: "فهو به إلخ" أتى به دفعا لما قد يتوهم من أن التشبيه في بعض الأحكام فقط لكن لو قال بدل هذا الشطر:

ومن يعلق ههنا فما أسا

لكان أحسن كما ستعرفه. قوله: "في كل حكم ذو ائتسا" منه عدم صحة كونه جملة كالمشبه به وكأن هذا حكمة اقتصار الناظم على الثاني لأنه لو شبه المفعولين لمفعولي كسا لتوهم أنه من تشبيه المجموع بالجميع وأنه في غير امتناع كون الثاني جملة بدليل أن الأول لا يكون جملة قاله سم. قوله: "ويجوز الاقتصار عليه وعلى الأول" ويجوز حذفهما معا كما في التصريح وغيره. قوله: "ويمتنع الإلغاء" تقول زيدا الهلال أريت وزيدا الكتابة أعلمت بالاعمال وجوبا، كما تقول: زيدا درهما أعطيت. وإنما امتنع الإلغاء لامتناع الأخبار بالثاني عن الأول. قوله: "ومن تعليق أرى عن الثاني" أي بناء على أن الرؤية هنا بصرية وهو الظاهر، وقيل علمية فلا شاهد فيها لما نحن بصدده وفي التمثيل بالآية لتعليق الفعل بحث لاحتمال أن تكون كيف بمعنى الكيفية لأن كيف تستعمل اسما معربا مجردا عن الاستفهام بمعنى كيفية كما قيل به في قوله تعالى:{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ} [الفجر: 6] ، ويكون مضافا إلى الفعل بعده بتأويله بالمصدر كما في يوم ينفع فالمعنى أرني كيفية إحيائك الموتى، فظهر أن أرني كيفية إحيائك تفسير لكيف برديفه لا تأويله بالمصدر وإن سبك جملة تحيي بإحياء لكونها مضافا إليها أفاده الروداني وتقرير

ص: 56

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

المتعدي إلى ثلاثة مفاعيل فيما عرفت من الأحكام "نبا" وأخبرا" و "حدث" و"أنبأ" و"كذاك خبرا" لتضمنها معناه كقوله:

361-

نبت زرعة والشفاهة كاسمها

يهدي إلي غرائب الأشعار

وكقوله:

362-

وما عليك إذا أخبرتني دنفا

وغاب بعلك يومًا أن تعوديني

ــ

المصرح وتبعه غير واحد كالبعض البحث بأن جملة كيف تحيي الموتى يحتمل كونها في تأويل مصدر مفعول أرني أي أرني كيفية إحيائك الموتى كما قال الكوفيون وابن مالك في قوله تعالى: {وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ} [ابراهيم: 45] ، أن التقدير كيفية فعلنا بهم فليست الآية من باب التعليق يرد عليه أن الكيفية ليست مصدرا.

قوله: "نبا وأخبرا إلخ" قال شيخ الإسلام اعلم أن نبأ وأنبأ وحدث وأخبر وخبر لم تقع تعديتها إلى ثلاثة مفاعيل في كلام العرب إلا وهي مبنية للمفعول. ا. هـ. وقد وقع في القرآن تعدية نبأ مبنية للفاعل إليها واحد صريح واثنين سد مسدهما أن المكسورة المعلقة باللام ومعمولاها في قوله تعالى: {يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ} [سبأ: 7] ، الآية، إلا أن يقال مراد شيخ الإسلام ثلاثة مفاعيل صريحة، وفي الدماميني من ألحق هذه الأفعال بأعلم ليس قائلا بأن الهمزة والتضعيف فيها للنقل إذ لم يثبت في لسانهم ما ينقل عنه ما ذكر وإنما هو من باب التضمين أي تضمينها معنى أعلم، وفي قول الشارح لتضمنها معناه إشارة إلى ذلك، وفي التصريح عن الناظم أن أولى من اعتبار التضمين حمل الثاني منها على نزع الخافض والثالث على الحال وعندي فيه نظر إذ الحال قيد في عاملها على معنى في فيكون التقدير أخبرت زيدا بعمرو في حال كونه قائما فيعطى الكلام تقييد الأخبار بحال قيام عمرو ولا يعطى ما المخبر به من أحوال عمرو مع أن هذا هو المطلوب دون ذاك وانظر ما المانع من كون الهمزة والتضعيف للنقل عن فعل مقدر فإن له نظائر كثيرة فاعرفه. قوله:"نبئت زرعة إلخ" التاء نائب فاعل وهي المفعول الأول وزرعة مفعول ثان وجملة يهدي إلى إلخ مفعول ثالث وجملة والسفاهة كاسمها أي قبيحة اعتراضية عرض الشاعر فيها بذم زرعة الذي كان يسفه عليه في أشعاره. قوله: "وما عليك إلخ" ما للاستفهام الإنكاري أي أي شيء عليك وقوله أن تعوديني أي في أن تعوديني متعلق بما تعلق به عليك. وقول البعض أن

361- البيت من الكامل، وهو للنابغة الذبياني في ديوانه ص54؛ وتخليص الشواهد ص467؛ وخزانة الأدب 6/ 315، 333، 334؛ وشرح التصريح 1/ 265؛ والمقاصد النحوية 2/ 439؛ وبلا نسبة في شرح ابن عقيل ص222؛ وشرح عمدة الحافظ ص252.

362-

البيت من البسيط، وهو لرجل من بني كلاب في الدرر 2/ 279؛ وشرح التصريح 1/ 265؛ والمقاصد النحوية 2/ 443؛ وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص468؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1423؛ وشرح ابن عقيل ص223.

ص: 57

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وكقوله:

363-

أو منعتم ما تسألون فمن حد

دثتموه له علينا الولاء؟

وكقوله:

364-

وأنبئت قيسًا ولم أبله

كما زعموا خير أهل اليمن

وكقوله:

365-

وخبرت سوداء الغميم مريضة

فأقبلت من أهلي بمصر أعودها

تنبيه: دخول همزة النقل وصوغ الفعل للمفعول متقابلان بالنسبة إلى ما ينشأ عنهما، فدخول الهمزة على الفعل يجعله متعديًا إلى مفعول لم يكن متعديًا إليه بدونها، وصوغه للمفعول يجعله قاصرًا عن مفعول كان متعديًا إليه قبل الصوغ، فالذي لا يتعدى إن دخلته همزة النقل تعدى إلى واحد، والمتعدي إلى ثلاثة إذا صغته للمفعول صار متعديًا إلى اثنين، وذو الاثنين يصير متعديًا إلى واحد، وذو الواحد يصير غير متعد، فإن كان المصوغ

ــ

تعوديني مفعول لعليك فاسد. قوله: "ما تسألون" بالبناء للمجهول كما قاله شيخنا. قوله: "ولم أبله" أي أجر به كما زعموا أي بلوا كالبلو الذي زعموه. قوله: "سوداء الغميم" سوداء لقب امرأة كانت تنزل بموضع من بلاد غطفان يسمى الغميم بفتح الغين المعجمة واسمها ليلى. وقوله بمصر صفة لأهلي أي الكائنين بمصر وجملة أعودها حال من تاء فأقبلت. قوله: "فالذي لا يتعدى إلخ" تفريع على قوله فدخول الهمزة إلخ ولم يقل والذي يتعدى إلى واحد إن دخلته همزة النقل تعدى إلى اثنين والذي يتعدى إلى اثنين إن دخلته همزة النقل تعدى إلى ثلاثة لتقدم ذلك أول الباب

363- البيت من الخفيف، وهو للحارث بن حلزة في ديوانه ص27؛ وتخليص الشواهد ص468؛ والدرر 2/ 280؛ وشرح التصريح 1/ 265؛ وشرح القصائد السبع ص469؛ وشرح القصائد العشر ص387؛ وشرح المعلقات السبع ص225؛ وشرح المعلقات العشر ص122؛ وشرح المفصل 7/ 66؛ والمعاني الكبير 2/ 1011؛ والمقاصد النحوية 2/ 445؛ وبلا نسبة في تذكرة النحاة ص686؛ وشرح ابن عقيل ص223؛ وشرح عمدة الحافظ ص253؛ وهمع الهوامع 1/ 159.

364-

البيت من المتقارب، وهو للأعشى في ديوانه ص75؛ وتخليص الشواهد ص467؛ والدرر 2/ 278؛ وشرح التصريح 1/ 265؛ ومجالس ثعلب 2/ 414؛ والمقاصد النحوية 2/ 440؛ وبلا نسبة في شرح ابن عقيل ص234؛ وشرح عمدة الحافظ ص251؛ وهمع الهوامع 1/ 159.

365-

البيت من الطويل، وهو للعوام بن عقبة "أو عتبة" في الدرر 2/ 278؛ وشرح التصريح 1/ 265؛ والمقاصد النحوية 2/ 442؛ وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص467؛ وخزانة الأدب 11/ 369؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1414؛ وشرح ابن عقيل ص335؛ وشرح عمدة الحافظ ص252؛ وهمع الهوامع 1/ 159.

ص: 58