الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التنازع في العمل:
إن عاملان اقتضيا في اسم عمل
…
قبل فللواحد منهما العمل
417- كما عسل الطريق الثعلب
أي من الطرق. وليس انتصابهما على الظرفية، خلافًا للفارسي في الأول، وابن الطراوة في الثاني لعدم الإبهام. والله أعلم.
التنازع في العمل:
"إن عاملان" فأكثر "اقتصيا" أي طلبا "في اسم عمل" متفقًا أو مختلفًا "قبل" أي
ــ
"كما عسل الطريق الثعلب" قال الفارضي في إسناد العسلان إلى الثعلب تجوز لاختصاصه بالذئب نص عليه السيوطي في المزهر. قوله: "لعدم الإبهام" أي الذي هو شرط في نصب اسم المكان على الظرفية كما سيأتي وإنما كان الإبهام معدوما لأن المرصد بالمكان الذي يرصد فيه والطريق اسم للمكان المستطرق. قاله في المغني.
التنازع في العمل:
التنازع لغة التجاذب واصطلاحا أن يتقدم عاملان على معمول كل منهما طالب له من جهة المعنى. غزي. قوله: "إن عاملان" أي مذكوران كما صرح به في التصريح فلا تنازع بين محذوفين نحو زيدا في جواب من ضربت وأكرمت ووجه الروداني كون زيدا في المثال ليس من التنازع بأن الجواب على سنن السؤال، وضربت وأكرمت لم يتنازعا من لتقدمها بل عمل فيها الأول وعمل الثاني في ضميرها محذوفا فهو مثل ضربت زيدا وأكرمت زيدا ولا تنازع في ذلك فحينئذٍ يكون الجواب كالسؤال التقدير ضربت زيدا وأكرمت زيدا فذكر مفعول أحد العاملين المقدرين وحذف مفعول الآخر من باب دلالة الأوائل على الأواخر أو العكس لا من باب التنازع فاعرفه ولا بين محذوف ومذكور كقولك في جواب هذا السؤال أكرمت زيدا، ولا بد أن يكون بين العاملين ارتباط بالعاطف مطلقا قال في المغني أو عمل أولهما في ثانيهما نحو:{وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَدًا} [الجن: 7] . ا. هـ. وفيه تسمح لا يخفى أو كون ثانيهما جوابا للأول جواب السؤال أو الشرط نحو: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} [النساء: 176]، {آَتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا} [الكهف: 96] ، أو نحو ذلك من أوجه الارتباط كما في المغني فلا يجوز قام قعد أخوك. قوله:"اقتضيا" أي وجوبا على ما ذهب إليه جماعة من أنه يشترط في التنازع وجوب توجه العاملين فلا تنازع في نحو: {وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا} [الجن: 4] ، لاحتمال عمل كان في ضمير الشأن فلا تكون متوجهة إلى سفيهنا ولم يشترط ذلك آخرون فجوزوا التنازع في المثال على تقدير عدم عملها في ضمير الشأن وهذا هو الأظهر وإن استظهر الدماميني الأول. نعم لا تنازع في قام أظن زيد. لا على الأول لعدم وجوب التوجه
_________
417-
راجع التخريج رقم 413.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
حال كونهما قبل ذلك الاسم "فللواحد منهما العمل" اتفاقا والاحتراز بكونهما مقتضيين للعمل من نحو:
418-
أتاك أتاك اللاحقون
إذ الثاني توكيد، وإلا فسد اللفظ إذ حقه حينئذ أن يقول أتاك أتوك أو أتوك أتاك، ومن نحو:
ــ
لاحتمال أن تكون أظن ملغاة فلا توجه لها إلى زيد، ولا على الثاني لأنها إذا لم تقدر ملغاة وقدرت متوجهة إليه تعين إعمالها في ضميره وليس هناك ضمير أفاده الدماميني.
قوله: "في اسم" أي ظاهر أو ضمير منفصل مرفوع أو منصوب أو متصل مجرور نحو زيد إنما قام وقعد هو، ونحو ما ضربت وأكرمت إلا إياك، ونحو وثقت وتقويت بك على خلاف في الأخيرين. وفي اسم متعلق بعمل قدم عليه مع أنه مصدر للضرورة هذا ما قال الشيخ خالد أنه الظاهر خلافا لقول المكودي متعلق باقتضيا. قوله:"اتفاقا" أي ممن لا يجوز عمل العاملين معا فلا يرد عليه أن الفراء يقول بعملهما معا إذا اتفقا في طلب المرفوع كما سيأتي. قوله: "أتاك أتاك اللاحقون" بفتح الكاف بقرينة تمام الشطر وهو احبس احبس لأن كتابتهما بلا ياء نص في أنهما خطاب لمذكر فيكون ما قبلهما كذلك ومفعول احبس محذوف احبس نفسك كما قاله العيني. قوله: "إذ الثاني توكيد" أي فهو بمنزلة حرف زيد للتوكيد فلا فاعل له أصلا قال المرادي في شرح التسهيل. ويحتمل قوله أتاك أتاك أن يكون من التنازع ويكون قد أضمر مفردا كما حكى سيبويه ضربني وضربت قومك بالنصب أي ضربني من ثمت، وقد أجاز أبو علي التنازع في قوله:
فهيهات هيهات العقيق وأهله
قال ارتفع العقيق بهيهات الثانية وأضمرت في الأولى أو بالأولى وأضمرت في الثانية. وأجاز ابن أبي الربيع في نحو قام قام زيد أن يكون زيد فاعلا بالثاني وأضمر في الأول وأن يكون فاعلا بالأول والثاني توكيد لا فاعل له، وأجاز المصنف فيه أن ينسب العمل لهما لكونهما شيئا واحدا في اللفظ والمعنى فكأن العامل واحد. ا. هـ. مع زيادة من الدماميني.
قوله: "وإلا فسد اللفظ" أي من جهة الصناعة النحوية. قوله: "وإلا فسد المعنى" أي المعنى المراد إذ المعنى المراد كفاني إلخ ومعنى فساده إفادة الكلام خلافه فاندفع ما قيل تعليله لا ينتج مدعاه من فساد المعنى وعلل بعضهم الفساد بلزوم التناقض لأنه على التنازع يكون ولم
418- البيت بتمامه:
فأين إلى أن النجاة ببغلة
…
أتاك أتاك اللاحقون احبس احبس
وهو من الطويل، وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر 7/ 267؛ وأوضح المسالك 2/ 194؛ وخزانة الأدب 5/ 158؛ والخصائص 3/ 103، 109؛ والدرر 5/ 323، 6/ 44؛ وشرح ابن عقيل ص487؛ وشرح قطر الندى ص290؛ والمقاصد النحوية 3/ 9؛ وهمع الهوامع 2/ 111، 125.
والثان أولى عند أهل البصرة
…
واختار عكسًا غيرهم ذا أسره
419- كفاني ولم أطلب قليل من المال
فإن الثاني لم يطلب قليل، وإلا فسد المعنى إذ المراد كفاني قليل من المال ولم أطلب الملك، وبكونهما قبل من نحو زيد قام وقعد لأن كل واحد منهما أخذ مطلوبه أعني ضمير الاسم السابق فلا تنازع هكذا مثل الناظم وغيره وعللوا؛ وفي كل من المثال والتعليل نظر: أما المثال فظاهر، وأما التعليل فلقصور العلة لأن ذلك يقتضي أن لا يمتنع
ــ
أطلب معطوفا على كفاني ليحصل الربط المعتبر هنا فيلزم كونه مثبتا لطلب القليل لوقوع النفي في حيز لو المفيدة امتناع جوابها وما عطف عليه لامتناع شرطها ونفي النفي إثبات والحال أنه نفاه أولا بقوله:
ولو أن ما أسعى لأدنى معيشة
لاقتضاء لو النفي كما عرف والسعي لأدنى معيشة هو نفس طلب القليل أو مستلزم له فعلم من ذلك أن تجويز بعض النحاة كون البيت من التنازع إذا جعلت الواو استئنافية غير مسلم لفوات الربظ المعتبر هنا إذا جعلت الواو استئنافية أفاده الفارضي وصاحب المغني. وقال الكوفيون والفارسي إن البيت من التنازع وإعمال الأول ووجهه جماعة منهم ابن الحاجب بأنه على تقدير الواو للحال وعليه الارتباط حاصل بلا تناقض فإنك لو قلت دعوته أجابني غير متوان أفادت لو انتفاء الدعاء والإجابة دون انتفاء عدم التواني حتى يلزم إثبات التواني ونظر فيه في المغني بما نوقش فيه نعم يرد أن النفي إذا دخل على كلام مقيد توجه إلى تقييده إلا أن يقال هذا أغلبي ولعل الشارح لاحظ ما ذكر فعلل عدم التنازع بمخالفة المراد دون التناقض. قوله: "ولم أطلب الملك" يدل على هذا المحذوف قوله:
ولكنما أسعى لمجد مؤثل
…
وقد يدرك المجد المؤثل أمثالي
هذا ولا يخفى أن ما ذكره الشارح في توجيه البيت إنما يخرجه عن فساد المعنى وأما فساد اللفظ فباق لما فيه من العطف قبل استكمال المعطوف عليه إلا أن يجوز ذلك في الشعر قاله يس. قوله: "أما المثال فظاهر" لأن كلا من الفعلين لم يطلب الاسم لأن يعمل فيه لأن الفعل لا يطلب الاسم المتقدم عليه بل ضميره فالمثال خارج بقوله اقتضينا في اسم عمل. قوله: "فلقصور
_________
419-
صدره:
فلو أن ما أسعى لأدنى معيشة
والبيت من الطويل وهو لامرئ القيس في ديوانه ص39؛ والإنصاف 1/ 84؛ وتذكرة النحاة ص339؛ وخزانة الأدب 1/ 327، 462؛ والدرر 5/ 322؛ وشرح شذور الذهب ص296؛ وشرح شواهد المغني 1/ 342، 2/ 642؛ وشرح قطر الندى ص199؛ والكتاب 1/ 79؛ والمقاصد النحوية 3/ 35؛ وهمع الهوامع 2/ 110؛ وبلا نسبة في شرح شواهد المغني 2/ 880؛ ومغني اللبيب 1/ 256؛ والمقتضب 4/ 76؛ والمقرب 1/ 161.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تقديم مطلوبهما إذا طلبا نصبًا وعاملان في كلامه رفع بفعل مضمر يفسره اقتضيا، وعمل مفعول به وقف عليه بالسكون على لغة ربيعة.
تنبيهات: الأول مراده بالعاملين فعلان متصرفان، أو اسمان يشبهانهما، أو اسم وفعل كذلك: فالأول نحو: {آَتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا} [الكهف: 96]، والثاني كقوله:
420-
عهدت مغيثا من أجرته
والثالث نحو: {هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ} [الحاقة: 19] وقوله:
ــ
العلة" أي إفهامها ما لا يصح. وقوله أن لا يمتنع تقديم مطلوبهما أي على سبيل التنازع إذا طلبا نصبا كما في زيدا ضربت وأكرمت أي لعدم أخذ كل منهما مطلوبه يعني والحال أنه ممتنع على وجه التنازع لأخذ الأول المعمول بمجرد وقوعه عقبه فلا يكون للثاني طلبه كما قاله بعضهم، أو لأنه يلزم عليه تقدم ما في حيز حرف العطف عليه وهو ممتنع في غير الهمزة من نحو أفلم يسيروا كما قاله الدماميني فخرّج المثال على أن زيدا إنما طلبه أول العاملين وأما الثاني فطالب لضميره لكن حذف لكونه فضلة يجوز ذكره وحذفه وذهب جماعة منهم الرضي كما هو صريح عبارته لا ظاهرها وإن زعمه البعض إلى جواز التنازع في المتقدم المنصوب وأجازه الفارسي في المتوسط نحو شربت زيدا وأكرمت ودعوى البعض أن ثم قولا بجواز التنازع في المتقدم ولو مرفوعا مع كونها في غاية البعد تحتاج إلى سند فإن كان سنده فيها عبارة التوضيح لإيهامها ما ذكره قلنا من تأمل كلام شارحه علم أن الخلاف في المنصوب والله أعلم. قوله: "وعمل مفعول به" أي للفعل المقدر. قوله: "يشبهانهما" أي في العمل لا في التصرف بدليل التمثيل بهاؤم اقرأوا وقول الشاعر:
لقيت ولم أنكل عن الضرب مسمعا
وفي شرح التوضيح للشارح المراد بالاسم المشبه للفعل اسم الفاعل واسم المفعول واسم الفعل والمصدر. ا. هـ. ويظهر أن اسم المصدر كالمصدر. قوله: "أو اسم وفعل كذلك" أي اسم يشبه الفعل وفعل متصرف. قوله: "نحو آتوني أفرغ عليه قطرا" فأعمل الثاني ونوى الضمير في الأول وإنما حذفه لكونه فضلة يجب حذفه عند إهمال الأول كما سيأتي. قوله: "عهدت" بالبناء للمجهول وتاء الخطاب. قوله: "هاؤم اقرأوا كتابيه" هاء اسم فعل بمعنى خذ والميم علامة الجمع والأصل هاكم أبدلت الكاف واوا ثم الواو همزة وفي إعراب القرآن للسمين زعم القتيبي
420- عجز:
فلم اتخذ إلا فناءك موئلا
والبيت من الطويل، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 189؛ وتخليص الشواهد ص513؛ وشرح التصريح 1/ 316؛ والمقاصد النحوية 3/ 2.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
421-
لقيت ولم أنكل عن الضرب مسمعا
ولا تنازع بين حرفين، ولا بين حرف وغيره، ولا بين جامدين، ولا جامد وغيره. وعن المبرد إجازته في فعلي التعجب نحو: ما أحسن وأجمل زيدًا، وأحسن به وأجمل
ــ
أن الهمزة بدل من الكاف فإن عنى أنها تحل محلها فصحيح وإن عنى البدل الصناعي فليس بصحيح. ا. هـ. قوله: "ولم أنكل" أي أعجز وبابه دخل وطرب مسمعا بكسر الميم الأولى اسم رجل. قوله: "ولا تنازع بين حرفين" لضعف الحرف ولفقد شرط صحة الإضمار في المتنازعين إذ الحروف لا يضمر فيها وعندي فيه نظر لأن المراد بالإضمار في هذا الباب ما يشمل اعتبار الضمير ولو مع حذفه كما في ضربت وضربني زيد وهذا يتأتى في الحروف كما في: {عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى} [المزمل: 20] ، وقد نقل الدماميني عن شرح المفصل لابن الحاجب ما نصه وقالوا في لعل وعسى زيد أن يخرج أنه على إعمال الثاني لصحة عسى زيد أن يخرج وذلك يستلزم حذف معمولي لعل للقرينة. وقالوا لو أعمل الأول لقيل لعل وعسى زيدا خارج وليس بواضح إذ لا يقال عسى زيد خارجا وهذا أيضا يستلزم حذف منصوب عسى. ا. هـ. قال الدماميني وانظر من الذي قال هذا من النحاة فإن المعروف من كلامهم كون العاملين من الفعل وشبهه وكيف وجب إذا أعمل الأول أن يقال خارج مع أن خبر لعل يقترن بأن كثيرا، وانظر أيضا أي محذور يلزم في حذف منصوب عسى وقد قال الشاعر:
يا أبتا علك أو عساكا
وقد وقع في المسائل الدمشقيات الدائرة بين أبي علي الفارسي وأبي الفتح بن جني ما قد يشهد لأن التنازع قد يقع في الحروف. ا. هـ. قال يس وأما فإن لم تفعلوا فالعامل لم، ولم والفعل في محل جزم بأن. قوله:"ولا بين جامدين" أي فعلين جامدين. وقوله ولا جامد أي فعل جامد فلا يرد هاؤم اقرءوا كتابيه ولا البيت. قال الروداني ينبغي تقييده بما إذا تقدم الجامد لأنه حينئذٍ يلزم الفصل بين الجامد ومعموله أما لو تأخر فلا مانع إذ لا فصل سواء أعملت الأول أو الثاني نحو أعجبني ولست مثل زيد. قوله: "وعن المبرد إجازته في فعلي التعجب" أي سواء أعملت الثاني أو الأول ويغتفر الفصل بين فعل التعجب ومعموله لامتزاج الجملتين بحرف العطف واتحاد ما يقتضي العاملان، ورجح هذا القول الرضي. همع. قوله:"نحو ما أحسن إلخ" هذا في إعمال
421- صدره:
لقد علمت أولى المغيرة أنني
والبيت من الطويل، وهو للمرار الأسدي في ديوانه ص464؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 60؛ والكتاب 1/ 193؛ وللمرار الأسدي أو لزغبة بن مالك في شرح شواهد الإيضاح ص136؛ وشرح المفصل 6/ 64؛ والمقاصد النحوية 3/ 40، 501؛ ولمالك بن زغبة في خزانة الأدب 8/ 128، 129؛ والدرر 5/ 255؛ وبلا نسبة في شرح ابن عقيل ص412؛ واللمع ص217؛ والمقتضب 1/ 14؛ وهمع الهوامع 2/ 93.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بعمرو، واختاره في التسهيل. الثاني قد يكون التنازع بين أكثر من عاملين. وقد يتعدد المتنازع فيه من ذلك قوله عليه الصلاة والسلام:"تسبحون وتحمدون وتكبرون دبر كل صلاة ثلاثًا وثلاثين" وقول الشاعر:
422-
طلبت فلم أدرك بوجهي فليتني
…
قعدت ولم أبغ الندى عند سائب
الثالث اشترط في التسهيل في المتنازع فيه أن يكون غير سببي مرفوع فنحو زيد قام وقعد أخوه. وقوله:
423-
وعزة ممطول معنى غريمها
ــ
الثاني وتقول على إعمال الأول ما أحسن وأجمله زيدا وأحسن وأجمل به بعمرو، وإنما جيء على إعمال الثاني مع الأول المهمل بالضمير المجرور بالباء بناء على الصحيح أنه عمدة لأنه فاعل ويجب تركه عند القائلين أنه فضلة. قوله:"واختاره في التسهيل" شرط في شرحه للجواز إعمال الثاني تخلصا من الفصل المذكور. دماميني.
قوله: "من ذلك" أي ما تعدد فيه المتنازع وهي الأفعال الثلاثة والمتنازع فيه وهو الظرف أعني دبر والمفعول المطلق أعني ثلاثا وثلاثين وأعمل الأخير إذ لو أعمل الأول لأضمر عقب الثاني والثالث فيه إياها ولو أعمل الثاني لأضمر ذلك عقب الثالث وقد يدعى أنه أعمل غير الأخير بناء على جواز حذف الفضلة مطلقا كما اختاره في التسهيل قاله سم. قوله: "طلبت إلخ" المتنازع طلبت وأدرك وأبغ والمتنازع فيه الندى وعند. قوله: "أن يكون غير سببي مرفوع" أي للزوم إسناد أحدهما إلى السببي والآخر إلى ضميره فيلزم خلو رافع ضمير السببي من رابطه بالمبتدأ. واعترض بأنه يكفي في الربط رفعه لضمير السببي المضاف إلى ضمير المبتدأ كما اكتفى المصنف تبعا للأخفش والكسائي بضمير الأزواج المرتبطات بالمبتدأ في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ} [البقرة: 234] ، أي أزواجهم وبأن الفساد المتقدم حاصل في نحو قولك زيد ضربت وأهنت أخاه، مع أن المتنازع فيه سببي منصوب ولا فساد في نحو قولك زيد أكرمه وأحسن إليه أخوه مع أن المتنازع فيه سببي مرفوع فلا معنى لتقييد المنع بالمرفوع والجواز بالمنصوب بل مدار الجواز على وجود ضمير المبتدأ مع كل من العاملين سواء كان السببي مرفوعا أو منصوبا ومدار المنع على عدم وجوده مع كل منهما مرفوعا كان السببي أو منصوبا وكوجود ضمير المبتدأ مع كل العطف بالفاء نحو زيد يقوم فيقعد أبوه.
قوله: "مبتدأ" أي ثان وقوله والعاملان أي مع ضميريهما لأن الخبر المجموع لا العامل
422- البيت من الطويل، وهو للحماسي في حاشية يس على التصريح 1/ 316؛ وبلا نسبة الأشباه والنظائر 7/ 270.
423-
صدره:
قضى كل ذي دين فوفى غريمه
=
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
محمول على أن السببي مبتدأ، والعاملان قبله خبران عنه أو غير ذلك مما يمكن بخلاف السببي المنصوب كما مر، ولم يذكر هذا الشرط أكثر النحويين، وأجاز بعضهم في البيت التنازع "والثان" من المتنازعين "أولى" بالعمل من الأول "عند أهل البصرة" لقربه "واختار عكسًا" من هذا وهو أن الأول أولى لسبقه "غيرهم ذا أسره" أي غير البصريين وهم الكوفيون، مع اتفاق الفريقين على جواز إعمال كل منهما.
ــ
وحده أي والجملة في المثال خبر المبتدأ الأول ويلزم على هذا الإعراب بالنسبة إلى المثال أي زيد إلخ تقدم الخبر الفعلي على المبتدأ والجمهور على منعه وقول البعض يلزم عليه تقديم معمول الخبر الفعلي سهو. قوله: "أو غير ذلك" عطف على أن السببي، ومن الغير كون ممطول خبرا ومعنى حال من غريمها وغريمها نائب فاعل ممطول. قوله:"بخلاف السببي المنصوب" نحو زيد ضربت وأكرمت أخاه ومنع الشاطبي التنازع فيه وعلله بأنك إذا أعملت الأول فلا بد من ضمير يعود على السببي وضمير السببي لا يتقدم عندهم عليه ولهذا قال في التصريح الوجه امتناع التنازع في السببي مطلقا. قوله: "كما مر" كان الأولى حذفه لأنه لم يتقدم له تمثيل السببي المنصوب. قوله: "والثان من المتنازعين أولى بالعمل من الأول عند أهل البصرة لقربه" قال يس ولو كان أضعف من الأول في العمل. ا. هـ. ثم كل مما قبله أولى من سابقه كما قاله سم للعلة المذكورة وعللت أيضا أولوية الثاني بسلامته من العطف قبل تمام المعطوف عليه ومن الفصل بين العامل والمعمول بأجنبي وإن اغتفر ذلك هنا للضرورة. قوله: "وهو أن الأول أولى لسبقه" ثم كل مما يليه أولى من لاحقه للعلة المذكورة وهناك قول ثالث هما سواء، ومحل الخلاف ما لم يوجد مرجح لأحدهما ففي بل نحو ضربت بل أكرمت عمرا يجب إعمال الثاني وبالعكس في لا نحو ضربت لا أكرمت زيدا نقله في النكت عن صاحب البسيط واستحسنه وعللت أيضا أولوية الأول بسلامته من عود الضمير على متأخر لفظا ورتبة إن أعمل الثاني وأضمر في الأول ضمير الرفع كما هو رأي البصريين، أو حذف الضمير من الأول إن أعمل الثاني وحذف من الأول ضمير الرفع كما هو رأي الكسائي. أو عمل العاملين في معمول واحد إن اتفق العاملان في طلب المرفوع، وتأخير ضمير الأول إن اختلفا كما هو رأي الفراء كما سيأتي في الشرح.
قوله: "ذا أسره" ضبطه الشيخ خالد بفتح الهمزة وفسره الغزي بالجماعة القوية، لكن في القاموس الأسرة بالضم الدرع الحصينة، ومن الرجل الرهط الأدنون. قوله: "على جواز إعمال كل
ــ
= والبيت من الطويل، وهو لكثير عزة في ديوانه ص143؛ وخزانة الأدب 5/ 223؛ والدرر 5/ 326؛ وشرح التصريح 1/ 318؛ وشرح شواهد الإيضاح ص90؛ وشرح المفصل 1/ 8؛ والمقاصد النحوية 3/ 3؛ وهمع الهوامع 2/ 111؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 5/ 282، 7/ 255؛ والإنصاف 1/ 90؛ وأوضح المسالك 2/ 195؛ وشرح شذور الذهب ص541؛ ولسان العرب 14/ 334 "ركا"؛ ومغني اللبيب 2/ 417.
وأعمل المهمل في ضمير ما
…
تنازعاه والتزم ما التزما
كيخسنان ويسيء ابناكا
…
وقد بغى واعتديا عبداكا
ــ
تنبيه: سكتوا عن الأوسط عند تنازع الثلاثة، وحكى بعضهم الإجماع على جواز إعمال كل منها. ومن إعمال الأول قوله:
424-
كساك ولم تستكسه فاشكرن له
…
أخ لك يعطيك الجزيل وناصر
ومن إعمال الثالث قوله:
425-
جئ ثم حالف وقف بالقوم إنهم
…
لمن أجاروا ذوو عز بلا هون
"وأعمل المهمل" منها وهو الذي لم يتسلط على الاسم الظاهر مع توجهه إليه في المعنى "في ضمير ما تنازعاه والتزم" في ذلك "ما التزما" من مطابقة الضمير للظاهر ومن امتناع حذف هذا الضمير حيث كان عمدة. وسواء في ذلك كان الأول هو المهمل "كيحسنان ويسيء ابناكا" أم الثاني "و" ذلك نحو "قد بغى واعتديا عبداكا" وهذا المثال الثاني متفق على جوازه، والأول منعه الكوفيون لأنهم يمنعون الإضمار قبل الذكر في هذا
ــ
منهما" أي إذا لم يستلزم إعمال الثاني أن يضمر في الأول ضمير رفع فإن الكوفيين يمنعونه كما سيأتي فلا منافاة بين ما هنا وبين ما يأتي فلا تغفل. قوله: "ومن إعمال الأول" أي بدليل الإضمار في الثاني والثالث. قوله: "ومن إعمال الثالث" أي بدليل تعدية الثالث بالحرف وحذف الضمير من الأولين ولم يمثل لاعمال الثاني لأنه لم يحفظ إعماله في كلام العرب كما قاله المرادي. قوله: "في ذلك" أي في حال إعمال المهمل في الضمير. قوله: "من مطابقة الضمير للظاهر" في التسهيل أن هذه المطابقة أغلبية لإجازة سيبويه ضربني وضربت قومك بالنصب أي ضربني من ذكر، وسيذكره الشارح لكن صرح الدماميني نقلا عن سيبويه بقبحه فيكون المراد التزام ذلك في الفصيح ومحل المطابقة ما لم يستوفيه المذكر والمؤنث وإلا أضمر مفردا مذكرا لا غير نحو أجريح وقتيل هذا أو الزيدان أو الزيدون. قوله: "كيحسنان إلخ" المثالان من تنازع الوصفين قولك أقائم هما وذاهب الزيدان، وأقائم وذاهب هما الزيدان، وأقائم أنتما، وذاهب أنتما وأقائم وذاهب أنتما أنتما، فأنتما الأول في المثال الأخير مضمر الثاني المهمل وأنتما الثان فاعل الأول المعمل وبعكسه المثال قبله كذا يؤخذ من الدماميني على المغني. قوله: "وهذا المثال الثاني متفق على جوازه" قال شيخنا هذا ينافي ما سيأتي عن الفراء من إعمالهما معافى الظاهر عند اتفاقهما في طلب المرفوع. ا. هـ. ويجاب بما قدمناه من أن المراد اتفاق من لا يجوز عمل العاملين معا فتدبر.
قوله: "والأول منعه الكوفيون" أي من حيث اشتماله على إضمار ضمير الرفع في الأول
424- البيت من الطويل، وهو لأبي الأسود الدؤلي في ديوانه ص166، 309؛ وإنباه الرواة 1/ 58؛ ودرة الغواص ص157؛ وحماسة البحتري ص149؛ وسمط اللآلي ص166؛ وشرح التصريح 1/ 316.
425-
البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في تذكرة النحاة ص338.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الباب فذهب الكسائي ومن وافقه إلى وجوب حذف الضمير من الأول والحالة هذه للدلالة عليه تمسكًا بظاهر قوله:
426-
تعفق بالأرطى لها وأرادها
…
رجال فبذت نبلهم وكليب
وقال الفراء: إن اتفق العاملان في طلب المرفوع فالعمل لهما ولا إضمار، نحو يحسن ويسيء ابناكا، وإن اختلفا أضمرته مؤخرًا نحو ضربني وضربت زيدًا هو. والمعتمد ما عليه
ــ
قبل الذكر لا من حيث اشتماله على إعمال الثاني بدليل كلامه بعد، فلا ينافي هذا قوله سابقا مع اتفاق الفريقين على جواز إعمال كل منهما. قوله:"قبل الذكر" أي لفظا ورتبة. قوله: "فذهب الكسائي إلخ" تفصيل لمحذوف أي واختلفوا في كيفية إعمال الثاني مع طلب الأول الرفع. قيل ما وقع فيه أشنع مما فر منه لأن حذف الفاعل أشنع من الإضمار قبل الذكر وهذا هو المشهور عنه وفي شرح الإيضاح ما حكي عن الكسائي من أنه يحذف الفاعل في نحو ضربني وضربت الزيدين باطل بل هو عنده مستتر في الفعل مفرد في الأحوال كلها قاله يس. قوله: "تمسكا بظاهر قوله تعفق" أي استتر. وضبطه الشارح في شرحه على التوضيح بالغين المعجمة، وفي التصريح أنه بالعين المهملة بالأرطى شجر، لها أي للبقرة الوحشية، فبذت بتشديد الذال المعجمة أي غلبت، والنبل السهام، وكليب جمع كلب كعبيد جمع عبد، ووجه التمسك به أنه لم يضمر في واحد من تعفق وأراد فلم يقل تعفقوا على إعمال الثاني ولا أرادوها على إعمال الأول وإنما قال بظاهر لإمكان تأويله بما سيأتي في الشرح. قوله:"في طلب المرفوع" الظاهر أن مثله اتفاقهما في طلب المنصوب ويرشد إليه عبارة الهمع ونصها وقال الفراء كلاهما يعملان فيه إن اتفقا في الإعراب المطلوب.
قوله: "فالعمل لهما" أورد عليه أن العوامل كالمؤثرات فلا يجوز اجتماع عاملين على معمول واحد إلا أن يريد أن العمل لمجموعهما كما في زيد وعمرو قائمان وفيه نظر للفرق بأن كلا من الفعلين يستقل برفع زيد وكل من الاسمين لا يستقل برفع هذا الخبر فليتأمل. قوله: "ولا إضمار" أي على أحد نقلين عنه، ونقل عنه أنه يجوز الإضمار مؤخرا في حال طلبهما المرفوع أيضا فتقول قام وقعد أخواك هما. قوله:"أضمرته مؤخرا" أي إن كان الأول هو الطالب المرفوع كما في المثال على ما هو قضية كلام التسهيل والتصريح فإن كان الأول هو الطالب للمنصوب فإن أعملته فمرفوع الثاني ضمير فيه وإن أهملته فلا إضمار فيه وما نقله الشارح عن الفراء إذا اختلفا هو ما نقله المصنف عنه والذي نقله الجمهور عنه وجوب إعمال الأول حينئذٍ كما في
426- البيت من الطويل، وهو لعلقمة الفحل في ديوانه ص38؛ والرد على النحاة ص95؛ وشرح التصريح 1/ 421؛ ولسان العرب 10/ 354، 14/ 353 "زبي"؛ والمقاصد النحوية 3/ 15؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 201؛ وتذكرة النحاة ص357؛ وجمهرة اللغة ص936؛ والمقرب 1/ 251.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
البصريون وهو ما سبق لأن العمدة يمتنع حذفها، ولأن الإضمار قبل الذكر قد جاء في غير هذا الباب نحو ربه رجلًا ونعم رجلًا، وقد سمع أيضًا في هذا الباب، من ذلك ما حكاه سيبويه من قول بعضهم: ضربوني وضربت قومك. ومنه قوله:
427-
جفوني ولم أجف الأخلاء إنني
…
لغير جميل من خليلي مهمل
ــ
الهمع. قوله: "نحو ضربني وضربت زيدا هو" فهو فاعل ضربني لا توكيد لمستتر في الفعل لأنه يمنع أن فيه ضميرا مستترا كما مر. قوله: "والمعتمد ما عليه البصريون" أي من وجوب إضمار ضمير الرفع في الأول عند إعمال الثاني. قوله: "لأن العمدة يمتنع حذفها" اعترض اللقاني هذا الدليل بأنه لا يفيد وجوب الإضمار بخصوصه بل هو أو الإظهار، ويمكن أن يجاب بأنه اقتصر على جزء العلة لكفايته في الرد على مجوّز الحذف وهو الكسائي والجزء الثاني لزوم التكرار عند الإظهار وقد يقال التكرار لا يقتضي منع الإظهار بل ضعفه فقط على أنه عهد حذف الفاعل في مواضع معروفة تقدم بيانها فافهم.
قوله: "ولأن الإضمار" بهذا يرد على جميع الكوفيين بخلاف الدليل الذي قبله فيرد به على الكسائي ومن يقول بقوله فقط. قوله: "قد جاء في غير هذا الباب" أي فيقاس عليه هذا الباب وقد يعارض هذا الدليل بالمثل فيقال جاء حذف الفاعل في غير هذا الباب فيقاس عليه هذا الباب. وبحث فيه اللقاني أيضا بأن جواز الإضمار قبل الذكر في غير هذا الباب لغرض إيراد الشيء مجملا ثم مفصلا ليكون أوقع في النفس لا يفيد جوازه مطلقا ولك دفعه بأنه لا مانع من كون الغرض هنا أيضا الإجمال ثم التفصيل فتأمل. قوله: "وقد سمع" ترقّ من قياس الإضمار قبل الذكر في هذا الباب على الإضمار قبل الذكر في غيره إلى سماعه في هذا الباب فكأنه قال على أنه قد سمع إلخ أي سمع كثيرا نظما ونثرا وذلك علامة الاطراد فاندفع ما قيل للكسائي أن يقول سمع حذف الفاعل هنا أيضا كما في قوله تعفق إلخ على أن ما استدل به على حذف الفاعل هنا غير صريح كما ستعرفه أفاده يس. قوله: "وكمتا" أي ترى خيلا كمتا جمع أكمت من الكمتة وهي حمرة تضرب إلى سواد مدماة أي شديدة الحمرة مثل الدم متونها ظهورها استشعرت لون مذهب أي جعلته شعارا ولباسا لها. والمذهب بضم الميم المموه بالذهب ووجه الاستشهاد أنه أعمل الثاني وأضمر في الأول ضميره قبل الذكر، لكن هذا البيت لا يحتج به على الكسائي لأن الضمير في الأول وهو جري غير بارز فله أن يدعي خلوه منه ويحتج به على الفراء لاختلاف العاملين وعدم ذكر الضمير مؤخرا.
427- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر 3/ 77، 5/ 282؛ وأوضح المسالك 2/ 200؛ وتخليص الشواهد ص515؛ وتذكرة النحاة ص3059؛ والدرر 1/ 219، 5/ 218؛ وشرح التصريح 2/ 872؛ وشرح قطر الندى ص197؛ ومغني اللبيب 2/ 489؛ والمقاصد النحوية 3/ 14؛ وهمع الهوامع 1/ 66، 109.
ولا تجيء مع أول قد أهملا
…
بمضمر لغير رفع أوهلا
بل حذفه الزم إن يكن غير خبر
…
وأخرنه إن يكن هو الخبر
ــ
وقوله:
428-
هوينني وهويت الغانيات إلى
…
أن شبت فانصرفت عنهن آمالي
وقوله:
429-
وكمتا مدماة كأن متونها
…
جرى فوقها واستشعرت لون مذهب
ولا حجة فيما تمسك به المانع لاحتمال أفراد ضمير الجمع. وقد أجاز ذلك البصريون في الأحوال كلها، تقول: ضربني وضربت الزيدين، كأنك قلت ضربني من، على ما لا يخفى "ولا تجيء مع أول قد أهملا بمضمر لغير رفع" وهو النصب لفظًا أو محلًّا "أوهلا" أي جعل أهلا "بل حذف الزم إن يكن غير خبر" في الأصل لأنه حينئذ فضلة فلا حاجة إلى إضمارها قبل الذكر فتقول: ضربت وضربني زيد، ومررت ومر بي عمرو. ولا
ــ
قوله: "لاحتمال إفراد ضمير الجمع" أي على تأوله بمن ذكر كما سيشير إليه أو تأوله بالجمع واعترض بأن الإفراد قبيح كما مر عن الدماميني فكيف ينفى عن الحجية ويمكن أن يقال احتمال البيت أمرا جائزا ولو مع قبح ينفي حجيته على ثبوت أمر آخر فتأمل، وقد روى كما في العيني تعفق بضم القاف على أنه مضارع حذفت منه إحدى التاءين مسندا إلى ضمير الرجال لأنهم في معنى الجماعة ولا شاهد فيه للكسائي حينئذٍ وقول العيني ومن تبعه كالبعض الضمير على هذه الرواية راجع إلى البقرة لا يلائم قوله لها إلا بتكلف. قوله:"وقد أجاز ذلك" أي الإفراد لا بقيد تعلقه بضمير الجمع لقوله في الأحوال كلها أي إسناد الفعل إلى الواحد والاثنين والجماعة لكن الإفراد في الاثنين والجماعة قبيح كما مر. قوله: "لفظا أو محلا" مراده بالمنصوب لفظا ما يصل إليه العامل بنفسه وبالمنصوب محلا ما يصل إليه بواسطة الحرف كما في التصريح فلا يرد أن إعراب المضمرات محليّ دائما لبنائها. قوله: "أو هلا" يقال أهلك الله للخير بتشديد الهاء وأوهلك أي جعلك أهلا له. قوله: "بل حذفه الزم" أي على ما اختاره المصنف هنا وكذا قوله وأخرنه إلخ كما سيتضح. قوله: "إن يكن غير خبر" حذف في الوصفين جواب إن التي فعلها مضارع وهو ضرورة قاله الشاطبي. قوله: "فلا حاجة إلى إضمارها" أي لفظا فلا ينافي أنها منوية
428- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر 5/ 283؛ وتخليص الشواهد ص515؛ والمقاصد النحوية 3/ 31.
429-
البيت من الطويل، وهو لطفيل الغنوي في ديوانه ص23؛ وأمالي ابن الحاجب ص443؛ والإنصاف 1/ 88؛ والرد على النحاة ص97؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 183؛ وشرح المفصل 1/ 78؛ والكتاب 1/ 77؛ ولسان العرب 2/ 81 "كمت"، 4/ 413 "شعر"، 14/ 270 "دمي"؛ والمقاصد النحوية 3/ 24؛ وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص515؛ وتذكرة النحاة ص344؛ والمقتضب 4/ 75.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يجوز ضربته وضربني زيد، ولا مررت به ومر بي عمرو. وأما قوله:
430-
إذا كنت ترضيه ويرضيك صاحب
فضرورة "وأخرنه إن يكن هو الخبر" لأنه منصوب فلا يضمر قبل الذكر، وعمدة الأصل فلا يحذف، فتقول: كنت وكان زيد قائمًا، إياه وظنني وظننت زيدًا عالمًا إياه. أما امتناع الإضمار مقدمًا فادعى الشارح الاتفاق عليه وفي دعواه نظر فقد حكى ابن عصفور ثلاثة مذاهب: أحدها جوازه كالمرفوع. وفي كلام والده في الكافية وشرحها ميل إلى جواز إضمار المنصوب مطلقًا مقدمًا، واحتج له وهو أيضًا ظاهر كلام التسهيل. وأما الحذف فمنعه البصريون وأجازه الكوفيون لأنه مدلول عليه بالمفسر وهو أقوى المذاهب لسلامته من الإضمار قبل الذكر ومن الفصل.
ــ
وعود الضمير على متأخر لفظا ورتبة إنما يهرب منه إذا كان الضمير ملفوظا به.
قوله: "وأخرنه" أي اذكره مؤخرا فكلامه متضمن لشيئين، ولهذا علل الشارح الأمرين على اللف والنشر المشوش. قوله:"وعمدة في الأصل فلا يحذف" يرد عليه أن خبر كان ومفعولي ظن يجوز حذفها لدليل ولهذا كان مذهب الكوفيين الآتي أقوى. قوله: "ثلاثة مذاهب" هي في منصوب كان وظن وأخواتهما كما يدل عليه كلام التوضيح لا في الإضمار مقدما كما قد يتوهم من عبارة الشارح، وزاد في التوضيح رابعا وهو الإظهار. قوله:"أحدها جوازه" أي الإضمار للمنصوب مقدما كالمرفوع ثانيها وجوب تأخيره وهو ما في النظم، ثالثها جواز حذفه وعليه الكوفيون. قوله:"ميل إلى جواز إلخ" وقضيته تجويز إضماره مؤخرا بالأولى سم. قوله: "مطلقا" أي عمدة كان في الأصل أو فضلة. قوله: "واحتج له" أي بشواهد من لسان العرب. قوله: "وأجازه الكوفيون" نقل المصرح عن أبي حيان أن شرطه عندهم أن يكون المحذوف مثل المثبت إفرادا وتذكيرا وفروعهما وإلا لم يجز حذفه نحو علمني وعلمت الزيدين قائمين، فلا بد أن يقول إياه متقدما أو متأخرا ولا ينافي هذا ما سيأتي من وجوب الإظهار إذا لم يطابق الضمير المفسر وإن زعمه سم لأن ما سيأتي مذهب البصريين والكلام في مذهب الكوفيين وهم لا يقولون بوجوب الإظهار حينئذٍ. قوله:"لأنه مدلول عليه بالمفسر" أي وحذف المعمول لدليل جائز حتى في باب كان وظن. قوله: "لسلامته من الإضمار قبل الذكر" أي إذا أضمر مقدما كما مال إليه في شرح الكافية ومن الفصل أي بين العامل الأول المهمل ومعموله إذا أضمر مؤخرا كما
430- عجزه:
جمادًا فكن في الغيب أحفظ للود
والبيت من الطويل، وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر 5/ 281؛ وأوضح المسالك 2/ 203؛ وتخليص الشواهد ص514؛ والدرر 5/ 319؛ وشرح التصريح 1/ 322؛ وشرح شذور الذهب ص543؛ وشرح شواهد المغني 2/ 745؛ وشرح ابن عقيل ص279؛ ومغني اللبيب 1/ 333؛ والمقاصد النحوية 3/ 21؛ وهمع الهوامع 2/ 110.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تنبيهات: الأول اقتضى كلامه أنه يجاء بضمير الفضلة مع الثاني المهمل نحو: ضربني وضربته زيد، ومر بي ومرت بهما أخواك لدخوله تحت قوله:
وأعمل المهمل في ضمير ما
تنازعاه. ولم يخرجه ومنه قوله:
431-
إذا هي لم تستك بعود أراكة
…
تنخل فاستاكت به عود إسحل
وأنه يجوز حذفه لمفهوم قوله والتزم ما التزما، وهذا لم يلتزم ذكره لأنه فضلة. ومنه قوله:
432-
بعكاظ يغشي الناظريـ
…
ـن إذا هم لمحوا شعاعه
ــ
قال به هنا. قوله: "إذا هي" أي المرأة والأراكة واحدة الأراك تنحل بالبناء للمجهول، والحاء المهملة على ما ذكره شيخنا السيد أي اختير، لكن التنخل بالمعجمة هو المفسر في القاموس وغيره بالاختيار وهو جواب إذا، والإسحل بكسر الهمزة فسكون السين المهملة ففتح الحاء المهملة شجر دقيق الأغصان يشبه الأثل يتخذ منه أيضا السواك كذا في العيني. والذي في القاموس والصحاح الإسحل بالكسر شجر يستاك به وضبطت الحاء بالقلم في نسخ القاموس الصحيحة بالكسر وهو الأقرب إلى قولهما بالكسر. والشاهد في تنحل واستاكت حيث تنازعا عود إسحل فأعمل الأول وأضمر في الثاني ضمير عود إسحل وذكره.
قوله: "بعكاظ" سوق كانت في الجاهلية تجتمع فيها قبائل العرب فيتبايعون ويتعاكظون أي يتفاخرون ويتناشدون الشعر. قال في الصحاح بناحية مكة شهرا، وقال في القاموس بصحراء بين نخلة والطائف وكان قيامها هلال ذي القعدة وتستمر عشرين يوما والباء في بعكاظ ظرفية وقوله يعشى بالعين المهملة كيعطى أي يسيء أبصارهم من العشا بالقصر وهو سوء البصر بالليل وقيل بالمعجمة كيرضى والضمير في شعاعه للسلاح. والشاهد في يعشى ولمحوا حيث تنازعا شعاعه
431- البيت من الطويل، وهو لعمر بن أبي ربيعة في ملحق ديوانه ص498؛ والرد على النحاة ص97؛ وشرح المفصل 1/ 79؛ والكتاب 1/ 78؛ ولطفيل الغنوي في ديوانه ص65؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 188؛ ولعمر أو لطفيل أو للمقنع الكندي في المقاصد النحوية 3/ 32؛ ولعبد الرحمن بن أبي ربيعة المخزومي أو لطفيل الغنوي في شرح شواهد الإيضاح ص89؛ وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب 1/ 444؛ والدرر 1/ 222؛ وهمع الهوامع 1/ 66.
432-
البيت من مجزوء الكامل، وهو لعاتكة بنت عبد المطلب في الدرر 5/ 315؛ وشرح التصريح 1/ 320؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص743؛ والمقاصد النحوية 3/ 11؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 5/ 2847؛ وأوضح المسالك 2/ 199؛ وشرح شذور الذهب ص544؛ وشرح ابن عقيل ص280؛ ومغني اللبيب 2/ 611؛ والمقرب 1/ 251؛ وهمع الهوامع 2/ 109.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وخص بعضهم حذفه بالضرورة كالبيت لأن في حذفه تهيئة العامل للعمل وقطعه عنه لغير معارض. الثاني كلامه هنا مخالف للتسهيل من وجهين: الأول بحذف الفضلة من الأول المهمل، والثاني جزمه بتأخير الخير، ولم يجزم بهما في التسهيل بل أجاز التقديم. الثالث يشترط لحذف الفضلة من الأول المهمل أمن اللبس، فإن خيف اللبس وجب التأخير نحو استعنت واستعان على زيد؛ لأنه مع الحذف لا يعلم هل المحذوف مستعان به أو عليه. الرابع قوله غير خبر يوهم أن ضمير المتنازع فيه إذا كان المفعول
ــ
فأعمل الأول وأضمر في الثاني ضميره وحذفه. قوله: "وخص بعضهم حذفه بالضرورة" مقتضى التوضيح ترجيح هذا وأنه مذهب الجمهور فإنه قال وبعضهم يجيز حذف غير المرفوع لأنه فصلة كقوله بعكاظ إلخ. ولنا أن في حذفه تهيئة العامل للعمل وقطعه عنه والبيت ضرورة. ا. هـ. قوله: "تهيئة العامل" يعني لمحوا للعمل أي في الاسم الظاهر وقوله لغير معارض دفع لما يقال التهيئة والقطع لازمان على إعمال الثاني مع الحذف أيضا والمعارض عليه لزوم الإضمار قبل الذكر ومن جعل التهيئة عبارة عن إيلاء العامل ما هو معمول له معنى استغنى عن قوله لغير معارض لفصل العامل الأول من المعمول بالعامل الثاني في حال إعمال الثاني مع الحذف. قال سم وكأنهم أي المجوزين اختيارا حذفه عند إعمال الأول لا يعدون التهيئة والقطع مانعا أو يقال إعمال العامل الآخر في المذكور دافع لتهيئة هذا فتأمله فإنه حسن. قوله: "بل أجاز التقديم" أي ذكر الضمير مقدما عمدة في الأصل أو فضلة فليس الإضراب راجعا لقوله والثاني جزمه بتأخير الخبر فقط حتى يكون في كلامه قصور كما توهمه البعض. قوله: "لحذف الفضلة من الأول المهمل" وكذا يشترط لجواز حذفها من الثاني المهمل على ما يظهر فلو ألبس لم يجز حذفه نحو استعان واستعنت به على زيد. قوله: "أمن اللبس" ولم يذكره الناظم لعلمه بطريق المقايسة على الأبواب السابقة ومن قوله سابقا:
وحذف فضلة أجز إن لم يضر
قوله: "وجب التأخير" وعلى ما قدمه عن التسهيل والكافية وشرحها يجوز التقديم. قوله: "نحو استعنت واستعان عليّ زيد" وجه اللبس أن المتبادر أن المحذوف بعد استعنت عليه بقرينة معمول الفعل الثاني مع أن المراد استعنت بزيد أما إذا أريد استعنت على زيد فالحذف جائز لعدم اللبس لأن المتبادر هو المراد أفاده سم. قوله: "لأنه مع الحذف لا يعلم إلخ" لو علله بما أسلفناه لكان مناسبا لأن تعليليه إنما ينتج الإجمال لا اللبس لكن مرّ أنهم قد يطلقون اللبس على ما يعم الإجمال وإن كان الصواب الفرق بينهما معنى وحكما كما تقدم بيانه وقوله هل المحذوف إلخ أي هل مدلول الضمير المحذوف المجرور بالحرف شخص مستعان به فيكون اللفظ المحذوف لفظ به أو شخص مستعان عليه فيكون اللفظ المحذوف لفظ عليه وليس المراد هل اللفظ المحذوف كما توهمه البعض. فاعترض بأن الأولى حذف مستعان إذ هو ليس من المحذوف. قوله: "يوهم إلخ" لأن من الغير المفعول الأول لأنه مبتدأ في الأصل. قوله: "بل لا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الأول في باب ظن يجب حذفه، وليس كذلك، بل لا فرق بين المفعولين في امتناع الحذف ولزوم التأخير نحو: ظننت منطلقة وظننتني منطلقًا هند إياها، فإياها مفعول أول الظنت ولا يجوز تقديمه، وفي حذفه ما سبق ولذلك قال الشارح لو قال بدله:
واحذفه إن لم يك مفعول حسب
…
وإن يكن ذاك فأخره تصب
لخلص من ذلك التوهم. لكن قال المرادي قوله مفعول حسب يوهم أن غير مفعول حسب يجب حذفه وإن كان خبرًا، وليس كذلك لأن خبر كان لا يحذف أيضا، بل يؤخر كمفعول حسب، نحو زيد كانت وكنت قائمًا إياه. وهذا مندرج تحت قوله المصنف غير خبر. ولو قال:
بل حذفه إن كان فضلة حتم
…
وغيرها تأخيره قد التزم
لأجاد. قلت وعلى هذا أيضًا من المؤاخذة ما على بيت الأصل من عدم اشتراطه أمن اللبس كما أسلفته، فكان الأحسن أن يقول:
واحذفه لا إن خيف لبس أو يرى
…
لعمدة فجيء به مؤخرًا
الخامس قاس المازني وجماعة المتعدي إلى ثلاثة على المتعدي إلى اثنين وعليه مشى في التسهيل: فتقول على هذا عند إعمال الأول، أعلمني وأعلمته إياه إياه زيد عمرًا قائمًا، ويختار إعمال الثاني نحو أعلمني زيدًا عمرًا قائمًا إياه إياه وأعلمت وأعلمني
ــ
فرق بين المفعولين إلخ" لأن كلا منهما عمدة في الأصل ويمكن الجواب عن المصنف بأنه عبر بالملزوم وهو الخبر وأراد اللازم وهو العمدة وبأن المبتدأ كما قال بعضهم مفهوم بالأولى لأشرفيته والاتفاق على عمديته فهو أولى بالذكر. قوله: "وفي حذفه ما سبق" أي من المنع عند البصريين والجواز عند الكوفيين وكان عليه أن يحذف قوله ولا يجوز تقديمه ويقول وفي حذفه وإضماره مقدما ما سبق لأن صنيعه يشعر بأنه لا خلاف في عدم جواز إضماره مقدما وليس كذلك لوجود الخلاف في إضماره مقدما أيضا.
قوله: "ولذلك" أي لكونه لا فرق بين المفعولين. قوله: "لكن قال المرادي" استدراك على قوله لخلص من ذلك التوهم دفع به توهم أن هذه العبارة لا يرد عليها شيء أصلا. قوله: "أو يرى لعمدة" بكسر اللام أي منتسبا لعمدة أو بفتحها على أنها زائدة للضرورة وفي نسخ بالكاف. قوله: "قاس المازني إلخ" أي في أنه إذا أعمل الأول أضمر في الثاني ضمير المفعولين الثاني والثالث بجانبه لعودهما على متقدم في الرتبة وإذا أعمل الثاني أضمر في الأول ضميرها مؤخرا لما تقدم وأما المفعول الأول فهو فضلة محضة فلا يجاء بضميره مع الأول المهمل بل يجب حذفه ويجوز ذكره وحذفه مع الثاني المهمل كما سبق. قوله: "ويختار إعمال الثاني" أي عند البصريين لقربه
وأظهر أن يكن ضمير خبرا
…
لغير ما يطابق المفسرا
نحو أظن ويظناني أخا
…
زيدًا وعمرًا أخوين في الرخا
ــ
زيد عمرًا قائمًا إياه إياه "وأظهر أن يكن ضمير خبرا" أي في الأصل "لغير ما يطابق المفسرا" أي في الإفراد والتذكير وفروعها، لتعذر الحذف بكونه عمدة، والإضمار بعدم المطابقة فتعين الإظهار وتخرج المسألة من هذا الباب "نحو أظن ويظناني أخا زيدًا وعمرًا أخوين في الرخا" على إعمال الأول فزيدًا وعمرًا أخوين مفعولا لا أظن، وأخا ثاني مفعولي يظناني، وجيء به مظهرًا لتعذر إضماره؛ لأنه لو أضمر فإما أن يضمر مفردًا مراعاة للمخبر عنه في الأصل وهو الياء من يظناني، فيخالف مفسره وهو أخوين في التثنية وإما أن يثنى مراعاة للمفسر فيخالف المخبر عنه، وكلاهما ممتنع عند البصريين. وكذا الحكم لو أعملت الثاني نحو: يظناني وأظن الزيدين أخوين أخا. وأجاز الكوفيون الإضمار على وفق المخبر عنه نحو: أظن ويظناني إياه الزيدين أخوين، عند إعمال الأول وإهمال الثاني. وأجازوا أيضًا الحذف نحو أظن ويظناني الزيدين أخوين.
تنبيه: وجه كون هذه المسألة من هذا الباب هو أن الأصل أظن ويظنني الزيدين
ــ
كما مر. قوله: "وأعلمت وأعلمني زيد عمرا قائما إياه إياه" لا يخفى أن إياه الأول ضمير المفعول الثاني وإياه الثاني ضمير المفعول الثالث ولم يذكر ضمير زيد الذي هو المفعول الأول لما تقدم. قوله: "وأظهر" أي ضمير المتنازع فيه أي ائت به اسما ظاهرا وقوله لغير ما يطابق المفسر أي لمبتدأ في الأصل غير مطابق للمفسر كالياء في يظناني في المثال المذكور.
قوله: "بعدم المطابقة" أي للمخبر عنه إن أتى به مطابقا للمفسر وللمفسران أتى به مطابقا للمخبر عنه وتخرج المسألة من هذا الباب حينئذٍ بالنسبة إلى المفعول الثاني لا بالنسبة إلى المفعول الأول لتنازعهما فيه فأعملنا في مثالنا الأول وأضمرنا في الثاني ضميره وهو الألف في يظناني. قوله: "وكذا الحكم لو أعملت الثاني نحو إلخ" صوره في عكس المثال مع أنه يمكن فيه وهو باق على حاله بأن يقال أظن ويظنني زيد وعمرو وأخا إياهما أخوين لأن ما ذكره أشبه في العمل بمثال المتن وأقصر مسافة. قوله: "على وفق المخبر عنه" أي وإن خالف المفسر ويؤيده أن الرضي كما نقله الإسقاطي لم يوجب المطابقة بين الضمير ومرجعه إذا أمن اللبس واستدل له بقوله تعالى: {فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً} [النساء: 11]، ثم قال:{وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً} [النساء: 11]، مع أن الضمير فيها للأولاد لظهور المقصود. قوله:"عند إعمال الأول وإهمال الثاني" فإن أعملت الثاني وأهملت الأول. قلت على ما يظهر أظن ويظنني الزيدان أخا إياهما إياهما. قوله: "وأجازوا أيضا الحذف" يعكر عليه ما تقدم نقله عن أبي حيان. قوله: "وجه كون هذه المسألة من هذا الباب هو أن الأصل إلخ" ظاهره أن كونها من هذا الباب إنما هو بالنسبة إلى المفعول الأول لا الثاني وبه صرح الموضح، واستظهر سم وغيره أنها منه بالنسبة إلى الثاني أيضا باعتبار كونه مطلوبا لكل من العاملين على أنه مفعول ثان بقطع النظر عن كونه مثنى أو مفردا وأطال في
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أخوين، فتنازع العاملان الزيدين فالأول يطلبه مفعولًا والثاني يطلبه فاعلًا، فأعملنا الأول فنصبنا به الاسمين، وأضمرنا في الثاني ضمير الزيدين وهو الألف، وبقي علينا المفعول الثاني يحتاج إلى إضماره، فرأيناه متعذرًا لما مر، فعدلنا به إلى الإظهار وقلنا أخا فوافق المخبر عنه، ولم تضره مخالفته لأخوين لأنه اسم ظاهر لا يحتاج إلى ما يفسره.
خاتمة: لا يتأتى التنازع في التمييز وكذا الحال خلافًا لابن معطي، وكذا نحو ما قام
ــ
إيضاح ذلك. قوله: "فعدلنا به" أي الإضمار أي عنه.
قوله: "لا يتأتى التنازع إلخ" لأن كلاً من الحال والتمييز لا يضمر لوجوب تنكيره. وقوله خلافاً لابن معطي حيث أجازه في الحال. قال الفارضي نحو زرني أزرك راغباً، على إعمال الثاني، وزرني أزرك في هذه الحالة راغباً، على إعمال الأول. ا. هـ. وفيه أن هذا مثل إعادة لفظ الحال ولا تنازع فيه. قوله:"وكذا نحو ما قام إلخ" لأنه إن أضمر في الفعل المهمل بدون إلا انعكس المعنى المراد من الإثبات على وجه الحصر إلى النفي وإن أضمر فيه مع إلا بأن يقال ما قام إلا هو وما قعد إلا زيد كما نقل عن ابن هشام فإن أراد مع حذف إلا هو ورد أن البصري لا يجيز حذف الفاعل هنا وهذا التركيب جائز عنده وإن أراد مع عدم حذفه فهو خلاف المسموع وصرح الرضي وغيره بأن هذا المنع خاص بالمرفوع أما المنصوب فلا يمتنع وقوع التنازع فيه نحو ما ضربت وأكرمت إلا زيداً. وفرق بأن المنصوب فضلة لا تتوقف صحة الكلام على تقدير ضميره بخلاف المرفوع. ولا يخفى أنه فرق غير نافع مع انعكاس المراد إن أضمر في الفعل المهمل بدون إلا ولزوم حذف الفضلة المحصور فيها إن أضمر مع إلا. وقد صرحوا بأن المحصور فيه لا يحذف ولو فضلة وأنه يقتضي الامتناع إذا كان المنصوب عمدة في الأصل نحو ما علمت وظننت إلا زيداً قائماً ولو سوى بين المرفوع والمنصوب في الامتناع أو الجواز لكان أحسن. ثم رأيت الله لروداني صحح تخريج التركيب على التنازع وسوى في جواز التنازع بين المرفوع والمنصوب وبين الحصر بإلا والحصر بإنما فقال الذي يفهمه المتأمل أن تخريج ذلك إنما هو على التنازع وبيانه أن القياس يقتضي أن يقال ما قام وقعد إلا زيد هو لأن العاملين فرغا لما بعد إلا فيعمل أحدهما في الظاهر والآخر في ضميره المنفصل لكن لما أمكن اتصال هذا الضمير بعامله الملغى مع ظهور معنى الحصر لوجود دليله حال اتصال الضمير تعين ذلك فاتصل بعامله ثم بسبب عوده إلى ما بعده لفظاً ورتبة يلزم أن يكون هو مقدماً لفظاً مؤخراً رتبة لأن رتبة الضمير وأصله أن يتأخر عن مرجعه ويلزم من كونه مؤخراً رتبة كونه موجباً محصوراً بإلا التي قبله بحسب رتبته وأصله فتأخيره الأصلي دليل على إيجابه وحصره وعروض تقديمه لأجل إصلاح اللفظ لا يعتد به مانعاً مما بالأصل من الحصر، وقولهم إذا قصد الحصر وجب انفصال الضمير إنما هو في الضمير الذي جاء على أصله وهو المتأخر لفظاً ورتبة ولم أقف على أحد يستشكل التنازع بعد إنما التي يجب انفصال الضمير بعدها أيضاً لإفادة الحصر مع أنها مثل إلا، قياس التنازع فيها أن يقال