المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تعدي الفعل ولزومه: - حاشية الصبان على شرح الأشمونى لألفية ابن مالك - جـ ٢

[الصبان]

الفصل: ‌تعدي الفعل ولزومه:

‌تعدي الفعل ولزومه:

غلامة الفعل المعدى أن تصل

ها غير مصدر به نحو عمل

ــ

نحو زيد قام، وذلك عند المبرد وتابعيه وغيرهم يوجب ابتدائيته لعدم تقدم طلب الفعل، وقد يكون راجح الفاعلية على الابتدائية نحو زيد ليقم، ونحو قام زيد وعمرو وقعد، ونحو:{أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا} [التغابن: 6]، و {أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَه} [الواقعة: 59] . وقد يستويان نحو زيد قام وعمرو قعد عنده، والله أعلم.

تعدي الفعل ولزومه:

"علامة الفعل المعدى" إلى مفعول به فأكثر، ويسمى أيضًا واقعًا لوقوعه على المفعول به، ومجاوزًا لمجاوزته الفاعل إلى المفعول به، أمران: الأول صحة "أن تصل ها"

ــ

أن يكون نعتا والتقدير إن وجدت أحدا. وأجاب يس بأن مراد الشارح بتعين الرفع على الفاعلية امتناع الرفع بالابتداء لا امتناع النصب بعامل مقدر وأجاب الروداني بأنه لا يمنع أحد مثل ذلك في غير الآية إذا لم يرد به الاشتغال. وأما ما نحن فيه من الآية ومن إرادة معنى الاشتغال في غيرها فيمتنع لأن التلاوة رفع أحد وفي غير القرآن لا يكون نصب أحد بوجدت من الاشتغال. قوله: "على الفاعلية" أي بفعل مقدر يفسره المذكور. قوله: "عند المبرد ومتابعيه" ينبغي أن يزاد الكوفيون فإنهم قائلون بجواز تقدم الفاعل على رافعه فيكون جواز الاشتغال في ذلك عندهم أقيس من جوازه عند من قال لا يتقدم قاله الدماميني. قوله: "وغيرهم" وهم جمهور البصريين. قوله: "لعدم تقدم طلب الفعل" أي من نفي أو استفهام. قوله: "نحو زيد ليقم" إنما ترجحت الفاعلية فيه فرارا من الإخبار بالجملة الطلبية المختلف فيها وفيه كما قال المصرح إن ذلك يستدعي حذف الفعل المقرون بلام الأمر وهو شاذ فكيف يكون راجحا وفي نحو قام زيد وعمرو قعد ترجحت الفاعلية طلبا للتناسب بين المتعاطفين وفي نحو: {أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا} [التغابن: 6]، لأن الغالب أن همزة الاستفهام يليها الفعل وكذا في:{أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ} [الواقعة: 59]، لكن فيه كلام تقدم في باب الفاعل. قوله:"نحو زيد قام وعمرو قعد عنده" إنما استوى الأمران فيه لأن في كل منها مشاكلة المعطوف عليه فالرفع على الابتدائية مراعاة للكبرى وعلى الفاعلية مراعاة للصغرى والشرط المتقدم موجود وهو اشتمال الثانية على ضمير الاسم السابق.

تعدي الفعل ولزومه:

من إضافة الصفة إلى الموصوف أي الفعل المتعدي أي بنفسه بحسب الوضع لأنه المراد عند الإطلاق لا المتعدي بحرف الجر ولا المتعدي بنفسه بواسطة إسقاط الخافض. والفعل اللازم وإنما جعلنا الإضافة من إضافة الصفة إلى الموصوف لأن الذي سيذكره صراحة المتعدي واللازم. وفي هذا الباب ذكر المفعول به. قوله: "إلى مفعول به" أما بقية المفاعيل فيعمل فيها المتعدي واللازم. قوله: "أمران الأول إلخ" فيه تغيير اعراب المتن إلا أن يقال هو حل معنى لا حل إعراب

ص: 125

فانصب به مفعوله إن لم ينب

عن فاعل نحو تدبرت الكتب

ــ

ضمير راجع إلى "غير مصدر به" والثاني أن يصاغ منه اسم مفعول تام وذلك "نحو عمل" فإنك تقول منه: الخير عمله زيد فهو معمول، بخلاف نحو خرج فإنه لا يقال منه زيد خرجه عمرو، ولا هو مخروج بل هو مخروج به أو إليه فلا يتم إلا بالحرف. والاحتراز بهاء غير المصدر من هاء المصدر فإنها تتصل باللازم والمتعدي نحو الخروج خرجه زيد، والضرب ضربه عمرو.

تنبيه: هذه الهاء تتصل بكان وأخواتها، والمعروف أنها واسطة أي لا متعدية ولا لازمة، ولعله جعلها من المتعدي نظرًا إلى شبهها به، وربما أطلق على خبرها المفعول "فانصب به مفعوله إن لم ينب" ذلك المفعول "عن فاعل نحو تدبرت الكتب" فإن ناب

ــ

لكن لا يخفى ما في تحميل الشارح كلام المصنف، الأمر الثاني من التكلف الذي لا حاجة إليه ولا دليل عليه. قوله:"أن تصل" أي ولو بحسب الأصل فلا يرد على عكس التعريف الأفعال اللازمة للبناء للمفعول لأنها صالحة لذلك بحسب الأصل فهي متعدية واستعمالها لازمة للبناء للمفعول عارض بعد الوضع قاله الروداني. والمراد أن تصل من غير توسع بحذف الجار كما هو المتبادر فلا يرد على طرد التعريف الليلة قمتها والنهار صمته والدار دخلتها. وأما إيراد الصديق كنته فسيذكر الشارح جوابه وأورد لزوم الدور لتوقف معرفة المتعدي على معرفة الصحة المذكورة والعكس. وأجيب بأن الصحة المذكورة تعرف بقبول النفس وصل الهاء إذ لا تقبل النفس قمته بإعادة الضمير إلى غير المصدر كما تقبل ضربته كذلك فلا تتوقف معرفة الصحة على معرفة المتعدي أفاده سم. قوله: "ها ضمير إلخ" الإضافة بيانية، وخرج بها هاء السكت فإنها تتصل بالقسمين.

قوله: "أن يصاغ منه" أي صحة أن يصاغ من مصدره ليوافق مذهب البصريين. قوله: "تام" أي مستغن عن حرف الجر زاد في التسهيل باطراد لإخراج نحو تمرون الديار فإنه يصح أن يصاغ منه اسم مفعول فيقال الدار ممرورة لكن لا باطراد. قوله: "هذه الهاء" أي هاء غير المصدر. قوله: "والمعروف أنها" أي في حال نقصانها أما في حال تمامها فهي من قسم اللازم تارة والمتعدي تارة أخرى. قوله: "إلى شبهها به" أي في عمل الرفع والنصب والظاهر أن موضوع كلام المصنف الفعل التام بقرينة قوله فانصب به مفعوله وإلا لقال مفعوله أو خبره ولتقدم الكلام على الأفعال الناقصة فتكون أل في الفعل في عبارة المصنف فتدبر. قوله: "مفعوله" أي المفعول به لما مر. قوله: "إن لم ينب عن فاعل" أي ولم يضمن معنى فعل لازم وإلا كان لازما أو في حكم اللازم كما سيأتي في الخاتمة وكان الأولى التنبيه على هذا لأن ما ذكره من عدم نصب المفعول إذا ناب عن الفاعل علم من باب النائب عن الفاعل واعترض اللقاني كلام المصنف بأن مقتضاه أن فعل المجهول متعد وفيه نظر لأن التعدي إلى شيء نصبه إياه ومرفوعه ليس منصوبا لفظا ولا محلا وهو مدفوع بأنه متعد بحسب الأصل ومرفوعه منصوب بحسب الأصل بناء على الأصح أن

ص: 126

ولازم غير المعدى وحتم

لزوم أفعال السجايا كنهم

كذا افعلل والمضاهي اقعنسسا

وما اقتضى نظافة أو دنسا

ــ

عنه رفعته به كما سلف "ولازم غير المعدى" غير المعدى مبتدأ ولازم خبره: أي ما سوى المعدى هو اللازم إذ لا واسطة، ويسمى قاصرًا أيضًا لقصوره على الفاعل، وغير واقع، وغير مجاوز لذلك "وحتم لزوم أفعال السجايا" وهي الطبائع. والمراد بأفعال السجايا ما دل على معنى قائم بالفاعل لازم له "كنهم" بكسر الهاء الرجل إذا كثر أكله، وشجع، وجبن، وحسن، وقبح، وطال، وقصر، وما أشبه ذلك و"كذا" ما وازن "افعلل" نحو اقشعر واشمأز، واطمأن، وما ألحق به وهو افوعل نحو اكوهد الفرخ إذا ارتعد "و" كذا المضاهي" أي

ــ

صيغة المجهول فرع صيغة المعلوم. قوله: "إذ لا واسطة" أي على ما يستفاد من كلامه هنا حيث قدم الخبر وإلا فالجمهور على أن كان وأخواتها واسطة كما تقدم والمصنف في التسهيل على أن ما يتعدى تارة بحرف الجر مع شيوع كل من اللغتين كشكرته وشكرت له ونصحته ونصحت له واسطة وهو الأصح من مذاهب ثلاثة فيه ثانيها متعد والحرف زائد. ثالثها لازم وحذف الحرف توسع ولا يرد ما تعدى ولزم مع اختلاف المعنى كفغر فاه بمعنى فتحه. وفغر فوه بمعنى انفتح وكزاد ونقص لأنه لا يخرج عن القسمين. قوله: "لذلك" أي للازم ذلك إذ عدم الوقوع على المفعول به وعدم المجاوزة إليه لازمان للقصور المذكور. قوله: "لازم له" أي غالبا أو بشرط عدم المانع فلا يرد أن كثرة الأكل والحسن يزولان عند المرض أفاده سم.

قوله: "إذا كثر أكله" أي كان كثرة الأكل سجية له فلا يرد ما قاله ابن هشام كثرة الأكل عرض لا سجية لكن فسر الجوهري وابن سيده النهم باشتداد الشهوة للأكل وفي القاموس النهم محركة وسجابة إفراط الشهوة في الطعام وأن لا تمتلىء عين الآكل ولا يشبع. نهم كفرح وعنى فهو نهم ونهيم ومنهوم اهـ. فلعل قول الشارح أي كثر أكله قول آخر أو تفسير باللازم وفي التمثيل لأفعال السجايا بنهم المكسور العين ما يفيد أن أفعال السجايا لا يلزم أن تكون مضمومة العين وفي التصريح خلافه. بقي أن اللازم لا يصاغ منه اسم مفعول كما مر فكيف قيل منهوم اللهم إلا أن يقال هذا شاذ. قوله: "وطال" أصله طول بضم الواو كما نقله شيخنا عن الشارح. قوله: "واشمأز" نقل الروداني أنه جاء متعديا قالوا اشمأز الشيء أي كرهه. قوله: "وما ألحق به" أي وكذا ما وازن ألحق بافعلل في الزنة والإلحاق جعل مثال أنقص من آخر موازنا له ليصير مساويا له في عدد الحروف والحركات المعينة والسكنات وفي التكسير والتصغير وغيرهما من الأحكام وربما اختلف المعنى بالزيادة للإلحاق كما في حوقل وكوثر فإنهما مخالفان لمعنى حقل وكثر وقد لا يكون لأصل الملحق معنى في كلامهم كما في كوكب وزينب فإنه لا معنى لككب وزنب وإنما كان افوعل ملحقا بافعلل لزيادة حرف فيه غير الألف وهو الواو بخلاف افعلل. قوله: "وهو افوعل" لو قال كافوعل لكان شاملا لنحو ابيضض.

قوله: "اكوهد" أصله كهد أي أسرع. ا. هـ. فارضي. قوله: "إذا ارتعد" يعني لأمه لتزقه. قوله:

ص: 127

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

المشابه في الوزن افعنلل نحو احرنجم، يقال احرنجمت الإبل أي اجتمعت، وما ألحق به وهو وزنًا افعنلل بزيادة إحدى اللامين نحو "اقعنسسا" يقال اقعنسس البعير إذا امتنع من الانقياد، وافعنلي نحو احرنبي الديك إذا انتفش للقتال، واستلقى الرجل إذا نام على ظهره.

وقد جاء منه المتعدي نحو اسرندي واغرندي: أي علا وركب في قول الراجز:

410-

قد جعل النعاس يسرنديني

أدفعه عني ويغرنديني

تنبيه: يجوز في اقعنسس أن يكون مفعولًا للمضاهي، والأولى أن يكون فاعلًا له والمفعو محذوف: أي والمضاهية اقعنسس لما عرفت أنه محلق باحزنجم "و" كذلك حتم أيضًا لزوم "ما اقتضى" من الأفعال "نظافة أو دنسًا" نحو نظف، وطهر، ووضوء،

ــ

"افعنلل" أي أصلي اللامين. وقوله وما ألحق به عطف على افعنلل فيكون المشبه به افعنلل أصل اللامين وافعنلل زائد إحداهما وهل الزائد الثانية أو الأولى قولان وافعنلى والمشبه الأفعال لهذه الصيغ في الوزن نحو احرنجم واقعنسس واحرنبى فاعتراض البعض بأن ظاهر الشارح أنه معطوف على افعنلل فيكون من المشبه به وحينئذٍ فأين المشبه فكان الظاهر أن يقول بدل قوله وما ألحق به والذي شابه افعنلل وزنان أو يحذف قوله وهو وتكون الجملة مستأنفة معقودة من مبتدأ وخبر لبيان المشبه والمضاهي في غاية السقوط إذ لا داعي إلى جعل المشبه والمضاهي بكسر الهاء ما ألحق بافعنلل أصلي اللامين من الوزنين الأخيرين بل تمثيل الشارح المضاهي افعنلل بنحو احرنجم والمضاهي افعنلل زائد إحدى اللامين بنحو اقعنسس والمضاهي افعنلل نحو احرنبي صريح فيما قلنا من أن المشبه والمضاهي بكسر الهاء الأفعال المشبهة للصيغ الثلاث في الوزن وإياك أن تتوهم أن كلام الشارح في التنبيه يأباه فإن كلامه إنما هو بالنظر لبعض تلك الأفعال مع بعض لا بالنظر لها مع تلك الصيغ فاحفظ ما تلوناه عليك. قوله: "وهو وزنان افعنلل" لو قال كافعنلل لكان شاملا لنحو احونصل. قوله: "وقد جاء منه المتعدي" أي شذوذا فلا يرد على المتن أفاده المصرح. قوله: "واغرندى" بالغين المعجمة مرادف اسرندى كما في المغني فقول الشارح أي علا وركب راجعان لكل منهما. قوله: "أن يكون مفعولا للمضاهي" أي على طريق عكس التشبيه. قوله: "والمفعول محذوف" أي على رأي المصنف من جواز حذف عائد أل الموصولة. قوله: "ما اقتضى" أي أفاد. قوله: "نحو نظف إلخ" أي بضم العين فيما عدا دنس فإنه بكسرها لا غير وورد فتح العين أيضا في طهر وكسرها وفتحها أيضا في نجس وقذر. هذا مجموع ما في القاموس والمصباح ومختار الصحاح وبه يعلم ما وقع للبعض من القصور والدعوى

410- الرجز بلا نسبة في جمهرة اللغة ص1215؛ والخصائص 2/ 258؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 690؛ وشرح التصريح 1/ 311؛ وشرح شافية ابن الحاجب 1/ 113؛ وشرح شواهد الشافية ص47؛ وشرح شواهد المغني 2/ 885؛ ولسان العرب 3/ 212 "سرد"؛ 3/ 325 "غرند"؛ ومغني اللبيب 2/ 520؛ والممتع في التصريف 1/ 185؛ والمنصف 1/ 86، 3/ 11.

ص: 128

أو عرضًا أو طاوع المعدى

لواحد كمده فامتدا

ــ

ودنس، ونجس، وقذر "أو عرضًا" وهو ما ليس حركة جسم من معنى قائم فاعل غير ثابت فيه، كمرض وكسل، ونشط، وفرح، وحزن، ونهم إذا شبع "أو طاوع المعدى لواحد كمده فامتدا" ودحرجت الشيء فتدحرج. أما مطاوع المتعدي لأكثر من واحد فإنه متعد

ــ

التي تحتاج إلى بينة.

قوله: "أو عرضا" زاد في المغني أو لونا كأحمر وأخضر وأدم واحمارّ وأسوادّ أو حلية كدعج وكحل وشنب وسمن وهزل وزاد أيضا كون الفعل على فعل بالفتح أو فعل بالكسر ووصفهما ليس إلا على فعيل كذل وقوي وكونه على أفعل بمعنى صار كذا كأغدّ البعير أي صار ذا غدة وكونه على استفعل كذلك كاستحجر الطين أي صار حجرا. قوله: "ما ليس حركة جسم" أما ما هو حركته فمنه لازم كمشى ومتعد كمد. ويدخل في التعريف فهم وعلم من أنهما متعديان فإن أخرجتهما منه بجعلهما ثابتين أو منزلين منزلة الثابت أشكلا على تعريف أفعال السجايا أفاده الدنوشري أي لدخولهما فيها حينئذٍ مع أنهما متعديان. وذكر ما اقتضى عرضا بعد ذكر ما أقضى نظافة أو دنسا من ذكر العام بعد الخاص لأن النظافة والدنس من العرض وأفاد الشارح بتعريف العرض بما ذكره أنه ليس المراد بالعرض هنا العرض بالمعنى العام المقابل للجوهر حتى يرد أن الفعل من حيث هو عرض ولم يذكر في تعريف السجية السابق هذا القيد أعني ليس حركة جسم لظهوره ثم أفاده سم. قوله: "غير ثابت فيه" أي غير دائم فيه وبهذا القيد فارقت هذه الأفعال أفعال السجايا. قوله: "كمرض وكسل إلخ" وكلها بكسر العين قاله الشارح. قوله: "أو طاوع إلخ" المطاوعة قبول فاعل فعل أثر فاعل فعل آخر يلاقيه اشتقاقا، وإن شئت قلت حصول الأثر من الأول للثاني مع التلاقي اشتقاقا والقيد الأخير لإخراج نحو ضربته فثألم وقد يتخلف معنى الثاني عن معنى الأول لتوقفه على شيء من جانب فاعل الثاني لم يحصل كعلمته فيجوز أن يقال فما تعلم بخلاف نحو كسرته فلا يجوز أن يقال فما انكسر لعدم توقفه على شيء من جانب المنكسر كذا قالوا وهو مبني على ما زعموه من كون علمته موضوعا لما هو من جانب المعلم فقط وفيه بحث لأنه يلزم عليه أن لا يكون تعلم من قولك علمته فتعلم مطاوع علم لأنه حينئذٍ مثل أضجعته فنام مما يفضي فيه كثيرا الأول إلى الثاني بلا مطاوعة وكذا علمته فما تعلم يلزم أن يكون مثل أضجعته فما نام لأن الحقيقة المنفية ليست حينئذٍ لازمة للمثبتة ولا مستلزمة لها والإجماع على أن تعلم مطاوع علم إثباتا ونفيا فالوجه أن علم لما هو من جانب المعلم والمتعلم معا ولا يلزم التناقض في علمته فما تعلم لاحتمال التجوز بعلمته في عالجت تعليمه وأنه يجوز أن يقال كسرته فما انكسر على هذا التجوز ولا وجه لمنعه فلا فرق حينئذٍ بين علمته وكسرته في صحة المعنى المجازي في النفي دون المعنى الحقيقي فاحفظه وقضية كلام المصنف أن الفعل ومطاوعه لا يجوز أن يكونا لازمين معا أو متعديين معا إلى مفعول أو مفعولين وعليه الجمهور. وزعم أبو علي أنهما جاءا لازمين سمع في شعرهم منهوى ومنغوى من هوى وغوى وهما لازمان ورد بأنهما ضرورة وقيل مطاوعان لأهويته وأغويته وضعف بأن انفعل لأفعل

ص: 129

وعد لازمًا بحرف جر

وإن حذف فالنصب للمنجز

نقلًا وفي أنَّ وأنْ يطرد

مع أمن لبس كعجبت أن يدوا

ــ

كما مر "وعد لازمًا بحرف جر" نحو ذهبت بزيد بمعنى أذهبته، وعجبت منه، وغضبت عليه "وإن حذف" حرف الجر "فانصب للمنجر" وجوبًا وشذ إبقاؤه على جره في قوله:

411-

أشارت كليب بالأكف الأصابع

أي إلى كليب. وحيث حذف الجار في غير أن وأن فإنما يحذف "نقلا" لا قياسًا

ــ

شاذ، وزعم ابن بري أنهما يقعان متعديين إلى اثنين نحو استعطيته درهماً فأعطاني درهماً وإلى واحد نحو استنصحته فنصحني ورد بأن هذا ليس من باب المطاوعة بل من باب الطلب والإجابة كما في المغني.

قوله: "وعد لازماً" المراد باللازم ولو بالنسبة إلى ما يتعدى إليه بحرف الجر فيدخل المتعدي إلى المفعول الثاني بحرف الجر. قوله: "بمعنى أذهبته" فيه إشارة إلى أن الباء والهمزة على حد سواء وهو الراجح وقيل الباء تفيد مع التعدية المصاحبة بخلاف الهمزة واعترض بنحو: {ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ} [البقرة: 17] . وأجيب بأن المراد تفيد المصاحبة ما لم يمنع مانع منها كما في الآية فإن استحالة الذهاب عليه تعالى منع من المصاحبة ثم هذه التعدية التي تعاقب عليها الباء الهمزة وبها يصير الفاعل مفعولاً هي التعدية الخاصة بالباء، أما التعدية العامة التي هي إيصال معنى الفعل إلى الاسم فيشترك فيها جميع حروف الجر ففي تمثيل الشارح إشارة إلى أن المراد بالتعدية في المتن ما يشمل الخاصة والعامة. قوله:"فالنصب للمنجر" وناصبه عند البصريين الفعل وعند الكوفيين إسقاط الجار. يس. قوله: "وشذ إبقاؤه إلخ" ويطرد في رب نحو: وليل كموج البحر. قوله: "أشارت إلخ" صدره:

إذا قيل أي الناس شر قبيلة أشارت إلخ

والأصل أشارت إلى كليب الأكف بالأصابع فدخله الحذف والقلب وقيل الياء بمعنى مع فتكون الإشارة بالمجموع وروى كليب بالرفع على أنه خبر لمحذوف أي هي كليب فيكون جمع بين العبارة والإشارة وكليب قبيلة جرير والبيت للفرزدق من قصيدة يهجو بها جريراً. قوله: "فإنما يحذف نقلاً" جعل الشارح نقلاً متعلقاً بمحذوف من مادة حذف فيكون في المعنى راجعاً

411- صدره:

إذا قيل أي الناس شر قبيلة

والبيت من الطويل، وهو للفرزدق في ديوانه 1/ 420؛ وتخليص الشواهد ص504؛ وخزانة الأدب 9/ 113، 115؛ والدرر 4/ 191؛ وشرح التصريح 1/ 312؛ وشرح شواهد المغني 1/ 12؛ ومغني اللبيب 2/ 542؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 178؛ وخزانة الأدب 10/ 41؛ والدرر 5/ 185؛ وشرح ابن عقيل ص374؛ ومغني اللبيب 1/ 61، 2/ 643؛ وهمع الهوامع 2/ 36، 81.

ص: 130

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

مطردًا، وذلك على نوعين: الأول وارد في السعة نحو سكرته، ونصحته، وذهبت الشام، والثاني مخصوص بالضرورة. كقوله:

412-

آليت حب العراق الدهر أطعمه

وقوله:

413-

كما عسل الطريق الثعلب

ــ

لقوله حذف لا للنصب ولا لهما معا والمتجه عندي ما صنعه الشارح وإن قال شيخ الإسلام الوجه رجوعه إليهما معا بقرينة قوله وفي أن وأن يطرد إلخ ولأن الحذف هو اللائق بأن يوصف بكونه سماعيا لأنه متبوع النصب ولصحة ما يفيده هذا الوصف من أن نقيض الحذف وهو عدم الحذف قياسي بخلاف النصب فإنه تابع للحذف ولا يصح ما يفيده وصفه بكونه سماعيا من أن نقيض النصب عند الحذف وهو الجر قياسي فافهم. قوله: "مطردا" صفة لازمة. قوله: "الأول وارد في السعة" ظاهر تمثيله أن المراد الورود مع الفصاحة وعدم الندرة وحينئذٍ يبقى عليه نوعان الوارد في السعة مع الفصاحة والندرة كقوله تعالى: {لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ} [الأعراف: 16]، أي على صراطك والوارد في السعة مع الضعف والندرة سمع مررت زيدا. قوله:"نحو شكرته ونصحته" مبني على القول بأنهما لازمان قال حفيد الموضح جعل الحذف مع أن وأن قياسا دون نصح وشكر غير ظاهر لأن المراد بقياسية الحذف معهما جواز حذف حرف الجر معهما من أي تركيب سمع شخصه أو لم يسمع وهذا بعينه في نصح وشكر.

قوله: "وذهبت الشام" الحذف مع ذهب خاص بالشام فإن ذكر غير الشام لم يحذف حرف الجر اختيارا فلا يقال ذهبت المسجد أو الدار مثلا بخلاف دخل، ومثل ذهبت الشام توجهت مكة ومطرنا السهل والجبل وضربت فلانا الظهر والبطن قاله في شرح التسهيل وكلام الشارح يفيد أن الشام مفعول به وقيل إنه منصوب على الظرفية شذوذا لأن اطراد الظرفية المكانية في المكان المبهم وكذا الخلاف في المنصوب بدخلت. قوله:"مخصوص بالضرورة" فلا يجوز لنا استعماله نثرا ولو في منصوبه المسموع وقاله الروداني. قوله: "آليت" بفتح التاء أي أقسمت

412- البيت من البسيط، وهو للمتلمس جرير بن عبد المسيح.

413-

البيت بتمامه:

لدن بهز الكف يعسل متنه

فيه كما عسل الطريق الثعلب

وهو من الكامل، وهو لساعدة بن جؤية الهذلي في تخليص الشواهد ص503؛ وخزانة الأدب 3/ 83، 86؛ والدرر 3/ 76؛ وشرح أشعار الهذليين ص1120؛ وشرح التصريح 1/ 312؛ وشرح شواهد الإيضاح ص155؛ وشرح شواهد المغني ص885؛ والكتاب 1/ 36، 214؛ ولسان العرب 7/ 428 "وسط"، 11/ 446 "عسل"؛ والمقاصد النحوية 2/ 544؛ ونوادر أبي زيد ص15؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص180؛ وأوضح المسالك 2/ 179؛ وجمهرة اللغة ص842؛ والخصائص 3/ 319؛ ومغني اللبيب ص11؛ وهمع الهوامع 1/ 200.

ص: 131

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أي على حب العراق وفي الطريق "و" حذفه "في أنَّ وأنْ يطرد" قياسًا "مع أمن لبس كعجبت أن يدوا"{أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ} [الأعراف: 63، 69]، {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} [آل عمران: 18] ، أي من أن يدوا أي يعطوا الدية، ومن أن جاءكم، وبأنه، فإن خيف اللبس امتنع الحذف كما في رغبت في أن تفعل أو عن أن تفعل لأشكال المراد بعد الحرف. وأما قوله تعالى:{وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} [النساء: 127] ، فيجوز أن يكون الحذف فيه لقرينة كانت، أو أن الحذف لأجل الإبهام ليرتدع من يرغب

ــ

خطاب لملك هجاه الشاعر فحلف أن لا يأكل الشاعر حب العراق كناية عن عدم سكناه. وقوله أطعمه بفتح الهمزة والعين وحذف لا النافية أي لا آكله. قوله: "كما عسل" بالإهمال والفتحات أي اضطرب وصدر البيت:

لَدِنٌ بهزِّ الكف يعسل متنه

فيه كما سعل، يصف رمحا بأنه لدن أي لين والباء في بهز سببية وقوله يعسل متنه أي يضطرب ويهتز صدره. وقوله فيه أي مع هز الكف. قوله:"وحذفه في أنّ وأن" أي معهما وظاهره اختصاص اطراد الحذف بما ذكر وليس كذلك إذ منه كما في التسهيل نحو دخلت المسجد ونحو اعتكفت يوم الجمعة ونحو جئتك إكراما ونحو: {فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا} [الكهف: 19]، وليت شعري هل قام زيد مما علق فيه العامل عن الجملة والتقدير فلينظر في جواب أيها أزكى إلخ وليت شعري بجواب هل إلخ حاصل وفي كلام شيخنا والبعض أن الحذف في القسم الأخير واجب وتقدم فيه إعراب آخر ومنه أيضا كما سينبه عليه الشارح نحو جئت كي تكرمني على جعل كي مصدرية مقدرا قبلها لام التعليل لا تعليلية مقدرا بعدها أن. وفي الدماميني عن ابن عصفور أن الأخفش الأصغر وابن الطراوة ذهبا في الفعل المتعدي إلى اثنين أحدهما بنفسه والآخر بالجار أنه يجوز حذف الجار إن تعين الجار وتعين موضوعه لطول الفصل بالمفعولين فيجوز عندهما بريت القلم السكين وقبضت الدراهم زيدا ومنه:{وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا} [الأعراف: 155]، قال ابن عصفور ويحتمل أن قومه مفعول وسبعين بدل والمجرور محذوف أي من بني إسرائيل ويكون المراد بقومه نخبة قومه والذي في التسهيل عن الأخفش المذكور جواز حذف الجار متى تعين من غير اشتراط تعدي الفعل إلى مفعولين. قوله:"لإشكال المراد بعد الحذف" أي عدم فهمه فيكون إجمالا فهو مبني على مذهب المصنف من شمول اللبس للإجمال وأنه مانع كاللبس وكذا إيراد الآية مبني على هذا أيضا لأنها من الإجمال وقد مر غير مرة أن الحق أن بينهما فرقا وأن الإجمال ليس معيبا ما لم يكن المقصود التعيين ويمكن حمل مذهب المصنف على صورة قصد فتنبه.

قوله: "فيجوز إلخ" حاصل الجواب الأول أنه لا إجمال في الآية لأن قرينة سبب النزول تدل على الحرف المحذوف ولا يرد عليه اختلاف العلماء في المقدر هل هو في أو عن لأنه لاختلافهم في سبب النزول فالخلاف في الحقيقة في القرينة قاله في المغني. وحاصل الثاني أن

ص: 132

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فيهن لجمالهن، ومن يرغب عنهن لدمامتهن وفقرهن. وقد أجاب بعض المفسرين بالتقديرين.

تنبيهان: الأول إنما اطرد حذف حرف الجر مع أن وأن لطولهما بالصلة. الثاني اختلفوا في محلهما بعد الحذف: فذهب الخليل والكسائي إلى أن محلهما جر تمسكًا بقوله:

414-

وما زرت ليلى أن تكون حبيبة

إلي ولا دين بها أنا طالبه

ــ

الإجمال مقصود في الآية لعموم الفائدة وإنما يمتنع الإجمال إذا لم يقصد لنكتة. قوله: "لقرينة كانت" أي حين النزول يفهم منها المراد وهو في عند القائلين أن سبب النزول يدل على معنى في فقط وعن عند القائلين أنه يدل على معنى عن فقط وقيل إن المقول في شأنهم كانوا فرقتين فرقة ترغب فيهن لما لهن وفرقة ترغب عنهن لدمامتهن وهذا لا ينافي وجود القرينة إذ لا مانع من قيام قرينة في حق كل تناسبه. قوله: "لأجل الإبهام" أي لأجل قصد المتكلم الإبهام على السامع والبلغاء تقصد الإبهام إذا ناسب المقام. قوله: "لدمامتهن" بالمهملة أي قبحهنّ ومنه ما وراء الخلق الدميم إلا الخلق الذميم. قوله: "وقد أجاب بعض المفسرين بالتقديرين" أي تقدير في وتقدير عن فكان المناسب أن يقول كما في المرادي وقد أجاز بعض المفسرين التقديرين إذ ليس هذا الجواب عن إيراد الآية كذا قال البعض ويمكن أن يكون مراد الشارح بالتقديرين الجوابين فلا إشكال في تعبيره بأجاب فافهم.

قوله: "لطولهما بالصلة" أورد أن الموصول الاسمي طويل بالصلة ولا يحذف معه الجار وأجيب بأن العلة النحوية غير مطردة وبأنهم فروا في الموصول الحرفي من دخول الحرف على الحرف في الظاهر بخلاف الاسمي. قوله: "فذهب الخليل إلخ" كذا في البسيط والتسهيل لكن قال شيخنا وغيره الصواب ذكر سيبويه مكان الخليل والخليل مكان سيبويه كما في المغني والتصريح. ا. هـ. وعبارة المغني بعد نقل النصب عن سيبويه وأكثر النحويين وجوز سيبويه أن يكون المحل جرا فقال بعد ما حكى قول الخليل ولو قال إنسان إنه جر لكان قولا قويا. ا. هـ. فليس في كلام سيبويه تعيين الجر كما يوهمه جعله مذهبا له فافهم. قوله: "تمسكا بقوله إلخ" أي حيث جر المعطوف على أن تكون ومعنى البيت وما زرت ليلى لأن تكون حبيبة لي ولا لدين أنا طالبها به وإنما زرتها لضرورة نزلت بي ففي العبارة قلب ويحتمل أن الباء بمعنى على نحو: {مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ} [آل عمران: 75] ، أي دين عليها قاله الدماميني ويحتمل أنها بمعنى من متعلقة بطالب.

414- البيت من الطويل، وهو للفرزدق في ديوانه 1/ 84؛ والإنصاف ص395؛ وتخليص الشواهد ص511؛ والدرر 5/ 183؛ وسمط اللآلي ص572؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 103؛ وشرح شواهد المغني ص885؛ والكتاب 3/ 29؛ ولسان العرب 1/ 336 "خطب"؛ والمقاصد النحوية 2/ 556؛ وبلا نسبة في مغني اللبيب ص526؛ وهمع الهوامع 2/ 81.

ص: 133

والأصل سبق فاعل معنى كمن

من ألبسن من زاركم نسج اليمن

ويلزم الأصل لموجب عرا

وترك ذاك الأصل حتما قد يرى

ــ

بجر دين. وذهب سيبويه والفراء إلى أنهما في موضع نصب وهو الأقيس. ومثل إن وأن في حذف حرف الجر قياسًا كي المصدرة نحو جئتك كي تقوم أي لكي تقوم "والأصل" في ترتيب مفعولي الفعل المتعدي إلى اثنين ليس أصلهما المبتدأ والخبر "سبق فالع" أي أن سبق الفاعل "معني" منهما المفعول معنى "كمن من" قولك "البسن من زاركم نسج اليمن" فإن من هو اللابس فهو الفاعل في المعنى، ونسج اليمن هو الملبوس فهو المفعول في المعنى. ويجوز العدول عن هذا الأصل فيقدم ما هو مفعول في المعنى على ما هو فاعل في المعنى. فيقال ألبسن نسج اليمن من زاركم "و" قد "يلزم الأصل" المذكور "لموجب عرى" أي وجد، وذلك كخوف اللبس نحو أعطيت زيدًا عمرًا، وكون الثاني محصورًا كما أعطيت زيدًا إلا درهمًا، أو ظاهرًا والأول ضمير متصل نحو:{إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} [الكوثر: 1] ، "وترك ذاك الأصل" لمانع وجد "حتمًا قد يرى" أي قد يرى واجبًا، وذلك كما غذا كان الذي هو الفاعل في المعنى محصورًا نحو ما أعطيت

ــ

قوله: "وهو الأقيس" أي الأقوى قياسا لأن قائله قاس على ما إذا كان المجرور غير أنّ وأن فإنه ينتصب لضعف حرف الجر عن أن يعمل محذوفا، وقائل القول الأول قاس على مجرور رب مع أن من النحاة من يجعل الجر عند حذف رب بواو رب لا برب فأفعل التفضيل على بابه ولعل القائل بالنصب يجيب عن البيت بأن جرّ دين بالعطف على توهم اللام.

قوله: "كي المصدرية" فيحذف معها ما يدخل عليها من حروف الجر وهو اللام فقط كما في المغني. قوله: "سبق فاعل معنى" أي وسبق ما لا يجر على ما قد يجر نحو اخترت زيدا الرجال فالأصل تقديم زيد لأن الفعل يتعدى إليه بنفسه بخلاف الرجال فإن الفعل قد يصل إليه بالحرف فنقول اخترت زيدا من الرجال قال المصنف في الشرح يعني ابن مالك في شرح التسهيل ولذا يقال اخترت قومه عمرا ولا يقال اخترت أحدهم القوم إلا على قول من أجاز ضرب غلامه زيدا دماميني. قوله: "من ألبسن" بضم السين أمرا للجماعة ليطابق من زاركم ويجوز فتحها على أن الميم للتعظيم أو أن المأمور بالإلباس واحد من الجماعة المزورين ونسج بمعنى منسوج. قوله: "وقد يلزم الأصل" التقليل بالنسبة إلى عدم اللزم. قوله: "نحو أعطيت زيدا عمرا" توقف سم في جواز تقديمهما مرتبين على الفعل وفي جواز تقديم الثاني على الفعل واستظهر البعض الجواز وعلله بعدم اللبس أي والحاصل في الصورة الثانية إجمال لا لبس وحينئذٍ فالمراد بلزوم الأصل تقديم الثاني على الأول متأخرين معا عن الفعل أو متقدمين معا عليه فتأمل. قوله: "محصورا" أي فيه. قوله: "أو ظاهرا والأول ضمير" اعترضه حفيد الموضح بأنه يجوز تقديم الثاني على الفعل. وأجيب بأن لزوم الأصل إضافي بالنسبة إلى امتناع تقديم الثاني على الأول لا مع الفعل.

ص: 134

وحذف فضلة أجز إن لم يضر

كحذف ما سبق جوابًا أو حصر

ــ

الدرهم إلا زيدًا، أو ظاهرًا والثاني ضميرًا متصلًا نحو الدرهم أعطيته زيدًا، أو ملتبسًا بضمير الثاني نحو أسكنت الدار بانيها. فلو كان الثاني ملتبسًا بضمير الأول كما في نحو أعطيت زيدًا ما له جاز وجاز، على ما عرف في باب الفاعل.

تنبيه: حكم المبتدأ مع خبره إذا وقعا مفعولين كحكم الفاعل في المعنى مع المفعول في المعنى في هذه الأمور الثلاثة: فجواز تقديمه في نحو ظننت زيدًا قائمًا، ووجوبه في نحو ظننت زيدًا عمرًا، وامتناعه في نحو ظننت في الدار صاحبها "وحذف فضلة" وهي المفعول من غير باب ظن "أجز" اختصارًا أو اقتصارًا "إن لم يضر" حذفها

ــ

قوله: "أي قد يرى واجبا" إشارة إلى أن حتما مفعول ثان ليرى مقدم ويحتمل أن يكون إشارة إلى أنه حال من ضمير يرى مقدمة ويجوز أيضا أن يكون صفة مصدر محذوف أي تركا حتم أو حالا من ترك على مذهب سيبويه ويرى على هذه الثلاثة بمعنى يعتقد كما في رأى الشافعي حل كذا بناء على القول بأن رأى بمعنى اعتقد متعدية إلى واحد كما مر في محله. قوله: "كما إذا كان الذي هو الفاعل في المعنى محصورا" أي فيه قال سم ما ملخصه: انظر إذا تعارض خوف اللبس وكون الفاعل في المعنى محصورا فيه نحو ما أعطيت عمرا إلا زيدا إذا كان زيد هو الفاعل في المعنى فإنه إن قدم لخوف اللبس انعكس الحصر وإن قدم عمر لأجل الحصر في زيد حصل اللبس ويمكن أن يقال يراعى الحصر مع القرينة الدافعة للبس. ا. هـ. أي كأن يقال ما أعطيت عمرا عبدي إلا زيدا ويظهر لي أن من مراعاة الحصر مع دفع اللبس تقديم إلا مع المحصور فيه كأن يقال ما أعطيت إلا زيدا عمرا، بقي ما إذا تعارض خوف اللبس وعود الضمير إلى متأخر لفظا ورتبة كأعطيت المرأة زوجها وجها إذا كان زوجها هو الفاعل في المعنى والظاهر فيه أيضا مراعاة الضمير مع القرينة الدافعة للبس كأن يقال أعطيت المرأة الرقيقة زوجها وهذا أولى من قول الروداني الظاهر أنه يعدل عن التركيب المؤدي إلى ذلك فيقال في هذا زوج الجارية أعطيته إياها، وفيما قبله عمرو ما أعطيته إلا لزيد أو نحو ذلك مما يؤدي المراد بلا محذور. قوله:"جاز وجاز" أي جاز تقديم الثاني تأخيره لأنه عند تقديمه يعود الضمير على متقدم رتبة.

قوله: "كحكم الفاعل إلخ" ولم يتعرض لهما الناظم لعلم حكمهما من باب المبتدأ والخبر. قوله: "وهي المفعول من غير باب ظن" لو قال وهي ما عدا مفعولي باب ظن مما ليس بعمدة لكان أعم وكان التخصيص بالمفعول لكون الكلام فيه أما مفعول ظن فيجوز حذفه اختصارا لا اقتصارا كما تقدم في قوله:

ولا تجز هنا بلا دليل

إلخ. قوله: "أجز" مراده بالجواز عدم الامتناع فيصدق بالوجوب نحو ضربت وضربني زيد سم. قوله: "أو اقتصارا" لا يقال هذا لا يأتي في المفعول به لأن الفعل المتعدي يدل عليه إجمالا فلا يكون حذفه إلا لدليل لأنا نقول المراد دليل يدل على خصوصه لا ما يدل عليه إجمالا،

ص: 135

ويحذف الناصبها إن علما

وقد يكون حذفه ملتزما

ــ

كما هو الاصل، ويكون ذلك لغرض: إما لفظي كتناسب الفواصل نحو: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} [الضحى: 3]، ونحو:{إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى} [طه: 3]، وكالإيجاز في نحو:{فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا} [البقرة: 24]، وإما معنوي كاحتقاره في نحو:{كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ} [المجادلة: 21] ، أي الكافرين، أو استهجانه كقول عائشة رضي الله عنها: ما رأيت منه ولا رأى مني، أي العورة. فإن ضر الحذف امتنع وذلك "كحذف ما سيق جوابًا" لسؤال سائل كضربت زيدًا لمن قال: من ضربت؟ "أو حصر" نحو ما ضربت إلا زيدًا. وإنما ضربت زيدًا، أو حذف عامله نحو إياك والأسد.

تنبيه: قوله: يضر هو بكسر الضاد مضارع ضار يضير ضيرًا بمعنى ضر يضر ضرًّا قال الله تعالى: {لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا} [آل عمران: 120] أي لم يضركم "ويحذف

ــ

وبهذا يعلم ما في كلام الشاطبي هنا فافهم. ومن الحذف اقتصارا حذف مفعول الفعل المنزل منزلة اللازم على رأي النحاة، ورأي البيانيين ووافقهم في المغني أنه لا مفعول له أصلا. وعبارة المغني بعد ذكر رأي النحاة والتحقيق أن يقال إنه تارة يتعلق الغرض بالاعلام بمجرد وقوع الفعل من غير تعيين من أوقعه أو من أوقع عليه فيجاء بمصدره مسندا إليه فعل كون عام فيقال حصل حريق أو نهب، وتارة يتعلق بالاعلام بإيقاع الفاعل للفعل فيقتصر عليهما ولا يذكر المفعول ولا ينوى إذ المنوي كالثابت ولا يسمى محذوفا لأن الفعل ينزل لهذا القصد منزلة ما لا مفعول له ومنه:{رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ} [البقرة: 258]، وتارة يقصد إسناد الفعل إلى فاعله وتعليقه بمفعوله فيذكران وهذا النوع الذي إذا لم يذكر مفعوله قيل محذوف نحو:{مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} [الضحى: 3]، {أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا} [الفرقان: 41] . ا. هـ. باختصار. قوله: "لغرض" أي حكمة فلا يشكل في جانب الله تعالى. اسقاطي. قوله: "كتناسب الفواصل" جمع فاصلة وهي رأس الآية. تصريح.

قوله: "لمن يخشى" الأصل يخشاه أي القرآن ويحتمل أن لا حذف وأن المفعول تنزيلا. قوله: "وكالإيجاز إلخ" أي وكتصحيح النظم وهو كثير. قوله: "فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا" أي الإتيان بسورة من مثله ودعاء شهدائكم بدليل ما قبل. قوله: "أو استهجانه" أي استقباح التصريح به أي وكالعلم به أو الجهل به أو تعظيمه أو الخوف منه وبالجملة يحذف المفعول لما يحذف له الفاعل من الأغراض اللفظية والمعنوية. قوله: "كحذف ما سيق" أي مفعول سيق مع الفعل والفاعل لكن لما كان محط الجواب المفعول اقتصر عليه أي وكحذف المفعول في الاشتغال نحو زيدا ضربته وفي التنازع نحو ضربني وضربته زيد وكحذف مفعول أكرمته في نحو جاء الذي أكرمته في داره لأن حذفه يوهم أن العائد الضمير في داره. قوله: "هو بكسر الضاد إلخ" قال يس نقلا عن ابن هشام ويجوز ضمها على أن الفعل أجوف واوي أو على أنه مضعف وقف عليه في القافية بالتخفيف لكن الكسر أنسب. ا. هـ. قوله: "أي لم يضركم" المناسب أي لا

ص: 136

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الناصبها" أي ناصب الفضلة "إن علما" بالقرينة، وإذا حذف فقد يكون حذفه جائزًا نحو قالوا خيرًا "وقد يكون حذفه ملتزمًا" كما في باب الاشتغال والنداء والتحذير والإغراء بشرطه، وما كان مثلًا: نحو الكلاب على البقر، أي ارسل الكلاب، أو أجرى مجرى المثل نحو:{انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ} [النساء: 171] .

ــ

يضركم.

قوله: "ويحذف الناصبها" وإذا حذف فالأصل تقديره في مكانه الأصلي إلا لمانع أو مقتض فالأول نحو أيهم رأيته إذ لا يعمل في الاستفهام ما قبله ونحو: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ} [فصلت: 17] ، فيمن نصب إذ لا يلي أما فعل ونحو في الدار زيد فيجب تأخير متعلق الظرف عن زيد أن قدرته فعلا لأن الخبر الفعلي لا يتقدم على المبتدأ في مثل هذا ونحو إن خلفك زيدا فيجب تأخير المتعلق قدرته اسما أو فعلا لأن مرفوع إن لا يسبق منصوبها بخلاف كان خلفك زيد فيجوز تقديم المتعلق ولو قدرته فعلا لأن خبر كان يجوز تقديمه مع كونه فعلا إذ لا تلتبس الجملة الاسمية بالفعلية. والثاني كتأخير متعلق باء البسملة الشريقة لإفادة الحصر كذا في المغني وناقش الدماميني التعليل بعدم الالتباس بأنك إذا قلت كان يقوم زيد فالالتباس حاصل فيما دخل عليه الناسخ لاحتمال كون زيد فاعل يقوم والجملة خبر ضمير الشأن دخلت عليه كان فاستتر فيها وكونه مبتدأ مؤخرا خبره يقوم وافتراق الجملتين بتقوّي الحكم وعدمه قبل دخول الناسخ لا يزيله دخوله، فالالتباس حاصل بعده أيضا، على أن ابن عصفور رجح منع التقدم في نحو كان زيد يقوم. قال لأن الذي استقر في باب كان أنك إذا حذفتها عاد اسمها وخبرها إلى المبتدأ والخبر ولو أسقطتها في المثال لم يرجعا إلى ذلك. وأجاب الشمني بأن احتمال كون اسم كان ضمير الشأن بعيد. وقد قال ابن هشام لا ينبغي الحمل على ضمير الشأن متى أمكن غيره ولا يخفى ما في قوله وكونه مبتدأ مؤخرا خبره يقوم فتأمل. قوله:"إن علما" اشترط في حذف الناصب علمه دون حذف الفضلة لأنه أحد ركني الإسناد وعمدتيه فلا يستغنى الإسناد عنه حتى يحذف بلا دليل بخلاف الفضلة.

قوله: "قالوا خيرا" أي أنزل خيرا بدليل ماذا أنزل. قوله: "كما في باب الاشتغال والنداء" إذ لا يجمع بين العوض والمعوض. قوله: "بشرطه" أي بشرط كل من التحذير والإغراء فشرط التحذير أن يكون بإياك نحو إياك والأسد أو بالعطف نحو رأسك والسيف أو بالتكرار نحو الأسد الأسد وشرط الإغراء العطف نحو المروءة والنجدة أو التكرار نحو أخاك أخاك. قوله: "الكلاب على البقر" أي بقر الوحش كما في التصريح والمراد خل الناس جميعا خيرهم وشرهم واسلك طريق السلامة. وقيل المراد إذا أمكنتك الفرصة فاغتنمها. قوله: "أو أجري مجرى المثل" الفرق بينه وبين المثل كما أفاده الدنوشري أن المثل مستعمل في غير ما وضع له للمشابهة بين ما وضع له وغيره على طريق الاستعارة التمثيلية وما أجري مجراه مستعمل فيما وضع له لكن أشبه المثل في كثرة الاستعمال وحسن الاختصار فأعطى حكمه في عدم التغيير. قوله: "انتهوا خيرا لكم" أي

ص: 137

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

خاتمة: يصير المتعدي لازمًا في حكم اللازم بخمسة أشياء: الأول التضمين لمعنى لازم. والتضمين إشراب اللفظ معنى لفظ آخر وإعطاؤه حكمه لتصير الكلمة تؤدي مؤدى كلمتين نحو: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} [النور: 63]، أي يخرجون:{وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ} [الكهف: 28] ، أي تنب أذاعوا به أي تحدثوا، {وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي} [الأحقاف: 15] ، أي بارك لي. ومنه قول الفرزدق:

ــ

انتهوا عن التثليث وائتوا خيرا لكم. قوله: "لازما" بأن ينسلخ عن التعدية بالكلية بحسب الظاهر وبحسب الحقيقة كما في الثاني والثالث. وقوله أو في حكم اللازم بأن يكون بحسب الظاهر لازما وأما باعتبار المعنى أو بعض المعنى فمتعد كما في الأول والرابع والخامس، فإن المضمن باعتبار دلالته على معنى الفعل المتعدي متعد، والضعيف عن العمل متعد في المعنى للمفعول وطالب له، وكذلك في الضرورة هذا ما ظهر.

قوله: "لمعنى لازم" بالإضافة أي لمعنى فعل لازم. قوله: "معنى لفظ آخر" ظاهره وجوب تغاير المعنيين وهو غير ظاهر في نحو قوله تعالى: {أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ} [يوسف: 100]، فإن تعدية أحسن بالباء لتضمينه معنى لطف والإحسان هو اللطف فالأولى أن يقال التضمين إلحاق مادة بأخرى في التعدي أو الزوم لتناسب بينهما في المعنى أو اتحاد كذا قيل. قوله:"لتصير الكلمة إلخ" فيكون اللفظ مستعملا في مجموع المعنيين مرتبطا أحدهما بالآخر فيكون مجازا لا في كل منهما على حدته حتى يلزم الجمع بين الحقيقة والمجاز المختلف فيه نقله البعض عن ابن كمال باشا. وانظر ما علاقة المجاز على هذا، لا يقال العلاقة الجزئية لأنا نقول نقل الناصر اللقاني في حواشيه على المحل عن السعد التفتازاني أنه لا بد في اعتبار الجزئية من كون تركب الكل من الأجزاء حقيقيا لا اعتباريا كما هنا والأقرب عندي أنه مستعمل في كل من المعنيين على حدته وإن لزم عليه الجمع المذكور فتختلف العلاقة باختلاف المعنيين فتكون تارة المشابهة بينهما وتارة تكون غيرها. ويؤيده ما نقل عن ابن عبد السلام وجزم به الدماميني وغيره أنه مستعمل في حقيقته ومجازه. وهذا هو التضمين النحوي وفي كونه مقيسا خلاف. ونقل أبو حيان في ارتشافه عن الأكثرين أنه ينقاس. وأما البيان فهو تقدير حال يناسبها المعمول بعدها لكونها تتعدى إليه على الوجه الذي وقع عليه ذلك المعمول ولا تناسب العامل قبلها لكونه لا يتعدى إلى ذلك المعمول على الوجه المذكور وهو قياسي اتفاقا لكونه من حذف العامل لدليل هذا ما درج عليه السعد ومتابعوه. وقال ابن كمال باشا الحق أن التضمين البياني هو التضمين النحوي وإنما جاء الوهم للسعد من عبارة الكشاف حيث قدر خارجين عن أمره فتوهم أنه تقدير لعامل آخر وليس كذلك بل هو تفسير للفعل المضمن.

قوله: "أي يخرجون" اقتصار على بيان المعنى الطارىء لأنه المحتاج للبيان وكذا ما بعده إلا قوله أي صرفه بالقتل فهو بيان للمعنيين. قوله: "أي تنب" أي تبعد. قوله: "وأصلح لي في ذريتي أي بارك" جعله ابن الحاجب من باب فلان يعطي ويمنع ويصل ويقطع، أي من تنزيل

ص: 138

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

415-

كيف تراني قاليًا مجني

قد قتل الله زيادًا عني

أي صرفه بالقتل. ومنه قول الآخر:

ضمنت برزق عيالنا أرماحنا

أي تكفلت. وهو كثير جدًّا. الثاني التحويل إلى فعل بالضم لقصد المبالغة والتعجب، نحو ضرب الرجل وفهم، بمعنى ما أضربه وأفهمه: الثالث مطاوعته المتعدي لواحد كما مر. الرابع الضعف عن العمل إما بالتأخير نحو: {إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ} [يوسف: 43]، {لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ} [الأعراف: 154] ، أو بكونه فرعًا في العمل نحو:{مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ} [آل عمران: 3]، {فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} [هود: 107، البروج:

ــ

المتعدي منزلة اللازم كأنه قيل يفعل الإعطاء والمنع والوصل والقطع وإذا قصد هذا المعنى ثم ذكر خصوص متعلقه أتى به مجرورا بفي كأنه محل له فالمعنى في الآية أوقع الصلاح في ذريتني. دماميني. قوله: "ومنه" أي من التضمين من حيث هو لا بقيد كون المضمن فعلا متعديا صار بالتضمين لازما، ولهذا فصله بمن فاندفع ما قاله شيخنا وأقره البعض أن البيت ليس مما نحن فيه لأن الفعل فيه متعد إلى واحد وصار بالتضمين متعديا إلى ثان بحرف الجر. قوله:"كيف تراني قاليا مجني" بكسر الميم وفتح الجيم أي في أي حالة تراني باغضا ترسي، ثم أجاب بقوله وقد قتل الله إلخ أي ذلك في حال قتل الله زيادا عني لأمني حينئذٍ. وقيل المراد بالمجن المحل فالمعنى في أي حالة تراني باغضا محلي لست قاليا له لأن الله قال زيادا عني، فالاستفهام على هذا إنكاري وأراد بزياد زياد بن أبيه الذي استلحقه معاوية بن أبي سفيان بنسبه واعترف بأنه أخوه لأبيه. قوله:"ومنه قول الآخر" فصله بمن مع أنه مما نحن فيه ليناسب ما قبله في الفصل بمن. قوله: "لقصد المبالغة والتعجب" خرج به التحويل إلى فعل بالضم لا لهذا القصد بل لنقل ضمة العين إلى الفاء في نحو قلته وطلته على قول سيبويه إن الأصل فعل بفتح العين فلما سكن آخره للضمير ولزم حذف عينه حوّل إلى فعل بالضم لتنتقل ضمته إلى فائه فيعلم أن عينه واو كما حوّلوا نحو باع إلى فعل بالكسر ليدل على أن عينه ياء فإن هذا التحويل لا يقضي باللزوم أما على قول ابن الحاجب أن الصحيح أن الضم لبيان بنات الواو لا للنقل فالقيد لبيان الواقع.

قوله: "الضعف عن العمل إلخ" فالعامل فيما يذكر متعد في المعنى إلى ما بعد اللام الزائدة لكنه بحسب الظاهر لازم فهو مما في حكم اللازم كما قدمناه فزيادة اللام لا تنافي الفعل لازما بحسب الظاهر مع أن لام التقوية ليست زائدة محضة ولا معدية محضة كما في المغني

415- الرجز للفرزدق في الخصائص 2/ 310؛ والمحتسب 1/ 52؛ ومغني اللبيب 2/ 686؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 1/ 247، 2/ 109، 179؛ وشرح الشواهد المغني 2/ 962.

ص: 139

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

16] ، الخامس الضرورة كقوله:

416-

تبلت فؤادك في المنام خريدة

تسقي الضجيع ببارد بسام

ويصير اللازم متعديًا بسبعة أشياء: الأول همزة النقل كما أسلفته. الثاني تضعيف العين نحو فرح زيد وفرحت زيدًا. وقد اجتمعا في قوله تعالى: {نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ} [آل عمران: 3] ، الثالث المفاعلة تقول في جلس زيد ومشى وصار جالست زيدًا وماشيته وسايرته. الرابع استفعل للطلب أو بالنسبة

ــ

فسقط اعتراض البعض. قوله: "تبلت" بالفوقية فالموحدة أي أصابت. ويقال أقبل بالهمزة، والخريدة المرأة الحسناء، والضجيع بمعنى المضاجع، ببارد أي بريق بارد بسام أي بسام محله والشاهد في قوله ببارد فإن الفعل يتعدى إليه بنفسه فجعله الشاعر لازما بالنسبة إليه للضرورة ويحتمل عندي أنه ضمنه معنى تشفي فعداه بالباء وجوز الدماميني أن يكون المراد تسقي الضجيع ريقها بفم بارد ريقه فيكون المفعول محذوفا والباء للاستعانة. قوله:"ويصير اللازم متعديا" كان عليه أن يقول أو في حكم المتعدي لأن السادس والسابع يصيرانه في حكم المتعدي لا متعديا. قوله: "همزة النقل" قال في المغني الحق أن دخولها قياسي في اللازم دون المتعدي. وقيل قياسي فيه وفي المتعدي إلى واحد. وقيل النقل بالهمزة كله سماعي. ا. هـ. قوله: "كما أسلفته" أي في باب أعلم وأرى ويحتمل أن المراد كهذا اللفظ. قوله: "تضعيف العين" ما لم تكن همزة نحو نأى فيمتنع تضعيفها لئلا يؤدي إلى إدغام الهمزة أو الإدغام فيها، وقلّ في غيرها من باقي حروف الحلق كدهنه وبعده كذا في التسهيل وشرحه. قال في المغني التضعيف سماعي في اللازم وفي المتعدي لواحد ولم يسمع في المتعدي لاثنين. وقيل قياسي في الأولين. ا. هـ.

فائدة: قال الزمخشري والسهيلي وغيرهما التضعيف يقتضي التكرار والتمهل بخلاف الهمزة وقيل لا يقتضي ذلك بل هو كالهمزة: {لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآَنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً} [الفرقان: 32]، والظاهر الأول وأن محله حيث لا قرينة وجملة واحدة قرينة فهو محل وفاق. ثم رأيت في الكشاف ما يصرح به حيث قال في تفسير هذه الآية نزل ههنا بمعنى أنزل لا غير كخبر بمعنى أخبر وإلا كان متدافعا. قوله:"الثالث المفاعلة" أي ألف المفاعلية كما عبر به في المعنى أو دلالته على المفاعلة أو اشتقاقه من المفاعلة وقول البعض أي المشتق منها سهو عن كون المعدود الأشياء التي يصير بها اللازم متعديا لا الأفعال المتعدية. قوله: "الرابع استفعل" أي كون الفعل على استفعل أو صوغه على استفعل كما عبر به في المغني والشارح في الخامس. قوله: "للطلب

416- البيت في الكامل، وهو لحسان بن ثابت في ديوانه ص107؛ والأغاني 4/ 137، 215؛ والجني الداني ص51؛ والدرر 3/ 7؛ وشرح شواهد المغني 1/ 332؛ وبلا نسبة في مغني اللبيب 1/ 109؛ وهمع الهوامع 1/ 167.

ص: 140

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

للشيء كاستخرجت المال، واستحسنت زيدًا، واستقبحت الظلم، وقد ينقل ذا المفعول الواحد إلى اثنين نحو استكتبته، واستغفرت الله الذنب. ومنه قوله:

استغفر الله ذنبًا لست أحصيه

وإنما جاز استغفرت الله من الذنب لتضمنه معنى استتبت أي طلبت التوبة. الخامس صوغ الفعل على فعلت بالفتح أفعل بالضم لإفادة الغلبة تقول كرمت زيدًا أكرمه أي غلبته في الكرم السادس التضمين نحو: {وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ} [البقرة: 235]، أي لا تنووا لأن عزم لا يتعد إلا بعلى: تقول: عزمت على كذا لا عزمت كذا. ومنه رحبتكم الطاعة، وطلع بشر اليمن: أي وسعتكم وبلغ اليمن. السابع إسقاط الجار توسعًا نحو: {أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ} [الأعراف: 150] أي عن أمره {وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ} [التوبة: 5] أي عليه. وقوله:

ــ

أو النسبة" احترز عن استفعل للصيرورة فإنه لازم كاستحجر الطين. قوله: "كاستخرجت المال" مثال للطلب وما بعده مثالان للنسبة أي نسبة الحسن ونسبة القبح ونسبة القبح فأصل استحسنت زيدا واستقبحت الظلم حسن زيد وقبح الظلم وكلاهما لازم فصار بنقلهما إلى استفعل متعديين. قوله: "وقد ينقل" أي استفعل ذا المفعول الواحد أي الفعل صاحب المفعول الواحد أي وقد لا ينقل كاستفهمت الخبر أي طلبت فهمه. ومثل استفعل التضعيف فقد ينقل كما في علم وقد لا ينقل كما مني كسر وأما همزة النقل فتنقل كل ما دخلت عليه ولا يرد توافق نحو رتح الباب وأرتجه أي أغلقه لأن الهمزة ليست للنقل. قوله: "نحو استكتبته إلخ" الأصل كتب الكتاب وغفر الله الذنب فنقلتهما صيغة استفعل إلى التعدي لاثنين. قوله: "ومنه قوله أستغفر الله ذنبا" قال سم انظر هذا مع قولهم في باب لا: إن هذا على معنى من. ا. هـ وقد يقال يجوز أن تكون السين والتاء ناقلة للفعل من التعدي إلى واحد إلى التعدي إلى اثنين ويجوز أن لا تكونا إذ لا يلزم من وجودهما نقله إليه كما أشار إليه الشارح بقد فما هنا مبني على الأول

وجعل أستغفر الله ذنبا بمعنى أطلب غفر الله وما في باب لا مبني على الثاني وجعل أستغفر الله بمعنى أستثيب كما يشير إليه قول الشارح وإنما جاز إلخ فلا تنافي فتأمل. ونقل الدماميني عن ابن الحاجب وغيره أن أستغفر يتعدى للثاني تارة بنفسه وتارة بمن.

قوله: "السادس التضمين" قال في المغني ويختص التضمين عن بقية المعديات بأنه قد ينقل الفعل إلى أكثر من درجة ولذلك عدي ألوت بقصر الهمزة بمعنى قصرت إلى مفعولين بعد ما كان قاصرا وذلك في نحو قولهم لا آلوك نصحا لما تضمن معنى لا أمنعك. وعدى أخبر وخبر وحدّث وأنبأ ونبأ إلى ثلاثة لما تضمنت معنى أعلم وأرى بعد ما كانت متعدية إلى واحد بنفسها وإلى آخر بالجار نحو: "أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم، نبئوني بعلم". ا. هـ. قوله: "رحبتكم الطاعة وطلع بشر اليمن" بضم العين فيهما، قال في المغني ولا ثالث لهما أي ليس ثم فعل مضموم العين عدى بالتضمين إلى المفعول غير هذين. قوله:

ص: 141