الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المفعول المطلق:
المصدر اسم ما سوى الزمان من
…
مدلولي الفعل كأمن من أمن
ــ
وقعد إلا زيد وما ورد مما ظاهره جواز ذلك مؤول. ويجوز فيما عدا ذلك من المعمولات. والله تعالى أعلم.
المفعول المطلق:
زاد في شرح الكافية في الترجمة: وهو المصدر، وذلك تفسير للشيء بما هو أعم منه مطلقًا، كتفسير الإنسان بأنه الحيوان إذ المصدر أعم مطلقًا من المفعول المطلق؛ لأن المصدر يكون مفعولًا لا مطلقًا، وفاعلًا ومفعولًا به وغير ذلك، والمفعول المطلق لا يكون إلا مصدرًا نظرًا إلى أن ما يقوم مقامه مما يدل عليه خلف عنه في ذلك وأنه الأصل.
ــ
إنما قام وقعد زيد هو والاستعمال على خلافه وجوابه كما تقدم أن الحصر مدلول التأخير الأصلي ولا يفوت بعروض اتصال الضمير بعامله. ا. هـ. باختصار. قوله: "وما ورد إلخ" كقوله:
ما صاب قلبي وأضناه وتيمه
…
إلا كواعب من ذهل بن شيبانا
فيؤول بأنه من الحذف لدليل لكن يلزم عليه حذف الفاعل. وأجيب بأنه سوّغ ذلك وجوده معنى باعتبار المذكور وفيه ما فيه فتأمل. قوله: "ويجوز فيما عدا ذلك من المعمولات" استثنى منها المفعول له. قال بعضهم وقياس جوازه في المفعول فيه جوازه في المفعول له فكما يقدر الضمير في المفعول فيه مقرنا بفي يقدر في المفعول له مقترنا باللام، وفرق الروداني بتوسعهم في الظروف دون غيرها ألا ترى أنه لو لم يقدر في، وقيل صمت وسرت اليوم على أن التقدير صمته لصح هذا التقدير للتوسع بخلاف المفعول له فلا يقال قمت وسرت خوفا إذ لا يجوز قمته أي الخوف لعدم التوسع فيه والنفس إلى جواز التنازع فيه أميل فتنبه.
المفعول المطلق:
قوله: "زاد في شرح الكافية إلخ" يحتمل أن مراده التورك على الناظم بأنه كان ينبغي أن يزيد هنا ذلك لتظهر مطابقة الترجمة للمترجم لأنه لا تصريح فيما سيذكره بأن المفعول المطلق أي شيء هو وإن كان يؤخذ ذلك من قوله المصدر إلخ بمعونة ذكره بعد الترجمة المشعر بأن المفعول المطلق ما ذكر وكونه منصوبا مفيدا للتوكيد أو مبنيا للنوع أو العدد يؤخذ من قوله بمثله إلخ وقوله توكيدا إلخ ويحتمل أن مراده استحسان اقتصار المصنف هنا على قوله المفعول المطلق وتوركه على زيادته في شرح الكافية وهذا هو الظاهر وإن جزم البعض بالاحتمال الأول. قوله: "وذلك تفسير للشيء إلخ" جوّزه المتقدمون بناء على أن المقصود التمييز في الجملة. قوله: "لا يكون" أي أصالة بدليل ما بعد. قوله: "نظرا إلى أن ما يقوم مقامه" أي المصدر أي يحل محله ويوضع في مكانه مما يدل عليه كلفظ كل وبعض المضافين إلى المصدر وكالعدد خلف عنه في ذلك أي في المفعولية المطلقة وأنه أي المصدر الأصل أي والاعتبار ليس إلا بالأصل. أما إذا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
واعلم أن المفاعيل خمسة: مفعول به وقد تقدم في باب تعدي الفعل ولزومه، ومفعول مطلق، ومفعول له، ومفعول فيه، ومفعول معه؛ وهذا أول الكلام على هذه الأربعة: فالمفعول المطلق ما ليس خبرًا من مصدر مفيد توكيد عامله أو بيان نوعه أو عدده فما ليس خبرًا مخرج لنحو المصدر المبين للنوع في قوله: ضربك ضرب ألم، ومن مصدر مخرج لنحو الحال المؤكدة نحو:{وَلَّى مُدْبِرًا} [النمل: 1، القصص: 31]، ومفيد توكيد عامله إلخ مخرج لنحو المصدر المؤكد في قولك: أمرك سير سير، وللمسوق مع عامله لغير المعاني الثلاثة نحو: عرفت قيامك، ومدخل لأنواع المفعول المطلق ما كان منها منصوبًا لكونه فضلة نحو: ضربت ضربًا، أو ضربًا شديدًا، أو ضربتين، ومرفوعًا لكونه
ــ
نظرنا إلى أن القائم مقامه يعطى حكمه ويعتبر اعتباره كان بينهما العموم والخصوص الوجهي. قوله: "ما" أي اسم وقوله من مصدر بيان لما والمراد المصدر الصريح فلا يقع المؤول مفعولا مطلقا ولم يقل منصوب نظرا إلى أنه قد يرفع نائبا عن الفاعل كما سيذكره وفيه ما سيأتي وإنما خص النفي بالخبر دون غيره كالمبتدأ والفاعل لأنه الذي قد يجيء مبينا لنوع عامله كما في ضربك ضرب أليم أو عدده كما في ضربك ضربتان. قوله: "مفيدا إلخ" مما خرج به كراهتي في قولك كرهت كراهتي على أن كراهتي مفعول به لكرهت إذ هو حينئذٍ لا يؤكد ولا يبين نوع عامله ولا عدده فالاعتراض بأن التعريف صادق عليه غير متوجه.
قوله: "توكيد عامله" أي مصدر عامله الذي تضمنه ليتحد المؤكد والمؤكد إذ ذلك شرط في التأكيد اللفظي الذي هذا منه فمعنى قولك ضربت ضربا أحدثت ضربا ضربا هذا ما أفاده الدماميني والرضي. وبحث فيه بأنه يرفع التجوّز كالنفس والعين وردّ بأن التأكيد اللفظي قد يكون لرفع التجوّز ففي المختصر والمطول وأقره السيد أن نحو قطع اللص الأمير الأمير لرفع توهم التجوز فاعرفه. والمراد إفادته التوكيد من غير بيان نوع أو عدد وإلا فالتوكيد لازم للمفعول المطلق مطلقا وإن كان لا يقصد، وأوفى قوله أو بيان نوعه أو عدده لمنع الخلو لكن تجويزها الجمع بالنظر إلى القسمين الأخيرين كما في ضربت وضربني الأمير لا بالنظر إلى القسم الأول لتقييده بعدم بيان النوع والعدد فلا يجتمع مع واحد من القسمين الأخيرين وبهذا يعلم ما في كلام البعض. قوله:"فما ليس خبرا" لو قال فليس خبرا لكان أحسن إذ لا دخل لما في إخراج ما ذكر ولأن شأن الجنس أن لا يخرج به وقوله لنحو المصدر إلخ أي من كل ما هو خبر ولو غير مصدر. قوله: "لنحو الحال المؤكدة" يتبادر من نحو أن ثم شيئا آخر غير الحال المؤكدة لم يخرج إلا بقولنا من مصدر ولم نعثر عليه فلعله أشار بنحو إلى شيء آخر يخرج بقولنا من مصدر وإن خرج بما بعده أيضا كالجملة المحكية بالقول بناء على الصحيح أنها مفعول به فاعرفه.
قوله: "المصدر المؤكد" هو المصدر الثاني المؤكد للخبر ووجه خروجه أنه لم يؤكد عامله بل مثله ولا بين نوعه لأن الذي بين نوع عامله هو المصدر الأول. قوله: "أو مرفوعا إلخ"
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
نائبًا عن الفاعل نحو: غُضب غَضب شديد. وإنما سمي مفعولًا مطلقًا لأن حمل المفعول عليه لا يحوج إلى صلة؛ لأنه مفعول الفاعل حقيقة، بخلاف سائر المفعولات فإنها ليس بمفعول الفاعل. وتسمية كل منها مفعولًا إنما هو باعتبار إلصاق الفعل به أو وقوعه لأجله أو فيه أو معه. فلذلك احتاجت في حمل المفعول عليها إلى التقيد بحرف الجر بخلافه، وبهذا استحق أن يقدم عليها في الوضع وتقديم المفعول به لم يكن على سبيل القصد بل على سبيل الاستطراد والتبعية. ولما كان المفعول المطلق هو المصدر مع ضميمه شيء آخر كما عرفت بدأ بتعريف المصدر لأن معرفة المركب موقوفة على معرفة أجزائه فقال:"المصدر اسم ما سوى الزمان من مدلولي الفعل" أي اسم الحدث؛ لأن الفعل يدل
ــ
فيه أنه بعد رفعه لا يسمى اصطلاحا مفعولا مطلقا بل نائب فاعل. قوله: "لأن حمل المفعول عليه" أي اطلاق لفظ المفعول على جزئياته أو المراد الإخبار بالمفعول عن جزئياته. قوله: "لا يحوج إلى صلة" أي بالحرف أو الظرف أو المراد لا يحوج إلى ذلك لغة فلا ينافي أنه مقيد عند النحاة بالإطلاق ولهذا قال في المغني المفعول إذا أطلق في اصطلاح النحاة إنما ينصرف إلى المفعول به لأنه أكثر دورانا في الكلام ولا يصدق على المصدر المكذور إلا مقيدا بقيد الإطلاقي. قوله: "لأنه مفعول الفاعل حقيقة" أي الفعل الذي يصح إسناده إليه وليس المراد أنه موجد له حتى يرد مات موتا والمراد بالإسناد ما يعم ما على جهة الإيجاب أو السلب فلا يرد لم يضرب زيد ضربا. قوله: "فإنها ليست بمفعول الفاعل" أورد عليه المفعول لأجله وبعض أفراد المفعول به نحو كرهت قيامي ولك أن تقول المراد مفعول الفاعل من حيث أنه فاعل لذلك الفعل المذكور فيخرج ما ذكر فتأمل. قوله: "باعتبار إلصاق الفعل به" وإن لم يكن موجودا قبل ذلك الفعل نحو خلق الله السموات فالسموات مفعول به وإن كان وجودها بذلك الفعل لا قبله ومن جعلها مفعولا مطلقا كالشيخ عبد القاهر بناه على ما التزمه من أن المفعول به ما كان موجودا فأوجد الفاعل فيه شيئا آخر وغيرهم لا يلتزمون ذلك. قوله: "إلى التقييد بحرف الجر" أي أو الظرف كما في المفعول معه أو أراد بحرف الجر عامله مطلقا. قوله: "والتبعية" أي لبيان تعدي الفعل ولزومه وبعضهم قدمه على سبيل القصد لكثرته، والعطف قال شيخنا عطف سبب أو تفسير مراد.
قوله: "مع ضميمة شيء آخر" أي كونه غير خبر ومفيد تأكيد عامله أو بيان نوعه أو عدده كلما أشار إلى ذلك المصنف بقوله توكيدا إلخ. قوله: "المصدر إلخ" لا يقال يدخل في هذا التعريف اسم المصدر لأنا نقول اسم المصدر ليس مدلوله الحدث بل لفظ المصدر كما صرح به الشيخ خالد ونقله الدماميني عن ابن يعيش وغيره وأقره أفاده سم. وقيل مدلوله الحدث كالمصدر لكن دلالته عليه بطريق النيابة عن المصدر وعلى هذا يخرج اسم المصدر من تعريف المصدر بأن تقيد الدلالة على الحدث في تعريفه بالأصالة. قوله: "اسم ما سوى الزمان من مدلولي الفعل"
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
على الحدث والزمان، فما سوى الزمان من المدلولين هو الحدث "كأمن من" مدلولي
ــ
صرح السيد والرضي بأن المفعول المطلق هو الأثر الناشىء عن تأثير فاعل الفعل المذكور أي إيقاعه الذي معناه أمر اعتباري وهو تعلق القدرة بالمقدور وذلك الأثر نفس الحركات والسكنات كما صرح به التفتازاني في شرح العقائد ويطلق المصدر على كل منهما. وأنت خبير بأن ما قالاه لا يظهر في نحو الحسن والقبح والموت مما ليس فيه تأثير فاعل الفعل المذكور وأنه يقتضي أن المصدر المستعمل في التأثير كأثرت تأثيرا وأوقعت إيقاعا لا يسمى مفعولا مطلقا والوجه خلافه. والحاصل أن المصدر يطلق بالاشتراك وقيل بالحقيقة والمجاز على ثلاثة: على التأثير وهو متعلق بالفاعل وعلى الأثر الحاصل عنه وهو متعلق بالفاعل باعتبار الصدور منه، وبالمفعول باعتبار الوقوع عليه، وعلى نحو الضاربية والمضروبية: أي الكون ضاربا والكون مضروبا، ويسمى نحو الضاربية بالمصدر المبني للفاعل ونحو المضروبية بالمصدر المبني للمفعول. والثاني أعني الأثر هو المختلف في كونه مخلوقا للعباد أولا بيننا وبين المعتزلة كما في شرح العقائد للتفتازاني وهو المكلف به على ما صرح به ابن أبي شريف في حواشي المحلي وابن قاسم في آياته. ولي فيه بحث وهو أن الثاني يتوقف حصوله على الأول فيكون أيضا مكلفا به لأن ما لا يتم المكلف به إلا به فهو مكلف به ويمكن دفعه بأن مراده أن المكلف به أولا وبالذات الفعل بالمعنى الحاصل بالمصدر فلا ينافي التكليف بالفعل بالمعنى المصدري ثانيا وبالتبع. وكونه أمرا اعتباريا لا وجود له خارجا لا يمنع التكليف به تبعا فتأمل.
قوله: "من مدلولي الفعل" أورد أبو حيان أن من المصادر ما لا فعل له وبالعكس. وأجيب بأن ما لم يوضع يقدر. يس. قوله: "اسم الحدث" المراد بالحدث المعنى القائم بالغير. قوله: "لأن الفعل يدل على الحدث والزمان" أي على مجموعهما مطابقة بناء على مذهب الجمهور من عدم دخول النسبة في مفهوم الفعل بل الدال عليها جملة الكلام ويدل على أحدهما تضمنا وعلى الفاعل والمكان التزاما. وأما على مذهب آخرين كالسيد من أن النسبة إلى الفاعل المعين جزء مفهوم الفعل فدلالته على مجموع الحدث والزمان تضمن وفي المقام بحث أبداه الشاطبي فقال دلالة الفعل على الحدث بالمادة وعلى الزمان بالصيغة فتكون دلالته على أحدهما خارجة عن الدلالات الثلاث أما خروجها عن المطابقة فلأن مجموع الحروف والصيغة لم يوضع لواحد من المعنيين. وأما خروجها عن التضمن فلأن دلالة اللفظ على جزء مسماه مشروطة بأن تكون نسبة ذلك اللفظ إلى جميع أجزاء المعنى نسبة واحدة كلفظ العشرة بالنسبة إلى كل من الخمستين وليس ما نحن فيه كذلك لأن دلالته على الزمان ليست من الجهة التي يدل بها على الحدث لما علمت من أن دلالته على الأول بالصيغة وعلى الثاني بالمادة وأما خروجها عن الالتزام فلأن دلالة الالتزام هي الدلالة على الخارج والزمان والحدث لم يخرجا عنه. ا. هـ. وأنا أقول نختار أنها من دلالة التضمن ونمنع اشتراط ما ذكره في دلالة التضمن وسند المنع نحو الرجل فإن دلالته على الذات وتعينها ليست من جهة واحدة فتفطن. واعترض قولهم الفعل يدل بمادته على
بمثله أو فعل أو وصف نصب
…
وكونه أصلًا لهذين انتخب
ــ
"أمن" وضرب من مدلولي ضرب "بمثله" ولو معنى دون لفظ "أو فعل أو وصف نصب" نحو: {فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا} [الإسراء: 63]، ويعجبني إيمانك تصديقًا:{وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: 164]، {وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا} [الذاريات: 1] ، "وكونه" أي المصدر "أصلًا" في الاشتقاق "لهذين" أي للفعل والوصف "انتخب" أي اختير، وهو مذهب البصريين وخالف بعضهم فجعل الوصف مشتقًّا من الفعل فهو فرع الفرع. وذهب الكوفيون إلى أن الفعل أصل لهما. وزعم ابن طلحة أن كلا من المصدر والفعل أصل
ــ
الحدث أو مادة الفعل تدل على الحدث بأنا لا نسلم أن مادته تدل على الحدث بقطع النظر عن صيغته وإلا لزم ضرب بكسر الضاد أو ضمها مع فتح الراء أو ربض أو برض مثلا على الحدث المخصوص ولا قائل به. والجواب أن المراد أنها تدل بشرط الصيغة مع أن صيغة الفعل ليست بخصوصها شرطا بل الشرط صيغته أو صيغة المصدر أو الوصف فاعرفه.
قوله: "بمثله" أي المفعول المطلق أي بمصدر مثله في اللفظ والمعنى أو في المعنى فقط وقوله نصب أي المفعول المطلق أو ضمير بمثله للمصدر من حيث هو وضمير نصب للمصدر بقيد كونه مفعولا مطلقا ففيه على هذا استخدام. قال زكريا وشرط نصب مثل المصدر له إرادة الحدث كما يأتي. قوله: "ولو معنى دون لفظ" أي على الأصح عند المصنف لأن ما ذهب إليه الجمهور من أن العامل في المماثل معنى فقط عامل مقدر من لفظ المصدر لا يطرد في نحو حلفت يمينا وكان على المصنف أو الشارح أن ينبه على اشتراط المماثلة في جانب الفعل والوصف أيضا ولعله تركه للمقايسة، هذا وقال شيخ الإسلام التحقيق إبقاء المماثلة على المماثلة في اللفظ والمعنى وأما نحو يعجبني إيمانك تصديقا فمن باب النيابة وستأتي في قوله قد ينوب عنه إلخ. قوله:"أو فعل" أي متصرف فخرج فعل التعجب وغير ناقص فخرج كان وأخواتها وغير ملغى عن العمل فلا يقال زيد قائم ظننت ظنا.
قوله: "أو وصف" أي متصرف اسم فاعل أو اسم مفعول أو بناء مبالغة لا اسم التفضيل ولا الصفة المشبهة وألحق ابن هشام الصفة المشبهة باسم الفاعل. قوله: "فإن جهنم إلخ" بحث في التمثيل بالآية بأن الجزاء بمعنى المجزى به بدليل حمله على جهنم فليس العامل مصدرا في الحقيقة، ولك أن تقول لا يتعين ذلك بل يصح إبقاء الجزاء على مصدريته بتقدير مضاف أي محل جزائكم أو بلا تقدير قصدا للمبالغة. قوله:"أصلا في الاشتقاق" معنى كونه أصلا فيه أن يكون هو المشتق منه والاشتقاق ردُّ لفظ إلى آخر لمناسبة بينهما في المعنى والحروف. قوله: "إلى أن الفعل" أي المضارع على الأصح بناء على ما هو التحقيق من أسبقيته زمانا لأن الماضي كان قبل وجوده مستقبلا وحين وجوده حالا وبعد وجوده ومضيه ماضيا وقيل الماضي لسبق زمانه على زمان المضارع بمضيه. وهذا القائل فرض زماني الفعلين في شيئين بخلاف الأول فإنه فرض الأزمنة في شيء واحد فهو أولى بالترجيح وأما الأمر فمقتطع عندهم من المضارع ويظهر على قول الكوفيين أن غير الأصل من المضارع والماضي مشتق من الأصل منهما. قوله:
توكيدًا أو نوعًا يبين أو عدد
…
كسرت سيرتين سير ذي رشد
وقد ينوب عنه ما عليه دل
…
كجد كل الجد وافرح الجدل
ــ
برأسه ليس أحدهما مشتقًّا من الآخر. والصحيح مذهب البصريين لأن من شأن الفرع أن يكون فيه ما في الأصل وزيادة، والفعل والوصف مع المصدر بهذه المثابة، إذ المصدر إنما يدل على مجرد الحدث، وكل منهما يدل على الحدث وزيادة "توكيدًا أو نوعًا يبين" المصدر المسوق مفعولًا مطلقًا "أو عدد" أي لا يخرج المفعول المطلق عن أن يكون لغرض من هذه الأغراض الثلاثة فالمؤكد "كسرت" سيرًا ويسمى المبهم ومبين العدد ويسمى المعدود، كسرت "سيرتين" و:{فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً} [الحاقة: 14] ، ومبين النوع كسرت "سير ذي رشد" أو سيرًا شديدا أو السير الذي تعرفه، ويسمى المختص هكذا فسره بعضهم والظاهر أن المعدود من قبيل المختص كما فعل في التسهيل. فالمفعول المطلق على قسمين: مبهم ومختص، والمختص على قسمين: معدود وغير معدود "وقد ينوب عنه" أي عن المصدر في الانتصاب على المفعول المطلق "ما عليه" أي ما على المصدر "دل" وذلك ستة عشر شيئًا فينوب عن المصدر المبين "للنوع" ثلاثة عشر شيئًا:
ــ
"إن كلا إلخ" انظر على هذا المذهب ما أصل الوصف.
قوله: "لأن من شأن الفرع أن يكون فيه ما في الأصل وزيادة" كالمفرد والمثنى والجمع. والزيادة في الفعل دلالته على الزمن وفي الوصف دلالته على الذات لا يقال يلزم مزية الفرع على أصله وهي ممنوعة لأنا نقول الفرع الممنوع مزيته على أصله هو ما كان أصله أعلى منه رتبة كجمع المؤنث بالنسبة لجمع المذكر وما هنا ليس كذلك أفاده الدنوشري. هذا وقد ناقش سم قولهم إن من شأن الفرع الزيادة على الأصل بأنه لا برهان يقتضي ذلك وأطال فراجعه. قوله: "يبين المصدر المسوق إلخ" أشار إلى رجوع ضمير يبين إلى المصدر بقيد كونه مفعولا مطلقا ويصح إعادته للمفعول المطلق في الترجمة. قوله: "أي لا يخرج إلخ" أخذ هذا الحصر من تقديم المعمول. قوله: "كسرت سير ذي رشد إلخ" ذهب بعضهم كالدماميني إلى أن المضاف من النيابة إذ يستحيل أن يفعل الإنسان فعل غيره، وإنما يفعل مثاله فالأصل سيرا مثل سير ذي رشد فحذف الموصوف ثم المضاف وهو حقيق بالقبول وإن رده البعض بما لا يسمع، غير أن هذا لا يرد على المصنف لأن مراده التمثيل للمصدر الواقع مفعولا مطلقا مبينا للنوع سواء كان أصليا أو نائبا والظاهر أن المعرف بأل العهدية كالمضاف في ذلك. قوله:"أن المعدود من قبيل المختص" لتخصصه بتحديده بالعدد المخصوص. قوله: "وقد ينوب إلخ" ظاهر كلامه أن المرادف منصوب بالفعل المذكور وهي مذهب المازني وعند الجمهور ناصبه فعل مقدر من لفظه تصريح. والأصح الأول لما مر.
قوله: "أي عن المصدر" أي المتأصل في المفعولية المطلقة وهو ما كان من لفظ عامله لا مطلق المصدر حتى يرد أن المفعول المطلق في افرح الجذل مصدر. قوله: "ثلاثة عشر" يظهر
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الأول كليته "كجد كل الجد" ومنه: {فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ} [النساء: 129]، وقوله:
433-
يظنان كل الظن أن لا تلاقيا
الثاني بعضيته نحو ضربته بعض الضرب. الثالث نوعه نحو رجع القهقرى، وقعد القرفصا. الرابع صفته نحو سرت أحسن السير وأي سير. الخامس هيئته نحو يموت الكافر ميتة سوء، السادس مرادفه نحو قمت الوقوف "وافرح الجدل" ومنه قوله:
434-
يعجبه السخون والبرود
…
والتمر حبا ما له مزيد
ــ
لي زيدا ملاقيه في الاشتقاق نحو: "وأنبتها نباتا حسنا"، واسم المصدر غير العلم نحو توضأ وضوء العلماء. قوله:"كليته" أي دال كليته كلفظ كل وجميع وعامة، وكذا قوله أو بعضيته أي دال بعضيته كبعض ونصف وشطر. قوله:"كجد" أمر من جد يجد بكسر الجيم وضمها أي اجتهد كذا في القاموس، وبه يعلم أن الأمر أيضا بكسر الجيم وضمها. قوله:"القرفصا" بضم القاف والفاء ممدودا أو بكسرهما مقصورا، أن يجلس على ألييه ويلصق فخذيه ببطنه ويحتبي بيديه أو يجلس على ركبتيه منكبا ويلصق فخذيه ببطنه ويتأبط كفيه، وعد القهقرى والقرفصا من النائب عن المصدر مع أنهما مصدران لقهقر وقرفص لكونهما من غير العامل قاله سم وصحح الروداني أنهما إنما يكونان مصدرين إذا جريا على فعلهما نحو قهقر قهقرى وقرفص قرفصا أما بعد نحو رجع وقعد فهما اسمان لنوع مخصوص من الرجوع ونوع مخصوص من القعود.
قوله: "نحو سرت أحسن السير إلخ" أي سرت السير أحسن السير وسرت سيرا أيّ سير. ومن نيابة الصفة كما قاله الدماميني ضربت ضرب الأمير وسرت سير ذي رشد على ما مر بيانه، ومنه سرت طويلا بناء على أن التقدير سيرا طويلا، ويحتمل الظرفية أي زمانا طويلا والحالية أي سرته أي السير حال كونه طويلا ومثله:{وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ} [الشعراء: 90] ، أي إزلافا غير بعيد أو زمنا غير بعيد وأزلفته الجنة أي الإزلاف حال كونه أي الإزلاف غير بعيد، إلا أن هذه الحال مؤكدة من الجنة والتذكير باعتبار تأويل الجنة بالبستان أو غير ذلك كذا في المعنى. قوله:"هيئته" أي دال هيئته كفعلة. قوله: "ومنه" أي من المرادف أي مقارب المرادف لأن الحب ليس مرادفا للإعجاب بل لازم له ولهذا فصله عما قبله. قوله: "يعجبه السخون" ما
433- صدره:
وقد يجمع الله الشتيتين بعد ما
والبيت من الطويل، وهو للمجنون في ديوانه ص243؛ وشرح التصريح 1/ 328؛ والمقاصد النحوية 3/ 42؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 213؛ والخصائص 2/ 448؛ ولسان العرب 2/ 48 "شتت".
434-
الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص172؛ والمقاصد النحوية 3/ 45؛ وبلا نسبة في شرح المفصل 1/ 112؛ واللمع في العربية ص133.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
السابع ضميره نحو عبد الله أظنه جالسًا ومنه: {لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ} [المائدة: 115] . الثامن المشار به إليه نحو ضربته ذلك الضرب. التاسع وقته، كقوله:
435-
ألم تغتمض عيناك ليلة أرمدا
ــ
سخن من المرق والبرود ما برد منه، والسين والباء مفتوحتان. قوله:"عبد الله أظنه جالسا" الضمير للظن المفهوم من أظن وعبد الله مفعول أول وجالسا مفعول ثان فإن أرجع إلى عبد الله منصوبا على الاشتغال أو مرفوعا على الابتداء لم يكن مما نحن فيه قال الروداني وكان الأولى التمثيل برفعهما على إلغاء العامل المتوسط لتعين مصدرية الضمير على رفعهما بخلاف نصبهما كما مر. ا. هـ. ويعارضه ما مر من اشتراط عدم إلغاء ناصب المفعول المطلق فتأمل. ويرد على الشارح أن كلامه الآن في النائب المبين للنوع وهذه الهاء ليست منه لأن مرجعها وهو المصدر المفهوم من الفعل مجرد عن الوصف وأل العهدية والإضافة فلا تكون نائبة عن مبين النوع ولهذا اختار ابن هشام أنها نائبة عن المصدر المؤكد نعم إن أرجع الضمير إلى مبين للنوع كظني أو الظن المعهود لدلالة المقام صح كون الهاء نائبة عن مبين النوع وعدلنا إلى قولنا لدلالة المقام عن قول البعض تبعا لغيره لأن الضمير معرفة فلا يقوم مقام النكرة لما يرد عليه من أن قيامه مقام المعرفة لا يقتضي كونه مبينا للنوع ألا ترى أنه يقوم مقام المعرف بأل الجنسية ولا بيان فيه للنوع فتأمل. قوله: "لا أعذبه" الضمير للعذاب بمعنى التعذيب فصح كونه ضمير المصدر والمراد عذابا عظيما فصح كون الهاء نائبة عن مبين النوع فسقط ما قيل هنا. بقي شيء آخر وهو أنه لا بد في الآية من تقدير والأصل لا أعذب تعذيبا مثل التعذيب المذكور لأن نفس التعذيب الواقع على مرجع ضمير أعذبه الأول يستحيل وقوعه على أحد من العالمين سواه حتى ينفي والذي يمكن وقوعه على سواه إنما هو مثله وحينئذٍ فهذا الضمير في الحقيقة ليس نائبا عن المصدر الذي هو المفعول المطلق أصالة بل عن المصدر النائب عن صفة المصدر الذي هو المفعول المطلق أصالة فتنبه. قوله: "المشار به" أي وإن لم يكن متبوعا بالمصدر عند الجمهور نحو ضربته ذلك، وذهب الناظم إلا أن الاتباع شرط وإنما يكون اسم الإشارة نائبا عن المصدر الذي هو المفعول المطلق أصالة في مثل ما إذا قيل ضرب اللص فتقول ضربت ذلك الضرب أما لو قيل ضرب زيد اللص فقلت ضربت ذلك الضرب فالإشارة غير نائبة عن المصدر المذكور لأن فعل زيد لا تفعله أنت بل عن المصدر النائب عن صفة المصدر المذكور والأصل ضربت ضربا مثل ذلك الضرب. قوله:
435- عجزه:
فبت كما بات السليم مسهدا
والبيت من الطويل، وهو للأعشى في ديوانه ص185؛ وخزانة الأدب 6/ 163؛ والخصائص 3/ 322؛ والدرر 3/ 61؛ وشرح المفصل 10/ 102؛ وشرح شواهد المغني 2/ 576؛ والمحتسب 2/ 121؛ ومغني اللبيب 2/ 624؛ والمقاصد النحوية 3/ 8؛ وبلا نسبة في همع الهوامع 1/ 188.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أي اغتماض ليلة أرمد، وهو عكس فعلته طلوع الشمس إلا أنه قليل العاشر ما الاستفهامية نحو ما تضرب زيدًا. الحادي عشر ما الشرطة نحو ما شئت فاجلس. الثاني عشر آلته نحو ضربته سوطًا، وهو يطرد في آلة الفعل دون غيرها، فلا يجوز ضربته خشبة. الثالث عشر عدده نحو:{فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} [النور: 4]، وزاد بعض المتأخرين اسم المصدر العلم نحو: بر برة وفجر فجار. وفي شرح التسهيل أن اسم المصدر لا يستعمل مؤكدًا ولا مبينًا. وينوب عن المصدر المؤكد ثلاثة أشياء: الأول مرادفه نحو شنأته، بغضا وأحببته مقة، وفرحت جذلًا. الثاني ملاقيه في الاشتقاق نحو:{وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا} [نوح: 17]، {وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا} [الزمل: 8] ، والأصل إنباتًا وتبتلًا. الثالث اسم.
ــ
"إلا أنه قليل" أي ما نحن فيه من إنابة الظرف عند المصدر أما عكسه فكثير كما يأتي.
قوله: "نحو ما تضرب زيدا" أي أيّ ضرب تضربه وقوله نحو ما شئت فاجلس أي أيّ جلوس شئته فاجلس. قوله: "آلته" أي اسم آلته وقوله ضربته سوطا أي ضربة سوط. قوله: "في آلة الفعل" أي المعهودة له. قوله: "اسم المصدر العلم" يظهر لي أن الفرق بين اسم المصدر العلم وغير العلم أن الأول موضوع للفظ المصدر باعتبار تعينه ذهنا والثاني للفظه لا باعتبار التعين إن قلنا مدلول اسم المصدر لفظ المصدر أو الأول لحقيقة الحدث باعتبار تعينها ذهنا والثاني لها لا باعتبار التعين إن قلنا مدلول اسم المصدر الحدث كالمصدر وإنما الفرق بين المصدر واسمه اشتمال المصدر على حروف فعله ونقصان اسمه عن حروف فعله فتدبر. قوله: "برّ برّة وفجر فجار" يشكل على التمثيل فرقهم بين المصدر واسمه بأن الأول ما جمع حروف الفعل والثاني ما لم يجمعها لجمع كل من برّة وفجار حروف فعله إلا أن يدعى أن ذلك أغلبي أو أن مراد الشارح اسم المصدر ولو لغير الفعل المذكور كأبره وأفجره أي صيره بارّا وصيره فاجرا، لكن كان ينبغي على هذا أن يقول الشارح نحو أبرّ برّة وأفجر فجار فتأمل. قوله:"أن اسم المصدر" أي العلم كما في التصريح لا مطلقا لنصه في التسهيل على أن اسم المصدر غير العلم يقوم مقام المؤكد بل الظاهر أنه يقوم مقام المبين أيضا كما مر. وقوله لا يستعمل إلخ لا يرد عليه سبحان لأن مذهب المصنف عدم علميته. قوله: "ثلاثة أشياء" زاد الروداني الضمير واسم الإشارة. قوله: "شنأته بغضا" في القاموس شنأة كمنعه وسمعه شنأ ويثلث وشنأة ومشنأ ومشنأة وشنآنا أبغضه.
قوله: "ملاقيه في الاشتقاق" أي المجتمع معه في الاشتقاق أي في أصول مادة الاشتقاق وهي الباء والتاء واللام أو النون والباء والتاء. فاندفع اعتراض شيخ الإسلام بأن الأولى مشاركه في المادة لأن المصدر ليس مشتقا على المشهور كما توهمه عبارته. قوله: "نباتا" فيه أنه اسم مصدر غير علم لأنبت مثل عطاء لأعطى فهلا ذكره بعد في اسم المصدر غير العلم وقد يقال جعله من الملاقى في الاشتقاق إشارة إلى كفاية ملاحظة الملاقاة المذكورة في النيابة أو نظرا إلى ما قاله الموضح من أنه اسم عين للنبات ناب عن المصدر أفاده سم. لكن نص غير واحد على أن النبات
وما لتوكيد فوحد أبدا
…
وثن واجمع غيره وأفردا
وحذف عامل المؤكد امتنع
…
وفي سواه لدليل متسع
ــ
مصدر غير علم نحو: توضأ وضوءًا، واغتسل غسلًا، وأعطى عطاء "وما" سيق من المصادر "لتوكيد فوحد أبدا" لأنه بمنزلة تكرير الفعل والفعل لا يثنى ولا يجمع "وثن واجمع غيره" أي غير المؤكد وهو المبين "وأفردا" لصلاحيته لذلك أما العددي فباتفاق نحو: ضربته ضربة، وضربتين، وضربات. واختلف في النوعي فالمشهور الجواز نظرًا إلى أنواعه نحو سرت سير زيد: الحسن والقبيح، وظاهر مذهب سيبويه المنع، واختاره الشلوبين "وحذف عامل" المصدر "المؤكد امتنع" لأنه إنما جيء به لتقوية عامله وتقرير معناه، والحذف ينافي
ــ
مصدر سمي به النابت كما سمي بالنبت. قوله: "غير علم" فلا يستعمل اسم المصدر العلم مؤكدا لأن معنى العلم زائد على معنى العامل قال المصنف ولأنه كاسم الفعل فلا يجمع بينه وبين الفعل دماميني. قوله: "نحو توضأ وضوءا إلخ" قال اللقاني لقائل أن يقول إن كان مراده باسم المصدر ما ليس جاريا على الفعل العامل فيه وإن كان جاريا على فعل آخر كما في: {وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا} [المزمل: 8] ، فكان ينبغي أن يدخل فيه تبتيلا وإن كان مراده ما ليس جاريا على فعل أصلا فما مثل به ليس كذلك لجريان الغسل مثلا على غسل إلا أن يجاب بأن مراده بما ليس جاريا على فعله ما نقص فيه بعض حروف فعله. ا. هـ. وأجاب بعضهم بأن المراد الأول لكن مع كونه صيغ لغير الثلاثي بوزن ما للثلاثي كما عرفوه بذلك وهو بمعنى جواب اللقاني، وما أجيب به إنما ينفع في عدم إدخال تبتيلا في اسم المصدر غير العلم لا في عدم إدخال نباتا من قوله تعالى:{وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا} [نوح: 17] ، لصدق اسم المصدر بالمعنى المذكور عليه وقد مر آنفا الاعتذار عن عدم ذكره في أمثلة اسم المصدر فتنبه.
قوله: "لأنه بمنزلة تكرير الفعل" كان الأولى أن يقول لأن المقصود به الجنس من حيث هو كما أن المؤكد وهو المصدر الذي تضمنه الفعل كذلك وهو يصدق بالقليل والكثير لما تقدم من أنه مؤكد لمصدر عامله الذي تضمنه لا للعامل بتمامه فلا يكون بمنزلة تكرير الفعل. قوله: "غيره" تنازعه العاملان قبله وأعمل الثاني وحذف مفعول أفرد لدلالة ما قبله. قوله: "وأفردا" دفع به ما يتوهم من ظاهر الأمر في قوله وثن إلخ ولا يغني عنه مفهوم فوحد أبدا لصدقه بكون السلب كليا أي لا يوجد غيره دائما، ويؤيد هذا الاحتمال ظاهر الأمر المذكور. ا. هـ. فلا اعتراض بأن جواز الإفراد ظاهر لأنه الأصل. قوله:"لصلاحيته" أي المبين لذلك أي المذكور من التثنية والجمع لأن الجنس الواحد يتعدد بتعدد أنواعه وآحاده. قوله: "فالمشهور الجواز" ودليله قوله تعالى: {وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا} [الأحزاب: 10]، والألف زائدة تشبيها للفواصل بالقوافي. تصريح. قوله:"وحذف عامل المؤكد امتنع" وكذا يمتنع تأخيره عن مؤكده بخلاف عامل النوعي والعددي فلا يمتنع تأخيره عنهما قاله الروداني. قوله: "لتقوية عامله" أي تثبيت معناه في النفس لتكريره وقوله وتقرير معناه أي رفع توهم المجاز عنه لا يؤكد نقله الزركشي في البحر المحيط في الأصل ونقض
والحذف حتم مع آت بدلا
…
من فعله كندلا اللذ كاندلا
ــ
ذلك. ونازع في ذلك الشارح "وفي" حذف عامل "سواء لدليل متسع" عند الجميع كأن يقال: ما ضربت، فتقول: بلى ضربًا مؤلمًا، أو بلى ضربتين. وكقولك لمن قدم من سفر: قدومًا مباركًا، ولمن أراد الحج أو فرغ منه: حجًا مبرورًا، فحذف العامل في هذه الأمثلة وما أشبهها جائز لدلالة القرينة عليه وليس بواجب "والحذف حتم" أي واجب "مع"
ــ
بقوله تعالى: {وَمَكَرْنَا مَكْرًا} [النمل: 50]، وقول الشاعر:
وعجت عجيجاً من جذام المطارف
وأجيب بأنه يرفع المجاز فيما يحتمل الحقيقة والمجاز كقتلت قتلاً لا فيما هو مجاز لا غير كذا في القسطلاني على البخاري فالمتعين للمجاز يؤكد كما في الآية والبيت، فقولهم المجاز لا يؤكد ليس على إطلاقه. قوله:"ونازع في ذلك الشارح" أي بما حاصله أن المؤكد قد لا يكون للتقوية والتقرير معاً بل قد يكون للتقرير فقط فلا ينافي الحذف لأنه إذا جاز أن يقرر معنى العامل المذكور جاز أن يقرر معنى المحذوف بالأولى وأن السماع ورد بحذف عامل المؤكد جوازا نحو أنت سيرا ووجوبا نحو سقيا ورعيا وأنت سيرا سيرا. ورد بأن الحذف مناف للتوكيد مطلقا لأن التوكيد يقتضي الاعتناء بالمؤكد والحذف ينافي ذلك فدعواه الأولوية مردودة، وما ذكره وإن كان من أمثلة المؤكد مستثنى من عموم قوله:
وحذف عامل المؤكد امتنع
لنكات تأتي كما يدل على ذلك قوله بعد والحذف حتم إلخ وفيه أن نحو أنت سيرا لا دليل على استثنائه لعدم تحتم حذف عامله فالجواب بالنسبة إليه لا ينهض مع أن الخليل وسيبويه يجيز أن الجمع بين الحذف والتأكيد كما مر. ورد ابن عقيل المنازعة بأن جميع الأمثلة التي ذكرها ليست من المؤكد بل المصدر فيها نائب مناب الفعل عوض منه دال على ما يدل عليه ويدل على ذلك أنه يمتنع الجمع بينهما ولا شيء من المؤكدات يمتنع الجمع بينه وبين المؤكد، وأنه لا خلاف في عدم عمل المصدر المؤكد واختلفوا في عمل المصدر الواقع موقع الفعل والصحيح أنه يعمل ولا يخفى أن دليله الأول لا يأتي في نحو أنت سيرا وأنه يلزم على كلامه زيادة أقسام المصدر على الثلاثة المذكورة في قوله توكيدا أو نوعا إلخ إلا أن يكون مراده أن تلك الأمثلة ليست من المؤكد الآن وإن كانت منه بحسب الأصل فتأمل. قوله:"متسع" أي اتساع مبتدأ خبره الجار والمجرور قبله هذا هو المناسب لحل الشارح، ويحتمل أن المعنى والحذف في سواه متسع فيكون بمعنى متسع فيه وإنما جاز حذف العامل فيما ذكر لدلالة المصدر على معنى زائد على معنى العامل فأشبه المفعول به فجاز حذف عامله. قوله:"ما ضربت" ما نافية لا استفهامية بدليل الجواب وبلى لإثبات المنفي قبلها.
قوله: "حجا مبرورا" يقدر في الأول تحج وفي الثاني حججت. قوله: "والحذف حتم
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مصدر "آت بدلا من فعله" لأنه لا يجوز الجمع بين البدل والمبدل منه، وهو على نوعين: واقع في الطلب. وواقع في الخبر، فالأول هو الواقع أمرًا أو نهيًا "كندلا اللذ كاندلا" في قوله:
436-
على حين ألهى الناس جل أمورهم
…
فندلا زريق المال ندل الثعالب
فندلا بدل من اللفظ باندل. والأصل اندل يا زريق المال: أي اختطفته. يقال ندل الشيء إذا اختطفه ومنه: {فَضَرْبَ الرِّقَابِ} [محمد: 4] أي فاضربوا الرقاب. وتقول قيامًا
ــ
إلخ" في قوة الاستثناء من قوله وحذف عامل المؤكد امتنع. قوله: "بدلا من فعله" أي عوضا من اللفظ بفعله ولو المقدر في المصدر الذي لم يستعمل له فعل كويح وويل. وقال الدماميني والعامل المحذوف في هذا المصدر إما فعل مرادف لفعله المهمل على حد قعدت جلوسا عند الجمهور وإما فعله المهمل وإن لم يصح النطق به إذ لا يلزم من كونه عاملا محذوفا صحة النطق به وعلى الأول اقتصر الشارح في الخاتمة. قوله: "وواقع في الخبر" المراد بالخبر ما قابل الطلب فيشتمل الإنشاء الذي ليس من الطلب كحمدا وشكرا لا كفرا، وصبرا لا جزعا وعجبا، وطاعة وسمعا، نقله الدنوشري عن اللقاني وفي الهمع عن الشلوبين وابن مالك أن عجبا وحمدا وشكرا لا كفرا إنشاء وعن ابن عصفور أنها أخبار لفظا ومعنى. قوله: "فالأول هو الواقع" أي المصدر الواقع وإن لم يكن متعديا على ما يؤخذ من الأمثلة الآتية ومن تمثيل السيوطي في الهمع بخيبة خلافا لما وقع في كلام الشاطبي وتبعه البعض. وهذا النوع الأول مقيس على الصحيح بشرط أن يكون له فعل من لفظه وأن يكون مفردا منكرا بخلاف النوع الثاني الآتي فسماعي على الصحيح إلا ما سيذكره المصنف من الواقع تفصيلا ومكررا وذا حصر ومؤكدا للجملة وذات تشبيه فقياسي وكذا من السماعي ما كان من الأول لا فعل له من لفظه كويحه وويله أو لم يكن مفردا منكرا.
قوله: "والأصل اندل يا زريق" يقتضي أن زريقا اسم رجل وفي العيني أنه اسم قبيلة وعليه فالأصل اندلي أو أندلوا. ويمكن جعل صنيع الشارح على تأويل القبيلة بالجمع أو الحزب مثلا والجمع بأن الرجل أبو القبيلة وأنها سميت باسم أبيها. قوله: "وتقول إلخ" لو قال وكقولهم قياما
426- قبله:
يمرون بالدهنا خفافًا عيابهم
…
ويرجعن من دارين بجر الحقائب
البيتان من الطويل، وهما أو أحدهما لأعشى همدان في الحماسة البصرية 2/ 262، 263؛ ولشاعر من همدان في شرح أبيات سيبويه 1/ 371، 372؛ ولأعشى همدان أو للأحوص أو لجرير في المقاصد النحوية 3/ 46؛ وهما في ملحق ديوان الأحوص ص215؛ وملحق ديوان جرير ص1021؛ وبلا نسبة في الإنصاف ص293؛ وأوضح المسالك 2/ 218؛ وجمهرة اللغة ص682؛ والخصائص 1/ 120؛ وسر صناعة الإعراب ص507؛ وشرح التصريح 1/ 331؛ وشرح ابن عقيل ص289؛ والكتاب 1/ 115؛ ولسان العرب 9/ 70 "خشف"، 11/ 653 "ندل".
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لا قعودًا: أي قم ولا تقعد كذا أطلق الناظم وخص ابن عصفور الوجوب بالتكرار كقوله:
437-
فصبرا في مجال الموت صبرا
أو دعاء نحو: سقيًا ورعيًا وجدعًا وكيًا أو مقرونًا باستفهام توبيخي نحو: أتوانيا وقد جد قرناؤك. وقوله:
ــ
لا قعودا لكان أنسب. قوله: "أي قم ولا تقعد" فيه أن حذف مجزوم لا الناهية ممنوع فالأولى أن يجعل قياما منصوبا بفعل محذوف ولا قعودا معطوفا عليه أي افعل قياما لا قعودا ولا يخفى أن التخلص بهذا من المحذور السابق أقرب من تخلص أبي حيان منه بأن لا نافية للجنس وقعودا اسمها ونوّن شذوذا مع أنه يحتاج معه كما قال الدماميني إلى أن يقال إنه خبر بمعنى النهي. قوله: "بالتكرار" ليقوم التكرار مقام العامل. قوله: "أو دعاء" عطف على أمرا أي دعاء له أو عليه وقد مثل لهما. قوله: "نحو سقيا ورعيا إلخ" اعلم أن من هذه المصادر نحوها ما سمع مضافا نحو ويحك وويلك وبعدك وسحقك والنصب واجب عند الإضافة ولا يجوز الرفع لأنه حينئذٍ يكون مبتدأ لا خبر له ويجوز عند الإفراد النصب والرفع على الابتداء كذا في الهمع وأطلق في التسهيل جواز الرفع ولم يقيده بعدم الإضافة وهو الأقرب ولا نسلم إنه حينئذٍ يكون مبتدأ لا خبر له إذ لا مانع من تقديره وعبارة التسهيل مع زيادة من الدماميني وقد يرفع مبتدأ أو خبرا المفيد طلبا كقوله:
صبر جميل فكلانا مبتلى
أي صبر جميل أجمل أو أمرى صبر جميل وخبرا المكرر نحو سير سير والمحصور نحو ما زيد الأسير والمؤكد نفسه نحو له عليّ ألف اعتراف أي هذا اعتراف والمؤكد لغيره نحو زيد قائم حق والمفيد خبرا إنشائيا كقوله: عجب لتلك قضية وقيل لبعض العرب كيف أصبحت قال حمد الله وثناء عليه أي أمري عجب وشأني حمد الله وثناء عليه وقيل عجب مبتدأ ولتلك خبر والمفيد خبرا غير إنشائي. ا. هـ. أي نحو أفعل ذلك وكرامة أي ولك كرامة. والظاهر أن ما لتفصيل العاقبة كذلك ثم قال الدماميني وظاهر كلام سيبويه أن الرفع غير مطرد لأنه قال وقد جاء بعض هذه رفعا. ا. هـ. وفيه نظر لأن جاء في كلامه بمعنى ورد وسماع البعض لا ينافي قياس غيره عليه فالأوجه الاطراد كما يفيده كلام ابن عصفور قال في الهمع ورفع المعرف بأل أحسن من نصبه نحو الويل والخيبة لكن إدخال أل ليس مطردا في جميعها وإنما هو سماع نص عليه سيبويه فلا يقال السقي لك والرعي وقال الفراء والجرمي بقياسه. ا. هـ. وبقولهما أقول والمجرور بعد نحو سقيا ورعيا معمول لمحذوف مسوق للتبيين أي لك أعني أو لزيد أعني أو الجار والمجرور خبر
437- عجزه:
فما نيل الخلود بمستطاع
والبيت من الهزج، وهو لقطري بن الفجاءة في تخليص الشواهد ص298؛ وشرح التصريح 1/ 331؛ والمقاصد النحوية 3/ 51؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 220.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
438-
ألؤمًا لا أبا لك واغترابا
والثاني ما دل على عامله قرينة وكثر استعماله، كقولهم عند تذكر النعمة: حمدًا وشكرًا لا كفرًا، وعند تذكر الشدة: صبرًا لا جزعًا، وعند ظهور معجب: عجبًا، وعند الأمتثال: سمعًا وطاعة، وعند خطاب مرضى عنه: أفعل ذلك وكرامة ومسرة، وعند خطاب
ــ
لمحذوف تقديره إرادتي أو دعائي وعلى كل فالكلام جملتان كذا قالوا وهو متجه إذا كان المجرور مخاطبا نحو سقيا لك أما إذا لم يكن مخاطبا نحو سقيا فالمتجه عندي أن يجعل معمولا للمصدر واللام للتقوية فالكلام جملة واحدة كما نقل عن الكوفيين إذ لا يلزم حينئذٍ المحذور من اجتماع خطابين لشخصين في جملة واحدة على أن المحذور إنما يلزم في سقيا لك إن جعل سقيا نائبا عن اسق فإن جعل نائبا عن سقى على أن الخبر بمعنى الطلب فلا.
قوله: "وجدعا" بالدال المهملة يستعمل في قطع الأنف وفي قطع الأذن كما في يس. قوله: "أو مقرونا باستفهام توبيخي" في كلام غيره الاكتفاء في وجوب الحذف بالتوبيخ ولو مجردا عن الاستفهام ونوقش في جعل هذا الاستفهام من أقسام الطلب بأن الاستفهام مجازي لأنه خبر في المعنى وأجيب بأنه منها بحسب الصورة أو باعتبار استلزامه الطلب. قوله: "ألؤما إلخ" بضم اللام وسكون الهمزة أي أتلؤم لؤما وتغترب اغترابا وقوله. لا أبا لك جملة قصد بها الدعاء على المخاطب وقد تقدم إشباع الكلام فيها والاغتراب البعد عن الأوطان. قوله: "والثاني" أي الواقع في الخبر بالمعنى المتقدم وذلك خمسة أقسام كما في التوضيح الأول ما أشار إليه الشارح بقوله ما دل إلخ والأربعة ستأتي في المتن. قوله: "حمدا وشكرا لا كفرا" وجوب الحذف خاص باجتماع الثلاثة لجريان هذا التركيب مجرى الأمثال فلا اتجاه للاعتراض بأنه يقال حمدت الله حمدا وشكرته شكرا مع أن الكلام بذكر الفعل يكون خبرا لا إنشاء وكلامنا عند قصد الإنشاء وعنده يكون المصدر والفعل متعاقبين إذا ذكر أحدهما ترك الآخر كذا قال الدماميني نقلا عن الشلوبين.
قوله: "وما سيق إلخ" المتبادر أن ما مبتدأ ويحذف إلخ خبره فيوهم أن هذا قسيم للآتي بدلا من فعله مع أنه قسم منه فإن الآتي بدلا من فعله إما واقع في الطلب كندلا وإما واقع في الخبر وهذا الثاني إما مسموع ولم يتعرض له وإما مقيس وهو الواقع تفصيلا لعاقبة جملة تقدمت
438- صدره:
أعبدًا حل في شعبي غريبًا
والبيت من الوافر وهو لجرير في ديوانه ص650؛ وإصلاح المنطق ص221؛ والأغاني 8/ 21؛ وجمهرة اللغة ص1181؛ وخزانة الأدب 2/ 183؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 98؛ وشرح التصريح 1/ 331، 2/ 171، 289؛ والكتاب 1/ 339، 344؛ ولسان العرب 1/ 503 "شعب"؛ ومعجم ما استعجم ص799، 861؛ والمقاصد النحوية 3/ 49، 4/ 506؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 221؛ ورصف المباني ص52.
وما لتفصيل كإما منا
…
عامله يحذف حيث عنا
كذا مكرر وذو حصر ورد
…
نائب فعل لاسم عين استند
ــ
مغضوب عليه: لا أفعل ذلك ولا كيدًا ولا همًّا، ولا فعلت ذلك ورغمًا وهو أنا "وما" سيق من المصادر "لتفصيل" أي لتفصيل عاقبة ما قبله "كإما منا" من قوله تعالى:{فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} [محمد: 4] ، "عامله يحذف حيث عنا" أي حيث عرض، لما ذكر من أنه بدل من اللفظ بعامله، والتقدير فإما تمنون وإما تفادون "كذا مكرر وذو حصر ورد" كل منهما "نائب فعل لاسم عين استند" نحو أنت سيرًا سيرًا، وإنما أنت سيرًا، ما أنت إلا سيرًا فالتكرار عوض من اللفظ بالفعل، والحصر ينوب مناب التكرير، فلو لم يكن مكررًا ولا محصورًا جاز الإضمار والإظهار، نحو أنت سيرًا وأنت تسير سيرًا. والاحتراز باسم العين عن اسم المعنى، نحو أمرك سير سير فيجب أن يرفع على الخبرية هنا لعدم الاحتياج إلى إضمار فعل هنا، بخلافه بعد اسم العين لأنه يؤمن معه اعتقاد الخبرية؛ إذ
ــ
أو مكررا إلخ فالأولى جعل قوله وما لتفصيل إلخ عطفا على ندلا فيكون مثالا ثانيا وعليه فقوله عامله يحذف تأكيد لما استفيد من التمثيل به للآتي بدلا المتحتم حذف عامله أفاده يس عن ابن هشام. قوله: "لتفصيل عاقبة ما قبله" أي لتفصيل المرتب على مضمون ما قبله وقيد ابن الحاجب ما قبله بكونه جملة فلا يجب الحذف فيما لتفصيل عاقبة مفرد نحو لزيد سفر فإما يصح صحة أو يغتنم اغتناما. قوله: "والتقدير فأما تمنون إلخ" وفي بعض النسخ فأما تمنوا إلخ بحذف نون الرفع لغير ناصب وجازم على لغة قليلة. قوله: "كذا" أي مثل ما سيق إلخ. قوله: "فالتكرار عوض من اللفظ بالفعل" فيه أن العوض نفس المصدر لا تكراره بدليل جعلهم المكرر من إفراد المصدر الآتي بدلا من فعله كما مر إلا أن يقال لما كانت بدلية المصدر المكرر من فعله مشروطة بتكراره جعل التكرار بدلا تسمحا. قوله: "جاز الإضمار إلخ" هذا ظاهر بالنسبة إلى المصدر المبين دون المؤكد لامتناع إضمار عامله عند الناظم كما قال قبل:
وحذف عامل المؤكد امتنع
وبهذا يعلم ما في تمثيل الشارح إلا أن يكون جرى على رأي ابن الناظم. قوله: "والإظهار" أي إن لم يكن مستفهما عنه ولا معطوفا عليه وإلا تعين الإضمار لقيام الاستفهام أو العطف مقام التكرار نحو أأنت سيرا وأنت أكلا وشربا قاله المصرح. قوله: "والاحتراز باسم العين إلخ" الذي يتجه عندي أن هذا القيد لبيان الواقع لا للاحتراز إذ المصدر في أمرك سير سير ليس نائب فعل استند إلى اسم معنى، بل المصدر نفسه استند إلى اسم المعنى فهو خارج بقوله نائب فعل. قوله:"فيجب أن يرفع إلخ" هذا بيان مراد وإن لم يفهم من النظم إذ مفهومه أنه لا يحذف عامله وجوبا، وهذا صادق بجواز الحذف ووجوب الذكر مرفوعا إن جعل العامل المبتدأ أو منصوبا إن جعل فعلا.
قوله: "بخلافه" أي المصدر بعد اسم العين فإنه يحتاج إلى إضمار فعل لعدم صحة الخبرية،
ومنه ما يدعونه مؤكدا
…
لنفسه أو غيره فالمبتدا
نحو له علي ألف عرفا
…
والثان كابني أنت حقا صرفا
ــ
المعنى لا يخبر به عن العين إلا مجازًا كقوله:
439-
فإنما هي إقبال وإدبار
أي ذات إقبال وإدبار "ومنه" أي ومن الواجب حذف عامله لنفسه، وهو الوقاع بعد جملة هي نص في معناه. وسمي بذلك لأنه بمنزلة إعادة الجملة فكأنه نفسها "نحو له علي ألف عرفا" أي اعترفا، ألا ترى أنه له علي ألف هو نفس الاعتراف "والثان" وهو المؤكد لغيره، هو الواقع بعد جملة تحتمل غيره فتصبر به نصا. وسمي بذلك لأنه أثر في الجملة فكأنه غيرها لأن المؤثر غير المؤثر فيه "كابني أنت حقا صرفًا" فحقا رفع ما احتمله أنت ابني
ــ
وقوله لأنه يؤمن معه إلخ لمحذوف أي وإنما جاز حذف العامل بعد اسم العين لأنه يؤمن إلخ قال يس ومقتضى التعليل أن مثل اسم العين اسم المعنى الذي لا يصح وقوع المصدر خبرا عنه نحو أملك سيرا سيرا وحينئذٍ ففي مفهوم قوله لاسم عين تفصيل. قوله: "إلا مجازا" مقتضى قوله أي ذات إقبال وإدبار أنه مجاز بالحذف ولا يتعين بل يجوز أن يكون مجازا مرسلا علاقته التعلق. قوله: "ومنه ما يدعونه مؤكدا" لا يشكل على قوله سابقا:
وحذف عامل المؤكد امتنع
لأن الامتناع عنده في غير الصور المشار إليها بقوله والحذف حتم إلخ التي منها مؤكد الجملة لقيام الجملة مقام العامل فكأنه مذكور. قوله: "هو الواقع بعد جملة" الأصح كما في التسهيل منع تقديمه كالذي بعده على الجملة ومنع التوسط بين جزءيها. قال الدماميني لأنها دليل العامل فيه فلا يفهم منها إلا بعد تمامها. قوله: "هي نص في معناه" إن أراد لا تحتمل غيره حقيقة فما بعده وهو المؤكد لغيره كذلك وإن أراد ولو مجازا فممنوع سم أي لاحتمال أن تكون للتهكم مجازا. ويجاب باختيار الشق الثاني على معنى أنها لا تحتمل غيره ولو مجازا احتمالا قريبا. قوله: "فكأنه نفسها" الأنسب بالتسمية أن يقول فكأنها نفسه لكنه راعى قوله لأنه بمنزلة إعادة الجملة ولو جمع لكان أحسن. قوله: "ألا ترى أن له عليّ ألف هو نفس الاعتراف" فيه تسمح والمراد أن التكلم بهذه العبارة نفس الاعتراف ولو قال ألا ترى أن له عليّ ألف نص في الاعتراف لكان أسلم وأوفق بما قبل. قوله: "لأنه أثر في الجملة" أي برفع احتمال الغير. قوله: "كابني أنت
439- صدره:
ترتع ما رتعت حنى إذا ادكرت
والبيت من البسيط، وهو للخنساء في ديوانها ص383؛ والأشباه والنظائر 1/ 198؛ وخزانة الأدب 1/ 431، 2/ 34؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 282؛ والشعر والشعراء 1/ 354، والكتاب 1/ 337؛ ولسان العرب 7/ 305 "رهط"، 11/ 538 "قبل"، 14/ 410 "سوا"؛ والمقتضب 4/ 305؛ والمنصف 1/ 197؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 387، 4/ 68؛ وشرح المفصل 1/ 115؛ والمحتسب 2/ 43.
كذاك ذو التشبيه بعد جمله
…
كلي بكا بكاء ذات عضله
ــ
من إرادة المجاز و"كذاك" مما يلزم إضمار ناصبه المصدر المشعر بالحدوث "ذو التشبيه بعد جمله" حاوية معناه، وفاعله غير صالح ما اشتملت عليه للعمل فيه "كلي بكا
ــ
حقا" الذي يظهر لي أن حقا هنا بمعنى حقيقة ليكون رافعا لاحتمال المجاز، أما إذا كان حقا بمعنى ضد الباطل فهو غير رافع لصحة الإتيان به مع إرادة المجاز كأن يريد بنوّة العلم لكن هذا إنما يتجه على ما درج عليه الشارح من أن قولنا حقا لرفع احتمال المجازي. والذي في الرضي والدماميني أنه لرفع احتمال بطلان القضية أي عدم تحققها في الواقع. قال الرضي المؤكد لغيره في الحقيقة مؤكد لنفسه وإلا فليس بمؤكد لأن معنى التوكيد تقوية الثابت بأن تكرره وإذا لم يكن الشيء ثابتا فكيف يقوّى وإذا كان ثابتا فمكرره إنما يؤكد نفسه ثم قال معنى هذا المصدر تدل عليه الجملة السابقة نصا بحيث لا احتمال فيها لغيره من حيث مدلول اللفظ وجميع الأخبار من حيث اللفظ لا تدل إلا على الصدق وأما الكذب فليس بمدلول اللفظ بل هو نقيض مدلوله وأما قولهم الخبر يحتمل الصدق والكذب فليس مرادهم أن الكذب مدلول اللفظ الخبر كالصدق بل المعنى أنه يحتمل الكذب من حيث العقل أي لا يمتنع أن لا يكون مدلول اللفظ ثابتا. قال ويقوّي ذلك أنه لا يجوز لك أن تقول زيد قائم غير حق أو هو عبد الله قولا باطلا لأن اللفظ السابق لا يدل عليه. قال وإنما قيل لمثل هذا المصدر مؤكد لغيره مع أن اللفظ السابق دال عليه نصا لأنك إنما تؤكد بمثل هذا التوكيد إذا توهم المخاطب ثبوت نقيض الجملة السابقة في نفس الأمر وغلب في ذهنه كذب مدلولها فكأنك أكدت باللفظ النص محتملا لذلك المعنى ولنقيضه فلذلك قيل مؤكد لغيره وأما المؤكد لنفسه فلا يذكر لمثل هذا الغرض فسمي مؤكدا لنفسه. ا. هـ. وقال الدماميني بعد تمثيله للمؤكد لغيره بنحو زيد قائم حقا ما نصه فالجملة المذكورة قبل دخول المصدر كانت محتملة لأن يكون مضمونها ثابتا في الواقع فيكون حقا ولأن يكون مضمونها غير ثابت في الواقع فيكون غير حق فلما جاء المصدر المؤكد صارت به نصا في الواقع وسمي مؤكدا لغيره لأن الجملة غير هذا المصدر لفظا ومعنى. ا. هـ. فعلى ما قاله المراد بالحق ضد الباطل فاعرفه، ومثل أنت ابني حقا لا أفعله ألبتة أو أفعله التبة فالبتة مصدر حذف عامله وجوبا أي أبت البتة، والتاء للوحدة والبت القطع أي أقطع بذلك القطعة الواحدة أي لا أتردد بعد الجزم ثم أجزم مرة أخرى فيحصل قطعتان أو أكثر وكأن اللام للعهد أي القطعة المعلومة مني التي لا تردد معها فقولك لا أفعله محتمل لاستمرار النفي وانقطاعه ولفظ ألبتة محقق لاستمراره. وأل في البتة لازمة الذكر وقيل يجوز حذفها، ولم يسمع فيها إلا قطع الهمزة والقياس وصلها. قاله في التصريح.
قوله: "صرفا" أي خالصا نعت لحقا. قوله: "مما يلزم إلخ" بيان لوجه الشبه ويجوز رفعه بدلا مما قبله أو صفة له على تقدير مثل وهل النصب أرجح من الرفع أو هما مستويان قولان. قوله: "المشعر بالحدوث" أي التجدد أي الدال على أمر يتجدد لا على أمر راسخ ثابت. دماميني. قوله: "وفاعله" أي فاعل معنى المصدر كالياء في مثال المصنف وإرجاع الضمير إلى معنى المصدر المحدث عنه الذي هو الثاني يرد عليه أن مثال المصنف ومثالي الشارح لم تشتمل
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بكاء ذات عضله" أي ممنوعة من النكاح، ولزيد ضرب ضرب الملوك، وله صوت صوت حمار، فالمنصوب في هذه الأمثلة قد استوفى الشروط السبعة، بخلاف ما في نحو لزيد يد يد أسد لعدم كونه مصدرًا، ونحو له علم علم الحكماء، لعدم الإشعار بالحدوث، ونحو له صوت صوت حسن، لعدم التشبيه، ونحو صوت زيد صوت حمار لعدم تقدم جملة، ونحو له ضرب صوت حمار لعدم احتواء الجملة قبله على معناه، ونحو عليه نوح نوح الحمام لعدم احتوائها على صاحبه، فيجب رفعه في هذه الأمثلة ونحوها. وقد ينتصب في هذا الأخير لكن على الحال وبخلاف ما في نحو أنا أبكي بكاء ذات عضلة، وزيد يضرب ضرب الملوك حيث يتعين كون نصبه بالعامل المذكور في الجملة قبله لا بمحذوف لصلاحية المذكور للعمل فيه. وإنما لم يصلح المصدر المشتملة عليه الجملة في نحو لي
ــ
الجملة فيها على فاعل معنى المصدر الثاني لأن فاعل البكاء الثاني والضرب الثاني والصوت الثاني ذات العضلة والملوك والحمار، ولم تشتمل الجملة على شيء من الثلاثة. ويجاب بأن معنى بكاء ذات عضلة بكاء مثل بكاء ذات عضلة وفاعل هذا البكاء المثل قد اشتملت عليه الجملة وكذا يقال في مثالي الشارح أفاده سم. قوله:"كلي بكاء بكاء ذات عضلة" قصر بكاء الأول للضرورة فلا يقال إن البكا بالقصر إسالة الدموع وبالمد رفع الصوت فلم تشتمل الجملة على معنى المصدر وينبغي أن يكون قوله كلي إلخ صفة لجملة أي بعد جملة في هذا الكلام ليكون إشارة إلى بقية الشروط أفاده يس عن الشاطبي. قوله: "وله صوت صوت حمار" هو مصدر صات يصوت إذا صاح فهو بمعنى التصويت لا اسم مصدر نائب مناب المصدر كما زعمه البعض. قوله: "لعدم الإشعار بالحدوث" لأنه من قبيل الملكات. قال في الهمع لم ينصب ذكاء الحكماء في له ذكاء ذكاء الحكماء لأن نصب صوت وشبهه إنما كان لسكون ما قبله بمنزلة يفعل مسندا إلى فاعل التقدير في له صوت هو يصوت فاستقام نصب ما بعده لاستقامة تقدير الفعل في موضعه وذلك لا يمكن في له ذكاء فلم يستقم النصب.
قوله: "لعدم احتوائها على صاحبه" أي لأن ضمير عليه للمنوح عليه لا للنائح فلم يكن في الجملة فاعل معنى المصدر بخلاف مثال المصنف فالفرق بينهما في غاية الظهور فدعوى البعض أن هذا المثال كمثال المصنف وأن الفرق بينهما تحكم في غاية العجب. قوله: "فيجب رفعه في هذه الأمثلة ونحوها" الذي يتجه له صحة النصب في نحو لزيد يد يد أسد أو علم علم الحكماء أو ضرب صوت حمار على الحال من الضمير المستتر في الخبر بتقدير مضاف أي مثل يد أسد إلخ أو على المفعولية لفعل محذوف أي تماثل يد أسد إلخ فتأمل. قوله: "لكن على الحال" أي بتقدير مثل فلا يرد أن نوح الحمام معرفة فلا يكون حالا وهو حال من الضمير المستكن في الجار والمجرور في النكت والدماميني جواز نصبه على المصدرية على ضعف. قوله: "حيث يتعين" حيثية تعليل. قوله:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بكا، ولزيد ضرب العمل؛ لأن شرط إعمال المصدر أن يكون بدلًا من الفعل أو مقدرًا بالحرف المصدري والفعل، وهذا ليس واحدًا منهما.
تنبيه: مثل له صوت صوت حمار قوله:
440-
ما إن يمس الأرض إلا منكب
…
منه وحرف الساق طي المحمل
ــ
"لأن شرط إلخ" ذهب الناظم في تسهيله إلى أنه لا يشترط ذلك في عمله بل هو غالب فقط فعليه يصح أن يكون النصب بالمصدر المذكور في الجملة، بل قال الدماميني بعد ذكره إن كون المصدر المذكور منصوبا بالفعل المقدر مذهب الأكثر ما نصه: قال الرضي: وظاهر كلام سيبويه أن المنصوب أي في له صوت صوت حمار منصوب بصوت لا بفعل مقدر قال، وإنما انتصب لأنك مررت به في حال تصويت ومعالجة. ا. هـ. ومنه يؤخذ ما مر أن المراد بالصوت التصويت أي إحداث ما يسمع إخراجه لا نفس ما يسمع وإن زعمه المرادي في شرح التسهيل وجعله الداعي للجمهور إلى تقدير الناصب وعدم جعله منصوبا بصوت لأنه بمعنى ما يسمع ليس مقدرا بالحرف المصدري والفعل ولا بدلا من فعله بخلافه بمعنى التصويت فقد رده الدماميني. قال البعض وإنما لم يكن مقدرا بالحرف المصدري لوقوعه مبتدأ والأصل فيه الاسم الصريح ولذلك يؤول الحرف المصدري والفعل به. ا. هـ. وفيه نظر لاقتضائه منع عمل كل مصدر وقع مبتدأ وهو ممنوع ومفاد ما مر عن المرادي في شرح التسهيل في له صوت صوت حمار أنه يقدر بالحرف المصدري والفعل.
قوله: "ما أن يمس إلخ" ما نافية وإن زائدة وحرف الساق معطوف على منكب. والمحمل بكسر الميم الأولى وفتح الثانية علاقة السيف. والمعنى أن هذا الفرس مدمج الخلق كطي المحمل متجاف كتجافي المحمل وأنه بلغ في الضمور إلى أن لا يصل بطنه إلى الأرض إذا اضطجع وإنما يمس الأرض منكبه وحرف ساقه. والكلام مسوق للمدح فطي منصوب بمحذوف وجوبا على حد له صوت صوت حمار لكون الجملة بمنزلة له على كذا في التصريح وغيره. قوله: "تذر" أي السيوف. والجماجم جمع جمجمة بضم الجيمين عظم الرأي المشتمل على الدماغ وتطلق على الإنسان بتمامه مجازا وهو أليق بقوله هاماتها إذ هي جمع هامة وهي الرأس وضاحيا من ضحا يضحو إذا برز عن محله بله الأكف مصدر بمعنى ترك لفعل مهمل أقيم هو مقامه مضافا إلى المفعول على أحد الأوجه الآتية في بله، كأنها لم تخلق متعلق بضاحيا والضمير للهامات.
440- البيت من الكامل، وهو لأبي كبير الهذلي في خزانة الأدب 8/ 194؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 324؛ وشرح أشعار الهذليين 3/1073؛ وشرح التصريح 1/ 334؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص90؛ وشرح شواهد الإيضاح ص147؛ وشرح شواهد المغني 1/ 227؛ والشعر والشعراء 2/ 676؛ والكتاب 1/ 359؛ والمقاصد النحوية 3/ 54؛ وللهذلي في الخصائص 2/ 309؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 1/ 246؛ والإنصاف 1/ 230؛ وأوضح المسالك 2/ 224؛ والمقتضب 3/ 203، 232.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لأن ما قبله بمنزلة له طي قاله سيبويه:
خاتمة: المصدر الآتي بدلًا من اللفظ بفعله على ضربين: الأول ما له فعل وهو ما مر والثاني ما لا فعل له اصلًا كبله إذا استعمل مضافًا كقوله:
441-
تذر الجماجم ضاحيًا هاماتها
…
بله الأكف كأنها لم تخلق
في رواية خفض الأكف، فبله حينئذ منصوب نصب ضرب الرقاب. والعامل فيه فعل من معناه وهو اترك؛ لأن بله الشيء بمعنى ترك الشيء فهو على حد النصب في نحو شنأته بغضًا، وأحببته مقة. ويجوز أن ينصب ما بعد بله فيكون اسم فعل بمعنى اترك وهي إحدى الروايتين في البيت، وسيأتي في بابه. ومثل بله المضاف ويله، وويحه، وويسه، ووييه، وهي كنايات عن الويل، وويل كلمة تقال عند الشتم والتوبيخ، ثم كثرت حتى صارت كالتعجب يقولها الإنسان لمن يحب ولمن يبغض، ونصبها بتقدير ألزمه الله، وهو قليل، ولذلك لم يتعرض له هنا.
ــ
والمعنى أن هذه السيوف تترك القوم بارزة رؤوسهم عن محالها منفصلة كأنها لم تخلق على الأبدان فتركا لذكر الأكف لأنها سهلة القطع بالنسبة إلى الرؤوس. قوله: "فيكون اسم فعل إلخ" وعلى هذا ففتحته بنائية. وبقيت رواية ثالثة وهو رفع ما بعدها على الابتداء خبره بله بمعنى كيف لأنها تستعمل اسم استفهام بمعنى كيف وفتحته على هذا أيضا بنائية. والمعنى عليه كيف الأكف لا تترك ضاحية عن الأيدي مع أنها أسهل من الرؤوس فعلى هذا بله في البيت للاستفهام التعجبي.
قوله: "ومثل بله إلخ" أي في وجوب حذف الناصب وكون ناصبه ليس من لفظه لا في النصب على المفعولية المطلقة لما سيذكره الشارح من أن تقدير عاملها ألزمه الله فتكون مفعولا به وفي كلام غيره أن نصبها بالمفعولية المطلقة وأن تقدير العامل احزن. قوله: "وهي كنايات عن الويل" أي عند بعض اللغويين وذكر الجوهري أن ويح كلمة رحمة وويل كلمة عذاب. وذكر شيخنا أن ويس كويح وويب كويل ومراد الشارح أنها كنايات عن الويل بالنظر لأصل الوضع فلا ينافي ما سيذكره الشارح من أنها صارت كالتعجب يقولها الإنسان لمن يحب ولمن يبغض. قوله: "تقال عند الشتم والتوبيخ" أي عند إرادتهما. قوله: "وهو قليل" أي هذا النوع الذي لا فعل له من لفظه.
441- البيت من الكامل، وهو لكعب بن مالك في ديوانه ص245 ص245؛ وخزانة الأدب 6/ 211، 214، 217، والدرر اللوامع 3/ 187؛ وشرح شواهد المغني ص353؛ ولسان العرب 3/ 478 "بله"؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 217؛ وتذكرة النحاة ص500؛ والجني الداني ص425؛ وخزانة الأدب 6/ 232؛ وشرح التصريح 2/ 199؛ وشرح شذور الذهب ص513؛ وشرح المفصل 4/ 48؛ ومغني اللبيب ص115؛ وهمع الهوامع 1/ 236.