المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌[مقدمة] حقوق الإنسان في الإسلام مقدمة الحمد لله رب العالمين، والصلاة - حقوق الإنسان في الإسلام للتركي

[عبد الله بن عبد المحسن التركي]

الفصل: ‌ ‌[مقدمة] حقوق الإنسان في الإسلام مقدمة الحمد لله رب العالمين، والصلاة

[مقدمة]

حقوق الإنسان في الإسلام مقدمة الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أفضل الأنبياء والمرسلين، أما بعد:

فإن الدعوة إلى الله تعالى، تبدو في هذا العصر، وعلى المستوى الإنساني كله، شاقة وعسيرة.

كما تبدو مهمة الدعاة داخل المجتمعات التي يعيشون فيها أو خارجها، معقدة ومتشابكة.

ولكن ذلك، لا يعني أن يقل الجهد في أداء الرسالة، أو ينصرف الدعاة عن مواجهة الصعاب، التي تعترضهم في أداء مهمتهم.

إن الدعوة إلى الله، وإلى الدين الحق، وإلى إصلاح النفوس والقلوب، على المستوى الإنساني كله، هي رسالة الأمة الإسلامية، إلى الناس جميعا.

ويجب أن تسير في أداء هذا الواجب، على هدي الرسول- صلوات الله عليه وسلامه- الذي أرسله الله بالهدى ودين الحق إلى الناس جميعا، قال تعالى:

ص: 5

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} [الأعراف: 158](سورة الأعراف، الآية 158) .

وقد وعد الله سبحانه بظهور الإسلام فقال: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ} [التوبة: 33](سورة التوبة، الآية 33) .

وظهور الإسلام على الدين كله، يتحقق بالدعوة إلى الله تعالى، التي تحتاج في هذا العصر إلى التخطيط، واختيار أساليبها المناسبة، ومعرفة الواقع الذي يحياه الناس، في داخل المجتمعات الإسلامية وخارجها.

كما تحتاج إلى إعداد الدعاة؛ ليكونوا أهلا لنشر كلمة الله بين الناس، لإصلاح القلوب والنفوس.

وفي كتاب الله تعالى، بيان لأساليب الدعوة التي تخاطب العقول والنفوس:{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125](سورة النحل، الآية 125) .

وفي السنة الشريفة القولية والفعلية، المثل الأعلى في ممارسة الدعوة، ومخاطبة الناس، وإصلاح النفوس، وتزكيتها.

ص: 6

وفي عهد النبوة، تقررت أصول الدعوة وآدابها، والسنن التي تسير عليها، على اختلاف المخاطبين، في العقول والأفهام والظروف والأحوال.

ومعرفة هذا مما يجب أن يتسلح به الداعي إلى الله، وهو أول العلم في الدعوة، وأصدق التجربة فيها، وخير دليل لتحقيق المقصود منها.

ولا يستقيم عمل الدعاة في أي زمان ومكان، إلا بالعلم بالكتاب والسنة، ومدارسة علوم الإسلام، عقيدة وشريعة، والتحلي بفضائل الإسلام، واتباع سنة الرسول صلى الله عليه وسلم في الإبلاغ والإعلام، والنصح والإرشاد، والشرح والبيان، للمخاطبين بالدعوة، على اختلاف الظروف والأحوال.

وفي هذا العصر بالذات، يحتاج ظهور الإسلام على الدين كله، إلى دعاة يظهرونه بعلمهم، وقدوتهم في مسلكهم، ومعرفتهم بأحوال الناس، وما يشغل حياتهم من أمور الدين والدنيا.

لقد جدت قضايا عديدة، شغلت عقول الناس وفكرهم ونالت حظا وافرا من اهتمامهم وسعيهم،

ص: 7

وينبغي أن يكون الدعاة إلى الله، على علم بهذه القضايا، وما يراد منها، والقائمين بها، وما فيها من خير للناس أو شر.

وأهم من ذلك، أن يضعها الدعاة إلى الله تعالى على ميزان الإسلام، فتوزن به، وتقوم على أساسه، حتى يتميز الخبيث من الطيب، في الأفكار والأعمال، وحتى يعرف المسلمون حقيقة ما يعرض عليهم، ويميزون بين ما ينفعهم منه، فيستفيدون منه، وما يضرهم في دينهم ودنياهم، فيعرضون عنه.

وحين يتعرف الدعاة على حقيقة القضايا التي تثار بين الناس، باسم حقوق الإنسان، أو المساواة بين الرجل والمرأة، أو التسامح الديني، يستطيعون بما عندهم من علم بكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وبما يعرفونه عن حقيقة هذه الدعوات، وأحوال أهلها والقائمين بها، والأهداف التي ترمي إليها، أن يكونوا هداة للناس إلى الحق فيما يثار، ودعاة إلى الخير، وروادا للإصلاح في مجتمعاتهم.

وبذلك يظهر الإسلام على الدين كله.

ص: 8

وفي هذه الصفحات، ألقي الضوء على قضية تثار في هذه الأيام، ويزداد الإلحاح على أهميتها، وهي قضية حقوق الإنسان.

إن المصطلح جذاب، يغري كثيرا من الناس، والمبادئ براقة، قد ينخدع بها المسلم المعاصر.

ومنذ أكثر من أربعة عشر قرنا، والمسلمون يسمعون عن كرامة الإنسان، والتسوية بين الناس، والتكافل والتراحم بينهم، بل إن المسلمين منذ ظهور الإسلام، وهم يقرؤون آيات الكتاب العزيز، وأحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم ترشدهم، وتهديهم إلى هذه المعاني السامية.

ولكن الخطر كل الخطر، والضرر كل الضرر، على المجتمعات الإسلامية، يظهر حينما نوازن بين الشعارات التي تأتينا من كل حدب وصوب عن هذه المبادئ، وبين مفاهيمنا الإسلامية عنها.

فنحن نعرف من ديننا كرامة الإنسان، والمساواة بين الناس، والشورى، والتكافل، والتراحم بين الناس.

فهل ما يدعون إليه، هو ما نعرفه، وما نفهمه عنها، في ديننا؟

ص: 9

فالمبادئ، جذابة وبراقة، وربما تكون المصطلحات واحدة، ولكن ما هو المضمون؟ وما هي المفاهيم؟ وما أثر ذلك في عقيدتنا وأخلاقنا وسلوكنا، حين تخدعنا المبادئ والشعارات وحدها، دون أن نحقق في مضمونها، وفي المفاهيم التي تندرج تحتها؟

المقصود في هذا البحث، أن نتعرف على الحقيقة في قضية حقوق الإنسان، كما تثار في عالمنا المعاصر، وأهم من ذلك، أن نضع شعاراتها، ومفاهيمها، ونتائجها، في ميزان الإسلام، قاصدين من ذلك، الدعوة إلى سبيل الله، وإرشاد المسلمين إلى الحق، وهدايتهم إلى الخير، وإصلاح دينهم ودنياهم:{فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ} [الرعد: 17](سورة الرعد، الآية 17) .

والله المستعان.

عبد الله بن عبد المحسن التركي

وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد

ص: 10