الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الخاتمة]
الخاتمة وأخيرا: فإن هذه الخصوصية الإسلامية في حقوق الإنسان، والتي تظهر تطبيقاتها في المملكة العربية السعودية، لم تحظ للأسف بالتزام كثير من الدول في العالم الإسلامي.
لقد اعتنقت كثير من دول العالم الإسلامي- نتيجة انبهارها بالفكر الغربي بالذات أو انهيارها أمامه- المبادئ والشعارات التي يطلقها الفكر الغربي، والتي تمثل تاريخه وتراثه وحياته بعيدا عن الهدي الإلهي.
ولذلك، تبدو هذه الدول ضعيفة أمام انتقادات الغرب لها في مجال حقوق الإنسان.
لقد بدأت هزيمتها الفكرية باعتناق مفاهيمه، والجري وراء شعاراته وقوانينه.
فإذا تبين لها- بالنظر إلى ما توجبه عقيدة شعوبها المسلمة، وشريعتها وتراثها الحضاري وقيمها الاجتماعية- أن تلك المبادئ تضر بمجتمعاتها، وتحول دون تقدمها، وحاولت الخروج من تلك التبعية للفكر الغربي في موضوع حقوق الإنسان، انبرت لها وسائل
الإعلام الغربية، تنكر عليها حقها في الخصوصية الدينية والاجتماعية والثقافية، وهو ما تشكو منه دول كثيرة، وتتحمل نتائجه الظالمة.
وقد ظهر ذلك واضحا في مؤتمر فينا لحقوق الإنسان، الذي عقد في الفترة من 24 ذي الحجة 1413 هـ إلى 5 محرم1414 هـ الموافق 14- 25 يونيه 1993م، إذ حاولت كثير من الدول المشاركة فيه، أن تتمسك بخصوصيتها الثقافية والاجتماعية، أمام طغيان الثقافة الغربية ومفاهيمها في قضية حقوق الإنسان.
إن الحل في يد البلاد الإسلامية، وهو اختيارها للهدي الإلهي، القرآن الكريم والسنة النبوية، وأصول الشريعة ومبادئها، وإظهار الاعتزاز بتلك الخصوصية الدينية والثقافية، وتطبيقها والالتزام بها.
وهذه الخصوصية، هي التي تكفل لها موقعا مشرفا في مجال حقوق الإنسان في المجتمع الدولي.
إن المسلمين، يلتزمون أحكام الشريعة التي تمليها عليهم عقيدة الإسلام، ومن أصول هذه الشريعة، تنبع مبادئ حقوق الإنسان ومفاهيمها الصحيحة، لا سيما
فيما يتعلق بحرية الإنسان التي ترفعه، وتنهض بحياته الإنسانية، وما يتعلق بحقوق المرأة المسلمة في نطاق كرامتها الإنسانية، ومصلحة الأسرة والمجتمع.
ومن أصول هذه الشريعة، يستمد المسلمون نظامهم في مواجهة الجريمة وأثرها المدمر للمجتمع، الذي من حقه الأمن والأمان، بما توفره الشريعة من وقاية من الجريمة، وردع لها في أحكام الحدود والقصاص والتعزيزات.
ولدينا في الشريعة الإسلامية، القيم العالية في حرية التفكير والتعبير بضوابطها الشرعية، فلا نحتاج إلى التقليد والاستعارة من الغير.
وقد رأينا ما أدت إليه المفاهيم الزائفة لمبادئ حرية الإنسان، والتسوية الحسابية بين الناس، دون اعتبار للنظرة الإنسانية، ولا للعدالة في الحقوق والواجبات داخل المجتمع، من عواقب وخيمة على الفرد والمجتمع في كثير من مجتمعات العالم.
إن تطبيق الشريعة الإسلامية، هو العاصم للأمة الإسلامية من التردي فيما وقعت فيه المجتمعات الغربية
من تدهور أخلاقي، وشيوع للظلم والفساد، وانتشار للجريمة، وتفكك للأسرة.
وهو أيضا سلاحنا وجوهر دفاعنا حين نتصدى لما يوجه إلى البلاد الإسلامية من حملات مشبوهة ومغرضة، تطلب من المسلمين أن يكونوا تابعين للفكر الغربي ومفاهيمه، مع أنهم حملة الهدي الإلهي في العقيدة والشريعة في عالمنا المعاصر، وهو الذي يضمن لهم أن يعودوا كما كانوا:{خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: 110](سورة آل عمران، الآية 110) .
وسوف تظهر الأمة الإسلامية في موضوع حقوق الإنسان، حاملة للهدي الإلهي الذي كرم الإنسان قبل المواثيق الدولية بأكثر من ألف عام:{وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} [الإسراء: 70](سورة الإسراء، الآية 70) .
وحين تجمع الأمة الإسلامية- الدول والشعوب- على اختيار الأقوم والأنفع في حقوق الإنسان في ضوء الهدي الإلهي، سوف يكون موقعها في العالم المعاصر، وفي هذا الموضوع بالذات، هو موقع المعلم، وليس مقعد الطالب:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} [الأنفال: 24](سورة الأنفال، الآية 24) .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم