المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الباب الثالث في: النسيب - حماسة القرشي

[عباس القرشي]

الفصل: ‌الباب الثالث في: النسيب

‌الباب الثالث في: النسيب

ص: 249

قال امرؤ القيس:

تقول، وقد جردتها من ثيابها

كما رُعتَ مكحولاً من العينِ أَتْلَعا

وجدِّكَ لو شيءٌ أتانا رسولهُ

سواك، ولكن لم نجد لك مَدْفعا

فبتنا نذود الوحش عنا كأننا

قتيلانِ، لم يعلم لنا الناس مصْرعا

إذا أخذتها هِزَّةُ الروعِ أمسكتْ

بمنكبِ مقدامٍ على الهولِ أروعا

ص: 251

وقال نُصيب:

كأن على أنيابها الخمرُ شَجَّها

بماء الندى في آخر الليلِ عابقُ

وما ذُقْتُهُ إلا بعيني تفرساً

كما شيمَ في أعلى السحابةِ بارقُ

وقال عروة بن أُذينة:

كأن خُزامى طلةٍ صابها الندى

وفارة مسكٍ ضُمِّنتها ثِيابُها

فكِدْتُ لذكراها أطيرُ صبابةً

وغالبتُ نفساً زاد شوقاً غِلابُها

ص: 252

إذا اقتربت سُعدى لججتُ بهجرها

وإن تغترب يوماً يرُعْكَ اغترابها

ففي أيِّ هذا راحةٌ لك عندها!

سواءٌ لعمري نأيها واقترابها

وقال أيضاً:

لا بعدُ سُعدى مريحي من جوى سقمٍ

يوماً ولا قربها إن حمَّ يشفيني

إذا الوشاةُ لحوا فيها عصيتهم

وخلتُ أن بسعدى اللومَ يُغريني

ص: 253

وقال أيضاً:

قالت، وأبثثتها وجدي فبحت به

قد كنت عندي تحب السترَ فاستترِ

ألست تبصر من حولي، فقلت لها:

غطَّى هواكِ، وما أبقى على بصري

وقال أيضاً:

إذا وجدتُ أوار الحبِّ في كبدي

أقبلتُ نحو سقاء الماء أبتردُ

هبني بردتُ ببردِ الماء ظاهرهُ

فمن لنارٍ على الأحشاء تتقدُ!

ص: 254

وقال آخر:

ولما تبينتُ المنازل بالحمى

ولم أقضِ منها حاجة المتزودِ

زفرتُ إليها زفرةً لو حشوتها

سرابيلَ أبدانِ الحديد المسرَّدِ

لرقَّتُ حواشيها وظلت متونها

تلينُ كما لانت لداود في اليدِ

وقال آخر:

وددتُ من الشوق المبرحِ أنني

أُعارُ جناحيْ طائرٍ فأطيرُ

ص: 255

وإن امرأً في بلدةٍ نصف قلبهِ

ونصفٌ بأخرى غيرها لصبورِ

وقال إبراهيم بن العباس الصولي:

دنت بأناسٍ عن تناءِ زيارةٌ

وشطَّ بليلى عن دنوٍّ مزارها

وإن مقيماتٍ بمنعرج اللوى

لأقربُ من ليلى وهاتيكَ دارها

ص: 256

وقال آخر:

ولمَّا أبتْ إلاّ اطِّرافاً بودِّها

وتكديرهَا الشِّربَ الذِي كانَ صافيَا

شربنَا برنقٍ منْ هواهَا مكدّرٍ

وكيفَ يعافُ الرّنْق منْ كانَ صاديَا؟!

ص: 257

وقال العباس بن الأحنف:

وحدّثتنِي يا سعدُ عنها فزدتنِي

جنوناً، فزدنِي منْ حديثكَ يا سعدُ

هواهَا هوىً لمْ يعرفِ القلبُ غيرهُ

فليسَ لهُ قبلٌ، وليسَ لهُ بعدُ

وقال أيضاً:

أبكِي الذينَ أذاقونِي مودَّتهمْ

حتّى إذَا أيقظُونِي للهوَى رقدُوا

واستنهضُونِي فلمَّا قمتُ منتصباً

بثقلِ مَا حمّلونِي منهمُ قعدُوا

ص: 258

وقال الحسين بن الضحّاك:

صلْ بخدِّي خدّيكَ تلقَ عجيباً

منْ معانٍ يحارُ فيهَا الضميرُ

فبخدّيكَ للربيعِ رياضٌ

وبخدّيّ للدموعِ غديرُ

وقال أيضاً:

لا وحبّيكَ لا أصا

فحُ بالدّمعِ مدمعَا

منْ بكَى شجوهُ استر

حَ، وإنْ كانَ موجَعا

كبدِي في هواكَ أسْ

قمُ منْ أنْ تقطّعا

لمْ تدعْ صورةُ الضّناَ

فيَّ للسُّقمِ موضِعا

ص: 259

وقال آخر:

وأشربَ قلبِي حبَّهَا، ومشَى بهِ

كمشيِ حميَّا الكأسِ في عقلِ شاربِ

ودبَّ هواهَا في عظَامِي، وحبُّهَا

كمَا دبَّ في الملسوعِ سمُّ العقاربِ

وقال الأحوص:

إذَا رمتُ عنْها سلوةً، قالَ شافعٌ

منَ الحبِّ: ميعادُ السُّلوِّ المقابرُ

ستبقَى لهَا في مضمرِ القلبِ والحشَا

سريرةُ ودٍّ يومَ تبلَى السّرائرُ

ص: 260

وقال آخر:

أبتْ سابقاتُ الحبِّ إلَاّ مقرّها

إليكِ، ومَا تثنَى إذَا مَا استقرَّتِ

هواكِ الّذِي في النفْسِ أمسَى دخيلهَا

عليهِ انطوتْ أحشاؤُها واستمرَّتِ

ص: 261

وقال الأخطل:

منَ الجازئاتِ الحورِ مطلبُ سِرها

كبيضِ الأنوقِ المستكنّةِ في الوكرِ

وإنِّي وإياهَا إذَا مَا لقيتُها

لكالماءِ منْ صوبِ الغمامةِ والقطرِ

وقال جرير:

أتنسَى إذْ تودّعُنَا سليمَى

بفرعِ بشامةٍ سقيَ البشامُ

ص: 262

بنفسِي منْ تجنّبهُ عزيزٌ

عليَّ، ومنْ زيارتهُ لمامُ

ومنْ أمسِي وأصبِح لا أراهُ

ويطرقنِي إذَا هجَع النِّيامُ

وقال آخر:

حيِّ طيفاً منَ الأحبّةِ زارا

بعدَما صرَّعَ الكرَى السمَّارا

طارقاً في المنامِ تحتَ دجَى اللّيْ

لِ ضنيناً بأنْ يزورُ نهارَا

قلتُ: مَا بالنَا جفيْنا وكنَّا

قبلَ ذاكَ الأسماعَ والأبصارَا

قالَ: إنَّا كمَا عهدتَ ولكنْ

شغلَ الحليَ أهلهُ أنْ يعارَا

ص: 263

وقال الحكم بن عمرو بن السّاريّ:

ويلِي علَى منْ أطارَ النّومَ فامتنعَا

وزادَ قلبِي علَى أوجاعهِ وجعَا

كأنّمَا الشّمسُ منْ أعطافهِ لمعتْ

حسناً أوِ البدرُ منْ أزرارهِ طلعَا

مستقبلٌ بالّذِي يهوَى وإنْ كثرتْ

منهُ الذّنوبُ، ومعذورٌ بمَا صنعَا

في وجههِ شافعٌ يمحو إساءتهُ

منَ القلوبِ وجيهٌ حيثُ مَا شفعَا

ص: 264

وقالت امرأة من بني سعد بن بكر:

أيَا أخويَّ الملزميَّ ملامةً

أعيذكمَا باللهِ منْ مثلِ مَابيَا

سألتكمَا باللهِ إلَاّ جعلتمَا

مكانَ الأذَى واللّومِ أنْ تأويَا ليَا

أيَا أمّتَا حبُّ الهلاليِّ قاتِلِي

شطونُ النَّوى يحتلُّ عرضاً يمانيَا

أشمُّ كغصنِ البانِ، جعدٌ مرجّلٌ

شغفتُ بهِ لوْ كانَ أمراً مدانيَا

فإنْ لمْ أوسِّدْ ساعدِي بعدَ هجعةٍ

غلاماً هلاليّاً، فشلَّ بنانِيَا

ثكلتُ أبِي إنْ كنتُ ذقتُ كريقهِ

سلافاً ولَا ماءَ الغمامةِ غاديَا

ص: 265

وقالت ضاحية الهلاليّة:

وإنّي لأهوَى القصدَ ثمَّ يردّنِي

عنِ القصدِ ميلاتُ الهوَى فأميلُ

ومَا وجدُ مولىً مسلمٍ بحريرَة

لهُ بعدَ مَا نامَ العيونُ أليلُ

بأكثرَ منِّي لوعةً يومَ راعنِي

فراقُ حبيبٍ مَا إليهِ سبيلُ

ص: 266

وقالت امرأة من أهل المدينة:

هلْ منْ سبيلٍ إلَى خمرٍ فأشربهَا

أمْ منْ سبيلٍ إلى نصرِ بنِ حجّاجِ

إلى فتىً ماجدِ الأعراقِ مقتبلٍ

سهلِ المحيّا كريمٍ غيرِ ملجاجِ

تنميهِ أعراقُ صدقٍ حينَ تنسبُهُ

أخِي وفاءٍ عنِ المكروبِ فرّاجِ

ص: 267

وقال آخر:

وكنتُ إذَا مَا جئتُ سعدَى أزورهَا

أرَى الأرضَ تطوَى لي ويدنُو بعيدُها

منَ الخفراتِ البيضِ ودَّ جليسهَا

إذَا مَا انقضتْ أحدوثةٌ لوْ تعيدهَا

ص: 268

وقال آخر:

إذَا نحنُ أدلحنَا، وأنتِ أمامَنا

كفى لمطايانا برؤياكِ هادِيا

تمرُّ اللَّيالي والشّهورُ وتنقضِي

وحبّكِ ما يزدادُ إلاّ تمادِيا

ذكرتكِ بالدّيرينِ يوماً فأشرقتْ

بناتُ الهوَى حتّى بلغنَ التّراقِيا

إذَا مَا طواكِ الدّهرُ يَا أمَّ مالكٍ

فشأنُ المنايَا القاضياتِ وشانِيَا

ص: 269

وقال آخر:

لا أستطيعُ نزوعاً عنْ مودّتهَا

أوْ يصنعَ الحبُّ فوقَ الّذِي صنعَا

أدعُو إلَى هجرِها قلبِي فيسعدنِي

حتّى إذّا قلتُ: هذَا صادقٌ نزعَا

ص: 270

وقال الأحوص:

وببطنِ مكّةَ لا أبوحُ بهِ

قرشيَّةٌ غلبتْ علَى قلبِي

ولوْ انّهَا إذْ مرّ موكبهَا

يومَ الكديدِ أطاعنِي صحبِي

قلنَا لهَا: حيّيتِ منْ شجنٍ

ولركبِهَا: حيّيتَ منْ ركبِ

والشَّوقُ أقتلهُ برؤيتهَا

قنلَ الظّما بالباردِ العذبِ

والنّاسُ إنْ حلُّوا جميعهمْ

شعباً، سلامَ، وكنتِ في شعبِ

لحللتُ شعبكِ دونَ شعبهمْ

ولكانَ قربكِ منهمُ حسبِي

ص: 271

وقال عتبة بن الحباب الأنصاري:

أشجاكَ نوحُ حمائمِ السِّدرِ

فأهجنَ منكَ بلابلَ الصّدرِ

أمْ عزَّ نومكَ ذكرُ غانيةٍ

أهدتْ إليكَ وساوسَ الفكرِ

يَا ليلةً طالتْ علَى دنفٍ

يشكُو الغرامَ وقلّةَ الصّبرِ

أسلمتِ منْ يهوَى لحرِّ جوىً

متوقِّدٍ كتوقّدِ الجمرِ

فالبدرُ يشهدُ أنّني كلفٌ

مغرىً بحبِّ شبيهةِ البدرِ

مَا كنتُ أحسبُني بهَا شجناً

حتّى بليتُ وكنتُ لا أدرِي

ص: 272

وقال جِران العود:

أبيتُ كأنَّ اللَّيلَ أفنانُ سدرةٍ

عليهَا سقيطٌ منْ ندَى الطّلِّ ينطفُ

أراقبُ لوحاً منْ سهيلٍ كأنَّهُ

إذَا مَا بدَا في آخرِ اللَّيلِ يطرفُ

ص: 273

وقال النّابغة الجعديّ:

عقيليّةٌ أوْ منْ هلالِ بنِ عامرٍ

بذِي الرَّمثِ منْ وادِي المنارِ خيامهَا

إذَا ابتسمتْ فِي البيتِ واللَّيلُ دونَها

أضاءَ دجَى اللَّيلِ البهيمِ ابتسامهَا

وقال عبيد الله بن عبد الله بن عتبة:

لعمرِي لئنْ شطَّتْ بعثمةَ دارهَا

لقدء كنتُ منْ وشكِ الفراقِ أليحُ

أروحُ بهمٍّ، ثمَّ أغدُو بمثلهِ

ويحسبُ أنّي في الثّيابِ صحيحُ

ص: 274

وقال الحسين بن مطيرٍ:

قضَى اللهُ يَا أسماءُ أنْ لستُ بارحاً

أحبّكِ حتّى يغمضَ العينَ مغمضُ

وحبّكِ بلوَى غيرَ أنْ لا يسرّنِي

وإنْ كانَ بلوَى أنّنِي لكِ مبغضُ

إذَا أنَا رضتُ النّفسَ في حبِّ غيرهَا

أتَى حبُّهَا منْ دونهِ يتعرّضُ

فيَا ليتنِي أقرضتُ غيرِي صبابتِي

وأقرضنِي صبراً علَى الشَّوقِ مقرضُ

ص: 275

وقال آخر:

وأعرضُ حتَّى يحسبَ النّاسُ أنّنِي

بيَ الهجرُ لاها اللهِ مَا بِي لكِ الهجرُ

ولكنْ أروضُ النَّفسَ أنظرُ هلْ لهَا

إذَا فارقتْ يوماً أحبّتها، صبرُ؟ ظ

وقال عروة بن حزام:

فوَ اللهِ لولا حبُّ عفراءَ مَا التقَى

عليَّ رواقَا بيتِها الخلقانِ

كأنَّ وشاحيهَا إذَا امتدَّ خضرهَا

وقامتْ عنانَا مهرةٍ سلسَان

ص: 276

فلهفِي علَى عفراءَ لهفِي كأنَّهُ

علَى النَّحْر والأحشاءِ حدُّ سنانِ

وقال آخر:

تعشّقتُ ليلَى وهيَ غرّ صغيرةٌ

وكنتُ ابنَ سبعٍ مَا بلغتُ الثَّمانيَا

فشابَ بنُو ليلَى وشابَ ابنُ بنتِها

وحرقةُ ليلَى في الفؤَاد كمَا هِيا

ص: 277

وقال دريد بن الصمّة في الخنساء، وقد رآها تهنأ بعيراً:

حيُّوا تماضرَ واربعوا صحْبي

وقفُوا فإنَّ وقوفكمْ حسبِي

أخناسُ قدْ هامَ الفؤادُ بكمْ

وأصابهُ تبلٌ منَ الحبِّ

ما إنْ رأيتُ ولا سمعتُ بِه

كاليوْم طاليَ أينقٍ جربِ

متبذّلَا تبدُو محاسنهُ

يضعُ الهناءَ مواضعَ النّقبَ

ص: 278

وقال جميل:

وإنّي لأرضَى منْ بثينةَ بالّذي

لوِ استيقنَ الواشِي لقرَّتْ بلابلهْ

بلا، وبألا أستطيعَ وبالمنَى

وبالأمَل المرجوِّ قدْ خابَ آملهُ

وبالنّظرَة العجلَى وبالحوْل تنقضي

أواخرهُ لا نلتقِي وأوائلهْ

ص: 279

وقال الصمّة القشيري:

إذَا مَا أتتْنا الرِّيحُ منْ نحْو أرضكمْ

أتتْنا بريّاكم فطابَ هبوبُها

أتتْنا بريحِ المسكِ خالطَ عنبراً

وريحِ الخزامَى باكرتهَا جنوبُها

ص: 280

وقال ذو الرمّة:

إذَا هبّتِ الأرواحُ منْ نحو جانبٍ

بِه أهلُ ميٍّ هاج قلبِي هبوبهَا

هوى تذرف العينانِ منه، وإنما

هوىً كلِّ نفسٍ أينَ حلَّ حبيبهَا

وقال أبو حية النميريّ:

زمانَ الصّبَا ليتَ أيامنَا

رجعنَ لنَا الصّالحاتِ القصارا

ص: 281

زمانَ عليَّ غرابٌ غدافٌ

فطيّرهُ الدّهرُ عنِّي، فطارَا

فلَا يبعدِ اللهُ ذاكَ الغرابَ

وإنْ هوَ لمْ يبقِ إلَاّ ادّكارَا

كأنَّ الشّبابَ ولذّاتهِ

وريقَ الصّبَا كانَ ثوباً معارَا

وهازئةٍ أنْ رأتْ لمّتِي

تلفّعَ شيبٌ بهَا فاستدارَا

وقلّدنِي منْه بعدَ الخطام

عذاراً، فمَا أستطيع اعتذارَا

أجارتنَا إنَّ ريبَ الزّمَا

نِ قبلِي غالَ الرِّجالَ الخيَارا

فإمّا ترَي لمَّتِي هكَذا

فأسرعتِ منهَا لشيبِي النِّفارَا

فقدْ أرتدي وحفَة طلَّةً

وقدْ أبرزُ الفتياتِ الخفارَا

ص: 282

وقال أيضاً:

وخبّرَك الواشونَ أنْ لا أحبّكمْ

بلَى، وستورِ البيتِ ذاتِ المحارمِ

أصدُّ، ومَا الصَّدّ الّذي تعرفينهُ

عزاءً بنَا إلَاّ اجتراعُ العلاقمِ

حياءً وبقيَا أنْ تشيعَ نميمةٌ

بنَا وبكمْ؛ أفٍّ لأهلِ النّمائم

ص: 283

وإنَّ دماً لوْ تعلمينَ جنيتهِ

علَى الحيِّ، جانِي مثلهِ غيرُ سالمِ

أمَا إنَّهُ لوْ كانَ غيركَ أرقلتْ

صعادُ القنَا بالراعفات اللَّهاذمِ

ولكنَّهُ واللهِ مَا طلَّ مسلماً

كبيض الثَّنايَا واضحاتِ الملاغمِ

إذَا هنَّ ساقطنَ الحديثَ حسبتهُ

سقوطَ حصَى المرجانِ منْ سلكِ ناظِم

رمينَ فأقصدنَ القلوبَ فلَا ترَى

دماً مائراً إلَاّ جوىً في الحيازمِ

كأنْ لمْ أبرَّحْ بالغيورِ وأقتتلْ

بتفتيرِ أبصارِ الصِّحاحِ السَّقائمِ

ولمْ ألهُ بالحدثِ الألفِّ الّذِي لهُ

غدائرُ لمْ يحرمنَ فارَ اللَّطائمِ

ص: 284

إذِ اللَّهوُ يطبينِي وإذْ أستميلهُ

بمحلولكِ الفودينِ وحف ِالمقادمِ

وإذْ أنا منقادٌ لكلِّ مقود

علَى هلكِ مَا أتلفتهُ غيرُ نادمِ

أرَى خيرَ يوميَّ الخسيسَ وإنْ غلا

بيَ اللّومُ لمْ أحفلْ ملامةَ لائمِ

وقال آخر:

أحبُّ اللّواتِي في صباهنَّ غرَّةٌ

وفيهنَّ عنْ أزواجهنَّ طماحُ

مسرّاتُ حبٍّ، مظهراتُ عداوةٍ

تراهنَّ كالمرضَى، وهنَّ صحاحُ

ص: 285

وقال يزيد بن الطثريّة:

وقولَا إذَا عدَّتْ ذنوباً كثيرةً

علينَا تجنّا هاذريْ منْ تعبّبا

هبينيْ امرأً إمَّا بريئاً ظلمتهِ

وإمَّا مسيئاً تابَ بعدُ وأعتبَا

فلمّا أبتْ أنْ تقبلَ العذرَ وارتمَى

بهَا كذبُ الواشينَ شأواً مغرِّبا

تعزَّيتُ عنْها بالسُّلوِّ، ولمْ أكنْ

لمنْ ضنَّ عنِّي بالمودّةِ أقربَا

وكنتُ كذِي داءٍ تبغَّى لدائهِ

طبيباً، فلمَّا لمْ يجدهُ تطبّبا

ص: 286

وقال أيضاً:

إذَا نحنُ جئنَا لمْ نجمَّلْ بزينةٍ

حذارَ الأعادِي، وهيَ بادٍ جمالُها

ولَا نبتدِيهَا بالسّلامِ، ولمْ نقلْ

لهمْ منْ توقِّي شرِّهمْ: كيفَ حالُها؟

وقال أيضاً:

بنفسِي منْ لوْ مرَّ بردُ بنانهِ

علَى كبدِي كانتْ شفاءً أناملهْ

ومنْ هابنِي فِي كلِّ شيءٍوهبتهُ

فلَا هوَ يعطينِي، ولَا أنَا سائلهْ

ص: 287

وقال أيضاً:

وحنَّتْ قلوصِي بعدَ هدْي صبابةً

فيَا روعةً مَا راعَ قلبِي حنينُها

فقلتُ لهَا: صبراً، فكلُّ قرينةٍ

مفارقُها، لا بدَّ يوماً، قرينُها

وقال ربيعة، وكان حينئذٍ أرمد، أرسل بهما إلى امرأةٍ كان يحبُّها:

عيْنا ربيعةَ رمداوانِ فاحتسبِي

بنظرةٍ منكِ تشفيهِ منَ الرَّمدِ

إنْ تكتحلْ بكِ عيناهُ، فلا رمدٌ

علَى ربيعةَ يخشَى آخرَ الأمدِ

ص: 288

وقال العباس بن الأحنف:

قدْ سحَّبَ النّاسُ أذيالَ الظّنونِ بنَا

وفرَّقَ النّاسُ فينَا قولهمْ فرَقا

فكاذبٌ قدْ رمَى بالظنِّ غيركمُ

وصادقٌ ليسَ يدرِي أنّهُ صدقَا

وقال أيضاً:

ولقدْ زادَ الفؤادَ شجاً

طائرٌ يبكِي علَى فنَنِهْ

ص: 289

شفَّهُ مَا شفَّنِي فبكَى

كلُّنا يبكِي علَى سكنهْ

وقال مسلم بن الوليد:

إذَا مَا علتْ منّا ذؤابةُ واحدٍ

وإنْ كانَ ذَا حلمٍ دعتهُ إلى الجهلِ

هل العيشُ إلَاّ أنْ تروحَ معَ الصِّبَا

وتغدُوْ صريعَ الكأسِ والأعينِ النُّجْل

وقال آخر:

ومَا وجدُ أعرابيةٍ قذفتْ بهَا

صروفُ النّوَى منْ حيثُ لم تكُ ظنَّتِ

ص: 290

تمنّتْ أحاليبَ الرِّعاءِ وخيمةً

بنجدٍ، فلمْ يقدرْ لهَا مَا تمنَّتِ

بأوجدَ منْ وجدٍ بليلَى وجدتهُ

غداةَ ارتحلنَا غربةً واطمأنّتِ

وقال نصيبٌ:

أحبُّ قبَا منْ حبِّ هندٍ، ولمْ أكنْ

أبالِي أقرباً زادهُ اللهُ أمْ بعدا!

أرونيْ قبَا أنظرْإليهِ فإنّنِي

أحبُّ قبَا إنِّي رأيتُ بهِ هنْدا

ص: 291

وقال العرجيُّ:

عوجِي عليْنا ربَّةَ الهودجِ

إنّكِ إلَاّ تفعلِي تحرُجِي

إنِّي أتيحتْ لِي يمانيَّةٌ

إحدَى بنِي الحارثِ منْ مذحجِ

نلبثُ حولاً كاملاً أكلَّهُ

مَا نلتقِي إلَاّ علَى منهجِ

في الحجِّ إنْ حجَّتْ، ومَاذَا منَىً

وأهلهُ، إنْ هيَ لمْ تحججِ!؟

أيسرُ مَا نالَ محبٌّ لدَى

بينِ حبيبٍ قولهُ: عرِّجِ

ص: 292

وقال أيضاً:

أماطتْ كساءَ الخزِّ عنْ حرِّ وجهِها

وأدنتْ علَى الخدّينِ برداً مهلهَلا

منَ اللَاّءِ لمْ يحججنَ يبغينَ حسبةً

ولكِنْ ليقتلنَ البريءَ المغفَّلا

ص: 293

وقال الحارث بن خالدٍ المخزوميُّ:

أيلَ جودِي على المتيَّمِ أيلا

لا تزيدِي فؤادهُ أيلَ خبْلا

أيلَ إنِّي والرّاقصاتِ بجمعٍ

يتبارينَ في الأزمَّةِ فتْلا

سابحاتٍ يقطعنَ منْ عرفاتٍ

بينَ أيدِي المطيِّ حزناً وسهْلا

والأكفِّ المطهَّراتِ علَى الرُّكْ

نِ لشعثٍ سعَوا إلى البيتِ رجْلى

لا أخونَ الصّديقَ في السِّرِّ حتّى

ينقلَ البحرُ بالغرابيلِ نقْلا

ص: 294

أوْ تمورَ الجبالُ مورَ سحابٍ

مرتقٍ قدْ وعَى منَ الماءِ ثقْلا

فاتّقِي اللهَ واقبَلِي العذرَ منِّي

وتجافي عنْ بعضِ مَا كانَ زلاّ

إنْ أكنْ سؤتكمْ بهِ فلكِ العتْ

بَى لديْنا وحقَّ ذاكَ وقلاّ

أنعمَ اللهُ لِي بذَا الوجهِ عيناً

وبهِ مرحباً وأهلاً وسهلا

وجهكِ الوجهُ لوْ سألتِ بهِ المزْ

نَ منَ الحسنِ والجمالِ استهلاّ

وقال عبيد الله بن عبد الله بن عتبة:

ألا منْ لنفسٍ لا تموتُ فينقضِي

عنَاها ولَا تحيَا حياةً لهْا طعمُ

ص: 295

أأتركُ إتيانَ الحبيبِ تأثّماً

ألا إنَّ هجرانَ الحبيبِ هوَ الإثمُ

فذقْ هجرَها إنْ كنتَ تزعمُ أنَّه

رشادٌ ألا يَا ربَّما كذبَ الزّعمُ

وقال جبهاء الأشجعي:

ألَا لا أبالِي بعدَ ريّا أوافقتْ

نوانَا نوَى الجيرانِ أمْ لمْ توافقِ

هجانُ المحيّا، حرَّةُ الوجهِ سربلتْ

منَ الحسنِ سربالاً عتيقَ البنائقِ

ص: 296

وقال محمد بن الأشعث القرشيّ:

أمسى لسلاّمةَ الزّرقاءِ في كبدِي

صدعٌ مقيمٌ طوالَ الدّهرِ والأبدِ

لا تستطيعُ صناعُ القومِ تشعبهُ

وكيفَ يشعبُ صدعُ الحبِّ في الكبدِ

وقال محمد بن أبي العباس:

أيَا وقعةَ البينِ ماذَا شببتِ

منَ النّارِ في كبدِ المغرمِ؟

ص: 297

رميتِ جوانحهُ، إذْ رميتِ

بقوسٍ مسدّدةِ الأسهمِ

وقفنَا لزينبَ يومَ الوداعَ

علَى مثلِ جمرِ الغضَا المضرمِ

فمنْ صرفِ دمعٍ جرَى للفراقِ

وممتزجٍ بعدهُ بالدَّمِ

وقال يزيد بن الحكم بن عثمان بن أبي العاص:

أمسَى بأسماءَ هذَا القلبُ معمودا

إذَا أقولُ صحَا تعتادهُ عيْدا

ص: 298

كأنَّ أحورَ منْ غزلانِ ذي بقرٍ

أهدَى لهَا شبهَ العينينِ والجيدا

أجرِي على موعدٍ منْها، فتخلفنِي

فلا أملُّ ولَا توفِي المواعيدا

كأنَّنِي يومَ أمسِي لا تكلِّمنِي

ذوْ بغيةٍ يبتغِي مَا ليسَ موجودا

ص: 299

وقال نصيب:

ولولا أنْ يقالَ: صبَا نصيبٌ

لقلتُ: بنفسَي النّشأُ الصِّغارُ

بنفسِي كلُّ مهضومٍ حشاهَا

إذَا ظلمتْ، فليسَ لهَا انتصارُ

وقال القطاميُّ:

يقتلننَا بحديثٍ ليسَ يعلمهُ

منْ يتّقينَ ولَا مكنونهُ بادِ

فهنَّ ينبذنَ منْ قولٍ يصبنَ بهِ

مواقعَ الماءِ منْ ذِي الغلّةِ الصّادِي

ص: 300

وقال المجنون:

ولمْ أرَ ليلَى بعدَ موقفِ ساعةٍ

بخيفِ منىً ترمي جمارَا المحصّبِ

ويبدِي الحصَا منْها إذَا قذفَتْ بهِ

منَ البردِ أطرافَ البنانِ المخضَّبِ

ص: 301

فأصبحتُ منْ ليلَى الغداةَ كناظرٍ

معَ الصُّبحِ في أعقابِ نجمٍ مغرِّبِ

ألا إنّمَا غادرتِ يَا أمَّ مالكٍ

صدىً أينمَا تذهبْ بهِ الرِّيحُ يذهبِ

وقال آخر:

نهاري نهارُ النّاسِ، حتّى إذَا بدَا

ليَ اللَّيلُ هزَّتنِي إليكِ المضاجعُ

أقضّي نهارِي بالحديثِ وبالمنَى

ويجمعنِي والهمُّ باللّيلِ جامعُ

لقدْ ثبتتْ في القلبِ منكِ محبَّةٌ

كمَا ثبتتْ في الرّاحتينِ الأصابعُ

ص: 302

وقال آخر:

أشوقُ ومَا بينِي وبينكِ بلدةٌ

ولَا مهمهٌ تطويهِ أيدِي الرواحلِ

فكيفَ إذَا مَا أحدثَ البينُ بيننَا

مهامهِ فيحاً بينَ بصرَى وعاقلِ

وقال عمرو بن شأسٍ:

ألمْ تعلمِي يَا أمَّ حسّانَ أنّنِي

إذَا عبرةٌ نهنهتها فتخلَّت

رجعتُ إلَى صبرٍ كطسَّةِ حنتمٍ

إذَا قرعتْ صفراً منَ الماءِ صلَّتِ

ص: 303

وقال آخر:

أَتِرْبيَّ من أعلى معدٍّ هُديتُما

أجدَّا البكا إن التفرُّق باكرُ

فما مكْثُنا دام الجميل عليكما

بثهلانَ إلا أن تُزَمَّ الأباعرُ

وقال آخر:

ولم أرَ يوماً كان أقبح منظراً

وأسمج من يوم الفراق المُشتِّتِ

وقد قبضتْ كفي من الوجدِ والأسى

على كبدٍ حرَّى وقلبٍ مفتتِ

ولي مقلةٌ قد غاب عنها رقادها

كثيرة مجرى الدمع عند التلفتِ

ص: 304

وقال آخر:

مهما نسيتُ فما أنسى مقالتها

يوم الوحيل لأترابٍ لها عُرُبِ

سكِّنَّ قلبي بأيديكن إن له

وهجاً يفوقُ ضرام النار واللهبِ

ليت الفراق نعى روحي إلى بدني

قبل التآلف بين الرَّحلِ والقَتَبِ

وقال آخر:

ياحبذا عمل الشيطان من عملٍ

إن كان من عمل الشيطان حُبِّيها

لنظرةٌ من سلمى اليوم واحدةٌ

أشهى إلي من الدنيا وما فيها

ص: 305

وقال القتَّال الكلابي:

عبد السلامِ تأمل هل ترى ظُعُناً

إني كبرتُ، وأنت اليوم ذو بصرِ

لا يُبعدُ الله فتياناً أقول لهم

بالأبلق الفرد، لما فاتني نظري

يا هل ترون بأعلى عاصمٍ ظُعُناً

نكبنَ فحلين واستقبلن ذا بقرِ

صلى على عمرة الرحمن وابنتها

ليلى وصلى على جاراتها الأُخَرُ

ص: 306

وقال حاجز الأزدي:

ألا عللاني قبل نوح النوادبِ

وقبل بكاء المعولات القرائبِ

وقبل ثوائي في ترابٍ وجندلٍ

وقبل نشور النفس فوق الترائبِ

فإن تأتني الدنيا بيومي فجاءةً

تجدني وقد قضيت منها مآربي

ص: 307

وقال آخر:

حلفت لها بالله ما حل بعدها

ولا قبلها إنسيةٌ حيث حلَّتِ

وقد زعمتْ أني سأبغي إذا نأت

بها بدلاً يا بئس ما بي ظنَّتِ

فما أمُّ سقْبٍ هالكٍ في مضلةٍ

إذا ذكرته آخر الليل حنَّتِ

بأبرحَ مني لوعةً غير أنني

أُجمجمُ أحشائي على ما أكنَّتِ

وقال خالد بن يزيد بن معاوية:

أحنُّ إلى بنت الزبير وقد علت

بنا العيسُ خرقاً من تهامةَ أو نقبا

ص: 308

إذا نزلت أرضاً تحبَّبَ أهلها

إلينا وإن كانت منازلها حربا

تجول خلاخيل النساء ولا أرى

لرملة خلخالاً يجولُ ولا قُلبا

أحب بني العوام طرَّاً لحبها

ومن حبها أحببتُ أخوالها كلبا

فإن تُسلمي نسلم، وإن تتنصري

تخط رجالٌ بين أعينهم صُلبا

ص: 309

وقال سويد بن كراعٍ:

خليليَّ قوماً في عطالة فانظرا

أناراً أرى من نحو يبرين أم برقا؟

فإن يكُ برقاً فهو في مشمخرةٍ

تغادر ماءً لا قليلاً ولا طَرْقا

وإن تكُ ناراً فهي نارٌ بملتقىً

من الريح تسفيها وتصفقها صَفْقا

لأمِّ عليَّ أوقدتها طماعة

لأوبة سفرٍ أن تكون لها وِفْقا

ص: 310

وقال آخر:

أبكي إلى الشرق ما دامت منازلها

مما يلي الغرب خوف القيلِ والقالِ

وأذكر الخالَ في الخدِّ اليمين لها

خوف الوشاة وما بالخدِّ من خالِ

وقال آخر:

إني لأكني بأجبالٍ عن أجبلها

وباسم أوديةٍ عن اسم واديها

ص: 311

عمداً ليحسبها الواشون غانيةً

أخرى ويُحْسب أني لا أباليها

وقال أبو حية النميري:

أصدُّ عن البيت الحبيب وإنني

لأصغي إلى البيت الذي أتجنبُ

أزور بيوتاً غيره ولأهله

على ما عدا منهم أعزُّ وأقربُ

وقال الأحوص:

يا بيت عاتكة الذي أتعزلُ

حذر العدا وبه الفؤاد موكلُ

ص: 312

إني لأمنحك الصدود وإنني

قسماً إليك مع الصدود لأميلُ

وقال يزيد بن الطثرية:

برغمي أُطيل الصدَّ عنها إذا نأتْ

أُحاذر أسماعاً عليها وأعينا

أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى

فصادف قلباً خالياً فتمكَّنا

ص: 313

وقال آخر:

يا واشياً حَسنت فينا إساءته

نجَّى حذارك إنساني من الغرقِ

إني أصد دموعاً لجَّ سائقها

مطروفة العين بالمرضى من الحَدَقِ

إيهٍ فإن النوى وافت مصيبته

مولَّع القلب بين الشوق والقلقِ

ما كل عاذلةٍ تُصغي لها أذني

وقد سمعت على الإكراه فانطلقِ

فما سلوت الهوى جهلاً بلذَّته

ولا عصيت إله الحلم عن خرقِ

ص: 314

وقال عُلَّفة بن عقيل بن علفة:

قفي يابنة المُرِّي، أسألك ما الذي

تريدين فيما كنتِ منيتنا قبلُ؟

نخبرك إن لم تنجزي الوعد أننا

ذوا خُلةٍ لم يبقَ بينهما وصلُ

فإن شئتِ كان الصّرمَ ما هبت الصبا

وإن شئت لا يفنى التكارم والبذلُ

وقال العباس بن الأحنف:

تحمَّل عظيم الذنب ممن تحبهُ

وإن كنت مظلوماً، فقل: أنا ظالمُ!

فإنك إن لم تغفر الذنب في الهوى

يفارقك من تهوى وأنفك راغِمُ!

ص: 315

وقال أيضاً:

أتأذنون لصبٍّ في زيارتكم

فعندكم شهوات السمع والبصرِ!

لا يظهر الشوق إن طال الجلوس به

عف الضمير، ولكن فاسق النظرِ!

وقال أيضاً:

ألا تعجبون كما أعجبُ

حبيبٌ يسيئ ولا يُعتبُ!

ص: 316

وأبغي رضاه على سخطه

فيأبى عليَّ ويستصعبُ

فيا ليت حظي إذا ما أسأ

تُ أنك ترضى ولا تغضبُ

وقال أيضاً:

هبوني أغضُّ إذا ما بدتُ

وأملك طرفي فلا أنظرُ

فكيف احتيالي إذا ما الدموعُ

نطقنَ فبُحنَ بما أُضمرُ؟

أيا من سروري به شقوةٌ

ومن صفو عيشي به أكدرُ

أمنِّي تخافُ انتشار الحديث

وحظي في ستره أوفرُ؟

ولو لم أصنه لبقيا عليك

نظرتُ لنفسي كما تنظُرُ

ص: 317

وقال كُثيرٌ:

إذا قيلَ: هذا بيت عزة قادني

إليه الهوى واستعجلتني البوادرُ

أصُدُّ وبي مثل الجنون لكي يرى

رواةُ الخنا أني لبيتك هاجرُ

ألا ليت حظي منك يا عز أنني

إذا بنتِ باع الصبر لي عنك تاجرُ

ص: 318