الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب العاشر في: الخمر
قال الوليد بن يزيد:
اصْدعْ نجيَّ الهموم بالطربِ
…
وانعمْ على الدهرِ بابنةِ العِنَبِ
واستقبلِ العَيْشَ في غضارتهِ
…
لا تقْفُ منه آثار مُعْتَقبِ
من قهوةٍ زانها تقادمها
…
فهي عجوزٌ تعلو على الحُقُبِ
أشهى إلى الشرب يوم جلوتها
…
من الفتاة الكريمة النسبِ
فقد تجلَّت ورقَّ جوهرها
…
حتى تبدَّت في منظرٍ عجِبِ
فهي بغير المزاج من شررٍ
…
وهي لدى المزْجِ سائلُ الذهبِ
كأنها في زجاجها قَبَسٌ
…
تذكو ضياءً في عين مرتقبِ
في فتيةٍ من بني أمية أه
…
ل المجد والمأثرات والحسَبِ
ما في الورى مثلهم ولا بهم
…
مثلي ولا منتمٍ لمثل أبي
وقال عبد الرحمن بن سيحان:
بات الوليد يعاطيني مشعشعةً
…
حتى هويتُ صريعاً بين أصحابي
لا أستطيع نهوضاً إن هممتُ به
…
وما أنهنهُ من حسْوٍ وتشرابِ
حتى إذا الصبح لاحت لي جاونبه
…
ولَّيتُ أسحبُ نحو القوم أثوابي
كأنني من حُمَّيا كأسه جملٌ
…
صحَّت قوائمه من بعد أوصابِ
وقال الأخطل:
ترى الزجاج ولم يُطمثْ يطاف به
…
كأنه من دمِ الأجواف مختضبُ
حتى إذا افتضَّ ماء المزن عذرتها
…
راح الزجاج، وفي ألوانه صَهَبُ
تنزو إذا شجَّها بالماء مازجها
…
نزوَ الجنادبِ في رمضاءَ تلتهبُ
راحوا وهم يحسبون الأرض في فلكٍ
…
إن صًرِّعوا وقت الراحات والركبُ
وقال أيضاً:
وكأسٍ مثل عين الديك صرفٍ
…
تنسِّي الشاربينَ لها العقولا
إذا شرب الفتى منها ثلاثاً
…
بغير الماء حاول أن يطولا
مشى قرشيةً لا شك فيها
…
وأرخى من مآزره الفضولا
وقال الحسين بن الضحاك:
إذا ما الماء أمكنني
…
وصَفْوُ سلافةِ العنبِ
صببتُ الفضةَ البيضا
…
ءَ قُراضة الذهبِ
وقال آخر:
أبصرتهُ والكأسُ بين فمٍ
…
منه وبين أناملٍ خمسِ
فكأنها وكأن شاربها
…
قمرٌ يقبِّلُ عارضَ الشمسِ
وقال مالك بن أسماء بن خارجة:
وندمان صدقٍ، قال لي بعد هداةٍ
…
من الليل، قمْ نشرب، فقلت له: مهلا
فقال: أبُخلاً يابن أسماء هاكَها
…
كُميتاً كريح المسك تزدهفُ العقلا
فتابعته فيما أراد، ولم أكنْ
…
بخيلاً على الندمان أو شكساً وَغْلا
ولكنني جلْدُ القوى أبذُلُ الندى
…
وأشربُ ما أعطى ولا أقْبلُ العَذْلا
ضحوكٌ إذا ما دبَّتِ الكأسُ في الفتى
…
وغيَّره سُكْرٌ، وقد أكثر الجهلا
وقال زهير بن أبي سلمى المزني:
وقد أغدو على شرْبٍ كرامٍ
…
نشاوى واجدينً لما نشاءُ
لهم راحٌ وراووقٌ ومِسْكٌ
…
تُعلُّ به جلودهم وماءُ
أُمشَّى بين قتلى قد أصيبت
…
دماؤهم، ولم تقطر دماءُ
يجرون البرودَ، وقد تمشَّتْ
…
حُمَيَّا الكأس فيهم والغناءُ
ونهى اعرابي ابنه عن شرب النبيذ، فلم ينتهِ، وقال:
أمن شربةٍ من ماءِ كرمٍ شربتها
…
غضبتَ عليَّ الآن طابتْ لي الخمرُ
سأشربُ فاسخطْ لا رضيت كلاهما
…
حبيبٌ إلى قلبي عقوقُكَ والسُّكْرُ
وقال الأقيشر، واسمه المغيرة:
أقول والكأس في كفِّي أقلبها
…
أخاطبُ الصيد أبناءَ العماليقِ
إني يذكرني هنداً وجارتها
…
بالطَّفِّ صوت حماماتٍ على نِيقِ
أفنى تلادي وما جمعتُ من نشبٍ
…
قرعُ القواقيزِ أفواهَ الأباريقِ
كأنهنَّ، وأيدي الشربِ معلمةٌ
…
إذا تلألأن في أيدي الغرانيقِ
بناتُ ماءٍ معاً، بيضٌ جآجئها
…
حمرٌ مناقرها، صفر الحماليقِ
أيدي سُقاةٍ تهزُّ الدهر معلمةً
…
كأنما أونها رجعُ المخاريقِ
تلك اللذاذةُ، ما لم تأتِ فاحشةً
…
أو ترمِ فيها بسهمٍ ساقطِ الفوقِ
عليك كل فتىً سمحٍ خلائقهُ
…
محض العروقِ كريمٍ غير ممذوقِ
ولا تُصاحبْ لئيماص فيه مقرفةٌ
…
ولا تزورنَّ أصحاب الدوانيقِ
لا تشربن أبداً راحاً مسارقةً
…
إلا مع الغرِّ أبناء البطاريقِ
وقال أيضاً:
ومقعدِ قومٍ قد مشى من شرابنا
…
وأعمى سقيناه ثلاثاً فأبصرا
شراباً كريح العنبر الورد ريحه
…
ومسحوقِ هنديٍّ من المسك أذفرا
وقال أبو نواس:
ثقلتْ زجاجاتٌ أتتنا فرَّغاً
…
حتى إذا ملئت بصرفِ الراحِ
خفَّتْ على أيدي السقاة جسومها
…
وكذا الجسوم تخفُّ بالأرواحِ
وقال أيمن بن خُريم:
وصهباء جرجانيَّةٍ لم يطف بها
…
حنيفٌ، ولم تنغر بها ساعةً قِدْرُ
ولم يشهد القَسُّ المُهينمُ نارها
…
طروقاً، ولا صلَّى على طبخها حَبْرُ
أتاني بها يحيى، وقد نمتُ نومةً
…
وقد غابت الجوزاء، وانحدر النَّسرُ
فقلت: اصطحبها أو لغيري سقِّها
…
فما أنا بعد الشيب، ويحك، والخمرُ
إذا المرءُ وفَّى الأربعين ولم يكنْ
…
له دون ما يأتي حجابٌ ولا سِتْرُ
فدعْهُ، ولا تنفس عليه الذي أتى
…
ولو مدَّ أسباب الحياة له العمرُ
تم بحمد الله تعالى في قرية " جُبَعْ "، بقلم الحقير المذنب الجاني عباس القرشي النجفي، وقد وافق منه غرة ذي الحجة، سنة (1286) ، ست وثمانين ومائتين بعد الألف من الهجرة النبوية صلى الله على مهاجرها وآله وأصحابه وسلم.