المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الباب الثامن في: الأوطان - حماسة القرشي

[عباس القرشي]

الفصل: ‌الباب الثامن في: الأوطان

‌الباب الثامن في: الأوطان

ص: 431

وقال جابر بن رألان:

يا لهف نفسي كلما التحتُ لوحةً

إلى شربةٍ من ماء أحواض قاربِ

بقايا نطافٍ أودع الغيم صفوها

مصقَّلة الأرجاء زرقِ الجوانبِ

ترقرق دمع المزنِ فيهن والتوتْ

عليهنَّ أنفاسُ الرياحِ الجوانبِ

ص: 433

وقال آخر:

يا صاحبي فدت نفسي نفوسكما

عوجا عليَّ صدور الأبغلِ الشُّتُنِ

ثم ارفعا الطرف ننظر صبح خامسةٍ

بقرقرى، يا عناء النفس بالوطنِ!

يا ليت شعري والإنسان ذو أملٍ

والعين تذرف أحياناً من الحزنِ

هل أجعلنَّ يدي للخدِّ مرفقةً

على شعبعبَ بين الحوض والعطنِ؟!

ص: 434

وقال هلال بن الأسعر:

أقولُ وقد جاوزتُ نعمى وناقتي

تحنُّ إلى جنبي فليجٍ مع الفجرِ

سقى الله يا ناق البلاد التي بها

هواك وإن عنَّا نأت سبل القطرِ

فما عن قلىً منّا لها خفَّت النوى

بنا عن مراعيها وكثبانها العُفْرِ

ولكن صرف الدهر فرَّق بيننا

وبين الأداني والفتى غرضُ الدهرِ

فسقياً لصحراء الإهالةِ مربعاً

وللوقبى من مربعٍ دمثٍ مُثْرِ

وسقياً ورعياً حيث حلَّتْ لمازنٍ

وأيامها الغُرِّ المُحَجَّلة الزُّهْرِ

ص: 435

وقال آخر:

ألا حبذا جُنبات سُلمى

وجاد بأرضها جَوْنُ السحابِ

خلعتُ بها العِذارَ ونِلْتُ فيها

مُناي بطاعةٍ أو باغتصابِ

أَسُومُ بباطلي طلبات لهوي

ويعذرني به عصرُ الشبابِ

وقال آخر:

أحنُّ إذا رأيتُ جمال قومي

وأبكي إن سمعت لها حنينا

سقى الغيثُ المجدُّ بلاد قومي

وإن خَلَت الديار وإن بلينا

ص: 436

على نجدٍ وساكن أرض نجدٍ

تحياتٌ يرحنَ ويغتدينا

وقال آخر:

سقى الله أياماً بناحية الحمى

ومنزل أحبابي وربع صحابيا

منازل لو مرت عليها جنازتي

لقال الصدى: يا حامليَّ انزلا بيا

وقال أبو قُطيفة:

ليت شعري! وأين مني ليت

أعلى العهد يلبنٌ فَبَرَامُ؟

ص: 437

أم كعهدي العقيق أم غيَّرته

بعدي الحادثات والأيامُ

وبأهلي بدِّلْتُ عكّاً ولخْماً

وجذاماً، وأين مني جِذامُ؟

وتبدَّلْتُ من مساكن قومي

والقصور التي بها الآطامُ

كل قصرٍ مشيَّدٍ ذي أواسِ

يتغنَّى على ذراه الحمامُ

اقْرَ مني السلام، إن جئت قومي

وقليلٌ لهم لديَّ السلامُ

ص: 438

وقال سوار بن المضرب:

سقى الله اليمامة من بلادٍ

نوافحُها كأرواح الغواني

وجوٍّ زاهرٍ للريحِ فيه

نسيمٌ لا يروع التربَ، وَانِ

بها سُقْتُ الشباب إلى مشيبٍ

يُقبِّحُ عندنا حُسْنَ الزَّمانِ

ص: 439

وقال كُريب بن سلمة الجعفي:

إذا نحن جاوزنا دمشق ووجهت

صدور المطايا للعراق المشرِّقِ

فأحببْ به داراً إلينا ومنزلاً

إذا نحن جاوزنا بلاد الخورْنقِ

وقال ورد بن وردٍ:

ألا أيها الصَّمَدُ الذي كنت مرةً

نحلُّك سُقِّيْتَ الأهاضيب من صمْدِ

ومن وطنٍ لم تسكنِ النفسَ بعدُهُ

إلى وطنٍ في قرب عهْدٍ وفي بُعْدِ

ص: 440

وقال آخر:

خليليَّ هل يشفي من الشوقِ والجوى

بدوُّ ذوي الأوطان لا بل يشوقها

ونزدادُ في قُربٍ إليها صبابةً

ويبعد من فرط اشتياقٍ طريقها

وما ينفع الحرَّان ذا اللوح أن يرى

حِياض القِرى مملوءةً لا يذوقها

ص: 441

وقال آخر:

حيِّ نجداً ومن بأكناف نجد

والخيام التي بها طال عهدي

ليت شعري! هل الخيام كما ك

نَّ على العهد أم تغيَّرنَ بعدي

وقال آخر:

ألا قل لدارٍ بين أكثبة اللوى

وذات الغضا: جادت عليك الهواضبُ

أجدَّك لا أنآك إلا تفلََّتَتْ

دموعٌ أضاعت ما حفظتُ سواكبُ

ديارٌ تناسمت الهواء بجوِّها

وطاوعني فيها الهوى والحَبائِبُ

ص: 442

ليالي لا الهجرانُ محتكمٌ بها

على وصلِ من أهوى ولا الظنُّ كاذبُ

وقال آخر:

أحقاً عباد الله أن قيل: دارهم

تدانت وأن الملتقى متقاربُ

فقد وجدت نفسي ارتياحاً وهِزَّةً

كما اهتزَّ من صرف المدامة شاربُ

وقال آخر:

ألا ليت شعري! هل أبيتنَّ ليلةً

بأسناد نجدٍ، وهي خضرٌ متونها!

وهل أشربنَّ الدهر من ماء مزنةٍ

بحرَّة ليلى حيث فاض معينُها؟

ص: 443

بلادٌ بها كنا نحلُّ فأصبحتْ

خلاءً ترعاها مع الأُدْمِ عينها

تفيَّأتُ فيها بالشباب وبالصبا

مميلٌ بما أهوى عليَّ غصونُها

وقال صدقة بن نافعٍ الغنوي:

ألا ليت شعري هل تحنَّنَّ ناقتي

ببيضاء نجدٍ حيث كان مسيرُها

فتلك بلادٌ حبَّب الله أهلها

إليكَ، وإن لم يُعْطِ نَصْفاً أميرُها

بلادٌ بها أنْضيتُ راحلةَ الصِّبا

ولانت لنا أيامها وشهورُها

فقدنا بها الهمَّ المكدَّر شربهُ

ودار علينا بالنعيمِ سرورُها

ص: 444

وقال ابن الرومي:

وحبَّبَ أوطان الرجال إليهم

مآرب قضَّاها الشبابُ هُنالكا

إذا ذكروا أوطانهم ذكَّرتهم

عهود الصبا فيها فحنُّوا لِذلكا

وقال العباس بن الأحنف:

قالوا: خراسان أَقصى ما يُراد بنا

ثم القُفُولُ، فقد جئنا خُراسانا

ما أقدرَ الله أن يُدني على شحطٍ

سكان دجلةَ من سكان جَيْحانا

ص: 445

متى الذي كنت أرجوه وآملهُ

أما الذي كنت أخشاهُ فقد كانا

عيْنُ الزمانِ أصابتنا، فلا نظرتْ

وعُذِّبَتْ بصنوف الهجرِ ألوانا

وقال الصمة القشيري عند موته بطبرستان، وكان خرج في غزوٍ إلى الديلم:

تَعَزَّ بصبرٍ لا وربِّكَ لا ترى

سنامَ الحمى أخرى الليالي الغوابرِ

كأنَّ فؤادي من تذَكُّره الحمى

وأهل الحمى يهفو به ريشُ طائرِ

ص: 446

وقال مالك بن الريب عند موته بخراسان:

أيا صاحبَيْ رحلي: دنا الموت فانزلا

برابيةٍ إني مقيمٌ لياليا

وخطَّا بأطرافِ الأسنةِ مضجعي

ورُدَّا على عينيَّ فضلَ ردائِيا

ولا تحسثداني، بارك الله فيكما

من الأرض ذات العِرضِ أن تُوسعا ليا

لَعمري لئن غالتْ خراسانُ هامتي

لقد كنتُ عن باني خراسانَ نائيا!

ص: 447

وقال علي بن الجهم عند موته بحلب:

أزيد في الليل ليلُ

أم سال بالصبح سيلُ

ذكرتُ أهل دُجيلٍ

وأين منِّي دُجيْلُ!

ص: 448