المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الباب السادس في: الأدب - حماسة القرشي

[عباس القرشي]

الفصل: ‌الباب السادس في: الأدب

‌الباب السادس في: الأدب

ص: 387

قال بعضهم:

إذا ما غفرت الذنب يوماً لصاحبٍ

فلست مُعيداً ما حييت له ذكرا

فلست إذا ما صاحبٌ خان عهده

وعندي له سرٌ مذيعاً له سرا

وقال موسى بن حكيم العبشمي:

دعاني عوفٌ دعوةً، فأجبته

ومن ذا الذي يدعى لنائبةٍ بعدي

فلو بي بدأتم قبل من قد دعوتم

لفرَّجت عنكم كل نائبةٍ وحدي

إذا ما عدوٌ غاظني، ثم أجحفت

به نكبةٌ حلت رزيته حقدي

ص: 389

وقال الوليد بن يزيد:

فأقسم ما أدنيت كفي لريبةٍ

ولا حملتني نحو فاحشةٍ رجلي

ولا قادني سمعي ولا بصري لها

ولا دلني رأيي عليها ولا عقلي

وأعلم أني لم تصبني مصيبةٌ

من الدهر إلا قد اصابت فتىً مثلي

وقال آخر:

ما إن دعاني الهوى لفاحشةٍ

إلا نهاني الحياءُ والكرمُ

ص: 390

فلا إلى محرمٍ مددت يدي

ولا مشت بي لريبةٍ قدمُ

وقال المعذَّل بن غيلان:

إلى الله أشكو، لا إلى الناس أنني

أرى صالح الأعمال لا استطيعها

أرى خُلةً في إخوةٍ وأقاربٍ

وذي رحمٍ ما كان مثلي يضيعها

فلو ساعدتني في المكاره قدرةٌ

لفاض عليهم بالنوالِ ربيعها

ص: 391

وقال أيضاً:

ولستُ بميّالٍ إلَى جانب الغنَى

إذَا كانتِ العلياءُ في جانبِ الفقرِ

وإنِّي لصبّارٌ علَى مَا ينوبُني

وحسبكَ أنَّ اللهَ أثنَى علَى الصّبرِ

وقال أبو حيّة النميريّ:

إنّي رأيتُ، وفي الأيامِ تجربةٌ

للصَّبرِ عاقبةً محمودةَ الأثرِ

ص: 392

وقلَّ منْ جدَّ في أمرٍ يحاولهُ

واستصحبَ الصَّبرَ إلَاّ فازَ بالظَّفرِ

وقال آخر:

خلقانِ لا أرضاهمَا لفتًى

تيهُ الغنَى ومذلَّةُ الفقرِ

فإذَا غنيتَ فلا تكنْ بطراً

وإذَا افتقرتَ، فتهْ علَى الدَّهرِ

وقال سعية بن غريضٍ أخو السموءل بن عادياء:

إنَّا إذَا مالتْ داوعِي الهوَى

وأنصتَ السَّامعُ للقائلِ

ص: 393

لا نجعلُ الباطلَ حقّاً ولا

نسلطُّ دونَ الحقِّ بالباطلِ

نخافُ أنْ تسفهَ أحلامنَا

فنخملَ الدَّهرَ معَ الخاملِ

وقال ضابيء البرجميّ:

وربَّ أمورٍ لا تضيركَ ضيرةً

وللقلبِ منْ مخشاتهنَّ وجيبُ

ومَا عاجلاتُ الطَّيرِ تدني منَ الفتَى

نجاحاً، ولا عنْ ريشهنَّ يخيبُ

ص: 394

ولا خيرَ فيمنْ لايوطّن نفسهُ

على نائباتِ الدّهرِ حينَ تنوب

وفي الشكِّ تفريطٌ، وفي الحزمِ فترةٌ

ويخطيءُ في الحدسِ الفتَى ويصيبُ

ولستَ بمستبقٍ صديقاً ولا أخاً

إذَا لمْ تعدِّ الشيءَ وهوَ مريبُ

ص: 395

وقال بشار بن برد:

إذَا كنتَ في كلِّ الأمورِ معاتباً

صديقكَ، لمْ تلقَ الّذِي لا تعاتبهُ

فعشْ واحداً، أوصلْ أخاكَ فإنَّهُ

مقارفُ ذنبٍ مرةً ومجانبهْ

إذَا أنتَ لمْ تشربْ مراراً على القذى

ظمئتَ، وأيُّ النَّاسِ تصفو مشاربهْ

وقال الحسين بن مطيرٍ:

لعمركَ للبيتُ الّذِي لا نطورهُ

أحبُّ إلينا منْ بلادٍ نطورُها

ص: 396

تقلّبتُ في الإخوانِ حتَّى عرفتهمْ

ولا يعرفُ الإخوانَ إلاّ خبيرُها

فلَا أصرمُ الخلَاّنَ حتَّى يصارمُوا

وحتَّى يسيروا سيرةً لا أسيرها

فإنّكَ بعدَ البشرِ، مَا أنتَ واجدٌ

خليلاً مديماً شيمةً لا يديرُها

وإنّكَ في عينِ الأخلاّء عالمٌ

بيانَ الّتي يخفَى عليكَ ضميرُها

فلا تكُ مغروراً بمسحةِ صاحبٍ

منَ الودِّ لا تدرِي علامَ مصيرُها

ومَا الجوْد عن فقرِ الرّجالِ ولا الغنى

ولكنَّهُ خيمُ الرّجالِ وخيرُها

وقدْ تغدُرُ الدّثنيا فيضحِي غنيُّها

فقيراً، ويغنَى بعدَ بؤسٍ فقيرُها

ص: 397

وكائنْ ترَى من حالِ دنيا تغيّرتْ

وحالٍ صفَا بعدَ اكدرارٍ غديرُها

ومنْ طامعٍ في حاجةٍ لنْ ينالَها

ومنْ يائسٍ منْها أتاهُ بشيرُها

ومنْ يتّبعْ ما يعجبُ النفسَ لم يزلْ

مطيعاً لهَا في فعلِ شيءٍ يضيرُها

فنفسكَ أكرمْ عنْ أمورٍ كثيرةٍ

فما لكَ نفسٌ بعدَها تستعيرُها

وقال أبو العطاء السّنديّ:

إذَا المرءُ لمْ يطلبْ معاشاً لنفسهِ

شكَا الفقرَ أوْ لامَ الصّديقَ فأكثرا

ص: 398

وصارَ علَى الأدنينِ كلاًّ وأوشكتْ

صلاتُ ذوِي القربَى لهُ أنْ تنكَّرا

فسرْ في بلادِ اللهِ والتمسِ الغنَى

تعشْ ذَا يسارٍ أوْ تموتَ فتعذرَا

ولَا ترْض منْ عيشٍ بدونٍ ولا تنمْ

وكيفَ ينامُ اللّيلَ منْ كانَ معسِرا

وقال الأحوص بن محمدٍ الأنصاريّ:

ومولىً سخيفِ الرّأي رخوٍ تزيدهُ

أناتِي، وغفرِي جهلهُ عندهُ ذمّا

دملتُ، ولولا غيرهُ لأصبتهُ

بشنعاءَ باقٍ عارهَا تغرُ العظْما

ص: 399

طوَى حسداً ضعناً عليَّ، كأنمَا

أداوِي بهِ في كلِّ مجمعةٍ كلما

ويجهلُ أحياناً، فلا يستخفُّني

ولا أجهلُ العتبَى إذَا راجعَ الحلْما

يصدُّ وينأَى في الرّخاءِ بودّهِ

ويدنُو ويدعوني إذَا خشيَ الهضْما

فيفرجُ عنهُ إربةَ الخصمِ مشهدِي

وأدفعُ عنهُ عندَ عثرتهِ الظُّلما

وكنتُ امرأً عودَ الفعالِ تهزّني

مآثرُ مجدٍ تالدٍ لمْ تكنْ زعْما

ولستَ بلاقٍ سيداً سادَ مالكاً

فتنسبهُ إلَاّ أباً لي أو عمّا

وكنتُ وشتمِي في أرومةِ مالكٍ

بسبّي لهُ كالكلبِ إذْ ينبحُ النّجْما

ص: 400

ستعلمُ إنْ عاديتنِي فقعَ قرقرٍ

أمالاً أفدتَ لا أبَا لكَ أوْ غرْما

لقدْ أبقتِ الأيامُ منِّي وحرسُها

لأعدائِنا ثكلاً وحسَّادنا رغْما

وكانتْ عروقُ السُّوءِ أزرتْ وقصَّرتْ

بهِ أنْ ينالَ الحمدَ فالتمسَ الذَّمَا

وقال آخر:

عدمتُ ابنَ عمٍّ، لا يزالُ كأنّهُ

وإنْ لم أترهُ منطوٍ لي علَى وترِ

يعينُ عليَّ الدَّهرَ، والدّهرُ مكتفٍ

وإنْ أستعنهُ لا يعنِّي علَى الدَّهرِ

ص: 401

وقال آخر:

ولستُ بذِي نيربٍ في الصَّديقِ

خؤونَ العشيرةِ سبَّابهَا

ولَا منْ إذا كانَ في مجلسٍ

أضاعَ العشيرةَ واغتابهَا

ولكنْ أبجِّلُ ساداتهَا

ولا أتعلّمُ ألقابهَا

وقال ثابت قطنة:

تعفّفتُ عنْ شتمِ العشيرةِ، إنّني

وجدتُ أبِي قدْ كفَّ عنْ شتمِها قبلي

حليماً إذَا مَا كانَ حلْمي مروءةً

وأجهلُ أحياناً، إنِ التمسُوا جهلِي

ص: 402

وقال آخر:

ولستُ بمفراحٍ إذَا الدَّهرُ سرَّني

ولا جازعٍ منْ صرفهِ المتقلّبِ

ولا أتمنّى الشّرَّ، والشَّرُّ تاركي

ولكنْ متَى أحملْ علَى الشَّرِّ أركبِ

ص: 403

وقال بشار بن بردٍ:

خلقتُ علَى مَا فيَّ غيرَ مخيّرٍ

ولوْ أنّنِي خيِّرتُ كنتُ المهذّبَا

بغيضٌ إليَّ الشّرُّ، حتَّى إذَا أتَى

وحلَّ ببابي، قلتُ للشَّرِّ: مرحَبا

وقال مسكين الدّارميّ:

ولستُ إذَا مَا سرَّنِي الدَّهرُ ضاحكاً

ولا خاشعاً مَا عشتُ منْ حادثِ الدَّهرِ

ولا جاعلاً عرضي لمَالِي وقايةً

ولكنْ أَقِي عرضِي، فيحرزهُ وفرِي

أعفُّ لدَى عسرِي، وأبدي تجمُّلاً

ولا خيرَ فيمَنْ لا يعفُّ لدَى العسْرِ

ص: 404

وإنِّي لأستحيِي إذَا كنتُ معسراً

صديقِي، وإخواني، بأن يعلموا فقري

وأقطعُ إخواني وما حال عهدهم

حياءً وإغضاءً، وما بي من كبرِ

فإن يكُ عاراً ما أتيتُ، فربما

أتى المرء يوم السوء من حيث لا يدري

وقال آخر:

لن يدرك المجد أقوامٌ، وإن كرموا

حتى يذلُّوا، وإن عزوا، لأقوامِ

ويشتموا فترى الألوان مسفرةً

لا صفح ذلٍّ، ولكن صفح أحلامِ

ص: 405

وقال هلال بن خثعم:

وإني لعفُّ عن زيارة جارتي

وإني لمشنوءٌ إليَّ اغتيابها

إذا غاب عنها بعلها لم أكن لها

زؤوراً، ولم تنبح عليَّ كلابها

وما أنا بالداري أحاديث بيتها

ولا عالمٍ من أي حوكِ ثيابها

فإن قراب البطن يكفيك ملؤه

ويكفيك سوءات الأمور اجتنابها

ص: 406

وقال سويد بن عامر المصطلقي:

لا تأمننَّ وإن أمسيت في حرمٍ

إن المنايا بجنبي كل إنسانِ

فكل ذي صاحبٍ يوماً مفارقه

وكل زادٍ، وإن أبقيته، فانِ

والخير والشر مقرونان في قرنٍ

بكل ذلك يأتيك الجديدانِ

ص: 407

وقال عمرو بن قميئة:

رمتني بنات الدهر من حيث لا أرى

فكيف بمن يُرمى وليس برامِ

فلو أنها نبلٌ إذاً لاتقيتها

ولكنني أُرمى بغير سهامِ

وأهلكني تأميل يومٍ وليلةٍ

وتأميل عامٍ، بعد ذاك وعامِ

ص: 408

وقال آخر:

آخِ الكرام إن استطع

ت إلى إخائهم سبيلا

واشربْ بكأسهم، وإن

شربوا بها السَّمَّ الثميلا

وقال عُبيد الله بن عبد الله بن عُتبة:

إذا كان لي سرٌ فحدثته العدا

وضاق به صدري، فللناس أعذَرُ

وسرك ما استودعته وكتمته

وليس بسرٍّ حين يفشو ويظهرُ

ص: 409

وقال نهشل بن حريّ:

أرى كل عودٍ نابتاً في أرومةٍ

أبى نسب العيدان أن يتغيرا

بنو الصالحين الصالحون ومن يكن

لوالد سوءٍ يلقه حيث سيَّرا

وقال آخر:

أَولَى البرية طراً أن تواسيه

عند السرور الذي واساك في الحَزَنِ

إن الكرام إذا ما أسهلوا ذكروا

من كان يألفهم في المنزل الخشنِ

ص: 410

وقال آخر:

إذا المرء لم يترك طعاماً يحبه

ولم ينهَ قلباً غاوياً حيث يمَّما

قضى وطراً منه يسيراً، وأصبحت

إذا ذُكرت أمثاله تملأ الفَما

وقال النجاشي:

لا تحمدنَّ امرأً حتى تجربه

ولا تذمنَّ من لم يبله الخِبَرُ

ص: 411

إني امرؤٌ قلَّما أُثني على أحدٍ

حتى أرى بعض ما يأتي وما يذرُ

وقال آخر:

تزيد حُسا الكأس السفيهَ سفاهةً

وتترك أخلاقَ الكريمِ كما هِيا

رأيت أقل الناس عقلاً إذا انتشى

أقلهم عقلاً إذا كان صاحِيا

وقال آخر:

لا تلتمسْ من مساوي الناس ما ستروا

فيكشفُ الله ستراً من مساويكا

ص: 412

واذكر محاسن ما فيهم إذا ذُكروا

ولا تُعِبْ أحداً منهم بما فيكا

وقال عدي بن زيد العبادي:

أيها الشَّامتُ المعيِّرُ بالده

رِ أأنتَ المبرَّأ الموفورُ

أم لديك العهد الوثيق من الأيّ

ام، بل أنت جاهلٌ مغرورُ؟

من رأيت المنون جازتهُ أم من

ذا عليه من أن يُضام خَفيرُ؟

ص: 413

أين كسرى، كسرى الملوك أنوشر

وانَ، أم أين قبله سابورُ؟

وبنو الأصفر الكرام ملوك ال

رَّوم لم يبقَ منهم مذكورُ!

وأخو الحضْرِ إذ بناه، وإذ دجْ

لةُ تُجبى إليه والخابورُ

شاده مرمراً، وجلَّله كلس

ساً، فللطير في ذراه وكورُ

لم يهبه ريب المنون فباد ال

مُلك عنه، فبابه مهجورُ

وتذكَّر ربَّ الخورنق إذ أشْ

رف يوماً، وللهدى تفكيرُ

سرَّه ماله وكثرة ما يم

لك، والبحر معرضاً والسديرُ

ص: 414

فارعوى قلبه، فقال وما غب

طةُ حيٍّ إلى الممات يصيرُ؟

ثم بعد الفلاح والمُلك والإمَّ

ة وارتهم هناك القبورُ

ثم صاروا كأنهم ورقٌ ج

فَّ فألوتْ به الصبا والدَّبورُ

وقال أبو العتاهية:

إن داراً نحن فيها لدارُ

ليس فيها لمقيمٍ قرارُ

كم وكم قد حلَّها من أناسٌ

ذهب الليل بهم والنهارُ

فهم الركبُ أصابوا مُناخاً

فاستراحوا ساعةً ثم ساروا

ص: 415

وكذا الدنيا على ما رأينا

يذهب الناس وتخلو الديارُ

وقال ابن مناذرٍ:

وأرانا كالزرع يحصدنا الده

ر، فمن بين قائمٍ وحصيدِ

وكأنا للموت ركبٌ مخبُّو

نَ سِراعٌ لمنهلٍ مورودِ

ص: 416