المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الثاني: في بيان حمد الله ذاته العلية في الآية وغايته - حمد الله ذاته الكريمة في آيات كتابه الحكيمة

[عماد بن زهير حافظ]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌تمهيد

- ‌الفصل الأول: حمد الله ذاته الكريمة في فاتحة الكتاب

- ‌المبحث الأول: في وجه الحكمة بافتتاح الفاتحة بحمد الله ذاته الكريمة

- ‌الفصل الثاني: حمد الله ذاته الكريمة في فاتحة سورة الأنعام

- ‌المبحث الأول: في مناسبة فاتحة السورة بالحمد بخاتمة السورة قبلها

- ‌المبحث الثاني: في غاية حمد الله ذاته بالآية وصلته بما بعده

- ‌المبحث الثالث:في بيان قوله تعالى: {الذي خلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور}

- ‌المبحث الرابع:في وجه العطف بقوله تعالى {ثم الذين كفروا بربهم يعدلون}

- ‌الفصل الثالث: حمد الله ذاته الكريمة عند هلاك الظالمين في آية سورة الأنعام

- ‌المبحث الأول: في وجه صلة آية الحمد بما قبلها

- ‌المبحث الثاني: في بيان حمد الله ذاته العليّة في الآية وغايته

- ‌الفصل الرابع: حمد الله ذاته الكريمة عند إظهار الحجة في آية سورة النحل

- ‌المبحث الأول: في بيان الآية وصلتها بما قبلها

- ‌المبحث الثاني: في بيان موضع الحمد وغايته

- ‌الفصل الخامس: حمد الله ذاته الكريمة على إنزال كتابه في فاتحة سورة الكهف

- ‌المبحث الأول: في بيان موضع حمد الله ذاته وغايته

- ‌المبحث الثاني:في ذكر أوصاف الكتاب وصلتها باستحقاق الحمد

- ‌الفصل السادس: حمد الله ذاته في معرض إثبات إلهيته بآية سورة القصص

- ‌المبحث الأول: في بيان صلة الآية بما قبلها وغاية حمد الله ذاته فيها

- ‌المبحث الثاني:في بيان جملة الحمد (له الحمد في الأولى والآخرة) وما بعدها

- ‌الفصل السابع: حمد الله ذاته إثر الوعد والوعيد في آية سورة الروم

- ‌المبحث الأول: في بيان مناسبة مجيء الحمد وعطفه على التسبيح في موضعه من السورة

- ‌المبحث الثاني: في بيان حمد الله لذاته وصلته بما بعده

- ‌الفصل الثامن: حمد الله ذاته الكريمة في فاتحة سورة سبأ

- ‌المبحث الأول: في بيان الموضع الأول وغايته وصلته

- ‌المبحث الثاني: في بيان الموضع الثاني للحمد وغايته

- ‌المبحث الثالث: في وجه ختم الآية بصفتي (الحكيم الخبير)

- ‌الفصل التاسع: حمد الله ذاته الكريمة في فاتحة سورة فاطر

- ‌المبحث الأول: في بيان حمد الله ذاته في افتتاح السورة وغايته

- ‌المبحث الثاني: في صلة آية الحمد بالآية بعدها

- ‌الفصل العاشر: حمد الله ذاته الكريمة في خاتمة سورة الصافات

- ‌المبحث الأول: في بيان موضع الحمد ومناسبته لما قبله

- ‌المبحث الثاني:في وجه ذكر السلام على المرسلين بين التسبيح والحمد

- ‌الفصل الحادي عشر: حمد الله ذاته الكريمة عند ضرب المثل بآية سورة الزمر

- ‌المبحث الأول: في صلة آية الحمد بما قبلها وبيان المثل فيها

- ‌المبحث الثاني: في بيان موضع الحمد وغايته

- ‌الفصل الثاني عشر: حمد الله ذاته الكريمة في آية سورة غافر

- ‌المبحث الأول: في صلة آية الحمد بما قبلها

- ‌المبحث الثاني: في بيان موضع الحمد وغايته

- ‌الفصل الثالث عشر: حمد الله ذاته الكريمة في خاتمة سورة الجاثية

- ‌المبحث الأول: في بيان موضع الحمد وصلته بما قبله

- ‌المبحث الثاني: في صلة آية الحمد بما بعدها

- ‌الفصل الرابع عشر: حمد الله ذاته الكريمة في فاتحة سورة التغابن

- ‌المبحث الأول: في وجه الحكمة بافتتاح السورة بهذه الآية

- ‌المبحث الثاني:في بيان موضع حمدالله ذاته الكريمة في الآية وغايته

- ‌الخاتمة

- ‌مصادر ومراجع

الفصل: ‌المبحث الثاني: في بيان حمد الله ذاته العلية في الآية وغايته

‌المبحث الثاني: في بيان حمد الله ذاته العليّة في الآية وغايته

يحمد الله ذاته العليّة في الشطر الثاني من الآية بقوله: {والحمد لله رب العالمين} ، ويجوز أن تكون معطوفة على قوله تعالى {ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك} وما اتصل بعدها من الآيات عطف غرض على غرض، ويجوز أن تكون اعتراضاً تذييلياً فتكون الواو اعتراضية (1) .

وعلى كلّ حال فإنّ حمد الله ذاته في هذا الموضع له غاية وحكمة والظاهر في ذلك أنه إنّما حمد الله ذاته ـ ههنا ـ لِما قضى به من إهلاك الظالمين؛ إذ إنّ في هلاكهم إصلاحاً لأهل الأرض وتخليصاً لهم من سوء عقائدهم وشرّ أعمالهم وظلمهم، وبه يعود العدل والحقّ بعد الجور والضلال.. ولاريب أنّ هذا من عظيم نعم الله على خلقه، وهو مقام من مقامات استحقاق الله سبحانه للحمد والثناء.

كما أنّ هلاك الكفرة الظالمين يستتبع نعماً أخرى غير ما ذكر بشأن الناس عامة، إذ فيه أيضاً إنعام على رسل الله عليهم السلام ودعاته الصالحين بإظهار حججهم ونصرهم على أعدائهم وإعلاء كلمة الحق التي جاءوا بها. وكل ذلك نعم جليلة حقيق به تعالى أن يحمد ذاته عليها (2) .

ونظير ذلك قوله تعالى بشأن هلاك قوم لوط عليه السلام: {وأمطرنا عليهم مطراً فساء مطر المنذرين. قل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى..} الآية (3) ، فإن قوله تعالى {قل الحمد لله} جاء بعد بيانه ـ عزّوجلّ ـ لما حلّ من الهلاك بقوم لوط،

(1) انظر: التحرير والتنوير لابن عاشور ج7 ص232.

(2)

انظر: تفسير الطبري ج7 ص 124-125؛ التفسير الكبير للفخر الرازي ج 12 ص 226-227؛ تفسير أبي السعود ج3 ص 134؛ تفسير القرطبي ج6 ص427؛ زاد المسير لابن الجوزي ج 3 ص 41؛ تفسير الخازن ج2 ص134؛ تفسير الآلوسي ح7 ص 152؛ فتح القدير للشوكاني ج2 ص121؛ التحرير والتنوير ج7 ص 232.

(3)

سورة النمل: الآيتان (58-59)، وانظر: محاسن التأويل للقاسمي ج6 ص521.

ص: 37

وإن كان في هذا المقام أمر منه سبحانه لحمده؛ ولكن يدلّ على حمده لذاته إذ إنّه هو الآمر به والمريد له تعالى.

هذا وإن تعلّق الحمد لذاته بوصف رب العالمين ناسب هذا المقام؛ لما أن ربوبيته تعالى للعالمين ـ كما سبق بيانه ـ تقتضي تدبير شؤونهم ورعاية أحوالهم ومصالحهم وتربيتهم بالعدل، ولاشك أنّ هلاك الظالمين الكفرة هو من أعظم ما يكون من تدبير شؤون العالمين ورعاية مصالحهم وإقامة الحق والعدل وتربيتهم عليه وبه؛ فلله الحمد رب العالمين.

لطيفتان:

الأولى: قال الزمخشري (1) في شأن حمد الله لذاته الكريمة ههنا أنه ((إيذان بوجوب الحمد عند هلاك الظلمة؛ وأنه من أجلّ النعم وأجزل القِسَم)) (2) .

والثانية: قال القرطبي فيما عرّضت به هذه الآية: ((وتضمنت هذه الآية الحجة على وجوب ترك الظلم لما يعقب من قطع الدابر إلى العذاب الدائم مع استحقاق القاطع الحمد من كلّ حامد)) (3) .

وبهاتين اللطيفتين يتم الكلام حول هذا الموضع ولله الحمد والمنة.

(1) هو: محمود بن عمر بن محمد بن أحمد الخوارزمي الزمخشري، جار الله، أبو القاسم

(467-538) : ولد في زمخشر (من قرى خوارزم) وسافر إلى مكة وجاور بها زمناً فلقب بجار الله، وتنقل إلى البلدان ثم عاد إلى الجرجانية (من قرى خوارزم) فتوفي بها. أشهر كتبه: الكشاف في تفسير القرآن – أساس البلاغة – المقامات. وكان معتزلي المذهب مجاهراً شديد الإنكار على المتصوّفة. (انظر: لسان الميزان لابن حجر ج6 ص4؛ وفيات الأعيان لابن خلكان ج2 ص81؛ مفتاح السعادة ومصباح السيادة لطاش كبرى زادة ج 1 ص 431؛ الأعلام للزركلي ج7 ص 178) .

(2)

تفسير الكشاف: ج2 ص 14.

(3)

تفسير القرطبي: ج2 ص 427.

ص: 38