الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثالث عشر: حمد الله ذاته الكريمة في خاتمة سورة الجاثية
المبحث الأول: في بيان موضع الحمد وصلته بما قبله
…
الفصل الثالث عشر:
حمد الله ذاته الكريمة في خاتمة سورة الجاثية
قال الله تعالى {فلله الحمد ربّ السموات والأرض ربّ العالمين. وله الكبرياء
في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم} (1)
المبحث الأول: في بيان موضع الحمد وصلته بما قبله
يجيء حمد الله ذاته الكريمة في هذا الموضع بخاتمة السورة مقترناً بالفاء تفريعاً على ما احتوت عليه السورة من ذكر آلاء الله وأفضاله وألطافه فيما خلق وأرشد وسخّر وأقام من نظم العدالة؛ وعلى ما انطوت عليه ـ أيضاً ـ من الدلائل الآفاقية والأنفسية والبراهين الساطعة والنصوص اللامعة في المبدأ والمعاد، وعلى ما أتى فيها من الوعيد للمعرضين والاحتجاج عليهم.. ولمّا كان ذلك كلّه من الحق سبحانه وتعالى بما يدلّ على اتصافه بصفات الكمال والعظمة والجلال؛ كان من الحقيق والمناسب في هذا المقام أن يحمد الله ذاته عنده وكان جديراً بقصره على ذاته دون سواه (2) .
لطيفة:
إنّ في تقديم (لله) بقوله تعالى {فلله الحمد} إفادة للاختصاص والتأكيد، فالحمد الحقّ الكامل مختصّ به تعالى مؤكّد له دون غيره (3) .
(1) سورة الجاثية: الآيتان (36-37) .
(2)
انظر: تفسير الطبري ج25 ص96؛ التفسير الكبير للفخر الرازي ج27 ص275؛ تفسير الآلوسي ج26 ص2-3؛ تفسير السعدي ج7 ص35؛ التحرير والتنوير ج25 ص37؛ التفسير الواضح لمحمد محمود حجازي ج2 ص399.
(3)
انظر: تفسير الآلوسي ج26 ص3؛ التحرير والتنوير لابن عاشور ج25 ص 377.
مطلب:
يصف الله تبارك وتعالى ذاته المقدسة بعد حمده لها بـ {ربِّ السموات ورب الأرض رب العالمين} ليشير بذلك إلى علّة قصر الحمد عليه سبحانه، فربوبيته ـ عزّوجلّ ـ للسموات والأرض وما فيهما من العالمين سبب لاستحقاقه الحمد وقصره عليه دون سواه؛ إذ الكلّ مربوب لله تعالى وهو المنعم عليهم بفضله وكرمه وإحسانه (1) . وفيه كذلك تعريض بالمشركين الذين اتخذوا مع الله شركاء؛ وهو ربّ كل شيء، فعليهم أن يقلعوا عن شركهم ويوحِّدوه ويخلصوا له العبادة.
وللآلوسي إضافة حسنة على ما سبق ذكره بهذا الوصف إذ يقول إنّ فيه
ـ أيضاً ـ إشارة إلى أنّ كفرهم لا يؤثّر شيئاً في ربوبيته تعالى ولا يسدّ طريق إحسانه ورحمته عزّوجلّ؛ وإنما هم قد ظلموا أنفسهم بذلك الكفر. (2) .
لطيفتان:
الأولى: إنّ تكرير الربّ في قوله تعالى (وربِّ الأرض) للتأكيد والإيذان بأنّ ربوبيته تعالى لكلّ منهما بطريق الأصالة، مع ما فيه ـ أيضاً ـ من التنويه بشأن الربوبية (3) .
الثانية: إنّ في اتباع (ربّ السموات ورب الأرض) بـ (رب العالمين) تأكيداً لكون سكان السموات والأرض محقوقين بأن يحمدوه سبحانه، لأنّه خالق العوالم التي هم منتفعون بها وخالق ذواتهم فيها كذلك (4) .
(1) انظر: التفسير الكبير للفخر الرازي ج27 ص275؛ تفسير الآلوسي ج26 ص3؛ تفسير السعدي ج7 ص35؛ التحرير والتنوير ج25 ص377.
(2)
انظر: تفسير الآلوسي ج26 ص3.
(3)
انظر: تفسير أبي السعود ج8 ص76؛ التحرير والتنوير ج25 ص377.
(4)
انظر: التحرير والتنوير ج25 ص 378.