الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني:
في وجه ذكر السلام على المرسلين بين التسبيح والحمد
مع ما ذُكر من قبل في شأن ذكر السلام على المرسلين بالنظر إلى ما حوته سورة الصافات؛ فلعلّ إيراده بين التسبيح والحمد ـ أيضاً ـ من وجهة أخرى هو تمهيد لختم السورة الكريمة بالحمد، مع ما فيه من الإشعار بأنّ توفيقه تعالى للتسليم عليهم من جملة نعمه الموجبة للحمد (1) . ويدلّ على هذا الأمر اقتران الحمد بالسلام في غير موضع من القرآن كقوله سبحانه وتعالى {قل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى..} (2)، ويشبهه كذلك قوله عزوجل:{دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين} (3) .
وللآلوسي إضافة حسنة في هذا الشأن يجدر ذكرها إذ يقول: ((وقد يقال: تقديم التنزيه لأهميته ذاتاً ومقاماً، ولمّا كان التنزيه عمّا يصف المشركون وقد ذكر عزّوجلّ إرشاد الرسل إياهم وتحذيرهم لهم من أن يصفوه سبحانه بما لا يليق به تعالى وضمّن ذلك الإشارة إلى سوء حالهم وفظاعة منقلبهم أردف جلّ وعلا ذلك بالإشارة إلى حسن حال المرسلين الداعين إلى تنزيهه تعالى عما يصفه به المشركون، وفيه من الاهتمام بأمر التنزيه ما فيه، وأتى عزوجل بالحمد للإشارة إلى أنّه سبحانه متصف بالصفات الثبوتية كما أنّه سبحانه متصف بالصفات السلبية، وهذا وإن استدعى إيقاع الحمد بعد التسبيح بلا فصل؛ إلاّ أنّ الفصل بينهما هنا بالسلام على المرسلين مما اقتضاه مقام ذكرهم فيما مرّ..)) (4)
(1) انظر: تفسير أبي السعود ج7 ص212.
(2)
سورة النمل: الآية (59) .
(3)
سورة يونس: الآية (10)، وانظر: أضواء البيان للشنقيطي ج6 ص698.
(4)
روح المعاني للآلوسي: ج23 ص158.
لطيفتان:
الأولى: إنّ في قوله تعالى {وسلام على المرسلين} تشريفاً للرسل كلّهم بعد تنزيهه تعالى؛ وتنويهاً بشأنهم؛ وإيذاناً بأنّهم سالمون من كل المكاره فائزون بكل المآرب (1) .
الثانية: إنّ في الانتقال من الآيات السابقة في السورة إلى التسبيح والتسليم والتحميد إيذاناً بانتهاء السورة على طريقة براعة الختم مع كونها من جوامع الكلم (2) .
وبهاتين اللطيفتين ينتهي الحديث عن موضع من مواضع حمد الله ذاته في كتابه الكريم ولله الحمد والمنة.
(1) انظر: المرجع السابق ج23 ص 158.
(2)
انظر: المرجع السابق ج23 ص158؛ التحرير والتنوير لابن عاشور ج23 ص199.