الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الحادي عشر: من كتابه "مسائل الجاهلية
"
ومن تأليفاته رحمه الله "مسائل الجاهلية" التي خالف فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ما عليه أهل الجاهلية الكتابيين والأميين، عما لا غنى للمسلم عن معرفتها، فالضد يظهر حسنه الضد، وبضدها تتبين الأشياء. فأهم ما فيها وأشدها خطرا عدم إيمان القلب بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، فإن أضاف إلى ذلك استحسان ما عليه أهل الجاهلية، لحقت الخسارة، كما قال تعالى:{وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْبَاطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} 1.
وننقل لك أيها القارئ نموذجا من هذه المسائل لتتأكد من اعتماد الشيخ على الكتاب والسنة في جميع مؤلفاته:
المسألة الأولى: أنهم يتعبدون بإشراك الصالحين في دعاء الله وعبادتهم لهم، يريدون بها شفاعتهم عند الله لظنهم أن الله يحب ذلك، وأن الصالحين يحبونه، كما قال تعالى:
1 سورة العنكبوت آية: 52.
2 سورة يونس آية: 18.
وقال تعالى: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَاّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} 1.
وهذه أعظم مسألة خالفهم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتى بالإخلاص، وأخبر أنه دين الله الذي أرسل به جميع الرسل، وأنه لا يقبل من الأعمال إلا الخالص، وأخبر أن من فعل ما استحسنوا فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار.
وهذه المسألة تفرق الناس لأجلها بين مسلم وكافر، وعندها وقعت العداوة، ولأجلها شرع الجهاد، كما قال تعالى:{وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ} 2.
المسألة الثانية: أنهم متفرقون في دينهم، كما قال تعالى:{كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} 3
المسألة الثالثة: أن مخالفة ولي الأمر وعدم الانقياد له عندهم فضيلة، والسمع والطاعة له ذل ومهانة.
فخالفهم رسول الله وأمر بالصبر على جور الولاة، وأمر بالسمع والطاعة والنصيحة لهم، وغلظ في ذلك وأبدى فيه وأعاد.
وهذه الثلاث جمع بينها الرسول في الصحيحين أنه قال: "إن الله يرضى لكم ثلاثا:
1 سورة الزمر آية: 3.
2 سورة البقرة آية: 193.
3 سورة المؤمنون آية: 53، وسورة الروم آية:32.
أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا، وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم" 1.
ولم يقع خلل في دين الناس ودنياهم إلا بسبب الإخلال بهذه الثلاث أو بعضها، فهذه المسائل الثلاث من مائة وثمان وعشرين مسألة كلها على هذا النمط من حيث الاستدلال بالكتاب والسنة.
(197) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية حديث رقم 1715 جـ3/1340 وليس فيه (وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم) ، وأخرجه مالك في الموطأ بهذا اللفظ في كتاب الكلام حديث 20 ج2/990.