المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌فَصْلٌ   12 - وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ الْحَدِيثُ مِمَّا تَقُومُ الشَّوَاهِدُ الصَّحِيحَةُ - الأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة

[الملا على القاري]

الفصل: ‌ ‌فَصْلٌ   12 - وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ الْحَدِيثُ مِمَّا تَقُومُ الشَّوَاهِدُ الصَّحِيحَةُ

‌فَصْلٌ

12 -

وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ الْحَدِيثُ مِمَّا تَقُومُ الشَّوَاهِدُ الصَّحِيحَةُ عَلَى بُطْلَانه

كَحَدِيث عُوجِ بْنِ عُنُقِ الطَّوِيلِ الَّذِي قَصَدَ وَاضِعُهُ الطَّعْنَ فِي أَخْبَارِ الْأَنْبِيَاءِ فَإِنَّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ طُولَهُ كَانَ ثَلَاثَةَ آلَافِ ذِرَاع وثلاثمائة وَثَلَاثَةَ وَثَلَاثِينَ وَأَنَّ نُوحًا لَمَّا خَوَّفَهُ الْغَرَقَ قَالَ لَهُ احْمِلْنِي فِي قَصْعَتِكَ هَذِهِ وَأَنَّ الطُّوفَانَ لَمْ يَصِلْ إِلَى كَعْبِهِ وَأَنَّهُ خَاضَ الْبَحْرَ فَوَصَلَ إِلَى حُجْزَتِهِ وَإِنَّهُ كَانَ يَأْخُذُ الْحُوتَ مِنْ قَرَارِ الْبَحْرِ فَيَشْوِيهِ فِي عَيْنِ الشَّمْسِ وَأَنَّهُ قَلَعَ صَخْرَةً عَظِيمَةً عَلَى قَدْرِ عَسْكَرِ مُوسَى وَأَرَادَ أَنْ يَرْضَخَهُمْ بِهَا فَقَوَّرَهَا اللَّهُ فِي عُنُقِهِ مِثْلَ الطَّوْقِ

وَلَيْسَ الْعَجَبُ مِنْ جُرْأَةِ مِثْلِ هَذَا الْكَذَّابِ عَلَى اللَّهِ إِنَّمَا الْعَجَبُ مِمَّنْ يَدْخُلُ هَذَا الْحَدِيثِ فِي كُتُبِ الْعِلْمِ مِنَ التَّفْسِيرِ وَغَيْرِهِ وَلَا يُبَيِّنُ أَمْرَهُ وَهَذَا عِنْدَهُ لَيْسَ مِنْ ذُرِّيَّةِ نُوحٍ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هم البَاقِينَ} فَأَخْبَرَ أَنَّ كُلَّ مِنْ بَقِيَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ فَهُوَ مِنْ ذُرِّيَّةِ نُوحٍ فَلَوْ كَانَ لِعُوجٍ وُجُودٌ لَمْ يَبْقَ بَعْدُ نُوحٌ

ص: 447

وَأَيْضًا فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ وَطُولُهُ فِي السَّمَاءِ سِتُّونَ ذِرَاعًا فَلَمْ يَزَلِ الْخَلْقُ يَنْقُصُ حَتَّى الْآنَ

وَأَيْضًا فَإِنَّ مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض خَمْسمِائَة عَامٍ وَسُمْكُهَا كَذَلِكَ وَإِذَا كَانَتِ الشَّمْسُ فِي السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ فَبَيْنَنَا وَبَيْنَهَا هَذِهِ الْمَسَافَةُ الْعَظِيمَةُ فَكَيْفَ يَصِلُ إِلَيْهَا مَنْ طُولُهُ ثَلَاثَةُ آلَافِ ذِرَاعٍ حَتَّى يَشْوِيَ فِي عَيْنِهَا الْحُوتَ

وَلَا رَيْبَ أَنَّ هَذَا وَأَمْثَالَهُ مِنْ وَضْعِ الزَّنَادِقَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ الَّذِينَ قَصَدُوا السُّخْرِيَةَ وَالِاسْتِهْزَاءِ بِالرُّسُلِ وَأَتْبَاعِهِمْ

قُلْتُ وَفِي تَفْسِيرِ الْمَعَالِمِ لِلْبَغَوِيِّ إِنَّ أَصَحَّ الْأَقَاوِيلِ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ عُوجَ بْنَ عُنُقٍ قَتَلَهُ مُوسَى عليه السلام وَلَمْ يَزَدْ عَلَى هَذَا الْكَلَامِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ لِوُجُودِهِ أَصْلًا فِي الْجُمْلَةِ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ الْأَعْلَامِ غَايَتُهُ أَنَّ الْكَذَّابِينَ زَادُوا وَنَقَصُوا تَرْوِيجًا لِغَرَضِهِمِ الْفَاسِدِ عِنْدَ الْعَوَامِ مِنَ الْأَنَامِ ثُمَّ نَقَلَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقرْيَة} هِيَ أَرِيحَا وَهِيَ قَرْيَةُ الَجَبَّارِينَ كَانَ فِيهَا قَوْمٌ مِنْ بَقِيَةِ عَادٍ يُقَالُ لَهُمُ الْعَمَالِقَةُ وَرَأَسَهُمْ عُوجُ بْنُ عُنُقٍ

وَفِي الدُّرِّ الَمَنْثُورِ فِي التَّفْسِيرِ بِالْمَأْثُورِ لِلسُّيُوطِيِّ أَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {إِن فِيهَا قوما جبارين}

ص: 448

قَالَ ذُكِرَ لَنَا أَنَّهُمْ كَانَتْ لَهُمْ أَجْسَامٌ وَخِلَقٌ لَيْسَتْ لِغَيْرِهِمْ

وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْهُ قَالَ هُمْ أَطْوَلُ مِنَّا أَجْسَامًا وَأَشَدُّ قُوَّةً

وَأَخْرَجَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ فِي فُتُوحِ مِصْرَ عَنِ ابْنِ حُجَيْرَةَ قَالَ اسْتَظَلَّ سَبْعُونَ رَجُلًا مِنْ قَوْمِ مُوسَى فِي قَحْفِ رَأْسِ رَجُلٍ مِنَ الْعَمَالِيقِ

وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ بَلَغَنِي أَنَّهُ رُؤَيَتْ ضَبُعٌ وَأَوْلَادُهَا رَابِضَةً فِي حِجَاجِ عَيْنِ رَجُلٍ مِنَ الْعَمَالِقَةِ

وَأَخْرَجَ ابْن حَاتِمٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ أَخَذَ عَصَا فَذَرَعَ فِيهَا بِشَيْءٍ ثُمَّ قَاسَ فِي الْأَرْضِ خَمْسِينَ أَوْ خَمْسًا وَخَمْسِينَ ثُمَّ قَالَ هَكَذَا طُولُ الْعَمَالِيقِ

وَأَخْرَجَ ابْن أبي جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أُمِرَ مُوسَى أَنْ يَدْخُلَ مَدِينَةَ الْجَبَّارِينَ فَسَارَ بِمَنْ مَعَهُ حَتَّى نَزَلَ قَرِيبًا مِنَ الْمَدِينَةِ وَهِيَ أَرِيحَا فَبَعَثَ إِلَيْهِم اثْنَيْ عَشْرَ عَيْنًا مِنْ كُلِّ سِبْطٍ مِنْهُمْ عَيْنًا لِيَأْتُوهُ بِخَبَرِ الْقَوْمِ فَدَخَلُوا الْمَدِينَةَ فَرَأَوْا أَمْرًا عَظِيمًا مِنْ هَيْئَتِهِمْ وَجِسْمِهِمْ وَعِظَمِهِمْ فَدَخَلُوا حَائِطًا لِبَعْضِهِمْ فَجَاءَ صَاحِبُ الْحَائِطِ لِيَجْتَنِي

ص: 449

الثِّمَارَ مِنْ حَائِطِهِ فَجَعَلَ يَجْتَنِي الثِّمَارَ وَيَنْظُرُ إِلَى آثَارِهِمْ فَتَتَبَّعَهُمْ فَكُلَّمَا أَصَابَ وَاحِدًا مِنْهُمْ أَخَذَهُ فَجَعَلَهُ فِي كُمِّهِ مَعَ الْفَاكِهَةِ حَتَّى الْتَقَطَ الِاثْنَيْ عَشَرَ كُلَّهُمْ فَجَعَلَهُمْ فِي كُمِّهِ مَعَ الْفَاكِهَةِ وَذَهَبَ إِلَى مَلِكِهِمْ فَنَثَرَهُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ

الْحَدِيث

قَالَ وَمِنْ هَذَا حَدِيثُ إِنَّ قَافَ جَبَلٍ مِنْ زُمُرُّدَةٍ خَضْرَاءَ مُحِيطَةٍ بِالدُّنْيَا كَإِحَاطَةِ الْحَائِطِ بِالْبُسْتَانِ وَالسَّمَاءُ وَاضِعَةٌ أَكْنَافَهَا عَلَيْهِ فَزُرُقَتُهَا مِنْهُ

قُلْتُ قَدْ ذَكَرَهُ الْبَغَوِيُّ فِي مَعَالِمِهِ عَنْ عِكْرِمَةَ وَالضَّحَّاكِ

وَفِي الدُّرِّ الْمَنْثُورِ أَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ قَافُ جَبَلٌ مُحِيطٌ بِالْأَرْضِ

وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَأَبُو الشَّيْخِ فِي الْعَظَمَةِ وَالْحَاكِمُ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ فِي قَوْله تَعَالَى {ق} جَبَلٌ مِنْ زُمُرُّدٍ مُحِيطٌ بِالدُّنْيَا عَلَيْهِ كَنَفَا السَّمَاءِ

وَمِنْ هُنَا حَدِيثُ إِنَّ الْأَرْضَ عَلَى صَخْرَةٍ وَالصَّخْرَةُ عَلَى قَرْنِ ثَوْرٍ فَإِذَا حَرَّكَ الثَّوْرُ قَرْنَهُ تَحَرَّكَتِ الصَّخْرَةُ فَتَحَرَّكَتِ الْأَرْضُ

ص: 450

وَهِيَ الزَّلْزَلَةُ

قُلْتُ قَدْ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا وَأَبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ خَلَقَ الله جبلا يُقَال لَهُ قَاف مُحِيطٌ بِالْعَالَمِ وَعُرُوقُهُ إِلَى الصَّخْرَةِ الَّتِي عَلَيْهَا الْأَرْضُ فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يُزَلْزِلَ قَرْيَةً أَمَرَ ذَلِكَ الْجَبَلَ فَحَرَّكَ الْعِرْقَ الَّذِي يَلِي تِلْكَ الْقَرْيَةَ فَيُزَلْزِلُهَا وَيُحَرِّكُهَا فَمِنْ ثَمَّ تَتَحَرَّكُ الْقَرْيَةُ دُونَ الْقَرْيَةِ

قَالَ وَمِنْ هَذَا حَدِيثُ كَانَتْ جِنِّيَّةٌ تَأْتِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَأَبْطَأَتْ عَلَيْهِ فَقَالَ مَا أَبْطَأَ بِكِ قَالَتْ مَاتَ لِي مَيِّتٌ بِالْهِنْدِ فَذَهَبَتْ فِي تَعْزِيَتِهِ فَرَأَيْتُ فِي طَرِيقِي إِبْلَيسَ يُصَلِّي عَلَى صَخْرَةٍ فَقُلْتُ لَهُ مَا حَمَلَكَ عَلَى أَنْ أَضْلَلْتَ آدَمَ قَالَ دَعِي عَنْكِ هَذَا قُلْتُ تُصَلِّي وَأَنْتَ أَنْتَ قَالَ يَا فَارِغَةُ إِنِّي لَأَرْجُو مِنْ رَبِّي إِذَا بَرَّ قَسَمَهُ أَنْ يَغْفِرَ لِي فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ضَحِكَ مِثْلَ ذَلِكَ الْيَوْمِ

قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمُؤْمِنِ بْنُ أَحْمَدَ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ فَذَكَرَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا دُسَّ فِي كُتُبِ ابْنِ لَهِيعَةَ وَإِلَّا فَهُوَ أَعْلَمُ بِالْحَدِيثِ مِنْ أَنْ يَرُوجَ عَلَيْهِ مِثْلُ هَذَا الْهَذَيَانِ

وَمِنْ هَذَا حَدِيثُ هَامَةَ بْنِ الْهَيْمِ بْنِ لَاقِيسَ بن إِبْلِيس

ص: 451