المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مذاكرةفي جهد الدعوة إلي الله - الأنوار النعمانية في الدعوة الربانية

[محمد علي محمد إمام]

الفصل: ‌مذاكرةفي جهد الدعوة إلي الله

‌مذاكرة

في جهد الدعوة إلي الله

قال تعالى: {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ} (1)

وقال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ آوَوا وَّنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} (2)

وقال تعالى: {وَالّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} (3).

الأسرة المحمدية، جاعت من أجل الأمة .. تسع أبيات وما يستطيعوا أن يُضيفوا ضيف واحد (4) وبيتي أنا يستطيع أن يُضيف ألف ضيف لأني ما جوعت

(1) سورة الحج - الآية 78.

(2)

سورة الأنفال - الآية 74.

(3)

سورة العنكبوت - الآية 69

(4)

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إنى مجهود، فأرسل إلى بعض نسائه، فقالت: والذى بعثك بالحق ما عندى إلا ماء، ثم أرسل إلى أخرى، فقالت مثل ذلك، حتى قلن كلهن مثل ذلك: لا والذى بعثك بالحق ما عندى إلا ماء. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " من يضيفه هذا الليلة؟ " فقال رجل من الأنصار: أنا يا رسول الله، فانطلق به إلى رحله، فقال لامرأته: أكرمي ضيف رسول الله صلى الله عليه وسلم.

= وفى رواية قال لامرأته: هل عندك شئ؟ قالت: لا، إلا قوت صبياني. قال: فعلليهن بشئ. وإذا أرادوا العشاء فنوميهم. وإذا دخل ضيفنا فأطفئ السراج وأريه أنا نأكل، فقعدوا وأكل الضيف وبات طاويين، فلما أصبح، غدا على النبي صلى الله عليه وسلم فقال:" لقد عجب الله من صنيعكما بضيفكما الليلة " متفق عليه. (رياض الصالحين - باب الإيثار والمواساة)

ص: 261

الأسرة، ولكن جوعت الأمة.

شرع الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم خُمس الغنيمة، ولو أمسك صلى الله عليه وسلم نصيبه من الغنائم التي أحلها الله عز وجل له، وهي أطيبُ الحلال، قال تعالي:{فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالاً طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (1) لكان صلى الله عليه وسلم أغنى رجل في العالم، ولكن أنفقها من أجل نشر الدين، وكان يُعطى المسلم الجديد مائة ناقة ليألف قلبه كما فعل في غزوة حنين (2) ويطوي علي بطنه الحجارة من أجل الدين.

(1) سورة العنكبوت – الآية 69

(2)

عن عمرو بن تغلب قال: أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم قوما ومنع آخرين فكأنهم عتبوا عليه فقال: " إني أعطي أقواما أخاف هلعهم وجزعهم، وأكل أقواما إلى ما جعل الله - تعالى - في قلوبهم من الخبر والغنى، منهم عمرو بن تغلب (البخاري 6/ 288 (3145). . قال عمرو: فما أحببت أن لي بكلمة رسول الله صلى الله عليه وسلم حمر النعم. ذكر عتب جماعة من الأنصار على رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أعطى قريشا ولم يعط الأنصار شيئا وجمعه إياهم واستعطافه لهم روى ابن إسحاق، والإمام أحمد عن أبي سعيد الخدري، والإمام أحمد، والشيخان من طريق أنس بن مالك، والشيخان عن عبد الله بن يزيد بن عاصم رضي الله عنهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أصاب غنائم حنين، وقسم للمتآلفين من قريش وسائر العرب ما قسم، وفي رواية: طفق يعطي رجلا المائة من الابل، ولم يكن في الأنصار منها شئ قليل ولا كثير، فوجد هذا الحي من الأنصار في أنفسهم، حتى كثر فيهم القالة حتى قال قائلهم: يغفر الله - تعالى - لرسول الله صلى الله عليه وسلم إن هذا لهو العجب يعطي قريشا، وفي لفظ الطلقاء والمهاجرين، ويتركنا وسيوفنا تقطر من دمائهم، إذا كانت شديدة فنحن ندعى ويعطى الغنيمة غيرنا وددنا أنا نعلم ممن كان هذا، فان كان من أمر الله تعالى صبرنا، وإن كان من رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم استعتبناه (البخاري من حديث أنس (3147). وفي حديث أبي سعيد: فقال رجل من الأنصار لأصحابه: لقد كنت أحدثكم أن لو= =استقامت الأمور لقد آثر عليكم. فردوا عليه ردا عنيفا. قال أنس: فحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم بمقالتهم، وقال أبو سعيد: فمشى سعد بن عبادة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله: إن هذا الحي قد وجدوا عليك في أنفسهم. قال: " فيم " قال: فيما كان من قسمك هذه الغنائم في قومك وفي سائر العرب ولم يكن فيهم من ذلك شئ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ": فأين أنت من ذلك يا سعد "؟ قال: ما أنا إلا امرؤ من قومي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فاجمع لي قومك في هذه الحظيرة، وفي لفظ في هذه القبة، فإذا اجتمعوا فأعلمني "، فخرج سعد يصرخ فيهم حتى جمعهم في تلك الحظيرة. وقال أنس: فأرسل إلى الأنصار فجمعهم في قبة من أدم ولم يدع غيرهم، فجاء رجال من المهاجرين فأذن لهم فيهم، فدخلوا، وجاء آخرون فردهم، حتى إذا لم يبق أحد من الأنصار إلا اجتمع له. أتاه فقال يا رسول الله: قد اجتمع لك هذا الحي من الأنصار حيث أمرتني أن أجمعهم، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " هل منكم أحد من غيركم "؟ قالوا: لا يا رسول الله إلا ابن أختنا، قال: " ابن أخت القوم منهم " فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال: " يا معشر الأنصار ألم آتكم ضلالا فهداكم الله - تعالى - وعالة فأعناكم الله، وأعداء فالف بين قلوبكم، وفي رواية متفرقين فألفكم الله؟ - قالوا: بلى يا رسول الله، الله ورسوله أمن وأفضل. وفي رواية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" ألا تجيبون يا معشر الانصار؟ " قالوا: وما نقول يا رسول الله؟ وماذا نجيبك؟ المن لله - تعالى - ولرسوله صلى الله عليه وسلم: " والله لو شئتم لقلتم فصدقتم وصدقتم، جئتنا طريدا فآويناك، وعائلا فواسيناك، وخائفا فامناك، ومخذولا فنصرناك، ومكذبا فصدقناك " فقالوا: المن لله - تعالى - ورسوله، فقال:" وما حديث بلغني عنكم؟ " فسكنوا، فقال:" ما حديث بلغني عنكم "؟ فقال فقهاء الأنصار: أما رؤساؤنا فلم يقولوا شيئا، وأما أناس منا حديثة أسنانهم قالوا يغفر الله - تعالى - لرسوله صلى الله عليه وسلم يعطي قريشا ويتركنا، وسيوفنا تقطر من دمائهم!! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني لأعطي رجالا حديثي عهد بكفر لأ تألفهم بذلك ". وفي رواية إن قريشا حديثو عهد بجاهلية ومصيبة، وإني أردت أن أجبرهم وأتألفهم، أوجدتم يا معشر الأنصار في أنفسكم في لعاعة من الدنيا تألفت بها قوما أسلموا، ووكلتكم إلى ما قسم الله - تعالى - لكم من الإسلام، أفلا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس إلى رحالهم بالشاة والبعير وتذهبون برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رحالكم تحوزونه إلى بيوتكم، فو الله لمن تنقلبون به خير مما ينقلبون به، فو الذي نفسي بيده لو أن الناس سلكوا شعبا وسلكت الأنصار شعبا لسلكت شعب الأنصار. وفي رواية = لو سلك الناس واديا وسلكت الأنصار شعبا - أنتم الشعار والناس دثار، الأنصار كرشي وعيبتي، ولولا أنها الهجرة لكنت امرأ من الأنصار، اللهم ارحم الأنصار، وأبناء الأنصار فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم، وقالوا: رضينا بالله ورسوله حظا وقسما. وذكر محمد بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد حين إذا دعاهم أن يكتب بالبحرين لهم خاصة بعده دون الناس، وهي يومئذ أفضل ما فتح عليه من الأرض، فقالوا: لا حاجة لنا بالدنيا بعدك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إنكم ستجدون بعدي أثرة شديدة، فاصبروا حتى تلقوني على الحوض (سبل الهدي والرشاد في سيرة خير العباد)

ص: 262

أعلي مرتبة في العبودية: هي أن تكون عبادتك قدوة للناس 00 {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} (1) قدوة للمتقين، للحاضرين والغائبين إلي بوم القيامة، وقبل ختم النبوة لم تُعط هذه المنزلة إلا للأنبياء عليهم السلام.

الله سبحانه وتعالى مجد صفات موسى عليه السلام، نقتدي به ولا نقتدي بأصحابه، فأصحابه قالوا:{فَلَمَّا تَرَاءى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ} (2) ما يستحقوا أن يكونوا قدوة، لكن موسى عليه السلام:{قالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ} (3) لكن أمة النبي صلى الله عليه وسلم، جعل لكل فرد فيها الأهلية أن يقول:{وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} .

ميزة الأمة:

(1) سورة الفرقان – الآية 74.

(2)

سورة الشعراء – الآية61.

(3)

سورة الشعراء – الآية 62.

ص: 264

1) تقديم الجهد:

أ _ يَمْشُونَ: (قُمْ فَأَنذِرْ * وَرَبّكَ فَكَبّرْ (1))

ب _ يِبِيتُونَ: {لِرَبّهِمْ سُجّداً وَقِيَاماً} (2) _ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (3)

_ {كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} (4) _ قُمِ الْلّيْلَ إِلاّ قَلِيلاً (5)}.

2) تطلب من الله النتيجة.

أولا: نقدم الجهد، يعني: تزرع، ثم تقول يا الله أعطيني الزرع 00 فأولا يمشون .. يبيتون 00 لكن لو يجلسون ويضحكون، ويرفعون أيديهم {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} يا أخي الآن أنت إمام الغافلين 00 أنت تضحك وتلعب 00 كيف تدعو بهذا الدعاء.

لهذا يقول علماؤنا ومشايخنا الأفاضل (يعلمُ الله عز وجل أننا لانقول كلمة واحدة أتينا بها من الجامعات، ولا من الكتب، بل من أهل الجهد) يقولون: بدأ الدين بتوبة آدم، كذلك بدأ الدين بالتوبة من عبادة الأصنام 00 والأنبياء عليهم السلام كانوا أزكي الناس، وأفهم الناس، فما كانوا يعبدون الأصنام (عصمهم الله قبل البعثة وبعد البعثة) فكان النبي صلى الله عليه وسلم يذهب إلي غار حراء يتعبد ويتحنث الليالي ذوات العدد يهيئه الله سبحانه وتعالى للبعثة.

(1) سورة المدثر – الآيتان 2، 3.

(2)

سورة المزمل – الآية 64.

(3)

سورة السجدة – الآية16.

(4)

سورة الذاريات – الآية 17 0

(5)

سورة المزمل – الآية 2.

ص: 265

والله تبارك وتعالي، قال للنبي {: صلى الله عليه وسلم فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ} (1) فكثير من الصحابة رضي الله عنهم كانوا عباد أصنام، وكانوا يشربون الخمر، فلو أن أحد الناس تلطخ بهذه الأشياء ثم تاب وعاد ما نستطيع أن نقول لك: ليس عندك أهلية، بل نقول له: استلم جهد نبيك {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ} يعني أمتك كلهم.

فبالدعوة نتحصل علي {خُذِ الْعَفْوَ} ، وبالعفو نتقي عذاب الله، وبالغبار في سبيل الله، نتقي عذاب الله، فعن أبي عبس عبد الرحمن بن جبير، رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما اغبرت قدما عبد في سبيل الله فتمسه النار " رواه البخاري (2).

وعن أبي هريرة صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يلج النار رجل بكي من خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع، ولا يجتمع على عبد غبار في سبيل الله ودخان جهنم " رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح (3).

الدعوة ثم التقوي ثم الإمامة ثم الاستخلاف (الخلافة)،قال تعالى:

{وَالّذِينَ يَقُولُونَ رَبّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرّيّاتِنَا قُرّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتّقِينَ إِمَاما} (4) وهذا الجهد يُعلم التقوي.

الفرق بين إمام الصلاة 00 وإمام التقوي (الدعوة):

(1) سورة الذاريات – الآية 17 0

(2)

مشكاة المصابيح _ كتاب الجهاد 2/ 1118.

(3)

المرجع السابق 2/ 1125.

(4)

سورة الفرقان _ الآية 74.

ص: 266

إمام الصلاة: يقتدي به وقت الصلاة فقط.

وإمام التقوي (الدعوة): يقتدي به طول 24 ساعة.

o الأمة اليوم تُريد الاستخلاف قبل الدعوة والتقوى والإمامة، قال تعالى:

{قَالُوَاْ أَإِنّكَ لأنتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَاْ يُوسُفُ وَهََذَا أَخِي قَدْ مَنّ اللهُ عَلَيْنَآ إِنّهُ مَن يَتّقِ وَيِصْبِرْ فَإِنّ اللهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} (1).

المراحل التي مرت بها الأمة هي:

التوبة 00 فالدعوة مع الصبر والتحمل 00 فالتقوي العامة 00 ثم التقوى الخاصة 00 فالإمامة 00 فلما وصلت الأمة إلي مرحلة الإمامة استخلفهم الله عز وجل في الأرض، قال تعالي:{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (2).

ما الفرق بين الإمامة والاستخلاف؟

تعريف الإمامة: هي أن يصل الداعي إلي مرتبة القدوة {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} (3) يقتدي بأخلاقه، بحلمه، بعفوه، بصفحه، بكرمه، يعني منهاج

(1) سورة يوسف _ الآية90.

(2)

سورة النور – الآية55.

(3)

سورة الفرقان – الآية74.

ص: 267

العبودية الذي عنده، يكون قدوة للعالمين.

أما الاستخلاف: إمامة مع تمكين .. إمامة مع قوة .. تستطيع أن تفرض المنهج علي الناس (الإسلام .. أو الجزية .. أو السيف)

سيدنا نوح عليه السلام كان إمام .. وسيدنا إبراهيم عليه السلام كان إمام ولكن لم يُعطيا قوة ليفرضا الدين علي الناس.

من الممكن أن يكون إماما للمتقين ويدعو في الخفاء، فالرسول صلى الله عليه وسلم كان إماما للمتقين واختبأ في الغار.

لكن الاستخلاف يُعطيك قوة تُفرض هيمنة الدين علي الناس.

فمعظم الأنبياء حققوا الإمامة ولكن لم يستخلفوا.

فالاستخلاف لا يكون إلا مع التمكين، لهذا قرن الله عز وجل الاستخلاف بالتمكين، قال تعالي:{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (1).

ويمكن أن تكون إماما في التقوي ويضربونك ويخوفونك، فالصحابة رضي الله عنهم كانوا يحققون إمامة التقوي في مكة، يدعون ويجوعون، يدعون ويضربون، يدعون ويخافون، لكن بعد التمكين {وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا} ، يُصبح الداعي في أمن ثم يُعطي الأمن لغيره، كما حدث في فتح مكة: فعن أم هانئ رضي الله عنها قالت: لما كان عام يوم الفتح فر إلي رجلان من بني مخزوم فأجرتهما، قالت: فدخل علي، علي بن أبي طالب، فقال: أقتلهما، قالت: فلما

(1) سورة النور – الآية55.

ص: 268

سمعته يقول ذلك أتيت سول الله صلى الله عليه وسلم وهو بأعلى مكة، فلما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم رحب وقال:" ما جاء بك يا أم هاني، قالت: قلت: يا رسول الله! كنت أمنت رجلين من أحمائي، فأراد علي قتلهما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قد أجرنا من أجرت "، ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى غسله فسترته فاطمة، ثم أخذ ثوبا فالتحف به، ثم صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمان ركعات سبحة الضحى (1).

وأمن عكرمة بن أبي جهل: فهذه أم حكيم امرأة عكرمة بن أبي جهل قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله! قد ذهب عكرمة عنك إلى اليمن، وخاف أن تقتله، فأمنه يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" هو آمن " فخرجت أم حكيم في طلبه، حتى أتت به من ساحل اليمن وأسلم رضي الله عنهما (2).

فالتمكين ليس بعده {خُذِ الْعَفْوَ} ، لكن بعده:{فَاصْفَحِ الصّفْحَ الْجَمِيلَ} (3) كما حدث في فتح مكة أيضا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا معشر قريش ماذا تقولون؟ ماذا تظنون؟ " قالوا: نقول خيرا ونظن خيرا، نبي كريم، وأخ كريم، وابن أخ كريم، وقد قدرت. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" فإني أقول كما قال أخي يوسف: قَالَ لَا تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (4) اذهبوا فأنتم الطلقاء " فخرجوا كأنما نشروا من القبور فدخلوا في الإسلام (5)

o فجاء بعد كلمة الاستخلاف التمكين {وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ} ، والآن لا الاستخلاف موجود، ولا الإمامة موجودة، ولا التقوي موجودة، ولا

(1) رواه مسلم صلاة المسافرين (82)، وأبو داود (2763) وأحمد 6/ 341، 342، 343 والبيهقي 9/ 75، والحاكم 4/ 45 (سبل الهدي والرشاد في سيرة خير العباد).

(2)

سبل الهدي والرشاد في سيرة خير العباد.

(3)

سورة الحجر - الآية 85.

(4)

سورة يوسف – الآية92.

(5)

سبل الهدي والرشاد في سيرة خير العباد.

ص: 269

الدعوة موجودة، ولا التوبة موجودة، وأهل المنكرات في منكراتهم، وأهل المساجد في مساجدهم!!!.

o لما نخرج نبدأ بالتوبة، فالدعوة، فالتقوي.

o ولما نقعد كأننا نقول لا نُريد أن نُغير ولا نبدل.

o الصبر أولا: قال تعالي: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} (1).

o مدة الدعوة مع الخوف ثلاث عشر سنة في مكة.

o ومدة الدعوة مع الأمن مئات السنين.

o فخوفك في سبيل الله يسبب الأمن للأجيال القادمة.

o جوعك في سبيل الله يسبب الطعام والثروة للأجيال القادمة.

o فأعظم مصدر من مصادر الثروة المادية لهذه الأمة، تحمل الجوع في سبيل الله عز وجل 00 جاءت الغنائم وكنوز كسري وقيصر لمسجد النبي صلى الله عليه وسلم، بعد تحمل الصحابة رضي الله عنهم الجوع في سبيل الله عز وجل.

o أحسن عبودية بالليل، عبودية قيام الليل، والتملق والخشوع والخضوع والتذلل لله عز وجل.

o الإنسان يخرج أربعين يوما، وما في تحديد لقيام الليل، بل بعد العودة من الخروج، يواظب علي استمرارية الحركة الليلية، والحركة النهارية في الدعوة، جولات، زيارات .. لو يحافظ علي ذلك يحق له أن يقول:{وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} ، لكن في النهار تضحك، وفي الليل تلهو، وبعد ذلك تقول:{وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} إماما لمن؟ للغافلين؟!!!.

حتي تكون إماما للمتقين، قدم السبب علي الدعاء، والسبب (يمشون ..

(1) سورة البقرة _ الآية 155.

ص: 270

يبيتون) وبعدها الدعاء.

فمثلا: الرجل يتزوج أولا، ثم يطلب الولد .. ولكن ما في يمشون، وما في يبيتون، وترفع يديك وتقول:{وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} يا لطيف!!! وأنت قاعد تضحك، تطلب أعلي مراتب العبودية لله تعالي؟!.

o الله سبحانه وتعالى جعل في الدين فرائض، وكل فريضة فيها نور، ففي الحديث، عن أبي مالك الحارث بن عاصم الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الطهور شطر الإيمان، والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تملآن -أو تملأ- ما بين السماوات والأرض، والصلاة نور، والصدقة برهان، والصبر ضياء، والقرآن حجة لك أو عليك. كل الناس يغدو، فبائع نفسه فمعتقها، أو موبقها " رواه مسلم (1). ولكن كل أنوار الدين وبركات الدين، أخفاها ربك في الدعوة إلي والخروج في سبيل سبحانه وتعالى، كما أخفي ثروات الأرض: بترول 00 ذهب 00 فضة 00 في الأرض، فالله سبحانه وتعالى أخفي كنوز الدين كلها في هذا الدين المبارك.

o سيدنا إبراهيم عليه السلام ما رأي نتيجة جهده علي أبيه، بل جاءت النتائج في الأبناء، قال تعالي: َ {واذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا * إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنكَ شَيْئًا* يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا * يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا * يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَن فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا *َ قالَ أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْراهِيمُ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا * قَالَ

(1) رياض الصالحين _ باب الصبر.

ص: 271

سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا * وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاء رَبِّي شَقِيًّا} (1)

ظهرت نتيجة هذه الجولة الدعوية بعدين في الأولاد: {فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا * وَوَهَبْنَا لَهُم مِّن رَّحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا} (2)

وقال تعالي: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِن قَبْلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِينَ * وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلاًّ فضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ *َ ومِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} (3)

وقال تعالي: {وََوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ} (4)

قوله تعالي: {وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ} : بسبب جهده، وليس بسبب نسبه.

بسبب جهده الله سبحانه وتعالى أعطي النبوة لأكثر من مائة ألف نبي من ذريته.

وممكن جولة في سبيل الله عز وجل تتسبب في صلاح أحفادك، وأحفاد أحفادك ليوم القيامة.

(1) سورة مريم – الآيات من 41: 48.

(2)

سورة مريم - الآيتان 49، 50.

(3)

سورة الأنعام – الآيات من 84: 87.

(4)

سورة العنكبوت _ الآية 27. .

ص: 272

النتائج التي نُشاهدها اليوم، وهذا الإجتماع الكريم فيه الملايين، نتيجة عظيمة، ولكنها نقطة في بحر النتائج، التي لا نُشاهدها.

مدح الله عز وجل الجهد في الأمم السابقة قبل ختم النبوة انفراديا، لأن الجهد كان انفراديا، فقال الله تعالي:{واذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ} وحده 00 وما قال: إبراهيم وأصحابه 00 ومدح موسي عليه السلام: فقال تعالي: {كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ} ، وقال تعالي:{وَقَالَ رَجُلٌ مّؤْمِنٌ مّنْ آلِ فِرْعَوْنَ} ، وقال تعالي:{وَجَآءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىَ} 00 وما مدح الله عز وجل جماعة مع بعض، فكان هناك فرق شاسع بين النبي وأمته 00 ولكن هذه الأمة، ما قال الله فيها: واذكر في الكتاب محمد، ولكن قال تعالي:{ُّمحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} (1)

وقال تعالي: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لّهُمْ مّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ} (2).

(1) سورة الفتح _ الآية 29.

(2)

سورة آل عمران - الآية 110.

ص: 273

فمدحت الأمة بأسرها كما مدح الأنبياء {وَالَّذِينَ مَعَهُ} وما قال فلان أخرج للناس، وفلان لا.

وكما مدحهم بالمشي إلي الناس، مدحهم بأخلاقهم، فقال:{وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ} .

o هناك فرق بين إيمان الأنبياء وبين أممهم، وببركة ختم النبوة، وحمل الأمة المسئولية، وقيامها علي جهد نبيها صلى الله عليه وسلم، الله سبحانه وتعالى ميزها بأربعة أشياء:

1) قرن الله عز وجل بين إيمان الأمة وإيمان نبيها: فقال تعالي: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} (1). ولو قلت آمن الرسول وسكت، ما أتيت بالخبر الصحيح، فليس مراد الله عز وجل أن يخبرنا أن الرسول مؤمن، فهل هناك رسول غير مؤمن؟ لكن انظر إلي شرف الاقتران {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ} .

2) وقرن جهد النبي وأمته:

{ُّمحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ} ونحنُ معه إن شاء الله.

{لكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَأُوْلَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (2).

(1) سورة البقرة - الآية 285.

(2)

سورة التوبة – الآية 88.

ص: 274

{وَأُوْلَئِكَ} يعني الرسول وأمته {هُمُ الْمُفْلِحُونَ} فقرن الجزاء بالجزاء.

3) وقرن الصفات بالصفات: فالجهد المشترك يولد الصفات المشتركة {رُحَمَاء بَيْنَهُمْ} فجعل صفاتها صفات نبيها.

4) وقرن حرمة الأمة بحرمة نبيها: قال تعالي: {ِ إنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا} (1)

وقال تعالي: {َوالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ (من أمة محمد) بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا} (2).

فإذا قعدنا في البيت نضحك ونُضحك 00 فلا نستحق شرف الاقتران 00 نتكلم كلام الجهد وكلام الجهد فيه متعة 00 نستطيع أن نتكلم عن الجوع ونحنُ نأكل 00 ونستطيع أن نتكلم عن العطش ونحنُ نشرب الماء 00 ونستطيع أن نتكلم عن التعب ونحنُ نجلسُ علي الأريكة 00 وما جئنا حتي نُبين ونصور ولكن جئنا حتي نُحقق 00 فكيف تكون حقيقة الجهد؟ وليس كلام الجهد 00وبعد الحقيقة كيف ربنا يعطينا الاستقامة علي الحقيقة، وبعد الاستقامة علي الحقيقة، كيف ربنا يتقبل منا هذه الحقيقة.

تقول خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلي الطائف تُصور جهد نبيك صلى الله عليه وسلم، نكتب علي الورقة أدوات تصوير ووسائل تصوير اللسان والقلم.

تقول خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلي الطائف (تصور) 00 وتكتب خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلي الطائف (تصور).

(1) سورة الأحزاب – الآية 57.

(2)

سورة الأحزاب – الآية 58.

ص: 275

ولكن تخرج فتحقق جهد نبيك صلى الله عليه وسلم وخروجه.

إذا تكلمنا صورنا الجهد 00 وإذا كتبنا صورنا الجهد 00 وإذا خرجنا في سبيل الله وضحينا حققنا الجهد.

هنيئا لمن يطوي فراشه، ويحمله علي كتفه، ويخرج في سبيل الله سبحانه وتعالي.

o ما هي الشخصية المرموقة عند الله عز وجل؟

الشخصية المرموقة عند الله حددها النبي صلى الله عليه وسلم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " رب أشعث أغبر مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره " رواه مسلم. .

وعن أبي سلام الأسود أنه قال لعمر بن عبد العزيز: سمعت ثوبان رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " حوضي مابين عدن إلي عمان البلقاء، ماؤه أشدُ بياضا من اللبن، وأحلي من العسل، وأوانيه عدد النجوم من شرب منه شربة لا يظمأ بعدها أبدا، وأول الناس ورودا عليه فقراء المهاجرين الشعث رؤوسا، الدنس ثيابا، الذين لا ينكحون المتنعمات، ولا يفتح لهم السدد، " قال عمر: لكني قد نكحت المنعمات فاطمة بنت عبد الملك، وفتحت لي السدد، لا جرم لا أغسل رأسي حتي يشعث، ولا ثوبي الذي علي جسدي حتي يتسخ. رواه الترمذي وابن ماجة والحاكم (1)

هذه هي الشخصية المرموقة عند الله عز وجل يوم القيامة في القصور والخيام مع الحور في الفردوس الأعلي.

الدنيا ليس فيها موازين قسط 00 فأحيانا لا تعطي الأجور علي قدر المشقة، في الأعمال الدنيوية، فنجد العمال هم أشدُ الناس مشقة، يكدحون ويتعبون،

(1) المتجر الرابح في ثواب العمل الصالح _ باب ثواب الفقراء والمستضعفين وفضلهم صـ 515.

ص: 276

ومع ذلك هم أقل الناس أجور.

لكن عمل الآخرة الأجر علي قدر المشقة، منه ما تناله في الدنيا، ومنه ما توفيه يوم القيامة أحوج ما تكون إليه 00 تتكلم للدين لك أجر 00 تتغبر للدين لك أجر أكثر .. هذه الخيام التي أقيمت في الإجتماع، فالذي أقامها وأخفي نفسه، وما نعرفه فهنيئا له 00 والذي قعد علي الكرسي يتكلم هذا مسكين، إلا إذا تغبر في سبيل الله عز وجل، وأخلص لله تعالي.

o ذات مرة كنت أُبين في عمان، وبعد البيان جاء إليَّ رجل، وقال: يا شيخ

ماهذا الفتح؟ الله سبحانه وتعالى فتح عليك كلام ليس في الكتب 00 فهم طيب، وكلام طيب.

قلت له: أي فتح تعني يا سيدي؟ اجلس حتي أُبين لك أنواع الفتح.

فجلس. فقلتُ له: فيما أعلم يوجد:

ثلاث أنواع من الفتوحات الربانية علي أوليائه:

الفتح الأول (مهم): الفهم الطيب، والكلام الطيب.

الفتح الثاني

: (أهم).

الفتح الثالث: أهم فأهم 0

قال: يا سيدي أنا أعرف الفتح الأول، مهم ما شاء الله، بيانك جيد وتفسير وتنسيق في التفسير، وتأويل وإشارات، مع وجود الفصاحة والتأثير.

قلتُ: الفتح الأول: مهم ويعطي للمؤمن كرامة، ويُعطي للمنافق استدراجا، قال تعالي: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللهَ عَلَى مَا

ص: 277

فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ} (1) وما يُعجب نبينا من الأقوال التي فيها خطأ؟ الذي يعبه كلام الإيمان وكلام التوحيد، يعني إذا بين يُعجبك قوله.

لكن لما مدح الصحابة رضي الله عنهم، مدحهم بأعظم فتح، مع أن كلامهنم طيب، إلا أن الله فتح عليهم بالتضحية، َ {ومِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللهِ وَاللهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ} (2).

فلما مدح الله سبحانه وتعالى الصحابة، ما مدحهم بأقل ما فيهم (الكلام الطيب)، لكن مدحهم بالتضحية.

يبدأ الدين بالكلمة الطيبة وينتهي بالتضحية الطيبة.

فالفتح الأول: الكلام الطيب والفهم الطيب والعلم الطيب.

والفتح الثاني: الجهد الطيب والأ عمال الطيبة 00 فتجد المسلم ما يحب الراحة والجلوس في المسجد، بل يُحب الحركة والتجوال علي الناس حتي يُتعب بدنه، مستعد لقيام الليل:{تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ} (3) وربما لا يستطيع أن يتكلم عن قيام الليل، فهناك من يستطيع أن يتكلم عن قيام الليل ولكن ملأ بطنه من الحرام، فما يستطيع أن يُقيم الليل، وربما رجل أعجمي ومع أعجميته لا يستطيع القراءة ولا الكتابة، ولكن ما يعرف النوم، لأنه عرف ربه فقام بين يديه، هذا هو الفتح العظيم.

أخلاق {وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ} هذا فتح عظيم.

وإنفاق {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ} هذا فتح عظيم.

(1) سورة البقرة – الآية 204.

(2)

سورة البقرة – الآية 207.

(3)

سورة السجدة – الآية16.

ص: 278

ولما يجلس عن الخروج فيشعر بالضيق .. هذا فتح عظيم.

والفتح الثالث:

الفتح علي القلب بقوة الإخلاص 00 بقوة اليقين 00 بقوة التوجه 00 ما يأتي في قلبي هيبة المخلوق 00 لو يسقط علي الأرض ما يتزلزل يقينه {وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} (1) فتح عظيم.

وقال تعالي: {َإِذَا سَمِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ} (2)

وقال تعالي: {فتح عظيم. جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ} (3) فتح عظيم.

الفتح الأول: بسبب الأحوال الموافقة 0

والفتح الثاني: بسبب الأحوال المخالفة00 بلال يُجر علي الأرض، ويجر علي الرمال المحرقة، ويقول: أَحَدٌ .. أَحَدٌ .. وهي أجمل وأفضل من بيان ونحنُ جالسين علي الأرائك.

والفتح الثالث: ثمرة للفتح الثاني، قال تعالي:{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} (4) بعدها ربنا يفتح علي قلبك 00 فقط منك الجهد

(1) سورة السجدة – الآية24.

(2)

سورة المائدة – الآية83.

(3)

سورة البينة – الآية 8.

(4)

سورة العنكبوت – الآية 69.

ص: 279

، وربنا يملأ قلبك إيمان .. نور .. يقين .. إخلاص .. تقوي.

الشيء المهم: أن يُحفظ الإنسان في الفتح الأول، لأن من الخارج ممكن يُحسد الإنسان، يقولون: كيف جلس هذا علي الكرسي 00 ومن الداخل يأتي داء العُجب، يقول الإنسان أنا حضرت الإجتماع، وفصلوا عليَّ بالبيان 00 لكن لو فصلوا عليه بالخدمة يستحي أن يقول أنا خدمت.

والعجب: معناه شيء يذهبُ بك إلي جهنم ولا كفارة له 00 أخطاء القلوب ليس لها كفارة، لكن أخطاء الجوارح لها كفارة .. مالك إلا أن تتوب، أعظم من أن تُكفَّرَ، احمي نفسك، دبر حالك.

أما في الفتح الثاني: لا أحد يحسدك علي الغبار، ولا علي الخدمة، ولا علي التضحية والترك 00 فهو فتح عظيم ومحفوظ ويملأه الله عز وجل نورا وإخلاصا.

فما يكون مزاجنا كيف يفتح الله عز وجل علي ألسنتنا، ونبين البيانات العريضة، ويكون مزاجنا كيف ربنا يفتح علينا بالتضحية والجهد، حتي يُصبح الجهد هو المألوف والمحبوب، ويُصبح القعود يقول لك: أنا أقعد مع النسوان؟.

فكر المرأة غير فكرك، إذا قعدت مع النساء طويلا تتنسون، يصبح عندك عواطف حب الزينة، ينظر إلي الثلاجة ويقول لونها غير حسن لا بد أن نغيرها.

والجلوس مع الأولاد، بابا ماما، كلام هوي.

ولكن إذا خرجنا في سبيل الله في ميادين الرجال، الله عز وجل هو الذي يُعطيك الرجولة، قال تعالي:{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} (1).

o عبودية الأمم السابقة في الصلاة والصيام 00 وعبوديتنا في الصلاة والصيام والزكاة والحج والمشي إلي الناس في الدعوة إلي الله.

(1) سورة الأحزاب – الآية 23.

ص: 280

o التيسير في العبادة:

ما شدد الله علينا في عبادتنا، فعبادتنا مبناها علي اليسر، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه فسددوا وقاربوا وأبشروا واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة. (1) فبين كل صلاة وصلاة وقت تتفرغ فيه، إما لطلب المعاش إن كنت في حاجة، وإما لطلب المعاد.

ففي الصلاة: يُقصر المسافر الصلاة الرباعية، فالقصر عند الجمهور أفضل من الكمال.

والصيام شهر في السنة .. والمريض في شهر رمضان إذا لم يستطيع الصوم يفطر ويقضي إذا كان يستطيع القضاء، ويفدي إذا كان لا يستطيع القضاء لمرض مزمن أو شيخوخة تحول بينه وبين القضاء.

والحج مرة في العمر ولمن استطاع إليه سبيلا 00 حتي تتفرغ لجهد نبيك، حتى تتجول وتزور الناس.

جعل الله سبحانه وتعالى الرخص في مطالب العبادة عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ تُؤْتَى مَعْصِيَتُهُ. رواه أحمد وصححه ابن خزيمة وابن حبان وفي روايَةٍ: كَمَا يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى عَزَائِمُه. ُ (2).

o أما في مطالب الدعوة لا بد من العزائم:

قال تعالى: {وَاصْبِرْ عَلَىَ مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً} (3).

(1) صحيح البخاري _ كتاب الإيمان _ باب الدين يسر وقول النبي أحب الدين إلى الله الحنيفية السمحة.

(2)

قال الأرنؤوط صحيح، وصححه الألباني انظر حديث رقم: 1886 في صحيح الجامع.

(3)

سورة المزمل - الآية 10.

ص: 281

وقال تعالى: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِل لّهُمْ كَأَنّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوَاْ إِلاّ سَاعَةً مّن نّهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلاّ الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ} (1) ..

ففي الدعوة يحب الله أن تؤتي الهمم .. أقصي الهمم .. أقصي العزائم .. وعلي قدر أهل العزم تأتي العزائم.

الله سبحانه وتعالى بين عزائم نوح عليه السلام، وعزائم إبراهيم عليه السلام، وعزائم موسي عليه السلام وعزائم عيسي عليه السلام في الدعوة إلي الله 00 عزائم قوية، تحملوا المشقات 00 هذا دينك.

وفي الجهد هات عزيمتك (جوع .. عطش .. جراح .. إيذاء .. فلو أُذيت وصبرت حتي قتلت فهنيئا لك).

وفي العبادة: لو صمت يوما وعطشت عطشا شديدا لو صبرت عليه أدي بك إلي الموت، فعليك أن تُفطر، وإلا تأثم.

وفي الدعوة لا تذكر عذرك:

لأن الله سبحانه وتعالى ذم الذين اختلقوا الأعذار، قال تعالي:{وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ ائْذَن لِّي وَلَا تَفْتِنِّي أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ} (2).

وقال تعالى: {سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ لَكُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} (3).

(1) سورة الأحقاف - الآية 35.

(2)

سورة التوبة - الآية 49.

(3)

سورة الفتح - الآية 11.

ص: 282

o كانت بنو إسرائيل عليهم الأغلال، قال تعالى:{الّذِينَ يَتّبِعُونَ الرّسُولَ النّبِيّ الاُمّيّ الّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلّ لَهُمُ الطّيّبَاتِ وَيُحَرّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأغْلَالَ الّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتّبَعُوا النّورَ الّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلََئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (1)

قوله تعالي: {وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأغْلَالَ الّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ} أي يذهب عنهم التكاليف الشاقة، والأغلال التي كانت عليهم (2).

فما ثمرة هذا التخفيف؟

الثمرة: {فَالّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتّبَعُوا النّورَ الّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ} فكانت ثمرة التخفيف أن تتفرغ الأمة للنصرة {وَاتّبَعُوا النّورَ الّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ}

(1) سورة الأعراف _ الآية 157.

(2)

قال الإمام القرطبي: قوله تعالى: {وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ} الإصر: الثقل؛ قال مجاهد وقتادة وابن جبير. والإصر أيضا: العهد؛ قال ابن عباس والضحاك والحسن. وقد جمعت هذه الآية المعنيين، فإن بني إسرائيل قد كان أخذ عليهم عهد أن يقوموا بأعمال ثقال؛ فوضع عنهم بمحمد صلى الله عليه وسلم ذلك العهد وثقل تلك الأعمال؛ كغسل البول، وتحليل الغنائم، ومجالسة الحائض ومؤاكلتها ومضاجعتها؛ فإنهم كانوا إذا أصاب ثوب أحدهم بول قرضه. وروي: جلد أحدهم. وإذا جمعوا الغنائم نزلت نار من السماء فأكلتها، وإذا حاضت المرأة لم يقربوها، إلى غير ذلك مما ثبت في الحديث الصحيح وغيره.

قوله تعالى: {وَالأغْلَالَ الّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ} فالأغلال عبارة مستعارة لتلك الأثقال. ومن الأثقال ترك الاشتغال يوم السبت؛ فإنه يروى أن موسى عليه السلام رأى يوم السبت رجلا يحمل قصبا فضرب عنقه. هذا قول جمهور المفسرين. ولم يكن فيهم الدية، وإنما كان القصاص. وأمروا بقتل أنفسهم علامة لتوبتهم، إلى غير ذلك. فشبه ذلك بالأغلال (تفسير القرطبي).

ص: 283

نور القرآن، لأن بيانه في القلوب كبيان النور في العيون (1) نور الدعوة إلي الله.

فماذا يُعطيهم الله تبارك وتعالي؟

ختم الله الآية ببيان الثواب الجزيل: {أُوْلََئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} وهي نظير قوله تعالي: {وَلْتَكُن مّنْكُمْ أُمّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُوْلََئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (2). فكان الأجر في الآيتين الفلاح.

o مزاج الاعتزال الاستيحاش من المخلوق، حتي أمه، مثل جريج العابد، حينما دعته أمه، قال: ربي أمي وصلاتي.

o مزاج العبادة علي منهج العباد إعتزال الناس (بل يفرون من الناس)، ومزاج العبادة علي منهج الأنبياء يمشون للناس {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لّهُمْ مّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ} (3).

o قوة العبادة في مزاج العزلة .. وقوة الدعوة في مزاج الاختلاط بالناس.

o أولياء الله في الأمم السابقة، حتى يحققوا منشور الولاية، يفرون من الناس .. وأولياء الله علي نهج النبوة يمشون للناس.

o الله سبحانه وتعالى مدح جهد الداعي: {وَعِبَادُ الرّحْمََنِ الّذِينَ يَمْشُونَ عَلَىَ الأرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاما} (4). وقال تعالى: {وَجَآءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىَ قَالَ يَقَوْمِ اتّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ} (5). ومدح إنفاقهم

(1) زاد المسير في علم التفسير لابن الجوزي.

(2)

سورة آل عمران - الآية 104.

(3)

سورة الفرقان - الآية 63.

(4)

سورة آل عمران - الآية 110.

(5)

سورة يس – الآية 20.

ص: 284

فقال تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} (1). لم يسرفوا كأهل الدنيا، ولم يقتروا كتقتير العباد، حتي يقوي الجسم علي الحركة والطاعة.

o عِبَادُ الرّحْمََنِ:

كانوا في البداية عند نزول الآيات عددهم قليل من 60: 100 فرد، فأين الباقي؟ الباقي يكفرون .. يشركون .. يعبدون الأصنام .. يقتلون .. يزنون .. يسرقون. الله سبحانه وتعالى جاء بهم بعد ذلك وألحقهم بالأوائل، حتي وصل عددهم في حجة الوداع 124 ألف صحابي.

لا يجوز المدح بالصفات السلبية، مثل أن تقول: فلان هذا لا يزني، أو لا يسرق، أو لا يقتل.

لكن الله سبحانه وتعالى مدح كبراء هذه الأمة بأنهم لا يزنون، لا يقتلون، حتى يلحق هؤلاء بأولئك، قال تعالي:{إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا} (2). الذين قاتلوه، وعادوه، واستهزءوا به، التحقوا بعِبَادِ الرّحْمََنِ.

o بسبب ختم النبوة الله تبارك وتعالي شرف هذه الأمة بجهد الرسول صلى الله عليه وسلم.

o في الأمم السابقة، ما طلب أحد من الأنبياء النصرة من قومه، إلا ما كان من موسي عليه السلام طلب من الله سبحانه وتعالى أن ينصره بأخاه هارون عليه السلام، وعيسي عليه السلام طلب النصرة من الحواريين فقط، قال تعالي: {يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا كُونُوَاْ أَنصَارَ اللهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيّينَ مَنْ أَنّصَارِيَ إِلَى اللهِ قَالَ

(1) سورة الفرقان - الآية 67.

(2)

سورة الفرقان – الآية70.

ص: 285

الْحَوَارِيّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللهِ فَآمَنَت طّآئِفَةٌ مّن بَنِيَ إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طّآئِفَةٌ فَأَيّدْنَا الّذِينَ آمَنُوا عَلَىَ عَدُوّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ} (1). أما محمد صلى الله عليه وسلم من أول يوم قال: من ينصرني حتى أُبلغ رسالة ربي؟ والله سبحانه وتعالى أمر المؤمنين كلهم أن ينصروه.

o الفرق بين طلب عيسي عليه السلام للنصرة وبين محمد صلى الله عليه وسلم:

1) الفرق الأول: سيدنا عيسي عليه السلام طلب النصرة حينما انتهت دعوته، قبل أن يُرفع إلي السماء، علم أنه سيُرفع إلي السماء، وخشي أن يضيع الدين، قال تعالى:{فَلَمّآ أَحَسّ عِيسَىَ مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِيَ إِلَى اللهِ قَالَ الْحَوَارِيّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللهِ آمَنّا بِاللهِ وَاشْهَدْ بِأَنّا مُسْلِمُونَ} (2).

أما نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بدأت دعوته: بمن ينصرني حتى أُبلغ رسالة ربي؟

2) الفرق الثاني: سيدنا عيسي عليه السلام طلب النصرة وما حمل السيف، لينصروه في الدعوة، ومن هم الذين طلب منهم النصرة؟

ما طلب سيدنا عيسى عليه السلام النصرة من كل من قال لا إله إلا الله طلب من الحواريين وهم الأصحاب المقربون منه، وهم العلماء والحكماء، يعني الذين معهم مؤهلات للقيام بالدعوة، وبعثهم إلي الأمصار (3).

(1) سورة الصف – الآية12.

(2)

سورة آل عمران – الآية52.

(3)

قال ابن كثير: في قوله تعالى: {فَلَمّآ أَحَسّ عِيسَىَ مِنْهُمُ الْكُفْرَ} أي استشعر منهم التصميم على الكفر والاستمرار على الضلال، قال:{مَنْ أَنصَارِيَ إِلَى اللهِ} ؟ قال مجاهد: أي من يتبعني إلى الله، وقال سفيان الثوري: أي من أنصاري مع الله، وقول مجاهد أقرب، والظاهر أنه أراد من أنصاري في الدعوة إلى الله، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في مواسم الحج قبل أن يهاجر:(من رجل يؤويني حتى أبلغ كلام ربي، فإن قريشاً قد منعوني أن أبلغ كلام ربي) حتى وجد الأنصار فآووه ونصروه، وهاجر إليهم فواسوه ومنعوه من الأسود والأحمر، رضي الله عنهم وأرضاهم. وهكذا عيسى بن مريم عليه السلام انتدب له طائفة من بني إسرائيل فآمنوا به ووازروه ونصروه، واتبعوا النور الذي أنزل معه، ولهذا قال الله تعالى مخبراً عنهم:{قَالَ الْحَوَارِيّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللهِ آمَنّا بِاللهِ وَاشْهَدْ بِأَنّا مُسْلِمُونَ} ، الحواريون قيل: كانوا قصّارين، وقيل سموا بذلك لبياض ثيابهم، وقيل: صيادين، والصحيح أن الحواري: الناصر كما ثبت في الصحيحين: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما ندب الناس يوم الأحزاب فانتدب الزبير رضي الله عنه، ثم ندبهم فانتدب الزبير رضي الله عنه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:" لكل نبي حواريّ، وحواريَّ الزبير "(مختصر تفسير ابن كثير)

ص: 286

أما سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لما بعث ما عنده حواريين ولا مسلمين، فيأتي علي مجمع من عباد الأوثان (يعني بنسبة الدين صفر) فيقول: من ينصرني؟

عابد صنم ما يفهم من الدين شيء، هل هذا مؤهل للنصرة؟

فقط بينه وبين النصرة: قول لا إله إلا الله .. يعني أول فقه في الدين فقه النصرة.

يعني الكافر مؤهل بعد إسلامه مباشرة أن يقوم بوظيفة الدعوة إلي الله .. يعني ليس بينك وبين وظيفة الدعوة، سبع سنوات، أو عشر سنوات، حتي تتحصل علي الوظيفة مثلا: 6 سنوات ابتدائي + 3 سنوات إعدادي + 3 سنوات ثانوي + 4 سنوات جامعة = 16 سنة.

ليس هكذا كنظام أهل الدنيا، بل الكافر لحظة أن ينطق بشهادة أن لا إله إلا الله يُصبح داعية، يقول: يا رسول الله! إئذن لي أن أذهب إلي قومي لأدعوهم إلي الله .. لا يقول يا رسول الله تعال معي أنت لتدعوهم إلي الله، بل يقوم بالدعوة نيابة عن النبي صلى الله عليه وسلم.

فلهذا معني بعثة النبي صلى الله عليه وسلم أن الله سبحانه وتعالى رفع مستوي البشرية كلها، فتح الباب لكل البشر، لأعظم جهد .. ولهذا من ضمن رسالة عيسي عليه السلام: {وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ

ص: 287

مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ ً} (1).

يهيئ الناس لنصرة النبي صلى الله عليه وسلم.

o قال تعالي: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ً} (2). مضمون هذه الآية أن كل أُذن في العالم من حقها، أن تسمع ما لها من الكرامة عند الله سبحانه وتعالى .. وكل أُذن في العالم، من حقها أن تسمع، ماذا عليها من التبعات، وما لها من الويل، إن عصت الله سبحانه وتعالى .. وكم أذن في العالم لا سمعت ولا عندها خبر، بسبب الأنصار قاعدين في بيوتهم يضحكوا.

o قال تعالي: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ

ً} (3). . يعني اذكر أيها المسلم وظيفة إبراهيم واشتغل بها .. اذكر جهده واستلم نيابة النبي صلى الله عليه وسلم.

وقال تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَىَ

} (4) .. اذكر أيها المسلم وظيفة موسي واشتغل بها .. اذكر جهده واستلم نيابة النبي صلى الله عليه وسلم.

o أركان العبادات، أركان عظيمة، ومع ذلك لم يفصلها ربنا في كتابه العزيز، فمثلا:{وَأَقِيمُوا الصّلَاةَ} : سمح الله سبحانه وتعالى لأئمتنا أن يجتهدوا، ففي مسألة آكل لحم الجذور، اختلف الفقهاء في كون أكل لحم الإبل ناقضاً للوضوء علي قولين:

الأول: يرى أن أكل لحم الإبل ناقض للوضوء، وهو قول الظاهرية، والمعتمد عند

(1) سورة الصف - الآية 6.

(2)

سورة سبأ - الآية 28.

(3)

سورة مريم - الآية 41.

(4)

سورة مريم - الآية51.

ص: 288

الحنابلة، وإليه ذهب الإمام الشافعي في القديم، واختاره بعض فقهاء المالكية كابن العربي، وبعض فقهاء الشافعية كابن خزيمة، وأبي ثور، وابن المنذر، والبيهقي، والنووي.

الثاني: يرى أن أكل لحم الإبل لا ينقض الوضوء، وهو قول جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية، والشافعية - في الصحيح عندهم -، والزيدية.

والمجتهد إذا اجتهد وأصاب له أجران، وإذا اجتهد وأخطأ له أجر.

فالصلاة ركن من أركان الإسلام، ولو اختلفنا فيها فلا بأس، ولكن لا يسمح لنا أن نقول: دعوة صحيحة ودعوة باطلة.

ما وجدنا أحد يقول: أنا أتجول علي المذهب الشافعي .. وآخر يقول: أنا أتجول علي المذهب الحنفي

وهكذا.

الله سبحانه وتعالى وضع لنبيه صلى الله عليه وسلم تجارب إخوانه من الأنبياء السابقين عليهم السلام، في الدعوة إلي الله.

فأمام النبي صلى الله عليه وسلم سيرة 124 ألف نبي ورسول صلوات ربي وسلامه عليهم، قال تعالى:{أُوْلََئِكَ الّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} (1). فنتجول علي طريقة 124 ألف نبي ورسول، وطريق الأنبياء في الدعوة طريق واحد، أما في الصلاة: فنصلي بطريق نبي واحد، هو طريق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ونتوضأ علي طريق نبينا محمد

. صلى الله عليه وسلم

o قال تعالي: {إِنّ هََذِهِ أُمّتُكُمْ أُمّةً وَاحِدَةً وَأَنَاْ رَبّكُمْ فَاعْبُدُونِ (2)} ويقول أيضا: {وَإِنّ هََذِهِ أُمّتُكُمْ أُمّةً وَاحِدَةً وَأَنَاْ رَبّكُمْ فَاتّقُونِ} (3).ففي الدعوة

(1) سورة الأنعام - الآية 90.

(2)

سورة الأنعام - الآية 90.

(3)

سورة المؤمنون – الآية52.

ص: 289

تتوحد العواطف والمشاعر والفكر، وبذلك تصبح أمة، ومعني أمة يعني أجناس مختلفة، أشكال مختلفة.

o أكبر ثمرة لهذا الجهد المبارك، توحيد الأمة (فكر واحد .. هم واحد) لذا كانت أعظم ثمرة هي تكوين أمة {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمّةٍ} .

أما أصحاب موسى عليه السلام ما استطاعوا أن يقيموا أمة، حتى وهو بين أظهرهم مع قوته وعزمه، قال تعالى:{وَقَطّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطاً أُمَماً} (1).

o َهل الدعوة فرض عين أم فرض كفاية؟

أسخف سؤال نسمعه هذا السؤال، لأنه لم يوجد صحابي سأل هذا السؤال.

من أجل الدنيا يذهب الإنسان ليتدرب على وظيفته في الصين ليجود عمله، فرض عين!!!

فكيف نفرغ الوقت لنجود الدعوة إلي الله عز وجل، ونقوم عليها، حتى يحي الدين في العالم، وبهذه النية حتى يقبلنا الله تبارك وتعالى.

o ميثاق النصرة:

الميثاق الذي أُخذ علينا هو ميثاق النصرة {و َإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ * فَمَن تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (2)

(1) سورة الأعراف– الآية160

(2)

سورة آل عمران – الآيتان 81، 82.

ص: 290

والميثا ق الذي أُخذ علي بني إسرائيل، ألا يقصروا في العبادة، والنصرة، قال تعالي:{وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَاّ اللهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَاّ قَلِيلاً مِّنكُمْ وَأَنتُم مِّعْرِضُونَ} (1)

وقال تعالي: {َلَقَدْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَأَىئِيلَ وَبَعَثْنَا مِنهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا وَقَالَ اللهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنتُم بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللهَ قَرْضًا حَسَنًا لَّأُكَفِّرَنَّ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ فَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ} (2) ولكن ما أحسنوا، وما امتثلوا الأمر، فرفع الله عز وجل فوقهم الطور، قال تعالى:{وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطّورَ خُذُوا مَآ آتَيْنَاكُم بِقُوّةٍ وَاسْمَعُوا قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مّؤْمِنِينَ} (3).

والذين عبدوا العجل، أمرهم الله عز وجل بقتل أنفسهم، كفارة لهذا الفعل، {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} (4)

(1) سورة البقرة – الآية 83.

(2)

سورة المائدة – الآية12.

(3)

سورة البقرة – الآية 93.

(4)

سورة البقرة _الآية 54.

ص: 291

والذين عصوه يوم السبت: قال تعالى: {وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الّذِينَ اعْتَدَوا مِنْكُمْ فِي السّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ} (1).

قال لهم: {كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ} .

وما قال لهم مثل ما قال لعصاة هذه الأمة {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} (2) وهو خطاب للمسرفين إلي يوم القيامة {يَا عِبَادِيَ} كم تحمل هذه الكلمة من معاني المحبة لهذه الأمة .. كل هذا بسبب جهد نبينا صلى الله عليه وسلم.

o الله سبحانه وتعالى يقول لك: {اذْهَبْ} لماذا أنت جالس؟ .. ويقول لك: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ * اللهُ الصّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لّهُ كُفُواً أَحَدٌ} (3) لماذا أنت ساكت؟

لما تصوم عن كلام الدعوة، أنت بتخرب، هذه وظيفتك، لماذا تُضرب عن الوظيفة.

o الله سبحانه وتعالى شدد علي بني إسرائيل، وجعل عليهم الإصرار والأغلال، فكانت العبادة مبنية علي الشدة، إذا جاءت نجاسة علي الثوب، اقطع مكان النجاسة .. فالله سبحانه وتعالى وضع عنا هذه الإصرار والأغلال، حتى نرتاح، حتى ننام!!!! الله سبحانه وتعالى وضع عنا حتى يشغلنا بما هو أهم.

نحنُ نقول الدين يُسر، ونضع رجل علي رجل، فبعد صلاة الفجر نقرأ كل الجرائد، لسه الظهر ما أذن!!!.

(1) سورة البقرة _ الآية65.

(2)

سورة الزمر _ الآية53.

(3)

سورة الإخلاص – الآيات من 1: 4.

ص: 292

ونسينا أن الله سبحانه وتعالى رفع عنا المشقة حتى يُشغلنا بقوله: {وَادْعُ إِلَىَ رَبّكَ وَلَا تَكُونَنّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (1) ..

وبقوله تعالي: {ادْعُ إِلِىَ سَبِيلِ رَبّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنّ رَبّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} (2). .

o قال تعالي: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ

ً} (3).حين ألقوه في الجحيم .. اذكر كمال التضحيات، النبي صلى الله عليه وسلم كان يقدم أكمل التضحيات، ويقول:" اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي، وإسرافي في أمري، وما أنت أعلم به مني، اللهم اغفر لي جدي وهزلي، وخطئي وعمدي؛ وكل ذلك عندي، اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أنت أعلم به مني؛ أنت المقدم وأنت المؤخر وأنت على كل شيء قدير " مُتَّفَقٌ عَلَيه (4).

وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال لرَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم علمني دعاء أدعو به في صلاتي، قال:" قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم" مُتَّفَقٌ عَلَيهِ (5).

ومع تقديم كمال الجهد: {َلَا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ ً} (6).

الاستغفار بعد المعاصي، يسمي استغفار العوام.

(1) سورة القصص - الآية 87.

(2)

سورة النحل - الآية 125

(3)

سورة مريم - الآية 41.

(4)

رياض الصالحين – باب الدعوات.

(5)

المرجع السابق.

(6)

سورة المدثر – الآية6.

ص: 293

والاستغفار بعد كمال الجهد، يسمي استغفار الخواص من هذه الأمة.

استغفر الله فقط بالشفتان فقط، ما تشعر بالتقصير .. لا بد أن تشعر أنك ما أعطيت هذا الجهد حقه.

o انشغل بالدعوة إلي الله عز وجل فكم تستنير وتُنير غيرك.

o الهداية للمجتهد مضمونة .. وللمجتهد عليه غير مضمونة.

o نشكر الله عز وجل علي هذا الجهد وإن لم نر النتائج، اقتداءً بسيدنا نوح عليه السلام، كل يوم جهد، وما في نتائج {ذُُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا} (1).

o الصحابة رضي الله عنهم ظلوا 13 سنة في مكة ما عندهم إلا: {يا أَيّهَا الْمُدّثّرُ * قُمْ فَأَنذِرْ * وَرَبّكَ فَكَبّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهّرْ * وَالرّجْزَ فَاهْجُرْ * وَلَا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ * وَلِرَبّكَ فَاصْبِر} ْ (2). {ُ يَأَيّهَا الْمُزّمّل * قُمِ الْلّيْلَ إِلاّ قَلِيلاً * نّصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً * إِنّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً * إِنّ نَاشِئَةَ اللّيْلِ هِيَ أَشَدّ وَطْأً وَأَقْوَمُ قِيلاً} (3). الآيات في مكة لتوظيف الداعي .. ولما كَمُلَ التشريع، نزلت الآيات التي توظف القاضي والمفتي، وفتح الله لهم أبواب الجهاد .. ما في آيات في مكة توظف القاضي والمفتي .. 13 سنة في مكة والقرآن يوظف وظيفة واحدة في الأمة.

o بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، قام العلماء بتبويب العلم والفقه، ليشمل كل الحياة:

(1) سورة المدثر – الآية6.

(2)

سورة المدثر – الآيات من 1: 7.

(3)

سورة المزمل – الآيات من 1: 6.

ص: 294

1) فقه العبادات: (باب الإيمان _ باب الصلاة _ باب الصوم _ باب الزكاة _ باب الحج).

2) فقه المعاملات: (الزواج _ الطلاق _ البيوع _ المواريث _ الجهاد).

o النبي صلى الله عليه وسلم له حياتين الحياة المكية والحياة المدنية:

س: ماذا كان يفعل الرسول صلى الله عليه وسلم في الحياة المكية؟

ج: القرآن الكريم يوضح هذه الحياة، قال تعالي:{وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا} (1) وقال تعالى: {أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النّاسِ كَمَن مّثَلُهُ فِي الظّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مّنْهَا كَذَلِكَ زُيّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (2).

وقال تعالي: {أُوْلَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ} (3)

هل يتم ذلك في البيت؟ هل الناس تأتي إليك؟

اذهب إلي المكان الذي فيه الفسق والسيئات، واشتغل في الدعوة، فسيدنا نوح عليه السلام كان يري المنكرات علي مدي 24 ساعة، فيدعوهم إلي الله عز وجل، وهم

(1) سورة الفرقان – الآية 7.

(2)

سورة الأنعام – الآية 122.

(3)

سورة القصص– الآية54.

ص: 295

يقولون له: {َ قالُوا لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يَا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ} (1) وهو يدرء بالحسنة السيئة، فيقول: يا قوم .. ملاطفة ودعوة.

كل نبي أعطي أتباعه مستوي معين من العبادة، يجتهد علي نفسه، إلا قرآننا الكريم، قال تعالى:{الَر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النّاسَ مِنَ الظّلُمَاتِ إِلَى النّورِ بِإِذْنِ رَبّهِمْ إِلَىَ صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيد ِ} (2) ليس تُخرج نفسك .. مقصد قصة نوح، لخرج الناس .. مقصد قصة إبراهيم، لتخرج الناس .. هذا مقصد جميع قصص الأنبياء عليهم السلام في القرآن، كيف أُخرج الناس من ظلمة العواطف الدنيوية، والتوجه للدنيا بالكلية، إلي التوجه إلي الآخرة بالكلية .. ومن ظلمة التعلق بالمخلوق، وهيبة المخلوق، والخوف من المخلوق، والتوجه إلي المخلوق، إلي نور التوجه إلي الخالق العظيم، والتعلق به .. ومن ظلمة التعلق بالأموال، وتقديس قيم الأموال، والتحدث عن قيم الأموال، إلي التحدث عن فضائل الأعمال.

o قال تعالى: {ومِن قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ} (3) وهم الأنبياء قبل ختم النبوة جُلهم من بني إسرائيل، شرف أخذه بنو إسرائيل، وببركة ختم النبوة: ومن قوم محمد؟ ومن العرب؟ لا صحح قراءتك: {وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ} (4)

وهي أمة محمد صلى الله عليه وسلم بأكملها، قرأ ابن عباس هذه الآية، وقال: هذه ميزتكم يا

(1) سورة الشعراء – الآية116.

(2)

سورة إبراهيم - الآية 1.

(3)

سورة الأعراف- الآية 159.

(4)

سورة الأعراف- الآية 181.

ص: 296

أمة محمد.

o لما نزلت: {يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا كُونُوَاْ أَنصَارَ اللهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيّينَ مَنْ أَنّصَارِيَ إِلَى اللهِ قَالَ الْحَوَارِيّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللهِ فَآمَنَت طّآئِفَةٌ مّن بَنِيَ إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طّآئِفَةٌ فَأَيّدْنَا الّذِينَ آمَنُوا عَلَىَ عَدُوّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ} (1) فأول قدم تحركت هي قدم نبينا صلى الله عليه وسلم فكان أول من نصر الدين، وقال: من ينصرني؟.

o فيجب علينا أن نفعل مثل ما فعل نبينا صلى الله عليه وسلم، نحرك أقدامنا وننصر الدين، ثم نقول: من يخرج في سبيل الله؟ من مستعد؟.

* * * * *

(1) سورة الصف _ الآية 14.

ص: 297