الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مقدمة
دعائم التمكين للمملكة العربية السعودية على ضوء قوله تعالى: {الَّذِينَ إنْ مَكَّنَّاهُم في الأَرْضِ أَقَامُواْ الصَّلَاة وَآتُوا الزَّكاة وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهواْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَللهِ عَاقِبَةُ الأُمُور} [الحج، الآية: 41]
إعداد
الدكتور/ حمد بن حمدي الصاعدي الأستاذ المشارك بكلية الشريعة بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين، وعلى آله وصحبه والتابعين، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين؛ أمَّا بعد:
فإنَّ الكتابة في موضوع دعائم التمكين للمملكة العربية السعودية على ضوء قوله تعالى: {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَْرضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ} [الحج: 41] ذات شئون؛ لأنَّ الموضوع واسع جداً، والمادَّة غزيرة ومتشعبة، ولا يفيد في ذلك اختصار الموضوع مهما حاول الكاتب الاختصار. ولكن ما لا يدرك كله لا يترك جله، كما قيل.
ولذا فإني سوف أشير إلى أمور أجدها أولى بالإشارة؛ ومنها ما يلي:
1 -
أنَّ الكتابة في هذا الموضوع هي من باب التذكير بالنعم لتعرف فتُشْكَر فَتَدُوم كما قال الله تعالى: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ} [إبراهيم: 7] .
2 -
أنَّ المقصود الأهم في هذا الموضوع، هو التنبيه على أهمية العقيدة وتطبيق الشريعة في جميع شئون الحياة؛ لأنَّ التمسك بالعقيدة الصحيحة وتطبيق أحكام الشريعة على الوجه الذي أراده الشارع، هما أساس التمكين في الأرض، وشرط العاقبة الحسنة والنجاة والحياة السعيدة في الدنيا والآخرة {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى} [طه: 123] .
3 -
أنَّ الالتفاف حول المنهج الشرعي، والاعتصام بالكتاب والسنة، والتكاتف والتآلف، وتحقيق الأخوة الإسلامية - كما أمر الله - مقصد شرعي ودعامة من دعائم التمكين والاستخلاف في الأرض كما قال تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ
قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً} [النور: 55] .
4 -
أنَّ عالمية المنهج وبقاءه وتفرده على غيره بميزات لا توجد في غيره، كل ذلك يتطلب الدعوة المستمرة إليه والمحافظة على بقائه ووقايته من كل ما يخدش نقاءه وصفاءه أو الاعتداء عليه؛ لأنَّ الحق لا يكفيه كونه حقاً وحسب، كما قال تعالى:{وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْض} [البقرة: 251] .
5 -
أنَّ المتتبع لسير ولاة الأمر في المملكة العربية السعودية منذ نشأتها وخلال مراحلها وأدوارها المتتابعة، وخاصّةً في الدور الثالث الذي يبدأ بفتح الرياض على يد الملك عبد العزيز رحمه الله عام 1319هـ، لا يمكنه إلَاّ أن يقول: إنَّ القاعدة التي يسير عليها أولئك الحكام، والمنهج الذي يطبقونه في حياتهم وحياة رعيتهم هو تطبيق الدعائم الشرعية الواردة في الآية الكريمة موضوع البحث، وقد وعد الله بالنصر والتمكين لمَنْ وَفَّى بشروط التمكين. وأنَّ المهم هو تحقق الشروط، لا حصول المشروط؛ لأنَّ حصوله قد أخبر الله به، وما أخبر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم لا شك ولا ارتياب في تحققه.
وهذه الأمور التي سبقت - وإن كان البحث سوف يتكفل ببيانها وإيضاحها - الإشارةُ إليها في هذه المقدمة مما يدفع المطلع على الاستمرار في قراءة الموضوع، وهذا أحد أهداف الكاتبين.
نسأل الله تعالى العون والتوفيق، إنَّه سميع مجيب.
خطة البحث:
1 -
المقدمة: وتشتمل على ما يلي:
أ - أهمية الموضوع، أسباب اختياره.
ب - تحديد الزمان الذي يتناوله البحث، وأسباب الحصر في ذلك.
2 -
التمهيد: وهو في بيان ألفاظ عنوان البحث. ويتناول ما يلي:
أ - الدعائم.
ب - التمكين.
ج – المملكة العربية السعودية.
3 -
صُلْب الموضوع، وفيه عِدَّة فصول:
الفصل الأول: فيما يتعلَّق بالآية الكريمة. وفيه مباحث:
الأول: في بيان حال العرب قبل مبعث الرسول صلى الله عليه وسلم.
الثاني: في مناسبة الآيات لِمَا قبلها.
الثالث: في سبب نزول الآية الكريمة.
الرابع: في أقوال المفسرين في الآيات.
الخامس: في بيان دلالات الآية الكريمة، وعلاقة ذلك بما كان عليه الحال إبان قيام الدولة السعودية على يد الملك عبد العزيز رحمه الله. وفيه مطالب:
الأول: الصورة الكريمة التي سيكون عليها الذين إنْ مَكَّنهم الله في الأرض.
الثاني: العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
الثالث: وظيفة الدولة المسلمة. وأنَّ الحق لا يكفيه كونه حقاً فقط.
الرابع: أن تلك الصورة الكريمة لم تدم طويلاً. وإن كان التمسك
بالأصل لم يزل موجوداً للوعد الإلهي بذلك.
الخامس: علاقة الآية الكريمة بما كان عليه الحال عند قيام الدولة السعودية على يد الملك عبد العزيز عام 1319هـ.
الفصل الثاني: في ماهية الدعائم، وبيان أهميتها. وفيه مباحث:
الأول: في الدعامة الأولى: إقام الصلاة. وفيه مطالب:
الأول: في ماهية الصلاة.
الثاني: في أهميتها.
الثالث: في المقصود بإقامة الصلاة على ضوء الآية الكريمة.
الثاني: في الدعامة الثانية: إيتاء الزكاة. وفيه مطالب:
الأول: في ماهية الزكاة.
الثاني: في أهمية الزكاة.
الثالث: في الحكمة من إيتاء الزكاة على ضوء الآية الكريمة.
الثالث: في الدعامة الثالثة والرابعة: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وفيه مطالب:
الأول: في ماهيتهما.
الثاني: في أهميتهما.
الثالث: في الحكمة منهما على ضوء الآية الكريمة.
الفصل الثالث: في اهتمام ولاة الأمر في المملكة العربية السعودية بتلك الدعائم والأسس، وتطبيقها على أنفسهم ورعيتهم. وفيه مباحث:
الأول: في اهتمام المؤسس الأول بتلك الدعائم. وفيه مطلبان:
الأول: تقريره للهدف العام من الدعامة الأولى، وهو العقيدة السلفية.
الثاني: عنايته بالهدف الخاص من الدعامة الأولى: إقام الصلاة.
الثالث: في جهود أبنائه من بعده في ترسيخ وتطبيق تلك الدعائم.
الرابع: في ثمرة تطبيق تلك الدعائم على الراعي والرعية.
1 -
المقدمة: وتشتمل على ما يلي:
أ - أهمية الموضوع وأسباب اختياره.
ب - تحديد الزمان الذي يتناوله البحث وأسباب الحصر في ذلك.
أ - أهمية الموضوع وأسباب اختياره:
إنَّ بيان أهمية موضوعٍ مَّا تنبع من أهمية الأمور التي يبحثها، وما لها من مكانة وشأن عظيم.
وهذا الموضوع الذي نتحدَّث عن أهمية وأسباب اختياره يتناول الأمور التالية:
1 -
العقيدة الصافية المبنية على توحيد الله، وإخلاص العبادة له دون سواه، امتثالاً لقوله تعالى:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلَاّ لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات:56] .
2 -
الشريعة والمنهج الكامل الذي رضيه الله لعباده وأتَمَّ به النعمة عليهم وفيه بيان صحة المعتقد وسلامة البناء1.
3 -
التعاون والاعتصام حول المعتقد الصحيح المبني على النصوص الشرعية من الكتاب والسُنَّة وفهم السَّلَف الصَّالح. كقوله تعالى:
1 المنهج القويم ص 45
وكقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "مثل المؤمنين في توادِّهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمَّى"1.
4 -
السلطة المسلمة التي تحمي ذلك كله، وأنَّه لا يكفي في الأمر أن يكون حقاً، بل لابدَّ من مدافع عن الحق ودافع إليه، في استقامة المنهج.
5 – التذكير بالنعم وتجليتها، لتعرف، فتشكر، فتدوم، لأنَّ دوام النعم والزيادة منها مرهون بشكرها، كما قال تعالى:{لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُم} [إبراهيم: 7] .
6 -
التحذير من كفران النعم؛ لأنَّ ذلك يعرضها للزوال والاضمحلال. هذه بعض الأمور التي حضرتني عند التفكير في كتابة هذا الموضوع دعائم التمكين للمملكة العربية السعودية على ضوء قوله تعالى: {الَّذِينَ إنْ مَكَّنَّاهُم في الأَرْضِ أَقَامُواْ الصَّلَاة وَآتُوا الزَّكاة وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهواْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَللهِ عَاقِبَةُ الأُمُور} [الحج، الآية: 41] .
وإن كانت الأسباب ليست محصورة في تلك الأمور إلَاّ أنَّ ما ذُكِرَ أهمها.
ب - تحديد الزمان الذي يتناوله البحث:
يتحدَّد الكلام في هذا الموضوع بالمدة الزمانية - التي دخل فيها الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود رحمه الله مدينة الرياض عام 1319هـ، إلى الوقت الحاضر - عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود أطال الله في عمره.
والسبب في هذا التحديد أمور منها:
1 رواه البخاري في كتاب الأدب، باب 36 رقم 5680، وفي كتاب المساجد باب 54 رقم 467 وغيره. ومسلم في البر والصلة والآداب، باب تراحم المؤمنين وتعاطفهم
…
الخ رقم 2585 – 2586.
1 -
أنَّ دعائم التمكين للمملكة العربية السعودية المذكورة في عنوان البحث أشد وضوحاً، وأكثر جلاءً في هذا الدور.
2 -
أنَّ المناسبة التي كُتِبَ الموضوع من أجلها حددت الاحتفاء بمرور مائة عام على تأسيس المملكة، فكان من المناسب أن لا يخرج الموضوع عن ذلك التحديد.
3 -
أنَّ قصر الموضوع على هذه المدة المتميزة يعطيه مجالاً للاستيفاء بخلاف ما لو كان مشتملاً على أدوار المملكة العربية السعودية الثلاثة.