الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الأول: تقرير الملك عبد العزيز للهدف العام من الدعامة الأولى للتمكين، وهو (العقيدة) :
سلك الملك عبد العزيز رحمه الله منهجاً قويماً في ترسيخ العقيدة الصحيحة في البلاد مكَّنه هذا المنهج من إحلال الأمن والاستقرار وتحقيق الرخاء في البلاد.
يقوم هذا المنهج على ثلاث دعائم:
1 – توحيد الله تعالى وعبادته.
2 -
تطبيق الشريعة الإسلامية.
3 – السعي إلى وحدة الأمَّة.
{إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: 92] .
وامتداداً لجهود الشيخ محمد بن عبد الوهاب، والإمام محمد بن سعود رحمهما الله.
قام الملك عبد العزيز بجهودٍ عظيمة في تقرير العقيدة الصحيحة ونشرها والذَبّ عن حياضها.
ومن تتبع الأسباب التي حملت الشيخ محمد بن عبد الوهاب على القيام بدعوته، ثُمَّ تناول الكتب والرسائل التي كتبها الشيخ، أو كتبها أولاده وأحفاده وتلاميذهم، يلاحظ أنَّ دعوته ركَّزت على ناحيتين:
الأولى: دعوة الناس إلى تجريد العبادة لله وحده؛ بحيث لا يَعْبُد مخلوقٌ مخلوقاً مثله من دون الله أو مع الله، وتجريد المتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم بحيث لا يقدم قولاً أو رأياً على قول رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الثانية: دعوة الناس، وخصوصاً الحكام إلى تحكيم شريعة الله وحدها، وهذا يعني أنَّ دعوة الشيخ كانت تحارب جاهليتين شركيتين:
الأولى: جاهلية عبادة المخلوق لمخلوق مثله، بدعوى حب
الصالحين، أو التوسل بهم، والذي يشبه قول المشركين:{مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَاّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر: 31] .
والثانية: جاهلية الحكم بغير ما أنزل الله.
وبناءً على هذه الأُسُس للدعوة السلفية قام الملك عبد العزيز رحمه الله، بجهود عديدة في تقرير العقيدة الصحيحة منها:
أ - تمسكه بالعقيدة الصحيحة في خاصَة نفسه.
ب - جهوده في تقرير العقيدة الصحيحة في داخل المملكة.
جـ - جهوده في تقرير العقيدة الصحيحة في خارج المملكة.
أ - تمسك الملك عبد العزيز رحمه الله بعقيدة التوحيد:
كان الملك عبد العزيز يتمسك بعقيدة التوحيد، وبنى على هذا الأساس كل قراراته وتصرفاته.
فالصفة الأكثر أهمية ووزناً وعمقاً في شخصية الملك عبد العزيز أنَّه رجل عقيدة قبل كل شيء، ومؤدَّى ذلك أنَّ الخصائص الأخرى تستمد من العقيدة قوتها وأثرها وظهورها1.
وقد علم من سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، وسيرة الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم، والحكام الصالحين أنَّ أصل الأصول في الدولة الإسلامية هو: عقيدة التوحيد.
والملك عبد العزيز رحمه الله رجل موحّد خالص التوحيد في خاصة نفسه، ملتزم بمنهج السلف الصالح في توحيد الألوهية والربوبية والأسماء والصفات، لا يدعو غير الله، ولا يشرع ما لم يأذن به الله2.
1 جهود الملك عبد العزيز في خدمة العقيدة ص 2 لعبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ.
2 المنهج القويم في الفكر والعمل ص 44
والأدلة على هذا كثيرة من أقواله وأفعاله رحمه الله. فمن أقواله في هذا الشأن ما يلي:
1 -
عبارته المشهورة: "كلمة التوحيد لا إله إلَاّ الله محمد رسول الله إني والله، وبالله، وتالله، أقدِّم دمي ودم أولادي وكل آل سعود فداءً لهذه الكلمة لا أضن بها"1.
2 -
وقال رحمه الله: "أمَّا العبادة فلا تصرف إلَاّ لله وحده لا لِمَلَكٍ مقرَّب، ولا لنبي مرسل، ولا تخفى عليكم الآية الكريمة: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلَاّ لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56] . ومعنى يعبدون: يوحدون، فالتوحيد خاص بالله تعالى، والعبادة لا تصرف إلَاّ إليه، والرجاء والخوف والأمل كله بالله ولله، وما بعث محمد ولا أرسل الرسل ولا جاهد المجاهدون إلَاّ لتوحيد الله تعالى"2.
3 -
وقال رحمه الله: "إني أفضل أن أكون على رأس جبل آكل من عشب الأرض أعبد الله وحده، على أن أكون ملكاً على سائر الدنيا وهي على حالتها من الكفر والضلال. اللهم إنَّك تعلم أني أحب من تحب وأبغض من تبغض. إنَّا لا يهمنا الأسماء ولا الألقاب، وإنَّما يهمنا القيام بحق واجب كلمة التوحيد"3.
1 محمد حامد الفقي: أثر الدعوة الوهابية في الإصلاح العمراني والديني في جزيرة العرب وغيرها ص 110-111، والدعوة في عهد الملك عبد العزيز 1/138، 262
2 من خطبة الملك عبد العزيز رحمه الله في المأدبة الكبرى لضيوف الرحمن والمنشورة بجريدة أم القرى بعددها (989) الصادر في 6 من ذي الحجة 1363هـ، والدعوة في عهد الملك عبد العزيز 1/265
3 د. عبد الله بن عبد المحسن التركي: منهج الملك عبد العزيز في السياسة الدولية وأثره في العلاقات السعودية المصرية ص 38
4 -
وقال رحمه الله: "أنا داعية أدعو إلى عقيدة السلف الصالح، وهي التمسك بكتاب الله وسُنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم وما جاء عن الخلفاء الراشدين"1.
5 -
وأوصى رحمه الله وليّ عهده فقال: "تعقد نيتك على ثلاثة أمور:
أولاً: نية صالحة، وعزم على أن تكون حياتك وأن يكون دينك إعلاء كلمة التوحيد.
ثانياً: عليك أن تجتهد في النظر في شئون الذين سيوليك الله أمرهم بالنصح سرّاً وعلانية، والعدل في المحب والمبغض، وتحكيم الشريعة في الدقيق والجليل والقيام بخدمتها باطناً وظاهراً.
ثالثاً: عليك أن تنظر في أمر المسلمين عامَّة"2.
ومن أفعاله ما يلي:
1 -
اختيار الشهادتين شعاراً لرايته وعلماً لمملكته وشارةً لبلاده.
2 -
اعتباره التوحيد القاعدة الرئيسة في حياة المسلمين - راعٍ ورعية، إمام ومأمومين - وإذ يقيم الملك عبد العزيز قلبه على توحيد الله فإنَّه في اللحظة ذاتها يُلْزِم من يلي أمرهم بتوحيد الله جلَّ شأنه3.
3 -
من فرط إحساسه بمعاني التوحيد أنَّه كان يقظاً لكل لفظ يجرح هذا التوحيد.
التقى يوماً بزعيمٍ عربي، وفي أثناء الحديث أراد الزعيم توكيد مسألة معيَّنة فقال - مخاطباً الملك عبد العزيز -: وحياة رأسك. فرمقه الملك عبد العزيز بنظرة موحدة وقال له: "قل: والله"4.
1 أم القرى، العدد (434) سنة 1351هـ، والدعوة في عهد الملك عبد العزيز 1/264
2 الزركلي: الوجيز في سيرة الملك عبد العزيز ص 159
3 المنهج القويم للتركي ص 44-47.
4 المرجع السابق 44.
وسمع شاعراً ذات يوم يلقي قصيدة أمامه بعد أن استأذن في إلقائها:
أنت أملنا وفيك الرجاء
…
...
…
...
…
...
فصاح الملك عبد العزيز قائلاً: "تخسأ. تخسأ". ولمح في المجلس أحد طلبة العلم فقال: "علِّمه التوحيد"1.
فهو يدرك أنَّ هذه الألفاظ من معاني توحيد الألوهية لا يجوز صرف شيء منها لغير الله2.
فالملك عبد العزيز كان داعية للتوحيد بقوله وفعله، وقد اقتدى به عدد كبير من دعاة التوحيد في العالم العربي والإسلامي، ومِمَّا يدل على ذلك أنَّ دعاة التوحيد في العالم الإسلامي كانوا يأتون ويجلسون إليه ويأخذون من أقواله ونصائحه ما يعزز نشاطهم ويحسن أساليبهم في الدعوة إلى التوحيد3.
ولم يقتصر الأمر على مجرَّد النصائح، بل تعداه إلى الدعم المادي والمعنوي لهؤلاء الدعاة بغرض نصرة عقيدة التوحيد4.
وهكذا نجد الملك عبد العزيز يقرر عقيدة السلف الصالح بأقواله وأفعاله، ويُلْزِم مَنْ يلي أمرهم بذلك. وهي طريقة في الانتصار للعقيدة لا يستخدمها إلَاّ داعية موحد لا يقايض على التوحيد بشيء. ولا غرابة في ذلك فقد عرف عن
1 الملك عبد العزيز ووضع قواعد التنظيم القضائي في المملكة ص 23
2 الدعوة في عهد الملك عبد العزيز 1/263
3 المهندس / سليمان علي الشائع: الملك عبد العزيز وأثره في التاريخ المعاصر ص36
4 الدعوة في عهد الملك عبد العزيز 1/263 ومن هؤلاء الدعاة: الشيخ محمد رشيد رضا - مؤسس مجلة المنار - التي نشرت مقالات التوحيد ومحاربة الشركيات. والشيخ محمد حامد الفقي، والشيخ محمود الألوسي، وغيرهم كثير.
الملك عبد العزيز رحمه الله بأنَّه داعية عقيدة ومنفّذ شريعة1 - حتى وُصِفَ بأنَّه: "الإسلامي الداعية إلى الحل الإسلامي"2.
ب - جهود الملك عبد العزيز في تقرير العقيدة الصحيحة داخل المملكة.
عندما بدأ الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود بفتح الرياض عام 1319هـ، وبدأ تأسيس الدولة السعودية الثالثة، لم تكن العقيدة الصحيحة التي نادى بها الشيخ محمد بن عبد الوهاب والأمير محمد بن سعود، وأبناؤهما وأحفادهما من بعدهما، على ما كانت عليه من الصفاء والنقاء الذي وصلت إليه على يد الأمير سعود الكبير حفيد الإمام محمد بن سعود رحمهما الله، بل كثرت الدعاية السيئة ضد الدعوة السلفية في البلاد الإسلامية. وأخذ أعداء الدعوة يذيعون أنَّ أنصار الدعوة السلفية لا يحبون أهل البيت ولا يحفظون للأولياء حقّاً ولا حرمة. كما وصفوا الدعوة السلفية بأنَّها مذهب خامس، وأُلِّفَت الكتب التي ترمي أنصار الدعوة بكبيرات الأمور.
ولم يقف الأمر على مجرَّد الدعاية، بل أرسلوا الجيوش لمحاربة هذه الدعوة وإضعافها3.
فعادت مظاهر الشرك من جديد وكثر الاعتقاد في الأشجار والأحجار، والبناء على القبور، والتبرك بها، والنذر لها. وغير ذلك من مظاهر الشرك الأصغر والأكبر4.
1 الملك عبد العزيز ووضع قواعد التنظيم القضائي في المملكة ص 17
2 وصفه بهذه العبارة محمد جلال كشك في كتابه (السعوديون والحل الإسلامي) ص32، والدعوة في عهد الملك عبد العزيز 1/267
3 عبد الله القصيمي: الثورة الوهابية ص 28
4 الدعوة في عهد الملك عبد العزيز 1/270
فلمَّا حمل الملك عبد العزيز راية الدعوة أدرك أنَّ هذه الشركيات قد تغلغلت جذورها في النفوس وترسَّخت مفاسد وأدران الوثنية بسبب الجهل، فشرع يخطط لإصلاح هذه النفوس وتطهيرها. وجعل التوحيد قضيته المنهجية الأولى. ونجح في إزالة مظاهر الشرك والقضاء على ما ينافي عقيدة التوحيد أو يوهن من كمالها.
والأدلة على جهود الملك عبد العزيز في نشر العقيدة داخل المملكة حاضرة وبادية عديدة، اكتفي منها بما يلي:
1 -
يقول الملك عبد العزيز رحمه الله: "إنَّ سبيل رقي المسلمين هو التوحيد الخالص، والخروج من أسر البدع والضلالات والاعتصام بما جاء في كتاب الله على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم"1.
2 -
يقول الدكتور عبد الله التركي: "لما ظهر الملك عبد العزيز بدعوة التوحيد ودين الحق، استطاع بعون الله ثُمَّ بوسيلة الشوكة والسلطان أن يحمي التوحيد من كل ما يخالفه ويزاحمه من عقائد وعادات وأعراف ومظاهر وأساليب"2.
3 -
جمع علماء مكَّة بعلماء نجد ليتباحثوا في مسائل الشرع، فاجتمعوا في جمادى الأول عام 1343هـ، وأصدروا بياناً جاء فيه: "قد حصل الاتفاق بيننا وبين علماء نجد في مسائل أصولية منها:
أ - أنَّ مَنْ جعل بينه وبين الله وسائط من خلقه يدعوهم ويرجوهم في جلب نفع أو دفع ضر فهو كافر حلال الدم والمال.
ب - أنَّ البناء على القبور واتخاذ السرج عليها وإقامة الصلاة فيها بدعة محرمة في الشريعة الإسلامية.
1 أم القرى، العدد (333) الصادر في ذي الحجة 1349هـ.
2 المنهج القويم ص 66
جـ - مَنْ سأل الله بجاه أحد من خلقه فهو مبتدع مرتكب محرماً".
واتفق العلماء على نشر هذا البيان الذي من خلاله اتضحت وحدة العقيدة في أنحاء المملكة1.
4 -
تطبيقاً لقوله -تعالى-: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} 2. حرص الملك عبد العزيز على إلغاء جميع القوانين التي كانت موجودة من بقايا الدول السابقة، وكان يُعْمَل بها في بعض مناطق المملكة، وحثَّ العلماء على إصدار فتوى بذلك، وقد أصدروا فتوى بتاريخ 8 شعبان 1345هـ ومِمَّا جاء فيها: "وأمَّا القوانين فإن كان موجوداً منها شيء فيزال فوراً ولا يحكم إلَاّ بالشرع المطهَّر"3.
5 -
حماية المملكة من أن يتسلل إليها شيء من عقائد الكفار من نصارى وشيوعيين وغيرهم، وتحريم دخول المنصرين إلى المملكة، أو وجود صلبان أو غير ذلك من شعارات الكفار.
6 -
أبطل التحاكم إلى العوائد والسلوم4 المخالفة للشريعة، وأن لا يتحاكم إلَاّ إلى أحكام الشريعة فقط.
جـ – جهود الملك عبد العزيز في نشر الدعوة للعقيدة خارج المملكة:
التوحيد عقيدة عالمية، قال -تعالى-:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 21] فالخطاب موجه إلى الناس
1 الدعوة في عهد الملك عبد العزيز 1/275
2 المائدة: 44
3 الدرر السنية 5/319
4 يراد بها الأعراف التي كانت سائدة في الجزيرة العربية التي تخالف الشرع. مثل نار الملحس التي يزعمون أنها تدل على السارق. وقانون أبي نمى وحماية الدخيل ولو كان مجرماً تعسيم القريبة وجعلها في الوجه عن الخاطب.
كافَّة - النداء للناس كافة، والأمر للبشر جميعاً - إنَّه نداء إلى الناس كلهم بأن يوحدوا الله بالعبادة دون سواه.
ومعلوم أنَّ المدعوين للدعوة مسلمون وغير مسلمين، فالدعوة تشملهما. ولما تولَّى الملك عبد العزيز شئون البلاد، وانطلاقاً من أنَّ مِن وظائف الحكومة الإسلامية نشر الدعوة الإسلامية بالحوار والحسنى، كما قال الله -تعالى-:{الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَر} [الحج:41] .
وانطلاقاً من ذلك سعى الملك عبد العزيز يدعو إلى العقيدة الصحيحة عالمياً عن طريق استغلال مواسم الحج في الدعوة، أو إيصال العقيدة النقية إلى البلدان المختلفة عن طريق نشر الكتب وتوزيعها في البلاد المختلفة مجاناً.
فمن سعة أفق الملك عبد العزيز أنَّه كان يستغل مواسم الحج في الدعوة إلى تصحيح العقيدة وكانت له رحمه الله مأدبة كبرى يلتقي فيها بعلماء الدول والحجاج يدعوهم فيها إلى الله وإخلاص العبودية له.
خطب رحمه الله في جمعٍ غفير من ضيوف الرحمن فقال: "المسلم لا يكون مسلماً صحيحاً إلَاّ إذا أخلص العبادة لله وحده. يجب أن يتدبر المسلمون معنى (لا إله إلَاّ الله) . يجب على الإنسان أن لا يشرك مع الله في عبادته نبياً مرسلاً ولا ملكاً مقرّباً. يجب أن يتبع المسلمون القول بالعمل أمَّا القول المجرد فلا يفيد. ما فائدة رجل يقول: (لا إله إلَاّ الله) ولكن يشرك ما دون الله في عبادته؟؟
{إنَّ الله إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاء} [النساء: 48] . إنَّ الإشراك مع عبادة الله كفر، وليس بعد الكفر ذنب. إنَّ دين الله ظاهر كالشمس، لا لبس فيه ولا تعقيد".
ثُمَّ أضاف رحمه الله: "إنَّ من أعظم الأوامر توحيد الله جلَّ وعلا توحيداً منزهاً عن الشرك"1.
وخطب رحمه الله في حُجَّاج الهند فقال بعد أن حمد الله وأثنى عليه: "إنَّ أول ما يلزمنا من الإسلام هو كلمة الشهادتين، ومعنى الشهادة (لا إله إلَاّ الله) أنَّها تفيد إثبات وحدانية الله سبحانه وتعالى.
لا يوجد إنسان غير مذنب؛ لأنَّ العصمة لله وحده، لكن الذنوب على درجات، منها ما لا يمكن معه صفح أو غفران، وهو الشرك بالله"2.
ويقول رحمه الله: "الإسلام عزيز عليَّ، ورهبته في قلوب أعدائه كبيرة، فواجب المسلم أن يقوم بالدعوة إلى عبادة الله خالصة"3.
ويقول رحمه الله: "إنَّ الذي يجمع شملنا ويوحد بيننا هو: الالتفاف حول كلمة التوحيد والعمل بما أمر الله به ورسوله"4.
ومن المجالات التي نشط الملك عبد العزيز في تقرير ونشر العقيدة الصحيحة عن طريقها عالمياً: اخراج المؤلفات القيمة التي تهتم بنشر العقيدة السلفية الصحيحة، وتطهير العقيدة من أدران الشرك، لا سيما كتب الشيخ ابن تيمية وابن قيم الجوزية، وكتب الشيخ محمد بن عبد الوهاب، حيث طبعت كتب هؤلاء العلماء السلفيين، ووصلت إلى أيدي الناس في مختلف البلدان ووزِّعت مجاناً.
فقرأها الناس وانتفعوا بها، وأيقظت في نفوسهم الفطرة الأصيلة لتوحيد الله عز وجل، وخدمت هذه الكتب العقيدة السلفية أفضل خدمة. فجزى الله الملك عبد العزيز خيراً على هذه الجهود القيمة في تقريره ونشره لعقيدة السلف الصالح.
1 نشر هذا الخطاب بجريرة أم القرى، عدد (857) في 11 ذي الحجة سنة 1355هـ.
2 نشر هذا الخطاب بجريرة أم القرى، الصادر في يوم الاثنين في 11 ذي الحجة سنة 1355هـ.
3 نشر هذا الخطاب بجريرة أم القرى، عدد (434) في 11 ذي الحجة سنة 1351هـ.
4 الدعوة في عهد الملك عبد العزيز 1/282