المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌تمهيد: وُلِدَ الملك الإمام عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل - دعائم التمكين

[حمد بن حمدي الصاعدي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌التمهيد:

- ‌الفصل الأول: فيما يتعلق بالآيات الكريمة

- ‌مدخل

- ‌‌‌المبحث الأول: في حالة العرب قبل مبعث الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث الأول: في حالة العرب قبل مبعث الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌‌‌المبحث الثاني: مناسبة الآيات لما قبلها

- ‌المبحث الثاني: مناسبة الآيات لما قبلها

- ‌‌‌المبحث الثالث: في سبب نزول الآيات الكريمة

- ‌المبحث الثالث: في سبب نزول الآيات الكريمة

- ‌‌‌المبحث الرابع: في أقوال المفسرين في معنى الآيات

- ‌المبحث الرابع: في أقوال المفسرين في معنى الآيات

- ‌المبحث الخامس: في دلالات الآية الكريمة، وعلاقة ذلك بما كان عليه حال الجزيرة العربية عند قيام الدولة السعودية الثالثة

- ‌مدخل

- ‌المطلب الأول: في الصورة الكريمة التي سيكون عليها المؤمنون بعد التمكين في الأرض:

- ‌المطلب الثاني: أنَّ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب:

- ‌المطلب الثالث: وظيفة الدولة المسلمة. وأنَّ الحق لا يكفيه كونه حقّاً فقط:

- ‌المطلب الرابع: أن تلك الصورة الكريمة والسيرة الحسنة لم تدم طويلا

- ‌المطلب الخامس: في بيان العلاقة والموازنة بين دلالة الآية الكريمة وما كان عليه الحال إبان قيام المملكة العربية السعودية على يد الملك عبد العزيز:

- ‌الفصل الثاني: في ماهية الدعائم، وبيان أهميتها

- ‌‌‌مدخل

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول: في الدعامة الأولى (إقام الصلاة)

- ‌المطلب الأول: ماهية الصلاة

- ‌المطلب الثاني: أهمية الصلاة:

- ‌المطلب الثالث: في المقصود بإقامة الصلاة على ضوء الآية الكريمة

- ‌المبحث الثاني: في الدعامة الثانية (إيتاء الزكاة)

- ‌المطلب الأول: ماهية الزكاة

- ‌المطلب الثاني: في أهمية الزكاة:

- ‌المطلب الثالث: في الحكمة من تشريع الزكاة على ضوء الآية الكريمة:

- ‌المبحث الثالث: في الدعامة الثالثة والرابعة (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)

- ‌المطلب الأول: في ماهيتهما

- ‌المطلب الثاني: أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

- ‌المطلب الثالث: في الحكمة من مشروعية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على ضوء الآية الكريمة:

- ‌الفصل الثالث: في اهتمام ولاة الأمر في المملكة العربية السعودية بدعائم التمكين والأسس وتطبيقها على أنفسهم ورعيتهم

- ‌‌‌مدخل

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول: في اهتمام المؤسس الأول الملك عبد العزيز بتلك الدعائم

- ‌مدخل

- ‌تمهيد:

- ‌المطلب الأول: تقرير الملك عبد العزيز للهدف العام من الدعامة الأولى للتمكين، وهو (العقيدة) :

- ‌المطلب الثاني: عناية الملك عبد العزيز بالهدف الخاص للدعامة الأولى (إقام الصلاة) :

- ‌المطلب الثالث: اهتمامه بالدعامة الثانية (إيتاء الزكاة) :

- ‌المطلب الرابع: في جهود الملك عبد العزيز واهتمامه بالدعامتين الثالثة والرابعة (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) :

- ‌‌‌المبحث الثاني: في جهود أبناء الملك عبد العزيز –رحمه الله– في ترسيخ تلك الدعائم والأُسس

- ‌المبحث الثاني: في جهود أبناء الملك عبد العزيز –رحمه الله– في ترسيخ تلك الدعائم والأُسس

- ‌‌‌المبحث الثالث: في ثمرات تطبيق تلك الدعائم

- ‌المبحث الثالث: في ثمرات تطبيق تلك الدعائم

- ‌مصادر ومراجع

الفصل: ‌ ‌تمهيد: وُلِدَ الملك الإمام عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل

‌تمهيد:

وُلِدَ الملك الإمام عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود - رحمه الله تعالى - في قَصْر الإمارة في مدينة الرياض في اليوم التاسع عشر من ذي الحجة سنة 1293هـ، وقيل: سنة 1297هـ، ونشأ في أسرة آل سعود التي عُرِفَت منذ نشأتها بالتمسك بالإيمان العميق، والتحلِّي بالتوحيد الخالص، والتمسك بكتاب الله وسُنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم.

وقد اهتم الإمام عبد الرحمن بن فيصل آل سعود بتربية ابنه عبد العزيز تربية دينية مشتملة على دراسة القرآن الكريم والعلوم الشرعية إلى جانب تطبيق هذه التعاليم تطبيقاً عملياً.

وقد عوَّده أبوه أن يستيقظ قبل الفجر، وبدأ يصوم وهو في العاشرة من عمره1.

وكان يحفظ أجزاءً من القرآن، ويحفظ الرحبية في الفرائض، وتعلَّم زاد المستقنع في الفقه، ويحفظ من كتب الأحاديث (الأربعين النووية) ، و (بلوغ المرام) . وكان يحب قراءة (البداية والنهاية) لابن كثير، و (تاريخ الرسل والملوك) للطبري، و (السيرة) لابن هشام، و (المغني والشرح الكبير) لابن قدامة، و (الإنصاف) للمرداوي، وتفسير ابن كثير، والبغوي.

وكان يحب من الشعر ما تميز منه بالطابع الإسلامي والنصائح2.

وكان له وِرْد خاص يقرأه يومياً عن ظهر قلب3 معظمه من الآيات القرآنية

1 الدكتور سعود بن سعد الدريب، الملك عبد العزيز ووضع قواعد التنظيم القضائي في المملكة ص 9

2 فؤاد حمزة، البلاد العربية السعودية ص 30، مطبعة دار المطبوعات الحديثة، ط 1 سنة 1408 هـ، والمرجع السابق ص 9

3 الدعوة في عهد الملك عبد العزيز ص:1/ 56

ص: 95

والأحاديث الصحيحة، وقد طُبِعَ أكثر من مرَّة، ويشتمل على (116صفحة)1.

وقد أجاد استعمال السيف والبندقية وركوب الخيل في سِنٍّ مبكرة، وكان حاد الطبع دائم الحركة، لا يستقر في مكانٍ واحدٍ فترة طويلة2.

وقد حباه الله ببنية قوية، وقامة مديدة، فكان يفوق أقرانه ويتفوق عليهم. واجتمع له مع قوة الجسم سلامة الرأي، فكان يشارك في الصلح بين القبائل وهو في الثالثة عشرة من عمره3.

وقد كان للنشأة الدينية القويمة التي عاشها الملك عبد العزيز رحمه الله أثرٌ واضح، ونتائج ملموسة، فنراه يتمسَّك بالعقيدة، ويحض على التمسك بها في كل مناسبة، ويحافظ على أداء الفرائض قبل أن يحث غيره على التمسك بها، ويقرأ القرآن الكريم، ويستشهد بآياته، وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم وأقوال السلف الصالح، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويرغب في فضائل الأعمال ومكارم الأخلاق، ويلزم بها نفسه قبل أن يطالب بها غيره ليكون قدوة لغيره، ولذا وفَّقه الله، وآزره فيما سعى إليه4.

وقد كان لمعايشته بعض الظروف التي مرَّت بأسرته وسقوط دولة آبائه آثار على نفسه منذ صغره حيث شحذت همته على استيعابها والاستفادة منها. جاء في معرض خطبته عام 1358هـ وهو يتحدث عن أسباب سقوط الدولة السعودية الثانية، قوله:

1 المرجع السابق ص 56 مع الحاشية.

2 الملك الراشد ص 322، لعبد المنعم الغلامي، دار اللواء، الرياض، 1400هـ، والزركلي: شبه الجزيرة 1/57

3 د. سعود الدريب، مصدر سابق ص 10

4 الدعوة في عهد الملك عبد العزيز ص 1/60، والزركلي في مقدمة كتابه شبه الجزيرة 1/21

ص: 96

"كل أمة تريد أن تنهض لابُدَّ لكل فرد فيها من أن يقوم بواجباتٍ ثلاثة:

أولها: واجباته نحو الله والدين.

وثانيها: واجباته في حفظ أمجاد أجداده وبلاده.

وثالثها: واجباته نحو شرفه الشخصي"1.

فقد وعى هذا الدرس جيداً، وعمل على تلافي أسبابه ودواعيه.

كما كان لسكناه في البادية مع آل مرة والعجمان آثار إيجابية أكسبته صلابة العود مبكراً، واستوعب فنون القتال والفروسية، وأجاد الكر والغزو والمواهب القتالية، وكان يقول:"أنا ترعرعت في البادية فلا أعرف التلاعب بالكلام وتزويقه، ولكني أعرف الحقيقة عارية عن كل تزويق".

كما كان لإقامته في الكويت على مقربة من موقع المسئولية وصنع القرار الإداري والسياسي أثر كذلك، إذ أتاح له المقام بالكويت الاطلاع على كيفية إدارة شئون الدولة، وأكسبته الخبرة والحنكة السياسية. وراقب بعينٍ بصيرة صراعات الدول الكبرى ومناوراتها على المستوى المحلي والعالمي.

وعرف كيف يتعامل بمهارة مع تلك السياسات عندما أصبح في موقع المسؤلية إبان تأسيس الدولة السعودية الثالثة، فحظي باحترام زعماء العالم المعاصرين له2.

كما كان لصفاته الشخصية وسجاياه الجليلة من قوة التدين والإيمان الخالص، والكرم والشجاعة والفراسة والحكمة والأناة في معالجة الأمور، والتواضع وحسن الخلق، والقدرة على كتمان السر، آثار إيجابية وطأت له

1 تاريخ نجد ص 110، والزركلي: شبه الجزيرة 2/792

2 الزركلي: شبه الجزيرة 2/794، عبد العزيز والشخصية الإسلامية، لعبد العزيز شرف ومحمد إبراهيم شعبان ص 170، الدعوة في عهد الملك عبد العزيز 1/ 62

ص: 97

أسباب التمكين في الأرض وحب الناس له. وكان بروحه المؤمنة الصادقة قد أتاح للجزيرة عهداً سعيداً عامراً بالأمن، والرخاء، ورغد العيش.

فكان عهده مذكراً لجميع المسلمين بعهد الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم، إذ حاول قدر جهده أن يسير على دربهم، ويحتذي حذوهم، فصدق فيه قوله -تعالى-:{وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَرْض} 1، وقوله -تعالى-:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} 2.

وقد بنى الملك عبد العزيز دولته وأقام نظامه في الجزيرة التي بُعِثَ فيها الرسول صلى الله عليه وسلم ونَزَل عليه الوحي فيها، وجاهد فيها، وأقام دولته فيها.

وهو المكان الذي شهد الدولة الإسلامية للخلفاء الراشدين رضي الله عنهم جميعاً.

وإن كان المؤرخون يقسمون تاريخ الدولة السعودية إلى ثلاثة عهود، فإنَّ وجه الشبه بين هذه العهود هو حرص الحكام والعلماء في العهود الثلاثة على الأُسُس والمبادئ الإسلامية، وتقديم التضحيات في سبيل نشر الدعوة السلفية، واتخاذ الشريعة الغرَّاء منهجاً للبلاد.

حيث كانت أحكام الشريعة غير مطبقة تطبيقاً سليماً أو غير مطبقة

بالمرة، واستبدل بها أحكام جرت مجرى العرف، وكان التمسك بها شديداً؛ لأنَّها من وضع سلفهم، ولأنَّ الخلف وجدوا آباءهم معتزين بها، ومطبقين لها، وهذا مما يجعل تغير هذه الأوضاع البعيدة عن الإسلام من الصعوبة بمكان.

1 القصص: 5 - 6

2 محمد: 7

ص: 98

وعندما شرع الملك عبد العزيز في تأسيس دولته على الدين

الحنيف، كانت صورة الحكم الإسلامي مهتزة في أذهان بعض الناس؛ لأنَّهم نظروا إلى الإسلام من خلال واقع المسلمين وأعمالهم، وما ارتكبوه من أخطاء.

أمَّا الملك عبد العزيز فلم يصغ إلى ذلك الوهم؛ لأنَّه يؤمن بالإسلام عقيدة وشريعة ونظاماً للحياة. وأنَّ التمسك بالإسلام يعصم من الضلال، فسارع في إنفاذ الشريعة وتطبيق أحكامها، "ولم يتعلل بعدم وجود فقه تفصيلي، ولم يَخَفْ من نتائج تطبيق الشريعة؛ لأنَّه لا يخاف من هذه النتائج إلَاّ من نوى الظلم والفساد في الأرض.

والملك عبد العزيز قد عرف من سيرته بأنَّه محب للعدل، مقيم له، كاره للفساد مقاومٌ له"1.

فلم يبتدع نظاماً، ولم يشرع قانوناً، بل ما عمله في هذا السبيل هو أنَّه أحيا سًنَّة القرآن الكريم، وأيقظ في النفوس وازع الإيمان، ففجر فيها القوة في التضحية والانضباط في التزام ما شرعه الله لعباده2.

وقد أطلنا في هذا التمهيد الذي يتقدم جهود الملك عبد العزيز رحمه الله في تقرير العقيدة الإسلامية، وهو الهدف العام من الدعامة الأولى من دعائم التمكين (إقام الصلاة) كما سبق. لكن المقام يتطلَّب هذه الإشارات للربط بين أجزاء الموضوع.

1 المنهج القويم في الفكر والعمل ص 42

2 الدعوة في عهد الملك عبد العزيز 1/197

ص: 99